نؤجل، اليوم، حديثنا عن مشاكلنا مع الحدود.. لنكتب عن معاناة الناس مع القرارات التى لم تعمل حسابها.. وتنزل على الناس. فلم يعودوا يجدون ما يأكلون، بل بات كل المصريين محتارين بين أكل لحم الحمير - وهى حلوة ومسكرة - والعودة إلى ركوب الحمير.. رغم أن ذلك سيوفر لنا عشرات الألوف من فرص العمل عندما نعيد مهنة «الحمارة» أى سائقى الحمير. ولا تنسوا أن «الحمارة» كانوا سبباً فى ثورة هائلة فى الإسكندرية عندما «اتخانقوا» مع عدد من الأجانب من مالطا عام ١٨٨٢!! بسبب الخلاف على الأجرة!!
وقد جاءت الفرصة أمام كل المصريين لمواجهة ارتفاع أسعار السيارات الخاصة، من جهة، وارتفاع أجرة الركوب، من جهة أخرى، إذن العودة إلى ركوب الحمير.. هى المنقذ.. سواء من يفضل «توصيلة حَمَّارى» خاصة يعنى تاكسى أبيض.. أو من يبحث عن سوارس وهى عربات خشبية - كارو - توضع عليها دكك من خشب تجرّها الحمير أو البغال.. والخيول. ولها مسارات محددة.. بل وتسعيرة محددة.. وكنا نجد تجمعات من «الحمارة» بحميرهم أمام الفنادق الكبرى. تنتظر الراكبين.. أو فى الأسواق الشعبية وغيرهما.. وعلى نواصى القصور أيضاً. حتى وإن كان أصحاب القصور يعشقون ركوب «الكارتّة» أو الحنطور ويجرى أمامها شماشرجية يوسعون لهم - ولها - الطريق!!
وهكذا نعيد أيام الزمن الجميل.. ولم تكن عربات سوارس هذه أو حمير الحمارة تكلفنا إلا «حزمة برسيم»، وربما كمية من التبن والفول حتى ولو كان مسوساً.. أما الآن فأمامنا بنزين ٨٠ و٩٠ و٩٢ و٩٥ وكل واحد حسب موتور عربته، وبالمناسبة كانت أقسام الشرطة «الثمن» لأن القاهرة كانت مقسمة إلى عدد ٨ أقسام للشرطة. كانت تصدر تراخيص رسمية بمزاولة هذه المهنة، وكنا نجد على ذراع الحمار تلك الرخصة النحاسية التى بدونها لا يمكن أن تعمل سائقاً للحمار!!
حقيقة، جاء الترام عام ١٨٨٩ ليزيح عربات سوارس الشهيرة. ويطرد «الحمارة ومعهم الحمير» من الساحة إلا قليلاً. إلا أن المصريين يترحّمون الآن على الحمير وركوب الحمير.. والغنى منهم يركب سوارس.. والأغنى يقتنى الكارتة!! أى الحنطور الخصوصى.. والسبب الآن هو أسعار الوقود، الذى بدلاً من أن نستخدمه لإشعال موتورات السيارات.. أصبح يشعل موجات الغضب فى نفوس كل المصريين.
■ وهناك الآن مشكلة هى: كيف نسرع فى إنشاء جراجات لعربات الكارو وأيضاً للحمير فيما يعرف باسم «عربخانة» وهى من قسمين: عرب يعنى العربة، وخانة أى مكان حفظ العربات وتجهيزها من الفجر؟ والمشكلة هى هل تكون هذه «العربخانات» فوق الأرض. أم تحت الأرض. أم فى بنايات متعددة الطوابق، ثم هل نمنع وقوف هذه العربات فى الشوارع، صفاً أو صفين فى كل اتجاه أم سوف نعجز عن ذلك، تماماً كما عجزنا عن توفير جراجات للسيارات؟!
■ ومشكلة أخرى. هل سيكفى البرسيم المزروع محلياً لإطعام كل هذه الحمير.. أم نضطر إلى استيراد البرسيم من الخارج، مع ارتفاع صيحات: هل نزرع الأرض ليأكل البشر.. أم لتأكل الحمير؟!
■ وسوف نشهد أسواقاً رائجة لشراء الحمير.. وأيضاً أسواقاً لبيع السيارات برخص التراب. وربما يزيد سعر الحمار الحصاوى أو البغل الأسترالى على سعر السيارة آخر موديل.. وبعدها سنجد السيارات هى نجمة كل المتاحف.
وكل ذلك بسبب تخبط سياسة الحكومة فى أسعار الوقود. والله الحمار أرخص!! ويموت حلم إنتاج سيارة مصرية.
|
|
No comments:
Post a Comment