Translate

Friday, January 31, 2020

نحن نفتح وهم يستعمرون!! - خالد منتصر - جريدة الوطن - 1/2020 /30






«التراث ده كان السبب فى نهضة العرب، حتى إن أقدامهم كانت واحدة فى الصين، والأخرى فى الأندلس بفضل الفتوحات الإسلامية».
هذا اقتباس من كلمة فضيلة الإمام شيخ الأزهر فى مؤتمر التجديد رداً على د. محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، والحقيقة أننى لا أريد للمسلم المصرى أن تكون قدمه اليمنى فى الصين ولا اليسرى فى الأندلس، أريد أن تكون قدمه ويكون عقله وقلبه موجوداً ومتجذراً فى وطنه مصر، وأقول لشيخ الأزهر إن قوة التراث لم تكن سبباً فيما تسميه فضيلتك فتحاً، بل كان السبب هو قوة السيف والحروب العسكرية، ومثلما قلت فضيلتك إن الصليبيين كانوا يرفعون الإنجيل بيد، وفى اليد الأخرى السيف، فإننا أيضاً فعلنا نفس الشىء، لكن الفرق بيننا وبينهم هو أنهم قد اعتذروا عن هذا التاريخ الأسود، ونحن لم نعتذر بعد، وما زلنا نصف ما فعلناه من غزو واستعمار فتحاً مباركاً، اسم دلع وتدليل نخفف به من وطأة الوصف الصحيح، كما فعلنا من قبل مع الهزيمة التى صارت نكسة، والكوليرا التى صارت مرض الصيف، فضيلتك قدمت لنا وصفاً لهذا الفتح التراثى الجميل، حتى اعتقدت أننا كنا نغزو وفى اليد اليمنى زهرة وفى الأخرى الجيتار!!، أذكّر فضيلتك بمثال بسيط واحد يوضح لك حجم الملائكية التى اتسمت بها تلك الفتوحات، مثلاً الجرائم ضد أمازيغ شمال أفريقيا فى عمليات سبى كبرى وصلت إلى 600 ألف أسير من الرجال وسبايا النساء من البربر المقيدين بالسلاسل على يد هارون بن موسى بن نصير، إذ كانت حصته وحده فى امتلاك الرجال كعبيد والإناث كمِلْك يمين 50 ألف أسير وسبيّة وحده يتصرف بهم كيفما يشاء وحيثما يريد!!، كيف درستها فضيلتك، وما قراءتك لها؟، هل قرأت فضيلتك الرسالة المشهورة لأمير المؤمنين التى جاء فيها: «كتب هشام إلى عامله على أفريقيا.. أما بعد، فإن أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبدالملك بن مروان، أراد مثله منك وعندك من الجوارى البربريات الماليات للأعين الآخذات للقلوب، ما هو معوز لنا بالشام وما ولاه. فتلطف فى الانتقاء، وتوخّ أنيق الجمال، وعظم الأكفال، وسعة الصدور، ولين الأجساد، ورقة الأنامل، وسبوطة العصب، وجدالة الأسوق، وجثول الفروع، ونجالة الأعين، وسهولة الخدود، وصغر الأفواه، وحسن الثغور، وشطاط الأجسام، واعتدال القوام، ورخام الكلام..»، وقال عبدالملك بن مروان: «من أراد أن يتخذ جارية للتلذذ فليتخذها بربرية، ومن أراد أن يتخذها للولد فليتخذها فارسية، ومن أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية»، إنها صورة فقط من الفتوحات التراثية العظيمة، وكأننا نختار معزة فى سوق التلات لا إنسانة لها كيان وروح!!، هذا مجرد مثال على ما نطلق عليه فتوحات وهو لا يحتمل إلا اسماً واحداً فى القانون الدولى يا فضيلة الشيخ، الاسم هو استعمار وغزو.

Tuesday, January 28, 2020

كتاب مصطفى الحفناوى: وثيقة خطيرة عن قناة السويس بقلم د. محمد أبوالغار ٢٨/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

هذا كتاب هام مثير يحكى قصة قناة السويس، وهو جزء من مذكرات د. مصطفى الحفناوى، الذى وهب حياته للدفاع عن مصرية قناة السويس، ونشره ابنه د. على الحفناوى فى يناير ٢٠٢٠ عن دار ميريت. ولد الحفناوى عام ١٩١١، واشترك فى الحركة الوطنية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. تعامل مكتبه للمحاماة مع الشركات العالمية بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية عام ١٩٣٧. وأثناء سفره فى رحلة عمل بالباخرة إلى انجلترا عام ١٩٤٦ استمع فى المركب إلى رجل إنجليزى يتحدث عن قناة السويس والتجارة العالمية والقاعدة البريطانية العسكرية، وتعرض بوقاحة للشعب المصرى وقدراته، ورد عليه الحفناوى قائلًا إن عقد القناة ينتهى فى عام ١٩٦٨ وسوف تتسلم مصر القناة وتديرها، فقال الإنجليزى غاضبًا إن العالم ليس من الغفلة أو البلاهة بحيث يضع مصير التجارة العالمية فى أيدى الجهلاء المتخلفين، فحدثت مشادة، وبعدها بدأ اهتمامه بقناة السويس ودراستها. وقال لنفسه إن الرصاصة التى قتلت بطرس غالى عام ١٩١٠ حين حاول أن يمد عقد القناة يمكن أن تكون سيولًا منهمرة من الرصاص لمن يفكر فى مد الامتياز بعد موعده.
فى لندن اشترى مرجعًا عن قناة السويس، ثم زار دار الوثائق البريطانية وبحث عن كل ما يخص القناة ووجد وثيقة مؤرخة فى عام ١٢٤٩ ميلادية تدعو ملك فرنسا إلى احتلال مصر وشق قناة بين السويس والبحر الأبيض، وقال الحفناوى لنفسه، سأهب حياتى للدفاع عن مصرية قناة السويس، واستمر يجمع الكتب والوثائق عن القناة. وبدأ الدراسة للدكتوراه فى السوربون عن قناة السويس، وزار دار الوثائق الفرنسية عام ١٩٤٧ وقام بنسخ الوثائق والمكاتبات الدبلوماسية الخاصة بالقناة واكتشف أن بونابرت قام بتعيين ماتيو والد فرديناند دليسبس فى منصب قنصل عام فرنسا فى مصر.
وسافر إلى فيينا وروما للحصول على وثائق، ولكن كان مستحيلًا أن يحصل على وثائق من هيئة القناة. وفى عام ١٩٥٠ جاء الوفد إلى الحكم فاستدعى النحاس رئيس الوزراء الحفناوى، طالبًا الاستعانة بخبراته القانونية فى إلغاء معاهدة ١٩٣٦ مع الإنجليز من جانب واحد ورحب الحفناوى بذلك ثم استدعاه محمد صلاح الدين وزير الخارجية (الذى أعتبره أنا أعظم وزير خارجية فى تاريخ مصر الحديث)، لتنفيذ مطالب النحاس وأطلعه الحفناوى على الوثائق التى جمعها عن قناة السويس وأنه فى مرحلة متقدمة من إعداد رسالة الدكتوراه فى فرنسا عن القناة، وقال إنه يحتاج فقط للدخول إلى مبنى قناة السويس فى باريس ليفحص المستندات والوثائق وطلب مساعدته. قام محمد صلاح الدين بتعيينه دبلوماسيًا فى المكتب الصحفى فى سفارتنا فى باريس. وفى مقابلة بين رئيس الشركة فى باريس مع وزير التجارة المصرى وبصحبة الحفناوى قال إنه صحفى ويعد كتابًا عن قناة السويس بالعربية ففرح بذلك رئيس الهيئة وقال إن هذه فكرة ممتازة لطمأنة المصريين أننا لسنا مستعمرين.
وفتحت له أبواب الأرشيف فحصل على جميع الوثائق اللازمة واستطاع انتزاع العقد الأصلى لهيئة قناة السويس الذى ينص على أن شركة القناة شركة مساهمة مصرية تخضع للقوانين المصرية وكانت الشركة قد استبدلته بعقد مزور، وأرسله إلى وزارة الخارجية المصرية. وطلب رئيس الشركة من الحفناوى المساعدة فى مشروع مقترح لتدويل القناة قبل عام ١٩٦٨ مع إخلاء القاعدة الإنجليزية وإعطاء مصر مقعدًا فى الشركة الجديدة وطالبه بأن يعرض الأمر على الحكومة المصرية ووعده بوظيفة كبيرة بمرتب كبير، فحذر الحفناوى وزير الخارجية من خطورة المشروع السرى.
وفى شهر يونيو ١٩٥١ نوقشت رسالة الدكتوراه المقدمة من الحفناوى فى السوربون. وقد ساعده طه حسين بأن تحدث مع عميد السوربون الذى كان يزور مصر فى اختيار مناقشين ليبراليين ومنفتحى الذهن فى هذه الرسالة وكتب محمد صلاح الدين وزير الخارجية مقدمة للرسالة قائلًا إن هذه الرسالة تعبر عن موقف الحكومة المصرية. وأثناء المناقشة سأله الأستاذ الفرنسى كيف تنعت الفرنسى العظيم فرديناند دليسبس بأوصاف لا تليق فأجابه الحفناوى أنها ليست صياغتى وإنما هى وردت فى حكم محكمة جنايات باريس ضده. وبعد ذلك هددته الشركة وحاولت إغواءه ولكنها فشلت. وقام محمد صلاح الدين وزير الخارجية بشراء ٥٠٠ نسخة من الرسالة ووزعت على جميع الصحف والساسة فى العالم. وأراد محمد صلاح الدين أن يعينه مساعدًا للدكتور محمود فوزى رئيس الوفد المصرى فى الأمم المتحدة ولكنه رفض. وبعد حريق القاهرة وتعيين على ماهر رئيسًا للوزارة طلب من الحفناوى تحضير المستندات استعدادًا لاسترداد شركة القناة فى عام ١٩٦٨. وفى هذه الفترة أصدر الحفناوى جريدة سماها قناة السويس للدفاع عن حق مصر فى القناة وحاربته شركة القناة بقسوة. امتدح الحفناوى فى مذكراته مواقف على ماهر ومحمد صلاح الدين ومصطفى النحاس والملك فاروق فى الشق الخاص بالاستعداد لأخذ القناة عام ١٩٦٨ وأجاب الحفناوى على التساؤل الصادر من عدد كبير من المصريين، ماذا لو انتظرنا حتى عام ١٩٦٨ وأجاب بأنه كان من المحال تسليم الشركة لمصر وأن افتعال التعديل وغيره كان جاهزًا.
استدعى جمال عبد الناصر الحفناوى بعد يوليو ١٩٥٢ بأسابيع قليلة ليسمع منه عن قصة وثائق قناة السويس وطالبه الحفناوى بتأميم القناة، فقال عبد الناصر مستحيل مع وجود القاعدة العسكرية البريطانية على ضفة القناة. وبعد مغادرة آخر جندى بريطانى فى يونيو ١٩٥٦ قام عبد الناصر باستدعاء الحفناوى على عجل محمولًا بطائرة خاصة من الإسكندرية ليقابل عبد الناصر الذى طلب منه كتابة وثيقة التأميم، وأسبابها وأحقية مصر فى ذلك، وفى ٢٦ يوليو ١٩٥٦ أعلن تأميم قناة السويس وكان الحفناوى أول مصرى يدخل مبنى الهيئة ويحصل على جميع المستندات والموثائق الموجودة.
قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك.

استغاثة إلى وزيرة الهجرة - خالد منتصر - جريدة الوطن - 1/2020 /27












وصلتنى عدة رسائل من مهاجرين ومغتربين مصريين كثيرين يطلبون إنقاذهم من استغلال البعض لانشغالهم وعدم تمكنهم من متابعة ممتلكاتهم هنا فى مصر، هذا الاستغلال الذى يجعلهم يستبيحون مصادرة أراضٍ أو عقارات والاستيلاء عليها أو مقدمات وأقساط.. إلخ، وللأسف أصبحت ظاهرة وبائية، وأصبح باب الكسب السريع هو أن تخدع مغترباً أو تضحك على مهاجر، وأنت تردد سراً بينك وبين نفسك «ابقى حلنى» و«موت يا حمار» و«يبقى يلاقينى».. إلى آخر تلك العبارات التى صارت «مانيفستو» سرياً بين كثير من الذين يمارسون التحايل على المغتربين، من ضمن تلك الرسائل:
«أرجو من سيادتكم الاهتمام بالمشكلة التى سوف أقترحها على سيادتكم.. أنا مصرية ولكنى مغتربة فى كندا لمدة عشرين عاماً ولكن لدى ممتلكات عقارية فى بلدى ومنذ عامين تقريباً علمت أن قطعة أرض من ضمن ممتلكاتى تقع فى رأس الحكمة بالساحل تم الاعتداء عليها من قبل شركة معروفة وتم بناء كمبوند سياحى على أعلى مستوى، وأنه قد تم بناء فيلات على أرضى مع تزوير إمضاء زوجى دون علمى، مما جعلنى أبحث عن محامٍ من أكبر محامى مصر حتى أسترد حقى، ولكن حتى الآن منذ عامين لم يحدث شىء.. أرجو من سيادتكم طرح هذه المشكلة على الرأى العام حتى يكون هناك موقف صارم من قبل الدولة على هؤلاء الذين يستولون على حقوق الناس وخصوصاً المغتربين دون وجه حق».
انتهت الرسالة ولكن لم تنته المشكلة، ومثل تلك المغتربة هناك الآلاف ممن ضاعت أموالهم وتبخرت أحلامهم بسبب النصابين الشيك المتأنقين، أرجو من وزيرة الهجرة وأنا أعرف نشاطها وأقدر جهدها أن تنظر بعين الاعتبار إلى تلك المشكلة الجسيمة، وأن تعلن أن مكتبها على استعداد لتلقى تلك الشكاوى وستندهش عندما تجد كماً رهيباً منها على مكتبها، وتخصيص مستشارين قانونيين للمتابعة والعناية وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، إنهم يحملون مصر فى قلوبهم مهما حصلوا على جنسيات أخرى، وأعرف أن معالى الوزيرة لن تتأخر لأنها تعرف جيداً أن من هاجر ترك جذوره هنا فى المحروسة.

Monday, January 27, 2020

وحيد حامد يكتب: المتأسلمون..؟ ٢٧/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


أسوأ أمراض النفس البشرية هو التدين الكاذب.. وهناك من يكذب فى دينه عن عمد، أى أنه يكذب ويعلم أنه يكذب ويستمر فى خداع الناس بإظهار التقوى والورع، ولا مانع من أن يضيف من تلقاء نفسه بعض المبالغات حتى لو كانت لا تتفق مع صحيح الدين، ولكن لأن الأمر كله خدعة متقنة وكذبة مفضوحة، فإن هذا النوع من التدين يتحول تلقائيًا إلى فسق وضلال وفجور، وهذا النوع من البشر يتواجد ويتكاثر فى القطاع الوظيفى، حيث إن إظهار التقوى والإيمان العلنى المبالغ فيه فى ظن البعض أنه يبعد عنهم الشبهات أو يمنحهم حصانة ضد أى اتهام.. هؤلاء إذا دخلت إلى مكاتبهم وأثناء عملهم وجدت شاشة التليفزيون وهى مثبتة على إحدى محطات القرآن الكريم والقارئ الشيخ مستمر فى التلاوة، ولكن دون إنصات أو تدبر لمعنى الآيات الكريمة، لأن المسؤول منصرف تمامًا إلى حديث تليفونى أو مناقشة أمر من أمور العمل، وليس هذا فقط، وإنما للآيات القرآنية والمختارة بعناية والمختارة معانيها بكل دقة إلى جانب سجادة الصلاة التى تحتل رأس مقعد فى مكان ظاهر، حيث يراها كل زائر مع الإكثار بالصلاة على رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولكن عندما تأتى لحظة السقوط وهى دائمًا تأتى حتى لو تأخر قدومها نضرب كفًا بكف ونصرخ فى داخلنا «كل هذه التقوى وكل هذا الإيمان»، وفى النهاية نعرف أنه إما لص وفاسد أو مرتشٍ أو مزور، ومن عجائب الأمور وغرائبها أن نقرأ فى تحقيقات النيابة أو أحكام القضاء فى بعض القضايا التى تم الكشف عنها أن الرشوة تكون تكاليف رحلة حج أو عمرة، الأمر الذى يدل على استخدام المال الحرام حتى عندما يطلبون المغفرة أو التوبة من آثامهم السابقة.. وعليه وجدنا الساعى المتأسلم والموظف المتأسلم أو الموظفة المتأسلمة، وصولًا إلى الوزير المتأسلم والوزيرة المتأسلمة.. وكان من الطبيعى أن تخرج هذه الظاهرة لتضرب عمق المجتمع، فتشمل القطاع التجارى والصناعى، والكل يتسابق فى إظهار هذا التدين الكاذب، حتى صرنا لا نعرف من هو المسلم الحقيقى الملتزم بتعاليم الدين ويتقى الله فى كل أفعاله عن المسلم الكاذب الذى يعيش بالرذيلة والنفاق وخداع الناس، هؤلاء يفسدون علينا الدين ذاته ويجرحون قدسيته، وعلينا أن نتخلص منهم.

Saturday, January 25, 2020

كيف تحدد أهدافك فى الحياة؟ بقلم الأنبا موسى ٢٦/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


الكثير من الناس الذين نقابلهم فى حياتنا، لا توجد لديهم أهداف مرسومة، ولا مكتوبة فى ورقة، تتم مراجعتها بين الحين والآخر. ففى حين تتحدث بعض الدراسات والإحصائيات أن نسبة قليلة من الناس فقط، نجحوا وحققوا أهدافهم، بينما الأكثرية لم يحققوا أهدافهم. والسبب.. هو وجود أهداف دون كتابة وتخطيط لها.
هناك عدة معايير للهدف الصحيح ذكرها كل الدارسين وهى:
يلخص علماء التربية موضوع «تهديف الحياة» فى أن الهدف المقبول هو الهدف الـ«SMART»: ومعناها..
محدد      specific = S
قابل للقياس measurable = M
قابل للتحقيق achievable = A
حقيقى realistic = R
محدد بوقت Time - limited          = T
وهذه هى المعايير... يجب أن يتسم الهدف بأنه:
١- واضح ومحدد: specific
- فى إحدى ندوات الشباب كانت إجابات الشباب عن سؤال: ما هو هدفك؟ فكانت الإجابة هى: أن أنجح فى حياتى، وأن أعيش حياة متدينة، وأن أطور شخصيتى... إلخ.
- نلاحظ أن هذه كلها أمنيات يتمناها أى إنسان، لكن هدفك يجب أن يكون واضحًا ومحددًا، فعندما تقول هدفى أن أطور شخصيتى، يجب أن يتبع ذلك تحديد الأساليب والمجالات، التى ستصنع فيها ذلك، فعندما تقول هدفى هو «النجاح»، فلابد أن يتبع ذلك تحديد المجال الذى تريد أن تنجح فيه، هل السنة الدراسية؟ أم تنجح فى إقامة مشروع؟ أم فى تعلم حرفة وإتقانها؟. وهكذا.
- لقد كان الهدف واضحًا فى ذهن نحميا «هَلُمَّ فَنَبْنِى سُورَ أُورُشَلِيمَ» (نح١٧:١)، وكانت هذه بداية النجاح.. وحينما ندرس سفر نحميا نجد أن هدفه كان منطبق للمعايير التى هى:
٢- قابلاً للقياس meaurable:
- من ناحية الكم والكيف والوقت، فعندما تقول إن هدفى هو دعوة أصدقائى إلى التدين، فذلك يعتبر ناقصًا، لأنك يجب أن تحدد من تقصد؟، وفى كم من الزمن تنوى ذلك؟ وما هى الوسائل؟
- وعندما يكون هدفك قابلاً للقياس، فهذا يساعدك فى النهاية على تقييم نفسك باستمرار، لتعرف هل حققت الهدف أم لا؟ وذلك..
٣- فى ضوء إمكانياتك:
- علمنا السيد المسيح أن من يريد أن يبنى برجًا، لابد أن يجلس أولاً ويحسب النفقة، لئلا يبدأ فى بنائه، ولا يستطيع أن يكمل، فتكون النتيجة الفشل. وأنت عندما تضع لنفسك هدفاً، ادرس إمكانياتك جيداً بكل أبعادها، والإمكانيات التى يمكنك استخدامها، وادرس المناخ المحيط بك، ثم حدَّد هدفك.. فلتكن أهدافك عملية وقابلة للتنفيذ، وليست وهمية، وخيالية.
٤- أن يكون متجهًا للأمام والتقدم:
من يحرك حياتك، أنت أم الآخرون؟ تخيل حياتك بلا تحد ولا مغامرة، فسيبقى الوضع على ما هو عليه. لذلك يجب أن أسكت الصوت الذى بداخلنا: لا أقدر، ولا أستطيع. بل ارسم لنفسك أهدافًا طموحة، تعكس حقيقة شخصيتك وأحلامك، وليست مجرد تقليد لأهداف شخص آخر، مستعينًا فى ذلك بإيمانك بالله، واستفادتك من خبرة الآخرين، والاجتهاد حتى الوصول إلى الهدف.
٥- أهدافك يجب أن تكون متناغمة:
فيجب أن تكون أهدافك مرتبة ترتيبًا زمنيًا سليمًا، بحيث تحقق تحركاتك اليومية هدف الأسبوع، والأهداف الأسبوعية معًا تحقق هدف الشهر، ومجمل الأهداف الشهرية يحقق هدف السنة.. وهكذا.
وبذلك تحفظ حياتك من الفوضى والتشتت، ولا تكون فى حياتك أهداف متضاربة.
■ حدَّد وسائل تحقيق الهدف:
- عندما تحدد لنفسك هدفًا، اكتبه، وضعه أمامك، حتى يكون واضحًا لك، وفى ذهنك باستمرار.
- ثم فكر فى كافة الأساليب والبدائل، التى يمكن استخدامها لتصل إلى هدفك.
- ثم اختر أفضلها وأنسبها.. فمثلاً لو كنت تريد أن تتعلم الكمبيوتر خلال فترة زمنية محددة، فهناك عشرات البدائل، وعليك أن تضع كل البدائل أمامك، وتقَّيمها، ثم تختار أفضل الوسائل التى تحقق لك هدفك، بأعلى درجة من الكفاءة، وبأقل تكلفة ممكنة، وبما يناسب ظروفك وإمكانياتك.
ولابد من دراسة معوقات تحقيق الهدف، التى ربما تعترضك، وفكر فى أنسب الحلول لها، أو كيفية تجاوز تلك المعوقات، أو التقليل من آثارها السلبية. وانطلق بعزيمة قوية نحو تحقيق الهدف الذى وضعته نصب عينيك، متكلاً على إيمانك بالله، واجتهادك اليومى، ومشورة الأحباء.
■ قيَّمْ أهدافك
لا تستطيع أن تخطو خطوة للأمام، ما لم تقيم أهدافك بصفة مستمرة. والتقييم يعنى الوقوف على جوانب الضعف وجوانب القوة، ومعرفة ما استطعت تحقيقه من أهداف، وما لم تستطع. وكذلك يعنى تقييم الوسائل التى استعنت بها لتحقيق أهدافك، وما إذا كانت هذه الوسائل ناجحة، أم أن هناك وسائل أكثر منها فاعلية. لذلك ضع أسس قياس الهدف من قبل أن تبدأ فى تنفيذه.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

دليل المبتدئ فى قراءة الفلسفة - جريدة الوطن - خالد منتصر - 1/2020 /25






سألت الصديق العزيز د. أشرف منصور، أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، عن أهم عشرة كتب يقتنيها كل من يحاول السباحة فى بحر الفلسفة المتلاطم، وما زال فى البدايات، ولنستغل فرصة معرض الكتاب، خلاصة حوارى مع د. أشرف كانت تلك الوصايا العشر:
من أفضل كتب الفلسفة المكتوبة بأسلوب سهل ومبسط هى الكتب الآتية:
1) زكريا إبراهيم، مشكلة الفلسفة:
يتميز بتوجّهه للقارئ غير المتخصّص، ويُفترض أن قارئه ليست لديه خلفية عن الموضوع، فيبدأ من الصفر. وهو غير تقليدى، لأنه يقدم الفلسفة عن طريق اهتمامات الإنسان الحالية، مثل مشكلات الحرية والمصير والمعنى العام للحياة. هو فى العموم مدخل وجودى.
2) فؤاد زكريا، التفكير العلمى:
يتناول قضية العلاقة بين العقل والخرافة والفرق بين التفكير العقلى والتفكير الغيبى، أهميته أنه يعالج الفلسفة والعلم معاً على أنهما يتبعان العقل فى مواجهة التفكير الخرافى والغيبى والعاطفى.
3) فؤاد زكريا، آفاق الفلسفة:
أكثر تخصصاً، فهو يتناول قضايا الفلسفة ومباحثها، مثل المعرفة والوجود والقيم. ويتعرّض للعلاقة بين الفلسفة والعلم، والفلسفة والدين.
4) توفيق الطويل، أسس الفلسفة:
أكاديمى ومخصّص لمن يريد التعمّق فى الفلسفة كفرع معرفى. وهو يركز على مباحث الفلسفة وأهم تياراتها: المثالية والمادية والتجريبية والعقلية والحدسية.
5) عبدالرحمن بدوى، مدخل جديد إلى الفلسفة:
مشابه لكتاب توفيق الطويل، وميزته أنه مركز ومختصر وأكثر تبسيطاً منه.
6) أزفالد كولبة، المدخل إلى الفلسفة:
شامل ومختصر ويركز على تعريفات الفلسفة المختلفة عبر تاريخها ويربطها بغيرها من العلوم الإنسانية، ويبرز أهميتها للإنسان المعاصر.
7) جون لويس، مدخل إلى الفلسفة:
يعرض للفلسفة من منظور ماركسى ويركز على كيفية تخلص الفلاسفة من سيطرة رجال الدين ومن التفكير اللاهوتى الغيبى، ويقدم الفلسفة على أنها فكر حر ومتحرّر من كل ما يقيد العقل.
8) زكى نجيب محمود، من زاوية فلسفية:
يتناول الأسباب التى جعلت الفلسفة تتراجع فى العالم العربى والإسلامى، بسبب تكفير «الغزالى» للفلاسفة، ومواجهة رجال الدين للفلسفة، ويكشف عن إسهام فلاسفة الإسلام فى الفكر الإنسانى. ويضيف عدداً من أفكار الفلاسفة الغربيين المعاصرين عن الفلسفة وأهميتها للعصر الحالى.
٩) كارل ياسبرز، مدخل إلى الفلسفة:
يركز على نظرية المعرفة لدى الفلاسفة قديماً وحديثاً، وعلى قضايا إمكان المعرفة والصدق واليقين ومصادر المعرفة الحسية والعقلية، وعلاقة الفلسفة بالقيم، مثل الحق والخير والجمال.
١٠) جوستاين غاردر، عالم صوفى.. رواية عن تاريخ الفلسفة:
هى مجموعة من الحوارات بين الفتاة «صوفى»، ومعلمها فى الفلسفة ألبرتو كنوكس. تحكى تاريخ الفلسفة من اليونان وحتى جان بول سارتر، وتصور الفلسفة على أنها رحلة بحث عن سبب وجود الإنسان، ومعنى الحياة الإنسانية، وسبب وكيفية وجود العالم وعلاقة الإنسان به.

خزعل الماجدى وعلم الأديان - خالد منتصر - جريدة الوطن - 1/2020 /24












كان لى شرف التعرّف عن قرب على الباحث الشاعر المؤرخ العراقى الكبير خزعل الماجدى، عبر استضافته فى برنامجى عدة مرات، كنت أحياناً نتيجة رشاقة عرضه وأسلوبه ولغته وترتيب أفكاره، ومن فرط انجذابى لحديثه أنسى أننى فى برنامج، وأتمنى أن أنتقل من دور المحاور إلى دور من يستمع فقط، ولقد فعل معرض الكتاب هذا العام خيراً باستضافته فى ندوة ستُعقد ٢٨ يناير، وسيناقش فيها كتابه عن الحضارة المصرية، وهو اختيار ذكى، وأهمية خزعل الماجدى فى اعتباره من أوائل وأهم من طبق فى عالمنا العربى وبأسلوب أكاديمى منضبط وموضوعى علم الأديان على تاريخنا المنحاز دوماً.
يقول «د. خزعل» عن هذا العلم إن الجامعات العربية ومراكز البحوث والدراسة تهتم بكل العلوم الإنسانية من اجتماع واقتصاد وسياسة ونفس.. إلخ إلا علم الأديان، فهو مهمَل من ناحية بتعمدٍ واضح ومريب، ومن ناحية أخرى، يُنظر إليه كعدو، وليس كعلمٍ منضبط بمناهج بحث علمية، حاله حال بقية العلوم الإنسانية.
ويضيف «خزعل»: «الكثيرون يكتبون عن الأديان، لكن ليس من خلال علم الأديان، بل هم يكتبون دراسات خليطة مما هو عقائدى ومعيارى وذوقى، ويندر أن تنحو المنحى العلمى منهجياً، فهى امتداد للدراسات المعيارية، ولمحاولات البحث والتحليل العفوية الممتدة من معالجات الدفاع عن الدين أو تسفيه الأديان الأخرى، ولعل فى ما يسمى بـ(الدراسات الإسلامية)، خصوصاً الشكل العقائدى لها النموذج الواضح لهذا النوع من الدراسات، أما الشكل الأكاديمى فما زال نهب أذواقٍ ومعايير مختلفة ومتناقضة».
وبصراحته المعهودة، يؤكد أن حلّ اللغز الدينى لا يكون إلا من خلال علم الأديان وأن فهم الأديان أو الظاهرة الدينية لا يمكن أن يكون من خلال الدين نفسه أو من خلال الفلسفة، بل من خلال «علم الأديان» فقط بكل مدارسه ومناهجه، التى سيعرضها كتابنا هذا.
الأديان والظاهرة الدينية تثير، اليوم، أكبر الأسئلة وتغير أعرق المجتمعات، وتجتاح حياتنا بأكملها، ولا تستطيع فهم ما يجرى، إلا من خلال العمق العلمى والمعرفى الذى يقدّمه «علم الأديان» بشجاعة لكل الأديان مجتمعة، أو لكل دين على حدة أو للظواهر الدينية المشتركة فى جميع الأديان، وحين نصل إلى ذلك الفهم العميق سنُدرك، وقتها، أن تاريخ الإنسان فى الماضى كان غارقاً فى الدين الذى ساعد الإنسان من جهة على الصمود أمام تحديات الحياة والكون وأغرقه، من جهة أخرى، بالأوهام التى آن الأوان لكشفها بصراحة وشجاعة.
أهمية قراءة مشروع وكتب خزعل الماجدى ليست فى كثافة المعلومات التى ستحصل عليها، لكن فى منهجها العلمى الصارم المنزّه عن الهوى الشوفينى والهوس الدينى والطائفية العنصرية، تاريخ الأديان وتطبيق واستخدام أدوات العلم من وثائق وحفريات، هى أهم ما نحتاجه الآن، خاصة ونحن نحارب هذه الحرفية والفاشية والإرهاب، إدخال التاريخ إلى المعمل، سيخرجنا نحن من الكهف، وسيكون التاريخ ديناميكياً مطوراً لا استاتيكياً رجعياً متحفياً، سيكون فاعلاً فى حياتنا وليس مجرد ماضٍ نجتره وندفن كل تطلعاتنا وطموحاتنا فى ثراه لا ثرائه.

المسكوت عنه فى الحملة الفرنسية «٣-٣» بقلم د. وسيم السيسى ٢٥/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

... ووقع على الناس من الكرب والخوف ما لا يوصف، وجاء رجل مغربى أمر بالقتل والنهب، وكان معه قوم من العوام والعسكر العثمانية، ينهبون الدار ويسحبون النساء، ومنهم من قطع رأس البنية الصغيرة حتى يأخذوا ذهبها، أما المماليك فقد طلبوا الأمان فأمنوهم، كما طلب البعض ومعهم بعض الشيوخ الأمان، فأمنوهم، فلما عادوا من عند الفرنسيس، قام عليهم جنود العثمانيين، فسبوهم ورموا عمائمهم، واتهموهم بالردة، وأنهم أخذوا دراهم من الفرنساوية، حتى تمنى المصريون زوال العثمانيين، انتهى كل ذلك بعد شهر، وقع فيه من الكروب، وخراب الدور، وعظائم الأمور، وقتل الرجال، ونهب الأموال، وتسلط الأشرار، وهتك الأحرار- إلخ.
عجائب الآثار فى التراجم والأخبار- عبدالرحمن الجبرنى «ص٩٥ حتى ص ١٠٩».
يعلق المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه: مصر والحملة الفرنسية.
١- الجبرتى لم يطلق على ما حدث ثورة بل فتنة وهياج «هوجة» صـ٨٤.
٢- هذه الفتنة بدأت بالصلح بين الجيش الفرنسى والعثمانيين، ودخول الأغا التركى إلى القاهرة فى ضجة عظيمة، فكان السب والشتم، وخروج الأوباش والحشرات بتشجيع الأغا التركى والمغربى، رفعوا برقع الحياء وقاموا بالسلب والنهب، والسبى والقتل حتى تمنى المصريون زوال العثمانيين.
٣- تواطأ العثمانيون مع الإنجليز على محاصرة الفرنسيين فى البحر الأبيض المتوسط، وضربهم، وهو ما اعترف به الوزير العثمانى معتقدا أن الفرنسيين لن يعرفوا بهذه الخديعة، ولكنهم علموا بذلك، فامتنعوا عن الخروج من مصر، وهيأوا أنفسهم ومعداتهم للقتال ص ٨٢.
٤- لما عرف الخدم والهمج بخروج الفرنسيين أخذوا يسبونهم فى مواحهتهم فكشفوا نقاب الحياء معهم، وتطاولوا عليهم، ولم يرصد الجبرتى أى واقعة تشير إلى انفعال الفرنسيين من هذا التحرش والاستفزاز أو الرد عليه بأى صورة: العشماوى: المصدر السابق ص ٨٢.
أما قتل كليبر قائد الجيش الفرنسى بعد نابليون، وكيف «غدره» أى قتله سليمان الحلبى، وما الدافع وراء قتله، ومن الذى حرضه وأرسله ووعده، وكيف كان الجبرتى يسميه الأفاقى «الأفاق»، والأفاق هو من لا موطن له، كما كان يسميه الأهوج، فهذا أمر شرحه يطول، فإلى الأسبوع القادم إن شاء الله.

تحية إلى مراد وهبة.. رسول العلمانية والتنوير فى مصر بقلم د. سعد الدين إبراهيم ٢٥/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

لم يُسعدنى الحظ بالتتلمذ المُباشر على يد الفيلسوف المصرى الكبير د. مراد وهبة، وإن كُنا قد تخرجنا فى نفس الكُلية، الآداب، جامعة القاهرة، وحيث تلامسنا مع نفس الأساتذة العظام طه حسين، وعثمان أمين، وزكى نجيب محمود. ولكنى وآلافا من أبناء جيلى، وعشرات الآلاف من أجيال تالية، نهلوا من الفكر الفلسفى التنويرى الذى أنتجه ذلك الأستاذ العملاق. هذا فضلاً عن أضعاف أولئك وهؤلاء ممن يُتابعون مقالاته فى «الأهرام» و«المصرى اليوم»، أو الذين قرأوا كُتبه العديدة حول الفلسفة، والدين، والأصولية، والإرهاب.
ففى كتابه «قصة الفلسفة»، قدم د. مراد وهبة الفلسفة، لمن يُهمهم الأمر، بأسلوب بسيط وسلس، ينطبق عليه وصف «السهل المُمتنع». فالفلسفة تعنى حُب الحكمة، والفيلسوف ليس بالضرورة إنساناً حكيماً، ولكنه بالقطع إنسان عاشق للحكمة.
فالله وحده، طبقاً لمورس، أول من نحت واستخدم لفظ فلسفة، هو الحكمة، وهو أحكم الحُكماء. والله مُطلق، موجود قائم بذاته، وكل ما عدا الله فهو نسبى. والعلاقة بين المُطلق والنسبى هى قصة الفلسفة. ويتعقب مراد وهبة تِلك القصة على مر العصور، من خمسمائة سنة قبل الميلاد إلى القرن الحادى والعشرين.
ولكن الأهم من قصة الفلسفة نفسها، العقل المستنير، الذى يقبل أن كل ما فى الكون هو نسبى وليس مُطلقاً، لأن هناك ما هو أكبر منه، ولأنه ليس ثابتاً على حالة واحدة، ولكنه مُتغير كل لحظة، حيث إن الإنسان الذى يُدرك الأشياء بحواسه أو بوجدانه هو نفسه فى تغير دائم.
وبعد أن أفادنا مراد وهبة بالعمود الفقرى لفلسفته وللفلسفة، بل وللمعرفة كلها بالنسبية، فهو يلتفت إلى شؤون حياتنا المعاصرة، وإلى أهم ما يُهدد إنسانيتنا، وهو الترويج لحقيقة مُطلقة، يدعى بعض البشر ملكيتهم لها، بل والأدهى ادعاؤهم أنهم وحدهم يُمثلون تِلك الحقيقة المُطلقة. إن هؤلاء الأدعياء لاحتكار الحقيقة المُطلقة، ويُسمون القطعيين أو الدجماطيين، هم الذين يكونون عادة على استعداد لنفى بل وربما لإبادة الآخر، الذى لا يرى رؤيتهم أو يتبعهم. فتلك هى البذرة الجنينية للإرهاب، الذى يبدأ بالنفى المجازى لكل مَن لا يرى حقيقتهم المُطلقة، ثم الاستعداد لتصفيتهم جسدياً. فالفكر التكفيرى هو فى جوهره ينطوى على إبادة كل فكر مُغاير، ثم قد ينطوى على الإبادة الجسدية لأصحاب ذلك الفكر المُغاير. ولا سبيل لاحتواء ومقاومة ذلك الفكر القطعى إلا بتعبئة البشر منذ البداية على قبول كل ما هو نسبى فى الحياة الدُنيا، ورفض كل ما هو مُطلق، غير الله!
وفى رأى فيلسوفنا مراد وهبة أن رفض الأصولية القطعية، التى لا تقبل ما هو نسبى، ولا تقبل بالتالى من يؤمنون بالنسبية، لا يتحقق إلا فى مجتمع مفتوح، ودولة مدنية.
لذلك كرّس مراد وهبة العقود الثلاثة الأخيرة من عُمره للدعوة للدولة المدنية. وكعادته، لم يجعل من دعوته تِلك موعظة من الينبغيات- أى ينبغى ذلك، ويجب هذا- ولكنه واصل المسيرة الفكرية والسياسية لتِلك الدعوة طوال القرون السبعة التى أخذ فيها بعض المفكرين الأوروبيين عن المُفكر العربى المسلم، الذى عاش فى الأندلس فى القرن الثانى عشر الميلادى، وأسهمت أفكاره فى كتاباته فى انبثاق عصر التنوير فى أوروبا، وكان حلقة استراتيجية فيما سيُطلق عليه فيما بعد الإصلاح الدينى، وتحدى السُلطة القطعية للكنيسة الكاثوليكية فى روما، وهى حركة الإصلاح الدينى التى تزعمها الراهب الألمانى، مارتن لوثر، وبدأت بالاحتجاج على ما اعتبره مُتاجرة بالدين، وامتهاناً لأركانه الروحية، بتضليل العوام وإيهامهم أنهم يستطيعون ضمان مكان فى الجنة، بشراء صكوك للغفران.
وهى الحركة التى أدت إلى حروب أوروبية، دام بعضها مائة عام، ودام بعضها الآخر ثلاثين عاماً، بين أنصار الحركة الاحتجاجية، التى سُميت منذ ذلك الوقت بالبروتستانتية، والتى جوهرها عدم الحاجة إلى وسيط بين الخالق والمخلوق، وأن التقوى والتدين ورضا الرب يتجلى فى العمل الدؤوب والتقشف، وفى نجاح البشر فى هذه الدُنيا.
وكان هذا التفسير الجديد للمسيحية وللتدين هو بداية الانطلاق العقلى السلوكى لاكتشاف أسرار الكون، من الاكتشافات الجغرافية إلى الاكتشافات العِلمية، واللتين مهدتا بدورهما للثورات العِلمية والصناعية والرأسمالية. وفى القلب من كل ذلك ما يعتبره فلاسفة العِلم، ومنهم أستاذنا د. مراد وهبة، الرؤية النسبية للواقع بمادياته وروحانياته، وأن التغيير هو سُنة الكون. ومن تِلك المُنطلقات يرفض مراد وهبة الأصوليات عموماً، والأصوليات الدينية خصوصاً. فالأصولية تنطوى فى جوهرها على أن هناك حقائق مُطلقة، لا يأتيها الخطأ أو الباطل من خلفها أو من أمامها. فالأساس فى العلم هو البدء بالشك، وبالتالى الاختيار والتجريب للوصول إلى اليقين، عِلماً بأن ذلك اليقين هو نسبى أو مؤقت، وقابل للاختبار والتجريب. وهكذا لا يتوقف العلم، ولا يتوقف البشر عن التقدم. فرفض مراد وهبة للمُطلقات هو الوجه الآخر لرفضه للأصوليات التى تتصور أنه كان ثمة فردوس أو عصر ذهبى فقدناه، ولابُد للمؤمنين أن يُجاهدوا لاستعادة ذلك الفردوس المفقود.
مراد وهبة داعية إلى إعمال عقول البشر فى شؤون دُنياهم وحياتهم هنا على الأرض، وإدراك نسبية كل شىء من حولنا، وقياسه ودراسته بما هو نسبى أيضاً من مناهج وأدوات، كان ولايزال هو جوهر التنوير. فإذا كان للتنوير فى مصر إمام، فإن مراد وهبة هو هذا الإمام فى الوقت الحاضر. فتهنئة للإمام بعيد ميلاده الثالث والتسعين. وليعش لنا ولمصر سنوات إضافية كثيرة قادمة.
وعلى الله قصد السبيل

Friday, January 24, 2020

الانتحار فى صالات الجيم - خالد منتصر - جريدة الوطن - 1/2020 /23












صالات الجيم المصرية صارت «سبوبة» رياضية وموضة بيزنس، أى عابر سبيل يملك قرشين وشقة ومقدرة على شراء أجهزة رياضية بالقسط يفتح «جيم»، بدون رقابة أو ضابط ورابط، لا أحد يسأل هل هو مؤهل؟ هل المكان مناسب صحياً لشخص يؤدى مجهوداً مضاعفاً؟ والمهم أيضاً هل لديه أجهزة وخبرة ومبادئ الإسعافات الأولية وإنقاذ من تأثر قلبه بهذا المجهود؟ وهل هو يطلب أصلاً ممن سيمارس الرياضة تقريره الطبى؟
ببساطة.. من يمارس التمارين الرياضية العنيفة فى الجيم وقلبه غير مستعد فهو ينتحر!!، وكلنا يتذكر ما حدث للمذيع الشاب عمرو سمير ثم الفنانين ممدوح عبدالعليم وهيثم زكى الذين سقطوا فى صالات الجيم، ثم أخيراً الفنان خالد النبوى الذى نتمنى له الشفاء. يقول أندرو كراهن، رئيس قسم أمراض القلب بجامعة كولومبيا البريطانية، فى تصريحات لمجلة «العلم» حول دراسته التى نشرها فى 2012 تحت عنوان «الموت القلبى المفاجئ تحت سن 40: هل ممارسة التمارين خطيرة؟»: «إن هناك عدة أسباب قد تؤدى إلى الموت المفاجئ فى أثناء التدريب فى صالات الجيم، أولها متلازمة (كيو تى الطويلة - Long QT Syndrome)، وهى اضطراب قلبى موروث قد يؤدى إلى ظهور نوبات تسبب حالات الخفقان والإغماء والموت المفاجئ نتيجة لرجفان بطينى، والثانى اعتلال عضلة القلب المتضخم الذى يصيب عضلة القلب بحيث تصبح سميكة بشكل غير طبيعى، ما يُفقدها القدرة على ضخ الدم بقوة كاملة، والثالث عدم انتظام دقات القلب البطينى، ما يتسبب فى خفقان القلب وانقباضه وتسارُع دقاته، أما الرابع فيتمثل فى اعتلال عضلة القلب اللانظمى أو تليف البطين الأيمن للقلب، وينشأ منه اضطراب كهربية القلب».
وفقاً لجمعية القلب الأمريكية، فإن أكثر من 350٫000 شخص يعانون من اعتلالات قلبية خارج المستشفى كل عام فى جميع أنحاء الولايات المتحدة. ويحدث الكثير من هذه الأحداث أثناء ممارسة التمارين الرياضية: وجدت دراسة أجريت عام 2013 فى مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب أن 136 (أو حوالى 16٪) من 849 حالة توقف قلبى مفاجئة تم الإبلاغ عنها على مدار فترة 12 عاماً حول «سياتل» كانت فى صالات الجيم المجهزة وغير المجهزة، ولكن وجدت هذه الدراسة أيضاً أن الأشخاص الذين عانوا من السكتة القلبية فى مرافق التمارين التقليدية المجهزة لديهم معدل بقاء على قيد الحياة بنسبة 56٪، مقارنة بنسبة 45٪ فقط للأشخاص الذين كانوا فى مرافق التمارين غير التقليدية (مثل المراكز المجتمعية، وصالات الكنيسة، واستوديوهات الرقص)، و34٪ فى الأماكن العامة الأخرى (مثل مركز تجارى أو مطار).
يدافع خبراء الصحة عن نشر جهاز الصدمات «AED» فى صالات الجيم على نطاق واسع، تكلفة الجهاز ما بين 1500 دولار و2000 دولار.
تتضمن بعض الـ«AEDs» تعليمات خطوة بخطوة ومطالبات صوتية، والمقصود استخدامها من قبَل المارة غير المدربين، يمكن لأى شخص يشهد بداية انهيار شخص مقدم على ذبحة إجراء صدمة بالجهاز، طالما تم تأكيد أن التنفس ونبض الشخص فاقد الوعى غائبان أو غير منتظمين.
سيطلب الجهاز من المستخدمين كشف صدر الشخص وإرفاق الوسادات اللاصقة بأجهزة استشعار كهربائية. يستخدم الجهاز هذه المستشعرات لتحليل إيقاع القلب، وإذا لزم الأمر فسوف يُعلم المستخدمين الضغط على زر لإحداث صدمة كهربائية.
بعد حدوث صدمة، ستقوم الماكينة بتوجيه المستخدمين لأداء الإنعاش القلبى الرئوى حتى وصول المساعدة الطبية الطارئة، أو قد تطلب منهم تقديم صدمة أخرى بعد دقيقتين.
وعلى الرغم من أن السكتة القلبية التى تُحدثها التمارين الرياضية يمكن أن تحدث لأى شخص، فإن معدلات الإصابة بين الشباب والأصحاء تظل منخفضة للغاية، حتى عندما يحدث ذلك فغالباً ما تكون النتائج أفضل والتعافى أسرع. فى دراسة أجريت عام 2013 فى المجلة الأوروبية للقلب، نجا 46 ٪ من ضحايا السكتة القلبية المرتبطة بالتمرين، مقارنة مع 17٪ فقط من الضحايا الذين لم يكن توقف القلب لديهم مرتبطاً بالتمرين، حتى بعد تعديل النتائج لمراعاة العمر والموقع، ومعدلات الإنعاش القلبى الرئوى واستخدام جهاز الصدمات، فهل نستطيع توفير مثل تلك الأجهزة فى صالات الجيم وطلب تقارير طبية لمرتادى تلك الصالات؟

Thursday, January 23, 2020

زياد بهاء الدين يكتب: المصالحة المطلوبة مع ثورة يناير ٢٣/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


مع اقتراب الخامس والعشرين من يناير، تبرز مرة أخرى مظاهر الانقسام فى المجتمع حول الثورة، كما يتضح التناقض فى الخطاب الرسمى حيالها.
لايزال الدستور المصرى ينص على أن ثورتى يناير ويونيو «امتدادٌ للمسيرة الثورية للوطنية المصرية وتوكيدٌ للعروة الوثقى بين الشعب المصرى وجيشه الوطنى»، ولا تزال الدولة تحتفل بهما رسميًّا، ولا تزال الثورتان أساسَ شرعية الحكم الراهن.
مع ذلك، فإن مظاهر أخرى تشير إلى أن مؤسسات الدولة تناصب ثورة يناير العداء، أو تعتبرها نقطة سوداء فى تاريخنا المعاصر. الإعلام التابع للدولة لا يقدمها إلا بوصفها مؤامرة دعمتها قوى أجنبية، والتجاهل يزيد عامًا بعد عام لحقيقة نزول الملايين فى الشوارع والميادين، والأصوات التى اقترنت بها اختفت من الساحة إلا مَن كان منها مستعدًا للمشاركة فى تشويه ذكراها، وكثيرٌ من شباب وكهول ثورة يناير ملاحقون من السلطات، بل متهمون بدعم جماعة الإخوان المسلمين، حتى من كان منهم فى مقدمة ثورة ٣٠ يونيو التى أطاحت بالحكم الإخوانى.
الدولة، فى تقديرى، تخطئ بمناصبتها العداء لثورة يناير، ليس فقط لأنها تنكر حقيقة ما جرى، وإنما أيضا لأنها تتجاهل بذلك مشاعر الملايين الذين شاركوا فيها أو انحازوا لمطالبها، وتفقد دعم أجيال من الشباب الذين يعتبرونها لحظةً مضيئةً مهما تعرضت للتشويه الإعلامى وتعرّض المدافعون عنها للملاحقة. وهذا الانقسام فى المجتمع، خاصة بين الأجيال، هو آخر ما يحتاجه البلد.
الثورة كانت تعبيرًا عفويًّا ونبيلًا عن غضب الملايين ضد نظام الحكم، وتطلعهم لمستقبل يسوده العدل والحرية والكرامة الإنسانية، أيًّا كانت النتائج التى أفضت إليها والأخطاء التى ارتُكبت باسمها. لم يخطئ الشباب المحتج حينما سعى لتغيير الحكم - الحكم لا الدولة - ولا باحتلال الميادين للتعبير عن تمسكه بالحرية والعدالة الاجتماعية، ولا بالترحيب بالقوات المسلحة حينما نزلت لحماية الشعب والمؤسسات، وقد استحق عن جدارة تحية الشهداء التى عبر بها المجلس العسكرى عن التحام الشعب والجيش فى مشهد لن يُنسى.
ولكن توالت الأخطاء لأسباب عديدة لا متسع للخوض فيها هنا. خطأ إهدار العدالة فى ملاحقة ومحاسبة النظام السابق والتنازل عن حقوق المتهمين على نحو لانزال نعانى من تبعاته، وخطأ تجاهل تردى الأوضاع الاقتصادية بسرعة شديدة ودفع الناس لكراهية الثورة وما جلبته من ركود وتعطل للعمل والإنتاج. وخطأ الاستهانة بتأثير غياب الأمن على المجتمع والآثار الفعلية والنفسية المترتبة على شهور ممتدة من الفوضى والعنف. وخطأ تجاهل استعداد التيار الإخوانى للانفراد بجنى ثمار الثورة والعمل على تغيير طبيعة البلد.. كل هذا يمكن أن يكون محلًا لجدال قد يمتد لسنوات وعقود، ولكنه لا يغير من حقيقة مشاركة الملايين فى حلم التغيير واستعدادهم للتضحية من أجله.
إذا كنا نريد اصطفافًا وطنيًّا نواجه به تحديات الداخل والخارج- وهى كثيرة- فلابد من التصالح مع ثورة يناير، مع قيمتها التاريخية، ومع الطموحات التى عبرت عنها، ومع الجماهير التى شاركت فيها، وأن نعترف أيضا بأخطائها لكى نستوعبها ونتجاوزها. وهذا التصالح المطلوب مع الثورة ليس من جانب الدولة وحدها بل من جانب المجتمع عمومًا، حتى من أضيروا منها، ماليًّا واقتصاديًّا أم سياسيًّا وإعلاميًّا، لأن «ضم صفوف المجتمع والتوافق على الحد الأدنى من التاريخ المشترك وطى صفحات الخلاف» هو ما يمنح الدول القوة الداخلية، والتكاتف فى مواجهة التحديات، والاستعداد لبناء مستقبل مشترك.

هل هناك حل؟ بقلم كريمة كمال ٢٣/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

ما جرى قد جرى، وما تم قد تم، ولا يمكن تغييره الآن، فقد صار حقيقة واقعة لا يمكن تغييرها لكن يمكن على الأقل محاولة الحد من حوادث الموت التى باتت تتكرر فى شوارع مصر الجديدة.
«سيارة مسرعة قادمة من كوبرى سفير فى شارع أبو بكر الصديق تدهس مواطنًا أمام مدخل متحف سوزان مبارك الساعة ستة إلا ربع مساء اليوم».
كان هذا هو البوست الذى كتبه «هليوبلساوى» أى أحد سكان مصر الجديدة.. وهذا البوست لن يكون الأول ولن يكون الأخير فحوادث الدهس فى شوارع مصر الجديدة لم تعد تتوقف منذ أن تم التطوير فهل يتم السكوت عن هذا الوضع أم أنه من الهام جدا بل من الضرورى أن يتم حل المشكلة التى نتجت عن التطوير.. ونحن هنا لن نتكلم عن المشاكل التى سبَّبها التطوير مثل المشكلة البيئية التى نتجت عن نزع الأشجار والمساحات الخضراء من كل شوارع مصر الجديدة مما مس الحالة البيئية فى الحى وقضى تمامًا ليس على شكل الحى بل إمكانية التنفس فيه.. لن نتكلم عن تغيير طبيعة وشكل الحى حتى إن سكانه أنفسهم باتوا يتوهون فيه لدرجة أن إحدى سكان الحى كتبت تقول إنها فشلت فى أن تهتدى لمنزل والدتها ولم تعد تعرف أين هو؟!.. الكثير من سكان الحى يكتبون الآن ليقولوا إنهم يفشلون فى العودة إلى منازلهم فلم يعد الحى هو الحى.. لقد تغير الحى الهادئ الملىء بالأشجار والمساحات الخضراء والمقسم والمنظم بشكل رائع إلى مجموعة من الكبارى والهاى ويز التى يستحيل معها السير فما بالك بالعبور؟!.. فالعبور يعنى الموت يعنى الدهس تحت السيارات المسرعة جدا التى تسابق الريح فى هذه الشوارع الشديدة الاتساع.
مرة أخرى.. ما جرى قد جرى، وما تم قد تم، ولا يمكن تغييره الآن، فقد صار حقيقة واقعة لا يمكن تغييرها لكن يمكن على الأقل محاولة الحد من حوادث الموت التى باتت تتكرر فى شوارع مصر الجديدة.. وفى لقاء فى نادى هليوبولس مع المسؤول عن تخطيط الحى قال الرجل إن الحكومة ليست مسؤولة عن إقامة كبارى للمشاة وإن هذا من مسؤولية المجتمع المدنى الذى عليه أن يقدم الحلول وأن ينفذها.. أى أن عليهم هم أن يقوموا بوضع التخطيط وتنفيذه بما يتضمنه من مشاكل بل من مصائب وألا يقدموا الحلول بل إن الحلول من مسؤولية المجتمع المدنى، وبصرف النظر عن منطقية مثل هذا الطرح فإن كبارى المشاة نفسها ليست الحل الأمثل لأنها لا تتيح لكبار السن مثلًا الاستخدام؛ فهى غير صالحة لهم، ناهيك عن أن إقامتها تستلزم أموالًا لا يعرف أحد من أين يمكن أن يؤتى بها وكيف يتصور الدكتور المهندس المخطط إمكانية تدبيرها.. المشاكل التى نتجت عن التطوير كثيرة لكن أخطرها على الإطلاق حوادث الدهس التى تنتج عن عبور الطريق، وهنا لا يبقى من حل سوى إقامة إشارات للمرور فى عدة مناطق حتى يتسنى لمن يريد أن يعبر الطريق استخدامها ولا أعتقد أن هذه مهمة المجتمع المدنى بل مهمة الحكومة ومن قاموا بتنفيذ التطوير، فهؤلاء لم يفكروا ولو ثانية فى المشاة، لم يسألوا أنفسهم كيف سيعبر المشاة هذه الطرق المتسعة السريعة! لم يعنهم هذا الأمر ولم يأت على بالهم فلم يحسبوا حسابه ونسوه تماما وكانت النتيجة تكرار حوادث الدهس.. إن حياة الناس ليست رخيصة إلى هذا الحد، ولا بد من وضع حد لمثل هذه الحوادث؛ لذا المطلوب إقامة إشارات للمرور فى أكثر من نقطة وميدان.. أنتم لم تفكروا سوى فى السيارات التى يجب أن تكون مسرعة وأسقطتم البشر من حساباتكم تمامًا؛ فمات البشر لأنه لم يحسب حسابهم! الآن فقط عليكم أن تقوموا بتنفيذ الحل الوحيد المطروح وإن لم يكن أفضل الحلول، فأفضل الحلول قد مضى أوانها وانقضى.

هل الفيروس الصيني سيصير وباءً عالمياً؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 1/2020 /22









الصين تؤكد أن فيروس كورونا الجديد الغامض يمكن أن ينتشر بين البشر، خبر تناقلته وكالات الأنباء وأثار ذعراً ورعباً عالمياً، أعلنت معه منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ، قال خبير عينته الحكومة الصينية إن فيروساً غامضاً فى الجهاز التنفسى أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وإن هناك إمكانية لأن ينتقل بين البشر، مما أثار مخاوف بشأن احتمال حدوث وباء مميت، بينما يستعد ملايين الأشخاص للسفر لقضاء عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، أكد تشونغ نانشان، رئيس الفريق الذى أنشأته لجنة الصحة الوطنية الصينية للتحقيق فى الفيروس الشبيه بالالتهاب الرئوى، أن حالتين على الأقل انتشرتا من شخص إلى آخر، وأن الطاقم الطبى أصيب أيضاً، وكانت السلطات قد ذكرت فى وقت سابق أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا، التى أرجع مسئولو الصحة مصدرها إلى سوق للمأكولات البحرية فى مدينة ووهان بوسط الصين، انتقلت فى المقام الأول من الحيوانات إلى البشر، لكن أصيب شخصان على الأقل فى الأيام الأخيرة، رغم أنهما يعيشان على مسافة مئات الأميال من ووهان، وقال «تشونغ»، الذى ساعد فى اكتشاف الفيروس التاجى كورونا الحاد المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة (السارس) فى عام 2003، إن العدوى بهذا الفيروس لم تكن بنفس قوة السارس، لكن هذا المرض «يتسلق». وأشار إلى أن «معدل الوفيات فى الوقت الحالى ليس ممثلاً لذلك»، وللتذكرة فإن السارس كان قد أصاب أكثر من 8000 شخص وقتل 774 فى وباء اجتاح آسيا فى عامى 2002 و2003.
أمس الأول ذكرت السلطات الصينية أن عدد الحالات قد تضاعف ثلاث مرات خلال عطلة نهاية الأسبوع ليصل إلى 218، وقد انتشر المرض إلى بكين وشانغهاى وشينزن، على بُعد مئات الأميال من ووهان، أبلغت تايلاند أيضاً عن حالتين، بينما أبلغت كل من اليابان وكوريا الجنوبية عن حالة واحدة، ليصل المجموع العالمى إلى 222 حالة.
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فى كوريا الجنوبية، تم الكشف عن امرأة صينية تبلغ من العمر 35 عاماً من خلال فحص درجة الحرارة عند وصولها يوم الأحد إلى سيول من ووهان. وقالت مراكز السيطرة على الأمراض إنها تعرّضت للحجر الصحى وهى فى حالة مستقرة، كانت المرأة، وهى من سكان ووهان، تعتزم الذهاب فى إجازة بكوريا الجنوبية واليابان مع خمسة آخرين، وقالت إنها أصيبت بارتفاع فى درجة الحرارة وآلام فى العضلات يوم السبت، يقدر أن نحو 7 ملايين صينى قد سافروا إلى الخارج العام الماضى خلال موسم عطلة السنة القمرية الجديدة، وقال البروفيسور ديفيد هوى شو تشيونغ، خبير الجهاز التنفسى بجامعة هونج كونج الصينية: «أعتقد أن السياح الصينيين سيحضرون الفيروس إلى الكثير من البلدان الأخرى فى آسيا خلال الأيام المقبلة، بسبب رحلاتهم إلى الخارج خلال عطلة العام القمرى الجديد».
ظهر تفشى الالتهاب الرئوى الشهر الماضى فى ووهان، أكبر مدينة فى وسط الصين وهى مركز رئيسى للنقل، وقد ربط المسئولون فى الصين العدوى الفيروسية بسوق ووهان للمأكولات البحرية والحياة البرية، التى تم إغلاقها منذ 1 يناير لمنع المزيد من انتشار المرض، وحدّد العلماء الصينيون فى 8 يناير الجين المسبب للمرض، باعتباره سلالة جديدة من الفيروس كورونا، فى نفس عائلة متلازمة الجهاز التنفسى الحادة المميتة (السارس)، فى حين أن الفيروس الجديد لم يُظهر معدلات وفيات مثل السارس، فتشير دراسة جديدة أجرتها إمبيريال كوليدج لندن إلى أن عدد الإصابات فى ووهان من المحتمل أن يكون قد تم تقديره بشكل خاطئ، وأن العدد أكبر بكثير.
«إن اكتشاف ثلاث حالات خارج الصين أمر مثير للقلق، نحن نحسب، استناداً إلى بيانات الرحلة والسكان، أن هناك فرصة واحدة فقط من كل 574 بأن يسافر الشخص المصاب فى ووهان إلى الخارج قبل أن يلتمس الرعاية الطبية، وهذا يعنى أنه قد يكون هناك أكثر من 1700 حالة فى ووهان حتى الآن».. هذا هو تصريح نيل فيرجسون من إمبيريال كوليدج لشبكة «سى إن إن» الإخبارية.
ماذا فعلت أمريكا للمواجهة؟ يوم الجمعة الماضى، أعلنت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن ثلاثة مطارات أمريكية -فى نيويورك وسان فرنسيسكو ولوس أنجلوس- ستبدأ فى فحص المسافرين القادمين من ووهان للتحقّق من وجود علامات على الفيروس الجديد، وذلك فى أعقاب التدابير المماثلة التى اتخذتها الحكومات فى قارة آسيا، ونقلت وسائل الإعلام الصينية عن تشن شى شين نائب عمدة مدينة ووهان قوله، إنه فى ووهان تم تركيب موازين الحرارة بالأشعة تحت الحمراء فى المطار ومحطات القطارات ومحطات الحافلات وأرصفة الركاب لقياس درجة حرارة الركاب الذين يغادرون المدينة منذ 14 يناير.
السؤال هل نحن فى مصر نفعل الشىء نفسه ونفحص الفحوصات نفسها للمسافرين إلى مصر من الصين أو من تلك المنطقة؟

Tuesday, January 21, 2020

متحف الفنون الجميلة فى مصر وفى قطر بقلم د. محمد أبوالغار ٢١/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

أولاً، لا يمكن المقارنة بين مصر وقطر، لأن مصر عمرها أكثر من خمسة آلاف عام وقطر عمرها عشرات السنوات، ومصر بها حضارة قديمة تعد مهداً للحضارات فى العالم كله. وفى العصر الحديث وبالرغم من الاحتلال والمشاكل الكبرى والحروب التى حدثت لمصر، فقد قادت مصر فى القرن العشرين صحوة فى التعليم والزراعة والصناعة والفن وكانت بحق الرائدة فى المنطقة. هذا ليس افتخاراً ولا تباهياً بمصر، وإنما هى حقيقة تاريخية، وفى نفس الوقت هذا لا يقلل من قدر قطر ولا مكانتها كدولة ناشئة فى الشرق الأوسط.
ثانياً: هذا المقال خارج نطاق الخلاف السياسى الموجود حالياً بين مصر وقطر، وأنا رأيى عموماً أن الخلافات السياسية بين الدول قد تكون عنيفة ولكنها يجب أن تظل بين الحكام فقط، ويجب أن تستمر العلاقات الودية بين الشعوب ولا تتأثر بخلافات الحكام لأن هذه الخلافات سوف تنتهى عاجلاً أو آجلاً، ولذا لا يوجد سبب يدعو لتعكير صفوة العلاقات بين الشعوب التى تربطها علاقات ود وتجارة ومصالح مشتركة يجب أن تستمر لمصلحة الشعوب. فإنجلترا حاربت فرنسا، وألمانيا حاربت فرنسا، والعلاقات الآن ودية بين الشعوب.
ثالثاً: الحركة الفنية التشكيلية فى المنطقة العربية بدأت فى مصر واتخذت شكلا مؤسسيا منتظما بعد افتتاح كلية الفنون الجميلة عام ١٩٠٨ التى أنشأها وقام بتمويلها الأمير يوسف كمال والتى خرجت أجيالاً عظيمة بدءاً من الجيل الأول، مختار وراغب عياد ويوسف كامل، وبعدها توالت الأجيال العظيمة، وقد حطم محمود سعيد وعبدالهادى الجزار فى السنوات الأخيرة الأرقام القياسية فى أسعار اللوحات الفنية فى المزادات العالمية فى أوروبا، وظهرت أجيال الخمسينيات والستينيات، ثم أجيال الشباب وبرع الكثيرون فى فن النحت، وأصبحت مصر وبحق قائدة الفن التشكيلى فى المنطقة. وما زال الإنتاج المتميز يتصدر المنطقة كلها. وكانت العراق هى الدولة التالية فى الأهمية والتى نبغ منها فنانون على قدر كبير من الأهمية والقيمة، وتلا ذلك بعض الفنانين من سوريا ولبنان، وأخيراً ظهر بعض الفنانين من دول الخليج والسودان.
منذ حوالى ٢٥ عاماً بدأت قطر فى إنشاء متحفها القومى للفن الحديث، وأثناء جولاتى فى جاليريهات الفن فى ذلك الوقت كنت أشاهد الكنوز من الفن المصرى العظيم وهى تجهز للتصدير إلى متحف قطر تحت الإنشاء واستمر المتحف يجمع مقتنيات مصرية أولاً وعراقية ثانياً ثم جزءا صغيرا من باقى الدول.
علمت من عدة مصادر أن متحف قطر للفن الحديث أصبح متحفاً عظيماً ومجهزاً بكل الإمكانيات ويحوى أساساً الفن المصرى، وأرجو أن تتحسن العلاقات السياسية مع قطر يوماً ما حتى أستطيع أن أزور المتحف.
رابعاً: متحف الفن الحديث فى مصر فى حقيقة الأمر غلبان جداً ومهمل جداً، ونادى الجميع بإصلاح هذا المتحف الذى يقع فى بقعة جميلة داخل مجمع الأوبرا، ولكن لا حياة لمن تنادى. المتحف يحتاج إلى إحياء جديد بإضاءة جديدة بتنظيم متخصص جديد. من حسن الحظ أن مقتنيات هذا المتحف فى المخازن عظيمة وممكن إقامة أكثر من متحف بهذه المقتنيات. ليس هناك منطق أن يكون الفن معظمه مصرياً وأن يكون المتحف المتميز قطرياً، ومتحف مصر مبدعة الفنون فى حالة يرثى لها.
وعلمت أن خبيراً زار حديثاً مخازن المتحف فى مصر وأصيب بالرعب والخوف من تدمير ثروة بملايين الدولارات لأن اللوحات تحفظ بطريقة بدائية. الموظفون هم موظفو حكومة يتقاضون رواتب ضعيفة وليس عندهم الحماس ولا النشاط ولا الخبرة. سوق الفن التشكيلى انتقلت إلى دبى، وأهم متحف فن حديث أصبح فى قطر وشباب الفنانين المصريين لا أحد يهتم بتسويق أعمالهم المتميزة، والتركيز الآن على تلميع الفنانين من البلاد الأخرى.
خامساً: قد يتعلل البعض وكذلك وزارة الثقافة بالميزانية، وأنا واثق بأن ميزانية تجديد هذا المتحف بخبراء مصريين عندهم كفاءة سوف تكون أقل بكثير جداً من أحد المهرجانات أو المؤتمرات المظهرية.
تجديد المتحف وإدارته بشباب من المحترفين والإعلان الجاد عنه بعد افتتاحه ووضعه على الخريطة السياحية للزوار مصاحباً لإنشاء سوق للفن التشكيلى تعرض فيه الجاليريهات المصرية والعربية والأجنبية فتشجع السياحة فى أسبوع للفن يقام كل عام- أمر أصبح ضرورياً. أعلم أن الكثير قد كتب وقال فى أهمية هذا الأمر، ولكن ودن من طين وودن من عجين. ليست وظيفة وزارة الثقافة أن تقف أمام الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب لتحيتهم وتنظيم حفلاتهم، وإنما وظيفتها الأولى أن تقدم الثقافة بأشكالها المختلفة للشعب وتحاول أن ترقى بذوق الناس لأن هذه المهمة هى التى توقف مسيرة التطرف والإرهاب. قد تقول الوزارة: كم مصرياً مهتماً بالفن التشكيلى؟ وأنا أقول إن وظيفتها أن تشجع الناس. لم يقل أحد لثروت عكاشة عندما أنشأ الكونسيرفتوار ومعهد الباليه وغيرهما من فى مصر مهتم بهذه الفنون! وأنشئت هذه المؤسسات، وأصبحت تضع مصر على خريطة الفن العالمى. والآن يخطفون عازفى أوركسترا القاهرة السيمفونى المتميزين للعمل فى أوركسترا دبى وقطر ومسقط بأجور مرتفعة ونحن لا نفعل شيئاً لإبقائهم وتحسين أحوالهم وهم أعداد قليلة تعبنا فى تعليمهم وتدريبهم. لقد سحبت السجادة من تحت أرجلنا فى أمور عديدة بسبب الخيبة، ولا يزال الفن هو القوة الناعمة لمصر فلماذا نفرط فيها؟ وخاصة بعد أن أصبح ممكناً أن يشكل مورداً اقتصادياً.
الجميع مهتم بالمتحف الفرعونى الكبير وهو حدث عظيم وهام ولكنه يجب ألا يكون الحدث الفنى الوحيد. أفيقوا قبل أن نخسر ما تبقى لنا.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك


مَن سرق الجامع فى ليبيا؟ - جريدة الوطن - 1/2020 /20






وأنا أرى الحاضرين فى برلين يناقشون موضوع ليبيا التى صارت مستباحة بميليشيات الفاشية الدينية، أتخيل بين الجالسين المفكر الليبى العظيم الراحل الصادق النيهوم، وأكاد أسمعه وهو يخاطب شعب ليبيا قائلاً: «لو كنتم قد أنصتم إلى كلماتى وقرأتم ما كتبته ونبهت إليه ما كنتم قد وصلتم إلى تلك الهاوية»، ربع قرن على رحيلك يا أيها الصادق الذى أنكرك مجتمع أدمن الكذب، حذرت من سيطرة الإسلاميين على مقدرات ليبيا، وشخصت الداء، تساءلت مَن الذى سرق الجامع فى كتابك الإسلام فى الأسر، لكن من يقرأ ومن يبحث ومن يسمع؟!، أعيد على الليبيين ما كتبه الصادق النيهوم لعلهم يتفكرون، يقول الصادق:
الشعوب التى تفشل فى تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ.
إننا فى ليبيا لا نملك مشكلة اسمها الجهل، بل مشكلة أكثر قبحاً وأكثر تعقيداً اسمها صرامة الموقف العقلى السائد.
ليبيا دولة من القش فوق بحيرة من البترول.. ما أسرع أن تأكلها النيران.
وخلال الليل كان بوسعى أن أمدّ يدى عبر النافذة وألمس وجه الحزن الذى تقطر به السّماوات فى ليبيا بلا انقطاع.
فالحرب لا تستمر خمس سنوات كاملة دون أن تصبح مملة، الحرب مثل أى مسرحية أخرى، لا تستطيع أن تكون مثيرة إلى الأبد.
يا إلهى إن بنغازى كلها تراب، المطار والطرق المؤدية إلى المطار وعيون الأطفال الموتى، بنغازى كلها تراب.. تراب.
الجهل مثل المعرفة، قابل للزيادة بلا حدود.
لا نملك شيئاً نلتقى عنده، فكل واحد منا يمشى فى اتجاه أنفه. وكل خطوة فى الاتجاه الخطأ ندفع ثمنها مرتين.
الجهل -مثل جميع الأمراض العقلية- يحقق رابطة متينة بين الفئات المصابة به بغض النظر عن اختلافاتها الاجتماعية ويرصها جميعاً صفاً واحداً ضد الأعداء وراء الجدار، فى حالة استعداد دائمة للبدء فى القتال.
إذا كانت أحلامنا جميلة ومشروعة فإن أول خطوة لتحقيقها هى أن نستيقظ.
افتحوا نوافذكم على العالم، وواجهوا أنفسكم، ودعوا الأشياء تنال قيمتها الحقيقية بدون إقحام لعوامل الغضب أو الرضا.
ثم جاء البترول وأنقذنا من الموت جوعاً بين جيراننا.. ولكنه لم ينقذنا من مشكلاتنا القديمة. فالشعوب لا تكـبر بالنقـود وحدها!
ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ دﻳﻨﻜﻢ ﻣﻦ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ ﺣﺠﺮﻳﺔ ﺗﺰﻳﻨﻮن ﺑﻬﺎ ﺑﻴﻮﺗﻜﻢ، ﺑﻞ ﺧﺎﻓﻮا ﻣﻦ اﻷﺻﻨﺎم اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ التي ﺗﺤﺘﻞ رؤوﺳﻜﻢ وﺗﺴﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻮﻟﻜﻢ.
الجهل مخدر دائم الأثر، إنه لا ينتهى مثل باقى المخدرات عند حد تدمير صاحبه بل يمد أذرعته الشنيعة لكى يدمر كل شىء حوله فى جميع الجهات.
أن نخدع أنفسنا ثم ندعو الخدعة عادة ثم ننسبها إلى الله ثم نعاقب من يخالفها وندعوه كافراً بالله.. أعنى هذه مغالطة حقاً ليس ضد الإنسان فقط بل ضد الله أيضاً، ولكن تبدو فضيلة عادية فى مخزننا الإنسانى العامر بالفضائل.

Sunday, January 19, 2020

منهج «غسيل المخ» بقلم الأنبا موسى ١٩/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


١- تسود العالم الآن ثقافة تسمى «غسيل المخ» (Brain wash)، واسمها العلمى هو «التحكم العقلى (Mind control)»، وذلك حين يستطيع قائد ذكى، ولكنه شرير، أن يسيطر على أذهان تابعيه، فيغسلها تمامًا، ثم يقودهم فى الطريق الخطأ، والمدمر، دون أن يجد أدنى معارضة أو مناقشة من تابعيه، الذين سلموه قيادة حياتهم، حتى إلى التهلكة! فقد غسل أدمغتهم ومسح عقولهم!!.
٢- وهذه الثقافة الخاطئة منتشرة فى كل مكان، فقد رأينا من قتل المصلين فى المسجد الإبراهيمى بالخليل، سمعنا عن «كورش» الذى قاد تابعيه إلى انتحار محقق، ومثله من كان فى «هولندا» يقود ٤٠ من الشباب الغض، وأوهمهم- حينما اقترب المذَّنب «هالى» من الأرض – أن السيد المسيح قادم على السحاب، فهيا ننطلق للقائه، وجعلهم يتناولون سمًا زعافًا، قضى عليهم جميعًا، ووجدوهم ممدين على أسرّتهم، يرتدون زيًا موحدًا (uniform)، وهم شباب فى عمر الزهور!!.
٣- ونفس الأمر موجود حاليًا، حين يسيطر «أمير الجماعة»، فكريًا على تابعيه، ويقودهم فى أعمال مدمرة، كما حدث فى مصر وغيرها.
٤- وهذا ما حدث فى تفجير الكنائس: سواء كنيسة القديسين بالإسكندرية، والمرقسية بالإسكندرية، ومارجرجس بطنطا، والبطرسية، والتى كانت ضحاياها بالعشرات من المسيحيين.. وكذلك فى جامع العريش!!.
٥- وما حدث من إرهاب فى أمريكا وروسيا وفرنسا ولندن... إلخ. فالإرهاب «أعمى» فعلاً، لا يرعى دينًا، ولا وطنًا، ولا إنسانية!!.
٦- هذا النوع من التفكير: حيث يتم غسل أدمغة الشباب، فيدمرون غيرهم، ويدمرون أنفسهم أيضًا.
٧- لذلك أشعر بأن موضوع الإرهاب فى العالم هو معركة ثقافية فى الأساس، إذ يحتاج من يغسلون أدمغة تابعيهم أن ترشدهم قيادات دينية وثقافية مستنيرة، من خلال توعية الشباب، حول خطورة هذا المنهج، سواء على الفرد. أو الأسرة، أو الأديان، أو المجتمع.
٨- لهذا نهيب بشبابنا الطيب، ألا تأخذه الانفعالات، ولا أحاسيس الغضب، وألا يلجأ إلى العنف اللفظى أو البدنى أو المادى، بل أن يضبط انفعالاته، وقد علمنا الكتاب المقدس:
أ- «مَالِكُ رُوحِهِ (أى ضابط نفسه) خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (أمثال سليمان الحكيم ٣٢:١٦).
ب- «لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ» (يعقوب ٢:١).
ج- «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية ٢١:١٢).
أولاً: كيف يحدث غسيل المخ؟
يحدث من قائد مملوء بالشر، ولكنه ذكى، يتخاطب مع احتياجات سامعيه الجسدية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، ويقدم لهم حلولاً يدعيها لهذه المشاكل، ويستخدم الإيحاء النفسى فى التأثير عليهم، ويشحن عواطفهم وانفعالاتهم نحو هذا وضد ذاك، ثم يطرح عليهم حلولاً من عنده، ويطلب منهم تنفيذها، وصولاً إلى تلك الحلول.
ولأن سامعيه كان قد تم غسل أدمغتهم، فإنهم يقدمون له السمع والطاعة، كإنسان ملهم من الله، وينفذون أوامره، ولو أدت إلى خراب ودمار كبير، وإزهاق أرواح غالية وثمينة.
ثانيًا: غسيل المخ يؤدى الى التعصب:
أ - ما معنى التعصب؟
التعصب - ببساطة - معناه أن يضع الإنسان عصابة على عينيه، فلا يرى إلا ما فى داخل ذهنه وفكره الخاص، ولا يعطى نفسه فرصة ليرى جوانب أخرى فى الموضوع، أو آراء أخرى يمكن أن تتكامل مع رأيه أو تختلف عنه. إنه إنسان وضع فى ذهنه فكرة، واعتبر أنها الفكرة الوحيدة السليمة، وما عدا ذلك فهو باطل!! وهو لا يعطى نفسه فرصة دراسة أفكار أو آراء أخرى فيما يعتقد أو يسلك. وربما يتصور أن فكره هو الحق، وأنه قد أُلهم بهذا الفكر من الله نفسه. وأى محاولة للمناقشة أو سماع آراء يعتبرها نوعا من عدم طاعة الله، والانحراف عن الفكر الإلهى بهذا الصدد.
ب - مخاطر التعصب:
لا شك أن التعصب للفكر الشخصى له مخاطر عديدة منها:
١- التمركز حول الذات، بحيث يفقد الإنسان رؤية وآراء وأفكار هامة وبناءة قد لا تتعارض تمامًا مع رأيه هو، بل تصقل هذا الرأى وتكمله.
٢- الابتعاد عن الموضوعية فى الحياة، فما عندى هو الصحيح، وما عند غيرى هو الخطأ والباطل، ولا داعى لمناقشة هادئة موضوعية نصل من خلالها إلى الحقيقة.
٣- التعصب عادة يقود إلى العصبية والعنف، فحين يرفض الإنسان مناقشة آرائه، يتشنج ويتشدد ويهاجم آراء غيره، وسرعان ما يعادى الناس، وربما يلجأ إلى العنف.
٤- التعصب يقود الإنسان إلى الإحساس الخطير بالإلهام الإلهى، وأن كل من حوله يلهمهم الشيطان!!.
٥- ولا شك أن هذا يقود إلى التشرذم والانغلاق، بحيث يتفرق الناس إلى جماعات تنكفئ على نفسها.
٦- غالبية شبابنا المصرى على وعى بضرورة عدم المشاركة وعدم الانجراف وراء هذا الاتجاه الخاطئ.
٧- وإن كان البعض يرفض دائماً «نظرية المؤامرة»، إلا أن هناك مؤامرة حقيقية، معروفة ومدروسة، تحاول بها الصهيونية تفتيت الدول المجاورة، وذلك بأن تستغل مناخات الاحتقان أو الاختلاف بين أبناء البلد الواحد، لتعمق من الشروخ وتصل إلى الفرقة، لتتسّيد هى فى المنطقة، حين يكون الكل مشغولا بجراحه وآلامه. انظر إلى لبنان، وفلسطين، والعراق، وليبيا، وسوريا، واليمن كمجرد أمثلة... فكيف نواجه هذا؟.. سوف نتحدث عنه فى العدد القادم إن شاء الله.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

لماذا لا تعاد طباعة كتب فرج فودة؟ - جريدة الوطن - 12020 /18






فقد المفكر فرج فودة حياته فى معركة التنوير، فهل سيفقد تراثه وفكره وكتبه أيضاً؟!، هل دُفنت كتبه معه؟، أين الجناح أو الناشر فى معرض الكتاب الذى نستطيع شراء نسخ جديدة منه لفرج فودة؟، لا يوجد للأسف، لكى يصل «فودة» أثناء حياته إلى القارئ، اضطر لطباعة معظم كتبه فى دور نشر غير مشهورة، أو على حسابه الشخصى، معظم هذه الدور أغلق أبوابه، ولا توجد عقود لمعظم تلك المؤلفات، لأن «فودة» كان يعرف أن حياته قصيرة، وليس أمامه إلا السباق مع الزمن وإصدار تلك الكتب بسرعة قبل الرحيل، ليس لدينا إلا رصيد مشوش من عدة ندوات مسجّلة ونسخ من كتبه مستباحة للحذف والإضافة من قراصنة الكتب، لماذا لا تتصدى هيئة الكتاب كمركز التصنيع الثقافى الثقيل فى مصر لتلك المهمة التنويرية الجليلة؟
وأعتقد أن «سمر»، ابنة الشهيد فرج فودة، لن تمانع فى إعادة طباعة أعماله، مؤلفات فرج فودة ليست مجرد سطور بين دفتى كتاب، بل هى معارك على الأرض سُطرت بحبر وانتهت بدم، دفع حياته ثمناً لفاشية أكلت الأخضر واليابس.
كان «فودة» هو زرقاء اليمامة فى مجتمع أعمى، كان قد فتح للإخوان ذراعيه وقتها، مجتمع أصر على السير فى طريق الندامة إلى الهاوية لولا ٣٠ يونيو، مجتمع كانت قد تضخّمت فيه الغدة الوهابية حتى سدت مجرى التنفس تماماً، فأصيب بإسفكسيا التطرف والتزمت.
مشروع إعادة طباعة كتب فرج فودة هو مشروع وطن قبل أن يكون مشروع دار نشر، إنها إعادة شحن بطارية تنوير بأفكار رجل شجاع، كان يملك قوة المنطق وروح الدعابة ولغة الشعر وعمق الثقافة وعشق التاريخ، مما أهله لأن يكون فى مقدمة كتيبة التنوير لهذا البلد، تلقى السهام والنبال والرصاص بدلاً ممن كانوا فى المؤخرة والكواليس، دفع الفاتورة من حياته وسمعته واستقراره، أقل واجب علينا أن نعيد نشر كتبه التى مات بسببها، وكان يتمنى نشرها لو عاش فى زمن الإنترنت لكى يواجه بهذا السلاح الجديد، فقد كان فرج فودة محروماً من دخول التليفزيون، لم يظهر على شاشته وكأنه عورة أو مرض معدٍ، فالعيب كل العيب أن تظل كتبه بعيدة عن أيدى الشباب الذى لم يعرفه إلا من خلال الأبواق الإخوانية والسلفية التى لا تعرف إلا فجر الخصومة فشيطنته لهذا الجيل.
الحقيقة الغائبة لا بد أن تعود، ولنرتب بداية من الآن أن يكون فرج فودة هو شخصية معرض الكتاب القادم، وتُقام ندوات لكتبه المطبوعة فى الهيئة، وعمل مسرحى، ونشر لقاءاته القليلة التى سجّلها على التليفزيون التونسى ومناقشة محاورها، الموت الحقيقى لفرج فودة هو أن تموت كتبه وأفكاره، وهذه كارثة.

Saturday, January 18, 2020

د. وسيم السيسى يكتب: المسكوت عنه فى الحملة الفرنسية (٢-٣) ١٨/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

يقول الجبرتى: أنشأ الفرنسيس لبعض المشايخ المنتخبين ديواناً، وكتبوا لهم كيفية قسمة المواريث والآيات القرآنية المتعلقة بذلك فاستحسنوا ذلك، كما أحضروا لهم قائمة بالأملاك والعقارات عن طريق المهندسين، وجعلوا ثمانية فرانسه «فرانك» على العقار العظيم، وستة على المتوسط، وثلاثة على الأدنى، وما كان أجرته أقل من ريال فهو معافى، أما الوكالات والخانات والحمامات والحوانيت، فكان حسب الرواج «الغنى» أو الخسة «الفقر». ثارت حشرات الحسينية، وأزاعر «جمع أزعر» البرانية، والمعدمين! ومعهم بعض المتعممين الذين لم ينظروا فى عواقب الأمور، تجمع الكثير من الغوغاء، أبرزوا ما أخفوه من سلاح، حضر إليهم القائد الفرنسى ديوى فضربوه وثخنوا جراحه، وقتلوا الكثير من أبطاله وفرسانه، هدموا مصاطب الحوانيت، تترسوا وراءها، نهبوا دور النصارى والمسلمين، أخذوا الودائع والأمانات، طلب نابليون شيوخ الأزهر فلم يردوا عليه، فما كان من الفرنسيس إلا أنهم بندقوا «أطلقوا البنادق» عليهم حتى أجلوهم وأزالوهم بعد أن قاموا بهذه الفظائع، وأكثروا من المعايب كسبى النساء والبنات، واستمر الهرج والمرج، ولم يرد شيوخ الأزهر، ولما ملَّ نابليون من هذا التسويف، والرمى متتابع من الجهتين، فعند ذلك ضرب الفرنسيس بالمدافع والبونبات «القنابل» على البيوت والحارات، وتعمدوا بالخصوص الجامع الأزهر، فلما سقط عليهم ذلك ورأوه، ولم يكونوا فى عمرهم عاينوه نادوا: يا سلام من هذه الآلام!
يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف!!
فلما عظم الخطب، ركب المشايخ إلى كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل، عاتبهم فى التأخير، وأمر برفع الرمى عنهم، فخرجوا ينادون بالأمان، وخرج الجنود بخيولهم من الجامع الأزهر بعد أن كانوا قد احتلوه.
يعجب المستشار محمد سعيد العشماوى من تسمية ما حدث بثورة، وهى كما يصفهم الجبرتى بالغوغاء، والحشرات، والأزاعر، وهم معدومون لن يدفعوا شيئاً، بالرغم من أن العثمانيين والمماليك كانوا يأخذون ما يشاءون من الناس غصباً بلا أى قانون أو سند، ويقول العشماوى إنه أمر ظاهره العصيان وباطنه السلب والنهب وهتك أعراض النساء وخطف البنات.
أما ما يقال عن ثورة القاهرة الثانية، فكانت كما يقول الجبرتى نصاً: أشيع أن صلحاً قد تم بين السلطنة العثمانية والجيش الفرنسى، دخل الأغا التركى فى ضجة عظيمة، فرض المكوس على المصريين لترحيل الفرنساوية، دهى «الداهية» الناس من أول أحكامهم، أما الهمج والحشرات فقد استولى عليهم سلطان الغفلة، فكان السب والشتم والتطاول على الفرنسيس والأقباط!
عرف الفرنسيس أن الإنجليز سوف يحاصرونهم فى البحر، فعدلوا عن الرحيل، وأرسلوا للأغا التركى أن يغادر البلاد فغادرها بعد أن ترك رجاله ينهبون البلاد والقرى، ولما كثر اللغط، هاجوا ورمحوا وقتلوا جنوداً من الفرنسيس، وقال نصوح باشا العثمانى للأوباش والحشرات: اقتلوا النصارى وجاهدوا فيهم، أطلق الفرنساوية المدافع والبنب، تجمهر المعظم للخروج، وركب بعضهم بعضاً للهروب.
.. وللحديث بقية