Translate

Thursday, July 13, 2017

خالد منتصر - مدد.. فيه ألف بغدادى بيتولد - جريدة الوطن - 13/7/2017

مقتل أبى بكر البغدادى، زعيم داعش، طيّرت وكالات الأنباء الخبر، وما زال حتى هذه اللحظة خبراً غير مؤكد، لأن وزارة الدفاع الأمريكية لم تعلن عن مقتله، ونحن نعرف أن شهادات الوفاة فى تلك الأيام لا تُستخرج من مكاتب الصحة، ولكنها تستخرج من أدراج البنتاجون فهو الحانوتى الكونى الوحيد المعترف به وغير المعترف بنا!!، لكن لو فعلاً كان قد قُتل، بل ولو أحرقت جثته، هل هذا يستدعى الفرح والبهجة والحبور؟، هل نستطيع أن نقول وأن نعلن أننا قد انتصرنا فى معركتنا ضد الإرهاب؟!، هل أبوبكر البغدادى هو رأس الشر أم فضلاته وإفرازه ونتيجته؟، هل البغدادى جسد أم فكر، سلاح كلاشينكوف أم ثقافة خوف، تطرف لصوص أم تخلف نصوص؟!، أسئلة كثيرة طرحتها على نفسى وأنا فى حيرة من أمرى، هل إذا أعلنت عن لا مبالاتى بهذا الخبر أو عن عدم اعتباره نصراً مبيناً، هل سأكون كمن ضربت «كرسى فى كلوب» العرس العربى المنصوب فى الموصل؟، بالطبع لا أستطيع أن أخفى سعادتى بتحرير الموصل، لكنى أيضاً لا أستطيع أن أقول إنه بمقتل البغدادى قد انتصرنا فى المعركة وقطعنا رأس أفعى الإرهاب، وجدتنى أغنى أغنية الراحل الجميل محمد نوح بكلمات بديلة ومعان مغايرة، مدد مدد شدى حيلك يا بلد، لو كان فى أرضك مات بغدادى فيه ألف غيره بيتولد.. مدد مدد، ما زال المستنقع يفقس فيه بيض الثعابين والحيات وكل هوام وحشرات الأرض، ما زال حقل الحنظل والشوك والصبار يثمر المر والعلقم، ما زالت ماكينة تطرف تفسير النصوص وفقه الكراهية وتراث الاستئصال والإقصاء والولاء والبراء تنتج بضاعة أشبال البغداديين والبن لادنيين والظواهريين والقطبيين، وتملأ الأرض بطوابير وحشود داعشية جديدة تتكاثر كخلايا السرطان، «البغدادى» لم يمت حتى ولو كتبت شهادة وفاته من البنتاجون وأعلنتها السى إن إن، سيموت «البغدادى» يوم أن تموت أفكار الدولة الكهنوتية دولة العصور الوسطى ومحاكم التفتيش التى ضمرت وتلاشت فى أوروبا والعالم المتقدم المتحضر وانتعشت وتجذرت فى عالمنا العربى الميمون، لن يموت «البغدادى» طالما بلادنا ليست علمانية لا تحترم المواطنة ولا القانون وتدار بالفتوى وتحكم بالعمائم، سيظل «البغدادى» حياً يرزق طالما ما زلنا ندعو على الآخر فى صلواتنا، ومن على منابرنا ونصفه بالضال والمغضوب عليه، لن يموت هذا المجرم الفاشى حتى نهجر المصطلحات العنكبوتية التى عششت فى عقولنا المحنطة، التى ما زالت تطلق على الاحتلال فتحاً وعلى القتل جهاداً، وعلى السبى نمواً اقتصادياً، سيخرج ألف شبح للبغدادى، وستظهر مليون نسخة منه بتقنية الاستنساخ بالهندسة الداعشية الوراثية، التى تتخذ من الرعب وسيلة للنصر، ومن الذبح بشرى بالخلافة، سيصبح لدينا البغدادى والمصرى والتونسى والسعودى.. إلخ طالما لدينا منابر الكره والغل ومناهج الحقد والتكفير، البغدادى لن يقتل بالرصاص ولن تصيده الأباتشى، لكن ستقتله حرية الأفكار المكبوتة، ويصيده انفتاح العقول المغلقة.

No comments:

Post a Comment