Translate

Saturday, August 31, 2019

مصر زرعت القطن قبل محمد على بثلاثة آلاف سنة! بقلم د. وسيم السيسى ٣١/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

المفهوم الشائع عن زراعة القطن فى مصر أن زراعته بدأت فى عصر محمد على باشا إلى أن شرفتنى بالزيارة إلى منزلى الآثارية فينيس إبراهيم شحاتة، وعرفت منها أن محمد على باشا لم يُدخل زراعة القطن فى مصر، ولكنه استورد أنواعاً جديدة، كما أدخل صناعة القطن فى مصر، تذكر فينيس أن هيرودوت ذكر زراعة القطن فى مصر وأطلق عليه اسم: WOOD WOOL والترجمة الحرفية صوف الخشب! كذلك: PLINY بلينى ذكر أن الملابس القطنية كان الكهنة المصريون يلبسونها، كذلك CROWFOOT ذكر سنة ١٩١١ أن ثروة كوش والنوبة كانت من تجارة القطن فى الزمن القديم.
أكد علماء المصريات أن مصر عرفت زراعة القطن منذ عام ١٦٠٠ ق.م. أى منذ ٣٦٠٠ سنة مضت! تحقق هذا الكلام كله بواسطة فريق العمل المكون من فينيس إبراهيم، وإسلام إبراهيم، وأسامة شكرى، وسارة أحمد، الذين اكتشفوا ثلاث مومياوات بمنطقة المطرية، واحدة من هذه المومياوات الثلاث وجدوا طبقة من القطن بالبذور ما بين الجلد والكتان، تم عمل الصيانة بالمخزن المتحفى بعرب الحصن بالمطرية، يعود تاريخ هذه المومياوات إلى العصر المتأخر، الشىء المؤسف أنه لا توجد عن هذه المومياوات أى معلومات فى أى سجل!
تقوم بأبحاث القطن دكتورة سامية الميرغنى، ورئيسة فريق العمل الآثارية فينيس إبراهيم، والتى لها كتاب بالإنجليزية عن الأسنان فى مصر القديمة بعنوان:
DENTISTRY AND LETHAL DISEASES IN ANCIENT EGYPT.
تحدثنا فيه كيف كان أجدادنا يقومون برد الفك المخلوع بنفس الطريقة التى نقوم بها الآن «بردية أدوين سميث الطبية».
كذلك أول من صمم فرشاة الأسنان هى مصر القديمة، وهى تماماً كفرشاة الأسنان الحالية إلا أن اليد قصيرة.
كذلك حشو الأسنان المكون من سلفات النحاس والعسل الأبيض والصمغ، وكيف ظل العالم يستخدم هذه التركيبة من الحشو حتى ١٩٤٨م.
أما عن تسوس الأسنان فقد كان قليلاً بسبب عدم وجود السكر الذى لم تعرفه أو تصنعه البشرية من قبل، كذلك الحنكت «البيرة»، كمشروب قومى به تتراسبكين «مضاد حيوى» قاتل للبكتيريا «جون ١٩٩٩م».
كذلك تثبيت الأسنان بأسلاك من ذهب دقيقة جداً قطرها ٠.٣٥ ملم، أى خمسة وثلاثين بالمائة من الملليمتر!! والأعجب هو الثقوب الدقيقة داخل كل سنة!!
وأخيراً زراعة الأسنان، وكيف أن السنة أو الضرس المزروع يثبت إذا كان من توأم توفى، ولا يثبت إذا كان من قريب أو غريب!
وعمار يا مصر! ماذا تركتِ لغيركِ بعد ذلك؟!.


Friday, August 30, 2019

خالد منتصر - ادعموا مستشفى أبوالريش قلعة طب الأطفال - جريدة الوطن - 8/2019 /29

إذا أردت إطلاق وصف «خلية نحل» على منظومة عمل وأداء مصرية، فلن تجد أفضل من مستشفى أبوالريش، كأنك فى كوكب مستقل، آلاف المرضى فى حركة دائبة وطوابير طويلة وقوائم انتظار، وأطباء هم بالفعل بئر نفط هذا الوطن التى لا ولن تنضب وكنزها الذى لن يجف، تجد فيها الطفل الذى يُجرى جراحة قلب، والذى يعالج من مرض وراثى نادر ومن يجرى عملية حَوَل فى العين، ومَن تعالج من سكر النوع الأول والتى فى الحضانة ومَن هم فى غرف العمليات لإجراء جراحات فتاق وشفة أرنبية وعيوب خلقية بكل أنواعها، ومَن يعالج من التوحد أو فرط الحركة.. إلخ.... عالم رهيب فعلاً، مجرة كونية أخرى فى أبوالريش تحتاج دعمكم لكى تنهض بأعبائها وتؤدى واجبها، وهذه بعض المعلومات التى عرفتها من أ.د رشا جمال، مدير المستشفى، تأسس مستشفى الأطفال الجامعى التخصصى (أبوالريش اليابانى) عام 1983 بمنحة من اليابان فى البداية كان المستشفى مكوناً من 4 أدوار، ثم تمت إضافة دورين لتصميم 6 أدوار عام 1990، ويعد المستشفى أكبر مستشفى أطفال فى مصر والشرق الأوسط ويضم 380 سريراً منها 127 سرير رعاية مركزة، وبه 35 حضانة يتردد على المستشفى ما بين 1500 - 2000 مريض يومياً بإجمالى نصف مليون مريض سنوياً.
يضم المستشفى 10 غرف عمليات مجهزة، و3 غرف قسطرة قلبية بإجمالى 12000 - 15000 عملية سنوياً فى جميع التخصصات (جراحة عامة - أوعية دموية - جراحة رمد - جراحة قلب وصدر - جراحة مخ وأعصاب - جراحة مسالك - جراحة عظام) تجرى بالمستشفى حوالى 800 - 1000 قسطرة قلبية سنوياً و600 عملية قلب مفتوح.
تتوفر بالمستشفى 17 عيادة تخصصية تشرف عليها نخبة من أساتذة كلية الطب قصر العينى لخدمة الأطفال المرضى من جميع محافظات مصر (الرمد والحول - الأمراض الوراثية - الكولاجينية - الأمراض المتوطنة - أمراض الحساسية - الأمراض الصدرية - أمراض القلب - العظام - المسالك البولية - جراحة قلب وصدر - جراحة مخ وأعصاب - أمراض الكبد - الموجات الصوتية على القلب - الموجات الصوتية على البطن - الروماتيزم والتأهيل - العلاج الطبيعى).
تجرى بالمستشفى العديد من الخدمات منها (أشعة عادية - أشعة مقطعية - أشعة رنين مغناطيسى - رسم عضلات - رسم مخ - رسم قلب - موجات صوتية على القلب والبطن - معامل وظائف رئة) يتم إجراء 60000 - 70000 تحليل شهرياً بالمستشفى.
• أرقام حسابات التبرع لمستشفى أبوالريش اليابانى:
- حساب رقم (2222) بجميع فروع البنك الأهلى
رقم الحساب بالدولار الأمريكى (1469550924898200023) كود السويفت الخاص بالبنك الأهلى (NBEGEGCXXXX)
- حساب لجنة الزكاة بنك ناصر الاجتماعى (4667/3)
- رقم حساب CIB بالمصرى (100029636618)
رقم حساب CIB بالدولار (100029636642)
- أو أرسل رسالة قصيرة على رقم (9501)

Thursday, August 29, 2019

خالد منتصر - احترام الحساب الفلكى هو احترام للرؤية الشرعية - جريدة الوطن - 8/2019 /28

مصر من الإسكندرية إلى أسوان لا سؤال لها منذ يومين إلا «هل إجازة رأس السنة الهجرية هى السبت أم الأحد؟»، جاء الرد محيراً مكتوباً فيه: الإجازة أيها المواطن المصرى يوم الأول من شهر محرم!، تنورت المحكمة!!، ما إحنا عارفين أنه الأول من محرم، لكن متى بالضبط هذا الأول من محرم!؟، جاء الرد وفقاً للرؤية الشرعية التى ستكون بعد مغرب يوم الجمعة، أى سنعرف يوم الإجازة ونحن فى البيت فى إجازة أصلاً كنوع من المفاجأة!، والسؤال: ما فائدة أقسام الفلك فى كليات العلوم؟، ما فائدة هيئة الأرصاد والمركز القومى للبحوث؟، الحسابات الفلكية الآن تكتشف كواكب ومجرات، بالحسابات الفلكية الدقيقة يحددون متى ستهبط سفينة على المريخ بالدقيقة والثانية!، هل تعتمدون فى تحديد مواقيت الصلاة على ما قاله القدماء، هل تحددون وقت الظهر الآن بأنه إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، وهل نحدد وقت صلاة المغرب بأنها وقت مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَق؟!ُ، لماذا نحترم الحسابات الفلكية فى مواقيت الصلاة ونهملها فى تحديد بدايات الشهور؟، لماذا نترك أنفسنا لشعار «بختك يابو بخيت»؟، أول كلمة فى القرآن «اقرأ»، بمعنى «تدبر وابحث وتعقل»، والله لا يمنحنا رؤية شرعية تتناقض مع أسمى ما خلقه وهو العقل، وها هو العقل قد وصل إلى علم الحسابات الفلكية التى هى لا تتناقض مع الرؤية الشرعية والتى يمكن أن تكون بديلاً مثلما جعلناها البديل فى تحديد مواقيت الصلاة، والرؤية أشمل من البصر، والمجاز الإبداعى أعم من التحديد اللفظى، وهناك الكثير من الأمثلة التى تشير إلى أن الرؤية من الممكن أن تكون بالعقل لا بالعينين، وقد كتبت من قبل كثيراً أدعو إلى احترام الحساب الفلكى حتى ننشر فضيلة احترام المنهج العلمى وصرامته ودقته، وننقل العدوى العلمية إلى الناس، قلت من قبل إن انضباطات التوقيتات والمواعيد هى سمة تحضّر وحداثة، وعدم وجود أجندة مواعيد محددة لبدايات الشهور ونهايتها للبلاد الإسلامية وتركها لعشوائية رؤية العين للهلال هى سمة جمود وعدم مرونة، إذا احتجت مثلاً حجز طائرة أو فندق أو تحديد ميعاد مؤتمر طبقاً للتقويم الهجرى وحسب الإجازات..... إلخ قبلها بمدة ستفشل نتيجة هذا الإصرار على الرؤية الشرعية، وكان قد أعجبنى تعليق الصديق د.يحيى طراف عند رؤية هلال العيد عندما قال: «أعلن المفتى مساء الاثنين أن اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة فى أنحاء الجمهورية لم يتحقق لديها رؤية شرعية بصرية لهلال شوال، فيصبح يوم الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان، والعيد الأربعاء!. إن عدم تحقّق الرؤية البصرية لهلال شوال لا ينفى وجوده فى سماء البلاد المثبت فلكياً!!. وهل عدم تحقق الرؤية البصرية للميكروبات ينفى وجودها المثبت بالميكروسكوب؟ وهل عدم رؤية الكسر فى العظام تحت اللحم والجلد بصرياً ينفى حدوثه المثبت بأشعة إكس»، إن منح الحق المطلق فى إثبات رؤية هلال العيدين وبدايات الشهور العربية لدار الإفتاء، التى بدورها لا تملك من وسائل الرصد إلا أعين أعضاء لجانها الشرعية والعلمية المجردة، ليصبح حساب الشهور أمراً دينياً، يتحدد كل شهر فى اللحظة الأخيرة، هو أمر يجب إعادة النظر فيه، فى ظل وجود وسائل رصد متقدمة، وتقويم فلكى يحدد بدقة متناهية موعد ومكان ميلاد الأهلة لعشرات السنين.
إن تحديد المواقيت وبدايات الشهور هو شأن مدنى، يجب أن تتولاه الدولة، فنحن نتكلم عن أهِلّة موجودة فى السماء بالفعل أثبتتها الحسابات الفلكية الدقيقة والتليسكوبات العملاقة، وليس ينفى وجودها أن الأبصار لا تدركها، فميلاد الأهلة ليس فتوى تتصدى لها وتجتهد فيها دار الإفتاء، إذا أخطأت فلها أجر وإذا أصابت فلها أجران.

Tuesday, August 27, 2019

د. محمد أبوالغار يكتب: ٢٣ يوليو وخناقة كل عام: الثقافة والفن ٢٧/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


اهتمت أسرة محمد على بالثقافة والفن، فأنشأ الأمير يوسف كمال مدرسة الفنون الجميلة عام ١٩٠٨، التى أصبحت كلية الفنون بعد ذلك، وأعطت الفرصة لأبناء الشعب من الموهوبين لدراسة الفنون دراسة متميزة على أيدى أساتذة عالميين، والنتيجة ظهور عشرات الفنانين المصريين الموهوبين الذين وصلوا إلى مراتب عالمية بعد ذلك، وصنعوا فارقاً كبيراً بين مصر وجميع دول المنطقة. وهذه المدرسة لم تكن لأبناء الأمراء أو الباشاوات، بل كانت لأبناء الشعب المصرى، ومعظم النابغين من خريجى المدرسة كانوا من الطبقة الوسطى أو البسطاء المصريين. فتخرج من الدفعة الأولى محمود مختار الذى ساعده الباشاوات ليسافر إلى فرنسا؛ حيث نبغ وأبدع وملأ ميادين القاهرة والإسكندرية بتماثيله المذهلة. والمتحف المسمى باسمه غنى بتماثيل من مختلف الأحجام، وهو لم يكن فناناً فقط، بل اشترك فى ثورة ١٩١٩، وناصر سعد زغلول بفنه وكلماته. وتخرج معه المبدعون راغب عياد ويوسف كامل، ثم توالت أجيال الفنانين الكبار. الملك فؤاد كان على مستوًى عالٍ من الثقافة، وكان مهتماً بالتعليم، فرأس اللجنة التى أنشأت جامعة القاهرة (فؤاد الأول) وكان وجوده عاملاً مهماً لتنفيذ هذا المشروع. فى هذه الفترة ازدهرت الحركة الثقافية المصرية، ونشطت حركة الترجمة للثقافة العالمية إلى اللغة العربية، وكان لامتزاج كبار المثقفين المصريين بالغرب أثر كبير فى قيام نهضة ثقافية أدبية. فتوفيق الحكيم وزملائه، ثم نجيب محفوظ فى الجيل التالى وزملاؤه هم نتاج لعصر الليبرالية الفكرية والانفتاح على الثقافات العالمية، وبالرغم من أن الفكر والثقافة الماركسية ومشتقاتها كانت موجودة ومتوفرة، وأثرت تأثيراً كبيراً على شباب الثلاثينيات والأربعينيات، وأدت إلى طفرة ثقافية وأدبية كبيرة، إلا أن نظام ما قبل يوليو كان يقف بكل قوة ضد أى نشاط سياسى شيوعى، وكان اعتناق الشيوعية تهمة، سجن بسببها الكثير من الموهوبين المصريين، ولكن السجون كانت لفترات قصيرة، وكانت المحاكمات عادلة انتهت معظمها بالبراءة. انتشار الثقافة من مختلف الاتجاهات يميناً ويساراً أدى إلى حركة فكرية واسعة النظاق أنتجت عدداً كبيراً من المبدعين الذين ظهرت موهبتهم بعد ٢٣ يوليو ولكن تمت صناعة الموهوبين فيما قبل ٢٣ يوليو. لمع نجم يحيى حقى وحسين فوزى ويوسف إدريس قبل ٢٣ يوليو، ولكن نجوميتهم الكبيرة ظهرت بعد ٢٣ يوليو. أم كلثوم وعبدالوهاب والقصبجى والسنباطى ويوسف وهبى وفاتن حمامة وشادية هم نجوم ما قبل ٢٣ يوليو، ولكنهم استمروا، ولمعوا بعدها بعد أن احتضنهم النظام. اهتمت ٢٣ يوليو بالفن واستخدمته، فتبنت عبدالحليم حافظ والموجى والطويل وبليغ حمدى وشعراء العامية وعلى رأسهم صلاح جاهين. أنشأ بعض الباشاوات والأغنياء والمثقفين عدداً من الجمعيات الأهلية التى تعنى بالثقافة، وكان لها تأثير فى وجدان المصريين، وشجعت الشباب على إظهار مواهبه. الفن التشكيلى حدث فيه تطور كبير وواكب التطور العالمى، وظهر فيه مبدعون من عباقرة التشكيليين المصريين الذين قدموا تجارب رفيعة فى الفن. ولكن كان جانبٌ كبيرٌ من المشتركين فى هذا النشاط من أصول أجنبية، وكانت لغة الفن التشكيلى وكتبه ومطبوعاته كلها بالفرنسية.
بعد ٢٣ يوليو، وبعد التغييرات الاشتراكية واختفاء طبقة كبار الأغنياء، حدثت انتكاسة فى رعاية جميع أنواع الفنون والآداب، ولكن عبدالناصر كان واعياً بذلك، وعين ثروت عكاشة وزيراً للثقافة فنقل الرعاية من الأفراد إلى الدولة، واهتم بالنشر، وبدأ نشاط دور النشر الحكومية التى قدمت طبعات بأثمان زهيدة للقراء من الفقراء، فتوسعت دائرة القراءة بدرجة كبيرة، وأنشأت قصور الثقافة فى مختلف أنحاء مصر التى أوصلت الفنون إلى البسطاء فى أماكن تواجدهم.
وأنشأ الكونسيرفتوار ومعاهد السينما والمسرح والباليه وكانت الدولة سخية فى الصرف على هذه الأنشطة التى أوصلها نظام ما بعد يوليو إلى الملايين من المصريين بعد أن كانت مقصورة على فئات صغيرة من الأغنياء ومجموعات الأجانب الذين كانوا يعيشون فى مصر.
بالرغم من هذا التوسع، أراد النظام أن يحدد المبدعين داخل قالب أيديولوجى معين، ومن خرج عن هذا القالب تعرض إلى عقاب وصل أحياناً إلى السجن. وظهر سيف الرقابة على السينما والمسرح والكتاب، وسجن بعض المبدعين لفترة قصيرة أو طويلة، مثل ما حدث ليوسف إدريس ولويس عوض وفؤاد حداد وصنع الله ابراهيم وغيرهم الكثير. وكان السجن لفترات قصيرة بسبب رواية أو كتاب لا يروق للنظام، أما الذين سجنوا بسبب أفكارهم وانضمامهم إلى تنظيمات يسارية، فكان السجن لمدة طويلة، وكان هناك فارق كبير بين سجن الشيوعيين قبل ٢٣ يوليو، من سجن الأجانب مع معاملة جيدة لفترات قصيرة إلى عقاب شديد بعد ٢٣ يوليو بفترات سجن لسنوات طويلة فى سجون منعزلة فى الصحراء وظهر التعذيب الشديد فى معاملة المسجونين السياسيين والذى أدى إلى وفاة البعض وأشهرهم شهدى عطية الشافعى.
قبل ٢٣ يوليو، كانت الثقافة عموماً يتذوقها، ويتمتع بها الطبقة الغنية المثقفة، وكان بعيدة عن الشعب، وإن كان الكثير من المبدعين فيها من الفقراء. وكانت تمول من الأغنياء والأمراء، أما بعد ٢٣ يوليو، فكانت الثقافة متاحة للجميع، بالقرب منهم بأسعار زهيدة وممولة بالكامل من الدولة ولكن كل شىء كان يتم تحت إشرافها وبرقابة شديدة الوطأة.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

خالد منتصر - «الخروج من الأرض السودا» - جريدة الوطن - 8/2019 /27

«القبح ظاهر والجمال مدفون» هى الجملة المفتاح وحل الشفرة. بين المطرية التى كانت والتى أصبحت تدور أحداث تلك الرواية البديعة المدهشة بتفاصيلها الموجعة «الخروج من الأرض السودا» للروائى والطبيب أحمد يوسف شاهين، والصادرة عن دار نهضة مصر، الأرض السودا التى يدور فيها صراع بين من ينقب عن الآثار وبين من ينهب ويقيم العمائر ويبيع الوهم للبسطاء. الرواية مقسمة إلى فصول، كل فصل يحمل اسم شخصية من شخصيات الرواية، تحكى القصة من زاوية رؤيتها، يُذكّرك ذلك بتكنيك رواية «الرجل الذى فقد ظله» للروائى الكبير فتحى غانم، هو تكنيك صعب لأنه كلعبة البازل، كل شخصية تُكمل الناقص وتكشف المسكوت عنه مما أخفته الشخصيات الأخرى، حتى تكتمل الجدارية الروائية فى النهاية. القارئ والشخصية يشاركان فى هذا البناء الملحمى، لم تفلت من المؤلف خيوط هذا النسيج الروائى الصعب، ظل يجذبك كقارئ حتى النهاية بذكاء ولؤم روائى جميل ومشروع. المطرية هى لقطة عدسة الزووم الظاهرة التى يحملها المؤلف فى كفه، مصر هى لقطة عدسة البانوراما التى يخفيها المؤلف فى جيبه.
البداية مدهشة، تمسك بتلابيبك وتضعك أمام مواجهة تلهث مع تفاصيلها حتى نهاية الرواية. ماهر مختار هو مينا السرجاوى! مفاجأة تفاصيلها دامية، كُتبت بقلم الخوف وألم العبودية، مينا المسيحى كان عبداً عند آل الدهشورى فى قنا، وكان يجهز سرج الركوبة للحاج عادل! نعم، عبد بكل تفاصيل العبودية، وعندما علت العين على الحاجب ونشأت علاقة بين بنت الدهشورى وابن الأنجاس، كما كان عادل الدهشورى يصفهم، أُحرقت بيوتهم وهرب مينا من الثأر إلى المطرية وصار ماهر!! تزوج وأنجب وهو يحمل هذا الاسم والجميع يتعامل معه على أنه ماهر المسلم الذى يصلى معهم الفجر. تيمة العبودية تظل تلاحقك مع كل سطور الرواية كتنويعات على نفس لحن القهر فى زمن وتوقيت مفصلى فى تاريخ مصر، ما بعد ثورة يناير.
مينا أو ماهر هو المحور، لكن هناك عدودات حزن مختلفة مع كل نغمة، هناك ابنه ممدوح ماهر، تاجر البالة الحالم باقتحام دنيا التمثيل والذى يقع فى حبائل طارق السلامونى المخرج الذى يستغله فى فيلم تسجيلى عن قاع المطرية وأبيه الهارب المتنكر، ممدوح الذى أحب رانيا بنت عبدالمسيح الجواهرجى وشقيقة ضابط القسم هانى، هناك مريم بنت سلامة المغترب فى السعودية منذ سنوات، التى تتشكل بذرة الرواية من التقليب فى ألبوم صورها، تهوى الرسم مثل أمها وتُقهر مثلها عندما تُجهض ألوانها وخطوطها، تتزوج من عزت زواجاً روتينياً وتعيش عبدة لروتين العريس الجاهز والستر المنتظر، وكما خدعها عزت، خدع الأب أمها وتزوج من صديقتها سالى التى لم تجد شيئاً تستثمره فى غابة الضباع إلا جسدها، مصعب شقيق مريم المتطفل على المجتمع المخملى والذى لا يستطيع التخلص من جلباب المطرية برغم السينيهات الباريسية، خال مريم محمد الجارحى الإخوانى الانتهازى الذى يشارك رضا صاحب الوكالة الجشع وأمير الشيخ السلفى المنافق فى مشروع عمارات الأرض السودا، المؤامرة يشترك فيها رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب ووالد المخرج الكاره للمطرية وأهلها، يبيعون الوهم فى الهواء وقبل البناء بإيصالات، هناك عائشة نموذج البنت المصرية الذى نراه يتكرر كثيراً حتى صار القاعدة، البنت التى زرعنا فيها إحساس الذنب منذ طفولتها، كلما قتلت أنوثتها أكثر صعدت درجات سلم الفردوس، صارت داعية فى بيوت الأرستقراطيات، كانت صدمتها فى النهاية فى حبيبها الذى استخدمها، تورطت فى قضية اغتيال ضابط شرطة، انتهت بالهروب وإجراء جراحة تكبير ثدى!
تفاصيل الرواية متشعبة لكنها مثل شبكة الصياد «الشانشلة» التى عشقها مينا السرجاوى، تستطيع بسحب خيط واحد صيد كل السمك الذى يقفز متلألئاً إلى حيث الضوء الخادع المراوغ، إنها تجربة روائية تستحق الاهتمام والإشادة والقراءة والاقتناء، أحببتها وسعيت إلى أن تشاركونى هذا الحب.

Sunday, August 25, 2019

سلبيات وسائل الإعلام بقلم الأنبا موسى ٢٥/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

ذكرنا فى العدد الماضى كما أن لوسائل الإعلام إيجابيات لها أيضًا سلبيات وذكرنا منها:
١- التأثير الروحى.
٢- التاثير الثقافى.
٣- التأثير السلوكى
٤- التأثير العائلى:
ونقصد به أثر التليفزيون والإنترنت على العلاقات الأسرية، ليس فقط من جهة احتمال تشجيع أحد الزوجين على السلوك المنحرف كسعى الزوج للزواج من أخرى، أو للطلاق من زوجته أم أولاده، ولكن من جهة «تفتيت» أو «تفكيك» الأسرة. فمعروف أن الكبار يحبون مشاهدة برامج معينة، إخبارية أو ثقافية، بينما يحب الشباب مشاهدة مباريات الكرة، والشابات الأفلام الرومانسية. وهكذا، إذ لا يتفق الجميع على مشاهدة واحدة، يكون لكل منهم موبايله أو تليفزيونه الخاص فى حجرته، ليشاهد ما يروق له.. أضف إلى ذلك ما يختاره من مواقع الإنترنت.
وهكذا تتفكك الأسرة، وتكاد لا تجتمع، لا للصلاة، ولا حتى للعشاء معًا، فى روح الألفة والمحبة.
■ وفى التجربة التى ذكرناها سابقًا، حينما أغلقت مجموعة من الأسرات أجهزة التليفزيون لمدة شهرين طواعية، لاحظ الباحثون أن:
١- الأسرة بدأت تتماسك، إذ اجتمعت الأسرة كثيرًا لتناول الطعام أو التسامر، وأعطى الوالدان وقتًا للاستماع لمشاكل أولادهم وبناتهم... إلخ.
٢- الأسرات بدأت تتزاور.. فمع الفراغ الذى أنشأه إغلاق التليفزيون، وجدت الأسرات وقتًا أوسع للتزاور وتكوين علاقات محبة بناءة..
فالتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى فى غاية الخطورة، إنهما يهددان نسيج الأسرة الواحدة، والمجتمع بأسره.
■ إن التليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى واليوتيوب تقدم مسلسلات جميلة، تحث الأسرة على الترابط والتماسك، وتنشر فى أجيالنا المحبة والإيثار والفضيلة.. أما تلك الأفلام التى تقدم لنا أسرًا مريضة أو مفككة، وكأنها القاعدة وليست الاستثناء، فلها تأثير سلبى خطير فى تكوين شباب لا يؤمن بالالتزام المقدس بالشريك الآخر، ويرى فى التفكك والطلاق والخيانة الزوجية، أمورًا عادية وشائعة، فلماذا يجهد نفسه
هو فى حياة العفة والبذل والاستقامة، ما دام الانحراف هو السائد؟!.
٥- التأثير المجتمعى:
ونقصد به التأثير فى الجماعة الوطنية كلها، على امتداد الوطن بأسره. وهنا نجد الكثير من القضايا الهامة التى يجب أن يقدمها الإعلام بأسلوب إيجابى، وهذه بعض الأمثلة:
أ- الإيمان بالله: فى مواجهة أنواع الإلحاد المعاصر، فهناك من لا يؤمنون بوجود الله، وهناك من يرفضون الله، وهناك من يقولون: «لا ندرى»، وهناك رواد مسرح «العبث» فى فرنسا، الذى ينكر وجود الله، ويؤكد - فى جهالة - استحالة الوصول إليه. أضف إلى ذلك الماركسية الملحدة، والمادية، ومذاهب الحلول الإلهى فى الكون (Pantheism)، التى تتصور كل شىء جزءا من الله: الإنسان والجماد والنبات وكل الكائنات..
ب- القيم المشتركة: وما أكثرها، سواء قيم الفضيلة على المستوى الفردى والعائلى والعام، مثل المحبة، ونشر الخير، والشجاعة، والشهامة، والإيثار، والتضحية، والعفاف، والإخلاص، والوفاء، ونشر السلام، والصلاح، وغير ذلك من فضائل يمكن عرضها فى قصص وأفلام قصيرة، وبطريقة درامية مؤثرة، تغيِّر الأجيال الصاعدة، نحو الأفضل.
ج- التاريخ المشترك: والكفاح الوطنى للجماعة المصرية ضد أشكال الاستعمار: الإنجليزى أو الفرنسى أو الإسرائيلى، وكيف عملنا معًا للخلاص منه. بل حتى فى «حروب الفرنجة»، التى تسمى خطأ بالحروب الصليبية، ناضل الأقباط مع إخوتهم المسلمين ضد المستعمر الغربى، الذى كان يتشدق بالصليب، ليستعمر البلاد، والصليب منه براء! وقد أُعجب صلاح الدين الأيوبى بتلك الروح الوطنية للأقباط، فأهداهم «دير السلطان» بالقدس، تقديرًا لدورهم معه، فى النضال ضد الاستعمار.
د- القضايا الاجتماعية: كالبطالة والفقر والمرض، وكيف يمكننا مكافحة كل ذلك من خلال جهود مشتركة مبتكرة، يسهم فيها الكل. كذلك قضية «محو الأمية» و«ختان الإناث» و«الثأر» و«الخرافات» و«الغيبيات» و«السحر والأعمال».. وغير ذلك من أمور تهم الجميع، ونحتاج فيها إلى توعية شاملة.
ه‍‍- مكافحة الآفات الضارة للإنسان: مثل السجائر (وما يتبعها من سرطان فى الرئة وأمراض فى القلب والمعدة، وسلب للإرادة والمال، وإيذاء للآخرين فيما يسمى «التدخين السلبى».. أو المخدرات (التى تحدث تآكلًا فى المخ، وانعزالاً عن المجتمع والأسرة، وأعراض انسحاب مدمرة، ونهايات قاتلة بالسجن أو الموت). ويمكننا تقديم دراسات مشتركة شعبية حول «الخمور والمسكرات» (وما تحدثه من سرطان فى الكبد).. أو السلوك الجنسى المنحرف، خارج الزواج، أو من خلال الجنسية المثلية، وما يستتبع ذلك من «الأمراض المنقولة جنسيًا» (Sexually Transmitted Diseases) مثل الزهرى والسيلان والهربس والكالاميديا والإيدز...).
و- القضايا الوطنية: التى نتبناها جميعًا مثل القضية الفلسطينية، والعراق، والشرق الأوسط الكبير، ومكافحة الإرهاب العالمى، وغير ذلك من قضايا نتفق عليها جميعًا، وندعمها بكل ما نستطيع.
■ ■ ■
إن تأثير الإعلام والتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعى على المجتمع غاية فى القوة والخطورة. لذلك ينبغى أن يكون وراء كل هذا - إن امكن - «عقل جمعى حكيم»، يخطط له فكريًا، ويحول الأفكار البناءة إلى برامج وأفلام ومسلسلات، تبنى الإنسان المصرى، وتدفعه فى طريق النمو والتقدم والإنتاج.
وهنا يأتى السؤال: «ما هو سرّ قوة تأثير وسائل الإعلام؟».. هذا حديثنا القادم إن شاء الله.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


خالد منتصر - رئة العالم تحترق ونحن مشغولون بريهام - جريدة الوطن - 8/2019 /24

الإعلام فى العالم كله لا حديث له إلا عن احتراق غابات الأمازون، ونحن فى مصر مشغولون منهمكون فى الحديث عن ريهام سعيد!!
تخيل أن رئتك تآكلت تماماً كيف ستعيش وتواصل الحياة؟!
هذا هو الحاصل بالضبط فى التعامل مع تلك الحرائق بهذا الهلع والفزع، غابات الأمازون هى باختصار معظم الرئة التى تمنح العالم الأكسجين وتمتص الغازات السامة، لذلك عندما صرح الرئيس البرازيلى بأن ذلك شأن داخلى، هاج العالم وماج وهاجمه لأنه بهذا التصريح يثبت لامبالاته التى ستجلب الكوارث على العالم الذى قرر وضعها على قمة مناقشات الدول السبع.
لكن، ما هى تلك الحرائق وما هو تأثيرها أيها القارئ العزيز؟
سننحى جانباً ملحمة الإعلامية ريهام لنتفرغ دقائق لعرض معلومات وأرقام ذكرها المهندس محمد يوسف فى إضاءات عن الكارثة التى لو لم نتحكم فيها لكانت نهاية العالم:
منذ بداية العام وحتى الآن، اكتشف مركز أبحاث الفضاء فى البرازيل «INPE» ما يقرب من 73 ألف حريق. ما يمثل زيادةً بنسبة 83% عن عام 2018 فى نفس الفترة الزمنية، وهو أعلى رقم مسجل للحرائق منذ أن بدأت عملية رصدها فى العام 2013.
آثار الأضرار التى لحقت بالأمازون تتجاوز البرازيل وجيرانها، تنتج الغابات المطيرة فى المنطقة أكثر من 20٪ من الأكسجين فى العالم، و10% من التنوع البيولوجى المعروف لدينا. وهى موطن لأكثر من 16 ألف نوع مختلف من الأشجار، و2.5 مليون نوع من الحشرات، و40 ألف نوع من النباتات، و2200 نوع من الأسماك، و1300 نوع من الطيور، و427 نوعاً من الثدييات، و430 نوعاً من البرمائيات، و380 نوعاً من الزواحف.
وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تطلق هذه الحرائق ملوثات كثيرة، بما فى ذلك الجسيمات والغازات السامة مثل أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية، فى الغلاف الجوى.
يمتص النظام البيئى للغابات ملايين الأطنان من انبعاثات الكربون كل عام. وعندما يتم قطع هذه الأشجار أو حرقها، فإنها لا تطلق الكربون الذى كانت تخزنه فحسب، بل ستختفى أداة مهمة للغاية لامتصاص انبعاثات الكربون. مما يزيد من كمية الحرارة التى يمتصها الغلاف الجوى، والمعروفة باسم الاحتباس الحرارى.
ويشار إلى غابات الأمازون المطيرة باسم «رئة الكوكب»، وتلعب دوراً رئيسياً فى تنظيم المناخ. سيتغير العالم تغيراً جذرياً إذا اختفت هذه الغابات المطيرة، مما سيترك آثاره السلبية على كل شىء، بدايةً من المزارع ومياه الشرب إلى قدرتنا على تنفس الهواء.
وفقاً للباحثين، يشكل تغير المناخ تهديداً وجودياً قريب الأمد للحضارة الإنسانية بأكملها، وهناك احتمالية كبيرة أن ينهار المجتمع البشرى بحلول العام 2050، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جدية للتخفيف من التغير المناخى فى العقد المقبل.

Saturday, August 24, 2019

خالد منتصر - التفسير النفسى لقذف القطارات بالطوب - جريدة الوطن - 8/2019 /23

كنت قد تساءلت فى مقال سابق: هل الأطفال الذين يقذفون القطارات بالطوب هم مرضى نفسيون؟ وصلتنى إجابة من الصديق والطبيب النفسى والكاتب المهتم بنشر ثقافة الصحة النفسية إعلامياً د. إبراهيم مجدى قائلاً إنه اضطراب انحراف السلوك المسمى بالإنجليزية «conduct disorder».
ويصفه د. إبراهيم مجدى بأنه نمط السلوك المتكرر والمستمر الذى تُنتهك فيه الحقوق الأساسية للآخرين أو القواعد الاجتماعية الملائمة الرئيسية، كما يتضح من وجود ثلاثة على الأقل من المعايير الخمسة عشر التالية مستمرة خلال عام:
� العدوان على الناس والحيوانات:
1 - فى كثير من الأحيان تخويف أو تهديد الآخرين.
2 - غالباً ما يبدأ معارك جسدية.
3 - استخدام سلاح يمكن أن يتسبب فى أضرار جسدية خطيرة للآخرين (على سبيل المثال: زجاجة مكسورة، سكين، بندقية).
4- سلوك قاسٍ جسدياً ضد الناس.
5- قسوة جسدية على الحيوانات.
6- سرق أثناء مواجهته للضحية (على سبيل المثال، عمليات السطو أو الخطف أو الابتزاز أو السرقة المسلحة).
7- إجبار شخص ما على ممارسة النشاط الجنسى.
� تدمير الممتلكات:
8 - شارك عمداً فى إطفاء الحرائق بقصد التسبب فى أضرار جسيمة.
9- قام بتدمير ممتلكات الآخرين عن عمد (بخلاف إطفاء الحرائق).
� الخداع أو السرقة:
10 - اقتحم منزل أو مبنى أو سيارة شخص آخر.
11 - غالباً ما يكذب للحصول على السلع أو الخدمات أو لتجنب الالتزامات (مثل «سلبيات» الآخرين).
12 - سرق عناصر لا قيمة لها من دون مواجهة الضحية (على سبيل المثال، السرقة، ولكن دون كسر واقتحام، التزوير).
� انتهاكات خطيرة للقواعد:
13- غالباً ما تكون فى الليل على الرغم من المحظورات الأبوية التى تبدأ قبل سن 13 عاماً.
14 - هرب من المنزل بين عشية وضحاها على الأقل مرتين أثناء العيش فى منزل بديل للوالدين (أو مرة واحدة دون العودة لفترة طويلة).
15 - غالباً ما يتغيب عن المدرسة، ويبدأ قبل سن 13 عاماً.
من المقدّر أن تؤثر اضطرابات السلوك على 51.1 مليون شخص على مستوى العالم اعتباراً من عام 2013. تتراوح النسبة المئوية للأطفال المتأثرين باضطراب السلوك من 1 إلى 10٪، فى أوساط الشباب أو الشباب المحتجزين فى مرافق احتجاز الأحداث، تتراوح معدلات اضطراب السلوك بين 23٪ و87٪.
بعد وصف الاضطراب ومدى انتشاره، نأتى للسؤال الأهم وهو سبب الاضطراب والمخاطر التى تؤدى إلى ظهور أعراض المرض.
السبب الدقيق لاضطراب السلوك غير معروف، لكن يُعتقد أن توليفة من العوامل البيولوجية والجينية والبيئية والنفسية والاجتماعية تلعب دوراً فى ذلك.
بيولوجية: تشير بعض الدراسات إلى أن العيوب أو الإصابات فى مناطق معينة من الدماغ يمكن أن تؤدى إلى اضطرابات سلوكية.
وراثية: قد يكون موروثاً جزئياً على الأقل.
البيئة: قد تسهم عوامل مثل اضطراب الحياة الأسرية، وإساءة معاملة الطفولة، والتجارب المؤلمة، والتاريخ العائلى لتعاطى المخدرات، والانضباط غير المتسق من قبَل الوالدين فى تطور اضطراب السلوك.
نفسية: يعتقد بعض الخبراء أن الاضطرابات السلوكية يمكن أن تعكس مشاكل فى الوعى الأخلاقى (لا سيما الافتقار إلى الشعور بالذنب والندم).
الاجتماعية: الوضع الاجتماعى والاقتصادى المنخفض وعدم قبول أقرانهم يبدو أنه من عوامل الخطر لتطور اضطراب السلوك.
كيف يتم علاج اضطراب السلوك؟
يعتمد علاج اضطراب السلوك على العديد من العوامل، بما فى ذلك عمر الطفل، وشدة الأعراض، بالإضافة إلى قدرة الطفل على المشاركة فى علاجات محددة وتحملها. يتكون العلاج عادة من مزيج مما يلى:
العلاج النفسى: يهدف العلاج النفسى (نوع من المشورة) إلى مساعدة الطفل على تعلم التعبير عن الغضب والسيطرة عليه بطرق أكثر ملاءمة، وبما يسمى العلاج المعرفى السلوكى.
الدواء: على الرغم من عدم وجود دواء معتمد رسمياً لعلاج اضطراب السلوك، يمكن استخدام العديد من الأدوية (خارج الملصق) لعلاج بعض أعراضه المؤلمة (الاندفاع والعدوان)، وأى أمراض عقلية أخرى قد تكون موجودة، مثل ADHD أو الاكتئاب الشديد.

Friday, August 23, 2019

خالد منتصر - الحلاق وتوزيع الفيروسات فى مصر - جريدة الوطن - 8/2019 /22

وصلتنى رسالة من د. بهى الدين مرسى. وهو، فضلاً عن أنه طبيب مهتم بنشر الثقافة الصحية فى مصر وسبل الوقاية، هو مثقف نابه مهتم بالشأن الفكرى العام فى مصر، يدق فى رسالته ناقوس الخطر لبعض الممارسات الضارة فى صالونات الحلاقة ويحذر، والدولة تقود حملة ضد فيروس «سى»، من تلك الممارسات التى من الممكن أن تصبح باباً خلفياً يسبب الانتكاسة من جديد، يقول فى رسالته:
سواء كان الحلّاق، الكوافير، الكوافير الحريمى، المزيّن، حلاق الصحة، صالون التجميل، الباديكير، المانيكير... المهم اختر أنت المسمى حسب مكان سكنك (ابتداء من أبورواش مروراً بالحلمية وانتهاء بالزمالك).
كل هذه الأماكن، يا سادة، تستخدم آلات التجميل: مقص، شفرات، قصافات، مشط معدنى... إلى آخره، وهى وسائل مؤكدة لنقل العدوى، خاصة العدوى الفيروسية، وتحديداً الإيدز والالتهاب الكبدى (C).
كل ما يهمنى هنا فضح الخدعة الكبرى التى يأتيها الحلاق، وإليك الفاجعة:
1- طبعاً يرش الحلّاق الشفرة بالكولونيا، وأنت تظن أنها قد تعقّمت!! وبعضهم يذهب أبعد قليلاً ويأتى بحركات تشبه الحاوى فيرش النصل بالكولونيا ويفتح ولّاعة السجائر وهو يرش رذاذ الكولونيا على النصل، وحضرتك تنبهر بالتعقيم وكأنك فى مصنع أدوية!!
التعقيم بالنار (التعقيم الساخن) لا يتأتى إلا بالوصول بالمعدن إلى درجة الاحمرار، وما دون ذلك فهو خدعة.
2- بعض صالونات الحلاقة الأنيقة (بالديكورات فقط) تستخدم حاوية التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية. عظيم، ولكن التعقيم بهذه الطريقة يلزمه اثنتا عشرة ساعة على الأقل!! وبالطبع لا تزيد الفترة من زبون إلى آخر على 10 دقائق أو ساعتين، ومع كل هذا، فهذه الحاوية لا تقتل كل الجراثيم. هذا بخلاف أن الأشعة ليست لديها قوة اختراق لجيم المقص أو المشط مما يعنى أن الجزء الخفى تحت المقص لن يتعقم.
3- المناشف (الفوط) المستخدمة تنقل الأمراض الجلدية، وأقلها التينيا.
4- الحلاق يمسح الموس على يديه ليزيل الصابون بالشعر. صحيح أن الموس المستخدم معك جديد، ولكنه أخذ مسحة جرثومية من يد الحلاق (من رصيد الزبون السابق).
البعض يربط بين وجود جرح كشرط لنقل العدوى وهذا غير صحيح، لأنك تبحث عن الجروح المنظورة للعين، وهى قد لا تحدث، ولكن هناك الجروح الميكروسكوبية على الجلد عند استخدام الموس، فهو (أى الموس) يكشط طبقة الحماية التى تكسو الجلد، وتتعرى الشعيرات الدموية ويسهل عبور الفيروسات من وإلى الجسم. أنت لن ترى هذه الجروح، وهى غير نازفة، ويمكنك التأكد من حدوثها بمسحة كحول وسوف تلسعك، لأن النهايات العصبية أيضاً تعرّت مع الشعيرات الدموية.
اشترِ لنفسك حقيبة حلاقة: فوطة، مقص، موس، ملقاط، قصّافة، و.. و... والأمر لن يتعدى مائتى جنيه للاستخدام مدى الحياة، وحقيبة أخرى لابنك
تذكّر ألّا تترك حقيبتك عند الحلاق، فقد يستخدمها الآخرون.
حفظكم الله ودمتم بعافية

Wednesday, August 21, 2019

خالد منتصر - ركاب القطار ضحايا الطوب يستغيثون - جريدة الوطن - 8/2019 /21

لم أعرف حتى هذه اللحظة برغم كل ما درسته فى كلية الطب وما قرأته بعد تخرجى، ما هو اسم المرض النفسى الذى يصيب الأطفال الذين يحدفون الطوب على زجاج القطارات وهى تمر من أمام قراهم أو مراكزهم أو عزبهم؟!، هل هى سيكوباتية متأصلة وبذور زومبى وبوادر جنون مبكر؟، هل هى عنف لمجرد العنف؟، هل هى قلة تربية وسفالة؟.. ألف علامة استفهام تطل برأسها، ولا أعرف لها إجابة، نشوة فرح غريبة تتلبس هؤلاء الأطفال وهم بـ«يزألوا» الطوب، وينشّنوا على الزجاج وبالذات أدمغة الركاب، يصرخون هييييه عندما يصيبون الهدف مضبوط، يقفزون فرحاً عندما يفلح النيشان، يخرجون فى جماعات وفرق، يعرفون ميعاد مرور القطار على قريتهم، فيستعدون بالذخيرة الشيطانية، ثم يبدأ القصف المركز مع صافرة القطار، رأيتهم لأول مرة فى رحلة الكلية إلى أسوان، الرحلة كانت طويلة والشبابيك معظمها محطم، وبالسؤال قال لنا الكمسارى إنهم العيال ولاد.....، وعندما سألناه ومفيش مع العيال دى حل؟، كان الرد: «هنعمل لهم إيه ونجيبهم إزاى؟»، بالفعل شىء محير، إنه سلوك عصابى متخلف يحتاج حلاً استثنائياً خارج الصندوق، قرأت بيان وزارة النقل حول تلك الظاهرة، قدم حلاً ما زلت حائراً فى مدى جدواه وإمكانية تطبيقه، وكان الاقتراح الذى قدمه البيان أن القطار لن يقف عند تلك المحطة التى يحطم أطفالها زجاجه ويقذفونه بالطوب، بالطبع هناك حلول أخرى أكثر مرونة وواقعية وأتمنى إرسال مقترحات لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة المخجلة التى أعتبرها عاراً وفضيحة وجريمة، ولكى تعرفوا أن الحكاية ليست مجرد لعب أطفال أو لهو برىء ويمر مرور الكرام، سأنشر بعض الاقتباسات من رسالة وصلتنى أمس من أحد أبناء البحيرة الذى فقد عينه بسبب طوبة طائشة وهو يركب القطار وضاع مستقبله بسبب تلك الرصاصة الطوبية الغادرة، يقول أ. م، ٣٣ سنة، ليسانس لغة عربية سأنشرها بلغته العامية، كما كتبها:
أنا عينى الشمال ضاعت بسبب الطوب اللى بيتحدف عالقطر ومعرفتش مين اللى رمى الطوبة، وعايش بعين واحدة بقالى فترة كبيرة وما عرفتش أعمل حاجة ولا خدت حقى، كنت أول يوم فى امتحانات الكلية سنة أولى، القطر ما كانش بيقف عندنا فى المحطة بتاع الساعة 9، وكان فيه واحد زميلى جاى ف القطار، فطبعاً لسه سنة أولى وبنتعرف على بعض بيسألنى بلدكم فين لسه بلف وشى علشان أشاور له عالبلد لقيت طوبة راشقة فى وشى وخبطت فى واحد بعدى كمان، طبعاً نزلت فى أول محطة القطار بيقف فيها وراح الامتحان وراحت السنة كلها، ورحت بقى المستشفى قالوا لى خلاص كده، واتحولت عالجامعة فى طنطا، والدى باع اللى حيلته وراح بيّا مستشفى مغربى، وبعد كل الجرى والمصاريف والسنة اللى ضاعت من عمرى عينى راحت، وبقيت بعين واحدة، حصل لى نزيف فى السائل الزجاجى وضمور فى العصب البصرى، كنت شغال حلوانى ودلوقتى عاطل.
انتهت قصة هذا الشاب البائس بسبب طوبة ضالة وطفل ضال لم يُحسن والداه تربيته، ولى رجاء عند الوزير المجتهد المخلص، كامل الوزير، أن يجد عملاً لهذا الشاب الذى فقد مستقبله ودُمرت حياته بسبب سلوك منحط، أى عمل فى هيئة السكك الحديدية يستطيع أن يستكمل بمرتبه خطوات حياته المقبلة.

Tuesday, August 20, 2019

٢٣ يوليو وخناقة كل عام: التعليم والصحة بقلم د. محمد أبوالغار ٢٠/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

قبل ٢٣ يوليو كان نظام التعليم المصرى مبنيًا على النظام الإنجليزى، وكانت المدراس الحكومية لها بناء تقليدى يجمع بين فصول التعليم وأماكن التدريب والترفيه وملاعب للرياضة. وكان للمدارس تقاليد محترمة ونظار ومربون عظام وكان مستوى المدرسين متميزًا. ولكن عدد هذه المدارس الابتدائية والثانوية كان قليلًا جدًا ولا يكفى بأى حال أعداد التلاميذ، وكان هناك تعليم خاص بمدارس مصرية مستواها من جميع النواحى أقل بكثير من المدارس الحكومية. وأدعو القارئ لقراءة مذكرات الولد الشقى لمحمود السعدنى ليعرف كيف كان حال هذه المدارس. وكانت هناك مدارس الإرساليات الفرنسية والأمريكية ومدارس إنجليزية قليلة باهظة المصاريف لعلية القوم.
التعليم الحكومى والأجنبى قبل ٢٣ يوليو كان متميزًا وراقيًا، ولكن كانت به أماكن محدودة لا تكفى إلا نسبة ضئيلة من الطلاب، وبالرغم من أن مصاريف الدراسة فى مدارس الحكومة كانت متواضعة، إلا أن الطبقة المتوسطة كانت بالكاد قادرة على دفعها، أما الفقراء وهم الأغلبية العظمى من الشعب المصرى فكانوا غير قادرين على دفعها.
فى عام ١٩٥٠ أعلن طه حسين، وزير التعليم، مجانية التعليم الابتدائى والثانوى، ودعا الشعب للتبرع لبناء المدارس التى يمكن أن تستوعب الأعداد الهائلة من المصريين، وخلال العامين اللذين قضاهما وزيرًا للتعليم بدأ يحقق إنجازًا.
الطفرة الكبرى فى التعليم العام جاءت بعد ٢٣ يوليو حين رفعت الحكومة ميزانية التعليم بشكل كبير، وقامت بإنشاء الآلاف من المدارس، وهذا كان عملًا عظيمًا، وبالطبع لم تبن المدارس بالقواعد القديمة والمساحات الكبيرة والملاعب والأماكن الترفيهية. وأيضًا لم يكن مستوى المدرسين وكفاءتهم كما كانت قبل ٢٣ يوليو. النتيجة هى حصول ملايين من فقراء المصريين على تعليم لم يكن من الممكن الحصول عليه قبل ٢٣ يوليو، لكن مستوى المدارس والمبانى والمدرسين والطلبة والتعليم كله أخذ ينخفض تدريجيًا حتى وصل إلى مستويات سيئة للغاية. وضعت الدولة خطة كبيرة للتعليم الصناعى والفنى ولكنها فشلت فى إنجاحه وتعثر بشدة.
وكانت الخطوة التالية هى مجانية التعليم الجامعى والتوسع فيه. قبل ٢٣ يوليو كانت هناك جامعة فؤاد الأول (القاهرة) وفاروق الأول (الإسكندرية) وإبراهيم (عين شمس) ومحمد على- تحت الإنشاء (أسيوط). أدت التوسعات فى إنشاء الجامعات وزيادة عدد الطلبة إلى توسيع قاعدة التعليم للشعب عمومًا وللفقراء خاصة، ولكن أدى ذلك إلى انخفاض المستوى تدريجيًا. قامت هذه الطفرة التعليمية الواسعة بخلق جيل جديد من المتعلمين، وأدى ذلك إلى تغيير سمح بانتقال المصريين إلى طبقات اجتماعية واقتصادية أعلى وحراك مجتمعى مهم بسبب إتاحة التعليم للفقراء.
تفاقمت مشكلة التعليم حين اضطرت الدولة لأسباب سياسية وبسبب الحروب إلى خفض ميزانية التعليم التى تواكبت مع زيادة ضخمة فى السكان فانهار التعليم الحكومى وأصبح الأغنياء فقط قادرين على إرسال أولادهم إلى مدارس خاصة باهظة التكاليف وهكذا عدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر.
قبل ٢٣ يوليو كانت هناك سياسة ثابتة للدولة ولمدة سنوات بإرسال بعثات للخارج للطلبة المتميزين، وعاد معظم المبعوثين ليحدثوا نقلة علمية وثقافية نوعية ضخمة فى مصر وكانوا نواة لبناء مشروع حداثى كبير.
بعد ثورة ٢٣ يوليو استمرت هذه السياسة لفترة قليلة وبعدها لأسباب اقتصادية تقلصت البعثات ولأسباب سياسية تغبر توجيه البعثات فأصبحت إلى الاتحاد السوفيتى بدلاً من الغرب، وباستثناء فروع معينة قليلة لم يقدم المبعوثون القادمون من روسيا نفس الفائدة للجامعات وللمجتمع التى قدمها المبعوثون القادمون من الغرب.
فى النهاية، تعليم ما بعد ٢٣ يوليو كان تعليمًا يعتمد على الكم، بدأ بداية معقولة فى الكيف ولكنه تدهور وأصبح تعليمًا ضعيفًا لأعداد هائلة.
قبل ٢٣ يوليو كانت هناك مستشفيات جامعية وحكومية تغطى مصر كلها، ولكن كان عدد الأسرة والأطباء والمستلزمات الطبية والأدوية أقل بكثير من احتياجات المواطنين. وبعد ٢٣ يوليو ارتفعت ميزانية الصحة وقامت الدولة بعمل مشروع الوحدات الريفية الذى أشرف عليه د. النبوى المهندس والذى غطى مصر كلها بخدمة طبية فى الريف. واهتمت الدولة بالطب الوقائى وتم الانتهاء من مشروعات التطعيم الإجبارى للأطفال التى خفضت وفيات الأطفال بنسبة عالية جدًا وبدأ أول مشروع للتأمين الصحى بنجاح فى مدينة الإسكندرية كتجربة أولى. بالتأكيد حدثت طفرة فى الصحة للمصريين بعد ٢٣ يوليو.
قبل ٢٣ يوليو كان تعداد مصر ٢١ مليون نسمة، وبعدها وبسبب تحسن الصحة العامة وانخفاض وفيات الأطفال ارتفعت الزيادة السكانية، وفى عام ١٩٦٦ أنشأ عبدالناصر جهاز تنظيم الأسرة ولكن لم تأخذ الدولة الأمر بالجدية الكافية حتى ما وصلنا إليه من انفجار سكانى.
الزيادة الهائلة للسكان وانخفاض ميزانية الصحة أديا إلى الانخفاض التدريجى فى الخدمات الصحية للمواطنين، وأصبحت الكثير من المستشفيات تعيش على الإعانات والتبرعات. اكتشفت الدولة أنه ليس فى قدرتها أن تكفل تعليمًا وصحة لجميع المواطنين وبدأت تطبيق استراتيجية مختلفة عن سياسة عبدالناصر، ولم يفكر حكام دولة يوليو بالقدر الكافى فى مخاطر الزيادة السكانية واستحالة تحقيق أحلامهم وأفكارهم على أرض الواقع فى ظل زيادة سكانية.
وهكذا تحطمت أحلام عظيمة بتحقيق صحة وتعليم متميز للمصريين على أرض الواقع، وزاد من الصعوبة أن ميزانية ما بعد ٢٣ يوليو تغيرت وأصبحت فى معظمها موجهة لغير الصحة والتعليم.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

خالد منتصر - أمل جديد لمرضى تليف الكبد والمنتكسين - جريدة الوطن - 8/2019 /19

بداية العلم دائماً سؤال وحلم، وما إن يصل العالم إلى حل السؤال وكشف اللغز ويمسك بخيط الحلم، تبدأ سلسلة اكتشافات جديدة من رحم البداية، وهذا ما حدث منذ اكتشاف دواء السوفالدى لحل مشكلة فيروس «سى»، سلسلة من الأدوية تغطى مناطق ومساحات أخرى جديدة لم يصلها السوفالدى، أو تمنح نتائج أفضل.. إلخ، وصلتنى رسالة مهمة من أ. د. هشام الخياط، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى، الذى دائماً يتابعنا ويمدنا بالجديد فى عالم علاجات الكبد، يقول فى رسالته بأنه سيتم طرح دواءين جديدين فى بداية شهر سبتمبر لعلاج مرضى فيروس «سى»، كل منهما يخدم مجموعة مهمة من المرضى..
الدواء الأول هو «نيكلوبرفير فلبا» وهو عقار مصرى مماثل لعقار «الإبيكلوزا» العالمى سيتم بيعه بـ1270 جنيهاً للعلبة، والدواء قرص واحد فقط يتكون من مادتين (سوفوسبفير وفالباتوسفير)، وهو يتميز بفاعليته الشديدة وأقوى من الهارفونى ونسب الشفاء تقترب من 100% ويحبط تكاثر الفيروس عن طريق إحباط إنزيمين هما (الهليكيز والبوليميريز) ولا يؤثر فى الإنزيم الثالث وهو (البروتييز)، ويتميز هذا الدواء بإمكانية إعطائه لمرضى التليف غير المتكافئ أو التليف المصاحب باستسقاء أو دوالى المرىء أو حدوث غيبوبة كبدية سابقة. وكلمة السر فى هذا الدواء هو عقار «الفلباتوسفير» الذى يتميز عن «الليدبسفير» فى دواء الهارفونى، بأن عقار الفلباتوسفير أقوى ثلاث مرات من الليدبسفير الموجود فى الهارفونى بالإضافة لفاعليته ضد كل الأنواع الجينية لفيروس «سى» من 1 إلى 6 عكس عقار الليدبسفير الموجود فى الهارفونى ففاعليته تقتصر فقط على النوع الجينى الأول والرابع..
ومما سبق يتضح أن «النيكلوبرفير فلبا» واسمه العالمى «إبيكلوزا» يتميز بقوته وفاعليته أكثر من الهارفونى ثلاث مرات وقدرته على شل قدرة الفيروس على التكاثر فى كل الأنواع الجينية من 1 إلى 6 وإمكانية استخدامه مع مرضى التليف المتكافئ، ويتم إعطاؤه حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة شهور وبنسب نجاح تقترب من 100%.. أما المرضى المنتكسون فلا بد من علاجهم لمدة ستة شهور مع استخدام عقار الريبافيرين.. ولكن عقار الفوسفى وهو العقار الذى سيتم طرحه مع العقار السابق سوف يتفوق على عقار «النيكلوبرفير فلبا» فى علاج المنتكسين.. لأسباب كثيرة منها وجود ثلاثة عقاقير فعالة تحبط تكاثر الفيروس فى المراحل الثلاث الرئيسية للتكاثر فهو يحبط الإنزيمات الثلاثة الرئيسية لتكاثر الفيروس وهى البروتيز والهليكيز والبوليميريز بدلاً من إحباط تكاثر إنزيمَى البوليميريز والهليكيز كما هو الحال فى الإبيكلوزا أو النيكلوبرفير فلبا... أيضاً يتميز عقار الفوسفى بعدم الحاجة لإعطاء عقار الريبافيرين فى علاج المنتكسين كما هو الحال مع عقار النيكلوبرفير فلبا...
وعقار الفوسفى -كما أشرنا من قبل- هو العقار الثانى الذى سيتم طرحه بداية الشهر المقبل سبتمبر 2019 وهو العقار الأصلى من شركة جيليد الأمريكية وذلك عن طريق وكيلها شركة إيفا فى مصر. وكما ذكرنا سابقاً يحبط العقار الإنزيمات الثلاثة المحورية فى تكاثر الفيروس ويمتاز بفاعليته الشديدة وتأثيره على كل الأنواع الجينية للفيروس من 1 إلى 6 وتمكنه من علاج المنتكسين بفاعلية شديدة لوجود ثلاثة عقاقير فى حبة واحدة وسيتم طرحه بسعر منخفض جداً عنه فى أمريكا وأوروبا وسيطرح بسعر 6000 جنيه فقط فى حين أن ثمنه فى العالم الغربى يصل إلى 30 ألف دولار أى ما يقرب من نصف مليون جنيه للعلبة.

Sunday, August 18, 2019

الشباب.. ووسائل الإعلام المعاصر (٤) بقلم الأنبا موسى ١٨/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

ذكرنا فى الأسبوع الماضى بعض إيجابيات وسائل الإعلام، ثم نذكر سلبيات هذه الوسائل:
٣- سلبيات وسائل الإعلام:
كما أن لوسائل الإعلام إيجابيات فإن لها أيضًا سلبيات، يجب أن نتعرف عليها وننتبه إليها، لكى نتحاشاها ونتلافاها، نذكر منها:
١- التأثير الروحى. ٢- التأثير الثقافى.  
٣- التأثير السلوكى.
٤- التأثير العائلى.  ٥- التأثير المجتمعى.
١- التأثير الروحى:
أ- لاشك أن الجلوس طويلاً أمام التليفزيون أو الإنترنت استنزاف خطير للوقت، والحماس الروحى، وفرص الخدمة. فالبرامج طويلة، والحوارات مشوقة، والأفلام والمسلسلات تستغرق الكثير من الوقت. وقد لاحظ ذلك الكثير من المثقفين والناقدين، حيث يحدث أحيانًا أن يتحول فيلم من ساعتين إلى مسلسل من ثلاثين حلقة. نفس الموضوع والأحداث ولكن مع تطويل ممل فى المشاهد، مما يعمل على «تسطيح» العقل المصرى، ودفعه إلى «الركود الفكرى». وأذكر هنا مقالاً للأستاذ فاروق جويدة بالأهرام قال فيه: أيها التليفزيون.. ماذا فعلت بالعقل المصرى؟!
إن استنزاف الوقت لا يعطى فرصة للقراءة أو الثقافة أو الإبداع الروحى أو خدمة الآخرين فى: المنزل، ودور العبادة، والمجتمع.
ب- ولكن أخطر من استنزاف الوقت، التأثيرات السلبية التى يمكن أن تحدثها بعض المشاهد، وأفلام «البورنو جرافى» pornography الإباحية، وما تعرضه شاشات القنوات الفضائية التى لا تخضع لرقابة الدولة فى عصر «السموات المفتوحة».
ج- والأكثر خطرًا من التأثيرات السلبية، الاتجاهات المنحرفة فى المادة المعروضة، كأن يفكر شخص متزوج فى الزواج بأخرى، مهما كان تأثير ذلك على الأسرة. كذلك الاعتقاد بزواج مدنى دون عقد دينى موثق.
ومن ضمن السلبيات أن كثرة التواجد أمامها لوقت متأخر تعطل الإنسان عن ممارساته الدينية والثقافية البناءة.
٢- التأثير الثقافى:
- معروف أن التليفزيون حلّ محلّ القراءة فى الكتب، ثم جاء الإنترنت والموبايل وكل وسائل التواصل الاجتماعى.. وتذكر الدراسات أن مؤسسة بحثية طلبت من مجموعة من الأسرات أن تغلق التليفزيون لمدة شهرين طواعية، لتدرس الأثر الثقافى السلبى للتليفزيون، حيث تلاحظ أن شباب هذه الأسرات بدأوا يقرأون الكتب حين أغلقوا التليفزيون، وأحسوا بالفراغ.
- إن أخطر ما فى التليفزيون والإنترنت ثقافيًا، ما يسمونه «الترويح السلبى»، إذ يجلس المشاهدون أمام هذه الشاشات لساعات طويلة بلا حركة جسمية أو فكرية، فى سلبية خطيرة تؤذى العقل، وتجعله عقلاً مستقبلاً سلبيًا بدل أن يكون «عقلاً ناقدًا إيجابيًا» (Critical Mind). والأديان توصينا: «امْتَحِنُوا كُلَّ شَىْءٍ، تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ» (١تس ٢١:٥)، وأن نصلى لكى يعطينا الرب «رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِى مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ» (أف١٧:١- ١٨)، كما أن الإرشاد الأبوى يجعلنى أميز- فيما يُعرض علىّ- بين الجيد والردىء، وبين السمين والغث، فأختار ما يبنى حياتى وأرفض ما يهدمها. ذلك المبدأ الذى نلخصه فى كلمتين هما: «اختر وارفض» (Select and Reject)، وذلك عملاً بوصية الكتاب المقدس كما ذكرنا: «امْتَحِنُوا كُلَّ شَىْءٍ، تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ» (١تس ٢١:٥).
- لذلك نحتاج إلى تنمية روح القراءة لدينا، أو ما يسمونه تدليك «عضلة القراءة»، فالقراءة كالعضلة، إما أن نستخدمها وننميها، أو نهملها فتضمر فينا!!.
- إن ما تنشره شاشات الفضائيات والإنترنت بصدد أن يصل بالأجيال القادمة إلى ما يسمى «الثقافة الكوكبية» (Global Culture)، إذ تنتشر أفكار ومبادئ وسلوكيات معينة، ومن خلال عرضها الملحّ كل يوم، وطوال اليوم، تصير هى الثقافة السائدة فى العالم، فى التصرف والتفكير والسلوك والملابس والحركة والعلاقات... إلخ، بحيث نصل- مع الوقت- إلى ما يسمى «المواطن العالمى Global Citizen»، أى أن الفروق ستختفى بين البشر فى أسلوب الكلام والملابس والسلوك... إلخ.
- منذ سنوات انزعجت فرنسا حينما لاحظت أن التليفزيون الفرنسى ١٠% من مادته بالفرنسية و٩٠% بالإنجليزية.. والضياع هنا ليس ضياع اللغة فقط، بل الثقافة والحضارة والفكر والهوية!!
- لذلك نحتاج أن يحرص شبابنا على تحجيم الوقت والدور المتاح لوسائل الإعلام، لحساب القراءة والثقافة والبحث، فهذه هى وسائل «تكوين» و«إنماء» العقل، فى مواجهة محاولات «تغييب» و«إلغاء» العقل الفردى، لحساب المعروض اليومى على الشاشات بأنواعها، خاصة فى القنوات السلبية التى تهدم ولا تبنى.
٣- التأثير السلوكى:
لاشك أن السلوك المعروض على التليفزيون والنت ووسائل التواصل الاجتماعى يلتقطه الشباب ويعيشونه فعلاً. ونقصد بهذا سلوكيات الصداقة (كما رأيناها فى أفلام كثيرة هابطة، تدفع الشباب إلى الرذيلة أو الإدمان أو العنف أو غير ذلك). كما يحدث تأثير على الشباب فعلاً من جهة استخدام أسلوب كلام، أو ألفاظ رديئة، أو كلمات مستهجنة تتسلل إلى حديثنا شيئًا فشيئًا. أو أغان هابطة، أو علاقات منحرفة، أو تكوين جماعات شاردة وفاشلة.
ولعلنا نتذكر مجموعات الشباب منذ سنوات التى كانت تمارس «عبادة الشيطان» فى تقليد أعمى للغرب، أو«الهيبيز والبيتلز» وغيرهما، و«الجنسية المثلية» الجماعية.. وكيف وقف رجال الدين والمجتمع والقانون والدولة ضد هذه الانحرافات الوافدة، بينما هاجت بعض منظمات حقوق الإنسان الغربية مدافعة عن هذه الانحرافات، بدعوى الحرية الشخصية وحق التعبير عن النفس. ونسى هؤلاء ما أدت إليه هذه «الحرية المنفلتة» فى الغرب من دمار روحى ونفسى وجسدى لشبابهم، فانحرفوا عن جادة الصواب، وملأوا السجون، وارتفعت معدلات محاولات الانتحار لديهم!! إن الحرية شىء جميل، ينمى فينا روح الانطلاق والنمو والإبداع، ولكنها يجب أن تكون حرية «ملتزمة» يضبطها إلهنا العظيم وأدياننا وتقاليدنا الاجتماعية.
ومنذ سنوات فى دراسة لرئيس بوليس مدينة «لوس أنجلوس» بأمريكا، لاحظ أن نوعًا معينًا من الجرائم كان معدله يزداد فى الساعة التالية لعرض مسلسل تليفزيونى معين، حيث كان أحد المجرمين فيه يتخلص من ضحاياه بهذه الطريقة!
لاشك أن سلوك الشباب يتأثر كثيرًا بما يشاهده على الشاشة، سواء التليفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعى بأنواعها المتعددة. والكثير من النقاد اعترضوا على بعض المسرحيات الفكاهية لما أحدثته من أثر سلبى على الشباب.
حفظ الرب بلادنا وشبابنا من الانحرافات.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية



خالد منتصر - كنت فى الرقة - جريدة الوطن - 8/2019 /17

«كيف يتحول شاب رقيق ما زال يخطو أولى خطواته على درب الحياة إلى سلفى جهادى منخرط فى أخطر تنظيم دموى عرفه التاريخ؟!»..
سؤال طالما بحثنا عن إجابته بفضول وشغف، لم تكن تكفينى أو تشبعنى أطنان الدراسات الأكاديمية الصادرة من مراكز دراسات تعتمد على إحصائيات رقمية باردة تنقصها حرارة الواقع ولهيبه، كنت أبحث عن شهادة شاب انضم لداعش يحكى بالتفاصيل وبكل صدق عن تلك التجربة التى فيها مناطق إنسانية أليمة وتغيرات فجائية حادة مباغتة، ليس أفضل من نبض الواقع ومرارته كبصمة شهادة وتوثيق لتلك التجربة الفريدة، وجدت ضالتى فى كتاب «كنت فى الرقة» للباحث التونسى هادى يحمد، الكتاب مهم فى رصد هذا التحول الدراماتيكى، أهميته نابعة من أن بطله شاب تونسى اسمه محمد الفاهم، تركيبة فريدة وسبيكة إنسانية معبرة تقربنا من حل اللغز وفهم الشفرة، الشاب تونسى وهذا الانتماء وتلك الجنسية تحمل علامة استفهام كبيرة طوال رحلتك مع صفحات الكتاب، تونس تلك البقعة العلمانية المستنيرة فى صحراء العرب والتى حصلت فيها المرأة على مكتسبات تحسدها عليها كل النساء الناطقات بالضاد، تلك البلد التى بدأت الربيع العربى والتى كسر مثقفوها تابوهات لا يستطيع مثقفو معظم البلاد العربية مجرد الاقتراب منها.
المدهش أن أكثر المنتمين لداعش هم من شباب تونس!!، سؤال يحاول الكتاب الإجابة عنه، خاصة أن هذا الشاب عاش طفولته فى ألمانيا وهذا يطرح سؤالاً أخطر عن الجيل الثانى الذى يعيش فى أوروبا وهو كاره لثقافتها ويتمنى تفجيرها!، أخطر ما يضيفه الكتاب لمعلوماتنا هو أن التوانسة هم أشرس الدواعش!، وهذه المعلومة التى صعدت إلى مرتبة الحقيقة يعرفها جنود داعش أنفسهم، لدرجة أنهم كانوا يحمون العوام من قسوتهم!
كيف تشكل هذا العقل وذلك الوجدان، رحلة فى منتهى القسوة والغرابة، البداية غربة فى بلد المهجر ألمانيا، ثم العودة إلى مدينة نابل فى تونس حيث تتكرر الغربة فى شكل تناقض ما بين التنافس فى مسابقات حفظ القرآن وبعض أشكال العربدة والمجون، تمزق وصراع، حادثة عارضة يلتقى فيها مع القبضة الحديدية للأمن هناك فى زمن بن على، مرارة السجن والتعامل اللاإنسانى، إلحاح شديد على فكرة الهجرة الثانية، محاولات مستمرة وفاشلة للهروب عن طريق الجزائر، إلى أن ينجح فى المرور عبر ليبيا ثم إلى تركيا ثم إلى حيث تسيطر داعش، حيث يولد من جديد بعد أن تصادر بطاقات الهوية والملابس والهواتف وتتم عملية ولادة جديدة.
تفاصيل الذبح والقتل والحرق والرعب داخل داعش للمارقين أبشع منها ضد أعدائهم، يحكى «الفاهم» عن قصص التكفير الداخلية التى تبدأ بتكفير المذهب المخالف ثم التنظيم المخالف كتنظيم القاعدة ثم تنتهى إلى داخل تنظيم داعش مع انفجار الجدل حول رفض العذر بالجهل الذى فتح أبواب جهنم التكفيرية.
يحكى عن نظام السبايا وكيفية التعامل مع المرأة كأداة جنس فى القطيع، ثم يحكى عن صدمته بعد معارك قتال دامية، ومحاولات الهرب والخروج من داعش، وهى حكايات مرعبة تحتاج كتاباً منفصلاً.
الكتاب فى غاية الأهمية لمن يريد التعرف عن قرب على هذا التنظيم الدراكولى الذى يعيش فى زمن الكهوف عقلاً وفى زمن الإنترنت جسداً.

Saturday, August 17, 2019

عملتوا فينا إيه؟! حتى نوال السعداوى؟! بقلم د. وسيم السيسى ١٧/ ٨/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

تقول الدكتورة نوال السعداوى إن الأب كان يذبح ابنه البكر، ويقدم بناته العذراوات كل شهر حينما يكتمل القمر ليتم اغتصابهن من قبل الكهنة! وإن الحاكم هو الإله، كل هذا كان فى مصر القديمة! أن يصدر هذا الكلام من مصرية هذه كارثة، ومن طبيبة هذه مصيبة، ومن زميلة وصديقة.. أمسك قلمى عن أكثر من ذلك. من أى مصدر صهيونى جاهل استقيتِ هذه الخرافات؟ أتحداكِ أن تذكرى مصدراً واحداً لعالم آثار واحد به هذا الهراء. قال ماسبيرو: هام المصريون بحب الله وذكره، وقال ديورانت: مصر هى أول من دعت إلى التوحيد، وقال العقاد: مصر هى أول من وصل إلى التوحيد، ود. عبدالعزيز صالح: عبدت مصر الإله الواحد الذى لا شريك له. نجد على متون الأهرام فى الدولة القديمة: واع واعو نن سنو، أى واحد أحد ليس له ثانٍ. اقرئى قبل أن تكتبى يا دكتورة نوال: اقرئى فجر الضمير لجيمس هنرى برستد: كان خطاب العرش الذى يخاطب فيه الملك كبير الوزراء: اعلم أن الوزارة مُرة وليست حلوة، اعلم أن احترام الناس لك لن يأتى إلا بإقامتك العدل. إياك أن تقرِّب إنساناً منك لأنه قريب منى، أو تبعد إنساناً عنك لأنه بعيد عنى، بل ليكن القرب منك أو البعد عنك بسبب الكفاءة وليس بسبب أى شىء آخر!. برستد. فجر الضمير، ص ٢٢٣. لو كنتِ قرأتِ عن تاريخ مصر للدكتور محمود السقا، أستاذ القانون فى كلية الحقوق جامعة القاهرة، فى كتابه «فلسفة وتاريخ القانون المصرى»، وفيه يقول: كان القانون فى مصر القديمة مثالياً فى قواعده، عادلاً فى أحكامه، عالمياً فى مراميه، نقياً فى مبادئه، صافياً فى مواده، دهشة للمؤرخين لأنه بُنى على دعامتين: أ- العدل أساس الملك بين الحاكم والمحكوم. ب- العدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء. أنت تعرفين بكل أسف أنه تشكلت محكمة من ١٥ قاضيا لمحاكمة ابن رمسيس ٣ بتهمة الخيانة، وحكمت عليه بالإعدام، كما حكمت المحكمة بإعدام اثنين من القضاة لأنهما كانا متواطئين مع القصر، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم! أنتِ لا تعرفين ما كتبه الفلاح الفصيح لمحافظ وادى النطرون «رنسى ابن ميرو»: هل عيّنك الملك محافظاً على الإقليم حتى تكون معيناً للصوص وقطاع الطرق؟!. بكل أسف قال مطران خليل مطران مثل ما قلتِه بل أقل منه بكثير جداً، رد عليه أمير الشعراء:
زعموا أنها دعائم شيدت/ بيد البغى ملؤها ظلماء
أين كان القضاء والعدل والحكمة/ والرأى والنهى والذكاء
إذا كان غير ما أتوه فخار/ فأنا منك يا فخار براء
مصر لم تعرف الأضاحى البشرية يا دكتورة، إنها أكاذيب القفطى والكندى والملطى وعبداللطيف البغدادى منذ عشرة قرون! كذلك حرق مكتبة الإسكندرية وعروس النيل، وفند أكاذيبهم إدوارد جيبون، ألفرد بتلر، جوستاف لوبون، إرنست رينان، وإن مكتبة الإسكندرية احترقت ٢٧٥م فى ثورة الإسكندرية الكبرى ضد الرومان. كان المصرى القديم يتلو عن ظهر قلب أمام محكمة العدل الإلهية: لم أسرق أو أكذب أو أزن أو أشته زوجة جارى، لم أكن سبباً فى دموع إنسان أو شقاء حيوان، ولم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه ماءً! لا ألومكِ، لكن وزراء التربية والتعليم والثقافة والآثار جعلوكِ لا تعرفين أن أجدادكِ العظماء هم أول من أجرى عملية مياه بيضاء، وعملية تربنة، ومسمار داخلى فى العظام، والمصباح الكهربائى، والأهرامات كمراصد فلكية ومحطات لتوليد الطاقة، وأن أول قانون لحقوق الإنسان حور محب. هل قرأتِ لكارين شوبارت عمدة برلين قوله: كيف سيكون شكل العالم اليوم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة! وقول عالم المصريات البريطانى والاس بارج: نحن فى حاجة إلى قرنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية! اقرئى يا د. نوال شامبليون وقوله: يتداعى الخيال ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة. ماذا يقول عنك هؤلاء العلماء إذا قرأوا ما أخجل من ترديده! ألا تعرفين أن المرأة كانت توصف بأنها صانعة النساء والرجال وشريكة الإله فى الخلق؟ وكانت تشكو زوجها إذا صدرت منه قسوة باليد أو اللسان! ويكفى أن الأسرة الأولى كان بها الملكة ميريت نت! ربنا ينتقم منكم ياللى فى بالى! عملتوا فينا إيه؟! حتى نوال السعداوى؟!


خالد منتصر - «الحلاج».. قصة لن تموت - جريدة الوطن - 8/2019 /16

ما يكتبه د. جابر عصفور عن الشاعر الراحل الجميل صلاح عبدالصبور فى جريدة الأهرام ليس مجرد كلمات رثاء فى ذكرى رحيل مبدع كان علامة فارقة فى تاريخ الشعر والمسرح أيضاً، أتمنى من د. جابر أن يجمع تلك الدراسات فى كتاب ويسهب أكثر فى تحليل مسرحه الشعرى، خاصة مسرحيته الرائعة «مأساة الحلاج».
وأنا شخصياً لى حكاية مع الحلاج بصورته الفنية سأحكيها سريعاً، فلم يحالفنى الحظ وصغر السن وقتها أن أرى مسرحية العظيم الجميل صلاح عبدالصبور «مأساة الحلاج» (لايف) على المسرح، وقت عرضها، إلى أن جاءت الصدفة وقرأت أن البرنامج الثانى بالإذاعة سيذيع «مأساة الحلاج» بإخراج إذاعى من بطولة الفنان العظيم محمود مرسى، واحتشدت لسماعها وبهرتنى المسرحية من خلال تذوق الأذن فقط، وتمنيت لو أننى رأيتها على خشبة المسرح، إلى أن واتتنى الفرصة وسمعت أن مسرح الطليعة سيعرض شريط فيديو المسرحية الذى استعاره من التليفزيون، فذهبت إلى العتبة، حيث يوجد المسرح الذى شكّل وجداننا وثقافتنا المسرحية وقت رئاسة سمير العصفورى له، وكانت وجبة مسرحية دسمة حلّق بى فيها الفنان محمد السبع، بصوته الرخيم العذب النورانى وهو ينشد أشعار صلاح عبدالصبور، فى أجواء صوفية شديدة الصفاء والشفافية، وعند صلب الحلاج بعد محاكمته العبثية فى نهاية المسرحية سالت دموع جميع الحاضرين، وأنا معهم، حزناً على فراق هذا الصوفى المحب العاشق المتيم الذائب الذى قتلته الذئاب.
قدّم مسرح الطليعة بعدها بسنوات قراءة مسرحية خاصة لأجزاء من «مأساة الحلاج» من إخراج الفنان المخرج والممثل ورئيس مهرجان المسرح هذا العام أحمد عبدالعزيز وبطولة محمود مسعود، وعلى ما أتذكر كان يشاركه البطولة سامى مغاورى، وظل حلمى بتقديم هذه المسرحية كاملة برؤية جديدة ومختلفة يراودنى طوال الوقت، وتتردد فى مسامعى ترنيمة الكورس وهو ينعى وينتحب واصفاً مهزلة محاكمة الحلاج قائلاً:
«صَفُّونا صفاً صفاً، الأجهرُ صوتاً والأطول، وضعوه فى الصَّفِّ الأول، ذو الصوت الخافت والمتوانى، وضعوه فى الصف الثانى، أعطوا كُلاً منا ديناراً من ذهب قانٍ، برَّاقاً لم تلمسه كفٌّ من قبل، قالوا: صيحوا.. زنديقٌ كافر، صِحنا: زنديقٌ كافر، قالوا: صيحوا فليُقتَل إنَّا نحمل دمه فى رقبتنا، فليُقتل إنا نحمل دمه فى رقبتنا، قالوا: امضوا فمضينا، الأجهرُ صوتاً والأطول، يمضى فى الصَّفِّ الأول، ذو الصوت الخافت والمتوانى، يمضى فى الصَّفِّ الثانى».
ولكن هل قُتل الحلاج وحوكم من أجل عشقه الإلهى، يأتى الرد من «عبدالصبور» على لسان أحد المتصوفة قائلاً: هل أخذوه من أجل حديث الحب؟ لا، بل من أجل حديث القحط، أخذوه من أجلكمو أنتم، من أجل الفقراء المرضى، جزية جيش القحط.
يا سادتى.. الحلاج قصة لن تموت، وما دام هناك من يدّعى أنه يحتكر حب الله والحديث باسم الله، سيُصلب ألف حلاج.

Friday, August 16, 2019

خالد منتصر - ظاهرة سكتة الشباب القلبية!! - جريدة الوطن - 8/2019 /15

لا يكاد يمر يوم علينا، إلا ونسمع أو نقرأ عن رحيل شاب فى عمر الزهور بالموت الفجائى، شاب فى منتصف العشرينات توقظه أمه من النوم فتجده قد فارق الحياة!!، كارثة ومأساة أصبحت تتكرر بشكل غريب وتحتاج إلى دراسات أعمق وأدق من أساتذة أمراض القلب وغيرهم، كانت «مايو كلينيك» قد حاولت أن تجيب عن هذا السؤال وتقدم تفسيراً لهذه الوفيات التى باتت تمثل ظاهرة، ملخص التقرير يقول إن البداية غالباً هى خروج نبضات القلب عن السيطرة، فيما يُعرف باسم الرجفان البطينى، ومن بين الأسباب المحددة للوفاة المفاجئة بأزمة قلبية لدى الصغار:
اعتلال عضلة القلب التضخمى (HCM). فى هذه الحالة الوراثية فى العادة، يزيد سُمك جدران عضلة القلب. يمكن أن تعيق العضلة السميكة النظام الكهربائى للقلب ما يؤدى إلى نبضات قلب سريعة أو غير منتظمة (اضطراب النظم)، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى الوفاة المفاجئة بأزمة قلبية.
اعتلال عضلة القلب التضخمى، على الرغم من أنه ليس قاتلاً فى العادة، فهو السبب الأكثر شيوعاً للوفاة المفاجئة المرتبطة بالقلب للأشخاص الأقل من عمر 30. إنه السبب الواضح الأكثر شيوعاً للوفاة المفاجئة لدى الرياضيين. غالباً ما يمر اعتلال عضلة القلب التضخمى بدون ملاحظة.
شرايين القلب التاجية غير الطبيعية. يولد الناس أحياناً بشرايين القلب (الشرايين التاجية) متصلة بشكل غير طبيعى. يمكن أن تصبح الشرايين مضغوطة أثناء التمرين ولا تقدم تدفق الدم الملائم للقلب.
متلازمة كيو تى الطويلة. يمكن أن يتسبب اضطراب نظم القلب الوراثى فى نبضات قلب سريعة ومضطربة ما يؤدى فى الغالب إلى الإعياء، الصغار المصابون بمتلازمة كيو تى الطويلة معرضون لخطر أكبر من الوفاة المفاجئة.
من الأسباب الأخرى للوفاة المفاجئة بأزمة قلبية لدى الصغار البنية غير الطبيعية للقلب، مثل مرض القلب الذى لم يتم اكتشافه وكان موجوداً منذ الولادة (خلقى) واختلالات عضلة القلب، تشمل الأسباب الأخرى التهاب عضلة القلب الذى يمكن أن ينتج عن فيروسات وأمراض أخرى، ارتجاج القلب سبب نادر آخر للوفاة المفاجئة بأزمة قلبية يمكن أن تحدث لأى أحد، ويحدث الارتجاج نتيجة ضربة قوية للصدر مثل التعرض للضرب بعصا هوكى أو الاصطدام بلاعب آخر. يمكن أن تؤدى الضربة على الصدر إلى رجفان بطينى إذا أتت الضربة فى وقت خطأ تماماً فى الدورة الكهربائية للقلب، تحدث هذه الوفيات فى كثير من الأحيان دون سابق إنذار، إلا أن المؤشرات التى يمكنك ملاحظتها تشمل ما يلى:
الإغماء غير المبرر. إن حدث ذلك أثناء ممارسة النشاط البدنى، فقد يكون علامة على أن هناك مشكلة فى قلبك.
تاريخ عائلى من الوفاة القلبية المفاجئة: تتمثل العلامة التحذيرية الرئيسية الأخرى فى تاريخ عائلى من الوفيات غير المبررة قبل بلوغ سن 50 سنة، إن حدث ذلك فى عائلتك، فتحدث إلى الطبيب بخصوص خيارات الفحص.
يمكن أن يشير ضيق التنفس أو ألم الصدر إلى أنك عُرضة لخطر الوفاة القلبية المفاجئة.
هناك جدل فى الوسط الطبى حول مراقبة الرياضيين الصغار لمحاولة تحديد المعرضين لخطر كبير من الموت المفاجئ، فبعض الدول مثل إيطاليا تراقب الصغار باستخدام الصورة البيانية الكهربائية للقلب (ECG) التى تسجل الإشارات الكهربائية فى القلب. إلا أن هذا النوع من المراقبة مكلف ويمكن أن يحقق نتائج زائفة، إشارات إلى وجود أمر غير طبيعى أو مرض بينما هو غير موجود، وهو ما يمكن أن يسبب اختبارات غير ضرورية قلقة وزائدة.
ليس من الواضح أن الفحوص الروتينية التى يتم إجراؤها قبل السماح للرياضيين بلعب رياضات تنافسية يمكن أن تمنع وفاة القلب المفاجئة. إلا أنها قد تساعد فى تحديد بعض المعرضين لخطر أكبر، يوصى بالمزيد من المراقبة لأى أحد لديه تاريخ عائلى أو عوامل خطر من الإصابة بحالات تسبب موت القلب المفاجئ. يوصى بالمراقبة المتكررة لأفراد الأسرة مع الوقت، حتى لو كان أول تقييم للقلب طبيعياً.

Wednesday, August 14, 2019

خالد منتصر - الفيوم.. ليه؟ (٤) الشوقيون الزومبى بذرة داعش - جريدة الوطن - 8/2019 /13

هل تتخيل أنه فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى كان هناك شخص تزوج ١٤ فتاة، يركب الحصان ويحمل سيفاً لتغيير المنكر ويحرق سرادقات العزاء، يفرض الجزية ويعلق لافتات على منازل القرية مدوناً عليها «بيت المال».. «بيت الزكاة».. «بيت التسليح»، «قوات الغزوات»، «إقامة الحد»، ويطلق الرصاص على الراديو لمنع الفسق ويفتى للمرأة التى يغيب عنها زوجها ستة شهور بممارسة الجنس مع أخيه؟!، هل تتخيل أنه قد قامت معركة دموية بين هذا الفارس المغوار وشيخه عمر عبدالرحمن على فتوى تزغيط البط وكانت من ضمن مبررات تكفير شوقى الشيخ لأستاذه عمر عبدالرحمن والمطالبة برأسه!!، فقد كان الشيخ عمر يعتبر التزغيط تدخلاً فى مشيئة الله!، لك أن تتخيل أن كل هذا الحكى حقيقة لا خيال، وأن أصحابه كانوا ينعمون بالسلطة والتسلط ويسكنون بيوت القرية لا عنابر الخطرين فى مستشفى المجانين!، كل هذا حدث فى «كحك» إحدى أشهر قرى الفيوم التى كتبت اسمها فى تاريخ مصر للأسف بالدم، وكان الشوقيون يطلقون عليها «أرض الميعاد»، أهلها غلابة مسالمون لكنها آنذاك ابتليت بمجموعة من المهاويس المتطرفين يقودهم شخص اسمه المهندس شوقى الشيخ، إنه ذلك الشخص الذى قاد قافلة التكفير وبعد ذلك صار تلميذه ضابط الشرطة المفصول حلمى هاشم، هو مفتى داعش الذى بإشارة من أصبعه تطير الرقاب، قام بتشكيل أخطر تشكيل عصابى متطرف فى تاريخ مصر، تنظيم «الشوقيون» هو نواة داعش وبذرة جنونها، وأعنف مواجهات الأمن فى تاريخه مع تنظيم متطرف فى حقبة مبارك كانت مع هؤلاء الزومبى، العميد خيرى طلعت قائد قوات الأمن المركزى بشمال الصعيد يحكى لمحة عن المواجهة التى قتل فيها شوقى الشيخ لا بد من الاطلاع على تفاصيلها، يكفى أن تعرف أن القوة كانت مكونة من 10 مجموعات قتالية شملت 100 مجند مدرب تدريباً قتالياً على أعلى مستوى يرأسهم 10 ضباط، واستمرت المعركة ١٢ ساعة متواصلة!، بمصرع شوقى الشيخ اندلعت مواجهات عنيفة بين أعضاء جماعة الشوقيين وقوات الأمن وكان أعنفها ما وقع يوم الاثنين 30 أبريل 1990 والمعروفة بأحداث كحك التى وقعت عقب قيام الشرطة بمحاولة ضبط خمسة من أعضاء الجماعة المتطرفة بناحية القرية، حيث تعدوا على شيخ البلد وخفير خصوصى. وعند محاولة مزارع إقناع أبنائه الثلاثة بتسليم أنفسهم أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلاً!!!، وأثار أعضاء الجماعة الذعر بالقرية وهاجموا منازل عدد من القيادات وأضرموا فيها النار وقطعوا طرق ومنافذ القرية من ناحية مدينة أبشواى وبحيرة قارون وقطعوا الاتصالات التليفونية، ثم اعتدوا على منشد دينى كفيف وكسروا ذراعه، ولما توجهت قوات الأمن للسيطرة على الموقف تصدوا لهم بالأسلحة النارية ودارت معركة طويلة أسفرت عن إصابة عدد من الضباط والجنود وسقط 13 قتيلاً وأصيب ستة من أفراد الجماعة، فى نوفمبر 1990 تم القبض على 59 عضواً بتنظيم الجهاد، وفى سبتمبر 1991 تم القبض على 14 متطرفاً كانوا يقومون بتصنيع قنابل بحقل أحدهم بقرية سنرو انفجرت إحداها فأصابت عضواً منهم، وفى منتصف شهر يناير عام 1991 اغتال الشوقيون مهندس مساحة وفنياً كانا يقومان برفع وحصر مساحات القمح بالمنطقة ودفنوهما تحت أحد المصارف، وفى أول مارس عام 1992 اغتال عدد من جماعة الشوقيين ضابط أمن الدولة المسئول عن ملف النشاط الدينى فى وضح النهار وفى قلب مدينة الفيوم بالقرب من كوبرى السنترال وتم إلقاء القبض على أحدهم بعد سقوطه من الدراجة النارية التى كان يركبها وهو يطلق النار على الضابط الذى صدم الموتوسيكل بسيارته قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وفى يوليو 1992 اقتحم عدد من الجماعة منزل موظف بقرية كحك اعتقاداً منهم أنه يعمل مرشداً مع الأمن لكونه موظفاً بمجلس مدينة أبشواى، كما تم حبس عضو بجماعة الشوقيين لقيامه بحبس زوجته وطفلها وحلق شعر رأسها بالموسى لطلبها زيارة والدها، اعتقاداً منه أن والدها كافر كان يعمل خفيراً بالشرطة.
تلك كانت مجرد لمحات من ميلودراما أخطر تنظيم مجنون حكم قطعة من مصر حكماً ذاتياً وصادرها لصالح الفاشية الدينية وأخذها من القرن العشرين ليزرعها فى أحشاء زمن الكهوف وآكلى لحوم البشر.

Tuesday, August 13, 2019

خالد منتصر - الفيوم.. ليه (٣) عمر عبدالرحمن راسبوتين الفيوم - جريدة الوطن - 8/2019 /12

لم أندهش عندما ترددت أخبار سنة ١٩٩٠ عن أن وزير الداخلية آنذاك عبدالحليم موسى قد عقد صفقة مع الشيخ عمر عبدالرحمن فى إطار ما سُمى بالمراجعات التى تخيَّل النظام وقتها أنها ترويض لتلك الجماعات الإرهابية وعودة بها إلى صراط الحق وبداية مصالحة ودمج، البند الرئيسى فى الصفقة هى سفر أو تسفير عمر عبدالرحمن إلى السعودية، ومنها بدأت رحلته إلى أفغانستان والسودان ثم أمريكا ليحكم عليه هناك بالسجن مدى الحياة ثم يموت هناك ويعود ليدفن بعد أن حاول الإخوان الضغط على أمريكا للإفراج عنه دون جدوى، وإذا كانت رحلة عمر عبدالرحمن قد انتهت فى أمريكا فقد بدأت فى الفيوم وفى سنورس بالتحديد، وهذه البداية الفيومية تم رصدها فى عدة دراسات، منها دراسة مهمة نشرت فى «جريدة الجمهورية»، هبط عمر عبدالرحمن أرض الفيوم فى منتصف ستينات القرن الماضى للعمل إماماً وخطيباً بأحد مساجد الأوقاف بإحدى قرى سنورس، حيث شن حرباً شعواء على جمال عبدالناصر فى خطبه، انضم الشيخ عبدالرحمن لجمعية النهضة التى كانت تتخذ مقراً ومسجداً لها بشارع متفرع من شارع بطل السلام بحى الحواتم بمدينة الفيوم، ثم انفصل عن الجمعية لخلافات وقعت بينه وبين بعض قياداتها، وحصل خلال تلك الفترة على الماجستير والدكتوراه والتى كان عنوانها «موقف القرآن من خصومه فى سورة التوبة» والتى تحدث فيها عن الحاكمية والجهاد والولاء والبراء وحصل بها على امتياز مع مرتبة الشرف وعمل بعدها مدرساً بكلية أصول الدين بفرع جامعة الأزهر بأسيوط.
فى خلال فترة الفيوم ارتبط بعلاقات قوية مع قيادات الجماعة الإسلامية بمحافظات الصعيد ومنها إلى الجامعات المصرية، حيث تواصل عمر عبدالرحمن مع أبوالعلا ماضى وكرم زهدى وعبدالمنعم أبوالفتوح وعاصم عبدالماجد وعصام دربالة وغيرهم وكوَّنوا فيما بعد الجماعة الإسلامية، وكان يخطب الجمعة بعدد من المساجد بمدينة الفيوم ومنها مسجد التقوى بالنويرى ومسجد الشهداء بتقسيم مصطفى حسن، ويتنقل بين أكثر من مسجد بالمحافظة لإلقاء خطبه رغم التضييقات الأمنية عليه، وبعد رحيل الرئيس عبدالناصر وتولى الرئيس السادات مقاليد الحكم أفتى بتكفيره، وهى الفتوى التى استند عليها الإرهابيون فى اغتيال الرئيس السادات، تردد اسم الفيوم كثيراً مع تزايد نشاط عمر عبدالرحمن فى النصف الثانى من الثمانينات، ففى مارس عام 1989 ألقى مجهولون عبوات حارقة على عرض مسرحية «أصل وخمسة» التى نظمتها نقابة الزراعيين، ما تسبب فى إصابة ضابط كان يقوم بتأمين العرض وآخرين، ويوم الجمعة 7 أبريل من نفس العام وقع صدام مسلح بين أنصاره والشرطة عقب الصلاة أمام مسجد الشهداء بمصطفى حسن تم خلالها ضبط 16 من أتباعه وبحوزتهم أسلحة نارية، وقررت النيابة حبسهم، ومنهم عمر عبدالرحمن، بتهمة مقاومة السلطات واستغلال الدين فى ترويج أفكار بقصد إثارة العنف وإحراز أسلحة نارية والشروع فى قتل مأمور بندر الفيوم آنذاك، وأعقب ذلك يوم السبت 15 أبريل إلقاء زجاجتين حارقتين من قطار الفيوم - أبشواى على رواد سينما عبدالحميد بميدان السواقى، ما تسبب فى إصابة عدد من الرواد أثناء وقوفهم أمام شباك التذاكر، وتم ضبط الفاعل وهو من أتباعه بعد مطاردة مثيرة وهو نفس الشخص الذى قام فيما بعد بتكرار لإلقاء العبوات الناسفة على السياح بميدان السواقى وأصاب سبعة منهم، كما ألقى عبوة ناسفة على حفل للمرضى بمستشفى الفيوم العام نظمته جمعية أصدقاء المرضى وطلاب كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم، ما تسبب فى إصابة عدد منهم وطالبة وطفلة وإحدى عضوات مجلس إدارة الجمعية، وهذا العضو الذى كان ناشطاً فى هذه الأعمال بجماعة عمر عبدالرحمن كان من بين المتهمين فيما بعد فى قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، ثم وقعت فى أبريل عام 1990 أحداث سنورس التى هاجم خلالها المتطرفون 3 صيدليات، وأشعلوا النار فى عدد من المنازل ودراجة بخارية فى محاولة لإثارة فتنة طائفية، وتصاعدت الأحداث بإلقاء عبوة ناسفة وإطلاق النار على قوة تأمين كنيسة العذراء بقرية سنهور القبلية بسنورس أثناء تناولهم الطعام عقب انطلاق مدفع الإفطار، مما أسفر عن استشهاد مساعد شرطة وإصابة اثنين من قوة الحراسة، خلال تلك الفترة نشب خلاف كبير بين الدكتور عمر عبدالرحمن مفتى ما يسمى تنظيم الجهاد وأحد أتباعه المقربين المهندس شوقى الشيخ، وهذا المهندس شوقى هو الذى بدأ قصة دموية أخرى فى الفيوم لنا وقفة معها.