Translate

Sunday, April 18, 2021

لن تهزموا التخلف إلا بالمعرفة العلمية - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 17/4/2021

 وصلتنى من الصديق د. سامح مرقس، أستاذ الأشعة بشيفيلد بإنجلترا، هذه الرسالة المهمة:

العلم هدفه الأساسى هو اكتشاف طبيعة الوجود والبحث عن الحقيقة أياً كانت تفاصيلها، ووفقاً للفيلسوف البريطانى كارل بوبر الحقيقة تعتمد على الإثباتات العلمية وليس على الإيمان بها، انتقد بوبر أيضاً الأسلوب اللاعقلانى الذى يعتقد أن التقاليد مصدر هام للمعرفة، موضحاً أن التنوير يتطلب الاعتماد على المعرفة العلمية وتحرير العقل من التعصب الفكرى والتحيزات الشخصية.

حالياً، فى وطننا العزيز، ينتشر للأسف رفض الفهم العقلانى، ويجرى الاتكال على الغيبيات التى تقدم راحة نفسية وتخدّر مخاوف الوجود، هذا النهج ناقشه الفيلسوف العظيم الدكتور زكى نجيب محمود فى كتابه «قصة عقل» بقوله: «فى تركيبتنا الثقافية نرى أن العقل وحده لا يكفى سنداً للإنسان فى حياته، وهذا الاتجاه الفكرى قوامه عناصر كثيرة أهمها التمسك بالعرف والتقاليد». عبّر أيضاً الكاتب المثقف نبيل عبدالفتاح فى مقاله فى جريدة الأهرام عن قلقه من مشكلة الابتعاد عن الثقافة العلمية فى مصر وتراجع المعرفة والوعى بما يجرى فى عالمنا من تطورات كبرى. وتساءل: لماذا لم تعد أسئلة النهوض التى اهتم بها رواد النهضة المصرية والعربية فى النصف الأول من القرن الماضى تشغلنا؟ وكانت إجابته الصريحة أن ثقافتنا الحالية لم تعد ثقافة الأسئلة، وإنما صارت ثقافة البداهات واليقينيات والحتميات والقدريات.

نشر الثقافة العلمية اهتم به العديد من علماء الفيزياء فى العالم المتقدم مثل كارل ساجان، ستيفن هوكنج، نيل دوجراس تايسو، شون كارول وغيرهم، لإيمانهم القوى بأن دور الباحث العلمى ليس فقط إجابة الأسئلة العلمية الهامة، بل مشاركة الفهم العلمى والاكتشافات الجديدة مع العالم بأجمعه. المعرفة الكاذبة أخطر من الجهل وفقاً للكاتب الأيرلندى العظيم جورج برنارد شو، لذلك نشر الثقافة العلمية يتطلب رقابة جادة على طوفان الأخبار التى تعتمد على أنصاف الحقائق ونظرية المؤامرة، والقراءة المتسرعة لبعض التقارير العلمية، وهذا أمر هام لمواجهة وباء مرض كوفيد مع انتشار معلومات كاذبة تشكك فى فاعلية وسلامة اللقاحات وتثير الفزع بين الناس، ولذلك على الخبراء وأهل المعرفة توضيح الحقيقة المعتمدة على الدراسات والإحصائيات العلمية التى أكدت فاعلية اللقاحات وأن احتمال حدوث مضاعفات خطيرة هو فى الواقع أمر نادر للغاية. كذلك يجب تسليط الضوء على ضرورة الاعتماد الكامل على العلم للتخلص من هذا الوباء، وأن العلم أثبت نجاحه من قبل فى علاج معظم الأمراض المعدية، ومنع انتشار الأوبئة وإنقاذ البشرية من أمراض خطيرة مثل الجدرى، وشلل الأطفال، وفيروس سى المسبب للالتهاب الكبدى.

نحن نعيش حالياً فى أوقات عظيمة للتقدم العلمى المبهر فى الكشف عن أسرار الكون وكل محتوياته المادية والبيولوجية، وعلينا متابعة هذه الاكتشافات بفضول كبير واهتمام شديد، فالإنسان استطاع أن يرتفع إلى الموقع الفريد الذى يشغله حالياً على الأرض نتيجة سعيه اليومى لاكتساب مزيد من المعرفة، وحسب قول مؤسس الفلسفة البوذية جواتاما بوذا: «لا توجد ثروة مثل المعرفة، ولا يوجد فقر مثل الجهل».


No comments:

Post a Comment