Translate

Saturday, January 18, 2014

أردت أن أتناول عقار Nux Vomica! بقلم د. وسيم السيسى ١٨/ ١/ ٢٠١٤ بالمصرى اليوم ......(رائع)

ما أشد حيائى منك أيها الشعب المصرى العظيم.. بل ما أشد حيائى من نفسى، وإنى أحاول أن أجد عذراً لنفسى حين تمنيت أن يكون حق الاستفتاء والانتخاب مقصوراً على حاملى الشهادة المتوسطة فما فوق، فكانت الصدمة التى أفاقتنى أن الوعى الجمعى شىء، والشهادات العلمية شىء آخر!
شاهدت ضيفاً من هؤلاء المحللين المنظرين المتقعرين يقول: هذا الاكتساح التصويتى على الدستور فوق ٩٥٪ أو ٩٩٪ فى بعض المحافظات يذكرنى بانتخابات العصور الديكتاتورية.. ونتائجها المشابهة لما نحن فيه الآن! ويكمل تحليلاته الخائبة «وكأن أمنا الدنيا تناولت حبوب منع الحمل بعد ميلاده»: كنت أتمنى أن تكون ٧٠٪ أو حتى ٧٥٪، حتى يكون شكلنا مقبولاً فى الخارج! أردت أن أقذف شاشة التليفزيون بما فى يدى، أو أتناول nux vomica وهو أقوى عقار يجعل الإنسان يتقيأ ما سمعه أو تناوله!
هذا الغبى لا يعرف أن هذا الشعب العبقرى لم يكن يدلى بـ«نعم» أو لا على دستور، لكنه كان يدلى برأيه على استفتاء آخر: وطن أو كارثة وطنية، وطن آمن مستقر أم أشلاء وطن كالعراق وسوريا وليبيا، وطن مكتمل السيادة والكرامة أم وطن تابع للسيادة الصهيوأمريكية الجهنمية، وطن له حدوده التى عاش فيها سبعة آلاف سنة أم وطن تم بتر أطرافه شمالاً وجنوباً، وطن المصرى فيه صاحبه أم يصبح فيه المصريون جالية مصرية، وطن جميل.. المسلم والمسيحى إيد واحدة، أم باكستان بما فيها من اقتتال مرير بين جيش محمد «شيعة»، وجيش الصحابة «سنة»! كان استفتاء أن نكون أو لا نكون.. لذا كان يجب أن يكون أكثر من ٩٩٪، لأننا نحب الحياة ونكره الموت!
هذا الشعب العبقرى الجميل، الذى قال عنه آلان جاردنر: لم أر شعباً فى حياتى محباً للحياة مثل الشعب المصرى.. بل ينفق معظم أمواله من أجل الاستمتاع بالحياة، ويكفى أن هذا الشعب عرَّف العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة.. ولم يسمها موتاً.. بل سماها خروجاً إلى النهار!
فقهاء النكد، وغربان الموت، ينتقدون هذا الشعب الجميل، لأنه يرقص ويغنى أثناء الاستفتاء!
الشعوب تتقدم بالرقص والغناء وسائر الفنون، لأنها تنمى فص الإبداع فى المخ البشرى، ألا وهو الفص الأيمن، أما الفص الأيسر فص الحفظ.. فص «البخارى» الذى حفظه أحدهم وذهب للشيخ محمد عبده يقول: حفظت «البخارى» من الجلدة للجلدة، فقال له الشيخ المستنير: زادت نسخ البخارى نسخة!
هذا الاستفتاء لطمة على وجه العم سام «أمريكا» وأحلام بن جوريون وأود إينون «تفتيت مصر والعراق وسوريا»، وأحلام أردوجان «الخلافة أو الملك العضوض»، وقطر أو القطرة العمياء، وإخوان أعداء مصر.
محمد البرغوثى هذا المفكر الرائع كان بجواره أحد أعضاء جمعية من جمعيات حقوق الإنسان، الذى جاء إلى هذا العالم ليعترض، والبرغوثى يحاول أن يفهمه أن هناك فرقاً بين بحث وتحليل الواقع، وبين النموذج الذى فى ذهنه ويريد أن يفصل الواقع عليه، لكن لا حياة لمن تنادى أو لا عقل لمن تتحدث، وكأنك تسترجع المثل الشعبى: عدوك العاقل ولا حبيبك العبيط! أو حبيبك الذى امتلأت جيوبه.. وفرغ ضميره! مصر قد الدنيا.. مصر علمت ولاتزال تعلم الدنيا.. مصر لها بركة لكل من يحبها، كما لها لعنة على كل من يعاديها.
يقول شوقى:
علمت كل دولة قد تولت
أننا سمها وأَّنا الوباء
ويقول أيضاً:
من جرح الأهرام فى عزتها
مشى إلى القبر مجروح الإباء

No comments:

Post a Comment