Translate

Wednesday, February 28, 2018

خالد منتصر - الأمية المقدسة - جريدة الوطن - 28/2/2018

نصح الكاتب خالد البرى ابنته بقلمه الرشيق قائلاً «احذرى يا ابنتى حراس الثوابت وحاولى ألا تعيشى أوهام أهل الكهف»، الكسالى الذين ينظرون إلى الظلال على الجدران ويتوهمونها الحقيقة ويخافون أن يخرجوا من كهوفهم، فزعاً من النور والشمس، ولسعة المعرفة ودفئها، كتاب «الأمية المقدسة» الصادر عن دار العين كتاب صغير الحجم عظيم القيمة، ظاهرياً هو نصائح لابنته وحكى لتاريخ سيطرة رجال الدين على الفكر الإنسانى وتعطيلهم للتقدّم، لكنه فى الجوهر فضفضة الكاتب نفسه عن مراحل فك قيوده الفكرية وكيف خرج من أسرها بعلامات الاستفهام التى أضاءت له طريق الخلاص، منذ قضم آدم لتفاحة المعرفة والصراع بين المعرفة والأمية مستمر، يتتبع الكاتب رحلة التلاقح الفكرى والاقتباس القصصى الذى أثر على وعى الشعوب من البابليين والفراعنة إلى العبرانيين وما بعدهم، معارف تلك الزمن جمعها من عالم الشفاهية من أطلق عليهم المؤلف «محدثو التعلم»، حوّلوا الشفاهى الأسطورى المتحرّر من الجمود القابل للتطور إلى قالب كتابى جامد صلب يجب على كل حديث وجديد أن يدخل فيه ويصبح على مقاسه، وصارت معارف هذه المجتمعات الأمية القديمة علماً يتحكّم فى مقدرات البشر ومصائرهم. فى تتبّعه للتاريخ، وجد «البرى» أن السلطة بحثت عن إجابة السؤال كيف نحكم ونتحكم؟، فاختارت نخبة الكهنة، ومن تحكم رجال الدين اليهود والمسيحيين يصل المؤلف إلى رجال الدين المسلمين ويلتقط الخيط ليجيب عن سؤال لماذا وُلدت سلطة الخلافة الإسلامية مشوهة؟، يُجرى سوناراً على أحشاء المجتمع الإسلامى منذ نطفة الخلاف حول السلطة وطريقة اختيار الخليفة، ثم مضغة الخلاف حول دفع الزكاة، ثم علقة الخلاف بين «عثمان وعلى»، حتى وصلنا إلى جنين الخلافة التى ينتحر المجاهدون الإسلاميون فى أنحاء العالم من أجل استعادته من الحضانة!!، أسئلة تلد أسئلة، لماذا استعانت الدولة الأموية بطبقة رجال الدين واختراع الأحاديث التى تدعمهم؟، إنها مشكلة الشرعية التى حاولوا حلها، لماذا كرهوا علم الكلام أو الفلسفة؟، لأنها ستناقش معضلة الحرية وتشكّك فى جبرية وقدرية حكم الأمويين للمسلمين، لماذا حُورب المعتزلة؟، لأنهم قالوا إن الله عادل ولا يمكن لعدله أن يستقيم مع ظلم هؤلاء الحكام، لماذا انتصر «الغزالى» صاحب «إلجام العوام عن علم الكلام» على «إخوان الصفا» أصحاب شعلة التنوير، وعلى حى بن يقظان المتسائل، وعلى ابن رشد أرسطو فلاسفة الإسلام وصاحب «تهافت التهافت»؟، كان لا بد أن تنتصر ثقافة التلقيم والتلقين وتغتال الفلسفة، لأنها تطرح السؤال، والسؤال جريمة، ومحدثات الأمور شر، وليس فى الإمكان أبدع مما كان، واستراحت السلطة لحسم هذا الصراع والتخلص من صداع الفلسفة، ليس صدفة أن تنتشر منشورات مارتن لوثر الذى أيقظ أوروبا من سبات الإذعان والقهر الدينى فى الوقت نفسه الذى احتل فيه العثمانيون مصر، ليُخدّروا مصر وينوموها فى وصلة شخير امتدت لقرون، بينما ترجم الكتاب المقدس للغة الناس ولم يعد هناك أسرار يفهمها الكهنة فقط، رفض مفتى الأستانة دخول المطبعة لأن المفتى كان يشغل حينها منصب نقيب النساخين!، تبخّر الاحتكار هناك وترسّخ الاحتكار هنا، كبرت قضمة آدم وتمرّد على السائد، وتساءل وصار يجادل أبانا، ميّز بين الحقيقة الناصعة والخطأ المحبّب والأكاذيب المريحة، خرج «بيكون» ليُعلن أن الأرض مجرد تابع وليست مركز الكون، نقلنا «نيوتن» من العقل الرياضى المغلق إلى العالم الفيزيائى الباحث لماذا، قام الهولندى فسالياس باقتحام أسرار الجسد من خلال علم التشريح، ثم جاءت صدمة داروين الكبرى ليفضح مقولة إننا قد خلقنا منذ ستة آلاف عام فقط، ويكسر غرور الإنسان الذى ما هو إلا حلقة تطورية فى شجرة الكائنات.

Monday, February 26, 2018

محمد غنيم مصرى نادر الوجود بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ٢/ ٢٠١٨ - المصري اليوم

صدر كتاب حديث صاغه د. محمد المخزنجى عن الدكتور محمد غنيم الذى هو من أهم الشخصيات المصرية فى القرن الماضى، وإنجازاته العلمية والبحثية رائدة فى العالم كله، وهو من كبار البنائين المصريين الذين أقاموا صرحاً علمياً وخدمياً كبيراً أفاد مباشرة مئات الآلاف من المصريين، خاصة الفقراء منهم فى مركز غنيم لعلاج أمراض المسالك البولية. وبالإضافة إلى ذلك، أثبت أن المصريين قادرون على إنشاء وإدارة المشروعات القومية بنجاح مبهر إذا صدقت النية، وكان الإخلاص وحب الوطن هو الحافز الأساسى.
وضع غنيم اسم مصر فى المقدمة فى المحافل الدولية، وهو أمر لم يستطع النظام عبر سنوات طويلة أن يحققه بصرف مئات الملايين من الدولارات ومجهود مئات من كبار رجالات الدولة محدودى القدرة، والفارق هو الكفاءة وبعد النظر والأمانة والإخلاص.
محمد غنيم لم يكن فقط طبيباً وباحثاً ومبتكراً ومديراً، ولكنه كان مصرياً وطنياً صميماً نادراً مثل ماسة فى صحراء قاحلة، لأنه كان مهتماً بالوطن ومستقبله منذ كان طالباً شاباً، وأدلى بآرائه السياسية التى كانت مخالفة لآراء الأنظمة المختلفة التى توالت على حكم مصر، وكانت آراؤه فى مجملها تسعى لرفع كفاءة الدولة المصرية وإيقاف نزيف الفساد وصرف الأموال على المظاهر غير المجدية.
وكانت عيناه على المواطن الفقير، غنيم اشتراكى التفكير ويؤمن بالعدالة الاجتماعية وضرورة تطبيقها. ولم يكن ما يقوله مجرد طق حنك بل طبق الأمر على نفسه، فرفض أن يفتح عيادة خاصة وزاول عمله الحكومى براتب بسيط طوال حياته العلمية والأكاديمية وعاش مع الناس البسطاء فى شقة بسيطة، وكان فى وسعه أن يكون من أكبر الأغنياء. ما قدمه غنيم لمصر أكبر وأهم مما قدمه الكثير من الحكام. بالطبع، نال غنيم أكبر وأهم الجوائز العلمية والأوسمة المصرية والعربية والدولية لما قدمه للإنسانية وللعلم.
اشترك غنيم فى ثورة ٢٥ يناير، وكان أحد الداعين للتغيير فى مصر قبلها، وكان أحد الأعضاء المؤثرين فى لجنة الخمسين لوضع الدستور المصرى وله مساهمة فعالة قوية فى إضافة بعض البنود التى تحافظ على العدالة الاجتماعية.
هذا الكتاب صاغه فى لغة أدبية رصينة وجميلة الطبيب الأديب والإنسان الجميل محمد المخزنجى ابن المنصورة، الذى أضاف إلى المكتبة المصرية كتباً رائعة، ومزج بين الأدب والرحلات والكتابة عن الحيوان فى كتب ومقالات جميلة.
يتحدث غنيم عن طفولته وعائلته وبيته فى الجيزة بجوار كلية الزراعة، والتى كان والده الأستاذ المتفوق علمياً والباحث يعمل بها، وكانت دائرة أصدقاء الوالد صغيرة، وكلها من الأكاديميين الباحثين. تعلم غنيم فى المدارس الحكومية المتميزة التى تعلم فيها جيلنا، وكان الفاشلون منا يتعلمون فى المدارس الخاصة ضعيفة التعليم والمستوى، وهو عكس ما يحدث الآن، حيث التعليم المتميز متوفر فى مدارس باهظة التكاليف، وكفاءة مدارس الحكومة المجانية تهاوت إلى الحضيض باستثناءات نادرة. أقنع أحد المدرسين والد غنيم بأن ابنه يستطيع أن يقفز سنة دراسية لتفوقه، وهو ما حدث، فدخل كلية الطب وعمره خمسة عشر عاماً ونصف، ويعتقد غنيم أن هذا كان خطأً لأن عمره كان صغيراً بالنسبة لزملائه.
ويحكى غنيم الصعاب التى لاقته بعد التخرج والانتهاء من وظيفة نائب مقيم فى قسم المسالك البولية، وعن قصة عدم الحصول على وظيفة فى قصر العينى، وكيف تم تعيينه فى المنصورة، ورحلة التعلم فى مصر والحصول على الدكتوراه ثم العمل فى انجلترا وأمريكا. يحكى غنيم بالتفصيل كيف نجح فى إنشاء معهد الكلى وبناه طوبة طوبة بمساعدة هولاندية بجميع المعدات والأجهزة الطبية، وكذلك بمساعدة العديد من أبناء محافظة الدقهلية، أغنيائهم وفقرائهم وبعض رؤساء الجامعات، وذكر باقتضاب بعض الشخصيات التى حاولت الإعاقة.
تحدث غنيم عن كيفية إدارة هذا الصرح بطريقة مماثلة لما يحدث فى أوروبا، وكيف نجح فى ذلك وكيف استجاب الفلاحون المصريون لهذه القواعد. النجاحات الأكاديمية وابتكار أنواع جديدة من الجراحات وتدريب الأطباء العالميين فى مركز المنصورة كان حدثاً غير مسبوق فى المنطقة. وأعرف أستاذاً سويدياً متميزاً حضر إلى مصر خصيصاً أكثر من مرة للتدرب عند غنيم.
تحدث غنيم عن حياته كرياضى يلعب التنس وكرة القدم ويحب البحر ويحكى كيف تعلم الغطس فى الأعماق ووصف بسلاسة ورفق حين أجريت له فى ألمانيا عملية دقيقة فى الغدة النخامية. تحدث باقتضاب عن السيدة الفاضلة زوجته وشريكة حياته التى جاءت من إنجلترا وكذلك عن ابنه وابنته.
عاش غنيم فى المنصورة وسط الشعب يشجع فريق المنصورة لكرة القدم من مدرج الدرجة الثالثة، ويمارس الرياضة هناك مع البسطاء، ويمشى فى شوارع المنصورة محاطاً بأبناء البلد الحقيقيين الذين يعرفهم بالاسم وعالج معظمهم وأقاربهم ومعارفهم.
اللغة الأدبية الجميلة والصياغة الفنية فى أمور علمية من أهم عوامل نجاح الكتاب، فجميع الجوانب تمت تغطيتها ببراعة. وكان عنوان الكتاب «السعادة فى مكان آخر» عنواناً فنياً رائعاً وملهماً. تحية للكاتب الفنان محمد المخزنجى على هذا الكتاب وتحية لدار الشروق على الإخراج الرائع، وأخيراً، تحية لصديقى العزيز محمد غنيم الذى قلّما جاد الزمان بمثله. فحكاية محمد غنيم هى حكاية مصر الولّادة التى تنجب العظماء.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

خالد منتصر - سيرة رجل أمه البحر لا الأرض - جريدة الوطن - 27/2/2018

أعشق قراءة السير الذاتية للمبدعين، وأعتبرها أقوى وأجمل إبداعاتهم، خاصة عندما تكون معجونة بالصدق الإنسانى الكامل والنادر، مشطوبة منها كل الخطوط الحمراء، عندما يتعرون على الورق ويفتحون نوافذ البوح فتنطلق عصافير الحكى الشفاف الساحر من صدورهم، وليس أجمل ولا أروع من أن تقرأ سيرة «كازنتزاكس» المبدع اليونانى العبقرى الساحر، ابن كريت صاحب زوربا، وواحد من أعظم الروائيين فى التاريخ، تقرير إلى غريكو، سيرته الذاتية كتبها على هيئة تقرير، جرد حياة يقدمه إلى جده الفنان «غريكو»، يتحدث فيه عن محطات حياته الملتهبة المزدحمة، عن مدن لمست قلبه، عن شخصيات شكّلته، عن المسيح وبوذا ولينين ونيتشه، عن محاربى كريت ونسائها، عن رحلة بحثه عن الله والحب، عن الارتقاء والصعود، عن صراع اللحم والعقل، النار والنور، عن الأم البحر لا الأرض، عن الرقص والصلاة، رحلة ثرية وكتاب من أروع ما قرأت، أنت بعد قراءة الكتاب حتماً لست نفس الشخص، لقد مستك شرارة سحر هذا الفنان وكهرباء إبداعه ومغناطيس جاذبيته فسكنت قارة كازنتزاكس الاستوائية الملونة بكل ما فيها من طيور ملونة وكواسر وجوارح متوحشة، أقتبس لكم بعض ما خططت تحته من عبارات تسمح بها تلك المساحة من «تقرير إلى غريكو»:
• النار والتراب كيف أوفق بين هذين السلفين المتناقضين فى داخلى، أحسست أن هذا واجبى أن أصالح بين المتعاديين، أن أسحب ظلمة السلف من جانبى وأحولها بأقصى ما يمكننى إلى ضوء.
• الكلمة لكى تمسنى يجب أن تصبح لحماً حاراً، وعندها فقط أفهم عندما أستطيع أن أشمها وأراها وألمسها.
• كان الله يأتى دائماً طالما بقيت طفلاً ولم يخذلنى أبداً كان يأتى دائماً طفلاً مثلى تماماً يودع ألعابه فى كفى الشمس والقمر والريح، وكان يقول إنها هدايا العب بها عندى الكثير غيرها، وكنت أفتح عينى ويغيب الله ولكن ألعابه تظل فى كفى.
• طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع فلنغير العيون التى ترى الواقع.
• ما من شىء يشبه عينَى الله إلا عينا الطفل، إنهما تريان العالم لأول مرة وتخلقانه.
• إن عالم الطفل ليس مصنوعاً من الطين لكى يبقى بل من الغيوم.
• الجنون هو ذرة الملح التى تحفظ الوعى من التعفن.
• فى الشباب استيقظ فى داخلى وحشان هائلان؛ ذلك النمر الذى اسمه اللحم، وذلك النسر النهم الذى يلتهم أحشاء الإنسان وكلما أكل ازداد جوعه: العقل.
• البحر أمى وليس الأرض، أقف أمامه بالساعات أحس أنه الوحيد الذى يمكنه أن يفهم قلقى لأنه يشاركنى القلق ذاته، هو الآخر عاجز عن النوم يضرب البحر صدره ويصدم الشواطئ فيصدم بالمقابل وفى بحثه عن الحرية يجاهد لتقويض الحواجز التى أمامه بغية تجاوزه.
• حوار بين كازانتزاكس والدرويش:
- لولا أن الإنسان يستطيع الرقص لما استطاع الصلاة، الملائكة لها أفواه ولكن تنقصها القدرة على الكلام ولذا فإنها تحدث الله رقصاً.
- أى اسم تطلقه على الله يا بنى؟
- ليس لله اسم، إنه أكبر من أن تحتويه الأسماء، الاسم سجن، الله حر.
- ولكن إذا شئت تناديه آه، هكذا أناديه ليس الله بل آه.
• الفقر ألا تملك شيئاً وألا تثقل نفسك بشىء، وأن تسير إلى الله عبر ممر مزهر الضحك والرقص والغبطة هى ملائكة الهداية التى تأخذ بأيدينا وتقود خطانا.
• هو لم يصر جثة لا تقل رحل، بل قل أسلم أغنيته إلى الله.
• ليست السعادة طائراً نادراً علينا أن نطارده فى لحظة محددة فى السماء، وفى اللحظة التالية فى عقولنا، السعادة طائر أليف موجود فى باحة دارنا.
• لولا وجود قلب المرأة العطوف لكان الله قد ترك الإنسان فى القبر إلى الأبد، خلاصنا معلق بخيط، بصرخة حب.

Sunday, February 25, 2018

خالد منتصر - قلة نوم تساوى زيادة وزن! - جريدة الوطن - 25/2/2018

كنت أحسب أن اضطرابات النوم لها علاقة بضعف الذاكرة وارتفاع ضغط الدم، وحتى حوادث السيارات، لكن أن يرتبط النوم بزيادة الوزن، فكانت مفاجأة بالنسبة لى، خاصة أننى كنت أتخيل أن الإفراط فى النوم هو الذى يتسبب فى زيادة الوزن، إلى أن قرأت بعض الدراسات فى الأسبوع الماضى، واتضح لى العكس، وهو أن قلة النوم هى التى تزيد الوزن، وأشارت تلك الدراسات إلى ارتباط الحرمان من النوم بفرط الوزن يكون لدى الأطفال والكبار على السواء، ففى دراسة نشرت فى مجلة «النوم» الطبية، أجراها فريق طبى من جامعة وارووك البريطانية، ونشرتها جريدة الشرق الأوسط، وتم تحليل نتائج 45 دراسة علمية أجريت ما بين 1996 - 2007 على الأطفال والبالغين، بغرض تحديد العلاقة ما بين قلة عدد ساعات النوم وزيادة الوزن. وصل عدد الأفراد المشمولين بالدراسة إلى أكثر من 600 ألف ما بين نساء ورجال تراوحت أعمارهم ما بين 2 و102 سنة. وخلصت هذه الدراسة التحليلية إلى أن نسبة الإصابة بالبدانة عند الأطفال فى سن النمو، والذين ينامون أقل من 10 ساعات فى الليلة قد تصل إلى (89 فى المائة)، مقارنة بمن ينامون أكثر من 10 ساعات فى اليوم، وأن البالغين الذين ينامون 5 ساعات أو أقل فى الليلة يزيد احتمال إصابتهم بالبدانة إلى (55 فى المائة)، مقارنة بالبالغين الذين ينامون أكثر من 5 ساعات فى اليوم، ومن الملاحظات المؤدية إلى هذه النتيجة، اختلال عمل هرمونات الشبع والجوع، وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائى، وحقيقة أن المحروم من النوم لساعات طويلة، يجد وقتاً أكثر، وشهية أكبر لتناول مزيد من السعرات الحرارية وتخزينها على هيئة شحوم، وفى دراسة أخرى نشرها د. أحمد سالم باهمام، وأجراها عدد من الباحثين من جامعة لندن على عينة تكونت من أكثر من 17000 طالب جامعى تراوحت أعمارهم بين 17 و30 سنة فى 24 دولة أن 63 فى المائة ناموا من 7 إلى 8 ساعات فى اليوم، و21 فى المائة ناموا أقل من 6 ساعات، وأن 16 فى المائة ناموا أكثر من 8 ساعات. وكانت المشكلات الصحية بصفة عامة أكثر عند الذين ناموا أقل من 6 ساعات، لذلك يبدو أن هناك ارتباطاً بين مدة النوم والصحة بصفة عامة، ومن هذه الأمور الصحية ارتباط قصر مدة النوم بزيادة الوزن، وأظهرت دراسة أجريت على نحو 100 شخص فى الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها فى مجلة حوليات الطب الباطنى وجود ارتباط بين نقص النوم وزيادة الوزن. وحديثاً كذلك أظهرت الدراسات وجود علاقة بين النوم واثنين من أهم الهرمونات التى تتحكم فى الشهية والأكل. وهذان الهرمونان هما الليبتين (Leptin)، والـ(Ghrelin)، فزيادة الهرمون الأول تؤدى إلى نقص الشهية، وزيادة الهرمون الثانى تؤدى إلى الجوع أو زيادة الشهية والأكل. ونقص النوم يؤدى إلى نقص هرمون الـleptin، الذى يسبب الشبع وزيادة هرمون الـgherlin، الذى يسبب الجوع. أى أن نقص النوم قد يؤدى فسيولوجياً إلى زيادة الوزن بسبب زيادة الشهية. وأظهرت نتائج بحث ميدانى على طلاب الثانوية فى إحدى الولايات الأمريكية ونشر فى مجلة النوم والتنفس، أن 90 فى المائة من طلاب الثانوى ينامون أقل من ثمانى ساعات فى اليوم، و19 فى المائة ينامون أقل من 6 ساعات يومياً، كما ظهر من المسح أن 20 فى المائة من طلاب الثانوى يعانون زيادة الوزن حسب المعايير العالمية. وخلصت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين الإكثار من شرب القهوة، ونقص عدد ساعات النوم من جهة، وزيادة الوزن من جهة أخرى، فقد وجد الباحثون أن احتمال السمنة عند الطلاب الذين ينامون أقل من خمس ساعات يومياً كان 8.5 ضعف احتمال زيادة الوزن عند الطلاب الذين ناموا أكثر من 8 ساعات، فى حين كانت الاحتمالات الأخرى 2.8 ضعف للذين ينامون 5 إلى 7 ساعات، و1.3 للذين ينامون 7 إلى 8 ساعات. وقد تكون هناك أسباب أخرى تربط نقص النوم بزيادة الوزن، منها على سبيل المثال أن الذين يسهرون فى العادة يكونون من النوع الخامل، وهم الذين يسهرون لمشاهدة التليفزيون، أو لأداء عمل مكتبى، وهذا النوع من النشاط يصاحب عادة بالأكل، وعادة الأكل غير الصحى المحتوى على سعرات حرارية عالية، أى أنه يؤدى فى النهاية إلى زيادة الوزن.

Saturday, February 24, 2018

السومريون بقلم د. وسيم السيسى ٢٤/ ٢/ ٢٠١٨ - المصري اليوم

السومريون.. الحضارة السومرية.. بلاد سومر القديمة كانت حدودها بغداد شمالاً والبصرة جنوباً والجزيرة العربية غرباً، استوطنها العبيديون ثم السومريون من المنطقة حول بحر قزوين، أقاموا الحضارة السومرية التى لم تستمر أكثر من قرن!.
حكمها جلجامش وجعل عاصمتها أور، ثم سرجون وجعل عاصمتها أكاد، ثمن جاء حمورابى ١٧٢٠ ق.م وسيطر على سومر وأكاد. تذكر ملحمة جلجامش «الطوفان»، وسرجون فى سلة فى النهر، وكيف تربى فى قصر الملك، كما تذكر قانون حمورابى الذى كان يعد المرأة كالدواب من ممتلكات الرجل!. يقول برستد: هذا القانون لم يضف للإرث الإنسانى شيئاً. جورج سميث كان فى المتحف البريطانى يترجم لوحا عليه كتابة سومرية، وجد قصة سفينة.. طوفان، حمامة، جبل اسمه نسر، فقد الوعى من فرط الانفعال، إنها قصة نوح!. قام ببعثة إلى نينوى، وجد ٣٠ ألف لوح كلها وثائق تاريخية عن الحضارة السومرية. أما سر لونارد وولى فقد اكتشف مدينة أثرية تحت طبقة من الطمى سمكها ثمانية أقدام.
صمويل كريمر صاحب كتاب: «طقوس الجنس المقدس عند السومريين»، يقارن بين ما كان عند السومريين، وبين سفر نشيد الأنشاد song of songs فى العهد القديم، ويعطى أمثلة منها:
١- الراعى الملك دموزى «تموز»، حبيبته أخته زوجته إينانا فى الوثائق السومرية، نجدها فى سفر النشيد: الرعى، الأخت الحبيبة فى وصف العروس. جدير بالذكر أن الراعى من رع رمز إله الشمس، وفى مزامير داوود النبى: الرب راع فلا يعوزنى شىء!.
٢- تقول إينانا السومرية: أيها العريس: لو تحملنى إلى الخدر، وفى سفر النشيد: أدخلنى الملك إلى خدوره «جمع خدر».
٣- تقول إينانا السومرية: يسراك تحت رأسى ويمناك وضعتها على ثديى، وفى سفر النشيد: شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى.
٤- تقول إينانا لتموز: يا عريس لقد نلت مسرتك منى، إن فمك حلو كالعسل، وفى سفر النشيد يقول الفتى: شفتاك يا عروس تقطران شهداً، وتحت لسانك عسل.
٥- تقول إينانا: أهدانى تموز قلادة من ذهب، وفى سفر النشيد: أصنع لك يا عروس قلائد من ذهب.
تقول فتاة النشيد: لأن المحبة قوية كالموت، والغيرة قاسية كالهاوية. يعلق صمويل كريمر على هذه الفقرة فى كتابه ص ١٥٣: هذه الفقرة صدى للخاتمة الأليمة لحب تموز وإينانا حين قتله الشر، ولكن أخته زوجته حبيبته استطاعت أن تقيمه من بعد الموت!. علينا أن نتذكر أسطورة إيزيس وأوزوريس، باسمين مختلفين، ولكنها بعد الأسطورة المصرية بآلاف السنين، وعمار يا مصر.
يقول صمويل كريمر فى كتابه ص ١٢٥:
لقد احتار علماء العهد القديم فى سفر نشيد الأنشاد، فهو خال من أى مضمون تعليمى أو لاهوتى أو دينى، ففسروا الفتى الراعى الملك بأنه هو الإله يهوه وعذراء النشيد بأنها شعب إسرائيل.
أما آباء الكنيسة فقد فسروا الفتى بأنه المسيح والعذراء هى الكنيسة.

Friday, February 23, 2018

خالد منتصر - من هو الأرقى.. الكلب الوفى أم الإنسان الخائن؟! - جريدة الوطن - 24/2/2018

عندما تذكر أمام المصرى أو العربى كلمة حقوق الحيوان فإنه يتندّر بسخرية: «مش لما نبقى ناخد حقوق الإنسان الأول نبقى نبص لحقوق الحيوان!!»، وكأنه لا يمكن أن نعيش مجتمعاً يحترم الإنسان والحيوان فى نفس الوقت، وكأننا لا نعرف أن الإنسان لا يكون إنساناً إلا بالعطف على الحيوان مثله مثل العطف على الجار والصديق، وكأننا لا بد أن نعيش فى كل حياتنا مشكلة إما هذا أو ذاك ولا نقتنع أن جمع هذا مع ذاك ليس مستحيلاً، فلسفة وحدة الوجود وأن الإنسان لا بد أن يتعامل مع كل الكائنات بحب وود وكأنها منه وكأنه منها، تلك فلسفة الرقىّ والسموّ، أن نعلّم أطفالنا أن قطف الورود هو قسوة وأيضاً ذبح الخراف والعجول أمام البيوت ووسط تصفيق هؤلاء الأطفال وفرحهم وغمس أياديهم فى دماء الحيوان بعد ذبحه هى تآلف مع القسوة وغلظة الحس. لا بد أن نتعلم ونعلمهم أن هناك أماكن مخصصة لتلك الإجراءات، كل الكائنات على وجه الأرض تمتلك الحس حتى أوراق الشجر، لا بد من أن نندهش وأن نُصدم وأن تتحرك مشاعرنا حين نرى طفلاً يربط كلباً ويعذبه ويسحله وسط ضحكات الأطفال، لا بد أن نقول إن ثمة خللاً نفسياً واضطراباً سلوكياً ووجدانياً يقبع داخل هؤلاء الذين وُلدوا على فطرة الحب وشوّهتهم الثقافة السائدة، فهذا الكلب الوفىّ الجميل لا يخون صديقه أبداً ويدافع عنه حتى الموت ويستقبله بحضن عميق بعد الغياب ويبكى وينقطع عن الأكل إذا رحل عن الدنيا ويموت بعده، هذا الكلب أشرف وأغلى وأرقى ممن يقتلك ويذبحك وأنت ابن وطنه لمجرد أنه يعتقد أن قتلك قد أمر به الدين!!
إذاً من هو الأفضل؛ هذا الكلب أم ذلك المجرم؟! الرد بأن هناك امرأة دخلت النار فى هرّة لا هى أطعمتها ولا سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، هو رد جميل وعظيم ولكنه رد غير كافٍ، لأن هناك الفقه المضاد الكاره للكلب على سبيل المثال والمعتمد صدفة على حب راوٍ للقطط وكراهيته للكلاب! وهناك الثقافة السائدة التى احتشدت لسجن كاتبة لمجرد أنها أعلنت عن امتعاضها من مشهد أنهار الدم فى الشوارع بعد ذبح الأضحيات، وللأسف من احتشدوا وثاروا وأرغوا وأزبدوا كانوا يتوهمون أنهم حماة الدين وحراس العقيدة! ومناسبة كتابتى عن هذا الموضوع رغم عدم انخراطى كعضو فى تلك الجمعيات المدافعة عن حقوق الحيوانات التى أؤمن بدورها وبأن أعضاءها المحترمين ليسوا كما يتصور البعض «ناس فاضية»، المناسبة هى أنه أثناء مؤتمر الأمراض الجلدية فى «سان دييجو»، وهو أهم مؤتمر عالمى لهذا التخصص، اعتذرت أستاذة إيطالية شهيرة عن الحضور، وتلك الأستاذة كانت رئيسة جلسة ينتظرها كل الأطباء المهتمين، وأُعلن عن سبب اعتذارها على الشاشة وهو أنها تحضر جراحة إزالة ورم لكلبها، لم يمتعض الحضور، بل أكبروا هذا التصرف الإنسانى الراقى وقدّروه جداً، وقابلت أيضاً باحثاً مصرياً مبعوثاً إلى إحدى الجامعات الأمريكية، موضوع بحثه هو تأثير حقن الخلايا الجذعية على ظهور الشعر، التجارب تُجرى على الفئران، وهو متحمس ويتعجّل النتائج، وبمجرد وصول أول فأر من نيويورك وتعقيم المعمل وتغذيته بغذاء خارج تواً من جهاز التعقيم «الأوتوكلاف»، ذهب إلى المعمل ممتشقاً حقنته، حيث كان يجلس الطبيب البيطرى ليحقن الفأر، فأخبره الطبيب البيطرى أنه لا يمكن حقن الفأر الآن لأنه منهك من السفر وعنده «stress»، بالطبع لطم الباحث المصرى وظن أن الرجل مجنون وذهب ليشتكيه فوجد جميع أساتذته يتبنون وجهة نظر الطبيب البيطرى! تعلّم الباحث الدرس؛ أن الحيوان لديه روح وإحساس ومشاعر مثل الإنسان تماماً، لكننا نحن لم نتعلم الدرس بعد، وما زلنا نسخر، وما زلنا نعتبر أنفسنا أكثر الشعوب حساسية وإيماناً، ولم ندرك بعد أن هذا وهمٌ مثل الغول والعنقاء والخل الوفى.

Tuesday, February 20, 2018

خالد منتصر - عطيات الأبنودى انتمت للناس فاستحقت تكريمهم - جريدة الوطن - 21/2/2018

سعدت جداً بتكريم مهرجان أسوان لسينما المرأة للمخرجة التسجيلية الكبيرة الرائدة عطيات الأبنودى، أتمنى لها الشفاء لتعود إلينا سريعاً، فنحن بالفعل افتقدناها كإنسانة وكمخرجة وككاتبة، وللصدفة وجدت مقالاً نقدياً للصديق الذى غادر عالمنا وودعناه وودعنا الناقد الجميل على أبوشادى، مقالاً كان قد كتبه عن عطيات أقتبس منه تلك الجمل التى تعبّر عن بصمتها الفنية بمنتهى الصدق، يقول «أبوشادى»:
تظل عطيات الأبنودى، إحدى العلامات الفارقة فى تاريخ السينما التسجيلية المصرية بعشقها الخالص لهذه السينما، وانحيازها الكامل للمواطن المصرى البسيط، وقدرتها على التعبير عن معاناته وهمومه وأحلامه وآماله وأشواقه، منذ بداياتها عام ١٩٧٢ بفيلم «حصان الطين» الذى كان انعطافة فى تاريخ السينما التسجيلية فى مصر، ومؤصلاً للتيار الاجتماعى بها، وممثّلاً مع فيلم المخرج الكبير هاشم النحاس «النيل أرزاق» البداية الحقيقية للسينما التسجيلية المصرية الجديدة، ذلك أنها واحدة من القلائل الذين يملكون إدراكاً واعياً بطبيعة اللغة السينمائية وبدور الفيلم التسجيلى فى إعادة اكتشاف الواقع وقدرته على زيادة وعى الجماهير وتحريضهم للعمل على تغييره إلى الأفضل. أكثر من عشرين فيلماً وعشرات الجوائز من المهرجانات المحلية والعربية والدولية هى حصاد رحلة تلك الفتاة الصغيرة الطموحة التى انتقلت من مدينة السنبلاوين الهادئة فى دلتا النيل إلى القاهرة الصاخبة موظفة صغيرة بالسكة الحديد لتصل بموهبتها وقدراتها وطموحها إلى هذه المكانة الفريدة على المستويين المحلى والعالمى. تُفصح أفلام «عطيات» عن عشقها لمصر، المكان والإنسان، ترى البسطاء فى أفلامها فى حالة عمل دائم.. تتوغل بالكاميرا فى حياتهم لتكشف عن جوهرها، وتتقدم نحو العمق (التقدم إلى العمق ١٩٧٩) محللة ظروف الواقع، مضيئة لعناصر الجمال والقوة فيه، شخوصها قوية، قادرة مكابدة، تعشق الحياة وتمارسها (إيقاع الحياة ١٩٨٨).. تتحرك بوعى تاريخى تختزنه أعماق إنسان الحضارات من أقصى الصعيد (ساندوتش ١٩٧٥) وحتى البحر.. والبحيرة (بحار العطش ١٩٨٠)، مدافعةً عن حق المرأة المصرية فى الحرية والمساواة، منتصرةً لها، مؤمنةً بدورها فى المجتمع، رافضةً كل أنواع التمييز ضدها (نساء مسئولات ١٩٩٤/ راوية - أحلام البنات ١٩٩٥)، ترى فى الديمقراطية السياسية والاجتماعية ضرورة لحل مشكلات الواقع المصرى (أيام الديمقراطية ١٩٩٦). ولأن «عطيات» تقوم بعمل مونتاج معظم أفلامها، ولأنها تدرك معنى الإيقاع، تأتى هذه الأفلام، عادةً، قصيداً إيقاعياً مُترعاً بالشعر، مُفعماً بالصدق، رغم خشونة مفرداته، وتكتسب الصورة أهميتها عند «عطيات» من خلال حرصها على استخدام زاوية مستوى النظر لتدفع المشاهد أن يرى.. ويتأمل.. ويفكر.. ليغيّر.
وإذا كان «أبوشادى» قد كتب عن عطيات الفنانة فإن ابنتها الروحية أسماء يحيى الطاهر عبدالله قد كتبت عن عطيات الإنسانة فقالت:
نحن فى العادة لا نملك اختيار آبائنا وأمهاتنا، فهم مفروضون علينا، فأنت تولد لأم لا تملك حق اختيارها ولا تملك هى حق اختيارك، وتسير العلاقة بينكما وفق خطة قدرية. لكن ما بينى وبين عطيات الأبنودى مختلف جداً، فأمومة الاختيار هذه كانت حلاً عبقرياً بالنسبة لى، وأنا لا أستطيع وصف إحساس الزهو الذى يتملكنى كلما تذكرت أن هناك شخصاً له مثل ما لها من مشاعر، قد اختارنى بإرادته لكى أشارك حياته وأعيش معه، وعرفت أخيراً أن «عطيات» جاءت إلى غرفة أبى بعد وفاته وبدأت جمع قصصه وأوراقه التى لم تُنشر، لأنها كانت تشعر أن أحداً من بين أصدقائه لن يؤدى هذه المهمة بنجاح، وبينما تجمع هذه الأوراق وجدتنى ألعب أمامها، وهى التى لم تكن رأتنى من قبل. وسألت: مين البنت دى؟ وعندما أخبروها عنى كنت أمسك بجلبابها، وعندها قررت الاحتفاظ بى رغم أن علاقتها بأبى لم تكن على ما يرام، كما يكشف عن ذلك كتابها وروايات الأصدقاء، مسألة أخرى غاية فى الأهمية وهى أن الأحاسيس لا علاقة لها بصلة الدم.
مبروك يا «عطيات» أيتها الفنانة المبدعة، وننتظر على أحرّ من الجمر إبداعك الجميل.

خالد منتصر - محاكمة خطيب على نشر التسامح - جريدة الوطن - 20/2/2018

رحم الله الشيخ شلتوت شيخ الأزهر الذى لم يكن يعتبر الشيعة أخطر من الصهيونية كما يقول كبار المشايخ الآن، ولم يكفرهم وأجاز التعبد بمذهبهم ودراسته فى الأزهر، يأتى علينا الزمن الذى يحقق فيه مع شيخ مستنير وهو الشيخ نشأت زارع داخل أروقة وزارة الأوقاف لأنه ارتكب جريمة السفر إلى العراق خارج وقت عمله وفى إجازته، وكل جريمته التى أوقف بسببها عن الخطابة وسيحارب فى رزقه ومرتبه، أنه تحدث إلى لامؤاخذة الشيعة!!، وصافحهم ولم يغسل يديه بالديتول!!، وأستغفر الله العظيم فعل المنكر الذى تهتز له السموات السبع وهو أن ابتسم فى وجوههم!!، ماذا يقول الشيخ المستنير نشأت زارع الذى نحتاج إلى أمثاله كثيراً فى تلك الأيام التى انتحر فيها العقل المصرى، بسؤاله قال:
سافرنا يوم 27-1 حتى يوم 6-2-2018، أنا ومعى أربعة زملاء فى الرحلة أنا كبير أئمة فى الأوقاف وآخر فى جامعة الأزهر وخطيب بالأوقاف اسمه أحمد صابر وقارئ حمدى راشد من طنطا وواعظ الشيخ محمد رمضان.
زرنا أماكن كثيرة سياحية ودينية وأثرية، زرنا مساجد السنة مثل الإمام أبى حنيفة النعمان وعبدالقادر الجيلانى وفضيلة المفتى الشيخ فهد الصوميدعى والشيخ خالد الملا متحدث باسم علماء المسلمين وزرنا الإمام على والإمام الحسين وسلمنا على الإخوة الشيعة، زرنا بابل الأثرية ومعالمها الجميلة، زرنا متحف الحلة وشاهدنا توثيق المقابر الجماعية وآثاراً من جرائم داعش، شاهدنا البيوت المدمرة من مجرمى داعش.
كان مجمل كلامنا لهم لا تسمحوا للطائفية أن تنتشر بينكم، باركنا لهم انتصارهم على داعش وقلنا لهم لا تقولوا سنى وشيعى ولكن قولوا عراقى، كما نحن فى مصر نقول أيضاً لا تقولوا مسلم ومسيحى ولكن قولوا مصرى، وأنتم لما لفظتم الطائفية والمذهبية انتصرتم على مجرمى داعش.
هذا هو الشيخ نشأت زارع الذى أردتموه اتباعياً فاشياً لكنه اختار الحرية والعقل الذى هو نعمة وهدية الرب.

نظرة داخل الصعيد الجوانى بقلم د. محمد أبوالغار ٢٠/ ٢/ ٢٠١٨ - المصري اليوم


رغبة فى البعد عن الإنترنت ووجع القلب بسبب أحوال مصر ذهبنا فى رحلة لمدة أسبوع إلى المدن والقرى الصغيرة بين الأقصر وأسوان بدون زيارة للمدينتين الكبيرتين. صاحبت الرحلة بداية هجوم الجيش المصرى على سيناء للقضاء على الإرهابيين ومواقف الناس هناك كانت مؤيدة بشدة للقضاء على الإرهابيين، ولكن كانوا خائفين من أن الإعلام الصاخب حول حملة الجيش قد يكون له أثر سلبى على السياحة بعد فترة كساد ولكن ذلك لم يحدث.
السياحة فى هذه المنطقة فعلاً تحسنت وقد رأيت الأمن هناك صاحى وواخد باله كويس بطريقة مهذبة ولطيفة لا تحرج أحداً، وأثناء مرورنا مشياً على الأقدام فى مدن صغيرة كان الأمن خلفنا من بعيد لحمايتنا بدون إزعاج لنا وللسياح. الشعب هناك أصبح حذرا جداً من الإرهاب الذى خرب بيتهم فأصبح شديد الاهتمام بحماية السياح والزائرين عموماً. سوء الأخلاق والغلاسة من الباعة والأطفال وسائقى الحنطور التى كانت ظاهرة مؤسفة فى زيارتى الأخيرة لمدينة الأقصر، كانت محدودة جداً فى المدن الصغيرة التى زرناها. زرنا المناطق الأثرية والأديرة والقرى الصغيرة وتعرفنا على البسطاء من الناس الذين كانوا يساعدوننا.
بالنسبة للآثار هناك ظاهرتان لافتتان للنظر، أولاهما أن هناك اهتماما حقيقيا بحماية الآثار ونظافتها وسهولة فى شراء التذاكر للدخول، ولم نلحظ تنطع البعض ليعرض خدماته كما كان يحدث سابقاً ليكدر الرحلة. شاهدنا فى كوم أمبو مشروعا كبيرا للتخلص من المياه الجوفية المرتفعة والناتجة عن الرى بدون صرف لمزارع القصب الكبيرة والتى أدت إلى رشح على جدران المعبد تهدده بالانهيار الكامل بعد فترة من الزمن. هذا المشروع يسير كما شاهدنا بخطى سريعة وسوف يتم الانتهاء منه بعد عام.
الظاهرة المميزة أننا شاهدنا أعدادا كبيرة من مفتشى الآثار من الشباب، وكذلك متخصصى الترميم والذين حصل معظمهم على شهاداتهم من جامعتى سوهاج وقنا وتلقوا تدريباً جيداً وهم فى غاية الحماس للعمل بنشاط وهم مهتمون بالتعلم، وبعضهم بدأ دراسة الماجستير والدكتوراه. القليل منهم كان يجيد الإنجليزية بلهجة جيدة وهم جميعاً خريجو المدارس والجامعات الإقليمية ولكن المجتهدين منهم بذلوا جهداً خاصاً فى التعلم وساعد على ذلك احتكاكهم بالبعثات الأجنبية المنتشرة فى المنطقة. والجيل الجديد تدرب على كتابة التقارير الأثرية العلمية الدقيقة وهو أمر مهم وكان مهملاً لفترة طويلة، والكثير من المفتشين كانوا من النساء وهو أمر جيد ومبشر بخير.
زرنا دير الفاخورى وهو دير ضخم جداً فى المساحة وبه ٢٥ راهباً فقط وجزء صغير منه مزروع، داخل الدير توجد كنيسة قديمة والجزء الأول تم بناؤه فى القرن الرابع الميلادى والجزء الثانى فى القرن الثامن الميلادى. وقيل لنا إن الكاهن الذى أنشأ الدير كان هو وعائلته يعملون فى صناعة الفخار وهو سبب تسمية الدير. ويوجد به حصن مرتفع بناه ملك النوبة وذلك بعد أن عالج الكاهن الفاخورى ابنة الملك وشفاها ويقال إنه كان عنده قدرات على شفاء المرضى. وعلى مسافة ليست بعيدة يوجد دير الشهداء الذى يقال إن الرومان قد قتلوا فى داخله ٣٦٠٠٠ مسيحى. هذه الأديرة الأثرية الهامة تحتاج لرعاية ودعم للحفاظ عليها وعلى آثارها. وشاهدنا معصرة زيوت يدوية عمرها ٢٢٠ عاماً وتعمل بكفاءة.
البنى آدم الذى هو أهم شىء يشعر بالغبن الشديد فى معاملة الحكومة له، بدءاً من المزارع الذى يعانى من صعوبات بالغة فى الزراعة وبيع محصول القصب بسبب المعوقات التى يضعونها أمامه، وبدأ الكثيرون ينصرفون عن زراعة القصب وهو محصول استراتيجى. توجد عقبات كثيرة لمصلحى الأراضى البعيدة عن النيل، بالإضافة إلى غياب كافة الخدمات وتفشى سوء التغذية الذى أدى إلى التقزم بسبب الفقر الشديد مع الغلاء الكبير.
الوعى الهائل والاهتمام بالشأن العام ظاهرة عند الجميع حتى البسطاء، الكل يعرف بالتفصيل ما يحدث فى مصر وفى العالم ولهم رأى واضح معلن هم يتفقون مع النظام فى أشياء ويعارضونه فى أشياء أخرى. الشىء المذهل هو قدرة الكثيرين من متوسطى العمر، وغالبية الشباب حتى الذى لقى منهم حظاً ضئيلاً من التعليم، على الدخول على الإنترنت والحصول على جميع المعلومات، وقد رأيت «مراكبى» بسيطا اعتقدت أنه لا يستطيع أن يفك الخط أراد أن يعرف معلومات عنى فدخل على جوجل وقرأ كل شىء. هذا التطور المذهل فى وصول المعلومات إلى الناس فى أقصى الصعيد وقدرتهم على معرفة الخبر الصادق من غير الصادق يجب أن يكون معروفاً للحكام، لأن المفهومية والاهتمام انتقلت للجميع بسبب الشبكة العنكبوتية وقد ساعدت ثورة ٢٥ يناير، على توعية الناس وقد قالوا إن معلوماتهم تأتى أولاً من الإنترنت وإن أهمية التليفزيون انحصرت فى مشاهدة المسلسلات وكرة القدم وهم لا يهتمون بالبرامج الإخبارية. قلة فقط تشترى الصحف وبعضهم يقرؤها على الإنترنت.
الرحلة كانت ممتعة ومفيدة، وكنا تسعة أفراد أربعة منهم مصريين قادمين من أمريكا هم سامح إسكندر وزوجته ومحمود الشاذلى وزوجته وسعدنا جميعاً بصحبتهم.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك..

Saturday, February 17, 2018

«المحروسة» اسماً للعاصمة الإدارية الجديدة بقلم د. سعد الدين إبراهيم ١٧/ ٢/ ٢٠١٨ - المصري اليوم


... ومهما تم تشييد مساجد وكنائس جديدة، كما حدث بالفعل، فإنها لن تحتل بسهولة المكانة الرمزية والهالة الروحية التى ارتبطت فى الوجدان الشعبى بالمساجد والكنائس القديمة التى تحتضنها القاهرة الحالية.
كذلك قيل فى مُعارضة العاصمة الإدرية الجديدة إن وقوعها على بُعد خمسين كيلومترا من الضواحى الشرقية للقاهرة الحالية لن يفعل أكثر من توسيع المجال العمرانى للعاصمة الحالية، مثلما حدث فى محاولة سابقة مع حلوان والمعادى جنوباً، أو مثلما حدث مع ضاحية هيليوبولس (مصر الجديدة) التى حاولها المستثمر العقارى البلجيكى إمبان، فى أوائل القرن العشرين!.
وكان ثمة تحفظات من فريق من المثقفين ذوى الخلفية المعمارية الإنشائية، وفحواه أن ثمة محاولات مُشابهة قد حدثت فى الهند (نيودلهى)، وباكستان (إسلام أباد)، والبرازيل (برازيليا)، ونيجيريا (أبوجا) ولم تفلح، أو كان حظها من النجاح محدوداً للغاية. فقد ظلّت تِلك المُدن الجديدة هياكل بلا روح. فإذا قصدها أهل تِلك الأقطار، للرغبة فى التملك العقارى، أو للقُرب من مؤسسات صُنع القرارات والسياسات، فإنهم مع ذلك لا يتخلون عن مساكنهم وأحيائهم التى نشأوا وترعرعوا فيها.
فالمدينة، أى مدينة، هى تاريخ وثقافة ومعتقدات اجتماعية تراكمية، ولا يمكن استزراعها، أو اصطناعها بقرارات إدارية.
وبعد كل جولة مناقشات، كُنت أسأل: أما وقد أصبحت العاصمة الإدارية حقيقة واقعة، وضُخّت فيها استثمارات بعشرات المليارات من الجُنيهات، فماذا تقترحون كاسم لها؟.
وقد وردت اقتراحات عديدة، تراوحت بين أسماء فرعونية، مثل معت، ورع، وأخرى إسلامية مثل بدر، ورمضان، واليرموك. ولكن قيل إن الأسماء الفرعونية لا تجد استجابة شعبية تلقائية، حيث تتطلب حداً أدنى من المعرفة بالتاريخ القديم، وهو ما لا يتوفر حالياً لمعظم المصريين المُعاصرين، أما الأسماء الإسلامية فقد تحفظ عليها كثيرون، لأنها توحى، أو قد توحى بانتصار إسلاموى للإخوان المسلمين فى معاركهم المستمرة ضد المجتمع والدولة.
ولكن ضن ما تردد من مقترحات وردت أسماء الزهراء، والفيحاء، والفردوس، والروضة. ورغم جمال تِلك الأسماء إلا أن التحفظ عليها كان إما لأنها أسماء مُدن قائمة بالفعل فى مصر، أو أنها تنطوى على انتحال صفات مُغرقة فى الإيجابية لا تتوفر، وقد لا تتوفر بالضرورة للمدينة الجديدة.
ومع ذلك حاز اقتراح اسم شبه تراثى بقبول واسع، وهو اسم «المحروسة». فقد كان ذلك هو الاسم المجازى لمصر، خلال خمسة قرون من الحُكم المملوكى- العثمانى. وكان ينطوى على تمييز إيجابى لمصر، مُقارنة أو مقابلة لأسماء بُلدان الإمبراطورية الأخرى شرق مصر، وغربها، وجنوبها.
فكما كانت الهند هى دُرة التاج فى الإمبراطورية البريطانية، التى لم تكن تغرب عنها الشمس فى القرون من السادس عشر إلى منتصف القرن العشرين، فكذلك كانت مصر، فى أكثر وأقوى دُرة أكبر إمبراطوية شيّدها المسلمون، وهى الدولة العثمانية التى امتدت من سور الصين العظيم شرقاً، إلى أسوار فيينا غرباً، وحظيت مصر وحدها، بين الأقطار الثلاثين لتِلك الإمبراطورية الشاسعة باسم المحروسة.
ومن طرائف وحقائق الفلكلور الشعبى المصرى أن المصريين دأبوا على إطلاق اسم مصرعلى عاصمتهم القاهرة.
فأهل الريف، وحتى أهل المُدن الأخرى من أسوان حتى الإسكندرية يطلقون على القاهرة اسم مصر.
وحينما استحدثت حكومتها القطار والسكك الحديدية، سُميت محطته الرئيسية فى القاهرة، اسم محطة مصر، ومُلحقاتها شُبرا مصر.
ولأن المصريين لن يتنازلوا بسهولة عن تسمية القاهرة بمصر، فيجب أن يكون اسم العاصمة الإدارية الجديدة بنفس الكُنْية التى كانت تُطلق على برْ مصر، وهو اسم المحروسة. فلتكن العاصمة الجديدة محروسة يحميها الله وشعب مصر، وهو اسم يسهُل كتابته ونُطقه بالعربية وكل اللغات الحية. والله أعلم.
وعلى الله قصد السبيل

البروستاتا كابوس الرجال! بقلم د. وسيم السيسى ١٧/ ٢/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

جاءنى والرعب فى عينيه: والدى مات بسرطان البروستاتا، وتحليل الـP.S.A عندى عالى ١٢، فهل سرطان البروستاتا وراثى؟ قلت: اهدأ فليس كل ارتفاع فى الـP.S.A معناه سرطان، ثم إن العامل الوراثى يتراوح من خمسة إلى خمسة عشر بالمائة، وصفت له مضاداً حيوياً، وطلبت منه إعادة الـP.S.A بعد أسبوعين، جاءنى بعد العلاج بالتحليل الجديد الـP.S.A أصبح أربعة.
إيه الحكاية؟ الـP.S.A يرتفع فى التهابات أو تضخم أو سرطان البروستاتا، لذا على الطبيب ألا يسارع بأخذ عينات من البروستاتا إلا بعد أن يصف المضاد الحيوى أولاً.
أعلى نسبة سرطان بروستاتا فى العالم تجدها فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأقل نسبة تجدها فى اليابان، ولكنها ترتفع عند اليابانيين إذا عاشوا فى أمريكا، والسبب هو البروتين من أصل حيوانى، ثمانون بالمائة فى أمريكا، بينما هو من أصل بحرى أو نباتى فى اليابان!.
خلقنا الله نباتيين بدليل الأنياب عندنا محاذية للقواطع، بينما هى بارزة عند أكلة اللحوم كالأسود والنمور.
قلت لمريضى: تجنب اللحوم بقدر الإمكان، أكثر من الفواكه والخضروات خصوصاً صاحبة اللون الأحمر كالرمان، الطماطم، الصلصلة، الفراولة، التوت، الفلفل الرومى الأحمر، لأنها تحتوى على مادة الليكوبين المضادة للسرطان، كذلك يجب عليك إنقاص وزنك، والامتناع عن جميع أنواع الدجاج إلا إذا كانت تربية بيتك، ذلك لهورمونات حبوب منع الحمل لزيادة وزنها.
أمراض البروستاتا ثلاثة:
أ- التهابات ب- تضخم ج- سرطان.
الالتهابات هى مرض الشباب وقد تبدأ فى العشرين، وأسبابها:
أ- حبس البول. ب- إثارة جنسية دون قذف. ج- الزوجة «التهابات» د- القولون هـ- السكر.
ومن أعراضها الضعف الجنسى، القذف المبكر، آلام بالخصيتين، حرقان عند التبول، أو عند نزول السائل المنوى.
جدير بالذكر، أن ٧٥ بالمائة من حجم السائل المنوى من البروستاتا، وهو السائل الضرورى للحيوانات المنوية، لذا نجد كثيرا من حالات العقم عند الرجال بسبب التهابات البروستاتا، لأنها تؤدى إلى تشوهات وقلة عدد الحيوانات المنوية.
كلمة مهمة لزملائى الأطباء: لابد من الفحص الشرجى للبروستاتا P.R، وكان جون سونى يقول لى: الطبيب الذى لا يقوم بهذا الفحص أحد أمرين: إما إصبعه مقطوعة أو أن المريض دون فتحة شرجية.
أما المرض الثالث من أمراض البروستاتا وهو الأكثر شيوعاً فهو تضخم البروستاتا، أعراضها ليست فقط بسبب تضخمها، ولكن أيضاً بسبب قوة أو ضعف عضلة المثانة.
هناك خمسة أعداء فى حالة تضخم البروستاتا، كلها تبدأ بحرف الـW:
١- Wheather أى الجو أى البرد.
٢- Withold Vriive أى حبس البول.
٣- Withhold Srools أى الإمساك.
٤- WINE أى النبيذ أى الكحوليات.
٥- Women أى النساء أى الإثارة دون قذف.
كانت جراحات البروستاتا كثيرة جداً، أما الآن أصبح لدينا العقاقير التى تؤدى إلى فتح عنق المثانة، أو انكماش حجم البروستاتاk كما دخل الليزر فى استئصال الجزء المتضخم منها، النصيحة الذهبية: منذ شبابك المبكر حافظ على مثانتك بأن تكون دائاً فارغة «قانون ستارلنج».
أخيراً لى عملية جديدة باسمى تسمى Capsulotomy، وقد طلبت منى كلية طب نيروبى أن أجربها أمامهم، وقد قمت بها أمام عشرة من أساتذة كلية الطب، وقد غطاها إعلاميا الصحافة الكينية، ووجدى رياض فى الأهرام.

خالد منتصر - هابى بيرث داى تو «داروين» (4) - جريدة الوطن - 17/2/2018

شريط سينمائى سريع ومجموعة كادرات متناثرة لحياة داروين الجادة فى طلب العلم الحقيقى، العلم الذى يغير العالم ويغير الإنسان، خبطات سريعة وقوية على باب بيت داروين من ساعى البريد الذى يحمل طرداً، تذهب الزوجة لتفتح الباب فرحانة يقتلها الفضول، هل هى باقة ورد أم شنطة ملابس أم طبق شيكولاتة؟ المفاجأة التى كان يترقبها داروين كانت نصف أوقية من براز الجراد الأفريقى كان قد طلبها من أحد الأصدقاء، وكانت سعادته بلا حدود عندما تمكن من فصل سبعة نباتات من تلك العيّنة الأفريقية! تحمّل داروين اتهامات من حوله له بالجنون وبأنه يعيش فى عالم الوهم والشطحات، ولكنه كان يعرف أنه يصنع تاريخاً جديداً، وكان متأكداً من أن التقدم لا يُصنع إلا بمثل تلك الشطحات الجنونية، عندما سُئل البستانى الذى يعمل فى حديقة داروين عن صحته قال بأسى: «يالتعاسته، إنه يقف محملقاً فى زهرة صفراء بالساعات، ولعل صحته تتحسن لو أنه وجد شيئاً مفيداً أفضل ليقوم به»، ووصف ابن داروين أباه قائلاً: «كان يرى فى كل بذرة شيطاناً صغيراً يحاول أن يضلله بأن يقفز من هنا إلى هناك مختفياً فى هذه الكومة أو تلك، مما جعل عمله أشبه ما يكون بلعبة مثيرة»! حقاً مارس داروين عمله وكأنه يلعب لعبة مثيرة مشوقة، ومات داروين تاركاً عدة أسئلة محيرة كان واثقاً أنها لن تُدفن معه، ترك إجابتها لمن يأتى بعده من العلماء، مات ولم يجب عن سؤال: كيف تحافظ الكائنات الحية على صفاتها الجيدة وتراكمها من جيل إلى جيل؟ جاء «مندل» ليجيب عن هذا السؤال بأبحاثه فى علم الوراثة، أما سؤال: كيف تحدث الطفرة الوراثية التى تنتخبها الطبيعة إذا كانت فى صالح الكائن الحى؟ فقد أجاب عنه العالمان «واطسون وكريك» فى منتصف القرن العشرين عندما اكتشفا شفرة الحياة الـ«دى إن إيه»، وتوالت دلائل تأكيد نظرية داروين الواحد تلو الآخر، فالشمبانزى يتشابه كتابه الوراثى مع كتاب الإنسان فى ٩٨% من مادته! ولو فتحت موقع «جوجل» وبحثت عن صورة الأركيوبتركس، فستجد أنه الحلقة المفقودة بين الطيور والزواحف، انظر إلى ريشه وجناحيه التى تشابه الطيور ثم لاحظ أسنان المنقار وذيله العظمى والأصابع التى تنتهى بمخالب فى الجناحين والتى تشترك مع الزواحف! أما جنين الإنسان والثدييات عموماً فهو دليل عبقرى يلخص نظرية التطور، فتراه فى مرحلة بخياشيم كالأسماك، وبذيل كالزواحف، ولو لاحظت كيفية التخلص من الفضلات النيتروجينية فستجد أنها توحد الكائنات، الأسماك تتخلص من النشادر مباشرة فى الماء، أما الإنسان فيحولها إلى بولينا حتى تذوب فى الماء وتطردها الكلى! ولو نظرنا إلى دمنا سنجد أنه يعوضنا عن هجرتنا من البحار منذ ٢٠٠٠ مليون سنة، فنجد أن تركيب الدم ومعادنه من صوديوم وماغنيسيوم يعوضنا عن مياه البحار التى كنا نعيش فيها، أى إن البحر أصبح بداخلنا بعد أن كان خارجنا! عندما تهكم والد داروين على ابنه ووصفه بالبليد الذى سيجلب العار على أسرته لأنه يطارد الفئران والخنافس طيلة النهار، لم يكن يعلم أن ابنه العبقرى سيُدفن إلى جانب نيوتن، وعندما كان الأب الطبيب البدين ذو الثلاثمائة رطل يصحب ابنه ويستخدمه كعكاز فى زياراته المنزلية، لم يكن يعلم أن العالم كله سيستند على عكاز داروين ليفلت من أسْر التخلف، ويخرج من كهف الجهل والخوف والخرافة.

Thursday, February 15, 2018

خالد منتصر - هابى بيرث داى تو «داروين» (3) - جريدة الوطن - 16/2/2018

كل النظريات العلمية الحديثة، مثل نظرية النسبية ونظرية الكم، عندما لا نفهمها يكون رد فعلنا الطبيعى مزيداً من التساؤل والمعرفة حتى نفهمها أكثر، إلا نظرية التطور، فعدم فهمها لا يقود إلى السؤال وطلب المزيد من التفاصيل، ولكنه يقود فوراً إلى الكراهية والرفض والهجوم!! وهذا عرَض وسلوك غريب أرجو أن نُشفى منه بمحاولة فهم هذه النظرية بلا رفض مسبق أو كراهية جاهزة أو تربص مزمن. نظرية التطور ببساطة هى تغير وليست ارتقاء، فالكائنات الحالية ليست بالضرورة أرقى، ولكنها الأكثر ملاءمة للظروف التى وُجدت فيها، أما كلمة السر الأولى فى فهم نظرية التطور فهى التغير، وكلمة السر الثانية هى الإنتاج المتزايد. وقد لمعت هذه الفكرة فى ذهن «داروين» عندما قرأ ما كتبه «مالتوس» عن تزايد السكان بمتوالية هندسية أسرع من تزايد الغذاء بمتوالية عددية، وهذا يؤدى إلى كلمة السر الثالثة وهى تنازع البقاء، ثم الرابعة الانتخاب الطبيعى، ولكن لا بد أن نفهم أن الانتخاب الطبيعى لا يعنى دائماً انتخاب الأقوى صاحب المخلب والناب فقط، ولكنه يعنى بالأساس أن الطبيعة تنتخب الأكثر ملاءمة للمناخ والظروف المحيطة كما ذكرنا من قبل، فالسحلية ذات اللون المطابق لما حولها من ورق شجر أو رمال ستتلاءم أكثر وتعيش أكثر وتنقل صفاتها بشكل أفضل، وهى هنا ليست أقوى بمعنى العضلات المفتولة ولكن بمعنى المرونة والمواءمة مع محيطها، وكذلك الطاووس ذو الألوان الزاهية والجذاب جنسياً هو الأقوى والأفضل من هذه الزاوية، ولكن المشكلة فى صعوبة تقبلنا لنظرية التطور وتفسيرها لتغير الكائنات هى أن عقولنا لا تستطيع استيعاب تحولات على مدى ملايين بل بلايين السنين، لأن هذا يحتاج إلى قوة خيال تفلت من أسر ووهم أن حياتنا عمرها ستة آلاف عام فقط! والمدهش أنه حتى فى الستة آلاف عام تلك حدثت تغيرات بسيطة فى بعض الكائنات تجعلنا نستطيع تقبُّل وتخيُّل التغيرات الهائلة التى لا نصدق أنها حدثت والتى حكاها لنا داروين فى كتابه البديع «أصل الأنواع».
سأحكى لكم بعض هذه التغيرات البسيطة التى رصدها العلماء فى فترة زمنية بسيطة نسبياً، أشهرها الخطأ الذى حدث فى هيموجلوبين دم سكان المناطق الموبوءة بالملاريا وجعل منه «هيموجلوبين» مختلفاً يسميه العلماء «هيموجلوبين إس المنجلى»، والمدهش أنه هيموجلوبين مقاوم لمرض الملاريا وهذا ما جعله يعيش ويسيطر من جيل لآخر، وأيضاً حكاية الفراشات الرمادية الفاتحة الشهيرة التى تحوّل لونها إلى الأسود القاتم بعد عصر الفحم الذى غطى البيوت الإنجليزية بالسواد وأتاح للفراشات القاتمة فقط أن تعيش وتختفى من الأعداء.. إنها مرونة الانتخاب الطبيعى فى زمن بسيط يقاس بآلاف السنين، فما بالك ببلايين السنين؟! أعتقد أن هذه البلايين من السنوات ليست قادرة فقط على تحويل لون الفراشة ولكنها قادرة على تحويل الفراشة نفسها لكائن آخر مختلف! أعتقد أنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون جد تشارلز داروين لأبيه طبيباً ومخترعاً، وجده لأمه فنان خزف شهيراً، فلا يمكن أن يكتشف تلك النظرية إلا مزيج من عالم وفنان، عنده صرامة ودقة المنهج العلمى، وتحليق وخيال الإبداع الفنى. وعندما صرخ العالم «هكسلى» تعليقاً على نظرية داروين البسيطة: «كم نحن أغبياء لأننا لم نفكر فى ذلك من قبل!!» كان محقاً، فقد كانت إرهاصات ومقدمات تلك النظرية مطروحة ومتناثرة من قبل، ولكنها كانت مثل لعبة «البازل» تحتاج إلى عبقرى مثل داروين، يأتى ليجمع شتاتها ويحل ألغازها ويفك شفرتها، ثم يأتى العلم الحديث لينفخ الروح أكثر فى نظريته ويمنحها قبلة الحياة.

أبونا سمعان.. العدلُ معقودٌ بناصية بلادى وجيشها بقلم فاطمة ناعوت ١٥/ ٢/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

أيها القسّ الشهيد، قضاؤنا العادل جاء بحقّ دمائك اليوم، واليومَ أيضًا جيشُنا الباسل يُطارد رؤوس قاتليك فى سيناء.
مشهدٌ مروّعٌ صدَّع قلوبَ المصريين. مشهدٌ حزين شاهدنا تفاصيلَه المريرة بالفيديو، ليظلَّ محفورًا فى ذاكرة مصرَ؛ عصيًّا على النسيان. قِسٌّ مسالم، مشهودٌ له بالطيبة والبشاشة مع الجميع. كان يسير فى إحدى ضواحى القاهرة، فى أحد نهارات أكتوبر الماضى ٢٠١٧، فى مهام خدمته لمساعدة الفقراء والمعوزين. ركض وراءه مراهقٌ يحمل سكينًا ضخمة، ثم ّنادى على القس: «يا قسيس!»، فالتفت له الكاهنُ، كأنما ظنّ أن للشابّ حاجةً فيؤديها له، كما تتطلّب خدمتُه فى مساعدة ذوى الحاجات. فما كان من المراهق الضالّ إلا أن طعن القسَّ فى بطنه، ثم عاجله بأخرى فى جنبه، فسقط الرجلُ الأعزلُ مُضرجًا فى دمه. وبدلا من أن يرتبكَ القاتلُ أو يندم لما أثمت يداه، عاجلَ المُحتضَرَ بعدة طعنات فى وجهه، حتى صعدت روحُه إلى خالقِها، محفوظًا حقُّه فى السماء، ليتبقى حقُّه فى الأرض. وأمس فقط جاء حقُّه فى الأرض بحكم قاضٍ عادل، قضى بإعدام القاتل شنقًا، تأكيدًا للحكم الذى قضى به قاضٍ عادلٌ آخرُ فى مراحل التقاضى السابقة.
القسُّ المغدورُ اسمه الأبُ سمعان شحاتة رزق الله. أحدُ الأقباط الذين نذروا أعمارهم لمساعدة فقراء المصريين وإغاثة المعوزين من ذوى الحاجات. والغادرُ مراهقٌ بليدٌ نصفُ أمى لم يكمل شهادته الابتدائية اسمه أحمد سعيد السنباطى، أحد بلطجية الرواقات الذين لم يقدموا للمجتمع شيئًا سوى الدماء والويل والخراب وأطنان من الخيبات. حين سأله المُحقِّق إن كانت له سوابق: ردّ مبتسمًا: «إشعالُ حرائق بالعمد، وحوادث ضرب». وكأنما يفخرُ بمقدرته على ترويع البشر وتخريب ما عمَّره بشرٌ يُعمِّرون!
كثيرٌ من البشاعات المخجلة صاحبت تلك القضية التى أبكت قلبَ مصر وزلزلت قلوبَ المصريين. منها الفيديوهات الكثيرة التى صوّرتِ المشهدَ الفاجع. مَن الذى صوّرها؟ عدا كاميرات المراقبة المركّبة فى مخزن الحديد، مسرح الجريمة؛ ثمة كاميراتُ هواتفَ كثيرة صوّرت المشهد. وكأن أصحاب تلك الهواتف قد فضّلوا تسجيلَ جريمة الذبح بدلا من محاولة منعها، ولو بمجرد إلقاء حجر على القاتل حتى يتشتت انتباهُه ثوانى قليلةً تُمكِّن المغدورَ من الهرب من الغادر قبل إزهاق روحه. لكن الأبشعَ من كلِّ ما سبق هو إجابات القاتل عن أسئلة التحقيق بكل ما تحمل من صفاقة وبرود وإصرار على الإثم دون ذرّة ندم، وشعور مريض بالفرح لأنه نجح فى إزهاق روح بريئة مسالمة، لم تؤذه على الإطلاق، ولم تؤذ أحدًا، إنما ساعدتِ بؤساء وفقراء ومرضى. كان القسُّ فى طريقه لأداء بعض مهام خدمته فى جمع التبرعات من الموسرين لتوزيعها على فقراء ينتظرون الغوث، فجاء ضالٌّ خاملٌ اعترف بأنه بدأ حياتَه فى العطالة والمجون وشرب الخمور وتعاطى المخدرات، ليوقفَ فيضَ الخير والصدقات الذى كتبه اللهُ للمحتاجين من فقراء المصريين على يد هذا القس الطيب. جريمةٌ مزدوجة إذن: إزهاقُ روح إنسان، ومنعُ مساعدة ملهوفين!
القصّةُ فى نظرى تعدّت حقلَ القتل الطائفى: مسلمٌ مُضلَلٌ يقتل مسيحيًّا مسالمًا. نحن أمام جريمة قتل مجتمعية لها بطلان اثنان: مفيدٌ وضارٌّ، فاعلٌ وخاملٌ، طيبٌ وشريرٌ... قمحٌ وهالوك. بلطجى عالةٌ على المجتمع يقتلُ مواطنًا مفيدًا للمجتمع، فى وَضَح النهار، أمام المارّة والسابلة. هنا تأخذُ الجريمة بُعدًا مجتمعيًّا خطيرًا يُضافُ إلى بُعدها الطائفى المرير، والمخجل.
لكن هناك بطلا ثالثًا خفيًّا لم يظهر فى مسرح الجريمة. هو البطلُ الأخطرُ الذى يُحرّك عروس الماريونيت بخيوط فى أصابعه. اعترف القاتلُ، «عروسُ الماريونيت» بأنه نفّذ جريمته بعد دقيقتين من تلقيه مهاتفة ممن أطلق عليه: «نائب الأمير» أو «السيادة الحرة». وبمجرد تلقّيه أمر القتل، تخلص من الهاتف ونفّذ العملية. أولئك هم أبطالُ الإرهاب الأُوَلُ الذين يحرّكون عرائس الماريونيت الإرهابية فى طرقات مصر وأزقّتها وميادينها فيدثرون بيوتنا بشرائط الحداد. وأولئك هم من يحاربهم جيشنا العظيم اليوم فى سيناء ليجتثَّ شأفتهم من جذورها. نصر الله جيشنا العظيم وسدّد خُطاه.

خالد منتصر - هابى بيرث داى تو «داروين» (٢) - جريدة الوطن - 15/2/2018

لماذا هذه الاتهامات بالإلحاد وغيرها من التهم الجاهزة لمن هو مقتنع بنظرية التطور التى تخطت حدود التخمينات وصارت حقيقة دامغة لا تحتاج شهادة من أحد؟!، الإجابة هى إذا كانت مقولة إن الأرض ليست مركز الكون، بل هى مجرد كوكب تابع لنجم من ملايين النجوم التى تضمها مجرة من ضمن ملايين المجرات التى تسبح فى الكون، قد أدت إلى اضطهاد كوبر نيكوس وحرق الراهب برونو وسجن جاليليو كسيحاً أعمى، فما هو المصير الذى سينتظر من قال إن الإنسان مجرد حلقة فى سلسلة التطور، معارضاً نظرية الخلق المستقل المكتوبة فى التوراة؟، اعتبرت تلك إهانة من «داروين» للإنسان محور الكون والأهم من كل الكواكب والمجرات والنجوم التى خلقت من أجله هو فقط، فكيف سيكون الضفدع والفأر والسحلية والخفاش من شجرة العائلة؟ وكيف سيكون القرد من أبناء عمومتى؟!، هذا السؤال الاستنكارى هو الذى جعل «داروين» يؤجل نشر كتابه أكثر من عشرين عاماً، جر الإنسان من صفوف الملائكة لوضعه فى طابور الوحوش والقرود سيصدم الإنسان ويخدش غروره، ولكن ما شاهده «داروين» فى رحلة سفينة البيجل جعله على يقين بأن التطور حقيقة دامغة، والدلائل التى دونها فى كتاب «أصل الأنواع» هى شفرة الفهم الجديد لسر الحياة ونشوء الكون وتطور الكائنات. كانت جزر الجالاباجوس التى وصلت إليها سفينة البيجل هى أجمل معمل تطور فى العالم، جزر معزولة فى المحيط الهادى على بعد ٦٥٠ ميلاً من السواحل الغربية للإكوادور، وجد فيها «داروين» علامات استفهام استفزت عقله الفضولى، أربعة عشر نوعاً من العصافير بمناقير مختلفة، منها المناسب للبذور الصغيرة ومنها المناسب للبذور الكبيرة ومنها ما يلتقط الحشرات.. إلخ، وجد حيوانات متفردة ومميزة فى هذه المنطقة المعزولة التى لم تصل إليها بالقطع سفينة نوح، بل المدهش أنه فى كل جزيرة حيوان مختلف عن الجزيرة الأخرى، فعلى سبيل المثال فى الجزر التى لا توجد بها إلا النباتات المرتفعة كانت السلحفاة تمتلك فتحة فوق الرقبة فى ظهرها الصلب تمكنها من قطف أوراق تلك النباتات. وكان السؤال: كيف وصلت تلك الحيوانات إلى تلك الجزر المهجورة؟! وجد أصداف بحر فى الجبال مما أثار سؤالاً حول ماضى هذه الجبال التى كانت غارقة فى البحر! وجد هيكلاً ضخماً لآكل نمل قديم يكاد يكون متطابقاً مع آكل النمل الحديث صغير الحجم، رأى قرب القطب الجنوبى بشراً يسيرون عراة فى الصقيع بدون معاناة، وجد فى جالاباجوس سلوكيات غير مألوفة مثل ثعالب أليفة وإوز لا يطير وطيور لا تخشى الإنسان!!، حاول سكان تلك البلاد تقديم تفسيرات أسطورية ميسورة جاهزة لـ«داروين»، ولكنه كان مريضاً بداء الفضول العلمى وعدم قبول الأفكار الجاهزة وتصديقها لمجرد أنها أفكار قديمة مقدسة، فحين وجد عظاماً ضخمة فى سهول أمريكا الجنوبية وحاول إيجاد علاقة بينها وبين حيوانات الزمن الحالى صغيرة الحجم، قال له السكان هناك إن عظام الحفريات تكبر بعد موتها وإن الأنهار تحول العظام الصغيرة إلى ضخمة!!، سأل نفسه: لماذا لا أجد حفريات لثدييات، ومنها الإنسان فى الطبقة الأقدم التى وجدت فيها حفريات زواحف؟ لماذا هذا الفصل الحاد فى طبقات الحفريات إذا كانت كل تلك الحيوانات قد خلقت فى نفس الزمن؟ لماذا الشبه بين جناح الطيور وأصابع الثدييات؟ لماذا تغير الحصان من ذى الأصابع الخمسة إلى صاحب الحافر؟ لماذا يمتلك الثعبان أرجلاً ضامرة ولماذا يمتلك الإنسان زائدة دودية كل وظيفتها الحالية أن تنفجر وتودى بحياة صاحبها إذا لم يسعف فوراً؟! تجمعت الأدلة والشواهد على تأكيد أكبر ثورة فكرية فى التاريخ، ثورة التطور التى تحولت من نظرية إلى فلسفة، لكن هل اخترعها «داروين» من العدم؟

Tuesday, February 13, 2018

خالد منتصر - «هابى بيرث داى تو داروين» (١) - جريدة الوطن - 14/2/2018

احتفل العالم، أمس الأول، بيوم ميلاد تشارلز داروين، عيد ميلاد سعيد يا داروين يا عبقرى، يا من غيّرت تاريخ الدنيا وصدمت عقل الإنسان القاصر، يا أعظم عالم فى تاريخ علم البيولوجيا. والمدهش أن وزارة التربية والتعليم لا تؤمن حتى الآن ولا تعترف بنظرية التطور، وإذا كان وزير التربية والتعليم ومفتشو علم الأحياء يكرهون داروين، فيجب ألا يتناولوا المضاد الحيوى ويجب أيضاً أن يمنعوا أى فرد من عائلتهم من تناول الأنسولين، وذلك لسبب بسيط وهو أن هذين الدواءين السحريين نتاج لفهم نظرية التطور التى صارت حقيقة علمية تثبتها الدلائل يوماً بعد يوم، ولولاها ما تقدم الطب ولا علم البيولوجيا وما ظهر فرع فى الطب اسمه الطب التطورى يعتمد على ملاحظات داروين. ونداء إلى أى فرد يعتبر نفسه مثقفاً، إذا كنت قد قرأت جميع مسرحيات شكسبير وروايات ديستوفيسكى ونجيب محفوظ وقصص تشيكوف ويوسف إدريس وحفظت كل أشعار المتنبى وطاغور وإليوت وجوته فأنت ما زلت، للأسف، نصف مثقف بلغة هذا العصر، لأنك تجاهلت نظرية التطور، وإذا لم تضم مكتبتك كتاب «أصل الأنواع» لداروين فمكتبتك ما زالت مكتبة فقيرة تعانى من الجفاف والأنيميا حتى ولو اكتظت رفوفها بمئات الآلاف من المجلدات! إنه الكتاب الصدمة، ثورة ما بين غلافين، ثورة كان سلاحها الحبر والورق، والأهم سلاح الفكر المتحرر من البديهيات المسبقة، الإبداع الذى لا يعترف بصدق الفكرة إلا من خلال عدد الأدلة العقلية التى تؤيدها وتثبتها وليس من خلال عدد البشر الذين يعتنقونها، سلاح الجسارة والجرأة والاقتحام من عبقرى اسمه تشارلز داروين.
فى ٢٤ نوفمبر ١٨٥٩، صدر كتاب «أصل الأنواع»، عنوان الكتاب صعب ومعقّد «أصل الأنواع، نشأة الأنواع الحية عن طريق الانتقاء الطبيعى أو الاحتفاظ بالأعراق المفضلة فى أثناء الكفاح من أجل الحياة»!! عنوان طويل اضطر داروين إلى كتابته بالتفصيل وكأنه يعتذر بتوضيح فكرته على الغلاف عما سيُحدثه من صدمة لعقول القراء. حجم الكتاب ضخم، ٥١٦ صفحة، ورغم العنوان الطويل والحجم الضخم نفد الكتاب من أول يوم، ١٢٥٠ نسخة تخاطفتها الأيدى فاختفى من المكتبات. الوحيد الذى لم يفرح بهذا الانتشار كان داروين نفسه، فقد ظل أكثر من عشرين سنة يفكر ويتراجع ويتريث ويقدم رجلاً ويؤخر الأخرى ويسأل نفسه: هل أقدم على هذه المغامرة، هل أنشر فكرتى الصادمة وأخرج عن النص وأغرد خارج السرب وأشرد عن القطيع، وأجمع دلائلها وشواهدها فى كتاب؟ كان داروين طيلة هذه الأعوام يعانى من الأرق وآلام المعدة والصداع المزمن فى بيته الريفى المنعزل فى «كنت»، كان يسأل نفسه: «هل تستحق فكرتى كل هذا العناء وهذه المشقة؟».. تركت دراسة الطب، ثم تركت دراسة اللاهوت، ثم ذهبت فى مغامرة بحرية وعمرى ٢٢ سنة لمدة خمس سنوات على متن سفينة «البيجل»، يدفعنى الفضول وتستهوينى الأجنحة والمناقير والقواقع والأصداف. لم يكن داروين يعلم أنه يصنع تاريخاً جديداً من خلال هذه المناقير والأجنحة والحفريات!! علّمته دراسة الأحياء والحفريات أنه مهما كانت قوة العواصف والأعاصير فإن الكون لا بد أن يحتفظ بجزء من الحقيقة ولو على سبيل الذكرى ولو بعد ملايين السنين. كان واثقاً، رغم عاصفة الهجوم والسخرية، من أن التاريخ سينصفه، وأن الكنيسة ستعتذر له، وأن علم البيولوجيا الجديد سيقوم على أكتافه وسيولد من جديد من رحم أفكاره الثورية، وأن كل مريض زُرع له كبد أو قلب أو تم إنقاذه بدواء أو جراحة مدين لفكرة التطور العبقرية التى أهداها لكون يحارب الجديد، ويعاند التطور، وينتشى ويستلذ بالاستقرار، والمدهش أنه كتب بجانب شجرة الحياة التى اقترحها ورسمها فى كتابه «أنا أعتقد»، وكانت هذه العبارة هى كلمة السر وشفرة الخلود فى منهج التفكير العلمى، فهو لم يمارس الكهنوت ويقول أنا متأكد من خلال نصوصى المقدسة، ولكنه مارس الاعتقاد الذى يحتمل الصح والخطأ وليس الحرام والحلال، وكان يردد: «إننى لأرى على وجه اليقين أن كثيراً جداً من كتابى سيسقط، ولكنى آمل أن يظل العمل فى مجمله باقياً على مرِّ الزمن»، كان يعرف أن فكرته ما زالت تحتاج إلى كثير من التفاصيل لملء فجواتها.. والمدهش أن العلم ما زال فى كل لحظة يُهدى داروين مزيداً من التفاصيل التى تؤيد نظريته وتجعل منها حقيقة علمية فى منزلة كروية الأرض ولها نفس المصداقية.

صُنع الله إبراهيم يتسلم جائزة الشعب بقلم د. محمد أبوالغار ١٣/ ٢/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

فى دول الغرب الديمقراطية نادراً ما تعطى الدولة جوائز للمتفوقين أو الرواد فى مجالات العلوم أو الفنون، وكبرى الجوائز العالمية وهى جائزة نوبل تقدمها جمعية أهلية ترعى الجائزة من مبلغ كبير استثمر للصرف على الجائزة ورفع قيمتها المالية مع التضخم لتحافظ على مكانتها، وقد أوكلت المؤسسة إلى الأكاديمية السويدية تحكيم الجائزة واختيار الفائزين باستثناء جائزة نوبل للسلام والتى ترشح لها الحكومة النرويجية ويوافق عليها البرلمان النرويجى.
أكبر جائزة للسينما فى العالم (الأوسكار) لا تقوم بها الحكومة الأمريكية وإنما مؤسسة مجتمعية خاصة مهتمة بالسينما، والعالم كله يشاهد حفلها المبهج وينطبق هذا الأمر على دول أوروبا الغربية بالكامل باستثناء إنجلترا التى تعطى التقاليد الملكية الحق للدولة بإعطاء بعض الألقاب مثل اللورد والسير لمن يقدمون خدمات جليلة للدولة أو قدموا إنجازاً كبيراً فى العلوم أو الآداب.
المجتمع المدنى فى مصر له باع طويل وقديم ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين قدم المجتمع المدنى خدمات تعليمية وصحية وثقافية كبيرة. وفى منتصف القرن العشرين تحول نظام الحكم فى مصر وفى معظم دول العالم الثالث إلى نظام أحادى لا يعرف التعددية وصاحبه تأميم الممتلكات والأوقاف وإضعاف متعمد للعمل الأهلى فتوقفت الجوائز الأهلية وبدأ ظهور جوائز الدولة فى مختلف الفروع العلمية والثقافية، وكانت هذه الجوائز تعطى كثيراً لمن لهم علاقات متميزة مع النظام السياسى وكان من أبرزها جوائز صدام حسين الضخمة جداً فى العراق والغرض كان توسيع شعبية ونفوذ رئيس الجمهورية.
فى مصر بدأت فكرة جوائز الدولة فى عهد الرئيس عبدالناصر وكان يعطيها اهتماماً كبيراً وبمرور الزمن ضعفت القيمة المادية للجوائز بسبب التضخم، وفى عهد مبارك حدثت تدخلات سياسية كثيرة أدت إلى إعطاء الجوائز لمن لا يستحقها فى جميع الفروع، وكان ذلك أكثر وضوحاً فى العلوم الإنسانية فأعطيت الجوائز لبعض الوزراء ورؤساء البرلمان أثناء توليهم مناصبهم وكان واضحاً أنهم لا يرقون لنيل الجوائز من الناحية الأكاديمية أو العلمية، وقد أدى ذلك إلى فقدان الثقة فى القيمة المعنوية للجائزة وأهميتها.
تشكلت جائزة جديدة فى عام ٢٠٠٣ سُميت جائزة الرواية العربية، وهى فكرة جيدة وشكلت لجنة تحكيم برئاسة الأديب السودانى الكبير الراحل الطيب صالح وهى جائزة لا يتقدم لها أحد وإنما يتم اختيار الفائز عن مجمل أعماله. وقررت اللجنة منح الجائزة للأديب صنع الله إبراهيم وفى احتفال كبير بدار الأوبرا المصرية حضر صنع الله لتسلم الجائزة وعندما صعد إلى المنصة أخرج ورقة من جيبه وأعلن فيها رفضه للجائزة لأنها تأتى من حكام ظلمة ونظام ديكتاتورى فى كلمة موجزة وغادر القاعة متجهاً إلى منزله. أثارت الكلمة تصفيقاً حاداً فى الصالة وإعجاباً من الحاضرين وحدث شعور عام بالسعادة بين كل المثقفين لأن أحدهم أعلن على الملأ وفى حضور جماهيرى ووزارى وعلى الهواء مباشرة ما يجيش فى صدورهم جميعاً. تخيلت أن صديقى الطيب صالح سوف يكون غاضباً من تصرف صنع الله ولكننى عرفت منه صباح اليوم التالى أنه كان سعيداً بتصرف صنع الله واعتبر أن هذا حقه ومن واجبه أن يعلن رأيه على الملأ فى أى تصرف تقوم به دولة فاشية أو ديكتاتورية.
صنع الله رفض مبلغاً كبيراً وهو قيمة جائزة الرواية العربية وبالتأكيد كان فى حاجة لهذا المبلغ ولكنه فضل أن يقول رأيه الحر بأعلى صوت حرصاً على الحرية ومستقبلها. منذ ذلك التاريخ الذى مر عليه الآن ١٥ سنة والكثيرون يحملون كل التقدير لصنع الله على هذا الموقف الشجاع بجانب تقديرهم لعمله الأدبى.
صنع الله مناضل سياسى قديم، سجن فى أوائل شبابه مدة طويلة فى فترة صعبة وخرج من السجن أديباً وكاتباً يكتب بلغة مختلفة وجمل قصيرة واضحة ويخوض موضوعات يخاف منها الكثيرون، وكانت روايته الأولى «تلك الرائحة» رواية شديدة الجرأة والشجاعة أذهلت الكثيرين وأغضبتهم ثم بعد ذلك كتب صنع الله العديد من الروايات منها «ذات» و«نجمة أغسطس» و«بيروت بيروت» و«أمريكانلى» وعشرات الأعمال الأخرى، وقد ترجمت الكثير من أعماله لمعظم اللغات ولاقت إقبالاً شديداً.
فكر بعض أصدقاء ومحبى صنع الله إبراهيم وأدبه ورواياته فى تكريمه بجائزة تأتى من الناس وليس من نظام أو حزب أو دولة فقاموا بالاتفاق مع اتحاد الكتاب الأفريقى الآسيوى اللاتينى الذى يرأسه محمد سلماوى، وجمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين التى يرأسها زياد بهاء الدين على أن تنضم الثلاث مجموعات فى تكريم صنع الله، وتم ذلك فى قاعة النيل وهى قاعة محترمة فى شارع محمد فريد فى وسط القاهرة تابعة للكنيسة الكاثوليكية.
وقدمت الحفل السيدة منى سلمان وقدم الفنان أحمد إسماعيل فقرة موسيقية غنائية، وقدم طلبة الفنون المسرحية مقاطع من ثلاثة أعمال لصنع الله إبراهيم وكان الحضور متميزاً بأعداد كبيرة من المثقفين المصريين.
دور الجمعيات الأهلية والأفراد يجب أن يكبر، وهناك مؤسسة ساويرس الاجتماعية التى لها جوائز ثقافية سنوية متميزة منذ ١٣ عاماً. أرجو أن ينشط المجتمع المدنى فى هذا الاتجاه لتشجيع كل المواهب الجميلة.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

خالد منتصر - هل سنقول وداعاً لغسيل وزراعة الكلى؟ - جريدة الوطن - 13/2/2018

ماكينة العلم الجبارة لا تهدأ، وساقية العلم تأتى لنا بالخير والنعم من أعمق الآبار كل يوم، ومنذ أن صار المنهج العلمى هو منهج التفكير لمن يريد التحضر، ومنذ أن انقسم العالم إلى معسكرين، الأول يفكر بالعلم وينتج وينجز ويصدر منجزاته التكنولوجية، والثانى ينام ويشخر ويحسد ويشتم ويستهلك ويحقد ويلعب فى أصابعه ويستمتع بخرافاته، منذ ذلك الوقت صار هناك مخترع الآلة وصار هناك المستهلك العالة!، من ضمن تلك الإنجازات العلمية فى مجال الطب، إنجازان حديثان فى مجال أبحاث الكلى، الإنجازان من صناعة الإنجليز أحفاد نيوتن وداروين، تلك الإنجازات الثورية ستجعلنا أمام عالم يتجاوز حدود خيالنا، ستختفى الصيدليات وتصبح العلاجات قص ولزق واستنساخ وخلايا جذعية تحت الطلب، هى ماكيتات لأعضاء وأنسجة جديدة، وسيصبح غسيل الكلى وزراعتها حدثاً تاريخياً يشاهده السياح فى المتاحف، الخبر الأول من جامعة مانشستر حيث زرعت خلية جذعية تحت جلد فأر وتم العمل على تطويرها إلى نسيج كلى، فالخلية الجذعية ببساطة بيت كبير فيه كل الحجرات مغلقة بمفاتيح، من الممكن أن تفتح تلك الحجرة وتدع الباقى مغلقاً، فى تلك الحالة فتحنا غرفة الكلى، كان باحثون آخرون من قبل توصلوا إلى مرحلة تصنيع أصغر وحدة فى الكلى وهى ما يسمى glomeruli، لكن فى تلك التجربة وبعد 12 أسبوعاً فقط تم نمو ما هو أكبر وهى مرحلة الـnephron وهى الوحدة الأكبر، بالإضافة إلى شبكة أوعية دموية، ثم فى النهاية كانت المفاجأة أن تلك الوحدات الكلوية المخلقة أفرزت ما يشبه البول!، الإنجاز الثانى لم يتم فى فأر بل تم فى أنبوبة اختبار، الخلية الجذعية فى تلك المرة كانت من أذن بقرة وتم وضعها فى محيط تنمية كيميائى معين لتتحول إلى نسيج كلى، الخلية الجلدية التى أخذت من أذن البقرة تم لحمها ووضعها فى بويضة البقرة بعد تفريغ البويضة من الـ«دى إن إيه»، وهى بصمة الحياة ومادة الوراثة الأولية، نسيج الكلى البدائى يتم تكوينه بواسطة تلك الطريقة التى ساعدت فيها جامعة هارفارد إلى جانب العلماء الإنجليز بنصيب كبير، المهم أن كل تلك الأبحاث المعملية أقرأ عنها فى نفس الوقت الذى أجد فيه مناخ الإعلام المصرى واهتمامات المصريين على السوشيال ميديا غارقة فى مناقشة التفاهات، فى وقت طباعة الأنسجة والأعضاء بالـ«ثرى دى» والـ«فور دى» والسوفت وير، نجد أن كل همنا ينصب على الأندروير!!، هل كانت ترتديه الراقصة فلانة التى هزت الأمن القومى المصرى؟!، تلك المساخر عندما أكتب عنها وأسخر منها أحس أنها الكوميديا السوداء المغموسة فى ملح الدمع الباكى على وطن فقد عقله.

Saturday, February 10, 2018

خالد منتصر - قطع إمدادات السلاح والأفكار أيضاً - جريدة الوطن - 11/2/2018

انطلقت عملية سيناء ٢٠١٨ لتطهير شمال سيناء من الإرهابيين، تجار الدم وسماسرة الموت وضباع الجيفة، كل الأسلحة تكاتفت واشتركت فى هارمونى، تدعمهم رغبة الشعب العارمة فى اجتثاث جذور الإرهاب، بصمة سلاح البحرية موجودة وحاضرة وقوية لقطع إمدادات السلاح عن هؤلاء الإرهابيين الفاشيين، فضربهم بالطيران فقط دون قطع إمدادات السلاح يعنى أن العلاج وقتى، وأنهم ينتظرون المدد للبدء من جديد، ولذلك كان دور القوات البحرية دوراً مهماً ومؤثراً، ولكن هل ننتظر خطوة أخرى من قوى الدولة المدنية وأجهزة الدولة المدنية نفسها بعد أن أدى الجيش دوره وإلى جواره الشرطة فى تعقب الإرهابيين؟، نعم ننتظر، كما قطعت القوات البحرية إمدادات السلاح من البحر، وقطع سلاح الحدود إمدادات السلاح من البر، ننتظر من الدولة قطع إمدادات الأفكار من الكتب والبرامج والمنابر والمدارس الدينية والحكومية، الأفكار التى تجعل جمرة الإرهاب تشتعل من جديد ويظل رمادها قابلاً للنفخ فيه ليتوالد لهب وشرار أخطر وأعنف، نحن فى كتاب الإرهاب لسنا الصفحة الوحيدة، تاريخ الإرهاب طويل، لكن السؤال: لماذا عندما ضربت ألمانيا بادر ماينهوف لم تقم لتلك العصابة قائمة بعدها؟!، لماذا عندما ضربت إيطاليا الألوية الحمراء كانت الضربة قاصمة؟!، لماذا منظمات الجيش الأحمر اليابانى والجيش الأيرلندى وإيتا فى الباسك.. إلخ، لماذا كل تلك المنظمات تذبل وإرهاب الإسلاميين ينمو ويزدهر؟!، لا بد من إجابة نكون فيها صادقين مع أنفسنا حتى نخرج من هذا المستنقع، إنها الفكرة التى تجد المنبر لتغسل به أدمغة المصلين، وتزدهر فى المدرسة التى تعلم وتربى الأطفال على مفاهيم كراهية الآخر والجهاد بغزو أرض الآخر وقطع رقبته وعداء المرأة وفوبيا الحياة، الفكرة التى تجد قنوات دينية تتوالد كل يوم كالبكتيريا وخلايا السرطان، يخرج فيها الداعية ليصف عقائد الآخرين بالفساد ويحرم تهنئتهم ويدعو إلى نزع المحبة حتى عند الزواج منهم والجهاد من أجل فرض الجزية وحل مشاكل الاقتصاد بسبى النساء!!، الفكرة التى تجد كتباً تباع بملاليم لتسهيل الانتشار الوبائى لمفاهيم الولاء والبراء وقتل المرتد ونشر الخرافات التى لا تنتمى لعلم ومكانها المتاحف وقصص الفولكلور، الإرهاب سيعيش وينمو طالما لم نمتلك بعد جسارة المواجهة الأيديولوجية وقطع الجذور الفكرية والتركيز على بعض حشائش السطح، الإرهاب سينشب مخالبه طالما ملامح الدولة المدنية ما زالت مشوشة باهتة تتسول اعترافاتها وتشريعاتها من لجان الفتوى لا مؤسسات القانون.
قطع إمدادات السلاح سيقطع شرايين الإرهابيين، لكن قطع إمدادات الأفكار سيبتر شرايين وأعصاب وأكسجين الإرهاب نفسه.

Friday, February 9, 2018

غضبت منى السيدة ميس وانج بقلم د. وسيم السيسى ١٠/ ٢/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

وصلتنى رسالة من السيدة وفاء نور والمقيمة فى لندن والشهيرة بفتافيت السكر، تعليقا على مقالتى السابقة فى «المصرى اليوم» «أصل الحضارة الصينية من مصر» تقول: دعتنى صديقتى ميس وانج المحامية الصينية الأصل إلى منزلها وقالت لى: منذ هجرتنا إلى إنجلترا لم نذهب لطبيب إنجليزى، نعالج أنفسنا بزيوت مستخرجة من أعشاب صينية توضع نقطة فى سرة المريض ثم تدهن المنطقة المريضة بالزيت الخاص بهذا المرض، وعلى كل زجاجة رسم لهرم خوفو الأكبر.
وقالت ميس وانج إن ثراء المطبخ الصينى من ثراء الحضارة الفرعونية، كذلك العلاج الصينى مأخوذ من الطب المصرى القديم، هذا وقد غضبت ميس وانج منى لما قلت لها: لقد ظننت أن حضارتنا المصرية مأخوذة عن الحضارة الصينية، ثم قالت لى إن والدتها ذهبت إلى الأقصر منذ ثلاث سنوات، وماتت هناك، وذهب أولادها إليها، ودفنوها فى مصر من شدة حبها لمصر وللحضارة المصرية القديمة.
إنه كنفوشيوس أو كونك سنة ٥٥١ قبل الميلاد، عمل مساعداً لوزير الأشغال، كان رجل مبادئ أثار حقد من حوله، غادر وظيفته، واتجه لملوك الطوائف فى الصين يقدم لهم النصيحة، أصبح له تلاميذ ينشرون أفكاره ومبادئه، كان جوهر تعاليمه سعادة الإنسان، بل فضلها على مصلحة الدولة، كان يؤمن أن الإنسان مخير وليس مسيراً، وأن الإنسان يتعلم من تجاربه كما يتعلم من المعرفة، أصبحت فلسفته هى الكنفوشيوسية التى تحدت اختبار الزمن ٢٥٠٠ عام.
ظهر فى نفس العصر حكيم صينى غامض السيرة يدعى: لاو- تسو، ترك لنا كتاباً اسمه: التاو-تى- تشينج، أقتطف من كتابه:
إذا استبعدت الفقهاء والحكماء يفيد الناس أضعافاً مضاعفة.
احكم البلاد باتباع السكينة، وأدر الحرب بتحركات مفاجئة وسريعة.
كلما كثرت القوانين والشرائع، انتشر اللصوص وقطاع الطرق.
من أراد أن يحكم أمة، فعليه أن يتضع أمامها، ومن أراد أن يقود شعباً، فعليه أن يسير وراءه. القسوة والصلابة من علامات الموت، اللين والرقة من علامات الحياة.. فالجسد الميت صلب وقاس، والجسد الحى رقيق ولين، ومن هنا فسلاح القوة لا ينفع، بينما اللين والرقة يذيبان الحجر.
من يقدر على تحمل اللوم فى سبيل الناس، مؤهل لحكم الناس، ومن يتحمل كوارث البلاد، مؤهل لقيادة المملكة.
كان لاو- تسو أكبر من كنفوشيوس، تقابل الاثنان، وتبادلا الآراء والأفكار، واسم لاو- تسو معناه: الشيخ الفيلسوف، والديانات السماوية أو الكتابية ثلاث:
أ- اليهودية ب- المسيحية ج- الإسلام.
والديانات غير الكتابية ثلاث:
أ- البوذية ب- الكنفوشيوسية ح- الزرادشتية.
هذه الديانات غير السماوية تؤمن بالسلام بين الناس جميعاً، كما أنها تؤمن بالسماحة tolerance أى قبول واحترام أى دين آخر، وهى لا تقبل كلمة تسامح الأديان forgiyness لأنه ليس هناك دين يخطئ فى حق دين آخر، لهذا فهم يرددون سماحة الأديان وليس تسامح الأديان، ولذا فهم يعيشون فى سلام.. وعقبالنا!.

خالد منتصر - تخاريف وهلاوس الطاقة - جريدة الوطن - 10/2/2018

لم أكن أتصور أن يأتى اليوم على جريدة قومية كبيرة وتسمح لصحفية تعمل فيها أن تروج لدجل ونصب وهرتلة وتكرر كل فترة نفس الوسواس القهرى، وتفرد حواراً يحتل ثلاثة أرباع صفحة مع خبيرة علاج بالطاقة مرفقة بصور بالحجم الطبيعى، وكأنه حوار مع د. مجدى يعقوب أو لويس باستير!! الحوار ينتمى إلى عالم الهلاوس السمعية والبصرية ويرسخ ثقافة الخرافة ولا ينتمى لأى علم أو حتى ذرة عقل، شعبنا الغارق فى الأساطير والأوهام والتخاريف يقرأ هذه الهرتلات، وللأسف هذه الأوهام تقال على لسان طبيبة المفروض أنها تعلمت أن الطب الحديث هو الطب المبنى على الدليل، وأن كلام المصاطب وأحاديث النميمة من قبيل علاج الطاقة شفانى من الورم أو عالج الإيدز أو الفيروس هو كلام يوقعنا فى فخ كفتة عبدالعاطى، وبردقوش تاجر الأعشاب وعطار الطب! ولكن الكارثة هذه المرة أنه يأتى من خريجة كلية طب تكرر نفس الأسطوانة المشروخة عن أضرار الدواء وجرائم شركات الأدوية.. إلخ، اختارت، كما اختار الكثيرون من مروجى الخرافة، الحل السهل وهو مغازلة البسطاء والجهلاء والابتعاد عن دروب العلم المرهقة المتشككة الموسوسة التى قدمت ولا تزال من خلال الأبحاث والمعامل والمؤتمرات والدراسات طوق النجاة لملايين المرضى، ولتقل لى د. ماجدة كيف ستعالج شلل الأطفال بالطاقة؟! كيف ستعالج سكر الأطفال دون أنسولين وبموجات الضوء وحجر الكهرمان وأشكال الهرم إلى آخر هذا الكلام الفارغ؟! كيف تخرج إلينا طبيبة محترمة تتكلم عن العلاج بـ«الرقية» فى زمن العلاج بالهندسة الوراثية، وقص ولصق الجينات؟! لن أطيل عليكم وسأقتبس لكم بعض ما قيل فى هذا الحوار الذى مكانه مسرح العبث أو مجلة البعكوكة، وأترك الحكم لكم:
اللون الأحمر يعالج الأنيميا، واللون الأزرق يعالج الكبد والمرارة، والعلاج بطاقة الريكى (منها جاءت الرقية)، وهذه طاقة موجودة فى الكون يلتقطها الإنسان مثل الرادار ويستعملها للشفاء والشفاء بالنور الذى نراه على معظم الجدران برفع اليد وتوجيهه إلى الملك، إن الشفاء بالنور ليس غريباً الآن، فقد اكتشف العالم الألمانى الدكتور بوب أن خلايا جسم الإنسان تشع نوراً كأنه ضوء شمعة عندما نراها من بعيد، فى دول الغرب تحدث حالة من الاستنفار الأمنى وقت اكتمال القمر بدراً تحسباً لأى مشاغبات تحدث بين البشر أكثر من المعتاد نتيجة الموجات الصادرة التى تؤثر على المد والجزر، ونراها وتؤثر فينا نحن البشر ولا نراها، وقد أوصانا النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، من قبل كل تلك الاكتشافات بالصيام فى الأيام القمرية من كل شهر عربى، لأن الصيام يهدئ من نفس وروع الإنسان التى تتأثر بالظواهر الفلكية (طبعاً لازم ولا بد من بعض البهارات الدينية على طبخة الدجل، لكى تصبح أكلة الخرافات حرّاقة ومهضومة ولذيذة)!!.
الإنسان تحيطه هالة بنفسجية كالجدار تحميه وتقيه من الموجات السلبية بما تحمله من داء إذا تشققت تلك الهالة وضعفت نتيجة الحالة النفسية أو غيرها، فليستعد الإنسان لتلقى ضربات سلبية مرضية لأى عضو فى جسده.
انتهت الاقتباسات التى تجاوزت فهمى المحدود وعقليتى المتواضعة التى لم تحط علماً بأحدث أبحاث الرقية الشرعية والتى لا ترقى إلى مرتبة المحررة المتخصصة فى الجلا جلا الصحفى، وأمور عالم الطيران فى دنيا المورستان، ولم تطلع على تاريخ الاستنفار الأمنى نتيجة اكتمال القمر!! لنا الله والظاهر أننا مكتوب علينا نعيش زمن الكفتة، ويخترقنا السيخ حتى تخرج قمته المدببة من تلافيف قشرة المخ.

Thursday, February 8, 2018

خالد منتصر - الوحدة.. الوباء الخفى - جريدة الوطن - 9/2/2018

الوحدة والعزلة كارثة صحية أخطر من التدخين والبدانة!، صدمتنى تلك الجملة المكتوبة فى تقرير جريدة «الحياة» المهم المنشور فى صفحة المجتمع أمس، بدأت أوروبا تحس بتلك المأساة، ولذلك بادرت بعدة حلول، لكى تنقذ كبار السن، وربما بعض الشباب مما أطلقوا عليه «الوباء الخفى»، ولأننا نعانى من عصاب كراهية كبار السن ونعاملهم كخيل الحكومة، ونعتبرهم عبئاً على كاهل المجتمع لا بد من الإلقاء به فى البحر لإنقاذ المركب، حتى ولو كنا نحن الذين ثقبناه وضيّعنا المجداف والدفة!، لأننا كذلك فتلك ليست فى مؤخرة اهتماماتنا فحسب، بل هى قد سقطت من الذاكرة أصلاً، أنيميا الصداقة وهشاشة اللمة والصحبة والضمة ونقص الونس، أمراض تدب فى شرايين التواصل الإنسانى وتسده بكوليسترول الهجر والصمت والخرس، ماذا فعلت وتفعل أوروبا الآن، التقرير يقول إن الوحدة أو «الوباء الخفى» وفق توصيف «منظمة الصليب الأحمر»، باتت خطراً صحياً واجتماعياً وثقافياً يهدد القارة العجوز. إذ تكبر أوروبا فى السن وتكبر معها مشكلات مجتمعاتها. فالبالغون 60 سنة وأكثر ستتضاعف نسبتهم من 12 فى المائة 2015 إلى 22 فى المائة من تعداد السكان بحلول 2050، بدأت إنجلترا فى توفير أوتوبيسات مجانية مكتوب عليها رعاية المجتمع لنقل كبار السن إلى المنتجعات لكسر وحدتهم، والجدل دائر على تكلفة تلك الرعاية المجتمعية، فبعدما كان متوسّط كلفة برامج الرعاية الاجتماعية فى أوروبا نحو 10 فى المائة من إجمالى الناتج القومى، أصبح 21 فى المائة. وتنفق أوروبا اليوم على كبار السن، أكثر مما تنفق على صغار السن، ما يترتّب عليه تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، فى بريطانيا مثلاً، تقدّر السلطات أن «وباء العزلة» يكلف الدولة 6 آلاف جنيه استرلينى للفرد، هى تكاليف العناية الصحية والخدمات المحلية، مثل حافلات الرعاية المجتمعية، لكن على رغم هذه الكلفة، تشير دراسة لـ«مدرسة لندن للاقتصاد» إلى أنه فى مقابل كل جنيه تنفقه الدولة للوقاية من العزلة، توفّر 3 جنيهات يمكن أن تُنفق لاحقاً لعلاج آثارها الصحية والنفسية، فالوحدة تؤدّى إلى تدهور الحالة العقلية والجسدية، والموت المبكر، والخرف وضعف الذاكرة والاكتئاب وأمراض القلب والسكر، تخيلوا ماذا فعلت الحكومة البريطانية على سبيل المثال لتعرفوا مدى الاهتمام، أعلنت الحكومة البريطانية أن مكتب الإحصاءات الوطنية سيضع طريقة علمية لـ«قياس» الشعور بالوحدة، وذلك بعدما أنشأ صندوقاً للمساعدة فى معالجة المشكلة، وتعيين وزيرة دولة مسئولة عن شئون الوحدة والعزلة، تراسى كراوتش، من أجل تطوير استراتيجية قومية للتصدى لهذه الظاهرة المتنامية فى أوروبا، لتصبح بريطانيا أول دولة أوروبية تعيّن وزيرة مسئولة عن العزلة، يقدم التقرير أرقاماً مفزعة فيقول إن الوحدة كظاهرة متعددة الجوانب والتبعات يعانى منها نحو 9 ملايين شخص فى بريطانيا وحدها، أى نحو 10 فى المائة من السكان، بينهم 1.2 مليون نسمة يعانون من «وحدة مرضية مزمنة» تؤدّى إلى زيادة الضغط على المستشفيات وخدمات الرعاية الاجتماعية، وتختلف أعمارهم وأوضاعهم الاجتماعية وانتماءاتهم الطبقية والظروف التى تسهم فى معاناتهم، فنحو 51 فى المائة ممن تجاوزت أعمارهم الـ70 سنة يقولون إنهم يعانون من وحدة دائمة. ويكشف غالبيتهم أنهم يمضون أسابيع دون التحدّث إلى أحد، أو أى تواصل اجتماعى من أى نوع، كما أن نحو 30 فى المائة من الأمهات الجدد، يقلن إنهن يشعرن بوحدة قاتلة. و8 أشخاص من كل 10 من الذين يرعون مريضاً يقولون إنهم يعانون من الوحدة، للأسف الجدران المصمتة لا ترق ولا تستمع للوحيد، الوحدة معاناة فهل تسقط جدران قلوبنا الخرسانية ونرمم جراح أكبر قبيلة ممن يسكنون أوسع جزيرة فى مصر.. جزيرة الوحدة؟!.