Translate

Tuesday, March 31, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: ماذا بعد الكورونا؟ ٣١/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


كارثة الكورونا التى أودت بحياة الآلاف من البشر سوف تؤدى إلى تغييرات جوهرية فى أسلوب الحياة ونمطها وقواعد السياسة والصحة والاقتصاد والفن التى تسود العالم الآن.
١. قبل انتشار الكورونا أجمع المحللون السياسيون بأن احتمال نجاح ترامب فى نوفمبر القادم لفترة رئاسية ثانية مؤكد، والذى كان سوف يتبعه انتشار النيوليبرالية فى أنحاء العالم الأول، وتثبيت أقدام النظم الفاشية والديكتاتورية فى العالم الثالث التى يساندها ترامب. الآن وبعد الكوارث التى حدثت وفشل ترامب فى قيادة أمريكا أثناء الأزمة وعدم نجاح البلطجة السياسية، هناك احتمال أكبر ألا ينجح ترامب وتنتهى الحقبة النيوليبرالية فى أمريكا، وأيضاً فى أوروبا وخاصة فى شرقها فى المجر وبولاندا والتشيك ورومانيا. وربما تحدث تحولات ديمقراطية أيضاً فى دول العالم الثالث.
٢. اكتشفت دول العالم الأول التى توجد بها رعاية صحية متميزة أن هذه الرعاية غير كافية. واكتشفت أمريكا أن عدد أسرّة الرعاية المركزة بها مقارب للعدد فى ألمانيا التى بها ربع سكان أمريكا، وأن فيه حاجة غلط فى النظام الصحى الأمريكى الذى يعتبر أحسن نظام صحى فى العالم، ولكنه يغطى نسبة محدودة من الشعب. أما دول العالم الثالث مثل مصر فظهر بوضوح أن ميزانية الصحة ضئيلة للغاية فهى أقل من ٦% من الدخل القومى سوف يحدث ضغط شعبى يلزم الحكومات بزيادة هذه النسبة.
٣. وباء الكورونا أصاب الدول الغنية والدول الفقيرة، وأصاب الأغنياء مثلما أصاب الفقراء وأصاب الملوك مثلما أصاب أفراد الشعب، ولم يفرق بين قائد عسكرى وعامل بسيط ولا رئيس ديكتاتور وآخر ديمقراطى. إن هذا الفيروس الديمقراطى حقق المساواة بين الجميع. أعتقد أنه بنهاية الوباء سوف تعرف الشعوب أن المساواة حتى فى وباء مزعج أمر جيد وأعتقد أنه سوف يحدث تحرك عالمى مطالباً بالديمقراطية مساواة بالفيروس.
٤. حاول كبار الأغنياء فى العالم حماية أنفسهم ليس فقط بالعزل الاختيارى وإنما بشراء معدات طبية وأدوية، واشترى البعض أجهزة تنفس صناعى للاستخدام الخاص إذا لزم الأمر، ولكن الجميع اكتشف أنهم متساوون، فلا يوجد منهم من هو أهم من الأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا ولا رئيس وزرائها ومع ذلك أصيبا بالمرض. فعلاً المساواة والديمقراطية شيء رائع حتى فى المرض.
٥. فيروس الكورونا أظهر للمصريين بعض الحقائق الكارثية الغائبة عنهم. الناس تقول إن شاء الله لن نصبح مثل إيطاليا التى يختار الأطباء فيها المواطن الذى يوضع على جهاز التنفس والآخر الذى يترك ليموت، ولكن الحقيقة أننا فى مصر فى هذا الموقف دائماً، فالأجهزة عددها محدود وتقريباً لا يوجد جهاز تنفس صناعى غير متصل بمريض قبل وباء الكورونا، واختيار من يوضع على الجهاز ومن يترك لأمر ربه هو حدث يومى دائم فى مصر. ربما كارثة الكورونا سوف تجبر الحكومة على مضاعفة أجهزة التنفس الصناعى فى المستشفيات، وسوف ينقذ ذلك أرواح كثيرة فى المستقبل.
٦. انتشار الكورونا أدى إلى نشاط بحثى ومنافسة عنيفة بين معاهد البحوث والشركات المختلفة، لقد أنتجت شركتا روش السويسرية وأبوت تحليلاً سريعاً أصبح متوفراً فى أوروبا وأمريكا هذا الأسبوع و«روش» فى المرحلة النهائية من إنتاج علاج جديد للفيروس، فى شهور قليلة سوف ينتصر العلم ويتغلب على هذا الفيروس.
٧. أظهرت الأزمة كفاءة وحكمة رئيس الوزراء، ولكن فى المستقبل يجب أن يدقق ويحسن الاختيار فى منصب وزير الصحة الذى يجب أن يتمتع بخلفية علمية وفهم سياسى وألا يكون الأمن هو العامل الرئيسى فى اختياره. المؤتمر الإعلامى الذى دعت إليه وزيرة الصحة داخل مكان مغلق بحضور عدد كبيراً، يوضح أن الوزيرة ليس عندها وعى سياسى، ولا علم طبى، وأنها قد تتسبب فى انتشار المرض بين المواطنين، وتشطب بجرة قلم كل قواعد العزل، ومنع التجول الذى تحاول الدولة تطبيقه.
٨. أسواق الأسماك والحيوانات البرية الحية فى الصين لها تاريخ طويل، وقد اعتمد عليها الفقراء فى الريف الصينى وازدهرت عام ١٩٧٦ بعد نهاية الثورة الثقافية والتى تلاها مجاعات بين الملايين من الصينيين فى الريف. هذه الأسواق تبيع الطيور البرية والوطاويط والفئران والقطط وعشرات الأنواع من الطيور الجارحة والحيوانات البرية وبعضها متوحش وهى أسواق فى الهواء الطلق، ومنها انتشرت الأوبئة مثل سارز فى ٢٠٠٣ وإيبولا والإيدز وأنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير، وكلها انتشرت فى العالم وأدت إلى وفاة عشرات الآلاف من البشر، والحكومة الصينية أغلقت هذه الأسواق مرات عديدة، ولكنها أعادت فتحها تحت ضغط شعبى وانتهى الأمر كل مرة بكوارث بشرية عالمية. وقد أغلقتها الحكومة حديثاً فى يوهان بعد كارثة الكورونا وربما تغلق إلى الأبد.
٩. الإفلاس خاصة للأعمال الصغيرة كارثة مقبلة سوف يمتصها العالم الأول، ولكن لن يقدر عليها العالم الثالث.
١٠. نسبة الفقر فى مصر ٣٢.٥% والفقر المدقع ٦.٣%، ومن المتوقع أن يؤثر التدهور الاقتصادى المتوقع بسبب توقف الإنتاج على هذه النسبة. سوف يفقد ملايين من عمال اليومية وظائفهم وسوف يقهر الجوع أعداداً كبيرة من المصريين. المجتمع والدولة عليهم التضامن بكل جدية لسد الفجوة ومنع الكارثة الإنسانية التى يمكن أن تؤثر فى ملايين المصريين. ولنتذكر مقولة غاندى: «الفقر أسوأ أشكال العنف».
قوم يا مصرى مصر دايماً بنتاديك

الكورونا ومريض الضغط - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /30






أكثر مرضى الأمراض المزمنة إهمالاً فى التعامل مع الكورونا «كوفيد ١٩»، هو مريض الضغط، لديه ثقة زائدة زائفة فى أنه لاعلاقة بين ارتفاع الضغط وسهولة العدوى أو زيادة الخطر أثناء وباء كورونا، نتيجة فهم خاطئ، وهو أن الضغط مجرد رقمين زائدين «بسط ومقام»، وقوة نبض ومعافرة ضخ دم فقط لا غير، ولا تأثير آخر له على مناعة أو أجهزة أخرى، وهذا اعتقاد خاطئ تماماً، لذلك يجب الحذر.
آخر نصائح جمعيات القلب هى أنه إذا كنت مصاباً بارتفاع ضغط الدم، فمن المستحسن توخى مزيد من العناية لحماية نفسك أثناء تفشى الفيروس التاجى (COVID-19). فقد أظهرت الأبحاث المبكرة أن الأشخاص المصابين بهذه الحالة قد يكونون أكثر عرضة للعدوى COVID-19، وتكون أعراضهم أسوأ، ونسبة وفياتهم أعلى، تشير البيانات الواردة من الصين وإيطاليا -البلدان اللذان أصيبا بالفيروس مبكراً- إلى ارتفاع خطر الإصابة بعدوى COVID-19 ومضاعفاته بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، فى الصين مثلاً، كان 25 ٪ إلى 50 ٪ من الأشخاص الذين جاءوا إلى المستشفيات مصابين بفيروس الكورونا يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو حالة صحية أخرى، مثل السرطان أو مرض السكرى أو أمراض الرئة، فى إيطاليا، كان أكثر من 99٪ من الأشخاص الذين ماتوا بسبب الفيروس يعانون من هذه الحالات، و76٪ منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، من المرجح أيضاً أن نسبة وفيات الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بسبب فيروس كورونا خطرهم أعلى بحوالى 6٪ من إجمالى السكان، لكن ما العلاقة؟
من ضمن التفسيرات ضعف جهاز المناعة الذى هو أحد الأسباب التى تجعل الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والمشكلات الصحية الأخرى أكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروسات التاجية، حيث تضعف الظروف الصحية طويلة الأمد والشيخوخة جهاز المناعة لديك، لذا فهو أقل قدرة على محاربة الفيروس، الاحتمال الآخر الذى طرحه البعض وما زال حوله جدل هو أن الخطر ليس من ارتفاع ضغط الدم نفسه، ولكن من بعض الأدوية المستخدمة لعلاجه -مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs). هذه مجرد نظرية، نظراً لعدم وجود بحث حتى الآن حول تأثير هذه الأدوية، إن وجدت، وتستند النظرية إلى حقيقة أن مثبطات ACE وARBs ترفع مستويات إنزيم يسمى ACE2 فى جسمك. ولإصابة الخلايا، يجب أن يلتصق فيروس COVID-19 بـ، ACE2. لكن حتى إجراء المزيد من الأبحاث، توصى جمعية القلب الأمريكية بمواصلة تناول دواء ارتفاع ضغط الدم على النحو الموصوف، إذا لم تفعل ذلك، فقد يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، لذلك حافظ على دواء الضغط الذى تتناوله، هذا عن العلاقة بين الضغط وكورونا، لكن ماذا عن المضاعفات؟، فى حين أن الالتهاب الرئوى هو أكثر المضاعفات شيوعاً للفيروس، فإنه يمكن أيضاً أن يتلف نظام القلب والأوعية الدموية. وهذا هو السبب فى أن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وفشل القلب فى دائرة الخطر، يتسبب ضغط الدم المرتفع فى إتلاف الشرايين، وهذا يعنى أن قلبك يجب أن يعمل بجهد أكبر لضخ ما يكفى من الدم، بمرور الوقت، يمكن لهذا العمل الإضافى أن يُضعف قلبك لدرجة أنه لا يستطيع ضخ الكثير من الدم الغنى بالأكسجين إلى جسمك، ويمكن للفيروس التاجى أيضاً أن يضر القلب مباشرة، الذى يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر بشكل خاص إذا كان قلبك بالفعل ضعيفاً بسبب تأثيرات ارتفاع ضغط الدم، قد يسبب الفيروس التهاباً فى عضلة القلب يسمى التهاب عضلة القلب، ما يجعل من الصعب على القلب ضخه، إذا كان لديك أيضاً تراكم plaques اللويحات فى الشرايين، فقد يجعل الفيروس هذه اللويحات أكثر عرضة للانفصال والتسبب فى نوبة قلبية، ماذا عليك كمريض ضغط أن تفعل؟، يقدم مركز السيطرة على الأمراض CDC النصائح التالية:
دائماً يكون لديك ما يكفى من الأدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم والحالات الصحية الأخرى.
لا بد أن تكون مستعداً بأدوية خفض الحرارة، مثل الباراسيتامول.
الزم بيتك وحِد من التواصل مع الآخرين قدر الإمكان.
تجنب الزحام.
اغسل يديك كثيراً بالصابون والماء.
قم بتنظيف وتطهير جميع الأسطح التى يتم لمسها بشكل متكرر.
لقاح فيروسات التاجية غير متوافر حتى الآن، لكن الكلية الأمريكية لأمراض القلب توصى بأن تظل على اطلاع دائم على لقاحاتك الأخرى، سوف يساعدك إذا توافر لقاح المكورات الرئوية pneumococcal vaccine من الإصابة بالالتهاب الرئوى فوق فيروس التاجية، احصل أيضاً على لقاح الإنفلونزا، فمن السهل الخلط بين أعراضه والفيروس التاجى، ما قد يجعل من الصعب على الأطباء تشخيصك إذا مرضت.

Sunday, March 29, 2020

مبادئ فى التعامل مع شباب المرحلة الثانوية بقلم الأنبا موسى ٢٩/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

تحدثنا فى الأسبوع الماضى، عن أنه توجد أسس معينة، ومبادئ مهمة، وخدمات جوهرية، يجب أن نقدمها لشباب المرحلة الثانوية سواء فى محيط الأسرة أو مكان العبادة... وذكرنا منها:
أولاً: روح المحبة الشخصية.. ونستكمل موضوعنا اليوم حول:
ثانياً: روح التفهم والحوار
من المهم أن نتبع مع شباب هذه المرحلة روح التفهم والحوار..
١- التفهم: أى إدراك ظروفهم، سواء الذاتية أو المدرسية أو المجتمعية... حتى نتعامل معهم ونحن ندرك الوسط المحيط بهم، وكل ما فيه من ضغوط وإغراءات وإحباطات وعادات وتيارات...
٢- الحوار: أى المناقشة الهادئة الموضوعية لكل أمر، سواء فى حياتهم الخاصة، أو الروحية، أو العائلية
أو المدرسية.. بشرط أن يكون الحوار فى روح المحبة والتفاهم، وبهدوء دون انفعال، وبصبر حتى نصل إلى الفكر السديد والرأى السليم.
إن شباب هذه المرحلة لا يحب الأوامر والنواهى، ولا يميل إلى النصائح والتنبيهات، ويمل من تكرارها، ويتصدى لها علنًا أو سرًا، بينما هو يفضل الحوار الهادئ البناء، فى صبر ومحبة، حين نقلب معهم وجهات النظر، إلى أن نصل معًا إلى الرأى السديد.
وهناك ثلاثة مناهج فى الحوار
١- منهج القمع: أى إصدار الأوامر ولابد من الطاعة، دون حوار ومناقشة. وهذا يصل بهم إلى سراديب خفية، وسخط نفسى. وحتى إذا نفذوا يكون ذلك دون اقتناع، وإلى تكوين شخصية محبطة.
٢- منهج الإقناع: أى محاولة إقناع الشباب بما هو فى ذهنى من أفكار وقرارات... وهذا أيضًا غير بناء... فسوف يقدمون لنا موافقة شكلية ظاهرية، دون اقتناع حقيقى، وتنفيذ أمين.
٣- منهج الاقتناع: الذى فيه يصل الشباب إلى اقتناع فعلى، بعد أن يدرس أبعاد الموضوع، ويقتنع بما هو صواب. وهذا بالطبع أفضل منهج، حيث يصل بنا إلى شخصية هادئة متفاعلة قوية، تنفذ ما اقتنعت به، دون تظاهر أو افتعال أو سخط داخلى.


٤- ومع أن الحوار البناء يستغرق وقتًا، ويتطلب جهدًا وصبرًا، إلا أنه أفضل الأمور فى تربية الشباب، نتعب فيه فى البداية، ونستريح به معًا، كل الطريق.
٥- الحوار هو لغة رجال الله مع تلاميذهم، ولغة الحكماء والفلاسفة مع مريديهم، ولغة العصر الحاضر.
لذلك ينبغى أن تكون هناك حوارات عديدة مع شبابنا، سواء فى الاجتماعات الأسبوعية، أو الأنشطة، أو الجلسات الفردية، فالحوار هو أنجح السبل فى تعاملنا مع شباب هذه المرحلة.
٣- روح الصداقة والتقدير
فنحن أمام مرحلة «تكوين الذات» و«تكوين الشخصية المتكاملة»، لذلك ينبغى أن نلتزم بروح الاحترام لهذه السن،
فلا نتعامل معه كأنه طفل أو فتى صغير، بل ننمى فيه روح الرجولة (فى الشبان) وروح النضج (فى الشابات)، لكى ينشأوا جميعًا النشأة السليمة، ويدخلوا معنا فى حوارات بناءة وأنشطة إيجابية، وصداقات مقدسة، تحميهم من أصدقاء السوء، وما يمكن أن يجروه عليهم من ويلات.


والمثل المصرى الجميل يقول: «إن كبر ابنك خاويه»، أى إذا بلغ ابنك حد الكبر، تعامل معه كأخ... فهو لا يحب معاملة الأطفال والتابعين، ويتطلع إلى معاملة الكبار الناضجين.
لذلك فمن الخطورة بمكان أن تعامل هذا الشاب بأسلوب يسىء إلى شخصيته وكرامته وسط أصدقائه، فهذا
يؤدى جرح عميق، يبقى سنين طويلة.
والقائد الذى يتسبب فى إحداث هذا الجرح مرفوض من الشباب، ولن يستفيدوا منه، مهما كانت مواهبه وخدماته ومجهوداته.
٤- روح الحزم عند اللزوم
فالمحبة وحدها قد تحدث نوعًا من التسيب فى الحياة وفى تكوين الشخصية، لذلك لابد من الحزم المحب، والمحبة الحازمة، فعندما يفشل الحوار بسبب الإصرار والعناد على مسلك خاطئ، يتدخل الحزم فى اللحظة المناسبة ليحسم الأمور، حتى لو حدث بعض التذمر وعدم التقبل من الشباب. المهم بعد ذلك أن نشرح للشباب سبب هذا الحزم بموضوعية ومحبة وهدوء، حتى يتقبلوا القرار.


وبالقطع، سوف يدركون خطأهم فيما بعد، ويرون فى هذا القرار الحازم الحاسم طريقًا لنجاتهم ونجاحهم.
إن إدراك شباب هذه المرحلة للأمور، محدود بحدود خبراتهم القليلة، كما أن نضجهم الجسدى والذاتى يدفعهم إلى الجدال والتمرد والرفض، حتى دون منطق عقلانى. لذلك وجب علينا الحزم والحسم فى أحيان كثيرة، حتى لا يقع الشباب فريسة أشياء ضارة مثل: التدخين والمخدرات وصديق السوء.
وفى المستقبل سيدرك الشباب لماذا كان حزمنا هذا، وكيف كان لخيرهم وبنيانهم.
غير أن المطلوب فى هذا الحزم، يجب ألا يصل إلى جرعات زائدة تضايق الشباب وتغيظهم حتى إلى درجة الفشل، وذلك ما يسميه علماء التربية «الرعاية الزائدة» (Over - protection)، فمع رفضنا الشديد للرعاية الناقصة (Under - protection)، نرجو ألا نسقط فى نقيضها. فالرعاية الزائدة تضايق الشباب وتشعرهم بالقيود (وليس الضوابط) وبالسجن (وليس الالتزام).
وقديمًا علمنا الكتاب: «لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا» (كو ٢١:٣)... وضرورة الاتزان مهم... فالقسوة مدمّرة، وكذلك التدليل مدمر!
ولابد ألا يتناقض أسلوب الوالد مع الوالدة، إذا ما كان الأب يقسو والأم تدلل.
بل المطلوب هو الاتفاق على سياسة تكاملية: الأب يحزم والأم تشرح.


* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية



جورج وليندا حكاية حب عابرة للزمن! بقلم طارق الشناوى ٢٩/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


قبل بضعة أشهر قلت للسيدة العظيمة د. ليندا (الناس تعتبرك قديسة، جورج سيدهم طريح الفراش منذ ربع قرن ومن وقتها وكل حياتك وقفا عليه، كان من الممكن أن يقيم فى مستشفى وتذهبى إليه يوميا).
قالت (إذا اعتبرت أنى أمنح جورج شيئا فهو يمنحنى كل شىء، أنا مدينة له بعمرى، وأتواصل معه فى كل لحظة، لدينا شفرة خاصة تتجاوز أبجدية الكلام، هو الذى يمنحنى الحياة أنا التى أحتاج إليه، أتكئ عليه عندما تتعثر خطواتى، ويواسينى بطبطبة يديه عندما تنهمر دموعى).
لم تتوقف علاقتى مع جورج، برغم ابتعاده عن الدائرة الفنية، وفى الأعياد بيننا تليفونات، وتصلنى بصوته حروف كلمات تعنى السعادة وكالعادة تُكمل الباقى د. ليندا، آخر مرة رأيته قبل نحو عام ونصف فى الاحتفال بعيد ميلاده الثمانين، الذى أقامته له رفيقة مشواره الفنانة القديرة الراحلة نادية لطفى، فى مستشفى المعادى العسكرى، حيث كانت نادية تتلقى العلاج، لبيت الدعوة حتى ألتقى مع فنان الكوميديا الراقية جورج سيدهم الذى ملأ الدنيا دفئا.
جورج هو نجم الحفل بإشعاعه الساحر، زادته محنة المرض حضورا ولمحت فيضا من الرضا والنور على وجهه.
سألت مرة سمير غانم هل تتفق مع الرأى القائل إن عنوان جيلكم هو عادل إمام؟ أجابنى عادل هو الأذكى واستمراره فى التألق لا يحتاج إلى تأكيد، ولكن هذا لا يعنى حجب عطاء الآخرين، إنه زمن عادل وجورج وسمير وسعيد ويونس، إحنا الخمسة شكلنا نبضا وزمن جيل جديد للكوميديا مغايرا عن الجيل الأسبق، وأعنى به الأساتذة فؤاد المهندس ومدبولى وعوض.
عندما حصل سمير على جائزة فاتن حمامة التقديرية من مهرجان القاهرة، سألت د. ليندا أن أحصل على كلمة من جورج فقال (حبيبى سمير تكريمك يا صديق العمر هو تكريم لى، لمشوار قطعنا بدايته معا، وتكريمى هو تكريم لك، أسعدت الملايين فأحبك الملايين، سمير حبيبى ألف مليون مبروك).
جورج والضيف وسمير هذا الثالوث أول من بدأ انطلاق الفوازير مطلع الستينيات مع بدايات التليفزيون المصرى وعلى مدى تجاوز عشر سنوات استمر عطاء الثلاثى حتى بعد رحيل الضيف أحمد.
ظل جورج حاضرا فى الحياة محتفظا بكل قواه العقلية والإدراكية، فقد جزءًا كبيرا من القدرة على الحركة والكلام، إلا أنه كان متابعا جيدا لكل ما تبثه (الميديا)، ومعه بوصلة هى د. ليندا. كان جورج مضربا عن الزواج وعندما شاهدها فى الصيدلية شعر وكأنه كان يبحث عنها طوال حياته.
شاهدت مراسم الزواج فى الكنيسة وبعدها فى أحد الفنادق الكبرى أتذكر جيدا أن المطرب الشعبى شفيق جلال غنى لصديقه (شيخ البلد خلف ولد)، ثم استبدلها فى الإعادة (قسيس البلد خلف ولد)!!.
لم يترك لنا جورج سيدهم رصيدا كبيرا بالعدد، ولكن ما أبدعه نحن إليه كثيرا، مع مطلع الستينيات ظهر هذا الثلاثى باعتباره معادلا موضوعيا لزمن التليفزيون، الثلاثية تعنى أن تُضحى بنجوميتك كفرد لصالح المجموع، كان الجمهور ينقسم فى حبه بين الثلاثة، جورج بملامح الطفولة التى لم تغادره، ينشرح قلبك بمجرد رؤيته، الضيف أحمد بجسده النحيل وكنا نراه العقل المفكر للثلاثى، فهو يجيد منح الآخرين الفرصة لتحقيق أعلى معدلات الضحك، سمير غانم الطويل الأصلع قبل أن يرتدى الباروكة القادر على سرقة الضحك، ومن خلال فوازير الأبيض والأسود كانت هى الملعب الأساسى لهذا الثلاثى، عندما وقع اختيار المخرج محمد سالم عليهم، جورج لديه حالة من الشجن النبيل يمنحها للشخصية، أتذكر دوره فى إحدى الفوازير (أحدب نوتردام) فكان ينشد وتبكى معه (يا بختك يا حجر/ يا ريتنى كنت قاسى/ وقلبى من حجر/ يا بختك يا حجر)، المساحة الإبداعية التى تحرك فيها جورج على ضآلتها تألق فيها مثل أفلام (الشقة من حق الزوجة) عمر عبد العزيز و(الجراج) علاء كريم، ولا أنسى له فى البدايات (خان الخليلى) عاطف سالم..
رأيته آخر مرة مثل الملائكة شعاع الرضا والنور يملأ وجهه، وقبل ساعات غادرنا الملاك وترك فى قلوبنا شعاع الرضا والنور!!.

تطعيم الدرن ليس تطعيماً ضد الكورونا - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /28






نحن فى مرحلة التخبط الدوائى والحيرة العلاجية، إن صح التعبير، ففيروس الكورونا يلعب معنا لعبة الاستغماية الدراكيولية الأخطبوطية الضبابية السرابية الغامضة، ونحن نطرق الأبواب لعلنا نجد الدواء، العلاج موجود خلف واحد من تلك الأبواب فى الأقبية والسراديب، نحن الآن فى مرحلة طرق تلك الأبواب جميعاً، تارة يخرج لنا دواء ملاريا، وتارة أجسام مضادة، وتارة دواء بيولوجى.. إلخ، نجرب هذا وذاك ونحن نعرف جيداً أن طوق النجاة الحقيقى هو واحد من اثنين لا ثالث لهما، إما فاكسين ضد هذا الفيروس خصيصاً، أو مضاد لهذا الفيروس بالذات، وأنه لا مناص من الانتظار، ولكن أيضاً لا مانع من الحلم واستخدام أى علاج مساعد الآن للإقلال من الوفيات، وهذا ما يحدث الآن مع تطعيم الدرن الذى ترك ندبة على فخذ أو كتف كل مصرى منذ أن حُقن به فى الطفولة، وحتى لا نبالغ ولا نعلو بسقف أحلامنا ونتساهل فى إجراءات الوقاية والعزل، لا بد أن نقول بداية إن الرهان على تطعيم الدرن BCG هو رهان على تحفيز المناعة، تقليل حدة ضيق التنفس، الذى يسبب الوفاة، لكن أن يتخيل البعض أنه لقاح ضد الكورونا، فهذا كلام غير علمى، لأنه ببساطة هذه بكتيريا وهذا فيروس، والتراكيب مختلفة، فالأول كائن حى، والثانى كائن ميت لا تدب فيه الحياة إلا عندما يقتحم الخلية، ما هو لقاح BCG؟ هو اختصار «Bacillus Calmette-Guérin» على اسم العالمين الفرنسيين اللذين قاما بتطويره، وهو عبارة عن بكتيريا سل البقر الضعيفة أو بالأصح المضعفة mycobacterium bovis، يتم إعطاء BCG حالياً لحوالى 130 مليون طفل كل عام لحمايتهم من مرض السل، وعندما يتم حقن البكتيريا الضعيفة من قبل الجهاز المناعى، يتحفز الجسم ضد البكتيريا عن طريق إنتاج الأجسام المضادة التى يمكن بعد ذلك إنتاجها ونشرها بسرعة إذا أصيب شخص بالسل، يفكر الباحثون الآن فى استخدامه لتطعيم صف المواجهة الأول، وهم الأطباء لرفع مناعتهم، ولكن طبعاً بعد إجراء الأبحاث التى ستتم فى عدة دول، فمثلاً سيقود التجربة باحثون فى معهد مردوخ لأبحاث الأطفال بملبورن، وسيشمل 4000 عامل صحى فى مختلف المستشفيات فى جميع أنحاء البلاد، يقول الباحثون إن الآلية الدقيقة التى يحدث بها رفع المناعة من تطعيم الدرن غير معروفة، ومدى فعاليته على المدى الطويل لا تزال مجهولة، ويأمل الباحثون الأستراليون أن يؤدى اللقاح وتعزيز «المناعة الفطرية» إلى توفير وقت كافٍ لتطوير العلاجات واللقاحات المتخصصة وتقليل النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من أعراض حادة والمساعدة على تسطيح المنحنى، يقول البروفيسور نايجل كيرتس، الذى يقود مجموعة أبحاث الأمراض المعدية فى MCRI: «نأمل أن نرى انخفاضاً فى انتشار وشدة أعراض COVID-19 لدى العاملين فى مجال الرعاية الصحية الذين يتلقون تطعيم BCG، ونحن نهدف إلى تسجيل 4000 من العاملين فى مجال الرعاية الصحية من المستشفيات فى جميع أنحاء أستراليا للسماح لنا بالقول بدقة ما إذا كان يمكن أن يقلل من شدة أعراض COVID-19، وأما عن هولندا فسيبدأ فريق فى هولندا أولى المحاولات هذا الأسبوع، سيقومون بتجنيد 1000 من العاملين فى مجال الرعاية الصحية فى ثمانية مستشفيات هولندية سيتلقون الـBCG، مع المقارنة بالبلاسيلو أو الدواء الوهمى، قد يزيد BCG من قدرة الجهاز المناعى على مكافحة مسببات الأمراض غير بكتيريا السل، وفقاً لدراسات إكلينيكية نشرها على مدى عدة عقود الدنماركيان بيتر آبى وكريستين ستابيل بن، اللذان يعيشان ويعملان فى غينيا بيساو وخلصا فيها إلى أن اللقاح يمنع حوالى 30٪ من العدوى بأى مرض معروف، بما فى ذلك الفيروسات، فى السنة الأولى بعد إعطائه، وقد تم انتقاد الدراسات المنشورة فى هذا المجال لمنهجها، ومع ذلك خلصت مراجعة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2014 إلى أن BCG يبدو أنها تقلل من الوفيات الإجمالية لدى الأطفال، لكنها صُنفت الثقة فى النتائج على أنها «منخفضة للغاية»، ما علينا إلا أن ننتظر نتائج تلك الأبحاث، التى لا بد أن نعرف أنها لن تنتهى غداً وأنها ليست من ألعاب السحر والحواة، وحتى يحدث ذلك لا بد ألا يتصرف أحدكم بصورة فردية طبقاً لما يقوله البعض ويعتبر أنه ما دام قد أخذ تطعيم الدرن، فهو فى أمان، فكل من توفى فى مصر بسبب الكورونا كان قد حُقن باللقاح فى السنة الأولى من عمره، فلنوقف الفتاوى الطبية، ولننتظر كلمة العلم الفاصلة.

Saturday, March 28, 2020

دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /26






بناء الطب الحديث يقوم على عمود أساسى بدونه ينهار المعنى والمبنى، هذا العمود اسمه الطب القائم على الدليل، وخطوات اكتشاف واختراع الدواء صارت لها قواعد صارمة ومنضبطة حتى يضمن العلماء الدقة والأمان، فى حالة الكورونا «كوفيد - ١٩» لا أحد على استعداد للانتظار، لا المجتمعات ولا الأفراد ولا الحكومات، العالم كله يضغط على العلماء لتحويل معاملهم إلى مصابيح علاء الدين، افرك المصباح ليخرج الجنى حاملاً على كفه الدواء أو الفاكسين، الباحثون فى المعامل وشركات الدواء بين شقى الرحى، يصرخون من شدة الضغط بين المطرقة والسندان، السياسيون يعتبرون مراحل اختبار الدواء وسوسة لا داعى لها، وتزيُّداً يحمل تعالياً ولا مبالاة بآلام الناس ومواجعهم، يصرخون فى العلماء، هناك مرضى يموتون وأنتم ما زلتم تقارنون وتعايرون وتختبرون وتحللون، هاتوا مِ الآخر، وهذه الهات مِ الآخر فى منتهى الخطورة فى الطب عموماً، وفى مجال أبحاث الأدوية خصوصاً، العالم معذور، والحكومات والسياسيون تحت ضغط فى منتهى البشاعة من شعوبهم، لم يسبق له مثيل فى التاريخ، لكن الباحث والعالم هو الآخر معذور، فالدواء ليس قطع بونبونى أو شيكولاتة متروكة للطعم والتذوق والمزاج، لكنه ترياق من الممكن أن يتحول إلى سم لو أخطأنا التقدير وابتعدنا عن الانضباط وتنازلنا عن تلك الصرامة التى يطلق عليها السياسيون الوسوسة، المادة الفعالة أو الدواء لكى يكون علاجاً لا بد أن يمر بمراحل فى المعمل ثم تجريب على حيوانات ثم تجارب سريرية على بشر تستخدم فيها المقارنة بين مجموعة المرضى ومجموعة تتناول البلاسيبو الذى هو منزوع المادة الفعالة، وبعد كل هذه الخطوات التى تستغرق كل منها شهوراً عديدة وأحياناً سنوات، من الممكن جداً أن نكتشف أعراضاً جانبية فى الدواء فيتم سحبه من الأسواق!! لا بد من أبحاث على الجرعة بكل دقة، قبل أم بعد الأكل وتأثير عصارات الهضم عليه، تفاعلاته مع الأدوية الأخرى، أعراضه الجانبية وهل هى خطيرة بحيث إن المرض نفسه يكون أهون منها.... إلخ، كيف يتنازل الباحث عن كل هذا ويحول مختبراته إلى مغارة «على بابا»، ويلقى بكل قواريره وأجهزة معامله وخرائط إحصائياته فى سلة القمامة ليستخدم «افتح يا سمسم»، الوضع صعب، والسياسيون ستحاسبهم شعوبهم بقسوة، ولكن التاريخ أيضاً لن يرحم الباحث الذى يسمح بدواء قاتل أو مشوه للأجنة أو يفاقم المرض أو يمنح نتائج خداعة... إلخ، أخشى من حرق المراحل الذى يطلبه السياسيون من العلماء، أخشى من أن يطالبوا مثلاً بشطب مرحلة التجريب على الحيوانات والدخول فى التجريب مباشرة على البشر، هنا تكون الكارثة الأخطر من كورونا، طوق النجاة الحقيقى هو إما الفاكسين وإما العلاج الذى هو مضاد الفيروس وقاتله المباشر، نحن الآن فى مرحلة تجريب البحث فى الأدوية المتاحة والتى تعمل على المناعة، وهذه مرحلة ضبابية فيها اضطراب كبير، وشد وجذب بين السياسيين والعلماء مثلما هو حادث فى موضوع دواء الملاريا ومدى فاعليته، لكن بعد رسم خريطة الجينوم الفيروسى ومعرفة تركيبه بدقة، صار البحث الحقيقى الجاد الذى فيه كل الأمل هو كيف نضرب هذا الشريط الوراثى للفيروس، وفى أى مكان نطلق عليه الرصاص فنرديه قتيلاً، ولنا فى السوفالدى الخبر اليقين، فهو يحمل تلك الفلسفة فى ضرب الفيروس وليس الالتفاف حوله من بعيد بلا فائدة ملموسة قاطعة كما كان يفعل عقار الإنترفيرون الذى كان يستخدم قبله، أرجو ألا يحدث تحت ضغط الكورونا أى إهدار لقيم العلم الحقيقية بما تحمله من انضباط وصرامة وشك ووسوسة أيضاً.

إغراءات الغرب لتهجير أطباء مصر - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /27









فى العشرين سنة الأخيرة كان سفر الأطباء المصريين لأمريكا وكندا وأوروبا مثل الرحلة إلى مثلث برمودا، عراقيل المعادلة وصعوباتها، والفيزا ومعوقاتها، والتعيينات والوظائف وندرتها، وبالرغم من ذاك هاجر الآلاف من شباب الأطباء وساعد على ذلك عدم الاهتمام برفع مرتباتهم وتحسين أحوالهم المادية والظروف التى يعملون فيها، لكن نجاحهم كان مرتبطاً بمجهود خرافى وحفر فى الصخر والتعرض أحياناً لتنمر عنصرى من البعض أو غلق تخصصات معينة أمامهم.. إلخ، فجأه وبعد الكورونا تحولت المعوقات إلى إغراءات بل وتوسلات لأطباء الشرق، ها قد فتح لكم الغرب أبوابه، اسأل أى طبيب شاب الآن تجده أمام النت وهناك شات بتسهيلات وفتح أبواب هناك، حيث نظامهم الطبى لم يستطع المواجهة، ها هى إنجلترا تحدثهم عن التنازل عن شرط السفر لاستكمال الجزء الثانى من المعادلة وعمله أون لاين!، منتهى التسهيل، المعادلة أصبحت دليفرى، واقرأ التغييرات التى كتبتها أمريكا فى إجراءات الإقامة والفيزا للأطباء، كتبوا «نشجع المهنيين الطبيين الذين يسعون إلى العمل فى الولايات المتحدة على عمل أو تبادل زائر، وخاصة أولئك الذين يعملون على علاج أو تخفيف آثار COVID-19، للوصول إلى أقرب سفارة أو قنصلية لطلب موعد للحصول على تأشيرة»، أما لأولئك المهنيين الطبيين الأجانب الموجودين بالفعل فى الولايات المتحدة: فيمكن للأطباء الأجانب من J-1 (المقيمين فى المجال الطبى) التشاور مع راعى البرنامج، ECFMG، لتوسيع برامجهم فى الولايات المتحدة. بشكل عام، يمكن تمديد برنامج J-1 للمقيم الطبى الأجنبى لمدة عام واحد فى المرة لمدة تصل إلى سبع سنوات!!، ونذهب إلى كندا نجد الآتى «أعلنت وزارة الصحة فى مقاطعة كيبيك أنها ستسمح للأطباء الدارسين فى الخارج ويوجدون حالياً فى مقاطعة كيبيك، المساهمة والمشاركة فى عمليات وزارة الصحة العامة للحد من انتشار فيروس كورونا»، وأوضحت الوزارة أن هؤلاء الأطباء حاملى الشهادات غير المعترف بها حالياً لن يتمكنوا من العمل كأطباء وإنما سيعملون فى وظائف أخرى مشابهة للاستفادة من خبراتهم.
ندق ناقوس الخطر، شباب أطبائنا يرفض نيابات الجامعة التى لم يعد فيها أى إغراءات، شباب أطبائنا يذاكرون للمعادلة الأجنبية من سنة رابعة طب استعداداً للهجرة، والآن تم منح إغراءات أكثر، فهل سنستيقظ على فراغ طبى ونحن نواجه أزمات صحية الواحدة تلو الأخرى؟، وما زال لدينا الإعلام يسلخ لحم الأطباء ليل نهار فى التوك شو، وما زال مسئولون كثيرون يتخيلون أن الطبيب يعيش نعيم «الخمسة عين» بداية من العيادة الخمس حجرات وانتهاء بالعزبة المائة فدان!!.

Thursday, March 26, 2020

عالجوا المهدى المنتظر ولا ترجموه بحجارة السخرية - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /23






انتشر بشكل هستيرى كاسح فيديو لشخص يدّعى أنه المهدى المنتظر، ووصلت مشاهداته على السوشيال الميديا إلى عدة ملايين فى ساعات، المزعج والمحزن هو حجم السخرية والتجريس والتجريح، وربط تصرفاته بأن الكورونا لحست مخه.. إلخ، تعليقات قاسية وتنم عن جهل شديد بطبيعة المرض النفسى، وتعبر عن تدنٍ إنسانى مرعب عند قطاع كبير من الجمهور، هذا الشخص يحتاج إلى التعاطف والعلاج وليس التنمر والهجوم، هل حضرتك تسخر من مريض الكبد أو القلب أو تضحك على مريض السرطان أو فشل الجهاز التنفسى فى الكورونا؟!، من يفعل ذلك يتهم بأنه مجرم منعدم الإحساس، فلماذا استباحة المريض النفسى والتساهل فى السخرية منه؟، حملت أسئلتى إلى أستاذى العزيز د. أحمد عكاشة الذى بأستاذيته فى الطب النفسى دوماً يفسر لى ويوضح الغامض وما وراء السطور فى سراديب النفس البشرية، عرفت قيمة حملته المهمة لإزالة وصمة المرض النفسى حين وجدت هذا الكم من التنمر على «المهدى المنتظر» وأمثاله، ومن نخبة مثقفة وبعضهم حاصل على الدكتوراه ويمارسون نفس السخرية، قال لى د. عكاشة إن ما يعانى منه هذا الرجل هو مما يسمى «ضلالات العظمة»، وهو مكون لأمراض كثيرة منها الذهان والفصام وثنائى القطب، ومن الممكن جداً أن يكون ثانوياً لورم فى المخ، وبالرغم من ذلك أنت تضحك عليه وتسخر منه، يا للقسوة، شرح لى د. عكاشة أن الضلالات عادة متواكبة مع الثقافة والدين ومن النادر فى الغرب أن يحمل مريض ضلالات دينية، وقد أجرى د. عكاشة دراسة مقارنة فى مرض الوسواس القهرى الذى يسب فيه المريض الذات الإلهية ويلجأ إلى رجل الدين لأنها تفسد صلاته فيخبره بأنه الشيطان، وبالرغم من أن المريض يستعيذ وينفذ أوامر الشيخ إلا أنه لا يُشفى، وكما يقول د. عكاشة دائماً الإيمان يقلل الآلام لكنه لا يشفى المرض النفسى، وجد د. عكاشة فى دراسته أن الوسواس القهرى المختلط بهذا العرض الدينى نسبته 61٪ فى الوسواس القهرى المصرى و59٪ فى اليهودى و20٪ فى الهندى، وصفر فى المائة فى بريطانيا، وكانت المفاجأة التى قالها لى د. عكاشة أن هذا المهدى المنتظر من الممكن أن يُشفى، وأكد أن شفاء الأمراض النفسية مع العلاج المبكر والاستمرار على العلاج لمدة تتراوح ما بين ٣ إلى خمس سنوات دون نكسات، يستطيع المريض أن يعيش بعدها دون دواء مدى الحياة، المرض النفسى هو المرض المزمن الوحيد الذى يفقد صفة المزمن، فالسكر والضغط يظلان طيلة الحياة على عكس المرض النفسى، فالمخ هو العضو الوحيد القادر على إصلاح اضطراباته، وقد صار العلاج الدوائى فى الأمراض النفسية، وهذا ما قاله د. عكاشة فى الحملة، ليس منومات ولا مهدئات ولا مطمئنات، ولكنه علاج متخصص لكل مرض، علاج القلق غير علاج الفصام، مختلف عن الوسواس، وهذا المهدى المنتظر وأى مهدى منتظر، لو استمر المحيطون به فى رجمه بالحجارة وسبه وشتمه، سيتضخم عنده إحساسه بأنه منبوذ وحياته مهمشة ومن الممكن جداً أن ينتهى به الحال إلى الانتحار، وطبقاً للمادة ١٣ من قانون رعاية المريض النفسى، فإن المريض النفسى الذى يرفض العلاج بالرغم من أن استمرار المرض يؤدى إلى خطورة على المجتمع وعلى نفسه، من حق الدولة ومن واجبها أن تعالجه وتحجزه فى المستشفى.
تعاطفوا ولا تسخروا من المريض النفسى، عالجوه بالدواء وعاجلوه بالاحتواء.

كيف يتعامل مريض الربو مع «كورونا»؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /25






بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو، يمكن أن تؤدى العدوى بالفيروس المسبب لكوفيد ١٩ إلى نوبة ربو أو التهاب رئوى أو أمراض رئوية أخرى. تظهر إحدى الدراسات أن الربو لا يزيد من فرص الإصابة بفيروس كورونا، وتحذر الهيئات الصحية المريض، قائلة: ولكن إذا مرضت، فقد تكون أعراضك أسوأ من غيرها لأنك تعانى بالفعل من مشاكل فى التنفس. لا يوجد علاج ناجع حتى الآن لـCOVID-19. ولكن هناك خطوات حددها أطباء الصدر يمكنك اتخاذها لحماية نفسك وأحبائك.
كيف تجهز نفسك للمقاومة؟
استمر فى تناول الدواء.
ابق فى المنزل قدر الإمكان. هذا يقلل من فرصتك فى الاتصال بالفيروس. إنها فكرة جيدة أن تكون لديك إمدادات من الطعام والأدوية التى لا تستلزم وصفة طبية، والسلع المنزلية الأخرى.
تعرّف على كيفية استخدام جهاز الاستنشاق.
نظف البخاخات جيداً، والابتعاد عن مسببات الربو (الدخان، مسببات الحساسية، تلوث الهواء)، ولا تأخذ رحلات بحرية أو رحلات غير ضرورية.
تجنب الاتصال الوثيق بالناس (ابق على بعد 6 أقدام من الآخرين).
تجنب الزحام والمرضى، ولا تشارك الأكواب أو الأوانى أو الفوط.
إذا كنت مريضاً بشكل خفيف ابق فى المنزل، استخدم دائماً منديلاً لتغطية السعال أو العطس، وتخلص من تلك الأنسجة بعد استخدامها. ابتعد عن الأشخاص المرضى فى بيتك قدر الإمكان، يجب أن يبقوا فى غرفة منفصلة ويستخدموا حماماً آخر حتى يصبحوا أفضل. إذا لم يتمكنوا من ذلك، قم بتطهير أى مساحات مشتركة يستخدمها الشخص المريض.
تدرب على النظافة الجيدة
اغسل يديك كثيراً لمدة 20 ثانية على الأقل. يتضمن ذلك المفاصل والإبهام والأظافر والمعصمين. إذا لم يكن لديك ماء وصابون، يمكنك استخدام معقم اليدين الذى يحتوى على الكحول بنسبة 60٪ على الأقل.
اغسل يديك بعد الخروج فى الأماكن العامة، ولمس سطح جديد، والسعال أو العطس، وجفف يديك تماماً بعد غسلهما، واغسل يديك دائماً قبل لمس عينيك أو أنفك أو فمك. لأنه يمكنك نقل الفيروس من يديك إلى وجهك.
طهر أى شىء لمسته كثيراً.
يمكن أن يعيش COVID-19 لبعض الوقت على أسطح معينة. تظهر الدراسات أنه يمكن أن يلتصق بالبلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ لمدة تصل إلى 3 أيام. حاول تجنب المطهر الذى قد يسبب الربو لديك.
تتضمن العناصر التى يجب تطهيرها بانتظام: طاولات وأسطح، ومقابض الأبواب، ومفاتيح الإضاءة، والهواتف والمكاتب، ولوحات المفاتيح، وأى شىء فى الحمام (المرحاض، الحنفية، الحوض).
متى تتصل بطبيبك؟
قد تقلق إذا ظهرت عليك علامات نزلات البرد أو الحساسية أو أى مشاكل أخرى فى الجهاز التنفسى. ولكن هناك بعض الأعراض التى من المرجح أن تحدث مع COVID-19.
اتصل بطبيبك إذا كان لديك: سعال وحمى وضيق فى التنفس
اتصل بطبيبك على الفور إذا: كان دواؤك لا يساعد. وكنت تعانى من ألم فى الصدر أو ضغط. ولديك صعوبة فى التنفس. ولا يمكنك التحدث لأنه من الصعب التنفس. وتشعر بالارتباك فجأة. والشفتان أو وجهك أزرق.

Tuesday, March 24, 2020

«المنعطف الخطير» بقلم الأنبا إرميا ٢٥/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

يمر بالعالم أسره منعطف من أحرج المنعطفات وأغربها وأشدها وطأة؛ إذ تتعرض دول العالم كافة لوباء عالمى، بعد أن أعلن «تيدروس أدهانوم غيبريسوس» المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن المنظمة باتت تعتبر فيروس‎ «كورونا»- المسبّب لمرض «كوفيد-١٩»- «وباءً عالميًّا»، بمعنى صعوبة السيطرة على تفشيه وانتشاره عالميًّا؛ بعد أن وصلت أعداد المصابين به إلى مستوى الوباء العالمى، وقد ذكر: «ونحن نشعر بقلق عميق إزاء المستويات المقلقة للانتشار وشدته». وفى ظل تلك الظروف العصيبة، لا أجد مفرًّا من التوقف عن استكمال سلسلة الحديث فى تاريخ «مِصر» قليلاً، إذ ما يتعرض له العالم الآن هو الأول من نوعه فى التاريخ البشرى!!
«الأوبئة العالمية»
أعلنت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية تقريرًا عن أوبئة العالم، منها:
«الطاعون الأنطونى»: ظهر فى الإمبراطورية الرومانية بين ١٦٥م و١٨٠م، ثم انتشر فى بلاد العالم، مخلفًا ٥ ملايين قتيل!!
«الحمى النازفة»: اجتاح وباء «الحمى النازفة» أو «الوباء العظيم» دولة «المكسيك» القرن السادس عشَر من ١٥٤٥-١٥٤٨م، مهلكًا ٥-١٥ مليون شخص.
«كوليرا»: تفشى وباء «كوليرا» فى كل من «آسيا» و«أوروبا القرن التاسع عشر بين ١٨١٧-١٨٢٤م، وأودى بحياة عشراتِ الآلافٍ من البشر؛ وما يزال يصيب كثيرًا من الناس حتى يومنا هذا!!
«إنفلوِنزا روسيا»: أدت إلى وفاة مليون شخص بين عامى ١٨٨٩و١٨٩٠م.
«الإنفلوِنزا الإسبانية»: وباء القرن العشرين الذى تفشى بين عامى ١٩١٨ و١٩٢٠م، وتسبب فى وفاة ملايين من البشر- قُدرت بين ٥٠-١٠٠ مليون إنسان فى ١٨ شهرًا فقط!! ووصل عدد الإصابات إلى ربع سكان العالم!!
نقص المناعة البشرية «إيدز»: تسبب فى موت ٣٥ مليون شخص منذ عام ١٩٨١م حتى الآن؛ وفى دولة «جنوب إفريقيا» أكبر عدد من المصابين به فى العالم: مليون شخص.
«سارْس»: ظهر فى كل من آسيا بـ«هونج كونج» و«كندا» عامى ٢٠٠٢ و٢٠٠٤م، ثم انتشر إلى ٣٧ دولة، فى زمن وجيز جدًّا لم يتعدَّ بضعة أسابيع!! متسببًا فى قتل ٩٢٢ شخصا وإصابة ٨٤٢٢ آخرين.
«إنفلوِنزا الخنازير»: عام ٢٠٠٩م، ظهر فى «المكسيك» ثم ولاية «كاليفورنيا» بأمريكا، لتنتقل عدواه إلى جميع أنحاء العالم، متسببًا فى قتل قرابة ٢٠٠ ألف شخص.
«إيبولا»: بدأ فى «غينيا» وأودى بحياة قرابة ١١ ألف شخص أعوام ٢٠١٤-٢٠١٦م.
«كورونا»: بدأ فى «الصين» نهاية عام ٢٠١٩م، وانتقل إلى «أوروبا» ومنها إلى ما يزيد على ١١٤ دولة؛ لتتفق دول العالم جميعًا على إغلاق مطاراتها وتعليق الرحلات الدولية؛ وإعلانها عددًا من القرارات الاحترازية لإيقاف انتشار المرض: منها إيقاف الأنشطة التى تتضمن تجمعات بشرية كالرياضية والفنية والاجتماعية، وتأدية العاملين لمهامهم من منازلهم إن أمكن. وما يزال العالم يكافح التفشى السريع لهذا الوباء فى ترقب وجزع.
ومما عرضناه، يتضح أن الأوبئة السابقة لم تتخطَّ بلدًا أو قارة أو عددًا من بلاد العالم، لكنّ فيروس «كورونا» حتى الآن تفشى فى أكبر عدد من الدُّول، وشهِد أحداثًا تُعد الأولى من نوعها: كإغلاق مطارات العالم بأسرها، وأمست جميع جوازات السفر سواسية لا تصل بك إلى أى وجهة. أيضًا تُعد هذه هى المرة الأولى التى تغلق فيها كل بيوت العبادات فى العالم أبوابها: فقد أعلن «الفاتيكان» إغلاق «ساحة القديس بطرس» الرئيسية والكنيسة أمام السائحين، وفى صباح الأحد ١٥/٣ أكد الفاتيكان أن احتفالات «عيد الفصح» سوف تقام دون مصلين بسبب تفشى الفيروس، قائلاً فى بيانه: «بسبب حالة الطوارئ الصحية العامة العالمية الحالية، ستقام جميع الاحتفالات الدينية فى الأسبوع المقدس، دون حضور مادى للمؤمنين.
كذلك أعلنت دول عربية وأجنبية وفى مصر تعليق الصلاة فى دُور العبادة ضمن سلسلة إجراءات وقائية للتصدى لتفشى »كورونا«؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر: قررت السلطات الألمانية إلغاء الصلوات الجماعية لجميع الأديان، كما قررت الدول الإسلامية مثل «الجزائر» و«السعودية» و«تونس» و«الأردن» و«الكويت» و«الإمارات» إغلاق المساجد ودور العبادة كافة للحد من تفشى الفيروس، وعلّقت «المملكة العربية السعودية» أداء العمرة خَشية وصول فيروس «كورونا» للمسجد الحرام فى مدينة «مكة»، وفى «إيران» أُغلقت الأضرحة والمساجد، فى الوقت الذى طالب كبير الحاخامات فى «القدس» الامتناع عن تقبيل أحجار الحائط الغربى لمنع انتشار فيروس «كورونا». وللحديث بقية... حديث «مِصر الحلوة» الذى لا ينتهى!
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى
القبطى الأرثوذكسى


«كورونا».. أزمة كبيرة على الجميع ولكنها كارثة على الفقراء بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

يعلم الجميع أن كورونا مرض خطير، واتخذت الحكومة إجراءات وقائية، وحسناً أن اختار الرئيس د. عوض تاج الدين مستشاراً له فى هذه الأزمة حتى نبتعد عن الكلام الفارغ والمعارك الوهمية التى تخوضها وزيرة الصحة. وقام الرئيس بمساندة المشروعات المختلفة اقتصادياً. وحتى الآن يبدو أن المرض أقل انتشاراً من دول أوروبا وأمريكا. الكارثة الاقتصادية التى ضربت العالم كله سيكون تأثيرها كبيراً على البلاد الأضعف اقتصاداً، ومنها مصر. وأُعلن فى الولايات المتحدة، وهى أغنى بلاد العالم، أن الذين سوف يموتون من الجوع وسوء التغذية بسبب أزمة كورونا سوف يكونون أضعاف من يموتون بالفيروس.
هناك مئات الآلاف من المصريين يعملون فى قطاع السياحة والفنادق، وهم يعولون عدة ملايين، وقد توقف هذا القطاع عن العمل تماماً، وفى أغلب الأحوال تم تسريح العاملين والكثير منهم لن يتقاضى مرتبه وهو غير مؤمّن عليه وليس له تأمين صحى. وهناك الكثير من العمال باليومية فى مصر، لا أحد يعرف عددهم بدقة ولكنهم عدة ملايين، هؤلاء سوف يتوقفون عن العمل فوراً وهم فقراء وعندهم عائلات وليس لهم تأمينات أو مرتبات فى حالة المرض أو الغياب.

العاملون فى النوادى والعيادات والمستشفيات والمطاعم والمولات سوف يستمرون فى العمل، ولكن معظم هؤلاء يتقاضون مرتبات ضئيلة للغاية ويعتمدون فى رزقهم على البقشيش والمكافآت، كل ذلك سوف يتوقف تماماً. سائقو التاكسى والميكروباس والتكاتك وأوبر التى يركبها عشرات الألوف توقفت إلى حد كبير عن العمل وانخفض إيرادها إلى حد كبير، بعضهم عليه أقساط سيارة أو إيجارات وكلهم مسؤولون عن عائلات.

العاملون فى السينما والمسرح وكافة الأنشطة الثقافية آلاف معظمهم لا يملكون قوت يومهم والباقى باستثناءات بسيطة يكادون يغطون مصاريفهم. القطاع الخاص فى مصر أصبح مسؤولاً عن نسبة كبيرة من عمل المصريين ومعظم عقود العاملين لا تعطى حقوقاً لهم، وفى الأزمات العابرة، مثل المرض، تحدث أزمة لأفراد محدودين، وفى الأزمات العامة، مثل فيروس كورونا، تحدث كارثة كبرى تشمل الملايين. الأمر يشمل كل المصريين وليس فقط قطاعاً واحداً مثل السياحة. وتوقف الطيران والأسواق الحرة سوف يؤدى إلى بطالة مؤقتة للآلاف تشمل العاملين فى المطارات والأسواق والمطاعم وخطوط المواصلات المؤدية للمطارات.

الدولة والقطاع الخاص كلاهما مسؤول مسؤولية تضامنية. إذن، ما هو الحل؟ عدد كبير من هذه القطاعات الخاصة التى تعمل بها أعداد كبيرة من العمالة قد حققت أرباحاً كثيرة خلال سنوات سابقة، ولذا فهى مسؤولة عن رعاية العمال الذين كانوا يعملون بها خلال هذه الفترة، هذه المسؤولية الاجتماعية يجب أن تكون واضحة بالنسبة لنا، لأن رعاية هؤلاء العمال فى هذه الفترة هى الضمان الأساسى لاستمرار العمل بأمان فى المستقبل بعيداً عن تقلبات اجتماعية خطيرة. ثم إن رعاية العمال فى الأزمة يجعل العمال ملتزمين وعندهم ولاء للعمل ليعوضوا ما حدث من خسائر فى فترات التوقف.

الحكومة هى المسؤول الأول، فهناك تفاوت غير معقول بين مرتبات بعض الفئات فى الحكومة وفئات أخرى، والفئات الأضعف والأفقر ليس لديها عقود ثابتة ولا معاش ولا تأمين صحى، وعلى الحكومة أن تتدخل وفوراً. هناك ترف وبذخ فى بعض الأماكن وتقتير فى أماكن أخرى، وفى الظروف الحالية يجب أن يراعى ذلك، وأن تساعد الدولة الطبقة الفقيرة التى فقدت مورد رزقها. فى إنجلترا قررت حكومة المحافظين اليمينية دفع ٨٠% من مرتبات العاملين فى القطاع الخاص، وهو أمر لم يحدث حتى أثناء الحرب العالمية، وفى أمريكا قرر ترامب صرف دفعات فورية لكل العاملين فى القطاع الخاص وعمل تسهيلات ضخمة للشركات الأمريكية. نحن لسنا أمريكا ولسنا إنجلترا ولكننا يمكن أن نربط الحزام فى أمور نعتقد أنه كان هناك إسراف حكومى فيها.

هناك بعض البضائع حدث فى تداولها جشع، بعض الصيدليات قامت ببيع المطهرات بأكثر من ثمنها بكثير وهذا أمر يسىء للمهنة، وبعض المحال رفعت أسعار بعض السلع الناقصة، خاصة أنه حدث تسابق غير طبيعى ولا مرغوب فى شراء أصناف معينة من الطعام.
بعض الأفراد مثل لاعب الكرة محمد صلاح، وبعض المصريين، قاموا بالتبرع لمساعدة المصريين فى هذه الأزمة، وكنت أود أن يكون ذلك عن طريق جمعيات أهلية متطوعة وموثوق بها لأنها هى الأسهل والأضمن لتوصيل الاحتياجات للمستشفيات أو للأفراد المتضررين، فليس عندها بيروقراطية وأولوياتها مختلفة وتشعر بالناس واحتياجاتهم أكثر من شعور الموظفين، فلنترك للحكومة المساعدة من ميزانيتها ولنترك المتبرعين يتواصلون مع المستحقين بطريقة أسهل.

نحن فى أزمة كبيرة والاقتصاد المصرى أصيب مثل كل دول العالم بنكسة غير متوقعة سيكون تأثيرها علينا وعلى دول العالم الفقيرة أكبر. علينا أن نفكر جيداً ونتفهم ظروف ملايين الفقراء المصريين الذين فقدوا عملهم أو انخفض دخلهم بشدة. الدول الأوروبية الرأسمالية- ولكنها تتمتع بنظام الديمقراطية الاجتماعية- سوف تتكفل بكل مواطنيها من ناحية العلاج واستمرار المرتب طوال فترة الانقطاع عن العمل. وحتى أمريكا، زعيمة الرأسمالية، ورئيسها ترامب قائد التوحش الرأسمالى وعدم الالتزام بمساعدة الفقراء، طالب الكونجرس بميزانية ضخمة، تصل إلى تريليون دولار للمساعدة فى هذه الأزمة. على الدولة أن تبذل أقصى جهدها فى مساعدة المصريين فى هذه الأزمة، وعلى القطاع الخاص، كبيره وصغيره، مساندة العاملين حتى نخرج من الأزمة.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

Sunday, March 22, 2020

هل يعتكف الفيروس أثناء صلاة الجمعة؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /21






ما حدث يوم الجمعة الماضى من السماح بالصلاة فى المساجد، والتصاق الناس بعضهم ببعض وسد الفُرج حتى لا يمر الشيطان واقتراب الأنفاس ومصافحات نهاية الصلاة والسجود مع شهيق استنشاق فى الموكيت، وتجمع الآلاف فى مظاهرة شبه انتحارية جماعية وحفل فيروس جماعى، كل ما تم هو إهدار لكل مجهود الدولة ووزارة الصحة وإعلانات الوقاية وإلحاح الإعلام على التوعية بالمرض وسبل الوقاية. وقوف وزير الأوقاف ليخطب للجموع فى مسجد التليفزيون هو درس فى الرسائل الإعلامية المتضادة، فبينما الدولة تصرخ: الزم البيت، يقدم وزير الأوقاف رسالة أخرى شعارها أنه لن يصيبنا إلا ما كُتب لنا وأن كل شخص مستوفٍ أجله، وطبقاً لهذا ليتنا نلغى الحجر الصحى والمستشفيات تنفيذاً لهذا المبدأ!!، ألا يعلم وزير الأوقاف أن واحداً من كبار الصحابة وهو أبوعبيدة بن الجراح توفى فى طاعون عمواس؟!، ألم يكن «أبوعبيدة» يصلى ويحفظ تلك الآيات؟!، ألا يعلم الوزير أن عدداً كبيراً من أبناء خالد بن الوليد ماتوا بالطاعون نفسه؟، ألم يسمع الوزير بالصلاة التى تسببت فى إصابة ٩٠٠ فى ماليزيا بعد أن كانت الإصابات قد انخفضت؟، ألم يقرأ عن أن من الأسباب المهمة لانتشار المرض فى إيران رفض الملالى لإغلاق مزارات مدينة قم الدينية؟، التجمعات ممنوعة سواء كانت صلاة جمعة أو قداساً أو حفلة ديسكو أو سوق تلات، أغلقنا المدارس والجامعات وهو قرار قاسٍ على النفس والعقل، لكننا قبلناه، فلماذا جئنا أمام إغلاق المساجد وتراخينا؟!، الفيروس يا فضيلة ومعالى الوزير لا يعتكف أثناء صلاة الجمعة، ولا يخفى أنيابه لسجودكم أو ركعاتكم، ولا يدمر شريطه الوراثى ساعة الأذان، الفيروس يفتك بالجميع دون مراعاة مشاعر المتدين أو الملحد، لا يقتله الدعاء ولكن سيقتله العلم والبحث، كشف تركيبة المعمل وليس المعبد، ما حدث يوم الجمعة الماضى فى مصر التى انفردت هى وبنجلاديش بصلاة الجمعة هو مؤشر على تغلغل الفكر السلفى عندنا بصورة أخطر وأعمق من أى بلد إسلامى فى العالم، المساجد أغلقت فى السعودية والإمارات والكويت وعمان والجزائر.. إلخ، إلا نحن!!، هل لأننا أكثر الشعوب تديناً وإيماناً فى العالم؟؟!، هل كل تلك البلاد قد كفرت وتزندقت بهذا القرار، ونحن الذين سنباغتهم وندخل الجنة بسبب قرار وزير الأوقاف بفتح المساجد أثناء صلاة الجمعة فى ظل الوباء؟!، السؤال هل سيعالج وزير الأوقاف المصاب الذى انتقل إليه الفيروس فى صلاة الجمعة الماضى؟
أُرسل هذا المقال قبل إصدار وزارة الأوقاف قراراً بمنع صلاة الجمعة والجماعة فى المساجد لمدة أسبوعين

الشباب.. نصف الحاضر وكل المستقبل (١): مبادئ فى التعامل مع شباب المرحلة الثانوية بقلم الأنبا موسى ٢٢/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

إن شباب المرحلة الثانوية هم فى فترة تكوين الشخصية، والإحساس بالذات. لذلك تهدف خدمتنا لهم إلى مساعدتهم فى اقتناء الشخصية المتكاملة، التى وضع لها علماء التربية الدينية ملامح محددة هى:
١- الشبع الروحى: بالتدين السليم.
٢- الاستنارة الذهنية: بقراءة الكتب المقدسة، والثقافة العامة، تحت إرشاد المتخصصين.
٣- السلام النفسى: الذى يتأتى من التوبة إلى الله ومجاهدة النفس والتدين السليم، والأنشطة البناءة مثل: الرحلات والحفلات والمعارض... إلخ.
٤- السلامة البدنية: كنتيجة طبيعية للحياة المتدينة، التى تحافظ على وزنة الجسد، فى طهارة وضبط وصحة، وتبتعد عن كل ما يدمر هذا الوعاء المقدس: كالتدخين، والخمور، والمخدرات، والأمراض الناجمة عن الانحرافات الجنسية...
٥- النجاح الاجتماعى: وهو سمة أساسية للأصحاء نفسيًا وروحيًا، إذ ينتشرون بين الناس فى حب وعطاء، وفى روح الخدمة والأمانة، كشهادة حية لتدينهم.
■ ■ ■
وعلى هذا يكون التعامل مع هذه المرحلة، التى تتسم بالنضج الجسدى، والتذبذب النفسى، ويدخل فيها الشباب فى صداقات أو داخل شلة، كما يكون الشباب فى هذه المرحلة متجهًا نحو المثالية فى النظر للأمور. كذلك يجنح الشباب أحيانًا إلى التمرد على السلطة: الوالدية والمدرسية والدينية، ولذلك يكون التعامل مع هؤلاء الشباب المملوئين عاطفة وحيوية واحتياجًا، على أسس معينة، ومبادئ هامة، وخدمات جوهرية، يجب أن نقدمها لهم، سواء فى محيط الأسرة أو مكان العبادة... وهى:
١- روح المحبة الشخصية
٢- روح التفهم والحوار
٣- روح الصداقة والتقدير
٤- روح الحزم عند اللزوم
٥- روح المرح والنشاط
٦- روح الصبر وعدم الاستعجال
٧- روح الإيمان والثقة فى الله
■ ■ ■
روح المحبة الشخصية
فالشباب فى هذه المرحلة يتسم بالعاطفة الشديدة، يعطيها بغزارة، ويمنعها بسهولة، ولذلك ينبغى على الوالدين والقادة- وبخاصة رجال الدين- أن يقدموا لهم لمسة «المحبة الشخصية» (Personal Touch)، ويتضح هذا من خلال تقديم:
١- محبة حقيقية لكل إنسان.
٢- زيارات منزلية للبيت، كلما حانت الفرصة.
٣- معرفة الشباب بأسمائهم وعناوينهم.
٤- التفاعل مع ظروف حياتهم وزيارتهم إن أمكن فى المرض، والألم، والفشل (فى امتحان أو مشروع)، وكذلك فى الأفراح والنجاحات..
- التفاعل الفكرى معهم:
أ- إن مفتاح عقول هؤلاء الشباب المباركين هو فى قلوبهم، فإذا ما شعروا من رجل الدين وقائد المجموعة والوالد والوالدة بلمسات المحبة الشخصية، والاهتمام بهم كبشر وليس كأرقام فى الفصل أو فى الأسرة، يتجاوبون معهم بكل قلوبهم!
ب- وإذا ما فتحنا لهم القلب والفكر والأذن، لنستمع إلى آلامهم وآمالهم وأفراحهم، سوف يفتحون هم أيضًا الذهن، ليستوعبوا كلام الله ونور الإيمان، وأهمية التدين، والصداقة البناءة.
ج- ثم يأتى دور الإرادة الذاتية لكل منهم، فيتجاوب مع هذه كلها لما يبنى نفسه.
د- وكثيرًا ما يحسّ شباب هذه المرحلة بالتفرقة فى المعاملة، بين شاب وآخر فى الفصل، أو فى مكان العبادة، وبين أخ وأخيه أو أخته فى المنزل.. وكثيرًا ما يكون هذا نوعًا من التوهم، وربما الحقيقة، ولكن المحبة الخالصة الروحية، ودعوة الشباب إلى الحياة مع الله، والتدين، تجعلهم يدخلون معنا فى عشرة محبة واستفادة، ويخرجوا من أسر الذات إلى روح التعاون والخدمة وقبول الآخر.
هـ- وهذه كلها أمور هامة من أجل روح شبعانة بالتدين السليم، ونفس هادئة فى الله تعالى.
- ونحذر هنا قادة الشباب من أمور ثلاثة:
أ- إياك واقتحام النفس: إذ تحاول- فى الحوار معهم - الوصول إلى ما فى أعماق الشباب من متاعب أو مشاكل أو أسرار أو خطايا... فهذا الاقتحام له رد فعل خطير، إذ سيتهرب الشباب من الإجابة، ويغلقون القلب والعقل عنك، وربما سيندمون أنهم وثقوا فيك.
ب- إياك والطغيان على الشباب: بمعنى محاولة أن يكون الشباب نسخة منك، فى شخصيتك وملامحك ومنهجك، فإذا ما أحببت شيئًا يجب أن يحبوه... وإذا ما كرهت شيئًا يجب أن يكرهوه.. إذ يتحولون بذلك إلى نسخ ممسوخة ومشوهة منك، وشخصيات تابعة لك.
ج- وهو منهج خطير فى التربية، يسمونه منهج «غسل المخ» (Brain -wash) أو «التحكم العقلى» (Mind Control)... وهكذا يسلك القائد الطاغى على شخصية مخدومية، فيمسح شخصيتهم، ويلغى هويتهم، ويحبط طاقاتهم ومواهبهم، ويقودوهم ربما إلى التهلكة.. أو إلى تكوين «دمى» تحركها أصابعه!! وهذا تدمير للشباب، ما بعده تدمير!!
د- إياك والتعلق العاطفى: فمع إصرارنا على أن يحبك كل من تخدمهم، إلا أن التعلق العاطفى بك يخلق منك ومن الشباب وحدة طاردة للتدين السليم، فهذه السن سريعًا ما تتعلق بقياداته، وهذا كله غير سليم إنسانيًا وتربويًا. والمطلوب هو أن يكون المربى متصلاً ومرتبطًا بالله تعالى، فلا يفرح بهذا التعلق، لكن يأخذ الشباب معه رويدًا رويدًا نحو الله، ورجال الدين، وبقية أخوته، وهكذا تهدأ نبرة العاطفة لديه، وتصير محبته لهم محبة روحانية بناءة.
د- فينشأوا مفطومين عن قياداتهم ووالديهم، يحبونهم فى نضج، ولا يتعلقون بهم بطريقة خاطئة أو مرضية، وهكذا تنطلق شخصياتهم فى طريق النضج والتكامل.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


Saturday, March 21, 2020

الإنفلونزا الإسبانية وثورة ١٩١٩! بقلم د. وسيم السيسى ٢١/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

توماس مالثوس له نظرية تقول: لولا الحروب والأوبئة لحدثت مجاعات فى العالم، وتفسير تلك النظرية هو زيادة عدد سكان الأرض عن مواردها «٧.٧ مليار اليوم»، أضف إلى ذلك التكدس، وبالتالى الصراعات والأمراض! فى تجارب البيئة على الفئران، تنشأ المعارك بينها إذا ضيقنا المساحة عليها أو أدخلنا عليها فئرانا لم تترب معها من البداية.
مرت على العالم أوبئة كثيرة، ولكن مصر كانت أقلها باستثناء الشدة المستنصرية، يحدثنا هيرودوت عن المصريين أنهم من أكثر الشعوب صحة، ويقول: كيف يمرضون ودائماً فى طعامهم الثوم والبصل والليمون، الشىء العجيب أن ثمانى مجموعات من الأطعمة يطلقون عليها the super food «الولايات المتحدة الأمريكية» لمنع السرطان بالغذاء، المجموعة الأولى هى الثوم والبصل والليمون.. فى البدء كانت مصر! حتى المقريزى يقول حين اجتاح الطاعون العالم: سلمت مصر من الحر والبرد، طاب هواؤها، وخف بردها، وضعف حرها، وسلم أهلها من صواعق تهامة، وجرب اليمن، ودمامل الجزيرة، وطواعين الشام!
فى سنة ١٩١٩ كانت الإنفلونزا الإسبانية تجتاح العالم، كان عدد ضحاياها مائة مليون نسمة! ومصر فى ثورة عارمة، تخلع قضبان السكك الحديدية وتهتف قائلة: يا حفيظ.. يا حفيظ كبة تاخد الإنجليز! أيها القراصنة أخرجوا من بلادنا، الاستقلال التام أو الموت الزؤام! صحيح شعب ليس له كتالوج.
ها هى كورونا تجتاح العالم، ضحاياها بالآلاف، ومصر عدد الوفيات يعد على أصابع اليدين! وتفسيرى لذلك ١- الشعب المصرى، سبعون بالمائة شباب، بينما الشعوب الأخرى، الشيخوخة مشكلة كبرى لهم.
٢- الجين المصرى جين منذ ٥٥ ألف سنة ضارب بجذوره فى آسيا وأوروبا، وصل إلى أمريكا الجنوبية، أيرلندا، أستراليا «دراسات كمبردج ٢٠١٥- رحلات هايدرزال النرويجى- رحلات سنوسرت الثالث» فهو جين تحدى كوارث الزمان والمكان.
٣- معدة مصرية تهضم الزلط، وتحرق الكورونا وكأنها مكرونة! ويكفى الفلافل والفول وماء الطرشى.
٤- الدول الأخرى تكاد تكون معقمة من فرط الرعاية والمخاوف الصحية، بينما فى مصر، هذا الدلع غير موجود، شعب ابن الطبيعة فكان البقاء للأقوى بيولوجيا، والطبيعة أقوى من أبنائها.
٥- ارتفاع الروح المعنوية وبالتالى جهاز المناعة والذى له الدور الأول فى مكافحة الفيروسات، انظر إلى كم الأغانى والنكات على كورونا!
داؤل منك ولا تشعر.
ودواؤك معك ولا تبصر
وتزعم أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر!.


Thursday, March 19, 2020

هل "كورونا" مؤامرة مصنوعة؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /18






كل يوم، بل كل لحظة، نسمع فى الميديا ووسائل التواصل أن «كورونا» مؤامرة أمريكية، وأحياناً صينية، تمت صناعتها فى معامل عسكرية، ويتم الاستشهاد بمسلسلات تنبّأت وروايات حكت ورؤساء ماتوا سجلوا بأصواتهم أن «كورونا» قادمة، وتم خداع الناس تارة بالفوتوشوب، وتارة بحجب معلومات مهمة، وكان القاسم المشترك الأعظم هو غياب صوت العلم، واستغلال جهل الناس، وضعف ثقافتهم العلمية والاستهواء والإغواء الطبيعى لنظرية المؤامرة، وإذا أردنا سماع صوت العلم، ولو مرة واحدة فى حياتنا، تم قبل كتابة تلك السطور بساعات حسم هذا اللغط تماماً وقولاً واحداً من خلال أحدث وأقوى المجلات العلمية المعترف بها كمرجع فى مثل تلك الأمور، وهى مجلة «Nature medicine»،
https: //www.eurekalert.org/pub - releases/2020-03/sri-tcc031720.php
أظهرت النتائج التى نشرتها المجلة، أنه لم يجد العلماء فى تحليل بيانات تسلسل الجينوم العام من «SARS-CoV-2» والفيروسات ذات الصلة، أى دليل على أن الفيروس تم صُنعه فى مختبر أو هندسته بأى شكل آخر.
قال كريستيان أندرسن، الأستاذ المساعد فى علم المناعة والأحياء الدقيقة فى سكريبس ريسيرش، والمؤلف المقابل لها: «من خلال مقارنة بيانات تسلسل الجينوم المتاحة لسلالات الفيروس التاجى المعروفة، يمكننا أن نُحدد بحزم أن «سارس - CoV - 2» نشأ من خلال العمليات الطبيعية».
وبالإضافة إلى «أندرسن»، هناك مؤلفو الورقة البحثية «الأصل القريب لـSARS-CoV-2»، وهم روبرت ف. جارى، من جامعة تولين، وإدوارد هولمز، من جامعة سيدنى، وأندرو رامباوت من جامعة إدنبره، ودبليو إيان ليبكين، من جامعة كولومبيا.
ماذا قيل فى الورقة البحثية؟، قيل إنه بعد وقت قصير من بدء الوباء، قام العلماء الصينيون بتسلسل جينوم «السارس - CoV - 2» وجعلوا بياناته متاحة للباحثين فى جميع أنحاء العالم، وأظهرت بيانات تسلسل الجينوم الناتجة أن السلطات الصينية اكتشفت بسرعة الوباء، وأن عدد حالات «COVID-19» فى تزايد بسبب انتقال الفيروس من الإنسان إلى الإنسان، لكن من أين أتى إلى أول مصاب؟ استخدم «أندرسن» والمتعاونون فى الكثير من مؤسسات البحث الأخرى بيانات التسلسل هذه لاستكشاف أصول وتطور «السارس - CoV - 2»، من خلال التركيز على الكثير من الميزات الفريدة للفيروس، فقام العلماء بتحليل النموذج الجينى للبروتينات، والتجهيزات الموجودة على السطح الخارجى للفيروس، الذى يستخدمه للتغلغل إلى الجدران الخارجية للخلايا البشرية والحيوانية، بشكل أكثر تحديداً، واعذرونى على استخدام مصطلحات علمية، العلماء ركزوا على سمتين مهمتين لما يُسمى spike protein:
1 - مجال ربط المستقبلات (RBD)، وهو نوع من خطاف يمسك بالخلايا المضيفة.
2 - موقع الانقسام، وهو عبارة عن فتاحة علب جزيئية تسمح للفيروس بإحداث شقوق ودخول الخلايا المضيفة.
وجد العلماء أن جزء RBD من بروتينات «السارس CoV-2» قد تطور ليستهدف بشكل فعّال سمة جزيئية على السطح الخارجى للخلايا البشرية تُسمى «ACE2»، وهو مستقبل يشارك فى تنظيم ضغط الدم، استنتج العلماء أنه نتيجة للانتقاء الطبيعى وليس نتاج الهندسة الوراثية.
تم دعم هذا الدليل على التطور الطبيعى ببيانات عن العمود الفقرى لـ«SARS-CoV-2»، أى هيكل الفيروس الجزيئى الشامل، إذا كان شخص ما يسعى إلى هندسة فيروس تاجى جديد كممرض، لكان قد أنشأه من العمود الفقرى لفيروس جاهز ومعروف من العائلة نفسها أنه يُسبّب المرض، لكن العلماء وجدوا أن العمود الفقرى لـ«SARS-CoV-2» يختلف اختلافاً كبيراً عن ذلك الموجود فى الفيروسات التاجية المعروفة بالفعل، وشبّه فى الغالب الفيروسات ذات الصلة الموجودة فى الخفافيش وأكل النمل الحرشفى.
قال «أندرسن»، بناءً على تلك التجارب: «هاتان السمتان للفيروس، والطفرات فى الجزء RBD من spike protein وعموده الفقرى المميز، تستبعد المعالجة المختبرية كأصل محتمل لسارس - CoV - 2».
وقال جوزى جولدنج (دكتوراه)، رئيس الأوبئة فى ويلكوم ترست ومقرها المملكة المتحدة، إن النتائج التى توصل إليها أندرسن وزملاؤه «ذات أهمية حاسمة فى تقديم نظرة مبنية على الأدلة ودحض الشائعات التى تم تداولها حول أصول الفيروس SARS-CoV) -2)»، ويضيف «جولدنج»: «الفيروس هو نتاج تطور طبيعى، وانتهت أى تكهنات بشأن الهندسة الوراثية المتعمدة».
لكن ما أصول الفيروس المحتملة؟
استناداً إلى تحليل التسلسل الجينومى، خلص أندرسن ومعاونوه إلى أن الأصول الأكثر احتمالاً للإصابة بـ«سارس - CoV - 2»، لا تخرج عن أحد السيناريوهين المحتملين، السيناريو الأول أن الفيروس وصل إلى حالته المرضية الحالية من خلال الانتقاء الطبيعى فى مضيف غير بشرى، ثم قفز إلى البشر، هذه هى الطريقة التى ظهر بها تفشى الفيروسات التاجية السابقة، واقترح الباحثون أن الخفافيش هى المستودع الأكثر ترجيحاً لـ«سارس - CoV - 2»، لأنها تشبه إلى حد كبير فيروس الخفافيش التاجى، لكن لا نستطيع توثيق حالات مؤكدة للانتقال المباشر بين الخفافيش والبشر، مما يشير إلى أن مضيفاً وسيطاً من المحتمل أن يكون متورطاً بين الخفافيش والبشر.
فى هذا السيناريو، كان من الممكن أن تتطور كلتا السمتين المميزتين لبروتين ارتفاع «سارس- CoV-2»، الجزء RBD، الذى يرتبط بالخلايا وموقع الانقسام الذى يفتح الفيروس، إلى حالتهما الحالية قبل دخول البشر، وفى هذه الحالة، ربما كان الوباء الحالى قد ظهر بسرعة بمجرد إصابة البشر، حيث كان الفيروس داخل الوسيط قد طور بالفعل الميزات التى تجعله ممرضاً وقادراً على الانتشار بين الناس.
فى السيناريو المقترح رقم 2، قفزت نسخة من الفيروس من مضيف حيوانى إلى البشر، ثم تطورت إلى حالتها المرضية الحالية داخل البشر بين السكان، على سبيل المثال، تحتوى بعض الفيروسات التاجية من البانجولين أو أكل النمل الحرشفى، والثدييات الشبيهة بالآرماديلو الموجودة فى آسيا وأفريقيا، على بنية RBD تشبه إلى حد كبير هيكل «سارس - CoV-2»، ربما كان من الممكن أن ينتقل فيروس تاجى من بانجولين إلى الإنسان، إما مباشرة أو من خلال مضيف وسيط، مثل حيوان الزباد أو النمس، ثم كان من الممكن أن يتطور موقع spike protein المميز الآخر لـ«SARS-CoV-2»، موقع الانقسام، داخل مضيف بشرى، ربما عن طريق غير مكتشف فى السكان قبل بداية الوباء. ووجد الباحثون أن موقع انقسام «سارس - سى أو فى - 2» يبدو مشابهاً لمواقع انقسام سلالات إنفلونزا الطيور التى ثبت أنها تنتقل بسهولة بين الأشخاص، كان من الممكن أن يكون «سارس - CoV-2» قد طور موقعاً للانقسام الفيروسى فى الخلايا البشرية، وسرعان ما بدأ الوباء الحالى، حيث ربما أصبح الفيروس التاجى أكثر قدرة على الانتشار بين الناس.
وحذّر المؤلف المشارك فى الدراسة أندرو رامباوت من أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، معرفة أىٍّ من السيناريوهات على الأرجح فى هذه المرحلة، إذا دخل «سارس - CoV - 2» البشر فى شكله المرضى الحالى من مصدر حيوانى، فإنه يثير احتمال تفشى المرض فى المستقبل، حيث يمكن أن تنتقل سلالة الفيروس المسبّبة للمرض بين الحيوانات، وقد تقفز مرة أخرى إلى البشر، الاحتمال الأقل هو دخول الفيروس التاجى غير الممرض إلى السكان البشر، ثم تطور خصائص مشابهة لـSARS-CoV-2.
هذا هو ملخص البحث العلمى، وليس الهرى الفيس بوكى لمن يريد أن يعرف.

Wednesday, March 18, 2020

إيطاليا والاختيار المر - خالد منتصر - جريدة الوطن - 3/2020 /17






مشهد كبار السن وهم يختنقون فى إيطاليا والأطباء يطلبون إخلاء سرير الرعاية الحرجة وجهاز التنفس الصناعى لمن هو أقل سناً وأكثر صحة ومن ثم أكثر قابلية للحياة، مشهد مؤلم وقاسٍ ومأساوى يتعارض مع كل القيم الطبية والإنسانية. وعندما يواجَه الطبيب باتهام أنه قد خان قسم «أبو قراط»، يقول: أنا فى صراع ومفروض علىّ أن أطبق الأولويات لأنه لا توجد منظومة طبية فى العالم تستطيع احتمال هذا الانفجار بالمتوالية الهندسية الدراكولية التى حدثت فى إيطاليا، مستحيل فى هذا المشهد المعقد أن تُدين أو أن تغفر، هذه عبارة مرعبة.
«سيتم حرمان ضحايا الفيروس التاجى فى إيطاليا من الحصول على الرعاية المركزة إذا كانوا يبلغون من العمر 80 عاماً أو أكثر أو فى حالة صحية سيئة فى حالة زيادة الضغط على الأسرّة»، كما اقترحت وثيقة أعدتها وحدة إدارة الأزمات فى تورينو.
وضعت الوحدة بروتوكولاً، نقلته «The Telegraph» سيحدد أى المرضى يتلقون العلاج فى العناية المركزة وأيهم لا، إذا لم تكن هناك أماكن كافية. إن قدرة العناية المركزة تنقص فى إيطاليا مع استمرار انتشار الفيروس التاجى.
الوثيقة التى ينتجها قسم الحماية المدنية فى منطقة بيدمونت، وهى واحدة من أكثر المناطق تضرراً، تقول: «يجب أن تشمل معايير الوصول إلى العلاج المكثف فى حالات الطوارئ سناً أقل من 80 أو درجة فى مؤشر تشارلسون للأمراض المصاحبة الذى يشير إلى عدد الحالات الطبية الأخرى التى يعانى منها المريض أقل من 0.05 كما سيتم النظر فى قدرة المريض على التعافى من الإنعاش».
قال أحد الأطباء: «من يعيش ومن يموت يتحدد حسب العمر والظروف الصحية للمريض، هكذا فنحن فى حالة حرب».
تقول الوثيقة: «إن انتشار الوباء الحالى يجعل من المحتمل الوصول إلى نقطة اختلال التوازن بين الاحتياجات السريرية لمرضى COVID-19 والتوافر الفعال للموارد.
«أصبح من المستحيل تزويد جميع المرضى بخدمات العناية المركزة، وسيكون من الضرورى تطبيق معايير الوصول إلى العلاج المكثف، الذى يعتمد على الموارد المحدودة المتاحة».
وتضيف الوثيقة: «حددت المعايير المبادئ التى سنتبعها إذا أصبح الوضع ذا طبيعة استثنائية مثل اتخاذ الخيارات العلاجية بشأن الحالة الفردية التى تعتمد على توافر الموارد، مما يجبر المستشفيات على التركيز على الحالات التى تكون فيها النسبة بين التكلفة والفائدة أكثر ملاءمة للعلاج السريرى».
قال لويجى إيكاردى، مستشار الصحة فى بيدمونت: «لم أرغب أبداً فى رؤية مثل هذه اللحظة. ستكون الوثيقة ملزمة وستضع الأجنحة فى حالة تشبع رمزاً مسبقاً للوصول إلى العناية المركزة، بناء على معايير معينة مثل احتمال البقاء على قيد الحياة».
وقالت مصادر حكومية إنه من المتوقع تطبيق المعايير فى جميع أنحاء إيطاليا.
توفى أكثر من 1000 شخص فى إيطاليا حتى الآن بسبب الفيروس ويتزايد العدد كل يوم. أصيب أكثر من 15000.
تمتلك إيطاليا 5090 سريراً للعناية المركزة، وهو ما يتجاوز حالياً عدد المرضى الذين يحتاجون إليها. كما أنها تعمل على إنشاء سعة أسرّة جديدة فى العيادات الخاصة ودور التمريض وحتى فى الخيام. ومع ذلك، تحتاج البلاد أيضاً إلى أطباء وممرضات، تريد الحكومة توظيفهم.
لا تزال لومباردى المنطقة الأكثر أهمية. ومع ذلك، فإن الوضع خطير أيضاً فى بيدمونت المجاورة، فى يوم واحد فقط، تم تسجيل 180 حالة جديدة، بينما بلغ عدد الوفيات 27. يشير الاتجاه إلى أن الوضع ليس على وشك التحسن.
وقال روبرتو تيستى، رئيس اللجنة العلمية والفنية لفيروس كورونا فى بيدمونت، لصحيفة التلجراف: «هنا فى بيدمونت، نهدف إلى تأخير استخدام هذه المعايير لأطول فترة ممكنة. فى الوقت الحالى لا تزال هناك أماكن رعاية مكثفة متاحة ونحن نعمل لخلق المزيد».
«نريد الوصول فى وقت متأخر قدر الإمكان إلى النقطة التى يتعين علينا فيها أن نقرر من يعيش ومن يموت. وتتعلق المعايير فقط بالحصول على الرعاية المركزة، أولئك الذين لا يحصلون على الرعاية المركزة سيظلون يتلقون كل العلاج الممكن. فى الطب، يتعين علينا فى بعض الأحيان اتخاذ خيارات صعبة، ولكن من المهم أن يكون لدينا نظام حول كيفية صنعها».

Monday, March 16, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: انطباعات من زيارة سريعة للخرطوم ١٧/ ٣/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


ذهبت إلى الخرطوم لإلقاء محاضرتين فى المؤتمر السنوى لجمعية الخصوبة السودانية. أنشئت الجمعية منذ ١٢ عامًا ومنذ إنشائها وأنا ألبى الدعوة لحضور المؤتمر بانتظام، وفى العام الماضى تم إلغاء المؤتمر بسبب اشتعال الثورة السودانية.
أولًا: أود أن أعبر عن المشاعر الرائعة والدافئة التى تربط الشعبين المصرى والسودانى، وأعتقد بصدق أن هذه العلاقة متبادلة، فهناك تعاطف وتفاهم وتقدير متبادل بين الشعبين. دعك من خناقات عابرة بسبب مباراة لكرة القدم يثيرها بعض المتعصبين أو بعض محدودى الفكر من الدولتين، ولكن ذلك لا يؤثر على علاقات عموم الشعبين المصرى والسودانى. خلال عدة عقود كانت العلاقة بين حكام مصر وحكام السودان بها صعود وهبوط لأسباب سياسية مختلفة، وأحيانًا كانت العلاقة شديدة السوء، ولكن ذلك لم يؤثر على العلاقة الرائعة بين الشعبين، وأعتقد أن على الشعوب أن تستمر فى الود بعيدًا عن اختلافات السياسة بين الحكام. وعمومًا الشعوب هى الأصل وهى المستمرة ولكن الحكام جميعًا زائلون. والمشاكل دائمًا سببها الحكام وأخطاؤهم وليس الشعوب، وفى العالم الثالث نادرًا ما يمثل الحكام الشعوب ويعبرون عن رغباتهم وطموحاتهم.
ثانيًا: فى افتتاح المؤتمر كل عام كان يحضر نائب رئيس الجمهورية ليلقى كلمة، وكنت أسمع بأذنى الهمسات الغاضبة أو الساخرة من الأطباء الجالسين خلفى. هذا العام حضرت وكيلة وزارة الصحة وألقت كلمة قدمت فيها تحية للثورة السودانية، ونفس الأمر حدث فى كل الكلمات الافتتاحية وسألت عن نائب الرئيس الذى كان يحضر كل عام فعلمت أنه فى السجن. الشعور بالارتياح والابتسامة المصحوبة بالقلق علت وجوه الحاضرين فى المؤتمر، فالثورة السودانية أعادت الثقة للشعب السودانى فى نفسه وشعر بالارتياح أنه حقق شيئًا، وأهم ما حققه هو الحرية المتاحة فى التعبير عن الرأى وهم سعداء بذلك.
ثالثًا: الأطباء السودانيون يعبرون علنًا عن سعادتهم بالتخلص من حكم الإخوان المسلمين، وفى نفس الوقت هناك قلق من وجودهم خلف الستار أو تحت الأرض. ويقال إنهم يسيطرون على الاقتصاد وتحويل العملة نظير عمولات كبيرة. يقول بعض الأطباء إن الإخوان قد يستطيعون العودة مرة أخرى ويخشون ذلك.
رابعًا: الاقتصاد السودانى فى حالة سيئة وانخفاض العملة أثر تأثيرًا كبيرًا على الأحوال المعيشية للمواطنين فمنذ خمس سنوات كان الدولار بخمسة جنيهات سودانية وقبل الثورة وصل إلى عشرين جنيهًا والآن حوالى مائة جنيه سودانى للدولار. العقوبات الاقتصادية على نظام البشير لم ترفع حتى الآن ولكنها فى الطريق إلى الرفع، فهناك ثلاثة بنوك أجنبية على وشك الافتتاح.
خامسًا: أحد مندوبى شركات الأدوية قال لى إنه سعيد بمقابلة نتنياهو للرئيس السودانى لأنها سوف تساعد على رفع العقوبات الاقتصادية، وقال إننا يجب أن نكون براجماتيين. لم أناقش أحدًا من الأطباء فى هذا الأمر وهل هذه حالة فردية أم أنها تعبر عن شعور عام. قبل المؤتمر بفترة قصيرة حدث تبادل لإطلاق النار بين قوات من الجيش مع فصائل أخرى أدى إلى خوف بعض المحاضرين الأجانب واعتذر البعض عن عدم حضور المؤتمر، وسمعت من الأطباء عدة تفسيرات لما حدث، التفسير المتكرر هو أنه صدر الأمر بفصل عدد من صغار الضباط الذين كانوا مؤيدين للثورة وقام هؤلاء الضباط بتمرد، يقول بعض الأطباء إن معظمهم عاد أو سيعود إلى عمله ويقول البعض إنهم رفضوا العودة إلى الجيش وانضموا إلى أحزاب سياسية مختلفة.
سادسًا: قال لى أحد الأطباء السودانيين معاتبًا مصر إن تركيا كانت وقعت اتفاقية مع البشير باستئجار جزيرة سودانية وكانت القوات التركية تتواجد فيها وقامت بإحضار باخرة لتوليد الطاقة أمام مدينة بورسودان وكانت تضىء المدينة وضواحيها. بعد الثورة قام النظام الجديد بإلغاء الاتفاقية مع تركيا فسحبت جنودها وسحبت الباخرة التى كانت تضىء بورسودان فأطفئت بورسودان، وكان السودانيون يتوقعون من مصر أن تساعدهم ولو لفترة بجزء من الطاقة الفائضة لإنارة بورسودان. وكانت إجابتى بأننى لا أعرف شيئًا عن الأمر وهل كان ذلك ممكنًا من الناحية الفنية وكذلك الاقتصادية والسياسية. أدت الثورة إلى تغيير اجتماعى واضح وخاصة فى وضع المرأة السودانية التى شاركت بقوة فى الثورة وقدمت تضحيات وأصبح لها كلمة مسموعة وواضحة فى المجتمع السودانى، ولاحظت أن نسبة المحجبات بين الحضور فى المؤتمر انخفضت من ١٠٠% إلى حوالى ٨٥% وأعتقد أن ذلك كان بتأثير الثورة. وأصبح الشباب من الأطباء أكثر جرأة وشجاعة وتخلصوا بعض الشىء من التأثير الأبوى والقبلى الكبير فى السودان.
سابعًا: مستقبل السودان غامض فالظروف الاقتصادية غاية فى الصعوبة، وهناك أربعون مليون سودانى يتزايدون وهم يريدون اللحاق بالمستقبل والعلم والصناعة وتحديث الزراعة. أرجو أن يحصل السودان على ما يريد وأن يجنى ثمار الثورة السودانية.
ثامنًا: حدث قلق مصرى شديد على المستوى الحكومى والشعبى بسبب عدم وقوف السودان بجانب مصر فى مفاوضات السد وأخذها جانب إثيوبيا فى موضوع شديد الحيوية بالنسبة لمصر، أعتقد أن هناك جفوة بين الشعب السودانى والنظام المصرى بسبب موقفه أثناء الثورة السودانية وعلى الحكومة والشعب فى مصر أن يبذلا أقصى جهد ممكن لإنهاء الخلاف وتصفية النفوس، وعلى القلة البسيطة من المصريين التى تصدر مقولات سخيفة ومستفزة فى حق السودانيين أن تتوقف. وهذا لن يأتى بالكلام فقط، هناك بعض الأشياء التى يمكن أن نقوم بها ليشعر السودان شعبًا وحكومة فى الفترة العصيبة التى يمر بها بأن مصر تسانده. الشعب السودانى من داخله يحب مصر والمصريين، والمصريون يحبون السودانيين وأعتقد أن مبادرات شعبية مصرية سودانية ثقافية وعلمية وفنية قد تساعد. السودان ومصر كانا دائمًا على قلب رجل واحد يربطهما رباط قوى من الحب والتفاهم والمصالح المشتركة يجب أن نحافظ عليها. قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك.