Translate

Friday, April 26, 2024

نجيب محفوظ كاتب أطفال - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 25/4/2024

 عبقرية نجيب محفوظ تتجلى فى أنه يكتب لكل الناس، حتى الأطفال كتب لهم قصة عبقرية فى مجموعة «خمارة القط الأسود»، أقتبس لكم منها بداياتها:

الطفلة: بابا...

الأب: نعم!

الطفلة: أنا وصاحبتى نادية دائماً مع بعض.

الأب: طبعاً يا حبيبتى فهى صاحبتك.

الطفلة: فى الفصل، فى الفسحة، وساعة الأكل.

الأب: شىء لطيف، وهى بنت جميلة ومؤدبة.

الطفلة: لكن فى درس الدين أدخل أنا فى حجرة وتدخل هى فى حجرة أخرى.

لحظ الأم فرآها تبتسم رغم انشغالها بتطريز مفرش، فقال وهو يبتسم:

الأب: هذا فى درس الدين فقط...

الطفلة: لِمَ يا بابا؟

الأب: لأنك لك ديناً وهى لها دين آخر.

الطفلة: كيف يا بابا؟

الأب: أنت مسلمة وهى مسيحية.

الطفلة: لِمَ يا بابا؟

الأب: أنت صغيرة وسوف تفهمين فيما بعد.

الطفلة: أنا كبيرة يا بابا.

الأب: بل صغيرة يا حبيبتى.

الطفلة: لِمَ أنا مسلمة؟

الأب: بابا مسلم، وماما مسلمة، ولذلك فأنت مسلمة.

الطفلة: ونادية؟

الأب: باباها مسيحى، وأمها مسيحية، ولذلك فهى مسيحية.

الطفلة: هل لأن باباها يلبس نظّارة؟

الأب: كلا، لا دخلَ للنظّارة فى ذلك، ولكن لأن جدها كان مسيحياً كذلك.

وقرر أن يتابع سلسلة الأجداد إلى ما لا نهاية حتى تضجر وتتحول إلى موضوع آخر، لكنها سألت:

الطفلة: مَن أحسن؟

وتفكر قليلاً ثم قال:

الأب: المسلمة حسنة، والمسيحية حسنة.

الطفلة: ضرورى واحدة أحسن.

الأب: هذه حسنة، وتلك حسنة.

الطفلة: هل أعمل مسيحية لنبقى دائماً معاً؟

الأب: كلا يا حبيبتى، هذا غير ممكن، كل واحدة تظل كباباها ومامتها.

الطفلة: ولكن لِمَ؟

فى الحقيقة، أن التربية الحديثة طاغية... وسألها.

الأب: ألا تنتظرين حتى تكبرى؟

الطفلة: لا يا بابا.

الأب: حسن، أنت تعرفين الموضة. واحدة تحب موضة، وواحدة تفضّل موضة، وكونك مسلمة هو آخر موضة، لذلك يجب أن تبقى مسلمة.

الطفلة: يعنى أن نادية موضة قديمة؟

الله يقطعك أنت ونادية فى يوم واحد. الظاهر أنه يخطئ، رغم الحذر، وأنه يُدْفَع بلا رحمة إلى عنق زجاجة، وقال:

الأب: المسألة مسألة أذواق، ولكن يجب أن تبقى كل واحدة كباباها ومامتها.

الطفلة: هل أقول لها إنها موضة قديمة وإنى موضة جديدة؟

فبادرها الأب: كل دين حسن، المسلمة تعبد الله، والمسيحية تعبد الله...

الطفلة: ولِمَ تعبده هى فى حجرة وأعبده أنا فى حجرة؟

الأب: هنا يعبَد بطريقة وهناك يعبَد بطريقة...

الطفلة: وما الفرق يا بابا؟

الأب: ستعرفينه فى العام القادم، أو الذى يليه، وكفاية أن تعرفى الآن أن المسلمة تعبد الله، والمسيحية تعبد الله.

الطفلة: ومن هو الله يا بابا؟

وأخذ، وفكر ملياً، ثم سأل مستزيداً من الهدنة:

الأب: ماذا قالت «أبلة» فى المدرسة؟

الطفلة: تقرأ السورة وتعلمنا الصّلاة، ولكنى لا أعرف، ، فمن هو الله يا بابا؟

إذا أردتم معرفة كيف رد الأب بطريقة نجيب محفوظ الروائى ودارس الفلسفة، اقرأوا القصة.


Tuesday, April 9, 2024

كيف تقاطعت حياتى مع أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام - محمد أبو الغار - المصري اليوم - 9/4/2024

 بعد كارثة 1967 فقد الكثير من المصريين الأمل فى المستقبل، وانطبق ذلك على دفعتى حديثتى التخرج (220 طبيبا)، بقى فى مصر ثلثها وهاجر أقرب الأصدقاء فؤاد ستار ورضا الصاوى، وعلى خليف وآخرون. وبدأت أنا مشروع الهجرة بالسفر إلى شمال أوروبا فى انتظار أوراق أمريكا. كنا بعيدين عن مصر، فلا يوجد إنترنت ولا قنوات فضائية والاتصال التليفونى كان صعبا، وكنت أقرأ الأهرام فى مكتبة بلدية كوبنهاجن متأخرا أسبوعا، وكانت حرب الاستنزاف على أشدها وقلوبنا تتقطع على مصر وأبنائها. وفى سهرات كوبنهاجن استمعت لأول مرة بتركيز لأغانى إمام ونجم مسجلة على شريط كاسيت قادمة من مصر، أثارت هذه الأغانى مع مجموعة المصريين شجونى وبعد أن كنت تاركا الوطن يائسا من الإصلاح بعد هزيمة مرة واقتصاد منهار وظلم شديد للمواطنين وآلاف المحبوسين أثارت كلمات نجم وألحان وغناء إمام مشاعر رهيبة بالإحساس بالوطن وأوضحت لى مدى التصاقى بتراب البلد الذى تركته غضبا. وبعد ليلة طويلة مع نجم وإمام كان قرارى بإلغاء هجرة أمريكا التى كانت وشيكة وعدم الاستمرار فى العمل فى أوروبا والعودة إلى المحروسة، وعدنا أنا وزوجتى وابنتى هنا التى ولدت فى السويد، واشترطت زوجتى أن تكون العودة لمصر نهائية وبلا شحططة أخرى. وبالتأكيد كانت كلمات وأغانى نجم وإمام سببا مهما فى إلغاء مشروع الهجرة.

وبعد ثلاثة أيام من عودتى إلى مصر دعانى الصديق العزيز الراحل، د. محسن خطاب، إلى الاستماع إلى إمام ونجم فى شقة صديق. ذهبنا إلى شقة فى العجوزة فى الدور الأرضى وتوافد الأصدقاء والمعارف، وكان الباب مفتوحا طوال الليل، وبدأ الغناء فى العاشرة والنصف وكانت كلها أغان وطنية، والحماس والشجن كانا على أشدهما، وساعد على ذلك ظروف الوطن فى عام 1972 واليأس من بدء حرب التحرير. وكان الجو صيفا والشبابيك مفتوحة وامتلأت الشقة والبسطة أمام الباب وتجمهر العشرات أمام الشباك فى الشارع للاستماع، وصهلل إمام وتحمس نجم، وألقى بعض القصائد وتوقف الغناء فى الثالثة صباحا، وذهبت إلى بيتى لا أصدق ما حدث، واعتبرت أن هذه الليلة من أجمل ليالى حياتى، ولم أنم طوال الليل أفكر فى مصر وما حدث لها، وأنها لابد أن تستعيد نفسها مرة أخرى، وكان واضحا أن الجميع كانوا مستعدين للتضحية بكل شىء من أجل مصر.

اتصلت بمحسن طالبا أن يعرفنى صديقه بنجم وإمام لأدعوهما للغناء فى بيتى وبعد أسبوع اتفقنا على يوم وذهبت أنا وأصدقائى الراحلين د. محسن ود. محمد شرف إلى حوش قدم ووصلنا إلى حجرة الشيخ إمام بصعوبة ووجدناه مستلقى على السرير فى انتظارنا ومحمد على الرسام كان يجلس على الأرض، وقالا اتفضلوا نجم زمانه جاى، ولم يأت نجم، وبعد ساعة نزل محمد على مع د. محسن للبحث عنه ووجدوه فى قهوة وجاء نجم ثم قال لى محسن: ماذا سوف نقدم لهم مع الضيوف وقلت له إننى سألت وعرفت أنهم يحبون الكباب، فطلبتها، وقال محسن: لازملهم توفر المزاج، فقلت: الحكاية دى صعبة، فقال: ضرورى وإلا القعدة متنفعش. فقلت: أنا لا أدخن ومن يدخن من الضيوف عندى يخرج فى البلكونة. فقال لى: النهارده نغير النظام، شرف يعرف صديقا رتب له موضوع المزاج وبعدين قالوا هم يطلبوا جوزة فقلت هذا مستحيل واتفقوا على أن السجائر كفاية، فى النهاية وصلنا البيت وكان عندنا طرقة طويلة تفصل حجرات النوم عن حجرات المعيشة، وكان الحضور حوالى 20 صديقا، منهم كثير من الأطباء وأذكر منهم الراحل فرج فودة، واستمرت السهرة حتى الثالثة صباحا، وكانت سهرة من سهرات العمر النادرة، وقام الأصدقاء بتوصيل نجم وإمام ومحمد على إلى بيوتهم وسجلت الأغانى على شرائط الكاسيت، ولكن للأسف هذه الشرائط تلفت قبل أن نفرغها فى الوسائل الحديثة.

حضرت سهرات أخرى فى أماكن مختلفة وحفظت مع الجميع الأغانى والأشعار ومازلت أحفظ معظمها. واستمرت المعرفة، وأيام مظاهرات الطلبة فى الجامعة مطالبين السادات بضرورة الحسم وكنت مدرسا شابا حديثا فى كلية الطب فساعدت الطلبة على تهريب الشيخ إمام داخل الجامعة للغناء فى احتفال كبير، وساهم آخرون فى إدخال نجم.

طلب نجم مقابلتى أكثر من مرة وذهبت إليه فى مقر ميريت القديم فى شارع قصر النيل عند محمد هاشم، وكان حديثا رائعا. وآخر مرة قابلت فيها نجم كان فى مطار عمان حيث كنت فى مؤتمر طبى، وكان نجم مدعو للقاء هناك قبل فترة قليلة من رحيله. فى السنوات الأخيرة تباعدت اللقاءات، ولكن الود كان مستمرا والحب والتقدير موجودين.

لم أحضر جنازة الشيخ إمام لأنى كنت مسافرا فى الخارج. ولكن يوم وفاة نجم ذهبت مع جموع المصريين من مختلف الفئات والتوجهات إلى ميدان الحسين ووقفنا أمام المسجد وتحدث معى حديثا طويلا السفير الراحل والصديق الحميم شكرى فؤاد ومشينا فى جنازة نجم.

منذ سنوات دعانى الأستاذ سيد عنبة، مؤسس جمعية الشيخ إمام، وحضرت الاجتماع التأسيسى وأصبحت عضوا مؤسسا، ومازلت أواظب على دفع اشتراك الجمعية البسيط.

Monday, February 5, 2024

«توماس جورجسيان» أيقونة مصرية أرمنية - محمد أبو الغار - المصري اليوم - 6/1/2024

 قد يتعجب البعض ويقولون من هو توماس الذى أكتب عنه، ولكن من يعرفون توماس فى الأوساط الثقافية والصحفية فى مصر لن يتعجبوا؛ لأنهم يقدرون مقدرته وظرفه ووطنيته وآلاف المقالات التى كتبها فى المجلات والصحافة المصرية.

«توماس» مصرى بالمولد وبالجنسية التى اكتسبها من والده المصرى الأرمنى، ومن جده الذى هاجر إلى مصر عام ١٩٢٣، حصل على الثانوية العامة وعلى بكالوريوس الصيدلة بجامعة القاهرة، وقضى فترة التجنيد فى الجيش المصرى.

ويعتز «توماس» بأصوله الأرمنية، ويجيد اللغة الأرمنية، وهو وثيق الصلة بالثقافة والفنون الأرمنية، وتأثر بحجم مأساة مذابح الأرمن. توماس بالطبع مثل كل أرمنى متأثر بهذا التاريخ الحزين ولكنه تخطى مع الجميع مرحلة استجرار الألم، وفكّر فى المستقبل بطريقة فلسفية، ونجح الأرمن فى الاندماج فى مصر التى أصبحت وطنهم الأساسى وحافظوا على تاريخهم وثقافتهم ولغتهم، خاصة بعد أن أدت الظروف السياسية والاقتصادية فى مصر خلال عدة عقود إلى هجرة ملايين المصريين، ومنهم المصريون من أصول أجنبية مثل: الأرمن واليونانيين والإيطاليين الذين تقلصت أعدادهم.

توماس الصيدلى عمل فى أجزخانة قديمة ولها تاريخ فى شارع فؤاد (٢٦ يوليو الآن)، ولكنه قرر أن يحول هوايته إلى مهنة،وهى التى بدأت من الطفولة؛ القراءة والكتابة والاندماج مع أطفال الأرمن لرفع مستواهم الثقافى، وفى نفس الوقت التعرف وبعمق على الثقافة المصرية وقراءة الأدب المصرى الحديث، والأهم من ذلك أنه عاش فى الشارع والحارة، وتعرّف على الشعب فى الأحياء الشعبية، وتعرّف على المثقفين المصريين فى حقبة زمنية مهمة من تاريخ مصر، وأصبح قريبًا من كل أفراد الأرمن فى مصر مع اختلاف أفكارهم وطبقاتهم وثقافاتهم وانقساماتهم الطائفية والسياسية، فهو كان صديقًا ومحبًا للجميع، وهو مازال فى طول الشباب.

هذا الصيدلى المثقف المعجون بتاريخ مصر أخذ قرارًا مصيريًا وشجاعًا، فقد ترك مهنته والتحق بالعمل الصحفى فى روزاليوسف، وتعرف على إحسان عبدالقدوس الذى أدار المجلة بموهبة وجدارة وشجاعة جعلت روزاليوسف فى صدارة المجلات المصرى، وهى الدار التى أخرجت عددًا ضخمًا جدًا من كبار الموهوبين من الكتاب والرسامين. تعرف توماس على رموز الصحافة وأصبح واحدًا منهم، وانتقل كثير من هؤلاء الموهوبين إلى صحف أخرى، وعلى رأسها الأهرام بعد أن تغيرت خريطة الصحافة المصرية بعد التأميم، استمر توماس فى علاقاته التى تقدمت لتشمل كل رموز الثقافة المصرية الكبار. واستمر يعمل ويندمج حتى وقع فى الحب وتزوج سيدة أمريكية فاضلة وأنجب ابنته. وعمل توماس فى تدريس مهنة الصحافة فى الجامعة، حيث عاش مع زوجته بضع سنوات كان فيها من نجوم الثقافة والصحافة، ومنها انتقل إلى واشنطن، حيث عمل بالصحافة مراسلًا لكبرى الصحف المصرية، واستمر يكتب بانتظام طوال هذه السنوات فى روزاليوسف، وغيرها، واستمر يقرأ كل ما يكتب فى مصر من أدب وثقافة.

وبالإضافة إلى خبرته الكبيرة فى الأحوال المصرية، فإنه أيضًا خبير فى شؤون الشرق الأوسط، والآن فى الشؤون السياسية الأمريكية الداخلية والخارجية، ولذا فهو زبون فى محطات التليفزيون فى أمريكا. وبالطبع، تعرف توماس على الدبلوماسيين المصريين ورجال السفارة عبر سنوات طويلة، وبذل كل ما يمكنه لخدمة مصر وتوصيل وجهة نظره عند استشارته، وهو بالطبع وثيق الصلة بالجالية المصرية فى واشنطن، وخاصة المثقفين.

علاقتى مع توماس بدأت عن طريق قراءة ما يكتبه والسماع عنه من أصدقاء مشتركين، ومنذ ٦ سنوات بدأت المعرفة الشخصية، والتى توثقت حين اقترحت اسمه للمشاركة فى احتفال جامعة نيويورك بمئوية ثورة ١٩١٩، حيث تحدث عن التأثير الثقافى والفنى الذى أحدثته ثورة ١٩١٩، وتزاملنا على المنصة فى نفس الجلسة حين تحدث عن تاريخ الثورة. ومنذ اللحظات الأولى والمقابلات، اكتشفنا سويًا أننا نفكر بطريقة مشابهة، وطالت الأحاديث فى نيويورك وتوثقت العلاقة.


Nigeria the most popular African football team from 90s
00:00
01:20 / 01:20
Copy video url
Play / Pause
Mute / Unmute
Report a problem
Language
Share
Vidverto Playتوماس يحافظ على زيارة مصر سنويًا فى فترة إقامة معرض الكتاب، حيث يشاهد كل ما هو جديد فى الثقافة المصرية، ويلتقى بأصدقائه فى الوسط الثقافى، وهم كثيرون ومن مختلف الاتجاهات والأعمار، وتربطه ببعضهم صلة وثيقة وحوادث طريفة من أيام إقامته فى القاهرة.

توماس يحافظ على زيارة مصر سنويًا فى فترة إقامة معرض الكتاب، حيث يشاهد كل ما هو جديد فى الثقافة المصرية، ويلتقى بأصدقائه فى الوسط الثقافى، وهم كثيرون ومن مختلف الاتجاهات والأعمار، وتربطه ببعضهم صلة وثيقة وحوادث طريفة من أيام إقامته فى القاهرة.

فى هذه الفترة يقيم توماس مع أخته التى تقيم مع عائلتها فى القاهرة، ويستمر فى ممارسة هوايته بالمشى فى الشوارع فى مختلف أنحاء القاهرة، والأكل من عربات الفول فى الشارع، وينتقل من وسط المدينة إلى مصر الجديدة، ومن نشاط ثقافى إلى آخر. فى السنوات الأخيرة، قضينا ساعات طويلة مع بعض فى القاهرة أثناء زيارته السنوية، وكما يحب أن يقول: كنا نقوم بعمل «خربشة فى المخ»، وتقاربنا بشدة، وعرفنا بعضنا بعمق، وفتحنا كل الموضوعات التاريخية والفنية والثقافية والشخصية، وعرفت من توماس الذى يعيش فى واشنطن أخبارا ونميمة لطيفة عما يحدث فى الوسط الثقافى والصحفى فى مصر، والتى تصله بانتظام عبر المحيط وأنا المقيم فى القاهرة لا أدرى عنها شيئًا.

لقاءاتنا المتعددة فى واشنطن كانت رائعة؛ لأنها كانت تستمر ساعات ونحن نزور المتاحف المختلفة ونمشى فى الشوارع فترات طويلة. قد أحمل له بعض الكتب من مصر، وهو يزودنى دائمًا بكل المقالات والأبحاث وما هو جديد فى الثقافة والسياسة الأمريكية عن طريق الإنترنت. فى العام الماضى، اتفقنا على اللقاء فى أرمينيا، وكانت زيارتى الأولى لها، وبمساعدته استطعت فى أقل من أسبوع أن نطوف سويًا بكل معالم أرمينيا فى مختلف أنحائها، وكذلك كل المعالم الأثرية والمتاحف.

من الأشياء الصعبة وشبه المستحيلة أن تكوّن صداقات جديدة حقيقية بعد مرحلة الشباب والنضوج. وأعتقد أن صداقتى مع توماس، بالإضافة إلى الاهتمامات المشتركة، لها بُعد إنسانى عميق، فصديقى توماس يبدو دائمًا متبسمًا وضاحكًا ويكتب مقالات تحمل طرافة وخفة دم، فهو إنسان رقيق بالغ الحساسية.. وفى الأسبوع الماضى، وفى جمع من ١٦ من الأصدقاء، وبعد الحديث من الجميع، حين تحدث توماس أجهش بالبكاء من فرط الحساسية حين قال إنه متأكد أن مصر وأصدقاءه هم الذين سوف يرعون ابنته إذا زارت مصر.

سعيد أن أقدم للقراء وجهًا مصريًا أرمنيًا مشرقًا، وأزف إليهم خبر أن توماس انتهى من كتابة مذكراته وتُنشر قريبًا، وسوف تكون حدثًا ثقافيًا وسياسيًا هائلًا.

(قوم يا مصرى.. مصر دايمًا بتناديك)


Thursday, December 28, 2023

الفن والأخلاقيات والإيحاءات - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 27/10/2023

 أكتب هذا المقال بمناسبة الضجة المثارة حول إحدى الأغنيات المتهمة بأن فيها إيحاءات خارجة، أولاً أجدها أغنية بسيطة ولم أجد فيها إيحاءات كما يقول أصحاب الضجة، وقضية الإيحاءات هذه من الممكن أن تتسع مساحتها لتصبح وسواساً مرضياً، لأنه من الممكن أن تفسر أي شيء على وجه الكوكب على أنه إيحاءات، وأي أغنية غناها كبار المطربين من قبل على أنها رموز غير أخلاقية..إلخ، خذ عندك تلك الأمثلة واسرح بخيالك ستجد أنك لو فكرت مثل من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ستعتبرها أغاني إيحائية وتتهمها بعدم الأخلاقية، مثال ذكرته لي إحدى الصديقات المهتمات بتاريخ الغناء المصري، خليني جنبك خليني في حضن قلبك .. وسيبني أحلم سيبني ..

يا ريت زماني يا ريت زماني .. ميصحنيش ..من أغنية أمل حياتي .. أم كلثوم . تأليف أحمد شفيق كامل .

هناك أغنية عبد الحليم لسه شفايفي شايلة سلامك شايلة أمارة حبك ليا، هل رأي الحب سكارى مثلنا.. إلخ وكثير من الأغنيات الرومانسية الراسخة في وجداننا من الممكن أن نتهمها بالإيحاءات والخروج إذا مددنا خط التربص على آخره، هذا نوع من الفراغ في وقت يحتاج إلى مناقشة القضايا الهامة، والفن وجهات نظر تحتمل مساحة رحبة من التذوق المتعدد واختلاف الرؤى، وأعتقد أن وسواس الإيحاءات قد تلبس البعض لدرجة تذكرني برشدي أباظة وهو يصفع شادية قائلاً لها وهو يتلكك وكمان بتقولي صباح الخير!!


Tuesday, December 5, 2023

هل تريد استعادة حلمك؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/12/2023

 ما زالت اليابان مصرة على إبهارنا بكل ما هو جديد وغير متوقع بل ومستحيل، طيَّرت وكالات الأنباء أخباراً عن أنك تستطيع أن تستعيد تفاصيل حلمك بعد الاستيقاظ!!،

ماذا قال الخبر: طبقاً لموقع yourtango، طور العلماء فى اليابان جهازاً قادراً على تسجيل الأحلام واستعادتها، مما يُتيح للأفراد مشاهدة أحلامهم كما لو أنهم يشاهدون فيلماً، وهذه التكنولوجيا التى طورها علماء فى كيوتو فى اليابان مُصممة لالتقاط أحلام الشخص، وإعادتها مثل الفيلم، وبدأ الباحثون هذه الفكرة من فرضية أن الدماغ البشرى يُظهر أنماطاً يمكن التنبؤ بها رداً على محفزات بصرية مختلفة.

ولاختبار هذا الجهاز استخدم العلماء مزيجاً من جهاز المسح بالرنين المغناطيسى المعدل، وجهاز فحص كهربية الدماغ، واُختير 3 مشاركين للدراسة كل منهم نام فى جهاز المسح بالرنين المغناطيسى فى فترات تبلغ 3 ساعات على مدى 10 أيام، استطاع جهاز فحص كهربية الدماغ استشعار إشارات كهربائية دقيقة أثناء النوم، وضبط العلماء جهاز المسح بالرنين المغناطيسى لالتقاط الصور فى مراحل مختلفة من نوم المشاركين، مع التركيز على المراحل المبكرة من النوم.

انتهى الخبر الذى أكد أن نسبة نجاح استعادة الحلم هى ٦٠٪؜ وهى بداية رائعة لهذا الفتح العلمى، لكن أعتقد أنهم سيواجهون مشكلة وهى اختراق الخصوصية، فهل ستوافق عزيزى القارئ على الاشتراك فى التجربة؟!.


Sunday, November 12, 2023

سمات التفكير السليم - الأنبا موسى - المصري اليوم - 12/11/2023

 مع الأحداث الجارية في فلسطين الغالية، نحتاج أن نراجع أنفسنا حول أهمية التفكير السليم، الذي يوصلنا إلى القرار السليم!.

قال باسكال: «إن مجد الإنسان في عقله، وشقاء الإنسان أيضًا في عقله».

ويقول أحد الفلاسفة: «إن ما يجعل عقول الناس تضطرب ليس الأحداث، وإنما حكمهم على الأحداث».

وهناك مقولة: «أنا أفكر.. إذن أنا موجود».

1- السيد المسيح يدعونا إلى التفكير بصورة منظمة:

ذكر لنا السيد المسيح مَثل «حساب النفقة»، عن أهمية التفكير بصورة جيدة، حيث ورد فيه ما يلى: «مَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ يُكَمِّلَ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ، قَائِلِينَ: هَذَا الإِنْسَانُ ابْتَدَأَ يَبْنِى وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَمِّلَ؟». (لوقا 28:14- 30).

بهذا النص يدعونا السيد المسيح إلى ضرورة الأخذ بالتفكير السليم بهذا التسلسل المنطقى (يريد- يبنى- يجلس..)، ونحن نرى كيف طبق هذا المنهج عمليًّا، من خلال المثال الذي طرحه السيد المسيح بعد ذلك، والذى جاء فيه: «وَأَىُّ مَلِكٍ إِنْ ذَهَبَ لِمُقَاتَلَةِ مَلِكٍ آخَرَ فِى حَرْبٍ لاَ يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَتَشَاوَرُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُلاَقِىَ بِعَشَرَةِ آلافٍ الَّذِى يَأْتِى عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟، وَإِلَّا فَمَادَامَ ذَلِكَ بَعِيدًا يُرْسِلُ سَفَارَةً وَيَسْأَلُ مَا هُوَ لِلصُّلْحِ» (لوقا 31:14- 32).

ويوضح هذا المثال التطبيقى أهمية عقلنة الأمور، والتفكير فيها تفكيرًا سليمًا قبل تنفيذها، تفكيرًا يعتمد على النظام والمبادئ.. فما أحوجنا إلى اكتساب مهارة التفكير السليم.

2- ما سمات التفكير السليم؟.

أولًا: التراكمية:

تشكيل البناء المعرفى للإنسان:

- إن نقطة البداية للتفكير السليم تعتمد على قدر المعرفة التي يتحصل عليها الإنسان عبر حياته اليومية، فهى أشبه بالزاد الذي يغترف منه الإنسان عند الحاجة. لابد وأن تكون المعرفة الجديدة في النهاية إضافة إلى المعرفة القديمة.

- إن المعرفة بهذه الصورة تصير أقرب إلى البناء الذي يشيد طابقًا فوق طابق، بحيث ينتقل سكان البناء المعرفى دومًا إلى الطابق الأعلى، وتصبح الطوابق السفلى أساسًا يرتكز عليه البناء، وهذا ما يسمى «البناء المعرفى للإنسان»، وهو في النهاية مجموع ما يتحصل عليه من معارف تشكّل فكره ووجدانه.

المعرفة متطورة:

بالمنطق السابق، فإن المعرفة لا حدود لها، فهى متطورة دومًا، ومهما بدا أن العلم قد وصل في موضوع معين إلى رأى نهائى مستقر، فإن التطور سرعان ما يتجاوز هذا الرأى ويستعيض عنه برأى جديد.

التراكمية المعرفية نوعان:

1- التراكمية الرأسية: التي يسعى فيها الإنسان إلى المعرفة بعمق في جزئية ما أو موضوع ما، بحيث يعطيه حقه، أي أن يعرف الإنسان «كل شىء عن شىء». (التخصص).

2- التراكمية الأفقية: وهو الاتجاه إلى التوسع والامتداد إلى ميادين جديدة، فالمعرفة متنوعة ومتعددة، أي أن يعرف الإنسان «شيئًا عن كل شىء».

ثانيًا: التنظيم:

التنظيم هو إحدى أهم السمات التي يجب اتباعها عند التفكير، والذى يلى التراكمية، فالتنظيم من شأنه:

1- ألا يترك الأفكار تسير حرة طليقة، وإنما يرتبها بطريقة محددة.

2- إخضاع تفكيرنا لإرادتنا الواعية، بحيث يتم التركيز في الموضوع محل البحث.

الأمران السابقان يحتاجان إلى تمرين وتدريب، وممارسة مستمرة من خلال ما يلى:

1- المنهج: وهو طريقة تفكير تتبع وفقًا لخطة واعية تمر بالمراحل التالية:

أ- الملاحظة: ملاحظة الظواهر المختلفة، ورصد ما يدور حولنا في الحياة العامة.

ب- الاستعانة بكل المعلومات المتاحة حول الظاهرة: يبدأ الشخص المهتم بالظاهرة في جمع كل المعلومات والمعطيات حولها، وذلك من خلال:

- اللقاء الشخصى

- استمارات البحث

- قراءة أي مادة مكتوبة ترتبط بالظاهرة.

ج- اختبار ما تَكَوَّن لديك من معلومات: يقوم الشخص المهتم بدراسة ظاهرة معينة بتكوين أفكار أولية حولها، ثم يبدأ بعد ذلك باختبار مصداقيتها، وسلبيات وإيجابيات كل منها، والبدء في تكوين بدائل للحل،
واختيار أنسبها.

د- البدء في التنفيذ في إطار خطة متكاملة: يبدأ في وضع إطار عام لخطة متكاملة لمواجهة الظاهرة.

2- الترابط: من المهم التعامل بصورة كلية ومتكاملة، بمعنى أنه إذا تصدى أحد منّا لمشكلة معينة، إنما يتصدى لها في إطار رؤية عامة، ومن ثَمَّ فإنه توجد ضرورة لترابط الأمور بعضها البعض.

الرب يمنح فلسطين السلام المنشود، والنماء المعهود.. له كل مجد إلى الأبد.. آمين.

* الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


Saturday, October 28, 2023

نعم.. لكن بشرط!! - الأنبا موسى - المصري اليوم - 8/10/2023

 أولاً: لا للانغلاق!! نعم للانفتاح!!

- المسيحية لم تناد أبدًا بالانغلاق!!

- وقد نادت دائمًا بالانفتاح!!

- لكن هناك ضوابط!!

لا.. للانغلاق!!

- فنحن ندعو السيد المسيح.. «مسيح العالم كله»!!، وهو الذى قال فى خطابه الوداعى عن تلاميذه: «لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ» (يوحنا 16:17،15).

... نعم للانفتاح!!

فالمسيحى الحقيقى يسعى بين الناس بالحب، وينشر الخير، ويصنع السلام، إذ...

- قال السيد المسيح:

1- «طُوبَى لِصَانِعِى السَّلامِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ يُدْعَوْنَ» (متى 9:5).

2- وقال عن تلاميذه: «أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ» (يوحنا 18:17).. بمعنى، أنهم لن يتخلوا عن تقديم صورة

جيدة عن الله، لكل من يتعامل معهم: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَىْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِى فِى السَّمَاوَاتِ» (متى 16:5).

3- حتى مع من يريدون معاداتنا، طلب منا السيد المسيح قائلًا: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ» (متى44:5). ذلك لأن محبة العدو هى أقصر طريق لجعله صديقًا!!

- وقال القديس الرسول بولس:

1- «لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ» (رومية 17:12).

2- «إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس» (رومية 18:12).

3- ثم وضع لنا المبدأ الذهبى: «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية 21:12).

هل من ضوابط؟!

- ننفتح على الجميع بشرط الحفاظ على: إيمانى- عقيدتى- وأحافظ على روحياتى وأخلاقياتى. فأرفض كل دعوة للانحراف أو الخطيئة!! هذا هو المثلث الذهبى، الذى تتحرك داخله:

وهكذا:

1- أتفاعل بالمحبة مع كل من حولى.

2- وأشارك فى بناء وطنى فى اتحادات الطلاب والأحزاب والنقابات، والانتخابات.

3- وأقدم الروح الإيجابية والخدمة المثمرة لجميع الناس، قدر طاقتى.

وهكذا أكون بالحقيقة، «نورًا للعالم» و«ملحًا للأرض» بنعمة الله، والذى ينادينا: انشروا الحب، والخير، والثمار، وامتنعوا عن الرذيلة، والانحراف، والهدم، ففى النهاية «الله محبة».

ثانيًا: لا للتشدد!! ونعم للمرونة:

دائمًا يقولون لنا: «لا تكن يابسًا فتنكسر، ولا تكن لينًا فتُعصر!!». فحين يكون الإنسان «يابسًا»، متصلبًا متحجرًا، ويواجه ضعفات الحياة، سينكسر حتمًا!!. وحين يكون «لينًا»، متساهلًا، متهاونًا، يعصره الناس، وتطحنه الأحداث!!.

ويتحدث علماء النفس عن نوعين من المرونة:

1- المرونة الضعيفة: (Weak Flexibility)

ومعناها «معاهم معاهم» «عليهم عليهم» أو التلون مثل «الحرباء»!! فهى تأخذ اللون الأخصر حينما تسير فى أرض مزروعة، واللون الأصفر حينما تسير فى أرض صحراوية، وذلك كنوع من الاختفاء حتى لا يؤذيها أحد!! يجوز ذلك فى «الحرباء» الضعيفة، التى أعطاها الله هذه القدرة، حماية لها.. ولكن لا يجوز ذلك على الإنسان المخلوق الذى أعطاه الله عقلًا قادرًا على التفكير والتحليل والاستنتاج، بالإضافة إلى الجسد الذى يتحرك والنفس التى تحتوى على المشاعر والغرائز والعواطف.

المرونة الضعيفة تناسب «السمكة الميتة» أو حتى «الحوت الضخم الميت»، الذى يسير مسرعًا مع التيار باستمرار، إلى أن يطرحه التيار على الشاطئ، وينتهى تمامًا.

أما المرونة القوية فهى كالسمكة الحية التى تسبح مع التيار حين تريد، وضد التيار حين تشاء!

2- المرونة القوية (Strong Flexibility)

والمقصود بها أن يكون الإنسان قويًّا، وحيًّا، قادرًا على التفكير والفرز والاختيار. وهكذا يختار أن يسير «مع» أو «ضد»!!. «مع» حينما يكون الأمر بنّاء و«ضد» حين يكون هدامًا.

والأمر هنا قد يكون:

1- القرار: الذى تختار به شيئًا من عدة أشياء، قرار العمل أو الكلية أو غير ذلك.

2- الأشخاص: حين نختار شريك الحياة، أو زميلًا للصداقة، ونرفض آخر.. دون أن نقاطعه أو نخسره، ولكن نبقيه فى حدود الزميل وليس الصديق.

3- البرنامج: على الإنترنت أو التليفزيون أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى.. هذا يبنى ويفيد، وذاك يضر ويؤذى!!

4- خطوط الحياة: أى التوجهات التى نراها نافعة، وتلك التى نراها هدامة!

هناك شاب يقضى وقته على «الفيسبوك»، أو أى وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعى، أو برامج الأفلام الإباحية، أو مواقع لقاءات معثرة ومتعبة.. نعم هو حر فى ذلك، ولكنه سيقع فريسة إدمان رهيب وخطير، يدمر روحياته، ونفسيته، واجتماعياته، وحتى صحته الجسدية.

... لذلك فالإنسان المرن مرونة قوية:

أولًا: يملك روحًا شبعانة بنعمة الله:

«النَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ» (أم 7:27).. فلأنه شبعان بعمل روح الله داخله، من خلال الكتب المقدسة، والصلاة المرفوعة، والنشاط البنّاء، والثقافة السليمة، يكون قادرًا على ملء الفراغ الإنسانى الداخلى غير المحدود، الذى لا تشبعه مادة، ولا خطيئة، ولا العالم كله، ولا يشبعه إلا الله غير المحدود!

ثانيًا: ويملك ذهنًا مستنيرًا:

... وهذا ما يسمه المفكرون «العقل النقدى» (Critical Mind)، أى الذهن القادر على أن يفرز الغث من السمين! حينما..

1- يقرأ كتابًا. 2- أو يشاهد برنامجًا. 3- أو يستمع إلى صديق. 4- أو تعرض عليه فكرة.

فحين يميز شيئًا ويرى أنه هدام «يستطيع» أن يرفضه ولا يسقط فيه، وحين يرى أمرًا آخر أنه «بنّاء» يستطيع أن يمارسه ويلتزم به: مثل حياة الطهارة أو ضبط النفس والحواس، أو ممارسة وسائط النعمة المختلفة.

فى النهاية: بالإنسان طاقة هائلة، إما أن تبنيه أو تدمره، حسب قراره هو، لأن الله أعطانا حرية الإرادة. وعلينا أن نختار ما يبنينا، لا ما يهدمنا.. وذلك بنعمة الهنا المحب، وبصدق إرادتنا الإنسانية... ولربنا كل المجد، إلى الأبد آمين.

* الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية