Translate

Tuesday, November 25, 2014

المصريون أعظم النحاتين بقلم د. محمد أبوالغار ٢٥/ ١١/ ٢٠١٤

افتتح الأسبوع الماضى معرض الفن التشكيلى للفائزين بجوائز صالون الشباب فى مسابقة وزارة الثقافة فى السنوات الماضية، وذلك فى قصر الفنون داخل مجمع الأوبرا. وكانت الظاهرة اللافتة للنظر هى النبوغ الواضح فى فن النحت لمجموعة كبيرة من شباب العارضين. والحقيقة أن فن النحت هو فن مصرى أصيل موجود فى الجينات المصرية، وتشهد على ذلك التماثيل الرائعة المنحوتة فى أكثر الأحجار صلابة، وهى موجودة فى المعابد المصرية وفى جميع متاحف العالم.
وقد توقف فن النحت المصرى لقرون طويلة، لكننى أعتقد أن أصابع المصريين فى هذه الحقبة استمرت تلعب فى الطين والصلصال وتشكل نماذج نحتية رائعة لم يكتب لها البقاء بسبب مقولة أن التماثيل أصنام وهى محرمة فى الدين الإسلامى، وهو أمر نفاه الشيخ محمد عبده بوضوح، والأهم من ذلك هو تشغيل العقل والمنطق. هل هذا الفن الجميل الذى نراه فى الشوارع والمتاحف والبيوت، وهو نتاج فنانين عظام، الغرض منه أن نعبدها، أم أنها فن يبهر الإنسان وينمى الحس الجمالى للمتذوق؟
مازال العالم يذكر تماثيل بوذا الكبيرة فى أفغانستان، والتى تم تفجيرها بواسطة الجماعات الإرهابية. هذه الجماعات لا يمكن أن تتذوق الفن والجمال لأن فكرها مغلق وتعتبر أن الفن بجميع أنواعه ضد الدين، خاصة فن النحت الذى تكن له هذه الجماعات كراهية خاصة.
منذ بداية القرن العشرين ظهر مجدداً نبوغ الفنانين المصريين فى هذا الفن الرائع، وكانت أعمال محمود مختار، الموجودة فى الميادين وفى متحف مختار، عنوانا على براعة النحات المصرى الذى يحمل فى داخله موروثاً هائلاً من هذا الفن. ومن يقرأ تاريخ تمثال نهضة مصر يَرَ كيف تبرع بسطاء المصريين بالقروش ليتم هذا العمل العظيم الذى استغرق سنوات، ثم كان رفع الستار عن التمثال عيدا لكل المصريين. وتلى مختار مجموعة رائعة من المثالين المصريين، منهم محمود موسى والسجينى وصلاح عبدالكريم وعبدالبديع وآدم حنين والوشاحى وصبحى جرجس وفنان الواحات التلقائى مبروك.
منذ فترة كان الإقبال على قسم النحت فى كلية الفنون الجميلة محدوداً، ولكن الموقف اختلف فى السنوات الأخيرة بالرغم من أن هذا الفن صعب ويحتاج لتدريب وموهبة، خاصة فى الأحجار شديدة الصلابة.
لا أعتقد أن هناك شعباً فى العالم كله يفوق المصريين فى حبهم للنحت، فى القرى المصرية بجوار كل ترعة سوف تجد الأطفال يحولون الطين إلى تماثيل جميلة. هذا الفن الموروث منذ آلاف السنين مازال موجوداً بقوة فى الجينات المصرية، ولم تفلح كل محاولات الإسلام السياسى فى إبعاد المصريين عن حبهم لهذا الفن الرائع.
أرجو أن أرى أعمال النحاتين المصريين فى كل الميادين وكل مبانى الدولة، وأود أن أراها فى الريف وفى كل مكان ليتعود عليها المصريون.
تحية إلى جيل الوسط، وإلى مجموعة شباب النحاتين ومعرضهم الرائع فى مجمع الفنون.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

Saturday, November 22, 2014

لقائى الثانى مع السيد الرئيس بقلم د. وسيم السيسى ٢٢/ ١١/ ٢٠١٤

وصلتنى دعوة كريمة من السيد الرئيس، امتلأ قلبى بها فرحاً وسروراً، قابلته.. كانت المرة الأولى فى احتفال رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلى منصور، احتفالاً بانتهاء لجنة الخمسين من وضع الدستور، وهذه هى المرة الثانية!!
قابلنى بابتسامته الوادعة التى تأسر القلوب.. قلت له: أعتذر عما يصلك من أناس مثل د. سعدالدين إبراهيم أو خالد أبوالنجا!
ابتسم الرئيس وقال: ذهب رجل لسقراط وقال له: والله يا سقراط لو كلمتنى واحدة، لشتمتك عشرة! رد عليه سقرط وقال: والله يا رجل لو شتمتنى عشرة ما رددت عليك واحدة!
قلت له: أذكر شعراً لأحد الشعراء يقول:
يخاطبنى السفيه بكل قبح
وأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة وأزيد حلماً
كعود زاده الإحراق طيباً «عود الطيب»
قال السيد الرئيس: لا أحب الألفاظ المؤلمة مثل سفيه.. وسفاهة.. أنا أبتعد عن هذه الألفاظ، ذلك لأن الحضارة هى Civilization جاءت من كلمة Civility وهذه الكلمة معناها الأدب ورقة التعامل مع الإنسان الآخر!
قلت: يا سيادة الرئيس.. لقد أهديت كتابى الأخير «هذه هى مصر» لقواتنا المسلحة وقلت: إلى من أنقذ بلادى من ثقب أسود فلكى رهيب يلتهم الكواكب والمجرات، إلى من تصدى لمحور الشر: الصهيونية العالمية وعصاباتها الخمس المعروفة لكل إنسان.. إلى من أعطى مصر حياة بعد موت، نوراً بعد ظلام، أملاً بعد يأس.. إلى جيش بلادى.. القوات المسلحة. انتهت المقدمة عند هذه الكلمات، وسؤالى هو: كيف يعمى البعض عن رؤية الكارثة العراقية السورية الليبية التى كانت ستحيق بنا؟!
قال السيد الرئيس: «هناك مثل فرنسى يقول من عرف كل شىء غفر كل شىء! وهذا صحيح إلا فى الإضرار بالوطن أو المواطن».
قلت: نغفر للمغيبين ولا نغفر للممولين.
قال السيد الرئيس: المغيبون لا يعرفون ما قاله بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل: قال: قوة إسرائيل ليست فى سلاحها النووى بل فى تفتيت ثلاث دول حولها.. العراق.. سوريا.. مصر! ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الآخر!
قلت: والممولون مرتزقة بل أسوأ منهم لأنهم يدمرون أوطانهم.. إنهم، باسبورت مصرى ودماء خائنة.. يجب نزع الجنسية المصرية عنهم. لو كانوا فى عصر محمد على باشا أو جمال عبدالناصر لكان الإعدام فوراً!
قال السيد الرئيس: السياسة مثل جبل الجليد Iceberg الناس ترى قمته فقط والتى هى فوق سطح المحيط، أما جبل الجليد الكامن فى الأعماق فالناس لا تراه! هذه الأعماق بها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وإسرائيل وقطر، وتركيا، عليك أن تحسب بالرادار.. الخفى فى الأعماق، وإلا تتكرر كارثة تيتانيك التى حدثت ١٩١١م!
قلت: هذا صحيح يا سيادة الرئيس، فعندما سأل سقراط تلميذه: ما الشجاعة؟ قال التلميذ: هى الإقدام! سأله سقراط: هل هى ربح أم خسارة؟! قال التلميذ: هى دائماً ربح.
سأله سقراط: إذا كان فى التراجع ربح.. تتقدم أم تتراجع؟!
قال التلميذ: حيرتنى يا سقراط! لا أعرف! قل لى أنت ما هى الشجاعة!
قال سقراط: هى التصرف السليم بغض النظر عما إذا كان هذا التصرف إقداماً أم رجوعاً، على شرط أن تكون المحصلة ربحاً!
سألنى السيد الرئيس: ما فلسفتك فى الحياة؟
قلت: الإنسان فى قمة السعادة حين لا يشتهى شيئاً أو يخاف شيئاً!
سألنى: كيف ترانى؟ قلت: اسمك نداء النجدة للمكروبين، وقلبك مرفأ الراحة للمتعبين!
استيقظت على لحن لعبدالوهاب.. «الحبيب المجهول».. كلماته تقول: هل يا ترى الأيام.. هتحقق الأحلام، أم هى أوهام انخفضت فى منام؟! تحية للحبيب المعلوم ورجاله الأشداء.. من كل إنسان يحب هذا الوطن.

Friday, November 21, 2014

الكاتب الكبير وحيد حامد يتحدث لـ«المصري اليوم»: إذا كانت التركة ثقيلة على السيسى فليتركها أجرت الحوار رانيـا بـدوى ٢١/ ١١/ ٢٠١٤

 











كعادته دوما، التى يهوى خلالها الدخول إلى منطقة الألغام، قال الكاتب الكبير وحيد حامد إنه إذا كانت التركة ثقيلة على الرئيس السيسى فليترك الرئاسة ويرحل، ولم يخف عدم تفاؤله من المستقبل، مؤكدا أن البلاد لا تسير فى الاتجاه الصحيح. وأضاف «حامد»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الحلول الأمنية وحدها لا تكفى لمحاربة الإرهاب، وأن الأجهزة الأمنية مصابة بـ«الارتخاء»، مدللا على ذلك بحالة الفوضى التى يشهدها المجتمع. وشدد على أن حكومة المهندس إبراهيم محلب «ضجيج بلا طحين»، وأنه من المفترض أن تأتى الحكومات من أجل إصــــــلاح ما تــــم إفــــساده، لا أن تزيد الطين بلة، وإلى نص الحوار:

■ ما تقييمك لأداء الرئيس السيسى حتى الآن.. وهل نسير فى الاتجاه الصحيح؟
-لدى ملاحظات كثيرة على الأداء السياسى بشكل عام ومؤكد أننا لا نسير فى الاتجاه الصحيح، مازالت عشوائية القرار والتباطؤ فى التنفيذ يسيطران على المشهد السياسى، ولم يكن هذا هو الأداء المتوقع من السيسى.
■ من يوجد داخل حفرة النار ليس كمن هو خارجها وهل يمكن أن تحل مشكلات سنوات فى أشهر معدودة؟
-لم أطلب حل مشكلات وتراكمات سنوات فى أشهر معدودة، وأعرف أن هناك أزمات وتعقيدات كبيرة ولكننى أطلب فقط انضباط الشارع المصرى، إذا تحقق هذا الأمر، سيشعر المواطن المصرى بتحسن شديد بل سيثق أن الدولة ماضية قدما فى الإصلاح، هناك أمور بسيطة لا تحتاج إلا إلى قرار سياسى وإرادة فى التنفيذ وتأثيراتها ضخمة.
■ ماذا تقصد بانضباط الشارع؟
- أقصد الفوضى التى تملأ الشارع من كل الجوانب، أزمة مرورية طاحنة، الأساس فيها هو الفساد وشرطة المرور لا تؤدى دورها كما يجب، مرافق متهالكة وشرطة المرافق غير موجودة، باعة جائلون يملأون الميادين وبعد نقلهم يعودون من جديد تحت علم وبصر المحافظين، هكذا فى كل القطاعات، المجتمع الذى تسوده الفوضى لا يمكن أن يتقدم خطوة إلى الأمام، أشعر بأن الأجهزة الأمنية والحكومة أصيبت «بالارتخاء» وليس هناك نية صادقة فى تطبيق القانون بحسم.
■ كلامك يعكس عدم الرضا عن أداء وزارة الداخلية تحت قيادة اللواء محمد إبراهيم؟
- أنا لا أتكلم فى ظل قيادة شخص بعينه أنا أتحدث عن المنظومة بأكملها، فعندما يكون هناك ١١ ألف أمين شرطة فاسد تم طردهم من العمل، ثم تكتشفين أنهم عادوا للعمل ولأماكنهم مرة أخرى، هذا وحده يكفى أن يعج الفساد فى كل مكان، هذا العدد كاف جدا لتتأكدى أن أداء جهاز الشرطة ليس فى أحسن أحواله.
■ كثيرون قد يعتبرون هذا الرأى فيه تجن على جهاز الشرطة خاصة أنهم مشغولون بالحرب على الإرهاب؟!
- يجب أن ننحى هذا الكلام جانبا، فهذه المزاعم الانهزامية التى يتم نشرها فى المجتمع يجب ألا تنشر وعلى من يساهم فى نشرها أن يخجل من نفسه، فهى تدل على العجز والفشل، جهاز الشرطة ليس ربة منزل كل لحظة تردد صارخة «هعمل إيه ولا إيه؟! أكنس ولا أمسح ولا أطبخ» يجب أن يقوم كل شخص بدوره أن نواجه أنفسنا بأنه يوجد بالشرطة فاسد وليس عيبا أن يطهر جهاز الشرطة نفسه، معظم أجهزة الدولة من محليات وشرطة وجهاز إدارى أصابها العفن، المحليات خربت مصر، ومازالت مستودعات للفساد حتى تلك اللحظة، وكل رئيس حى يأتى لا يهتم بالحى وتطويره أو حل مشاكله إنما يأتى لاستثمار منصبه ويستفيد من المنصب لفترة ويمضى لحاله.
■ هل تعتقد أن القائمين على هذه الدولة على علم بهذه الحالة؟
-نعم يعلمون بل يعلمون ما هو أكثر، لذلك فأنا ألوم الرئيس السيسى أشد اللوم، وأسأله لماذا لا تأخذ خطوات جادة فى سبيل تطهير الكيان الحكومى كله، لماذا لا يتخذ قرارا بإبعاد أى مسؤول ليس على قدر المسؤولية وليس مواكبا لطبيعة الظرف الحساس، رغم أنه أشار إلى ذلك فى آخر خطاب بأن المسؤول الذى لا يقدر على العمل عليه أن يترك منصبه، لكن للأسف الفاسدون لا يتركون المناصب فهم يريدون البقاء لأطول فترة ممكنة.
■ هل تعتقد أن ضعف الإمكانيات المالية مبرر كاف لعدم اتخاذ خطوات فى اتجاه إصلاح المجتمع؟
-لابد أن نعترف أن الدولة مفلسة، والقطاعات بحاجة إلى أموال لترميمها وإصلاحها، لكن يجب أيضا أن نعترف أننا أتلفنا الشعب، الحكومات والأنظمة المتعاقبة علمته التسيب، وأذكر جملة حوار كتبتها فى فيلم عمارة يعقوبيان، قالها الفنان الراحل خالد صالح «الناس ماسكه فى ديل الحكومة كأنها أمها وأبوها وعاوزة توكلها» وهذه حقيقة، فقد جاء لى شاب مرة يريد العمل فى الحكومة وعندما سألته لماذا الحكومة فقال لى لأنهم لا يعملون ويتقاضون راتبهم آخر الشهر، فكيف للحكومة أن تدفع مليارات رواتب لموظفين لا ينتنجون شيئا؟، ما أقصده أن الإمكانيات المادية ليست عائقا عن الإصلاح لأن هناك قرارات تحتاج جرأة فى اتخاذها وتؤتى بثمار جيدة، قرارات يمكن أن تتخذها الحكومة ولا تحتاج إلى أموال لكنها تشعر المجتمع بحدوث تحسن، وعلى رأسها أن تقرر الحكومة ضبط الشارع المصرى بتطبيق حاسم للقانون. وأن تتخذ قرارا بالاستغناء عن العمالة الزائدة فى الجهاز الحكومى.
■ ماذا عن مصير من ستستغنى عنهم الدولة.. أليست هناك مسؤولية اجتماعية ملقاة على عاتق الدولة؟
-يجب أن تكون هناك قرارات شديدة الجرأة فى تلك المرحلة، الدولة متخمة بالمشكلات والطبطبة لن تنتج إلا مشكلات أكبر، نعم سيكون هناك ضحايا ولكن لا مفر، كل دواء له آثار جانبية علينا تحملها، إذا استمرت الحكومة فى الخوف من المواجهة والإسهاب فى التصريحات والوعود فسنرجع الى الخلف.
■ هل تعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن فى خوف الحكومة من المواجهة أم عدم وجود رؤية وبوصلة محددة؟
- لا توجد رؤية ولا تخطيط، ولا نيه صادقة فى الحل، على سبيل المثال فى ملف المرور تجدين أن الحكومة نفسها هى التى تتسبب فى الزحام، ففى الوقت الذى يتحدثون فيه عن عاصمة جديدة ونقل مؤسسات الدولة خارج القاهرة تجدينهم يبنون مؤسسات جديدة، فمنذ أيام كنت أسير فى شارع جامعة الدول العربية ووجدت مبنى جديدا فوجئت أنه مبنى النيابة الإدارية الجديد، وهو ما يؤكد أنه لا يوجد رؤية صادقة ولا رغبة فى الحل، حكومة محلب لا تفرق عن غيرها من الحكومات الأخرى التى جاءت من قبل، فالرجل لطيف وحلو اللسان كشخص ولكنها حكومة إعلامية، أى حكومة ضجة بلا طعم، ضجيج بلا طحين، تعتمد على الإنجازات التليفزيونية التى لا تصلح واقعا، فإصلاح الواقع يتطلب قدرة فائقة على التصدى للمشاكل والالتزام بالقانون ومراقبة ومتابعة الأعمال نريد أفعالا لا تصريحات ووعودا، أنا أرى وزير التموين على الشاشات التليفزيونية أكثر ما أشعر له بإنجاز حقيقى على أرض الواقع.
■ هل تعتبر تواجد المهندس محلب بشكل دائم فى الشارع إنجازا لم نره من رئيس وزراء من قبل؟
-أى إنجاز فى كون رئيس الوزراء فى الشارع دائما؟!.. أنا أيضا متواجد فى الشارع دائما وكلنا نقضى يومنا فى الشارع، هل هذه هى وظيفته؟ إذن ماذا يفعل رئيس الحى إذا كانت هذه مهمة رئيس الوزراء، أنا أريده فى مكتبه يخطط ويعطى أوامره وبدلا من أن يظهر فى التليفزيون ينعى شهداء حادثة تصادم أو إرهاب، أريده أن يجلس فى مكتبه ليخطط لمنع وقوع تلك الحوادث من الأساس، فالجولات التى يقوم بها محلب تطابق الجولات التى يقوم بها مرشحو مجلس الشعب، والعبرة عندى ليست بكثرة الجولات وإنما بالفعل، وبصراحة كل ما يحدث مسؤولية السيسى فى المقام الأول ودعينى أقولها رغم كونها جملة صعبة، ولكن إذا كانت المهمة ثقيلة على السيسى نفسه فليتركها.
■ تغيير رئيس حكومة كل بضعة أشهر أصاب الناس بالقلق وباتت هناك رغبة فى الاستقرار؟
-الثورة لا تعنى تغيير رئيس لكن تغيير واقع، وهذا لم يحدث حتى الآن بعد ثورتين، والاستقرار لن يأتى إلا بعد أن يشعر الناس بتحسن وبالتأكيد هذا ليس مسؤولية الرئيس فقط وإنما مسؤولية شعب أيضا، حيث يجب على الشعب أن يتجه بصدق إلى العمل الجاد والتخلى عن ثقافة التسول التى زرعها نظام مبارك وأكمل فيها مرسى، مع الإقرار بأن الشعب لن يتجه إلى العمل والالتزام إلا إذا وجد الحاكم قويا ويُعمل سياسة الثواب والعقاب، فعندما تنقل الحكومة الباعة الجائلين من وسط البلد وبعدها يعودون إلى أماكنهم من جديد، مبررين ذلك بأنه حقهم، كان يجب أن يتصدى لهم أحد، مؤكد أنه ليس من حقهم فليس معنى أن المواطن عاش فى فوضى لسنوات طويلة أصبح ما أخذه بالفوضى حقا مكتسبا، لا أن تطبطب عليه الحكومة وتهدهده، وهذا يتطلب حكومة قوية، أعلم أن التركة ثقيلة والمشاكل ضخمة لكن الحكومات تأتى لكى تصلح ما فسد لا أن تزيد الطين بلة.
■ ما دلالة انتقال الإرهاب من سيناء إلى قلب العاصمة واستهداف المدنيين مباشرة فى المترو ومحطات القطارات؟
- إذا عدنا إلى تاريخ ومنهج الإخوان القديم فسنجد أنهم ماضون فيه حتى اليوم، وهو إثارة الرعب والذعر بين الناس وفى نفس الوقت يرسلون رسالة للنظام الحالى بأنهم مازالوا موجودين، وأن ضربات سيناء لم تقض عليهم، ولا تنسى أن النظام يتأثر بهذه الضربات ويعمل حساباً للإخوان ولأفعالهم.. فما زال الإرهاب فاعلا ولو بقدر ضعيف ولكنه مؤثر، المشكلة الحقيقية تكمن فى أننا مازلنا نحارب الإرهاب بالإعلام، ونظل نعدد فى مساوئه وخسته، والناس على دراية بكل ما يقال وما سيقال، فهذا أسلوب لا ينفع فى محاربة الإرهاب، وكثيرا ما أتساءل لماذا نحن خائفون، ولماذا لا نضرب بيد من حديد، حتى محاربة الإرهاب هناك تراخٍ شديد فى التعامل معها.
■ ما رأيك فى رفع الدولة شعار «لا شىء يعلو فوق محاربة الإرهاب»؟
- المعنيان بمحاربة الإرهاب هما الجيش وقطاع من قطاعات الشرطة.. أين إذن باقى القطاعات؟! وزراء الخدمات مثلا ليس لهم علاقة بالإرهاب، ومن يريد منهم أن يحارب الإرهاب عليه أن ينجح فى عمله، أما أن تضع كل القطاعات فى الدولة الإرهاب كشماعة للهروب من مسؤوليتها.. فهذا قمة الفشل، وبذلك فإن الدولة متجهة إلى طريق لا يعلم مداه إلا الله، محاربة الإرهاب يجب أن تكون بإحداث التنمية والانضباط، فالمواجهات الأمنية وحدها لا تكفى.
■ ما شكل البرلمان القادم فى توقعاتك؟
- البرلمان القادم علامة استفهام كبيرة، فلا أحد يعلم ما الذى سوف يتم إفرازه، فليس لدينا قراءة حقيقية لاتجاهات الناس، فهناك خلايا سياسية مختفية تحت السطح ونحن لا نعلم كيف ومتى سوف تظهر. وأنا رأيى أن السلفيين أخطر بكثير من الإخوان وطريقة عملهم بها خبث وتآمر أكثر من الإخوان، ومثال على ذلك مشاركتهم فى اعتصامات رابعة، فنسبة السلفيين كانت أكثر من نسبة الإخوان.
■ حزب النور حزب سياسى مشهر بالقانون.
- إنه حزب مشهر على أساس باطل، الدستور يشير الى أنه لا يوجد أحزاب على أساس دينى، وما يتم من قبل حزب النور يعد تدليسا وتآمرا، فلا يمكن للذئب أن يرتدى ثياب الحمل.
■ هل يمكن أن يفوزوا بمقاعد كثيرة فى البرلمان؟
- لا أعلم فليس لدى قراءة دقيقة، لكن مؤكد هناك جزء من البسطاء سوف ينتخبونهم، وهم فى أسلوبهم لا يختلفون عن الإخوان، فهم يوزعون الرشاوى الانتخابية من الآن، ويعملون على الأرض بقوة فى غياب باقى الأحزاب.
■ ما تفسيرك لضعف الأحزاب رغم زوال أسباب قمعها التى كانت فى الماضى؟
- الأحزاب غير صادقة فى مسعاها ونواياها، وأغلب القائمين عليها لهم مصالح شخصية، كانوا يتحججون فى السابق أن الأمن يمنعهم ويقيد تحركاتهم، الآن تغير الأمر بل وغاب الحزب الوطنى والإخوان عن المشهد أين إذن الأحزاب!.. لقد انكشفوا على حقيقتهم، فهى أحزاب بلا قواعد شعبية، ولن يكون هناك تحالفات حقيقية بينهم طالما لا يوجد نوايا صادقة وإخلاص.
■ إذن الأكثرية فى البرلمان القادم ستكون لمن؟
- هناك أناس ستدفع حيث المصلحة، كل شخص وحزب سيرى أين المصلحة وسيبدأ فى الدفع باتجاهها، لكن ما أستطيع الجزم به أن هذه الانتخابات سوف تتعرض للرشاوى الانتخابية.
■ هل مصر كانت مستعدة لبرلمان بصلاحيات واسعة الآن وفق الدستور؟
- لا لم تكن مصر مستعدة، الدساتير توضع على حسب احتياجات الدول والمرحلة التى تمر بها وطبيعة ظروفها وثقافتها، الدستور فى مصر يختلف عن الدستور فى سويسرا لوجود فارق كبير فى نسب وجودة التعليم والثقافة، كلما كانت نسبة الثقافة أعلى كان الدستور منفتحا، لكن عندما تكون نسبة الفقر فى دولة ٤٠% ومشاكل لا حصر لها فى الصحة والتعليم والخدمات بل وكل قطاعات الدولة، كان لزاما، ومن الأجدى، أن تكون السلطة أكبر فى الدستور للقائم على السلطة التنفيذية والقائمين على الحكم. أما الدستور الحالى فهو لا ينفع فى ظروف مصر الحالية.
■ إذن تنادى بتغييره؟
- ليس الآن وعلينا أن نقبل بقواعد الديمقراطية التى اعتمدناها وأقررناها فى الدستور بحلوها ومرها.
■ بعض الشباب ينتقد ظهور السيد عمرو موسى والدكتور كمال الجنزورى وغيرهما فى المشهد ويتساءلون عن حصة الشباب فى المنظومة القادمة؟
- هناك شخصيات يجب أن تأخذ قرارا بالراحة وتتنحى عن الساحة السياسية مثل السيد عمرو موسى والدكتور كمال الجنزورى، فكل من تجاوز عمره الـ٧٥ عاما عليه أن يبتعد، والسيد عمرو موسى كان فارسا فى زمانه وكذلك الدكتور الجنزورى، أما العصر الآن فمختلف ويحتاج إلى فارس من نوع مختلف، يحتاج إلى دماء جديدة متدفقة وليست متصلبة، الرئيس نفسه أعلن أكثر من مرة أنه بحاجة إلى الشباب إذن فليفعل ذلك وليحول الشعار إلى واقع.
■ هناك شباب ينتقد أداء الرئيس السيسى وهم ليسوا نشطاء ولا إخوانًا ويرون أن الثورة انحرفت عن مسارها فما تعليقك؟
- الشباب متحمس بطبعه، أنا نفسى أشعر مثلهم بعدم الارتياح. وشباب هذه الأيام لا ينطلى عليهم الوعود والتصريحات والأحاديث غير المنطقية والعبرة لديهم بالفعل وليس بالقول. ومن الخطورة أن كل شاب يدلى برأيه يصنف على أنه إخوان أو ناشط أو ما شابه.
■ أصبح الإعلام يقوم بدور المعارضة للحكومة فى ظل غياب البرلمان والأحزاب، فما تعليقك؟
- الإعلام الحكومى أصبح منسيا تماما.. الإعلام الحقيقى الآن هو الخاص ومعظم المالكين للقنوات رجال أعمال لهم مصالح فيما يقدم على شاشاتهم وكل رجل أعمال يفرض أجندته ومصالحه على قناته.. وكل يبكى على ليلاه.
■ أصبح الذين لا يصفقون للنظام من الإعلاميين يتم وصمهم بأنهم من الإخوان أو طابور خامس، فما رأيك؟
- على كل من يطبل للنظام أن يتعقل وأن يكون موضوعيا، وإذا أصبحوا كذلك فإنهم سيكشفون الطابور الخامس الفعلى، إنما التطبيل والنفاق الشديد ليس فى مصلحة لا السلطة ولا الدولة، كثير من برامج التوك شو فقدت الكثير من مصداقيتها، فهناك قنوات تعتمد على الصوت العالى وسب كل من يختلف معها، فلا يوجد إعلام قوى وموضوعى فى مصر، وبعض القنوات الخليجية تعتبر إعلاما قوميا مصريا لأنها تنقل الواقع بحلوه ومره، ولذلك تجدين الناس تثق بها أكثر من القنوات المصرية.
■ هل لديك أى خوف على الحريات فى مصر خاصة بعد توقف يسرى فودة وريم ماجد ودينا عبدالرحمن ومحاولة إيقاف محمود سعد ووائل الإبراشى؟
- لا يوجد شفافية فى هذا الأمر من كلا الطرفين..لا أحد يقول لماذا هؤلاء تركوا القنوات التى يعملون بها، ولا المذيعون أنفسهم يصدرون بيانا بأسباب تركهم للقناة حتى لا تختلط علينا الأمور.
على هؤلاء الإعلاميين أن يقولوا السبب الحقيقى وبوضوح لا يحتمل اللبس ولا المواربة.. من حقنا أن نعرف هل إدارة القناة السبب أم ملاك القنوات أم أنه الجيش، وإذا كان هو الجيش وصمت الإعلامى ولم يخبرنا فهو مخطئ، وإن كان غير ذلك فلا يجب أن يترك الناس تزيد فى الأقاويل فيجب أن يكون هناك صراحة وشفافية واحترام لعقول الناس.
■ هل تعتقد أن ثقافة المشروعات القومية ستخرج هذا الوطن من عثراته؟
- تطبيق القانون بحزم وشدة، ومواجهة المشاكل الحياتية بنفس الحزم والقوة مثل حل مشاكل المرور ونظافة الشوارع تعد إنجازاً يضاهى إنجاز قناة السويس بل ونتائجه أسرع. قناة السويس مشروع قومى اقتصادى رائع لكن الاتكال عليه وترك باقى الملفات يعد فشلا.
■ ماذا عن مشكلة البطالة التى تتفاقم يوما بعد الآخر؟
- الشباب العاطلون أنفسهم جزء من مشكلة البطالة، فالشباب لا يريد أن يعمل فى أى مهنة، ولو قلت له توجه إلى الوادى الجديد للعمل يرفض فى حين من الممكن أن يتجه للعمل فى ليبيا، وأنا ذكرت فى مسلسل «بدون ذكر أسماء» أن القاهرة أصبحت مثل برميل الطرشى يقبل كل شىء وأى شىء.. «جزر ماشى خيار ماشى قرنبيط.. ماشى كله هيبقى مخلل فى الآخر» فالجميع يرى أن القاهرة هى المصدر الرئيسى للرزق، فالشركة والوظيفة والمستقبل فى القاهرة، لذا أرى ضرورة العمل على أن تتم إعادة التوزيع الجغرافى للرزق ليشمل كل أنحاء الجمهورية.
■ ماذا عن حالة العنف والسطحية التى طغت على السينما؟
- هذه الأفلام موجهة لجمهور معين مطحون اجتماعيا، الناس مكبوتة ومخنوقة وتريد أن تدخل فيلما سطحيا تضحك وتفرفش وتنفصل عن الواقع قليلا ثم تخرج، والمشكلة الحقيقية ليست فى الأفلام إنما فى انتقال العدوى إلى المسلسلات التى يشاهدها الملايين فأصبح هناك عنف وألفاظ خارجة، وهذا خطر كبير على الأطفال والشباب الذين يشاهدونها، السينما فقدت مشاهديها ومحبيها من الطبقة المتوسطة، فلم تعد تلك الطبقة تشاهد الأفلام فى السينما، والفن هو انتقاء لجملة وتحسينها بحيث لا تخدش الحياء، فهذه هى وظيفة الفن أن أعلمك دون أن تشعرى، لكن ما يحدث فى السينما والمسلسلات عموما يرجع الى غياب الرقابة، وهنا أنا أقصد الرقابة الرشيدة والواعية.
■ يتهم «السبكى» دائما بأنه أفسد الذوق العام فهل تتفق مع هذا الرأى؟
- السبكى منتج شاطر، ويمكن أن يغير مسار السينما إذا اتجه إلى السينما الجميلة، وقد منحت جائزة لفيلم من إنتاج السبكى عندما كنت رئيسا للجنة تحكيم المهرجان القومى للسينما، فهو يستطيع أن ينتج أفلاما جيدة وراقية، رمسيس نجيب على سبيل المثال كان ينتج فيلما لإسماعيل ياسين وآخر لفاتن حمامة ولكبار نجوم السينما، فهو ينتج فيلما يخسر وآخر يكسب ليعادل الخسارة، ويمكن للسبكى أن يسير على نهج رمسيس نجيب وأثق أنه قادر على ذلك.

Tuesday, November 18, 2014

الأحزاب السياسية ملهاش لازمة بقلم د. محمد أبوالغار ١٨/ ١١/ ٢٠١٤

الأحزاب السياسية فى مصر نشأت فى بداية القرن العشرين بإنشاء الحزب الوطنى، الذى أسسه مصطفى كامل.
وتكون حزب الوفد العريق بعد ثورة ١٩١٩، وكان حزب الأمة بمعناها الواسع وكانت له شعبية كبيرة تأسست على موقفه الوطنى الواضح من الاحتلال البريطانى وعلى تبنيه موقفا واضحا من الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة وعلى تأكيد انفصاله عن الإمبراطورية العثمانية وعلى فصل الدولة عن الدين والمساواه الكاملة بين المصريين بدون النظر إلى الدين أو العرق أو اللون. وكانت صلابة سعد زغلول ثم مصطفى النحاس فى الحق أمرا مهما لتأكيد وطنية الحزب. حدثت انقسامات فى الوفد أدت إلى تكوين السعديين والكتلة، ثم ظهرت الأحزاب الفاشية – الإخوان ومصر الفتاة –و كذلك بعض الأحزاب الماركسية.
هذه الحياة الحزبية فى الفترة الليبرالية لم تكن لها حرية كاملة فى ممارسة نشاطها بسبب الدستور الذى أعطى صلاحيات ضخمة للملك، وبسبب وجود الاحتلال العسكرى الإنجليزى. وقامت ثورة ١٩٥٢ التى أنهت التجربة الحزبية فى مصر قبل أن تنضج إلى قوى سياسية يمكنها فعلاً تبادل السلطة.
وجميع رؤساء مصر، بدءاً من عبدالناصر، الذى أسس الحزب الواحد وقام بإلغاء كل المنظمات والنقابات وجعلها كلها بالتعيين وجزءا من الاتحاد الاشتراكى وتلاه السادات الذى أسس المنابر وحولها إلى أحزاب ولكنه كان يريدها ديكوراً يغازل به الولايات المتحدة، وبسبب موقف مجموعة وطنية صغيرة قادها ممتاز نصار ومحمود القاضى، قام بحل البرلمان.
أما مبارك فأسس ٤٠ حزباً كرتونياً وقتل تماماً الحياة السياسية الحزبية فى مصر وترك الإخوان وحدهم فى الساحة. وبعد ثورة ٢٥ يناير تكونت أحزاب جديدة ودبت الحياة فى بعض الأحزاب القديمة ولكنها وجدت جواً معادياً عنيفاً.
الشعب، بسبب تاريخ الأحزاب، لا يثق فيها، والقوى الموجودة فى مصر سواء كانت القوات المسلحة أو الشرطة أو جهاز الدولة البيروقراطى لم يتعود على وجود برلمان حقيقى مبنى على أحزاب قوية يحاسبه ويقود النظام السياسى. هذه القوى لا تريد برلماناً حقيقياً. والأحزاب فى معظمها فقيرة وقدرتها على جمع الأموال محدودة. أجهزة الدولة تحارب الأحزاب والإعلام يتهجم عليها طوال الوقت، ورئيس الجمهورية لم يقابل الأحزاب مرة واحدة بعد انتخابه.
المشكلة الحقيقية هى عدم رغبة الدولة والإعلام وجميع القوى فى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه وتفضل القوى المختلفة ومنها بعض الأحزاب أن تحقق مطالبها بطريقة أسهل وأضمن عن طريق التفاهم والتراضى مع الدولة وليس مع الشعب.
خلاصة الأمر أن الجميع لا يريد حياة حزبية ولا يريد أن يساعدها على النمو، وحيث إن الحياة الحزبية هى الطريقة الوحيدة فى الدنيا لتداول السلطة فسوف تستمر مصر كما هى وسوف يكون من المستحيل خلق نظام ديمقراطى، ويبدو أن الكل يرغب فى ذلك من الرئيس إلى أصغر مواطن. فلنقلها صريحة: نحن لا نريد الديمقراطية والحرية وتبادل السلطة وإحنا كنا وسنبقى كويسين وعال العال!
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

Saturday, November 15, 2014

لا ترسلوا لنا فرقة تركية أرسلوا لنا كتيبة مصرية! بقلم د. وسيم السيسى ١٥/ ١١/ ٢٠١٤

الدكتور أشرف صبرى، استشارى طب أعماق البحار، مات جده فى دارفور جندياً فى الجيش المصرى فى الحرب العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٨)، شاهد الدكتور أشرف مئات السفن الحربية الغارقة فى مياهنا الإقليمية خاصة الإسكندرية، فوهب عمره للكشف عن أسرار هذه الحرب ودور مصر فيها، التى لا يعلم معظم الناس عنها شيئاً، فكان كتابه الرائع الموثق: رحلة إصرار مصر سبب النصر فى الحرب العالمية الأولى.
بدعوة كريمة من قواتنا المسلحة، حضرت احتفالية جيشنا العظيم بالذكرى المئوية لهذه الحرب، كما شاهدت المعرض الذى عرض علينا أسرار هذه الحرب الأولى والتى كانت سبباً فى الحرب العالمية الثانية. عرفت أن مصر دخلت هذه الحرب بقرار من قائمقام الخديو عباس حلمى الثانى وهو رئيس الوزراء المصرى حسين رشدى باشا فى ٥ أغسطس ١٩١٤، دخلت مصر الحرب بقرار ينص على أن مصر دولة حليفة لبريطانيا، وليست تابعة لها، هذا القرار محفوظ فى ديوان عام رئيس الجمهورية. جندت مصر جيشاً قوامه مليون ومائة ألف جندى، استشهد منهم دفاعاً عن حدود مصر، ودفاعاً عن الحضارة الإنسانية داخل مصر وخارجها مثل إنجلترا - فرنسا - إيطاليا - بلجيكا - اليونان - قبرص - المكسيك - السودان - دارفور - ليبيا - حوالى ستمائة ألف شهيد.. نعم ٦٠٠.٠٠٠ شهيد! حتى إن سيد درويش غنى وغنى الشعب معاه:
بردون يا ونجت.. بلادنا خربت!
كما غنى:
بلدى يا بلدى.. إمتى أرجع بلدى
والسلطة أخذت ولدى!
حاربت مصر مع الحلفاء قوى الشر، ومنهم كانت تركيا.. «الخلافة العثمانية» التى أذلت مصر أربعمائة عام، وهناك المغيبون الممولون يريدون إرجاع الذل والإذلال لبلادنا مرة أخرى..! اسمع يا سيد أردوجان كانت مصر على مشارف الأستانة لولا إنجلترا التى أنقذتكم من براثن مصر فى عصر محمد على، ثم ساعدنا على شفائكم «رجل أوروبا المريض» من طاعون الخلافة فى الحرب العالمية الأولى، فلا تدعونا لتلقينكم درساً ثالثاً لأن الثالثة ثابتة، وإياك أن تفكر أن جيشنا العظيم يمكنك أن تنال منه، فهو والشعب فى رباط إلى يوم الدين، اقرأ يا رجل ماذا قال القادة والملوك عن جيشنا الذى روت دماؤه نصف الكرة الأرضية، يقول نابليون بونابرت: لو كان عندى نصف الجيش المصرى لغزوت العالم! قل لى من يحكم مصر.. لك من يحكم العالم!
كما يقول نابليون الثالث بعد أن وصلت الكتيبة المصرية إلى المكسيك: لم نحظ بانتصار واحد قبل وصول الكتيبة المصرية، ولم نحظ بهزيمة واحدة بعد وصولها! وقال مارشال فورية، القائد العام للحملة الفرنسية فى المكسيك: يا الله.. المصريون..! كانت جرأتهم تذهل العقول.. ما كانوا جنوداً بل كانوا أسوداً! وقال المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم: لا ترسلوا لى فرقة تركية ولكن أرسلوا لى كتيبة مصرية!
أما اللورد كتشينر فقال: كم وقعت فى مآزق ولم ينقذنى غير الجنود المصريين. أما ماسبيرو فقال: كم ظن الغزاة أن هذه الأمة الخالدة قد انتهت، ولكنها سرعان ما تنفض عن نفسها التراب وتُبعث من جديد! هل سمعت يا أردوجان يا صاحب الضلالات الوردية، هل قرأت يا سارقة قارة من أصحابها «الهنود الحمر»، هل سمعتم يا إخوان، لماذا لا تصبحون إخوان الصفا وخلان الوفا أعظم جماعة علمية فى العصر العباسى الأول، قضى عليها إخوان الدم وخلان الشيطان!!
أفيقوا إنها مصر أيها العميان؟!

Wednesday, November 12, 2014

تحيا مصر - فاطمة سعيد

الإرهابى.. لماذا؟ بقلم حلمى النمنم ١٢/ ١١/ ٢٠١٤


ليس من السهل الوصول إلى حقيقة ظاهرة «الإرهابى».. كيف يتكون وكيف يصبح هكذا بعد أن كان إنساناً عادياً؟ فى البدء كان هناك تصور أن الفقر وغياب العدالة الاجتماعية السبب المباشر فى بروز هذه الظاهرة، وراج ذلك التصور فى مطلع التسعينيات، ولم يكن الأمر، على هذا النحو، خاصة أن بن لادن لم يكن فقيراً ولا كان أيمن الظواهرى من ضحايا الظلم الاجتماعى، صحيح أن الفقر مدمر والظلم الاجتماعى جريمة إنسانية لا يجب السكوت عليها، لكنها لا تنتج بالضرورة إرهابيين، والآن نرى من يعلق الشماعة على عدم تحقق الديمقراطية وعلى غياب الحريات العامة أو تراجعها، ومع ذلك فإننا نرى إرهابيين يصلون إلى داعش يومياً من الدول الأوروبية وبينهم أفراد من الأوروبيين الخُلص، أى ليسوا من أصول عربية ولا إسلامية، أى إرهابى يتكون رغم أنه ابن المجتمعات الأعرق فى الديمقراطية والحرية، بريطانيا وفرنسا.. وفى تونس تجربة تسير نحو الديمقراطية ومع ذلك حدثت عملية إرهابية هناك بعد إعلان نتائج الانتخابات بأيام، راح ضحيتها خمسة قتلى، وتقول التقارير إن تونس من أكثر المجتمعات تصديراً للإرهابيين المنضمين إلى داعش.
ولا يجوز التهوين من تراجع الحريات فى أى مجتمع ولا غياب الديمقراطية كلياً أو جزئياً، لكن من يبحث عن الديمقراطية ويريد الحريات لا يذهب إلى الطريق المضاد ويصبح إرهابياً، هناك الانضمام إلى الأحزاب والروابط المجتمعية والأهلية.. المدنية، لدفع الديمقراطية إلى الأمام وتحقيق قدر أكبر من الحريات، ومن يتضرر من الفقر وغياب العدالة الاجتماعية لديه طرق ووسائل عدة ليس من بينها الإرهاب، للحد من الفقر ورفع الظلم الاجتماعى عن كاهل الفقراء والمظلومين.
الإرهابى ظاهرة مركبة وحالة إنسانية معقدة، وقد يكون الوجه الآخر للعدمى وإن اختلفت الأهداف وتباينت الغايات حيث يهدف الإرهابى إلى الفوز فى الدنيا، كما يفهمه هو، أو الفوز بالشهادة لدخول الجنة، كما يفهم هو أيضاً معنى الشهادة وقواعد دخول الجنة.
غير أن هناك ملامح عامة للإرهابى السائد فى عالمنا، وهو أنه ينتمى إلى «المتأسلمين» وينحدرون جميعاً من ميراث أدبى وفقهى، يمكن أن نرجعه قديماً إلى الخوارج، وحديثاً إلى أتباع حسن البنا وسيد قطب، أصحاب العقيدة البناوية، القطبية، وسوف نلاحظ - جميعاً - أن هؤلاء المتأسلمين ينتمون إلى الإسلام السنى أو يحسبون أنفسهم عليه، بينما الإسلام الشيعى منذ فبراير ١٩٧٩، تاريخ إسقاط شاه إيران، يتحرك فى مسار آخر، نرى تجلياته فى جنوب لبنان، حيث حزب الله وفى اليمن حيث جماعة الحوثى، وفى جنوب العراق، ويمتد إلى بغداد نفسها، وسوف نلاحظ أن ما يقوم به الإسلام الشيعى يصنف فى إطار مشروع سياسى واسع، مركزه طهران، وهو تحقيق مكاسب على الأرض ويحظى بدعم أو رضا أمريكى فى أغلب الحالات والمواقف، وأكاد أقول إن هذا المشروع يلقى «هوى» أمريكياً واضحاً تماماً لدى الإدارة الحالية فى البيت الأبيض، وفى كل الأحوال فإن هذا المشروع وذلك التحرك حمى المشروع الإيرانى - الشيعى من أن يوصف بالإرهاب.
الذين وصفوا بالإرهابيين، وهم كذلك، المجموعات التى تحدثنا عنها مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة وأنصار الشريعة فى ليبيا وأنصار بيت المقدس فى سيناء وغيرهم، هم جميعاً بضاعة واحدة متباينة الأسماء فقط.
الإرهابى لديه مشروع فردى، هو الخلاص الشخصى والخاص فى الدنيا وفى الآخرة، وهدفه النهائى هو التدمير، لا البناء، هو مشروع قائم على النفور والكراهية وربما الحسد والحقد، لذا فإنه يريد هدم وتدمير كل شىء، وهذا ما يقومون به فى كل مكان حلوا به أو ظهروا فيه.
جزء غير قليل من المشكلة هو فى الثقافة الإسلامية السائدة، باب الاجتهاد مغلق والتجديد ضعيف للغاية، حتى حركات التجديد تذهب إلى الماضى البعيد وتنهل منه مع تجاهل تام للواقع وغياب أى رؤية للمستقبل، حركات ترى مستقبلها فى النزاع بين على ومعاوية ثم تكفير الاثنين معاً.. ويتصور البعض منا أن فتح باب الاجتهاد والتجديد مرتبط أولاً وأخيراً بالمؤسسة الدينية، أقصد الأزهر تحديداً وكبار العلماء فيه لكن الأمر ليس على هذا النحو، الاجتهاد والتجديد رؤية مجتمع وخيار دولة يشارك الأزهر فى تنفيذه وفتحه.. وتلك قضية تحتاج مقالاً وربما مقالات أخرى.

Tuesday, November 11, 2014

تفحُّم فتيات البحيرة مسؤولية مبارك بقلم د. محمد أبوالغار ١١/ ١١/ ٢٠١٤

حادثة رهيبة أودت بحياة فتيات فى عمر الزهور، وهى ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة. الصدمة التى أصابت الجميع من بشاعة الحادث أدت إلى ضرورة أن يتحمل أحد المسؤولية. البعض قال إنه المحافظ، أو وزير النقل، وارتفعت المسؤولية لتصل إلى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. دعنا نفكر بطريقة منطقية بعيداً عن القضاء والقدر.
المسؤول الأول عن هذا الحادث هو سائق السيارة الذى كان يقود بسرعة جنونية وبطريقة متهورة، كما قال بعض الناجين إنه تم تنبيه السائق عدة مرات، والتحقيقات الأولية أثبتت وجود مخدر فى الدم. والسؤال: هل هذا السائق هو الوحيد الذى يقود «أتوبيس» أو «لورى» بهذه الطريقة؟ الإجابة معروفة؛ أن نسبة كبيرة من السائقين تقود بطريقة مشابهة، ويرجع ذلك إلى الاستهتار وإهمال القواعد السليمة والسرعات المقررة، وتعاطى المخدرات وعدم الكفاءة والحصول على الرخصة بالوساطة أو الرشوة.
المتهم الأول، وهو السائق، لم يكن فى استطاعته ارتكاب جريمته فى وجود نظام شرطى حقيقى. هل تم إجراء امتحان دقيق للسائق قبل إعطاء الرخصة؟ هل تم الكشف العشوائى على دم السائقين للتأكد من خلوه من المخدرات؟ هل تراقب الشرطة الطرق وتسحب رخص هؤلاء السائقين؟ يحدث ذلك فى بعض الطرق فى بعض الأوقات ولكن أغلبية الطرق غير مراقبة.
إذن عدم وجود إمكانيات كافية للشرطة أحد الأسباب، ولكن أين تذهب الأموال الطائلة التى يتم صرفها على وزارة الداخلية؟ إنها تذهب فى معظمها للأمن السياسى ومراقبة المصريين وتتبعهم والتجسس على تليفوناتهم، ثم الإيميل، وأخيراً الفيس بوك، الذى تم شراء أجهزة مكلفة للغاية حديثاً لرفع كفاءة التجسس عليه.
عدم كفاءة الشرطة وتراخيها واستهتارها فى ضبط المخالفات قبل وقوع الكارثة وعدم نزاهة الشرطة وتقاضيها الرشاوى والإكراميات، هو ما يفتح الباب أمام عدم ضبط ومعاقبة السائقين المخالفين. ومن المعروف أن عدداً من رجال الشرطة مساهمون فى ملكية عربات الميكروباص، ولذا يتم التغاضى عن الكوارث التى نراها يومياً من السائقين.
والسبب الثالث هو سوء حالة الطرق فى مصر كلها مع ارتفاع كثافة المرور عليها، لأنه لم يحدث تطوير لها خلال سنوات طويلة. كل هذا التردى حدث فى عهد مبارك، وهو المسؤول الحقيقى مع نظامه ومعاونيه ووزراء داخليته عن هذا الفساد الرهيب. مبارك هو القاتل الحقيقى لآلاف المصريين على الطرق كل عام، والسيسى ونظامه مسؤول عن إصلاح يجب أن نرى نتائجه فى نهاية مدته الأولى عن طريق دراسة إحصائية تتتبع انخفاض أعداد الحوادث وتحسن أحوال الطرق ورفع كفاءة الشرطة ونزاهتها. ولكن انتظار ٤ سنوات مدة طويلة، لذا يلزم متابعة سنوية لمعرفة مدى التقدم، على أن يراقب هذا الأمر البرلمان الذى طال انتظاره، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى، ويقدمان تقريراً بذلك إلى الشعب.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

Saturday, November 8, 2014

نزل من بطن أمه على القبور! بقلم د. وسيم السيسى ٨/ ١١/ ٢٠١٤

قال صاحبى: سمعت فكاهة تقول إن رجلاً بلغ المائة من العمر، ذهب للطبيب يسأله النصيحة حيث إنه ينتوى الزواج من فتاة فى العشرين!
رد عليه الطبيب مستنكراً: تموت يا رجل!
فقال الرجل: أتجوز غيرها يا دكتور!
ضحكت وقلت لصاحبى: أولا تعلم أن عمر الإنسان الطبيعى مائة عام؟!
سألنى كيف؟ قلت: العمر المفترض للثدييات عموماً هو خمسة أضعاف السنوات التى تتحول فيها الغضاريف إلى عظام فى أربع سنوات، فيكون عمره الافتراضى ٥X٤ أى عشرون عاماً، والكلب ٥X٣ أى خمسة عشر عاماً، الفيل ١٢X٥ أى ستون عاماً، والإنسان ٥X٢٠ أى مائة عام!
قال صاحبى: هناك إحصائية تقول إن واحداً من كل مائة ألف أمريكى يبلغ المائة عام، وعلى هذا فنطرية الغضاريف هذه ليست صحيحة!
قلت: أمريكا بلد مقصوفة العمر.. صراع من أجل المادة، صراع مع الشعوب، حياة خطأ غذائياً، نفسياً، عملياً، ولكن انظر إلى خمس دول معمرة كالقوقاز، القوقاز الجديد، أكوادور، هيمالايا، كلورادو، تجد أن خمسين ألفا من كل مائة ألف يصلون إلى سن المائة، يعيشون حياة اجتماعية ثرية، أما عن الأسباب فهذا أمر شرحه يطول.
قال صاحبى: حدثنى عن أهم الفروق.
قلت: إنه الغذاء.. إنه داء ودواء، إن أعلى نسبة سرطان بروستاتا تجدها فى أمريكا، وأقل نسبة تجدها فى اليابان، والشىء الغريب أن اليابانيين الذين يذهبون للعيش فى أمريكا، ترتفع نسبة سرطان البروستاتا عندهم حتى تكاد تتساوى معهم!
إذن الطعام هو السبب، فمثلاً ٨٠ % من البروتين اليابانى فى اليابان من أصل بحرى أو نباتى، فرق آخر هو الألوان، فكلما كان الطعام أكثر احمراراً، واخضراراً، واصفراراً (كالطماطم، الفلفل، الجزر) كان صحياً أفضل، هناك فروق أخرى كالبذور ذات الأجنة كالفول النابت، الحلبة الخضراء، والبليلة، أيضاً البروكلى، القرنبيط (الفلافينويدز) وغيرها كثير!
قال صاحبى: والزعل ألا يقصف العمر؟
قلت: اقرأ كتاب هيرمان شوارتز art of relaxation أو فن إراحة الأعصاب.
إن ملخص هذا الكتاب: إن كل ابتسامة تضيف إلى عمرك يوما، وكل ضحكة تطلقها من أعماق قلبك تبعد عنك شبح الموت أسبوعا، وكل دمعة تذرفها تمسح من عمرك يوما، وكل دمعة تحبسها.. تقصف من عمرك شهراً!
لذا قال الجبار عباس محمود العقاد يوماً:
كن رجلاً وابك، فالبكاء ليس ضعفاً ولكنه فرط الشعور.
قال صاحبى: وهل للحب دور فى إطالة الحياة؟
قلت: بالتأكيد.. الحب لله وهو الإيمان، والحب للناس وهو الخير، والحب للأقربين وهو الود، إذا توفرت لك هذه المحبة بأبعادها الثلاثة، فأنت تصل للمائة بسهولة، لذا قال أحد الفلاسفة:
أولئك الذين يحبون الناس من أعماق قلوبهم لا يتقدم بهم العمر أبداً! قد يموتون بسبب الشيخوخة، ولكنهم يموتون شباباً!!
فرق بين سنوات العمر (شهادة الميلاد) وسنوات الحياة (الأيام الحلوة التى عشناها)!
ذهب رجل شامى لإحدى المقابر فوجد الشواهد عليها: وُلد سنة كذا، مات سنة كذا، عاش من العمر كذا!
سأل الرجل الحارس فأخبره بالفرق! قال الشامى: حين يحين أجلى يا خى (يا رجل) اكتب على شاهدى: جابر جبرة جبور.

Saturday, November 1, 2014

قبائل النيلوس والجبتانا بقلم د. وسيم السيسى ١/ ١١/ ٢٠١٤

العصر الحجرى القديم بدأ منذ ٢ مليون سنة، وانتهى فى ١٢ ألف سنة قبل الميلاد، حتى يبدأ العصر الحجرى الحديث من ١٢ ألف سنة، وينتهى ما بين أربعة آلاف سنة، وألفى سنة قبل الميلاد.
انتهى العصر الحجرى القديم بأمطاره وغاباته، التى عاش عليها أجدادنا المصريون، ارتحلت القبائل المصرية نحو النهر، وكانت قبائل النيلوس والچبتانا من أكبر القبائل فى هذا الزمن البعيد.
تعلمنا من النيل الوحدة والتوحد حتى نزرع ونروى ونحصد ونصد خطر الفيضان، فأصبحنا فى رباط إلى يوم الدين (١٩٧٣، ٢٥ يناير، ٣٠ يونيو).
تعلمنا من النيل التشبث بالأرض، فأصبحت هى الوطن، وهى الاستقرار، وهى الحدود، وهى الهوية، لأن الهوية بالأرض، وليست بدين أو لغة أو فترة احتلالية استعمارية طالت أم قصرت.
فاض علينا النيل بالطمى، فكانت الزراعة سلة خبز العالم، وكانت الوفرة، ومن الوفرة كانت مكارم الأخلاق، وحب الحياة، فكان لابد من حياة بعد هذه الحياة، فكان الإيمان، ومحاكمة الروح، وقانون الأخلاق.
كان لابد من التحنيط للإبقاء على الجسد، حتى تتعرف عليه الروح عند البعث، ولأن التحنيط لم يكن دقيقاً فى الدولة القديمة، فكان الرسم (رسم وجه المتوفى) والتماثيل (للمتوفى)، حتى تستدل عليه الروح، فكان الإنسان المصرى الفنان، كما كان الجراح الماهر لدرايته بدقائق الجسم البشرى خلال التحنيط.
عاشت الحضارة المصرية آلاف السنين لأنها قامت على دعامتين:
أ ــ العدل أساس الملك.
ب ــ الكل أمام القانون سواء بسواء.
هذه العدالة الاجتماعية جعلت الشخصية المصرية تلتزم بالقانون، تبتعد عن العنف، تقشعر من طالبان، داعش، تكره الدماء، اثنين من الرؤساء وراء القضبان فى أمان!
وفرت الحضارة المصرية لأبنائها الطعام، الشراب، المسكن، التعليم، الأمن الداخلى والخارجى، الملوك فى مقدمة صفوف الجيش عند الحروب، قضاء عادل نزيه يحكم على اثنين من الأسرة المالكة (رمسيس الثالث) بالإعدام، ثم تكتشف المحكمة أن اثنين من القضاة فاسدان، فتأمر بإعدامهما، فينتحر القاضيان، هذا الوجود الرائع، وفر للمصرى القديم الإبداع، فكان المعمار الشاهق، والعلم السامق، والموسيقى الراقية، والرقص بكل أنواعه حتى رقص الباليه، وأنواع الرياضة كافة ما عدا لعبة كرة القدم! انعكس هذا كله على الشخصية المصرية فأبدعت فى الداخل والخارج (قنبلة مائية على خط بارليف) زويل، مجدى يعقوب، الباز، نجيب محفوظ، وغيرهم آلاف مؤلفة، ويكفى أننا نكتب التاريخ ونغيره!
عاشت فى مصر مذاهب دينية مختلفة كالأمونية، الأوزيرية، الأتونية، فى سلام، ولكن المارق أخناتون (كما كان يسميه مانيتون، ولم يضع اسمه فى سجل الملوك لتعصبه المقيت)، حاول فرض مذهبه على المذاهب الأخرى! فكان الانقسام وضعف الدولة.
مصر حاضنة الأديان جميعاً، وحين أراد اللى ما يتسماش تغيير هوية مصر، وتقطيع أوصالها شمالا، وجنوباً، هبت الشخصية المصرية، وقلبت المائدة على رأسه، ورأس من يتشددون له من القراصنة المعروفين، ورعاة البقر الذين أبادوا شعوباً كالهنود الحمر أصحاب البلد الأصليين، ومن بعدهم السود (Roots).
الشخصية المصرية مرحة ساخرة، كان القضاة الرومان يشكون من سخرية المحامين المصريين منهم! يذكر لنا التاريخ العزيز بالله الذى ادعى معرفته بعلم الغيب، ترك له المصريون بطاقة على منبر أحد المساجد تقول: بالجور والظلم قد رضينا..وليس بالكفر والحماقة.. إن كنت أعطيت علم الغيب..قل لنا: من هو كاتب البطاقة!