هذه الحكاية لن تقرأها في مكان آخر لأنها ممنوعة من النشر:
. بعد أن حضر الرئيس المعزول مرسي أولى جلسات محاكمته تم نقله الى سجن برج العرب ،
هناك أحضر له أهله احدى أكلاته المفضلة : بطة كاملة محشوة بالبصل اللذيذ مع ملوخية وأرز معمر و الحلو عيش سرايا بالقشدة .أكل مرسي بشهية كبيرة وصلى العشاء وتأهب للنوم وفجأة أحس في صدره بآلام شديدة فتم استدعاء طبيب السجن الذى شخص حالته باعتبارها أزمة قلبية .
تم نقل مرسي بطائرة خاصة الى مستشفى المعادى العسكري حيث أدخل على الفور الى العناية المركزة وظل تحت العلاج عدة أيام بينما وسائل الاعلام كلها تؤكد أنه في سجن برج العرب..
في الجانب الآخر من المستشفى كان حسني مبارك يسكن في جناح خاص حيث يقضى فترة الاقامة الجبرية بعد ان انقضت فترة حبسه احتياطيا .
وجود مبارك ومرسي في نفس المكان أثار تعليقات العاملين في المستشفى اذ رأى فيه كثيرون عبرة لمن يعتبر. هاهما رئيسان توليا السلطة وأطاحت بهما الثورة المصرية .جناح مبارك كبير فاخر يضم مكتبا وصالونا وهو يأكل ما يريده ويرتدى ملابسه المدنية ويستقبل الزوار بعد استئذان السلطات كما أن السيدة سوزان زوجته تقضى معه طوال النهار ولا تنصرف الابعد أن ينام .
كان هناك أحد الأطباء يرافق مبارك لكن ادارة المستشفى استبدلت به طبيبا جديدا من أسبوع . لم تسترح السيدة سوزان للطبيب الجديد ، بدا في نظرها شابا غريب الأطوار مندفعا كما أنه أكثر من مرة استعمل في حديثه تعبير " ثورة يناير " وهو ما لم تغتفره السيدة سوزان وعندما أسرت لمبارك برأيها فيه أخبرها أن ما يقلقه انه طبيب ضابط وفي العسكرية لايمكن لضابط أن يفعل شيئا بدون رضا قيادته وبالتالي فهو يعتبر تعيين هذا الشاب كمرافق اشارة سلبية على تقدير قيادة الجيش له .
كانت الساعة تقترب من السابعة مساء وكان مبارك قد أخذ حماما وارتدى ملابسه وفوقها روب "دو شمبر" من الحرير وجلس يشاهد التليفزيون . كان شعره مصففا ومصبوغا بعناية الا أنه برغم ذلك بدا منهكا شارد الذهن .فجأة انفتح الباب وظهر الطبيب المرافق وقال
ـــ يافندم . هناك مريض في المستشفى يطلب زيارتك
ــ أهلا وسهلا
هكذا قال مبارك وكان دائما يرحب بالزوار اذ يشعر أن بعض الشعب لازال يحبه .لكن الطبيب استطرد قائلا :
ــ طالب الزيارة هو الدكتور محمد مرسي
بدت علامات الدهشة على وجه مبارك ونظر الى السيدة سوزان التى قالت :
ـــ دى وقاحة . قل له الرئيس رافض يقابله
أشار مبارك الى سوزان بيده وقال بصوت خافت :
ــ معلهش خلينا نشوف عاوز ايه . خليه يتفضل
خرج الطبيب بسرعة وقد بدا عليه الانفعال ولعله كان يمنى نفسه بحضور مقابلة لاتنسى بين الرئيسين المعزول والمخلوع . انفتح الباب ودخل مرسي وقد بدا وجهه شاحبا ، ابتسم ومد يده ليصافح مبارك الذى ناوله يده بأطراف أصابعه كعادته مع كل من يعتبرهم أقل منه قدرا . تجاهل مرسي الاستقبال البارد وجلس على المقعد المقابل وقال :
ــ أنا قلت لنفسي لايليق أبدا ان نكون في نفس المستشفى ولا أحضر للاطمئنان على سيادتك . مهما يكن خلافنا السياسي فان تقدير الاخوان لك كان دائما بلا حدود ـ سيادتك تذكر ان الاخوان قالوا في اكثر من مناسبة انك والد المصريين جميعا ورمز مصر. وأظنك تشهد أننى في فترة رئاستي كانت تعليماتي مشددة بحسن معاملة سيادتك وتذكر أيضا أن كل الطلبات التى بعثت بها الى استجبت لها فورا . بل اننا أثناء رئاستي توصلنا لتسويات مرضية مع كبار المسئولين مثل صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وكنا على وشك ايجاد تسويات للأستاذ جمال والاستاذ علاء والمهندس أحمد عز. وصلنا لحل في موضوع موقعة الجمل وكنا قريبين من حل موضوع الأرصدة المهربة في الخارج . كل المشكلات كنا سنحلها تماما لكن الانقلاب حدث فتوقف كل شيء .
راحت السيدة سوزان ترمقه باستهجان بينما قال مبارك
ـــ صحيح يا أخ مرسي لكني في الحقيقة تعبان ومحتاج أستريح . هل فيه موضوع معين عاوز تتكلم فيه..؟!
أطرق مرسي وبدا وكأنه ينتقى عباراته وقال :
ـــ ربنا يشهد يافندم اننى لم أسع طوال حياتي الى سلطة أو جاه
ابتسم مبارك ساخرا وقال :
ــ لا أبدا . أنت حتقول لي ..؟
هنا تدخل الطبيب قائلا :
ــ بل أنتم تخربون بلدكم من أجل السلطة
قال مرسي :
ــ نحن نقاتل دفاعا عن الشرعية ضد الانقلاب العسكري
رد الطبيب :
ــ ما حدث في مصر ثورة وليس انقلابا . الانقلاب الحقيقي أنت عملته لما عطلت القانون بالاعلان الدستوري وجعلت قراراتك هي القوانين . المصريون سحبوا الثقة منك بأنفسهم لأنه ليس لديهم برلمان . الجيش أدى واجبه وحمى ارادة الشعب .
التفت مرسي نحو الطبيب وقال :
ــ أظن أى وطني يرفض ان مصر يحكمها العسكر
ابتسم الطبيب ساخرا وقال :
ــ أنت من كرمت طنطاوي وعنان ومنحتهما قلادة النيل بدلا من أن تحيلهما للمحاكمة بتهمة قتل الثوار. كان شباب الثورة يستشهد في محمد محمود وأنتم الاخوان طلعتم بيانا قلتم فيه ان الثوار بلطجية والثوريات ساقطات . ألم
تهتفوا في ميدان التحرير : "يا مشير أنت الأمير ".ألم تؤيدوا المحاكمات العسكرية للمدنيين في مجلس الشعب ؟! .
نظر مرسي بضيق الى مبارك كأنما يطلب تدخله فأشار بيده للضابط الذى صمت . قالت السيدة سوزان:
ــ يا أخ مرسي أنا شايفة الحوار غير مفيد
.
ابتسم مرسي وقال :
ـــ صبرك بالله ياست هانم .
ثم توجه الى مبارك وقال :
ـــ نت اللى عملته لما ألغيت القانن في شهر نوفمير وعملت اعلانا دستورؤيا يضع قرارتك فوق القانون . بالرغم من اصراري على حماية الشرعية الا اننى أحس بمسئولية أمام الله والشعب . لقد جئت يافندم لكى أطلب من سيادتكم التدخل لوقف نزيف الدم . انت لاشك تعرف قيادة الانقلاب وتستطيع اقناعها ان كل هذا الانقسام ليس من مصلحة أحد. الشباب يموتون كل يوم والبلد حالها واقف. قيادات الاخوان كلهم في السجن وشبابنا يعتقلون ويحاكمون كل يوم .
قال مبارك :
ـ يا اخ مرسي . انتم السبب لأنكم طماعون وغدارون . انتم قعدتم مع عمر سليمان أثناء أحداث يناير ووعدتموه انكم تصرفوا الشباب من الميدان وتوافقوا على استمراري في الحكم مقابل السماح لكم بتكوين حزب لكنكم كالعادة لم تنفذوا وعودكم وطمعتم في الحكم والآن تدفعون الثمن .
قال مرسي :
ــ أتخفظ على تعبير غدارين وطماعين فنحن الاخوان نتحلى بأخلاق الاسلام .قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا أخلاقنا وهكذا شيمنا وهكذا نشأنا وهكذا تربينا وهكذا نعيش وهكذا نموت
قال مبارك :
ــ وحياتك من غير خطب.أنا واخذ أدوية وتعبان
ابتسم مرسي وقال :
ــ حاضر . سأختصر . ممكن سيادتك تتوسط من أجل حقن الدماء . لقد اتصلت بفضيلة المرشد الصبح فأكد لي ان الاخوان على استعداد للتفاهم مع الانقلابيين بشرط الافراج الفوري عن قيادات الاخوان وكل المعتقلين .اذا توصلنا الى اتفاق يرضى الاخوان فسوف تتوقف المظاهرات والهجمات ضد الجيش في سيناء فورا .
هنا قال الطبيب :
ـــ كل من يشن هجمات ضد جيشه خائن
.
التفت اليه مرسي غاضبا وقال :
ـ أنا في سن والدك وأرفض طريقة حديثك . الذين يشنون الهجمات على الجيش والشرطة ليسوا من الاخوان
ــ مادمت تستطيع ايقاف الهجمات فأنت مسئول عنها .
ــــ لا أملك السيطرة على غضب الشباب .
ــ شباب الاخوان يتحركون بالأوامر وفقا للسمع والطاعة . أنت أخرجت الارهابيين من السجون ورفضت محاسبتهم على قتل جنودنا حتى تستعملهم لحسابك .هل نسيت من اعتقلتهم وعذبتهم في عهدك . هل نسيت الشهيد الجندي وكريستي وجيكا وشهداء بورسعيد الذى قتلتهم الشرطة بأوامر منك .
هب مرسي واقفا وصاح في الطبيب :
ـــ اسمع يابني . لا أريد أن أتكلم معك .
ثم تطلع الى مبارك وقال :
ـــ يافندم أنا جئت أعرض الموضوع وسيادتك فكر فيه براحتك
قالت سوزان :
ــ . أنت والاخوان عملتم مؤامرة على مصر في يناير 2011 والشعب انساق معكم . الناس عرفت قيمة الرئيس مبارك لما شافتكم على حقيقتكم .الشعب كله بيقول ولا يوم من أيام الرئيس مبارك
قال الطبيب :
ـ آسف يامدام هذا الكلام غير صحيح .أولا ثورة يناير من أعظم الثورات في التاريخ بشهادة العالم وثانيا الاخوان لم يصنعوا الثورة وانما سرقوها وثالثا حكم الاخوان وحكم الحزب الوطني أسوأ من بعضهما البعض . من جعل ملايين المصريين يعيشون في المقابر والعشوائيات ويشربون مياه مخلوطة بالمجاري .. قالت سوزان
:
ـــــ على الأقل الرئيس مبارك تنحى عن الحكم بارادته حرصا على دماء الشعب .
ــــ غير صحيح بل الثورة هي التى أجبرته على التنحى بعد ما تسبب في قتل آلاف المصريين
صاحت سوزان :
ــــ اسمع يادكتور أنت هنا تشوف شغلك فقط ولا تتكلم الا باذن .. فاهم ..؟!
ـــ لست خادما عندك حتى أحتاج الى اذن كلام. أنا ضابط طبيب من حقى أقول رأيي في شئون بلدي . الاخوان أجرموا في حق المصريين وأنتم أجرمتم أيضا في حقهم . الاخوان يعيشون في عالم افتراضى ويعتبرون أنهم حماة الدين مع انهم مجرمون وأنتم تعيشون في عالم افتراضى ولا ترون مستنقع الفساد والظلم الذى انحدرت اليه مصر على أيديكم . أنتم والاخوان وجهان لعملة واحدة رديئة . ـ .
صاحت مدام سوزان وهي ترفع سماعة التليفون وقالت :
ــ أنا أتصل بقائد المستشفى يعرفه شغله معك .
صاح الطبيب وقد بدا أنه فقد السيطرة على نفسه :
ـــ أعلى ما في خيلك اركبيه..
ثم فتح الباب وخرج وصفقه خلفه بقوة . ساد الصمت وراح المعزول والمخلوع يتبادلان النظرات المرتبكة ثم قال مرسي لمبارك :
ــ معلهش يا فندم الولد ده باين عليه طائش . خلينا في موضوعنا . أنا أتمنى سيادتك تفكر في موضوع الوساطة وأنا باذن الله أمر عليك الصبح لأجل أنقل رأيك لفضيلة المرشد .
نظر مبارك الى مرسي ثم هز رأسه .
الديمقراطية هي الحل
No comments:
Post a Comment