Translate

Thursday, November 29, 2018

فاطمة ناعوت تكتب: زهرةٌ بين منال ميخائيل و... بسملة ٢٩/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


صبيةٌ مصريةٌ سمراءُ مليحةٌ. وجهُها الجميلُ منحوتٌ بإزميل مهندس الوجود الأعظم. صاغَ اللهُ جمالَها الفريدَ لتكون «موديل» فاتنًا يستلهمُه الرسّامون والنحّاتون ليقدّموا للخلود قطعًا من الفنِّ العابر للزمان والمكان. الصبيّةُ الجميلة اسمُها: «بسملة على عبدالحميد». تلميذةٌ متفوقة بالصف الثانى الإعدادى بمدرسة الشهيد محمد جمال صابر، محافظة دمياط.
سيدةٌ مصريةٌ جميلةٌ ومثقفة على درجة محافظ. عقلُها الرفيعُ منحوتٌ بإزميل أجدادها المصريين عظماءِ الحضارة وبُناة المجد. اختارتها القيادةُ السياسية الواعية لتكون نموذجًا محترمًا راقيًا وفريدًا؛ يستلهمه المحافظون والوزراءُ وصناعُ القرار فى أرجاء مصر، ليقدّموا لمصر مِشعلَ تحضُّرِها الغاربَ؛ الذى نرجوه، ونحلم بعودته منذ عقود طوال، لنرفع رؤوسنا من جديد بين مصافّ دول العالم المتحضر. السيدةُ الجميلة اسمُها منال ميخائيل عوض، محافظ دمياط.
باقةُ زهور زاهيةٌ مشرقة، قدّمتها يدُ السيدة الجميلة، إلى يد الصبية الجميلة، فى واقعة سوف يدوّنها التاريخُ فى مدونات الشرف الخالدة. تلك زهورٌ تحملُ من الكلام والمعنى ما لم تكتبه القصائدُ والأغانى. تقولُ الزهرةُ: «يدٌ طيبةٌ زرعتنى، ويدٌ طيبةٌ قدّمتنى ليدٍ صغيرة طيبة؛ لتعطى للعالم درسًا جميلا وصعبًا».
وأما الدرسُ الصعبُ فهو موجّهٌ إلى مُعلّم تربوى، ولكنه للأسف فقيرُ الإدراك، فقيرُ الروح، لم يتعلّم ألف باء التربية والتعليم والقيم الإنسانية الرفيعة؛ التى تعلو بمجتمع إنِ انتعشتْ، وتهبط به إنْ غابتْ.
الحكايةُ أشهرُ من أن أُعيد سردها هنا، لكنها باختصار أن ذاك المعلم جعل تلاميذ الفصل يسخرون من لون بشرة الفتاة السمراء المتفوقة والجميلة. لكنّ التلاميذ ذوى الوعى المُبكّر استنكروا سلوكَ المعلم، حينما شاهدوا دموعَ «بسملة» تنهمر دون توقّف، وامتنعت عن الذهاب إلى المدرسة أيامًا طوالا.
نشر الحكايةَ شابٌّ نوبى مثقفٌ، حمدى سليمان، على السوشيال ميديا. فانزعج المجتمعُ المصرى المتحضر بكامله، وتحرّك المسؤولون بقيادة د. سيد سويلم، وكيل وزارة التعليم فى دمياط، لردّ الاعتبار للصبية الجميلة «بسملة». ثم توّجتْ تلك التحركاتِ زيارةُ محافظ دمياط، د. منال ميخائيل، للمدرسة وتقديم باقة زهور إلى «بسملة» مُغلّفًا بعناق المحبة. وتمّ نقل ذلك المعلم إلى مكان آخر، وهو بالتأكيد عقابٌ مبدئى غيرُ كافٍ، ننتظر أن ينتهى بمجلس تأديب؛ ليكون جرسَ إنذار لأى معلّم آخر لا يدرك قيمة الثروة البشرية، التلاميذ، التى تقومُ مصرُ على تنشئتها لتغدو زادَ الغد وحاملى مشعل نهضتها.
ذلك المعلم فقير العلم بالتأكيد، لم يقرأ دستور بلادنا الذى تنصُّ مادته رقم ٥٣ على التالى: «المواطنون لدى القانون سواء. متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العِرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحضّ على الكراهية جريمةٌ، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانونُ إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
حكاية «بسملة» ذكّرتنى برواية «الوصمة البشرية»، للأمريكى «فيليب روث»، التى ترجمتُها للعربية، وصدرت فى مصر عن «الهيئة العامة للكتاب» عام ٢٠١٢، وفى بغداد عن دار «المدى» هذا العام ٢٠١٨. أستاذٌ فى إحدى الجامعات الأمريكية الرفيعة، يُدرّسُ الأدب البريطانى. تغيّب طالبان عن فصله طوال العام، فأطلق عليهما البروفيسور لقبَ Spooks بمعنى «أشباح»؛ باعتبار أنهما مختفيان لا يظهران أبدًا فى الجامعة. ولسوء حظه كان هذان الطالبان من الُملوّنين، ولم يكن يدرى. فرفعا ضده قضية عنصرية، لأن من حظّه العسر أن تلك الكلمة Spooks نعتٌ مُسىء للملوّنين. ولن أحكى لكم ماذا حدث لذاك البروفيسور العظيم من ويلات وازدراء وتشريد وفصل من الجامعة، انتهت بموته، مقابل كلمة بسيطة قالها دون قصد، عن طالبين لم يرهما فى حياته. أرجو أن أرى اليوم الذى تُطبق فيه مادة الدستور ٥٣ على كل طائفى وعنصرى ولا إنسانى فى مجتمعنا المصرى العظيم.
د. منال ميخائيل، كم أنتِ عظيمة، أحبك كثيرًا. بسملة، أنت أجملُ صبيّة فى الوجود، وقطعًا تعرفين ذلك، أحبُّكِ كثيرًا.

خالد منتصر - الصين وغزو العالم بأطفال الكتالوج - جريدة الوطن - 27/11/2018

استيقظ العالم منذ يومين على قنبلة علمية فجّرتها الصين التى تعمل فى صمت وسرية على التعديلات الجينية، وبعيداً عن الخطوط الحمراء التى وضعتها أوروبا وأمريكا، طفلتان «نانا» و«لولو» ومن خلال تقنية «كريسبر» وُلدتا هذا الشهر (نوفمبر)، وهما تتمتعان بصفة جينية وقائية، حيث تم إجراء تعديل وراثى، بما يتيح لهما مناعة من الإصابة بفيروس «الإيدز»، تمت التجربة بجامعة جنوب شنزن للعلوم والتكنولوجيا، لكن ما هى تقنية كريسبر تلك التى أحدثت ثورة ستحيل قريباً رفوف الأدوية فى الصيدليات إلى المعاش؟، CRISPER هى اختصار لـClustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats، وترجمتها التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد، ليس المهم الترجمة العلمية المعقّدة، لأن شرحها يحتاج مجلدات، لكن تلك التقنية الثورية ببساطة تعلمناها من البكتيريا التى عندما يغزوها الفيروس تقوم بقص جزء من حمضه النووى لكى تقاومه، اكتشفها اليابانيون، وهى باختصار عبارة عن مقص بيولوجى يذهب لتكرارات معينة فى جزء معين من الـ«دى إن إيه» ونبتره، هذا الجزء معطوب، أو سيمثل خطراً فى المستقبل.. إلخ، وبعد القص يأتى لصق التكرار أو الجين السليم، لأن الجين ببساطة هو تكرارات حروف معينة على الشريط الوراثى، بالطبع ما شرحته هو تبسيط مخل، لن يغنى عن قراءة تلك التقنية بالتفصيل، لكن لا بد من حكى حكايات أخرى طريفة وصادمة، هناك حكاية الإعلان الجينى!!، الإعلان هو موقع على الإنترنت لا يبيع محمولاً أو «لاب توب» ولا يروج لغسالة أو سيارة أو كومباوند، إنما يبيع لك كتالوجك الوراثى، وكتالوج طفلك المنتظر، تفصيله عند ترزى الجينات وشجرة عائلتك المبجلة وأصلها وفصلها حتى لو كانت من مجاهل أفريقيا!! كل ذلك بـ99 دولاراً فقط (يا بلاش)، ومن خلال عينة لعاب، يعنى من خلال بصقة ستعرف جدك وتفصّل ابنك!!، الموقع هو https: //www.23andme.com. التفاصيل تقول إن شركة أمريكية تدعى andme23 تقدمت بطلب للحصول على براءة اختراع لتقنية تتيح للآباء اختيار صفات أبنائهم، أو هندسة صفات الأطفال، حيث يمكنك اختيار لون العين، المناعة ضد عدد من الأمراض الشائعة، القابلية على الرياضات البدنية، قابلية التعرّض لسرطان الثدى.. وغيرها من الصفات. الشركة المذكورة متخصّصة فى الأبحاث الجينية، ولديها طريقة لعمل فحص DNA عن بُعد، إذ تشترى عدة الفحص بـ99 دولاراً، وترسل عينة اللعاب إليهم، ليخبروك بالنتيجة، بأقاربك الذين لا تعرف بوجودهم، أو قابلية إصابتك بمرض السكرى، ومعلومات أخرى من خلال تحليل جيناتك، الصين كما هو المعتاد لن تترك أمريكا فى حالها، ولا بد من تقليدها، بل التفوق عليها، خاصة فى مجال تصنيع الطفل السوبرمان وتنمية الذكاء عن طريق البيوتكنولوجى، وهذا يعيدنا إلى أصل حكاية «نانا ولولو»، فالعلماء فى مركز BGI Shenzhen، وهو أكبر مركز للبحوث الجينية فى الصين، جمعوا عينات من الحمض النووى (DNA) من ألفى شخص يتم اختيارهم من بين أكثر الأشخاص ذكاءً فى العالم، وهم يدرسون حالياً العوامل الوراثية الخاصة بهم، فى محاولة لتحديد الصبغيات الوراثية التى تحدّد الذكاء البشرى، وحسب التقارير، يبدو أنهم على طريق اكتشاف المعلومات التى يحتاجونها، وعندما يحصل ذلك، وتحديداً من خلال تصوير الجنين، وهو فى مراحله الأولى، يمكن للوالدين اختيار أذكى خلاياهما الملقحة، وبالتالى سترتفع معدلات ذكاء أطفالهما بمقدار 15 نقطة فى اختبار معدل الذكاء (IQ TEST) فى كل جيل. وفى غضون بضعة أجيال، سيصبح التنافس مع الصينيين على المستوى الفكرى أمراً مستحيلاً، اختيار الأشخاص الذين تُؤخذ منهم الجينات تم وفق مواصفات محدّدة، ويهتم العلماء الصينيون بجينات الأذكياء من الصين وأوروبا بشكل خاص، فيذهب المتخصّصون فى علم الجينات من الصين إلى المؤتمرات العلمية فى أوروبا، ويحددون مدى ذكاء هذا العالم أو ذاك، من خلال الكلمة التى يلقيها، ثم يطالبونه بإرسال سيرته الذاتية وجميع أعماله وما أنتجه خلال مسيرته إلى المركز الصينى، وبعد ذلك عليه اجتياز اختبار يحدّد مدى أهمية استحقاق جيناته لأن تدخل فى برنامج تطوير الذكاء. العالم يبحث عن طفل أذكى وأقوى وأسعد وأكثر صحة، إنهم يجمعون الأطفال مثلما يجمعون السيارات، وسيتفوقون هنا مثلما تفوقوا هناك.
طبعاً من حقهم، لكن السؤال، أين نحن؟!، ما زلنا غارقين فى قضايا أكشاك الفتوى وحديث الذبابة، وهل إصدار صوت إسكندرانى من الأنف حلال أم حرام؟؟!، خلاص خسرنا السباق، فلا نريد أن نخسر الحياة ونفقد البقاء أيضاً.

Tuesday, November 27, 2018

خالد منتصر - فريدة الشوباشى وقصص الكريستال - 28/11/2018

قاتل الله معارك السياسة والكتابة الصحفية فى أمورها المتشابكة وسرابها الخادع ودروبها المعقدة، أردد تلك الجملة كلما قرأت لكاتب أخذته ندّاهة السياسة من واحة موهبته الفنية، آخر من رددت مع كتابها تلك العبارة هى الكاتبة المرموقة فريدة الشوباشى، التى نعرفها كمقاتلة جسورة متمردة فى مجال الكتابة السياسية فى الصحافة، لكنى اكتشفت كنزاً مخبوءاً خلف أدغال تلك السياسة، وهو فن القصة القصيرة، حين قرأت مجموعتها القصصية «حبيبى الذى كان»، جذبتنى كالمغناطيس، وبدأ قناع السياسة يسقط رويداً رويداً عن خيالى وتظهر ملامح كتابة قصصية بكر طازجة كالرغيف الساخن الشهى، لقطات ذكية، شجن نبيل يغلف كل سطر فى تلك المجموعة البديعة، عين نسائية مغرمة بالتفاصيل، تتسلل إليك برشاقة وعذوبة كقط صغير يتدفأ فى حضن صاحبته، ألوان شخصيات مختلفة التباين والتناقض، ولكنها مثل السجاد الشيرازى تتآلف ألوانه فى نسيج بانورامى متجانس ومبهر، أبطال ليسوا سوبرمانات لكنهم من لحم ودم، أبطال مغموسون فى ملح الدمع ومرارة الشجن، السيدة العجوز التى تعيش وحيدة وتعشق الترباس، تعيش فى رعب مزمن من اللصوص والقتلة، فتغلق كل أبواب شقتها ويسكنها هذا الوسواس القهرى، هى فى صراع مع برودة الوحدة، الترباس سيجعل جثتها عندما تموت محبوسة فى زنزانة الإهمال، لذلك لا بد أن تفتح الترباس، الوحدة قاتلة لكن الإهمال أكثر شراسة فى القتل، ومن الترباس للمفتاح، حلم الزوجة بسيط جداً، مجرد مفتاح لشقتها الخاصة هرباً من الانتظار أمام شقة أسرة الزوج حتى يؤذن لها بالدخول، فهى تسكن مجرد غرفة فى مسكن الأسرة، انتقلت فى نهاية القصة إلى الصالة لأن شقيق الزوج وجد بنت الحلال، وما زالت هى لم تجد المفتاح الحلم، قصة عن قبلة بدلاً من أن تقرب حبيبين أبعدتهما واغتالت حبهما، وكأن كهرباء القبلة كشفت زيف العلاقة، وتحتل العلاقات المزيفة الخادعة جزءاً كبيراً من تلك المجموعة، فهناك من قابلت حبيبها القديم فى حفل زفاف مع زوجته وكيف تحول من رجل واثق فى نفسه إلى فأر مذعور فى جحره، تستطيع فريدة الشوباشى بقلمها الرشيق وبفضول المرأة النافذ إلى الأعماق أن تفضح ازدواجية الرجل الشرقى المتينة، فى قصة تجربة ظل الزوج يبرر برود العلاقة بأن زوجته ليست أنثى، استفز فى داخلها طاقة الإغواء، فضحت الكاتبة تلك الشيزوفرينيا الذكورية المصرية، حين قالت تلك الجملة الرصاصة» ظلت طوال الطريق تحاول فك شفرة الشيزوفرينيا الشرقية بين الرغبة المُلحة فى أن يكون الأول وبين الطموح بأن تكون الحبيبة متمرسة فى اللحظات الحميمة!!.
المجموعة القصصية لفريدة الشوباشى كقطعة الكريستال التشيكى كلما نظرت إليها من زاوية، منحتك ألقاً جديداً ولوناً مختلفاً.

هيا نحتفل بمئوية ثورة ١٩ بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

بعد شهور يحل عام ٢٠١٩، وتحل ذكرى مائة عام على ثورةٍ شعبيةٍ عظيمةٍ قام بها الشعب المصرى ضد الاحتلال البريطانى منادياً بالاستقلال لمصر والتخلص من المندوب السامى البريطانى.
والحقيقة أنه سبق ثورة ١٩١٩ جهاد الحزب الوطنى الذى رأسه مصطفى كامل، وقاد الجهاد على الأرض فيه محمد فريد وعبدالرحمن فهمى، وكان من شبابه البواسل القائد العظيم مصطفى النحاس.
لم يكن الاستقلال الكامل واضحاً فى ذهن بعض قيادات الحزب الوطنى، المنادين، آنذاك، بالاستقلال عن الإنجليز والانضمام بطريقة أو بأخرى لفلول الدولة العثمانية.
ثورة ١٩١٩ كانت ثورة تحرير من الاستعمار، ولم تكن ثورة تنادى بالديمقراطية أو العدالة الاجتماعية، ولكنها كانت تنادى بأن يحكم المصريون مصر.
تميزت ثورة ١٩١٩ بأنها ثورة شعبية عمّت البلاد من أقصاها إلى أدناها، لم تكن ثورة مدن ولا طلبة، وإنما كانت ثورة للجميع، شارك فيها الفلاحون والطلبة وملاك الأراضى والباشاوات والطبقة الوسطى، وعمّت مصر كلها.
ثورة ١٩١٩ انفجرت فجأة دفاعاً عن مطالب شرعية تقدم بها سعد زغلول ورفاقه، ورفضها المندوب السامى البريطانى بتعجرف شديد، وانتهت بنفى الزعماء خارج مصر وتحول سعد زغلول الوزير السابق المتزوج من ابنة رئيس وزراء موالٍ للإنجليز إلى معارض عنيد وثائر شرس.
شلت الثورة حركة الإنجليز وسيطرتهم، بعد أن فكك المصريون خطوط المواصلات، وسقط شهداء كثيرون من المصريين.
هناك مؤرخون عظام كتبوا بدقة عن تاريخ الثورة وتضحيات قيادات الصفوف (الأول والثانى والثالث) ووقوف كبار الأقباط، مثل، فخرى عبدالنور، بشجاعة مبهرة ضد الإنجليز.
وانتهت الثورة بمكاسب كثيرة، منها دستور ١٩٢٣، وبرلمان حديث، واستقلال رسمى، وإن لم يكن كاملاً، وسيطرة الحكومة المصرية على أمور كثيرة كانت كلها بيد المستعمر.
وأظهرت زعماء عظامًا، مثل مصطفى النحاس ومكرم عبيد. كافحت مصر كثيراً، بعد ذلك لتحويل الاستقلال الجزئى إلى استقلال تام، ولكن الظروف العالمية والشرق أوسطية لم تمنح مصر استقلالها كاملاً.
هذه الثورة أخرجت المرأة المصرية من القمقم، فخرجت تشارك فى المظاهرات، وفتحت هذه الثورة الأبواب أمام تعليم المرأة فى المدارس الثانوية ثم التعليم الجامعى.
ثورة ١٩١٩ كانت ثورة مصرية صميمة، ولكنها كانت أيقونة لمناطق أخرى فى العالم. غاندى ثم نهرو كانا يعتبرانها نبراساً لهم لطرد الإنجليز، وكانا يقدران سعد زغلول ومصطفى النحاس تقديراً كبيراً.
ثورة ١٩١٩ أتاحت الفرصة لتحديث التعليم وإعادة نظام البعثات، وهى التى نبهت أغنياء مصر- وكانوا من كبار ملاك الأراضى- إلى الاتجاه إلى الصناعة والتجارة والعمل الخيرى.
وهى التى فتحت الأبواب لنقلة ثقافية وتعليمية لجموع الشعب، ووحدت بين الغنى والفقير والرجل والمرأة. الكل فى واحد- كما كتب توفيق الحكيم- دفاعاً عن الوطن واستقلاله.
وهى التى وحّدت المسلمين والمسيحيين واليهود تحت راية واحدة، وهى راية الاستقلال، وكان التمثيل المسيحى فيها واضحاً وقوياً على مستوى القيادة والشعب.
هذه الثورة حولت مصر من دولة تابعة للخلافة العثمانية المنهارة المتخلفة إلى دولة مدنية حديثة، ولأول مرة فى تاريخ مصر الحديث، يتوقف اضطهاد المسيحيين وتصدر قوانين المساواة التامة، وتطبق إلى حد كبير.
ثورة ١٩١٩، أسست أكبر مجتمع مدنى فى الشرق الأوسط، وهى التى سمحت بتكوين جيش مصرى كبير بعد معاهدة ١٩٣٦، وهى التى أدت إلى إلغاء التمييز الأجنبى.
وخلقت قيادات وطنية عظيمة، أهمها مصطفى النحاس الذى خلف سعد زغلول، وهو فى تقديرى الشخصية الديمقراطية الوحيدة التى حكمت مصر فى كل العصور، والشخصية المدنية الوحيدة التى لم تسمح للدين ولا للملك بالتدخل فى العمل العام، وكان شجاعاً وأميناً، وكان مسلماً متديناً، ولكنه كان أعظم المصريين دفاعاً عن المساواة بين المسلمين والمسيحيين بالفعل، لا بالقول.
ماذا نحن فاعلون فى الاحتفال؟
الثورة ثورة شعب. والاحتفال يجب أن يكون شعبياً بالدرجة الأولى، يشارك فيه الأحزاب، وعلى رأسها «الوفد» والنقابات والهيئات المختلفة. وبالطبع تشارك الحكومة.
يجب عمل طبعات شعبية للكتب والدراسات التاريخية والروايات التى كتبت عن ثورة ١٩١٩.
أمامنا وقت ليكون العمل الرئيسى فى مسلسلات رمضان فى العام القادم عن ثورة ١٩١٩ والمسرح القومى وكل فرق مصر الفنية، ويستمر عاماً كاملاً.
ذكرى ١٩١٩ غالية ومهمة، وسوف تعيش دائماً فى قلوب المصريين.
تحيةً لذكرى شهداء ١٩١٩.
فلنُعِد الاحتفال بهم، ونتذكر أسماءهم.
وتحية من القلب لكل رجال ونساء مصر الذين قاموا بها.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.


خالد منتصر - الفياجرا النسائية - جريدة الوطن - 27/11/2018

منذ ثلاث سنوات كنت الوحيد الذى انتبه وكتب عن الفياجرا البمبى، وتساءلت: هل ستوافق وزارة الصحة المصرية عليها؟ كانت ردود الفعل أغلبها ساخرة تفتقر إلى المناقشة العلمية، لذلك أستأذنكم فى طرح ما كتبته مرة أخرى، فنحن على العهد، ليلتنا كالبارحة، وغدنا هو نفس الأمس، ونفس طريقة تفكيرنا لا تتغير، وربما فى الإعادة إفادة، كتبت:
بعد صراع وجدل طويل ومنهك خرجت فياجرا النساء إلى النور، وافقت منظمة الغذاء والأدوية الأمريكية، أمس الأول 17/8/2015، على عقار الـFlibanserin، أو ما سيُعرف تجارياً بالـAddyi.
وبالطبع سيكون الجدل هنا فى مصر والوطن العربى أكثر عنفاً وشراسة، لأنه لن يحمل طابعاً علمياً، بل سيحمل طابعاً قبلياً نابعاً من ثقافتنا التى ترفض أساساً الاعتراف بأن المرأة أيضاً من حقها أن تعالج اضطراباتها الجنسية، وأن تكون لها رغبة، وألا تمارس الجنس مع زوجها وكأنها قطعة جليد، فالثقافة المصرية التى تبارك ختان المرأة متخيلة وراغبة فى وأد رغبتها الجنسية وهى لا تعرف أنها فى الحقيقة تغتال إشباعها وتُبقى على رغبتها فيزداد العذاب ويتضخم الألم، هذه الثقافة من الصعب أن تتقبل علاجاً لضعف الرغبة الجنسية لأنه أساساً ما يصحش أن يكون عندها رغبة من أصله!! فهى وإن طلبها زوجها فى أى وقت، ولو على ظهر بعير، إياها أن ترفض وإلا سيلعنها الجن والإنس والملائكة حتى الصباح وتعذب فى قاع نار جهنم إلى أبد الآبدين!! الجدل هناك جدل علماء صحى، والجدل هنا جدل رجال مرضى.
تعالوا نسمع ونشوف كلام العلماء اللى بجد عن هذا الدواء الذى احتل مانشيتات الصحف العالمية وكان الخبر الأول فى نشرات الأخبار الأمريكية والأوروبية، ما يطلق عليه الفياجرا البمبى من باب التسهيل وليس من باب التطابق، فالبمبى لا يعمل مطلقاً مثل الأزرق وميكانيزم التأثير مختلف تماماً، فهو يعمل على مستوى الموصلات العصبية للمخ وليس بتدفق الدم إلى العضو مثل الفياجرا الرجالى، هذا الدواء إنتاج شركة Sprout ومخصص للنساء ما قبل سن انقطاع الدورة الشهرية واللاتى يعانين من قلة الرغبة الجنسية أو ما يسمى اختصاراً HSDD أو ما نسميه نحن تجاوزاً البرود الجنسى، وهو اضطراب يؤثر نفسياً وجسدياً بصورة كبيرة على صحة المرأة، وعلاجه ليس على الإطلاق بجاحة ولا مياصة ولا قلة أدب!
الجرعة قرص يومى مساء قبل النوم، وهناك محاذير كثيرة، أهمها تفاعلاته الخطيرة مع الكحول التى تسبب الدوخة والإغماء وانخفاض الضغط بصورة ملحوظة، ونفس الكلام ينطبق على مضادات الفطريات الممنوع تناولها مع هذا الدواء. والمدهش أنهم هناك وافقوا على إدراجه فى التأمين الصحى بتكلفة من 30 دولاراً إلى سبعين دولاراً فى الشهر!! ويُتوقع أن ينزل إلى الأسواق فى أكتوبر المقبل. الطريق إلى تسجيل الدواء ورحلة الحصول على موافقة المجتمع العلمى كان فى منتهى الصعوبة والمشقة، فالدواء كان مسجلاً فى البداية كدواء مضاد للاكتئاب من شركة Boehringer Ingelheim وتم رفضه من هيئة الدواء فى يونيو 2010 بنسبة رفض عشرة إلى واحد!! ثم اشترت حق تصنيعه وتطويره شركة Sprout وأجرى المزيد من الأبحاث ورُفض مرة أخرى، وفى اجتماع لرابطة علمية كبيرة تضم أطباء النساء والعظام والمسالك والاضطرابات الجنسية وهيئة لدراسة أمان الأدوية تمت الموافقة بنسبة 18 إلى 6 لمراجعة الدواء فى يونيو 2015، إلى أن تم القبول النهائى. إنها صرامة المجتمع العلمى ووسوسته ووضع كل شىء تحت ميكروسكوب البحث المفصل الدقيق، مهما كانت المدة ومهما كان حجم المصاريف والنفقات.
أتوقع جدلاً سوفسطائياً عندما ينزل هذا الدواء إلى مصر، فالطبيب عندنا يلقى بمراجعه العلمية جانباً ويقذف بها من أقرب شباك حين يتعلق الأمر بمناقشة اضطرابات الجنس عند المرأة، فهو يغلب عقده وكلاكيعه وهواجسه الجنسية وأوهامه الأيروتيكية وثقافته القبلية على كل ما تلقّاه من علم. غالباً ستجد الداعشيين من أكثر الناس استخداماً له وتهريباً لأقراصه ومنحها بالعافية للسبايا والمحظيات حصولاً على المزيد من المتعة، طبعاً متعة الرجل الداعشى لا متعة الجارية أو المحظية، فالمفروض أن تكون خرساء جنسياً وهو الثرثار الوحيد (بالثاء وليس بالصاد) والفحل الأعظم والشهريار الأوحد.

Monday, November 26, 2018

فاطمة ناعوت تكتب: عمرو سعد.. والصبايا الجميلات ٢٦/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

«لا تُخبرنى ما هى عقيدتُك، ودَعْ سلوكَك يُنبئُنى عنها». هكذا يؤمنُ الأسوياءُ ويفعلون. الإنسانُ السوى تتجلّى أفكارُه ومعتقداتُه وأخلاقُه فى سلوكه وآدابه وطرائق تعامله مع البشر والحيوان والنبات. كلُّ إنسانٍ هو سفيرٌ جيدٌ، أو ردىء، لمعتقده. لهذا، حين سُئل «دلاى لاما» زعيمُ التبت: «ما هو الدين الأفضل، من وجه نظره»، أجاب بما معناه: «الدينُ الذى يجعلك أرقى وأرحم وأطيب وأجمل وأنظف وأصدق وأوفر عملا وأكثر تهذّبًا وتحضُّرًا وأخلاقًا وسموًّا وبشاشةً مع الناس، هو الدين الأفضل».
ولما ضيّقوا عليه السؤالَ، وطلبوا تحديد اسم تلك العقيدة، قال إن المعتقد الذى يجعلُ الإنسانَ كلَّ ما سبق، فعلى المرء اتّباعه دون أن يسأل عن اسمه. وجلى أن الرجل الحكيم أراد أن يخبر سائليه بأن الدين وسيلة وليس غاية فى ذاته. الدينُ وسيلةٌ للتحضّر والسموّ وتحسين خصال الإنسان وانتشاله من هُوّة الهمجية نحو نور الترقّى. فإن لم يفعل ذلك، فلا نفع فى اعتناقه.
فى أسبوع واحد جاء نموذجان راقيان من المجتمع المصرى، يعطيان درسًا بليغًا يجب التوقف عنده. الفنان الموهوب المثقف «عمرو سعد»، فاز فى المهرجان القومى للسينما بجائزة «أفضل ممثل» عن فيلم «مولانا» الذى كتبه الروائى والإعلامى المثقف «إبراهيم عيسى»، وأخرجه مجدى أحمد على. وبالفعل، كان أداء عمرو سعد عظيمًا فى ذلك الفيلم العظيم.
كان أداؤه حقيقيًّا شأنَ المهموم بقضية ماسّة تؤرّقه، وليس وحسب شأنَ الموهوب الذى يؤدى دورًا صعبًا باحترافية بالغة. تهدّجَ الدمعُ الحقيقى فى صوته وهو يتساءل: «مين فينا الموجوع بجد ومين اللى جاى يعزى؟» كان إحساسُه مجروحًا ونازفًا بحقّ من ويلات التطرف والإرهاب فى المجتمع المصرى الراهن، وليس وحسب من سيناريو جيد وحوار بليغ يُملى عليه.
كان جارحًا حارقًا لقلوبنا وهو يفضحُ زيف المشايخ الذين يُقبّلون اللحى، بعدما يشحنون القلوب بالتباغض والكراهية، ويحقنون العقول بالأفكار المسمومة الكؤود التى تقسم ظهرَ المجتمع إلى شطرين متناحرين يتباغضان ويقتتلان سواء بالسلاح أو بالألسن التى هى أشدّ قسوة وإيلامًا من نصال السيوف. ورغم أن تصدّيه لفيلم جسور كهذا، هو فى ذاته نشاط مقاومٌ للتطرّف، ورغم أن أداءه الجميل فى ذلك الفيلم الجميل يكفيه دهرًا حاصدًا وسامَ التنوير ومكافحة التطرف والإرهاب، إلا أنه لم يكتفِ بهذا الشرف الرفيع. بل قرّر أن يُضيفَ إلى رصيده الغزير فى مدوّنة الشرف وسامًا جديدًا، بالعمل والفعل، وليس بالكلام واللغو. بعدما فاز بالجائزة، أهداها من فوره لطفلين صغيرين كانا بالأمس هانئين فى حضن أمهما، ثم صارا بين عشية وضحاها يتيمين لا يدريان ماذا يُخبئ لهما الغدُ الموحشُ تحت ظلال شجرة اليُتم اليابسة التى لا تحمى من هجير ولا تقى من صقيع. الطفلان (فادى، ومينا) نجلا شهيدة مذبحة دير الأنبا صموئيل بالمنيا. عمرو سعد، كان سفيرًا راقيًا للإسلام. أما التكفيريون الذين يزرعون البغضاءَ فى القلوب من أدعياء الدين الارتزاقيين فهم سُفراء الشيطان لتشويه الإسلام وإخفاض وجوهنا أمام العالم، وحسابهم عند الله.
وفى جنوب مصر كذلك ظهرت سفيراتٌ للإسلام رائعات فى صورة صبايا حملن أدوات النظافة، وشمّرن عن سواعدهن لينظّفن إحدى الكنائس بمحافظة المنيا. وبالطبع للكنائس مختصون يقومون بأعمال النظافة والتنسيق، وبالتالى فالكنائس ليست بحاجة إلى المساعدة فى ذلك. لكنه الرمزُ الطيبُ الذى يحملُ من المعانى أرقَّها وأرقاها. تحية احترام للصبايا الجميلات، وتحية احترام للكنيسة التى سمحت لهن بالقيام بذلك العمل الرمزى المبهج. والطريفُ أن قائدة فريق الفتيات الفاتن، وصاحبة الفكرة الرمزية الرقيقة، مهندسةٌ مثقفة مسلمة اسمها «هبة سعد».
يبدو أن «السعد» هو القاسم المشترك اليوم بين سفراء الإسلام الذين قدموا نموذجًا طيبًا للمسلم المتحضّر؛ يُمثّل صفعةً مدوية على وجوه التكفيريين المنبطحين فوق الآرائك ينفثون سمومَهم فى عقول البسطاء الغافلين، بينما يتناولون الشطائر والفاكهة والفلوذج، ويتابعون على الشاشات جداولَ الدماء تُهرق من أجساد ضحاياهم من شهداء المسيحيين الذين قتلوهم بالريموت كونترول، بعدما أوحوا لعديمى العقل بأن المسيحيين مشركون كفّار دمهم هدرٌ وقتلهم حلال.
تحية احترام لسفراء التحضر واللهم أعزّ الإسلام بالسعدين ومن سار على دربهما.


الدولة الموازية وحيد حامد ٢٦/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


حسناً فعلت الدولة، وحسنا فعل الرئيس، فالاحتفال بمولد سيدنا رسول الله مناسبة ذات أهمية بالغة لدى المسلمين من أهل مصر الذين يعبدون الله ويحبون الرسول ويقتدون به فى الأخلاق والسلوك والرحمة والتسامح وغير ذلك الكثير من الفضائل التى تغيب عن عقول وقلوب نفر من الناس، بل تعمدوا إغفالها عمداً بعد أن تم حشو أدمغتهم بالعقائد التالفة والفاسدة والجالبة لكل أنواع التشدد والانغلاق والسير بالمجتمع المسلم الوسطى إلى طرق ودهاليز مظلمة على أرض مزروعة بالأشواك السامة.. لأن الهدف هو العودة إلى عصر الجاهلية والبداوة وخشونة الصحراء.
ودون مراوغة فإن التيار السلفى بكل مسمياته هو المعنى بكل ما سبق، وهو الذى يزحف زحف الأفاعى فى المجتمع المصرى بقصد محاصرته والاستيلاء عليه بالكامل، وإذا كانت الوهابية الآن لا تلقى قبولاً أو ترحيباً فى موطهنا الأصلى «السعودية» وأصبح دعاة الوهابية وشيوخها بلا عمل- فلا يمكن تصديرها إلى مصر لتكون الوطن الجديد.. الوهابية التى أفرزت تنظيم القاعدة وصاحبة الجزء الأكبر والأهم فى تأسيس «داعش» الذى رفض الأزهر الشريف أن يصدر فتوى ولو بخروجه عن مبادئ وتعاليم الإسلام.
إن التيار السلفى وبدعم من عدد ليس بالقليل من مشايخ الأزهر يسعى لإقامة الدولة الموازية التى تناهض الدولة الرسمية حكومة وشعباً وتعمل على تقويضها بقصد الاستيلاء على الفريسة وابتلاعها بالكامل على طريقة الأفاعى.. وكأننا لم نتعلم الدرس الذى استمر طويلاً. ألم تكن جماعة الإخوان طوال عمرها وبعد أن وقفت على قدميها وهى دولة موازية للدولة الرسمية بعد أن توسعت وأسست كوادرها ونشرت أفكارها وكونت اقتصادها وافتتحت المدارس والمحال والعيادات واستولت على المنابر ليكون لديها أفضل الإعلام المباشر..

وفيما بعد صار لها رجال ونساء فى كل الصحف.. وكانت تتعامل على أنها فى شريك فى حكم البلاد.. تضغط وتناور وتبتز فى الغالب.. كانت تفرض إرادتها، والآن يعمل التيار السلفى على إعادة المشهد الإخوانى مع إضافات شريرة سوداء.. يكفى أنهم الجهاديون فى سيناء وفى صعيد مصر وهم وراء تخريب عقول الشباب، يفرضون على النساء المسلمات ارتداء النقاب الذى هو فرض على نساء اليهود أصلاً.. ويرفضون أى دعوة لتنظيم النسل فى دولة لم تحتمل اختفاء البطاطس ليومين أو ثلاثة.. جامدون.. جاهدون.. عتاة وغلاة ووجودهم فساد للدين والدنيا معاً.. وهم أعداء الأقباط ومنبت للفتنة، ونحن نعرف أن شأنهم شأن الإخوان، أموالهم كثيرة ووفيرة ومصادرها معلومة ومرصودة.. ولديهم شيوخ وقبائل استعمارية تريد لنا الهوان والعودة إلى الوراء، ولكن هناك من هم على استعداد للموت فى سبيل أن تظل مصر دولة مدنية.

Sunday, November 25, 2018

الطب الوقائى فى مصر القديمة بقلم د. وسيم السيسى ٢٤/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


بدعوة كريمة من جمعية القلب Cardio Prevent لإلقاء محاضرة عن الطب الوقائى فى مصر القديمة، حدثتهم عن الغذاء وكيف كانت نصيحة أمين موبى: تكوّن جسدك من تربة هذه الأرض، عليك أن تأكل من ثمارها حتى يتوافق جسدك مع طعامك، ولا تأكل من ثمار البلاد الأجنبية.
كانت مصر تنظر للسمنة إذا تفشت فى بلد، على أنها دليل على كسلها وترهلها، وكان العقاد يقول: انظر إلى نفرتيتى أو نفرتارى، تكاد الواحدة منهما تطير من فرط الخفة والرشاقة، وهذا هو الجمال المصرى القديم الذى عاد إليه العالم فى القرن العشرين.
كانوا ينصحون بعدم الإفراط فى شرب الخمر، وإلا سوف تصبح كالمجداف المكسور ولا يرضى الإله عنك، ويصبح بيتك خالياً من الخبز!. كانت قيود النظافة شديدة حتى إن هيرودوت قال: المرأة تستحم مرتين، ورجل الدين قبل كل صلاة! ولكن يبدو أن مناصبهم الرفيعة تعوضهم عن هذا العناء!. كما قال المقريزى: سلمت مصر من الحر والبرد، طاب هواؤها وخف بردها، وضعف حرها وسلم أهلها من صواعق تهامة وجرب اليمن ودماميل الجزيرة وطواعين الشام.
عرفت مصر القديمة العناية بالأم الحامل قبل الميلاد وبعده خوفاً من حمى النفاس، فكانت «الماميزى» غرفة مستقلة فى حديقة المنزل أو فوقه، وتدخل امرأة حاملة الغذاء لها، ولا يدخل عليها إنسان آخر أسبوعاً قبل الولادة، وأسبوعاً بعدها، جدير بالذكر أن أمريكا لم تعرف ذلك إلا فى عام ١٩٠٠م، وفرنسا فى ١٩١٠م!.
عرفت مصر الإصابة بمرض «عاع» وهو البلهارسيا، وكان كل مصرى ومصرية يشهد أمام محكمة العدل الإلهية: I Did Not Wade In Water.
لم أخض «يخوض» فى المياه، كما كانوا يلبسون عازلاً ذكرياً حتى لا يتبولون فى مصادر المياه!، عرفوا ما لم يعرفه أبوقراط، أى النبض، قالوا: إنه حديث القلب فى الأوعية الطرفية!.
كما وصفوا الذبحة الصدرية وقالوا: قل لأهل المريض أو المريضة إن الموت ليس ببعيد!، لذا يطالب جاميسون Hurry بأن يكون رمز مهنتنا هو إيمحوتب، أى القادم فى سلام!، جاميسون طبيب بريطانى وليس مصرياً!.
عرفت مصر أن الإنسان روح وجسد، وأن العقل فوق المادة، فكان قانون الأخلاق الذى كان يتلوه كل مصرى أو مصرية أمام ٤٢ قاضياً، الاعتراف الإنكارى منه: لم أكن سبباً فى دموع إنسان أو شقاء حيوان، كما لم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه ماء!، كما كان يقول فى الاعتراف الإيجابى: كنت عيناً للأعمى، ويداً للمشلول، ورجلاً للكسيح، وأباً لليتيم، وقلبى نقى ويداى طاهرتان.
لا عجب أن يقول والاس بادج: نحن فى حاجة إلى قرنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية!.
كان الطب فى مصر القديمة طباً وقائياً لأمراض الجسد والروح.

Saturday, November 24, 2018

خالد منتصر - انتحار طبيب نفسى - جريدة الوطن - 24/11/2018

استيقظنا على هذا المانشيت المرعب، وتساءلنا بعد انتحار طبيب نفسى شاب فى دمنهور: لمن نلجأ إذن نحن الذين يلاحقنا الاكتئاب حتى نخاع النخاع؟!، وإذا كان من يملك مفتاح العلاج وشفرة النفس ينتحر، فماذا نفعل نحن قبيلة الحائرين؟، لا أحد فوق المرض النفسى، بل الشخص الحساس والذكى واللماح هو الفريسة السهلة لهذا الوحش اللعين، أفتح للمرة الألف نداءً لوزارة الصحة لعمل خط ساخن للمقبل على الانتحار حتى يفضفض، ويتم إنقاذه، سيواجهنى سؤال: هل سيسمع الكلام؟، هل المنتحر يطلب مساعدة، أم يسد منافذها؟ فلنحاول ولنجرب ونتعرف على تجارب الدول الأوروبية الأخرى، لنتعرف أولاً على الأرقام المرعبة ويا ليتنا لا نردد عبارات التعمية والخداع من نوعية إحنا شعب مؤمن لا ينتحر!، مليون شخص ينتحرون كل عام على مستوى العالم، أى أن عدد المنتحرين فى العالم أكثر من ضحايا الحروب والقتل العمد، 3000 حالة انتحار يومياً، الانتحار هو السبب الأول للموت عند المراهقين والبالغين تحت الـ35، هناك شخص ما ينتحر فى مكان ما فى العالم كل 40 ثانية، الرجال ينتحرون بنسبة ثلاثة أضعاف المرأة على عكس ما تتخيلون، هناك شخص يحاول الانتحار، ولم ينجح فيه كل ثلاث ثوان!!، أرقام مرعبة توضح حجم المشكلة وخطورتها، لذلك أطلقت منظمة الصحة والجمعية العالمية لمكافحة الانتحار شعارconnect ، care ،communicate لدعم المقبل على الانتحار، ولا بد لنا فى مصر ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال، وندّعى أنه لا توجد لدينا مشكلة انتحار، لأننا شعب متدين بالفطرة، من الممكن أن تكون النسبة عندنا أقل، لكنها موجودة وتزداد، ولا بد أن نعرف أن الاكتئاب مرض فيه خلل كيميائى ولا علاقة له بنسبة التدين، أو مقدار ما تؤديه من طقوس، لذلك يجب على وزارة الصحة إنشاء خط ساخن يتحدث فيه المقبل على الانتحار عندما تهاجمه الهواجس ليجد من يدعم بالنصيحة ويعتنى ويتواصل، فى أحيان كثيرة يكون المكتئب «جعان تواصل» و«عطشان اهتمام»، يحتاج إلى من يسمعه، من يصرخ له، أشد الأمراض إيلاماً هو الاكتئاب، ألمه أشد وأعنف وأقسى من السرطان، والمنتحر يعرف أن المجتمع سيلفظه إذا انتحر ولن يحترمه، يعرف كل ذلك، ولكنه بالرغم منه ينتحر، هو بتعبيره ما عادش قادر يستمر، عايز يستريح ويريح، حاسس بأنه بيتفرج ع الدنيا، لا يبالى بالحياة، ما عادش يفرق عنده حياة أو موت، معندوش الدافع.. إلخ، كل هذه الكلمات لمبات حمراء نراها ولا ننتبه وأجراس خطر نسمعها من المكتئب ولا نعيره اهتماماً، إلى أن تحدث الكارثة فنستيقظ على طلقة رصاص أو ابتلاع أقراص دواء أو قفزة إلى المجهول من نافذة أو من على كوبرى إلى النيل مباشرة، ثم نمصمص شفاهنا قائلين ده كان لسه إمبارح بيتعشى معانا أو كان مكلّمنى فى التليفون وكان بيضحك!!، كلام فارغ نُخلى به مسئوليتنا عن إهمال هذا البنى آدم وجعله يصرخ إلى الداخل وحيداً يعود إليه صدى صوته من بئر بلا قاع، الطبيب أيضاً عليه مسئولية، فمن يترك شاباً حاول الانتحار ليعالجه بعدها فى البيت بشوية أقراص، ويقول دى حاجة بسيطة بدون أن يدخله المستشفى ويضعه تحت المراقبة، فهو يرتكب جريمة طبية، الانتحار مرتبط بالإنسان، كما قال صلاح جاهين، الذى للأسف انتحر وهو فى قمة مجده:
الدنيا أوضه كبيرة للانتظار
فيها ابن آدم زيه زى الحمار
الهمّ واحد.. والملل مشترك
ومفيش حمار بيحاول الانتحار.

Friday, November 23, 2018

نصف قرن على ميلاد الهرم بقلم فاطمة ناعوت ٢٢/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


لحظةٌ تاريخيّة مشهودة كتبَ الحظُّ الطيبُ لى أن أعيشها الأحد الماضى ١٨ نوفمبر. لحظةٌ لا تتكرر إلا كل خمسين عامًا. اليومَ يوافقُ اليوبيل الذهبى لميلاد أحد أهرامات مصر العظيمة. الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. ذلك الكيان المعمارى والروحى الأنيق الذى يُجسّد معنى كنسيتنا المصرية الوطنية النبيلة التى يبلغ عمرها عشرين قرنًا من الزمان، أثبتت خلالها وطنيتَها على مرَّ القرون والحقب، ونبالةَ ردّ فعلها تجاه الأزمات والمحن، وصمودَها المتحضّر فى وجه مخربى مصر وأعداء الوطن. لَم تسمح كنسيتنا المصرية العظيمة يومًا للكارهين والحاقدين أن يمزّقوا نسيج مصر أو يفرقوا بيننا وبين أشقائنا المسيحيين؛ الذين أثبتوا فى مئات التجارب أنهم لا يعرفون سوى المحبة والغفران والتسامح والترفع عن رد الإساءة بالإساءة. هكذا كان المسيحيون بالأمس، وهكذا هم اليوم وهذا ما سيكونون عليه غدًا وبعد غدٍ. يقدمون كل يوم درسًا أنيقًا للإنسانية الكريمة التى تنفذ وصية الله على الأرض فى نشر قيم المحبة والسلام بين البشر. وهكذا كانت الكنيسةُ المصرية الوطنية منذ ألفى عام قطعةً مضيئة من السلام والوطنية والقيم النبيلة على أرض بلادنا الطيبة. منذ تأسست كنيستنا المصرية بالإسكندرية فى القرن الأول الميلادى فى عهدها الأول على يد القديس مرقس، تلميذ السيد المسيح وكاتب أول الأناجيل الأربعة، وحتى اليوم فى القرن الواحد والعشرين فى عهد قداسة البابا تواضروس الثانى، توحدت كلمة الـ١١٨ بطريرك حول حكمة واحدة ثابتة لا تتغير، وهى: مكافحةُ العنف بالرحمة، ومعالجةُ الشر بالمحبة، ومواجهةُ الإساءة بالتسامح والغفران والعطاء. فالكنيسة المصرية هى التجسيد العملى لموعظة السيد المسيح فوق الجبل: «سمعتم أنه قيل: عينٌ بعين وسِنٌّ بسنٍّ، وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشرَّ… وسمعتم أنه قيل: تُحبُّ قريبَك وتبغض عدوَّك، وأما أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم».
ذلك هو الدرسُ النبيل الذى لا تتوقف الكنيسة المصرية على تعليمنا إياه، على مدى وعشرات القرون، فى عهود كل من تواتر عليها من بطاركة كرام، كانوا وظلوا وسوف يظلّون دومًا يُقدمون حفظ القِيم الرفيعة الراسخة على حفظ المنافع الرخيصة الزائلة، ويقدمون صالحَ الوطن ووحدة تماسكه، على كل ما عدا ذلك من مصالح شخصية أو فردية. كانت كلمة الكنيسة المصرية دائمًا واحدة وثابتة وحاسمة: مصر فوق الجميع، ورفعة اسمها ووحدة شعبها فى مقدمة الأمور. فمصرُ ليست مجرد أرضًا نحيا فوق ترابها، إنما كانت هى الملاذ الأوحد الذى اختارته مريمُ العذراء لتلجأ إليه مع طفلها الوليد السيد المسيح (عليه وعلى أمه السلام) هربًا من السفاح هيرودس فى الناصرة. لهذا فإن لمصر خصوصية هائلة فى قلب كل مسيحى فى هذا العالم.
وكان حرصى شديدًا على حضور لحظة تدشين الكاتدرائية المصرية بعد تجديدها فى يوبيلها الذهبى بعد مرور نصف قرن على ميلادها؛ لأننى لا أراها مجرد دار عبادة، بل هى «هرم مصرى رابع»، رغم طفولتها كمنشأة، مقارنة بكهولة الهرم من حيث القدم. فأحجارها- وإن كان عمرها خمسين عامًا- تحمل تاريخ ألفى عام من البسالة والاستشهاد والوطنية، مرّت على ميلاد الكنيسة المصرية، منذ القرن الأول الميلادى وحتى اليوم.
كان من المفترض أن يكون الاحتفالُ باليوبيل الذهبى لتدشين الكاتدرائية المرقسية احتفالا قوميًّا ووطنيًا وعالميًا حاشدًا يحضره ملوكٌ ورؤساءُ ووزراء وسفراء وبطاركةٌ وشيوخ وأزاهرة ورموز دولية رفيعة من أنحاء الدنيا.
ولكنْ، احترامًا لأرواح شهداء المنيا الذين نالتهم رصاصاتُ الغدر والإرهاب قبل أسابيع قليلة، قرر البابا أن يقتصر الاحتفالُ على قداس وصلاة فى الكاتدرائية بعد تجديدها بحضور بعض الضيوف الرمزيين.
نشكر كل الفنانين الذين رسموا الجداريات الجميلة على سقوف وجدران الكاتدرائية، ونشكر المهندسين والفنيين والعمال الذين قاموا بأعمال التجديد والترميم لحصن مصر الطيب.
وتحية احترام لقداسة البابا تواضروس على حكمته المشهودة فى قيادة الأمور فى أوقات الأزمات العصيبة. وأدعو الله أن يعينه على منصبه العسير.
والشكر موصول لأشقائى المسيحيين الذين يثبتون كل يوم حجم وطنيتهم وتحضرهم فيكونون خير سفراء لرسالة السلام التى جاء بها السيد المسيح (عليه السلام).
وكل عام وكاتدرائيتنا الجميلة جميلةٌ وآمنة وحِصنٌ وحضنٌ لمصر وللمصريين.

د. وسيم السيسى يكتب: الثلاثى البنَّاء ١٧/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


منذ أسبوعين كنت ألقى محاضرة فى كلية طب سوهاج، وعند العودة اضطرارا فى نفس اليوم فى قطار ٣.٥ مساء والذى وصل القاهرة ١٢ منتصف الليل، لحضور مؤتمر شرم الشيخ، وجدت دورات مياه القطار فى حالة سيئة جداً، رائحة الأمونيا تزكم الأنوف، طلبت المسؤول، جاءنى، قالت له: إن حضارة الأمم نحكم عليها من دورات المياه، وهذه كلمات شارل ديجول، وأرجو أن تذهب وتعاين بنفسك، قال: حاضر، وفى عشر دقائق ستجد شيئاً آخر!.
لم تمر عشر دقائق إلا وقد تغير الحال! المطهرات، المعطرات، النظافة الكاملة، شكرت المسؤول والعمال كثيراً وأخذت أفكر: حقاً إن كلمة نقد بغية الإصلاح وفى أدب، هى أعظم كلمة فى قاموس أى لغة، لماذا لا يتحدث أى متضرر مما يراه أو يسمعه؟! الشىء الثانى، ما دامت إمكانيات النظافة متوفرة، لماذا لا يقوم بها المنوط به القيام بها؟ هل غياب الرقابة؟ هل عدم الاهتمام بالمسافرين؟ قال الشاعر:
ولم أرَ فى عيوب الناس عيباً كنقص القادرين عن التمام!.
إذا كان النقد البنّاء يجعل حياتنا أفضل، فالحِلم بمعنى الصبر يجعل تعاملاتنا أسهل، كان معن بن زائدة يُضرب به المثل فى الحلم، حتى تراهن فريقان على ذلك، فأرسلوا له من يخرجه عن حلمه مقابل ناقة حمراء «أنثى الجمل».
ذهب الموعود للأمير وقال:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة، وإذ نعلاك من أدم البعير؟ قال معن: أذكره ولا أنساه!
قال: فسبحان الذى أعطاك ملكا، وعلمك الجلوس على السرير!. قال معن: سبحانه على كل حال!.
قال: فجُد لى يا ابن ناقصة بشىء، فإنى قد عزمت على المسير!. قال معن: أعطوه ألف درهم.
قال: قليل ما جئت به، وإنى لأطمع منك فى المال الوفير!. قال معن: أعطوه ألفا أخرى!.
خجل الرجل وقال:
سألت الله أن يبقيك ذخرا، فما لك فى البرية من مثيل!. قال معن: هجوتنا أعطيناك ألفين، تمدحنا نعطيك أربعة آلاف.. اذهب على بركة الله!.
أيضاً مما يجعل الحياة أجمل وأسهل: شجاعة الاعتذار أو الكلمة الطيبة، قص علىّ أحد الأصدقاء كيف قام حوار حاد بينه وبين زوجته، قالت له بصوت عال: لازم تعرف إنى مش بوشين!. قال لها فوراً: وحتى لو كنت بوشين، سيكون كل وش أجمل من الثانى!.
ابتسمت الزوجة وهدأت، وعاد بينهما السلام!. إذن: النقد البنّاء، الحِلم الجميل، الكلمة الحلوة، ثلاثى يهدم النكد والشقاء.

Thursday, November 22, 2018

خالد منتصر - هل هذا ثلاثة أرباع الدين حقاً؟ - جريدة الوطن - 22/11/2018

سؤال أسأله إلى كل مَن أشار إلى أن كتب الأحاديث، وعلى رأسها البخارى، تمثل ثلاثة أرباع الدين، أسأله بدافع الرغبة فى التعلم، أسأله لقتل الحيرة، أسأله لأستطيع أن أرد على كل مستشرق يُشكك أو غربى ينتقد، هل ما سأذكره من الموجود فى البخارى يمثل تلك النسبة الغالبة من الدين حقاً؟، 75% نسبة ليست قليلة، ولذلك وجب السؤال عن تلك الأحاديث، وأنتظر الإجابة، أقدم لكم علماءنا الأفاضل تلك الأحاديث لعلكم تنيرون الطريق لأمثالى ممن أوجعهم العقل، ويخافون أن يعيشوا بقية حياتهم بربع دين بعد أن أوهمونا بأننا بمجرد الزواج قد استكملنا النصف:
حدثنا إسحاق بن نصر، قال حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثم كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج موسى فى إثره يقول: ثوبى يا حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه، فطفق بالحجر ضرباً.
فقال أبوهريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضرباً بالحجر.
«فواللهِ ما تنخَّمَ رسول الله نخامةً إلاّ وقعت فى كفّ رجلٍ منهم فدلكَ وجهه وجلده...».
حدثنا عروة بن الزبير: قال «حدثنا عمرو الناقد وابن أبى عمر قالا حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَرَى فِى وَجْهِ أَبِى حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْضِعِيهِ.
قَالَتْ: وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ».
حدثنا ‏نعيم بن حماد،‏ ‏حدثنا ‏هشيم،‏ ‏عن ‏حصين‏، ‏عن ‏عمرو بن ميمون ‏‏قال:‏ «رَأَيْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ».
«الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء».
عن أبى هريرة، رضى الله عنه، عن النبى قال: (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: «ها» ضحك الشيطان).
«مَن أكل حين يصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر».
«إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم».
عن أنس بن مالك، قال: «قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا، قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِىءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِى الحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ».
عائشة رضى الله عنها قالت: «سُحِرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا، وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا فِيهِ شِفَائِى؟ أَتَانِى رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ؟ قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ.
قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِى مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ.
قَالَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ.
فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرّاً، ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ».
عن أنس بن مالك قال: «كان النبى صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه فى الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة»، قال: قلت لأنس: أوَكان يطیقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين.
هذا بعض من فيض، وعذراً على إزعاج العلماء، وفى انتظار الإجابة.

Tuesday, November 20, 2018

خالد منتصر - يا فضيلة الإمام: هل محمد عبده والغزالى منكران للسنة؟؟! - جريدة الوطن - 21/11/2018

هاجم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى كلمته بمناسبة المولد النبوى منتقدى كتب الأحاديث، وحدّدهم قائلاً: «من أداة اجتهاد إلى إنكار الأحاديث النبوية ما كان منها متواتراً وما كان غير متواتر»، وليسامحنى شيخنا الجليل على تساؤلى الساذج، وهو: هل الأحاديث هى السُّنة؟، والسؤال الأكثر سذاجة: هل يعنى إنكار أحاديث فى «البخارى» خروجاً على الدين، وهدماً للركن الثانى من الإسلام؟، ولكى نتعلم من فضيلته، نتساءل عن موقفه من الشيخ محمد عبده، والشيخ الغزالى، والشيخ رشيد رضا، الذين رفضوا أحاديث فى البخارى، وذلك بعض ما ذكروه كمجرد دلائل أطرحها على فضيلتكم:
أولاً: رفض الشيخ الغزالى حديث فقء سيدنا موسى عين ملك الموت، حيث كتب فى كتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث»، الذى هوجم عليه أقسى هجوم وأُلِّف ضده 14 كتاباً، قال الشيخ الجليل: «إن الحديث صحيح السند، لكن متنه يثير الريبة، إذ يفيد بأن موسى يكره الموت، ولا يحب لقاء الله بعد ما انتهى أجله، وهذا المعنى مرفوض.. ثم هل الملائكة تعرض لهم العاهات التى تعرض للبشر من عمى أو عور؟!!.. لما رجعت إلى الحديث فى أحد مصادره ساءنى أن الشارح جعل رد الحديث إلحاداً!»، ويستنكر «الغزالى» أى دفاع عن الحديث، ويقول: «إنه دفاع تافه لا يساغ، ومن وصم منكر الحديث بالإلحاد فهو يستطيل فى أعراض المسلمين، والحق أن فى متنه علة قادحة تنزل به عن مرتبة الصحة»، انتهى نقد الشيخ الغزالى للحديث الموجود فى الصحيح، فهل هو ملحد ومزدرٍ كونه رفض هذا الحديث؟!
ثانياً: رفض الشيخ الإمام محمد عبده حديث سحر الرسول، وقال: «لا يخفى أن تأثير السحر فى نفسه يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئاً، وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض فى الأبدان، ولا من قبيل عروض السهو والنسيان فى بعض الأمور العادية، بل هو ماس بالعقل، آخذ بالروح، وهو مما يصدق قول المشركين فيه: «إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً» وليس المسحور عندهم إلا من خولط فى عقله، وخُيل له أن شيئاً يقع، وهو ما لا يقع، فيُخيل إليه أنه يوحَى إليه، ولا يوحَى إليه»، ثم يواصل الإمام محمد عبده وجهة نظره قائلاً: «وأما الحديث فعلى فرض صحته فهو آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد، وعصمة النبى من تأثير السحر فى عقله، عقيدة من العقائد، لا يؤخذ فيها بالظن المظنون»، هل تعرفون حكم الشيخ محمد عبده الرافض لحديث السحر عند الشيخ «ابن باز» حسب الفتوى رقم 6280 (راجع موقع نداء الإيمان)، هذا هو حكم الشيخ «ابن باز» عندما سئل عن منكرى حديث السحر: «يجب اعتزالهم وعدم مخالطتهم؛ اتقاءً لشرهم، إلا إذا كان الاتصال بهم من أجل النصح لهم وإرشادهم، أما الصلاة وراءهم، فحكمها حكم الصلاة وراء الفاسق، والأحوط: عدم الصلاة خلفهم؛ لأن بعض أهل العلم كفّرهم»، يعنى الشيخ محمد عبده كافر، ولا يُصلّى وراءه!!
ثالثاً: رفض الشيخ رشيد رضا حديث الذبابة الشهير التى فى جناحها داء، والآخر دواء قائلاً: (فى مجلته «المنار» المجلد 29 الجزء الأول): «حديث الذبابة المذكور غريب عن الرأى والتشريع، فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار قطعاً فهو محرم قطعاً، وكل ضار ظناً فهو مكروه كراهة تحريمية أو تنزيهية على الأقل»، وكان بعض الشيوخ قد كفّروا د.محمد توفيق صدقى حين هاجم هذا الحديث فى العشرينات فى المجلة نفسها، وقد دافع عنه رشيد رضا قائلاً: «ذلك المسلم الغيور لم يطعن فى صحة هذا الحديث إلا لعلمه بأن تصحيحه من المطاعن التى تنفر الناس من الإسلام، وتكون سبباً لردة بعض ضعفاء الإيمان، وقليلى العلم الذين لا يجدون مخرجاً من مثل هذا المطعن إلا بأن فيه علة فى المتن تمنع صحته، وما كلف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخارى، ويؤمن بكل ما فيه، وإن لم يصح عنده».

إلى من يهمه الأمر بقلم د. محمد أبوالغار ٢٠/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

إلى شعب مصر، وإلى حكام مصر وإلى كل من يهمه الأمر، مصر ذات التاريخ الكبير العتيق الذى تخطى خمسة الآف عام على وشك الانقراض والخروج الحقيقى من التاريخ فى ظرف عدة عقود قليلة. أنا لا أتحدث عن الديمقراطية والتعددية ولا الفساد ولا القانون ولا المخاطر الخارجية وإنما أتحدث عن أمور خاصة بالعلم الذى هو عماد كل شىء الآن.
أولاً: تعداد مصر كان فى عام ١٩٠٠ عشرة ملايين والآن تخطى مائة مليون، وسوف يصبح ١٢٨ مليونا فى عام ٢٠٣٠، أى بعد ١١ عاماً و١٥١ مليونا عام ٢٠٥٠. هذه الكارثة البشرية غير المسبوقة سببها ببساطة أن الغرب اخترع التطعيمات والمضادات الحيوية وشرح لنا أهمية المياه النقية للشرب مما خفض نسبة الوفيات فطال عمر الإنسان واستمرت نسبة المواليد كما هى فحدث الانفجار، والغرب الذى اخترع هذه الأشياء وبسبب التقدم الحضارى والعلمى والتعليم أصبح واعياً بأهمية الأسرة الصغيرة لمصلحة العائلة والمجتمع فحدث توازن سكانى ولم يحدث الانفجار.
بدون حل جذرى وفورى وسريع وقوى لا أمل حقيقيا فى أى مستقبل للوطن. لا الأرض تكفينا ولا الأكل ولا الماء ولا المدارس والمستشفيات ولا المواصلات، وسيظل أغلب سكان مصر من العاطلين يعيشون فى تلوث بيئى وسوف تنتشر الجريمة والفوضى مهما كان نظام الحكم عادلا ووطنيا وفاهما.
ثانياً: هناك نقص حاد فى الماء فى كل دول شمال أفريقيا، وكانت حصة مصر من نهر النيل تكفى مصر، وكانت هناك معاهدة تحكم النهر وتضمن لنا حصتنا. التطورات والنمو التى حدثت فى أفريقيا وتلاها بناء السد العملاق فى إثيوبيا الذى سوف يؤثر علينا بدرجات متفاوتة. زيادة السكان تعنى زيادة فى احتياجات الماء. يجب بذل كل جهد ممكن فى تقليل مخاطر نقص المياه مع إثيوبيا. يجب أن تقوم مصر وفوراً بتخفيض استهلاك المياه أولاً فى الرى، وذلك بالبدء فى التخطيط لتغيير نظام الرى بالغمر مع، ربما، تغيير المحاصيل لتتناسب مع الطريقة الحديثة فى الرى، ثم يجب تخفيض استهلاك المياه فى المنازل والمصالح بطرق كثيرة معروفة، كما يجب البدء فى إعادة استخدام مياه الصرف مرة أخرى بعد تنقيتها (بالمناسبة، إسرائيل تعيد تنقية ٩٣% من المياه المستعملة).
ثالثاً: تصحر مصر وغرق الدلتا: تقلص الرقعة الزراعية بسرعة كبيرة بسبب البناء عليها وتصحر الأراضى الزراعية فى مصر ظاهرة يعرفها الجميع، والنحر فى شمال الدلتا ظاهرة قديمة. التغيرات المناخية العالمية تتفاقم ويجب أن نواكب العلم حتى لا نفاجأ بأن الملايين من سكان شمال الدلتا تركوها بعد أن غرقت فى الماء. هذا الأمر لا بد أن يدرس بواسطة مجموعة فنية دولية تقدم تقديراً بحجم المخاطر وتوقيتها واحتمالات حلول لها.
رابعاً: مستقبل الاقتصاد المصرى وتوجهه: لابد أن تقوم مجموعة وطنية مع خبراء عالميين محايدين بتقديم دراسة عن كيفية النمو لمستقبل مصر الاقتصادى، والمطلوب من هذه المجموعة وضع تصور بدقة إلى أى نوع من المشروعات تحتاجها مصر خلال نصف قرن. على أن تبدأ مصر فى عمل دراسات جدوى لهذه المشروعات المقترحة حتى تعرف الدولة والقطاع الخاص الكبير منه والصغير أين يكون التوجه السليم.
خامساً: التعليم العام فى مصر فى وضع كارثى، وحلول الوزير ومشروعه تبخر فى الهواء بعد أن ثبت أنه فى كوكب آخر، وباعترافه قال إن المشروع لن ينجح لأن المشكلة فى مصر والمصريين وليست فى المشروع. وأخيراً تحدث عن إلغاء مجانية التعليم فى البرلمان. ورغم نفيه بعض ما قاله فإن هذا هو التوجه الذى سوف يدفع بمصر إلى الضياع النهائى. إصلاح التعليم يحتاج إلى حوار مجتمعى ويحتاج إلى وضع مميز فى ميزانية الدولة وكلاهما مرفوض من النظام. أما التعليم الجامعى فلنركز على معاهد بحثية متميزة خارج البيروقراطية الحكومية تجمع النابغين من الشباب لإنتاج وتطوير علوم المعرفة الحديثة من تكنولوجيا وبرمجيات وعلم النانو والخلايا الجذعية التى يمكن أن تعطى عائدا ماديا ضخما بمجموعة صغيرة من البشر وهو ما تفعله الهند وإسرائيل.
وأخيراً، الانتقال إلى مستقبل أفضل يحتاج إلى همة من الشعب كله، وذلك أمر فى يد الحكام الذين عليهم أن يستنهضوا الشعب ويشجعوه، وهذا لن يتأتى إلا فى جو علمى تتناقش وتتحاور فيه الآراء بحرية وديمقراطية حتى نبنى الدولة بالعلم وبالنظام والعدالة وبمشاركة فعالة للقطاع الخاص الوطنى المبتكر الذى يدفع ضرائبه، ووجود مجتمع مدنى كبير يسهم فى جزء من مسؤولية الدولة تجاه المجتمع.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك


Monday, November 19, 2018

خالد منتصر - ميكى ماوس والفويسقة - جريدة الوطن - 20/11/2018

ليست مصادفة أن يحتفل العالم هذا الشهر بمرور تسعين سنة على ظهور شخصية ميكى ماوس، ونحتفل نحن المسلمين بمرور عشر سنوات على تكفيره، هناك كرَّموه وهنا كفَّروه.. ظهر «ميكى» للمرة الأولى على الشاشة الكبيرة فى فيلم «القارب البخارى ويلى» 18 نوفمبر 1928، وقد عرض الفيلم الكارتونى الذى أطل منه «ميكى ماوس» على العالم، وهو من أفلام الأبيض والأسود، ومدته ثمانى دقائق، لأول مرة فى دار عرض «كولونى ثياتر» بمدينة نيويورك، واحتفالاً بعيد ميلاد «ميكى ماوس»، افتتحت «ديزنى» معرضاً فنياً على مساحة 16 ألف قدم مربع فى مانهاتن، لتقدم من خلاله أعمالاً فنية أصلية ومجسمات لالتقاط الصور معها وسلعاً تذكارية. ويستمر المعرض حتى العاشر من فبراير المقبل. فى نوفمبر 2008 انطلقت فتوى قتل وتكفير ميكى ماوس، فقد هاجم رجل الدين السعودى ذو الأصل السورى محمد المنجّد الفئران بضراوة داعياً إلى قتلها فى الحل والحرم بوصفها ممقوتة فى الشريعة الإسلامية وهى من جنود إبليس، وحذر المنجّد فى فتواه الأطفال من الإعجاب بشخصيات الفئران التى اشتهرت عبر الأفلام الكارتونية أمثال ميكى ماوس، وجيرى، وأشار إلى أن الفئران كائنات ممقوتة وأن هذه الرسوم المتحركة حببت الأطفال بها وأصبحت شخصيات عظيمة بنظرهم بينما يجب قتل الفأر فى الحل والحرم، وقال المنجد إن الشريعة الإسلامية سمَّت الفأر «الفويسقة»، وإنها تضرم على أهل الدار النار وإن الشيطان يسيّر هذه الفأرة وأنها من جنود إبليس. انتهت فتوى المنجد ولكن حتى هذه اللحظة لم ينتهِ منهج التفكير الذى يفتى فى مشكلات العصر من خلال كلام القدماء الفقهاء، عندما تقرأ السيرة الذاتية لهذا الشيخ تجد أنه قد تتلمذ على يد كبار العلماء مثل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين، والشيخ صالح بن فوزان آل فوزان، والشيخ عبدالرحمن البراك، أى إنه ليس فرداً شارداً إنما هو تيار ومنهج ودرب، وقتها كانت هناك عمليات انتحارية تتم من مسلمين فى مسلمين، وأقليات تُنتهك، ومليارات تُصرف على موائد قمار الغرب من أثرياء عرب، وأطفال يتضورون جوعاً فى الصومال، لكن الشيخ اهتم بميكى ماوس الفاسق الفويسقة، الفأر عمره الافتراضى فى المتوسط ثلاث سنوات لكن الإبداع والفن سيجعله يعيش ثلاثة آلاف سنة، تعالوا نخرج من فتاوينا الظلامية لنتابع أنوار احتفالاتهم هناك فى الضفة الأخرى من البحر والمحيط بميكى ماوس، طرحت سبعة ملصقات إعلانية قديمة ممزقة ونادرة لـ«ميكى ماوس» فى مزاد، حيث من المتوقع بيعها بآلاف الدولارات، وعرضت الملصقات السبع التى تعود للثلاثينات والأربعينات فى معرض تذكارى نظمته مؤسسة «ديزنى». وستعرض الملصقات للبيع فى مزاد لمؤسسة «سوذبيز» على الإنترنت يستمر حتى 26 نوفمبر، وتشير قائمة للأسعار وردت فى بيان من شركة «وولت ديزنى» بإنجلترا وأيرلندا إلى أن الملصقات قد تباع فى المجمل بأكثر من 130 ألف جنيه استرلينى.
كل سنة وأنت طيب يا ميكى والحمد لله إن وولت ديزنى شركة إنتاج أفلام لا إنتاج فتاوى.

Sunday, November 18, 2018

الأنبا موسى يكتب: كيف أكتشف طاقاتى؟ ١٨/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

إن لكل إنسان مواهب وطاقات، فإلهنا المحب العادل لم يحرم أحدًا من البشر، من عطايا تميزه عن غيره، وتجعله عضوًا نافعًا فى المجتمع. حتى من نتصور أنهم معوقون ذهنيًا، يكفى أن وجودهم يجعلنا نشكر الله على نعمة العقل، وأن نتعاطف معهم إنسانيًا فى روح المحبة، ونسدد لهم كل احتياجاتهم، فنأخذ بركة من القدير.
وإن كانت الطاقات الإنسانية متنوعة، مثل:
١- الطاقات الروحية: الصلاة–التأمل–السهر الروحى–التسبيح–الكلمة–الإرشاد والخدمة الفردية والأسرية..
٢- الطاقات العقلية: كروح البحث والدراسة والقراءة والتحليل والاستنتاج..
٣- الطاقات الوجدانية: كالمشاركة فى الأفراح والآلام–وتكوين علاقات محبة–وخدمة الافتقاد..
٤- الطاقات البدنية: كالمساعدة فى خدمة القرى والنجوع البعيدة، وأنواع النشاط الحركى المتعددة، كالرياضة والكشافة والجوالة..
٥- الطاقات الاجتماعية: كإنشاء علاقات محبة مع المواطنين، وعلاقات مع المسؤولين والشخصيات العامة.
فإن هذه الطاقات كلها موزعة بين بنى البشر، والمهم هو أن يكتشف كل إنسان طاقاته، ثم يستثمرها لبنيان نفسه، وأسرته، ومجتمعه.
والسؤال الآن هو: كيف أكتشف طاقاتى؟
يمكن أن يكتشف الإنسان طاقاته من خلال قنوات متنوعة، نذكر منها:
١- الصـلاة
فحينما نصلى ونطلب من الله أن يعرفنا ما استودعه فينا من طاقات وعطايا، يكشفها لنا، ويرشدنا وينبهنا إليها، فنبدأ بأن نستثمرها. ولكن هذه الوسيلة وحدها ودون إرشاد تنخفض، قد تجعل الإنسان يسقط فى: خداع، إذ يتصور أن عنده ما ليس فيه، أو ذاتية، إذ ينحصر فى ذاته كأن فيه كل العطايا والمواهب، تجعله يشعر بالكبرياء، حينما يحسّ أنه قادر على عمل ما، وبصورة متقنة، أو يدين الآخرين، حينما يقارن نفسه بآخرين، يتصور بأنهم أقل منه كفاءة، أو ييأس حينما لا يرى ما أعطاه الله له، أو بالتمركز حول الذات، حينما يتصور أن عنده ما لا أحد يملكه، وأنه متميز عن الجميع وأفضل منهم..
لذلك تأتى الوسيلة الثانية كضمان مهم، وهى:
٢- الإرشاد
فلا شك أن الوالدين وذوى الخبرة والمعرفة، لديهم إمكانية أفضل فى التعرف على ما لديك من طاقات وقدرات إبداعية، ويمكن أن يلفتوا نظرك إليها، وكيف أنها عطايا من الله، وليس منك، حتى تستثمرها لفائدة نفسك، والآخرين.
لهذا نصحنا الآباء منذ القديم قائلين: «إن الذين بلا مرشد، هم كأوراق الخريف، يسقطون سريعًا».. وقال لنا سليمان الحكيم: «وَالْخَلاَصُ بِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ» (أم ٦:٢٤).
لذلك يحسن بنا أن نستشير الكبار والمسؤولين فى العمل، فهم الأقدر على اكتشاف طاقاتنا، ثم استثمارها بالأسلوب الأمثل. وهناك طريقة ثالثة لاكتشاف الطاقات، وهى:
٣- الحوار
وهو أسلوب غاية فى الأهمية فى اكتشاف طاقات الناس، فمن خلال الحوار سيظهر أن هذا الإنسان عنده موهبة مثلاً: موسيقية، والآخر موهبة بحث، والثالث موهبة قيادية وغيرها الكثير.
٤- المشاركة
بمعنى أن لا يقوم القائد بالعمل بمفرده، بل عليه أن يشرك الآخرين معه، فى عمل جماعى منظم. فهذا العمل الجماعى، أو روح الفريق Team work، قادر على أن يكشف مواهب وطاقات الأفراد، كل فى تخصصه. والمشاركة فى العمل لها بركات كثيرة جدًا، منها:
أ- ظهور الطاقات الكامنة لدى الأفراد.. وما أكثرها!!.
ب- إحساس كل عضو بأنه «جزء» من العمل.. فالمشاركة بالإنجليزية معناها Participation، من كلمة Part، أى «جزء». وهناك فرق شاسع بين عضو سلبى لا يحسّ بأنه جزء من العمل، وآخر إيجابى يحسّ بدوره وإسهامه فى العمل.
ج- نمو العمل وانتشاره.. ففرق بين أن يعمل القائد بطاقته الواحدة، مهما تعاظمت، وبين أن يعمل بطاقات عديدة مع أعضاء المجموعة.
د- تجديد العمل.. من خلال إبداعات أعضاء المجموعة.. سواء فى شكل العمل أو مضمونه...
ه‍- استقرار العمل.. فلن يهتز العمل لغياب القائد أو مرضه، بل ستستمر من خلال الصفوف التالية: الصف الثانى، والصف الثالث، لملء الفراغ المؤقت.
و- استمرار العمل.. فلن يعتمد العمل فيما بعد على القائد، فهو جزء من منظومة، وعضو فى فريق، إذا غاب لسبب ما، استطاع الفريق سدّ العجز، واستكمال العمل على نفس المستوى، لملء الفراغ الدائم.
وهذا ما مارسه السيد المسيح مع تلاميذه، فاختار الاثنى عشر، ثم السبعين، حتى صاروا مائة وعشرين، وتوزعوا فى كل أنحاء الأرض، ونشروا المسيحية فى العالم.
٥- التدريب
فلا شك أن أى طاقة أو موهبة تكون مثل المادة الخام التى تحتاج إلى صقل وتدريب وتهذيب ومتابعة وإنماء.. وهذا دور القائد، ليس لوحده، بل من خلال من هم أكثر منه خبرة، إذ يستعين بهم–كل فى تخصصه–لتدريب الطاقات الخادمة معه، سواء فى المجال الدينى: الصلاة والتسبيح أو المجال المعرفى: الدراسة والبحث، أو المجال الوجدانى: الافتقاد والخدمة الفردية، أو مجال البدن: الرياضة والكشافة، أو المجال الاجتماعى: العلاقات العامة والنشاطات المجتمعية... إن لكل من هذه الأمور متخصصين دارسين، قادرين على تدريب الآخرين، حتى يتم صقل المواهب وإنمائها لمنفعة الفرد والجماعة.
٦- التعبير
فلو أعطينا لكل الأعضاء فرصة التعبير عن أنفسهم بالكلمة والرأى والرسم والأشغال الفنية والأدبية والأنشطة المتنوعة، كالتمثيل والكورال والأوبريت، وغير ذلك.. فلاشك أنه ستظهر مواهب عديدة، كما لاحظنا حينما أعطينا فرصة تسابق بين مواهب الطفولة فى الألحان، فحضر حوالى ٢٠٠ طفل وطفلة من أنحاء البلاد، ينشدون أصعب الألحان الكنسية، وبكفاءة جيدة.. وكذلك حينما تسابق الشباب فى مجالات الدراسات والفنون والآداب والكمبيوتر.. فشاهدنا فرقة عازفين من أطفال بورسعيد (حوالى ٦٠ طفلاً) كل يعزف على الآلة التى يهواها، وحينما شاهدنا فى «مهرجان الكرازة المرقسية»، و«مهرجانات النيروز» أعمالاً ممتازة فى التأليف والإخراج والتمثيل، كما فى «مسرح العرائس».. أو حتى فى المعوقين بدنيًا وذهنيًا.. وكيف استطاع المسؤولون أن يخلقوا منهم أعضاء منتجين ونامين وسعداء!!.
هذه بعض الوسائل التى من خلالها نكتشف الطاقات فيمن حولنا.. وهنا يأتى السؤال: «كيف نوظف هذه الطاقات بأسلوب سليم؟».

أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


رجل الباذنجان بقلم وحيد حامد ١٨/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

هناك حكاية تروى عن الملك فاروق، الذى كان ملكاً على مصر لمن لا يعرف، وسواء كانت الحكاية حقيقية أم لا فإنها طريفة وتستحق أن تحكى، فقد كان باشوات مصر فى زمانه يتسابقون فى إقامة الولائم الفاخرة لجلالته تقرباً وافتخاراً وطلباً للرضا السامى، وذات مرة تناول الملك قطعة باذنجان «مخلل» من المقبلات وأبدى إعجابه بهذا الباذنجان، وعلى الفور تطوع أحد الباشوات بالمديح والثناء وقال الكثير فى شأن الباذنجان، فهو سهل الهضم غنى بالحديد والمنجنيز وينظم ضغط الدم ويحمى الحمض النووى ويقوى المناعة ويعمل على خفض الوزن ويرفع مستوى القدرة الجنسية، ولمجرد أن الملك أبدى إعجابه بالباذنجان صارت الموائد لا تخلو منه بعد أن تفنن الطهاة فى حشوه بالمكسرات مع الثوم والفلفل، وأصبح يطارد الملك على كل مائدة وفى كل مأدبة حتى ضاق به وأصبح لا يطيق رؤيته وأراد الخلاص منه بشكل نهائى وقاطع. وذات مرة وعندما وجد الباذنجان يتصدر المائدة تناول قطعة وأبدى استياءه من طعمها ولونها ورائحتها، وفوراً تم رفع الباذنجان من على المائدة، وهنا اندفع نفس الشخص الذى أسرف فى المديح من قبل إلى ذم هذا الطعام قائلاً: الحق معك يا مولاى إنه طعام رخيص يؤلم المعدة ويرفع ضغط الدم ويضعف المناعة ويصيب الجسم بالفتور... و... و... والتفت إليه الملك وذكر له قوله السابق فى شأن الباذنجان، وبهت الباشا المنافق وهتف قائلاً: أنا فى خدمة مولاى أقول ما يرضيه ولست فى خدمة الباذنجان..!!. واليوم وليس الأمس أتأمل الواقع الذى نعيشه ويلتف حولنا فأجد أن رجل الباذنجان صار موجوداً وحاضراً ومنتشراً.. كل الرؤوس الكبيرة فى حضرة كل واحد منهم «رجل باذنجان» يوافق سيده على كل شىء وأى شىء.. سواء كان عدلاً أو ظلماً، رديئاً أم جيداً، تافهاً أم ذا قيمة، خطأ أم صواباً، نافعاً أم ضاراً، صدقاً أم كذباً، جميلاً أم قبيحاً.. رجال الباذنجان هؤلاء وجودهم فى حياتنا وحول الرؤوس الكبيرة أفسد علينا حياتنا وأتلف رؤوسنا الكبيرة فلم تعد تفرق بين الخطأ والصواب، الحق والباطل، ما يجوز وما لا يجوز، ما ينفع وما يضر.. رجال الباذنجان يعزفون الألحان التى تطرب لها الرؤوس الكبيرة بحيث تتساوى خدمة الملك مع خدمة الباذنجان ولا أحد مع خدمة الوطن.. ولا نستطيع أن نقول لهم ابتعدوا أو ارحلوا فهم لن يفعلوا.. وإنما نقول لكل الرؤوس الكبيرة اسمعوا الناس إذا أردتم أن تسمعوا.. ولا تسمعوا لرجال الباذنجان لأن أفعالكم وأقوالكم بعضها صواب وبعضها خطأ.


مكافحة الإرهاب بقلم د. عماد جاد ١٨/ ١١/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

ذكرنا فى مقال الأحد الماضى أن صناعة الإرهاب تمر عبر ثلاثة مكونات أو مراحل، الأولى تتمثل فى المكون المعرفى: وهو عبارة عن المعتقدات والأفكار والتصورات التى يتم تغذية الفرد بها منذ نعومة أظفاره عن الذات والآخر، وهذه المرحلة تسفر عن إنتاج بشر متعصب متطرف يكره الآخر، كل آخر سواء دينى، طائفى أو عرقى وربما أيضا جنسى أى النوع. أما المكون الثانى أو المرحلة الثانية التى يمر بها الفرد من مرحلة التعصب إلى الإهارب فيسمى المكون الانفعالى ويتمثل بالأساس فى الإلحاح والتحريض المتواصل على ضرورة تنفيذ المكونات المعرفية أو الأفكار التى يحملها الفرد من سمو وتفوق، ونظرة دونية للآخر تتطلب التضييق عليه وصولا إلى القتل والإبادة تنفيذا لما يعتقد ويتصور. وهنا نصل إلى المكون الثالث. ولهذا المكون درجات متفاوتة ما بين التجنب سموا وعلوا للذات وتحقيرا للآخر والتضييق بمختلف أنواعه وصولا إلى ارتكاب المجازر على الهوية.
وإذا أردنا وضع خطة لمكافحة الإرهاب من الجذور فلابد أن تكون خطة شاملة تتعامل مع المكونات الثلاثة للتعصب والتطرف وصولا إلى الإرهاب، خطة تتعامل مع الإرهاب كظاهرة ومنتج اجتماعى ولا تقتصر على التعامل مع الإرهابيين، أى اختزال المواجهة على المرحلة الثالثة والأخيرة بالتعامل مع المكون السلوكى أو الإجرامى.
إذا أردنا مكافحة الإرهاب فعلينا أن نتبنى خطة شاملة للتعامل مع هذه الظاهرة تبدأ بالمكون المعرفى ويتمثل ذلك فى مراجعة كافة مناهج التعليم فى البلاد وإزالة ما بها من مواد عنصرية تحض على التمييز وتلح على المنتمى للأغلبية بأنه أسمى وأعلى من غيره، وأنه يمثل الطهارة وغيره يمثل النجاسة والفسق، مراجعة مناهج التعليم الدينى وتنقيتها تماما، وفى تقديرى أيضا أن التعليم الدينى ينبغى أن يقتصر على تخريج رجال الدين أو علماء الدين دون أن تتطرق إلى التعليم المدنى لأن فى ذلك تمييزا بين المواطنين وظلما للمواطن الذى يدفع الضرائب ولا يحق له الالتحاق بهذا النوع من التعليم، والعمل على تطبيق ذلك فى كافة المجالات من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وأيضا تنقية البنية التشريعية المصرية من كل الشوائب التى تطعن قيمة المواطنة. وتتضمن الخطة أيضا مواجهة عمليات التحريض والحض على الكراهية والعنف ويمكن تحقيق ذلك عبر خطوات واضحة محددة مثل إلغاء الفقرة (و) من المادة (٩٨) من قانون العقوبات والمعروفة بمادة ازدراء الأديان والإسراع بتدشين مفوضية منع التمييز التى نص عليها الدستور ولم تتحرك الدولة لوضع أساسها، مع الحزم فى تطبيق القانون على الجميع بشفافية ونزاهة كاملة.
أما المكون الأخير من هذه الخطة الشاملة فهو القيام بمواجهة شاملة للإرهابيين على النحو الذى تقوم به الدولة حاليا مع وضع خطط متكاملة لوقف إنتاج الإرهابيين (من خلال المكون الأول) ومنع التحريض والحض على الكراهية والعنف (المكون الثانى)، وأخيرا مواجهة الإرهابيين. الاكتفاء بالمرحلة الثالثة، دون الأولى والثانية يعنى أننا نترك خطوط الإنتاج تنتج لنا موجات من الإرهابيين، تعنى أننا نتعامل مع العرض ولا نعالج المرض.

خالد منتصر - القنبلة السكانية وشيزوفرينيا السلفنة العميقة - جريدة الوطن - 18/11/2018

أن يخرج علينا شيخ أزهرى وعضو لجنة فتوى سابق فيهاجم تنظيم الأسرة ويصفه بأنه مؤامرة يهودية فتلك كارثة، فى ظل كلام الرئيس عن الانفجار السكانى الذى يلتهم محاولات التنمية، ومانشيتات الجرائد التى تتحدث عن الإرهاب السكانى، يأتى هذا الشيخ الذى لا يعبر عن نفسه ولكنه يعبر عن تيار كاسح يضع العصا فى العجلة ويعرقل التقدم، لخبطة الغزل و«كعبشة» كرة الصوف صارت هواية لدينا، صوت ينادى «إلى الأمام سِرْ»، وصوت يهتف «للخلف دُر»، نور مستقبل منتظر أمام ظلام ماض سحيق، قانون أمام فتوى، حلم أمام كابوس، صار الوطن مثل مصارع مربوط بين جوادين كل منهما يعدو فى اتجاه، مشدوداً ما بين تيارين، أمامه مشاكل رهيبة يعالجها بالشقشقة اللغوية الفقهية والعنعنات التراثية، الطبقات المستورة والغنية قوام كل منها اثنان أو ثلاثة أولاد على الأكثر، أما الفقراء والمعوزون والمعدمون فهم خط إنتاج لقبائل من الأرانب وجحافل من النمل، اعتماداً على شعارهم المقدس «العيل بييجى برزقه»، ينفتح خزان الشارع ليستقبل أطفالاً جدداً يطحنهم بمطحنته ليخرج لنا ترامادولاً بشرياً ليس له ذنب إلا جهل الآباء، وينضم إلى طابور البلطجة والبطالة والنقمة والغضب والتشفى أفراد وجماعات هم عالة على مجتمعهم لا رافعة له، نظل ندور فى تلك الدائرة الجهنمية نتيجة أننا قد ارتضينا أن نعيش شيزوفرينيا الدولة الدينية المتسلفنة العميقة التى تجثم على أنفاس الدولة المدنية الحديثة، القنبلة السكانية تحرق الأخضر واليابس، ونسبة التخلف والأمراض الوراثية نتيجة زواج الأقارب صارت نسبة مرعبة، ومعامل الذكاء ينخفض وسط تعليم لا ينهض بك ويشل قدراتك، ثم تخرج بعد ذلك وتطالب بزيادة الخِلفة حتى تتباهى أمام الدول الأخرى الكافرة، تذكرت مثلاً كانت تردده جدتى قديماً فى دمياط ولم أفهم مغزاه إلا بعدما كبرت، كانت تقول «العقل زينة فى الباترينة»!، هكذا كانت تنطقه، بالفعل العقل لدينا صار مجرد ديكور يعرض فى الفاترينات.

Thursday, November 15, 2018

خالد منتصر - هوس الاتباع وفوبيا الإبداع - جريدة الوطن - 16/11/2018

«إلجام العوام عن علم الكلام» لم يكن مجرد كتاب للغزالى، بل صار منهج تفكير سيطر على العقل الإسلامى حتى هذه اللحظة، علم الكلام أى الفلسفة، والفلسفة تعنى التفكير النقدى. وهذا قد يؤدى -والعياذ بالله- إلى الإبداع والبدعة. لم تُحمَّل كلمة بكل هذا الكم من سوء السمعة مثل البدعة، صار لدينا هوس الاتباع وفوبيا الإبداع، عشق الانصياع والانسحاق والتقليد، وكراهية البدعة. امتلأت كتب الأقدمين بمعلقات الهجاء للبدعة وفردانية التفكير، وصارت كراهيتها فرض عين على كتب التراث والفقه. سنختار من بستان الصبار التراثى ما لذ وطاب من تلك الثمار:
إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
ما أراد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد عن الله بُعداً.
البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يثاب عنها والبدعة لايثاب منها.
خير القرون قرنى.
المتأخر لا يبلغ من الرسوخ فى علم ما بلغه المتقدم.. هذا القول على لسان الفقيه المستنير الشاطبى!!
ومن كتاب تلبيس إبليس «من سمع من مبتدع لم ينفعه الله بما سمع، ومن صافحه فقد نقض الإسلام عروة عروة»، و«من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه».
قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.
إن الشيطان مع الواحد.
الشيطان مع من يخالف الجماعة.
قف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل السلف الصالح.
نكتفى بهذا القدر كمقدمة لبيان كم نكره الإبداع ونعانى من فوبيا الحداثة. نحن نعشق التحديث ونكره الحداثة، نستخدم كل الأدوات الحديثة والتكنولوجيا الحديثة لكن بدون منهج وفكر الحداثة، نُعجب بمنتج الإبداع ونعادى بشراسة المنهج الإبداعى الذى وراء هذا المنتج. الإسلام بدأ كثورة تغيير فى القيم والأنساق الفكرية حينذاك، لكننا اعتقلناه فى نفس الزنزانة وحنطناه عند ذات اللحظة، فتحول كما قال أركون من طاقة تغييرية إلى تصور ثبوتى للحقيقة، إلى تصور ملجوم ومسجون لها.
دفعنا -نحن المسلمين العرب- بعد تفجر آبار النفط عندنا أثمان وتكلفة حفارات البترول، ولكننا لم ندفع تكلفة حفارات الفكر، لم نقلب أرض الفكر ولم نحرث تربة الماضى والتراث، اكتفينا بالفرجة على السطح وارتعشنا وفزعنا من مغامرة الهبوط إلى الأعماق واقتحام المناجم. ننتظر بركان المنجم أن يقذف إلينا من حممه الخير، ونمنى أنفسنا بالنعيم المنتظر، ولا نفكر أو نجرؤ للحظة أن نلقى بالسلم ونهبط ونستكشف، وهذا ما ثبّته ورسخه وعمّقه أكثر البتروإسلام كما أطلق عليه أستاذ الفلسفة د. فؤاد زكريا. خلطنا بين احترام النص وسجن النص، تركنا الإمعان فيه إلى الإذعان له، توهمنا أن وجود مفردات المظاهر العلمية ولافتات أكاديميات البحث العلمى يعنى أن لدينا وعياً علمياً. الحقيقة أن لدينا وعياً خرافياً إن جاز التعبير وتزاوج الوعى والخرافة، الوعى العلمى غائب حتى ولو توافرت آلاف المعامل والجامعات ومراكز البحث، فنحن لا نؤمن بالعلم كمرجعية حاكمة، ولكننا نؤمن بحاكمية من نسميهم علماء الدين كمرجعية شاكمة! قدمنا التذكر على التفكر، فصرنا حفظة لا مبدعين، صارت مجتمعاتنا مثلثات مغلقة ذات زوايا حادة وليست قوس قزح الذى يحتضن كل ألوان الطيف ويسمح بتسلل الرماديات، حوّلنا المدرسة إلى سيرك ترويض لا سماء تحليق، غلّبنا النمطى على المتفرد، عشنا فى رهاب المعرفة وعقلية الوصاية فقتلنا الإبداع، ما زلنا لم نتخطَّ مرحلة الوصاية التى تنقلب إلى فزع على أفكارنا المتحفية والرعب من أن تندثر.
بولس الرابع مات عند الأوروبيين وهو من فرض قائمة بابوية بالكتب المحظورة التى يحرم قراءتها إلا بإذن كنسى، لكن بولس الرابع صار مليون بولس عند المسلمين، وصار يصدر ملايين الفرمانات القمعية نتيجة الفوبيا المعرفية. لكن السؤال الذى يفرض نفسه: لماذا تحول شهداء السؤال والفضول والتمرد فى أوروبا إلى وقود تنوير بينما تحول شهداؤنا إلى حطب غير قابل للاشتعال والإضاءة؟! فقد أُحرق المصلح الدينى التشيكى يان أو يوحنا هس فى 6 يوليو 1415، لأنه تبنى آراء ويكليف الخمسة والأربعين المعارضة لمعتقدات الكنيسة، وبعد أن قضى فى السجن سبعة أشهر بتهمة الهرطقة وأُعطى الأمان، أُحرقت كتبه وسيق إلى حيث أشعلت النار وطُلب منه أن يتنازل عن آرائه وهرطقته، فرفض، فتم إلقاؤه فى النار، وكذلك الفيلسوف ميشيل سيرفييه الذى أُحرق فى جنيف 1553 لأنه عارض التثليث، وفى 1600 وداخل ساحة كامبو دى فيورى بروما أُحرق المصلح الدينى والفيلسوف جوردانو برونو الذى كان شهيد التنوير بحق، فهو لم يُحرق من أجل خلاف لاهوتى فى الطقوس، ولكن لأنه اعتنق أفكار كوبرنيكوس الثورية عن دوران الأرض، ومهّد الطريق لرفيقه فى الفكر والوطن جاليليو الذى أمسك بالشعلة واستوعب الدرسين من برونو، الدرس الأول علمى حيث تبنى رأيه العلمى، والدرس الثانى حياتى، حيث فرّ من الحرق حياً بالاعتذار إلى الكنيسة إلى العزلة والسجن حتى مات، ثم اعتذرت له الكنيسة فيما بعد. أما ضحايانا من المسلمين الذين طرحوا الأسئلة وتشككوا، فما زلنا حتى هذه اللحظة لم نعتذر لهم حتى تمثيلاً أو خداعاً حتى على المستوى الفكرى. لا نطمح لمؤتمر اعتذار مثلما فعل البابا لجاليليو، ولكننا كنا نطمح لاعتذار غير احتفالى على المستوى الجمعى الفكرى، فغيلان الدمشقى الذى تبنى مبدأ الحرية الإنسانية ضد جبر القضاء والقدر الذى أعفى به الحكام أنفسهم من مغبة ما يحدث من مظالم على الأرض وردها إلى القدر، ماذا فعلوا به؟ اعتقله هشام بن عبدالملك وفى مجلس الخلافة زعق فيه: مد يدك، فمدها غيلان، فضربها الخليفة بالسيف فقطعها، ثم قال: مد رجلك، فمدها، فقطعها الخليفة بالسيف الباتر، لكن هل دخل إحساس الندم حتى لرجل الشارع العادى ولا أقول للحاكم؟ للأسف لا، فبعد أيام مر رجل بغيلان وهو موضوع أمام بيته بالحى الدمشقى الفقير، والذباب يقع بكثرة على يده المقطوعة، فقال الرجل ساخراً: يا غيلان، هذا قضاءٌ وقدر! فقال له: كذبت، ما هذا قضاء ولا قدر، فلما سمع الخليفة بذلك، بعث إلى غيلان من حملوه من بيته، وصلبه على أحد أبواب دمشق، وفرح علماء السلطان بمقتله وقالوا: «إن قتله أفضل من قتل ألفين من الروم!»، أما ابن عساكر فيوم أن حاول أن يخفف من وقع كلماتهم قال: «لقد ترك غيلان هذه الأمة فى لجج مثل لجج البحار»!، يعنى مدان مدان يا ولدى غيلان، فبدلاً من أنك حركت الراكد، فسّروها على أنك قد أثرت الفتن! قبل غيلان التلميذ لاقى معبد الجهنى الأستاذ نفس المصير، لكن شهرة غيلان طغت على معبد الذى صُلب هو الآخر ولنفس السبب وهو الوقوف مع الحرية ضد الجبر، لكن هذه المرة كان الصلب من الأب عبدالملك بن مروان، لكن قبلها أرسل الحجاج إلى معبد الجهنى، وأخرجه من الحبس وكان يطعمه خبز الشعير والكرات والملح، قال له الحجاج: يا معبد كيف ترى قِسْمَ الله لك؟! قال: يا حجاج خلِّ بينى وبين قِسْمِ الله! فإنْ لم يكن لى قِسْمٌ إلا هذا رضيت به. فقال له: يا معبد، أليس قُيدتَ بقضاء الله؟ قال: يا حجاج ما رأيت أحداً قيدنى غيرُك، فأطلق قيدى فإنْ أدخلنى قضاء الله رضيت به». وبالطبع هاجمه رجال الدين بعنف ولم يبالوا بالصلب بل ابتهجوا، ففى كتاب الإبانة يوصف بأنه رئيس الضلال، ومكتوب فيه أنه «قد سبّه أكثر من عشرة من أهل العلم ولعنوه لعناً صريحاً بقولهم: لعنة الله على معبد، وقولهم: الملعون، وقولهم: معبد لعنه الله، وغير ذلك من ألفاظ اللعن المختلفة التى انصبت من سلف الأمة على هذا الرجل، ولا يلزم من اللعن الكفر، كما أنه لا يلزم من القتل الكفر، وربما يُقتل الرجل لبدعة عظيمة ابتدعها طار شررها، وعظم خطرها فى الأمة، فيُقتل من باب المحافظة على الأمة، ولخطورة البدعة، لا لكونه كافراً». يا له من حنان وعطف شُمل به معبد، أما الجعد بن درهم فهو من الممكن أن نضع عنواناً لقصته «عندما يضحون بالمفكر بديلاً عن الخروف»! فمن فوق منبر الجامع وقف حاكم البصرة خالد بن عبدالله القسرى فى يوم الأضحى، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال: أيها الناس انصرفوا إلى منازلكم وضحوا -بارك الله لكم فى ضحاياكم- فإنى مضحٍّ اليوم بالجعد بن درهم.. ثم حمل «سيفه» وذبحه أمام المصلين، لماذا؟ لأنه أراد أن ينزه الله عن الصفات مثل الخليل والكليم... إلخ بالتأويل، ولأنه قال بخلق القرآن، مجرد أن الرجل اجتهد وحاول فى علم الكلام الذى قلنا إن الحكام قد ألجموا العوام عن الخوض فيه، مجرد أن حاول أن يستخدم ما هو داخل الجمجمة وشرد عن القطيع كان مصيره الذبح، لكن المهم ماذا كان رأى الشارع فى هذا المشهد البشع ونافورة الدم تنفجر من شرايين رقبته؟ اقرأوا ابن القيم فى «الكافية الشافية»، فقد أثنى على «القاتل» خالد القسرى قائلاً: «ولذا ضحى بجعد خالد القسرى/ يوم ذبائح القربان/ إذ قال ليس إبراهيم خليله/ كلا ولا موسى الكريم الدانى/ شكر الضحية كل صاحب سنة/ لله درك من أخى قربان». ووصف آخرون الذبح بأنه «أفضل وأعظم أجراً من الأضحيات؛ لأن هذه فيها قطع لدابر الفتنة والشر والفساد، ثوابها أعظم من ثواب الأضحية»!!
طابور طويل قدم روحه على مذبح التنوير، هم اعتذروا لكن نحن لا، لماذا؟ لأن الاعتذار يحتاج المراجعة، والمراجعة تحتاج أن تقف على مسافة من تاريخك وتراثك تسمح لك بالنقد والمراجعة ورؤية ملامح وتفاصيل لوحة التاريخ، لكننا للأسف نعتبره مقدساً، نتصرف معه بتعلق الأطفال المرضى بلعبهم، ينتج عن هذا الموقف المرضى اعتبار الاعتذار إهانة للكرامة، فيزيد العناد، ونظل نحلم بالخلافة وبعودة الأندلس وغزو روما حتى هذه اللحظة، فمتى نتقن ثقافة الاعتذار وفن التراجع وموهبة المراجعة وفضيلة التخلى، بدون تلك الأشياء لن يوجد مستقبل.