Translate

Tuesday, July 30, 2019

٢٣ يوليو خناقة كل عام (١) بقلم د. محمد أبوالغار ٣٠/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


كل ٢٣ يوليو تكتب مئات المقالات وتعقد عشرات الندوات، وتركز وسائل التواصل الاجتماعى لمدة أسبوعين عن ٢٣ يوليو ١٩٥٢. فمن يسميها ثورة، ومن يسميها حركة، ومن يسميها انقلابًا، وكل عام كنت أفكر فى الكتابة عن ٢٣ يوليو ولكننى كنت مترددًا لأنى كنت أشاهد وأقرأ أن الأمر كان يتحول إلى عراك وحلبة مصارعة. المناقشة التاريخية والجدل العلمى والوطنى يجب أن يعلو فوق العصبية الشديدة التى تنتاب الجميع بحماس غير عادى يتحول إلى معركة هجومية وتتحول أحيانًا إلى مشادات وأحيانًا أخرى إلى ألفاظ خارجة، واتهامات أقلها الجهل وأكبرها الخيانة وبينها ألفاظ قاسية.
أعرف أن سبب هذه الحدة وهذا التناقض الكبير الذى يقسم المجتمع عند مناقشة ٢٣ يوليو له أسباب عديدة أولها أن أحداث ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ما زالت ماثلة فى مخيلة المصريين الذين عاصروه والذين ولدوا بعد حدوثه والذين تفهموا ما حدث بعد أن أصبحوا شبابًا بعد عدة عقود من هذا التاريخ، ولذا فهذا الحدث الكبير الذى غير مجرى التاريخ فى مصر لم تكتمل أحداثه بعد، وثانيها أن المعركة لا تزال مستمرة، بل دخلت فيها أمور مستحدثة. منها أن المصريين أنفسهم قد تغيروا فى أحوالهم الاجتماعية والتعليمية والثقافية، وتغيرت أوضاعهم الاقتصادية. فمن كان يأتى من نشأة مادية متواضعة ربما يكون قد أصبح من كبار الأغنياء، ومن كان يأتى من عائلة ذات جاه ومال ربما تدهورت أحواله، وكل ذلك قد يكون راجعًا إلى ٢٣ يوليو، ولا يمكن بسهولة وفى استثناءات نادرة الفصل بينهما.
والأمر الثالث هو أنه لا توجد كتابات محايدة وتعطى صورة إيجابية أو سلبية لأى حدث من توابع ٢٣ يوليو، فإما أنها كارثة مظلمة أضاعت مصر ومستقبلها، وإما أنها كانت وردية عظيمة أعطت المصريين عزتهم وكرامتهم كما كان عبدالناصر يقول، ورفعت شأن الفقراء منهم. انظروا إلى ما كتب عن عبدالناصر بالعربية، فإما أن تقرأ كتبًا تمجد عبد الناصر كبطل لم يخطئ أبدًا وأنه الوحيد الذى كان واعيًا ويفهم ويعرف فى مصر وكل البلاد العربية، وأن الجميع أخطأ ما عدا هو، وإما أن تقرأ كتبًا أخرى تكتب أن عبد الناصر جاهل ومتهور وغير دارس لحركة التاريخ وعنده جنون العظمة وهو الذى قضى على مصر وأحلامها وساهم فى القضاء على المنطقة العربية. هذا الاختلاف الشاسع بين وجهتى النظر يعنى أن أى نقاش حول عبد الناصر، وهو أهم شخصية مصرية وعربية فى القرن العشرين، لن ينتهى إلا بمعركة. وعلى الجانب الآخر هناك كتب تاريخية محترمة عن ناصر بالإنجليزية تكتب بحياد وعقلانية ومصداقية، والفارق كبير بيننا وبينهم.
والنقاش فى هذا الأمر بالطريقة التى يحدث بها لن يؤدى إلى شىء، لأن كل صاحب رأى أو فكر وكاتب يبدأ النقاش أو حتى التفكير من نقطة معينة مقتنع بها تمامًا، وغير مستعد للنقاش فيها أو التفكير لا لزوم له.
والأمر الرابع هو أن الجميع يغمض عينيه تمامًا عن حقائق تاريخية ناصعة واضحة لا جدال فيها لأن إظهار الحقيقة يضعف وجهة نظره ويبين خطأه.
والأمر الخامس أنه لا أحد يفكر كيف يمكن أن دراسة تاريخ ٢٣ يوليو وتوابعها تؤثر إيجابيًا على فكر المصريين فى السنوات القادمة وتصحح لهم المسار وتنير لهم الطريق، لأن من لم يقرأ التاريخ ويعرفه جيدًا لن يستطع أن يتنبأ بالمستقبل أو المشاركة فى صفه مهما كان صاحب فكر أو سلطة أو نفوذ.
والأمر السادس هو أن الموقف فى منطقة الشرق الأوسط أصبح حرجًا وأن جميع البلاد العربية أصبحت أحوالها السياسية والاقتصادية، حتى البترولية منها، ضعيفة وتزداد ضعفًا وكلها تشهد انفجارا سكانيا وضعفا فى مصادر المياه والقدرة على التنمية وتحديث التعليم وتطوير التصنيع ولا حل لها إلا بفتح عصر من الفكر الجديد الذى لن نستطيع تطبيقه إلا بعد أن ندرس الماضى جيدًا ونفكر فى ماذا أخطأنا وفى ماذا أصبنا لنصلح المسار.
ليس غرضى أن أدخل فى جدال وخناقة، ممكن أن تحدث مع الجميع لأن الحساسية مفرطة تجاه أى فكرة، والنقد يعتبر كارثيا وغير مقبول، وأنا سبق أن كتبت رأيى بالتفصيل فى كتابى «على هامش الرحلة». وأود أن أوضح موقفى السياسى والاجتماعى والذى هو له بالتأكيد ينعكس على رأيى فى ٢٣ يوليو وما حدث فيها وأدى إليها.
أنا أؤمن تمامًا بمدنية الدولة، وأؤمن بحرية العقيدة، وبأن الدين لله والوطن للجميع، وبأن الأوطان والشعوب ليس لها دين لأن الدين للأفراد، ولكنى مقدر لأهمية الدين بالنسبة للأفراد فى الشعوب الشرقية، وأؤمن أيضاً بأهمية الحرية والقدرة على الاختيار للفرد وبالتالى الديمقراطية هى الطريقة الآمنة الوحيدة التى تقلل من الأخطار على مستقبل الدولة.
وأؤمن بضرورة تعدد الأفكار والآراء وامتزاجها حتى تصل المجتمعات إلى الرأى السديد. وأؤيد بشدة النظام الديمقراطى الاجتماعى المطبق فى دول أوروبا بشكل عام، حيث هناك مسؤولية على الدولة فى التعليم والصحة تحتلف حسب عدد السكان والوضع الاقتصادى وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لأن يعمل بحرية وابتكار على أن يدفع ضرائبه بدقة، وفى النهاية يؤدى إلى تقليل الفروق بين الطبقات.
هذه هى الأفكار العامة التى سوف أتحدث عن ٢٣ يوليو من خلالها. وفى الأسبوع القادم سوف نبدأ، «وإن شاء الله كلامى يكون خفيف على الجميع».
قوم يا مصرى.. مصر دايمًا بتناديك

Sunday, July 28, 2019

الأنبا موسى يكتب: الشباب.. ووسائل الإعلام المعاصر ٢٨/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

١- أصبح للإعلام تأثير بالغ، فى حياة الفرد، والأسرة، والمجتمع، بل إنه أصبح السلاح الحقيقى بين الدول، فى صراعاتها ومنافساتها، حتى إن سقوط الاتحاد السوفيتى كان ثمرة وصول الفضائيات إلى شبابه، ومقارنات أبنائه بين حياتهم الفقيرة، والحياة الغنية فى الغرب!.
٢- ولقد اختلط الإعلام بالمعلومات، فصار تأثيره شاملاً ومضاعفًا. وأحيانًا متطرفًا أو منحرفًا، بحسب أصحاب هذه الوسائل حتى وصلت حد الانفلات والإثارة لأجيالنا الصاعدة.
٣- لقد أصبحت وسائل الإعلام - فى عصر الاتصالات والمعلومات - ذات أثر خطير فى حياة أجيالنا الصاعدة، وبخاصة الأطفال والشباب. فهى الآن ليست فقط فى كل بيت، بل فى كل أنحاء العالم، وفى متناول الجميع، تقدم مادتها بالصوت والصورة، كما أنها تعمل ٢٤ ساعة فى اليوم، وكل أيام الأسبوع، بلا هوادة ولا توقف، مع تطور إلكترونى جبار، جعل الحدث يعرفه الجميع فى نفس لحظة وقوعه.
وهنا نتساءل
١- ما هى وسائل الإعلام؟
٢- وما تأثيراتها الإيجابية؟
٣- وتأثيراتها السلبية؟
٤- وطريقة التفاعل السليم معها؟
■ ■ ■
أولاً: ما هى وسائل الإعلام؟
ازدادت وتنوعت وسائل الإعلام، وبسرعة رهيبة، فقد كنا فى القديم، قبل نصف قرن من الزمن نطالع بعض الصحف، ونستمع إلى بعض محطات الإذاعة المصرية، ثم جاء الراديو «الترانزستور»، ثم التليفزيون (أبيض وأسود)، ثم الملون، ثم تعددت قنواته، ثم الفيديو (الذى فيه تختار ما تريده بنفسك)، ومع نهاية القرن العشرين حدث انقلاب كامل فى مفهوم التليفزيون، وظهرت القنوات الفضائية، ثم شبكة الإنترنت، ثم «التليفزيون التفاعلى»... إلخ.
وهذه بعض وسائل الإعلام التى كانت والمتاحة حاليًا:
١- الصحافة: ازداد عدد الصحف جدًا، القومية، والحزبية، والمستقلة.. وهذا جيد بالطبع.. وإن كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لاستيعاب ما يكتب هنا وهناك. ولكن المشكلة الأصعب أن هناك صحفًا تدعى «الصفراء»، التى تقوم على نشر السلبيات، أو على احتواء بعض مقالاتها على أكبر قدر من الشتائم، وهدفها من كل ذلك مجرد الربح المادى، فالبعض - للأسف، ولأسباب نفسية - يحب أن «يتسلى» بهذه الكتابات. فإن ساء أحد ما نشر بخصوصه، وكتب ردًا وأرسله للجريدة، تسرع الجريدة بنشره، عملاً بحرية النشر، مما يؤدى إلى المزيد من التوزيع، بل إن البعض يعلق على التعليق، لمزيد من الردود... إلخ. هذه الحلقة المفرغة والفارغة، لاشك أن لها تأثيراتها السلبية على الناس، وبخاصة الأجيال الصاعدة.
٢- الإذاعة: هى الوسيلة الأخرى، ولأنها مسموعة وليست مقروءة، فهى لا تخاطب شريحة المتعلمين فقط - كالصحافة - بل أيضًا شرائح أوسع من الشعب، حتى الأميين والبسطاء.
وهناك الآن محطات كثيرة جدًا تابعة لبلادنا، ما بين البرنامج العام، والموسيقى، وصوت العرب، والشباب والرياضة، والشرق الأوسط، وإذاعات الأقاليم... إلخ. وهى - والحمد لله - خاضعة لرعاية الدولة إلى حد كبير.
كما أن الإذاعات القادمة من خارج مصر، مثل الإذاعة البريطانية أو الأمريكية أو مونت كارلو أو الدول العربية أصبح لها روادها فى مصر، بسبب سرعتها فى إذاعة الأنباء، وتحليلاتها المدروسة والمفيدة، وما تقدمه من آراء متباينة وحوارات جادة.. ثم جاء الترانزستور فى الجيب والسيارة، لمزيد من الإعلام وبرامجه.
٣- التليفزيون: بمفهومه القديم والجديد، كان ومازال أكبر عامل فى تربية أطفالنا وفتياننا وشبابنا.. فالصوت والصورة معًا.. والحركة السريعة المثيرة.. والتأثير الدرامى أو الكوميدى المعروض عليه.. والكم الهائل من القنوات المصرية والفضائية.. يستغرق وقتًا طويلاً من حياة الناس، لدرجة أن الإحصائيات تقول إن الشاب الذى يبلغ من العمر ١٨ سنة، يكون قد قضى ١٥.٠٠٠ ساعة (خمس عشرة ألف ساعة) أمام التليفزيون. وهو تقدير معقول لو حسبنا أنه يقضى من ساعتين إلى ثلاث كل يوم أمام التليفزيون. وبذلك فالشخص الذى يبلغ من العمر ٦٥ سنة، يكون قد قضى ٧-٩ سنوات كاملة من عمره أمام التليفزيون، حيث تزداد ساعات المشاهدة مع تقدم العمر.
٤- الفيديو: وتنبع خطورته من غياب الرقابة، حيث كان يختار الشاب ما يريده من شرائط وأفلام، ويختار الوقت الذى يشاهدها فيه، بمفرده، دون رفقة أحد من الأسرة. وكان يمكنه لذلك مشاهدة أفلام مليئة بالإثارة، أو أفلام الـpornography الإباحية. وكانت تكمن خطورة الفيديو فى عنصر «الإرادة الشخصية».. والقدرة على الاختيار.. سواء كان اختيارًا إيجابيًا أم سلبيًا! وبالطبع إمكانية أن يتبادل الأشرطة مع أصدقائه، بحسب نوعيتهم، إن كانوا أصدقاء سوء، أو أصدقاء نعمة بناءة.
٥- القنوات الفضائية: وقد أصبح الهواء مزدحمًا بها، وهى تبث برامجها من خلال الأقمار الصناعية، وخطورتها تنبع من الكثرة المذهلة، والدوام طول الليل والنهار، مع ضعف الرقابة، وأحيانًا تقديم مواد سيئة ومثيرة، جذبًا للمشاهدين، وبالتالى الحصول على إعلانات أكثر، وأرباح أكثر. كما أن خطورتها تنبع - على المستوى الجماعى - من استحالة تحجيمها أو تحديدها، فقد تساقطت كل الأسوار، وأصبحنا فى عصر «السماوات المفتوحة».. كل ما سبق كان فى الماضى! ولايزال.. ثم جاءت شبكة الإنترنت.
٦- الإنترنت: وهى شبكة المعلومات الهائلة، التى تبلغ مواقعها بالمليارات، وهى مفتوحة على الدوام، وبحرية كاملة، وفى كل بقاع الدنيا.. وبالطبع فإن لها إيجابياتها وسلبياتها المؤثرة على أجيالنا (يتبع).
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


خالد منتصر - حقن الجذعية فى الخصية جريمة - جريدة الوطن - 7/2019 /27

كتبت عدة مرات عن موضوع حقن الخلايا الجذعية الوهمية التى تحقن فى الخصية، والتى يتجاوز ثمنها المائة ألف جنيه لعلاج العقم، والتى يمارسها طبيب نساء فى مدينة نصر على المئات كل أسبوع، بعدما كتبت سلسلة مقالات، تم إغلاق وتشميع عيادته بواسطة وزارة الصحة لمدة أسبوع، وعاد ليعمل أكثر مما قبل، وتضاعف عدد الزائرين، وبالتالى الملايين الحرام المسروقة من جيوب الغلابة ببيع الوهم، الآن تطور الطبيب من بيع الوهم للمصريين، إلى بيعه لأبناء الخليج، وقد أرسل لى مريض سعودى صورة الشكوى التى قدّمها لسفارة السعودية، والتى يقول فيها إنه لا ينجب منذ ربع القرن، وإن الطبيب المصرى ضحك عليه وأعطاه حقنة بثمانية آلاف دولار!!، أتمنى التحرك السريع من وزارة الصحة والنقابة، ومعى كل الوثائق التى من المفروض أن تؤدى إلى شطبه من مهنة الطب أساساً، وهذا أقل واجب، وهذا هو بيان جمعية أمراض الذكورة، الذى كان قد وصلنى منذ فترة، وهو ينفى صفة العلمية عن أى حقنة للخلايا الجذعية، ويصفها بالدجل، يقول البيان:
حرصاً من الجمعية المصرية لأمراض الذكورة على المواطن المصرى، وانطلاقاً من حق الجمعيات المدنية الدستورى فى المشاركة بانضباط الممارسات المهنية فى المجتمع، تمت مناقشة بعض الممارسات الطبية الخاطئة وغير الأخلاقية، التى تهدف إلى الكسب المادى واستنزاف موارد المريض المصرى، ومن هذه الممارسات الآتى:
حقن الخلايا الجذعية لعلاج عقم الرجال، التى لا تستند إلى سند علمى، حيث إن الخلايا الجذعية لم يتم تطبيقها على الإنسان فى أى دولة فى العالم، وتتم التجارب على نسيج الخصية معملياً أو على فئران التجارب، وهذا النوع من العلاج لم يُقر حتى الآن، وهؤلاء الأطباء الذين يمارسون هذا النوع من العلاج يهدفون إلى استغلال حاجة بعض الرجال، الذين يعانون من العقم، نتيجة أسباب مستعصية، فى الكسب المالى الكبير، حيث يتم هذا العلاج مقابل العشرات من الآلاف من الجنيهات ولم يثبت أن واحداً من هؤلاء المرضى استفاد من ذلك.
وفى هذا الاجتماع، قرر المجلس الآتى:
1 - هذه الممارسات التى يقوم بها هؤلاء الأطباء تُعد مخالفة للقواعد والأسس الطبية والأخلاقية والعلمية.
2 - رفع الموضوع إلى النقابة العامة للأطباء ووزارة الصحة، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية، تردع هؤلاء المنحرفين وتصون حقوق المريض المصرى وإظهار هيبة الدولة وقدرتها على ردع المخالفين من أى فئة فى المجتمع.

Saturday, July 27, 2019

نهر مصر ليس هو النيل بقلم د. وسيم السيسى ٢٧/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

صرحت السفيرة الأمريكية آن باترسون بأن عودة اليهود من الشتات ومن جميع بلدان العالم إلى «أرض الموعد» من النيل إلى الفرات صارت وشيكة، وقالت إنها لعبت بكل فخر دورًا محوريًا فى تحقيق النبؤات التى قيلت عنها بصورة تعتبر إعجازية، إلى هنا انتهى كلام باترسون، وقد يكون منسوبا إليها، ولكنه متداول، بل هناك خرائط تصور إسرائيل الكبرى من النيل للفرات!
فى بحث علمى موثق غير مسبوق للأستاذ وحيد صاحب برنامج الدليل فى قناة الحياة يقول: إن وعد الله لأبى الأنبياء إبراهيم فى سفر التكوين ١٥: ١٨ صحيح، هذا الوعد الخاص بأرض الموعد the promised land من «نهر مصر» river of egypt إلى نهر الفرات النهر الكبير!
يقول الأستاذ وحيد: من قال إن نهر مصر هو نهر النيل؟ النيل فى النسخة العبرية «ياور» بينما نهر فى النسخة العبرية: نار أو نر أو نهر أو نير!
ملحوظة من عندى: ياور العبرية هى يارو المصرية القديمة ومعناها الجنة.
يعرض الأستاذ وحيد فى حلقة ٢٩٠ من برنامج الدليل عشرات الخرائط التى توضح «نهر مصر»: هو نهر موسمى فى سيناء على حدود العريش ويبعد ٢٨٠ كيلومترا عن ياور أو يارو أو النيل! كما يؤكد لنا أن كلمة ياور أو النيل جاء ذكرها فى الكتاب المقدس عشرات مرات، ولم تذكر مرة واحدة أن لها علاقة بأرض الموعد، بل تحدد دائما الحدود الجنوبية لأرض الموعد بهذا النهر الصغير الموسمى فى أرض سيناء المذكور والمرسوم فى كل خرائط العالم «بنهر مصر» وليس النيل.
يقول الأستاذ وحيد: كل يهودى يعرف العهد القديم جيدا يعرف أن نيل مصر طوله ٦٦٥٠ كيلومترًا، بينما النهر الكبير، نهر الفرات ٢٩٤٠ كيلومترا، وهذا يؤكد أن نهر مصر الموسمى الصغير الذى يشق الجزء الشمالى من سيناء غير النيل العظيم الذى يشق مصر، إذن «نهر مصر» هذا الجدول الصغير ليس هو النيل العظيم ياور أو يارو.
يحدثنا الأستاذ وحيد عن نهر الفرات كيف ينبع من الأناضول ويمر بتركيا، ثم العراق، ثم سوريا، حتى يصب فى الخليج العربى أو الفارسى، فهل حدود أرض الموعد هى تركيا، العراق، سوريا؟ أم أن حدودها جزء صغير من نهر الفرات وهى عند مجدو؟
إن أرض الموعد ليست واحدا على عشرة مما تدعيه الصهيونية العالمية فى خريطة إسرائيل الكبرى! ويؤكد كلام الأستاذ وحيد ما جاء فى هذا الكتاب الرائع: التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها بناءً على علم الآثار، تأليف العالمين اليهوديين: إسرائيل فنكلشتاين، نيل أشرسيلبرمان.
كان العبرانيون فى أرض جاسان «الشرقية» ويدعون أنها أرضهم، ويرد عليهم أستاذ وحيد جاء فى التوراة: سوف تستعبدون فى أرض غريبة عنكم «مصر» فكيف تكون أرضهم؟! ويقولون إن بابل أرضهم، ويرد عليهم مزمور ١٣١: على أنهار بابل هناك جلسنا، طلبوا منا أن نرنم ترنيمة للرب، كيف نرنم ونحن فى أرض غريبة؟! إذن بابل ليست أرضهم!
ادَّعوا أن الوعد بعودتهم تحقق ١٩٤٨، ويرد عليهم البابا شنودة ١٩٦٥ أن هذا الوعد قد تحقق بعد عودتهم من السبى البابلى القرن الخامس قبل الميلاد.
ادعوا أنهم بناة الأهرام، والأهرام عبقرية هندسية فلكية لا علاقة لها بالعبرانيين، لأنها فوق مدارك رعاة الغنم، كما اعترف بيجن لهدى توفيق «جريدة الجمهورية» بأن المصريين هم بناة الأهرام.
خلاصة الخلاصة، النيل ليس هو «نهر مصر» الموسمى الصغير الموجود فى سيناء ويعتبر الحدود الجنوبية التوراتية ليهوذا وإسرائيل، أيضاً «نهر مصر» ترعة صغيرة بالنسبة للفرات، كما أن الفرات كله أقل من نصف نيل مصر، أيضًا.
أرض الموعد فى التوراة ليست الخريطة المزعومة المتداولة والتى تضم العراق وسوريا ولبنان، وجزءا من السعودية، وجزءا من مصر، ولكنها كما قال عنها مؤلفا كتاب التوراة اليهودية: كانت مجموعة قرى جبلية منعزلة نائية، لا وزن لها، فى منطقة التلال والمرتفعات الوسطى فى أرض كنعان.
قد أختلف مع الأستاذ وحيد، ولكن ما يجمعنا هو حب مصر العميق، هذا البحث غير المسبوق يجب أن يعمم ويدرس فى كل مكان وزمان.


خالد منتصر - صورة سيلفى فى الجنازة!! - جريدة الوطن - 7/2019 /26

يا حزين يا قُمقُم تحت بحر الضياع
حزين أنا زيَّك وإيه مستطاع؟!
الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع!
الحزن زى البرد... زى الصداع
                                                       عجبى.
فعلاً الحزن لم يعد له جلال ولا هيبة، من حضروا مراسم دفن وجنازات بعض الفنانين فى الفترة الأخيرة بدأوا يلاحظون أن الفضول والحشرية والقفز على الجنازة لتحقيق انتصارات صغيرة لكاميرات موبايل وغزوات سيلفى، صارت هى القاعدة، وأن المصرى الذى كان يُعتبر أكثر إنسان على وجه الأرض اخترع طقوساً ومنح قدسية للموت، رسم على المعابد وبنى أهرامات وحنّط مومياوات وشيّد مقابر وتوابيت وصمم موازين الدار الآخرة ووضع مع الميت مستلزمات استهلاكاته لما بعد الموت... إلخ، صار هذا المصرى الآن كل همه فى الجنازة «ممكن صورة سيلفى»، ثم تطورت إلى أخذ لقطة السيلفى بالعافية، وفى العزاء نفس الشىء، بل صار يصور فيديو على الهواء مباشرة لايف على فيس بوك!! سخرية من البكاء والدموع وجلال الحزن، اقتحام خصوصية ودس أنف، كل هذا تزامن مع شماتات سافلة فى موت هؤلاء المشاهير، خاصة الفنانين، بوستات شتائم، دعوات إلى الله بالعذاب والنار والانتقام!!
فضلاً عن مشاركة الوجع، افتقدنا أقل معايير الذوق واحترام مشاعر الآخرين، كاميرا الموبايل فقدت وظيفتها كتخليد ذكريات، وتحولت إلى كادرات تربُّص ولقطات فضح وأضواء تجريس وعدسات تدمير سمعة، صار لحم الفنان مستباحاً حياً وميتاً، أصبحت أسرته مرعوبة من قراءة وسائل التواصل حتى لا تفتح بلاعة النهش والتقطيع، أو ما يسميه الجيل الجديد «التحفيل».
الحزن الذى هو إحساس إنسانى راقٍ، يغسل البشر، صار ساحة عراك على سيلفى، بينما الميت فى النعش، هناك نعش آخر لكل قيمة جميلة كانت فى حياتنا، وأولها احترام حزن البشر وقدسية الموت وجلال الموقف، أما احترام الفنان وحبه وعشقه القديم فصار يتبخر مع غلاظة الحس التى، للأسف، ربطت ما بين التدين وكراهية الفن واختلاق خصومة بغرض تجفيف وتصحير مشاعر الأتباع فى تنظيمات الإسلام السياسى، والكارثة أن تلك المشاعر انتقلت إلى الكثيرين من الجمهور العادى، يدفع تذكرة ليشاهده فى حياته ثم يشتمه بعد مماته، وهناك من صار يسيّس الموت، ويأتى للمرحوم بمشهد مظاهرة أو بوست معارضة يتفق مع موقف الشخص السياسى، وإن لم يجد ما يتفق، يُخرج ثعابينه وحياته ويبرد ويسن لسانه وكيبورده، ليجلد الميت بكل ما لذ وطاب من شتائم الأم!!، اتركوا دموع الحزن والشجن تغسل الروح من أدران الضغينة والحقد والغل، لا تحبسوها فى الأحداق أو تغتالوها فى المحاجر، سيلفى الجنازة كوميديا سوداء فى زمن عزت فيه الضحكات وبخل القدر علينا فيه بالبسمة الصافية غير المرسومة أو المفتعلة.

Friday, July 26, 2019

خالد منتصر - الفن دواء الفنان - جريدة الوطن - 7/2019 /25

شاهدت عرض «الملك لير» الأخير وكان الفنان الراحل فاروق الفيشاوى من أروع بصمات هذا العمل الفنية والإبداعية.
كنت أعلم تفاصيل حالته الصحية المعقدة التى لا تسمح لأى مريض إلا بالحركة المحدودة والجهد القليل جداً الذى بالكاد يكفى لأداء المهام الأساسية للحياة من طعام وشراب، كنت أعرف أن طاقة كبده المكدود محدودة وضعيفة وفى غاية الوهن، ولكنى رأيت أمامى على المسرح غول تمثيل فى دور من أصعب الأدوار فى المآسى الشيكسبيرية، دور الأعمى الذى كان فيه صعود وهبوط، ذروة وسكون، بهجة وحزن، اقتحام وصدمة، استقبال حياة وفقد أبناء، بصر وبصيرة حادة ثم عمى وبكاء وحيرة وتوهان، كان يصول ويجول على خشبة المسرح كالمارد، وكان هناك مشهد فى الصالة بين أفراد الجمهور فى نهاية المسرحية يؤديه وهو معصوب العينين، وبالرغم من أن هناك عيباً أساسياً حدث فى يوم العرض وعلى خشبة المسرح، وهو رداءة الصوت وتآكل الكلام والعبارات فى أفواه بعض الممثلين، فإن الفيشاوى كانت لغته العربية مضبوطة ونطقه واضحاً ومخارج الألفاظ مضبوطة ومسموعة حتى لمن يجلس فى نهاية الصالة.
اندهشت، ما هى القوة الغامضة التى منحت هذا الفنان تلك القدرة العجيبة؟!، ما هو السحر الذى تسلل إلى أعصاب وجسد الفيشاوى لينسى تماماً آلامه المبرحة وصرخاته المكتومة وتأوهاته المخفية؟!
إنه الفن، تلك الكيمياء الإبداعية الساحرة التى تمنح الفنان قدرات السوبرمان وتمنحه إكسير الخلود حتى ولو رحل جسداً وخذله الطب، إنها حقنة الفن وكبسولة الإبداع وقرص سيد الفنون المسرح، تصفيق الجمهور يمنحك القوة، آهات الإعجاب تغتال تأوهات الوجع، نفس ما كان يحدث لعبدالحليم حافظ الذى كان ينزف بعد انفجار دوالى المرىء نافورة دم تغرق السرير والوسائد، ثم يقف على خشبة المسرح ليغنى ويسعد جماهيره، مجروح الكبد المجهد، مشدود الوتر الحنجرى المسعد، جالب الفرح والسعادة إلى مستمعيه وعشاقه، كان يغنى «دقوا الشماسى» وندبة جرحه تحتل نصف بطنه المفتوح بالمشارط والمقتحم بالخراطيم والأنابيب و«الدرانق»!
لمست هذه التجربة أيضاً عندما حضرت فى الأقصر حفلاً لمحمد منير فى أحد مهرجانات السينما، وكان الحفل على وشك الإلغاء لأن آلام المغص الكلوى قد هاجمت «الكنج»، كان عشرات الآلاف ينتظرونه منذ خمس ساعات هاتفين باسمه، فى وصلة فرح وانتشاء، ولأننى أعرف قسوة وشراسة هذا النوع من المغص، فقد قلت لمن هم بجانبى من الفنانين، مستحيل محمد منير حييجى الحفل بعد المغص الكلوى والحقن والألم، لكنى خسرت الرهان، لأن الفن أقوى من أى رهان، ومن أى ألم، الفن أقوى من كل المعوقات والتخوفات والأحزان، حضر منير وغنى كما لم يغنّ من قبل، وأسعدنا وهو يتألم، وغطى صوت تصفيق المعجبين على صوت فحيح المرض، إنه سر الفن وسحره.
سنفتقد الفيشاوى كثيراً كفنان حقيقى وعظيم، لكن الفنان الذى يلج من باب هذا السحر والألق الفنى والذى تندهه نداهة الفن، يعرف وهو يقتحم هذا المجال أنه مقدم على مجهول صعب، لكن مقابل الخلود والبقاء فى ذاكرة الناس والجمهور كنز، مقابل لا يقدر بمال أو ثروة، كلنا نبحث عن علاجات لتخفيف آلامنا، إلا الفنان الذى يأخذ قرص الدواء لمراوغة المرض اللعين، وهو متأكد تمام التأكد أن هناك دواء آخر سيخلده ويعالج آلامه، إنه الفن.

Thursday, July 25, 2019

خالد منتصر - خنق الأشجار بالألوان - جريدة الوطن - 7/2019 /24

مشهد دلق جرادل البوية الملونة على جذوع أشجار بورفؤاد استعداداً لاستقبال الوزراء هو مشهد صادم ومُؤذٍ للعيون، وأولها عيون الوزراء أنفسهم.
إذا كان المجلس المحلى يعتبر هذا التلوين المثير للغثيان تجميلاً للمدينة، فهذا ليس تجميلاً لكنه تقبيح وتدمير وتشويه وتخريب، والمدهش والغريب أن هذا المنظر بات يتكرر فى كل المدن والمحافظات، ما إن تنادى المسئولين نداهة التجميل وتخرج الميزانية ببند إضفاء طابع الجمال على المحافظة، سرعان ما تجد فى الشوارع عمالاً يحمل كل منهم جردلاً صدئاً وفرشاة صلعاء وألواناً كالحة، وبكل همه ونشاط يبدأ بأعمال النقاشة على جذوع الأشجار، يُلبسها أردية المهرجين، تحس فجأة أنك قد دخلت سيركاً انطلق فيه البهلوانات يتشقلبون بين صفوف الجماهير بلا ضابط أو رابط، عملية خنق منظمة مع سبق الإصرار والترصد لأشجار كانت تتنفس فقرر المسئولون إدخالها العناية المركزة مع سحب أسطوانات الأكسجين وشد الخراطيم وكتم الأنفاس.
لماذا صرنا متآلفين مع القبح، مخاصمين للجمال؟
هذا الجير الذى يُدلق بفوضوية وحماقة على جذوع الأشجار التى تضفى بألوان جذوعها الطبيعية بهجة وحياة على الشوارع والطرق، وتطبطب على الأرواح والقلوب، هذا الجير هو طعنة للذوق، هناك انسجام بصرى يتم كسره وبعثرته لصالح قبح يصبغ الفضاء العام، هناك عين لا يتم تدريبها على تذوق الجمال فيصبح من الطبيعى أن تتصالح مع الفجاجة والدمامة، ترى أطنان القمامة فلا تُصدم وتقول «عادى» وتمر عليها بمنتهى السلام والطمأنينة، تتطور العين بعد ذلك لتتصالح مع مشهد الدم والضرب والاغتصاب، فهى عين قد صارت بلا بوصلة جمالية، ترى الأشجار أمامها تُعامَل كالمطاريد والمجرمين، ترى عنفاً فى التعامل معها، وقطعاً لها وكأن بين المجالس المحلية والأشجار ثأراً وضغينة.
القضية ليست فى تعيين أكاديميين فى علم الجمال فى البلدية، ولا الاستعانة بفنان تشكيلى فى اللجان المنبثقة، لكن فى تعليم الطفل فضيلة الفن والجمال والذوق، فتصبح لعدسات عينه مناعة ضد القبح، يصبح الفرد مخاصماً للعشوائية والفوضى والقذارة والزبالة... إلخ، التناسق المعمارى، تماثيل الميادين ومجسماتها التى تنتمى لأزميل مختار وآدم حنين والسجينى، وتلاميذهم من الشباب الذين نرى أعمالهم على الفيس بوك بينما هم منبوذون فى الشوارع والميادين، تماثيلهم وأعمالهم الفنية مخزنة كمشاريع تخرج فى مخازن كليات الفنون!!
متى يصبح تذوق الجمال فريضة؟
لا تتعللوا بضيق ذات اليد والميزانيات الضئيلة، فالجمال لا يحتاج ثروات بالملايين، فالزهور فى شرفتك تتكلف ملاليم، تناسق ألوان ملابسك وبيتك وأثاثك ليس معادلة كيمياء أو لوغاريتمات، كل المطلوب منك لشجرة أن ترويها وتتركها فى حالها وتنسق أغصانها عندما تطلب التهذيب والتشذيب، وهى حتماً ستتنفس جمالاً وفرحاً وألقاً سينعكس على سلامك النفسى، فراحة القلب والعقل تبدأ مع راحة العين.

Tuesday, July 23, 2019

د. محمد أبوالغار يكتب: حادثة رهيبة.. فماذا نحن فاعلون؟ ٢٣/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


 قرأت على وسائل التواصل الاجتماعى خبراً عن جريمة القتل التى حدثت فى شارع عدلى الأسبوع الماضى. وملخص ما كتب أن مواطنا مصريا فى يوم شديد الحرارة سرق من سوبر ماركت فى وسط القاهرة الخديوية علبة مياه غازية مثلجة ليشربها، وضبطه أصحاب المحل وهم ثلاثة مواطنين، فقاموا بجذبه داخل المحل وضربه حتى فارق الحياة.

بشاعة الحادث والعقاب الذى ناله المواطن القتيل لا تتناسب على الإطلاق مع حجم الجريمة. فقررت أن أتقصى عن الحادث لأننى لا أثق فى كل ما يكتب على هذه الوسائل. فرجعت إلى الصحف القومية لأنها تأخذ معلوماتها مباشرة من وزارة الداخلية. نشرت صحيفة الأهرام تقريراً يقول إنه حادث درامى، واختلفت الصحف ووسائل التواصل حول هوية القتيل، بين شاب أو رجل فى الأربعين من عمره، وبين متسول أو متشرد أو عاطل، وأجمعت كل المصادر على أنه غير معروف الهوية. والجميع نشر أن مكان الحادث فى شارع عدلى بالقرب من المعبد اليهودى، بل كتبوا اسم المحل ونشروا صورته.
قالت الأهرام إن الحادث كان يوم الخميس الساعة التاسعة مساءً، فى هذه المنطقة شديدة الازدحام فى يوم عطلة نهاية الأسبوع، واتفقت كل الصحف على أن القتيل حاول سرقة علبة مياه غازية فأمسك به أحد أصحاب المحل وبالاستعانة باثنين آخرين (قيل إن الثلاثة أخوة) دفعوه داخل المحل وقاموا بتوثيقه بحبل ثم انهالوا عليه ضرباً حتى فارق الحياة، وحملوه خارج المحل وألقوا به بجوار كشك كهرباء فى الشارع. وأبلغ أحد المارة الشرطة، التى اتصلت بقسم عابدين، وحضر ضابط المباحث. وكالعادة كتبت الصحف أسماء أربعة ضباط بدءاً من ذوى الرتبة الأصغر الذى عاين الجثة، ثم أسماء ضباط ذوى الرتب الأعلى. واعترف المتهمون، أمام النيابة، بالواقعة، لكنهم قالوا إنهم لم يتعمدوا قتله، وإنما تأديبه فقط.
هذه الحادثة لها دلالات كثيرة وتنم عن مخاطر مجتمعية خطيرة علاجها ليس أمنيا، لأن الجريمة لم تحدث بسبب شبهة تقصير أمنى ولا تستدعى نشاطاً وخبرة أكثر من الشرطة.
أولاً: كيف يقوم ثلاثة شبان من المفروض أن عندهم قدراً من التعليم وأن عندهم بيزنس فى منطقة مهمة فى وسط المدينة بتكتيف شخص داخل محلهم والاعتداء عليه بالضرب المبرح حتى الموت؟ هذه القسوة البالغة غير الإنسانية عندما يشترك فيها ثلاثة أفراد تعنى أن هناك موافقة جماعية منهم على تأديب القتيل بهذه الطريقة الفظة، إذن هو حادث ليس بسبب جنون أو تهور فرد وإنما هو جنون جماعى مجتمعى، فهم لا يخافون من إصابة الرجل أو موته ولم يخافوا على سمعة السوبر ماركت وهو مصدر رزقهم. كيف يتعامل الجيران والمحال المجاورة مع من يقوم بضرب مواطن داخل محل عمله بهذه القسوة مهما كانت جريمته، ولم يفكروا لحظة فى عواقب ما يرتكبون على مستقبلهم.
ثانياً: هذا الجنون المجتمعى له درجات، هذه الحالة هى أقصى درجاته، فما فعله القتلة من أجل علبة مياه غازية لم يفكر الثلاثة فى خطورة ما فعلوه، لم يفكر أحد فى أنها سرقة طفيفة، ولا أن القتيل ربما كان شديد العطش فى يوم حار وهو لا يملك ثمن العلبة.
ثالثاً: انتشار الفقر والبطالة، خاصة فى بعض المناطق مع وجود إعلانات عن شقق بعشرات الملايين، ومأكولات بمئات الجنيهات أمر يستفز ملايين الفقراء المصريين، ويشجعهم على عدم الالتزام بالقانون الذى يعتبرونه يحمى الأغنياء فقط، وتدفعهم إلى ارتكاب جرائم أحياناً تكون صغيرة وأحياناً تكون كبيرة.
رابعاً: الشعب المصرى كان معروفا عنه الشهامة ومساعدة الناس، وبالتأكيد أثناء وقوع الضرب كان هناك ناس فى الشارع، وجيران ومحال أخرى ولم يتدخل أحد لإنقاذ القتيل، ولكن اشتداد حالة العنف فى الشوارع المصرية وحمل الأسلحة البيضاء جعل الكثيرين يحجمون عن التدخل والمساعدة خوفاً على حياتهم.
خامساً: إن هناك الآلاف من حوادث السرقة البسيطة والنشل يعاقب من ارتكبها بشدة من المجتمع ومن الشرطة قبل أن تصل إلى النيابة والقضاء. كلنا حدثت لنا سرقات من هذا النوع فى البيوت أو العمل أو الشارع، وعندما تحدثت مع أحد اللصوص الفقراء بعد حادثة سرقة بسيطة كان جوابه لى سريعاً وتلقائياً بأن ما فعله لا يستحق العقاب لأن هناك المئات من كبار اللصوص ولا أحد يعاقبهم، وأنا الغلبان لماذا تفعلوا كل هذه الضجة على هذه السرقة البسيطة؟
بالتأكيد هم الآن نادمون على فعلتهم لأنهم يعتقدون أنه لو لم يفقد الرجل حياته لكان الموضوع انتهى بدون أى عقاب، وإنما المشكلة أنهم زادوا جرعة الضرب.
التهور الشديد فى مخالفة القانون أصبح ظاهرة خطيرة، نراها طول الوقت فى الشارع بالسيارات والتوك توك والبلطجية. لقد أصبحت أعدادنا كبيرة جداً وأصبحت الكثافة السكانية فى رقعة صغيرة فى العشوائيات حيث الفقر والجهل والبطالة تؤدى إلى غياب قيم مصرية أصيلة لاتزال موجودة فى الأحياء الشعبية القديمة التى فيها عائلات مترابطة وبالرغم من الفقر لايزال للقيم بعض الوجود. المشاكل ضخمة وصعبة الحل ولكن دعنا نجد حلاً ناجعاً للمشكلة السكانية، وهى السبب الأول وراء كوارث كثيرة، وجعلت الحلول صعبة إن لم تكن مستحيلة. فلنبدأ بخطوة جدية لإيقاف الكارثة. دول كثيرة تقدمت فى حل المشكلة فمتى نبدأ؟
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

خالد منتصر - الشريحة الإلكترونية لعلاج الشلل نصب ودجل - جريدة الوطن - 7/2019 /22

النصب الطبى عبر النت ووسائل الإعلام صار مرعباً وكارثياً، آخر مظاهر النصب الطبى التى عرفتها من رسالة وصلتنى وتأكدت من تفاصيلها، أن هناك إخصائى علاج طبيعى مصرياً كان يعيش فى أمريكا خدع المئات من المصريين ونصب عليهم بما يُسمى الشريحة الإلكترونية.
ويُعلن عبر صفحته الشخصية عن علاج لإصابات الحبل الشوكى بالشريحة الإلكترونية، ومن ثم تكالبت تعليقات المرضى تعليقاً تلو الآخر عن العلاج وكيفية الحصول عليه ومعرفة النتائج والتكاليف، دون أن يسأل مريض واحد عن مصدر الكلام وصحتهِ، تقول الرسالة:
عندما دخلت على صفحته وطلبت منه توثيق الكلام الذى يقوله وأين الروابط التى تَدُل على ذلك، وأين موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على هذا الكلام؟ طلب منى عدم التعليق والنشر على صفحته الشخصية، وظل يوهم المرضى بأن النتائج من 50 إلى 75 بالمائة، وأن تكلفة العملية 90.000 (تسعون ألف) دولار، بعدها تمادى فى الكذب ليُعلن أن العملية تجرى فى بانكوك، وقال هناك بعض الأطباء قدموا من بانكوك وأخذوا فكرة ابتكار العلاج، وطلب من المرضى تفعيل جروب يخص إصابات الحبل الشوكى ليوجد معهم فى الجروب، وبعد إنشاء الجروب وضم مئات المرضى فيه أعلن الدكتور بأنه سيزور مصر وأنه سيقوم بالكشف على المرضى، وبالفعل ذهب الكثير من المرضى للكشف، وكان سعر الكشف 2000 جنيه مصرى، وظل يوهم المرضى بعملية الشريحة الإلكترونية، وأن لديه فريقاً طبياً فى أمريكا ويريد أن ينقل هذه الخبرات إلى بلده ليستفيد منها المرضى، لكن لا بد من موافقة وزارة الصحة على ذلك.
وبعدها قام بالترويج عبر الإعلام، ليوهم الجميع بأن هناك علاجاً بالشريحة الإلكترونية لإصابات الحبل الشوكى.
بعدها ذهب إلى أمريكا ليعود مرة أخرى إلى مصر، وما زال يمارس الكشف والأكاذيب والنصب على المرضى وما زال يعدهم ويُمَنّيهم بعلاج وهمى ليس له وجود ولم تتم الموافقة عليه حتى الآن، وهو إخصائى علاج طبيعى، مع احترامى لإخصائى العلاج الطبيعى الذى لا يتعدى حدود تخصصه، هذا الإخصائى لا توجد له صلة بأى بحث، لا شريحة ولا غير شريحة على الإطلاق، وكيف يتجرّأ على ذلك، وهو ليس بباحث ولا طبيب مخ وأعصاب؟!
يصرخ صاحب الرسالة، قائلاً: وما زالت العشوائية وغياب الرقابة موجودة حتى الآن، ومن يتابع بشغف ما يحدث حول العالم من تطوير لعلاجات إصابات الحبل الشوكى، وما يحدث فى أمريكا فى مركز كيك الطبى بجامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس عن تطوير علاج بالخلايا الجنينية، وما يحدث فى مايو كلينيك روتشستر، وما يحدث فى جامعة ليوزفيل وما تفعله الدكتورة سوزان هاركيما فى كنتاكى، وما يفعله الدكتور إد ويرث فى الـBioTime، وتجربة SCiStar التى يمولها CIRM، وما يتم تفعيله فى باقى جامعات أمريكا، وما يحدث فى كندا، وما يحدث فى جامعة كوبى فى اليابان مع دكتور أوسامو هونمو، وما يفعله الدكتور هيديوكى أوكانو فى كيو فى طوكيو، وما يحدث فى ملبورن أستراليا، وما يحدث فى معهد التكنولوجيا الفيدرالى فى سويسرا مع الدكتور جريجورى كورتين، بالاشتراك مع الدكتور جاسلين بلوخ فى مستشفى لوزان الطبى، وغيرها من الجامعات فى البلدان الأخرى، سيجد أن كل هذا الجهد فى إطار بحثى معملى، ولم يتلفظ أحد منهم بمثل تلك الجرأة التى يتحدث بها هذا الدجال.
هذا بلاغ إلى وزارة الصحة وإلى كل الجهات الرقابية لإنقاذ المرضى الغلابة من براثن تجار الوهم.

Sunday, July 21, 2019

الأنبا موسى* يكتب: الشباب وتيارات المجتمع ٢١/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

١- لاشك أن سمات كل مجتمع تختلف عن غيره من المجتمعات، بل إن سمات ذات المجتمع تتغير كل فترة،
وقد كانت هذه الفترة طويلة نوعًا فيما مضى، أما الآن فالمجتمع يتغير بسرعة مذهلة كل بضع سنوات.
وقد تعود الكُتّاب على اعتبار كل عشر سنوات حقبة محددة يدرسونها ويحددون تياراتها فيقولون:
«عالم الخمسينيات» و«عالم الستينيات» و«عالم السبعينيات» وهكذا. وفى مصر مثلاً نستطيع أن نقول إن «الخمسينيات» كانت ثورة، و«الستينيات» كانت نكسة و«السبعينيات» كانت انتصارات، تحاول مسح آثار النكسة بجهد جهيد بالحرب والسلم، ولعل أفضل شعار يجب أن نرفعه على مصر «الثمانينيات» هو شعار العمل والإنتاج، فى سلام اجتماعى، ووحدة وطنية، لمواجهة مجاهل السياسة والصراع، وفى «التسعينيات» كان الإرهاب وتبعاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما فى القرن العشرين وحتى الآن.. فقد تأثرت الدراسات الخاصة بدور النساء، - حد كبير- بالبحوث المتخصصة، التى تتناول نهضة الدولة المصرية، والتغييرات المصاحبة لها، بدءا من ثورة ١٩ وحتى يومنا هذا، فلم يتم إغفال المناصب المختلفة التى حصلت عليها النساء سواء فى المجال السياسى أو الاقتصادى وداخل المجتمع المدنى.
٢- ولاشك أن الشباب يتأثر بما يدور حوله من أحداث: فهذه الصراعات تعكس نفسها على الحياة البيئية والخاصة، إذ تلتهب أسعار السلع تمامًا، كما تعكس نفسها على مستوى الدول إذ تشحذ طاقاتها للتسلح والحروب المتوقعة، مع انخفاض فى معدلات التنمية المرجوة. والشباب الآن يشعر بصعوبة الزواج، بسبب تضاؤل المرتبات بالنسبة لأسعار السلع، ارتفاع مقلق، والمساكن، والأثاث، بالإضافة إلى التقاليد الإجتماعية بتكلفتها الباهظة.
٣- وبالطبع فإن هذه الظروف تعكس آثارها على نفسيات الجيل الصاعد، والشباب المتطلع إلى الحياة، بل إنها تحدث آثارًا مدمرة على أخلاقيات الناس نتيجة التوتر العصبى، وعزوف الشبان عن الزواج، وتأخر سن زواج الفتيات.. إلخ.
٤- وهكذا بدأ الشباب يشعر بثقل المسألة المادية ويوليها اهتمامًا ضخمًا، بعد أن كانت مسألة يسيرة لا تشغله كثيرًا عن اهتماماته بالحياة الدينية.
وتكمن مهمة التدين فى زوايا مختلفة مثل:
١- دعوة الشباب إلى الهدوء النفسى: والثقة فى الله القادر أن يصنع معهم المعجزات، ويبارك لهم حتى فى القليل، فحياتنا بيده، وصحتنا من عنده.
٢- دعوة الشباب إلى العمل والكفاح: داخل وخارج مصر دون تلكؤ أو كسل، فأى عمل شريف مقبول من الجميع.
وأن يخرج الجيل الجديد عن قوالب «الميرى» و«الشهادات»، ليعمل فى جد وبساطة وتواضع، ناسيًا أن قيمة الإنسان بماله وحسبه ومركزه ومنظره، ومتذكرًا أن قيمة الإنسان الحقيقية تكمن فى إنجازاته وعطائه وإسعاده للآخرين.
٣- التوجيه المستمر لشبابنا داخل الوطن أو فى أرض الغربة: فهناك ضغوط جبارة وإغراءات كثيرة:
مادية وسلوكية وانحرافات، والتى قد توفرها مواقع التواصل الاجتماعى وغير ذلك. لذلك يجب أن نجهز شبابنا لهذه التحديات، حتى يحتفظ بتدينه وأخلاقياته، فيبتعد عن الانحرافات والتى منها:
أ- تيار الإباحية: الذى بدأ يستبد بالناس فى الغرب، وانتشر فى كل مكان، دون أن يشبع الإنسان لأنه مثل الماء المالح الذى لا يروى بل يصيب الإنسان بالظمأ.
إن الإباحية خطر رهيب على الفرد والأسرة والمجتمع، وهى تعبير عن انطلاق الغرائز لتقود الإنسان، عوض أن يقوده الله أو حتى العقل والضمير، والملاحظة السريعة عندما نشهد الإعلانات، تؤكد هذا الخطر: وهو الإثارة المستمرة للغريزة.
ب- تيار العنف: لاشك أن الصراعات الدولية عكست على الإنسان توترًا داخليًا، بحيث ارتفعت حرارة انفعالاته، فأصبح يحاول أن يحل مشاكله عن طريق العنف، وهذا هبوط غريزى آخر من مستوى الحق والمنطق إلى مستوى سيئ! أن العنف يولد المزيد من العنف!! وهكذا يشتعل الإنسان بنار الحقد والكراهية والتعصب الأعمى، تقوده غريزة المقاتلة بدلاً من أن يقوده الإله المحب والمنطق الهادئ.
ج- التيارات الفكرية: يرى الشاب من حوله، ويقرأ عن الماركسية بإلحادها الدموى، والوجودية بإلحادها العملى، والعبث بإلحاده الفكرى.. ويجب أن يسمع ردًا منا على هذه التيارات جميعًا، فنشكر الله أنه يترك كل تيار فيها ليعبر عن نفسه، وعن فشله فى خدمة الإنسان وإسعاده، فالشيوعية تعبد المادة بدلاً من الله، وتطحن الشعوب تحت قدميها فى استعمار رهيب، تجاوز كل أنواع الاستعمار السابقة فى بشاعته، والوجودية الملحدة التى دعا إليها سارتر انتهت إلى لا شىء. فالله ليس عدوًا للإنسان كما يتوهم، بل الإنسان عدو نفسه حين يخرج من دائرة الله. والعبث الذى يدعو الناس إلى الاعتراف بأنهم لا يدرون شيئًا، ولا هدف لوجودهم! وهذه المذاهب تلقى الإنسان فى ضياع وظلمة.
■ ■ ■
ويكفى كدليل على فساد هذه التيارات الأقوال التالية لمفكريها الأساسيين:
- «هذه الحياة تستحق الانتحار، ولكنى لا أفضل ذلك».. (ألبير كامى - وجودى ملحد).
- «الجحيم هو الآخرون».. (سارتر- وجودى ملحد).
- «هذا الوجود بلا جدوى وزائد عن الحاجة».. (سارتر).
- «الإنسان يخرج من ظلمة الرحم إلى ظلمة القبر، مارا بظلمة الحياة».. (صموئيل بيكيت - عبثى).
- «الإنسان يولد ويعذب ثم يموت».. (فولتير).
■ ■ ■
وهكذا يبقى الله العظيم نورًا للعالم، إذ محبة الله الفائقة وحنانه الجبار هما مصدر كل سلام وفرح.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


خالد منتصر - صورة رشوان - جريدة الوطن - 7/2019 /20

أعرف مقدار حب وعشق الفنان رشوان توفيق للمرحومة زوجته، وأعرف مدى اللوعة والحزن لفقدها ورحيلها، ولذلك استحقت صورة بكائه أن تحتل معظم صفحات وسائل التواصل وتصبح التريند والأيقونة، خاصة صفحات الشباب، لأنها صادقة غير مزيفة بدون ماكياج، لأنها لمست وتراً عندهم طالما يبحثون عنه للعزف لكنهم يفتقدونه.
أعرف مدى صدق هذا الحب الرشوانى لأنه كان الصديق الصدوق لحماى الجميل الراحل أبوبكر عزت وكان يحكى لى عنه، من أفراد الدفعة الذهبية التى لمست مدى قربهم وتفاهمهم وحبهم لبعضهم البعض، أبوبكر ورشوان ويوسف شعبان وصلاح قابيل وعزت العلايلى وحمدى أحمد وزين العشماوى، دفعة حملت على كاهلها نجاح مسرح التليفزيون وبصمته التى ظلت كالوشم حتى الآن.
لكن ما هو السر فى اكتساح تلك الصورة لفناننا الجميل بهذه الصورة، بالرغم من أننا لم نشاهده على الشاشة منذ سنوات ونفتقده فى رمضان؟
أعتقد أن الصورة لمست حنيناً لدى الشباب لتلك العلاقات الدائمة التى يظللها الحب فى زمن حب التيك أواى و«الفاست لاف».
حديث رشوان توفيق عن زوجته بكل هذا الصدق والصفاء والحب والعشق والهيام، أيقظ الشباب الذى ما إن يتزوج حتى يصيبه الملل بعد أسبوع، ثم يفكر فى الطلاق بعد مرور سنة، زمن حب «الإس إم إس» وسربعة «الواتس آب»، نفض التراب عن كلمة كنا ظنناها قد ماتت منذ زمن طويل، كلمة العشرة، يضحك الشباب ساخراً من تلك الكلمة العجوز المهجورة، يتساءل بنصف ابتسامة «هو لسه فيه حاجة اسمها عشرة؟»، خرجت صورة رشوان توفيق من ركام هذا الرماد البارد للعلاقات الشبابية المثلجة المحنطة ليقول لهم بدموعه، نعم هناك حب العشرة وعشرة الحب، ليخبرهم بأن طلة الحب من الزوجة وإن اتخذت شكلاً جديداً بعد هذا العمر تظل نفس الطلة، سحابة الخير وزخة المطر فى هجير الصحراء، الندى فى لحظة العطش، مجرد الطبطبة صارت ترفعك إلى عنان السماء فرحاً وسعادة، لمسة أناملها تنقلك إلى عالم السحر، وجودها وإن كان مجرد شهيق وزفير يمنحك الأمان، تلك هى مفردات العشرة، التى ليست فاصلاً زمنياً ولكنها رحلة امتزاج والتقاء روحين فى تفاعل كيميائى مدهش، يصير معه فصل العناصر الأولى وتفريقها وتمييزها مستحيلاً، يختلط الصوت والصدى، الحنجرة والصوت، النفس والرئة، الحضن والصدر، الحميمية والروح.
صورتك يا عم رشوان أيها الجميل خفيض الصوت، صرخت فينا: «استيقظوا، حافظوا على بعض، الطريق يحتاج الرفقة ويجوع إلى العشرة والونس».

Saturday, July 20, 2019

د. وسيم السيسى يكتب: القسوة على الأفراد رحمة بالمجموع! ٢٠/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


بدعوة كريمة من أكاديمية ناصر العسكرية العليا، اللواء أركان حرب خالد الجزار، مدير كلية الحرب العليا، لإلقاء محاضرة عما يحاك ضد مصر محليًا وإقليميًا منذ عصر محمد على وحتى الآن!. اجتمعنا قبل المحاضرة فى مكتب اللواء أ.ح خالد الجزار مع صديقى اللواء أ.ح أسامة راغب، واللواء أ.ح الهمشرى، واللواء أ.ح أمين حسنى، وتجاذبنا أطراف الحديث، حدثتهم عن تضخم البروستاتا وسرطانها ودور الجينات فى أمراض السكر والضغط والسرطان، حتى أكاد أقول الآن: «مكتوب على جينك وليس على جبينك!!»، ثم بدأت المحاضرة فى قاعة مهيبة للمحاضرات، ترمى الإبرة ترن.. حقيقة لا مجاز!، قلت إن المرض هو بكتيريا أو فيروسات من الخارج، وجهاز مناعة من الداخل، علينا بالوعى لأخطار الخارج وسلامة جهاز المناعة من الداخل، قوة هذا الجهاز المناعى تقوم على الحب، أى الولاء والانتماء، هذا الحب يأتى من الإعجاب الذى يأتى من المعرفة، التى تأتى من التنوير، الذى هو: إضاءة المساحات المظلمة فى العقل الجمعى، خصوصًا المساحات التاريخية والسياسية والدينية والعلمية، بل أى فرع من فروع المعرفة.
حدثتهم عن أعظم كلمة فى قاموس أى لغة، ألا وهى: النقد! بمعناها العلمى البناء!، أى ذكر الإيجابيات والسلبيات، وطرق علاجها، وكيف كان فولتير يقول: «إذا طرق الرقى باب أمة، يسأل: هل لديهم نقل؟! هل لديهم حرية فكرية؟ فإذا أجابوه: نعم، دخل الرقى وارتقت الأمة، وإذا أجابوه: لا، ولى هاربًا، وانحطت الأمة!».
كما أن فولتير هو القائل: «إن الذى يقول لك اعتقد ما أعتقده وإلا لعنك الله! لا يلبث أن يقول لك إذا اعتلى السلطة: اعتقد ما أعتقده، وإلا قتلتك!».
حدثتهم كيف أن «الولس» هزم عرابى، واحتل الإنجليز مصر ١٨٨٢، وكلمة ولس معناها الخديعة.. وأيضًا استخدمها المصريون- إشارة إلى القائد البريطانى: ولسلى!. صحيح أنها كانت هزيمة عسكرية، ولكنها كانت انتصارًا للوحدة الوطنية «الشيخ إمبابى والبابا كيرلس الخامس».
حدثتهم عن صفقة القرن العشرين: دور اليهود فى سقوط ألمانيا، وروسيا القيصرية، الخلافة العثمانية، مقابل دور إنجلترا فى إقامة دولة إسرائيل «لورد بلفور- حاييم وايزمان»!.
حدثتهم عن «سايكس- بيكو ١٩١٦» ومولد برنارد لويس فى نفس العام، حتى يكمل التقسيم ١٩٨٠ «برنارد لويس- بريجنسكى- جيمى كارتر».
حدثتهم عن العامل المشترك الأعظم بين الدول الرخوة، ألا وهو: غياب سيادة القانون «جونار ميردال- الدراما الآسيوية».
حدثتهم عن دور رئيس وزراء بريطانيا سير هنرى كامبل بانرمان، ودعوته لسبع دول أوروبية للبحث عن حليف مهمته خلق حالة عدم استقرار لهذه المنطقة حتى لا تتقدم، وكان ذلك ١٩٠٧! وكان الحليف هو حاييم وايزمان «رئيس الوكالة اليهودية».
حدثتهم عن بن جوريون وموشيه شاريت، ومخطط تقسيم الدول العربية إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، وكيف أن نجاحهم يعتمد على غباء الطرف الآخر «نحن»، وذلك باستخدام الجماعات المتأسلمة، وكيف نجحوا، إلا فى مصر «الجائزة الكبرى- كونداليزا رايس»، وذلك بفضل مخزونها الحضارى، وقواتها المسلحة، ولأن اسمها المحروسة من العناية الإلهية.
كانت أوروبا تعانى من المجاعات فى الحرب العالمية الثانية، حتى إن رئيس الولايات المتحدة جاء مصر يطلب المعونة منها لأوروبا، ونحن الآن فى حروب من الداخل والخارج، وهى قسوة على الأفراد ولكنها رحمة بالمجموع، يكفينا من هذه الرحمة الأمن والأمان داخليًا وخارجيًا، وأيضًا السمعة الطيبة لمصر والثناء الرفيع.

خالد منتصر - هيئة الأعمال السفلية - جريدة الوطن - 7/2019 /19

عندما قرأت فى عدة صحف عن حملات تنظيف المقابر، التى شملت عدة محافظات، فرحت وسعدت لأننى اعتقدت أنها حملات لتنظيف المقابر من أكوام القمامة وأطنان الزبالة والتى تحولت إلى عذاب قبر بعد أن كانت عذاب دنيا فقط!، لكنى اكتشفت أننى كنت ساذجاً، وأن سقف توقعاتى ورهاناتى ونياتى الحسنة كان مرتفعاً جداً، فالمبادرات والحملات والانتفاضات هى من أجل تنظيف المقابر من الأحجبة والأعمال السفلية، يشارك فيها شباب وشيوخ ومسئولون محترمون وخريجو جامعات.. إلخ، هى ليست مبادرة من دجّالى شمهورش أو فاتحى المندل، وحملة غير مقصورة على بيوت النصابين من سماسرة الربط وفك العمل وعلاج مس الجن، لو كانت مقصورة على هؤلاء لهان الأمر، واعتبرناها بيزنس دجل محدوداً وموجوداً مثله فى مناطق أخرى، لكن أن تنتفض القرية عن بكرة أبيها، وتشكل مبادرات وتقوم حملات، فهذا هو الأمر الصادم الذى لا بد أن يدق ناقوس الخطر. عقل مصر يتعرض لكارثة، العقل مغيّب بالخرافة، وثورتنا الحقيقية لا بد أن تكون ضد تلك الخرافات والأوهام والهلاوس، فى أحد التحقيقات الصحفية للزميلة «اليوم السابع» فى أسيوط لتغطية حملة تنظيف المقابر هناك، من ضمن التصريحات التى قيلت إن أصحاب القلوب المريضة يقومون بعمل الأسحار، التى غالباً ما تكون على الملابس أو الصور وتكون مكتوبة بطلاسم أو مبلولة بمياه تمت القراءة والتعزيم عليها، وبعد ذلك يفتحون القبر المغلق على الموتى ويضعون السحر، ثم يغلقون القبر مرة أخرى ولا يتم اكتشاف هذا الأمر إلا فى حالة القيام بدفن ميت جديد، فنجد وقتها أشكالاً متعددة، سواء كانت ملابس، وخاصة الملابس الداخلية لرجل أو لسيدة أو كانت للأطفال والقصد هو عدم الوصول للسحر وفكه، وكل ما نقوم به بعدها هو إشعال النيران فى هذه الأسحار لإبطالها فور العثور عليها ورشها بالماء والملح لإبطال أى أذى يقع بسببها»، أما فى أجهور طوخ بمحافظة القليوبية، فقد رصدت الزميلة «البوابة» تنسيقاً كاملاً ما بين شباب القرية والشرطة لمطاردة أصحاب التمائم والأعمال والأحجبة والتعاويذ من خلال اللجان الشعبية!!، معقول الكلام ده؟!!، أما لماذا انتفضت تلك القرية؟، اقرأ السبب العجيب: «عثر عدد من شباب قرية أجهور الكبرى التابعة لمركز طوخ فى القليوبية، اليوم، على طلاسم وأعمال سحر وأحجبة بالأسماء خلال حملة تطهير لمقابر القرية من أعمال السحر والشعوذة، ووجد الشباب أكفاناً وأوراقاً مكتوباً عليها أسماء وصور بعض الأهالى الغرض منها الطلاق والتفرقة بين الأهالى والمرض والكسل والجنون»، وقد أعلن صاحب مبادرة تنظيف المقابر فى قرية قرنفيل بالقناطر عن حصيلة ما تم ضبطه فى مداهمات المقابر قائلاً: «بلغ إجمالى عدد الأعمال التى تم العثور عليها بمقابر الـ5 قرى 140 عملاً أسود، وتم على الفور بمشاركة مشايخ تلك القرى العمل على إبطالها، مشيراً إلى أن فكرة المبادرة جاءته، حينما وجد بعض طلاب القرية الذين تميزوا بالتحصيل العلمى والحصول على المركز الأول على مدار سنوات طويلة، تدهور بهم الحال وأصبحوا يكرهون المدارس بشكل لا يصدق، فعكف على تدشين المبادرة»، الطلاق وعدم مذاكرة الطلبة والعنوسة والعجز الجنسى هى أهم الأسباب التى دفعت تلك الآلاف إلى العمل بجد ونشاط وحماس لكشف الأعمال السفلية!، وبرغم تصريح النائبة د. آمنة نصير بأن تلك الأعمال تمس صحيح الدين وتخرج عن الملة، وتخرج الإنسان الذى يفعلها من دائرة الإيمان، فإن أن العمل ما زال يجرى على قدم وساق وبمنتهى الهمة لدرجة أننى لا أستبعد، مطالبة سكان تلك القرى بتكوين هيئة وطنية لفك الربط والأعمال السفلية!.

Friday, July 19, 2019

خالد منتصر - تاريخ الأديان هل يخضع للعلم؟ - جريدة الوطن - 7/2019 /18

توقعت الضجة التى ستحدث بعد عرض حلقة «يتفكرون» بجزأيها الأول والثانى عن تاريخ الأديان، والتى استضفت فيها اثنين من أهم الباحثين فى هذا المجال، وهما السورى فراس السواح والعراقى خزعل الماجدى، فالموضوع حساس، ودائماً نحن على خصام مع تطبيق مناهج العلم الحديث على النصوص المقدسة، ولدينا فوبيا من إخضاع الأديان والنظر إليها من منظار التاريخ.
الإيمان مكانه القلب، وهذا ما قاله وأكد عليه الباحثان، لكن العلم مكانه المعمل والبحث وإخضاع المعلومات الواردة فى تلك النصوص للتحرى والحفريات والتوثيق... إلخ. كان لا بد من خلخلة بعض الأفكار إذا كنا ننشد الدراسة العلمية للأديان، أولها وأهمها عدم الاستعلاء والاحتقار بمسميات مثل الأديان الوضعية والنظر إليها من منطلق أنها أدنى لأن هذا لا يتسق مع الدراسة العلمية، وأيضاً النظر إلى المجتمع الجاهلى على أنه مجتمع منعدم الثقافة بلا أى قيم أو إبداع، من الممكن تسميته مجتمع ما قبل الإسلام مثلاً، لكن تحميل التسمية ظلالاً أيديولوجية للتسفيه والإدانة هو أيضاً سلوك لا علمى، وأيضاً الربط ما بين الدين والأخلاق وأنه المصدر الوحيد لها، سيجعلنا ننظر إلى مجتمعات مثل اليابان والصين.. إلخ على أنها مجتمعات لا أخلاقية بينما هى على العكس مجتمعات تحمل قيماً وتحترم ضميراً، عدم وجود مفاهيم التكفير والهرطقة والزندقة لدى أديان شرق آسيا خفف من غلواء التطرف الدينى، تجريح العقائد عمل عبثى ومحاولات الحرب الجدلية بينها لا جدوى منها.
التفسير أحياناً ينتصر لمعانٍ ليست فى النص المقدس، ولنأخذ أشهر القصص وهى قصة طرد آدم من الجنة بسبب حواء، وبالرغم من أن النص المقدس للمسلمين لم يقل بأن حواء خُلقت من ضلع آدم ولا أنها السبب فى الطرد من الجنة... إلخ، فإن معظم المسلمين يرددون تلك الأفكار التى انتقلت من التفاسير ورسختها خطب رجال الدين، تلك الأفكار وغيرها مفتاح التغيير الذى تحمله لتجديد الفكر الدينى هو فى توفير مناخ الحرية كحاضنة لها، لتتفاعل مع الفضاء العام والجمهور بدون وصاية أو حظر أو فزع أو ترهيب، وقد بدأ طه حسين وهو ما زال شاباً فى بدايات القرن العشرين تلك الخطوة بإخضاع الشعر الجاهلى للمنهج العلمى الذى عموده الأساسى هو الشك، قوبل بضجة رهيبة وكلنا يعرف تفاصيل المحاكمة أو تحقيق النيابة الذى خرج منه سالماً بفضل استنارة وكيل النيابة الشجاع، حاول بعدها فى نهايات نفس القرن نصر حامد أبوزيد بعد أن تغير المناخ وجرت فى النهر مياه كثيرة، فصدر حكم الفصل بينه وبين زوجته فى أعجب حكم سمعته مصر ضد مفكر وانتهى بالنفى والموت قهراً وكمداً.
والآن، ونحن فى زمن السماوات المفتوحة والإنترنت الكاشف الذى لم يعد ينفع معه تداول مصطلحات ومقولات المسكوت عنه ولا تجادل يا أخى، فى هذا الزمن الذى لا يعترف إلا بالعلم كأداة بحث وتنقيب وتغيير، يجب علينا أن نحترم العلم ولا يصيبنا الفزع من ضياع الأخلاق والإيمان والأديان كما نتخيل، لكن هناك متغيرات لا يصح معها ولا ينفع أن نتمسك بتفسيرات قديمة صارت عبئاً على النص وعلى الدين نفسه، ووضعها فى خانة التاريخ سينقذ الجميع وعلى رأسهم مكانة الدين.

Thursday, July 18, 2019

خالد منتصر - المايوه الإخوانى - جريدة الوطن - 7/2019 /17

تسريب إخوانى متعمد لصورة «الغنوشى»، زعيم حزب النهضة الإخوانى التونسى، وهو يرتدى المايوه. المراد تجميل صورة الإخوان قبل الانتخابات، توصيل رسالة ملخصها أنا زعيم الإخوان مثلكم وأنتم فى أمان وحرية فى ظل حكم الإخوان، انتخبونا تجدوا ما يسركم.
بالطبع هى رسالة مهمة الآن، خاصة فى مجتمع يعتمد على السياحة، رسالة تقية ومراوغة، يفهمها أبناء تونس القابضون على جمر الدولة المدنية، المقاومون لكل أشكال سيطرة الدولة الفاشية الدينية بكل مظاهرها حتى الشكلية منها، وآخرها قانون حظر النقاب، لكن هل سينقذ المايوه الإخوان من الغرق أم أنهم سيستخدمون عوامة الكذب والخداع؟
هنا فى مصر لم نزل نتعلم الدرس وما زال البعض مخدوعاً، بل يتم استغفاله بترويج صورة الإخوانى الكيوت «اللى مننا وعلينا»، الواقع أننا لا بد أن ننفض الغبار عن ذاكرة السمك، ولا بد أن نوقظ رادار الوعى التاريخى، ونتذكر معاً كيف مارس الإخوان معنا تلك اللعبة لكن بدون استخدام المايوه، لكن باستخدام البدلة السينييه ورباط العنق!، منذ مرحلة ميدان التحرير عندما بدأ المثقفون يروجون مقولات من عينة «شوفوا فلان الإخوانى بيضحك زينا ومبتسم ولطيف إزاى، وكل الكلام اللى بيتقال عنهم كذب، دول بيوزعوا الساندوتشات علينا فى الميدان، وبيحموا المسيحيين والكنائس... إلخ»، ثم اكتشفنا أن هذا الكيوت المبتسم من الأذن للأذن، هو الذى خرج علينا بتصريح أنه فى نفس الوقت الذى سيعود فيه مرسى سيتوقف ما يحدث فى سيناء من إرهاب!
شاهدنا إحراق الكنائس عمداً، شاهدنا التحرشات بالسلاح عند مبنى الحرس الجمهورى، شاهدنا هؤلاء المبتسمين الكيوت يحاصرون المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج ويهاجمون وزارة الدفاع ويقتلون ويسحلون الأبرياء فى الاتحادية.
انخدع الكثيرون أيضاً بمقولة إن الإخوان أنقذوا مصر فى موقعة الجمل!! وصوروها لنا على أنها معركة ستالينجراد!، انخدع بعض المثقفين وذهبوا لتأييد الإخوان فى فندق فيرمونت اعتماداً على أسطورة الإخوانى الكيوت المبتسم الحبوب، وساهموا فى توصيل مرسى إلى الحكم.
وكما يعتمد الإخوان فى انتخابات تونس على اللاعب طارق دياب هم عندنا يراهنون الآن على أبوتريكة، زغزغ الإخوان المشاعر وعملوا شقلباظات بهلوانية لإقناع الجماهير بأنهم ليسوا المتجهمين المتزمتين، فكانت قوانين ترخيص محلات الخمور فى نفس الوقت الذى منع فيه رئيس البرلمان الإخوانى وقتها عرض فيلم سينمائى على الطائرة أثناء سفره!!، يعطونك من طرف اللسان حلاوة ثم يقنعون أتباعهم بأن جبريل قد هبط فى «رابعة» التى صارت مقدسة عندهم مثل مكة، وأن زعيمهم يصلى إماماً بالأنبياء!، الذقن الإخوانية الخفيفة كانت تخفى لحية إلى أسفل السرة، ورباط العنق كان يجهز مشنقة للمعارضة، والبدلة السينييه كان تحتها الجلباب الأفغانى القصير، والوطن كان عندهم مجرد درجة سلم للتسلط والتحكم فى رقابنا، انخدع الملايين ومنهم للأسف مثقفون بمقولة «نحمل الخير لمصر» بينما كانوا يحملون الخراب لها، صدقوا طائر النهضة العصفورى فإذا به تنين النار وغراب البين.
المايوه من الممكن أن يخفى العورة لكنه لا يمكن أن يخفى الكذب.

Wednesday, July 17, 2019

بقلم مصطفي حجازي ١٧/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


هُنَاك..
فى حالة إنسانية فريدة من التآزر والتنافس معًا.. يتسابق - الآن - عدة مليارديرات «عصاميون» فى الولايات المتحدة على ضخ استثمارات ضخمة تتجاوز ثلاثة وعشرين مليار دولار فى مشروع بحثى طموح وخَيِّر، لإنتاج أول «شمس اصطناعية على الأرض»، وهى أول مفاعل يقوم على تكنولوجيا الاندماج النووى، والهدف هو خلق مصدر طاقة كهربية نظيفة لا تنضب لسكان الأرض.
وهؤلاء هم «جيف بيزوس» مؤسس شركة أمازون العملاقة للتجارة الإلكترونية و«بيل جيتس» مؤسس شركة «ميكروسوفت» التى أنشأت مفهوم البرمجيات كما نعرفه وآخرون.
وذاك المشروع سيصل مردوده الاقتصادى إلى ما يزيد على عشرة تريليونات دولار، أما مردوده الاجتماعى والحضارى والإنسانى فهو أثمن من أن يُقَدَّر.
وفى ذات الوقت يعلن «إيلون ماسك» وهو ملياردير عصامى مهاجرمن جنوب إفريقيا، والذى يملك شركة «سبيس إكس» لتصنيع الصواريخ والمُصَنِّع الأساسى الذى يقدم لوكالة الفضاء الأمريكية احتياجاتها من الصواريخ القادرة على الارتداد للأرض، يُعلِن عن إطلاقه ستين قمرًا صناعيا كنواة لمشروع عملاق سيضمن توفير خدمة الإنترنت فائقة السرعة لسكان الأرض جميعًا دون هيمنة من حكومات أو وصاية.. أو على الأقل هذا هو طموحه.
هُنَاك أيضًا..
يقوم «مارك زاكربرج» مؤسس فيسبوك وفريقه بالاستعدادات النهائية لإطلاق عملة إلكترونية باسم «الليبرا»، قد تقود تحولًا اقتصاديًا هائلًا مماثلًا لما أحدثته شبكات التواصل الاجتماعى - التى أنشأها الشاب زاكربرج وجيله - من زلازل اجتماعية وسياسية واقتصادية.. ليضيف الشاب إلى قوة بلاده قوة أخرى.

وهُنَاك أيضًا..
يجلس فى ذات اللحظة الرئيس الأمريكى ترامب هو وفريقه ليفاضلوا بين شركتى «أمازون ومايكروسوفت» أيضًا، واللتان تتنافسان على مشروع لإنشاء نظام للحوسبة السحابية وقاعدة للذكاء الاصطناعى للجيش الأمريكى تقود تخطيطه العسكرى.
ولمن لا يعرف، القيمة السوقية للشركتين يتجاوز حجم الاقتصادات العربية مجتمعة بكل الثروات العربية!!.
والأهم، أن من يفاوضهم ترامب على ذلك المشروع - والذى يعد واحدًا من أكثر المبادرات خطورة وحساسية على الأمن القومى الأمريكى - هما شخصان مدنيان من رواد الأعمال، ليسا من ذوى الخلفية العسكرية أو الأمنية!!.
بل شخصان يُفتَرَض أنهما فى عُرفِ الرئيس الأمريكى نفسه، يُمَثِّلان نموذجان للخصومة السياسية والفكرية والمبدئية له ولمشروعه!!.
فالأول هو«جيف بيزوس» والذى بجانب كونه مؤسس «أمازون» هو مالك صحيفة «الواشنطن بوست»، التى تقود معارضة موضوعية عنيفة لسياسات ترامب وشخصه وتوجهاته.
والثانى هو «ساتايا ناديلا» رئيس شركة «مايكروسوفت» الحالى، وهو مهاجر هندى ملون استطاع أن يصل بجهده الى ذلك الموقع الفذ فى قيادة الاقتصاد الأمريكى، وهومن يبقى فى عُرفِ ترامب من المهاجرين الخطرين على عظمة أمريكا التى بعث هو لاستعادتها كما يتوهم ويهذى.
ولكن الأهلية هى ما اقتضت أن يؤتمن الاثنان على جوهر المنطومة العسكرية الأمريكية!.
هُنَاك..
وبنفس القاعدة - قاعدة الأهلية - يتولى «صادق خان»، البريطانى المسلم الذى يأتى من أصول باكستانية فقيرة وينشأ لأب يعمل سائقًا لأتوبيس نقل عام، منصب عمدة لندن، وهو منصب لو تعلمون يقارب فى رفعته وتميزه وحساسيته رئاسة الوزراء فى بريطانيا.
ولأن «صادق خان» جاء على قاعدة الأهلية واختير اختيارًا ديمقراطيًا حرًا، فَبِثَقة وحزم وأريحية شديدة يطاول رئيس أكبر دولة فى العالم، ويلقن السيد «ترامب» أسس التعايش والتنوع، بل يخرج معلنًا أن السيد ترامب لا يستأهل استقبالًا رسميًا فى بريطانيا لأنه يناقض القيم التى يعيش عليها اللندنيون والبريطانيون!.
يفعل ذلك «صادق خان» فى وقت تستقبل الملكة اليزابيث فيه «ترامب» فى قصر باكنجهام، ولا تعتبر هى ولا رئاسة الوزراء أن عمدة لندن قد تجاوز سلطاته أو أساء فى حق رئيس دولة شقيقة أو تآمر على بلاده، لمجرد أنه انتصر لقيم الإنسانية التى يخدمها أكثر من كونه يخدم شعبًا أو حكومة أو ملكة!.
وهُنَاك وبالضرورة.. يفهم «خان» جيدًا أن ليس من مقتضيات دوره أن يقف كالتلميذ الخائب الراسب يستمع الى نقد أو توبيخ على الملأ من ملكة أو رئيسة وزراء.. أو أن من آداب وظيفته أن ينسب لنفسه محدودية الأفق ويلهج بحمد رئيسه من نوع سيادته يرى وسيادته يحب!.
الجدير بالتأمل، أن كل هؤلاء - من ملياريين أو ساسة - عصاميون، كونوا ثرواتهم أو تحققوا سياسيًا بجهد وإبداع، والأهم أنهم قدموا للإنسانية فتوحًا علمية غيرت التاريخ الإنسانى كما نعيشه وسيعيشه من يأتى بعدنا.. وليسوا من الطفيليات الاقتصادية التى كونت ثرواتها من العمولات والمضاربات والاتجار فى مصائر الشعوب واحتكار مقدراتها بدعاوى الحفاظ عليها.. أو من المتسلقين آكلى كل الموائد.
ولكن الأولى بالتعلم هو أن القائمين على تلك الاختراقات والفتوحات العلمية والإنسانية، مهاجرون كانوا أو غير مهاجرين، قد أعطوا فرصًا عادلة فى العمل والبحث والجهد والإبداع، وقبلها للتحقق والتفكير دون أسقف، والتعبير دون قيود، والنقد الموضوعى بلا مساءلة، وطرح ما يعتقدونه دون محاسبة أو ملاحقة أو أذى.
هُنَاك..
بَشَرٌ خَبِر أنه لا احتكار لحق الحياة ولا احتكار للحرية ولا احتكار لفرص الترقى.
هُنَاك..
بَشَرٌ عرف أن الوطن ملك لكل من أراده وطنًا واستودع ذلك الوطن حلمه.. يقتسمون خيره بالقسطاس و«عدل التساوى» بحق الانتماء إليه، ويتمايزون فى الفضل فيه بـ«عدل التباين» فيما اختصهم الله به من جهد وإبداع..
بَشَرٌ.. عرف أن التمايز قاعدته الأهلية والقدرة على الإبداع والقيادة، وأن ليس الأصل فى التمايز عنصرية الدم والنسب والعرق أو عنصرية الانتماء لمؤسسة أو حزب أو فصيل.
هُنَاك..
المؤهلون هم أمل أوطانهم وطوق نجاته ومناط رفعته.
هُنَاك..
رفع الصوت بالنقد واجب قبل أن يكون حقا.. لأن «الأوطان تمرض وتموت فى الظلام»، فلا مكان للتستر أو خفض الصوت أمام اعوجاج فى سياسة أو اقتصاد أو تعليم أوغيره.
أما هُنا..؟! أما هُنا فى شَرقِنا!!
هُنا.. المؤهلون - لا المرتزقة والأفاقون - صاروا هم العدو فاحذرهم.. مطاردون مؤثمون.
هُنا.. بات منتهى الأمل ألا يلاحق من تحدثه نفسه بالهم العام ويهتم له.. وأن تكتب النجاة لمن أراد شراكة مسالمة واعية فى بناء مستقبل وطن هومن نبت أرضه.
هُنا.. يؤثم شاب أو كهل على إبداء مشاعره فى مباراة لكرة القدم!!.
هل عرفنا لماذا يحدث كل هذا هُنَاك.. ولا يحدث هُنا!.
فَكِّرُوا تَصِّحُوا..

خالد منتصر - «تشرنوبل» - جريدة الوطن - 7/2019 /16

«السذاجة من شيم العلماء، نصبّ كامل تركيزنا فى البحث عن الحقيقة فيفوتنا النظر فى قلة عدد من يريدنا أن نجدها، لكن الحقيقة موجودة دائماً سواء شئنا أم أبينا، لا تهتم الحقيقة برغباتنا ولا احتياجاتنا، لا تهتم بحكوماتنا ولا بعقائدنا، ستبقى متربصة أبد الدهر، وهذه أخيراً هى هدية تشرنوبل»، تلك الكلمات التى قالها الفيزيائى السوفيتى فاليرى ليخاسوف كانت خاتمة مسلسل «تشرنوبل» قبل نزول كلمة النهاية، لكن هل تلك هى نهاية مطاردة الحقيقة والتعتيم عليها؟، هل هذا آخر ما سيدفعه العالم ثمناً للأكاذيب؟، تشرنوبل هى أخطر كارثة صنعتها يد الإنسان نفسه ليدمر نفسه، كما دمر وذبح إيفان الرهيب ابنه وشاهدنا لحظة جزعه ورعبه فى اللوحة المعلقة فى مدخل الكرملين، التى كان يجلس أمامها كل من ينتظر لقاء المسئول السوفيتى الأكبر أثناء خطة حل الكارثة، المسلسل من أفضل المسلسلات فى تاريخ الدراما، على الرغم من أنه خمس حلقات فقط، احتل هذا المسلسل قبل أن ينتهى حتى عرض آخر حلقاته قائمة أعلى المسلسلات تقييماً على موقع «آى إم دى بى» بنسبة 9.6 من 10، بينما جاء «صراع العروش» فى المركز السادس، وعلى عكس «صراع العروش»، الذى أخذت تقييمات حلقاته النهائية فى التراجع على موقع «آى إم دى بى» حتى وصلت حلقته الأخيرة إلى تقييم 4.3، حافظ «تشرنوبل» على التقييمات المرتفعة التى وصلت إلى 9.9 فى الحلقة الأخيرة، المسلسل من كتابة كريج مازن، وإخراج جون رينك، وهو إنتاج مشترك بين شبكة «إتش بى أو» الأمريكية، وشبكة «سكاى» البريطانية، ولكى نتعرف على كم الجهد الرهيب والإتقان يكفى أن نعرف أنه قد تم إعادة إنشاء مدينة بشكل مماثل لتشرنوبل فى ليتوانيا وعثر المنتجون على مفاعل نووى متوقف عن العمل فى فيزاجيناس شمال شرق ليتوانيا، ليستخدم فى تصوير اللقطات الخارجية والداخلية، وهو من نفس نوع وتصميم مفاعل تشرنوبل، هذا عن التقنية والجهد الإنتاجى والإتقان المهنى، لكن الأهم فى نظرى هو الإتقان الفكرى والصدق الإبداعى والجسارة والجرأة النقدية فى فضح الممارسات التى تفرزها البيروقراطية العفنة وتسمم المناخ العام بنقص أكسجين الحرية، آلاف الضحايا، مدينة كاملة محظورة، سرطانات تنتشر فى أجيال بعد أجيال، أطفال وأجنة يمتصون الإشعاع لإنقاذ الأمهات، حيوانات نافقة ومزروعات ذابلة وأراضٍ تحولت لمدافن رعب، علماء تآكلت جلودهم وصاروا أشباحاً آدمية، جدارية رعب وفزع، والسبب ركام الأكاذيب وكراهية الحقيقة، نظام يبحث عن تجميل وجهه القبيح ليخفى الدمامة تحت ماكياج البروباجندا، الحزب الشيوعى السوفيتى كان همه فقط صورته الخارجية، عندما ذهب السياسى نائب رئيس الوزراء مع عالم الفيزياء والكيمياء والطاقة الذرية، كان يحتقر العلم ويحتكر القرار، أمره بأن يلخص له كيف يعمل المفاعل الذرى؟!، أراد أن يختزل علم سنوات فى ثرثرة سفر!، فى نهاية الحلقات أيقن أنه لو احترم العلم ما كانت الكارثة، صارح العالم شعبه فى المحكمة ولم يكذب عليه، كان الثمن هو السجن الذى قاده إلى الانتحار، لكنه كان قد أنقذ باقى المفاعلات النووية من هذا المصير المأساوى الرهيب، وأنقذ كل أوروبا الشرقية بل كل العالم.
مسلسل «تشرنوبل» مسلسل لا بد أن تشاهدوه، رائع على قدر صدمته، كاشف على قدر ألمه، صادق على قدر رعبه.

Tuesday, July 16, 2019

د. محمد أبوالغار يكتب: عبقرية مصرية وغباء بيروقراطى حكومى ١٦/ ٧/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

عبقرية مصرية وغباء بيروقراطى حكومى
فى عام ٢٠٠٨ كان الطفل عمر عثمان فى خامسة ابتدائى فى مدرسة تجريبية. ولاحظ المدرس نبوغه فى الرياضيات، فأعطاه كتاباً متقدماً فى الرياضيات، وذهل المدرس لأن عمر استوعب الكتاب فى فترة قصيرة. وانتقل عمر إلى السنة الأولى الإعدادية وظهر النبوغ بوضوح، فاهتمت عائلته بالأمر، ونصحوهم باستشارة قسم الرياضيات فى كلية العلوم جامعة القاهرة، وهناك التقطه د. هانى الحسينى ود. ليلى سويف، واكتشفا أنهما عثرا على معجزة مصرية، فألحقاه مع طلبة البكالوريوس وكان عمره ١٣ عاماً، وهو فى أولى إعدادى، وساعداه فى حضور مقرر الرياضيات فى الجامعة الأمريكية، وسرعان ما اكتشفوا فى جامعة القاهرة أن مستواه أعلى من مستوى البكالوريوس، فألحقوه بطلبة الماجستير، وبدأ فى إجراء بحوث رياضية فى أصعب فروع الرياضيات، ونشر بحثين مهمين مع د. طارق سيد أحمد فى المجلات العالمية. بذل أساتذة كلية العلوم جهداً كبيراً فى مساعدة هذا الموهوب الكبير، وكانت ناظرة المدرسة متفهمة ومتعاونة فأعطته ثلاثة أيام إعفاء من حضور المدرسة لاستمرار دراسته وبحثه فى علوم القاهرة.
فى نفس الوقت لم يتفهم وزير التعليم فى ذلك الوقت أهمية وجود شاب نابغة ممكن أن تكون أبحاثه فاتحة خير علمى واقتصادى كبير على مصر، وقال إن اللوائح تمنع أن يتقدم إلى الدراسة فى الجامعة أو حصوله على درجات علمية بدون حصوله على الإعدادية والثانوية العامة فى عدد السنوات المطلوبة.
ولكن أساتذة العلوم الوطنيين ثابروا وساعدهم وجود عائلة متعلمة وواعية للطفل عمر. واستطاعوا إرساله لمدة أسبوعين إلى مدرسة صيفية لنوابغ الرياضيات فى إنجلترا، وتفوق هناك وقبل فى كنجز كوليدج فى لندن لدراسة ماجستير الرياضيات، وللأسف لصغر سنه اشترطوا وجود راع له مقيم فى لندن ولم يكن ذلك متاحاً. ثم ذهب إلى مدرسة صيفية فى ليون فى فرنسا وأظهر تفوقاً واضحاً، وفور عودته جاءه خطاب من أستاذة فرنسية فى أكبر أكاديمية فرنسية تدعوه للدراسة فيها بعد إجراء امتحان قبول، وأرسلت له تذكرة الطائرة وتكاليف الإقامة لمدة أسبوع فترة الامتحان، وساعده المركز الثقافى الفرنسى فى الحصول على التأشيرة بسرعة، وسافر عمر ونجح فى الامتحان واستمر فى الدراسة بتفوق وحصل على الدكتوراه من فرنسا فى عام ٢٠١٨ وكان عمره ٢٢ عاماً وهو لم يحصل حتى على الإعدادية. وبالطبع انهالت عليه العروض من جامعات أمريكية وفرنسية وألمانية وقبل عرضاً من جامعة مونستر العريقة فى ألمانيا للبحث هناك لمدة ٣ أعوام.
بالطبع هذه العبقرية المصرية المبكرة لولا وجود أسرة متفهمة وناظرة مدرسة واعية وأساتذة فى علوم القاهرة عندهم حس وطنى واهتمام بالعلم، ولولا مساعدة الأستاذة الفرنسية فى الجامعة فى باريس ما كان عمر قد سافر ووصل إلى ما وصل إليه. طبعاً الحكومة المصرية طوال هذه الفترة كانت واضحة، فهى غير مهتمة بالأمر ولا تفكر فى إيجاد حل لتخطى اللوائح، وهى نفس الحكومة التى تقوم بتخطيها كل يوم.
الآن الأمر أصبح مختلفاً، عمر حاصل على الدكتوراه من كبرى جامعات فرنسا، ولكن الروتين المصرى والقواعد قد لا تسمح بمعادلة شهادته الفرنسية ولكنه قابل فى إجازته رئيس أكاديمية البحث العلمى الحالى وكان متفهماً الأمر ووعد بمساعدته لمعادلة الشهادة حتى يستطيع أن يكون أستاذاً زائراً فى جامعة القاهرة إذا رغب فى ذلك لمساعدة الباحثين المصريين.
العلوم الأساسية ومنها الرياضيات تعتبر أهم العلوم ويقولون إن الفارق بين المهندس والصنايعى هو أن الأول يفهم فى الرياضيات. الرياضيات هى أساس الهندسة والطبيعة، والآن بدأت تفسر العلوم البيولوجية وعلوم الكمبيوتر والاقتصاد. يقولون إن الرياضيات هى السكر وإن الاكتشافات الهندسية والتكنولوجية هى الحلوى المصنوعة من السكر ولا يمكن صناعة حلوى بدون سكر. كل العالم يعرف جيداً أينشتين صاحب نظرية النسبية والحاصل على جائزة نوبل. النظريات الرياضية هى نظريات جافة ولكنها تتنظر من يطورها، فانشطار الذرة خرج من هذه النظرية بما فيها إنتاج الطاقة المفيدة وإنتاج القنبلة الذرية المدمرة للبشرية، هى النظرية الرياضية التى نتج عنها توليد تيار كهربائى من المغناطيس وهى وراء إنتاج كل مولدات الكهرباء ووراء الأقمار الصناعية والأجهزة التى توجه السيارة عن بعد.
الكثير من علوم الكمبيوتر أصلها نظريات ومعادلات رياضية يتم تطويرها. قد يأخذ هذا الأمر شهورا وقد يأخذ سنوات طويلة حتى تنتج شيئاً ملموساً فى خدمة البشرية.
مصر الدولة الفقيرة المحدودة فى إنتاجها العلمى لم تهتم بطفل نابغة كان من الممكن أن نبنى عليه مؤسسة علمية تكون نواة لبحث علمى أساسى يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة. والآن ساهم عمر فى تطوير أوروبا الغنية وربما تكون أبحاثه ذات فوائد اقتصادية كبرى مستقبلاً للشعب الألمانى. أما مصر التى تحتاج إلى كل دعم اقتصادى فقد دوخت عمر السبع دوخات طوال هذه السنوات بحثاً عن ورقة تتخطى البيروقراطية بسبب عدم الوعى عند وزير التعليم وعند الكثير من المسؤولين.
شكراً لأساتذة الرياضيات فى كلية علوم القاهرة وشكراً للجمعية المصرية للرياضيات التى تنظم كل عام فى الإجازة الصيفية مدرسة لاكتشاف الموهوبين فى الرياضيات، وكل ذلك بمجهودات ذاتية وتمويل ضئيل للغاية.
مصر بها موهوبون أرجوكم ساعدوهم بدلاً من أن تنكّدوا عليهم.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, July 15, 2019

وقفة احتجاجية فى لندن الخميس ٤ يوليو بقلم د. وسيم السيسى ٢٩/ ٦/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

بدعوة كريمة من الأستاذ منير غبور لحضور احتفالية: زيارة العائلة المقدسة لمصر، هذا الحفل الرائع والعرض المسرحى الأسطورى، ها هى وزيرة الثقافة تعزف على الفلوت، وتقول: أنا هنا فنانة ولست وزيرة! أرسلت لها رسالة تقول: الفن مين يعرفه إلا اللى عاش فى حماه، والفن مين شرفه هذا المساء إلا إيناس، وعبدالدايم مولاه! كانت كلمات وزير الآثار، ومنير غبور، وقداسة البابا من روائع الكلم «الكلمات» خصوصا بعد تقديم الفراشة الطائرة فاطمة ناعوت. لم ينقص العرض المسرحى شىء إلا التنويه عند سقوط الأصنام، إنها أصنام الرومان وليست أصنام المصريين، لأن مصر عرفت التوحيد منذ الأسرة الأولى، وجاء على متون الأهرام: واع واعو أى واحد أحد، نن سنو أى ليس له ثان. تحية للأستاذ منير غبور صاحب الرغبة الحارقة فى أن تكون مصر قبلة العالم كله تاريخيا، ثقافيا، سياحيا، خصوصا أن بابا روما طالب العالم كله بزيارة معالم مصر خصوصا معالم الأماكن التى عاشت فيها العائلة المقدسة فى أمان، فمصر هى ملاذ الخائف والمظلوم.
قابلت فى هذا الحفل المناضلة الشرسة الجميلة هبة سعد، رئيس رابطة إنقاذ الآثار المصرية، والتى كانت لها جولات وصولات، وقضايا فى المحاكم لإنقاذ «سخم كا»، والذى بيع فى أحد المزادات فى لندن.
أخبرتنى هبة بأنها ستقوم بتنظيم وقفة احتجاجية أمام صالة مزادات كريستيز فى لندن، يوم ٤ يوليو الخميس ٢٠١٩ الساعة ٦ مساءً بتوقيت لندن، وذلك بالتنسيق مع السيدة ماجدة صقر فى لندن، والرابطة البريطانية لإنقاذ الآثار، والتى ترأسها السيدة جونيلا لو، ومعها السيدة راعوث، والسيد آندى بروكمان، ومجموعة ضخمة من البريطانيين للاحتجاج على بيع رأس توت عنخ آمون، مع ٣٢ قطعة أثرية أخرى، هذه الوقفة الاحتجاجية تطالب اليونسكو بوقف بيع الآثار المصرية المسروقة فى صالات المزادات، حيث إن الآثار مكانها المتاحف وليست أسواق البيع والشراء! هذه الوقفة تطالب العالم بتعديل القوانين الخاصة بالآثار حتى يتوقف الاتجار بها بعد سرقتها، رتبت الوقفة الاحتجاجية لافتات ضخمة تقول:
Egyptian History Is Not For Sale
أى: التاريخ المصرى ليس للبيع.
ولافتة أخرى تقول:
Stop Trading In Smuggled Antiquities أى أوقفوا الاتجار بالآثار المهربة.
ولافتة تقول:
Unisco Please Save Our World Heritage
أى: يونسكو.. من فضلك أنقذ إرثنا العالمى.
منذ بضع سنوات فى معركتنا حول بيع تمثال سخم كا، والذى وضعت صورته على غلاف أحد كتبى: هذه هى مصر، لم يتحرك مسؤول واحد للوقوف بجانبنا، بل قال أحد الوزراء: اجمعوا ١٦ مليون جنيه إسترلينى لشراء التمثال، والذى بيع ولا نعرف لمن بيع، أما هذه المرة فقد تحركت وزارة الخارجية، والثقافة، والآثار، تطالب بوقف بيع التمثال وعودته إلى مصر، فالشكر الجزيل لها. خرج رأس نفرتيتى بخديعة، وحين طالبت مصر به، قال هتلر: إنى على استعداد أن أعلن الحرب على مصر إذا هى أصرت على استرداده! كان لدينا ٥٥ مسلة، لم يتبق لدينا منها إلا خمس مسلات!!
سرقوا آثارنا، بل وعلومنا، وشوهوا تاريخنا، وأخفوا الكثير الذى يهدم عقائدهم: توت غنخ آمون - مؤامرة الخروج، تأليف أندرو كولنز!
صديقى العظيم د. أحمد المقدم الذى يذوب عشقا فى مصر، والمقيم فى لندن منذ أربعين عاما، والذى كان مستشارا لرئيسة الوزراء مارجريت تاتشر، والذى دفع نيابة عن مصر إيجار المكتبة المصرية فى المتحف البريطانى، تلقيت منه اتصالاً أكد فيه أنه أجرى مقابلة مع سفيرنا فى لندن طارق عادل والقنصل علاء يوسف واتفقوا على: ١- توكيل شركة محاماة بريطانية لاتخاذ الإجراءات القانونية لوقف المزاد ومتابعة الأمر قضائياً. ٢- نشر تحذير للشركة فى عدد من الجرائد البريطانية. حقاً هذا الرجل زلزال سوف يزلزل الأرض من تحت أقدامهم.