Translate

Tuesday, June 30, 2020

مقامات بديع الزمان الطالبانى - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /30






بلغنى أيها الملك السعيد، ذو الرأى الرشيد، والعمر المديد، أن هناك نوعاً من فن التمثيل، ظهر فى أرض الهرم والنيل، لم يحدث منذ عصر التنين والماموث، اسمه التمثيل عبر البلوتوث، الممثل لا يلمس الممثلات، الأحياء منهم والأموات، واشترط ذلك عند كتابة العقود، وكتبها فى كل البنود، أنا أمثل دور الروبوت، والممثلة سأصافحها بالقفاز والريموت، ولكيلا يكون ثالثهما الشيطان، اشترط أن يوضع فى الاستوديو مأذون وبارافان، وانتشرت بعدها فى أرض المحروسة، دراما المواعظ المهروسة، التى تظهر فيها البطلة بالنقاب الأفغانى، والبطل بالجلباب الباكستانى، ويمرض العشاق المجرمون فيها بالإسقربوط، ويلتهم عيون المحبين الفساق الأخطبوط، عقاب سماوى لمن تجرأ على اللمس، لذلك عرضوا الحلقات منعاً للبس، على هيئة كبار العلماء، ومفتى الديار والحكماء، وتسابقت شركات الإنتاج من كل الثغور، من شركة القعقاع لشركة التوحيد والنور، وكانت باكورة الإنتاج العظيمة، مسلسل نفحات الإيمان فى حسن ونعيمة، والباقيات الصالحات فى دنيا الاتصالات، ومسلسل أعطنى القنبلة والسكين، فأنا ذاهب للحور العين، والمثير للدهشة والصدمة والاستغراب، هو انتشار نظرية المرأة الحلوى والرجل الذباب، وهى نظرية جديدة على بلد الحضارة وفجر الضمير، قبل أن يزحف عليها التصحر الشرير، فقد كانت المرأة ملكة ذات عرش وتاج، قبل أن تكون سبية لها احتياج، وكان فن التمثيل سر قوتها، والدراما عنوان ثقافتها، لم يكن الشعب يخجل من الممثلين والممثلات، ولم تكن هناك دور فتوى للمسلسلات، كان الفن عندهم إما ردىء أو جيد، وكان الفن الصادق هو السيد، قبل أن يحتل النفاق أمخاخ الأنام، ويصبح تقييم الفن بالحلال والحرام، وينتقل الفن من مصدر إلهام وأنوار، إلى حلقة ذكر وكودية زار، كان المتفرج قديماً فى تلك البلاد، وقت أن كان الدين معاملة العباد، يقيس الفن بإبداع الفنان، فصار يقيسه بطول الفستان، وكان يبحث فى القصة عن الإيقاع والتجانس، فصار يبحث فيها عن عدم التلامس، كان يبكى بحرقة فى قصص الحب والغرام، لكنه الآن يدخل بعدها الحمام، قبل عصر الادعاء والمدعين، ومرضى الازدواجية والمنافقين، كانوا يفخرون بنجماتهم، وكانوا أخلاقيين مع بناتهم، قبل أن تسود الطقوس والشكليات، ويسود معها التحرش وتدنى الأخلاقيات، وصار من يصرخ واإسلاماه أمام الشاشة، مدمناً لمواقع البورنو يعانى من هشاشة، يصرخ وكأن الدين سينهار من تمثيل الحب والحنان، وسيحتلنا بعدها التتار والرومان!!، وخرج علينا فى هذا الزمان، متأثراً بهذا اللاتلامس وذلك الجنان، طبيب جراح داعشى قائلاً يا عيب الشوم، الورع يجبرنى على استئصال الرحم من البلعوم، وهنا أدرك شهرزاد الصباح، بعدما أقيمت الأفراح والليالى الملاح، احتفالاً بتحويل استوديو الفنان، إلى كهف فى جبال طالبان.

Sunday, June 28, 2020

ثقافة قبول الآخر (١) بقلم الأنبا موسى ٢٨/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم


مع تفشى فيروس كورونا، وثقافة التباعد الاجتماعى الواجب، نحتاج إلى الحديث عن ثقافة «قبول الآخر» مهما كان، ولذلك يتحدث العالم كثيرًا عن: «ثقافة قبول الآخر»، فماذا يعنى ذلك؟.. أمامنا عدة أسئلة:
١- من هو الآخر؟ ٢- كيف نقبل الآخر؟ ٣- ما هى الفوائد من قبول الآخر؟
أولًا: من هو الآخر؟
١- الآخر هو الصديق، والزميل، والمواطن، والمحتاج، والمتضايق، والعاجز، والمظلوم، والمتعثر، والمحب، والخادم.
٢- الآخر هم الأهل: هو أخى وأختى فى البيت.. أبى وأمى.. والأقارب.
٣- والآخر هو شريك الحياة.. والأولاد.. والأسرة كلها.
٤- الآخر هم الأصدقاء والزملاء والمعارف، هم الآباء الروحيون والمدرسون. هم الجيران وزملاء الدراسة ودور العبادة. هم كل من نتعامل معهم بشكل منتظم أو غير منتظم، كأصحاب المحلات والمتاجر وسكان الشارع والمنطقة.
أى أن الآخر هو كل من يعيش معنا، ونتعامل معهم أيضًا.
٥- ومادام الإنسان متدينًا، وخالص الحب، فإنه يستطيع أن يحب بنقاوة وبلا حدود.
٦- وإن كان الإنسان أنانيًا. يستحيل عليه أن يحب أحدًا من كل هؤلاء.
- وما المشاكل التى نراها فى مجتمعنا الآن من خلافات: إنسانية، وعائلية، وزوجية، إلا تعبيرات متوقعة من قلوب جامدة خلت من الحب، ولم تعد تحب إلا ذاتها، ولا تفكر إلا فى مصلحتها.. قلوب فقدت جوهر الحب: وهو العطاء، وفرحة الحب: وهى السعادة «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» (أعمال ٣٥:٢٠).
ثقافة قبول الآخر:
بهذا عاش آباؤنا.. وهكذا علمتنا الأديان أن جميع البشر خُلقوا على صورة الله ومثاله، وداخلهم نور مقدس، ربما اختفى وراء تشوهات الخطيئة وضباب الترابيات!!.
بعض التطبيقات العملية:
أولًا: فمثلًا فى الحياة العائلية:
١- ها أمى وإخوتى!! وحين تحب أخاك: ستكتشف أن الله عامل فيه!! وحين يعمل فيك روح الله، ستحب أخاك صدقًا! وكما قال الكتاب المقدس: لأنه «إن كنت لا تحب أخاك الذى تراه، فكيف تحب الله الذى لا تراه؟!» (١يوحنا ٢٠:٤).
٢- أن أخاك هو خِليقة الله: فإذا أحببته فأنت فى الواقع تحب الله العامل فيه، حتى إذا أساء إليك، فهو- حينئذ- يكون مريضًا مؤقتًا، ومحبتك له قادرة بنعمة الله على شفائه «والمحبة لا تسقط أبدًا» (١كو ٨:١٣).
٣- وحتى إذا لم يستجب أخوك للمحبة، مؤقتًا أو نهائيًا: فالمحبة ستشفيك أنت من أى حقد مدمر، وستعطيك السلام القلبى، من الله الذى أحبنا دون مقابل،!! أخوك هنا هو أخوك حسب الجسد، أو أخوك فى البشرية!!، فالله يرفعنا فوق قيود العائلة الخاصة، لتحيا معه فى اتساع العائلة العالمية!!. ألم يقدم لنا السيد المسيح مثل السامرى الصالح، لنعرف من هو قريبنا؟ ( لوقا١٠).. سأله شخص: «من هو قريبى؟» فقال له كل من حولك من بشر هم أقاربك، مهما اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم.
٤- وفى الحياة الزوجية أيضًا: يتعامل كل طرف مع الآخر، لا كمجرد طرف، أو شريك، أو ذات أخرى، بل يتحد به من خلال عمل الله فينا، فيرى نفسه فيه، ويحب نفسه من خلاله، ويحبه هو من خلال عمل الله فيه.. لهذا قال الكتاب المقدس: «يصير الاثنان جسدًا واحدًا؟» (متى ٥:١٩، ١كورنثوس ١٦:٦، أفسس ٣١:٥).. أى يتحدان معًا.
٥- نحن فى سر الزواج نطلب من روح الله، أن يوحد العروسين، فلا يصير أى منهما فيما بعد «فردًا» بل زوجًا.. الفرد = واحد، والزوج = اثنان.. لأن الزواج يجعل من كل فرد فيهما اثنين، إذ يسير ويتحرك، وفى أعماقه وقلبه وفكره شريكه الآخر.
ثانيًا: على مستوى الشعوب:
١- وعلى مستوى المجموعات: فإن الاستفادة من الآراء المتعددة، هى التى تكفل استمرار الالتزام بمبادئ
ومعايير التدين السليم.
٢- وإذا ألقينا نظرة على أحوال الديمقراطية، فى العالم المعاصر: فسنجد أن الدول الديمقراطية بمعناها الكامل المتفق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، تؤمن بالآخر وبالتعددية. وتسود فى هذه الدول مبادئ أن الأمة مصدر السلطات، وأن السلطات تتوازن مع بعضها البعض: الدينية والتشريعية والاجتماعية.. إلخ.
٣- فلا تطغى سلطة على أخرى: بل يتمتع الجميع، حكامًا ومحكومين، بثقافة الديمقراطية، ويملك الشعب حق الاختيار والمراقبة، والمساءلة، ويتم التشجيع الشعبى على التفكير، وعلى التعبير عن رأيه، دون خوف. وكل مسؤول يعتبر نفسه خادمًا للشعب ومسؤولًا أمامه، ولذلك تتقدم مثل هذه الدول وتزدهر أحوال شعوبها.
٤- وعلى النقيض من ذلك نجد أن الدول غير الديمقراطية التى لا تأخذ بتعدد الأحزاب، أو حرية الإعلام والصحافة تسود فيها ثقافة القطيع وحالة من الاستعلاء، أو الاستغناء عن رأى الشعب، ويخلق ذلك شعوبًا إما ساخطة أو متمردة أو سلبية، ويتم تبرير ذلك بذرائع مراوغة منها أن الشعب ليس ناضجًا ولا مهيأ للديمقراطية.
٥- مع أنه لو كان هذا صحيحًا فى وقت معين، فإن من واجب المسؤولين الذين بيدهم مقاليد السلطة أن يضعوا خطة مدروسة، وجدولًا، للوصول بالشعب إلى حالة النضج والرشادة، وهذه المهمة من أهم مسؤولياتهم.
٦- وفى الدول غير الديمقراطية لا توجد قنوات للحوار ولسماع الآخر، ويتم مطالبة الشعب بالخضوع فقط، والأوضاع الديكتاتورية، وعدم الإصغاء إلى الآراء المختلفة، ينجم عنه عادة تراكم المشكلات، وتصاعدها، لأن الرأى الآخر هو جرس إنذار مبكر من أجل القضاء على المشاكل وهى مازالت فى بدايتها.
ولذلك فالاعتراف بأهمية الآخر، وتوفير قنوات الحوار الحر هو من أكبر الضمانات لسلامة سير الأمور فى كل المجتمعات.. أعاننا الله على تحقيق ذلك.
* الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

لماذا لم نمنح الإخوان الفرصة؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /27






تكرر هذا السؤال كثيراً بعد ٣٠ يونيو، «الإخوان ما خدوش فرصة، ليه ماعطيتوش فرصة لهم؟»، ونحن فى أجواء الاحتفالات بذكرى ثورتنا العطرة على تلك العصابة الكريهة التى لا بد أن تظل غلطة مطبعية فى كتاب تاريخنا الممتد والمجيد، الفرصة تمنح للوطنيين، لمن ينتمون لهذا الوطن، لكن تلك الجماعة تنتمى للخلافة ولا تعرف وطناً، بل تكره كلمة وطن، فهو حفنة من تراب عفن، وطظ فيه، على رأى المرشد عاكف، فلو حكم ماليزى إخوانى أفضل من أى مصرى سواء مسيحى أو مسلم ما دام لا ينتمى إلى قطيعهم، هم جماعة أممية، دينها الخلافة، لا تعترف بالحدود، شعارها الغزو والجهاد ولا تعترف بمصطلحات حقوق الإنسان التى تسمى الأشياء بمسمياتها، فالغزو هو احتلال، والجهاد هو اعتداء على الحدود والأنفس لدولة أخرى لا حق لك فى اقتحامها، الفرصة لا تمنح إلا للمؤمن بفضيلة الحوار، والفاشية الدينية لا تعرف الحوار بل تعرف الإملاء والانسحاق، فمن يحاورنى ويبدأ حواره بأنه يتحدث نيابة عن الله، هو وكيل الله، وهو العارف الذى يملك الشفرة والباسوورد الربانى، يحاورنى من منطلق الاستعلاء واحتكار الحقيقة، ليس على استعداد للسماع، بل هو على استعداد لقبول توبتى أو رفضها، حسب مزاجه وفرمانه، وتطبيق ولائه وبرائه، الفرصة لا تمنح إلا لمن يعتبر نفسه من أوركسترا الوطن المتناغم، لا من الفرقة الناجية التى تعيش فى الجيتو، تنظر إلينا نحن الضالين من كهفها النائى، الفرصة لا تمنح لمن يستخدم الديمقراطية أو بالأصح صندوق الانتخاب سلماً للصعود ثم يركله، الديمقراطية بدون علمانية وبدون اقتناع بدولة مدنية لا تعترف إلا بالقانون والمواطنه، هى وهم كبير وخدعة عظمى، فلتقتنع كما شئت بأن ممارساتك الدينية ستمنحك أفضلية فى السماء، أنت حر، لكنها لا تمنحك أفضلية على الأرض، ستلتحق بالمدرسة وتنجح فى الجامعة وتتوظف فى المؤسسة بناء على الكفاءة وليس بناء على مقدار التزامك بالطقوس الدينية، ستأخذ حقك فى المحكمة أو المنصب بناء على سيرتك الذاتية وليس بناء على هويتك الدينية، وبعيداً عن كل ذلك، هناك مفاجأة لمن يطرحون هذا السؤال بإلحاح، من قال لكم إن الإخوان لم يمنحوا الفرص لا الفرصة الواحدة؟، منحتهم ثورة ٥٢ الفرصة حين عين مجلس قيادة الثورة واختار من كل الأحزاب وزيراً إخوانياً ودللهم وقرب منظرهم وفيلسوفهم سيد قطب وجعلوا له مكتباً مجاوراً، كان رد الجميل هو محاولة اغتيال عبدالناصر!، أخرجهم السادات من السجون لضرب اليسار ومنحهم الذراع الإعلامية والوجود فى المناسبات السياسية، وكان رد الجميل هو اغتياله شخصياً فى حفل عرسه، منحهم مبارك الفرصة وترك لهم الشارع والمدرسة والمستوصف وكراسى البرلمان التى تعدت الثمانين، وبعدما وافقوا على التوريث خطفوا ثورة يناير من أصحابها وجثموا على أنفاس الشعب، إنهم أصحاب شعار «امنحنى صباعك لألتهم دراعك».

Saturday, June 27, 2020

د. وسيم السيسى يكتب: ماذا لو؟! ٢٧/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

فى لقاء جميل جمع بينى وبين المستشار شاكر محمد الحمامصى، والمذيع النابه أحمد سالم، والصديق العزيز محمد فخرى، قال أ. أحمد سالم: قرأت لك يا دكتور وسيم مقالة بعنوان: ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران؟ وكيف ستموت كل الكائنات الحية ويصطدم القمر بالأرض، وأريد أن أسأل سيادة المستشار ماذا لو لم يكن يوم ثلاثين يونيو ٢٠١٣؟!
قال: هل سمعتم عن الثقوب السوداء وكيف تلتهم الكواكب والنجوم؟ هذا ما كان ينتظر الجائزة الكبرى «مصر»، على حد تعبير كوندوليزا رايس فى المخطط الشيطانى الرهيب «الشرق الأوسط الجديد- برنارد لويس». لن أحدثكم عن القوات المسلحة، ممثلة فى رمزها الفريد عبدالفتاح السيسى، ولكنى أحدثكم عن الرمز نفسه! ليس سياسيًا ولكنه مصلح، فالأول حريص على منصبه، والثانى على شعبه، وفرق بين الـPolitician، والـReformer، رجل تغلبت إنسانيته على بشريته، سلح جيش مصر حتى أصبح التاسع على جيوش العالم، وكأنه كان يرى على البعد كزرقاء اليمامة الأشرار الذين سوف يهددون حبيبته مصر. أحس بأن شعب مصر لم يجد- منذ ٢٥٠٠ سنة احتلالًا- مَن يحنو عليه، فلم يدخر جهدًا فى عمل المستحيل من أجله.. مَن يصدق أن سيناء عادت إلى حضن مصر، وكانت غائبة منذ ٣٣١ ق. م، بالأنفاق والمطارات، والمدارس، والجامعات، والزراعات، ومحطات تحلية المياه، وشبكات الطرق العملاقة، إن تعمير سيناء = القضاء على حلم الأعداء!
هذا الرجل شعاره: أنا لا يهمنى رجلاً كنتَ أم امرأة، مسلمًا كنت أم مسيحيًا، يهمنى أن تعطى مصر أفضل ما عندك، وسوف تعطيك مصر أفضل ما عندها.
لو لم تكن ٣٠- ٦ لكانت مصر ستصبح حفنة من تراب عفن، محتلة من أحفاد أفظع احتلال كاد يقضى على مصر: مليونا نسمة- تعداد مصر أثناء الحملة الفرنسية- بعد ٦ ملايين نسمة فى عصر عمرو بن العاص «المقريزى مجلد ١ ص ٧٦». أخيرًا هذا الرجل قبضة حديدية فى قفاز حريرى! جينات حور محب، وحنكة السادات، ووطنية سعد تجمعت فى رجل واحد، أما هؤلاء المُموَّلون المُغيَّبون العملاء للصهيونية العالمية والخلافة العثمانية فمصيرهم إلى غياهب النسيان.
عرف هذا الرجل أن اضطهاد المرأة إنما هو اضطهاد للطفل، واضطهاد الطفل إنما هو اضطهاد للمستقبل.. مستقبل أى أمة، لذا فهو يعمل المستحيل ضد قوى التخلف حتى يرد لها حقوقها المسلوبة!.
قال أ. أحمد سالم: سعدت بكلماتك يا سيادة المستشار، وسؤالى للأستاذ محمد فخرى: ماذا لو لم يكن محمد على باشا سنة ١٨٠٥؟!
قال: لما كانت لمصر دولة حديثة، فقد ساند الدولة العثمانية فى القضاء على الوهابية «الدرعية»، وبالرغم من ذلك تحالف الأتراك مع إنجلترا وفرنسا وروسيا، ودمروا الأسطول المصرى «موقعة نافارين البحرية».. أعادت مصر بناء جيشها وزحفت به إلى الأستانة «عكا ١٨٣٢، قونية ١٨٣٢، نزيب ١٨٣٩». أذلت مصر تركيا لولا معاهدة لندن ١٨٤٠، ويبدو أنها سوف تعيد تأديبها فى ٢٠٢٠!
قلت: شاركت مصر فى الحرب العالمية الأولى بجيش قوامه مليون ومائتا ألف، كانت قواتنا مع الحلفاء فى كل مكان، أرسل قائد قوات الحلفاء فى بلجيكا: أرسلوا لنا كتائب مصرية، لم نعرف انتصارًا قبلهم، ولم نعرف هزيمة فى وجودهم، إنهم ليسوا جنودًا، بل أسود!.. من رسالته لقائد الحلفاء العام: «إن مصر هى العنقاء التى قال عنها أبوالعلاء: أرى العنقاء تكبر أن تُصادا.. فعانِد مَن شئتَ له عنادًا». والشىء العجيب أن قائد القوات فى بلجيكا قال: لا ترسلوا لنا كتائب تركية، فالهزائم تلاحقنا فى وجودهم!
إن سد النهضة زوبعة فى فنجان، وشراذم تركيا الإرهابية فئران، إن العبقرية المصرية، التى هدمت خط بارليف بخراطيم مياه، لا يصعب عليها أن تذيق أعداءها الهوان.


فى حب عاطف الطيب - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /26






ربع قرن مرت على رحيل عاطف الطيب، مندوب الغلابة وسفير الطبقة المتوسطة على شاشة السينما، ناقل صرخة وآهة الموجوعين فى كواليس الفن السابع، ما زلت أتذكر يوم رحيله والفنان أبو بكر عزت ومعه صلاح السعدنى يبكيان بحرارة وبمرارة، فقد كان عاطف الطيب قبل أن يدخل غرفة العمليات يضحك معهما رغم أنه كان مقدماً على جراحة قلب مفتوح، كان الخبر مفجعاً، مات عاطف أثناء الجراحة، تبخرت فجأة المشاريع التى ازدحم بها عقله اليقظ، اختفت كل المشاهد واللقطات التى كان يجهزها بعينه اللماحة، رحل عاطف الطيب وقلبه المنهك قد خذله برغم نبض الحب الذى أغدقه على كل البشر.
كان «سواق الأوتوبيس» هو الجسر الذى عبر به عاطف الطيب إلى قلب وعقل جيلنا المتمرد، كنا نعشق صلاح أبوسيف، وكنا شبه متأكدين من أنه قد بلغ أعلى سقف الواقعية وأنه لن يأتى مخرج يستطيع تجاوز هذا السقف، لكن عاطف الطيب فعلها وبمنتهى الاقتدار والعذوبة، كان شاعر الواقعية، فلقد بكيت أثناء الفرجة على هذا الفيلم فى مشاهد الخذلان للبطل السواق وهو يبحث عن حل عند أزواج أخواته البنات، تارة يهرب منه تاجر الموبيليا ليصلى جماعة فى رأس البر، وتارة أخرى يتحجج المهرب بضيق ذات اليد فى بورسعيد، ورشة النجارة لم تكن مجرد مكان لحرفة أو مهنة ولكنها كانت دفء الوطن الذى هجرته الضباع ولم تعد تهتم به إلا بعد رحيل الكبير رب العائلة.
كان جواز السفر الثانى إلى قلوبنا وعقولنا هو فيلم «البرىء» الذى شاهدته فى مهرجان القاهرة السينمائى كاملاً ثم عرفت فيما بعد بأن النهاية قد حذفت بناء على وشاية من كاتب كبير وقرار من وزراء كبار حضروا خصيصاً لمشاهدة الفيلم بناء على تلك الوشاية بأنه خطر على الأمن القومى!!، ولأن عاطف الطيب ومثله وحيد حامد من نوعية مثقفى زرقاء اليمامة الذين يحسون بالخطر قبل وقوعه، فقد تحققت النبوءة وتمرد عساكر الأمن المركزى فى الحادث الشهير، وكأن «الطيب» كان يقرأ الغيب.
جاء «الحب فوق هضبة الهرم» ليلمس وتراً حساساً فى هذا الجيل وهو وتر أحلام الحب المجهضة، شاب وفتاة لا يجدان مكاناً لتبادل كلمات الحب وممارسة الحب، مجرد الزواج ليس مسوغاً، لكن أين المكان ومرتبه بالكاد لا يكفى أسبوعاً!!، إنه الجوع إلى الحب، عاطف الطيب كان عبقرياً فى اكتشاف كنوز أبطال أفلامه، نور الشريف مثّل معه أفضل أفلامه وكذلك أحمد زكى وممدوح عبدالعليم والسعدنى ومحمود عبدالعزيز... إلخ، حتى أصحاب الأدوار الصغيرة كانوا متميزين، وأكبر مثال هو الفنان حمدى الوزير الذى ارتبط اسمه بعاطف الطيب، الفيلم كان لا بد أن يعكس هماً عاماً وقضية مؤرقة، لكنه بالرغم من ذلك لم يكن خطيباً ولا واعظاً ويعرف أنه يتكلم بلغة الصورة، كان شاعراً سينمائياً.. وأرجوكم بتلك المناسبة أن تشاهدوا فيلمه المظلوم نقدياً «الزمار» لتعرفوا ماذا أقصد بشاعر السينما.
ربع قرن وما زلت فى العقل والقلب كالوشم لن ننساك يا عاطف.

Thursday, June 25, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب عن كتاب «جون بولتون» حول ترامب (٢):«ترامب» يعمل لصالح نفسه فقط وأهم شىء عنده هو إعادة انتخابه ٢٥/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

قدم بولتون استقالته من العمل كمستشار الأمن القومى للرئيس ترامب فى ١٠ سبتمبر ٢٠١٩ بعد أن فشل فى إقناع ترامب بأفكاره وآرائه وبعد أن كان عنده ثقة تامة أن ترامب يعمل لصالحه أولًا وأخيرًا، وأهم شىء عنده هو إعادة انتخابه. يتحدث بولتون عن عمله مع ترامب خلال عدد من الأزمات والمشاكل الضخمة التى واجهته. ويقول إن ترامب كان ضد الحروب التى لا نهاية لها، وكان يريد الانسحاب من سوريا قائلًا: فلنترك الحلفاء المحليين بدون حماية، ونحن على بعد آلاف الأميال. وهذا يؤكد مقولة إن المتغطى بالأمريكان عريان. وعارض بولتون الانسحاب وقال إن ذلك سوف يترك الباب مفتوحًا لداعش وللنفوذ الإيرانى.
وطلب ترامب من أردوغان القيام بمهمة القضاء على داعش، وذلك يعنى ترك الأكراد بين فكى تركيا وسوريا. وأبدى كل من ماكرون وإسرائيل غضبهما من هذا القرار وغضب أيضًا أعضاء الحزب الجمهورى فى الكونجرس، وفى اليوم التالى استقال ماتيس وزير الدفاع وعلق ترامب «أنا لم أكن أحبه أبدًا» وكتب ماتيس خطاب استقالة طويلا يبين أسباب الاستقالة ومن ضمنها إصرار ترامب على الانسحاب من سوريا الذى اعتبره بولتون خسارة كبيرة.
الفوضى كطريقة حياة:
اضطر كيلى، مدير البيت الأبيض، لبدء اجتماعات الرئيس فى الساعة الحادية عشرة لأن ترامب كان لا يحضر للمكتب قبل ذلك، وفى الواقع كان يوم العمل يبدأ مع موعد الغذاء، ويقول بولتون، إذا قارنا ذلك مع جورج بوش مثلًا فكان اليوم يبدأ الساعة الثامنة صباحًا بتقرير المخابرات حتى ٨:١٥، ثم تقرير عن السياسة الخارجية لمدة نصف ساعة، وهكذا، بينما ترامب كان يقضى صباحه فى جناحه يتحدث فى التليفونات، وبدلًا من اجتماع يومى مع المخابرات تحول إلى اجتماع مرتين فى الأسبوع. وكان ترامب يتحدث معظم الوقت فى موضوعات خارج موضوع الحديث ولا يترك لهم وقتا للحديث أو إبداء الرأى. وكان ترامب يخرج عن السياق ويضيع وقتًا طويلًا فى الهجوم على من لا يحبهم مثل جون ماكين الذى كان يثير ضجة وكلام سيئ عليه حتى بعد وفاته. وقال كيلى إن ترامب لا يهتم بالنواحى الإنسانية وكان عديم الذوق فلم يحضر جنازة باربرا بوش حرم بوش الكبير والتى حضرها أربعة من الرؤساء، ورفض حضور جنازة ماكين، ولكن عائلة ماكين أبدت رغبتها فى عدم حضوره. وكان ترامب يفصل كبار موظفيه عن طريق التويتر بدون إبلاغهم. وفى اجتماع مجلس الوزاء كان ترامب عنيفًا وغير منطقى.
اغتيال جمال خاشقجى:
سأل كوشنر زوج ابنة ترامب، بولتون، ماذا سيكون موقفنا المعلن عند قتل خاشقجى؟. وكان رأى بولتون التحدث مع السعودية وطلب إعلان الحقائق كاملة منهم، ووافق كوشنر وتحدث مع ولى العهد محمد بن سلمان شارحًا خطورة الموقف وطلب منه أن يعرف بسرعة تفاصيل ما حدث بدقة وينشر تقريرًا بذلك، واتصل به أيضًا بومبيو وكرر الطلب، واقترح بولتون إرسال السفير السعودى فى واشنطن، وهو أخو ولى العهد إلى الرياض ليأتى بالمعلومات الدقيقة، ثم اقترح أن يسافر بومبيو إلى الرياض وهو ما رحبت به السعودية، وأعلن ترامب فورًا أن هذه القضية لن تؤثر على صفقة السلاح للسعودية ونشرت السعودية تقريرًا عن الحادث، وأعلن ترامب تأييده للأمير محمد بن سلمان، وطلب من بومبيو أن يتصل بالأمير ويخبره بأن ترامب يقوم بعمل عظيم لتأييده. وعندما قرر ترامب إنهاء خدمة كيلى من البيت الأبيض قال له كيلى: فى جميع الأحوال أرجو أن لا تعين أحدًا مكانى من الذين يقولون نعم على طول الخط.
وكان ترامب دائم الشكوى من أن الناس حول العالم يريدون التحدث معه ولكن ذلك لم يحدث على أرض الواقع، وبدأ ترامب يردد أن هناك احتمال أن يتحدث مع جواد ظريف وزير خارجية إيران، وذلك بعد أن قام ظريف ببعض الأحاديث الصحفية فى نيويورك قائلًا إن ترامب يريد التحدث مع القوى الأخرى، ولكن نتنياهو ومحمد بن سلمان وبولتون يمنعونه من الحديث. والرئيس الإيرانى روحانى يريد أن يحادثه ولكنهم يغلقون الطريق فى وجهه. ويقول بولتون إن ذلك لم يحدث وقال إنهم إذا تحدثوا مع ترامب سوف يحصلون على مكاسب لن يحصلوا عليها إذ تحدثوا مع المساعدين.
وقال فى البيت الأبيض أثناء الاجتماع إن بومبيو وبولتون ليس لهما علاقة بإيران وأن تعيين مسؤول آخر لملف إيران ربما يؤدى إلى نهاية جيدة. واعتبر بولتون أن ترامب يتعامل فى الرئاسة وكأنها مكتب لبيع وشراء العقارات فى نيويورك. وتحدث ترامب مع ماكرون بشأن التحدث مع إيران قائلًا: أنا أحب الكلام وأنا متكلم جيد. ويعلق بولتون متهكمًا بأن هذه هى سياسة ترامب العظيمة. ويقول بولتون إن إيران فى هذه الفترة ساندت الحوثيين فى اليمن والميليشيا الشيعية فى العراق وأعلنت أنها لن تلتزم بالاتفاقية التى وقعتها مع أوباما بعد أن انسحب منها ترامب.
وفى اجتماع للجنة الأمن القومى ذكر وزير الدفاع أن المخاطر على أمريكا من الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، وبالتالى فإيران تأتى فى المرتبة الرابعة، وقال بولتون يجب أن نكون مستعدين لاستخدام القوة العسكرية لمنع إيران من إنتاج قنبلة نووية.
وقال ترامب أنا أحب بولتون وأحب طريقة الصقور التى ينتهجها وفى النهاية كل واحد يبدى رأيه، والقرار الأخير لى. وبعدها قام ترامب بتغيير وزير الدفاع، وخلال المناقشة قال ترامب إن جورج بوش الابن هو أسوأ رئيس لأمريكا. وكان ترامب أيضًا عنده فوبيا من جون كيرى وكان يريد أن يجد فرصة ليقدمه للمحاكمة بتهمة مخالفة الدستور. وفى النهاية وافق ترامب على التحضير لضرب إيران على أن يدفع العرب تكاليف الحرب. وكان مجلس الأمن القومى متحفزًا للقيام بعمل عسكرى ضد إيران ولكن ترامب قال أنا أحب المغامرة والمغامرة شىء جيد. وسأل ترامب الجميع: لماذا لا يتحدث الإيرانيون معنا؟، وطلب من رئيس وزراء اليابان محاولة عمل تقارب بين الإيرانيين وبين أمريكا. وأثار ذلك قلقا عند ولى عهد الإمارات، وأفاد رئيس وزراء اليابان بأن إيران لا ترغب فى إجراء مباحثات فى ظل وجود العقوبات الاقتصادية. وكانت قلة صبر ترامب وعدم تركيزه سببا فى عدم اتخاذ قرار، ثم إيقاف قرار الحرب فى آخر لحظة بعد الاتفاق عليه.
وانتقد بولتون تردد ترامب وأخذه قرارات متناقضة واستطاع بصعوبة منع اجتماع ترامب مع وزير خارجية إيران.
فى أفغانستان رفض بولتون الاتفاق الذى أراد ترامب توقيعه وفى النهاية وقع ترامب اتفاقًا مع طالبان وأعلن بولتون عبر تويتة رفضه لهذا الاتفاق، وقال إن ترامب مسؤول سياسيًا وعسكريًا عن هذا الخطأ. ويؤكد بولتون أنه خلال عمله فى البيت الأبيض كان ترامب يفعل ما يريد بناء على رؤيته الشخصية البحتة، وما هو مفيد له شخصيًا.
أوكرانيا:
ذهب بولتون إلى أوكرانيا وتحدث مع الرئيس هناك قبل الانتخابات الأوكرانية، وقابل السفيرة الأمريكية هناك. ثم حدثت مشكلة إيقاف سفن أوكرانية صغيرة بواسطة روس والقبض على البحارة، وحاولت أمريكا حل المشكلة. وفى الانتخابات نجح المرشح المعارض وكان يعمل ممثلًا محترفًا. وأراد ترامب أن يفصل السفيرة الأمريكية بناء على ضغط من جوليانى محامى ترامب. وتحدث ترامب مع رئيس الجمهورية الجديد وهنأه على الفوز وطلب منه أن يبحث مع جوليانى احتمال تورط ابن بايدن فى العمل بطريقة غير قانونية فى شركة فى أوكرانيا، ثم قام ترامب بمنع صرف المعونة وهى ٤٠٠ مليون دولار لمساعدة أوكرانيا عسكريًا. وقد حاول بولتون وبومبيو من ٨ إلى ١٠ مرات إقناع ترامب بصرف المعونة دون طائل. بعد استقالة بولتون حدثت المكالمة التليفونية الشهيرة التى أدت إلى محاولة عزل ترامب.
وفى النهاية، هذا الكتاب يكشف كيف يدار البيت الأبيض فى ظل حكومة ونظام ترامب، وما يحدث أمر لم تشهده الحكومة الأمريكية من قبل، من حيث الفوضى والتغيير المستمر فى كبار الموظفين والخلافات المعلنة مع الرئيس وارتكاب أخطاء قاتلة، واستخدام التويتر كوسيلة أساسية للاتصال مع الجماهير.
ترامب له قاعدة جماهيرية كبيرة من المحافظين تؤيده، ولكن فرص نجاحه بعد سوء تصرف الإدارة خلال أزمة الكورونا ربما تؤدى إلى فشله فى الانتخابات بالرغم من ضعف وكبر سن منافسه بايدن.


ماذا أقول لابنى الطبيب كى لا يهاجر؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /24






ابنى فى نهائى كلية طب ويعشق مصر حتى النخاع، ومنتهى طموحه أن يشارك فى العمل الاجتماعى ويخدم الناس، وكان يقول لى إن علاقاتك الطبية وظروفنا الاجتماعية كلها تشير إلى أن الاستقرار هنا فى وطنى هو الحل والأمل، لكن معظم أصدقائه يحلمون ويعدّون أنفسهم وهم فى الكلية للسفر إلى الخارج والاستقرار هناك. كان فى البداية غير متحمس للانخراط معهم ومشاركتهم، لكنه أمس أخبرنى بأنه مقتنع بما يفعلونه، وبأن الطبيب الشاب فى مصر يعانى من الإحباط الذى يجبره على الهجرة، فالتقدير المادى منعدم، وزاد عليه أن التقدير الأدبى هو أيضاً قد تبخّر، فلا المجتمع ولا المسئولون عادوا ينظرون إلى تلك المهنة بنفس التقدير أو الامتنان السابق، وإذا ضاع هذا وذاك فماذا يتبقى لكى أعافر هنا ولا أسافر أو أهاجر؟
زملاؤه الذين فى نفس عمره والذين كانوا يحسدونه على مجموعه فى الثانوية العامة قد تخرجوا منذ سنوات، منهم من تعين فى بنك، ومنهم من هو فى شركة أو مؤسسة، ومرتباتهم عالية وصاروا يعتمدون على أنفسهم ويتمتعون باستقلالية والأهم يتمتعون باستقرار وأسرة، وباتوا لا يحتاجون إلى وجع قلب لمدة سنوات أخرى «ماجستير ودكتوراه» لكى يبدأ كل منهم فى شم نفسه بعد أن يكون الشيب قد غزا رأسه والمفاصل قد تيبست، هل تستطيعون أن تجدوا رداً تساعدوننى به على إقناعه أن يظل معنا محققاً حلمه القديم فى خدمة وطنه وهو يسمع من يتهم زملاءه الذين تخرجوا قبله بالتقاعس؟!
أخبروه بأنه بعد التخرج لا بد أن يتعلم الجودو والكاراتيه وكل فنون القتال لأنه سيتعرّض يومياً للهجوم عليه واقتحام المستشفى، وغالباً سيقاتل وحده للحفاظ على أجهزة العناية المركزة والاستقبال... إلخ، وربما سيُخصم ثمنها من مرتبه الهزيل وبدل عدواه الكوميدى، أخبره السابقون فى التخرج بأنه سيصبح «الحيطة المايلة» فى المحافظة، أى محافظ أو نائب يريد استعراض عضلاته وتقديم مسوغات تصعيده، أول شىء يفعله هو الدخول على المستشفى و«تهزيق» الطاقم الطبى وخصم المرتب وتوقيع الجزاءات والتحويل للشئون القانونية، سيصبح لوحة التنشين لكلاكيع وبارانويا البعض لكى يحصل على الماجستير والدكتوراه، رحلة ذل، وتعالى وروح، وعدل واشطب... إلخ، فضلاً عن التكلفة المرعبة، والأخطر أن رسالته تُركن على الرف ولا يتم الاستفادة بها، ولكنها مجرد خطوة فى روتين ترقيه ممل وعبثى، لا بد له من كتيبة محامين لأن الإعلام يفترسه والنقابة لا تسنده والوزارة تبيعه والمرضى يتربصون والمحيطون يحسدون، بلاغات وقضايا وخناقات وطب شرعى... إلخ معظمها نتيجة ميوعة المنظومة الطبية، وفوق كل هذا شعب ثقافته الطبية مشوهة ومشوشة، شعب فيه ١٠٠ مليون طبيب ومفت، سهل الإغواء بالإشاعات، فالطبيب فى مصر يعالج وفوق كتفيه وعلى دماغه الجيران والأصحاب والأقارب وبرامج الأعشاب وقنوات بير السلم... إلخ، فهل هناك من يستطيع إقناع ابنى العزيز بأن مستقبل الطبيب فى مصر وردى وجميل ومبشر، وبأنه من الأفضل أن يظل يمارس الطب انتظاراً لجنة الخمسة عين المنشودة وفردوسها المنتظر.

Wednesday, June 24, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب عن كتاب «جون بولتون» حول ترامب: مستشار الأمن القومى السابق: ترامب إنسان غريب الأطوار ٢٤/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

منذ أسابيع والعالم كله يتحدث عن كتاب بولتون ورئاسة ترامب. والكتاب، الذى صدر أمس الثلاثاء ٢٣ يونيو عن دار النشر Simon and Schuster بعنوان «ما حدث فى الغرفة» وهو ربما يقصد الغرفة البيضاوية فى البيت الأبيض، وصدر فى نفس الوقت فى نيويورك ولندن وتورونتو وسيدنى ونيودلهى. الكتاب ينتقد ترامب بشدة من الاستراتيجى والمفكر الذى يأتى من أقصى يمين الحزب الجمهورى.
وصلنى الكتاب مساء الأحد إلكترونياً قبل صدوره بيومين من واحد من أهم وأكبر الأطباء المصريين الذين يعملون فى لندن منذ زمن بعيد فله كل الشكر. وقد رفع ترامب قضية على الناشر يطالب فيها بمنع توزيع الكتاب، ولكن القاضى رفض الدعوى ووافق على توزيع الكتاب.
جون بولتون، مؤلف الكتاب، أحد صقور السياسة الأمريكية، هو خريج جامعة ييل العريقة ومعروف عنه أنه يؤمن باستخدام القوة لأقصى درجة ويعتبر من الجناح اليمينى فى الحزب الجمهورى، وعرف بكفاءته فى العمل والشجاعة والتأييد المطلق لأفكار حزبه، وقد عمل مساعدًا لجيمس بيكر مع بوش الأب فى رئاسة الجمهورية، ثم عمل مع بوش الابن وكان متحدثاً دائماً فى قناة فوكس اليمينية والمؤيدة لترامب.
منذ انتخاب ترامب وأثناء الأسابيع قبل تسلمه منصبه قابل ترامب عدة مرات وعُرض عليه عن طريق فريق ترامب عدة وظائف من ضمنها نائب وزير الخارجية، ولكنه قالها صريحة هناك وظيفتان يمكن أن أقبل أيهما إما وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومى، والتى قال إن من يشغلها يتخذ قرارات دولية ومحلية مؤثرة وخطيرة تؤدى إلى غرور من يشغل المنصب.
يصف ترامب بأنه إنسان غريب الأطوار ودائم الشكوك وفى الخمسة عشر شهراً الأولى من الرئاسة كان محاطاً بمجموعة من المحنكين، وبمرور الوقت ازدادت ثقته بنفسه وذهب المحنكون وبقى فقط من يقولون نعم ولا يناقشون، وهنا انهارت الرئاسة. ويقول بولتون: كان فهمى لوظيفتى أن أضع أمام الرئيس خيارات مختلفة ليتخذ من بينها القرار الأنسب وعلى البيروقراطيين فى الحكومة تنفيذ القرار. ولكن ترامب هو ترامب، يؤمن بقدرته على إدارة الأمن القومى بحسه ونظرته الثاقبة وعلاقاته الشخصية مع زعماء العالم، فهو لم يكن يؤمن بالتخطيط والتنظيم والتعليم. ويقول: عندما تسلمت منصبى وجدت الفوضى عارمة فى البيت الأبيض فلم يقرأ أحد الكتاب المنظم للعمل فى البيت الأبيض. وبدأت التغييرات السريعة المتلاحقة فى جميع المناصب وأيضًا المعارك المستمرة بين الجميع ومعظم اختياراته كانت خاطئة، وقال كروسامر، أحد معاونيه: أعتقد أن ترامب طفل فى الحادية عشرة من عمره ولكننى اكتشفت أنه فى العاشرة فقط. فقام بفصل جيمس كومى بناء على نصيحة كوشنر زوج ابنته.
وعندما قابل بولتون ترامب فى يوليو ٢٠١٧ هنأه على الانسحاب من اتفاقية باريس لحماية البيئة وعلى تعيين اثنين من القضاة المحافظين فى المحكمة العليا، ونصحه بولتون بالبعد عن المشكلة الفلسطينية وكذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وضرورة معاقبة إيران وطلب منه أن يقول لنتنياهو إنه إذا أراد استخدام القوة فأمريكا وراءه. ونصح كوشنر بضرورة انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وبعد قبوله منصب مستشار الأمن القومى سأل حوالى عشرة من وزراء الخارجية ومستشارى الأمن القومى السابقين وأجمعوا جميعًا على ثقتهم به واتصل بالرئيس جورج بوش الذى شجعه.
وفى البيت الأبيض قابل ماتيس وبومبيو واتفقا على تناول الإفطار أسبوعيًا للتداول فى الأمور العامة. وخلال جلسة مع رئيس أركان الجيش طرح جون فكرة ضرب كوريا الشمالية واستغرب رئيس الأركان من الفكرة، ووافق على الفكرة بومبيو،
وقال بولتون إننى راقبت ترامب وأستطيع تغييره إلى الأحسن، فأنا قبلت الوظيفة لأقود وليس لأكون عضوًا فى الفريق. وقبل تسلمه العمل بيوم واحد اتصل به ترامب وأعلن عن غضبه لتخصيص ٢٠٠ مليون دولار لبناء أجزاء من سوريا، ثم قال له أريد أن تفصل من تريد من الذين يعملون معك. ثم قال ترامب إننا نقوم بقتل رجال داعش ولكن ذلك يصب فى صالح دول من أعدائنا.
ثم قال ترامب أنا لا أحب الأكراد لقد لاذوا بالفرار من العراقيين وأيضًا الأتراك وهم لم يلوذوا بالفرار فقط حين دمرنا كل ما حولهم بطائراتنا. وقال ترامب أريد الانسحاب من سوريا ولكن بولتون كان يريد الإنهاء على داعش وهم قاربوا من ذلك.
قبل أن يتسلم بولتون عمله رسميًا بيوم واحد قام بشار الأسد بضرب منطقة فى الجنوب بالغازات السامة وحاصر المدنيين وبدأ ترامب فى إرسال عدة تويتات برأيه واستغرب بولتون من هذه الآراء بدون الاستشارة والاتفاق على قرار. وقال ترامب إن شرفى على المحك وتلقى تأييدا من ماكرون وبورس جونسون وزير خارجية بريطانيا واستغرب بولتون أنهما اتصلا بكوشنر. وكان رأى بولتون هو إزاحة الأسد بالقوة من منصبه عقابًا على استخدامه الأسلحة الكيميائية. واتصل بولتون بماتيس وزير الدفاع الذى قال إنه جهز ثلاثة مسارات بسيطة ومتوسطة وعنيفة للردع وسوف يعرضها على الرئيس وقال إن مشكلتنا الآن ليس الأسد وإنما روسيا.
وكان التنسيق والحماس الكبير من ماكرون وتريزا ماى عاملًا مساعدًا لوجهة نظر بولتون. وبينما يتحدث مع ترامب جاءت مكالمة أردوغان من تركيا التى وصفها بولتون بأنها مشابهة للفاشى موسيلينى يتحدث من بلكونة القصر فى روما وكانت لهجته وصوته مشابهين لموسولينى وقال إنه سوف يتصل ببوتين فورًا وطلب منه ترامب تهدئة بوتين بأن أمريكا حريصة على عدم إصابة الروس وكان ترامب يريد الجلاء عن سوريا مع وضع قوات عربية تحل محل الأمريكية.
وحدث خلاف شديد بين وزير الدفاع وبولتون على شدة الضربات فكان بولتون يريد ضربات قاضية. وكان وزير الدفاع يريد ضربات بسيطة. وكان ترامب يريد الانسحاب من سوريا بعد انتهاء الضربة الصاروخية، وطلب من بولتون الاتصال بالعرب لتجهيز قوات عربية تحل محل القوات الأمريكية، وعليهم أن يدفعوا ٢٥% ثم أضاف ٥٠% من المبالغ التى صرفتها أمريكا فى سوريا.
وفى اجتماع قبل ضرب سوريا أعلن ترامب عن غضبه من ألمانيا، وقال إنه سوف ينسحب من الناتو وسوف يوقف خط الغاز الجديد بين روسيا وألمانيا.
وفى مؤتمر عقد فى فلوريدا قال ترامب كلاما فارغا كثيرا واتهم بولتون طاقم البيت الأبيض بأنهم لم يشرحوا بدقة الكلام المفروض أن يتحدث به ترامب ولكنه اكتشف بمرور الوقت أن المشكلة ليست فى المعاونين ولكنها فى ترامب نفسه.
وخلال الأسابيع التالية انشغل بولتون بترتيب عقوبات على روسيا وإلغاء الاتفاق الذى وقعه أوباما مع إيران مع توقيع عقوبات اقتصادية بالرغم من عدم موافقة الحلفاء الأوروبيين. واجتمع ترامب مع ميركل وقال لها إن الاتحاد الأوروبى يعامل أمريكا بطريقة سيئة وإن ألمانيا عندها علاقات جيدة مع روسيا، ثم قال إن الاتحاد الأوروبى أسوأ من الصين، وأصر على فرض ضريبة على الصلب والألومنيوم الأوروبى. وقال بولتون إن إيران يجب أن تركع وسافر إلى إسرائيل وقابل نتنياهو للتنسيق حول إيران، وفى سبتمبر حدث الهجوم على السفارة الأمريكية فى بغداد وعلى القنصلية فى البصرة وقاومت وزارة الخارجية بشدة رغبة بولتون فى القيام بعملية قاسية.
ترامب وكيم جونج رئيس كوريا الشمالية: لم يكن بولتون موافقًا على أن يقابل ترامب كيم، وطالب بالعنف معهم، ثم قال إن سياسة المهادنة التى انتهجها أوباما أضاعت فرصاً كثيرة وتم الاتفاق بصعوبة على عقد لقاء ترامب / كيم فى سنغافورة وتحدث عن ذلك بولتون فى برنامجين فى التليفزيون وشكره ترامب ولكنه قال كان يجب أن تمدحنى كثيرًا فى البرنامج وهو ما لم يحدث.
وقال ترامب يجب أن أترك الاجتماع غاضبًا قبل أن يفعل ذلك كيم ويقول بولتون إنها نفس طريقة ترامب فى التعامل مع النساء، فهو لا يترك امراة تهجره ولا بد أن يفعل ذلك أولاً.
وصاحب لقاء ترامب وكيم الكثير من العقبات سببها تشدد كيم ورغبة ترامب أن يتم اللقاء. أراد ترامب ذلك اللقاء حتى يتم كتابة كلام عظيم عنه. وكان ترامب يغير رأيه مرارًا خلال الاجتماع وكل همه أن يكيل اللوم والهجاء إلى أوباما، وكان ذلك يحدث فى ذهول الحاضرين.
■ حكاية ثلاثة اجتماعات فى بروكسل وهلسنكى ولندن
اجتمع حلف الأطلنطى فى بروكسل ومع رئيسة بريطانيا فى لندن ومع بوتين فى هلسنكى وذهب بولتون للتحضير للاجتماعات فى الثلاث عواصم. وحاول ترامب أن يثنيه عن الذهاب إلى موسكو لأنه كان لا يريد أن يثير بولتون مشاكل مع بوتين. وكانت روسيا ترغب فى عقد الاجتماع فى فيينا وأمريكا ترغب فى فنلندا. وفى الصباح سأل ترامب مساعده: أليست فنلندا جزءًا من روسيا؟ لذا كان يجب أن أفضل فيينا، وفى النهاية قال ترامب: أقابله فى المكان الذى يريده. وحاول بولتون أن يشرح له تاريخ فنلندا ولكن ترامب لم يكن مهتمًا، وفى المقابلة قال بوتين إنه ليس لديه مانع من خروج الإيرانيين من سوريا ولكنه كان متشدداً فى موضوع أوكرانيا.
وأثناء اجتماعه مع بوتين طلب أن يكون الاجتماع بين الرئيسين فقط وطلب من المترجمة عدم كتابة أى نقاط دارت فى المناقشة وبالتالى لم يعرف الطاقم الأمريكى شيئاً عن المفاوضات.
وفى بروكسل قال ترامب إن أمريكا تدفع ٧٠% من تكاليف حلف شمال الأطلنطى، ثم قال نحن ندفع ١٠٠% من التكاليف، ثم قال عموماً حلف شمال الأطلنطى الآن يعتبر ميتاً.
وإلى الحلقة القادمة

Tuesday, June 23, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: زمن القسوة فى العالم الافتراضى ٢٣/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

من الطبيعى أن ينتاب الإنسان كل فترة حزن عميق لكن هذا هو حال الدنيا. كتبت هذا المقال يوم الذكرى الأولى لرحيل زميلة وصديقة عزيزة كانت نجمة فى العلم والذكاء والأخلاق والذوق ومراعاة الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغنى، ولم تتزلف لرئيس أو عميد أو وزير لتنال شيئًا. كانت محبة للعلم وأنجزت فى تخصصها ما لم يحققه مئات من الأساتذة فى تخصصات مختلفة.
فقدنا جميعًا مديحة دوس أستاذة اللغويات بكلية آداب جامعة القاهرة، وتركت جرحًا غائرًا فى قلوب الكثيرين، وبالنسبة لى فقدت سندًا قويًا لى أسأله وأحاوره وأحكى له وأستمع إليه. الآن أصبح الأصدقاء فى كثير من الأحيان أقرب الناس للإنسان. الصداقة الحقيقية كانت ومازالت شيئًا رائعًا، فالبنى آدم يريد أن يحكى ويفضفض ويتكلم عن كل شىء من أمور شديدة الخصوصية إلى أحداث يومية عابرة. الصداقة تطورت مع الزمن حين ازدحمت الدنيا وابتعدت المسافات وانشغل الناس بالعمل تارة وبالعائلة تارة أخرى، وبوسائل التواصل الاجتماعى التى تستهلك الآن زمنًا طويلًا ومجهودًا كبيرًا، وأعطت الفرصة للإنسان أن يبدى رأيًا ويعلق، بل يدخل فى عراك لفظى قد يصل إلى مراحل مزعجة.
قلل التواصل الاجتماعى من عمق علاقة الصداقة لأنه أخذ من وقت الصداقة ووقت العائلة ووقت العمل ووقت النوم. حققت برامج التواصل الاجتماعى أعدادًا كبيرة من الصداقات بل أحيانًا زيجات، أسعدت الكثيرين بأن حققوا من خلالها أنفسهم وأظهرت مواهب كانت غير معروفة للجميع.
الصداقة لأسباب كثيرة أصبحت نادرة، وأصدقاؤك الحقيقيون هم الذين تكونت الصداقة معهم من زمن بعيد، وحاليًا العلاقات الإنسانية لم تعد ترقى إلى مرتبة الصداقة. الصداقة تكون أكثر صعوبة حين تكون بين رجل وامرأة خاصة فى مجتمعنا لأسباب معقدة. ولكنها حين تكون صداقة حقيقية وعميقة تكون ناجحة ومريحة نفسيًا وتسمو إلى آفاق رائعة. صعوبة إيجاد صداقات عميقة جديدة أضافت بعدًا جديدًا لقسوة الحياة. وبعد أن أصبح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى يشترك فيها حوالى خمسين مليون مصرى أصبحت القضايا الشخصية والعامة مثارة بين ملايين البشر.
فى الأسبوع الماضى انتحرت فتاة مصرية فى كندا فى حادث مأساوى، وبغض النظر عن أسباب وظروف الانتحار كانت القسوة الرهيبة من جماهير كبيرة على الفيس بوك شيئًا مبالغا فيه بحيث اعتبر الكثيرون أنهم مسؤولون شخصيًا عن تطبيق شرائع ومحاكمة النفوس والأفكار. هذه القسوة عند اختلاف الرأى أو اختلاف الفكر لم تكن موجودة فى مصر منذ قرن مضى. حينئذ اختلف الناس وحدثت مشاحنات وانطلق بعضها إلى ساحات المحاكم وانتهى الأمر عند ذلك. هاجم البعض طه حسين لخلاف فى الرأى ولكن الخلاف لم يكن فيه طابع القسوة والغل الموجود حاليًا.
أعرف أن هناك انقساما فكريا كبيرا فى المجتمع وأن أجيال الشباب أصبحت محاصرة بين دوائر فكرية شديدة المحافظة ومن يخرج من هذه الدائرة يعتبر مارقًا وملعونًا ويعامل بقسوة شديدة من الناس والعائلة والمجتمع، ككل فالتفكير أصبح غير مسموح به فى أمور كانت المناقشة فيها متاحة على جميع المستويات بين المثقفين والبسطاء فى النصف الأول من القرن العشرين. الانغلاق الفكرى أدى إلى توقف العقل بينما انطلقت الحداثة حولنا ونحن حتى لا نحاول أن نلهث وراءها، وبعد أن كنا فى مقدمة المنطقة أصبحنا فى المؤخرة. وصاحب ذلك ظروف مادية واقتصادية صعبة فانهارت الطبقة الوسطى التى كانت تعيش فى مصر فى القرن الماضى حياة بسيطة ولكنها مريحة. والآن تعانى هذه الطبقة من عدم القدرة على الحياة، وصاحبه انفجار سكانى مريع لم يستطع أحد تنظيمه، وأدى ذلك إلى انخفاض قدرة الدولة على مساندة هذه الطبقة التى هى رمانة الميزان فى المجتمع، فانخفض مستوى التعليم والصحة وظهرت المعاناة الحقيقية فى تخرج شباب جامعى بمئات الأولوف وهو غير مدرب على العمل الحديث وصاحب ذلك قسوة غير مسبوقة فى التعامل مع الجميع. وضاعت مدخرات الأسر فى علاج الكبار وتعليم الصغار فى ظل عدم وجود تعليم أو رعاية طبية حقيقية للملايين.
أدى ذلك إلى غضب مكتوم وحنق على المجتمع وتحول ذلك إلى قسوة على النفس وعلى الآخرين وانتهى بتفسيرات دينية لا تتفق مع أغلبية الآراء فصعبوا الحياة على أنفسهم وعلى المجتمع فى ظروف أصلًا صعبة. لن أتحدث عن الفقراء الذين حالتهم أصبحت شديدة البؤس ولا أحد يساعدهم بجدية للمحافظة على حجم صغير للأسرة حتى يمكن أن تتحسن أحوالهم.
ثم جاء وباء الكورونا الذى اجتاح العالم كله وقتل مئات الآلاف ووجد سكان العالم الثالث ومن ضمنهم مصر أن كفاءة وقدرة الأنظمة الصحية ضعيفة، وأصبح عدد الأسرة لا يكفى المرضى واحتارت الدولة بين فتح العمل لإيقاف تدهور الاقتصاد وبين الغلق لمنع انفجار الوباء.
المصريون رأوا بأعينهم أقاربهم ومعارفهم يموتون بسبب الفيروس وسبب ذلك مرارة انعكست على قسوة فى التصرفات مثل عدم الموافقة على دفن أهاليهم الذين توفوا بسبب الفيروس. الطبقة العليا توقفت عن العمل وعزلت نفسها، بعضهم حاول أن يساعد العمالة ويبقيها وبعضهم استغنى عن العمالة فزادت الحياة قسوة بالنسبة لهم. والمرض أصاب الأغنياء كما أصاب الفقراء فالجميع أصبحوا فى سلة واحدة.
نحن فى فترة صعبة أدت إلى فقدان العمل والأمل وضمانات المستقبل وحتى الصداقة أصبحت صعبة المنال. ويعيش المصريون مثل بقية العالم الثالث فى عالم افتراضى تسيطر عليه وسائل التواصل الاجتماعى بما فيها من حقائق وأوهام. نرجو أن تمر هذه الأزمة بسلام على مصر الغالية.
«قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك».

تاريخ صلاحية الآنسة فلانة - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /22






هل أخطأت «مها» الفتاة التى تخطت الثلاثين، وأعلنت على الفيسبوك رغبتها فى الزواج وشروطها فى العريس؟ فى رأيى أنها أخطأت فقط فى كلمة «أعرض نفسى»، فنحن لسنا فى سوق جوارى، إنما أنا أعذرها ومتفهم جداً الضغوط الاجتماعية المحيطة بها، وهى لم ترتكب جرماً، إنما هو المجتمع الذى برمج عقول البنات بأنهن سلع من الممكن أن تبور، وبأنها دائماً هى التى تنتظر ولا تبادر بأن تعلن حبها، مثل هذه المشكلة كان قد فجرها الكاتب توفيق الحكيم فى مسرحية «أريد هذا الرجل»، والتى جسدتها فاتن حمامة فى فيلم تليفزيونى قصير ضمن ثلاثية أخرجها سعيد مرزوق، أتذكر أن مشاهد عرض الزواج من فاتن حمامة على أحمد مظهر كانت صادمة للجمهور وجديدة على الذائقة المصرية، «مها» تريد الخلاص من كلمة العانس، تذكرت وأنا أستمع للفيديو الذى عرضته على صفحتها، عبارة: «العانس عقلها مش صغيّر دنيتها هى اللى صغيّرة»، إنها جملة حوار عبقرية كتبها الراحل الجميل أسامة أنور عكاشة فى مسلسل «امرأة من زمن الحب»، وذلك جاء وصفاً لحالة «لبيبة»، التى جسدتها الفنانة عبلة كامل بامتياز، المسلسل قديم، ولكن ما زالت هذه الجملة محفورة فى الذهن كالوشم، هذه الجملة برغم بساطتها، فإنها لخّصت العالم المعقد والغامض الذى تعيش فيه العانس المصرية، التى يتهمها الجميع بأنها حِشرية وفضولية وحسود، ما يجعلها تنعزل أكثر وأكثر وتدخل محارة الذات المؤلمة، تقتات أحزانها وتجتر إحباطاتها، فتتبدل أحلامها كوابيسَ وآمالها أشباحاً، وفى مجتمع يقسّم فيه النساء إلى نساء على الزيرو، ونساء نصف عمر ونساء كهنة، ويلصق على جبهة كل امرأة تاريخ صلاحيتها فى هذا المجتمع لا بد أن تكون العانس خارج المنظومة، وشخصاً غير مرغوب فيه، وعبئاً مؤجلاً لحين التخلص من مسئوليته.
العبقرية فى جملة «عكاشة» هى أن فى ثناياها الحل أيضاً، فالحل هو فى توسيع عالم هذه العانس وخروجها من محارة الانتظار المر اللانهائى، وأنا شخصياً أعتبر الكثيرات من العوانس ضحايا لحظة صدق مع النفس خيّرت فيها بين احترام كرامتها أو الإذعان لرغبات الزبون المسمى عريساً، فاختارت الكرامة أو العنوسة، والعنوسة فى مصر للأسف ليست سناً، بل هى فى المقام الأول إحساس، فنحن نرسم استراتيجية القضاء على لفظ آنسة، والبنت لا تزال على أعتاب العشرين، وأحياناً قبلها بكثير وينتقل هذا الإحساس أوتوماتيكياً إلى البنت التى تشارك فى إزالة آثار كلمة آنسة، فتساعد الأهل على تنفيذ هذه الاستراتيجية، فترتدى الحجاب إذا كانت الريح مواتية فى هذا الاتجاه، وتخلعه إذا كانت فى عكس الاتجاه، وتصبح الأفراح هى سوق التلات الزواجية، التى تعرض فيها مهارات البنات من رقص ولبس برضا الأم وطناش الأب!!.
العازب فى مصر غير العانس، فالمجتمع احتفظ للرجل بدور الصياد القديم الذى كان يؤديه وقت إنسان الكهف والباحث دوماً عن الفريسة، فهو الطالب، وهى المطلوبة، وهو الباحث، وهى المبحوث عنها، ومن هنا فهو ليس له تاريخ صلاحية محدد مثلها، وإنما هو من السلع المعمّرة، والمهلة الممنوحة له للاختيار بطول عمره كله، ووقت أن تطق فى دماغه، يقرر الجواز يتجوز، أما المسكينة ذات تاريخ الصلاحية المحدد كالبلوبيف واللانشون، والمختوم بختم المجتمع والعرف والتقاليد، فليس لها حق وترف الانتظار، فقطار الزواج توربينى لا يقف فى محطات، وعليها أن تنتظره فى الميعاد المناسب والمحطة المحددة وإلا فاتها القطار وظلت على رصيف الانتظار، وقد ضاعت عليها التذكرة وأصبحت غير قادرة حتى على التسطيح!!. المفهوم الروبابيكى الذى نتعامل به مع العانس هو مفهوم ضارب بجذوره فى تلابيب تفكيرنا وأرواحنا، وبنظرة سريعة على أمثالنا الشعبية نجدها تعبر عن هذا المفهوم خير تعبير، خذ عندك «ضل راجل ولا ضل حيطة». «الرجل بالبيت نعمة، ولو كان فحمة». «اخطب لبنتك وما تخطبش لابنك»، «اقعدى فى عشك لما ييجى اللى ينشك» إلخ. هذه الأمثلة وغيرها تدل على أننا حماة التراث بكافة أنواعه وملله ونحله، حتى البابلى، فمنذ ثلاثة آلاف عام وُجدت تلك العبارة على أحد آثار بابل «الفتاة التى تتزوج نملة أفضل من الفتاة التى تحيا وتموت وعلى قبرها كلمة عانس»، فهل كان كاتبها مصرياً هاجر إلى العراق؟!

Saturday, June 20, 2020

الطريق الثورى والاستقرار الزائف - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /20






أغلبنا يعيش ويموت، وهو يظن أنه قد حقق الاستقرار، وعندما ينظر فى المرآة ويلاحظ زغب ذقنه الأبيض، ثم ينظر خلفه إلى صندوق ذكريات ماضيه، يجد أنه قد ضيع عمره بحثاً عن سراب اسمه الاستقرار الزائف، وضحى بكل المغامرات التى كانت تحتاج فقط إلى مجرد قرار وبعض الجسارة من أجل هذا الاستقرار، شاهدت أمس فيلم «الطريق الثورى» من إنتاج ٢٠٠٨، بطولة ليوناردو دى كابريو وكيت وينسليت، وهما بطلا أيقونة الرومانسية الحديثة تيتانيك، هبطا على أرض الواقع وصارا روميو وجولييت القرن الحادى والعشرين بكل ما فيه من اضطراب، الفيلم يناقش تلك القضية الوجودية، هل الحياة حياتى أم حياتكم أنتم؟ هل أعيشها على مزاجى أم مزاجكم أنتم؟ هل أى إنسان لا بد أن يتحول إلى حذاء مريح للجميع وينسى قالبه الشخصى؟ البطل يعمل فى شركة أدوات مكتبية وهى نفس الشركة التى كان يعمل فيها والده، كان دائماً يعيش حلماً وحيداً، وهو ألا يصبح مثل والده، تمنى ألا يعمل نفس العمل الممل فى نفس الشركة المملة، لكن الفرصة قادته إلى نفس الشركة، الزوجة ممثلة مسرحية فاشلة وقدراتها محدودة، تريد التغيير لمجرد التغيير، حياتهما ظاهرياً مستقرة وجميلة مع الطفلين، الجيران يحسدونهما على هذا الاستقرار فى البيت الجميل فى شارع الطريق الثورى، وهى تقلّب فى صور زوجها القديمة لاحظت غرامه بباريس، فتلمع فى ذهنها الفكرة، نحن لدينا الأموال الكافية، فلنهاجر إلى باريس ونغير روتين حياتنا، يوافق الزوج، الجميع يسخر من تلك الفكرة، إلا شخصاً واحداً، ابن وكيلة العقارات ونزيل المصحة النفسية، يشجعهما فى البداية، ثم يعريهما حين يتراجع الزوج عن الفكرة نتيجة إغراء زيادة المرتب، الزوجة تجهض حملها الثالث مع إجهاض أحلامها وتنزف حتى الموت، وزوج وكيلة العقارات الأصم يغلق السماعة لكيلا يسمع ثرثرة زوجته حول مالك العقار الجديد، الفيلم به حوارات ذات إيقاع سريع وساخن حول تلك القضية الوجودية، هل أنا صنيعة الناس والمجتمع، أم صنيعة نفسى؟، هل تحكمنى معايير المجتمع الذى يريد قولبتى وإدخالى إلى حظيرته، أم تحكمنى معاييرى أنا، ما يعتمل فى عقلى وروحى أنا؟، ماذا يحدث إذا كانت النماذج الجاهزة المعلبة لا تناسبنى بل أكرهها؟، المجتمع يربينى على الدخول تحت أسنان مفرمته لتعيينى مواطناً صالحاً، وأنا معترض مبدئياً على تعريفكم للمواطن الصالح من وجهة نظركم!!، هكذا يصرخ مَن هم فى وضع بطلة الفيلم التى تريد الذهاب لباريس، تريد أن تحلم حلماً مختلفاً بالرغم من أن الجميع مقتنع بأن أمريكا هى أرض الأحلام، ماذا لو تركتم الطفل يرسم شجرته هو، لا نموذج شجرتكم أنتم؟، ماذا لو جعلتموه يشخبط على جداره بما يروقه؟، يكتب موضوع تعبيره وإنشائه بعيداً عن أكليشيهات كتاب الوزارة؟، الاستقرار ليس الموت يا سادة، واستقرار الموج فيه نهايته.

د. وسيم السيسى يكتب: جائزة الدولة التقديرية ٢٠/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم


إنه الدكتور طارق طه أحمد، عميد طبيب رئيس قسم المناعة والبصمة الوراثية فى القوات المسلحة، يستحق عن جدارة جائزة الدولة التقديرية عن بحوثه الرائعة والتى ضمنها فى كتابه: الجين المصرى الفريد «الأسرار والأجوبة». طالما قرأنا لستامب: المشكلة مع مصر ليس فى غزوها، بل فى شعبها! فنادراً ما تجد شعباً متماثلاً فى شكله الظاهرى بل فى صفاته وأخلاقه ومزاجه مثل الشعب المصرى! جاء الدكتور طارق طه يثبت لنا: أمة واحدة دم واحد، حين أعاد بحوث مارجريت كيندل عالمة الجينات الأمريكية (١٩٩٩- ١٩٩٤)، ولكن على أعداد أكبر، فخرج بنفس النتيجة: جينات المسلمين والمسيحيين واحدة فى ٩٧٫٦٦٪ إذن نحن شعب واحد من قبل الأديان وإلى آخر الزمان، هذه الوحدة الصلبة التى تحاول الصهيونية العالمية وأدواتها من داخل الوطن الممولين المغيبين تدميرها ولكن هيهات.
من بحوث الدكتور طارق: البحث المقارن بين مصر ودول العالم، بمقابل إثيوبيا مع دول العالم، ويؤكد لنا بحوث كمبردج ٢٠١٥ مارك جوبليخ، توماس كيفيسيلد، لوقا باجامامى، والتى ثبت فيها أن جينات المصريين داخل الأوروبيين والآسيويين منذ ٥٥ ألف سنة مضت! حتى إن المجلة الأمريكية نشرت هذا البحث تحت عنوان: «Egyptians In All Of Us» واسم المجلة «American Iournal Of Human Generic» وأن الانتشار البشرى بدأ من مصر وليس من إثيوبيا، كما أن هناك ٥٩ فارقاً جينياً بين مصر وإثيوبيا فى الجينات الأوروآسيوية لصالح مصر.
أخطر ما يحدثنا عنه الدكتور طارق: البحث المقارن بين جينات أسرة توت عنخ آمون، وقاعدة البيانات الخاصة بجينات المصريين المعاصرين، لقد ثبت أن ٨٨٫١٪ من جينات أسرة توت عنخ آمون مازالت مستمرة فى المصريين حتى الآن، وهذا يؤكد أن المصريين المتواجدين فى هذا الزمان إنما هم امتداد وأحفاد لهذه الأسرة المصرية القديمة، رغم مرور أكثر من ٤٥٠٠ سنة مضت، انتهى كلام الدكتور طارق، لذا من الظلم البين أن نجعل من نفرتيتى قاتلة، وتوت من زوجة ثانية ضرة لنفرتيتى التى تخطط لقتل توت.
أما الجزء الأخير من بحوث الدكتور طارق فهى على أربع مجموعات لليهود: ١- يهود شمال إفريقيا. ٢- يهود السفرويم «مهاجرى اليمن». ٣- يهود الأورينتال «مهاجرى العراق وإيران». ٤- يهود الاشكيناز «الأوروبيين الشرقيين». ثبت عدم توافق جينى بين الأربع مجموعات، وأنها بعيدة عن الجينات المصرية، وأن جينات الغجر Gypsy تتفق مع جينات المنطقة الجنوبية من هند وسيريلانكا، وأستنتج من هذه البحوث الرائعة الآتى:
١- نحن شعب واحد اعتنق الأمونية ثم المسيحية ثم فى غالبيته الإسلام.
٢- جينياتنا المصرية فى الأوروبيين والآسيويين ومنهم العرب فنحن مصريون نتحدث العربية ولسنا عرباً.
٣- أننا أحفاد هؤلاء المصريين القدماء، وهذا يؤكد ما قاله فلاندرز بترى: بالرغم من الغزوات الكثيرة التى مرت على مصر، إلا أنه كان تغييراً فى الحكام، ولم يكن تغييراً فى جنسية مصر.
٤- أن «بنى إسرائيل» حقاً هم السامريون «جبل نابلس» أما يهود إسرائيل فهم أوروبيون يعتنقون اليهودية.
٥- ليس صحيحاً أننا شعب ليس له كتالوج، بل له كتالوج: نحن شعب حكم الدنيا وساد ونما والدهر فى المهد صغير.
ذلك لأن جيناته هيمنت على جينات أوروبا وآسيا، حتى هتف علماء كمبردج: المصريون فينا جميعاً.

مفيد فوزى يكتب: الوعى فى «النهار» ٢٠/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم


لى «طلَّة» كل أربعاء على قناة «النهار» تحمل عنوان «كلام مفيد» عبر مساحة «آخر النهار» للأستاذ تامر أمين، التى يديرها بمهنية ورحابة ذهنية. نتناقش سوياً فيما يخص الشارع المصرى ونحرص بشدة على أسلوب المخاطبة للناس التى ترانا. من المهم أن يفهم أبسط المشاهدين تعليماً ما نقول وما نحكى عنه، فخلال تجربتى مع الشاشة الصغيرة التى امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً، منها ٢٠ عاماً أقدم «حديث المدينة»، أدركت مدى تأثير الكلمة فى تغيير سلوك الناس ولا أغفل أهمية الدراما فى المحاكاة!.
وفى لحظة ما، أطلقنا على التليفزيون «الأب البديل» حين سافر الآباء إلى الخليج بقصد الرزق وانشغلوا عن أولادهم، وسيظل التليفزيون حاضراً بشاشته مهما أبحرت التكنولوجيا نحو شواطئ مجهولة فى علوم الاتصال. ومن ملاحظاتى أن التحقيق التليفزيونى تضاءلت مساحته والمقدمات فى التوك شو طالت مساحتها! أشعر بأن الناس فى حاجة لـ«دردشة» بعمق وليس ثرثرة. ومن هنا جاءت الفكرة أن نتأمل سوياً «تامر أمين وأنا»، ظواهر المجتمع وحركته حتى سكونه!.
ولعل أكثر الكلمات ترديداً على لسان الرئيس السيسى فى خطاباته الرسمية ومناقشاته مع شباب مصر هى كلمة «الوعى»، وعندما أجرى تامر أمين حواراً مع وزير شؤون الإعلام أسامة هيكل تطرق الحوار إلى كلمة الوعى. وتطابق هذا مع ما اقترحناه سوياً أن نخصص نصف مساحة «كلام مفيد» لقضية الوعى باعتبارها الركيزة الأولى فى تقدم الشعوب، وغياب الوعى يساوى التخلف. والوعى أنواع: الوعى السياسى، والوعى العلمى، والوعى الصحى، والوعى الاجتماعى، والوعى بأمور الدين. الوعى يمنح الفرد القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، وبين ما هو مشروع وغير مشروع، وبين الأخيار والأشرار. وفى تجربة وباء الكورونا كان الوعى ضرورياً للوقاية والاحتراز والاحتراس من الوباء عابر القارات. الوعى سلاح الفهم، الوعى حصاد معلوماتك وتجاربك، الوعى مخزون ثقافة الإنسان، وبالوعى نواجه الحياة ونميز النفيس من الخسيس!.
أريد أن أكون واضحاً عندما أذكر الحقائق التالية: قد يملك جاهل لا يعرف القراءة أو الكتابة «حكمة» ما يرى بها الحياة، ورب متعلم ينقصه الإدراك والوعى. ويوم كتب توفيق الحكيم كتابه «عودة الوعى» كان يرمز إلى الوعى الغائب!.
لقد قررنا- تامر أمين وأنا- أن نتناقش -بلا فذلكة- حول قضية الوعى ونستفيد بمداخلات النخبة وأطلب منهم التواصل التليفونى معنا مساء الأربعاء، مراعين التباعد البدنى! بدأنا بأستاذ الاجتماع د. أحمد زايد، الذى أضاف لنا البُعد العلمى للوعى وفهم الناس المختلف للأمور. وكانت الدكتورة نادية رضوان هى الضيفة فى الحلقة الثانية بمداخلتها التليفونية، وأشارت إلى تأثير الدراما على سلوكيات المجتمع وخطورة الحوار الذى يلتقطه الأطفال حتى بذاءة بعض الإعلانات التى تحتاج إلى رقابة! وكان ضيفنا الثالث بمداخلته المفكر د. حسام بدراوى وكانت إضافته «دور التعليم فى وعى مجتمع»، وهى قضية مجتمعية مهمة، حيث يظهر على السطح ما نطلق عليه الأمية الثقافية! ومازلنا مواظبين- تامر أمين وأنا، ومعنا رئيس تحرير آخر النهار عادل الدرجلى- على اختيار الشخصيات الواعية والمثقفة للإدلاء بآرائها عبر المداخلات التليفونية. ولأنى أعتمد على مهنية تامر أمين فإن حوارنا مع الشخصيات يتم بإيقاع سريع، ولكنه ليس على حساب الموضوع.
لقد كان شعارنا فى محاولتنا المواظبة والإصرار، ذلك أن من عيوب الشاشات أنها- فى أى موضوع- تكتفى بمجرد الإشارة ثم تغلق باب النقاش فيه ولا تعود إليه لأنه «قديم»! وهذا تفكير مضحك. إننا فى محاولتنا المهمة فى النقاش حول الوعى وسبل إيقاظه وتنشيطه، مستمرون ومواظبون، فكل العقلاء وأصحاب الثقافات هم ضيوف البرنامج بمداخلاتهم التليفونية لأن الوعى قضية معنوية والإلحاح فيها ضرورة، فالإعلام لغة تأثير، ومن السذاجة الإعلامية أن نقدم حلقة ونتصور أن الدنيا ربيع. إنها سلسلة حوارات تكشف ملاعيب الأشرار وميليشياتهم الإلكترونية، وتكشف خطورة الزحام والتزاحم فى زمن الكورونا، وتكشف التنمر لمن أصابهم الوباء، وتكشف مشاعرنا تجاه البالطو الأبيض.
كل هذا لن يتحقق إلا بالوعى، لقد خاطبت الرئيس يوماً فى برنامج تليفزيونى ألا يخاطب «صبر» المصريين الذى ربما ينفد.
وتأكد لدينا «تامر أمين وأنا» أننا بصدد حملة معنوية هدفها رفع منسوب الوعى، وهو ما يريده الرئيس من الدور المحورى للإعلام صانع التأثير، إن القضايا المعنوية تستغرق وقتاً، وربما كان دور «الشاشة» أهم وأخطر، لأنها تخاطب وجدان الجماهير وتضىء عقولهم بقنديل الوعى.

ديانة فايزة كمال بقلم طارق الشناوى ٢٠/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم


فى الاجتماع الوحيد الذى حضره يحيى الفخرانى للرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل تنحيه بأربعة أشهر قال له: (يا ريس عايزين نلغى خانة الديانة من الرقم القومى)، فلم يجب، اعتقد الفخرانى أنه لم يسمع، كرر السؤال مرتين، فتكرر الصمت مرتين، ووصلت الإجابة للجميع، هذا خط أحمر، وتم تغيير دفة الحوار.

كثيرا ما أقرأ وأتابع تلك الرغبة، مدركًا قطعًا نبل قائليها، رغم أنى أراها أشبه بعناق الشيخ والقسيس. كلما لاح فى الأفق شىء ما يعكر الصفو، ألقينا بصورة نرى فيها وحدة الهلال مع الصليب، لتهدئة الخواطر فى لحظات عابرة، إلا أنها لا تطفئ أبدا النيران، وكذلك إلغاء خانة الديانة، ستصبح مجرد كلمة محذوفة وسيبحث البعض عنها بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية، الطائفية إحساس (يعشش فى الرأس قبل الكراس)، لن نواجهها بحذف تلك الخانة، فهى- مثلا- غير متوفرة فى جواز السفر، فهل تغير شيئ؟!.
فى الأيام الماضية كثر الحديث عن يوسف ابن الراحلة فايزة كمال والمخرج مراد منير، نشرت له صورة برفقة عمته الفنانة ماجدة منير وهى مسيحية الديانة وبدأ (الفار يلعب فى عبهم)، هل فايزة مسيحية أم تزوجت مسيحيا؟ حتى أوضحت الفنانة ماجدة ما اعتبروه لغزا.
هل تفرق معك ديانة فايزة كمال؟ فايزة ممثلة موهوبة، ومن أحلى الوجوه التى عرفتها الشاشة، إنجازها الفنى لم يتوافق مع موهبتها لأسباب متعددة ليس الآن مجال الحديث عنها، أحبت فايزة، المخرج المسرحى مراد منير وأحبها، وفضلته على كثيرين من الأثرياء الذين طلبوها للزواج، فأشهر إسلامه وتزوجها.
أغلب أسمائنا تشى مباشرة بالديانة، وإذا لم تجد ذلك واضحا فى الاسم الأول أو الثانى قد تعثر عليه فى الرابع، وإذا كان ما يؤرقك هو حصولك على تلك الإجابة ستبدأ فى تقصى الحقيقة، وقد تكتشف الناس الديانة عند الرحيل، مثلما حدث مع الفنان الكوميدى إبراهيم نصر،، صلوا على جثمانة بالكنيسة، فاكتشفوا أن من كان فى حقبة التسعينيات يسعد قلوبهم فى رمضان بالكاميرا الخفية ورددوا له (يا نجاتى انفخ البلالين) و(كشكشها ما تعرضهاش) و(نذيع ولا مانذعش)، وغيرها واقتنوا له فى بيوتهم دمية (زكية زكريا)، اكتشفوا أنه مسيحى، وبدأ البعض يسأل: هل تجوز عليه الرحمة والدعوة بدخول الجنة؟.
ما يسكن فى الرأس وليس ما هو مدونًا فى الأوراق الرسمية، متى نلغيها من عقولنا، وما الذى تعنيه لك فى تعاملك مع الآخرين؟ المأساة تبدأ من البيت، ثم المدرسة، فهما يحددان لنا بوصلة المستقبل، هل أنت مشغول بمعرفة ديانة رامى مالك الحاصل على (الأوسكار) ورامى صبرى الحاصل على (الجولدن جلوب) أم يكفى شعورك بالفرح أن مصريين حتى لو كانا بالجذور فقط حققا لنا هذا الإنجاز التاريخى؟!.
لم يجب مبارك عن رغبة الفخرانى ولم يلغ من الرقم القومى خانة الديانة، حتى لو كان قد فعلها، فما هى الجدوى، إذا كانت الخانة لا تزال مشتعلة فى رأسك!!.

كورونا بدون إعلام طبى - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /19






الإعلام هو تعبير عن احتياجات الناس، ولا يوجد أهم من الصحة كاحتياج إنسانى ومتطلب اجتماعى لا بد أن يكون فى أعلى مستويات الجودة دائماً، والمدهش أنه فى أزمتنا الأساسية الآن، التى تدمر اقتصادنا واقتصاد العالم وهى كوفيد ١٩ أو الكورونا، وبالرغم من ذلك لم نفكر فى إنتاج برنامج طبى صحى مصروف عليه ومعد بطريقة إعلامية لا إعلانية، برنامج تصرف عليه الدولة، وأهميته الآن أضعاف أهميته السابقة، لماذا؟، ليس فقط للتوعية بكورونا، ولكن أيضاً وهذا هو مربط الفرس فى تلك المرحلة، التوعية بالأمراض الأخرى التى للأسف وفى ظل الاهتمام بالكورونا تحتل مرتبة اهتمام متأخرة، فالآن الشعار المرفوع هو لا تمرض الآن بمرض آخر غير الكورونا، والمستشفيات تتحول رويداً رويداً لمستشفيات عزل، وطبعاً الدولة معذورة، لكن هناك من يحتاج دعامة قلب، ومن يحتاج جراحة غدة درقية، ومن يحتاج علاجاً لجلطة المخ، ويدق أبواب المستشفيات للحصول على غرفة عناية مركزة، وبعيداً عن الطوارئ فالجميع ممن يعانون أمراضاً مزمنة كالسكر والضغط والروماتويد.. إلخ لا يجدون من يسمعهم فى ظل «زيطة» وصخب وضوضاء الكورونا، أما من يريد إصلاح أسنانه أو عمل جراحة مياه بيضاء أو استئصال اللوزتين لطفله أو إصلاح شفة أرنبية.. الى آخر تلك العمليات، فهو يضع يده على خده انتظاراً للفرج، والحل لكل هؤلاء خاصة الأمراض المزمنة أن ننقذهم بمعلومات تثقيفية صحية لإنقاذهم وعدم تدهور حالتهم، ومهما صُرف على هذا البرنامج من أموال فهو خدمة طبية تقلل الفاقد من الأموال التى تصرف على مضاعفات الأمراض، فمثلاً محاربة البدانة بتثقيف طبى صحيح يحمى مصر من الصرف على عمليات مفاصل صناعية ودعامات قلب ومضاعفات سكر وغسيل كلى وسرطان، لو خفضت كل هذا إلى النصف أنت كدولة الكسبان والرابح، عندما تقدم ثقافة طبية صحيحة عن الضغط الذى يصيب خُمس المصريين تقريباً، فأنت تحمى المصريين من مضاعفات الجلطات والفشل الكلوى بكل التكلفة الرهيبة والضغط على المستشفيات التى تتحملها الدولة، كذلك عندما تتبنى حملات توعية بمرض السكر فأنت توفر مصاريف علاجات انفصال شبكى بالآلاف والتهابات شرايين طرفية بعشرات الآلاف وجراحات بتر وأوعية دموية.. إلخ، عندما تنبه الأهل إلى متابعة السمع عند الطفل مبكراً من الممكن إنقاذ الأطفال قبل أن يبلغوا مرحلة اليأس ولا تنفعهم حتى زراعة القوقعة، تنبههم مثلاً عن الخصية المعلقة التى لا ينتبه إليها الأهل حتى يكبر الأطفال وتتحول إلى سرطان وهى مختفية داخل البطن، عندما تنبههم إلى خطر حول العينين وكيف أنه من الممكن بالإهمال أن نصل إلى فقد كفاءة العين وخمول العصب البصرى نفسه، كل تلك النصائح وغيرها لا بد من أن نجعلها ثقافة مجتمعية فى متناول الناس، وحتى بالحساب الاقتصادى البارد المحايد إحنا الكسبانين، ليتنا لا نفكر فى البرامج الطبية بالعقلية التجارية الإعلانية، فالتوعية والوقاية هما عمود خيمة الصحة وبدونها تنهار، ويكفى أننا اكتشفنا أن ما يشل العالم هو الكورونا، موضوع طبى وحله عند الأطباء والباحثين، البرنامج الطبى الذى تشرف عليه الدولة لم يعد رفاهية بل صار موضوع حياة أو موت.

Thursday, June 18, 2020

الديكساميثازون ليس للوقاية - خالد منتصر - جريدة الوطن - 6/2020 /18






الديكساميثازون ليس علاجاً للفيروس، وليس للوقاية، وليس الحل النهائى للكورونا، بداية لا بد من ذكر تلك الثلاثية حتى تتضح الأمور.
وقبل أن نبدأ الحديث عنه، فبعد ثمانية ملايين حالة إيجابية منذ تفشى جائحة COVID-19 فى ووهان، أعلن العلماء ما أطلقوا عليه فى إنجلترا أول اختراق كبير فى البحث عن دواء لمحاربة المرض، وجد فريق بحثى فى جامعة أكسفورد أن الأدوية الرخيصة والمتوفرة على نطاق واسع والمعروفة باسم الديكساميثازون يمكن أن تكون فعالة فى الأشكال شديدة الخطورة من COVID-19، كان ديكساميثازون موجوداً منذ أوائل الستينات، غالباً ما يتم إعطاء الستيرويد أو الكورتيزون بجرعات منخفضة كمضاد للالتهابات، يتم استخدامه على نطاق واسع للربو الشديد والحساسية ووجع المفاصل، كما أنه يُستخدم فى حالات أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والروماتويد.. إلخ، هذا التأثير على الالتهاب وجهاز المناعة لدينا هو الذى يجعله مفيداً فى محاربة أسوأ آثار COVID-19، لكن ما هو دوره فى علاج الكورونا؟ لدى الأقلية الصغيرة من المرضى والتى نسبتها ٥٪، تكون الأعراض أسوأ من مجرد الحرارة والسعال الجاف، ويحتاج المرضى إلى علاج بالأكسجين عن طريق ما يسمى بالـ«سيباب» ثم الـ«ventilator»، هؤلاء هم الأشخاص الذين ثبت أن ديكساميثازون من الممكن أن يكون فعالاً بالنسبة لهم.
وقال البحث إن الديكساميثازون يقلل من خطر الوفاة بنسبة الثلث للأشخاص على أجهزة التنفس الصناعى، والسبب أنه فى الحالات الشديدة يتفاعل الجهاز المناعى فى الجسم مع الفيروس ويصب هجوماً على الخلايا التى تحتوى عليه. يُعرف هذا باسم عاصفة السيتوكين، حيث تطلق خلايا الجهاز المناعى مواد كيميائية تسمى السيتوكينات، مما يسبب التهاباً مفرطاً، وهنا يعمل ديكساميثازون على جهاز المناعة لتثبيط الاستجابة وتقليل عاصفة السيتوكين، ويمنع الالتهاب الهائل الذى يظهر فى الرئتين والقلب، وهو المسئول عن مشكلات الجهاز التنفسى الحادة فى المرضى.
تم اختبار ديكساميثازون فى أكبر تجربة دواء لـ«COVID-19» حتى الآن، درس الباحثون تأثير الدواء فى 2000 مريض وقارنوا ذلك بنتائج 4000 مريض لم يتلقوه، تُظهر نتائج التجربة، التى لم تُنشر بعد فى مجلة محكمة، أن أكبر فائدة كانت فى هؤلاء المرضى على أجهزة التنفس الصناعى، حيث قلل ديكساميثازون من خطر الوفاة بنسبة 12٪، انخفضت من 40٪ إلى 28٪. وبالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى الأكسجين، كان هناك انخفاض بنسبة 5٪، انخفضت من 25٪ إلى 20٪.
وكما هو الحال مع أى دواء، هناك آثار جانبية، وتشمل هذه: القلق، واضطراب النوم، وزيادة الوزن واحتباس السوائل، بالنسبة للمرضى فى العناية المركزة، يمكن إدارة هذه الآثار البسيطة نسبياً بسهولة، لذا فإن فوائد ديكساميثازون فى علاج COVID-19 تفوق بكثير الآثار السلبية.
الدواء ليس للوقاية حتى لا يسحبه المصريون من الصيدليات، وهو غير فعال فى أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة الذين لا يحتاجون إلى دعم فى الجهاز التنفسى ويجب عدم استخدامه من قبَل أولئك فى المنزل.
ما أهمية تلك الدراسة التى أصبحت مثار اهتمام العالم؟ أهميتها أن نتائج ديكساميثازون تم العثور عليها فى تجربة سريرية عشوائية، حيث تتم مقارنة المرضى الذين تناولوا الدواء مع أولئك الذين لم يفعلوا ذلك، لم تخضع الأدوية السابقة التى أشيد بها على أنها «علاجات» محتملة للفيروس إلى هذا النوع من الدراسة الدقيقة قبل الإعلان عن فاعليتها فى بعض الأوساط، وهذا يشمل حتى دواء الملاريا هيدروكسى كلوروكين، الذى يحتاج إلى مثل تلك الدراسة الواسعة ليحسم الجدل حوله، الميزة هنا أن ديكساميثازون رخيص، حتى فى أمريكا ثمنه حوالى 6 دولارات، يتم علاج المرضى فى المتوسط لمدة سبعة إلى عشرة أيام، أشارت التقديرات فى إنجلترا إلى أنه إذا كان قد استُخدم هناك منذ البداية لكان قد أنقذ خمسة آلاف حالة وفاة!! بالإضافة لرخص ثمنه هناك ما هو أكثر أهمية، وهو أن الدواء شائع وهناك مخزونات عالمية كبيرة منه، وهذا يعنى أن المرضى الفقراء حول العالم ممن لا يحظون برعاية صحية شاملة يمكن إعطاؤهم ديكساميثازون بسهولة، مقارنة بالأدوية الجديدة المحدودة والباهظة الثمن.
الديكساميثازون ليس نهاية المطاف، بل مجرد البداية.

Wednesday, June 17, 2020

د. حسام بدراوى يكتب: دردشة فى السياسة الخارجية ١٧/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم


قال الشاب القارئ المثقف: ما الذى يحدث فى ليبيا يا دكتور، وما تأثيره على مصر؟
انتفضت زميلته وقالت: إحنا مش فاهمين حاجة، كل الأنباء تقول إن قوات حفتر، الذى تؤيده مصر والإمارات، تنسحب وتهزم، وإن قوات حكومة الوفاق الذى تؤيدها تركيا وقطر تتقدم وتستولى على غرب ليبيا.
قال ثالث: يعنى نفهم أن أمريكا وروسيا تؤيدان مصر فى موقفها فى ليبيا، ومع ذلك ينتصر أردوغان بدعم تونسى إخوانى. كلها أنباء تدل على أن هناك ما يتم طبخه فى مطبخ المخابرات والمصالح، وأن هناك خديعة فى مكان ما، فما رأيك يا دكتور؟
قلت: تعالوا نبتعد عن المشهد قليلا لنراه متكاملا.. القوى التى تخطط لإدارة العالم العربى والسيطرة على إرادته هى من وجهة نظرى إيران، وتركيا، وإسرائيل.
والسيطرة على الإرادة لها مدخلان، إضعاف الداخل وتفكيكه، والسيطرة على الجغرافيا والمقدرات الاقتصادية والأسواق العربية.
وما نشاهده فى السنوات العشر الماضية وما قبلها من إعداد قد نجح فى ذلك. انتهت قوة العراق بغزو بريطانى- أمريكى، وتداخلت إيران فى العراق مجتمعيا وجغرافيا. حرب أهلية فى سوريا وتفشى داعشى بإجرام، وتدخل دولى يفكك كل صواميل الدولة، وغزو تركى وحركات انفصال، وللأسف كله بدأ بأموال عربية ضيقة الأفق وقصيرة النظر.
باب المندب ومدخل البحر الأحمر تحت سيطرة إيرانية وحرب أهلية فى اليمن لا تنتهى وقواعد عسكرية إسرائيلية تمتد فى إفريقيا وتحاصر مصر من بعيد ومحاولات للتأثير السلبى على علاقات مصر بمصب بمنبع نهر النيل.
أفلتت مصر من كابوس التقسيم، ولكنها مازالت تحت تهديد الإرهاب وكابوس الحالة الاقتصادية الصعبة.
كل واحدة من هذه الدول الثلاث تمتلك مشروعاً يحاول خلق ثغرات دينية وطائفية وعنصرية فى المنطقة واستغلالها.. وقد سبقها وللأسف مد وهابى من المملكة السعودية، مهد لتغيير بنية المجتمع المصرى النفسية وتراجع التنوير الذى قادته مصر عبر سنوات القرن العشرين وحتى الهزيمة المدبرة فى ٦٧.
قد يختلفون فى الأهداف والوسائل، لكنهم يتفقون فى أمر واحد، وهو القضاء على الأمة العربية وخنق مصدر قوتها وهى مصر. هذا ليس تفكير تآمرى، بل أصبح واضحا وجليا.. مصر القوية هى تهديد صريح لمصالحهم الاستراتيجية.
فما يحدث فى ليبيا يا شباب هو تطبيق لمشروع تركيا للحصول على مصادر الطاقة فى البحر المتوسط وعلى ثروة ليبيا النفطية.. وفى نفس الوقت حصار مصر من الغرب.
ولا مانع من استخدام الإخوان هنا وداعش هناك ونداء للخلافة الإسلامية وكأننا نستحضر أسوأ أيام التاريخ العثمانى لنعيد العيش فيه..
قال الشاب الأول: ولماذا يسمح الرئيس ترامب بتغول تركيا بهذا الشكل ومصر والرئيس السيسى حلفاؤه؟!.
ابتسمت وقلت: هناك مثل ينطبق على أمريكا بحكم تاريخها يقول «المتغطى بأمريكا عريان».
تركيا تأتى بعد إسرائيل فى الأولويات الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط وليس مصر، وحتى إذا مثل السيد أردوغان عبئا أحيانا على المصالح الأمريكية، فإنه لا يزال حليفا متعدد الأوجه والفوائد، وسيأتى وقت التخلص منه إن آجلا أو عاجلا. فلم يستمر أى حليف لأمريكا بدون أن يخونوه حسب الاحتياج، والله يرحم شاه إيران الحليف الأكبر لهم.
ثم إن العلاقة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل بالغة الأهمية لأمريكا، بالذات فى مجال الصناعات العسكرية والتعاون الاستخبارى بين البلدين وتبادل المعلومات حول العراق وسوريا ولبنان وحول الأكراد والإخوان وداعش وحماس.
وتسيطر تركيا على مضيق البوسفور، الذى يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ومضيق الدردنيل الذى يصل الحدود الجنوبية بين قارتى آسيا وأوروبا.
وأعلم علم اليقين أنه فى نهايات عهد حكم جورج بوش وطوال حكم رئاستى باراك أوباما، كان رجب طيب أردوغان «مصدراً يُعتمد عليه بشدة فى إعطاء نصائح للبيت الأبيض حول سياسات واشنطن فى المنطقة».
وهو صاحب نظرية ضرورة تبنى واشنطن لجماعة الإخوان المسلمين تحت دعوى سوَّقها بقوة، تقوم على أنه إذا كانت «القاعدة» هى الإسلام العنيف الذى ضرب نيويورك وواشنطن فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١، فإن «الإخوان» هم «الإسلام المعتدل»، وهو ما اشترته الإدارة الأمريكية بغباء!
ولقد أكدت لى ذلك رئيسة مجلس اللوردات البريطانى، فى لقائى معها، بعد أحداث ٢٠١١ فى مصر وظهور الإخوان كقوة مدعومة من بريطانيا وأمريكا.
وقد يفسر ذلك، الهلع الذى أصاب أردوغان عقب فشل حكم جماعة الإخوان وسقوط السيد مرسى، وفتح أبواب تركيا للهاربين من الإخوان بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
قالت الشابة: من الذى يدير العلاقات الخارجية لمصر؟
قلت: رئيس الجمهورية دائما هو صانع السياسة الخارجية للدولة، ولكنه ليس وحده، فأجهزة الدولة الأخرى هم أذرعه وأياديه وأصابعه، وأحيانا شركاء عقله. هناك أحيانا يكون للخارجية دور أكبر فى قضايا بعينها، وأحيانا أجهزة المخابرات. المسألة متداخلة، ولابد أن هناك مجلسا يضم هؤلاء سويا للتشاور ووضع السياسات. بلد مثل مصر لا تدار بفكر شخص واحد، بل لابد من وجود مؤسسات تشترك فى وضع السياسيات الخارجية للبلاد حتى تضمن الاستدامة لها.
قال الشاب المثقف: وهل لمصر سياسة خارجية معلنة، أم نستقيها من سياق الأحداث وردود الأفعال؟
قلت: الخارجية المصرية من أعرق مؤسسات الدولة المصرية، وتحظى باحترامى واحترام العالم. ولا يمكن لها أن تسير بشكل عشوائى. طبعا لمصر سياسات خارجية وتوجهات.
وفى رأيى أنه لابد من إيجاد دور فعال أكبر لمصر فى إفريقيا والشرق الأوسط. والعالم. فلم يحدثنا التاريخ الحديث أو القديم عن نهضة لمصر، وهى منكفئة على نفسها، أو مغلقة أبوابها ونوافذها عن العالم، أو أن تكون مصر مجرد ردود أفعال.
إن دور مصر الريادى والتنويرى مازلت أراه حيويا، بل دعامة من دعامات نهضتها.. وهو دور يأتى ليس من فلسفة الوساطة، أو الانتظار، ولكن من فلسفة المشاركة الإيجابية فى صنع المستقبل. إن من لا يشارك فى صنع المستقبل سيكون مستودعا لنفاياته.
ولكن علينا أن نعى أن مصر القوية داخليا هى مصر القوية خارجيا.. والتاريخ يعلمنا أن مصر صدرت التنوير والثقافة فى القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.. ومصر صدرت الثورة لكل إفريقيا والعالم العربى بعد ثورتها. ومصر بانتهاجها للاشتراكية نقلت تجربتها إلى الدول المحيطة بها.. إلا أن مصر المستقبل عليها أن تصدر- من وجهة نظرى- الثقافة والتنوير واحترام حقوق الإنسان.. إن مصر فى إطار دورها القائد.. إذا أخذت من الداخل بهذا الإصلاح السياسى.. فإننى أرى دول المنطقة ذاهبة إلى حيث تذهب مصر.. بكل أثرها وتأثيرها.
ولأنى أؤمن بالمنافسة، فلابد أن تكون لدينا استراتيجية تنافسية مع الدول التى ذكرتها وذكرت أهدافها، والتى تشكل بثقلها الاقتصادى والسياسى وأطماعها شكل مستقبل المنطقة.. وأقصد بها مرة أخرى إيران، وتركيا، وإسرائيل.
إن على قيادة مصر دراسة حال هذه الدول والتكتلات بحيادية، فإن تأثير هذه الدول الخارجى سبقه فى إيران نمو علمى هائل واعتماد على الذات رغم المقاطعة الدولية الاقتصادية، وتركيا سبق جنون قائدها توازن اقتصادى وتنموى ممتاز وارتفاع فى مستوى المعيشة، وما يحدث فى إسرئيل من نمو اقتصادى وعلمى وبحثى يجعلها القوة الأكثر تأثيرا الآن فى المنطقة.
إن قدرتنا على مقاومة استراتيچيات هذه الدول حولنا يلزمنا أولا بأن نتفوق عليها حضاريا واقتصاديا وإنسانيا.
فلا ينسينا كل هذا الحديث أن مصر القوية هى مصر الحرة وأن قوة البلاد من قوة أبنائها ليس بالعدد ولا العدة، بل بالعلم والمعرفة والثقافة والاحترام لحقوق مواطنيها بعدالة ناجزة واحترام لمدنية الدولة وتعدد قواها.

Tuesday, June 16, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: أمريكا شيكابيكا.. لها ما لها وعليها ما عليها ١٦/ ٦/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

أمريكا أغنى دولة فى العالم، وأكبر اقتصاد، وأعظم قوة مسلحة، ولها نفوذ وسيطرة على جميع أركان الكرة الأرضية. جميع الاختراعات المهمة فى العالم هى اختراعات أمريكية. الإنترنت الذى يحرك العالم كله هو اختراع أمريكى وتحت السيطرة الأمريكية. وسائل التواصل الاجتماعى بالكامل من فيس بوك وتويتر وغيرهما كلها أمريكية، وهى التى يستمد منها العالم كله تواصله وتحرك جموع الجماهير وتنظم حياتهم. الأقمار الصناعية، والوصول إلى القمر وغيرهما من كل ما يدور فى الفلك تسيطر عليه أمريكا. جوائز نوبل فى العلوم بكافة أنواعها تسيطر عليها أمريكا.
هذا النجاح الأمريكى الكبير مبنى على الأمريكيين المولودين فى أمريكا، وعلى أعداد كبيرة من المهاجرين النابغين من مختلف أرجاء المعمورة، وهؤلاء المهاجرون من مختلف الأديان والأعراق والألوان اندمجوا فى المجتمع الأمريكى وحققوا نجاحاً كبيراً لأمريكا.
هذا عن أمريكا المخترعة المبتكرة التى هى نجاح الحلم الأمريكى. ماذا عن سياسة أمريكا الخارجية؟.. قبل نهاية القرن التاسع عشر كانت أمريكا مهتمة بأمريكا الجنوبية وجنوب المحيط الهادئ فقط.
وفى القرن العشرين، انتشرت فى العالم كله، بدءاً من دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى وما بعدها، ثم الحرب العالمية الثانية، ثم الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى، ثم سلسلة حروب فى كوريا وفيتنام ثم الحرب فى العراق وأفغانستان، وغيرها من حروب محدودة فى أنحاء مختلفة من العالم. نتج عن هذه الحروب دمار كبير لمناطق كبيرة من العالم وخسائر بشرية ضخمة، وكراهية من جزء من شعوب العالم لنظام الحكم الأمريكى. وقامت أمريكا بعمليات اغتيال خارج أمريكا، فكانت الدولة الثانية فى العالم بعد إسرائيل فى عدد الشخصيات التى اغتالتها خارج أراضيها.
ولكن ماذا عن أمريكا وشعبها داخل أرضها؟ وماذا عن مواطنيها وحريتهم؟ وهل هى دولة ديمقراطية؟ أمريكا قارة كاملة، بها خمسون ولاية، يختلف حجم وعدد سكانها، ومستوى التعليم والثقافة بينهم متباين، والثروات والاختراعات والأفكار التى غيرت العالم تأتى من ولايات الساحل الشرقى وأكبرها نيويورك، وولايات الساحل الغربى وأهمها كاليفورنيا. النظام الانتخابى وُضع ليحمى الولايات الصغيرة، وأعطى لكل ولاية بغض النظر عن عدد سكانها عضوين فى مجلس الشيوخ. وابتدعت نظاما انتخابيا غير تقليدى يعطى لكل ولاية أهمية فى انتخاب الرئيس بحيث لا تحدد أغلبية عدد الأصوات الكلية الفائز بالرئاسة. يعطى الدستور الأمريكى استقلالا كبيرا لكل ولاية والتى تضع قوانين كثيرة مختلفة من ولاية إلى أخرى، ومعظم المناصب منتخبة. التاريخ الأمريكى يمثل مأساة كبيرة للأمريكيين من أصول إفريقية، فلم يتم إلغاء هذه التفرقة قانونياً إلا فى عصر الرئيس جونسون فى الستينيات، ولكن هذه التفرقة مازات موجودة على الأرض، بالرغم من عدم وجودها فى القانون، وبالرغم من وجود قوانين تعطى الأقليات، ومنهم السود، تمييزاً إيجابياً لمساعدتهم فى تولى بعض الوظائف، وقد كانت قمة نجاح السود هى نجاح الرئيس أوباما، وهو من أصول إفريقية.
السود فى أمريكا مستوى تعليمهم أقل، ونسبة الأغنياء منهم أقل، وإصابتهم بالأمراض أعلى، ومتوسط أعمارهم أقل، ونسبة الجرائم بينهم أعلى، ويسكنون فى أماكن أفقر، ومنهم نسبة أكبر ليس لديهم تأمين صحى، ونسبة البطالة أعلى بكثير. هذا بالإضافة إلى النظرة العدوانية لنسبة من البيض إلى السود باعتبارهم أدنى درجة، وذلك دون الإعلان عن ذلك لأن الكل يحترم القانون، ولكن «اللى فى القلب فى القلب».
خلال سنوات طويلة، عاملت الشرطة السود بطريقة مختلفة عن معاملتهم للبيض، وحوادث قتل السود بواسطة البوليس تعددت، بعضها أثار غضباً كبيراً وبعضها لم يلق الاهتمام الكافى.
الحادثة الأخيرة لمقتل جورج فلويد كانت كارثية لأنه تم تصويرها بالفيديو، وشاهد الملايين فى العالم كله القسوة والعنف، وشاهدوا سلبية بقية رجال الشرطة، وتصادف ذلك مع وباء الكورونا وتصرفات الرئيس ترامب التى أثارت ملايين من الأمريكيين بقدر ما أُعجب بها ملايين آخرين. وتظاهر الآلاف وأثارت قرارات ترامب والتهديد بنزول الجيش الغضب الشديد للجميع بمن فى ذلك كبار رجال الجيش السابقون والحاليون، واعتبروا ذلك خطراً على الديمقراطية الأمريكية، وكان تصرف ترامب برفع الإنجيل أمام الكنيسة أمرا غير عادى لأنه رغم تدين نسبة كبيرة من الشعب الأمريكى إلا أن الدستور الأمريكى ينص على فصل الدين عن الدولة كما هو الحال فى جميع الدول الأوروبية.
المظاهرات قامت فى أمريكا وكل دول الغرب وكل ما حدث ضد التظاهرات هو بعض القنابل المسيلة للدموع ولم يصب أحد من الشعب أو من الشرطة.
اختلفت وجهات النظر فى وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية بين أغلبية تعتبر أن ما حدث للشاب القتيل وتصرفات الشرطة والرئيس مخالفة لقواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان وهاجمت ترامب بعنف، ولم يفكر أحد فى إيقافها أو القبض عليهم.. وبين وسائل إعلام وجمهور مؤيد لترامب الذين اعتبروا أن ما حدث فوضى ويجب إيقافها بكل شدة.
العالم الثالث كان يشاهد بذهول ما يحدث فى أمريكا بين شعوب مذهولة من كم الحرية للأمريكيين فى مهاجمة رئيسهم وبين حكومات، وبعضٍ من الشعوب مذهولة أيضاً من أن يترك ترامب ما يعتبرونه فوضى تستمر دون فض المظاهرات بالعنف والقبض عليهم.
إذن أمريكا قارة، لها قوانينها ولها نظامها، ولكنها فى النهاية دولة فيها سلطات واسعة للرئيس وسلطات حاكمة للكونجرس، وسلطات لرأس المال، وسلطات مستقلة للقضاء، وسلطات كبيرة للصحف، والسلطة الأكبر للرأى العام والتصويت فى الانتخابات.
«قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك»