Translate

Wednesday, April 30, 2014

المسيحيون سرقوا مصر - فاطمة ناعوت - مجلة (٧ أيام) ٢٩ أبريل ٢٠١٤


فاطمة ناعوت

كنتُ ضمن لجنة تقصّي الحقائق في واقعة الاعتداء الطائفي على كنيسة الماريناب بأسوان عام ٢٠١١. ثمة تظاهراتٌ هنا وهناك، ولافتات وشعارات مرفوعة من تلك التي اعتدنا عليها بعد الثورة. لكن لافتة، يحملها رجل، استوقفتني: أدهشتني، ثم أضحكتني، ثم أدخلتني في حال تفكير، ثم أسلمتني إلى حزن عميق.تقول اللافتة: “نطالب بطرد الأقباط الغُزاة"!!! ذهبتُ إلى الرجل وأنا أخفي ابتسامة مُرّة كنت أعرف أن ملامح وجهي تحملها. ودار بيننا الحوار التالي:أنا: اسمع يا عزيزي. أنت حر في اختيارك أن تكون شريرًا، فتُشرّد الآمنين وتطردهم من ديارهم. لكن نصيحة، لا تجمع بين الشر والجهل. ليس بوسعي أن أُثنيك عن الشر، فهو اختيارك سيحاسبك عليه الله والقانون، لكن واجبي ككاتبة تنويرية أن أزيل جهلك. كلمة "أقباط" لا تجتمع مع كلمة "غُزاة" في مصر. الكلمتان دونت ميكس Don't mix. لأن قبطي يعني مصري. فكيف يكون المصريُّ من الغزاة؟! كن شريرًا كما شئت، لكن لا تجمع الشر والجهل، لأن في اجتماعهما على إنسان، كارثةهو: ازاي بقى مصريين وأسماؤهم: ماري، ومايكل، وكيرليس؟ دي مش أسماء مصرية أصلا، يبقوا أجانب.أنا: ما اسمك؟
هو: عبد الرحمن.أنا: وأنا إسمي فاطمة. ما رأيك أن إسمي وإسمك ليست أسماء مصرية أيضًا؟... بل هي أسماء عربية. نحن المسلمين نسمي أولادنا على أسماء غالية ومقدسة لدينا  محمد، عائشة، فاطمة، أبو بكر، أسماء، عبد الرحمن الخ. والمسيحيون أيضًا يسمون أبناءهم على أسماء قديسيهم: أبانوب، تريز، يوحنا، متى، شنوده، الخ أسماؤنا وأسماؤهم ليست مصرية. وحسب منطقك في أصالة الأسماء، نصبح نحن أيضًا غير مصريين! هل تقبل؟
هو: يا سلام! أومال الأسماء المصرية تبقى ايه بقا إن شاء الله؟
أنا: حور محب، مينا، زوسر، نفرتيتي، نفرتاري، إيزيس، أوزوريس، حورس، أمنحتب، حتحور، حتشبسوت، سنوسرت، الخ. هو: …... (صمت وراح يفكر في كلامي)
.أنا: قبطي مش معناها مسيحي، وحضرتك وحضرتي أقباط لأننا مصريون! يعني مش غُزاة يا عزيزي عبد الرحمن.
قبل شهر، هنأتُ إخوتي المسيحيين على صفحتي في فيس بوك ببدء صيامهم الكبير....  فتمطع أحد الأشاوس الأفذاذ العباقرة الذين يملأون حواري وأزقة الانترنت يتخفون وراء أسماء مستعارة (ربما يخجلون من أسمائهم) ويفنون أعمارهم في التعليقات ويتكاسلون عن القراءة والتثقف وبناء العقل. مبدأهم في الحياة: “أنا أعلّق إذن أنا موجود". كتب ذاك الذي يسمي نفسه (مستر محمد زملكاوي" يقول: “انت لو "كفتة" زيهم مكنتيش تقولي كده.”فرددتُ عليه قائلة: “الأخ Mr-muhammad Zamalkawy طبعا أنت تقصد (كوفتس) مش (كفتة)..... وطبعًا أنت لا تعلم معنى كلمة (كوفتس). لو عرفت معناها ما قلتهافضحتَ جهلك بنفسك. فدعني أعلمك درسًا صغيرًا لكيلا تكشف أُميّتك وانعدام وطنيتك بل وانعدام مصريتك أمام الدنيا في مقبل الأيام. "كوفتس" يا رعاك الله يعني (قبطي)  Coptic. والكلمة تحوير الكلمة اليونانية "إيجيبتوس"، ومنها كلمة "إيجبت" Egypt أي "مصر". وأصل الكلمة فرعوني: (ها كا بتاح ) يعني (منزل روح الإله بتاح). و"بتاح" هو الإله الذي نادى على الدنيا للوجود، حسب الميثولوجيا المصرية، ويصوَّر على جدران المعابد كهيئة رجل مُكفّن يمسك في يده صولجان على رأسه مفتاح الحياة الشهير. وبالتالي فكل مصري من سلالة أجدادنا الفراعين هو قبطي أو كوفتس.والشاهد أن إخواتنا المصريين المسيحيين تمسكوا بذلك اللقب (قبطي) ورفضوا التفريط فيه لأنهم يعتزون بهويتهم المصرية القديمة، لهذا يظن بسطاء الثقافة أن "قبطي" تعني "مسيحي”. بينما نحن المصريين المسلمين تخلينا عن ذلك اللقب الرفيع عن جهل بهويتنا وسلفنا وحضارتنا العظيمة. لهذا يا سيد محمد (الذي منحت نفسك لقب مستر دون سبب واضح)، فأنا بالفعل كوفتس مثلهم، لأنني مصرية مثلهم، أما العقيدة فلا علاقة لها بالعِرق والهوية. فأنا كوفتس مسلمة، وهم كوفتس مسيحييون. فإن كنت لا تعرف أنك "كوفتس" مثلهم، فإن مصر لا يشرفها أن تكون ابنًا لهاأعتذر عن عنوان المقال الذي قد يكون صادمًا. لكنني تعمّدتُ هذا لأن المعلومة التي تصاحب صدمة ما، تكون أثبتَ في الدماغ. وقد تعبنا وجفّت حلوقنا من تكرار هذه المعلومة البسيطة: قبطي = مصري. أطالبُ وزارات التعليم والإعلام والثقافة بترسيخ هويتنا المصرية لدى النشء وتصحيح المعلومات المغلوطة التي تسري في ثقافتنا الشعبية مسرى الدمأيها المسيحيون الأقباط المصريون، طوبى لكم "سرقة" هويتنا المصرية الرفيعة والتمسّك بها، والعُقبى لنا مثلكم لنسرقها معكم، ونتعزُّ بها مثلكم.

Monday, April 28, 2014

تحدث إلينا يا سيادة المشير بقلم د. محمد أبوالغار ٢٩/ ٤/ ٢٠١٤


 فى ٣ يوليو قام الفريق السيسى آنذاك باتخاذ قرار مهم فى التاريخ المصرى الحديث بالوقوف إلى جانب الشعب المصرى الذى ثار ضد مرسى الفاشى كما ثار قبل ذلك ضد مبارك الديكتاتور الفاسد. نحن نعلم جيداً أنه لولا قرار السيسى والقوات المسلحة وراءه لأصبحت مصر فى حرب أهلية ولقامت ميليشيات الإخوان بذبحنا جميعاً فى الشوارع وتاريخها يسمح بذلك، ولأصبحنا تحت حكم فاشى عنصرى. تدخل السيسى ليس انقلاباً عسكرياً ولكنه كان مساندة للشعب ليتحرر من الفاشية.
الشعب المصرى به مجموعات كبيرة من الشباب تمثل أكثر من نصف المجتمع، لا تثق فى نظام الحكم القادم ولا تظن أن السيسى سيكون رئيساً ديمقراطياً، وأسباب ذلك أولها تاريخى بأن القيادات العسكرية لم تتعود على الديمقراطية وتسبب ذلك فى مشاكل نفسية خوفاً من الديكتاتورية، وثانيها بعض تصرفات الشرطة نحو القوى المدنية السلمية الوطنية، وثالثها أن السيسى شخصية عسكرية لم يعرفه أحد قبل تعيينه وزيراً للدفاع ولكن أصبح له وضع متميز فى الشارع المصرى بعد ٣ يوليو، والتفت حوله الجماهير المصرية واعتبرته المنقذ، إلا أنه حتى الآن لم يتعرف المصريون على أفكار السيسى وطريقة تعامله، فهو قد تحدث للناس فى بعض اللقاءات معظمها فى احتفالات القوات المسلحة وكان كلامه عاماً تغلب عليه العواطف. الشعب يريد أن يرى برنامج السيسى، وبالطبع نعلم مسبقاً أن البرنامج سوف يحمل بعض الخطوات الاقتصادية ومحاولة لحل المشاكل الأمنية وأيضاً التعليم والصحة. الشعب يريد أن يسمع من المرشح الرئاسى أكثر من الأشياء التقليدية التى ذكرتها. يجب أن يطمئننا الرئيس أن مصر فى عهده سوف تكون دولة مدنية لا دينية ولا عسكرية، يريد الشعب نظاماً ديمقراطياً حقيقياً مع حرية للصحافة ووسائل الإعلام. يريد أن تكون معاملة الدولة متساوية بين الغنى والفقير وبين المسلم والقبطى وبين المدنى والعسكرى. يريد المصريون أن يسمعوا أن النظام السياسى القادم سوف يؤدى إلى تمثيل القوى السياسية المختلفة فى البرلمان القادم. وأن يقوم الجيش فقط بواجبه المقدس بحماية الحدود. يريد الشعب إبعاد الفاسدين- سواء فى الاقتصاد أو السياسة- الذين تسببوا فى الكارثة التى حدثت لمصر بسبب محاولة التوريث. ويريد أن يرى الشعب كله بشبابه وشيوخه يداً واحدة ضد الإرهاب وأيضاً يداً واحدة تعمل بجدية من أجل التقدم.
عزيزى المشير السيسى، أرجو أن تحدثنا وتقول لنا ما هو موقفك من هذه الأمور حتى يعود الشباب إلى حضن الوطن فى فترة نحن فيها فى حاجة للوحدة ضد الإرهاب والظلام، نريد أن نشعر أننا فى طريقنا إلى الحرية والتقدم الاقتصادى. أريدك أن تكون رئيساً لكل المصريين وأن تنفذ روح الدستور ونصوصه التى تقضى بتقسيم السلطات بين الرئيس ومجلس الشعب بحيث لا يجور أحد على الآخر. نريد يداً تبنى فى ظل الحرية ويداً تضرب الإرهاب بالدستور والقانون.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

القط يحب خناقه بقلم أمين إسكندر ٢٩/ ٤/ ٢٠١٤

تذكرت ذلك المثل الشعبى، عندما راعنى سماع ومشاهدة التصفيق الذى حدث فى الكاتدرائية المرقسية، ليلة الاحتفال بسبت النور- ليلة عيد القيامة المجيد- وأنا كنت من الفرحين بإلغاء طقس التصفيق مع مجىء قداسة البابا تواضروس الثانى، حيث اعتبرته سلوكاً تتم ممارسته فى المهرجانات السياسية بغرض إعطاء إشارات ورسائل سياسية، يجب أن تنأى عنها الكنيسة المصرية. إلا أن هذا السلوك غير المحبب، كان ظاهراً وبقوة أثناء صلاة عيد القيامة، بل وصل الأمر إلى حد الهتافات لبعض الشخصيات وقيام البعض من أماكنهم لتحية الحضور، مما يعطى انطباعاً عن موقف مؤيد لأقباط مصر ورجال الكهنوت أيضاً، وقد ظننت فى لحظة ما أثناء مشاهدتى وسماعى لقداس العيد، أنه من المؤكد أن أقباط مصر وكنيستنا الرعوية قد حصلوا على ما يطمئن قلوبهم بشأن المساواة الفعلية على أرض الواقع وليس فقط كلاماً فى الدستور الجديد، وأنه قد وصلت إلى علمهم أخبار سارة تستحق هذا الفرح والتصفيق بخصوص التحقيقات فى حرق ما يقرب من سبعين كنيسة مصرية وأكثر بعد ثورة ٣٠ يونيو، أو أخبار سارة بخصوص التحقيقات التى جرت بشأن كنيسة القديسين ومعرفة الجانى، ومن المؤكد أيضاً أنهم حصلوا على نتائج عادلة لمذبحة ماسبيرو، إلا أننى عدت إلى طبيعتى العقلانية سريعاً بعد أن مرت بذهنى سحابة الأوهام تلك، وكانت الحقيقة الصادمة أن كل ذلك لم يحدث ولم نعرف بعد من الجانى فى ماسبيرو، وحرق الكنائس: صول وأطفيح وإمبابة، وكنيسة القديسين.
إذن ما سبب كل ذلك الفرح والتصفيق؟ وللإجابة عن هذا السؤال لابد من الوقوف على صناعة الرأى العام داخل دوائر الأقباط المصريين، حيث تتحكم فيه، بعد أدوات الدولة من إعلام وأجهزة الأمن، سلطة رجال الكهنوت، الذين أخذوها منذ أن أعطاها لهم السادات حتى يتمكن من التعامل مع ملف الأقباط عبر مسؤول دينى يعبر عنهم، وعندها ومن جراء الطائفية التى حدثت وسادت، أصبحت سلطة رجال الكهنوت رعوية شاملة، أى رعوية دينية وسياسية واجتماعية، وأصبح الأقباط مجرد ملف على مكتب فى جهاز أمن الدولة، واستمر هذا الوضع حتى جاءت ثورة ٢٥ يناير وقبلها بأيام حادثة كنيسة القديسين، وحدث تمرد واسع داخل شباب الأقباط كجزء من شباب مصر، بل وشعب مصر كله، إلا أن ما يطلق عليه فى الكنيسة لجنة المواطنة التى يرعاها أحد الأساقفة الكبار، كانت تعطى التوجيهات عبر الكنائس وعبر الأعضاء المنتمين لها للسيطرة مرة أخرى على كل الأقباط، وكان ذلك واضحاً فى التأييد الذى حصل عليه الفريق شفيق فى انتخابات الرئاسة، وخصوصاً الجولة الأولى، إلا أن بعض الشباب شق عصا الطاعة ووصل الأمر إلى فضح تلك التوجيهات بشكل علنى ورفضها، واستمر الشباب فى التمرد لأنه رأى أن من حقه كمواطن أن يعبر عن صوته، ويختار بعيداً عن سلطة رجال الكهنوت، وما حدث بعد ذلك فى ليلة سبت النور هو استكمال لهذا التدخل السافر والتوجيه الواضح حتى لو جاء تعبيراً عن لحظة يعبر فيها شعب مصر عن رأيه، وأنا لست ضد ذلك ولكنى أراه خارج الكنيسة وسلطة كهنوتها ولا أراه تعبيراً وطنياً يعبر عن لحظة وطنية، إنما هو تعبير سياسى وبالذات بعد أن واكبه تصريحات لبعض الأساقفة الكبار يعلنون فيها تأييدهم لمرشح ما، بل وصل الأمر إلى أن هناك من حاول أن يفسر ويجيب عن سؤال: لماذا لن نؤيد المرشح الآخر؟!! وللحقيقة علينا أن نكتشف أيضاً تدخل الدولة وأجهزتها فى صناعة الرأى العام بشكل عام، وخصوصاً داخل الأقباط، حيث تقوم الدولة بوضع الأقباط بين خيارين بين أحضان النظام بما فيه من طائفية وانتقاص من الحقوق وبين ما يطلق عليه بديل الدولة من جماعات متطرفة، وبالطبع يعيش أقباط مصر الحالتين معاً فى النهاية، هكذا عاش الأقباط بين مطرقة الدولة، حيث المواطنة المنقوصة، وسندان كهنوت الكنيسة وبناء نفوذها وتعبيرها السياسى عن الأقباط. لذلك كان من الطبيعى أن يعيش الأقباط حالة «القط يحب خناقه».

المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا بقلم د. نوال السعداوى ٢٨/ ٤/ ٢٠١٤

تنتمى أغلب النخب، منذ السادات ومبارك، إلى المعارضة الشرعية، وهى النخب المصنوعة من بعض المثقفين والكتاب والأدباء وبعض رجال الدين والفقه والقانون، وبعض أساتذة الجامعات والأكاديميين، الذين لا يستمدون المعرفة من حياتهم الحية بين الناس بل من نظريات الكتب والمفكرين الأجانب.
إنها النخب العاجزة عن تحريك أى ثورة فكرية أو ثقافية فى مصر، لكنها قادرة دائماً على القفز على أى ثورة شعبية وإجهاضها.
قام الشعب المصرى بعدة ثورات فى التاريخ، كانت فى أغلبها مؤقتة، تهب وتنطفئ (بسبب غياب القيادة الفكرية الثورية) تنتهى بكتابة دستور وانتخاب رئيس وبرلمان جديد، قد يكون أسوأ من السابق، كما حدث بعد ثورة يناير ٢٠١١.
لم تمس الثورات صلب النظام الفكرى، وهو حجر الأساس الذى يقوم عليه الحكم. عجزت الثورات المصرية عن إسقاط النظام، وإن نجحت فى تغيير الرئيس أو الحكومة أو الدستور، لكنه يظل تغييراً سطحياً، لا يمس الحجر الأساسى للنظام، وهو الفكر والقيم الاجتماعية الثقافية والأخلاقية، ولهذا تجهض الثورات (بسهولة) بالحكومات الثورية التى تأتى من بعدها.
أما الذين ماتوا فى الثورات وأريقت دماؤهم فلا ينالون إلا النسيان، والأحياء منهم يتم حبسهم أو مطاردتهم، حتى يهب أولادهم وبناتهم وأحفادهم فى ثورات مؤقتة يتم إجهاضها أيضاً، طالما أنها لم تمس الفكر والقيم والثقافة.
تلعب وزارات التعليم والثقافة والإعلام دوراً كبيراً فى تثبيت الفكر الحاكم المتحكم فى عقول الملايين، ومنهم النخب بالطبع، ولهذا نرى أستاذات بالجامعة محجبات ومنتقبات، وعمداء وأطباء يؤيدون الأحزاب السلفية، وأدباء وعلماء يروجون للدولة الدينية.
السؤال يظل بلا جواب: أين الشباب الذين قاموا بثورة يناير ٢٠١١ وأسقطوا حكم مبارك بعد ثلاثين عاماً من الاستبداد؟ وأين الشباب الفدائى الذين حاربوا الإنجليز فى القنال ومهدوا لقيام ثورة يوليو ١٩٥٢ وإسقاط الحكم الملكى الفاسد؟
كنت طالبة فى كلية الطب حينئذ، وكان لى زملاء سافروا إلى جبهة الحرب فى القنال، كتائب الشباب الفدائية تم تنظيمها وتدريبها بواسطة حكومة فؤاد سراج الدين باشا، التى خدعت الشباب وصورت لهم (عن طريق النخب من الصحفيين والأدباء والشعراء وقيادات الأحزاب) أنها حكومة وطنية جادة فى حربها ضد الاستعمار البريطانى، دفعت هذه النخب (مع الحكومة) الشباب الوطنى إلى الحرب، ثم عقدت الصفقات من وراء ظهرهم مع جيش الاحتلال، ضحت الحكومة ونخبها كعادتهم بالشباب الفدائى الوطنى، مات منهم من مات برصاص الإنجليز وبعضهم (الذين عادوا أحياء) تعرض للسجن والمطاردة من البوليس.
أغلب هذه النخب تعاونت مع الحكومات (تحت اسم المعارضة) ضد الشعب المصرى على مدى العقود، كما حدث مع الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير ٢٠١١، التى صورها أغلب المثقفين والأحزاب على أنها حكومات ثورية، وهى تعمل على إجهاض الثورة بطرق مختلفة، منها قتل الشباب الثورى فى الشوارع، أو حبسهم، أو تشويه سمعتهم، واعتبارهم بلطجية، يسعون إلى هدم الدولة.
أراقت نخب المثقفين الكثير من الحبر على الورق، والكلمات الرنانة فى الفضائيات، عن البلطجية الذين يهدمون الدولة، حتى بدأ الشعب نفسه يتبرأ من ثورته وشبابها وشاباتها.
■ بعد نشر مقالى فى «المصرى اليوم» (٢١ إبريل ٢٠١٤) بعنوان عبودية القرن الواحد والعشرين، جاءنى صوت أحد أساتذة النخبة يقول:
أختلف معك تماماً فى أن مشكلة الفقر والفساد ناتجة عن النظم السياسية والاقتصادية، المشكلة فى الإنسان، فهو مخلوق ناقص تتحكم فيه الغرائز والشهوات، مثل الأكل والجنس والمال والسلطة، وعلى مدى التاريخ فشلت كل النظم السياسية فى تحقيق السعادة والعدالة ، قانون القوة يحكم، وسوف يحكم إلى الأبد، فالمشكلة ميتافيزيقية يا دكتورة.
تنتمى أغلب النخب، منذ السادات ومبارك، إلى المعارضة الشرعية، وهى النخب المصنوعة من بعض المثقفين والكتاب والأدباء وبعض رجال الدين والفقه والقانون، وبعض أساتذة الجامعات والأكاديميين، الذين لا يستمدون المعرفة من حياتهم الحية بين الناس بل من نظريات الكتب والمفكرين الأجانب.
إنها النخب العاجزة عن تحريك أى ثورة فكرية أو ثقافية فى مصر، لكنها قادرة دائماً على القفز على أى ثورة شعبية وإجهاضها.
قام الشعب المصرى بعدة ثورات فى التاريخ، كانت فى أغلبها مؤقتة، تهب وتنطفئ (بسبب غياب القيادة الفكرية الثورية) تنتهى بكتابة دستور وانتخاب رئيس وبرلمان جديد، قد يكون أسوأ من السابق، كما حدث بعد ثورة يناير ٢٠١١.
لم تمس الثورات صلب النظام الفكرى، وهو حجر الأساس الذى يقوم عليه الحكم. عجزت الثورات المصرية عن إسقاط النظام، وإن نجحت فى تغيير الرئيس أو الحكومة أو الدستور، لكنه يظل تغييراً سطحياً، لا يمس الحجر الأساسى للنظام، وهو الفكر والقيم الاجتماعية الثقافية والأخلاقية، ولهذا تجهض الثورات (بسهولة) بالحكومات الثورية التى تأتى من بعدها.
أما الذين ماتوا فى الثورات وأريقت دماؤهم فلا ينالون إلا النسيان، والأحياء منهم يتم حبسهم أو مطاردتهم، حتى يهب أولادهم وبناتهم وأحفادهم فى ثورات مؤقتة يتم إجهاضها أيضاً، طالما أنها لم تمس الفكر والقيم والثقافة.
تلعب وزارات التعليم والثقافة والإعلام دوراً كبيراً فى تثبيت الفكر الحاكم المتحكم فى عقول الملايين، ومنهم النخب بالطبع، ولهذا نرى أستاذات بالجامعة محجبات ومنتقبات، وعمداء وأطباء يؤيدون الأحزاب السلفية، وأدباء وعلماء يروجون للدولة الدينية.
السؤال يظل بلا جواب: أين الشباب الذين قاموا بثورة يناير ٢٠١١ وأسقطوا حكم مبارك بعد ثلاثين عاماً من الاستبداد؟ وأين الشباب الفدائى الذين حاربوا الإنجليز فى القنال ومهدوا لقيام ثورة يوليو ١٩٥٢ وإسقاط الحكم الملكى الفاسد؟
كنت طالبة فى كلية الطب حينئذ، وكان لى زملاء سافروا إلى جبهة الحرب فى القنال، كتائب الشباب الفدائية تم تنظيمها وتدريبها بواسطة حكومة فؤاد سراج الدين باشا، التى خدعت الشباب وصورت لهم (عن طريق النخب من الصحفيين والأدباء والشعراء وقيادات الأحزاب) أنها حكومة وطنية جادة فى حربها ضد الاستعمار البريطانى، دفعت هذه النخب (مع الحكومة) الشباب الوطنى إلى الحرب، ثم عقدت الصفقات من وراء ظهرهم مع جيش الاحتلال، ضحت الحكومة ونخبها كعادتهم بالشباب الفدائى الوطنى، مات منهم من مات برصاص الإنجليز وبعضهم (الذين عادوا أحياء) تعرض للسجن والمطاردة من البوليس.
أغلب هذه النخب تعاونت مع الحكومات (تحت اسم المعارضة) ضد الشعب المصرى على مدى العقود، كما حدث مع الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير ٢٠١١، التى صورها أغلب المثقفين والأحزاب على أنها حكومات ثورية، وهى تعمل على إجهاض الثورة بطرق مختلفة، منها قتل الشباب الثورى فى الشوارع، أو حبسهم، أو تشويه سمعتهم، واعتبارهم بلطجية، يسعون إلى هدم الدولة.
أراقت نخب المثقفين الكثير من الحبر على الورق، والكلمات الرنانة فى الفضائيات، عن البلطجية الذين يهدمون الدولة، حتى بدأ الشعب نفسه يتبرأ من ثورته وشبابها وشاباتها.
■ بعد نشر مقالى فى «المصرى اليوم» (٢١ إبريل ٢٠١٤) بعنوان عبودية القرن الواحد والعشرين، جاءنى صوت أحد أساتذة النخبة يقول:
أختلف معك تماماً فى أن مشكلة الفقر والفساد ناتجة عن النظم السياسية والاقتصادية، المشكلة فى الإنسان، فهو مخلوق ناقص تتحكم فيه الغرائز والشهوات، مثل الأكل والجنس والمال والسلطة، وعلى مدى التاريخ فشلت كل النظم السياسية فى تحقيق السعادة والعدالة ، قانون القوة يحكم، وسوف يحكم إلى الأبد، فالمشكلة ميتافيزيقية يا دكتورة.
يعنى إيه ميتافيزيقية يا أستاذ؟
ميتافيزيقية يعنى ميتافيزيقية يا دكتورة.

من تشرشل إلى مرسى «١» بقلم د. مراد وهبة ٢٨/ ٤/ ٢٠١٤

أظن أن قرار رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون فى أول إبريل من هذا العام بمراجعة فلسفة ونشاط جماعة الإخوان المسلمين لم يكن مفاجئاً، إذ هو يدخل فى مسار تاريخى بدايته عام ١٩١٩ عندما أعلن وزير الدفاع ونستون تشرشل أنه «مع علاقتنا القوية بعشرين مليوناً من المسلمين فى الهند تصبح بريطانيا قوة إسلامية»، وهى تستند فى ذلك إلى سياستها المؤسسة على شعار رومانى قديم «فرِّق واحكم» فيما مارسته من تفرقة بين المسلمين والهندوس فى الهند. وفى يوليو من عام ١٩٢٢ اعترفت بريطانيا بابن سعود حاكماً على شبه الجزيرة العربية، وكان حاكماً أصولياً ملتزماً بالوهابية، أى ملتزماً بابن تيمية الرافض لإعمال العقل فى النص الدينى، ومع ذلك كان متميزاً بمساندته للحكومة البريطانية فى عداوتها للشيوعية ومنعها من تغلغل روسيا فى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وفى مايو ١٩٤٢ أخبرت السفارة البريطانية الحكومة المصرية بأن تمنح جزءاً من المعونة المالية المخصصة لحزب الوفد لجماعة الإخوان المسلمين مع ملاحقة العناصر الخطرة فى الجماعة وقتلهم إن لزم الأمر بشرط «الرحمة عند القتل»، والتصريح لحسن البنا بإصدار جريدة لنشر المبادئ الديمقراطية. والمفارقة هنا أن جماعة الإخوان كانت تضمر عداء للغرب بوجه عام ولبريطانيا بوجه خاص، وكانت على يقين بأن المحور بقيادة هتلر هو المنتصر فى الحرب العالمية الثانية، ومن ثم تصبح هى القوة السياسية الوحيدة المتحكمة فى السياسة المصرية. ومع ذلك فقد كانت المخابرات البريطانية على وعى بهذه المفارقة، ولكن ما كان يضعف من أمر هذه المفارقة هو تقييم المخابرات لحسن البنا بأنه قائد ضعيف، ومن ثم يمكن إزاحته عند الضرورة وبلا مقاومة.
وإثر انتهاء الحرب العالمية الثانية واجهت بريطانيا ثلاثة تحديات كل منها يحدث اهتزازاً لمكانتها: الإفلاس المالى مع أزمة اقتصادية، وبزوغ حركات قومية تطالب باستقلال المستعمرات، وصعود قوتين عظميين هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى. وإزاء هذه التحديات الثلاثة لم يكن لدى بريطانيا سوى التلاعب بالأديان فى الشرق الأوسط وجنوب آسيا وذلك بتأسيس إسلام أصولى. ومن هنا دعت إلى تقسيم الهند إلى دولتين: الهند وباكستان. وفى أغسطس ١٩٤٧ صدر قرار بمولد دولة جديدة اسمها باكستان ومعناها «أرض الأنقياء»، وتعداد سكانها ثمانون مليوناً، وبذلك تعتبر أكبر دولة إسلامية وأكبر خامس دولة فى العالم وتقع فى شمال الهند ومتاخمة لحدود أفغانستان. وقيل عند تأسيسها إنها لن تكون إلا مجرد دولة إسلامية لتفريخ الأصوليين الذين يقال عنهم إنهم متطرفون ومجاهدون.
وإثر تأسيس باكستان اندلعت انتفاضة يهودية ضد الاحتلال البريطانى لفلسطين. وهنا يقول المؤرخ البريطانى مارك كورت فى كتابه المعنون «وثائق سرية عن تواطؤ بريطانيا مع الإسلام السياسى» (٢٠١٠) عن هذه الانتفاضة إنها بداية تشكيل الشرق الأوسط، إذ صدر قرار الأمم المتحدة فى نوفمبر ١٩٤٧ بتقسيم فلسطين، وفى مايو ١٩٤٨ أعلنت إسرائيل تأسيس دولتها، ثم قامت الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل، وكان من شأنها أن ضمت إسرائيل أراضى أخرى. والمفارقة هنا أنه فى عام ١٩٤٩، أى بعد عام من تغلغل اليهود فى فلسطين، دعا ملك الأردن عبدالله إلى تأسيس وحدة إسلامية من شاه إيران وملك العراق ورئيس تركيا لمحاربة الشيوعية.
وهنا سؤال لابد أن يثار:
هل كانت الدعوة إلى محاربة الشيوعية تغطية على تغلغل اليهود فى فلسطين أم كانت تمهيداً لدعوة دول أخرى للانضمام إلى أولئك الأربعة لمحاربة الشيوعية؟ وإذا كانت أمريكا هى فى مقدمة هذه الدول فماذا كانت استجابتها؟
وما يهمنى فى هذين السؤالين هو السؤال الخاص عن كيفية استجابة أمريكا.

ماذا حدث للمشير السيسى؟! بقلم د. علاء الأسوانى ٢٩/ ٤/ ٢٠١٤


استيقظ المشير عبدالفتاح السيسى فى الخامسة صباحا كعادته. استحم وتوضأ ثم ارتدى ملابسه. كان يحس ببعض الإرهاق من كثرة المقابلات التى أجراها فى اليوم السابق. صلى المشير ركعتى السنة ثم ركعتى الفريضة ثم راح يتلو القرآن بصوت خفيض وهو جالس لم يزل على سجادة الصلاة. أحس المشير براحة وهو يتأمل فى معانى الآيات الكريمة، وفجأة سمع صوتا مدويا وكأن شيئا ثقيلا قد ارتطم بالأرض. نحّى المشير القرآن جانبا وقفز بخفة وقد أمسك بيده اليمنى الطبنجة التى لا تفارقه، تقدم بحذر نحو مصدر الصوت. كانت حجرته متسعة يفصلها عن بقية البيت ممر داخلى قصير، تفقده المشير بعناية فلم يجد شيئا غريبا. «ربما يكون الإرهاق هو ما جعلنى أتخيل صوت الارتطام».. هكذا قال المشير لنفسه ثم عاد إلى جلسته الأولى ووضع الطبنجة بجواره واستأنف تلاوة القرآن لكنه سرعان ما سمع صوتا ثانيا كان هذه المرة أشبه باندفاع بخار محبوس.. هب المشير واقفا وتطلع نحو الممر فلم يصدق عينيه. كان الممر محجوبا تماما بغيمة بيضاء كبيرة بدت وكأنها بخار كثيف ولم يلبث أن رأى جسما يخرج من الغيمة البيضاء ويتقدم نحوه. شيئا فشيئا استطاع أن يميز شابا يرتدى بدلة شركسكين بيضاء ورابطة عنق رفيعة زرقاء على طراز الستينيات، خيل للمشير أنه رآه من قبل ولمّا ظهر وجهه فى الضوء صارت المفاجأة أكثر من طاقة المشير فوقف مذهولا، لكن الرجل ابتسم وبادره قائلا:
- أنا جمال عبدالناصر.
ظل المشير يحدق صامتا فى ناصر الذى قال ببساطة:
- أعرف أن نزولى من العالم الآخر سيظل بالنسبة إليكم لغزا، لأنكم يا أهل الأرض محتجزون فى نطاق حواسكم. أنا شاب مع أننى مت فى الخمسين من عمرى. أرجو أن تتغلب على الصدمة لأنى سأحدثك فى أمر مهم.
دمدم المشير بصوت متقطع وهو يحاول تمالك نفسه ثم قال:
- يا فندم أنا رجل مؤمن. ربنا سبحانه وتعالى قال «إنما الروح من أمر ربى». ليس هناك أى شىء أكبر من قدرة الخالق.. أهلا وسهلا يا فندم. سعيد جدا برؤيتك. سيادتك كنت دائما مثلى الأعلى.
مد المشير يده ليصافحه لكنها نفذت فى الهواء. عندئذ قال ناصر بهدوء:
- عذرا. ليس بإمكانك أن تلمسنى.. جلس ناصر على الأريكة المجاورة للنافذة وقال:
- كيف تحب أن أناديك.. أقول لك يا سيادة المشير.
رد المشير بحماس:
- العفو يا فندم. أولا أنا تقاعدت من الجيش ولم تعد لى رتبة عسكرية، والأهم أننى تلميذك يا فندم. أرجو أن تنادينى باسمى.
رد ناصر بسرعة:
- عظيم. اسمع يا عبدالفتاح. أنا نزلت لأقول لك كلمتين. سأختصر لأن وقتى ضيق. تفضل اقعد.
جلس المشير على المقعد وبادره ناصر قائلا:
- يا عبدالفتاح لقد كنت أراقبك من العالم الآخر ومعى زعماء مصر محمد فريد ومصطفى كامل وسعد زغلول ومصطفى النحاس.. كنا جميعا معجبين بك عندما انحزت للشعب وساعدته على إسقاط عصابة الإخوان. سيذكر لك التاريخ يا عبدالفتاح أنك خلصت مصر من الفاشية الدينية وحميتها من حرب أهلية...
- شكرا جزيلا يا فندم. لقد أديت واجبى لا أكثر ولا أقل.
- أداء الواجب فى لحظة الخطر هو البطولة. أنا أيضا معجب بتحركاتك الدبلوماسية نحو روسيا. هذه أفضل طريقة للضغط على أمريكا حتى تتخذ موقفا عادلا يحقق مصالح مصر.
- أنا فخور برأى سيادتك.
ابتسم ناصر وبدا أنه يختار كلماته ثم قال:
- أنا لم أكلف نفسى وأنزل من العالم الآخر حتى أمدحك. فبالرغم من إعجابى بشجاعتك وإخلاصك جئت أنبهك إلى أخطاء فادحة.
قال المشير:
- أرجو سيادتك أن تنبهنى إلى السلبيات حتى أصلح منها.
تطلع ناصر إلى المشير وقال:
- لقد كانت ثورة يناير لحظة عظيمة فى تاريخ شعبنا الذى أثبت للعالم كم هو متحضر، وأنه مهما حدث لن يتخلى أبدا عن حلم الحرية والعدالة الاجتماعية ثم وصل الإخوان إلى الحكم فقاموا بإلغاء الديمقراطية وحاولوا خطف الدولة، عندئذ احتشد ملايين المصريين فى الشوارع يوم ٣٠ يونيو دفاعا عن مصر ضد فاشية الإخوان. هل توافقنى على أن هذا ما حدث..؟!
أومأ المشير موافقا فقال ناصر بصوت مرتفع:
- يا أخ عبد الفتاح مع ثقتى فى إخلاصك للثورة، لكنك تتخذ قرارات تصب فى مصلحة أعداء الثورة...
بدا الانزعاج على وجه المشير، فقال ناصر بنبرة معتذرة:
- سامحنى لو كان كلامى جامد. أنت عارف إننا العسكريين لا نعرف إلا الاستقامة فى الكلام والعمل. أضف إلى ذلك أننى أعتبرك مثل ابنى.
- تحت أمرك يا فندم.
- إذا كنت تعتقد أن ثورة يناير عظيمة كما تقول فلماذا تسمح بتشويهها فى الإعلام الكاذب..؟!. لماذا تترك إعلاميين أنت تعلم أنهم مخبرون للأمن يخرجون كل يوم فى التليفزيون ليشككوا فى وطنية الثوار ويتهمونهم بالعمالة. لماذا تترك الفضائيات التى يملكها فلول نظام مبارك لتقوم بتضليل الرأى العام وتصوير الثورة على أنها مؤامرة أمريكية. أنت تعرف أن هذه أكاذيب يا عبدالفتاح لأنك كنت مدير المخابرات الحربية وتعلم جيدا أن الثورة كانت أكبر لطمة لأمريكا وإسرائيل. لماذا لا تعلن هذه الحقيقة للناس؟
لم يجب المشير، فاستطرد ناصر قائلا:
- أنا أفهم أن تطارد الإرهابيين القتلة وتقدمهم للعدالة، لكن لماذا تلقى بشباب الثورة فى السجون لمجرد أنهم اشتركوا فى مظاهرة؟ هؤلاء الشبان هم أنبل من فى مصر، ولولا شجاعتهم وتضحياتهم لما تخلصت مصر من حكم الإخوان.
ابتسم المشير وقال:
- اسمح لى أن أوضح لسيادتك أننى كنت وزيرا للدفاع فقط ولا شأن لى بالإعلام ولا القضاء.
اتسعت ابتسامة ناصر وقال:
- يا عبدالفتاح قلت لك وقتى ضيق.
رد المشير قائلا:
- لقد اضطررنا لعمل قانون التظاهر حتى يهدأ البلد.
- هذا خطأ فادح. قانون التظاهر تم استعماله من أجل التنكيل بشباب الثورة، بينما الهجمات الإرهابية لم تتوقف.. أنت تخسر شباب الثورة بهذه الطريقة.إذا كان الإعلام يتهمهم بالخيانة والشرطة تعتقلهم وتعذبهم وتلقى بهم أعواما فى السجون، هل تتوقع بعد ذلك أن يؤيدوك..؟
- هل يرضى سيادتك أن تحدث مظاهرات واعتصامات كل يوم؟
- المظاهرات والاعتصامات وسيلة الناس للمطالبة بحقوقهم. أعطهم حقوقهم أو تعهدا بتحقيقها بعد حين عندئذ لن يتظاهروا.
- لا يريدون أن يتفهموا صعوبة الأوضاع.
- بالعكس لقد طلبت من المصريين تفويضا ضد الإرهاب، ففوضوك بالملايين، وتحملوا حظر التجول شهورا ولم يتذمروا. لا أفهم كيف تكون مع الثورة وتحبس الذين قاموا بها؟
- أنا مع الثورة لكننى أريد الاستقرار.
- لن يتحقق الاستقرار إلا بالعدل، أما الاستقرار القائم على بطش الداخلية فهو الذى أوصل مبارك إلى السجن. يا عبدالفتاح لازم تأخذ مواقف واضحة لأنك الرئيس القادم.
رد المشير بسرعة:
- لاتزال أمامى معركة انتخابية.
ضحك عبدالناصر وقال:
- قلت لك وقتى ضيق. لايزال أمامك فرصة لإصلاح الأخطاء. سمعت أنك عقدت مصالحة بين اثنين رياضيين متخاصمين.
تمتم المشير قائلا:
- الحمد لله.
قال ناصر:
- ألم يكن أولى بك أن تعقد مصالحة بين الحكومة وشباب الثورة؟
- يا فندم لا تنس أننا نخوض حربا ضد الإرهاب. لا يمر يوم بغير أن يسقط شهداء من الشرطة والجيش.
قال ناصر:
- الحرب على الإرهاب سبب أدعى لأن تحافظ على الجبهة الداخلية، فتلغى قانون التظاهر وتفرج عن الشباب المظلوم الذى ألقيت به فى السجون. كما يجب أن تقدم تعهدات محددة للفقراء.
- فقراء مصر جميعا فى عينى.
- هذا كلام رائع. لكن التناقض الاجتماعى الموجود فى مصر لا يمكن أن يستمر ولن يمكنك أن تبقى على الحياد. لابد أن تعلن عن موقفك بوضوح: هل ستصل للرئاسة لكى تحمى حقوق الفقراء أم لكى تخدم مصالح الأغنياء؟
ابتسم المشير وقال:
- أنا يا فندم أتمنى ألا أرى فقيرا واحدا فى مصر لكن موارد الدولة محدودة للغاية.
قاطعه ناصر قائلا:
- أرجوك لا تردد كلام مبارك. مصر غنية لكنها منهوبة. هل فكرت فى إلغاء الصناديق الخاصة وضم المليارات المخبوءة فيها إلى ميزانية الدولة، هل فكرت فى تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، هل يعقل أن يقبض موظفون فى الدولة مليون جنيه شهريا بينما ملايين الموظفين يقبضون أقل من ألف جنيه، هل فكرت فى تطبيق ضرائب تصاعدية لتبنى بها مدارس ومستشفيات كما تفعل كل دول العالم.. ألم تسأل نفسك لماذا ينفق فلول نظام مبارك ملايين الجنيهات للدعاية لك؟!
- لن أحمى أحدا من القانون أبدا.
- إذا كنت مقتنعا بهذا الكلام فيجب أن تتخلص من فلول مبارك الذين يسرقون الآن ٣٠ يونيو، تماما كما سرق الإخوان ٢٥ يناير.
هز المشير رأسه ولم يعلق، فقال ناصر:
- اسمع كلامى يا عبدالفتاح، حافظ على حقوق الشعب ولا تحرس مصالح الأثرياء كما فعل مبارك. لقد نزلت لمبارك من العالم الآخر أكثر من مرة وحذرته، لكنه لم يستمع للنصيحة، وهو الآن فى السجن. أنت الآن فى مفترق الطرق. ثق فى هذا الشعب العظيم، وبقدر ما تدافع عن حقوقه سيحميك ضد كل من يريد من يعيد بلادنا إلى الماضى.
قال المشير:
- كل ملاحظات سيادتك بناءة ومفيدة وبإذن الله أعدك أن أعمل بها.
نظر إليه ناصر مليا وكأنما يستوثق من عزمه، ثم قال:
- لقد أديت واجبى وقلت لك رأيى بصراحة، وضميرى الآن مستريح. يجب أن أصعد بسرعة. تصافح الرجلان وتعانقا بحرارة، ثم استدار ناصر وتقدم بسرعة حتى دخل فى الغيمة البيضاء وسرعان ما اختفى ثم تلاشى الدخان شيئا فشيئا حتى عاد الممر إلى ما كان عليه، أما المشير السيسى فقد ظلت على وجهه الابتسامة التى ودع بها ناصر ومشى ذهابا وإيابا فى أنحاء الحجرة ثم جلس وبدت عليه علامات التفكير العميق.
الديمقراطية هى الحل

Saturday, April 26, 2014

مصريتى قبل توراتى! بقلم د. وسيم السيسى ٢٦/ ٤/ ٢٠١٤

فى لحظة تاريخية فارقة، كان جيمى كارتر، عن يمينه الرئيس السادات، وعن يساره بيجن، والعالم كله أمام شاشات التليفزيون ينتظر إعلان معاهدة السلام، ألقى كارتر كلمة، ومن بعده قرأ السادات كلمته، ثم ارتجل بيجن كلمة قال فيها: أشكر الرئيس جيمى كارتر على جهوده فى إقرار السلام، فكم تعبنا تعب أجدادى فى بناء الأهرام! قهقه السادات، وهو لا يعى عمق الطعنة التى وجهها هذا الكداب للحضارة المصرية أمام العالم كله فى هذه اللحظات التاريخية.
بيجن الكاذب يعرف أن الأهرام بنى ٢٨٠٠ق.م وإبراهيم عليه السلام جاء مصر ١٧٠٠ق.م أى بعد بناء الأهرام بألف عام!
بيجن يعرف أن قومه كانوا رعاة غنم، ليس لهم دراية بهندسة البناء، وهو يعرف تقارير بعثة واسيدا اليابانية عن إعجاز بناء الأهرام كما يعرف تقارير بعثة بيركلى الأمريكية، وكيف أن البعثتين جمعتا أجهزتهما وعادتا إلى بلادهما، وصرح الفاريز الحاصل على جائزة نوبل: هناك أسرار لا نعرفها فى بناء الأهرام، ويبدو أن القوانين الطبيعية التى درسناها بها خطأ ما!
لقد سرقوا بطولات تحوتمس الثالث ونسبوها إلى داوود التوراتى! يقول توماس طومسون أستاذ دراسات العهد القديم فى جامعة كوبنهاجن: إنها أحداث تاريخية لشعوب أخرى تم اقتباسها لتكون جزءاً من تاريخ مملكة بنى إسرائيل.
لقد اشترك أربعة من علماء الآثار للبحث عن أى أثر لمملكة داوود وسليمان منذ ١٩٦٧ وهم: كاثلين كينون «بريطانية»، بنيامين مانراد «إسرائيلى»، بجمان أفيجاد «إسرائيلى»، بيجال شيلوح «إسرائيلى» وأخيراً ظهرت تقاريرهم: لم نجد شيئاً!
نقرأ فى «صموئيل الأول» أن داوود أراد أن ينضم إلى صفوف الفلسطينيين محارباً العبرانيين! وكان معه ٦٠٠ رجل، فرفض ملك الفلسطينيين ذلك، فقال له داوود التوراتى: ماذا جنيت؟ وأى علة وجدت فى عبدك حتى لا أشترك فى محاربة أعداء سيدى الملك؟! وفجأة نجد داوود صاحب جيوش جرارة يهزم بها تحالفاً جباراً من ملوك فلسطين وسوريا، ويقيم مملكة من النيل للفرات! وتقرأ تفاصيل المعارك، تجدها هى معارك تحوتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية المصرية!
آه يا كدابين، حتى بطولات ملوكنا سرقتموها! ألم تسلبوا ذهب وفضة المصريين، وبعد ذلك تدعون أننا جعلناكم عبيداً عندنا! وزائيف هرتزوج عالم الآثار فى جامعة تل أبيب يقول: اليهود لم يدخلوا مصر حتى يخرجوا منها!
جيمس هنرى برستد فى كتابه فجر الضمير أظهر لنا سرقات سفر الأمثال من حكم أمين موبى، ومزامير داوود من أناشيد أخناتون، وسفر نشيد الأنشاد من طقوس الجنس المقدس عند السومريين، وقصة يوسف هى قصة باتا المصرية القديمة!
مصريتى قبل توراتى، وحضارة بلادى لن يغتصبها لصوص الحضارات والأوطان!
والله عجب ما بعده عجب رعاة الغنم هم شعب الله المختار، وأصحاب الحضارة والدين والعلم هم الملعونون!
خيبتك يا كارل ماركس! لو كنت قلت: ربنا قال لى.. كانت الشيوعية استمرت حتى الآن!

Friday, April 25, 2014

Best Go-Go girl dancer of Russia - Anna Konchakovskaya

رجلان يعرفان الله فاطمة ناعوت الأحد 20-04-2014

 رجلان كريمان صنعا موقفين بسيطين، ما كان يجب أن يلفتا الانتباه، لفرط ما بهما من طبيعية وعادية واتفاق مع مبادئ الإنسانية الأولى. موقفان ما كانا يلفتان النظرَ، لو كنا فى ستينيات القرن الماضى أو خمسينياته أو ثلاثينياته. حين كنا راقين متحضرين لا نعرفُ العنصرية والفُرقة قبل أن تغزونا رياحُ السموم الطائفية وأفكارُ الانقسام البغيضة. موقفان يختصران فكرةً أؤمن بها، وأكتبُ فيها منذ سنوات، وتحمّلتُ لقاءها كلَّ صنوف الشائعات والتجريح والتكفير والتهديد وهدْر الدم. فكرة أن الإيمان الحقَّ بالله يحمل فى طياته احترامَ عقائد الآخرين، مهما تباينت. لأن فى تباينها ثراءً، واتفاقًا على مبدأ أساسى: البحث عن الله، عبر مساربَ ودروبٍ شتى. فكرة أن الإيمان أرقى من العقيدة. فالإيمانُ هدفٌ، والعقيدةُ وسيلة. الإيمانُ يسبق العقيدةَ. الإيمان عمره على الأرض ملايين السنين، منذ نظر أولُ إنسان إلى السماء وقال: «يا ربّ»، فيما العقائدُ لم تولد إلا منذ بضعة آلاف سنة. ولو شاء اللهُ لوحّد الأديان، لكنه اختار أن يكون النورَ الذى يغمر العيونَ، ويعمُر الأفئدةَ، فتلمحه العيونُ من زوايا عدة، وتلمسه القلوبُ عبر تجاربَ متنوعة.
أما الموقفان الجميلان فصنعهما مصرىٌّ مسلم، ورجل دين أرجنتينى مسيحى، فى بلدين تباعد بينهما الأميالُ والألسن والعقائد والثقافات: مصر وإيطاليا.
هنا، الأستاذ أسامة راشد، معلّم اللغة العربية بالمدرسة الثانوية فى طنطا. اشترى علبة حلوى، ووزعها على تلاميذه وتلميذاته المسيحيين، والتقط معهم الصور التذكارية فى عيدهم- عيد القيامة المجيد. لم يكلفه الأمرُ إلا ابتسامة حنوّ دافئة، ومحبة غمرَ اللهُ بها قلبَه المؤمن، وسموّ روح يسكنه. هذا نموذج المعلم المثقف، كما يجب أن يكون.
وهناك، بابا الفاتيكان الكاثوليكى. قام بغسل وتقبيل أقدام 12 شخصًا معوّقًا على ديانات وجنسيات مختلفة. بينهم أفارقةٌ سود ونساء، وليبى مسلم يعانى من تشنج عصبى مزمن. فعل هذا ليحاكى السيد المسيح فى خميس العهد، قبل يوم من حمله الصليب الهائلَ على طريق الآلام. غسل المسيحُ، عليه السلام، أقدامَ تلاميذه الحواريين الاثنى عشر، فى نقض حاسم لعنصرية اليهود التى تجبر الخادمَ على غسل قدمى سيده. هنا غسل السيدُ أقدام التلاميذ الأتباع.
رجل الدين المسيحى أعطى العالمَ درسًا راقيًا فى المحبة والتواضع، حين نفّذ وصية المسيح: «إن كنتَ لا تحب أخاك الذى تراه، فكيف تحب الَله الذى لا تراه؟!» ونفّذ المعلم المسلم وصية إسلامية: «الدين المعاملة»، وأعطى تلاميذه تطعيمًا ضد الطائفية والبغضاء. فمتى يصبح هذا التطعيمُ إجباريًّا، مثل مصل السلّ والتيفود وشلل الأطفال؟!
عودى يا مصرُ كما كنتِ بربّك. فقد شبعنا طائفيةً وعنصريةً وبغضاءَ.

البابا تاوضروس الثانى يكرم المهندس أشرف جبرة

أرنبة مناخير الشعب بقلم إسعاد يونس ٢٥/ ٤/ ٢٠١٤

■ إنك تصحى من النوم الصبح فتمد إيدك تشد جورنال أو تفتح فيس بوك أو تويتر فتصطدم عيناك بخبر.. أو اثنين.. أو ثلاثة.. أو أكثر.. بتفجير رجل.. أو اثنين.. أو ثلاثة أو أكثر على يد الإرهابيين.. تتوقف عنده لحظة.. ليس اثنين ولا ثلاثة.. ثم تحول عينيك بحثا عن غيره.. عن خبر آخر.. ليس بالضرورة ألطف أو أحسن أو أسعد.. يمكن أنيل بس أهو غيره وخلاص.. فما هذا؟؟.. ماذا حدث لنا؟؟
■ مع أن هذا الذى تم تفجيره هو واحد من أبناء هذا الوطن.. أبناؤه اللى لهم لزوم يعنى.. أبناؤه الغاليين بالقوى الذين يتكبدهم الوطن ولا يستطيع تعويضهم.. واللى بيفجره حشرة ولا له تسعميت ألف لازمة.. فعصُه بالجزمة ظلم لها.. ولكن تكرار الأخبار التى من هذا النوع يصيب الإنسان بالذعر ويجعله يجرى مختبئا فى سطور خبر آخر حتى لا يغرق فى ظلام اليأس والكفر بالأشياء.
■ الثابت أن كلا منا.. سواء هرب من السطور.. أو أعطى للحزن جلاله.. لا ينسى.. لديه حصالة داخله يدخر فيها الغضب والمقت والكره لهؤلاء الحيوانات، ولكنه صابر فى انتظار الفرج الذى ليس بيده.. أملا فى الخلاص على يد أولى الأمر بدل الحصالة ما تطفح.
■ وأولاد الغبية بيساعدونا على عدم النسيان والتخلى عن ذاكرة الناموس عندما يصرون على الاستمرار فى تذكرتنا.. والله فاكرين يا بهايم.. ومش ناسيين كل اللى بتعملوه إنكم بتزودوا المتحوش فى الحصالة.
■ لذلك.. والكلام موجه لأى من الحملات الانتخابية للمرشحين، تذكروا دائما أن الناس فى عمومها لا تنسى.. بل يزداد كرهها ورفضها ومقتها لأى متحدث عن صلح ونعومة ولطافة ونحنحة مع هذه الفصائل، الهارب منها والمندوب عنها، متخفيا فى ثوب السماحة أو مرتديا الردينجوت ومندسا فى النخبة.. خصوصا بعد كل حادث تفجير وضيع من هؤلاء، مع كل تصريح فيه شبهة مسك عصاية من النص يحدث رد فعل.. قد لا يتم التعبير عنه بالصراخ بنسب متساوية فى كل مناسبة ولكنه يوغر الصدور أكثر.. فبلاش والنبى الرقاقة والحنية بتاعة الدم كله حرام وكلهم أولادى وحانحط إيدنا ف إيد بعض وجو حسن الأسمر ده.. قصاص ربنا فيه دم.. مدام تم سفك دم.. الناس ترفض.. ويوغر صدرها هذا الكلام سواء صدر من المرشح نفسه أو أفراد حملته.. اعملوا قياساتكوا وتأكدوا بنفسكوا.. وإذا كنت أيها المرشح تذعن أو تنصت لمن يقول لك من طقمك نضمن أصوات.. ما تسمعلوش.. وحش ماتاخدش نصيحته.. حايغرقك.. ما بناقص يا عم شوية الأصوات دى.. دى حتى أصوات حرام لأنها متلغمطة بشكل مباشر وغير مباشر بدم المصريين.
■ أمر آخر أرجو أن ينتبه إليه الجميع.. من فى السلطة الآن وغدا.. الناس ترمومترها اختلف.. وحاسة الشم ارتفع معدلها جدا.. وقرون استشعارها على قزحها.. وأرنبة مناخيرها بتلعب جامد.
■ المقصود.. عندما تحدث بعض الظواهر الغريبة وتتكرر.. كظهور شخصيات بعينها فجأة على الساحة بتلّعب عضلاتها بمعنى أنا جاى وانا جامد ومتين.. أو تُتخذ قرارات عنترية مالهاش مبرر لتثير الجدل والشك.. أو تتم إجراءات استثنائية مشمومة ومش طبيعية.. خصوصا فى مواضيع مش مهمة ومش أولويات.. تلعب أرنبة مناخير الشعب.. وبيهرش ويفقس أى محاولة لـ«بص العصفورة».. بل يترجم عدة ترجمات إحداها أو بعضها حيصيب حيصيب.. ما هما اتنوروا أكتر ما خيالك يجيب وأبعد ما كتبك القديمة بتشرح.. سيبك من شوية المحفلطين اللى حواليك.. دول مش الشعب.. الشعب هناك أهه.. خطوتين لبسطة السلم.. دحروجتين لأول الشارع.. حودايتين على أقرب ناصية.. حتلاقيه.
■ الشعب يستشعر فورا إن فيه ضغوط بتمارس من ناس غير مرغوب فيها.. وأنه مازالت هناك بعض القوى التى رفضها تماما.. نكرر تماما.. مازالت تتسلل ومازال لديها عناصرها المتخفية تهدد وتضع الشروط.. وتلوّح بالكتلة التصويتية وتطلب طلبات غريبة لفرض فكرها وسطوتها.. وذلك يُفقد بعض المسؤولين مصداقيتهم مهما حاولوا التظاهر بغير ذلك.. ويثير المخاوف مما هو قادم.. والعملية مش مستحملة.
■ خدوا كلامى وارموه البحر.. وتأكدوا بأنفسكم.. احصروا صح.. وقيسوا صح.. بلاش الجوقة الله يرضى عليكم.. وبلاش أعضاء الحملة يدلوا بدلوهم من بنات أفكارهم كده.. لحسن دلوهم ده بيدلدلوه فى ترع ومستنقعات ما يجيش من وراها غير الماء الآسن والدبان.
■ ولهواة التصريحات بدون تكليف مباشر ولا علاقة حقيقية بالحملات.. خف شوية يا با.. مش لازم كل ما تحط الرحال فى مكان تقوم خابطلك تصريح يعكر الجو ويقلق البشر.. وما حُبُكش تخرج من بيتكوا كل يوم معاك جاكتتين وكام كرافتة وتتوجه لمدينة الإنتاج الإعلامى تلف عالاستوديوهات تغنى وتغرد فى البرامج بكلام أصحابه ما قالوهوش.. الناس على آخر آخرها.. بقالنا تلات سنين فى فترة انتقالية منها الفاصل الهزلى بتاع مورسيكو قاهر الزلبوعة.. ومحدش يسألنى إيه هى الزلبوعة.. فكفاية بقى.
■ وبطّل يا خويا تنفش ريشك فى الفاضية والمليانة وتنجعز قوى على خلق الله مدعيا إنك متصل باللى فوق.. وتضغط بأورامك على الخلق بأنك مهم وتميّل على ودن النفر منا لتهمس فيها «اللى فوق بيقولك اعمل كذا وخللى بالك من كذا».. فوق فين يا عم الحاج؟؟.. طب ودينى لو حد قاللى كده لاسيّحله وافضحه.. عشان اللى فوق ده اللى انت لازق فيه زى اللبانة ف نعل الشبشب ينطرك أو يكحتك ببوز المقص.
■ إذا كانت الجملة الشهيرة بتقول «إمنع الضحك».. إنت كمان «إمنع الدلدقة بالتصريحات والإيحاءات».. خلينا نوصل للانتخابات بصدور سليمة ونفوس مستقرة عشان نخلص من أم الليلة دى بقى.. هرمنا وكركبنا ودقونا بتنضف الأرض مع ديل هدومنا من كُتر ما طولت والضهر انحنى.
■ الشعب يريد رئيسا لا يهادن مع من طخه من قبل.. ولا من أسدل عليه ستار التخلف والرجعية وجابله الهطل بفتاويه الحجرية ولا من هاجم حدوده وهدد أمنه ولا من لبد فى مزارع الدرة يقرقض فى الكيزان ويخطط للاحتلال ولا اللى مثل عليه دور الريبرارى المتأمرك ولا اللى نصّب من نفسه مصلح وبيوفق راسين فى الحلال ولا أى استبحس من ده.. واسمع كلامى واعقله تلقاه سليم من أوله.. أو بلاش.. امسحه من ذاكرتك وتأكد بنفسك.. إبحث عن أرنبة مناخير الشعب.

نحن ومراد وهبة وابن رشد بقلم أحمد عبدالمعطى حجازى ٢٥/ ٤/ ٢٠١٤

إذا كنا نعرف ابن رشد فسوف نعرف مراد وهبة. وإذا عرفنا مراد وهبة عرفنا أنفسنا.
وابن رشد كما يعرف الكثيرون فيلسوف عربى أندلسى، عاش فى القرن الثانى عشر الميلادى، ودرس الفقه والطب والفلسفة، وتولى القضاء فى إشبيلية وقرطبة. لكننا نعرفه ويعرفه العالم بفلسفته التى شرح فيها فلسفة أرسطو، وانتصر فيها للعقل، واحتكم له فى فهم النصوص الدينية، ولجأ فى ذلك إلى التأويل الذى يزول به ما يبدو أحياناً من تناقض بين ما يقوله النص وما نعرفه بعقولنا وتجاربنا. مثلاً، حين يتحدث القرآن الكريم عن يد الله أو عن عرشه أو عن سمعه وبصره فكيف نفهم المعنى المراد من هذه المفردات؟
لو أننا فهمناها بمعناها الظاهر شبهنا الله بمخلوقاته وجسدناه، وهو تعالى منزه عن الشبيه لا شريك له وليس كمثله شىء. فليس لله يد كالأيدى، وليس له عرش كالعروش، وإنما يد الله وسمعه وبصره وعرشه هى قدرته وعلمه وملكوته. وهذا هو المعنى الذى نصل إليه عن طريق التأويل، ونوفق فيه بين ما جاء فى النص وما يجب لله من تنزيه يثبته المنطق ويؤكده.
والتأويل كما يعرفه البلاغيون هو إخراج المعنى الذى يدل عليه اللفظ من الحقيقة إلى المجاز. فاليد كلمة تشير إلى هذا العضو الذى نمسك به الأشياء ونتمكن من الوصول إلى ما نريد، وهذه هى دلالتها الحقيقية التى ننتقل بها أو نجتاز إلى الدلالة المجازية، أى إلى الإشارة لفعل اليد ووظيفتها بدلاً من الإشارة إلى جسمها. وهذا المعنى المجازى هو المقصود من الآية الكريمة «يد الله فوق أيديهم» أى أن قدرته فوق كل قدرة. وهذه هى العقيدة التى نؤمن بها ونستطيع أن نبرهن على صحتها. والتفكير إذن لا يتعارض مع الإيمان. والفلسفة لا تتناقض مع الشريعة، لأن الحق لا يتناقض مع الحق كما يقول ابن رشد، فالشريعة حق لأنها معرفة منزلة. والفلسفة حق لأنها معرفة نصل إليها بعقولنا التى خلقها الله لنا، وأمرنا بأن نفكر بها وندبر أمورنا ونتأمل ونعتبر. فإن وجدنا فى النص الدينى ما لا يتفق مع العقل وجب علينا أن نؤوله أى نفهمه بالمعنى الذى لا يتعارض فيه الكلام مع ما نعرفه ونثق فى صحته، سواء أكان ذلك بالرجوع إلى مبادئ الشريعة ومقاصدها أو بما نعرفه عن طريق التجربة والخبرة أو بالاحتكام للعقل والمنطق.
هذا المنهج الذى وفق فيه ابن رشد بين الشريعة والفلسفة من شأنه أن يجعل العقل مرجعاً يحتكم له الجميع حين يختلفون فى فهم النصوص ومن شأنه أن يعترف للإنسان بمسؤوليته وجدارته بأن يختار ويفعل. وإذن فالإنسان فى فلسفة ابن رشد كائن حر لأنه كائن عاقل.
وإذا كان العقل هو مرجعنا فى فهم النصوص الدينية فهو مرجعنا أيضاً فى فهم الواقع ومعرفة الطبيعة واكتشاف قوانينها، وفى الاستفادة من التجارب والخبرات، وفى التصدى للمشاكل والعمل على حلها. وإذن فنحن بفلسفة ابن رشد ومنهجه مواطنون أحرار ولسنا قطعانا تخاف وتطمع وتطيع وتسمع كما أراد الفقهاء والأصوليون للمسلمين فى أيام ابن رشد أن يكونوا فتم لهم ما أرادوا لأن الاحتكام إلى العقل يحرر المؤمنين من سلطة رجال الدين ومن هنا وقف رجال الدين من العقل موقف العداء الصريح وشككوا فى قدراته واعتبروه خطراً يهدد الإيمان، كما اعتبره الحكام خطراً على الدولة، لأن الاعتراف بمرجعية العقل اعتراف بمرجعية أصحابه، وبالتالى نفى للمبدأ الذى يقوم عليه الطغيان، وهو عجز الرعية وحاجتها الدائمة إلى راع أو أب أو مستبد عادل يفكر لها ويختار بالنيابة عنها ويفرض عليها ما يراه وما يختاره. وبهذا الحلف الذى انعقد بين أمراء الأندلس وفقهائه سقط منهج ابن رشد، واتهم صاحبه بالكفر والزندقة، وأحرقت كتبه فى قرطبة، ونفى ابن رشد إلى قرية من القرى التى كان يسكنها يهود الأندلس تعبيراً عن أنه لم يعد مسلماً ولم يعد يستحق أن يعيش مع المسلمين!
وبسقوط منهج ابن رشد سقط العقل العربى وفقد ثقته فى نفسه، واستسلم للنقل والتقليد والطغيان، ولم تمض على هذه المحنة التى دخلها ابن رشد إلا ثلاثة قرون انتهت بسقوط الأندلس كله من أقصاه إلى أقصاه ورحيل العرب والمسلمين والإسلام عنه، فى الوقت الذى كان فيه المثقفون الأوروبيون فى إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا يكتشفون ابن رشد، ويترجمون مؤلفاته إلى العبرية واللاتينية، ويتأثرون بها، ويتحررون من سلطة الكنيسة ويحتكمون للعقل فى فهمهم للإنجيل، ويستعيدون علاقتهم بالفلسفة والمنطق، ويخرجون بالتالى من عصور الظلام إلى عصر النهضة الذى انتقلوا منه إلى عصر الاستنارة الذى انتهى بهم إلى هذا العصر الحديث، عصر الديمقراطية والعلم وحقوق الإنسان.
هل نكون بهذا الذى عرفناه عن ابن رشد قد عرفنا مراد وهبة؟ نعم والدليل على هذا أن مراد وهبة هو الذى عرفنا من جديد على ابن رشد. كنا بالطبع نعرفه كما يعرفه العالم كله. لكننا كنا نقرأ عنه ونقرأ له بوصفه تاريخاً أو تراثاً نعتز به. حتى اكتشف لنا عدد من الباحثين فى مقدمتهم مراد وهبة أن ابن رشد ليس مجرد ماض، وإنما هو حاضر حى مستعد لخوض المعركة إلى جانبنا قادر على كسبها لو أفلحنا فى استعادته وأفسحنا له الطريق، لأن معركتنا استمرار لمعركته مع الأصوليين. وقد بادر مراد وهبة فكتب قبل خمسة وثلاثين عاماً بحثاً عن ابن رشد ألقاه فى المؤتمر الدولى الأول للفلسفة الإسلامية، وانتهى فيه إلى المفارقة المتمثلة فى أن ابن رشد الفيلسوف العربى ميت فى بلاده حى فى الغرب. وقد أصدر مراد وهبة هذا البحث فى كتاب بديع سماه «مفارقة ابن رشد». ثم واصل اكتشافه فى المؤتمر الذى اقترح عقده تحت عنوان «ابن رشد والتنوير»، وبعد ذلك فى المؤتمر الذى أقيم احتفالاً بالذكرى المئوية الثامنة لرحيل ابن رشد.
وابن رشد ومراد وهبة شقيقان. يتكلمان لغة واحدة، وينتميان لثقافة مشتركة وتاريخ مشترك. ومع أن مراد وهبة بينه وبين ابن رشد ثمانية قرون، فالواقع الذى عاشه الفيلسوف المصرى شبيه جداً بالواقع الذى عاشه الفيلسوف الأندلسى. علوم الأوائل التي درسها ابن رشد، وهى علوم اليونان، درسها مراد وهبة. وكما اشتغل ابن رشد بشرح أرسطو اشتغل مراد بشرح يرجسون وكانط. وكما تصدى ابن رشد لفقهاء المالكية تصدى مراد وهبة للأصوليين وجماعات الإسلام السياسى. وكما نفى ابن رشد وأحرقت كتبه فصل مراد وهبة من عمله فى الجامعة ومنع من التدريس عامين. وكما سخر ابن رشد من الغزالى ورد على «تهافت الفلاسفة» بـ«تهافت التهافت» سخر مراد وهبة من الأصوليين وسماهم ملاك الحقيقة المطلقة وكشف عن خلطهم بين الحقائق والقوانين الثابتة وبين الظواهر والحوادث المتغيرة. وهو الخلط الذى يفسد الحياة كلها لأنه يصادرها ويجمدها ويفرض عليها ألا تتغير وألا تتطور، فكل شىء فى زعم الأصوليين معروف سلفاً، وكل جديد عندهم بدعة، وكل بدعة ضلالة، وإذن فالقيد باق، والتخلف قدر، والتقدم مستحيل.
والحل؟
الحل هو التمييز بين المطلق والنسبى والفصل بينهما فصلاً يتحقق به الحوار بين الوسائل وبين المقاصد والغايات. وهذه هى العلمانية التى لا نستطيع بدونها أن نفكر فيما يتغير ويتطور، وأن نبحث عن القوانين التى تحكم المتغيرات، وأن نجرب ما نصل إليه من نتائج ونطبقها فيما نبتكره ونستخدمه من أدوات وآلات تتقدم بها حياتنا وترتقى فنخرج من الخرافة إلى العلم، ومن الطغيان إلى الديمقراطية، ومن ثقافة السمع والطاعة والإجماع المزيف إلى ثقافة الحرية وتبادل الرأى والاختلاف والحوار.
هل نكون بهذا الذى عرفناه عن مراد وهبة قد عرفنا أنفسنا؟


Tuesday, April 22, 2014

لمحات قبطية ودبلوماسية وإنسانية (٤) بقلم د. محمد أبوالغار ٢٢/ ٤/ ٢٠١٤

الأولى لمحة قبطية. أثناء حضورى حفل تكريم د. مجدى يعقوب فى نيويورك وبحضور كبير من المصريين الأمريكيين وفجأة سلم علىّ بحرارة شديدة شخص لا أعرفه وقبّلنى واحتضننى وقدم لى نفسه أنه طبيب مصرى ترك الوطن منذ عشرين عاماً وهو يشعر بمرارة شديدة بسبب ظروف طائفية غبية مرت به فى عمله فى مصر وأثرت عليه نفسياً بعد أن شعر أنه مواطن من الدرجة الثانية، وبعدها هاجر إلى أمريكا، وقرر قطع كل الصلة بالوطن الأم وتفرغ لعمله وعائلته وبعض الأصدقاء، وكان يرفض أن يقرأ أو يسمع أى شىء عن مصر. ومنذ ستة أشهر أعطاه أحد زملائه مقالة كنت قد نشرتها بـ«المصرى اليوم» وعنوانها «الأقباط وردة على جبين مصر» وقد حركت هذه المقالة الصغيرة مشاعره لدرجة أنه انخرط فى البكاء، وزار مصر لأول مرة ونسى كل الإساءات التى أصابته، والغريب أنه فى نفس اللحظة جاءنى طبيب أسنان مصرى فى نيويورك ليشكرنى أيضاً على هذه المقالة بعد كتابتها بشهور طويلة، ولم أكن أعلم أن بعض الكلمات يمكن أن تحرك المشاعر الطيبة فى الإنسان إلى هذه الدرجة، فشكراً لـ«المصرى اليوم».
اللمحة الثانية عن الدبلوماسية المصرية، ولم تربطنى بالدبلوماسية المصرية علاقات من أى نوع، وبالرغم من سفرى المتواصل عبر عشرات السنوات لحضور مؤتمرات طبية وبحثية وزيارات لمختلف بلاد العالم، وقد قابلت فى رحلتى الأخيرة ثلاثة سفراء كلهم متميزون وواسعو الثقافة ويعملون بكل جهد ممكن لرفع شأن مصر وهم السفير محمد توفيق فى واشنطن وأحمد فاروق فى نيويورك وإيهاب فوزى فى بروكسل، وقد أذهلتنى المهارات المبكرة التى ظهرت على شباب الدبلوماسيين المصريين، واقتنعت فعلاً بأن مدرسة الدبلوماسية المصرية راسخة وعظيمة، ولم يستطع مبارك أن يفسدها كما فعل مع باقى الوزارات. وأرجو أن تُترك هذه المدرسة فى حالها لتعمل بكوادرها المحترمة المدربة ولنبعد عنها تعيين ضباط أو سياسيين أو أساتذة جامعات فى وظائف قيادية؛ لأن هذا يعوق عملها وثبت فشله فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى.
اللمحة الثالثة خاصة بقدرة المصريين الهائلة على التكاتف وبذل الجهد من أجل أى شىء فيه جدية ويخدم مصر فعلاً، وهم يترددون فى المشاركة فى مشروعات لا يثقون بإدارتها، ولأن مشروع مجدى يعقوب مشروع حقيقى على الأرض يخدم الفقراء والغلابة وأهل الصعيد الجوانى فلم يحتج الأمر إلى دعاية أو نداء؛ حضر المصريون أفواجاً لحفل العشاء وتبرعوا بمبالغ كبيرة ومتوسطة وصغيرة، والكل ساهم، وحُوّلت المبالغ التى تم جمعها لشراء ما يحتاجه المستشفى.
تحية لكل الدبلوماسيين المصريين وتحية للمصريين فى أمريكا الذين ساهموا بمستشفى القلب للأطفال فى أسوان، وتحية أخرى لأقباط مصر الذين هم فعلاً وردة على جبين مصر.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

الأقباط وردة فى جبين مصر محمد أبو الغار بالمصرى اليوم الإثنين 02-07-2012



هناك قطاع كبير من الشعب المصرى ومن بينهم الأقباط كان عندهم هلع شديد من نجاح الإخوان فى انتخابات الرئاسة، وأنا أقول للجميع مسلمين وأقباطاً إننا فى مركب واحد وإذا غرقنا سنغرق معاً وإذا نجونا سننجو معاً. الأقباط هم أبناء الأرض الطيبة وملح التربة المصرية، هم أبناء الحضارة الفرعونية العظيمة التى أدى انهيارها إلى احتلال مصر بجيوش مختلفة كان أشدها بطشاً حكم الرومان، ثم جاء عمرو بن العاص بجيشه إلى مصر، وتغيرت لغة أهلها إلى العربية وتغير دين الأغلبية إلى الإسلام. وبالتدريج أصبح الأقباط أقلية وعانوا فى مراحل لاحقة من الاضطهاد العنيف فى العصر العثمانى وعصر المماليك، وكانت ثورة 1919 العظيمة وزعماء حزب الوفد القديم الوطنيون هم الذين أفسحوا المجال للمساواة بين المصريين جميعاً فى الحقوق والواجبات، وتاريخ مكرم عبيد ثم إبراهيم فرج كثانى شخصية فى الحزب يؤكد الطفرة التى قام بها الوفد. وكانت الفترة الليبرالية 1923/1952 هى أكثر الفترات ازدهاراً فى تحقيق المساواة والتجانس.
وجاءت الفترة الناصرية 1954/1970 لتؤكد مدنية الدولة والمساواة، لكنها أغفلت إشراكاً حقيقياً ومؤثراً للأقباط فى الحياة السياسية، وتأثر الأقباط بالقوانين الاشتراكية والتأميم، لأن نسبة المشتغلين منهم فى التجارة والصناعة كانت كبيرة، وبالرغم من كل ذلك كانت المواطنة شعاراً حقيقياً فى مصر. وعندما جاء السادات 1970/1981 تغير وجه مصر حين أطلق الرئيس الجماعات الإسلامية المختلفة لمحاربة التيارات اليسارية القوية آنذاك، وصاحب ذلك ذهاب ملايين المصريين إلى الخليج وعادوا بأفكار مختلفة أهمها تحولهم من الإسلام المصرى الوسطى المتسامح والراقى الذى استمد أفكاره وتفاسيره من حضارة وادى النيل إلى الإسلام الوهابى الصحراوى القاسى، وأدى ذلك عبر عقدين من الزمان إلى تغيير ملابس المصريين وطريقة تفكيرهم وصاحب ذلك تغيير فى طريقة معاملة الأقباط، وبالتدريج اختفى التسامح والحب، الذى كان يجمع كل المصريين رغم اختلاف دينهم، وبدأ تمييز واضح وصريح ضد الأقباط، وانتهى باعتداءات على الكنائس، ووصل إلى ذروته حين سيطرت الجماعة الإسلامية على بعض المناطق فى الصعيد وفرضت الجزية على أغنياء الأقباط إلى أن أعادت الدولة السيطرة، عليها بعد معارك كبيرة.
خلال هذه الفترة من حكم مبارك الديكتاتورى استمر عدم المساواة فى تولى الوظائف العامة، وزاد انقسام الشارع بين مسلمين وأقباط، واستمر الاعتداء على الكنائس، وشهدت مصر موجات كبيرة من الهجرة إلى أمريكا وأستراليا، وكانت الغالبية العظمى منها من الأقباط، وكان الدافع هو البحث عن مستقبل اقتصادى أفضل، والبحث عن الأمان لأجيال جديدة، وتسبب ذلك القهر فى احتماء الأقباط بالكنائس التى أصبحت هى الراعية للجانب الدينى والروحى وأيضاً الجانب السياسى، وساعد على ذلك وجود البابا شنودة الذى كانت له كاريزما كبيرة وتاريخ ارتبط فيه بالشعب والوطن قبل الرهبنة عن طريق عمله كصحفى وتأديته الخدمة العسكرية كضابط احتياط، وظهر ثنائى الدولة ممثلين فى القصر الرئاسى وأمن الدولة من ناحية والبابا شنودة والكنيسة من ناحية أخرى، وأصبحت مشاكل الأقباط حتى الصغيرة والبسيطة فى أصغر قرية فى الصعيد تحل عن طريق العلاقة بين القسيس ومأمور المركز.
وقبل الثورة بدأت إرهاصات اشتراك بعض شباب الأقباط إيجابياً فى الحركات الاجتماعية ضد النظام الديكتاتورى، وأثناء الثورة شارك الأقباط بقوة كبيرة، وأسماء شهداء الثورة شاهدة على ذلك، وبدأ التغيير الإيجابى الكبير فى الشخصية القبطية التى بدأت تمارس العمل السياسى بعيداً عن الكنيسة، وأدى ذلك إلى مشاركة واسعة من الأقباط فى الأحزاب السياسية، التى خرجت من رحم الثورة، وأصبح لهم دور قيادى كبير فيها ذكرنا بأيام الوفد فى عهد النحاس باشا، وكذلك إنشاء جماعات شبابية سياسية مثل شباب ماسبيرو، وهى مجموعة شديدة الوطنية والحب لمصر، ثم ظهور أهمية الصوت القبطى فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية والنقابية بعد ابتعاد كامل عن المشاركة السياسية لعقود طويلة، وبعد أن أصبحت الأغلبية فى البرلمان للإسلاميين، وفوز الإخوان بمنصب الرئيس أصاب ذلك قطاعاً من المصريين بالخوف الشديد، وكان الخوف القبطى كبيراً وقد شاهدته بنفسى فى عيون مجموعة كبيرة من صديقات ابنتى د. منى من الأقباط، ورأيتها هى وصديقاتها فى حالة حزن وفزع حقيقى، لأن تاريخ الإسلام السياسى فى الاضطهاد والتمييز ضد الأقباط والتدخل فى الحريات الشخصية ومصادرة الفن والأدب معروف، وبدأ الكثيرون منهم يفكرون فى الهجرة، وأنا أريد أن أقول لهم إن مصر ملك للأقباط كما هى ملك للمسلمين. أصدقائى الأقباط لا تخافوا نحن جميعاً فى «الهوا سوا». إرهاصات اتحاد القوى الوطنية فى تيار مدنى كبير بدأت باجتماعات صغيرة وانتقلت إلى فندقين فى أسبوع واحد، ويلزمها التنسيق وتحَمُل بعضنا البعض، فإن اتحاد واتفاق القوى المدنية أصعب بكثير من وحدة القوى الشمولية، سواء كانت إسلامية أو ماركسية. إن المصريين بطبعهم وسطيون وإن عدم مشاركة الشعب المصرى كله فى العمل السياسى المنظم ترك الساحة فارغة للإسلام السياسى.
يا أقباط مصر أنتم مكون أساسى أصيل ومهم من هذا الوطن وفى تاريخه، وأنا أجلكم وأحترمكم وسوف تبقون معنا وسوف نبقى معكم فى هذا الوطن، ندافع عن ترابه وعن تاريخه، الشعب هو الوحيد القادر على الحفاظ على مصر الوسطية ومستقبلها. إن لكم فى قلوبنا مكانة كبيرة وحباً وتقديراً، فأنتم جزء منا ونحن جزء منكم، فلا تخافوا وحاربوا معنا فى سبيل بلدنا وبلد أجدادنا.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, April 21, 2014

طريقنا الى الأخلاق الحميدة لعلاء الأسوانى 22/4/2014

اذا كنت والدا لابنة شابة فلاشك أنك تخاف عليها وتراودك هواجس عن احتمال تورطها سرا في علاقة مع شاب يخدعها وقد تتخيله وهو يحتضنها ويقبلها وربما يفعل معها ما هو أسوأ .ماذا تفعل لحماية ابنتك .؟!. هناك طريقتان . الطريقة الأولى أن تراقب ابنتك باحكام فلا تترك شاردة أو واردة عنها الا وتعرفها. أن تفتح تليفونها المحمول وهي نائمة وتقرأ رسائلها ، أن توصى السائق و الخادمة لكى يخبراك أولا بأول بما تفعله وألا تسمح لها بالخروج الا بصحبة أخيها أو أمها حتى تضمن أنها لن تتورط في أى فعل مشين . هكذا تطمئن على ابنتك لكنها طمأنينة خادعة فسيكون بامكانها دائما اذا أرادت أن تفلت من رقابتك وتفعل ما يحلو لها . هناك طريقة أخرى وهي أن تحسن تربية ابنتك وتعمل على تنمية ضميرها ثم تمنحها الثقة بحيث لا تخاف من بطشك وانما من فقدانها لثقتك . بعد ذلك اترك ابنتك تختلط بالمجتمع واعلم أنها ستكون محصنة ضد الغواية لأن تمسكها بالفضيلة ينبع من داخلها وليس مفروضا عليها من الخارج .. علاقة الحاكم بالشعب تشبه علاقتك بابنتك . الرئيس الديمقراطي يعتبر مواطنيه قادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة وهو يحترم ارادتهم و لا يفرض عليهم شيئا أما الديكتاتور فهو لا يثق أبدا في قدرة مواطنيه على التمييز مهما تكن درجة تعليمهم أوخبرتهم في الحياة وبالتالي يمارس عليهم الوصاية لأنه يؤمن أنه يعرف ماذا يفيدهم وماذا يضرهم أكثر منهم. منذ أيام فوجيء المصريون برئيس الوزراء ابراهيم محلب يصدر قرارا غريبا بمنع فيلم "حلاوة روح " بطولة هيفاء وهبي وسحبه من دور العرض برغم أن الفيلم أجازته الرقابة . القضية هنا ليست في قيمة الفيلم الفنية . القضية أن يتدخل رئيس الوزراء مهما تكن الأسباب لكى يمنع فيلما من العرض . ابراهيم محلب مهندس مشهود له بالكفاءة لكنه سياسيا تخرج في مدرسة مبارك فقد كان عضوا معينا في مجلس الشوري وعضوا في لجنة السياسات التى أنشئت بهدف توريث الحكم من مبارك لابنه جمال .لايخفى محلب انتماءه لدولة مبارك حتى انه ذهب ليهنىء البابا تواضروس بعيد القيامة المجيد فاصطحب معه اثنين من رموز الحزب الوطنى هما على المصيلحي وزير التضامن وحمدي زقزوق وزير الأوقاف في عهد مبارك . قرار محلب بمنع فيلم " حلاوة روح "يتشابه مع قرارات مبارك فيما يلي : . . أولا : العشوائية : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قرر السيد محلب منع الفيلم مع انه لم يشاهده أساسا لكنه استجاب لشكوى من مسئولة عن جمعية لرعاية الطفولة طالبت بمنع الفيلم لأن بطله طفل يتلصص في مشهد على امرأة عارية . وكأن منع الفيلم سيوفر المأوى والحياة الكريمة للملايين من أطفال الشوارع .ليس من حق رئيس الوزراء أن يمنع أى فيلم ولا يجيزه ولا حتى يقيمه فنيا فهو ليس ناقدا سينمائيا ولا مخرجا ولا كاتبا .. هذا القرار العشوائي لمحلب يذكرنا بقرار عشوائي شهير اتخذه مبارك ذات يوم عندما أمر بقتل كل الخنازير في مصر اعتقادا منه أنه بذلك سيقضى على انفلونزا الخنازير مع ان هذا المرض لاعلاقة له بالخنازير كما ان مبارك ليس متخصصا في أمراض الفيروسات ولا طبيبا بيطريا لكى يقترح علاجا لانفلونزا الخنازير لكنه ــ مثل محلب الآن ـــ يعتبر من حقه ان يصدر قرارات نهائية في أى مجال ويفرضها على المتخصصين مهما تكن خاطئة . وقد أدى قرار مبارك الى مهزلة حيث تبارى المسئولون المنافقون في قتل أكبر عدد من الخنازير حتى أن أحد المحافظين أراد أن يؤكد ولاءه لمبارك فقام بالقاء عشرات الخنازير المسكينة فى حفرة ملأها بالجير الحي .قرار محلب تسبب في مهزلة مماثلة فسرعان ما تقدم مواطنون عديدون بطلبات للسيد محلب لكى يمنع مسلسلا تليفزيونيا وفيلما من العرض مع أن العملين حاصلان على موافقة الرقابة ويبدو أنه من الآن فصاعدا سيتحتم على أى روائي أو سينمائي أن يطلب مقابلة رئيس الوزراء حتى يعرض عليه روايته أو فيلمه خوفا من أن يصادرهما في أى لحظة .. ثانيا : الوصاية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال السيد محلب: لقد أوقفت الفيلم بدافع الضمير والوطنية .. المعنى هنا أن السيد محلب أكثر وطنية وضميرا من صناع الفيلم وكل العاملين في جهاز الرقابة الذين أجازوا عرضه . واذا كان السيد محلب حريصا الى هذه الدرجة على الأخلاق الحميدة فلماذا لايتدخل ليمنع الاعتقالات العشوائية والتعذيب الذى وثقته تقارير عديدة .؟! لماذا لايتدخل ليمنع وصلات الشتائم واتهامات العمالة في وسائل الاعلام الرسمية لكل من يعارض السلطة الحالية ..؟ لماذا لايمنع البرامج التى تذيع مكالمات شخصية للمعارضين بغرض التشهير بهم بواسطة أجهزة الأمن ..؟ ماذا فعل السيد محلب من أجل القضاء على وباء التحرش الجنسي الذى يشكل اهانة للمرأة المصرية أكثر بكثير من فيلم حلاوة روح ..؟! . هل سيؤدى منع هذا الفيلم الى منع التحرش والاسفاف الاعلامي والتعذيب ..؟ اذا لم نعترض على منع فيلم حلاوة روح ــ بغض النظر عن رأينا فيه ـــ فسيكون من حق محلب في المستقبل أن يصادر أى كتاب أو يوقف عرض أى فيلم أو مسرحية وسيبرر دائما قرارات المنع بالمحافظة على الأخلاق الحميدة للمصريين بدافع الضمير والوطنية . ثالثا : الهاء الرأى العام ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 60 في المائة في المصريين يعيشون بدون صرف صحي وثلث سكان القاهرة يعيشون في عشوائيات كما أن أكثر من نصف سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر اذ ينفق كل واحد فيهم على أسرته أقل من 10 جنيهات يوميا أى أن أربعين مليون مصري على الأقل يعيشون في فقر مدقع وظروف غير آدمية .. ماذا فعل السيد محلب من أجل هؤلاء ..؟! أضف الى ذلك الحرب الشرسة التى تخوضها الدولة المصرية ضد جماعات الارهاب حيث يسقط يوميا شهداء من الجيش والشرطة كنت أظن أن رئيس الوزراء سينشغل بهم أكثر من انشغاله بفيلم هيفاء . الاقتصاد في حالة سيئة والسياحة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة وهناك أزمة طاحنة في الكهرباء بسبب قرار مبارك بتصدير الغاز لاسرئيل ارضاء لها لكى تدعم مشروع التوريث . بدلا من ان يحاول السيد محلب ايجاد حلولا لهذه المشكلات الكبرى فانه يصطنع فيما يبدو موضوعا لالهاء الرأى العام فيقرر منع فيلم حلاوة روح لينقسم الناس الى مؤيدين لهيفاء ومعترضين عليها فيستغرقون في هذا الجدل العقيم وينسون البؤس الذين يعيشون فيه . هذه أيضا طريقة مباركية بامتياز ولعلنا نذكر كيف كانت دولة مبارك ، بغرض الهاء الرأى العام ، تحشد الجماهير قبل مباريات كرة القدم مع الفرق الأجنبية فتردد وسائل الاعلام الأغانى الوطنية والكلمات الحماسية عن حب مصر حتى يبدو الأمر وكأننا مقبلون على حرب وليس مجرد مباراة رياضية السؤال هنا : هل يعتقد رئيس الوزراء حقا أنه بهذا القرار قد منع الناس من مشاهدة الفيلم ..؟!. لو أنه دخل الى الانترنت سيكتشف أن الفيلم يشاهده الآن مئات الألوف بينما هو لم يحقق في دور العرض نجاحا كبيرا . بعد ثورة الاتصالات لم يعد ممكنا منع أى فيلم من العرض كما أن الرقابة على السينما أساسا ليست الا جهازا استبداديا يتظاهر بالمحافظة على الأخلاق والدين بينما هدفه الحقيقي منع المبدعين من نقد النظام حتى يستقر الحكم للديكتاتور . الرقابة على السينما فكرة فاشية تعتبر أن الرقيب ، كالأب مع أطفاله الصغار ، يعرف مايناسب المواطنين من أفلام أكثر منهم . أعضاء الرقابة موظفون عاديون يتم تدريبهم على حذف الممنوعات من الفيلم ( وأخطرها بالطبع النقد السياسي ) وهم ليسوا غالبا مؤهلين لتقييم الأفلام فنيا ., في الدول الديمقراطية لاوجود للرقابة على السينما ، هنا سيحتج كثيرون ويطرحون السوال الخالد : ماذا نفعل في الافلام الاباحية وكيف نحمى المراهقين من اثارة الغرائز .؟!. فلنذكر هؤلاء اننا نعيش في عصر الانترنت خيث يمكن لأى مراهق أن يشاهد مجانا كل أفلام البورنو التى يفضلها على الكمبيوتر وثانيا أرجو أن نحذو حذو الدول المتحضرة التى تنشيء ما يسمى بمجلس الفنون وهو يضم في عضويته مجموعة من كبار الفنانين والمثقفين . هؤلاء يقرأون مشروعات الأفلام والمسرحيات ويقيمونها من الناحية الفنية فيرفضونها أو يجيزونها للعرض العام أو للكبار فقط وبالتالي يحمون الذوق العام من الأعمال الهابطة ويحمون النشء من مشاهدة موضوعات لا تناسب سنهم . بعد اجازة الفيلم لا يحق لأحد منعه حتى لو كان رئيس الجمهورية ويظل من حق أى مواطن اذا رأى في الفيلم ما يخالف القانون أن يلجأ الى القضاء من أجل ايقاف عرض الفيلم بحكم المحكمة . ان تطبيق نظام مجلس الفنون يعهد بتقييم الأفلام الى المتخصصين ويحمى حرية التعبير ويخلص المجتمع مرة واحدة الى الأبد من الافلام الهابطة . لماذا لا نطبق هذا النظام في مصر ..؟! لأنه سيحرر السينما تماما من أية قيود سياسية ويفتح باب نقد الرئيس على مصراعيه وهذا بالضبط ما لا تريده السلطة المستبدة التى تريد ابقاء الرقابة في أيدي موظفين يسيطر عليهم وزير الثقافة الذى هو مرؤوس مطيع لرئيس الوزراء سيؤيده بحماس في أى قرار يتخذه . في الدول الديمقراطية ليس هناك رأى واحد ولا ذوق واحد . هناك ما يسمى بثقافة الريموت كنترول وهي تفترض أن أذواق الناس متباينة فالفيلم الذى لا يعجبك قطعا سوف يعجب آخرون من حقهم أن يشاهدوه .تستطيع ببساطة أن تستعمل الريموت حتى تحجب الفيلم الذى لايعجبك وتبحث عن فيلم يعجبك . هكذا يحدث في الدول التى تحترم مواطنيها وتعاملهم كأشخاص بالغين كاملي الأهلية وليس باعتبارهم أطفالا يحتاجون الى رقابة الأب الصارمة. اذا أراد السيد محلب المحافظة على الأخلاق الحميدة فليمنع التعذيب والاعتقال وليفرض ضرائب تصاعدية على الأثرياء ويربط الحد الأدني بالأجور في الدولة بالحد الأقصى وليستغن عن مستشاري الوزراء الذين يقبضون الملايين وليلغ الصناديق الخاصة ويضم المليارات التى فيها الى خزينة الدولة وليرفع الدعم عن المصانع التى تبيع منتجاتها بالسعر العالمي بينما تحصل على الكهرباء والغاز والمياه بأسعار مدعومة من أموال الشعب . عندئذ ستتوفر للدولة موارد تغنيها عن الاستدانة وتكفل حياة آدمية لملايين الفقراء . هكذا يجب أن يحافظ رئيس الوزراء على أخلاق المصريين بدلا من أن 
يشغل نفسه بمنع هيفاء وهبي من الظهور على الشاشة .

الديمقراطية هي الحل


حين يتعلم الجميع من قطر ياسر أيوب

ربما بعد سنين كثيرة سيفتح الجميع كتاب التاريخ ليقرأوا درسا ينبغى عليهم تعلمه من إمارة قطر وفكرها وسلوكها واختياراتها فى العشرين سنة الأولى من القرن الحادى والعشرين.. يضم هذا الدرس ثلاث حكايات وثلاثة أخطاء من الضرورى أن يعرفها ويستوعبها كل أحد وأى دولة لا تود تكرار تلك الأخطاء.. الخطأ الأول كان حين أرادت قطر الرياضية كل شىء بمنتهى الحماقة والغباء.. إذ بعد أن فاجأت قطر العالم كله ونالت حق استضافة مونديال الكرة عام 2022 وسط كثير من الشكوك والظنون والاتهامات والاستغراب.. كانت الحكمة تقتضى أن تقنع قطر بالمونديال وتلتزم الصمت والحذر.. إلا أنها أرادت مقعد رئاسة الفيفا لمحمد بن همام بدلا من بلاتر، الذى كان أشد الداعمين لقطر.. فانقلب بلاتر على قطر وتمت الإطاحة ببن همام مطرودا من أسرة كرة القدم العالمية بأسرها، وتبدأ التحقيقات فى فساده وفساد قطر والمونديال أيضا.. ومرة أخرى لم تستوعب قطر الدرس فأرادت تنظيم الدورة الأوليمبية 2020.. ورفض العالم كله هذا الجشع وتلك السذاجة أيضا ومطامع إمارة صغيرة تخيلت أنه باستطاعتها شراء كل شىء بالمال..
بل وبات حق قطر فى مونديال 2022 مهددا بالضياع، حيث بدأت تتكشف وقائع فساد تتزايد وتكبر يوما وراء يوم.. كان آخرها الإعلان، أمس الأول، عن رشوة قطرية لرئيس اتحاد الكرة البرازيلى السابق ريكاردو تكسيرا وعضو اللجنة التنفيذية للفيفا.. مليونا جنيه إسترلينى حصل عليهما تكسيرا ليمنح صوته لقطر، والذى قام بالتسليم كان ساندرو روسيل، رئيس برشلونة الذى استقال مؤخرا متهما بالفساد، مقابل أن تقوم الخطوط الجوية القطرية برعاية برشلونة بمبلغ خرافى وغير واقعى.. وتم إيداع الرشوة فى حساب بنكى باسم ابنة تكسيرا التى لم تتم بعد العاشرة من عمرها.. الخطأ الثانى لقطر فى كتاب التاريخ سيكون التناقض الفادح والفاضح.. فقطر عبر إعلام أوروبى ومحامين أجانب بدأت تضغط على أوروبا، تريد منها مقاطعة مصر لأنها لا تحترم حقوق الإنسان.. وبات رجال قطر يصرخون طول الوقت يطالبون مصر باحترام المنظمات العالمية لحقوق الإنسان والعفو الدولية..
وحين بدأت تلك المنظمات نفسها تصرخ فى وجه قطر بشأن العمال الآسيويين الغلابة الذين ماتوا بالمئات فى الدوحة لبناء الملاعب.. وبعد أن علا صوت تلك المنظمات بأن قطر دولة لا تحترم أى حقوق لأى إنسان وستغدو جريمة كبرى أن يكافئها الفيفا بتنظيم المونديال.. ناقضت قطر نفسها وبدأت تشكك فى تلك المنظمات العالمية وتدعو لعدم الإصغاء لتقاريرها، فى نفس الوقت الذى تطالب فيه العالم باحترام صوت نفس تلك المؤسسات حين تتحدث عن مصر، بل وتؤكد قطر فى نفس الوقت أن تلك المؤسسات لا مصالح خاصة لها إلا الإنسان وحريته وحقوقه.. ويبقى الخطأ الثالث الذى سيذكره كتاب التاريخ فى درس قطر هو قناة الجزيرة نفسها.. درس يتلخص فى كيف تفسد أهم سلاح كنت تملكه فى لحظة طيش وجنون.. فتلك القناة كانت السلاح الأهم والأغلى لقطر بعد الثروة.. إلا أنها أضاعته وأساءت استخدامه فى معارك جانبية صغيرة ولن تجده حين ستحتاج إليه فيما هو أهم وأجدى.


فلسفة ضد الحضارة بقلم د. مراد وهبة ٢١/ ٤/ ٢٠١٤

ورد إلى ذهنى عنوان هذا المقال وأنا أقرأ خبراً نشرته صحيفة «تمايز» اللندنية فى أول إبريل من هذا العام مفاده أن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أصدر قراراً بإجراء تحقيق حول «فلسفة» جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها فى بريطانيا من أجل تحديد سياسة الحكومة.
والسؤال إذن: ما هى فلسفة جماعة الإخوان المسلمين؟
وأجيب بسؤال: ماذا كانت رؤية مؤسسها حسن البنا عندما أنشأها فى عام ١٩٢٨، وماذا كان مسارها بعد ذلك؟
كانت رؤية البنا كوكبية بمعنى أن تكون الجماعة حاكمة لكوكب الأرض، ومن ثم أنشأ، «قسماً» للاتصال بالعالم الإسلامى. وإثر مطاردة الرئيس عبدالناصر لها فى الستينيات من القرن الماضى هرب أعضاؤها إلى دول الخليج وفى مقدمتها السعودية وإلى دول أوروبا وفى مقدمتها ألمانيا وبريطانيا. ومع التطور تبنت سياسة الإخوان إثارة الرعب مع قتل الأبرياء من مواطنى هذه الدول. ومن هنا قيل عن الجماعة إنها إرهابية. وإذا كان الارهاب– بحسب تعريفى- نتوءًا حضارياً يأخذ فى الاتساع حتى يصبح قادراً على تدمير الحضارة، وإذا كان ذلك كذلك فيلزم أن يثار السؤال الآتى: ما هى هذه الحضارة التى يريد الإخوان تدميرها؟ إنها الحضارة الحديثة على حد تعبير سيد قطب فى كتابه المعنون «الإسلام ومشكلات الحضارة»، إذ ورد فيه أن الحضارة الحديثة حضارة مريضة لأنها مصابة بمرض عقلى اسمه «الفُصام النكد» الذى من شأنه أن يفصل بين الحياة والدين، ومن ثم تنفصل حياة البشر عن الله. وفى رأى سيد قطب أنه لا سبيل من إنقاذ الحضارة سوى «حاكمية الإسلام» أو حاكمية الله أو الخلافة الإسلامية. ثم تأتى الشريعة بعد الحاكمية أو الخلافة وليس بعدها لأن التشريع إسلاميا لمجتمع يفتقد الحاكمية هو أمر ممتنع. وقد كانت هذه الحاكمية واردة فى زمن الخلافة الإسلامية. ومن هنا العلاقة العضوية بين الحاكمية والخلافة الإسلامية. وقد فطن إلى هذه العلاقة العضوية الفقيه الدستورى عبد الرازق السنهورى. فقد كان عنوان رسالته التى نال بها الدكتوراه من جامعة باريس «الخلافة الإسلامية وتطورها لتصبح عصبة أمم شرقية» (١٩٢٥).
واللافت للانتباه أن صدام السنهورى مع الرئيس عبدالناصر فى مارس ١٩٥٤ كان مواكباً لصدام عبدالناصر مع الإخوان. ولذلك فإن الزعم بأن صدام السنهورى كان بسبب انحيازه للديمقراطية فى مواجهة ديكتاتورية عبدالناصر هو زعم باطل لأن السنهورى فى بداية ثورة ٥٢ كان مشجعاً لفكرة إلغاء الأحزاب، وكان متحمساً لتولى العسكريين رئاسة الحكومة. وأظن أن رأيى هذا مساير للفكرة المتأصلة عند السنهورى وهى إقامة الخلافة الإسلامية التى كان يروج لها الإخوان المسلمون كذلك.
والسؤال بعد ذلك: كيف يمكن تأسيس الحاكمية أو الخلافة؟
استعان سيد قطب فى الجواب عن هذا السؤال بكتاب صدر لوزير خارجية أمريكا جون فوستر دالاس فى عام ١٩٥٠ تحت عنوان « حرب أم سلام». فكرته المحورية أنه ليس فى إمكاننا هزيمة الشيوعية ما لم يكن لدينا إيمان روحى يسهم فى إحباط الخطط التى تعدها الشيوعية السوفييتية الملحدة.
ويرى سيد قطب أن هذه الفكرة ليس فى الإمكان تطبيقها بسبب الفصام النكد الذى هو تعبير عن كراهية الدين. هذا بالسلب أما بالإيجاب فليس لدينا سوى الحاكمية التى تشفينا من ذلك الفصام.
والسؤال بعد ذلك: كيف نحقق الحاكمية على كوكب الأرض؟
جواب سيد قطب محصور فى الجهاد بالسيف، أى بالإرهاب. وهذا الجواب هو خلاصة فلسفة الإخوان على نحو ما أرى.