Translate

Sunday, July 31, 2022

من البدء خلقهما الله ذكرًا وأنثى - الأنبا موسى - المصري اليوم - 31/7/2022

 الزواج هو اتحاد بين رجل وامرأة مدى الحياة، بهدف تأسيس عائلة، وتوفير بيئة مستقرة لتلك العائلة، وهذا التعريف ليس فقط في كل الديانات، بل أيضًا هو السائد في كل الحضارات الإنسانية في تاريخ العالم.

أولًا: أهداف الزواج المسيحى:

1- التعاون في الحياة: فقديمًا خلق الله حواء لآدم «معينًا نظيره» (تكوين18:2).. لكى تعينه ويعينها.. مع إحساس بالتساوى الكامل لأنها «نظيره»، أي مساوية له، خلقها الله من ضلعه، لا من رأس حتى لا تتسيد عليه، ولا من قدم، حتى لا يتسيد عليها.

2- الإشباع المقدس للدوافع الإنسانية: فمن خلال الزواج المقدس يتم التخلص من أي توتر أو انحراف، فالإنسان المهتم بخلاص نفسه، وأبديته، يرفض أن ينحرف، ولذلك يكون الزواج عاملًا مساعدًا له في خلاص نفسه.

3- رباط المحبة الروحية بين الزوجين:

تترجم كلمة «الحب» في اللغة اليونانية إلى:

أ- «إيروس» Eros.. أي الحب الجسدانى الشهوانى.

ب-«فيلى» Phily.. أي الحب الإنسانى العادى.

ج- «أجابى» Agapi.. أي الحب الروحانى المقدس (الزواج).

والزواج هنا ليس مؤسسًا على الشهوة الحسية (الإيروس)، ولا العلاقات الإنسانية (الفيلو)، بل على المحبة الروحانية (الأغابى).

والفرق شاسع بين حب يأخذ حتى دون أن يعطى، وآخر يأخذ قدر ما يعطى، أما الحب الروحانى فهو يعطى قبل أن يأخذ، وأحيانًا دون أن يأخذ، لأنه مستند إلى محبة الله الفائقة، التي تقدم العطاء والبذل، في عفة ونقاء!.

والإيروس يأخذ ولا يعطى، وهو سريع التقلب، من حب جارف نحو المحبوب، إلى كره شديد له، بمجرد أن يأخذ ما يريده منه!، وهذا ما حدثنا عنه الكتاب المقدس في قصة «أمنون وثامار».. كان أمنون ابنًا لدواد، وثامار أخته غير الشقيقة، فأحبها واشتهاها، لذلك اغتصبها على غير إرادتها قهرًا. وبعد أن نال ما أراده طردها بكل قسوة «حتى إن البغضة التي أبغضها إياها، كانت أشد من المحبة التي أحبها إياها». وكانت النتيجة أن انتقم شقيقها أبشالوم منه، وقتله!

وهذا النوع من الحب أو الاشتهاء الجسدى، شائع جدًا هذه الأيام، وها نحن نسمع عن الخيانات الزوجية، والجرائم التي تنتج عنها. إن هذا النوع من الحب فيه «تشيىء» للإنسان، وأحيانًا تسليع للإنسان.

وها هي الشاشات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة تملأ أعين الناس بـ«البورنو» (الأفلام الأباحية)، مما يجعلهم «يدمون» ذلك، «ويمرضون» فعلًا، إذ تكون في دمائهم نسبة معينة من الإدمان، فلا يستريحون إلا بالمزيد!، وهيهات أن يستريحوا!! وكما قال السيد المسيح: «لأن من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا».

4- استمرار النوع الإنسانى: فلولا الزواج لانتهت البشرية، ولذلك خلق الله في الإنسان غريزتى الأمومة والأبوة، وأصبح أهم ما يشغل الزوجين هو أن يعطيهما الرب نسلًا صالحًا. وبهذا تستمر البشرية في التواجد على الأرض.

5- زيادة عدد الأبرار: فالزواج المقدس يعطينا زوجًا وزوجة مقدسين، ثم أولادًا وبنات مقدسين. وبهذا يزداد عدد الصالحين الذين سيرثون الملكوت المعد للبشرية. والأسرة المقدسة هي بمثابة «معمل تفريخ الأبرار والقديسين».

ثانيًا: ملامح الزواج المسيحى:

1- الواحدية: أي زواج واحد لزوجة واحدة، وهذه شريعة ثابتة في الإنجيل إذ يقول الرسول بولس: «ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها» (1كورنثوس2:7، 4).

2- الاتحاد: إذ يقول الكتاب «ليسا بعد اثنين بل جسد واحد» (متى 19: 6)، فبالزواج المقدس ثم الاتحاد بين الزوجين، فصار الاثنان واحدًا، وصار الواحد اثنين، فصار «زوجًا» (أى اثنين)، إنه يحمل شريك حياته في أعماق فكره، ووجدانه أينما سار أو تحرك.

3- الاستمرارية: الذي جمعه الله لا يفرّقه الإنسان، لأن هذا سر كنسى مقدس، «وهذا سرّ عظيم»، من هنا صار الطلاق لدينا مقبولًا فقط عند فك عرش الاتحاد الزوجى، إما بالزنا، أو ترك الإيمان!، أما ما نسمع عنه من «بطلان زواج» فهو حينما يبنى الزواج على باطل، فيصير باطلًا وكأنه لم يكن!!، ومثال ذلك العجز الجنسى، أو القهر أو الغش.. إلخ.

4- الإثمار: فالزواج المسيحى شجرة ورافة حاملة للثمار، في «النسل الصالح» الذي يعطيه الرب حسب مسرة مشيئته. ونحن كما نوافق على علاجات العقم، طالما أنها تتفق مع شريعة الإنجيل، كذلك نوافق على تنظيم الأسرة الذي لا يقتل جنينًا ولا يؤذى أيًّا من الزوجين.

الزواج المسيحى بيت صغير، وحياة مقدسة، ونسل صالح يمجد الله!!، يتم كنسيًا ومدنيًا في حفل عام، وشهود كثيرين، وحضور الأسرتين، وليس كالزواج العرفى الذي يتم سرًا، ويهدد حقوق المرأة.

ثالثًا: هل لدينا «زواج عرفى»؟!

طبعًا لا.. فالزواج له أهدافه وملامحه وأسلوبه في المسيحية كما وضحنا، حتى إخوتنا المسلمون الذين يعتبرونه زواجًا شرعيًا من الناحية الدينية، يحذورن منه الفتيات بسبب عدم سلامته القانونية، إذ إنه لا يحفظ للزوجة أي حقوق!، ولعلنا شاهدنا على الشاشات قصصًا مثل هذه، أنتجت أطفالًا، وبذلت «الزوجات» جهودًا جبارة لمجرد إثبات نسب الطفل إلى «أبيه» الذي لا يعترف به، رغم أنه منه فعلًا، كما يثبت الـ DAN.

الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Sunday, July 24, 2022

العنف مصدره الفكر - الأنبا موسى - المصري اليوم - 24/7/2022

 - أولًا: العنف مرفوض دينيًا

منذ بداية الخليقة، وبعد سقوط آدم وحواء بغواية الحية، انتشرت الخطيئة، ورأينا قايين يقتل أخاه هابيل، ومن هنا توالت الحروب والنزاعات على كل شىء، إلى الخلافات الأسرية، إلى إدمان المخدرات، وظهر العنف في حياة البشر كالعنف على الذات، وعلى الآخر، وازداد هذه الأيام وظهر في كل مكان.. ويرجع البعض ذلك كله إلى ما يُبث عبر مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام من أفلام عنف تستثير غريزة المقاتلة.. بل حتى كثير من ألعاب الأطفال الإلكترونية صارت تحفز على العنف!، فانتشر العنف في العالم، سواء عنف: جسدى أو معنوى، وسواء من أجل: الجنس أو العرق أو الدين.. وحاليًا، تقوم الحكومات بقمع هذه الظاهرة
ومنع تفشيها.

وبالعكس من ذلك، الأديان تنادى بالمحبة، وتطالب أبناءها بأن ينشروا الحب في العالم، فجوهر المسيحية هو المحبة والعنف مرفوض، لأنه يعكس موقفًا منافيًا للمحبة، ولعل قمة المحبة وعدم العنف ما قاله السيد المسيح في الموعظة على الجيل حين قال: «من لطمك على خدك الأيمن، فحول له الآخر أيضًا»، أي الغفران وكسر حلقة العنف والشر بدلًا من اشعالها واضرامها، وكذلك: «أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم»، والدعوة إلى العيش بالسلام مع كل أحد: «كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِى الطَّرِيقِ». وقد قيل عنه: «لا يصيح ولا يسمع صوته أحد في الشوارع صوته».

العنف مدمر على كل المستويات سواء: الفرد أو المجتمع أو الدول، لذلك فلنبعد بكل أفكارنا عن العنف.

- ثانيًا: الفكر له دور كبير في الحياة يتلخص في 4 نقاط:

لكى يتغير الإنسان العنيف إلى شخص هادئ صبور، لابد مما يسمى (تجديد الذهن أي الفكر): «Metania» حيث meta = تغيير، nous = ذهن.. أي تغيير أسلوب ومنهج التفكير.. فبعد أن كان الإنسان يفكر في السلبيات، يقرر أن يتجه نحو الإيجابيات البناءة.

1- الفكر هو بداية الفعل والعادة: الإنسان يفكر في الشىء، فينفعل به، ثم ينفذه ويتحرك، فالفكر هو أساس الفعل، وأساس تكوين العادات.

2- الفكر هو واضع خطوط الحياة: إن الإنسان يفكر ويرسم الخط ثم يسير عليه، ليس فقط فعلا مؤقتا أو متكررا، بل هذا تخطيط العمر، إنسان مثلا وضع في فكره أن يعيش مع الله، فتصبح هذه استراتيجية حياته، وهذا ما يسمونه في علم النفس «اتجاهًا»، فالفكر يخطط للحياة كلها، والحياة تمتد إلى الأبدية.

3- الفكر تعبير عن القلب: الفكر تعبير عن المشاعر، فمن القلب تخرج أفكار، فينبوع الفكر هو القلب، وفى اللغة القبطية كلمة «هيت» تعنى قلبا وفكرا في وقت واحد.. إذن هناك رابطة وثيقة بين الفكر والشعور، فالقلب المملوء بمحبة ربنا يفكر في الناس بطريقة جديدة.

4- الفكر يضبط العلاقات: طالما أن فكرى ضبطَ شعورى، فشعورى يضبط علاقاتى، فالتفكير الإنسانى مهم جدًا في حياة البشر.

- ثالثًا: تحويل الفكر من سلبى إلى إيجابى:

هناك أفكار سلبية وأخرى إيجابية.

ومن الأفكار السلبية:

أ- الشهوة: أي شهوة رديئة.

ب- الإدانة: أي أن الإنسان يدين الآخرين وليس نفسه- فما أفضل من أن يلقى الإنسان الملامة على نفسه- وهى حيلة دفاعية تدل على وجود تعب نفسى وروحى ومنطقى.

ج- التميز: وهو شعور الإنسان بأنه أفضل من غيره، وهو طريق إلى الكبرياء، والكبرياء يعقبه السقوط.

د- الفردية: وهو فكر أنانى غير حكيم وغير ناجح عمليًا. فالإنسان الفرد: هو الذي لا يعيش إحساس الفريق. الفردية ثقة في النفس زائدة تدل على كبرياء، بينما الجماعية: تعنى أن الفرد غير واثق في نفسه، بل واثق في الله وروح الله العامل في الجماعة.

هـ- الحسد: وهو عمق الذاتية، حيث ينحصر الإنسان داخل نفسه ولا يحتمل نجاح غيره، ويكون له شوق لزوال النعمة عن المحسود ويتمنى له الفشل.

د- الغيرة: حيث يسأل الإنسان في قلبه: لماذا غيره لديه شىء غير موجود لديه؟، وهذه ذاتية.. بالرغم من أن لكل إنسان عطايا، أعطاها الله له، لابد من أن يستفيد منها ويستثمرها.

هذه كلها أفكار سلبية يمكن أن تملأ الفكر، وتظهر في الفعل، وتغمر المشاعر، وتُوتر العلاقات.. لذلك فلنجتهد ونطلب من الله تحويل أي أفكار سلبية إلى أفكار إيجابية.. فمثلًا:

1- شهوة: أن يعطينا الله حياة القداسة والطهارة والمحبة.

2- فكر إدانة: يعطينا ألا ندين أحدًا، نرجع بالملامة دائمًا على أنفسنا.

3- تميز: نتذكر أنها من عطايا الله.

4- فردية: نطلب من الله أن يعلمنى أن أكون جماعيًا.

5- حسد: أن يحمينا من السقوط في هذه الخطيئة.

6- غيرة: أن يجعلها أن تكون غيرة في الحسنى، وليست غيرة للذات.

فلنطلب من الله أن يمنحنا السلام ويبعدنا عن العنف بكل أشكاله وصوره.

* الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Sunday, July 17, 2022

اصنع مستقبلك (3).. تمِّم رسالتك - الأنبا موسى - المصري اليوم - 17/7/2022

 ذكرنا في العددين الماضيين أنه لكى تصنع مستقبلك، لابد من مراعاة الآتى:1- أنت الصانع. 2- حدد وخطط لهدفك. 3- استغل وقتك أفضل استغلال. 4- طور شخصيتك، ونستكمل موضوعنا:

خامسًا: تعلم من أخطائك:

يقول الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين في كتابه «أيام لها تاريخ»: «لقد احتار العلماء في تعريف الإنسان، فمنهم مَن قال إنه حيوان ناطق، ثم تبين أن الببغاء تنطق، ومنهم مَن قال إنه حيوان ضاحك، فاكتشفوا أن القرود تضحك، ومنهم مَن قال إنه حيوان عاقل، ثم تبين أن كل الحيوانات تعقل، وإن كان العقل درجات، وأخيرًا اهتدى العلماء إلى أنه حيوان ذو تاريخ». نعم الإنسان ذو تاريخ، فالحيوانات ليس لها تاريخ ولا تتعلم من أخطائها وتجاربها، أما الإنسان فيجب أن يتعلم ويستفيد من كل تجربة مرت به.

يقول القديس يوحنا الرسول: «إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا (وحاشا لله) وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا» (1 يوحنا 10:1)، فلا يوجد ما يُسمى أسطورة الشخص المعصوم، ولا يوجد سوى واحد المعصوم والمنزه عن كل خطأ، وهو الله تعالى، فمنذ بداية التاريخ والإنسان البشرى يُخطئ وسيظل يُخطئ إلى آخر لحظة قبل انتهاء العالم، فأكبر كارثة على الإنسان عندما يُخطئ أن يبرر خطأه، ويصغره، ويستهين به، ثم يكرره، ويصبح عادة لديه، وتجد الإنسان بعد ذلك يشرب الإثم كالماء.

يقول القديس بولس الرسول: «جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِى الإِيمَانِ؟. امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ» (2كو 5:13)، فالاعتراف بكل أخطائك هو أول طريق النمو والنجاح والتقدم والقداسة.

تذكر الآية «لَا تَشْمَتِى بِى يَا عَدُوَّتِى، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِى الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِى» (ميخا 8:7). ليس عيبًا أن تُخطئ، إنما العيب أن تستمر في الخطأ، والكارثة أن تُصاب باليأس بعد الخطأ.

سادسًا: اجعل من حياتك رسالة:

هل سألت نفسك يومًا: مَن أنا؟. لا يكفى أن تعرف اسمك، فهذه كلها أسماء تُميز كل شخص عن الآخر، ولكنها لا تكشف لك حقيقة ذاتك. ولا تكفى أن تعرف أنك طالب أو مدرس أو محامٍ أو نجار أو.. إلخ، فهذه كلها صفات لأعمالك، ولكن لا تُبين حقيقة جوهرك، بل يجب على كل واحد منّا أن يُجيب عن أهم سؤالين: مَن أنا؟، ولماذا أعيش؟.

أنت لم تأتِ للعالم بالمصادفة ولا خُلقت بطريقة عشوائية، أنت إنسان خلقتك يد الله تعالى، خلقك فنان، فخارى أعظم ولقد صنعك على صورته ومثاله ونفخ فيك من روحه لكى تحيا وتكون نائبًا له على الأرض. لقد ميزك الله عن سائر الكائنات الأخرى: بالعقل المُفكر، والإرادة الحرة، والقدرة على الإبداع، والابتكار وكل إنسان متميز عن الآخر، تحمل مسؤولية نفسه وأفكاره وأفعاله وأقواله. فمشيئة الله للعالم هي التطور والتقدم والسعادة والرفاهية؛ لذلك أقول لك اكتشف مواهبك وسخرها لتحقيق قصد الله في هذا العالم.

نعيش اليوم في زمن غريب يُقيّم الإنسان أخاه الإنسان بما يمتلك من أراضٍ وعقارات وأموال ومجوهرات، ولكن تذكر دائمًا أن قيمتك الحقيقية ليست في مظهرك، ومن يحترمك لمظهرك الخارجى هو لا يحترمك أنت بل مظهرك. فقيمتك الحقيقية تساوى القضية التي ترتبط بها وتعيش لأجلها.

إذا أردت أن تكون لك قيمة كبيرة فاسأل نفسك ما القضية التي يجب أن أعيش وأصارع من أجلها، وأعطيها قوتى وشبابى وحياتى بالكامل، فلقد خلقك الله لرسالة ما فلا تُضيع حياتك في اللهو والعبث.

كان التلاميذ يشخصون إلى السماء وأنظارهم كانت ثابتة إلى أعلى، وإذا ملاكان يقولان لهم: «مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟» (أعمال 11:1). أي انطلقوا إلى العالم وهناك ستجدون الله في المسكين واليتيم والأرملة والمحتاج.

إن الصلاة الحقيقية تملأ المؤمن بالحماس والغيرة لينطلق إلى عمله ليؤديه بفكر الله أيًّا كان هذا العمل صغيرًا أو كبيرًا لأن العالم محتاج إليه، لاستمرار عجلة الحياة نحو التقدم المستمر. إن العلاقة الحقيقية مع الله تدفع الإنسان ليصبح خادمًا لإخوته البشر من خلال عمله الذي يقوم به. أيًّا كان عملك تستطيع أن تجعل منه رسالة روحية رائعة فلتدرك أن عملك مهما كان صغيرًا فهو جزء من خطة الله لبقاء عجلة الحياة في دورانها، وجزء من خطة الله لخير المجتمع. فلا تنظر إلى عملك على أنه مجرد «أكل عيش» كما يقول البعض بل رسالة تؤديها، فالعالم بحاجة إلى: الطبيب الأمين، والمهندس المخلص، والبقال الصادق، والنجار المُبدع. ابتسم في وجوه من تخدمهم وقُل لنفسك لعل الله يرضى عنى، حينها ستصبح حياتك وعملك أعظم رسالة.

أخيرًا:

تذكر أننا لا يُمكن أن نفصل خدمة الله عن خدمة الإنسان، فهما وجهان لعملة واحدة. بل أقول نحن أيدى الله في هذا المُجتمع، إنه يريد أن يعمل من خلالنا وبنا، فهو أرسلنا لنُحقق قصده من خلال: وظائفنا وأعمالنا وأشغالنا اليومية!.

ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.

الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Thursday, July 14, 2022

التلسكوب والأسئلة الصادمة - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 13/7/2022

 منذ أن أعلن الرئيس الأمريكى بيل كلينتون خريطة الجينوم البشرى عام ٢٠٠٣، لم يعلن رئيس أمريكى آخر حدثاً علمياً على المستوى نفسه إلا الرئيس بايدن منذ يومين، عندما نشر أول صورة لأعماق الكون بتلسكوب جيمس ويب، الذى تفوق على تلسكوب «هابل» ويصنع ويبنى منذ عشرين سنة وتكلف عشرة مليارات دولار.

إعلان خريطة الجينوم كشف خريطة الداخل الإنسانى، أعمق أعماقه وصار كتاباً مفتوحاً للجميع، وأيضاً صار من الممكن التحكم فيه بالقص واللصق وتشكيل سوبرمانات جديدة وعلاج أمراض بتقنية كريسبر.. إلخ.

أيضاً أثبتت تلك الخريطة عبقرية «داروين» حين تمت المقارنة بين خريطة جينوم الإنسان وخريطة جينوم الشمبانزى واتضح أنهما أقرب الخرائط الجينومية بشكل يكاد يصل إلى التطابق بنسبة ٩٩٪!، وكذلك صور جيمس ويب التى أثبتت عبقرية «أينشتاين»، فعندما قال رئيس وكالة «ناسا» بيل نيلسون إن سلسلة المجرات التى يُطلق عليها اسم «سمكس 0723» تعمل كتلتها المجمعة بمثابة عدسة للجاذبية تُضخم بدرجة كبيرة الضوء القادم من مجرات بعيدة خلفها.

وهو ما يعنى أن عنقود المجرات الظاهر فى الصورة يقوم بعمل «انحناء للضوء»، وهو الأمر الذى تحدث عنه العالم ألبرت أينشتاين حين قال فى نظريته النسبية إن «الضوء يُمكن أن يتأثر بالجاذبية، وينحنى فى الفضاء حال وجود كُتل مُجمعة»، هكذا العبقرية فـ«داروين» بدون معامل تحليل وراثى و«أينشتاين» بدون تلسكوب توصلا إلى نبوءات علمية نتاج عقل جبار يسكن جمجمة كل منهما، لكن ما هو تلسكوب جيمس ويب؟

طوّرت وكالة الفضاء الأمريكية بالتعاون مع نظيرتها الأوروبية والكندية تلسكوب «جيمس ويب» ليأتى خلفاً لتلسكوب «سبيتزر» الذى انتهت مدة خدمته قبل عامين، وكان يعمل بنفس تقنية تلسكوب «جيمس ويب»، وهى الرصد باستخدام الأشعة تحت الحمراء.

ويتكوّن التلسكوب الذى بلغت تكلفته 10 مليارات دولار من مرآة مقعرة قطرها 6 أمتار ونصف المتر تم طلاؤها بالذهب لتعكس الأشعة تحت الحمراء بصورة ممتازة. والمرآة المقسمة إلى 18 قطعة سداسية الشكل، مزودة بمستشعرات مهمتها تحليل تلك الأشعة غير المرئية القادمة لنا من أعماق الكون.

وتُعد تلك المرآة القطعة الأهم فى ذلك التلسكوب، كما تقول وكالة الشرق الإخبارية، إذ إنها أكبر بكثير من مرآة تلسكوب «هابل» التى يبلغ قطرها 2.4 متر.

وتستطيع مرآة تلسكوب «جيمس ويب» رصد مجموعة كبيرة من الأطياف الضوئية، منها طيف الأشعة فوق البنفسجية، والأشعة تحت الحمراء، وفى نطاق ترددى يتراوح ما بين الكبير جداً والصغير للغاية.

ويعنى ذلك أن «جيمس ويب» يستطيع رصد الضوء القادم من النجوم البعيدة للغاية، وهو ضوء ذو طول موجى طويل للغاية وتردد صغير.

ويحتوى التلسكوب أيضاً على مجموعة متطورة من الأدوات العلمية، التى تشمل كاميرا الأشعة تحت الحمراء التى تعمل على معالجة الطيف الذى يتراوح من حافة الضوء المرئى وحتى الأشعة القريبة من تحت الحمراء، ومطياف من نوع خاص لرصد الطول الموجى، وجهاز لقياس الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، علاوة على مجموعة من المستشعرات الأخرى التى تقوم بعزل الضوضاء اللونية الناجمة عن إكليل الشمس والنجوم الأخرى.

ووضع التلسكوب فى مدار بيضاوى حول الشمس، يبقيه بعيداً عن الأرض وعن ظل القمر، بحيث يبعد فى نقطته الأدنى من الأرض بنحو 250 ألف كيلومتر، فيما يبعد عنها فى نقطته الأقصى بنحو 830 ألف كيلومتر.

وذلك البعد عن كوكب الأرض يُمكّنه من رصد موجات الضوء غير المنظور، وهو ضوء له طول موجى كبير وتردد منخفض، من أعماق الكون بكفاءة مذهلة ودون تشويش، تجعله قادراً على تكوين صور من معلومات يحملها ضوء عمره أكثر من 13 مليار سنة، أى فى بدايات الكون المبكرة للغاية.

ولتلسكوب «جيمس ويب» 4 أهداف رئيسة تشمل: دراسة تكوّن وتطور المجرات، وفهم الأنظمة الكوكبية، ودراسة أصل الحياة، علاوة على البحث عن الضوء المنبعث من النجوم والمجرات التى تكوّنت مباشرة بعد الانفجار العظيم.

لاحظوا أن ما نراه فى الصورة هو الماضى وليس الحاضر ولكننا نراه بعين الحاضر، والمجرة التى نراها مضيئة على بعد مليارات السنين الضوئية من الممكن أن تكون قد ماتت واندثرت! إنها إثارة العلم التى لا تنتهى، ولكن ماذا يعنى هذا الإنجاز ولماذا كل هذا الاحتفاء؟

هذه الصورة يا سادة قالت عنها «ناسا»: «هذه الصورة هى الأكثر عمقاً والأكثر وضوحاً التى تُلتقط للكون حتى اليوم»، وهى تمثل الكون قبل 4.6 مليار سنة، يا جماعة كل نقطة هى مجرة! عارفين يعنى إيه مجرة؟ يعنى ٤٠٠ مليار نجم، والشمس نجم، ونحن كوكب من ضمن كواكب تابعة لهذا النجم، و«ناسا» تقول إن تلك الصور هى عبارة عن تصوير لذرة رمل فى هذا الكون! والسؤال الصادم الذى سيلمع فى مخ كل من سيشاهد تلك الصور: معقول كل الكون ده مخلوق عشانى أنا الإنسان القابع فى شارع كذا فى مدينة كذا على هذا الكوكب الضئيل التافه؟!

الصور ستنزل تباعاً وستنشرها وكالة ناسا، وكل صورة ستكون أكثر إبهاراً وصدمة من الصورة التى قبلها، وستعرف مع كل صورة أن طوق النجاة الوحيد هو العلم لا الوهم والأساطير، وما سيجعلك تفهم هو العلم لا الخرافة ولا الأمنيات الكاذبة، إنها أخطر صورة «سيلفى» مع الكون فى القرن الحادى والعشرين.


Wednesday, July 13, 2022

«تسلا» المظلوم حياً وميتاً - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 11/7/2022

 انتظرت فى ذكرى ميلاده «١٠ يوليو» أن ينصفه جوجل أو ينصفه العالم أو يثأر له أهل الفيزياء، كل هذا لم يحدث، إنه العالم نيكولا تسلا، نمساوى المولد، صربى الأصل، الذى تسببت عبقريته فى إثارة الغيرة منه، سرق العلماء وسرقت المؤسسات أبحاثه حتى توماس إديسون العظيم شارك فى جريمة طمس «تسلا» وسرقته!! لم ينصفه إلا إيلون ماسك حين أطلق اسمه على أشهر سيارة كهربية فى العالم الآن وأكثرها إبهاراً، وأنصفه فيلم سينمائى «برستيج»، أو فلنقل تحدث ولو حتى فى إطار خيالى عن صراع «إديسون وتسلا»، يقول موقع «المرسال» عن هذا الصراع: «بدأ تسلا حياته المهنية بالعمل مهندس كهرباء فى شركة الهاتف فى بودابست، ثم بعد ذلك انضم إلى شركة إديسون كونتيننتال فى باريس فى عام (1882)، ثم بعد ذلك انتقل للعمل فى أمريكا مع توماس إديسون فى ولاية نيويورك، ولكن للأسف بسبب نجاح تسلا وعبقريته ملأ الحقد قلب إديسون تجاه تسلا، وأصبح بينهما صراع، خاصة بعد نجاح فكرة تسلا عن التيار المتناوب، التى حققت نجاحاً أكثر من فكرة إديسون عن التيار المستمر، وأصبحت بينهما حرب انتهت لصالح تسلا بعد أن أضاء المعرض العالمى بشيكاغو باستخدام التيار المتردد، وأثبت تسلا نجاح فكرته أكثر من فكرة إديسون، ولكن للأسف بالرغم من تفوق تسلا دائماً على إديسون لم ينصف العالم والتاريخ تسلا مثلما أنصف إديسون، ويرجع هذا السبب إلى أن تسلا كان لا يهتم أبداً بجنى أى أرباح من خلف اختراعاته، ووصل الأمر إلى أنه كان يعلم تماماً أن هناك العديد ممن يقومون بسرقة اختراعاته ولكنه لم يهتم بذلك».

هذا الصراع أثر على «تسلا» بشكل ضخم، وهناك حكايات درامية رهيبة فى حياته، فقد توفى «تسلا» وعمره 86 فقيراً معدماً، وأصبح فى آخر أيامه غريباً يتحدث مع الطيور وأصبح مهووساً بالرقم (3)، وكان يعانى من الوسواس القهرى، حيث كان يمسح الأوانى التى سيأكل فيها عدة مرات، كانوا يصفون «تسلا» بأنه رجل لا ينام، فقد كان لا ينام إلا ساعتين فى اليوم!! «تسلا» كان صاحب ذاكرة حادة، وكل شىء كان ينسقه فى رأسه، حتى اختراعاته، ثم يدونه على الورق لاحقاً، تمت محاولات عديدة لتشويه «تسلا»، منها محاولة لتشويه اختراعه (التيار الكهربائى المتردد)، حيث كان يتم صعق الحيوانات به حتى تتوفى لتشويه صورة «تسلا»، وكان يُعتقد أن المتورط فى هذا الأمر هو توماس إديسون.

«تسلا» لديه أكثر من 250 اختراعاً، منها اختراعات سبقت عصره مثل ابتكاره لقارب يتم التحكم به عن بُعد عام 1898، وتم اعتبار هذا الابتكار «عديم الفائدة»!

رفض «تسلا» الزواج وبقى عازباً طوال حياته لأن الزواج سيضيع الوقت، ويثقل عقله ويشتت انتباهه عن اختراعاته ومعرفته. أما بالنسبة لشخصيته، فقد كان شخصاً محبوباً، وطيب القلب، يتمتع بروح الدعابة، يحب الطيور، خاصة الحمام.

هذه حكاية عالم مات كمداً من عدم الإنصاف، كم عالماً سيعيش ويموت بنفس الأعراض بعد رحلة لا مبالاة؟


Sunday, July 10, 2022

اصنع مستقبلك (2)..طَوِّر شخصيتك - الأنبا موسى - المصري اليوم - 10/7/2022

 ذكرنا فى العدد الماضى أنه لكى تصنع مستقبلك لا بد من الأخذ فى الاعتبار: أولًا: أنت الصانع لمستقبلك، ثانيًا: حدد وخطط لهدفك.. ونستكمل موضوعنا.

ثالثًا: استغل وقتك أفضل استغلال:

يقول المثل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والوقت من ذهب إن لم تدركه ذهب، لذلك إذا أردت أن يكون لك مستقبل عظيم تعلم كيف تستغل وقتك أفضل استغلال. فرغم الاختلافات التى بين البشر إلا أن الكل مُتساوون فى أنه مع كل إشراقة صباح جديد، أمام كل واحد منا 24 ساعة، وهو حُر فى استغلال أو إهدار ذلك الوقت، والفرق بين الناجح والفاشل هو أن الأول استطاع أن يُنظم ويستغل كل دقيقة فى يومه أما الثانى فلم يستطع.

رابعًا: طوِّر شخصيتك:

لا تجلس مكانك تنتظر المعلومات حتى تصلك أو العمل المُناسب لكى يفتح أبوابه لك، بل كُن أنت من يسعى إلى التطور والتقدم، لا تلق اللوم على التعليم والمجتمع وكل من حولك على أنهم السبب وراء عدم تقدمك. تذكر دائمًا «أنت من تُحدد مُستقبلك»، لن يكون المُستقبل مُشرقا دون الجهد والعرق والسعى وراء الجديد لتطور نفسك وتصبح مؤثرًا وفعالًا.

ومن أهم وسائل تطوير الشخصية:

1- القراءة: بالرغم من قلة الإقبال على الكتاب الورقى والجرائد والمجلات والقراءة بصفة عامة، إلا أنك إذا أردت أن تنمو فكريًا وثقافيًا عليك بعالم الكتب. لذلك لا بد أن تدرب نفسك على القراءة اليومية باستمرار، فالكتاب سواء الورقى أو المسموع يتقابل مع عقلك وينقلك إلى عالم الفكر والمعرفة.. إن القراءة هى النور الذى يُضىء لك ظلمة الطريق، والرئة التى تتنفس بها الحياة، وتزيدك خبرات سنين فوق خبرتك الشخصية، فالكتاب خير جليس وخير أنيس، ومن لا يُحى عقله بالقراءة المستمرة يستحق العزاء والرثاء، ولو خلت الحياة من نعمة القراءة والفكر لكانت عبئًا لا يُطاق.

لا تعتمد على الراديو والتليفزيون أو الجرائد والمجلات أو الفضائيات أو الإنترنت أو الفيسبوك والشات فقط، فلقد ثبت علميًا أن الكلمة المسموعة أو المرئية هى مجرد قراءة سلبية، وتلقٍّ سلبى، دون تفاعل لذلك تمضى عابرة، يسمعها الإنسان ويراها لكن سرعان ما تُنسى، فلذلك فإنها لا تُضيف لك إلا قدرا بسيطا من المعرفة، عبارة عن معرفة سطحية لا أكثر، دون الاستفادة من المحتوى، لذلك فإننى أدعوك لتتعلم من الكتب وتُكثر من قراءتها، وتعطى لنفسك وقتًا للقراءة يوميًا لكى تنمو وتتطور، وتصبح شخصية ثرية وفعالة ومؤثرة فى مجتمعك.

2- الاستفادة من خبرات الآخرين: إن المجتمع من حولك يزدحم بالخبرات فى كل مجال، فأنت لست الأول فى مجالك، ولذلك إذا أردت أن تطور شخصيتك درب نفسك على حُسن الاستماع، فمن لا يُجيد الإصغاء يحرم نفسه من الاستفادة بخبرات من حوله.

لذلك أنصحك أن تشارك فى جميع الندوات أو الاجتماعات سواء الروحية، أو الثقافية أو العامة والمؤتمرات العلمية، وجهز نفسك للاستماع والإنصات الجيد لمن يتكلم، فإنى أؤكد لك أنك ستستفيد من المُتكلم حتى لو بجزء بسيط أفضل من لا شىء.

- إن أحد أسرار نجاح موسى النبى فى القيادة أنه «تَهَذَّبَ.. بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ» (أعمال 22:7).

- واستطاع يشوع بن نون أن يتعلم ويتدرب على القيادة مع موسى النبى (خروج 13:24).

- وتعلم أليشع النبى الخدمة على يد إيليا النبى، وعلى النقيض من ذلك نجد أن رحبعام الملك أخطأ عندما رفض مشورة الشيوخ (1ملوك 8:12).

3- نصائح المُقربين والمُخلصين: لك أصدقاء، وأقرباء ومُحبون يتمنون لك النجاح، أشكر الله من أجلهم، واستمع لنصائحهم الثمينة التى يُقدمونها لك، واستشرهم فى أمور حياتك فالحكيم سليمان يقول: «أَمّا الْخلاَصُ فَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ» (أمثال14:11). - «أَمَّا سَامِعُ الْمَشُورَةِ فَهُوَ حَكِيمٌ» (أمثال15:12).

إنهم يُقدمون لك خبرة سنين عاشوها، وتعلموا منها، واستفادوا من كل ما وقع أمامهم فى طريقهم للنجاح، إلى جانب أنهم يرون أمورك من خارج الملعب، من عدة زوايا، فتبدو الصورة واضحة لهم أكثر منك.

4- نقد المُحيطين: لا يعنى أنك تهتم للاستماع لنصائح المُقربين والمُخلصين أنك بذلك تتجنب الاستماع لنقد المُحيطين، فالنقد لا يقل اهتمامًا عن النصائح، بل كلاهما مُكملان لشخصيتك ويدعمان نموك، فالإنسان الناضج يبحث باستمرار عن من ينتقده، لكى يتعلم ويتطور، فمن لا يُنقد لا يعنى إنه فوق النقد - لأنه لا يوجد شخص كامل بلا عيوب - بل يعنى أنه إنسان لا يُريد أن يتطور وأنه يرفض من يقوم بنقده. ولكى تستفيد من نقد الآخرين لك لا بد أن تكون متصفا بهذه الصفات وهى:

أ- قبول النقد والاستعداد المستمر لتعديل سلوكك والتطور.

ب- تواضع حقيقى وإدراك أنك إنسان عُرضة للخطأ، وتحتاج لمن يساعدك فى اكتشاف أخطائك.

يقول سليمان الحكيم: «اِسْمَعِ الْمَشُورَةَ وَاقْبَلِ التَّأْدِيبَ، لِكَىْ تَكُونَ حَكِيمًا فِى آخِرَتكَ» (أمثال20:19). والتأديب هنا يعنى النقد والتوجيه لأن هذا يساعدك على تطوير شخصيتك.