Translate

Tuesday, December 31, 2013

الحقائق القديمة تصنع المستقبل.. بقلم علاء الأسوني ٣١/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

كان مصطفى المغنى قد جاوز الأربعين وإن كان يتمسك بمظهر الشباب. كان يتردد علينا أنا وأصدقائى فى أحد مقاهى وسط القاهرة، يحمل عوداً لا يفارقه أبداً، وما إن يسأله أحد عنه حتى يخبره بأنه موظف فى وزارة التموين، لكنه فى نفس الوقت مطرب أشاد بنبوغه كبار الملحنين فى مصر، على أن المطربين المشهورين يخافون من موهبته ويتآمرون باستمرار للقضاء عليها. عشرات الوقائع يحكيها مصطفى ليثبت لنا أنه ضحية لمؤامرات المطربين الحاقدين على نبوغه الفنى. الغريب أننا لما استمعنا إلى غناء مصطفى وجدنا صوته عادياً جداً، بل إنه كثيراً ما يتحشرج أثناء الغناء وينقطع نَفَسه من أثر إسرافه فى التدخين. تحمس أحد الأصدقاء واستعمل علاقاته وحصل لمصطفى المغنى على فرصة عمره. اتفق على أن يقدم مصطفى فقرة غنائية فى حفل تنقله الإذاعة على الهواء. طار مصطفى فرحاً وشكر الصديق بحرارة وراح يوماً بعد يوم يطلعنا على تفاصيل استعداده للفقرة الغنائية التى سيقدمها.
 ليلة الحفل جلسنا جميعا بجوار الراديو نترقب فقرة مصطفى، لكن الحفل بدأ وانتهى بغير أن يغنى مصطفى. فى اليوم التالى اتصلنا بمصطفى فلم يرد واتصلنا بصديقنا الذى توسط له فأخبرنا بالمفاجأة: لقد اتصل به مصطفى قبيل الحفل واعتذر عن عدم المشاركة.. احترنا فى تفسير هذا التصرف الغريب فقد انتظر مصطفى لأعوام طويلة فرصة لقائه بالجمهور ولما جاءته تخلف عنها. كان رأيى أن مصطفى خاف من مواجهة الجمهور. لقد عاش طويلاً فى عالم افتراضى مريح يعتبر نفسه مغنياً عظيماً ومضطهداً بسبب مؤامرات الحاقدين على موهبته فلما حان الاختبار الحقيقى خاف من اجتيازه لأنه لو غنى وفشل أمام الجمهور فإن عالمه الافتراضى سوف يتحطم وسيكون عليه أن يواجه الحقيقة المؤلمة:
 إنه غير موهوب وصوته لا يصلح للغناء، وبالتالى فإنه وحده المسؤول عن فشله. ما حدث لمصطفى المغنى يحدث للكثيرين منا. إننا كثيراً ما نرفض رؤية الواقع ونخترع عالماً افتراضياً يعفينا من المسؤولية ويرسم فى أذهاننا صورة متوهمة مريحة نكون فيها نبلاء ومظلومين بسبب شرور الآخرين. العالم الافتراضى يعفى الإنسان من رؤية الحقيقة لأنها قد تؤلمه أو تدينه. الإخوان الآن يعيثون فى مصر فساداً: قتل وحرق وتفجيرات واعتداءات على الشرطة والجيش والمواطنين.. هل يدرك الإخوان بشاعة جرائمهم؟.. لقد رأينا بالفيديو أنصار الإخوان يذبحون ضباط الشرطة فى كرداسة وهم يكبرون ويهللون. الإخوان يعيشون فى عالم افتراضى يعتبرون أنفسهم فيه مؤمنين أتقياء وورثة الأنبياء وهم يرون أنفسهم دائما ضحايا لتآمر أعداء ألإسلام، وهم يعتقدون أنهم فقدوا السلطة بسبب انقلاب عسكرى اشترك فيه فلول نظام مبارك والعلمانيون أعداء الشريعة بمباركة الصهيونية العالمية بالطبع.
 لا جدوى إطلاقاً من تذكير الإخوان بخياناتهم للثورة وبانقلاب «مرسى» على النظام الديمقراطى بإصداره الإعلان الدستورى الذى جعل قراراته فوق القانون. لا جدوى من تذكيرهم بدعم الولايات المتحدة لهم ولا بملايين المصريين الذين نزلوا للإطاحة بمرسى قبل أن يتدخل الجيش.. لا فائدة من مناقشة الإخوان أساسا لأنهم يرفضون رؤية الحقيقة ويتشبثون بأوهام عالمهم الافتراضى. من الصعب على من قضى سنوات مقتنعاً بعقيدة الإخوان أن يعترف بأنه أضاع عمره فى الدفاع عن أفكار فاشلة وباطلة، كما أن شيوخه الذين طالما اعتبر طاعتهم من طاعة الله ليسوا فى الواقع إلا مجموعة من تجار الدين وطلاب السلطة والمتآمرين المجرمين. ليس أمام عضو الإخوان الا أن يتمسك بالعالم الافتراضى المريح الذى يعفيه من أى مسؤولية ويصور الإخوان مهما ارتكبوا من جرائم كمجاهدين مظلومين.. على أن ظاهرة العالم الافتراضى ليست مقصورة على الإخوان. فلول نظام مبارك أيضا يعيشون فى عالم افتراضى مريح لهم يعتقدون فيه أن الثورة التى خلعت مبارك ليست إلا مؤامرة إخوانية أمريكية خطيرة وهم يجهدون لترديد خزعبلات وأباطيل لإثبات أن هذه المؤامرة الكونية دبرتها المخابرات الأمريكية ضد زعيمهم المحبوب مبارك.
لا جدوى من مطالبة الفلول بتقديم أدلة الخيانة إذا كانت صحيحة إلى جهات التحقيق بدلا من تشويه سمعة خلق الله فى التليفزيون، ولا جدوى من تذكيرهم بأن الثورة المصرية كانت متوقعة قبلها بعشر سنوات، وقد اشترك فيها ٢٠ مليون مواطن يستحيل أن يكونوا متآمرين أو عملاء. إن فلول مبارك، تماما مثل الإخوان، لا يريدون أن يواجهوا الحقيقة لأنها ستؤلمهم وستدينهم، وبالتالى يهربون إلى عالمهم الافتراضى. إن رجال الأعمال الذين صنعوا ثرواتهم بسبب استغلال علاقتهم بأسرة مبارك من الصعب عليهم أن يعترفوا بأنهم مجرد لصوص سرقوا الشعب المصرى، وبعض ضباط أمن الدولة الذين قاموا بتعذيب آلاف الأبرياء من الصعب عليهم أن يعترفوا بأنهم جلادون ومجرمون.. العالم الافتراضى وحده هو الذى سيمكن رجل الأعمال اللص من أن يعتبر نفسه اقتصاديا وطنيا، ويسهل على الضابط الجلاد أن يعتبر نفسه بطلا يقاوم المتآمرين العملاء..
إن أخطر ما يحدث فى مصر الآن أن الحقيقة لم تعد واحدة وإنما متعددة ونسبية وسط تشويش متعمد كثيف يمنع الرؤية. إن الإخوان والفلول عاجزون جميعا عن رؤية الحقيقة، ويحاول كل فصيل أن يفرض أوهامه على الواقع. هل نحتاج إلى مناقشة هذه الأفكار، بينما الدولة تخوض حربا ضد إرهاب الإخوان؟!.. إننا أحوج اليوم، أكثر من أى وقت مضى، إلى رؤية الحقيقة بوضوح مهما كانت تؤلمنا أو تديننا. هل يستطيع الطبيب أن يتوصل إلى علاج المرض إذا كانت نتائج التحاليل غير دقيقة؟.. هل يستطيع الخبير الاقتصادى أن يضع حلا لأزمة اقتصادية إذا اعتمد على إحصائيات ملفقة؟.. وكذلك نحن المصريين لا يمكن أن نخطو إلى الأمام إلا إذا اعترفنا بالحقائق التالية:
أولا: كان نظام مبارك فاسدا وفاشلا وقمعيا وخلال ثلاثين عاما من حكمه تدهورت أحوال بلادنا حتى وصلت إلى الحضيض فى كل المجالات، وقد تسبب مبارك فى قمع وقتل ألوف المصريين بسبب الإهمال والفساد فى كل مكان، بدءا من المستشفيات العامة وعبارات الموت، وصولا إلى القطارات المحترقة والأسمدة والأطعمة المسرطنة. فى يناير ٢٠١١ ثار المصريون ضد مبارك، وكانت الثورة نموذجا متحضرا أثبت للعالم كله كيف يستطيع شعب أعزل أن يخلع حاكما مستبدا تحميه آلة قمع جبارة. لم يتنح مبارك عن الحكم حقنا للدماء كما يردد الفلول فى عالمهم الافتراضى، بل إنه، خلال ١٨ يوما فقط، قد تسبب فى قتل ألفين من المواطنين بالرصاص الحى، وألف مفقود حتى الآن (قتلتهم شرطة مبارك غالبا وتم دفنهم فى أماكن مجهولة) بالإضافة إلى إصابة ١٨ ألف مصرى برصاص الشرطة، كثيرون تسببت إصاباتهم فى عجزهم الجزئى أو الكلى..
ثانيا: المجلس العسكرى السابق، وإن كان رفض قمع الثوار فى البداية إلا أنه انقلب عليهم بعد ذلك وحدثت تحت حكمه عدة مذابح بشعة راح ضحيتها مئات المصريين والمجلس العسكرى المسؤول السياسى الوحيد عن هذه المذابح التى لم يتم التحقيق فيها ولا محاسبة المسؤولين عنها حتى الآن
ثالثا: الثورة ليست مسؤولة عن تولى الإخوان الحكم، بل إن نظام مبارك هو الذى قام بتجريف الحياة السياسية أولا بأول ما منح الإخوان الفرصة باعتبارهم الكيان الوحيد المنظم، وجعلهم يفوزون فى أى انتخابات غير مزورة أيام مبارك مثل انتخابات النقابات والجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٥. كان من الطبيعى بعد الثورة أن يمنح الشعب ثقته للإخوان ليختبرهم، فلما فشلوا فى الاختبار وانكشفت حقيقتهم الإجرامية حجب عنهم الشعب ثقته وأطاح بهم بعد عام واحد.
رابعا: ثبت الآن على وجه القطع أن الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى العام الماضى لم تكن سوى مسرحية سخيفة تمت بغرض خداع المصريين ومنح الرئاسة لمرشح الإخوان. لم تطبق أى قواعد تكفل سلامة الانتخابات، فلا شفافية فى التمويل تعلن للرأى العام من يمول حملات المرشحين ولا تطبيق جاد للحد الأقصى للإنفاق على الحملات الانتخابية، كما أن النتائج لم تلغ فى لجان كثيرة شابتها مخالفات موثقة وجسيمة. الأخطر من كل ذلك أن اللجنة العليا للانتخابات لم تلتفت إلى الطعون التى قدمها المرشحون ضد بعضهم البعض. فى الجولة الأولى تقدمت حملة حمدين صباحى بشكاوى عديدة أثبتت فيها أن عددا كبيرا من ضباط الشرطة قد صوتوا لصالح شفيق بالمخالفة للقانون لكن لجنة الانتخابات تجاهلت كل هذه الشكاوى، وفى الجولة الثانية تقدم شفيق بطعون تتهم مرسى بالتزوير فلم تلتفت إليها اللجنة، وأعلنت فوز مرسى بالرئاسة. كيف نثق فى لجنة انتخابية تعلن المرشح الفائز قبل التحقيق فى الطعون المقدمة ضده؟!.. جريدة الوطن نشرت مؤخرا حديثا مع المستشار عبدالمعز إبراهيم، عضو لجنة الانتخابات، قال فيه إنه نبه اللواء ممدوح شاهين إلى أن قانون الانتخابات غير دستورى فأجابه شاهين:
«أنا عارف والمشير عارف. شوف شغلك».
هذه الواقعة تؤكد سيطرة المشير طنطاوى على لجنة الانتخابات، وتؤكد أنه لم تكن هناك انتخابات رئاسة ولا يحزنون. كانت هناك إرادة سياسية خلف الكواليس تستهدف تسليم الرئاسة لمرشح الإخوان، وكل ما حدث على المسرح كان بغرض تنفيذ هذه الإرادة. الآن يعود كثيرون إلى طرح مرشحين للرئاسة، وكأننا نريد أن نتعرض لنفس الخدعة من جديد. أى انتخابات ستجرى فى نفس ظروف الانتخابات السابقة تعنى، ببساطة، أن المرشح الذى سيفوز هو من تم تحديده فى الكواليس. علينا أولا أن نتأكد من شروط الانتخابات النزيهة قبل أن نختلف على المرشحين..
خامسا: لقد كانت ٣٠ يونيو موجة ثورية عظيمة اشترك فيها ملايين المصريين للتخلص من حكم الإخوان الفاشيين، ورغم كل الأخطاء التى ارتكبتها السلطة الانتقالية فواجبنا، فى رأيى، أن ندعمها لأنها تخوض حرباً ضد إرهاب الإخوان الذى يستهدف إسقاط الدولة، كما أن مشروع الدستور الذى أعدته لجنة الخمسين (باستثناء مادة محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية) يعتبر من أفضل الدساتير التى عرفتها مصر، ومهما كانت ملاحظاتنا على الدستور أرجو أن ندرك جميعا أن تصويتنا لن يكون على الدستور، وإنما على عزل مرسى والإطاحة بالإخوان. كل من شارك فى ٣٠ يونيو، فى رأيى، من واجبه أن يوافق على هذا الدستور، ليثبت للعالم كله أن إرادة الشعب هى التى أطاحت بحكم الإخوان، وأن الجيش لم يقم بانقلاب وإنما نفذ إرادة الشعب..
الديمقراطية هى الحل 

هيا نحمى الكنائس فى أعياد الميلاد بقلم د. محمد أبوالغار ٣١/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

القوى الظلامية بأجنحتها الإرهابية تنقض على مصر فى كل الاتجاهات، وما يحدث فى سيناء منذ شهور انتقل إلى السويس والإسماعيلية والصحراء المجاورة لها ثم انتقل إلى وسط الدلتا وإلى القاهرة، وهذا أمر خطير ولكننا يجب أن نتعاون جميعاً لدرء الخطر والتبليغ عن أى شىء مشتبه فيه سواء كان إنساناً أو لفافة ملقاة هنا أو هناك.
الشعب عليه أن يمد يده إلى الشرطة بمساعدة حقيقية. نحن نعلم أن الكنائس المصرية كانت عرضة لاعتداءات إرهابية متكررة عبر سنوات طويلة انتهت بكارثة تفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية قبل الثورة بفترة وجيزة وبعد الثورة تم الاعتداء على كنائس فى عدة أماكن.
أعتقد أن فترة الأعياد القادمة وخاصة ليلة ٧ يناير يجب أن نشارك جميعاً فى حماية الكنائس وقد طرحت فكرة سوف يقوم بها شباب الحزب المصرى الديمقراطى لحماية أكبر عدد من الكنائس فى الأيام القادمة وقد تمت دعوة حزبى الوفد والمصريين الأحرار لنقوم كلنا سوياً بعمل جماعى موحد كما فعل الشباب فى الأيام التالية لثورة يناير ٢٠١١ حين أغلقت الشرطة أبوابها وتم حرق أقسامها، فقام الشباب بحماية البيوت والشوارع المحيطة بمنازلهم. ونحن نقوم حالياً بدعوة شباب جميع الأحزاب المدنية فى عمل حملة كبيرة لتوفير حماية شعبية تساند حماية الشرطة، ومن على صفحات «المصرى اليوم» أدعو كل القوى المدنية للمشاركة والاستجابة لهذه الدعوة. وأرجو أن يكون عندنا من الشباب ما يكفى لحراسة الكنائس من الإسكندرية إلى أسوان بجوار قوات الشرطة. وربما لو أن مداخل الكنائس قد جهزت ببعض الكاميرات لتصوير ما يحدث خارجها فستكون قادرة على تصوير ورصد أى اعتداءات على الكنائس.
و نحن ندعو كل الأقباط فى الصعيد إلى النزول للصلاة فى ليلة العيد وعدم الخوف، فنحن سوف نحميكم بأجسادنا ولن يخيفنا الإرهاب.
وأعتقد أن نجاح هذه التجربة سوف يؤدى إلى مشاركة شعبية أوسع وأكبر فى أعمال وطنية مختلفة مستقبلاً تعطى الثقة للشعب بأننا قادرون على حماية الوطن بأنفسنا وبالتالى نخفف العبء عن الشرطة. حين يقوم الشباب بحماية الكنائس بنجاح فنحن نعطى رسالة واضحة بأننا ضد أى تطرف أو تعصب دينى حتى يتعلموا أن هذا واجب وطنى، وسوف يؤدى ذلك إلى ألفة ويساعد على أن تنشأ صداقات بين شباب المسلمين والمسيحيين لتغطى الفجوة الموجودة الآن والتى لم يكن لها وجود أيام شبابنا.
تحت هذا الضغط الرهيب من الإرهاب يجب أن نعرف أن جهاز الشرطة المصرية يتطلب تحديثاً كبيراً فى الأجهزة المساعدة وفى مستوى التدريب. وأدعو الدولة للتركيز على القوى الظلامية والبعد عن الهجوم غير المبرر على القوى المدنية وخلق عداوة غير مطلوبة ولا مرغوبة فى هذه الفترة العصيبة، فلا داعى على الإطلاق لعمل الحركات البلدى التى كان يقوم بها جهاز أمن الدولة قبل الثورة مع منظمات المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان لأن هذه الهيئات يجب أن تكون جزءا من المجتمع المصرى المدنى الجديد والذى من المفروض أن يتمتع فيه المصريون بالحرية والأمان.
دعنا نساعد الشرطة والنظام، وعلى الشرطة أن تساعد كل المدنيين من المصريين ولا يصيبها الحساسية المفرطة من بعض الشباب المدنى المحب للوطن ولنركز جميعاً على محاربة وحش اسمه الإرهاب.
الوطن فى خطر والعدو واضح أمامنا والوحدة ضرورية..

قاموس لدستور ثورة مصر «٧»: القطعية بقلم د. مراد وهبة ٣١/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

جاء فى المادة الثانية من دستور ٢٠١٣ أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع». وقيل إن المبادئ المقصودة فى هذا النص هى المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وإن عددها ستة على نحو ما ارتأت المحكمة الدستورية العليا. وأنا فى هذا المقال لن أناقش «العدد»، أى لن أناقش «الكم»، إنما أناقش صفة «القطعية» التى تتصف بها هذه المبادئ، أى أناقش «الكيف».
والسؤال إذن:
ماذا تعنى القطعية؟
إنها ترجمة للفظة الأجنبية المعربة وهى «الدوجماطيقية». والدوجماطيقية من «دوجما» والدوجما فى معناها الأول كانت تقال فى مواجهة الشك، ومع الالتزام بمذهب من أجل تحقيق سكينة النفس، على نحو ما ارتأى سكستوس امبيريكوس أشهر الشكاكين فى العصر اليونانى القديم. وفى القرن الرابع الميلادى أطلقت الكنيسة لفظ دوجما على جملة القرارات التى يلتزمها المؤمن، والتى تصدر عن المجمع المسكونى المسيحى. ومعنى ذلك أن الدوجما سلطان وارد من مصدر آخر غير عقل المؤمن. ثم تبلور سلطان الدوجما فيما يُسمى بعلم العقيدة وهو فى المسيحية علم اللاهوت وفى الإسلام علم الكلام. ووظيفة كل منهما تحديد مجال الإيمان بمعنى أنك لا تكون مؤمناً إلا إذا التزمت ذلك المجال. إذا لازمت صفة «القطعية» المادة الثانية، وهى مادة محورية فى دستور ٢٠١٣، فمعنى ذلك أن الدستور ليس وثيقة من صياغة البشر إنما وثيقة من صنع بشر يتوهمون أنهم آلهة، وقد تكون هذه العبارة صادمة إلا أن الصدمة تزول عندما تعلم أن صبحى صالح، العضو المتميز فى جماعة الإخوان، والإخوانى الوحيد فى اللجنة القانونية لتعديل دستور ١٩٧١ التى شكلها المجلس العسكرى بعد ثورة ٢٥ يناير، قال فى حواره مع مندوب مجلة «الأهرام العربى» بتاريخ ١٠ ديسمبر ٢٠١١ عندما سٌئل: هل هناك صفقة بين الإخوان وأمريكا؟ أجاب: «لا تلزمنا صفقات. نحن حريصون أبداً ما حيينا على صفقتين: صفقة مع الله وصفقة مع الناس». وعبارة «صفقة مع الله» تشى بأن ثمة «ندية» بين الله والإخوان. وفى التنزيل العزيز «فلا تجعلوا لله أنداداً». وإذا كانت الندية تعنى فى اللغة العربية المساواة فإننا فى حالة صبحى صالح يكون لدينا إلهان بدلاً من إله واحد، وهذا شرك الغاية منه إقحام الله فى السياسة، مع أن الله لا يلعب سياسة لأن السياسة متغيرة، أى نسبية والله مطلق، وبناء عليه يكون الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يلعب سياسة، والقول بغير ذلك يعنى أن الله والإنسان يلعبان سوياً السياسة، ومن شأن ذلك أن يكون للإخوان الحق فى التحدث باسم الله، ومن ثم يتحكمون فى البشر تحكماً مطلقاً.
وتأسيساً على ذلك تدخل المادة الثانية فى تناقض حاد مع المادة ٤٦ من الدستور التى تتحدث عن الإبداع. فقد جاء فيها أن «حرية الإبداع بأشكاله المختلفة حق لكل مواطن، وتنهض الدولة بالعلوم والفنون والآداب، وترعى المبدعين والمخترعين وتحمى إبداعاتهم وابتكاراتهم، وتعمل على تطبيقها لمصلحة المجتمع». والتناقض الحاد هنا يكمن فى أن الإبداع نقيض القطعية، أو بالأدق نقيض الدوجماطيقية التى تعنى توهم امتلاك الحقيقة المطلقة، إلا أن القطعية تتدخل وتمنع ذلك الإحلال الذى من شأنه أن يهز الحقيقة المطلقة فلا تكون كذلك. والمفارقة هنا أن الدولة التى تزعم حماية الإبداع والمبدعين فى المادة ٤٦ هى نفسها الدولة الوارد ذكرها فى المادة الثانية، والتى تنص على أن لها ديناً، أى لها معتقداً مطلقاً، وهذا المعتقد المطلق يستند إلى قطعية يمتنع معها التفكير فى أى وضع قادم، أى فى أى رؤية مستقبلية، وبالتالى يمتنع معها تجاوز الماضى، أو بالأدق تجاوز التراث، بل إن هذا التراث نفسه يصبح هو الحاضر، ولكن ليس بالمعنى التقليدى لمفهوم الحاضر. ومعنى ذلك أن من شأن التناقض الحاد بين المادة ٢ والمادة ٤٦ أن يصبح الزمان مكوناً من آن واحد هو الماضى، وذلك بعد إلغاء الآنين الآخرين وهما المستقبل والحاضر. وحيث إن الأصولية الدينية هى المسؤولة عن دفعنا إلى أن نكون محاصرين بالماضى فدستورنا إذن هو دستور أصولى.

Saturday, December 28, 2013

هيكل: كيرى اعترف بأن مشروع واشنطن كان توريث حكم مصر لعمر سليمان بالشرزق 28/12/2013


الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي




عودة مصر إلى المدنية أهم شىء حدث فى 2013.. وقلق من تصفية الحسابات  

 الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي الشروق • القاهرة مدعوة لجمع شتات العرب فى 2014 ولا بديل عن الجامعة العربية • نحن أمام عالم دون قيادة أو مايسترو لأول مرة بعد أن أدرك الأمريكان التكاليف العالية للدور القيادى • تصرفات المجلس العسكرى السابق أوحت للأمريكيين بأن «الإخوان» القوة الوحيدة.. وطنطاوى لم يتصور تسليم البلاد لها • الجماعات التكفيرية مستمرة لفترة .. والمخابرات يجب أن تنشط كقرون استشعار للدولة فى الخارج • روسيا قادمة إلى الشرق الأوسط لكن بحذر بعدما لدغت من نفس الجحر مرتين أيام قليلة على انتهاء 2013 بحلوها ومرها، ويأتى العام الجديد بالمزيد من المخاوف والتساؤلات والحيرة، حول مستقبل مصر والمنطقة العربية، التى تبدو حبلى بالكثير من الأزمات والصراعات، أو أقرب ما تكون أعلى فوهة بركان، سينفجر بين لحظة وأخرى، تبعا لحسابات الربح والخسارة، واختلاطا للأوراق على جميع المحاور، وهو ما يأتى عقب تسونامى عاصف فى منطقة أنهكتها سياسات أنظمة مهترئة. وفى حواره مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامج «مصر أين وإلى أين؟» على قناة «سى.بى.سى» الفضائية، يتحدث الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، محاولا فك الخيوط المتشابكة بين عام يمضى وآخر يقترب، عارضا رؤيته الاستشرافية حول المنطقة العربية العجوز، بين رهان الغرب وطموحات القوى الصاعدة، بين إرادة وأطماع القوى الكبرى وإرادة الشعوب، يقدم لنا الأستاذ رؤية عن نور فى نهاية نفق طويل: • هل ستواصل الجماعات الإرهابية والتكفيرية دورها فى نشر الفوضى؟ وهل هناك مستقبل لها فى المنطقة العربية؟ ــ الأفكار لا تموت بسرعة، ولا حملة الأفكار يختفون ببساطة، لكن تظل بعض المواريث، وأثبت الإرهاب أنه عقيم، لكننى حزين مما صنعناه فى الإسلام، هذا الدين العظيم، وبالطريقة التى استغل بها، فالصورة التى أعطاها الإرهاب للعالم عن الإسلام تقلقنى جدا، ويكفى لمن يريد أن يعبر عن الاسلام، أن يضع لحية كبيرة غير منمقة أو مهندمة، وعمة حمراء أو سوداء، وشيئا ما فى الجبهة. الصورة التى أعطوها عن الإسلام بشعة، وحتى تختفى هذه الصورة نحتاج إلى قوى للتنوير، وأعتقد أن من مميزات ما حدث فى مصر خلال 2013، أنها عادت إلى مدنيتها بشكل أو بآخر، بعد هذا الاقتحام للسلطة باسم الدين، وهى مدنية بطبيعتها، ولا يمكن أن تكون غير ذلك؛ لأن الدولة موجودة هنا لإدارة شئون الدنيا، وبالتالى لا يمكن ألا تكون غير مدنية. وسيأخذ استعادة مدنية الدولة بعد 30 يونيو وقتا طويلا، وما يقلقنى الآن من مسألة مدنية الدولة، هو تصفية الحسابات المصاحبة لها فى أوقات التغيرات الكبرى، فهذا كان موجودا فى الثورات الفرنسية والروسية والإيرانية.. والدكتور محمود فوزى وزير الخارجية ونائب رئيس الجمهورية الأسبق كان يقول «الحوادث كبيرة والرجال صغار». وكما قلت، استعادة مدنية الدولة تعتبر أمرا هاما فى 2013، لكن فى ظل هذه الأحداث الجلل، ما زلت أرى أشياء لا تليق فى تصفية الحسابات القديمة والجديدة، وهى تقلقنى بلا شك، لكن نحن فى منطقة انتقال، أو مرحلة نبحث فيها وسط الفوضى عن خارطة جديدة للعلاقات، وتحت قيادة لم تتحدد بعد، لكنها موجودة، وفى ظل استحالة استخدام القوات والجيوش المسلحة، بقت هناك الوسائل الجديدة والتكنولوجيا، لتقوم بدور ما، فالأمانى تسبق الإنجازات، ونحن أمام عالم قلق. • وإذا عدنا إلى الجماعات الإرهابية التكفيرية.. ماذا عن الدعم الدولى الخفى لها ماليًا ومخابراتيًا؟ ــ ستبقى موجودة لفترة ما، وسيستمر الدعم لها، فنتيجة لأحوال العالم العربى السيئة، حدث اختلال كبير فى أوضاعه، فالعالم كله رأى الفوضى فيه أشبه بحرب أهلية تقريباً، والنفاذ الخارجى الذى يشغل الجماعات التكفيرية يعتمد بشكل على عناصر فى الداخل، ولا أحد يريد لهذه المنطقة أن تقف، وأصحاب الموقع لا يستطيعون أن يحموه، ولا أحد آخر يبسط سيطرته عليه، فالخلل قائم منا بالأساس. وأعتقد أن التحديات المقبلة هى إمكانية جمع تحالف أو مجموعة قوى، ليتدبروا شكل المستقبل بطريقة عاقلة، وأعتقد أن مسئولية مصر فى 2014 وما بعدها هى كيف يمكن أن تجمع القادرين والراغبين فى العالم العربى فى فعل شىء، كما يجرى الكلام بين روسيا وأمريكا، وبين روسيا وألمانيا وروسيا والصين، وفى العالم العربى هناك قوى كثيرة، مثلاً الجزائر، التى ما زالت بعيدة، ولابد أن نذهب إليها ونجتذبها، وكذلك المغرب. • هل تقصد تحالفا غير الجامعة العربية؟ ــ أعتقد أن الجامعة العربية إذا سقطت لن نستطيع أن ننشئ شيئاً آخر، دعيها تكون مشروعا لنظام عربى، دعيها تكون مشروع أمل، لكن لم تعد هى الإطار الذى يمكن عمل شيء من خلاله، لكن مصر مع بعض الدول التى لا يزال لديها القدرة يمكن، مثل السعودية والجزائر ودول الخليج الجديدة، المليئة بالشباب، ومصر ليس عليها الحلف أو الجبهة، لكن على الأقل أن تجرى مشاورات بين القادرين والراغبين والمستعدين، والبحث فى إمكانية إنقاذ شيء من العالم العربى قبل أن يغرق كله، واستعادة بعض إرادة الفعل الموحد، ومواجهة الاختراقات الموجودة، ومواجهة العالم بصوت عربى عاقل. • يتركنا عام 2013.. ما هو شكل مصر والعالم العربى؟ ــ هناك فوضى، لكن طالما هناك حياة يوجد أمل، وأنا أعتقد أن هذا البلد بدأ يتنبه إلى أن مصر ليست هى الموجودة قبل 25 يناير، وليست هى الموجودة قبل 30 يونيو، هناك مصر جديدة تتشكل، وأعتقد أن هذا أمل، كما أعتقد أن السعودية ستدرك أن كل هذه المغامرات الحادثة فى سوريا، وإرسال السلاح، وتصريحات «سنكمل المشوار بمفردنا فى سوريا»، ستخرج الأصوات العاقلة فى الخليج. ولابد أن أعترف بأنى متأثر جداً بالشباب الذين رأيتهم فى الإمارات، ورأيت كثيرا منهم فى قطر وبيروت، فلا تزال هناك قوى حية من واجب القاهرة خلال العام الجديدة أن تجمع شتاتها، والتمنى لم يعد شيئاً، فأنا مضطر أن أعمل بما بقى أمامى من أثار إعصار طاحن فى العالم العربى، ولابد أن نجفف آثار الطوفان، ونساعد بعض القادرين للوقوف على أقدامهم، وأن يعودوا إلى مساكنهم، ويروا كيف يمكنهم بدء حياة جديدة مهما كانت الخسائر. صحيح أن 30 يونيو كانت فارقة، لكنها فى لحظة خطر رهيبة، وقلت إن المنطقة المحيطة بمصر الآن، كلها أعمدة نار تلتهب، ومصر مطالبة بأن تقف على قدميها، وأنا أعتقد أن عام 2013 ينتهى على مصر وهناك من يريد أن يقف، وينبغى عليه أن يقف، وأعتقد أن 2014 يمكن أن نجعلها سنة مبشرة، وأن يفهم أصحاب اللحظة ما يجرى حولهم، ويكونوا على استعداد لأن يمدوا روابطهم وأيديهم لكى يعيش الجميع، فلا أحد بمفرده يمكنه أن يصنع شيئا، لا مصر ولا الخليج ولا السعودية، فلابد أن تقف مصر وتنادى العالم العربى بما بقى فيه من أمل، لتكون نواة قوة وإرادة وأمل، وأن تتمسك به، وأن تصنع من 2014 بداية طريق. • فى الحلقة السابقة، حاولنا قراءة كيف ينهى عام 2013 إطلالته على المنطقة.. وفى هذه الحلقة نسأل كيف سيكون شكل العالم فى 2014؟ ــ يحرجنى كثيراً ويشعرنى بالخجل أن أبدو أمام الناس دائماً وكأنى لست متفائلاً، وأنا فى حقيقة الأمر متفائل، لكنى أعتقد أن تفاؤلى ممتد إلى ما هو بعد اللحظة الراهنة، بمعنى أنى أرى أننا خلال هذه الفترة نواجه وضعاً لم يسبق لنا أن واجهناه فى العصر الحديث. نحن نفاجأ بأن القوة الامريكية التى كانت متصدية لقيادة العالم على طريقتها وأسلوبها، وبكل ما نعترض أو نوافق عليه، جاءت اليوم لتتخذ قراراً استراتيجيا بأنها لا تستطيع، وبالتالى أنت أمام عالم دون قيادة أو مايسترو لأول مرة، ما سيتضح فى عام 2014. الكثيرون فى العالم، ومنهم الكاتب الكبير بول كيندى، فى كتابه حول ظهور وسقوط الامبراطوريات، لفتوا النظر إلى أن الولايات المتحدة شأنها كإمبراطورية شأن أى مشروع، حتى لو قلنا تجاريا أو اقتصاديا، عندما تزيد تكاليفها عن أرباحها، لابد أن تفكر بشكل ما، والأمريكان بعقلية عملية جداً، وجدوا أن تكاليف الدور القيادى فى العالم لا يمكن أن يحتمل، فالإنجليز انتظروا حتى تعرضوا للأذى فى السويس، والفرنسيون انتظروا حتى تمزقوا فى شمال أفريقيا، لكن الأمريكان كان لديهم حذر المغامر الذى يتمتع به التاجر الشاطر، عندما أدرك عند لحظة معينة أنه لا يستطيع أن يكمل هذا الدور، هو يريد أن يبقى فى العالم، وينتظر دولة كبرى، دون أن يتحمل مسئولية القيادة. • لكن أمريكا كانت الشرطى الأول فى العالم؟ ــ هى بالفعل حاولت القيام بدور الشرطى فى عهد جورج بوش الابن، لكنها قامت به كدور بلطجى، مثلما حدث فى العراق، وأنا قرأت محاضر مجلس الامن القومى، بعد أن أزيح عنها الستار، فأحد مستشاريه يقول له إن الذرائع الخاصة بغزو العراق ليست كافية، وهذا مدون فى محاضر رسمية، فرد بوش قائلاً «هذا الرجل حاول أن يقتل والدي»، وعندما ترين الطريقة التى أدار بها بوش سياسته الخارجية، سنجد أنها غريبة، وكارثة 11 سبتمبر جاءت بعد عام واحد من بداية حكمه، وهو على أية حال لم يكن مستعداً. دور الشرطى السيئ ليس دورا، أنا أريد دورا معينا فى السياسة الدولية، دائماً نحتاج إلى دور حكم أو قاض أو مايسترو، هل نحتاج لهذا الدور أم نحتاج لصوت يصرخ.. المايسترو يحل المشكلات فى العالم، ويقوم بدور التدريبات، ويحدد دور الأشخاص وحدود الأدوار بشكل أو بآخر، لكن نحن أمام شخص مع الأسف الشديد تصرف بشكل غير مقبول. وأعتقد أن باراك أوباما جاء مثل تجربة بحث الولايات المتحدة عن شيء جديد، يبدو أمام العالم كبداية طازجة، تعطى أملاً بأن المجتمع الامريكى يستعيد روحه فى المساواة بين الناس، وإقامة العدل، فتم اختيار رئيس من خارج السياق، ولابد أن نواجه الأمور بصراحة، فقد تحدثت وقلت لا تعلقوا آمالاً كبيرة على أوباما. • كان لهذا تأثيره على الشرق الأوسط الذى لم يعد فى بؤرة الاهتمام؟ ــ ما حدث عند إعادة التقييم، أن الأمريكيين شعروا بأنه سواء تناقصت قوتهم أو تزايدت قوة بعض البلاد، فإنهم فى حاجة إلى إعادة التقييم، وبالتأكيد التكاليف كانت مرتفعة، بجانب أن الاقتصاد تأثر، ما ظهر فى تفاقم العجز فى الميزان التجارى. نتحدث عن بلد دخل مغامرة العراق، وهو يتصور أن موارد هذه الدولة تكفى لتغطية تكاليف الحملة، لكن التكاليف تخطت التريليون دولار، فأمريكا أرهقت، واستنزفت فى حروب لا معنى لها، بشكل أرهقها، فى الوقت الذى نمت فيه قوة أخرى كبيرة وضخمة مثل الصين، والهند، وازدادت قوة أوروبا، وتحديداً ألمانيا، وبالتالى، وبنظرة عملية أمريكية، بدأنا نتابع أو نحاول أن نتابع فى ربيع هذا العام، أن هناك إعادة تقييم جارية للموقف. • لكن كان يبدو أن اليد الأمريكية تتدخل فى «الربيع العربى»؟ ــ أليس غريباً أن نتحدث عن خطتين متوازيتين، إحداها تقوم بها تركيا، والثانية تقوم بها أوروبا، على شمال أفريقيا، وهذا معناه أن القوة الامريكية كانت تهندس لغيرها، حتى يعوض غيابها. • تقصد بالوكالة؟ ــ إنتى لمست صميم المشكلة الأمريكية، فالتجربة الأمريكية كان بها ثلاثة أشياء أساسية، أولها الاستيلاء، وثانيها التوظيف، بمعنى أن يقوم آخرون بعمل ما تريد، ففى الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت أمريكا ترغب فى هزيمة ألمانيا، وجاءت متأخرة فى الأولى، عام 1917، ورحلت فى 1918، بينما بدأت إنجلترا وفرنسا تحاربان فى عام 1914، وفى الحرب العالمية الثانية، بدأت إنجلترا وفرنسا الحرب منذ عام 1939، ووصلت أمريكا فى نهاية 1941، أما الشيء الثالث فى التجربة الأمريكية، فهو الاستخدام غير المباشر لآخرين، سواء تستأجر أو توظف فى تحقيق أهدافها. • هل فقدت الولايات المتحدة اهتمامها بالمنطقة رغم أنها تبدو متدخلة جداً؟ ــ ضعى فى ذهنك أن منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، كانت هى موضع الصراع، ومن قبلها، حتى أننا نستطيع القول إنها هى المنطقة الوحيدة التى لم تمتلئ بقواها الذاتية، مثلاً فى الشرق الأقصى ظهرت الصين والهند، ونجحتا فى ملء الفراغات التى خلفها رحيل أوروبا، وأمريكا اللاتينية بدأت تعدل أمورها، وكانت إلى وقت قريب مثلنا تماماً، وظهرت فيها قوى جديدة تملأ الفراغ، مثل البرازيل والأرجنتين، ومع الأسف الشديد، ظلت الشرق الاوسط المنطقة الوحيدة المفتوحة، وساحة كل الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة بغض النظر عن كوريا وفيتنام. كان الشرق الأوسط موقعا لـ«موقعة القرن»، وهذا الوصف فى حقيقة الأمر ليس لى، لكن للكاتب ألين دالاس، رئيس المخابرات الأمريكية، فنحن أرض المعركة التى لم تفقد اهتمامها، لكن ببساطة، لو نظرنا لكلام سوزان رايس، مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى، وهى تحاول أن تشرح لماذا إعادة التقييم فى هذا الوقت، باعتبارها التى دعت وألحت على أن الأمور الراهنة تقتضى ذلك، نراها تقول «الشرق الأوسط مهم، لكنه ليس الأهم فى العالم، حيث لم يعد يستحق أن نجعل جل اهتمامنا به، فهناك أماكن وأجزاء كثيرة من العالم، نواجه فيها تحديات كبيرة، وينبغى أن نلتفت لها مع اهتمامنا بالشرق الأوسط». لكن هناك شيئا غريب جداً أمامنا، لو رأينا التسريبات الخاصة بإعادة التقييم، أول شىء أحد الأعضاء فى مجلس الأمن القومى، وهو من رؤساء أركان الحرب، يقول إن «أمريكا تقريباً حققت أهدافها فى المنطقة»، نحن كنا نتحدث عن أمن إسرائيل، وموارد البترول، ولم تكن إسرائيل مؤمنة كما هى الآن، بسبب تفكك العالم العربى على الأقل، وتزايد قوتها، أما موارد البترول، فهى موجودة لكن لم يعد لها هذه الأهمية الاحتكارية الموجودة، وعلى أى حال أمريكا مستغنية عن الطاقة الشرق أوسطية من أول 2014، والأمر الثالث هو أكثر وصف ألمنى، وقال فيه إنه لم يبق فى الشرق الأوسط شىء، لآن أخر جزء من الليمونة تم عصرها. • هل هذا يعنى أن الصراع العربى ــ الإسرائيلى تم حسمه؟ ــ الصراع العربى ــ الإسرائيلى لم يحسم بعد، لكن أظنه فى التبريد العميق، ما هو الباقى من الشعب الفلسطيني؟، الشيء الوحيد المهم الباقى من الشعب الفلسطينى شيئان أساسيان، هما أن هذا الشعب الذى يحمل حلماً لم يمت ولن يموت، لأنه وطن، وهذا أول ضمانة، والشيء الثانى أعتقد أن مصر مطالبة بأن تتجه صوب الشرق، وترفض أى عزلة توضع عليها فى أى وقت بحقائق الجغرافيا والتاريخ، فمصر لا يمكن أن تعيش فى عزلة عن العالم العربى، وهى التى تواجه أزمة اليوم، ويساندها العالم العربي فقط. • لكن هناك ضغوطا أمريكية على مصر من جانب وزير الخارجية جون كيرى؟ ــ كيرى أمر آخر، ورغم كل أطروحاته، فإنه ضمن هذه الأمور أن الإخوان المسلمين كانوا ضمن أدوات الاستحواذ مع الأسف الشديد فى وقت من الأوقات، لكن عندما تم اكتشاف أخطاء الاعتماد عليهم، فإن كيرى يسعى للتبرير، أو على الأقل بدأ يكتشف أنهم غير قادرين على السلطة، وبالتالى فإن كيرى سواء فى أوروبا أو غيرها يشرح ويقول إن ما حدث فى يناير فاجأنا وفاجأ كل الناس، ونحن كان لدينا خطة بالفعل للإرث لكنها لعمر سليمان وليست للإخوان. وأريد أن ألفت النظر إلى أنهم بالفعل كانوا يرون ذلك، وفى 2005 أخذ أسامة الباز معه جمال مبارك ليريه إلى وزير الخارجية وقتها كوندليزا رايس، وأبدت الإعجاب به بعض الشيء، لكن فى النهاية فوجئوا بـ25 يناير، وأن هناك ثورة بلا قيادة أو فكرة، فكانت المشكلة كبيرة جداً، ثم وجدوا ضمن تصرفات المجلس العسكرى السابق، ما أوحى بأن القوة الوحيدة التى تبدو منظمة ومتماسكة فى المنطقة، هى جماعة الإخوان المسلمين، وكان هناك شخصيات مثل طنطاوى لم تكن قادرة حتى تصور تسليم البلد للإخوان. • هل سيكون عام 2014 هو عام استخدام المخابرات؟ ــ لو أخذنا ما حدث فى سوريا مثالا، أعتقد أنه فى بلد مثل الأردن، كبلد كله مع الأسف الشديد يوظف كشركة مخابرات، أو موقع لذلك، فالناس التى تعمل فيه، وهو غير قادر على الصد، لكن جزءا كبيرا جداً من العمليات يدار من الجنوب، سواء جنوب سوريا أو الاردن، أريد أن أقول إن المخابرات بالفعل اصبحت موجودة، الدول أصبحت تضع برستيج الدولة فى التدخل فى الحروب، وبالتالى أصبحت تفضل التدخل من وراء الستار، وهنا يمكن أن نجذب من نستطيع أن يشترى بالمال. • هل يمكن لأجهزة المخابرات العربية، وبينها جهاز المخابرات المصرية، أن تستعيد دورها؟ ــ سأتحدث بصراحة، أنا خائف من أن وكالاتنا المخصصة للعمل فى الخارج تحولت كلها للعمل فى الداخل، فضعف الأنظمة بشكل أو بآخر جعل هناك مستجدات، فلو أخذنا الولايات المتحدة كمثال، نرى الـ«إف بى آى» مهتما بالعمل الداخلى، والـ«سى آى إيه» مهتم بالعمل الخارجى، ووكالة الاتصال الدولى بالعمل الخارجى، لكن الدنيا انقلبت رأساً على عقب عندما تدخلت الـ«سى آى إيه» فى العمل الداخلى. وأنا أخشى فى العالم العربى كله، وبسبب الظروف التى نمر بها، أن يكون لدول عربية من الغنى ما سمح لها بأن تشترى جنودا من المرتزقة، لكن الدول مثل مصر وسوريا والجزائر، أخشى أن تكون أجهزة المخابرات فى هذه الدول المسئولة عن العمل فى الخارج انخرطت فى العمل فى الداخل، وهذا يقلقنى جداً لأنى أتمنى أن يكون العمل فى الخارج المبنى على الرؤية الاستراتيجية، فالمسألة مسألة معلومات بالدرجة الأولى، ولا نريد أن تكون هناك عمليات قذرة فى أى بقعة من بقاع العالم. وأريد رؤى حقيقية، ولا أريد أن يكون هناك أناس يتحدثون فى الداخل أو أن يكون هناك مخابرات فى هذه الدول، فالسعودية مثلاً مع الاسف الشديد، تمارس دورها من خلال الأمير بندر، وهو قد لا يكون عليه غبار، لكن الدور المخابراتى للسعودية فى سوريا ليس منضبطاً، والدور المخابراتى لعدد كبير جداً من الدول العربية ليس دقيقا، وأعتقد أن عام 2014 لابد أن يشهد عودة دور المخابرات، التى تمثل قرون استشعار للدولة خارج حدودها. • هل تستطيع هذه الاجهزة أن تصد بعض الاختراقات.. أشعر أن البلاد أصبحت ملعباً لكل الاستخبارات الأجنبية؟ ــ مع الأسف الشديد، هذا ينطبق على جميع العالم العربى، أصبحنا ساحة مستباحة عندما سقطت روادع معينة قديماً، فلم يكن بالإمكان أن يتحدث بلد عربى عن بلد عربى آخر، وحتى فى العلاقات مع إسرائيل، كانت هناك ثوابت أخلاقية، على الأقل هناك مشروع نظام، وكانت الناس تراعى ذلك، لكن هناك استقطاب حاد اجتماعياً فى العالم العربى. • وإعلامياً مثل الجزيرة؟ ــ أنا مختلف مع السياسات التى تنتهجها الجزيرة، خاصة الجزيرة مباشر مصر، لأنى أعتقد أنها مشروع خطر من أوله إلى آخره، من أول التخطيط له حتى مرحلة التنفيذ، فلكل بلد هناك سيادة، ولم أكن أمانع أن يكون هذا الأمر من الخارج، لكن أن تكون هناك قناة اسمها الجزيرة مباشر مصر، قل رسالتك حيث أنت كما تشاء، لكن بهذا الشكل المقصود والمحدد بتسميتها بمصر، لا تجىء لبلدى وتسمى المحطة باسم بلدى، إلا إذا كنا داخلين فى حرب مثلاً، عندما قام ديجول بتأسيس محطة موجهة لفرنسا، تحمل اسمها فى ظروف بلد محتل. • نحن إذاً ساحة مستباحة؟ ــ القضية ليست فقط ساحة مستباحة، وإنما أكبر منذ لك، مثلاً لدينا أجهزة فى مصر، أمن الدولة، وقطاع آخر فى المخابرات اسمه الأمن القومى، ومقبول أن يكون الأمن القومى وأمن الدولة مسئولين عن الداخل، لكن أعتقد أن الجزء الاكبر للمخابرات العامة، لابد أن يكون للخارج على أقل تقدير، وعلى سبيل المثال، أرى أن التمثيل الدبلوماسى الحالى يحتاج إلى مراجعة، لأن المعلومات الآن تسبق أى سفراء، ونحن لدينا مشكلة فى كل السفارات. • هل ستكون أوروبا أكثر تدخلاً فى العالم خلال 2014؟ ــ العالم لم يعد سيتدخل بالجيوش، لكن سيكون التدخل عبر المرتزقة، والاقتصاد، والتكنولوجيا، لكن عصر القوة المباشرة لم يعد قائماً. • إذاً نحن مقبلون على عالم بلا مايسترو؟ من هو مجلس قيادة العالم الذى يجلس ويقرر؟ ــ سأقص عليكِ قصة تخص رئيس وزراء الصين شوين لاى، وهو مؤسس نهضة الصين الحديثة، عندما تربى وعاش فى فرنسا، وأصبح شيوعياً ثورياً هناك، وآخر مرة رأيته، كنا مقبلين على قرن جديد، وسألته قبل أن يموت كيف ترى العالم ونحن مقبلون على قرن جديد؟، فقال «أفكار قديمة تقع، وأفكار كثيرة حديثة تبحث عن طريقها، ونظم قديمة تتهاوى، ونظم جديدة تتحسس مكانها، وفوضى فى كل مكان». • من المدير هنا؟ ــ لا يوجد مديرون، نحن أمام إما أناس قوتها أقل ولا زالت تمارس وتؤثر، وإن كانت بطموحات أقل، وإما أمام من يتحسس طريقه ولا يزال يخشى موروثات الماضى المترسبة، وهناك القوى الآسيوية التى ترغب فى الانتهاء من بناء نفسها، فالدول التى تتقدم لتلعب دوراً فى النظام الدولى مطالبة أن تكون لديها طاقات اعتماد، وبطاقات هوية. • هذا العالم الجديد به قوى جديدة تتدخل على السطح من الصين إلى الهند إلى روسيا؟ ــ هناك قوى جاهزة وأخرى فى طريقها للجاهزية، وأتصور أن روسيا الآن جاهزة للعب دور، وهى مهتمة بالشرق الأوسط، وتشعر أنها منطقة عمقها، وسنجد أن روسيا قادمة على حذر، فقد قرصت من هذا الجحر مرتين، وتعرضت للإساءة والطرد فى أفريقيا.

Tuesday, December 24, 2013

احبسوا مصر لو استطعتم! بقلم د. علاء الأسوانى ٢٤/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

كنت أعرف الدعوة إلى التظاهر يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ قبلها بأسابيع، ولم أكن متفائلا بنجاحها، من تجارب سابقة تعلمت أن مثل هذه الدعوات مهما كانت درجة انتشارها على «فيس بوك» و«تويتر» تظل بمعزل عن الجمهور العريض، ودائما ما تنتهى بأعداد قليلة من المتظاهرين تحاصرهم السلطة بأعداد غفيرة من الجنود، مما يجعل المظاهرة عديمة الأثر. استيقظت مبكرا يوم ٢٥ يناير، وعكفت على العمل فى روايتى «نادى السيارات»، كنت عازما على المرور فى المساء على المظاهرة، ولكن حوالى الساعة الرابعة بعد الظهر اتصل بى صديق وأخبرنى بأن المظاهرات حاشدة، فهرعت إلى ميدان التحرير لأجد المشهد المذهل: عشرات الألوف من المصريين محتشدون فى الميدان وقد غمرتهم الحماسة بنجاح المظاهرة، فراحوا يرددون الهتافات ويتناقشون حول مطالب التغيير.
 فى المحافظات بدأت الشرطة قتل المتظاهرين منذ الصباح، أما فى ميدان التحرير فقد وقفت قوات الشرطة على الأطراف تنتظر التعليمات، وقد بدا على وجوه الضباط ما يشبه الذهول من كثافة أعداد المتظاهرين، ثم وصلت مظاهرة حاشدة من إمبابة فدخلت الميدان من ناحية وزارة الخارجية، انقض عليها جنود الأمن المركزى بالهراوات، لكن المتظاهرين لم يتراجعوا بل هجموا على الجنود، ولأول مرة فى حياتى أرى جنود الأمن يولون هاربين أمام المتظاهرين.
 ارتفعت صيحات التهليل مرحبة بمظاهرة إمبابة، وأصبح الميدان ممتلئا عن آخره بمئات الألوف من البشر. رحت أتجول فى أنحاء الميدان وأتحدث إلى المتظاهرين، كانوا خليطا مصريا بامتياز: طلبة، ومهنيون من الطبقة المتوسطة، وعمال وفلاحون، ونساء محجبات ومنتقبات وسافرات من كل الطبقات. بعد منتصف الليل بقليل لاحظنا حركة غير عادية بين صفوف الضباط والجنود وفجأة انفتحت أبواب الجحيم:
أطلق الجنود علينا الغاز بكثافة مميتة، مئات القنابل انهالت علينا بلا هوادة من ثلاثة اتجاهات حتى صار ميدان التحرير يسبح فى غيمة من الغاز الخانق، وسقط العشرات مغشيا عليهم (بمن فيهم بعض الضباط). كان المخبرون ينتظرون فى الشوارع الجانبية ويقبضون على المتظاهرين الفارين من الغاز. ركضت بعيدا وسط مجموعة من المتظاهرين، ولأننى أعرف وسط البلد فقد سلكت شارعا صغيرا أوصلنا إلى شارع معروف، ثم ظللنا نركض حتى شارع طلعت حرب، وقفنا نلتقط الأنفاس وقد أدركنا أننا نجونا- ولو مؤقتا- من الغاز والاعتقال. مر بجوارنا عامل نظافة مسن يمسك بيده مقشة، وصاح فينا بصوت عالٍ:
- إياكم تسيبوا مبارك. إياك تجرح الحية وتسيبها. يا إما تخلص عليها يا إما حتلدغك.
كان صوته مشروخا وحماسيا، وبدت عبارته البليغة مدهشة لا تتسق مع مظهره البسيط. وجهت حديثى إلى الشباب الواقفين حولى قائلا:
- يا جماعة إحنا عملنا مظاهرة تاريخية. رأيى إننا نمشى دلوقت ونرجع الصبح.
ارتفعت أصواتهم معترضة، فقلت:
- هل تتصورون أننا سنخلع مبارك بمظاهرة واحدة؟ الأمر يحتاج إلى النفس الطويل.
اقترب منى شاب أسمر نحيل وصاح فى وجهى:
- اسمع. أنا من الإسماعيلية. معى بكالوريوس علوم وعمرى ٣٠ سنة. أنا عاطل ولسه أبويا بيصرف علىَّ لا شغل ولا زواج ولا سفر. أنا جئت ومش راجع الإسماعيلية إلا لما مبارك يمشى. عاوز يقتلنى يقتلنى. أنا أصلا ميت. هى دى عيشة؟
تهدج صوته فجأة وأجهش بالبكاء. ساد الصمت وبدا أن الأمر قد حُسم. تحرك الشباب وأنا معهم عائدين إلى ميدان التحرير. هكذا بدأت أعظم تجربة فى حياتى. عشت ١٨ يوما فى ميدان التحرير، باستثناء ساعات قليلة أعود فيها كل صباح إلى بيتى لأطمئن أهلى أننى مازلت حيا. كان ميدان التحرير يشهد معجزة. نصف مليون رجل وامرأة معتصمون فى الخيام، يزداد عددهم فى المساء إلى مليون أو مليونى متظاهر. لم يشهد الميدان حادثة سطو واحدة ولا تحرش جنسى واحدة. تآلف عجيب بين أنواع متباينة من البشر لا يمكن أن يتفاهموا فى الظروف العادية. رأيت بنات أرستقراطيات يأكلن ويتبادلن الأحاديث الودية مع فلاحات بسيطات. رأيت شباناً أقباطاً يحمون المسلمين وهم يؤدون الصلاة. ذات يوم قال شاب ملتحٍ على المنصة:
- أنا مدين بالاعتذار لكل الزميلات السافرات غير المحجبات، لأننى تربيت على احتقارهن، وتعلمت فى ميدان التحرير أن هؤلاء السافرات كثيرا ما يكن أكثر شجاعة ونبلا من رجال إسلاميين ملتحين.
مازلت أذكر عبدالحكم وزير إعلام الميدان. رجل فى الأربعينيات، يعمل فى بنك، اشترى على حسابه ميكروفونا وسماعات وصار يقضى ليالى لا ينام حتى يستدعى من يتحدث للثوار. بجوار المنصة كانت أمهات الشهداء يجلسن وقد حملت كل واحدة منهن صورة ابنها الشهيد على صدرها. كنت أتحدث على المنصة كل ليلة، ولن أنسى أبدا مشهد مئات الألوف من المتظاهرين وهم يرددون بصوت كالرعد:
«يسقط حسنى مبارك». فى يوم ٢٨ يناير نشر نظام مبارك القناصة فوق وزارة الداخلية وكل العمارات القريبة من الميدان. أثناء النهار كان القناصة يضعون مناديل بيضاء على رؤوسهم حتى يتفادوا انعكاس أشعة الشمس ويتمكنوا من التصويب، وبالليل كانت بنادق القناصة تصنع دوائر ضوئية تظل الواحدة منها تتحرك بيننا وكلما توقفت انطلقت رصاصة لتفجر رأس متظاهر.. الغريب أن رصاص القناصة المنهمر لم يؤد إلى انسحاب المتظاهرين أو فرارهم قط، بل على العكس كلما سقط شهيد كنا نحمله على أكتافنا ونواصل التظاهر.
قرأت فى بحث لعلم النفس أن الإنسان فى حالة الثورة يفقد شعوره بفرديته ويتحول إلى مجرد فرد فى مجموع، كل ما يهمه أن تحقق الثورة هدفها.. كل سلبيات الشخصية المصرية اختفت فى ميدان التحرير لتظهر أخلاق مصرية نبيلة مبهرة. أذكر مثلا أن المتظاهرين الذين تقمعهم وتقتلهم شرطة مبارك كانوا يرفضون تماما ترديد أى هتاف يسىء إلى سوزان مبارك.. لأن «شتيمة النساء ليست من أخلاق الثورة»، كما قال لى أحدهم.
ذات ليلة فى الرابعة صباحا كنت منهكا تماما، فدخنت سيجارة وألقيت بالعلبة الفارغة، اقتربت منى سيدة محجبة جاوزت السبعين وقالت بود حازم:
- من فضلك خذ علبة السجائر التى رميتها على الأرض وألقها هناك فى مكان القمامة.
أحسست بخجل والتقطت العلبة وألقيتها حيث طلبت، ولما عدت إليها ابتسمت وقالت:
- نحن نبنى مصر الجديدة العادلة المحترمة. لابد أن تكون نظيفة.
خلال أيام الثورة أكلت عشرات المرات مع المتظاهرين دون أن أعرف مرة واحدة من الذى أحضر الطعام.. كان أى شخص يحضر كميات من الطعام، ثم يتركها وسط الميدان ويمضى. لن أنسى الرجل المسن الذى يرتدى جلبابا مهترئا وشبشبا فى برد يناير (مما يدل على فقره المدقع) وهو يحمل كمية كبيرة من سندوتشات الفول تركها وسط المتظاهرين ومضى. كان صديقى المهندس يحيى حسين يمشى فى الميدان عندما اقترب منه رجل صعيدى وطلب منه أن يجد له مشتريا لتليفونه المحمول لأنه رجل سريح يكسب قوته يوما بيوم وقد نفدت نقوده فى الاعتصام.
ضغط يحيى حسين على الرجل حتى قبل مبلغا على سبيل السلفة، ثم فكر أن مثل هذا الرجل يوجد مئات وربما آلاف المعتصمين فى الميدان، الذين انقطعت بهم السبل وفقدوا أرزاقهم. أسرّ يحيى حسين بهذه المخاوف إلى الدكتور عبدالجليل مصطفى (أحد آباء الثورة)، فأعطاه الدكتور عبدالجليل من جيبه الخاص مبلغ ١٧ ألف جنيه ليوزعها على من يحتاج من الفقراء المعتصمين فى الخيام.
منذ أذان العشاء حتى طلوع الفجر ظل يحيى حسين يتجول بين خيام الفقراء، ثم عاد فى النهاية بالمبلغ كما هو لم ينقص جنيها واحدا. لقد رفض الفقراء فى الميدان جميعا أن يأخذوا أى نوع من المساعدات المالية. يضيق المجال عن ذكر عشرات الوقائع التى تؤكد النموذج الأخلاقى الرفيع الذى قدمته الثورة. طبقا لتقديرات الإعلام الغربى فقد اشترك فى ثورة يناير ما بين ١٨ و٢٠ مليون مصرى، هم فى رأيى المصريون الأكثر شجاعة ونبلا ووعيا.
إنهم الجزء الحى النظيف فى جسد أمة بدت فى لحظة وكأنها تلوثت وماتت إلى الأبد.. ذكرياتى عن الثورة تحتاج إلى كتاب كامل، لكننى أسرد هذه الأحداث العظيمة التى سأظل فخورا بأننى عشتها، لأن الثورة تتعرض إلى حرب لطمسها من الذاكرة. جبهة عريضة معادية للثورة تطل الآن بوجهها القبيح لتنزع من تاريخ مصر واحدة من أعظم صفحاته. فلول نظام مبارك ورجال أعمال فاسدون يخافون من الثورة على مصالحهم، ورجال أمن كبار- حاليون وسابقون- كانوا لسنوات طويلة بمثابة جلادين للشعب يكرهون الثورة لأنها كسرت غطرستهم، وإعلاميون كذابون طالما ضللوا الشعب المصرى بتوجيهات من ضباط أمن الدولة الذين يتولون تشغيلهم، وسياسيون طالما عملوا خدامين لجمال مبارك وزينوا له وراثة حكم مصر وكأنها عزبة أبيه.
كل هؤلاء الساقطين يتطاولون على ثورتنا ويسخرون منها ويتهمونها بأنها مؤامرة أمريكية إخوانية. هذا الاتهام لغو فارغ لا يستحق الرد، فالإخوان تنصلوا من الثورة ولم يشاركوا فيها حتى تأكدوا من نجاحها فانضموا إليها، وخانوها مرات عديدة من أجل مصلحة الجماعة، كما أن الثورة كانت من أكبر الصفعات التى تلقتها الولايات المتحدة فى مجال السياسة الخارجية، يكفى أنها الثورة التى أطاحت بمبارك الذى كان بمثابة كنز استراتيجى للدولة العبرية- كما أكد قادة إسرائيل مرارا. حملات التشهير المسعورة تستمر ضد الثورة، تواكبها ملاحقات أمنية قمعية للناشطين الثوريين.
فى ٣٠ يونيو نزل الشعب المصرى بكل طوائفه ليخلع الإخوان من الحكم، وأعلم أن واجبنا جميعا أن نساند الدولة فى حربها ضد الإرهاب الذى يقتل أبناءنا فى الجيش والشرطة، كل هذا صحيح، ولكن ما علاقة الحرب على الإرهاب بقمع شباب الثورة؟ إن حبس أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح وزملائهما لن يقضى على الثورة لأنهم اشتركوا فى الثورة ولم يصنعوها، وإنما صنعها ملايين المصريين النبلاء الذين قدموا دماءهم من أجل الحرية والعدل والكرامة. أيها الفلول إذا أردتم القضاء على الثورة فاحبسوا ملايين المصريين الذين صنعوها. احبسوا مصر كلها لو استطعتم، لكن ثورتنا ستستمر وستنتصر بإذن الله، لأنها تنتمى إلى المستقبل وأنتم تنتمون إلى ماضٍ لن يعود أبدا.
الديمقراطية هى الحل

Monday, December 23, 2013

حول الحجج الواهية لرئيس الوزراء بقلم د. وجدى ثابت غبريال ٢٤/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

فى تصريح تليفونى للدكتور حازم الببلاوى ببرنامج وائل الإبراشى، قرر رئيس الوزراء أنه لا يحق للدولة أو للحكومة أن تعلن أن جماعة ما جماعة إرهابية! وأن تلك هى مهمة القضاء وحده!
لا أدرى ما هو مصدر هذه المعلومة من الناحية القانونية، ولكنها لا تقوم على أى أساس فى القانون! لأن ليس من مهمة القضاء إعلان أو وصف أن منظمة أو جماعة ما إرهابية. مهمة القضاء الوحيدة هى المحاكمة الجنائية لأفراد بأعينهم عن وقائع محددة، ووفقاً لإجراءات قانونية معروفة تنتهى بحكم قضائى. ليس من مهمة أى قضاء فى العالم أن يعلن إعلاناً سياسياً بأن جماعة ما جماعة إرهابية.
ولكن من مهمة الدولة وسلطتها التنفيذية التى يرأسها السيد الببلاوى، أن تقوم بهذا الإعلان وتضطلع بمسؤوليتها، وترتب على هذا الوصف الأجزية الإدارية اللازمة والنتائج القانونية التابعة فى الجهاز الإدارى للدولة، مع ما يستتبعه ذلك من رقابة مالية ومحاسبية وإدارية وتأديبية.
إن إعلان أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية هو وصف سياسى لا قيمة قانونية له فى ذاته، ولكنه وصف يرتب نتائج قانونية مهمة فى الملاحقة الإدارية كما ذكرت، وفى الملاحقة القضائية أيضاً، ولعل ما حدث فى جامعة الأزهر وجامعة القاهرة على سبيل المثال يكفى فى ذاته لإطلاق هذا الوصف.
إن رئيس الوزراء لا يفرق بين ما هو سياسى ويدخل فى إطار سلطات الدولة التنفيذية، وما هو قضائى وقانونى ويدخل فى صميم الوظيفة القضائية.
نحن لا نطالبه هو بإصدار أحكام قضائية وإنما نطالبه بإعلان أو بوصف سياسى لأنشطه لا شك ولا شبهة فى طبيعتها الإرهابية. هذا التراخى والقصور فى القيام بالواجب يثير علامات استفهام كثيرة، تبدأ بالشك فى الأساس القانونى لهذا النوع من الحجج الواهية وتنتهى بالتساؤل حول شجاعة القرار السياسى وتحمل المسؤولية!
فليس بدعا من القول أن تعلن دولة، أو السلطة التنفيذية فيها، أن جماعة ما تمارس أنشطة عدوانية وعنفاً هى جماعة إرهابية. وقد سبق للدول التى تعشق إعطاء العالم دروساً أن أعلنت ذلك رسمياً مثل فرنسا وإعلانها أن جماعة الألوية الحمراء جماعة إرهابية، وفى أمريكا ذاتها اعتبر تنظيم القاعدة تنظيماً إرهابياً فى عهد جورج بوش، وكذلك أيضاً اعتبرت تركيا الجمعيات والأحزاب الكردية والشيوعية، بلا وجه حق، مجرد تنظيمات إرهابية محظورة. فما بالنا نحن فى مصر ولنا فى الحق ألف حق فى إضفاء هذا الوصف على إرهابيين يمارسون الترويع اليومى. والأمثلة عديدة أيضا فى إنجلترا وأيرلندا. وهذا كله ليس جديداً. وفى كل هذه الأمثلة كان القرار السياسى أو الإعلان السياسى سابقاً على التكييف القانونى والمساءلة القضائية عن أعمال محددة. فمهمة القاضى ليس الإعلان وإنما توقيع الجزاء.
عفواً يا رئيس الوزراء هذا دورك، فإذا كنت لا تريد الاضطلاع به اترك المنصب لمن لا يستشعر حرجاً فى القيام بالواجب!
* أستاذ القانون الدستورى
جامعة لاروشيل-فرنسا

Sunday, December 22, 2013

مصاهرة السيسى بقلم د. عزالدين شكرى فشير ٢٢/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم


عائلة السيسى كبيرة فى العدد كما فى القوة والمكانة، ولها هيبة فى البلد ومعزة فى نفوس أهله. ولما نشب الصراع بين بقية العائلات فى العام الماضى، جاءهم الجميع يطلبون تدخلهم، فتمنّعوا حيناً طويلاً خشية الدخول فى صراعات تؤثر على مكانتهم وحسن علاقاتهم بالجميع، ثم لم يكن من الأمر بد، وجرى ما جرى. والآن أصبحت عائلة السيسى جزءاً من الصراع الدائر، ولأول مرة فى تاريخهم صار أبناؤها هدفاً لهجمات ثأرية من العائلة المهزومة الغاضبة. وهكذا وجدت عائلة السيسى نفسها، بحكم طبيعة الأمور وفى ضوء ضعف وتنازع العائلات الأخرى، فى قلب وواجهة صراع العائلات المعقّد الذى كانت تنأى بنفسها عنه منذ زمن.
وعائلة السيسى تعرف طبائع العائلات الأخرى وأخلاقها وتفاصيل منازعاتها جيداً. وهى لهذا تعلم ألا بدّ لها من مصاهرة إحدى العائلات الأخرى كى تتمكن من إدارة صراعها المعقد. فمهما كانت قوتها فهى لا تستطيع وحدها إدارة مشاكل البلد المتراكمة والمتداخلة، وإدارة نزاعات العائلات الأخرى ومكائدها، وفى الوقت نفسه مواجهة مؤامرات العائلة المهزومة وغضبها هى وأنصارها من الجيران والأغراب، وأن تفعل كل ذلك فى زمن لم يعد أحد فيه يقبل بحكم عائلة واحدة للبلد، لا داخله ولا خارجه. عائلة السيسى تعرف كل هذا، إضافة إلى أن جزءاً كبيراً منها لا يريد أصلاً الانغماس فى كل هذه المشاكل، ويرى أنها تصرف العائلة عن الاهتمام بشؤونها الأصلية وتضع بذور الشقاق بين أبنائها، وهو أشد الأمور على قلب هذه العائلة وأبنائها. ومن ثم يدركون ضرورة مصاهرة عائلة أخرى كى تعينهم على ما ابتلاهم الله به من مهام فى هذا الزمن الصعب.
أول عائلة تريد مصاهرة السيسى هى عائلة الحاج فِلّ، المعروفون بالفلول نسبة لكبيرهم. وهم عائلة من عتاة المجرمين واللصوص، دأبوا على سرقة أهل البلد جهاراً نهاراً منذ عقود، معتمدين على علاقتهم بالعمدة والمأمور والمديرية وتفتيش الرى وبنك الائتمان الزراعى وما يسره ذلك لهم من سيطرة على الحياة فى البلد وأرزاق الناس فيه، وكذلك اعتماداً على قدرتهم على إيذاء من يعارضهم، سواء من خلال «الغفر» أو بلطجيتهم وأعوانهم. يريد الفلول مصاهرة عائلة السيسى كى يستعيدوا زمام السيطرة الذى اهتز. ويرى بعض أبناء عائلة السيسى أن مصاهرتهم هؤلاء القتلة ستعود بالنفع على العائلة والبلد كله؛ إذ ستسمح بعودة النظام والهدوء، فهم يعرفون مفاتيح البلد وأهله ولهم خبرة بأمره. صحيح أن هناك ثأراً صغيراً بين الفلول وعائلة السيسى نتيجة ما جرى فى السنوات الثلاث الأخيرة، لكنه ثأر يمكن تجاوزه ببعض التعويضات والتغييرات هنا وهناك، وتمشى الأمور.
عائلة الشتاتى ثانية العائلات التى يمكن للسيسى مصاهرتها، وهى عائلة كبيرة فى العدد، وبها أكبر نسبة من المتعلمين فى البلد، وكثير من أبنائها منتشرون فى البنادر بل فى بلاد برة، ويعملون فى أماكن مرموقة ويظهر بعضهم فى التليفزيون، لكنها عائلة على اسم كبيرها، مشتتة ولا تجتمع على أمر، وليس لها كبير، حتى لو اجتمع من تظنهم كبراؤها على شىء لا يلتزم به أبناء العائلة، فكل منهم- رجالا ونساء- ماشى برأسه فى الدنيا، ولهذا لم تنجح هذه العائلة أبداً فى انتخابات، ومن ثم يرى بعض أبناء عائلة السيسى أن مصاهرتهم لن تعود بفائدة تذكر، رغم أنهم أكبر العائلات عدداً ومالاً وعلماً، لأنهم مشتتون وبـ«خمسين رأى ورأس».
ثالثة العائلات طبعاً هى العائلة المهزومة الغاضبة، وهى لا تريد مصاهرة أحد. فرغم تدينها وورعها الظاهر، فإنها عائلة منغلقة لا تتزوج من خارجها، باطنية المذهب لا يعرف أحد قرارها. وهى عاقدة العزم على الثأر من الجميع بعدما جرى لها، وتتحين الفرص لإفساد أى مصاهرة أو اتفاق.
قرار صعب يواجه عائلة السيسى. مصاهرة الفلول لن تعيد الأمن ولا النظام إلا لفترة محدودة، بعدها ستنهار الأمور مرة أخرى. فعائلة الفلول لا تعرف سوى السلب والنهب، وخبرتهم كلها مركزة فى تخويف الناس والتظاهر بأن كل شىء على ما يرام. والسيسى وعائلته يعلمون لأى حد انهار البلد نتيجة سيطرة هؤلاء القتلة واللصوص، حتى لم يعد هناك ما يمكن سرقته من فرط ما نهبوا. لكن فى الوقت نفسه، فإن مصاهرة الشتاتيين غير مأمونة العواقب وهم على ما هم عليه من فوضى وتفتت. صحيح أنهم أهل المعارف والمتصلون بالعالم الحديث، وكثير من أبنائهم لديه أفكار ورؤى تعين على انتشال البلد من عثرته، إلا أن تصرفاتهم وطباعهم تصدم عائلة السيسى المحافظة، وكثير من المناسبات التى جمعت العائلتين خلال الأعوام الثلاثة الماضية انتهت بخلافات حادة بل مشاجرات وقتلى.
قرار صعب أمام عائلة السيسى سيحدد شكل الحياة فى البلد خلال الأعوام الأربعة القادمة. وبينما تتأمل عائلة السيسى خياراتها، أعود أنا لاستكمال بيان حلم الثورة وتفاصيله.

Saturday, December 21, 2013

#هيكل | الحلقة الكاملة - 20-12-2013 | ملامح سنة 2014 ولماذا يعتبرها سنة ...

Celine Dion - So This Is Christmas (Eng. Subs)

«يا عيون مصر الحزينة.. اللى خانك واللى خانّا لا هو حسين ولا هو مينا» بقلم د. وسيم السيسى ٢١/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم


عدت من دبى قبل انتهاء مؤتمر طبى لحضور الحفل الرئاسى بقصر الاتحادية، ابتهاجاً بالدستور الجديد، وبعد الكلمات الرائعة للأستاذ عمرو موسى، والسيد رئيس الجمهورية، أخذنا الصور التذكارية، وكانت مفاجأة سارة لى عندما صافحنى السيد الرئيس، وقال لى: أهلاً يا دكتور وسيم. أحسست أن أصحاب الفكر لهم عند هذا الرجل مكان ومكانة، فما كان منى إلا أن عانقته وقبلته! رجل وإن لم تربطنى به أواصر الدم، فقد ربطتنى به أنبل صلات المواطنة والوفاء.
عودة للمؤتمر فى دبى، وفى أمسية جميلة على ظهر باخرة للعشاء، بدأت المناقشات السياسية كالمعتاد.. كان بجوارى أ.د. عبدالحميد يوسف، أستاذ المسالك بجامعة عين شمس.. يحاور أحد الزملاء ويقول له: مجرم فى مجزرة للدير البحرى «حتشبسوت» يعين محافظاً على الأقصر؟! يرد عليه الطبيب: غير صحيح! يقول د. عبدالحميد: خريطة حلايب وشلاتين؟ يرد الآخر: مفبركة!.. يقول عبدالحميد: تصريحات محمود عباس للميس الحديدى؟.
يرد الطبيب: لابد من التأكد مما نسمع!
يقول عبدالحميد: طفل الإسكندرية الذى ألقوه من فوق العمارة ومات واعترف الجانى؟ يرد الطبيب: فوتوشوب!
هنا تدخلت لأن الموقف احتدم.. قلت: أحدكما يتحدث من مخ الغرائز، الأمومة، الخوف، الغضب، وهو ما يطلق عليه العلماء «المخ القديم»، ودكتور عبدالحميد يتحدث من المخ الحديث cerbral cortex بما فيه من عقلانية ومنطق، والمؤسف أن الخيوط العصبية بين المخين قليلة جداً، لذا قالوا عن المخين: فارس على ظهر حصان قوى بدون لجام!.. وقالت أم كلثوم «الهوى غلاب»!
فلا يحاول أحدكما إقناع الآخر، ولمن يريد التفاصيل فعليه العودة لكتاب جانونج.. وظائف الأعضاء الطبية Ganong med. physiology.
ما هو التنوير؟!.. التنوير هو إضاءة المساحات المظلمة فى العقل الجمعى.. سواء كانت هذه المساحات دينية أو سياسية، أو تاريخية أو علمية أو أى فرع من فروع المعرفة، والتنوير له وسائل عديدة.. منها الكلمة المكتوبة، ومنها الصورة المرئية، لذا قالوا: صورة واحدة تساوى مليون كلمة، فما بالكم إذا كانت الصورة حقيقية.. ملموسة ومحسوسة، إنها التجربة الرائدة، التى يجب أن تحتذى من كل العاملين بالإعلام.. إنها تجربة الدكتورة هالة الطلحاتى.. مدرس الإعلام بجامعة النهضة ببنى سويف!.. أخذت طلاب الجامعة فى عشرين زيارة لأهالى الشهداء، وكان من ضمن الشهداء: الجندى يوسف كمال «قوات مسلحة».. وحين خرجت لهم أم الشهيد واحتضنت الطلاب جميعاً: ردينة مصطفى، ميرا محب، نورهان خالد، وكأنها مصر تحتضن أولادها، وكان الشهيد قبل استشهاده وضع كلمات أغنية حزينة.. غناها بنفسه.. تقول:
يا عيون مصر الحزينة.. ارمى حزنك كله فينا
اللى خانك واللى خانا.. لا حسين ولا هو مينا
اقتلى الفتنة الخبيثة.. جوه جامع أو كنيسة
الصليب فارد إيديه.. والهلال محنى عليه
قلب واحد مش هتلاقيه.. غير فى مصر اللى عايشة فينا.
وراء هذه المبادرات الإنسانية دكتور صديق عفيفى، وأعضاء هيئة التدريس، المنح الدراسية، الزيارات الميدانية، فكانت عزاء ما بعده عزاء لأسر الشهداء.

Friday, December 20, 2013

كوكاكولا الدنيا ريشة فى هوا

تسع سنين بقلم إسعاد يونس ٢٠/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

■ فى وسط هذا البرد والصقيع الذى حولنا جميعا إلى ألحفة متحركة.. والواحد لابس كل الدولاب ومتهيأله يحشى بُقه بكريرية صوف أو فردة شراب لأنه جايب هوا.. ويولع فحمتين ويسنترهم على ضفاف مراخيره يدفوا النفَس اللى داخل.. وفى خضم الزمهرير اللى بيرزع فى الحيطان من بره.. والإسكيمو اللى جوه البيوت لدرجة إن الواحد بيخرج يقف فى الشارع يتدفى شوية ويدخل تانى.. وفى ظل إن الحُما علينا حق.. حيث يتعين علينا أن نترك شهاداتنا للتاريخ ووصايانا للعيال ونرفع صباعنا ونتشاهد قبل أن نأخذ حماما، وغالبا بنتراجع لحظة ما إيدنا بتتجمد على أكرة باب الحمام أصلا.. فبنقرر نقضيها سأسأة وربنا يبارك فى مزيلات العرق والشبّه.. ويبشبش الطوبة اللى تحت راس مخترع الكالونيا.. فى أثناء كل هذا الفيلم الساقع يخرج علينا الخبر الدافئ قائلا:
■ شيخة عرافى لبنان تتنبأ بأن مصر حاتبقى قد الدنيا آه.. بس اسم الله على مقامكم بعد تسع سنين!!!!!!!!!..
■ قالك أم نبيل توقعاتها مابتنزلش الأرض.. فهى شيخة البصارين وأستاذة العرافين فى لبنان.. أمية لكنها تتفوق على كل دارسى العلوم الفلكية من المنجمين المعروفين.. هكذا جاء فى جريدة الوطن..
■ تسع سنين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.. أيوه كده.. بلا صربعة وكرشة نفس.. أنا ماحبش حد يخضنى.. أحب أمشى تاتا تاتا وآكل نونو نونو.. تسع سنين حلو برضه.. عندنا وقت نخلص فيه اللى ورانا.. لا يكون حد فاكر إننا صيع وفاضيين والا حاجة.. لا لا.. حاشا وماشا وفاشا.. خد عندك
■ لسه ورانا مظاهرات واعتصامات وناس بتصبع وناس بتربعن.. ومسيرات فى الشوارع بالشوم والنبابيت والمولوتوف والخرطوش.. واشتباكات وضرب.. ورمى ناس من بلكونات ودبح ناس فى الشوارع.. وحرائر وفطائر.. وعربيات مفخخة وكل أنواع اللطافة دى.. وإحنا نزعق ونهاتى ونرقع بالصوت ونطالب الحكومة بإعلان البلطجية جماعة إرهابية.. والحكومة تبصلنا بهدوء وبرود أعصاب أسقع من الشتا اللى إحنا فيه.. وتقول ببطء سلحفائى النزعة «إمممممم».. يمر أسبوع.. «أصل..» يمر عشر أيام.. «مش قادرين نعلنهم جماعة إرهابية.. مش شايفين كده.. إوحوا بقى يا كماحة».. تكون الزحلفة باضت.. «طب حانفكر».. يكون البيض فقس..
■ لسه قدامنا حول بحاله على ما قانون التظاهر يتطبق على المخالفين ليه.. شكله حايلحق أخوه قانون الطوارئ ويقعد جنبه على دكة الاحتياطى.. والمسؤولين يبطلوا يغنوا «حادى بادى ما خدش إلا دى».. ويقرروا يبانلهم كرامة فى تطبيقه.. خصوصا وإن ولا مظاهرة طلعت سلمية من ساعة ما صدر.. كله ضرب ضرب.. ده حتى الشتيمة شحت..
■ حط ف قلبك وصُرّ وعد الأيام والسنين على ما يحصل بوادر ظبط وربط فى البلد دى والقوانين تتنفذ وكذلك الأحكام.. حاكم البلد صواميلها فاكة ومقصاتها معووجة وبتحدف شمال..
■ لسه بدرى.. فيييييين على ما نخلص مناقشة حوالين دى ثورة والا انقلاب.. لسه حانسمع ناس تشجينا بالفلحسة السفسطائية وتناقش إن تلاتين يونيو كان انقلاب عالشرعية.. ولسه حايقعدوا ينفخوا ف وداننا إننا كان لازم نستنى لما بطل أبطال العالم فى اللغ وحشو الكرش يبرك على أنفاسنا باقى المدة عشان يكون مُخطط الخراب اكتمل والأرض اتباعت وأسرار الدولة بقت فى حجر بياعين الكرشة فى كل الدول المتآمرة اللى حوالينا..
■ لسه قدامنا حول على ما حد يتكرم ويستعمل صباعه الطاهر ويدوس زرار على قاعدة بيانات المواطنين المصريين ويعلن إحنا عندنا كام مسيحى فى البلد دى.. عشان نعرف عدد الناس اللى أهدرت كرامتهم واتحرقت كنايسهم واتشردت عائلاتهم فى ظل حكم المعازيل الاتنين.. صحيح إن العدد ليس له علاقة باحترام المواطنة وحقوق الفرد فى وطنه.. لكن برضه عندى إحساس إن تعمد إخفاء رقم التعداد الصحيح وراه إنّه.. واحد يقولك خمسة مليون والتانى يؤكد إنهم تلاتة وعشرين.. طب هو ينفع كده؟؟.. فيه بلد محترمة فى الدنيا تخفى معلومة زى دى؟؟
■ يا مسهل.. أدينا عالطريق فى مناقشة قضايا المرأة وقطعنا فيها شوط موش بطال، بس فاضلنا يادوب أربعين سنة عشان نخلص من سيرة إنها فطر طالع شيطانى كده ومش محسوب على الإنسانية، حيث إن توكيل البنى آدمين حصرى للرجال فقط.. هما أصل المجتمع وقوامه الوحيد، بس طالعلهم كلالى اسمها ستات ومستنيين قرارهم يختنوها والا لأ.. يجوزوها صغيرة والا لأ.. يعلموها والا يخزنوها فى البيوت أأمن.. يسمحولها بالعمل والا مالوش لزوم.. وإذا اشتغلت يساعدوها فى أمور الحياة المنزلية والا هى اللى جابته لنفسها.. تجيب بالفلوس أكل للعيال والا ترامادول للعاطل النطع اللى قاعد ياكل على قفاها ويتأمر بس.. يتحرشوا بيها والا ما يصحش.. يعاقبوا مغتصبينها والا يطلعوا عين أهلها هى.. ينقبوها عشان يستروها والا عشان يستروا وشها وهى بتحدف دبش وزلط ومولوتوف.. يعنى.. مسائل كلها بسيطة.. ماتعطلش مسيرة أمة ولا بتاع..
■ تسع سنين يادوب على ما كل اللى مستشعرين الحرج والشاعرين بعدم الأريحية والمتوخين الحذر يخلصوا استشعار وتوخى وتبتدى محاكمات السفلة بجد ونشوف أحكام ونتايج..
■ ويادوب على ما ناس كتير قوى تاخد الأمان وتفتح خزائن أسرارها وتدلى بشهاداتها، فنعرف إحنا خدنا على قفانا فى أنهى مناسبة بالظبط.. وساعتها نعد إننا نعترف إننا اتسكينا على قفانا ونتخلى عن مبدأ المكابره.. فكما قال الشاعر.. مش عيب أبدا إننا نعترف بالسك عالقفا.. فلهذا خلق الله القفا.. هى مجرد وظائف أعضاء يعنى.. المعدة تهضم.. القلب يضخ الدم.. القفا يتسك.. فهاش حاجة خالص..
■ تسع سنين فترة لطيفة نحاول فيها نقلص حجم الفساد.. مش نقضى عليه لا سمح الله.. ده بقى فى الجينات..
■ ونبدأ نسترجع الآثار اللى اتنهبت.. والأراضى اللى اتبورت.. ونشوف حانعمل إيه فى مياه النيل وسد إثيوبيا.. ونستعيد السياحة بعد ما نكون أتأكدنا إن محدش حايفرقع بمبه هنا والا يفجر نفسه هناك فيوقف المراكب السايرة..
■ تسع سنين يادوبك على ما المسؤولين يستعينوا بالله وينووا والنية خير يوقعوا الأوراق ويتحملوا مسؤوليات مناصبهم وياخدوا قرارات رجولية تمشى العجلة لقدام..
■ تسع سنين يعنى مش حاجة فى عمر الشعوب.. دول يفوتوا هوا.. على ما الزمن يبربش بعينيه بس يكونوا خلصوا.. صحيح التسع سنين دول حايخلّصوا على المقيمين حاليا على أرضها ومش حاسين بفروق التوقيت لأن دماغهم اتضربت فى الخلاط وحالهم اتوقف وصحتهم بقت عدم ومعالم إنسانيتهم اتشلفطت واليوم بيمر عليهم كأنه تسع سنين لوحده.. لكن برضه مش عيب.. أهو البلد تبتدى من أول السطر وعلى مية بيضا ونبقى نعبيها سكان بعدين..
■ المهم إن مصر تبقى قد الدنيا.. حتى لو كنا مش موجودين ساعتها عشان نعاير الدنيا بيها..
■ واللى مش عاجبه كلام العرافة.. يقوم يفز على حيله ويشوفله صرفة.. ماهما المنجمين دول كذبوا ولو صدفوا.. يعنى ماينفعش نصدقهم حتى لو كان كلامهم اتحقق ولو صدفة..
■ مش عايز تستنى التسع سنين.. قابلنى يوم أربعتاشر وخمستاشر يناير.. ولو مشترك معايا فى الشكوى م اللى فوق ده مع إنه رملاية فى جبل الهم.. إنت عارف الخطوة الأولى حاتكون إيه.

Wednesday, December 18, 2013

القديس نيقولاوس ...- بابا نويل





القديس نيقولاوس  (بابا نويل)







بابا نويل.... من هو؟!
● سانتا كلوز او القديس نيقولاوس
هو اسمه بابا نويل ولا سانت كلوز ولا القديس نيكولاس؟؟ هل قصة حياته أسطورة أم واقع؟؟ ولماذا ارتبطت بعيد ميلاد السيد المسيح؟؟ وما هذه الملابس التي يرتديها؟؟ ولماذا نراه أحيانا يركب حمارا وأحيانا مركبة تجرها الغزلان؟؟
إن بابا نويل هو شخصية حقيقية وربما يتعجب البعض عندما يعرف إن الكنيسة القبطية تحتفل بعيد نياحته في العاشر من كيهك..؟؟ هو القديس نيكولاس أسقف مورا بآسيا الصغرى في القرن الرابع الميلادي.. ولنقرأ بعض سطور حياته من السنكسار القبطي.. :
كان من مدينة مورا، اسم أبيه ابيفانيوس وأمه تونة. وقد جمعا إلى الغنى، الكثير من مخافة الله. ولم يكن لهما ولد يقر أعينهما ويرث غناهما. ولما بلغا سن اليأس، تحنن الله عليهما ورزقهما هذا القديس، الذي امتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته. ولما بلغ السن التي تؤهله لتلقي العلم، اظهر من النجابة ما دل علي إن الروح القدس كان يلهمه من العلم أكثر مما كان يتلقى من المعلم. ومنذ حداثته وعي كل تعاليم الكنيسة. فقدم شماسا ثم ترهب في دير كان ابن عمه رئيسا عليه، فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة حتى رسم قسا وهو في التاسعة عشرة من عمره. وأعطاه الله موهبة عمل الآيات وشفاء المرضي، حتى ليجل عن الوصف ما أجراه من آيات وقدمه من إحسانا وصدقات..
ومنها انه كان بمدينة مورا رجل غني فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضروري وكان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج ولم يزوجهن لسوء حالته فوسوس له الشيطان إن يوجههن للعمل في أعمال مهينة، ولكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما أعتزمه هذا الرجل، فاخذ من مال أبويه مائة دينار، ووضعها في كيس وتسلل ليلا دون إن يشعر به أحد وألقاها من نافذة منزل الرجل، وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرا واستطاع إن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى. وفي ليلة أخرى كرر القديس عمله والقي بكيس ثان من نافذة المنزل، وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية
إلا إن الرجل اشتاق إن يعرف ذلك المحسن، فلبث ساهرا يترقب، وفي المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس، اشرع إلى خارج المنزل ليري من الذي ألقاه، فعرف انه الآسف الطيب القديس نيقولاؤس، فخر عند قدميه وشكره كثيرًا، لأنه أنقذ فتياته من فقر. إما هو فلم يقبل منهم إن يشكروه، بل أمرهم إن يشكروا الله الذي وضع هذه الفكرة في قلبه


و لما تنيح أسقف مورا ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم واعلمه بان المختار لهذه الرتبة هو نيقولاؤس واعلمه بفضائله، ولما استيقظ اخبر الأساقفة بما رأي فصدقوا الرؤيا، وعلموا أنها من السيد المسيح، واخذوا القديس ورسموه أسقفا علي مورا. وبعد قليل ملك دقلديانوس وآثار عبادة الأوثان، ولما قبض علي جماعة من المؤمنين وسمع بخبر هذا القديس قبض عليه هو أيضا وعذبه كثيرا عدة سنين، وكان السيد المسيح يقيمه من العذاب سالما ليكون غصنا كبيرا في شجرة الإيمان. ولما ضجر منه دقلديانوس ألقاه في السجن، فكان وهو في السجن يكتب إلى رعيته ويشجعهم ويثبتهم. ولم يزل في السجن إلى إن اهلك الله دقلديانوس، وأقام قسطنطين الملك البار، فاخرج الذين كانوا في السجون من المعترفين. وكان القديس من بينهم، وعاد إلى كرسيه

غيرته على الإيمان
ويقول القديس ميثوديوس Methodius أنه بسبب تعاليم القديس نيقولاوس كان كرسي ميرا هو الوحيد الذي لم يتأثر ببدعة اريوس.
وحين كان القديس نيقولاوس حاضرًا مجمع نيقية تَحَمَّس ضد أريوس ولطمه على وجهه، فقرر الآباء على أثر ذلك أن يعزلوه من رتبته وقرروا حبسه، إلا أن السيد المسيح والسيدة العذراء ظهرا له في السجن وأعاداه إلى حريته ورتبته.
كان القديس يأخذ مواقف حاسمة ضدهم وضد الوثنية. من ضمن معابدهم التي دمرها كان معبد أرطاميس، وهو المعبد الرئيسي في المنطقة، وخرجت الأرواح الشريرة هربًا من أمام وجه القديس

اهتمام القديس بشعبه
من القصص التي تُروَى عن اهتمام القديس بشعبه أن الحاكم يوستاثيوس Eustathius أخذ رشوة ليحكم على ثلاثة رجال أبرياء بالقتل. وفي وقت تنفيذ الحكم حضر القديس نيقولاوس إلى المكان وبمعجزة شلَّ يد السياف وأطلق سراح الرجال. ثم التفت إلى يوستاثيوس وحرَّكه للاعتراف بجريمته وتوبته. وكان حاضرًا هذا الحدث ثلاثة من ضباط الإمبراطور كانوا في طريقهم إلى مهمة رسمية في فريجية Phrygia، وحين عادوا إلى القسطنطينية حكم عليهم الإمبراطور قسطنطين بالموت بسبب وشاية كاذبة من أحد الحاقدين.
تذكَّر الضباط ما سبق أن شاهدوه في ميرا من قوة حب وعدالة أسقفها، فصلّوا إلى الله لكي بشفاعة هذا الأسقف ينجون من الموت. في تلك الليلة ظهر القديس نيقولاوس للإمبراطور قسطنطين وهدده إن لم يطلق سراح الأبرياء الثلاثة.
في الصباح أرسل واستدعاهم للتحقيق معهم، وحين سمع أنهم تشفعوا بالقديس نيقولاوس الذي ظهر له، أطلق سراحهم في الحال وأرسلهم برسالة إليه طالبًا منه ألا يهدده بل يصلي من أجل سلام العالم.
ظلت هذه القصة لمدة طويلة من أشهر معجزات القديس نيقولاوس.
ولما أكمل سعيه انتقل إلى الرب في ميرا، ودفن في كاتدرائيتها. وكانت أيام حياته تقترب من الثمانين سنة، منها حوالي أربعين سنة أسقفًا.


بعد نياحة القديس نيكولاس انتشرت سيرته العطرة وعمت أماكن عديدة في روسيا وأوربا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد على اسمه.. وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة.. وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعنى أب الميلاد وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا خاصة أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيا إنها مسقط راس بابا نويل.. ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا.. ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيكولاوس أو سانت نيقولا وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز..
أما الصورة الحديثة لبابا نويل، فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس الّذي كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان "الليلة التي قبل عيد الميلاد" يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد.

كنيسة الامير بالمنيا في اغنية عالمية

Monday, December 16, 2013

هل نوافق على الدستور؟! بقلم د. علاء الأسوانى ١٧/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

افترض أنك انتقلت إلى منزل جديد ووجدت فى نفس الدور الذى تسكنه جاراً شقته فى مواجهة شقتك، ثم سرعان ما اكتشفت أن جارك هذا شخص لا يطاق، فهو يرفض باستمرار أن يدفع إيصالات الكهرباء الخاصة بالمصعد وإضاءة العمارة، وهو يلقى بقمامته أمام شقتك ليتهرب من دفع أتعاب الزبال، وهو يتسبب بإهماله فى نشع المياه من حمامه على جدران شقتك، ثم يرفض إصلاح المواسير داخل شقته إلا لو كان الإصلاح على حسابك أنت. باختصار فإن هذا الجار يعتدى على حقوقك باستمرار فماذا تفعل؟! طبعاً ستحاول أن تحل المشكلة بالحسنى، لكن الجار المزعج يتمادى فى الاعتداء على حقوقك فلا يكون أمامك عندئذ إلا اللجوء للقانون. ستحرر محاضر فى قسم الشرطة بكل المخالفات التى يفعلها جارك، وستتحول المحاضر إلى قضايا تنظرها المحاكم.. افترض بعد ذلك أن حريقاً قد شب فى الدور الذى تسكنه مع جارك وراحت ألسنة اللهب تتصاعد لتهدد المبنى كله. سوف تهرع بالطبع لإطفاء الحريق، وهنا ستفاجأ بأن جارك الذى هو خصمك اللدود قد خرج إليك ليساعدك فى إطفاء الحريق.. ماذا تفعل عندئذ؟! أمامك طريقتان للتصرف: إما أن تقول لنفسك هذا الجار خصم لى وقد اعتدى على حقوقى وبالتالى لن أتعاون معه ولن أضع يدى فى يده أبدا حتى ولو كان ذلك من أجل إطفاء حريق يتهددنا جميعا.. أو تفكر بطريقة أخرى، فتقول لنفسك صحيح أن لدى مشكلة مع جارى، لكن خطر الحريق أكبر من هذه المشكلة، فلابد أن أؤجل مشكلتى مع خصمى وأتعاون معه حتى نطفئ الحريق، لأن هذا الحريق لو استمر سيدمر البيت كله بما فيه شقتى وشقة جارى وشقق السكان جميعا، وعندئذ لن يكون لدى ما أتنازع عليه مع جارى أساسا. طريقة التفكير الأولى، التى ترفض التعاون مع الجار الخصم لإطفاء حريق، تحمل- فى رأيى- الكثير من ضيق الأفق والتعصب وسوء التقدير، وهى لابد أن تنتهى بكارثة. أما طريقة التفكير الثانية، التى تعتبر الخصومة مع الجار تناقضاً ثانوياً وتعتبر التناقض الأساسى هو الحريق الذى يهدد المبنى كله، فهى الأنضج والأكثر موضوعية، لأنها تتخذ الموقف المناسب طبقا للظروف الواقعية.. ما علاقة هذه الحكاية بما يحدث فى مصر؟! لقد ثار الشعب المصرى بكل طوائفه ضد حكم الإخوان فى يوم ٣٠ يونيو، ثم انضم الجيش إلى الشعب ونفذ إرادته فى عزل محمد مرسى ورسم خارطة طريق للانتقال الديمقراطى، أعدت بموجبها لجنة الخمسين مشروعاً للدستور وطرحته للاستفتاء العام. لقد قرأت مسودة الدستور فوجدته فعلاً من أفضل الدساتير التى شهدتها فى مصر فى مجالات المواطنة ومكافحة التمييز والحريات العامة وحقوق الأقليات والمرأة والطفل والمعاقين، كما أنه يقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويجعل قراراته تحت رقابة مجلس النواب، الذى يمثل إرادة الشعب. هذا الدستور بحق يضع مصر على بداية النظام الديمقراطى باستثناء مادتين سيئتين. المادة التى تلزم رئيس الجمهورية بأخذ موافقة قيادات الجيش قبل تعيين وزير الدفاع. هذه المادة تتناقض مع النظام الديمقراطى، حيث الأصل أن الرئيس المنتخب من الشعب يملك سلطة تعيين وزير الدفاع وعزله بدون أخذ موافقة أى جهة كانت. على أن هذه المادة برغم عوارها من الممكن قبولها، أولاً لأنها مؤقتة ستسقط تلقائياً بعد ثمانى سنوات، كما أن واضعى الدستور أخذوا فى اعتبارهم الظروف الاستثنائية التى تمر بها مصر، وأرادوا أن يحافظوا على استقرار الجيش المصرى، وهو الجيش العربى الوحيد الذى خرج سالماً من تقلبات الثورات العربية. على أن هناك مادة أخرى لا تتسق إطلاقاً مع النظام الديمقراطى، ولا يمكن قبولها بأى حال، وهى تلك التى تسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية فى حالات معينة حددها الدستور. إن النظم الديمقراطية لا تعرف المحاكمات العسكرية للمدنيين تحت أى ظرف من الظروف، فالقضاء العسكرى غير مستقل، حيث يتولاه قضاة هم فى الواقع ضباط لهم رتب عسكرية ولهم رؤساء لا يستطيعون تجاهل أوامرهم، كما أن القائد الأعلى للقوات المسلحة من حقه- طبقاً للقانون العسكرى- إصدار العفو عن أى متهم أو إعادة محاكمته، مما يجعل مصير المتهم المدنى معلقاً فى يد قائد الجيش بغض النظر عن إدانته أو براءته. طبقا لمعايير العدالة الدولية، فإن القضاء العسكرى يفتقر للضمانات القانونية التى تضمن محاكمة عادلة للمتهمين المدنيين.. فى نوفمبر ١٩٥٤، لأول مرة فى تاريخ مصر، أحال الزعيم عبدالناصر متهمين مدنيين إلى المحاكم العسكرية فى أعقاب محاولة اغتياله الشهيرة فى المنشية بالإسكندرية، ومنذ ذلك التاريخ لم يكن القضاء العسكرى أداة لتحقيق العدالة للمدنيين، وإنما كان غالباً أداة للبطش بكل من تريد السلطة الانتقام منهم أو إسكات أصواتهم المعارضة لسياساتها. إن تحديد حالات معينة لإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية لن يكون له أثر كبير فى كبح جماح المحاكمات العسكرية، فالتهم المطاطة تتسع دائما للجميع، وأى مقال ينشر لا يعجب المؤسسة العسكرية من الممكن اعتباره تشويهاً لسمعة القوات المسلحة وتقديم كاتبه لمحاكمة عسكرية. لقد كانت تجربتنا مع القضاء العسكرى مؤسفة فى فترة حكم المجلس العسكرى السابق، فتمت إحالة آلاف المدنيين إلى محاكمات عسكرية تفتقر إلى أبسط قواعد العدالة. لقد وثقت مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية» شهادات مئات المتظاهرين السلميين الذين تم القبض عليهم بواسطة الشرطة العسكرية واقتيادهم إلى مبنى القضاء العسكرى، حيث وجدوا هناك زجاجات مولوتوف تم اتهامهم بأنهم استعملوها فى الاعتداء على الأفراد والمنشآت العسكرية، وصدرت ضدهم أحكام بالسجن سنوات بعد محاكمات سريعة لم تتجاوز مدتها أياماً قليلة، لم يمكنوا خلالها من الدفاع عن أنفسهم بطريقة عادلة وقانونية. قد يتساءل البعض: وماذا نفعل مع الجماعات الإرهابية التى تهاجم منشآت الجيش؟! هناك إجابة واحدة: إذا كنا نعيش فى دولة القانون بحق فإن كل من ارتكب جريمة (مهما كانت بشاعتها) يجب تقديمه لمحاكمة عادلة، وشروط هذه المحاكمة العادلة لا تتوفر فى القضاء العسكرى. إن الحرب على الإرهاب لا يجب أن تكون سبباً لحرمان المتهم من قاضيه الطبيعى، كما أن القضاء المدنى يستطيع دائما أن ينزل بالمتهمين أشد العقوبات التى تصل إلى الإعدام شنقاً، لكن ذلك يكون بعد محاكمة حقيقية تتوفر فيها ضمانات العدالة. لا يمكن أن نقدم المدنيين إلى محاكم عسكرية ثم نطلب من العالم أن يصدقنا عندما نؤكد أن مصر دولة ديمقراطية. ستظل المحاكمات العسكرية للمدنيين بمثابة هراوة غليظة فى يد السلطة تستطيع أن تهوى بها على رأس من تشاء وقتما تشاء. إن مخاوف المصريين من عودة دولة مبارك مفهومة ومشروعة. إن الحكومة الحالية انتقالية وغير منتخبة من الشعب، وبالتالى لا يحق لها إصدار القوانين، ومع ذلك فقد أصدرت قانوناً للتظاهر يقيد الحريات ويمنح سلطة منع المظاهرات لضباط وزارة الداخلية على عكس قوانين التظاهر فى الدول الديمقراطية التى لا تمنع فيها المظاهرات إلا بأمر المحكمة. بالإضافة إلى ذلك عادت وزارة الداخلية إلى ممارساتها القمعية، ورأينا كيف انقض الضباط على المتظاهرين السلميين أمام مجلس الشورى وضربوهم وسحلوهم، ثم قدموهم للمحاكمة، بينما لم يعاقب ضابط واحد من الذين رآهم الناس بأعينهم وهم يقتلون المتظاهرين أثناء الثورة. لقد عاد فلول نظام مبارك للظهور وظهرت شخصيات طالما عملت فى خدمة جمال مبارك وساعدته حتى يرث حكم مصر من أبيه، وكأنها مزرعة دواجن، وظهر من جديد رجال الأعمال الذين صنعوا ثرواتهم بفضل قربهم من مبارك، هؤلاء يمتلكون قنوات فضائية وصحفاً ويلعبون دوراً أساسياً فى توجيه الرأى العام ضد الثورة، ويشنون حملة كبرى للتشهير بكل من اشترك فى ثورة يناير التى يصرون على اعتبارها مؤامرة إخوانية، مع أن الإخوان- كما هو ثابت تاريخياً- لم يشتركوا فى الثورة وأدانوها، ثم قفزوا عليها لما تأكدوا من نجاحها. هناك إذن مخاوف مشروعة من عودة نظام مبارك إلى السلطة ومن قمع المعارضين بواسطة المحاكم العسكرية. ولكن هل تكفى هذه المخاوف لكى نرفض الدستور أو نقاطع الاستفتاء؟!
لا أجد إجابة أفضل من الحكاية التى أوردتها فى بداية المقال، فكما قبل الجار التعامل مع الجار الخصم لأن خطر الحريق أكبر من الخصومة، فإننا يجب أن نوافق على هذا الدستور لأن رفضه ستكون له عواقب أسوأ بكثير من المحاكمات العسكرية للمدنيين. إن الاستفتاء الذى سيجرى بعد أيام على الدستور الجديد هو فى جوهره استفتاء على عزل مرسى وإنهاء حكم الإخوان. سيكون يوم الاستفتاء أول مناسبة يثبت فيها المصريون أن ما حدث فى ٣٠ يونيو موجة ثورية أنهت حكم عصابة الإخوان الفاشية وليس انقلاباً عسكرياً، كما يردد الإخوان وأنصارهم. لقد ملأ الإخوان الدنيا صراخاً وعويلاً على ما سموه انقلاباً ضد رئيس منتخب، مع أن هذا الرئيس هو الذى قام بانقلاب ضد الديمقراطية عندما أصدر الإعلان الدستورى الذى ألغى بموجبه القانون ووضع قراراته فوق أحكام القضاء. لا توجد ديمقراطية بدون حق البرلمان فى سحب الثقة من رئيس الجمهورية المنتخب، لكن مصر لم يكن لديها برلمان لأن المحكمة الدستورية قضت بحله. فى غيبة البرلمان من حق الشعب أن يمارس سلطاته بنفسه، ولهذا فإن ما قامت به حملة تمرد، التى جمعت ملايين التوقيعات لعزل مرسى، إنما هو إجراء ديمقراطى تماماً بعد ذلك نزل ملايين الناس ليطالبون بعزل مرسى، وقام الجيش بتنفيذ إرادة الشعب.. الموافقة على هذا الدستور تعنى أن الشعب يوافق على عزل مرسى وإسقاط الإخوان، والعكس صحيح. حتى لو اعترضنا على بعض مواد الدستور فيجب أن نوافق عليه بأغلبية كبيرة، استكمالاً لمسار الثورة التى بدأت فى ٢٥ يناير ثم أصلحت مسارها فى ٣٠ يونيو. إن رفض الدستور أو ضعف الإقبال على التصويت فى الاستفتاء سوف يعود بنا إلى الوراء ويظهر ما حدث فى ٣٠ يونيو على أنه انقلاب، وسوف يعطى الإخوان شرعية لا يستحقونها.. واجبنا أن نوافق جميعاً على الدستور لندفع بلادنا إلى الأمام، ولتكن معركتنا القادمة من أجل بناء مؤسسات منتخبة تحقق العدل والحرية وتمنع مصر من العودة إلى النظام القديم وتمنع المحاكمات العسكرية للمدنيين.. واجبنا اليوم أن نتناسى أى خلافات بيننا، ونجتمع على دعم هذا الدستور بأغلبية كبيرة، لنثبت للعالم كله أن الشعب المصرى هو الذى قرر إنهاء حكم عصابة الإخوان، وأنه الآن يؤسس لدولته الديمقراطية.
الديمقراطية هى الحل

قاموس لدستور ثورة مصر «٦» .. دين الدولة بقلم د. مراد وهبة ١٧/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

جاء فى المادة الثانية من دستور ٢٠١٣ الذى أعدته لجنة الخمسين للاستفتاء أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع».
والسؤال إذن:
هل للدولة دين؟ وإذا كان لها دين فهل تُحاسب فى الآخرة؟ وإذا حوسبت وجاء حسابها بالإيجاب فهل تدخل فردوس النعيم ومعها مواطنوها بغض النظر عما ارتكبوه من آثام؟ وإذا حوسبت وجاء حسابها بالسلب فهل تدخل جهنم ومعها مواطنوها بغض النظر عما أتوا به من أفعال خيرة؟
هذه الأسئلة الشائكة مترتبة على القول بأن للدولة دينا، فهل هى بالفعل كذلك؟ وأنا أجيب بسؤال: ما الدولة؟ وجوابى هو أن الدولة صناعة بشرية أبدعها البشر فى القرن السادس عشر تطويراً للمدينة التى كان لفظ الدولة ملحقاً بها، إذ كان يقال «المدينة- الدولة». ومع التطور حذفنا لفظ مدينة واكتفينا بلفظ الدولة. أما الدين فمعتقد مطلق. فإذا قيل إن للدولة ديناً فهذا القول يعنى إلحاق المطلق بالدولة، ومن ثم تكون مطلقة، وهى ليست كذلك لأنها نسبية بحكم كونها صناعة بشرية. القول إذن بأن للدولة ديناً تترتب عليه نتيجتان متناقضتان وهما على النحو الآتى: إما أن ترقى الدولة النسبية إلى مستوى المطلق، وإما أن يهبط الدين المطلق إلى مستوى النسبى.

والسؤال بعد ذلك:

ماذا يحدث عندما ترتقى الدولة إلى مستوى المطلق؟ تصبح دولة دوجماطيقية، أى دولة تتوهم أنها مالكة للحقيقة المطلقة، ومن ثم تصبح دولة شمولية فتدخل فى تناقض حاد مع المادة ٦٥ التى تنص فى إحدى فقراتها على أن حرية الفكر مكفولة. وإذا كان التناقض الحاد يعنى إقصاء أحد الطرفين المتناقضين فالإقصاء ينصب بالضرورة على حرية الفكر وليس على الدولة الشمولية الثى تتميز بالقدرة على قهر المفكر الحر, وذلك باتهامه بالكفر كحد أدنى أو بالقتل كحد أقصى.
والسؤال بعد ذلك:
ماذا يحدث عندما يهبط الدين المطلق إلى مستوى النسبى؟
يحدث أحد أمرين: إما أن يتمطلق فيتجمد ويمتنع عن التطور، أو يتحول إلى نسبى وبذلك يفقد سمته الأساسية وهى أنه دين مطلق.
وثمة تناقض حاد ثان بين المادة الثانية والمادة ٦٤ القائلة بأن حرية الاعتقاد مطلقة. فهذه الفقرة لا تستقيم مع القول بأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
والسؤال هنا: ماذا يكون الحال مع مَنْ يكون لديه اعتقاد مناقض لمبادئ الشريعة الإسلامية؟ وفى صياغة أوضح، ماذا يكون حال البهائى فى إطار المادة الثانية؟ إنه يكون خارج نسق هذه المبادئ، أو بالأدق يكون غريباً إزاء ذلك النسق. كل من حزب الحرية والعدالة وحزب النور يستند إلى فكر ابن تيمية الذى يرفض إعمال العقل فى النص الدينى، أى يرفض التأويل الذى يقول عنه إنه «بدعة» وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، فإن هذا الرفض ينتهى إلى السمع والطاعة، ومن ثم إلى الإجماع، ومَنْ يخرج عن الإجماع يُتهم بالكفر. ويترتب على ذلك أن تكون الأصولية الإسلامية المتمثلة فى فكر ابن تيمية هى المعبرة عن المادة الثانية وليست معبرة عن الإسلام كدين، ومن ثم يصبح الحكم بالضرورة لأحد الحزبين الإسلاميين أو لهما معاً. والنتيجة الحتمية أن دستور ٢٠١٣ هو دستور أصولى.

Friday, December 13, 2013

حمائر مصر بقلم إسعاد يونس ١٣/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

■ إيه يا جدعان؟؟.. إيه بقى؟؟.. هو إحنا حانتسول الجنسية المصرية للمخرج محمد خان والا إيه؟؟.. ده راجل مقدم السى فى بتاعه من عمر فات.. سابقة أعماله منطورة على شرايط وتليفزيونات وموسوعات سينمائية.. وجوايزه مزوقة الحيطان ومالية الأرفف والسجلات.. ومعانا كمان صحيفة سوابق وفيش وتشبيه تحت الطلب.. راجل له علامات فى تاريخ أهم صناعة سينما فى الشرق الأوسط، بدءا من اكتشاف نور الشريف ليه فى فيلم «ضربة شمس»، وانتهاء بـ«فتاة المصنع»، ومرورا بـ«طائر عالطريق» و«نص أرنب» و«الحريف» و«عودة مواطن» و«خرج ولم يعد» و«زوجة رجل مهم» و«أحلام هند وكاميليا» و«أيام السادات» إلى آخر القائمة المشرّفة.. إيه بقى؟؟
■ بارك الله فى هذا المخترع الجهبذ.. راجل حايتبنيله قصر فى الجنة.. آه والله.. هذا الراجل أو الشاب.. غالبا شاب.. ويمكن عيل الله أعلم.. ما هو الفكرة بتلات تعريفة أصلا.. لكن سبحان الله العظيم مدغدغة الدنيا.. هو اخترعها لمجرد التسلية على أساس إنها لعبة يعنى وحاتعدى.. لعبة بتنزل ببلاش على التليفونات والآى بادات وكده.. اسمها كاندى كراش.. شوية بلى ملون المفترض إنه حلويات يعنى وكل ما تلاتة بلون واحد يتجمعوا يقوموا طاقشين فى بعض.. حاجة قمة الهيافة والبساطة.. يلعبها الناس فى العالم فى أوقات فراغهم من باب الترف الاجتماعى ويتنقلوا من ليفل للى بعده وخلاص.. وأحيانا يسجلوا نفسهم كلعيبة على الفيسبوك وتويتر قال عشان يتنافسوا ويذلوا بعض لما يحققوا نجاحات الانتقال من ليفل لآخر وهكذا.. لكن فى مصر هى تحمل معانى أخرى كثيرة.. مصر بقى وكل حاجة فيها بطعم ونكهة مختلفة..
■ فى مصر نلعب الكاندى كراش من باب فش الخلق.. نستعين بيها على الملل والتهنيج اللى طال أمخاخنا جميعا، طالبين من الله ولا يكتر على الله إنه يصبرنا على ما بلانا ولو بلعبة هايفة نحط فيها غلبنا بدل ما ندور الضرب ف بعضنا.. يلعبها المواطن وهو مفعوص جوه ميكروباظ لمدة ساعتين تلاتة فى خنقة مرورية مميتة ورائحة عرق النفر اللى ناقع باطه فى عصير لفت جنبه.. يمكن نوع من الانتقام من المجتمع المتسبب فى بطالته.. تلعبها أم قاعدة عالرصيف مستنية الواد لما يخلص امتحان وهى تردد فى سرها «إلهى تنشكى فى عينيكى يا أبلة عنايات وماتشوفيش البرشامة اللى مققت عينيا فيها طول الليل».. والمواطن اللى ملطوع مستنى عربية أنابيب البوتاجاز وهو يكرر «يخربيتك يا مُسعد يابتاع الأنابيب».. ألعبها أنا كثيرا كنموذج لمن يريد أن يتمالك أعصابه أمام حد مطلع روح أهله وحله الوحيد إنك تكور كلوة إيدك وتطوحها فى الهوا تلات مرات وتقوم مخيشها فى حنكه.. لو فيه تسجيل صوتى لضمائر المصريين من مدمنى هذه اللعبة لسجل على جهازه عبارات مثل «حسبى الله ونعم الوكيل فيك يا فلان.. إلهى يجيلك ويحط عليك يا منيل.. فوضت أمرى لله فيك وفى أمك اللى مكرهانى ف عيشتى.. يارب إمسكنى أحسن حارتكب جريمة قتل فى ولاد المجنونة طلبة الأزهر دول».. وهنا يكمن الاختلاف.. فالمجد للكاندى كراش النسخة المصرى.. كم تحقن كثيرا من الدماء..
■ بعيدا عن الملف الطبى وبلاويه.. ظاهرة بسيطة نحب نتكلم فيها.. طبيعى أن يرغى السادة الأطباء أثناء إجرائهم العمليات الجراحية.. ماهو بالنسبة لهم شغل عادى بيعملوه كل يوم.. يكون المريض ممددا على ظهره وبطنه مفتوحة أو قلبه أو مخه.. وهما بيشتغلوا عادى.. بالنسبة لهم مجرد حالة من كثيرات.. وعليه هات يارغى فى أمور الدنيا والحياة العامة والشخصية.. لكن المشكلة فى وقت تخدير الحالة واستعدادها للدخول فى النوم متبنجة وعد لحد عشرة والكلام ده أو بمجرد انتهاء العملية وفى لحظات الإفاقة وهما بيلطشوله وشه عشان يتأكدوا إنه ما دخلش فى غيبوبة بنج لا سمح الله.. بيحلالهم الرغى أكتر بقى.. وساعات التعليق على العملية أو الحالة اللى بين إيديهم.. فيقولك يا ساتر.. المريض ده تخين قوى.. كل ده كرش يابن الفجعانة؟؟.. أو على الله تنفد بقى المرة دى.. أصل السرطان منتشر فى المكان الفلانى.. أو أى تعليق من هذا النوع.. ولا أدرى.. هل العيب فى البنج ذات نفسه.. أم فى أخلاق الأطباء الجدد اللى ما لحقوش يتعلموا آداب المهنة من الأساتذة الكبار.. المشكلة يا سادة إن المريض فى حالات كتيرة بيسمع بتقولوا عليه إيه.. وبيفضل فاكره وممكن يخرج من غرفة العمليات وقد شفى من المرض.. لكنه أصيب بصدمة نفسية وعصبية مما سمع قد تودى بحياته بس بطريقة تانية.. فبلاش والنبى استعراض اللطافة والكوميديا أو الفتى بالمعلومات عن الحالة فى اللحظات دى.. ما حوبوكش يعنى..
■ وإذا كنتم تحبوا تعرفوا مثال نقولكوا واحد من كتير.. أنا وإخواتى وولادى فضلنا مخبيين على أمى إنها مصابة بالسرطان سبع سنوات كاملة.. وكنا ماشيين فى علاجات مختلفة والست بتتحسن معانا طول ماهى فاهمة إنه مش سرطان.. ماتت لما عرفت من الأطباء فى غرفة العمليات.. رغم إنها كانت بتعمل عملية عظام، ورغم إننا كنا منبهين عليهم.. يعنى حاجة بعيد عن مرضها الفعلى.. كفاية والا نقول كمان؟؟؟؟؟؟؟؟؟
■ نظرا للهوجة التى تجتاح مصر حاليا، من حيث إن أى حد بيعمل أى حاجة فى أى وقت.. وحالة البزرميط التى نعيشها بأداء مبهر وتفوق غير عادى.. قررت مجموعة من النسوة ذوات الصفات والقدرات الخاصة أن يجتمعن ويكونّ فرقة انتحارية بعنوان «حمائر مصر» و«ونسوان الساعة أبعة وبوبع».. وذلك بقيادة المعلمة صباح دلع النونّة رائدة ضرب الروسية وشد الشعر وتلطيش الصداغ فى الوطن العربى.. والحاجة شيل إيدك لاقطعهالك مدربة فريق الشقلطة القومى والحائزة على درع نتف شنب الدكر شعرة شعرة وهو واقف عالصاحى.. والكابتن ما تآخذنيش إنت اللى جبته لنفسك والمعروفة بقدرتها الخارقة على حمل الأثقال ودفسها فى صفايح الزبالة والقعاد فوقها حتى يفطس الزبون..
■ وقد عمل هذا الفريق الانتحارى على ضم كل النساء اللائى يحملن صفة الأنوثة بطاقة فقط.. الحكومة هى اللى أصرت على ذكر النوع فى البوطاقة.. وهو ما ينافى الحقيقة تماما.. حيث تتميز هذه الثلة الشرسة بالقوام المربع فاقد الملامح اللهم إلا من آثار هضبات عفا عليها الزمن وتحولت إلى كتل من الشحم الغير مطاطى.. والطول المشكوك فى أمره.. أما الأذرع فمدملكة بحيث تستطيع النتع بلا مجهود يذكر، خصوصا كل من تسول له نفسه أن يقاوم إنه يتشمط من قفاه ويتعلق فى أقرب عمود نور مكهرب.. ولك أن تحدث ولا حرج عن خُف الجمل الذى ينتهى به الذراع.. خُف ينزل عالخلقة يغير ملامحها من دكر لنتاية والعكس صحيح أو تبديل اتجاه الوش من رايح لجاى.. وتتميز هذه المجموعة بقوة فكها وحدة أسنانها لزوم القرم والقطم وعمل الحُفر فى الخد وأى أماكن أخرى تتمتع ببروز أو استدارة ما.. وبوجود جب خفى فى مكان الصدر يمكن إخفاء جميع أنواع الآلات الحادة والمسببة لعاهات مستديمة، بدءا من القبقاب المسمارى وانتهاء بالبشلة فيه.. وهو مكان آمن لا يمكن اكتشافه إلا بالبحث والتنقيب مما يعتبر فعلا مجرّما يستحيل الإقدام عليه من أجعص جعيص حتى لو كان الداخلية، حيث سيلبس قضية هتك عرض وتحرش رغم عدم تطابق التهمة مع الواقع..
■ وتعلن فرقة «حمائر مصر» أنها قد اكتمل عددها بحيث أصبحت مؤهلة لمقاومة أى عدد من البشر بأى أحجام أو أعمار أو نوع.. خصوصا العيال اللى اسمها حرائر دى.. وأنها فى الخدمة وتحت الطلب.. أى جامعة أى معهد أى شارع.. إحنا سدادين وتحت النظر.. وعلى رؤساء الجامعات والداخلية من الرجال وأمن الجامعات المدنى والعالم اللى مش عارفة تسد دى إنهم ياخدوا جنب شوية بقى.. اقعد هنا واشب شاى على ما أرجعلك يا زوق..
■ طالما مش عارفين تنفذوا قوانين ولا تلاقولكوا حل ولا عاوزين تاخدوا موقف.. والبنات طايحة ومستقوية ومتحججة بأنها حرائر.. إحنا بقى الحمائر.. تليفون زؤنن من أى عميدة كلية أو معهد أو أستاذة م اللى بيتضربوا ويتهزأوا ويتهانوا تحت نظر الرجالة أمات شنبات حاتلاقونا تحت الأمر ف غمضة عين..
■ العين بالعين.. والصنف بالصنف وأخد الحق م النسوان حرفة وصنعة إحنا أولى بيها.. هاتى الشبشب ياباتعة..
■ التوقيع «حمائر مصر».