Translate

Wednesday, November 6, 2013

الإخوان.. والتنظيم الدولى بقلم د. محمد حبيب ٣/ ١١/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

ظل الإخوان فى الدول الأخرى على مدى عقود طويلة، حتى بعد إنشاء ما سمى «التنظيم الدولى» فى نهاية السبعينيات، ينظرون إلى إخوان مصر على أنهم الأصل والأساس.. فمصر هى دولة المنشأ التى شهدت مهد الدعوة وتطورها وانتشارها، كما طال الإخوان فيها الكثير من المحن والشدائد، وبالتالى لديهم من الخبرات والتجارب ما ليس لغيرهم.. هذا فضلا عن أن مصر- كدولة- هى الريادة والقيادة على المستويين العربى والإسلامى.. إضافة إلى أن تنظيم الإخوان فيها يفوق، من حيث الكم، غيره من تنظيمات الإخوان فى أى مكان آخر.. لكل هذا، كان المرشد العام للإخوان، دائماً وأبدا، من مصر.. وحيث يكون المرشد يكون معه ثمانية من أعضاء مكتب الإرشاد العام، الذى يتكون من ثلاثة عشر عضوا، حتى يتمكن المرشد من اتخاذ أى قرار حال تعذر اجتماع أعضاء المكتب جميعا.. وقد حرص الإخوان فى كل الدول على أن يكون المرشد من مصر، رغم وجود شخصيات فى هذه الدولة أو تلك تصلح لمنصب المرشدية.. بل إن مصر- كنظام حكم- كانت هى الأخرى تحرص على أن يكون المرشد منها، ولو من باب المكانة السياسية والريادة الاجتماعية.. من ناحية أخرى، لم تكن ظروف الإخوان فى أى دولة من الدول تسمح بأن يكون المرشد منها، ربما لأسباب سياسية أكثر منها أى شىء آخر.
لاشك أن فشل تجربة الإخوان فى حكم مصر ألقى بظلاله السلبية على الإخوان فى الدول الأخرى، مع أن لكل تنظيم ظروفه ومشكلاته وتحدياته، فضلا عن السياق الخاص- الدستورى والقانونى- الذى يعمل من خلاله.. لم يكن أحد يتصور هذا السقوط المفاجئ والسريع، فثقة تنظيمات الإخوان فى تنظيم إخوان مصر كانت كبيرة للغاية، وكان هناك اعتقاد أنه إذا وصل إخوان مصر إلى الحكم فسوف يمكثون فيه طويلا.. كان هذا يمثل أملا، على اعتبار أن إخوان مصر يمثلون القاطرة التى سوف تشد خلفها تنظيمات الإخوان فى الدول الأخرى.. لكن، للأسف، لم تكن قيادة تنظيم إخوان مصر الحالية على مستوى هذه الثقة.. لم تلتزم بمنهج الجماعة، من حيث المرحلية والتدرج، وحسن إعداد أفراد الصف- ثقافة وأخلاقا وسلوكا- علاوة على عدم التنسيق والتعاون مع أطراف الجماعة الوطنية.. هذا فضلا عن توريط الجماعة فى صدام مسلح مع أجهزة الدولة والشعب.. من المؤكد أن هناك أنظمة حكم عربية فرحت بهذا السقوط، لكن هناك دولاً أخرى حزينة وغاضبة وناقمة، خاصة على الجيش المصرى الذى استجاب لقطاع عريض من الشعب فى ثورته على نظام حكم الإخوان، فى ٣٠ يونيو، كتركيا وقطر، ومن قبل ذلك وبعده الكيان الصهيونى، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبى.. فى تصورى، يرجع فرح هذه الأنظمة لفشل إخوان مصر فى التعامل معها، فضلا عن التحالفات التى عقدوها مع الجماعة الإسلامية، والسلفية الجهادية، والجهاديين الذين يمارسون العنف والإرهاب، والذى يخشى من انتقاله إلى تلك الأنظمة.
إن الإخوان فى مصر وفى غيرها، هم بشكل عام أبناء بيئاتهم ومجتمعاتهم، يعكسون على المستوى الجمعى العام مدى تقدم أو تخلف هذه المجتمعات.. لا يختلفون فى ذلك عن الآخرين من أبناء وطنهم، فهم يحملون نفس المميزات والعيوب، ونفس الإيجابيات والسلبيات.. نعم تضع لهم قيادة الجماعة على المستوى العالمى برامج تربوية ودعوية، لكن يظل الطابع المحلى مؤثرا وفاعلا، فإخوان مصر يختلفون عن نظرائهم فى الخليج، والسعودية، واليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق، وتونس، وليبيا، والجزائر، وهكذا.. ولقد رأيت الإخوان حينما يسافرون إلى خارج بلادهم، أمريكا أو أوروبا مثلا، لا ينفكون عن المشكلات التى يعانونها ويشكون منها فى بلادهم.. مع أن البدهى والطبيعى أن يترك هؤلاء تلك المشكلات وراءهم، خاصة إذا مضت عليهم سنوات طوال فى بلاد الغربة.
لذا، فأنا لا أعول كثيرا على تنظيم دولى، مترهل وضعيف ولا وجود له على أرض الواقع، ولا أتصور أن تكون لتحركاته آثار على الوضع هنا فى مصر.. المشكلة تكمن فى الغرب المكلوم الذى أطاحت ثورة ٣٠ يونيو بأحلامه، والذى يحاول توظيف واستثمار تحركات هذا التنظيم خلال هذه الفترة من أجل مشروعه الخاص.. أعتقد أن الحكومة المصرية عليها واجب مهم هذه الأيام هو التعامل مع الأحداث الجارية بحسم، بما يؤكد ويعزز سيادة القانون.

No comments:

Post a Comment