Translate
Wednesday, September 30, 2015
آلو.. حد سامعنى؟ بقلم على سالم ٣٠/ ٩/ ٢٠١٥ |
الكاتب قليل الخبرة عديم التجارب ضعيف الصلة بالتاريخ يتوهم فى أحيان كثيرة أنه يكتب منبهاً أصحاب المسؤولية من أهل الحل والربط إلى نقاط أو حلول تسهم فى حل مشكلة عامة، كما يتوهم أيضاً أنهم عندما يتجاهلون تماماً ما يقول فإنهم فى تكتم يدرسون ما قال بدقة على ضوء ما لديهم من معطيات، وأن ما اقترحه حتماً سيأخذ طريقه للتنفيذ عندما يحين الأوان، وهو الأوان المعاند الذى لا يحين أبداً لتنفيذ الأفكار الصحيحة. أما أنا فلست من هؤلاء الكتاب، فليست لدىَّ أى أوهام حول أى استجابة من مسؤول لما أقترحه أو أشير إليه. هكذا تتحول عملية الكتابة وطرح الأفكار إلى شىء زائد فى المجتمع يتسلى به أصحاب الأقلام. لقد تسليت من قبل طويلاً بطرح فكرة ضرورة إشراك المواطن فى الحفاظ على أمنه ولا بأس من أن أعود لتسلية المسؤولين والقراء بها. لقد استطاع مواطن واحد فى مدينة الأقصر يعمل سائق تاكسى، استطاع أن يمنع كارثة إرهابية فى أحد أشهر الأماكن على وجه الأرض، ضحاياها من السياح الأجانب والمصريين فى معبد الكرنك. لقد شعر الرجل بالشك فى رجلين ركبا معه ومعهما حقيبة ثقيلة الوزن، ولم يحتفظ بشكوكه لنفسه، بل ذهب إلى أقرب نقطة شرطة فى المعبد وأبلغهم، فتم إحباط المحاولة الكارثية. هذا هو بالضبط ما أريد الوصول إليه، أن يشارك المواطن، أى مواطن، وكل مواطن، أجهزة الدولة مسؤولية الحفاظ على الأمن فى مصر، من أجل ذلك فكرت وطرحت ما فكرت فيه عدة مرات: أن يكون لدينا برنامج يومى فى كل محطة تليفزيونية مدته عشر دقائق فقط، يتكلم فيه مع الناس شاب أو شابة من رجال الأمن، ليس بهدف تحويلهم إلى مصادر بل لتوعيتهم بنوعية الأحداث والقضايا التى تعاملوا معها، أن يعرف الناس أن الأمن المصرى فى حاجة إليهم أمر فى غاية الأهمية. هؤلاء الإرهابيون يوجدون بيننا، ولو لمدة قصيرة، وبعضهم يعيش بيننا، هم يركبون «تاكسى» نحن نقوده. هم لا يهبطون علينا من السماء، بل هم يفخخون سياراتهم فى مكان ما بيننا. إن الحرب التى نعيشها الآن تتطلب التخلى فوراً عن «الأنا مالية». عشر دقائق فقط يومياً فى حديث أقرب للحكايات، نحدث الناس فيه عن كيفية القبض على الإرهابى فلان الذى أبلغت الناس عنه.. وعن الفيلا الفلانية فى المكان الراقى التى عاش فيها الإرهابى علان.. وعن السلوك المشترك عند الإرهابيين بشكل عام. برنامج لا يظهر فيه مسؤول، ولا يتولى تلميع أحد، ويتولاه شباب وشابات من الحكائين وهم موجودون فى كل مكان فى مصر. أمر آخر.. تنشر على شاشات التليفزيون أرقام شرطة الأمن الوطنى، ويبدو أنهم اختاروا أرقاماً معقدة لكى يضمنوا ألا يحفظها أحد. ألم تنضج التكنولوجيا فى مصر بعد إلى الدرجة التى تسمح للأمن بأن تكون أرقامه فى سهولة ٩١١ الشهيرة، أليس من حق الشرطة والمواطن أيضاً أن تكون أرقام الأمن فى سهولة أرقام كنتاكى وماكدونالد وأم حسن وخالتك تفيدة..؟ نُشر فى «المصرى اليوم» بتاريخ ٣٠ / ٦ / ٢٠١٥ |
أطفال الشوارع على الهواء مباشرة بقلم رامى جلال ٣٠/ ٩/ ٢٠١٥
|
Tuesday, September 29, 2015
شمس الحرية تشرق لشباب مصر بقلم د. محمد أبوالغار ٢٩/ ٩/ ٢٠١٥
|
Monday, September 28, 2015
مصر «تكذب» على نفسها..! بقلم مصطفى حجازى ٢٨/ ٩/ ٢٠١٥
|
Sunday, September 27, 2015
«نبيلة» فى إعلام «نص كم» بقلم رامى جلال ٢٧/ ٩/ ٢٠١٥
|
Saturday, September 26, 2015
الخطاب الذي انتظره العالم! خطاب البابا للكونغرس الأمريكي ..... “كل ما تريدون أن يفعل الناس لكم افعلوا هكذا أنتم أيضا لهم.” (متى ٧، ١٢)
سيدي الرئيس،
أصحاب السعادة، أعضاء الكونغرس المحترمين،
أيها الأصدقاء،
أصحاب السعادة، أعضاء الكونغرس المحترمين،
أيها الأصدقاء،
أود أن أعرب عن جزيل امتناني لدعوتكم لي بالتحدث خلال هذه الجلسة المشتركة للكونغرس في “بلد الرجال الأحرار ومنزل الرجال الشجعان”. أعتقد ان سبب هذه الدعوة يعود لكوني، أنا أيضاً، ابن هذه القارة الكبيرة، التي أعطتنا الكثير والتي لنا جميعنا تجاهها مسؤولية مشتركة.
لكل ابن أو ابنة في أي بلد مهمة ومسؤولية شخصية واجتماعية. وتكمن مسؤوليتكم، كأعضاء في الكونغرس، في السماح لهذا البلد، من خلال عملكم التشريعي، ان يزدهر كأمة. أنتم صورة هذا الشعب، أنتم ممثلوه وأنتم مدعوون الى الدفاع عن كرامة أترابكم المواطنين وصونها في البحث الدائم عن الخير العام إذ هو الهدف الأول لكل سياسة. يُصان المجتمع السياسي إن جعل من تلبية الاحتياجات المشتركة دعوةً فيُعزز نمو جميع اعضائه خاصةً من هم أكثر حاجةً وأكثر عرضةً للخطر. لطالما استند العمل التشريعي على حماية الشعوب ولهذا السبب دعاكم وبايعكم من انتخبكم.
يدفعني عملكم الى التفكير بشخصية موسى من منظورَين. فيرمز، بطريرك ومشرع شعب اسرائيل، من جهة، الى حاجة الشعوب في ابقاء جوهر الوحدة حياً من خلال تشريعٍ عادل. كما وتأخذنا شخصية موسى، من جهةٍ أخرى، مباشرةً نحو اللّه وبالتالي، نحو كرامة الكائن البشري السامية. يعطينا موسى خلاصةً جيدة عن عملكم: فأنتم مؤتمنون على حماية صورة اللّه الكامنة في كل وجهٍ بشري، من خلال القانون.
لا أريد اليوم ان أتوجه بالحديث إليكم، إنما من خلالكم، لكل الشعب الأمريكي. فأود، هنا،من خلالكم، ان انتهز الفرصة لأتحاور مع آلاف الرجال والنساء الذي يدأبون يومياً الى اتمام عملٍ مستقيم ليعودوا الى منازلهم مع الخبز اليومي وادخار المال و – شيئاً فشيئاً – بناء حياة أفضل لأسرهم. إنهم نساء ورجال، لا يدعمون حياة المجتمع من خلال دفع الضرائب وحسب إنما من خلال عملهم بصورةٍ فردية ومتحفظة. فهم يخلقون التضامن من خلال أعمالهم ويؤسسون المنظمات التي تمد أيديها المنقذة لمن هم في الضيق.
أود أيضاً التحاور مع كبار السن الذين هم وديعة حكمةٍ طبعتها الخبرة ويسعون بوسائل عديدة، خاصةً من خلال العمل التطوعي، الى مشاركة قصصهم ورؤيتهم. وأعرف أن عدداً كبيراً منهم لا يزال ناشطاً على الرغم من بلوغهم سن التقاعد، فهم يستمرون في العمل، من أجل بناء هذا البلد. أود أيضاً التحاور مع كل الشباب الذين يعملون من أجل تحقيق أحلامهم الكبيرة والنبيلة ولا يسمحون للسهولة باغرائهم. يواجه هؤلاء الشباب ظروفاً صعبة ناتجة في أغلب الأحيان عن عدم نضوج الكثير من الراشدين. أود التحاور معكم جميعاً وأود القيام بذلك من خلال ذاكرة شعبكم التاريخية.
تتزامن زيارتي مع احتفال رجال ونساء من أصحاب النوايا الحسنة بذكرى عدد كبير من الشخصيات الأمريكية. فتمكن هؤلاء، وعلى الرغم من احداث التاريخ المعقدة وواقع الضعف البشري، من بناء مستقبل أفضل، أبعد من اختلافاتهم الكثيرة وحدودهم، بفضل الجهد والتضحية – على حساب حياتهم في بعض المرات وأرسوا مبادئ أساسية ستبقى راسخة في روح الشعب الأمريكي. وباستطاعة شعب مدجج بهذه الروح ان يتخطى الكثير من الأزمات والتوترات والنزاعات إذ دائماً ما يجد الموارد الكفيلة بالمضي قدماً بكرامة. يقدم لنا هؤلاء الرجال والنساء طريقة للنظر الى الواقع وتفسيره. فنحن نستلهم منهم، من خلال تكريم ذكراهم، حتى وسط النزاعات وحيثيات الحياة اليومية لاستنباط أعمق مخزوننا الثقافي.
أود أن أذكر أربع شخصيات من هذه الشخصيات الأمريكية: ابراهام لنكولن ومارتن لوثر كينغ ودوروثي داي وتوماس ميرتون.
تصادف هذه السنة الذكرى الـ١٥٠ لاغتيال الرئيس ابراهام لنكولن، حارس الحرية، الذي عمل دون كلل وملل لكي تعرف هذه الأمة، بحمى اللّه، ولادة حرية جديدة. يتطلب بناء مستقبل من الحرية محبة الخير العام والتعاون في روحٍ من التضامن والتآلف.
يدرك جميعنا الوضع الاجتماعي والسياسي المقلق الذي يعيشه عالمنا اليوم وجميعنا قلق. يتحول عالمنا أكثر فأكثر ساحةً للنزاعات العنيفة والحقد والفظائع الهمجية التي تُرتكب حتى باسم اللّه والدين. نعرف ان ما من دينٍ معفي من أشكالٍ من الوهم الفردي والتطرف الإيديولوجي. ويعني ذلك انه علينا بإيلاء انتباه خاص لجميع أشكال الأصولية، سواء كانت دينية أو من أي نوعٍ آخر. نحتاج الى ارساء توازنٍ دقيق من أجل مكافحة العنف الممارس باسم أي دين أو إيديولوجيا أو نظام اقتصادي مع المحافظة أيضاً على الحرية الدينية والفكرية والحريات الفردية. إلا أن هناك اغراء آخر علينا بتحصين انفسنا منه وهو الاختزال التبسيطي الذي يرى الخير فقط أو الشر أو، إذا ما أردتم، الصالحين والخطأة. يفرض علينا العالم المعاصر، مع جراحاته المفتوحة التي تؤثر بالعديد من اخواننا وأخواتنا، بأن نواجه جميع أشكال الاستقطاب التي ستقسمه الى معسكرَين. نعرف أنه من خلال كفاحنا للتحرر من العدو الخارجي، قد نميل الى تغذية العدو الداخلي. إن الحذو حذو القتلة والطغاة في الكراهية والعنف لأفضل طريق لأخذ مكانهم وهو أمرٌ ترفضونه كشعب.
على ردنا أن يكون، على العكس، رد رجاء ومعالجة وسلام وعدل. ونحن مدعوون الى جمع الشجاعة بالذكاء لحل عدد كبير من الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية الحالية. وتجدر الإشارة الى ان آثار الهيكليات والأعمال الجائرة جليّة حتى في البلدان المتقدمة. تدعو الحاجة لكي نصب الجهود على اعادة الأمل وتصحيح الخطأ والوفاء بالتزاماتنا والترويج، بالتالي، لرفاه الأفراد والشعوب. علينا بالمضي قدماً معاً، يداً بيد، بروحٍ أخويّة ومتضامنة متجددة من خلال التعاون بسخاء من أجل تحقيق الخير العام.
تحتم علينا التحديات التي تترصدنا اليوم بتجديد روح التعاون هذه التي سبق وأنتجت كل الخير عبر تاريخ الولايات المتحدة الطويل. كما وتفرض صعوبة وخطورة هذه التحديات علينا توحيد الموارد والمواهب ومحاولة دعم بعضنا البعض مع احترام اختلافاتنا ومعتقداتنا التي تمليها علينا ضمائرنا.
ساهمت، في هذا البلد، مختلف الطوائف في بناء المجتمع وتعزيزه. ومن المهم، اليوم كما في الماضي، ان يبقى صوت الإيمان مسموعاً لأنه صوت أخوٍة ومحبةٍ يحاول التعبير عن أفضل ما في كل شخص وكل مجتمع. ومن شأن مثل هذا التعاون أن يشكل مورداً قوياً في الكفاح من أجل الاطاحة بجميع أشكال الاسترقاق الناتجة عن حالات الاجحاف الخطيرة التي لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال سياسات جديدة وأشكال جديدة من التوافق الاجتماعي.
أفكر هنا بتاريخ الشعب الأمريكي السياسي حيث ان الديمقراطية ضاربة في جذور الشعب الأمريكي. على كل نشاط سياسي ان يخدم ويروج لرفاه الانسان وان يستند الى احترام كرامته. “نسلم بهذه الحقائق القائلة بأن جميع البشر ولدوا سواسية واعطاهم خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف ومنها الحق بالحياة والحرية والبحث عن السعادة” (اعلان الاستقلال، ٤ يوليو ١٧٧٦). إن كان من واجب السياسة حقاً، ان تكون في خدمة الانسان، يعني ذلك بالتالي انه لا يمكن لها ان تخضع للاقتصاد والمال. تُعتبر السياسة، في الواقع، تعبيراً عن حاجتنا الملحة بالعيش معاً من أجل بناء أكبر الخيرات العامة وهو خير الجماعة التي تضحي بالمصالح الشخصية لكي تتقاسم، بالعدل والسلام، ممتلكاتها ومصالحها وحياتها الاجتماعية. لا أقلل من اهمية الصعوبة المرافقة لذلك إلا أنني أشجعكم في المسعى هذا.
أفكر هنا أيضاً بمسيرة مارتن لوثر كينغ من سلمى إلى مونتغومري، منذ خمسين سنة، ضمن اطار الحملة التي نظمها من أجل تحقيق حلمه باعطاء جميع الأمريكيين من أصول أفريقية جميع حقوقهم المدنية والسياسية. لا يزال هذا الحلم يلهمنا حتى اليوم وأنا مسرور لأن أمريكا، لا تزال بالنسبة لعدد كبير من الأشخاص بلد “الأحلام” وهي أحلام تحث المرء على العمل والمشاركة والالتزام، أحلام توقظ أعمق ما في حياة الشعوب وأصدقه.
أتى خلال القرون الماضية، ملايين الناس الى هذا البلد ليحققوا أحلامهم وبناء مستقبل من الحرية. لا نخاف، نحن، شعب هذه القارة، من الغرباء، لأن أغلبنا كان في فترة من الفترات غريباً. أقول ذلك لكوني ابن مهاجر ولكوني أدرك أن عدد كبير منكم متحدر من أصولٍ مهاجرة. لسوء الحظ، لم تكن دائماً حقوق من سبقنا الى هنا بكثير محترمة. اود ان أؤكد لهؤلاء الشعوب وأمهم، من قلب الديمقراطية الأمريكية، عن كل تقديري واحترامي. غالباً ما كان التواصل الأول عنيفاً ومحموماً إلا أنه من الصعب الحكم على الماضي بمعايير الحاضر. لكن، عندما يلجأ الغريب القاطن بيننا إلينا، علينا أن لا نعيد خطايا الماضي والأخطاء. فعلينا أن نعقد العزم الآن على العيش قدر المستطاع بطريقة نبيلة وعادلة في حين نعلم الأجيال الصاعدة ان لا تدير ظهرها “للجيران” أو لأي شيء قد يحيط بنا. يفرض علينا بناء الأمة الاعتراف بأنه علينا أن نبقى دائماً على تواصل مع الآخرين وان نرفض روح العداوة من أجل اعتماد روحية من التآزر المشترك وذلك من خلال جهد دائم لبذل كل طاقاتنا. وأنا على ثقة انه باستطاعتنا القيام بذلك.
يواجه عالمنا أزمة لاجئين قل نظيرها منذ الحرب العالمية الثانية. تضعنا هذه الأزمة أمام تحديات جسام وعدد من القرارات الصعبة. يُجبر، في هذه القارة أيضاً، آلاف الأشخاص الى السفر نحو الشمال بحثاً عن حياة أفضل لذواتهم ولأقربائهم، بحثاً عن فرصٍ أكبر. أليس هذا ما نريده لأولادنا؟ لا يجوز لنا التراجع إزاء أعدادهم بل النظر إليهم كأشخاص وملاقاتهم والاصغاء الى قصصهم، محاولين الاستجابة بأفضل ما أوتينا لحالهم والاستجابة دوماً بطريقة انسانية وعادلة وأخوية. تدعو الحاجة الى ان نتفادى اغراء شائع في أيامنا هذه وهو استبعاد كل ما قد يبدو صعباً. فلنتذكر دائماً القاعدة الذهبية: “كل ما تريدون أن يفعل الناس لكم افعلوا هكذا أنتم أيضا لهم.” (متى ٧، ١٢).
تعطينا هذه القاعدة وجهة واضحة. فلنعامل الآخرين بالشغف نفسه والتعاطف نفسه الذي ننتظره منهم ولنبحث للآخرين عن الامكانيات نفسها التي نبحث عنها لأنفسنا ولنساعد الآخرين على الازدهار كما نريد لذواتنا ان تزدهر. بكلمة واحدة، ان أردنا الأمن، فلنعطي الأمن وان أردنا الحياة، فلنعطي الحياة وان اردنا الفرص فلنعطي الفرص. إن المقياس الذي نستعمله مع الآخرين سيكون المقياس الذي سيستخدمه الزمن معنا. تذكرنا القاعدة الذهبية أيضاً بمسؤوليتنا في حماية الحياة البشرية في كل مرحلة من مراحل نموها والدفاع عنها.
حملتني هذه القناعة منذ بداية مهمتي الى الدفاع، على مستويات عديدة، عن قضية التخلص نهائياً من عقوبة الاعدام. أعتقد ان هذا هو المسار الأفضل إذ ان كل حياة مقدسة ويتمتع كل انسان بكرامة لا تتجزأ ولا يستطيع المجتمع إلا ان يستفيد من اعادة تأهيل المتهمين باقتراف الجرائم. جدد، موخراً، اخواني، اساقفة الولايات المتحدة، النداء للتخلص من عقوبة الاعدام. أنا لا أدعمهم وحسب إلا أنني اشجع كل المقتنعين بأن العقاب العادل والضروري لا يجب أن يستثني أبداً الأمل والهدف من اعادة التأهيل.
لا يسعني، في هذه الحقبة التي تشهد صعوبات اجتماعية كبيرة، إلا أن أذكر خادمة اللّه دوروثي داي، التي أسست حركة العمال الكاثوليك فنبع عملها الاجتماعي وشغفها بالعدالة وقضية المقموعين من الإنجيل وايمانها واتباعها مثال عدد كبير من القديسين.
كم من تقدمٍ أُحرز على هذا الصعيد في الكثير من بلدان العالم! وكم من انجازات تحققت خلال هذه السنوات الأولى من الألفية الثالثة لتحرير الشعوب من الفقر المدقع. أعرف أنكم تشاطروني الرأي بأنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل على هذا الصعيد وأنه من الواجب المحافظة على روح التضامن في أوقات الأزمات والمشاكل الاقتصادية هذه. أود في الوقت نفسه أن أشجعكم على عدم نسيان الشعوب المحيطة بنا والقابعة في دوامةٍ من الفقر إذ تحتاج هي أيضاً الى الأمل. إن الكفاح ضد الفقر والجوع لا يتوقف ولا ينحصر بجبهةٍ واحدة خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أسبابه. أعرف أن عدد كبير من الأمريكيين يعمل اليوم، كما في الماضي، من أجل حل هذه المشكلة.
وغنيٌ عن القول ان جزء كبير من هذا الجهد الكبير يكمن في استحداث الثورات وتوزيعها. فيُعتبر الاستخدام العادل للموارد الطبيعية والتطبيق السليم للتكنولوجيا واستثمار ريادة الأعمال عناصر أساسية لاقتصاد يهدف الى اكتساب صفات العصرية والشمولية والاستدامة. “باستطاعة نشاط الشركات، الذي يُعتبر دعوة نبيلة وموجهة نحو استحداث الثروات وتحسين العالم لنا جميعاً، ان يكون طريقة مثمرة جداً لتحسين حال المنطقة التي تُنفذ فيها مشاريعها خاصةً ان فهمنا ان استحداث مناصب وظيفية هو جزدٌ لا يتجزأ من خدمتها للخير العام” (الحمد لك، رقم ١٢٩). ويشمل هذا الخير العام الأرض أيضاً وهي الموضوع المحوري للمنشور البابوي الذي كتبته موخراً من أجل “اطلاق حوار مع الجميع حول موضوع منزلنا المشترك”. “نحن بحاجة الى حوارٍ يجمعنا جميعاً لأن التحدي البيئي الذي نعيشه كما جذوره الانسانية تهمنا وتؤثر بنا جميعاً” (الحمد لك، رقم ١٤).
أطلقت دعوة في “الحمد لك” الى بذل جهدٍ شجاع ومسؤول من أجل اعادة تصويب البوصلة وقلب أكثر الآثار خطورةً للتدهور البيئي الناتج عن نشاط الانسان. أنا على ثقة أنه باستطاعتنا احداث فرق ولا أشك في أن للولايات المتحدة – وهذا الكونغرس – دوراً مهماً تلعبه. لقد آن الأوان لاتخاذ الاجراءات والاستراتيجيات الشجاعة الهادفة الى ارساء “ثقافة حماية” (الحمة لك، رقم ٢٣١) و”مقاربة شاملة من أجل مكافحة الفقر واعادة الكرامة للمستبعدين والمحافظة تزامناً على الطبيعة” (الحمد لك، رقم ١٣٩). “إن الحرية البشرية قادرة على الحد من التقنية وتوجيهها” (الحمد لك، رقم ١١٢) “يدفع ذلك ذكاءنا الى الاعتراف بالطريقة الأفضل… لتغذية نفوذنا ووضع حد له” (الحمد لك، رقم ٧٨) والى وضع التكنولوجيا في خدمة نوع آخر من التقدم، أكثر صحةً وانسانية وشمولية ومراعاة اجتماعية. وأنا على ثقة بأن أبرز المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث الأمريكية قادرة على المساهمة بشكلٍ فعال في السنوات القادمة على هذا الصعيد.
منذ قرنٍ من الزمن، عند بداية الحرب الكبيرة، التي وصفها البابا بندكتس الخامس عشر بالـ”مجزرة غير المجدية”، ولدت شخصية أمريكية بارزة أخرى وهي الراهب البندكتي توماس ميرتون الذي لا يزال مصدر الالهام الروحي ومرشد لعدد كبير من الناس. كتب في سيرته الذاتية: “أتيت الى العالم، حراً بفعل الطبيعة، على صورة اللّه إلا أنني كنت سجين عنفي وأنانيتي على صورة العالم الذي ولدت فيه. كان هذا العالم صورة جهنم، الممتلئ بالرجال الذين يحبون اللّه مثلي إلا أنهم يكهرونه أيضاً، ولدوا ليحبونه إلا أنهم عاشوا في ظل الخوف من المجاعات المتضاربة اليائسة.”كان ميرتون قبل كل شيء رجل صلاة ومفكر تحدى ثوابت حقبته وفتح آفاقاً جديدة للأرواح والكنيسة. وكان أيضاً رجل حوار وروج للسلام بين الشعوب والديانات.
من منظور الحوار هذا، أود الاعتراف بالجهود المبذولة خلال الأشهر الماضية من أجل المساعدة على تخطي الفوارق التاريخية المرتبطة بأحداث ماضية. من واجبي بناء الجسور ومساعدة جميع الرجال والنساء بكل الوسائل الممكنة للقيام بالمثل. عندما يعود بلدان كانا على خلاف الى مسار الحوار – حوار كان من الممكن ان ينقطع لأسباب وجيهة- تُقدَم فرص جديدة للجميع. تطلب ذلك، ولا يزال، شجاعة وجرأة – بعيدَين كل البعد عن انعدام المسؤولية. إن الزعيم السياسي القوي هو شخص يضع في باله اهتمامات الجميع ويستغنم الفرصة بروح من الانفتاح والواقعية كما ويختار الزعيم السياسي القوي الشروع بعمليات عوض احتلال المساحات.
تعني خدمة الحوار والسلام العزم على الحد والإطاحة بالنزاعات المسلحة العديدة التي يشهدها العالم وذلك على المدى البعيد. وهنا، علينا ان نتساءل: لما تُباع أسلحة فتاكة لمن يخطط التسبب بآلام لا توصف للأفراد والمجتمعات؟ إن الجواب لسوء الحظ، وكما نعرف، هو المال، المال المُغمس بالدم، الدم البرئ في أغلب الأحيان. إنه من واجبنا، إزاء هذا الصمت المخجل والمذنب، ان نواجه المشكلة ووضع حد لتجارة السلاح.
ثلاثة أبناء وبنت من هذا البلد، أربع شخصيات وأربعة أحلام: لينكولن والحرية، مارتن لوثر كينغ والحرية في التنوع وعدم الاقصاء، دوروثي داي والعدالة الاجتماعية وحرية الأفراد وتوماس ميرتون والقدرة على الحوار والانفتاح للّه.
أربعة ممثلين عن الشعب الأمريكي.
من المتوقع أن أنهي زيارتي الى بلدكم في فيلاديلفيا حيث سأشارك في اللقاء العالمي للعائلات. أتمنى أن تصبح العائلة من خلال زيارتي موضوعاً يتم التداول به باستمرار. فكم كانت العائلة مهمة في بناء هذا البلد! وكم هي جديرة بدعمنا وتشجيعنا! إلا أنه لا يسعني أن أخفي قلقي على العائلة المهددة، ربما أكثر من أي وقتٍ مضى، من الداخل والخارج.
يُعاد النظر بالعلاقات الأساسية كما بأساس الزواج والعائلة. لا يمكنني سوى أن أذكّر بأهمية وغنى وجمال الحياة العائلية.
كما وأود أن أسلط الضوء بصورةٍ خاصة على أفرادها الأكثر هشاشةً وهم الشباب. ينفتح أمام الكثير منهم مستقبلاً غني بالامكانيات إلا أنه يبدو ان عدد كبير منهم أيضاً فقد البوصلة والأهداف وقبع في متاهات العنف والاعتداءات واليأس. إن مشاكلهم هي مشاكلنا ولا يمكننا تفاديها. علينا بمواجهتها معاً والتحاور حول هذا الموضوع والبحث عن الحلول الناجعة عوض الانزلاق في نقاشات لا نهاية لها. في ما سأقوله خطر التبسيط المفرط إلا أنه باستطاعتنا القول اننا نعيش في ثقافة تدفع الشباب الى عدم تأسيس عائلة إذ لا أفق مستقبلية لهم. ومع ذلك، فان الثقافة نفسها تقدم لآخرين خيارات كثيرة تردعهم أيضاً من تأسيس عائلة.
تٌعتبر الأمة عظيمة عندما تدافع عن الحرية مثل لينكولن وتروج لثقافةٍ تسمح للناس بالحلم بحقوق كاملة لجميع الأخوة والأخوات مثل مارتن لوثر كينغ وعندما تبذل الجهود من أجل العدالة وقضية المقموعين مثل ما فعلت دوروثي داي ومن خلال عملها المضني، ثمرة ايمان أصبح حواراً وحصاد سلام ضمن نمط توماس مورتين التأملي.
حاولت من خلال هذه الأفكار ان أستعرض غنى تراثكم الثقافي وروح الشعب الأمريكي. أتمنى ان تستمر هذه الروح في النمو والتطور ليرثها أكبر عدد ممكن من الشباب فتبقى في البلد الذي نقل الحلم الى عدد كبير من الأشخاص.
فليبارك اللّه أمريكا!
لكل ابن أو ابنة في أي بلد مهمة ومسؤولية شخصية واجتماعية. وتكمن مسؤوليتكم، كأعضاء في الكونغرس، في السماح لهذا البلد، من خلال عملكم التشريعي، ان يزدهر كأمة. أنتم صورة هذا الشعب، أنتم ممثلوه وأنتم مدعوون الى الدفاع عن كرامة أترابكم المواطنين وصونها في البحث الدائم عن الخير العام إذ هو الهدف الأول لكل سياسة. يُصان المجتمع السياسي إن جعل من تلبية الاحتياجات المشتركة دعوةً فيُعزز نمو جميع اعضائه خاصةً من هم أكثر حاجةً وأكثر عرضةً للخطر. لطالما استند العمل التشريعي على حماية الشعوب ولهذا السبب دعاكم وبايعكم من انتخبكم.
يدفعني عملكم الى التفكير بشخصية موسى من منظورَين. فيرمز، بطريرك ومشرع شعب اسرائيل، من جهة، الى حاجة الشعوب في ابقاء جوهر الوحدة حياً من خلال تشريعٍ عادل. كما وتأخذنا شخصية موسى، من جهةٍ أخرى، مباشرةً نحو اللّه وبالتالي، نحو كرامة الكائن البشري السامية. يعطينا موسى خلاصةً جيدة عن عملكم: فأنتم مؤتمنون على حماية صورة اللّه الكامنة في كل وجهٍ بشري، من خلال القانون.
لا أريد اليوم ان أتوجه بالحديث إليكم، إنما من خلالكم، لكل الشعب الأمريكي. فأود، هنا،من خلالكم، ان انتهز الفرصة لأتحاور مع آلاف الرجال والنساء الذي يدأبون يومياً الى اتمام عملٍ مستقيم ليعودوا الى منازلهم مع الخبز اليومي وادخار المال و – شيئاً فشيئاً – بناء حياة أفضل لأسرهم. إنهم نساء ورجال، لا يدعمون حياة المجتمع من خلال دفع الضرائب وحسب إنما من خلال عملهم بصورةٍ فردية ومتحفظة. فهم يخلقون التضامن من خلال أعمالهم ويؤسسون المنظمات التي تمد أيديها المنقذة لمن هم في الضيق.
أود أيضاً التحاور مع كبار السن الذين هم وديعة حكمةٍ طبعتها الخبرة ويسعون بوسائل عديدة، خاصةً من خلال العمل التطوعي، الى مشاركة قصصهم ورؤيتهم. وأعرف أن عدداً كبيراً منهم لا يزال ناشطاً على الرغم من بلوغهم سن التقاعد، فهم يستمرون في العمل، من أجل بناء هذا البلد. أود أيضاً التحاور مع كل الشباب الذين يعملون من أجل تحقيق أحلامهم الكبيرة والنبيلة ولا يسمحون للسهولة باغرائهم. يواجه هؤلاء الشباب ظروفاً صعبة ناتجة في أغلب الأحيان عن عدم نضوج الكثير من الراشدين. أود التحاور معكم جميعاً وأود القيام بذلك من خلال ذاكرة شعبكم التاريخية.
تتزامن زيارتي مع احتفال رجال ونساء من أصحاب النوايا الحسنة بذكرى عدد كبير من الشخصيات الأمريكية. فتمكن هؤلاء، وعلى الرغم من احداث التاريخ المعقدة وواقع الضعف البشري، من بناء مستقبل أفضل، أبعد من اختلافاتهم الكثيرة وحدودهم، بفضل الجهد والتضحية – على حساب حياتهم في بعض المرات وأرسوا مبادئ أساسية ستبقى راسخة في روح الشعب الأمريكي. وباستطاعة شعب مدجج بهذه الروح ان يتخطى الكثير من الأزمات والتوترات والنزاعات إذ دائماً ما يجد الموارد الكفيلة بالمضي قدماً بكرامة. يقدم لنا هؤلاء الرجال والنساء طريقة للنظر الى الواقع وتفسيره. فنحن نستلهم منهم، من خلال تكريم ذكراهم، حتى وسط النزاعات وحيثيات الحياة اليومية لاستنباط أعمق مخزوننا الثقافي.
أود أن أذكر أربع شخصيات من هذه الشخصيات الأمريكية: ابراهام لنكولن ومارتن لوثر كينغ ودوروثي داي وتوماس ميرتون.
تصادف هذه السنة الذكرى الـ١٥٠ لاغتيال الرئيس ابراهام لنكولن، حارس الحرية، الذي عمل دون كلل وملل لكي تعرف هذه الأمة، بحمى اللّه، ولادة حرية جديدة. يتطلب بناء مستقبل من الحرية محبة الخير العام والتعاون في روحٍ من التضامن والتآلف.
يدرك جميعنا الوضع الاجتماعي والسياسي المقلق الذي يعيشه عالمنا اليوم وجميعنا قلق. يتحول عالمنا أكثر فأكثر ساحةً للنزاعات العنيفة والحقد والفظائع الهمجية التي تُرتكب حتى باسم اللّه والدين. نعرف ان ما من دينٍ معفي من أشكالٍ من الوهم الفردي والتطرف الإيديولوجي. ويعني ذلك انه علينا بإيلاء انتباه خاص لجميع أشكال الأصولية، سواء كانت دينية أو من أي نوعٍ آخر. نحتاج الى ارساء توازنٍ دقيق من أجل مكافحة العنف الممارس باسم أي دين أو إيديولوجيا أو نظام اقتصادي مع المحافظة أيضاً على الحرية الدينية والفكرية والحريات الفردية. إلا أن هناك اغراء آخر علينا بتحصين انفسنا منه وهو الاختزال التبسيطي الذي يرى الخير فقط أو الشر أو، إذا ما أردتم، الصالحين والخطأة. يفرض علينا العالم المعاصر، مع جراحاته المفتوحة التي تؤثر بالعديد من اخواننا وأخواتنا، بأن نواجه جميع أشكال الاستقطاب التي ستقسمه الى معسكرَين. نعرف أنه من خلال كفاحنا للتحرر من العدو الخارجي، قد نميل الى تغذية العدو الداخلي. إن الحذو حذو القتلة والطغاة في الكراهية والعنف لأفضل طريق لأخذ مكانهم وهو أمرٌ ترفضونه كشعب.
على ردنا أن يكون، على العكس، رد رجاء ومعالجة وسلام وعدل. ونحن مدعوون الى جمع الشجاعة بالذكاء لحل عدد كبير من الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية الحالية. وتجدر الإشارة الى ان آثار الهيكليات والأعمال الجائرة جليّة حتى في البلدان المتقدمة. تدعو الحاجة لكي نصب الجهود على اعادة الأمل وتصحيح الخطأ والوفاء بالتزاماتنا والترويج، بالتالي، لرفاه الأفراد والشعوب. علينا بالمضي قدماً معاً، يداً بيد، بروحٍ أخويّة ومتضامنة متجددة من خلال التعاون بسخاء من أجل تحقيق الخير العام.
تحتم علينا التحديات التي تترصدنا اليوم بتجديد روح التعاون هذه التي سبق وأنتجت كل الخير عبر تاريخ الولايات المتحدة الطويل. كما وتفرض صعوبة وخطورة هذه التحديات علينا توحيد الموارد والمواهب ومحاولة دعم بعضنا البعض مع احترام اختلافاتنا ومعتقداتنا التي تمليها علينا ضمائرنا.
ساهمت، في هذا البلد، مختلف الطوائف في بناء المجتمع وتعزيزه. ومن المهم، اليوم كما في الماضي، ان يبقى صوت الإيمان مسموعاً لأنه صوت أخوٍة ومحبةٍ يحاول التعبير عن أفضل ما في كل شخص وكل مجتمع. ومن شأن مثل هذا التعاون أن يشكل مورداً قوياً في الكفاح من أجل الاطاحة بجميع أشكال الاسترقاق الناتجة عن حالات الاجحاف الخطيرة التي لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال سياسات جديدة وأشكال جديدة من التوافق الاجتماعي.
أفكر هنا بتاريخ الشعب الأمريكي السياسي حيث ان الديمقراطية ضاربة في جذور الشعب الأمريكي. على كل نشاط سياسي ان يخدم ويروج لرفاه الانسان وان يستند الى احترام كرامته. “نسلم بهذه الحقائق القائلة بأن جميع البشر ولدوا سواسية واعطاهم خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف ومنها الحق بالحياة والحرية والبحث عن السعادة” (اعلان الاستقلال، ٤ يوليو ١٧٧٦). إن كان من واجب السياسة حقاً، ان تكون في خدمة الانسان، يعني ذلك بالتالي انه لا يمكن لها ان تخضع للاقتصاد والمال. تُعتبر السياسة، في الواقع، تعبيراً عن حاجتنا الملحة بالعيش معاً من أجل بناء أكبر الخيرات العامة وهو خير الجماعة التي تضحي بالمصالح الشخصية لكي تتقاسم، بالعدل والسلام، ممتلكاتها ومصالحها وحياتها الاجتماعية. لا أقلل من اهمية الصعوبة المرافقة لذلك إلا أنني أشجعكم في المسعى هذا.
أفكر هنا أيضاً بمسيرة مارتن لوثر كينغ من سلمى إلى مونتغومري، منذ خمسين سنة، ضمن اطار الحملة التي نظمها من أجل تحقيق حلمه باعطاء جميع الأمريكيين من أصول أفريقية جميع حقوقهم المدنية والسياسية. لا يزال هذا الحلم يلهمنا حتى اليوم وأنا مسرور لأن أمريكا، لا تزال بالنسبة لعدد كبير من الأشخاص بلد “الأحلام” وهي أحلام تحث المرء على العمل والمشاركة والالتزام، أحلام توقظ أعمق ما في حياة الشعوب وأصدقه.
أتى خلال القرون الماضية، ملايين الناس الى هذا البلد ليحققوا أحلامهم وبناء مستقبل من الحرية. لا نخاف، نحن، شعب هذه القارة، من الغرباء، لأن أغلبنا كان في فترة من الفترات غريباً. أقول ذلك لكوني ابن مهاجر ولكوني أدرك أن عدد كبير منكم متحدر من أصولٍ مهاجرة. لسوء الحظ، لم تكن دائماً حقوق من سبقنا الى هنا بكثير محترمة. اود ان أؤكد لهؤلاء الشعوب وأمهم، من قلب الديمقراطية الأمريكية، عن كل تقديري واحترامي. غالباً ما كان التواصل الأول عنيفاً ومحموماً إلا أنه من الصعب الحكم على الماضي بمعايير الحاضر. لكن، عندما يلجأ الغريب القاطن بيننا إلينا، علينا أن لا نعيد خطايا الماضي والأخطاء. فعلينا أن نعقد العزم الآن على العيش قدر المستطاع بطريقة نبيلة وعادلة في حين نعلم الأجيال الصاعدة ان لا تدير ظهرها “للجيران” أو لأي شيء قد يحيط بنا. يفرض علينا بناء الأمة الاعتراف بأنه علينا أن نبقى دائماً على تواصل مع الآخرين وان نرفض روح العداوة من أجل اعتماد روحية من التآزر المشترك وذلك من خلال جهد دائم لبذل كل طاقاتنا. وأنا على ثقة انه باستطاعتنا القيام بذلك.
يواجه عالمنا أزمة لاجئين قل نظيرها منذ الحرب العالمية الثانية. تضعنا هذه الأزمة أمام تحديات جسام وعدد من القرارات الصعبة. يُجبر، في هذه القارة أيضاً، آلاف الأشخاص الى السفر نحو الشمال بحثاً عن حياة أفضل لذواتهم ولأقربائهم، بحثاً عن فرصٍ أكبر. أليس هذا ما نريده لأولادنا؟ لا يجوز لنا التراجع إزاء أعدادهم بل النظر إليهم كأشخاص وملاقاتهم والاصغاء الى قصصهم، محاولين الاستجابة بأفضل ما أوتينا لحالهم والاستجابة دوماً بطريقة انسانية وعادلة وأخوية. تدعو الحاجة الى ان نتفادى اغراء شائع في أيامنا هذه وهو استبعاد كل ما قد يبدو صعباً. فلنتذكر دائماً القاعدة الذهبية: “كل ما تريدون أن يفعل الناس لكم افعلوا هكذا أنتم أيضا لهم.” (متى ٧، ١٢).
تعطينا هذه القاعدة وجهة واضحة. فلنعامل الآخرين بالشغف نفسه والتعاطف نفسه الذي ننتظره منهم ولنبحث للآخرين عن الامكانيات نفسها التي نبحث عنها لأنفسنا ولنساعد الآخرين على الازدهار كما نريد لذواتنا ان تزدهر. بكلمة واحدة، ان أردنا الأمن، فلنعطي الأمن وان أردنا الحياة، فلنعطي الحياة وان اردنا الفرص فلنعطي الفرص. إن المقياس الذي نستعمله مع الآخرين سيكون المقياس الذي سيستخدمه الزمن معنا. تذكرنا القاعدة الذهبية أيضاً بمسؤوليتنا في حماية الحياة البشرية في كل مرحلة من مراحل نموها والدفاع عنها.
حملتني هذه القناعة منذ بداية مهمتي الى الدفاع، على مستويات عديدة، عن قضية التخلص نهائياً من عقوبة الاعدام. أعتقد ان هذا هو المسار الأفضل إذ ان كل حياة مقدسة ويتمتع كل انسان بكرامة لا تتجزأ ولا يستطيع المجتمع إلا ان يستفيد من اعادة تأهيل المتهمين باقتراف الجرائم. جدد، موخراً، اخواني، اساقفة الولايات المتحدة، النداء للتخلص من عقوبة الاعدام. أنا لا أدعمهم وحسب إلا أنني اشجع كل المقتنعين بأن العقاب العادل والضروري لا يجب أن يستثني أبداً الأمل والهدف من اعادة التأهيل.
لا يسعني، في هذه الحقبة التي تشهد صعوبات اجتماعية كبيرة، إلا أن أذكر خادمة اللّه دوروثي داي، التي أسست حركة العمال الكاثوليك فنبع عملها الاجتماعي وشغفها بالعدالة وقضية المقموعين من الإنجيل وايمانها واتباعها مثال عدد كبير من القديسين.
كم من تقدمٍ أُحرز على هذا الصعيد في الكثير من بلدان العالم! وكم من انجازات تحققت خلال هذه السنوات الأولى من الألفية الثالثة لتحرير الشعوب من الفقر المدقع. أعرف أنكم تشاطروني الرأي بأنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل على هذا الصعيد وأنه من الواجب المحافظة على روح التضامن في أوقات الأزمات والمشاكل الاقتصادية هذه. أود في الوقت نفسه أن أشجعكم على عدم نسيان الشعوب المحيطة بنا والقابعة في دوامةٍ من الفقر إذ تحتاج هي أيضاً الى الأمل. إن الكفاح ضد الفقر والجوع لا يتوقف ولا ينحصر بجبهةٍ واحدة خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أسبابه. أعرف أن عدد كبير من الأمريكيين يعمل اليوم، كما في الماضي، من أجل حل هذه المشكلة.
وغنيٌ عن القول ان جزء كبير من هذا الجهد الكبير يكمن في استحداث الثورات وتوزيعها. فيُعتبر الاستخدام العادل للموارد الطبيعية والتطبيق السليم للتكنولوجيا واستثمار ريادة الأعمال عناصر أساسية لاقتصاد يهدف الى اكتساب صفات العصرية والشمولية والاستدامة. “باستطاعة نشاط الشركات، الذي يُعتبر دعوة نبيلة وموجهة نحو استحداث الثروات وتحسين العالم لنا جميعاً، ان يكون طريقة مثمرة جداً لتحسين حال المنطقة التي تُنفذ فيها مشاريعها خاصةً ان فهمنا ان استحداث مناصب وظيفية هو جزدٌ لا يتجزأ من خدمتها للخير العام” (الحمد لك، رقم ١٢٩). ويشمل هذا الخير العام الأرض أيضاً وهي الموضوع المحوري للمنشور البابوي الذي كتبته موخراً من أجل “اطلاق حوار مع الجميع حول موضوع منزلنا المشترك”. “نحن بحاجة الى حوارٍ يجمعنا جميعاً لأن التحدي البيئي الذي نعيشه كما جذوره الانسانية تهمنا وتؤثر بنا جميعاً” (الحمد لك، رقم ١٤).
أطلقت دعوة في “الحمد لك” الى بذل جهدٍ شجاع ومسؤول من أجل اعادة تصويب البوصلة وقلب أكثر الآثار خطورةً للتدهور البيئي الناتج عن نشاط الانسان. أنا على ثقة أنه باستطاعتنا احداث فرق ولا أشك في أن للولايات المتحدة – وهذا الكونغرس – دوراً مهماً تلعبه. لقد آن الأوان لاتخاذ الاجراءات والاستراتيجيات الشجاعة الهادفة الى ارساء “ثقافة حماية” (الحمة لك، رقم ٢٣١) و”مقاربة شاملة من أجل مكافحة الفقر واعادة الكرامة للمستبعدين والمحافظة تزامناً على الطبيعة” (الحمد لك، رقم ١٣٩). “إن الحرية البشرية قادرة على الحد من التقنية وتوجيهها” (الحمد لك، رقم ١١٢) “يدفع ذلك ذكاءنا الى الاعتراف بالطريقة الأفضل… لتغذية نفوذنا ووضع حد له” (الحمد لك، رقم ٧٨) والى وضع التكنولوجيا في خدمة نوع آخر من التقدم، أكثر صحةً وانسانية وشمولية ومراعاة اجتماعية. وأنا على ثقة بأن أبرز المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث الأمريكية قادرة على المساهمة بشكلٍ فعال في السنوات القادمة على هذا الصعيد.
منذ قرنٍ من الزمن، عند بداية الحرب الكبيرة، التي وصفها البابا بندكتس الخامس عشر بالـ”مجزرة غير المجدية”، ولدت شخصية أمريكية بارزة أخرى وهي الراهب البندكتي توماس ميرتون الذي لا يزال مصدر الالهام الروحي ومرشد لعدد كبير من الناس. كتب في سيرته الذاتية: “أتيت الى العالم، حراً بفعل الطبيعة، على صورة اللّه إلا أنني كنت سجين عنفي وأنانيتي على صورة العالم الذي ولدت فيه. كان هذا العالم صورة جهنم، الممتلئ بالرجال الذين يحبون اللّه مثلي إلا أنهم يكهرونه أيضاً، ولدوا ليحبونه إلا أنهم عاشوا في ظل الخوف من المجاعات المتضاربة اليائسة.”كان ميرتون قبل كل شيء رجل صلاة ومفكر تحدى ثوابت حقبته وفتح آفاقاً جديدة للأرواح والكنيسة. وكان أيضاً رجل حوار وروج للسلام بين الشعوب والديانات.
من منظور الحوار هذا، أود الاعتراف بالجهود المبذولة خلال الأشهر الماضية من أجل المساعدة على تخطي الفوارق التاريخية المرتبطة بأحداث ماضية. من واجبي بناء الجسور ومساعدة جميع الرجال والنساء بكل الوسائل الممكنة للقيام بالمثل. عندما يعود بلدان كانا على خلاف الى مسار الحوار – حوار كان من الممكن ان ينقطع لأسباب وجيهة- تُقدَم فرص جديدة للجميع. تطلب ذلك، ولا يزال، شجاعة وجرأة – بعيدَين كل البعد عن انعدام المسؤولية. إن الزعيم السياسي القوي هو شخص يضع في باله اهتمامات الجميع ويستغنم الفرصة بروح من الانفتاح والواقعية كما ويختار الزعيم السياسي القوي الشروع بعمليات عوض احتلال المساحات.
تعني خدمة الحوار والسلام العزم على الحد والإطاحة بالنزاعات المسلحة العديدة التي يشهدها العالم وذلك على المدى البعيد. وهنا، علينا ان نتساءل: لما تُباع أسلحة فتاكة لمن يخطط التسبب بآلام لا توصف للأفراد والمجتمعات؟ إن الجواب لسوء الحظ، وكما نعرف، هو المال، المال المُغمس بالدم، الدم البرئ في أغلب الأحيان. إنه من واجبنا، إزاء هذا الصمت المخجل والمذنب، ان نواجه المشكلة ووضع حد لتجارة السلاح.
ثلاثة أبناء وبنت من هذا البلد، أربع شخصيات وأربعة أحلام: لينكولن والحرية، مارتن لوثر كينغ والحرية في التنوع وعدم الاقصاء، دوروثي داي والعدالة الاجتماعية وحرية الأفراد وتوماس ميرتون والقدرة على الحوار والانفتاح للّه.
أربعة ممثلين عن الشعب الأمريكي.
من المتوقع أن أنهي زيارتي الى بلدكم في فيلاديلفيا حيث سأشارك في اللقاء العالمي للعائلات. أتمنى أن تصبح العائلة من خلال زيارتي موضوعاً يتم التداول به باستمرار. فكم كانت العائلة مهمة في بناء هذا البلد! وكم هي جديرة بدعمنا وتشجيعنا! إلا أنه لا يسعني أن أخفي قلقي على العائلة المهددة، ربما أكثر من أي وقتٍ مضى، من الداخل والخارج.
يُعاد النظر بالعلاقات الأساسية كما بأساس الزواج والعائلة. لا يمكنني سوى أن أذكّر بأهمية وغنى وجمال الحياة العائلية.
كما وأود أن أسلط الضوء بصورةٍ خاصة على أفرادها الأكثر هشاشةً وهم الشباب. ينفتح أمام الكثير منهم مستقبلاً غني بالامكانيات إلا أنه يبدو ان عدد كبير منهم أيضاً فقد البوصلة والأهداف وقبع في متاهات العنف والاعتداءات واليأس. إن مشاكلهم هي مشاكلنا ولا يمكننا تفاديها. علينا بمواجهتها معاً والتحاور حول هذا الموضوع والبحث عن الحلول الناجعة عوض الانزلاق في نقاشات لا نهاية لها. في ما سأقوله خطر التبسيط المفرط إلا أنه باستطاعتنا القول اننا نعيش في ثقافة تدفع الشباب الى عدم تأسيس عائلة إذ لا أفق مستقبلية لهم. ومع ذلك، فان الثقافة نفسها تقدم لآخرين خيارات كثيرة تردعهم أيضاً من تأسيس عائلة.
تٌعتبر الأمة عظيمة عندما تدافع عن الحرية مثل لينكولن وتروج لثقافةٍ تسمح للناس بالحلم بحقوق كاملة لجميع الأخوة والأخوات مثل مارتن لوثر كينغ وعندما تبذل الجهود من أجل العدالة وقضية المقموعين مثل ما فعلت دوروثي داي ومن خلال عملها المضني، ثمرة ايمان أصبح حواراً وحصاد سلام ضمن نمط توماس مورتين التأملي.
حاولت من خلال هذه الأفكار ان أستعرض غنى تراثكم الثقافي وروح الشعب الأمريكي. أتمنى ان تستمر هذه الروح في النمو والتطور ليرثها أكبر عدد ممكن من الشباب فتبقى في البلد الذي نقل الحلم الى عدد كبير من الأشخاص.
فليبارك اللّه أمريكا!
دعوة الأردن لتوحيد بُلدان المشرق العربى بقلم د. سعد الدين إبراهيم ٢٦/ ٩/ ٢٠١٥
|
ارجموا إبليس تحت جلودكم فهو يسكن خالد منتصر 26/9/2015
700 حاج ضحايا التدافع لرجم إبليس!!، مانشيت مأساوى يعبر عن حالة العشوائية السلوكية والأخطر العشوائية الفكرية التي نعيشها نحن المسلمين، مشهد رمى الجمرات على نموذج إبليس الحجرى، تشارك فيه بكل حماس وهستيريا الشباشب وزجاجات المياه والأحذية والعصى وكل ما تستطيع أيادى الحجاج الوصول إليه من أدوات انتقام!!، هل هذا هو إبليس فعلاً؟!، إنه مجرد رمز ولكننا مجتمعات لا تفهم الرمز والتجريد، فبمجرد أن يقال هذا إبليس فهو بالقطع إبليس بشحمه ولحمه، ولابد من الانتقام منه، فهو الذي تسبب في كل المشاكل التي مررت بها ودبّر كل المصائب التي وقعت فيها، واليوم وقع في قبضتى ولابد أن أنتهز الفرصة، على فكرة ليست هذه طريقة البسطاء فقط، لكنها طريقة حملة الدكتوراه أيضاً، لا يعرف هؤلاء أن إبليس يسكننا، يسكن تحت الجلد وفى شغاف القلب وفصوص المخ، وما عليك إلا أن ترجمه وتطارده داخلك، ترجمه حين يوسوس لك بأن تخالف ضميرك، ترجمه حين يقول لك افسد..ارتشِ... خُن...اسرق جهد وعرق زميلك....
اصعد على جثة صديقك... إلخ، يخرج رجل دين مستنير ليوسع لهم زمن هذا الطقس ومدة رمى الجمرات ويسمح لهم بالتوكيل، لكنهم لا يسمعون إلا فتاوى المتشددين ويصرون على هذا الحشد والحشر الرهيب بما فيه من دهس وفعص تحت لافتة من يتعرقل يموت، بل من سيقف متعباً لمجرد نصف دقيقة سيموت، توسعة الحرم ليست هي الحل، بل توسعة المخ هي الحل! ما كان صالحاً لمائة أو ألف صار غير صالح أو مناسب لثلاثة ملايين، وماذا عن الحج بعد مائة سنة وألف سنة عندما تتضاعف تلك الأعداد أضعافاً مضاعفة؟، الله لم يفرض علينا الحج ليموت الحجاج، وبالطبع هم الحجاج الذين ليست لديهم واسطة ولا مكان خاص أو شرفة مخصوصة لرمى الجمرات، الله فرض الحج لِمَعانٍ وأغراض أخرى غير الانتحار، لذلك لابد للسعودية وللعالم الإسلامى أن يستمع إلى صوت العقل ويناقش أفكاراً وحلولاً فقهية مرنة، تراعى الصالح والضرورى والمتغير، أفكاراً طرحها مجتهدون اتُّهموا بالجنون وتم تكفيرهم حين حاولوا تفسير الشهور المعدودات ولماذا تحولت إلى الأيام المعدودات؟، ولو تم رفض تلك الفكرة اطرحوا أفكاراً أخرى للحل، المهم أن الوضع بهذه الصورة كارثى، ولا نريد لرحلة الحج المقدسة أن تصبح رحلة الجثث المكدسة، رحم الله ضحايا الكارثة وشفى الله المصابين وشفانا أيضاً من مرض التصلّب الفكرى.
مصر.. رمانة ميزان العالم بقلم د. وسيم السيسى ٢٦/ ٩/ ٢٠١٥
|
Thursday, September 24, 2015
فهمى هويدى: العدو الأول للمثقفين والمبدعين مجدى خليل - الحوار المتمدن - 2015 / 9 / 24
منذ أن كنت طالبا فى كلية الأقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فى ثمانينات القرن الماضى، وأنا اقرأ للكاتب الإسلامى محمد فهمى عبد الرزاق هويدى المعروف بفهمى هويدى والمولود فى 29 أغسطس 1937. كنت أفتح جريدة الأهرام يوم الثلاثاء على مقاله الذى يحتل ثلاثة أرباع الصفحة، واقول لنفسى قبل القراءة ياترى على من سيحرض فهمى هويدى هذه المرة؟. بدون مبالغة لا يوجد مثقف أو مبدع ليبرالى أو يسارى أو مصلح إسلامى إلا وحرض عليه فهمى هويدى. فلم تحدث مشكلة لمثقف أو مبدع أو مصادرة لكتاب إلا وسبقها تحريض من فهمى هويدى. كان مقاله يعتبر الضوء الأخضر لعصابة الحسبة أو للجناح الإرهابى للإسلام السياسى للأنقضاض على المثقفين. يعتبر مقاله بالاهرام الذى بدأ عام 1985 حتى عام 2008 ثم بعد ذلك فى الدستور و المستمر فى جريدة الشروق الإسلامية حتى هذه اللحظة ،هو بمثابة المقال الأول فى الصحافة العربية لمعرفة تفكير واتجاهات الإسلام السياسى ومن يستهدفون. فى مقالات فهمى هويدى قرأت الألتواء والتعصب والزيف والكذب والتربص والتصيد والغمز واللمز والتحريض والتكفير ومن ثم يأتى فعل القتل أو قضايا الحسبة. قرأت فى مقالاته تحريضا سافرا على فرج فودة ونصر حامد ابو زيد وسعيد العشماوى وسيد القمنى وأحمد صبحى منصور وأحمد عبد المعطى حجازى وفؤاد زكريا وخليل عبد الكريم ونوال السعداوى وحلمى سالم وأحمد الشهاوى ولويس عوض وسعد الدين إبراهيم وحيدر حيدر وسناء المصرى ويوسف شاهين وعلاء حامد وصلاح الدين محسن وعلى سالم ورضا هلال وحسن حنفى ومأمون فندى وحتى إيناس الدغيدى ومنير مجاهد وصولا لمحمود محمد طه فى السودان ولأحمد البغدادى فى الكويت ومارسيل خليفة فى لبنان وصادق جلال العظم وعزيز العظمة فى سوريا...وطبعا على البابا شنودة وعلى الأقباط مرات عديدة.... والعشرات من المثقفين الآخرين التى لم تسعفنى الذاكرة للإشارة إليهم.
كانت عصابة إستهداف المثقفين والمبدعين تبدأ بمقال فهمى هويدى بجريدة الأهرام يعقبه مباشرة فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ويتلقف ذلك الأخوان المسلمين فى مجلس الشعب ليهللوا للحفاظ على ثوابت الأمة ويصرخون بهستيرية الإسلام فى خطر!!!، ثم بعد ذلك يأتى تحرك عصابة قضايا الحسبة مثل يوسف البدرى ونبيه الوحش وسمير صبرى ومحمد صميدة عبد الصمد وعسران منصور والمئات الأخرى من المحامين الإسلاميين، والخطوة الأخيرة تتمثل فى تحرك فريق القتل لمن تقرر تصفيته كما حدث مع فرج فودة.
هذا الفريق الكبير يعمل فى تناسق وتكامل حتى تتم المهمة، ففى قضية نصر حامد أبو زيد كان أول من كتب عنها هو فهمى هويدى واصفا نصر ابو زيد بالأستاذ الملحد وعرض مقتطفات من تقرير عبد الصبور شاهين الذى يكفر نصر أبو زيد قبل صدور التقرير مما يعنى أنهم فى تنسيق وتعاون من وراء الدولة، والتقط صميدة التقرير والمقال لكسب قضية تفريق نصر أبو زيد عن زوجته أبتهال يونس. فى حالة فرج فودة بدأت بمقال هويدى الذى يتهم فيها فرج فودة بالعداء للإسلام ثم جاءت فتاوى التكفير ثم تنفيذ القتل، ثم بعد ذلك مقال آخر لهويدى يدافع عن شهادة محمد الغزالى ، المحرض على القتل ،مما حدا بالدكتور غالى شكرى أن يذكر فى كتابه " ثقافة النظام العشوائى" أن شيخ وصحفى إسلامى هم من حرضا على قتل فرج فودة"، والصحفى هو فهمى هويدى والشيخ هو محمد الغزالى. وكتب أحمد صبحى منصور أن فتاوى فهمى هويدى قتلت فرج فودة. فى حالة أحمد صبحى منصور أتهمه هويدى بأنه يسعى ( لتفكيك الإسلام)..وهى تهمة تتعدى الكفر لأن معناها العداء للدولة والدين، وقد شرح هويدى بنفسه ذلك قائلا "أن تفكيك الأمة سابق على تفكيك الملة".....وحتى فى حالة رضا هلال فقد أتهمه فهمى هويدى بالأمريكانى الذى يشوه الإسلام فى مقاله الصادر فى يناير 2003 قبل أن يختفى رضا هلال فى أغسطس من نفس العام.... أما المسألة المرتبطة بدور فهمى هويدى داخل الدولة الإسلامية العميقة فى مصر تنعكس تبعاته فى أن القبض أو هجوم أمن الدولة على معظم المثقفين سبقه مقال تحريضى من فهمى هويدى قبلها بفترة وجيزة ، حدث ذلك قبل الهجوم على مركز بن خلدون وقبل القبض على أحمدى صبحى منصور وقبل محاكمة علاء حامد وصلاح الدين محسن ...حتى قضايا الحسبة ذاتها لم تكن بعيدة عن أيادى الدولة العميقة فى مصر.
يمكن وصف فهمى هويدى من خلال مشروعه فى الكتابة فى عدة أمور، فهو داعية جهير الصوت للدولة الدينية، وهو محرض على الإرهاب، وهو محامى الإرهابيين سواء كانوا سنة أو شيعة، يبحث عن كل الأعذار والتبريرات للدفاع عن جرائمهم، وهو صوت الإسلام السياسى البارز فى الصحافة، وهو المدافع الأول فى مصر عن مشروع ولاية الفقيه ، وهو المحامى الأول للأخوان المسلمين الذى يصر على وصفهم بالجماعة المعتدلة ويصف خصومهم بأعداء الإسلام وفلول الشيوعيين وعملاء الغرب، وهو أخيرا العدو الأول للثقافة والمثقفين والمبدعين فى مصر والشرق الأوسط.
ولا يخجل فهمى هويدى من وصف نفسه بالإصولى، ففى مقاله بالأهرام بتاريخ 19 مايو 1992 بعنوان (التفسير الأصولى للتاريخ) كتب: " أما أكثر ما يُحزننى فهو أنّ البعض ظنّ بى سوءًا وشك فى أننى لسبب أو آخر تخليتُ عن جذورى باعتبارى أصوليًا ابن أصولى . وتلك كانت مفاجأة أخرى لا تخلو من مفارقة ، لأننى أحد الذين لا يكفون عن السؤال منذ لاحتْ ارهاصات الهجمة الظالمة : كيف يستطيع المسلم أنْ يلقى ربه بضمير مستريح ما لم يكن أصوليًا؟!!!".
وكما يقول غالى شكرى عن فهمى هويدى بمجلة القاهرة عدد أغسطس 1993 فى مقال بعنوان بين أقنعة الاعتدال ووجوه التطرف"، ( لم يمسك فهمى هويدى ورقة واحدة من الأوراق السرية أو العلنية للجماعات المسماة متطرفة ليسلط الضوء عليها بالنقد والمراجعة، ولا نتكلم عن الإدانة، وإنما هو يترصد كل ما يكتبه خصومهم للتشهير بهم وأحيانا لتكفيرهم).
على العكس من موقفه من المثقفين فهو يهلل لكل شئ ينتج عن الإسلام السياسى وحتى الجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله وصولا لداعش التى وصفها بأنها بأنها الأمتداد لمجموعة التوحيد والجهاد التى كانت النواة لمقاومة الإستعمار الأمريكى!!!. ويصف الشيخ محمد الغزالى بأنه أستاذه ومعلمه، ويصف الشيخ يوسف القرضاوى بأنه " أهم مرجع دينى من أهل السنة فى زماننا"، ويصف سيف عبد الفتاح بأنه (مسلم يؤمن بأنّ للإسلام مشروعه الحضارى المتكامل والمستقل.... هو الوجه الآخر للالتزام بالرابطة الإيمانية السياسية الذى يحول دون الانحراف بها بإتجاه الرابطة الفرعوني!!!).
وفهمى هويدى الذى ينتمى لأسرة أخوانية واعتقل والده عدة مرات، إلا أنه يروج لنفسه وتروج له جماعته على أنه الكاتب الإسلامى المعتدل المستقل، مما حدا بسيد القمنى أن يرد على هذا الاعتدال بقوله (أن تيار الاعتدال أسطورة ووهم وأنه يكتم تطرفه ويخفيه وهذا منطقي أريد به تأكيد أن الناشطين المسلمين جميعاً إرهابيون ، وأنهم في حقيقتهم ما بين متطرف أسفر عن وجهه وكشف أوراقه ومتطرف آخر كان أكثر حذقاً ومهارة فأخفي قناعاته وأظهر سمت الاعتدال).
أما مأمون فندى فوصفه بالقول (إذا خلعنا عن مقال هويدي الزخارف اللغوية وألاعيب التخفي خلف الحواجز الترابية، نجد أنفسنا في مواجهة مع نص يحمل كل مواصفات النص الإرهابي، ويعتمد كل استراتيجيات مقالات التكفير، كبديل عن العقلانية والتفكير).
وقال عنه رضا هلال ( فهمى هويدى معتبر بين الصحفيين سياسياً، وبين السياسيين صحفياً، وبين الفقهاء داعية ليس له أن يفتي. وقد عايشنا تحريضه ضد نصر حامد أبو زيد حتى هرب إلى منفاه الاختياري، وضد فؤاد زكريا وسعد الدين إبراهيم، بل امتد تحريضه خارج مصر ليطال الاستاذ الجامعي الكويتي احمد البغدادي والمناضل اللبناني مارسيل خليفة).
بالنسبة للأقباط فقد روج فهمى هويدى وسليم العوا وطارق البشرى لمفهوم جديد للمواطنة وهى " المواطنة الإسلامية" وهى أن الأقباط مواطنون تحت ثقافة وشروط وحضارة الدولة الإسلامية، وهو تلاعب بالألفاظ ونوع جديد من الذمية المعدلة. أما عندما ناقش الأقباط المادة الثانية أثناء التعديلات الدستورية عام 2007 فقد حذرهم فهمى هويدى من ذلك فى مقال بتاريخ 2 ابريل 2007 بعنوان ( عقدنا الذى أنفرط)، والعنوان واضح أن عقد الذمة مع الأقباط قد سقط بهذه المناقشة، وقال لهم أن هذا خط أحمر ضامن لأستقرار المجتمع!!!: ( حدود علمي, فان هذه هي المرة الاولي في التاريخ المصري المعاصر, التي ترتفع فيها بعض الاصوات القبطية مطالبة باستبعاد نص الدستور علي ان الاسلام دين الدولة وأن الشريعة المصدر الاساسي للقوانين, وأغلب الظن ان هذه الدعوه شجعت بعض رجال الدين الانجيليين للانضمام إلي الحملة. أن جوهر الدعوة ليس تأكيد الحق في المساواة وتوفير تكافؤ الفرص، وإنما ينصب الجوهر علي إقصاء الإسلام من هوية الدولة المصرية, واستبعاد مرجعية الشريعة لقوانينها, الأمر الذي يعد تصعيدا في المطالب جارحا لمشاعر الأغلبية الساحقة, لم تعرفه مصر من قبل . لست أشك في أن ذلك التصعيد في الدعاوي, قد لامس الخطوط الحمراء الضامنة لاستقرار المجتمع).
السؤال الهام:إذا كان هذا هو فهمى هويدى الاخوانى قلبا وقالبا وعائلة، والذى يسمى ثورة 30 يونيه بالإنقلاب، ويحرض ليل نهار على نظام السيسى، لماذا تتركه الدولة يفعل كل هذا حتى هذه اللحظة؟.
الاجابة تكمن فى مفهوم الدولة الإسلامية العميقة التى كتبت عنها من قبل
ففهمى هويدى وسليم العوا وطارق البشرى وأحمد كمال أبو المجد ومحمد عمارة هم من أقطاب الدولة الإسلامية العميقة فى مصر،والمتصلين بشكل وثيق بأجهزة الدولة العميقة.، ولهذا لم يستطع احد أن يتهمهم بشئ حتى الآن.
ويعود للأستاذ محمد حسنين هيكل ربط فهمى هويدى بالدولة العميقة، ومع التطور نشأت الدولة الإسلامية العميقة بداخل الدولة العميقة ذاتها بل وأسلمت جزء لا بأس به من الدولة العميقة ذاتها، وهذا يفسر لنا حرية وسطوة فهمى هويدى،فمازال له دور يلعبه داخل هذه الدولة.
Wednesday, September 23, 2015
مسيحيو حزب النور - فاطمة ناعوت الحوار المتمدن- 2015 / 9 / 21
تزامنًا مع أعياد المسيحيين كلّ عام، تُصدّعُ رؤوسَنا أصواتُ التيار السلفي الصارخة الغليظة بتحريم وتجريم وتعظيم وتهويل وتكفير تهنئة المسيحيين بالعيد ولو بابتسامة بشوش مصحوبة بكلمة ودّ طيبة كأن يتمنى المرءُ للمرءِ عامًا جديدًا سعيدًا، وآمنا. وأضع عشرة خطوط تحت كلمة (آمنًا). أي خلوًا من حرق الكنائس (إمبابة نموذجًا ) أو هدمها (صُوْل نموذجًا) أو تفجيرها (القديسيْن نموذجًا)، أو تشويه معالم الكنائس وكسر صلبانها (الماريناب نموذجًا) أو قتل المسيحيين في حفلات أعراسهم بمن فيهم الأطفال والطفلات (المريمتان في كنيسة شبرا نموذجًا)، أو خطف نسائهم (كاميليا نموذجًا )، أو تهجير المسيحيين عن ديارهم وتشريدهم (بني سويف نموذجًا)، وغيرها من النماذج المخزية التي لا تروّع أبناء مصر، مسلمين ومسيحيين وحسب، إنما ترسم نقطة سوداء كبيرة مخجلة في تاريخ مصر الذي نكتبه الآن جميعًا بكل أسف بأقلامنا المرتعشة إما خوفًا أو خجلا.
لهذه الأسباب وغيرها، كره المصريون تكوّنَ الأحزاب الدينية التي مشغولةٌ هي بأمرين لا ثالث لهما: المسيحيّ – المرأة.
تُبدع تلك الأحزابُ في ابتكار فنون صياغة فتاوى وتصريحات حول كيفية قهر المسيحي وإذلاله وتكريس فكرة خاطئة كاد هو ذاته (المسيحي) أن يقتنع بها. تلك الفكرة تقول: "إن المسيحي ضيفٌ ثقيل الوطء على هذه الدولة مصر، أو في أفضل الأحوال هو مواطنٌ من الدرجة الثانية.” (كويس إننا سايبينه يعيش وسطينا يعني!). وبالفعل صدّق كثيرٌ من المسيحيين تلك الأكذوبة الركيكة الضحلة التي ينكرها المثقفون النبهاء، كما يُنكرها ويستنكرها التاريخُ غاضبًا وهو يذكّرنا بتعريف كلمة (قبط) معجميًّا وتاريخيًّا، مثلما يذكّرنا بستّة قرون ونصف القرن عاشتها مصرُ محذوفة من كتب التاريخ كعادة كتب التاريخ المزيفة التي يكتبها المأرخون الكذبة وفق هواهم وخيالهم المشوّش.
أما (المرأة)، فهي شغل التيار السلفي الشاغل. يفكر في ساقيها أكثر مما يفكر في ساقيه، وفي نحرها وصدرها وخصرها، أكثر مما يفكر في دماغه وجسده واتزانه النفسي. المرأة وشؤونها "الداخلية" الخاصة هي محور اهتمام ذلك التيار منذ أن يصحو من نومه وحتى يغرق في سُباته العميق. وفي نومه يظلُّ ينتظرها حتى تزوره في الحُلم وبهذا تكون المرأةُ، ذلك الكائن الشيطاني المُغوي، قد ملكت على التيار السلفي يومَه كاملا بأربع وعشرين ساعاته كاملات غير منقوصات.
هل قلتُ إن التيار السلفي مشغولٌ بأمرين لا ثالث لهما؟! لا والله، لم أكن دقيقة في زعمي. بل هناك أمرٌ ثالثٌ يسلب عقل ذلك التيار مع المرأة والمسيحي. أمرٌ يملك عليه فؤاده، ويُجري لُعابه منذ عرف طريقَه إلى مصر الطيبة. السُّلطة. حلم اقتناص السلطة يستلبُ عقل التيار السلفي شأنه شأن الإخوان المجرمين وشأن كافة مهووسي التسيّد والتجبّر وسرقة الأوطان واستعباد البشر واستحلال أجساد السبايا والإمات.
لهذا يناهضُ العقلاءُ من أبناء بلادي تلك الأحزاب ويطالبون بحلّها لأنها مخالفة للدستور الذي ينصُّ على رفض قيام أحزاب على أسس دينية أو عقدية أو عرقية. ولكن السلفيين الأذكياء ينجحون في تكوينها ويدعمهم القانون؟ كيف؟ وبأي شرعية؟ لأن هناك دائما طوابير خامسة تقوّض أمن المجتمعات وتحرق أحلام نهضتها وتزعزع سلامها.
مسيحيون "أذكياء!" نجح قادةُ الأحزاب السلفية الأذكياء (حقًّا) في إقناعهم بالانضمام إلى أحزابهم الدينية الإسلامية؛ فسقطت بهذا عن تلك الأحزاب صفة "الدينية"، بما أنها ضمّت مسيحيين "شرفاء" إلى جوار غُلاة المتأسلمين المتطرفين السلفيين!
لنذهب إلى أولئك "الأذكياء الوطنيون الشرفاء!” من مسيحيي حزب النور السلفي، وننظر ماذا يقولون، وليبكِ معي مَن يبكي، وليستأ معي مَن يستاء، ويضحك معي الضاحكون، ويندهش معي المندهشون، ولينظرِ المصريون كافة ماذا هم فاعلون مع تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
يقول مسحيو حزب النور السلفيّ:
حزبنا قانونى ودستوري ووطنى وليس دينيا، وله قواعد شعبية كاسحة، ومن المستحيل حله.
نؤمن بمبادئ حزبنا كما نؤمن باكتساحه في الانتخابات ولو طالبوا بتطبيق الشريعة الاسلامية وقطع اليد ورجم الزواني لكنا أول من نؤيدهم ونباركهم.
* نحن بالنسبة لزملائنا في الحزب كفار بدينهم، هم كفار ايضا بديننا وهذا مايدعم وحدتنا الوطنية فالدين لله ولا دخل له بالسياسة.
* لا يهنئوننا بأعيادنا ونتفهم ذلك، لأنهم لو فعلوا لاعترفوا بربوبية يسوع وقيامته المجيدة. ولا نهنئهم بأعيادهم أيضا فقط لعدم إحراجهم حتى لا يُفهم أننا نطالبهم بالمثل.
* حزبنا لم يقف للسلام الجمهورى ورفض تحية العلم لانهم اعتبروه وثنا وصنما لكن مع وضع قانون يجرم ذلك وقفوا وحيوا العلم المصري لأنه رمز الدولة.
لم تنفعنا أو تدعمنا الكنيسة سياسيا في أي وقت فما المانع الشرعي من البحث عن مصالحنا بعيدا عنها؟
نقول لمن يشبهوننا بيهوذا خائن يسوع وبائع رأسه: نحن لسنا خونة بل نعرف طريقنا جيدا ومرة أخرى نقول حزب النور قدم لنا ما لم تقدمه الكنيسة ولا شعب الكنيسة.
سنحصل على أصوات إخواننا المسلمين ولا نعول على الكتلة التصويتية للأقباط فهم قلة في دوائرهم.
***
انتهت تصريحاتهم "الذكية!” التي أشكر عليها العضو السلفي الذكي (بحق) الذي صاغها لهم ليضعوها على ألسنهم وهم لا يفهمون معناها وتوابعها عليهم أولا، قبل أن تنسحب علينا نحن المصريين كافة. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أُنهي مقالي بمثل شعبي مصري شهير يقول: “خيبة الأمل راكبة جمل.”
لهذه الأسباب وغيرها، كره المصريون تكوّنَ الأحزاب الدينية التي مشغولةٌ هي بأمرين لا ثالث لهما: المسيحيّ – المرأة.
تُبدع تلك الأحزابُ في ابتكار فنون صياغة فتاوى وتصريحات حول كيفية قهر المسيحي وإذلاله وتكريس فكرة خاطئة كاد هو ذاته (المسيحي) أن يقتنع بها. تلك الفكرة تقول: "إن المسيحي ضيفٌ ثقيل الوطء على هذه الدولة مصر، أو في أفضل الأحوال هو مواطنٌ من الدرجة الثانية.” (كويس إننا سايبينه يعيش وسطينا يعني!). وبالفعل صدّق كثيرٌ من المسيحيين تلك الأكذوبة الركيكة الضحلة التي ينكرها المثقفون النبهاء، كما يُنكرها ويستنكرها التاريخُ غاضبًا وهو يذكّرنا بتعريف كلمة (قبط) معجميًّا وتاريخيًّا، مثلما يذكّرنا بستّة قرون ونصف القرن عاشتها مصرُ محذوفة من كتب التاريخ كعادة كتب التاريخ المزيفة التي يكتبها المأرخون الكذبة وفق هواهم وخيالهم المشوّش.
أما (المرأة)، فهي شغل التيار السلفي الشاغل. يفكر في ساقيها أكثر مما يفكر في ساقيه، وفي نحرها وصدرها وخصرها، أكثر مما يفكر في دماغه وجسده واتزانه النفسي. المرأة وشؤونها "الداخلية" الخاصة هي محور اهتمام ذلك التيار منذ أن يصحو من نومه وحتى يغرق في سُباته العميق. وفي نومه يظلُّ ينتظرها حتى تزوره في الحُلم وبهذا تكون المرأةُ، ذلك الكائن الشيطاني المُغوي، قد ملكت على التيار السلفي يومَه كاملا بأربع وعشرين ساعاته كاملات غير منقوصات.
هل قلتُ إن التيار السلفي مشغولٌ بأمرين لا ثالث لهما؟! لا والله، لم أكن دقيقة في زعمي. بل هناك أمرٌ ثالثٌ يسلب عقل ذلك التيار مع المرأة والمسيحي. أمرٌ يملك عليه فؤاده، ويُجري لُعابه منذ عرف طريقَه إلى مصر الطيبة. السُّلطة. حلم اقتناص السلطة يستلبُ عقل التيار السلفي شأنه شأن الإخوان المجرمين وشأن كافة مهووسي التسيّد والتجبّر وسرقة الأوطان واستعباد البشر واستحلال أجساد السبايا والإمات.
لهذا يناهضُ العقلاءُ من أبناء بلادي تلك الأحزاب ويطالبون بحلّها لأنها مخالفة للدستور الذي ينصُّ على رفض قيام أحزاب على أسس دينية أو عقدية أو عرقية. ولكن السلفيين الأذكياء ينجحون في تكوينها ويدعمهم القانون؟ كيف؟ وبأي شرعية؟ لأن هناك دائما طوابير خامسة تقوّض أمن المجتمعات وتحرق أحلام نهضتها وتزعزع سلامها.
مسيحيون "أذكياء!" نجح قادةُ الأحزاب السلفية الأذكياء (حقًّا) في إقناعهم بالانضمام إلى أحزابهم الدينية الإسلامية؛ فسقطت بهذا عن تلك الأحزاب صفة "الدينية"، بما أنها ضمّت مسيحيين "شرفاء" إلى جوار غُلاة المتأسلمين المتطرفين السلفيين!
لنذهب إلى أولئك "الأذكياء الوطنيون الشرفاء!” من مسيحيي حزب النور السلفي، وننظر ماذا يقولون، وليبكِ معي مَن يبكي، وليستأ معي مَن يستاء، ويضحك معي الضاحكون، ويندهش معي المندهشون، ولينظرِ المصريون كافة ماذا هم فاعلون مع تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
يقول مسحيو حزب النور السلفيّ:
حزبنا قانونى ودستوري ووطنى وليس دينيا، وله قواعد شعبية كاسحة، ومن المستحيل حله.
نؤمن بمبادئ حزبنا كما نؤمن باكتساحه في الانتخابات ولو طالبوا بتطبيق الشريعة الاسلامية وقطع اليد ورجم الزواني لكنا أول من نؤيدهم ونباركهم.
* نحن بالنسبة لزملائنا في الحزب كفار بدينهم، هم كفار ايضا بديننا وهذا مايدعم وحدتنا الوطنية فالدين لله ولا دخل له بالسياسة.
* لا يهنئوننا بأعيادنا ونتفهم ذلك، لأنهم لو فعلوا لاعترفوا بربوبية يسوع وقيامته المجيدة. ولا نهنئهم بأعيادهم أيضا فقط لعدم إحراجهم حتى لا يُفهم أننا نطالبهم بالمثل.
* حزبنا لم يقف للسلام الجمهورى ورفض تحية العلم لانهم اعتبروه وثنا وصنما لكن مع وضع قانون يجرم ذلك وقفوا وحيوا العلم المصري لأنه رمز الدولة.
لم تنفعنا أو تدعمنا الكنيسة سياسيا في أي وقت فما المانع الشرعي من البحث عن مصالحنا بعيدا عنها؟
نقول لمن يشبهوننا بيهوذا خائن يسوع وبائع رأسه: نحن لسنا خونة بل نعرف طريقنا جيدا ومرة أخرى نقول حزب النور قدم لنا ما لم تقدمه الكنيسة ولا شعب الكنيسة.
سنحصل على أصوات إخواننا المسلمين ولا نعول على الكتلة التصويتية للأقباط فهم قلة في دوائرهم.
***
انتهت تصريحاتهم "الذكية!” التي أشكر عليها العضو السلفي الذكي (بحق) الذي صاغها لهم ليضعوها على ألسنهم وهم لا يفهمون معناها وتوابعها عليهم أولا، قبل أن تنسحب علينا نحن المصريين كافة. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أُنهي مقالي بمثل شعبي مصري شهير يقول: “خيبة الأمل راكبة جمل.”
الحدوتة وقدرة الكلمات على الخداع بقلم على سالم ٢٣/ ٩/ ٢٠١٥
|
انسوا الصناعة والزراعة! بقلم رامى جلال ٢٣/ ٩/ ٢٠١٥
|
Tuesday, September 22, 2015
فى الطائرة من مدريد إلى القاهرة بقلم د. نوال السعداوى ٢٢/ ٩/ ٢٠١٥
|
تعديل الدستور.. كارثة تؤدى إلى الاستبداد بقلم د. محمد أبوالغار ٢٢/ ٩/ ٢٠١٥
|
Monday, September 21, 2015
أنا أغنى امرأة فى العالم بقلم فاطمة ناعوت ٢١/ ٩/ ٢٠١٥
|
اتعلِّموا من بوركينا فاسو!! بقلم د. محمود عمارة ٢١/ ٩/ ٢٠١٥
|
Subscribe to:
Posts (Atom)