صديقى اللى كتبت، الإثنين الماضى، عن حكايته مع «محوِّل الكهربا»، فى مزارعه على الصحراوى.. نشر بالأهرام الجمعة الفائت إعلانا: «مطلوب مهندسين زراعيين، وفنيين للرى، ومشرفين، وسائقين، وعمال عاديين بمرتبات مجزية، والإقامة مجانية».. والمقابلة اليوم التالى!
٤٢ اتصالا تؤكد حضور الباحثين عن فرصة عمل، فى التاسعة من صباح السبت.. فماذا حدث؟
السبت ٩ صباحاً لم يحضر أحد.. العاشرة: مفيش.. الساعة ١٢ حضر «مهندس واحد».. تم تعيينه براتب مبدئى ٢٠٠٠ جنيه!!
صديقى عايز يعرف لماذا لم يحضر باقى المتَّصلين؟.. السكرتيرة تتصل «بالواحد وأربعين» الذين لم يحضروا.. وجاءت «حججهم»: «أصل الدنيا حر نار، أو أصل جالى ظرف طارئ»!!
بذمتك.. إذا كانت «الدنيا حر» لعمل مقابلة للشغل.. أُمَّـال هتشتغل إزَّاى فى المزارع طوال السنة؟ وليه دخلت كلية الزراعة أصلاً طالما بتخاف من الشمس؟
طيب ما رأى حضراتكم إن أصحاب المصانع يعانون من نفس المشكلة؟.. إعلانات بالجرائد. ولا أحد يتقدم للعمل.. لكن لو فيه إعلان عن «وظيفة حكومية» بربع أجر الوظيفة بالقطاع الخاص، ستجد طوابير بالآلاف.. ليه؟
لأن «وظيفة الحكومة» إن شا الله بميتين جنيه.. مش هيروح أصلاً، وإذا راح.. هيمضى ويمشى، »يقـلِّب عيشه فى مكان آخر.. المهم إنه ضمن وظيفة بالتأمين والمعاش..ومحدش يقدر يقول له (تلت الثلاثة كام)»!!
وعشان كده.. موظفى الحكومة «السبعة ونص مليون» معترضين ومش عاجبهم «قانون الخدمة المدنية».. ليه؟
لأنه هيطبَّـق ضوابط فى الترقيات.. فى الحوافز والإضافى.. يعنى هيفرض مبدأ: الثواب والعقاب.. والبهوات متعودين على الفوضى، وتدويخ المواطن صاحب الخدمة.. ولن أتحدث عن الإتاوات أو الرشاوى التى نعرفها ونعانى منها جميعاً.. ولهذا يجب على الحكومة ألّا تتراجع عن تطبيق هذا القانون، المعمول به فى كل بلدان العالم، وعلى الرئيس عدم تأجيله، بل سرعة إصداره، بعد أن وصل رواتب هذا الجهاز الحكومى الفاااااشل والفااااسد إلى ٢٢٠ مليار جنيه سنويا، بعد أن كان فى ٢٠١٠ يقل عن ٧٥ ملياراً.. فهل تحسّـنت الخدمة.. أم أن الحكاية هى «بلطجة» على الدولة أدمنها هؤلاء؟!
هذا ما يحدث داخل مصر الآن: قطاع خاص يبحث عن »عمالة« برواتب ٤ أضعاف الحكومة، وبه لكل مجتهد نصيب، ولا أحد يتقدم للعمل..(ويقولك فيه بطالة بالملايين)!!
تعالوا نشوف أيضاً ماذا يحدث الآن للمصريين بالخليج؟
صديق «إماراتى» عاشق لمصر، متزوَّج من مصرية «شرقاوية».. يمتلك مجموعة شركات فى المقاولات هناك.. يحكى لنا عن العمالة المصرية فى أبوظبى، فيقول: «الحقيقة أن شركاتى يرجع الفضل فى نجاحها للإخوة المصريين، الذين بدأت بهم فى السبعينيات والثمانينيات، وحتى الألفية الثالثة.. فالعامل المصرى كان منضبطا، محترفا، وساعيا للرزق.. عكس الخمس عشرة سنة الأخيرة تغيَّرت الأحوال.. لهذا قمنا بعمل «بحث» أثبت: أنه بدءاً من مواليد الثمانينيات وطالع (إلاَّ قليلا).. هؤلاء مختلفون تماماً عن الأجيال التى سبقتهم.. هؤلاء للأسف غير مؤهَّـلين، وغير منضبطين.. ولهذا تجد فى العشر سنوات الأخيرة، (بكل دول الخليج) يتم استبدال المصريين بباكستانيين وهنود.. لماذا؟
يُكمل: يا أخى «المصرى بتاع زمان» (قبل هذا الجيل) كان مُلتزماً فى مواعيده.. مُحترماً فى أخلاقه.. مُحترفاً فى عمله.. لكن اليوم: السائق المصرى «بيعاكس» ابنتى.. والثانى يتحرش بزوجتى (رغم إن سنها ٤٦ سنة)، والثالث دايما عنده مشاكل.. والـ٣ سائقين للأسف يحملون رخصة مصرية، ولا يعرفون ألف باء قيادة السيارة!!
أما المهندسون الجُـدد فمختلفون تماما عن المهندسين المصريين بتوع زمان الذين عرفناهم من قبل.. اليوم المهندس الجديد بعد ٦ شهور، عايز تذكرة لمصر والدته مريضة، (وبالصدفة اكتشفنا إن والدته متوفية من ٥ سنوات!!!!). وبعد شهرين (والده توفى للمرة الثالثة!!!!!!).. والتانى عايز تذكرة عشان ينزل يدور على عروسة.. شوية وفاتورة التليفون بالألف درهم (بيرغى مع خطيبته).. وحارس العقار المصرى (بيجيب واحد سيرلانكى) ينضف السلم ويجيب الطلبات، يعنى بيشغَّـله من الباطن (عشان الباشا قاعد يدخن شيشة) من ٩ صباحاً، وعامل «قبضايا» على الغلابة بتوع شرق آسيا!!
حكايات يندى لها الجبين.. اضطر أصحاب الأعمال بالخليج أن يحافظوا على الجيل القديم.. رافضين الجيل الجديد، ويستبدلون كل من يرحل من المصريين بعمالة من شرق آسيا.. ليه؟
الباكستانى- الهندى- السيرلانكى- والفلبينى: «السائق» سائق منضبط (وليس منفلتا).. سائق محترف (وليس حاملا لرخصة، حصل عليها من أمين شرطة صاحبه).. سائق بيرضى بقليله حتى يُـثبت جدارته فيرتفع راتبه.. جاهز ٢٤ ساعة للعمل... ما تسمعش صوته ولا تحس بوجوده وطلباته محدودة.. والأهم: إنه «صادق» لا يكذب، ولا يُناقش («مابيقاوحش»)!!
السؤال الأول: ما هو الحل..؟
إذا كان هناك «فُرص عمل» بالداخل ولا تجد من يسعى إليها.. فى ذات الوقت نتحدث عن بطالة بالملايين.. وفى الخارج لم يعد هناك طلب على العمالة المصرية، ويتم استبدالهم بباكستانيين وهنود ومن بنجلاديش؟
والسؤال الثانى: إذا كان محور قناة السويس سيأتى لنا بشركات عالمية «يُقال إنها ستحتاج إلى مليون عامل.. فهل لدينا مليون عامل مؤهَّـل لهذه الوظائف.. أم ستلجأ هذه الشركات (غصبا عنها) لاستيراد فنيين- تقنيين- حرفيين- وعُـمال مؤهَّـلين من شرق آسيا؟
والحل: فى تجربة مهاتير بماليزيا.. وتجربة جاك شيراك عندما كان وزيراً للعمل فى فرنسا !
هذه التجارب الناجحة نُـقدمها الاثنين القادم.. لعلَّ وعسى!!
|
|
No comments:
Post a Comment