المشير عبدالفتاح السيسى رئيس مصر القادم، هذا الأمر منته بلا فصال، لكنه لن ينجح إلا بأن يكون رئيساً لكل المصريين، بهذه الكلمات بدأ الدكتور محمد أبوالغار، رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، حديثه، مؤكداً أنه على الرغم من أن جزءا كبيرا من الشعب يريد السيسى، إلا أن اختيار مرشح رئاسى ليدعمه الحزب شهد صراعاً قوياً ولم يحسم فتركت الحرية للأعضاء فى التصويت.
وأضاف «أبوالغار» أن الرئيس القادم إن لم يكن عادلا وديمقراطيا، فلن يستمر، على الرغم من أنه يرى أن فرصة السيسى للخروج بمصر من النفق المظلم أكبر بكثير من فرص حمدين.
فيما أشار إلى أن ترشح صباحى ليس مسرحية كما يظن البعض ولو لم يخض المعركة الرئاسية لكنا فى كارثة كبرى.
وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى المشهد السياسى مع اقتراب الانتخابات الرئاسية؟
أرى أن المشهد السياسى طبيعى فى هذه الفترة خاصةً فى وجود جماعة الإخوان، والظروف الاقتصادية الصعبة والمعقدة، وعدم وضوح الرؤية فى الفترة المقبلة، كل تلك الأمور تخلق نوعا من القلاقل، وأعتقد أنه بعد الانتخابات الرئاسية، وحين ينجح «السيسى» يستطيع إقناع الشعب المصرى بسرعة بأن يكون رئيساً، ليس بإصلاح التعليم والصحة فقط، لأن كل مرشح يتناول هذه الأمور فى برنامجه الانتخابى، ولكن سيتطلب الأمر وقتاً طويلاً، يصل إلى ١٠ سنوات للحصول على نتائج حقيقية.
■ ماذا عن الوضع الاقتصادى والأمنى؟
إصلاح الاقتصاد صعب، لكن هناك أشياء يمكن عملها نسبياً بسرعة، وكذلك تحقيق الأمن ليس سهلاً، لكن الأمر الذى سيجعل «السيسى» ناجحاً هو قدرته على أن يكون رئيس كل المصريين، فلو استطاع تحقيق ذلك سيكون رئيساً ناجحاً.
وكيف يستطيع تحقيق ذلك فى ظل رفض المصالحة مع الإخوان؟
الإخوان خارج الموضوع، أنا أتحدث عن المصريين المدنيين، فلدينا مجموعتان كبيرتان جداً، إحداهما مجموعة الشباب، وجزء كبير منها ليس مع السيسى، ولا يمكن القول بأنهم مع «حمدين»، فالمجموعات الضخمة جداً جداً من الشباب تكون نصف المجتمع ولديها قلق شديد من المستقبل، أما المجموعة الثانية وهى الأعداد الكبيرة من المفكرين والمثقفين والكتاب وهم أيضاً قلقون.
■ وما مصدر قلقهم؟
السيسى رئيس مصر القادم وهذا الأمر منته بلا فصال، ولأن الرئيس القادم رجل ذو خلفية عسكرية، وأى شخص يأتى من خلفية عسكرية تكون الناس قلقة منه خوفاً من أن يكون ديكتاتورا أو لا يعطى مساحة كافية للديمقراطية، الأمر الثانى هو مظاهر هجوم الشرطة المبالغ فيه على المدنيين، من خلال حبس الشباب بأعداد ضخمة جداً وكتابة بلاغات ملفقة أو فيها مبالغات غير طبيعية.
■ هل ترى أن الأمن يتعامل بممارسات ما قبل ثورة ٢٥ يناير؟
نعم ولكن جزئياً، فبعض الشرطيين يعتقدون أن هؤلاء الشباب هم الذين رفعوا نفوذهم وسطوتهم ومكاسبهم الضخمة جداً فى عصر دويتو «مبارك» و«العادلى»، وذلك محتمل أن يكون سبباً، من تاريخ تصرفهم مع الشباب، وكل هذا يقلق المواطنين من السيسى، فضلاً عن أن الناس تحتاج المساواة فى كل شىء، الفقير قبل الغنى، المسيحى مثل المسلم، المدنى مثل العسكرى فى التعامل، ولو السيسى أصبح رئيسا وقال أنا ديمقراطى و«هاسمع أى كلام وهاقبل أى نقد»، لن أصادر جريدة أو أمنع أى برنامج فى التلفزيون، شعبيته ستزيد ويستطيع بالشعب أن يحقق فكرة رئيس كل المصريين.
■ لمن ستعطى صوتك فى الانتخابات القادمة؟
الشعب كله أو جزء كبير من الناس يريد السيسى، وأنا لن أصوت له غيابيا، بل بناء على برنامجه وحديثه.
■ ماذا حدث فى اجتماع الحزب لاختيار مرشحه فى الانتخابات الرئاسية؟
التصويت فى الحزب شهد صراعاً قوياً استمر لفترة، والسيسى حصل على ٤٦.٥ % من الأصوات، وحمدين حصل على ٩.٥ %، و٤٤.٥% من الأصوات يرون أن المرشحين غير مناسبين، وبعضهم لم يدل بصوته فى الانتخابات، وهذا هو مصدر القلق، فلابد أن يكون السيسى جاذبا لهؤلاء.
■ لمــــــن أعطيت صـــــوتك فى الانتخـــابات الرئاســــــية الأخيرة؟
فى الجولة الأولى انتخبت حمدين، وكان انتخابا للضرورة، لأن كل واحد من المرشحين كان به إشكالية، وفى الجولة الثانية شطبت على الاثنين، فقد كان من المستحيل أن أنتخب الإخوان المسلمين لأننى أعرفهم منذ ٤٠ سنة، فالإجرام فى دمهم وسيقتلوننا جميعاً، وليس لهم كلمة ولا أعتمد عليهم ولا أثق فيهم، ولا يمكن أن أنتخب شخصا نصف أو ربع إخوانى، إضافةً إلى أننى أريد رجلا مدنيا، فقد كنت أختار بين حمدين وعمرو موسى، إلا أننى رأيت أن موسى ليس لديه فرصة مثل حمدين، لذلك حافظت على صوتى، واكتشفت فى عمرو موسى مواهب مدفونة خلال الـ٣ شهور التى قضيناها سوياً فى لجنة الخمسين لوضع الدستور.
■ هل يكون للإخوان مرشح فى الانتخابات الرئاسية؟
ليس لهم مرشح ولن يذهبوا للانتخاب، هم يعتقدون ومن وجهة نظرهم أن عدم مشاركتهم فى الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يعبر عن أن كل هذه الأمور باطلة، وهذا ما يسوقونه، ولذلك لن يذهبوا للانتخابات.
■ ما الضمانات المطلوبة لتمــــر العمــــلية الانتخــــــابية بنزاهة؟
أرى أن العملية الانتخابية وما يتخللها من وضع الورقة بالصندوق والعد، منذ الثورة لم يحدث بها أى تزوير، وقد سبق أن حدثت ممارسات خاطئة فى الدعاية الانتخابية، وكانت أكثر فى الانتخابات البرلمانية، أما فى الاستفتاء فقد قاموا بمنع المواطنين الرافضين، وهذا لم يؤثر فى النتيجة النهائية، لكنه أساء لشكل الاستفتاء، وأرى أن الدولة حريصة على ألا يحدث ما حدث فى الاستفتاء على الدستور من منع الناس الذين يرفضون مرشحا بعينه، كما تحاول الدولة أن تكون محايدة بقدر الإمكان من خلال إعطاء الفرصة لـ«حمدين» فى الصحف القومية والتليفزيون المصرى.
■ ما الشروط الواجب توافرها فى الرئيس القادم؟
إن لم يكن عادلا وديمقراطيا لم يستمر، وهناك فرق بين الحزم والديمقراطية، بمعنى أن الرئيس يمكن أن يكون شديد الحزم والانضباط ولكنه عادل جداً وشديد الديمقراطية.
■ فى أى من المرشحين تتوافر هذه الشروط؟
«السيسى» و«حمدين» جديدان على المناصب السياسية، فحمدين يتحدث عن الديمقراطية كثيراً لكنه طول عمره فى الشارع لم يتول منصبا، والسيسى طول عمره فى الجيش، ويعطى أوامر فقط ولا أحد يقول له لا.
■ من منهما قــــــادر على الخــــــــروج بالبلد مـــــن النفق المظلم؟
أرى أن فرصة السيسى فى خروج مصر من النفق المظلم أكبر بكثير من حمدين، لكن لو لم يكن ديمقراطياً ولم يطبق العدالة بجميع أنواعها، سيكون رئيساً سيئاً.
■ هل ترى ترشح صباحى مسرحية؟
ليست مسرحية كما يظن البعض، فلو لم يخض حمدين المعركة لكنا فى كارثة، لأننا كنا سنعود للاستفتاء مرة أخرى، وأرى أن معركته دور وطنى ومهم جداً، لأنه لو لم يترشح أحد أمام السيسى لكانت مصيبة، بمعنى أن نظام الحكم سيكون قمعيا ديكتاتوريا فاشيا، وفى هذه الحالة تكون كارثة.
■ كيف ترى وصف حمدين بمرشح الثورة؟
بالتأكيد هو مرشح الثورة ومرشح مهم لها، لكونه انضم إلى الشعب فى الثورتين، والثورية تأتى من الشارع، وهذا لا يعنى أن المرشح الآخر غير وطنى وليس مع الشعب، أما السيسى فلم ينزل فى ٣٠ يونيو ولم يقم بالثورة، لكنه وقف مع الشعب لمنع وقوع حرب أهلية، والذى قام بالثورة هو الشعب المصرى بسبب نظام الإخوان وقمعهم الذى أدى إلى كراهية الشعب لهم، وهذا ما بدا فى الأعداد التى نزلت إلى الشارع وشاركت، حيث كانت غير مسبوقة، والسيسى كان قائد جيش ووقف مع تطلعات الشعب المصرى ومنع حدوث حرب أهلية.
بماذا تفسر تأييد عدد كبير من التيار الناصرى لـ«السيسى» رغم انتماء «حمدين» لهم؟
تأييد أسرة عبدالناصر للسيسى، موضوع عاطفى وليس سياسيا، أما المخرج خالد يوسف، فتأييده سياسى لأنه يرى أن السيسى سيكون رئيساً مفيداً لمصر.
■ هل ترى أن هـــــــناك توجها داخل الحكومة لدعــــم السيسى؟
أرى أنها تتصرف بشكل معقول جداً، ومن المؤكد أن كل الدولة المصرية تؤيد السيسى وهذا أمر معروف حتى على مستوى موظف الشهر العقارى الذى لم يقال له شىء، فهو منفرداً منع بعض التوكيلات التى ليست للسيسى، والسيسى من الأساس لا يريد تأييدا لأنه سينجح منفرداً.
■ هل ترى «السيسي» مرشح الصدفة أم الضرورة وما الفرق بينهما؟
الرئيس القادم من مؤسسة عسكرية قد يكون اختيار صدفة أو ضرورة أو ما شابه، لأن الناس لا تعرفه من قبل أن يظهر وبالتالى الصدفة أو الضرورة هى التى أظهرته للشعب، وليس من خلال نضال سنوات.
■ هل سيكون للسيسى حزب بعد فوزه فى الانتخابات المقبلة؟
أولاً الدستور يمنع هذا فى مادة صريحة، ثانياً فكرة عمل حزب لدعم الرئيس، هى محاولة تاريخية معروفة، بأن هذا الحزب يجمع كل اللصوص والنصابين، ومن يسعون وراء السلطة ويريدون الحصول على استفادات مختلفة، وإذا نقل الرئيس من هذا الحزب سيتركونه جميعاً ويذهبون خلف الرئيس وهم ليس لهم ولاء لرئيس أو مؤسسة وإنما يبحثون عن مصالحهم.
هل لايزال كيان جبهة الإنقاذ قائما؟
لم تجتمع الجبهة منذ فترة طويلة، وهى رسمياً لم تحل، ولكن فعلياً غير موجودة، وهنا لابد أن أذكر أن الأحزاب السياسية فى مصر الجديدة عمرها لا يتعدى ٣ سنوات، والأحزاب القديمة حزبان الوفد والتجمع وأمن الدولة كان يضربهما ضربات شديدة جداً.
■ متى تنتهى العمليات الإرهابية فى مصر؟
الإرهاب لا يمكن أن ينتهى من أى دولة حتى لو كانت كبيرة، ولكن العالم المتقدم يستطيع أن يجعل احتمالات العمليات الإرهابية قليل جداً، أما فى مصر حتى تقل هذه العمليات يجب التعاون التام بين الشعب والشرطة وهذا غير حاصل لأن الشعب لديه مشكلة بينه وبين السلطة، ثم إن تدريب الشرطة من الواضح أنه ضعيف ويحتاج إلى أجهزة وتدريب، ولابد من تجفيف منابع الإرهاب، ولابد أن أضغط على المجتمع الدولى ليساعدنا على مواجهته.
■ لكن هل تأمين الكنائس ومرافق الدولة وجنود الجيش والشرطة مهمة أمنية فقط؟
بالطبع لا فالشعب يجب أن يشترك بشكل أكبر، ويجب عدم استعداء الشرطة للشعب، فالقبض على بعض المتظاهرين من الشباب يشعل الأوضاع.
■ ألا ترى أن لقب الناشط السياسى أصبح مهنة من لا مهنة له؟
عندما ينتهى القمع وتتواجد الديمقراطية لن تجد لقب الناشط السياسى، فالناشط السياسى لقب غير موجود إلا فى الدول القمعية، وكلما زاد القمع زادت أعدادهم.
■ وهل ترى أن القمع مازال موجودا فى مصر؟
بالطبع هناك قمع للشباب وهو كاف لاستنفارهم ضد الدولة.
■ ما رأيك فى الدكتور إبراهيم محلب؟
أرى أنه نشيط جداً، وسبق أن قلت أإن رئيس الوزراء «كثير الحركة وبيحب يتنطط كتير»، وهذه حقيقة، ولها ميزة ولها عيب أيضا، الميزة أن المواطن يحب الحركة الكثيرة لرئيس الوزراء وهذا يعطى ثقة فيه، وهذا بخلاف حازم الببلاوى الذى كان قليل الحركة ولا يظهر فى الإعلام إلا قليلاً، أما العيب فرئيس الوزراء مهمته تخطيط عمل الوزارة وينظم العلاقات، وكل هذه الحركة لا تمكنه من أن يفعل هذا.
■ كيف ترى توجه الحكومة لرفع أسعار المواد البترولية ورفع الدعم؟
رفع أسعار الطاقة أمر ضرورى، ولكن الشعب لن يتقبله إلا إذا كان رفع الأسعار بنسبة كبيرة على الأغنياء، وبنسبة أقل على متوسطى الحال وبنسبة ضعيفة على الفقراء، وهذا غير حادث على أرض الواقع.
■ أزمة سد النهضة كيف ترى طريقة حلها؟
الحل الوحيد لهذه الأزمة هو الحل الذى اتبعه مبارك، فاستطاع أن يحل الأزمة طوال حكمه، فمبارك كان يقوم بضغط من خلال دول الخليج وأمريكا وأوروبا على البنوك والمنظمات الدولية الممولة لبناء السد، وكان يقول لهم إذا مولتم هذا السد ستخسرون أموالكم لأنه بناء غير قانونى ولدينا اتفاقيات دولية تمنع بناءه.
■ هل ترى أن هناك تحولا فى الإدارة الأمريكية تجاه مصر خاصة فى ظل الإفراج عن جزء من المعونة؟
هناك ٣ قوى تحكم داخل أمريكا وهى البنتاجون والكونجرس بمجلسيه ورئيس الجمهورية، والدستور الأمريكى ينص على أن كل شىء بيد الرئيس ومع ذلك لا يمكن أن يتخذ قرارا عكس رغبة القوتين الأخريين، ولابد أن يتوافق معهم، وأى قرار يخص الالتزامات المالية لا ينفذ أإلا بموافقة الكونجرس، وبالتالى الإفراج عن المعونة لابد أن يوافق عليه الكونجرس، وأى أمور عسكرية لابد أن يوافق عليها البنتاجون، وإذا أردنا معرفة موقف كل قوة منها تجاه مصر، فالبنتاجون كان معنا طوال الوقت أم الكونجرس فقد كان منقسما أما الرئاسة فضدنا، وهناك طرق لتعديل المواقف إما أن يكون شعبياً أو إعلامياً، ولايزال البيت الأبيض ومستشارو الرئيس الأمريكى ضدنا، ولابد من التواصل مع الشركات الأمريكية الإعلانية ومراكز الخبرة لحل الأزمة، وقد كان لى إمكانية اللقاء بإحدى أكبر المؤسسات هناك.
■ وماذا حدث فى هذا اللقاء؟
تم عقد لقاء فى أحد المعاهد الذى يرجع عمره إلى أكثر من مائة عام، وهو مقسم داخله إلى أقسام كل قسم يخص دولة معينة، فجلست مع القسم المصرى بحضور رئيسة المعهد، و١٨ موظفا فى هذا القسم، واللقاء كان محدداً بمدة ساعة، إلا أننا جلسنا ٣ ساعات، وتواجد ٨ موظفين من الـ١٨ موظفا الحاصلين على دكتوراة فى الإخوان المسلمين، وجميعهم سبق له العيش فى مصر، وأجمعوا على أن الإسلام سيحكم مصر، وهذا ما كان مسيطرا عليهم.
■ العلاقات المصرية القطرية كيف تراها الآن؟
قطر دولة صغيرة وليس لها أهمية ونعطيها أكبر من حجمها، والاهتمام المبالغ فيه داخل مصر تجاه قطر أكبر من حجمها.
■ لماذا استقال الدكتور عماد جاد من الحزب؟
هو صديق عزيز جداً، ولكنه بدا ينشغل فى أعماله الخاصة، إضافة إلى أنه لديه وجهة نظر شخصية فى آراء بعض قيادات الحزب ولم يكن مرتاحا لأداء هذه القيادات وطريقة تفكيرها، فقرر الانسحاب.
■ ما الرسالة التى توجهها للسيسى وحمدين؟
بالنسبة للسيسى أقول له افتح ذراعيك للشباب وللشعب وأكد أنك ستكون ديمقراطيا وعادلا، وحمدين أنت رجل متمرس سياسياً ولك وجود دائم فى الشارع المصرى ويجب أن تفرق بين الآراء وتنفيذها.
No comments:
Post a Comment