Translate

Monday, June 30, 2014

لماذا أكثر من 96% انتخبوا السيسي؟ سعيد علم الدين - كاتب لبناني. برلين





عرس في مصر. فرح في مصر. دولة في مصر عريقة عبر آلاف السنين تتجدد مع شعبها الأبي الثائر الحر، الذي حقق بسواعد بناته وأبنائه أروع قوس نصر. وأمل بربيع ديمقراطي يشع من القاهرة نورا لدمقرطة العرب وافريقيا والسير معا لخير كل شعوب الأرض.
لقد أطلت مصر البهية يوم 9يونيو/حزيران بوجهها المشرق الديمقراطي الحضاري حيث تم الانتقال السلمي للسلطة في حلة زاهية من المهابة والعظمة تليق بشعب مصر العظيم. صورة أدمعت اعيننا لها ونحن نرى أم الدنيا تُزَفُّ لعريسها وتبتسم للمستقبل بعد ان حاول الماضي الكئيب ان يلفها بعباءته الكالحة السواد. فألف ألف مبروك لمصر الغالية على قلوبنا جميعا بعرسها الديمقراطي الوطني التاريخي على يد ابنها المقدام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وشعبها الهمام صانع المعجزات العظام:
فمن معجزة اختراع رسوم اللغة ونظام الكتابة، إلى معجزة الأهرامات التي ما زالت أسرارها تذهل كل باحث في خفاياها، وعظمتها تبهر كل ناظر إلى بنائها، الى معجزة بناء قناة السويس وتأميمها في مواجهة القوى العظمى على يد ابنها الكبير جمال عبد الناصر، الى معجزة العبور على يد رجال جيشها الشجعان في حرب 73، الى معجزة التخلص من نظام الإخوان. هذا النظام الغير رشيد والمستكبر المتعجرف المعاند الجاهل الذي تحول خلال سنة حكم الى سرطان مدمر أخذ يتفشى في مفاصل الدولة لأخونتها وبعثرة مقدراتها والعبث بأمنها واستقرارها، وفي صفوف الشعب ببث الكراهية والفرقة بين أبنائه الى درجة خطيرة جدا جدا أدت ولأول مرة في التاريخ المصري الى تنافر وتنابذ وتخاصم بين شرائح المجتمع الواحد لم يسبق لها مثيل في كل العهود السابقة.
وتحت أنظار الشعب المصري المصدوم مما يحدث:
سرقوا ثورة الشباب الربيعية الزاهية وحولوها الى كهول خريفية فاشلة، وعدوا ونكثوا بالوعود، استغلوا الدين الى ابعد الحدود، أما شراهتهم الى السلطة والاستئثار بها فلم يكن لها حدود، حتى شريكهم حزب النور السلفي انقلبوا عليه وغدروا به، أفرجوا عن القتلة الإرهابيين وسلموا بعضهم مناصب مهمة في الدولة، حاصروا المدينة الإعلامية لتكميم الأفواه، حتى عادل امام وجه مصر الضحوك لم يسلم من شرورهم، حاصروا المحكمة الدستورية وعطلوا عملها، وتدهور الجنيه والبورصة ومعهما الوضع الاقتصادي، وبالاعلان الدستوري تأزمت الأوضاع وتعقدت الأمور وتم  تقسيم الشعب بين مسلم اخواني جيد مطيع لأوامر المرشد بديع وكافر علماني متمرد رديء، ومواجهته لبعضه في مظاهرات عنيفة وسقوط ضحايا من الجانبين.  
وصار المصري يطلق النار على اخيه المصري وعمت الفوضي وانتشرت العصابات، أدى ذلك الى فلتان امني في عموم  المدن والأقاليم المصرية إلى درجة أن مصر كانت متجهة الى حرب اهلية لا محالة. وبدأ الإخوان بالاستعداد لها من خلال الاستعانة بالخبرة الإيرانية المتمرسة في عمليات الاغتيال والغدر وطرق قمع الشعب وخنق الحرية وتزوير الانتخابات وتحويل الديمقراطية الى دكتاتورية مقنعة ليصبح مرشد الاخوان هو المرشد الأعلى للجمهورية.
هذا وكانت تجمع الإخوان علاقات ودية وثيقة وصلات قديمة ومستمرة مع نظام الملالي، حيث فتح لهم مرسي بوابات القاهرة على مصراعيها، بعد ان كانت مغلقة في وجوههم ايام مبارك، ليرفع الحاقد نجاد شارة النصر في أزهرها وليتغلغل الحرس الثوري الحزبلاتي في ربوعها. وفي الخفاء أرسل خامنئي فريقا أمنيا وإداريا لمساعدة مرسي في إدارة الدولة على الطريقة الإيرانية في التسلط والقمع والاستبداد.
وعلى قدم وساق انصبت جهود الإخوان وفي سباق محموم مع الوقت لإسقاط مؤسسات الدولة المهمة والاستيلاء عليها من خلال أخونة الشرطة والجيش والقضاء والإعلام، فأقالوا المشير طنطاوي ثم أقالوا النائب العام المخلص الأصيل عبد المجيد محمود ونصبوا متعاطفا معهم بديلا عنه.
الى جانب ذلك بدأ الاخوان بتشكيل ميليشياتهم المسلحة على طريقة الحرس الثوري الإيراني لتكون ذراعهم الموثوق بها والأقوى في السيطرة على مصر. إلا ان يقظة الجيش والمخابرات المصرية كانت لهم بالمرصاد والتي كانت تنتظر الإشارة الشعبية الجماهيرية الواضحة لتتحرك. وبدأت المظاهرات في وجه مرسي تحركها جبهة الانقاذ. نذكر هنا المظاهرات امام قصر الاتحادية وكيف انقضت عليها ميليشيات الاخوان وسقط شهداء. وظهرت حركة تمرد التي قصمت ظهر بعيرهم بملايين التواقيع التي جمعتها وكانت الشرارة الجماهيرية المليونية في 30 يونيو التي كانت إشارة واضحة لقيادة الجيش لتتحرك وتنقذ مصر من ما يخطط لها من مستقبل مظلم مجهول وتخلف وضياع وحرب أهلية لن تبقي ولن تذر.
وهنا كان دور السيسي الشجاع كوزير للدفاع في اتخاذ القرار الصائب الذي اتخذه بترو ووضوح وفي وضح النهار حيث اعطى الفرصة تلو الأخرى لمرسي لكي يجد مخرجا للأزمة المحتدمة، إلا ان المعزول أضاع الفرص لقصر نظره السياسي وعدم فهمه او تعاميه لحركة المجتمع المصري الذي ضاق ذرعا بممارسات الإخوان الشاذة في الحكم. مرسي هنا كان العوبة طيعة بيد المرشد بديع الذي كَبَّر برأسه الى درجة ان رأس مرسي صار اكبر منه. ناسيا ان رأس أبو الهول هو أكبر الرؤوس في مصر.
وتم عزل مرسي جماهيريا قبل ان يتم عزله من قبل القيادة العسكرية برئاسة السيسي الذي ظهر للمصريين كبطل من ابطال مصر وفي مرحلة تاريخية مفصلية. لقد أنقذ عبد الفتاح السيسي مصر من مصير مظلم قاتم.
وهنا انصدم الشعب المصري أكثر بعد عملية العزل بحيث أظهرت ممارسات قادة الإخوان التحريضية حقيقتهم الإرهابية الدموية التدميرية واسقطت عنهم ورق التوت التي كانوا يتلطون خلفها باسم الدين. فمارسوا كل انواع العنف على الشعب والدولة قبل رابعة وبعد رابعة والى الآن. ومن مخططاتهم تدمير الجيش المصري، فحرضوا الشعب ضده وطالبوا الجنود حتى بالانشقاق على طريقة انشقاقات احرار الجيش السوري عن المجرم بشار. الا انهم خاب ظنهم وتوحد الجيش المصري مع الشرطة كرجل واحد خلف قائدهم دفاعا عن الشعب والدولة.
ولهذا كان رد الشعب مدويا على الإخوان في صناديق الاقتراع، مؤكدا صوابية القرار الذي اتخذه السيسي بعزل مرسي وانقاذ الجمهورية، مكافئا اياه بأكثر من 96% من أصوات الناخبين وبشكل ابهر العالم، انهم أكثر من 23 مليونا. رقم كهذا وبانتخابات ديمقراطية نزيهة يحلم به كل رؤساء العالم الحر.
أضف الى ذلك ان نتيجة الانتخابات المصرية هي زلزال سياسي كبير تداعياته الحالية والمنتظرة المبشرة بالخير طبعا، ستكون ليس على مستوى مصر وحدها، وانما على مستوى المنطقة ككل أكبر بكثير.
فهذه مصر أم الدنيا حضارة وعراقة وريادة كانت وما زالت وستظل قلب العروبة النابض وقلعته الحصينة وليست أي دولة أخرى. وفشلت وستفشل أي دولة او محور يحاول أخذ موقعها المميز والثابت تاريخيا وعربيا.
ومصر الديمقراطية المتجددة بشبابها والنافضة عن كاهلها غبار حسني مبارك ودمار الاخوان ستعود لتلعب دورها الطبيعي والطليعي الرائد في قيادة المنطقة مع الأشقاء المخلصين كالسعودية وغيرها من الدول العربية والصديقة الفاعلة. وعندما تميل مصر الى جهة فستميل معها المنطقة كلها. واكدت نتيجة الانتخابات ميل مصر الى الربيع العربي الذي كاد ان يبتلعه الخريف الاخواني.
والدليل على ذلك هذا الهلع الذي اصاب ملالي التخلف والاستبداد والارهاب في ايران. وخامنئي الآن يضرب الأخماس بالأسداس على الخيبة التي أصيبت بها امبراطوريته المتصدعة بعد عبور مصر الى بر الأمان.
ولكن لا بد من التنويه ايضا الى ان اهم شيء في هذه الانتخابات،  والتي تعرضت منذ البداية لعمليات تخريب وتهديد معلنة من قبل جماعات الارهاب الإخوانية الجهادية المسلحة، أنها تمت بحرية ونزاهة وشفافية واستقلالية ومن دون تسجيل أي خروقات جوهرية تذكر وبشهادة المراقبين، وايضا بهدوء وانتظام واستقرار. لقد كانت عرسا وطنيا ديمقراطيا عاشه الشعب المصري ومعه كل الشعوب العربية الشقيقة من محيطها الى خليجها.
فتحية تقدير واحترام لقوى الأمن المصرية التي استطاعت مواجهة موجات الشر ولجمها وتحقيق هذا الاستقرار المميز لثلاثة ايام انتخابية طويلة. هذا سيؤدي بالتأكيد الى استعادة هيبة الدولة على كامل الأراضي المصرية. فالرحمة لشهداء الجيش والشرطة اللذان بدمائهما الزكية استطاعا حماية هذه الحرية. المعركة لن تنتهي هنا ونجاح الرئيس السيسي لن يكتمل، الا بالقضاء نهائيا على قوى الظلام والارهاب المتربصة بالديمقراطية المصرية الوليدة وبكل القوى الحية والديمقراطية والتنويرية في العالم العربي.
فالتهنئة كل التهنئة للشعب المصري العريق على شجاعته عبر ذهابه لصناديق الاقتراع رغم تهديدات الجماعات الاجرامية بتخريب العملية الانتخابية.  
ومن المعجزات التي ننتظر من الرئيس السيسي تحقيقها:
أولا- نجاح تجربة الديمقراطية المصرية العربية وترسيخها الدائم كقيم ومبادئ وفلسفة نظام سياسي قائم على فصل السلطات والتبادل السلمي للسلطة تحت ظلال دولة القانون والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان. فنجاح تجربة مصر وهذا ما نتوقعه سيسري كالنار في الهشيم لتغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة عند عامة الشعب العربي الذي تستغله التيارات والحركات الدينية المتطرفة في مشاريع مدمرة للإنسان والأوطان.
ثانيا- تحقيق المعجزة الاقتصادية المصرية التي ستقضي على الفقر والعوز وعلى الجهل والأمية، وتجلب الاستثمار والامن والاستقرار والرفاهية والرخاء وتعيد لمصر مكانتها وتحولها الى دولة عصرية مدنية ناجحة.
سعيد ب. علم الدين

رائد سلامة يكتب .. قُلْ يا أيُها المَانِحُونْ....الجزء الثالث: وَما تَفنى العَنَاقيدُ

 

:

175 مليار جنيه مصري ....... تلك هي قيمة ما تعرضه وزارة الإستثمار من مشروعاتٍ علي "المُستثمرين" و هي في الأغلب لن تعدو سوي أن تكون إمتداداً لمشروعات عصر مبارك ،علي ندرتها، أي أنها لن تكون مشروعات تنموية تخلق للمجتمع قيمة مضافة و تستوعب قوي عاملة قادرة لكنها عاطلة. و أنت إذا ما إفترضت -جدلاً- أن تلك المشروعات هي مشروعات هامة و لا غني عنها، فإن سؤالاً لابد أن يتبادر إلي ذهنك: "هل يمكن تمويل هذه المشروعات ذاتياً دون الحاجة إلي "مَانِحين"/"مُقرِضين"/"مُستَثمِرين" من الخارج عرباً كانوا أو أجانب؟" سيسارع البعض بالقول بأن مصر بلد فقير شحيح الموارد و لابد لنا من سيولة حتي يسري الدم في العروق ثانيةً. سأصدمك عزيزي القارئ و أخبرك بأننا لسنا في حاجةٍ إلي أموال "المَانِحين"، لأن المال موجودٌ ببساطة شديدة بين حدود "المحروسة"، و أن هذه ال175 مليار جنيه يمكن توفيرها ذاتياً في غضون عامٍ واحدٍ علي الأكثر، لكن الأمر يحتاج إلي إرادةِ فعلٍ قوية تتخذ من القرارات الصعبة ما لا يمس مصالح فقراءِ مصر. إليكم ما يمكن عمله لتوفير هذا المبلغ:
1. ضمُ الصناديقِ الخاصةِ لموازنةِ الدولة بما سيوفر مبلغاً لا يقل عن 66 مليار جنيه. سَأُخيبُ أمل البعض ممن سيقول بأن أن هذا الرقم غير دقيقٍ و أن أموال الصناديق قد نُهِبْت و إنقضي الأمر، لأقول لهم أن هذا الرقم قد تم تدقَيقه بمعرفة رجال الجهاز المركزي للمحاسبات الذين تمكنوا من حصر موجودات نحو 6 آلاف صندوقٍ خاصٍ من خلال فحص حساباتها بأربعة بنوك فقط (البنك الأهلي و بنك مصر و بنك القاهرة و بنك الإستثمار القومي)، و قدموا تقريراٌ بهذا الحصر إلي كل من المستشار عدلي منصور و المهندس إبراهيم محلب حين كان الأول في أواخر أيام رئاسته المؤقته و كان الثاني رئيساً للوزراء في عهدهِ و حتي الآن. لن أحدثكم عن حسابات الصناديق الخاصة ببنوك القطاع الخاص و التي ينبغي علي السلطة الحاكمة -إن أرادت إصلاحاً حقيقياً- أن تُشَكِل لجنةً لفحصِ تلك الحسابات، و حصر موجوداتها. سَيُذهلُ المصريون حينها من حجم أموالهم التي يُخفيها الفاسدون الذين يَمُدونَ أيديهم للخارج مُتسولينَ أو مُقترضين من قوي الشر العالمية و وكلائها الإقليميين الذين يسعون جميعاً للإحتفاظ بمصر فقيرةً مريضةً و جائعة، لينهش في لحمها الذئاب. إذن نحن أمام ثروة طائلة ينهل منها كل من هَبَ و دَبَ، "فالمال السايب يعلم السرقة" حسب المثل الشعبي العبقري. 66 مليار جنيه لا رقيب و لا حسيب عليها.. أموالٌ سائلةٌ يمكن ل10% منها فقط أن تعيد هيكلة ما تبقي -و ما عاد إلينا بحكم القضاء- من مصانع القطاع العام فتصرف للعمال مستحقاتهم و تُسددَ الديون و تشتتري مواداً خاماً و تُجددَ الآلات لأجل العمل بأقصي طاقة.
2. علاجُ خَطايا دَعم الطاقةِ و المواد البترولية بالموازنةِ العامة بما سيوفر 32 مليار جنيه أخري. فنحن نقوم بإستيراد طاقةٍ و مواد بترولية بما قيمته 9 مليار دولار بما يعادل نحو 65 مليار جنيه و نقوم ببيعها محلياً بنحو 25 مليار جنيه. إذن فقيمة دعم الطاقة الحقيقية هي 40 مليار جنيه تمثل قيمة الفرق بين ما نستورده (65 مليار جنيه) و ما نبيع به داخلياً (25 مليار جنيه). و تستفيد المصانع كثيفة الإستهلاك للطاقة بنحو 80% من قيمة الدعم بينما تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية، أي أنها تُعظِمُ من أرباحها دون وجهِ حق و بصورة فاحشة تُخِلُ حتي بأبسط قواعد التنافسية و النيوليبرالية المنفتحة بلا حدود، لأنها تستخدم طاقةً مدعومة فتصير تكاليف إنتاجها أقل من مثيلاتها بينما هي تبيع مُنتجاتها بنفس أسعار مثيلاتها العالمية. فإذا ما تمت مُحاسبة تلك المصانع بأسعار الطاقة العالمية من خلال إلغاء الدعم عنها فسنوفر نحو 32 مليار جنيه أخري.
3. إعادةُ هيكلةِ بعضِ بنودِ الموازنة بما سيوفر نحو 20 مليار جنيه أخري من خلال خفض النفقات غير اللازمة في الموازنة كمصروفاتِ الإستشارات و الإحتياطياتِ العامة المخصصة لحالات الطوارئ كالزلازل و الكوارث الطبيعية بينما تستخدم دون حساب، و إنهاء فوضي المستشارين الذين كانوا يشغلون وظائف بالدولة ثم أُحيلوا إلي التقاعد، ليتم تعيينهم بوظيفةِ مستشارٍ ليحصلوا علي مزيد من الدخول يُحْرَمُ منها شبابُ مصر الذي يعاني البطالة و الفقر.
4. تعديلُ قانونِ الثروة المعدنية القائم منذ خمسيناتِ القرن الماضي، و الذي مازالت عملية التسعير تتم بموجبه علي أساس أسعار ذلك الوقت بما سيوفر نحو 10 مليار جنيه أخري.
5. تحصيل فروق أسعار الأراضي التي بيعت بثمن بخس أيام المخلوع "مبارك" راعي الفساد و المفسدين بإعتبارها أراضي زراعية، فإذا بالمشتري يحولها إلي أراضي بناء كما حدث مع الشركة المصرية الكويتية للتنمية في أرض العياط البالغة 26 ألف فدان التي تم شراؤها قبل يناير 2011 بمبلغ 5 مليون جنيه (أي بسعر 5 قروش للمتر الواحد..نعم لم تَقرأها خطأً و لم أكتبها إلا صواباً..5 قروش للمتر الواحد بإعتبارها أرضاً زراعية) بينما تبلغ قيمة المتر الواحد لأغراض البناء نحو 350 جنيه. أي أن إجمالي ما يحق لنا تحصيله يصل إلي ما لا يقل عن 37 مليار جنيه.
6. فرضُ ضرائبَ تصاعديةٍ حقيقيةٍ و علي الأرباحِ الرأسمالية و القصور الفارهة (و هي ضرائبٌ متعارفٌ عليها في أعتي الرأسماليات) بما سيوفر نحو 10 مليار جنيه اخري.
هذه البنود الستة توفر لنا مبلغاً و قدره 175 مليار جنيه و لدينا مزيد، فمازال في الجعبة الكثير، لكني فقط أردت أن أوضح من هذا الحساب البسيط أننا قادرون ذاتياً علي توفير ما تسعي حكومتنا للحصول عليه من "المَانِحين"، بينما الحل يَكْمُنُ بين حدود "المحروسة".
قُلْ يا أيها "المَانِحُون"/"المُقرِضون"/"المُستَثمِرون" أياً كانت هُويَاتِكُم أو جِنسياتِكُم..لا نُريدُ أموَالَكُم فلدينا ما يكفينا لإقامةِ تنميةٍ مُستقلةٍ نَعتمدُ فيها علي أنفُسِنا، و نَقومُ بخلقِ إقتصادٍ إنتاجيٍ قوي و نُرَتِبُ عَلاقاتِ الإنتاج، و نُوَزِعُ ثروات بلادنا علي النحو الذي يحقق الكفاية و العدل الإجتماعي، و يوفر حرية و إستقلالية قرارنا السياسي بلا تبعيةٍ لأحد و دون الحاجةِ للتسول أو الإقتراض أو الإستثمار الأجنبي، أو كما قال "أبو الطيب":
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها
فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ

موافى وأزمة الأحزاب بقلم د. مراد وهبة ٣٠/ ٦/ ٢٠١٤

عنوان هذا المقال من وحى تصريح للواء مراد موافى مدير المخابرات الأسبق المنشور بجريدة «الوطن» بتاريخ ٢٤/٦/٢٠١٤ ومفاده أنه قد توقف عن حضور اجتماعات الأحزاب السياسية بسبب أن كل حزب لا يعنيه إلا مصلحته الضيقة وليس مصلحة الوطن الذى يواجه أزمات متراكمة تحتاج إلى سلطة تشريعية واعية حتى لا نكرر ما حدث أثناء حكم الإخوان. ولفظ «التكرار» فى هذا التصريح يعنى أنه مع هشاشة الأحزاب وعدم توافقها فالفوز بالضرورة هو للإخوان والسلفيين، ومن ثم تنتهى ثورة ٣٠ يونيو. ومع فوز هؤلاء ينتفى وجود برلمان على وعى بمعنى التقدم. وعندئذ نواجه أزمة، أى تناقضاً بين التخلف والتقدم.
وفى اليوم التالى، أى فى ٦/٢٥/ ٢٠١٤ نشرت جريدة الوطن رد فعل الأحزاب على تصريحات اللواء موافى، وقد جاء هذا الرد بالسلب بمعنى أن تصريحاته خالية من الصواب. أما أنا فأظن أن اللواء موافى على صواب. فقد كان شعار ثورة ٢٥ يناير «لا للأحزاب ولا للإخوان». إلا أن هذا الشعار قد انتهى فى الساعة الواحدة بعد ظهر يوم الجمعة الموافق ٢٨/ ١/ ٢٠١١ عندما استولى الإخوان على الثورة ثم بعد ذلك على الحكم وبعد ذلك توارت الأحزاب. وعندما أسقطت جماهير ٣٠ يونيو ذلك الحكم بزغت الأحزاب وهى فى حالة ترهل وضعف. وبدأت الجماهير تشعر بـــ«أزمة» فى مواجهة الانتخابات البرلمانية مع ضغوط أمريكية لإعادة الإخوان إلى الساحة السياسية حتى تعود مرة أخرى إلى الاستيلاء على السلطة بحكم قدرتها على دغدغة المشاعر الدينية بلا مقاومة من أى حزب وبحكم الوهم القائل بأن صندوق الانتخاب هو المعيار الأوحد للديمقراطية.
والسؤال إذن:
ما العلاقة بين صندوق الانتخاب والديمقراطية؟
وأجيب بسؤال:
ما معنى «صندوق الانتخاب» فى علاقته بالديمقراطية؟
إن له معنيين: معنى حرفى ومعنى مجازى. المعنى الحرفى أن «صندوق الانتخاب» هو المعيار الأوحد للديمقراطية سواء كانت الدولة ديمقراطية أو لم تكن، أى أن المعنى الحرفى يأخذ بالشكل الظاهرى للديمقراطية دون مضمونها. ومضمونها مؤلف من أربعة مكونات فى مقدمتها العلمانية بمعنى التفكير في النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق. ومغزى هذا التعريف أن الدين من حيث هو معتقد مطلق يمتنع عن التحكم فى الوضع السياسى القائم. والحاصل على الضد من ذلك، إذ المعتقد المطلق وارد فى المادة الثانية من الدستور والتى تنص على أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. وهذه المادة تلزم الدولة بألا تسمح لأى حزب بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية إلا إذا كان حزباً إسلامياً. وتأسيساً على ذلك يمكن القول بأن ليس ثمة علاقة بين صندوق الانتخاب والديمقراطية، وبالتالى فإن الأزمة قائمة على نحو ما ارتآها اللواء مراد موافى.
والسؤال بعد ذلك:
كيف الخروج من الأزمة؟
ليس فى الإمكان الجواب عن هذا السؤال إلا بفكر إبداعى وهو على النحو الآتى فى صيغة سؤال: أين يكمن تخلف الإخوان؟ فى عداوته للقانون الوضعى بدعوى أنه نقيض القانون الإلهى. وإذا شئنا الدقة قلنا إن هذه العداوة تكمن فى رمز القانون الوضعى وهو المحكمة الدستورية العليا. ولا أدل على ذلك من المظاهرة الإخوانية التى حدثت أمام تلك المحكمة لمنع دخول قضاتها وفى مقدمتهم المستشار عدلى منصور رئيس تلك المحكمة. ولم يكن من قبيل المصادفة أن يكون ذلك المستشار هو الرئيس المؤقت لمصر. وتأسيساً على ذلك يمكن القول بأن المحكمة الدستورية العليا هى المنوطة بحل الأزمة.

عبدالرحمن الأبنودى يكتب قصيدة جديدة فى ذكرى ٣٠ يونيو: من كِتَاب الثورة ٣٠/ ٦/ ٢٠١٤


أول كلامى أصلّى ع النبى العربى

نبى ما كان يكره إلا ريحة الخايْنين

وَافْتَّح كِتابَ مصر واقرا القصة بالعربى

وما جرى فيها فى يونيه فى يوم تلاتين.

يتمطّع الضىّ ع الخُضرة فى ساعة عصر

كأنه نسْمَة خصُوصى جايّه للمساكين

كان مين قِدِر والاَّ يقدر يِتْنِى راية مصر

حلم الغزاة اللى داير من قرون وسنين؟!

ومصر اهِه لسّه عايشة ولسّه بِتعافِر

وعَزْمَها المر.. صبَّرها علىالغازْيين.

فاصْحَى وفوق ياللى بنعيم الوطن كافر

ورامى صنانيرك النَّحْس فْ بحور تانيين!!

■ ■ ■

أمرك عجيب يا فْتى.. ياللّى صابِغْها همّ

هل دا عبط أيدلوجى والاّ عِلْم دفين؟

ساكن مع المجرمين فى فصول كتاب الدم

تتآمروا على شعبكم وترَّوعوا الآمْنين

سِبْت الأصيلة.. ورحت تلُوف على «ابوالدّقْن»

وتمجِّدوا الكدابين.. كانت أوامر مين؟

سيدكم هناك.. قاُّلكم: «دى فى انتظار الدفن..

بسّ اصمدوا والحكاية.. حتنتهى فى يومين»

هيّأتوا نَفْسيِكُو للمنصب يا عبْط يابُكْم

كما (جلبى) و(المالكى) وابصر مين وزفت الطين.

وخلاص يقين إنه قرّب ليكو كرسى الحكم

طِلْعوا لْكو وِلْد الأبالسة جيوش يوم تلاتين.

الطَّبْخَة تمت هناك فى مطبخ الأعداء

عُملا وجواسيس وقبِّيضَة وشباب خاينين.

أخدوا الأوامر يخلُّوا مصر دى أشلاء

من بياعين النضال.. لبياعين الدين

كلُّه صناعة أمريكانى والتيكيت مغلوط

مزورينه بِقِلِّةْ صنعة.. يا فاشلين

سحروك يا ثورى؟ خَلاص إفضل كده (مربوط)

تنكر ودانك هدير الشعب بالملايين!!

■ ■ ■

ويا مصر مدّىْ الخُطى.. وحققى الفكرة

إنتى ابتديتى الكتابة والفنون والدين

لو شايفه بكرة أكيد راح توصلى لبكره

وارمى وراكى اللى قاصدين يبقوا مش شايفين!!

Friday, June 27, 2014

هذا رمضان مختلف بقلم إسعاد يونس ٢٧/ ٦/ ٢٠١٤

■ بقالنا خمس سنين ورمضان بييجى علينا كل سنة برئيس شكل.. مرة مبارك ومرة المجلس العسكرى ومرة الحاج طرشى ومرة المستشار الجميل عدلى منصور، وأخيرا الرئيس السيسى.. اللهم ديم علينا رمضان الأخير ده.. شكله حايكون ألذ ألذ ألذ.
■ فى الأسبوع الماضى، كانت إنجلترا تحتفل بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية الثامن والثمانين.. وده كان عيد ميلادها الرسمى، حيث إن الملكة مولودة فى ٢١ إبريل، ولكن المملكة المتحدة تحتفل به رسميا فى يوم سبت من شهر يونيو.. وده عُرف عندهم زى الملك إدوارد كده لما كان عيد ميلاده فى نوفمبر، ولكن يتم الاحتفال به فى مايو أو يونيو.. ليه بقى؟؟.. عشان يبقى فى موسم الصيف والجو حلو، حيث يمكن عمل الاحتفالات المطلوبة والمناسبة.. ليه بقى؟؟.. قطعا مش عشان الموظفين والمنافقين والمطبلاتية يرصوا قصائد شعر ولا يقعدوا ينفخوا الغرور فى رئتين الحاكم لحد ما يطرقع ذاتيا.. ولا عشان أهل الحاكم وعشيرته يجيبوا صوانى فتة ولحمة فى القصر الرئاسى ويقعدوا يُلُغوا لحد ما قولونهم يتحول إلى صباع ممبار محشى على آخره ومفرود بطوله غير قابل للإنثناء.. ولا عشان تتكتب مقالات ومعلقات وتتصدر إعلانات التهنئة الصفحات الأولى فى الجرائد وتختفى حوائط البلد خلف لافتات رخيصة مطبوعة تحت السلم لتهنئ وتبارك، وبالمرة يتعمل إعلان لصاحب التهنئة إن كان صاحب مصنع أو معمل طرشى.. ولكن عشان البلد تعمل احتفالية مهيبة تاكل عيش من وراها سنة بحالها.. وتتمثل فى استعراضات للحرس الملكى.. وإطلاق طلقات الاحتفال فى أنحاء البلاد زى ٤١ طلقة فى الهايد بارك، و٢١ طلقة فى الحديقة العظمى لويندسور، و٦٢ طلقة عند برج لندن القديم.. مش عارفة الفرق فى عدد الطلقات سببه إيه، لكن سمعت ناس بتعزم بعض عليها.. يعنى يقوله إنت حاتحضر التحية أم ٤١ طلقة فى الهايد بارك؟؟.. يقوله لأ شفتها السنة اللى فاتت.. أنا وحشنى برج لندن فحاروح أحضر الـ٦٢ طلقة هناك.
■ كان يوم جمعة وكنت رايحة مشوار قريب من دائرة القصور فى لندن.. مربع كده فيه قصر باكنجهام ومدخل الجزء المخصص لزيارة السائحين والزوار ومبنى مجلس النواب البريطانى والكنيسة الضخمة ويستمينيستر آبى التى يتم بها كل المراسم المهمة للعائلة المالكة.. مربع كده كله جناين ونظام وينتشر به مواكب مختلفة من الحرس الملكى بأزيائه الشهيرة والحصنة اللى على دماغها ريش.. هذا المربع فى اللحظات اللى مريت فيها عليه كان فيه ما لا يقل أبدا عن مليون سائح وزائر.. أوروبيين وأمريكان ورحلات جامعية ومدرسية ومن كل الأشكال والألوان.. وكم ضخم من أتوبيسات السياحة والتاكسيات البريطانية الشهيرة وأكشاك تبيع كل أنواع السوفونير والأطعمة السريعة والورد والآيس كريم وكل ما يشتهيه قلب السائح من مشهيات للزيارة.. وحوالين المكان كام مطعم.. حجز الكرسى فيهم بالضرب.. والانتظار طوابير.. حالة سياحية رائعة تستمر أسبوعا بأكمله مع الإعلانات على التخفيضات والجوائز والسحب.. وكل فكرة ممكن تعمل فلوس.. والإعلان عن إطلاق مشاريع خيرية وافتتاحات لمشاريع ومدارس وحملات اجتماعية ومهرجانات فنية بالهبل.
■ وده بيرد على اللى كانوا معترضين على الاحتفالات المهيبة اللى أقيمت عند زواج الأمير إدوارد، ابن الأمير تشارلز والأميرة ديانا الله يرحمها.. وقتها قالوا إنتوا إزاى تصرفوا ببذخ على الفرح ده.. ورد عليهم الخبراء وقالولهم إنتوا تخرسوا خالص.. مش كل حاجة تنطوا فيها وتعترضوا وإنتوا لِسِنَة عالفاضى.. هذا الزفاف سوف يدر دخلا أضعاف أضعاف أضعاف ما صرف عليه للدولة ولجميع الأنشطة التى تحيط به.. وقد حدث فعلا.
■ وأنا معدية ومكملة مشوارى، مريت على شارع فيه كورنيش عامل زى شارع الجبلاية فى الزمالك وبيطل على نهر التيمز.. رصيف الكورنيش رصيف عادى جدا، ياخد من الأنفار تلاتة جنب بعض بالكتير.. والكورنيش مزروع شجر بكثافة.. فى النص كده ولولا قوة الملاحظة ماكنتش حاكتشف وجود مسلة مصرية فرعونية فى المكان ده.. مسلة على الكورنيش يحيط بيها تمثالين: سفنكس أو أبوالهول كما نعرفه.. صحيح المسلة فى وقفتها معتنى بها وبالقاعدة وبالتمثالين.. لكنها فى مكان مختفى ويكسف.. كنت لسه خارجة من المربع اللى فيه مليون سائح وزحمة موت ومريت على هذا الكورنيش.. المسلة مش باينة من الشجر الكثيف اللى حواليها.. فوقفت أنا وبنتى نتصور عندها.. وابتدينا نعمل هليلة تشبه تماما الهليلة التى افتعلها عبدالمنعم مدبولى وفؤاد المهندس فى مسرحية حالة حب.. عندما أحضروا صورة سنية ماكلين ورموها على الأرض وحاولوا يلفتوا نظر شويكار وزوزو شكيب للصورة.. وإيه دى؟؟.. دى صوره.. يا لهوى.. يا خراشى.. حاجة زى كده.
■ فضلنا نقول: إيه دى؟؟.. دى مسلة فرعونية.. يا لهوى.. يا خراشى.. حاجة زى كده.. ونكلم بعض بصوت عالى ولا كأننا نعرف بعض.. عارفة لو عايزة تشوفى آثار زى دى وقدها ديشليون مرة.. لازم تروحى مصر.. ياه؟؟.. مصر.. دى بلد جميلة قوى.. أوووومال.. وفيها من المسلات دى والأهرامات بقى والمعابد ما أقولكيش.. إكوام إكوام.. ونبص حوالينا نشوف الناس اللى معدية سامعانا ولا لأ.. المكان يفضى شوية.. وأول ما نحس إن فيه ناس جاية نقوم عايدين م الأول.. إيه دى؟؟.. دى مسلة فرعونية.. يا لهوى.. يا خراشى.. حاجة زى كده..
■ لكن بعد شوية صعبت علينا نفسنا.. ده إحنا فركة كعب م المهرجان اللى فيه مليون سائح ده.. طب خمستلاف منهم يعدوا عالمسلة طيب.. طب منشور يقول المسلة دى فين ياكش حد يحب يزور.. طب مصوراتى كحيتى يقف جنبها إذ ربما سايح يحب يتصور ويفتكر إنها مصرية.. طب أى بياع سريح معاه كام كارت بوستال ليها هى والأخين اللى رابضين عند قاعدتها دول.. دول سفينكسين يا جدع مش أى أى يعنى.
■ بقى يا ربى.. حضارتنا ولا حضارة الإنجليز؟.. وكانت الإجابة.. فى الماضى أينعم حضارتنا.. فى الحاضر هما طبعا.. دول ناس مش سايبين خرم إبرة ف بلدهم.. مش مستغلينها.. حتى المناسبات العائلية للعائلة المالكة رغم أنها سياسيا ولا ليها تلاتين لازمة.. لكنها مظهر وتقليد احتفظوا بيه عشان يفضلوا مميزين عن كل دول أوروبا وعشان يدر عليهم دخل مهول.. حتى العملة ما فرطوش فيها ودوبوها جوه اليورو.. لكن إحنا مش سايبين خرم إبره إلا وفيه إهدار للقيمة والثروة.
■ ياللا إن شاء الله خير.. كلنا أمل فى العهد الجديد لما نتكاتف جميعا عشان نصلح البلاوى اللى حصلتلنا فى السنين اللى فاتت.
■ بخصوص الحساب الجديد الذى ستجمع به تبرعات المصريين.. مطلوب إيضاح عن كل الحسابات السابقة التى تلقت تبرعات وجمع كل الأموال، بما فيها الأموال التى جمعها شيوخ قبل كده.. وتضخ فى الحساب ده.. وإطلاع الشعب على تطورات الحساب.. زى لوحة الأحمال التى تظهر على شاشات التليفزيون لتنبه الناس حتى يخففوا من الاستهلاك.. هذه اللوحة تُظهر تطور الحساب وتشعر الناس أن الضخ مستمر.. ويا ريت يظهر كل حين ومين إن زى ما مواطن مقتدر بيتبرع بمليون.. كمان فيه طالب ابتدائى اتبرع بجنيه ورقمه ظهر على الشاشة.. ده حايشجع الناس ويشعرهم إن الجنيه له قيمة.. كما أرجو من الإعلاميين الامتناع عن إشعار الناس إن هذا التبرع سيكون بشكل إجبارى.. مش عايزين نكرّه الناس فى عيشتهم بقى.. كفاية قوى إن أصحاب الأعمال اللى اتخربت فضلوا فاتحينها وحافظوا على بيوت العاملين بها.. ده لوحده دور إيجابى.
■ كل عام وأنتم بخير جميعا.. أتمنى أن ألقاكم فى أحسن حال.. وأستأذن فى أجازة بمناسبة الشهر الفضيل.
■ تحيا مصر

Tuesday, June 24, 2014

#سعودي_يحطم_اصنام_في_اليابان

من مانديلا إلى السيسى- الفساد (٣) بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٦/ ٢٠١٤

سيدى الرئيس، دول العالم كله بها فساد، ولكن حجم الفساد فى دول العالم الثالث رهيب ويعوق أى فرصة للإصلاح. جنوب أفريقيا كان بها فساد كبير، ولكننا حاربنا هذا الفساد بكل قوة وعنف، وأصحاب المصالح تشبثوا بكل المميزات التى حصلوا عليها ولكننا استطعنا أن نقضى على كم كبير منها. الآن هناك تهمة فساد موجهة للرئيس بأنه استخدم ما يوازى ٢٠ مليون جنيه فى إصلاحات قصر الرئاسة وتغيير سيارة الرئيس، وهناك مطالبات شعبية وصحفية كبيرة بالتحقيق مع الرئيس ومساعديه.
أعلم أن الفساد فى مصر هو أمر موجود منذ فترة طويلة ولكنه أصبح أساس نظام الحكم فى عهد مبارك الشديد الطول. نعلم أن هناك عددا من البليونيرات المصريين حققوا ثروات طائلة من تخصيص وشراء أراضى الدولة بثمن بخس ودفعوا جزءاً من الثمن بقروض من البنوك. هذا الأمر يجب أن يقف عند حده ويجب تصحيح الأوضاع الخاطئة. أما فساد بيع بعض مصانع القطاع العام والدولة بأسعار أقل من ثمنها بكثير والسماح بعمولات كبيرة ومكاسب رهيبة فهو أمر يجب أن يتوقف.
الفساد الكبير يا سيادة الرئيس آفة الدولة المصرية ويجب محاربته من أول رجال القصر الجمهورى، مروراً بمجلس الوزراء وجميع المصالح المصرية. الفساد ليس فقط سرقة مليارات الدولة المصرية ولكنه أيضاً فساد المنظومة وإلغاء تكافؤ الفرص، وفساد الدولة ينعكس على الطريقة التى يتم بها عمل مناقصات الدولة. الأمر المباشر هو بداية الاحتكار وإلغاء المنافسة وهى أساس الاقتصاد. فساد المقاولين بالاشتراك مع موظفى الدولة هو السبب فى تسلم طرق مرصوفة بطريقة غير سليمة ومبان تنهار بعد سنوات. لا بد من تطوير طريقة تسلم الدولة للمشروعات لضمان دقة التنفيذ. إن تقاضى الرشاوى فى المحليات هو أمر مسلّم به وهى منظومة فساد كاملة ومستمرة فى طرق إعطاء رخص البناء والتغاضى عن المبانى المخالفة. الاحتكار يا سيادة الرئيس هو أمر للأسف يسيطر على منظومة الاستيراد، هناك مجموعة محددة لا تسمح بمنافستها باستيراد مواد غذائية وتسيطر تماماً على السوق وتضاعف الأسعار وتحقق أرباحاً خيالية. أين قانون منع الاحتكار وتطبيقه؟!
معظم الفساد الحقيقى مرتبط بالدولة بطرق مختلفة ومنع الفساد هو أحد المهام الرئيسية لإنقاذ دول العالم الثالث. البرازيل حققت طفرة اقتصادية، وكانت الخطوة الأولى فيها هى السيطرة على كل الفساد الكبير. وهذا لا يمكن أن يتم دون شفافية كاملة تبدأ من الرئيس شخصياً وتفضح شبكة علاقات الفساد بين الدولة وكبار الأغنياء. العدل فى تطبيق القانون وتشجيع الشرفاء أمر ضرورى وعدم السماح لبعض وسائل الإعلام بابتزاز الشرفاء واختلاق قضايا وهمية تعطل العمل. القضاء السريع العادل هو جزء مهم من إصلاح منظومة الفساد، ولا بد من دوائر خاصة لإصدار أحكام سريعة تمنع الفساد وتبرئ الشرفاء.
سيدى الرئيس، الفساد فى كل مكان إن لم تقتله قتلك.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

Monday, June 23, 2014

رسالة الثورى العميل بقلم د. يحيى الجمل ٢٣/ ٦/ ٢٠١٤

قرأت الرسالة المؤلمة التى وجهها «الثورى الخائن العميل» للدكتور علاء الأسوانى، الذى نشرها كاملة فى مقاله الأسبوع الماضى فى «المصرى اليوم» والرسالة مؤلمة ومحزنة بحق، وكل عبارة فيها تنضح بالصدق والألم معاً كما أنها أيضاً تعبر عن قنوط ويأس، وهذا هو ما قد أسمح لنفسى بالاختلاف فيه مع كاتب الرسالة. كذلك فإن تفكيره بل وإصراره على الهجرة هو أمر مؤلم ومحزن فى آن واحد.
يا بنى أنا أشعر بك وأشعر بصدقك وأتألم لألمك. ولكنى مع ذلك لا أوافق على الحل الذى تفكر فيه ألا وهو الهجرة. اسمح لى أن أقول لك إن هذا ليس حلاً وإنما هو نوع من الهروب، وما أظن أن الهروب من مواجهة المشاكل كان حلاً مثالياً فى أى يوم من الأيام وبالنسبة لأى مشكلة من المشاكل.
لماذا أقول لك هذا كله؟
سأقول لك وأرجو أن تفكر فى كلامى بهدوء. لأنى أحببتك فعلاً وأحسست بكل ما يعتمل فى نفسك من مرارة وإحباط بل وأتصور من قراءتى لرسالتك ومن نشاطك السياسى أنك تعرفنى وإن كنت لا أعرف طبعاً رأيك فى شخصى وفى طريقة تفكيرى. هذا إذا فرض أنك فعلاً تعرفنى. وأنت صاحب حق كامل فى أن تظن بى ما تشاء. ولكنى من ناحيتى أحسست بالصدق والألم فى كل كلمة من رسالتك للصديق الدكتور علاء الأسوانى واسمح لى أن أختلف معك فى النتائج التى رتبتها بالنسبة للشعب المصرى، كذلك اسمح لى أن أختلف معك فى النتيجة التى انتهيت إليها.
الشعب المصرى قام بثورتين الأولى فى ٢٠١١ ومن الواضح أنك شاركت فيها، ذلك أنك تقول إنك عشت ١٨ يوماً فى ميدان التحرير هى أسعد وأجمل أيام حياتك وانتهت هذه الثورة بإزاحة نظام حسنى مبارك. صحيح أن الثورة لم تحقق كل ما كانت تطمح إليه لأنها فعلاً ثورة لم تكتمل ولكن قل لى بالله عليك أين هى الثورة التى قامت واكتملت فى بضعة أسابيع. تجارب الثورات أمامنا وأنت باعتبارك من خريجى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تشهد بذلك وتعرفه.
هذا عن الثورة الأولى التى أطاحت بحكم حسنى مبارك، أما الثورة الثانية فكانت فى يونيو ٢٠١٣ وأطاحت بطغيان بشع وبتخلف لا مثيل له، محاولاً أن يرتدى ثوب الإسلام والإسلام منهم برىء. وقد أفلح هؤلاء عندما حكموا مصر فى أعقاب الثورة الأولى، أفلحوا فى أن يجعلوا الشعب المصرى يعرفهم على حقيقتهم ولفظهم فى ثورته الثانية.
وأنت تقول فى رسالتك للدكتور علاء إنك شاركت فى ثورة ٣٠ يونيو أيضاً، كما شاركت من قبل فى ثورة ٢٠١١ لأنك كنت تعتبر أن التخلص من عصابة الإخوان المسلمين كان واجباً وطنياً ثورياً يجب ألا تتخلف عنه وحسناً فعلت.
كل هذا أوافقك عليه بل أؤيدك فيه.
ولكن حاذر يا بنى من التعميم وإساءة الظن بكل شىء. فأنت مثلاً تتحدث عن المجلس القومى لحقوق الإنسان باستخفاف وترى أن أعضاءه يستأذنون وزارة الداخلية قبل كتابة تقاريرهم.
هل تعلم يا بنى أن الرئيس القومى للمجلس، وهو الأستاذ الدكتور بطرس غالى، كان فى يوم من الأيام أميناً عاماً للأمم المتحدة وهو الوحيد الذى لم توافق أمريكا على أن تجدد له مدة ثانية بالخلاف لكل من جاء قبله ومن جاء بعده. هل تعرف لماذا؟ لأنه لم يرد أن يحجب جريمة بشعة من جرائم إسرائيل معروفة باسم مذبحة قانا، فلما أذاعها أستاذنا بطرس غالى ولم يحجبها لم توافق الأمم المتحدة بتوجيه من الولايات المتحدة على التجديد له مرة ثانية.
كذلك فإن الرئيس الفعلى للمجلس القومى لحقوق الإنسان الآن هو الأخ محمد فائق الذى كان وزيراً للإعلام فى عهد جمال عبدالناصر والذى اعتقله الرئيس السادات فيما عرف باسم الإطاحة بمراكز القوى. وطلب من محمد فايق أن يكتب اعتذاراً بسيطاً لكى يفرج عنه وكنت على ذلك من الشاهدين ولكنه رفض وظل فى المعتقل إلى أن خرج مع زملائه الآخرين.
ألا ترى يا بنى أن مثل هؤلاء لا يستأذنون وزارة الداخلية قبل أن يكتبوا تقاريرهم.
هكذا فإن الثورتين وإن لم تحققا أغراضهما كاملة – كما تقول وكما نقول جميعاً - إلا أنهما مع ذلك حققا الشىء الكثير.
أنا أؤيدك عندما تفكر فى السفر إلى جامعة لندن حيث يوجد بها معهد للدراسات الاقتصادية المتميزة وإن كانوا مازالوا يسمونه وفقاً للتقاليد الإنجليزية «مدرسة» وهى من أفضل الأماكن فى العالم لدراسة الاقتصاد وقد درس فيها من جيلنا الأستاذ الدكتور حازم الببلاوى أستاذ الاقتصاد الشهير ورئيس مجلس وزراء مصر الأسبق ومن يدرى يا بنى لعلك بعد دراستك فى تلك المدرسة- والتى أتوقع لك النجاح فيها أن تعود لكى تصبح أستاذاً كبيراً ورئيساً لمجلس الوزراء فى فى يوم قادم بإذن الله.
وأنت توجه كلاماً للشعب المصرى لا يقوله ثورى مثلك عندما تقول: أيها المصريون – هكذا فى تعميم غريب – أنتم لا تحتاجون إلى الثورة ولم تفهموها ولا تستحقوها.
ثم تقول فى استعلاء شديد: سأترك لكم «هذا المستنقع» وتعنى به مصر وسأسافر إلى لندن. وأنك قررت الهجرة.
يا بنى فى أى بلد هاجرت إليه ستكون مواطناً من الدرجة الثانية ولن تشعر أبداً بما تريد أن تحققه لنفسك وذاتك من مكان ومكانة. يا بنى أنا أشعر بآلامك وأحزانك ولكنى لا أوافق على فكرة الهجرة فإنك إذا هاجرت ستزداد اغتراباً وحزناً على حزن وستحن يوماً إلى أمك أعنى بها مصر.
يا بنى ابق وكافح ونافح وستصل أنت وزملاؤك يوماً من الأيام إلى ما تريدون بإذن الله.
عاشت مصر أمنا جميعاً ولتبق يا بنى فى حضن أمك مصر فلن يكون هناك أحن عليك منها.. والله يحفظك ويحفظ مصر.

السيسى والحقيقة المطلقة بقلم د. مراد وهبة ٢٣/ ٦/ ٢٠١٤

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى لوفد برلمانى بريطانى كان قد التقاه فى ١٤ يونيو من هذا العام أن «المصالحة السياسية يمكن أن تتم فقط مع مَنْ لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء من المصريين ولكن على الطرف الآخر أن يحدد خياراته، وأن يوضح ما الذى يمكن أن يقدمه لمصر، وأن يكف عن الادعاء بأنه يملك الحقيقة المطلقة».
والسؤال إذن: ماذا تعنى هذه العبارات؟
إن لها ثلاثة معانٍ: المعنى الأول أن المصالحة مع القتلة أمر محال. والمعنى الثانى ماذا تريد لمصر أن تكون. والمعنى الثالث خطورة ملكية الحقيقة المطلقة. وأظن أن المعنى الثالث هو المعنى الذى يخص الوفد البريطانى لأنه يوجز فلسفة الإخوان المسلمين فى أنهم ملاك الحقيقة المطلقة. وهذه الفلسفة هى المطلوب معرفتها عندما أصدر رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون قراراً فى أول إبريل من هذا العام بضرورة معرفة فلسفة الإخوان المسلمين.
والسؤال إذن: ماذا تعنى ملكية الحقيقة المطلقة؟
للجواب عن هذا السؤال ينبغى التنويه بأن العلماء والفلاسفة انشغلوا بالبحث فى الملكية بوجه عام والملكية الزراعية والصناعية بوجه خاص. وقد ترتب على الملكية الزراعية نشأة النظام الإقطاعى وعلى الملكية الصناعية نشأة النظام الرأسمالى، أما ما يترتب على ملكية الحقيقة المطلقة من نظام فلم ينشأ حتى الآن. صحيح أن الفلاسفة قد انشغلوا بالبحث عن الحقيقة وتساءلوا: هل هى ممكنة أم مستحيلة؟ وأول مَنْ أثار هذا السؤال فى تاريخ الفكر الفلسفى هو الفيلسوف اليونانى بروتاغوراس الذى قدم إلى أثينا سنة ٤٥٠ ق.م. إلا أن إقامته فيها لم تستمر لأنه نشر كتاباً سماه «الحقيقة» لم تصلنا منه إلا شذرات. وفى إحدى هذه الشذرات عبارة تقول: «لا أستطيع أن أعلم إن كان الآلهة موجودين أم غير موجودين» فاتهم بالإلحاد وحكم عليه بالإعدام وأُحرقت كتبه إلا أنه فر هارباً ومات غرقاً فى أثناء فراره. وفى القرن الثامن عشر حذر الفيلسوف الألمانى العظيم كانط من توهم اقتناص الحقيقة المطلقة. ومعنى ذلك أن ثمة قلقاً ليس من التساؤل عن الحقيقة ولكن من اقتناصها.
والسؤال إذن: ما الذى يقلق فى اقتناص الحقيقة المطلقة؟
يقلق فيها أن اقتناصها يمتنع معه البحث وبالتالى يمتنع التطور فتتوقف الحضارة إلى الحد الذى يمكن فيه أن تتوارى ويصبح الحديث عن أنظمة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية بلا جدوى. وهنا ثمة سؤال لابد أن يثار: مَنْ يجرؤ عل القول بأنه اقتنص الحقيقة المطلقة؟
إنه الأصولى أيا كانت ملته الدينية. وإذا تعددت الأصوليات فالحرب لازمة حتى تنتصر حقيقة مطلقة واحدة على غيرها من المطلقات الأخرى. ومن الواضح أن القرن الواحد والعشرين هو قرن الصراع بين الأصوليات من جهة والصراع بين الأصوليات كلها والعلمانية من جهة أخرى. وفى مقدمة الأصوليات المحاربة هى الأصولية الإسلامية ونموذجها حركة الإخوان المسلمين. انظر ماذا حدث عندما استولت على الحكم؟ شاع النهب والقتل أو بالأدق شاع الإرهاب، وانتقلت العشوائيات من الهامش إلى المركز بموافقة رئيس الدولة الأصولى وحزبه المسمى «الحرية والعدالة». والنتيجة الحتمية هزيمة الحضارة. وأظن أن هذه التجربة المصرية باستيلاء ملاك الحقيقة المطلقة على الحكم هى التى دفعت دول أوروبا إلى إعادة النظر فى فلسفة الإخوان المسلمين. وجاءت عبارة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن المطلوب من حركة الإخوان أن تكف عن الادعاء بأنها تملك الحقيقة المطلقة. إلا أن المفارقة هنا تكمن فى أنه مع افتراض حدوث هذا الكف عن الادعاء فإن الإخوان المسلمين لن يكونوا إخوانا مسلمين.

سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون تحقيق العدل؟ بقلم د. نوال السعداوى ٢٣/ ٦/ ٢٠١٤

هل يأتينى رد من وزير الصحة والنائب العام عن مصير الملف رقم ١٤٤٣٩١ بموت الدكتور محمد فتوح يوم ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨، بعد أن تعرض للإهمال الخطير فى مستشفى دار الفؤاد؟
أرسل الدكتور «فتوح» قبل موته، تفويضاً رسمياً للنائب العام للتحقيق فيما تعرض له، خلال ثلاثة شهور وستة أيام، من العذاب والإهمال والآلام مع دفع الآلاف (موت وخراب ديار)، لم يكن يملك إلا حب أسرته وتقدير أصدقائه، له أخت باعت أساورها وكل ما لديها لتسدد فواتير المستشفى، وأخت ثانية دفعت مدخرات عمرها، وصديق عمره دفع ما عنده، ومساهمات أخرى ممن أحبوه لإبداعه النادر وأخلاقه الأكثر ندرة.
تقدمت أسرته وأصدقاؤه بشكاوى إلى المسؤولين والنائب العام، دون نتيجة، فالدكتور فتوح لم تكن له وسايط فى الدولة تساعده للحصول على حقه، والمستشفى كانت محصنة ذات نفوذ، لأنها مملوكة للكبار منهم وزير الصحة حينئذ، الذى كان يقول إنه سيحارب كل من يتاجر بصحة المواطنين، وكان مستشفاه نفسه يتاجر بصحة الناس ويكسب الملايين، وأحد ضحاياه هو الدكتور محمد فتوح، الذى مات وهو فى قمة الشباب والعطاء، وكان كاتباً وموسيقياً وفناناً، له عدد من الكتب والمؤلفات الرائدة، وعدد من الألحان الموسيقية والأغانى ذات الكلمات والمعانى الجديدة، كان يكتب ليفتح العقول ويحارب ظلام الجهل والمرض والخوف، عاش حياته القصيرة يقرأ ويكتب، حصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة، وضاعت حقوقه فى الحياة والموت، لأنه كان بعيداً عن الشلل من حول وزير الثقافة أو وزير الصحة أو النائب العام.
حين مات كتب عنه من قرأوا له وعرفوا إبداعه، وأنا أيضاً كتبت مقالاً منذ ستة أعوام أطلب التحقيق فى موته، دون جدوى، لم يكن عندى وسايط لأى مسؤول. تأثرت بأخلاق أبى الذى كان يفضل الموت على الاستجداء ويقول «الكرامة فى الاستغناء»، لهذا ضاع حق أبى فى حياته وموته، وضاعت حقوقى أنا أيضاً فى سراديب الملفات والأوراق التى تدخل ولا تخرج من الأدراج، لكنى اليوم أكتب هذا المقال إلى وزير الصحة والنائب العام، على صفحات جريدة «المصرى اليوم»، بعد أن سمعت عن انتهاء عهد الوسايط بعد الثورتين، فهل انتهت الوسايط فعلاً؟ وهل يأتينى الرد عن مصير ملف الفقيد الدكتور محمد فتوح الذى يحمل رقم ١٤٤٢٩١بمكتب النائب العام ومكتب وزير الصحة منذ ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨؟
وأريد أيضاً رداً من وزير الصحة والنائب العام عن موت طالب الطب «علاء عبد الهادى»، كان طالباً بالسنة النهائية بكلية طب جامعة عين شمس، عمره اتنين وعشرين فقط، قتلته رصاصة فى أحداث مجلس الوزراء خلال ديسمبر ٢٠١١، أثناء اشتراكه مع زملائه فى ثورة يناير، التى حملت لقب الثورة المجيدة، لم تمر عشرة أيام على موته حتى أعلنت كلية الطب عن نجاحه بامتياز فى الامتحان النهائى الذى أداه قبل موته بأيام قليلة، كان شابا متفوقا محبوبا مميزا، بكى زملاؤه عليه بكاء هيستيريا، وقرر اتحاد طلاب الكلية إقامة نصب تذكارى له، جاءت أمه المكلومة من قريته بطنطا إلى القاهرة لتتسلم ملابسه، من غرفة كان يسكن فيها مع زملائه بمنطقة حدائق القبة، رأيتها تحتضن البالطو الأبيض والسماعة الطبية الخاصة بابنها الميت، تضم البالطو بذراعيها وتنشج بدموع متجمدة، كأنما تضم طفلها إلى صدرها، تحول البالطو فى حضن الأم إلى جسد ابنها ذاته ساخنا حيا فى حضنها، هل تم التحقيق مع قتلة علاء عبدالهادى وزملائه؟ ليستريح قلب هذه الأم الحزينة وغيرها من آلاف الأمهات اللائى قدمن أرواح أبنائهن للثورة؟
وهل صعد الحكام الجدد إلى الحكم إلا بفضل الثورة والأرواح التى زهقت فيها؟
الجميع يتكلمون اليوم عن هيبة الدولة، فهل تكون للدولة هيبة دون تحقيق العدل؟

Saturday, June 21, 2014

كلمتى لوفد مجلسى اللوردات والعموم بقلم د. وسيم السيسى ٢١/ ٦/ ٢٠١٤


بدعوة كريمة من رئيس مجلس أمناء الجامعة البريطانية فى مصر.. الأستاذ محمد فريد خميس، للمشاركة فى اللقاء المهم مع وفد البرلمان البريطانى (أعضاء مجلس اللوردات ومجلس العموم)، فى زيارته لمصر يوم الأحد ١٥ يونيو ٢٠١٤ بفندق فيرمونت هليوبوليس، بدأ الأستاذ «خميس» بكلمة الافتتاح مرحبا بالوفد البريطانى، ثم عرض علينا فيلما وثائقيا عن الدمار الذى أحدثه الإخوان بمصر، صحيح إذن أن صورة واحدة تساوى مليون كلمة.
تعاقب المتحدثون الأجانب وكانوا حوالى أربعة، كما عرفونا على أعضاء الوفد واحداً واحداً، وواحدة.. واحدة.
طلبت الكلمة، رحبت بأعضاء مجلسى اللوردات والعموم، قلت لهم إن من أسعد سنوات حياتى تلك السنوات الجميلة التى قضيتها فى بلادكم، لقد عملت فى نيوكاسل، كمبردج، جلاسجو، لندن، وحصلت على F.R.C.S ENG. فأنا ENGLAND MAN، قابلت جون سونى فى نيوكاسل، وكان له بحث عن تضخم البروستاتا فى تخصصات الطب المختلفة، فكان أقل الأطباء إصابة، هم أطباء الكلى والمسالك البولية، فلما سألته لماذا؟ قال ضاحكا: حقيقة لا أدرى! ربما لأننا نموت بدرى!!
قصصت عليهم كيف كنت أكتب فى جريدة الديلى ميل، وأذكر مقالة كتبتها بعنوان: ENGLAND: SECOND وSWEET HOME TO ME أى إنجلترا: وطن جميل ثان لى! كما ذكرت لهم كيف كنت أحضر جلسات مجلس العموم البريطانى لمشاهدة كيف تدار هذه البلاد سياسيا.
وبعد هذه المقدمة الجميلة قلت لهم:
أذكركم بما قاله بن جوريون منذ عشرات السنين.. قال: إن قوة إسرائيل ليست فى سلاحها النووى، لأنه سلاح يضر إسرائيل إذا استخدم، وذلك بسبب الغبار الذرى، ولكن قوة إسرائيل تأتى من تفتيت ثلاث دول حولها: العراق.. سوريا.. مصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا (إسرائيل) لا يعتمد على ذكائنا، بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الآخر!
انتهى كلام بن جوريون.. قلت:
ها هى العراق مدمرة، سوريا كذلك، وكان الدور على مصر.. لولا ٣٠ يونيو، والتى هى ثورة شعبية ساندتها القوات المسلحة ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسى، وبهذه المناسبة.. أقول لكم: أنا وسيم السيسى.. مسيحى، والرئيس عبدالفتاح السيسى.. مسلم، فنحن شعب واحد، كما أكدت ذلك مارجريت كاندل، عالمة الجينات، حين قالت إن ٩٧٪ من جينات المسلمين والمسيحيين واحدة، وهى جينات الفراعنة، وعلى هذا فلن يستطيع أحد أن يفرقنا أو يقسمنا!! صفق الجميع، ولا أعرف إذا كان هذا التصفيق من البعض خارجا من قلبه حقا أم من الغشاء المحيط بقلبه، وهو ما نسميه Peri Cardium!!
أخيراً قلت لهم.. كانت مصر على وشك أن يبتلعها ثقب أسود.. الذى يبتلع الكواكب والنجوم، هذه الثقوب السوداء التى اكتشفها عالمكم الكبير ستيفن ها وكنج ABRIEF HISTORY OF TIME BY ١٩٧٢ STEPHEN HAWKING لولا قواتنا المسلحة ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسى! لقد أبحر السيسى بسفينتنا (مصر) فى المياه القاسية الهائجة بالداخل والخارج، حتى وصل بنا إلى شاطئ الأمان والسلام.
ELSISI NAVLGATED THE ROUGH HARD WATERS INSIDE AND OUTSIDE THE COUNTRY AND SAILED THE NATION TO THE SHORE OF SAFETY AND PEACE‘ THANK YOU.
تصفيق حاد.

Wednesday, June 18, 2014

قديم ينازع وجديد يصارع«٣» بقلم سمير مرقس ١٨/ ٦/ ٢٠١٤ بالمصرى اليوم

(١)
«إيه الجو القديم ده؟»؛«إيه جو الأفلام الأسود والأبيض ده؟...إلخ، تعبيرات شبابية يمكن أن تسمعها تتردد كثيرا من حولك.. من الابن لأبيه، بين الشباب وبعضهم البعض، بين الشباب وجيل الكبار عموما، أو فى معرض التعليق على أفكار تتردد فى كثير من الأروقة أو على ممارسات تتخذ فى مجالات الحياة المختلفة أو على أنماط من المعالجات تنفذ تجاه الكثير من القضايا يتم فيها اجترار الماضى بالمعنى الواسع للكلمة...وفى الواقع فإن مستخدمى هذه العبارات فى حقيقة الأمر يقومون بتسجيل موقفهم ـ ببساطة وتركيز وبصورة مباشرة ـ على ما يسمعون ويرون دون «فذلكة» وإنما بسلاسة، على أنه «ينتمى إلى زمن فات»...فما الدلالة الرمزية لما سبق؟
(٢)
يعبر انتشار هذه العبارات بكثافة على أن هناك من بات يعلن يوميا وفى كل وقت أننا أبناء زمن آخر...وأن ما نسمعه ونراه ـ فى نظرنا ـ ينتمى إلى زمن قديم فقد صلاحيته ومقومات استمراريته.. وأنهم ليسوا مطالبين بتتبع نفس المسار الذى سار فيه من قبلهم.. «فالدنيا» اختلفت، وما كان غريبا فى الماضى بات مقبولا فى الحاضر...ذلك لأن الزمن غير الزمن والدنيا لم تعد هى نفس الدنيا...فلم تعد طرق التعبير عن النفس أو عن الحب أو أنماط العلاقات أو الدفاع عن الحقوق...إلخ، التى عرفناها فى الماضى...لذا نجد شباب اليوم يمارسونها بطريقتهم وينبغى التحرر من أى أحكام أخلاقية أو قيمية على طرقهم الحديثة...أو بلغة أخرى لم يعد الأمر يقع فى خانة «الصح» و«الغلط»...بالطبع هذا لا يبرر التجاوز ولكنها تضع مسؤولية علينا جميعا لتفهم الأسباب...التى ربما تكون واحدة منها الإصرار على فرض القديم بكل تفاصيله ـ «الجو القديم كله بأفلامه الأسود والأبيض» ـ كما هو على جيل تجاوز بأفكاره والتقنيات التى تتوفر لديه القديم، فيما أظن، كليا...على طريقة «القطر فاتك يا والدى» «It is too Late» (فى مسرحية الأستاذ العبقرى فؤاد المهندس فى إنها حقا عائلة محترمة ـ ١٩٨٠)...وهنا بالضبط مربط الفرس، قديم يريد أن يسقط ما يعرفه فى «الزمانات» على جديد يبلور معرفة جديدة كليا...
(٣)
الجيل الطالع (بحسب مسرحية العظيم نعمان عاشور ـ وبالمناسبة لماذا لا تذاع مسرحياته التى تنتمى إلى جو الأسود والأبيض ويطل علينا أسوأ ما فى الأسود والأبيض)، لم يعد الزمن القديم، زمن يعبر عنهم وعن طموحاتهم وتطلعاتهم أو ثقافتهم بشكل عام.. فى الحقيقة هو زمن لا يخصهم...
■ ذلك لأن هناك «جوا جديدا» يتشكل؛وقصة جديدة تنسج وقائعها من قبل رواة وأبطال آخرين ليست بالألوان فقط وإنما بالجرافيك والمالتيدايمنشن وغيره من التقنيات الحديثة...
(٤)
الخلاصة، علينا إدراك أنه فى اللحظة التاريخية التى يُلح فيها جيل على أن يميز نفسه عمن سبقه بهذه الطريقة التى تتجاوز الأبنية والمؤسسات القديمة بنعومة شديدة ومن خلال مقولات دالة تنتشر فى لغة الحياة اليومية، فإنه يلزمنا أن نواكب العصر بأفكار وآليات مبتكرة، وإلا فالمصير المحتوم للقديم هو النهاية...وهذا هو درس التاريخ.

Tuesday, June 17, 2014

من مانديلا إلى السيسى (٢) د. محمد أبوالغار ١٧/ ٦/ ٢٠١٤

لقد سعدت عندما سمعتك تتحدث إلى شعبك عن تحقيق الحرية لأبناء مصر، فنحن فى القارة الأفريقية نعتز بتاريخ الثورات المصرية ولا تزال ثورة ١٩١٩ هى الثورة الشعبية الأم فى قارتنا السوداء، وتلتها ثورات أفريقية انتهت بثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.
سيدى الرئيس، لقد سجنت فى زنزانة صغيرة فى سجن شديد الحراسة فى جزيرة روبين أقصى جنوب قارتنا، وكان التعذيب الشديد يطالنا جميعاً بجميع الآلات الجهنمية التى اخترعها النازى فى سجونه ومات منا الكثيرون وأصيب معظمنا بعاهات مستديمة وأمراض صدرية قاتلة من العمل فى الصخور التى تحتوى على مواد كيماوية قاتلة.
عزيزى الرئيس، سوف يحمل التاريخ إلى الأبد عار التعذيب فى سجون جنوب أفريقيا، وأرجو أن تتأكد بنفسك أنه لا يوجد تعذيب فى أقسام الشرطة أو السجون المصرية لأننا كنا نقرأ ونسمع عن تعذيب شديد فى مصر عبر عشرات السنوات، ويبدو أن مسلسل التعذيب فى بلدكم قد عاد مرة أخرى، وهذا الأمر عار على دولة قامت بثورتين عظيمتين. أعلم أن دستوركم العظيم قد نص على أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم ولكن بعض غلاظ القلوب يعتقد أن التعذيب جزء من عمل الشرطة وأنه أمر أساسى فى حماية النظام. منع التعذيب بكل أنواعه هو مسؤولية الرئيس شخصياً، وعليه التأكد من توقف هذا الأمر المشين فوراً وبأوامر شخصية منه. عندكم قانون تنظيم التظاهر به خلل واضح وأدى إلى ظلم فادح وفجوة بينكم وبين الشباب. صحح هذا الوضع المسىء سريعاً يا سيدى الرئيس.
جنوب أفريقيا يا سيادة الرئيس دولة صناعية كبيرة وبها صناعات حديثة ومتقدمة وقد استطاع علماؤنا تصنيع قنبلة ذرية، ولكننى فور أن توليت الحكم وقعت اتفاقاً مع العالم على تفكيك الصناعة الحربية النووية طواعية ونحن نعمل بالطاقة النووية لتوفير الطاقة فقط.
نحن نصنع الطائرات والكيماويات ونصنع الماس والأدوية. أين مشروعكم النووى السلمى؟ وأين مشروعكم الصناعى الضخم؟ لقد زار أحد أساتذتنا الكبار مصر منذ سنوات وكتب يقول إن مصر دولة كبيرة ويبدو أنها سوف تقود أفريقيا صناعياً وعلمياً وثقافياً. ماذا حدث لكم، وكيف أصبحنا فى جنوب القارة متقدمين عنكم بمسافة كبيرة؟
سيدى الرئيس، سعدت حين ذكرت فى كلمتك الأخيرة عن استعادة الأمن وهيبة الدولة فى مصر، وهى حلم كل المصريين لأن السياحة لن تعود ولن تضخ أموال الاستثمار فى دولة غير آمنة وهنا توجد معادلة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، تحقيق الأمن ضرورة والحفاظ على كرامة المواطن وعلى كل مبادئ حقوق الإنسان أمر لا يمكن التنازل عنه فى مصر الحديثة، وهذا لن يتأتى إلا بتطوير الشرطة المصرية من الناحية التقنية ورفع الكفاءة وتذكيرهم بحقوق الإنسان ليل نهار ومعاقبة من يخرج على ذلك.
سلامى إليك يا سيادة الرئيس وشد حيلك.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

رسالة من أحد العملاء.. بقلم د. علاء الأسوانى ١٧/ ٦/ ٢٠١٤

الأستاذ الفاضل...
اعذرنى لأنى لا أريد أن أذكر اسمى.. أنا واحد من شباب الثورة الذين يسخر منهم الإعلام ليل نهار ويتهمهم بالخيبة والفشل. أنا أرتدى بنطلون جينز ساقطاً وشعرى طويل ملموم لكننى لست فاشلاً أو تافهاً إنما التافه المتخلف هو من يقيس أقدار الناس بمستوى ارتفاع بنطلوناتهم. أنا خريج كلية الاقتصاد القسم الإنجليزى (تقدير جيد جدا) دفعة ٢٠١٠ وأنا والحمد لله من أسرة ثرية أسكن فى فيلا فى الشيخ زايد. أبى معمارى ناجح ولديه مكتب هندسى فى دولة خليجية وهو شريك أيضا فى مكتب فى لندن.. بعد حصولى على الثانوية من الخليج التحقت بجامعة القاهرة واكتشفت مصر لأول مرة فحزنت لأوضاعها المتردية، الفساد والقمع والفقر، قررت ألا أكون سلبياً وأحسست أن من واجبى أن أفعل شيئا لرفع المعاناة عن ملايين المصريين. انضممت إلى حركة كفاية وبعدها إلى الجمعية الوطنية للتغيير. اشتركت فى كل الفعاليات والمظاهرات. تم القبض علىّ وقضيت فى الحبس عدة أيام أدركت خلالها ان الإنسان المصرى بلا حقوق فعلا وأن أصغر ضابط فى أمن الدولة يستطيع أن يفعل بك ما يشاء حتى لو قتلك فلن يعاقبه أحد أبدا. زادنى ذلك إصراراً على العمل الوطنى، وبرغم اعتراض أمى وقلق أبى ظللت أشترك فى الاجتماعات والمظاهرات حتى قامت الثورة فعشت ١٨ يوما فى ميدان التحرير هى أجمل وأسعد أيام حياتى. واجهت الموت ورأيت بعينى ضباط شرطة مبارك وهم يقتلون زملائى. سقط بجوارى مباشرة شهيد فى يوم ٢٨ يناير لن أنساه أبداً. شهدت موقعة الجمل ودافعت عن الثورة بكل قوتى، رأيت البلطجية الذين استأجرهم فلول الحزب الوطنى وهم يمرون من بين خطوط الجيش فلا يعترضهم أحد باستثناء النقيب ماجد بولس (أسد التحرير) الذى صعب عليه أن يسلمنا للذبح فأطلق عدة أعيرة نارية لمنع البلطجية عنا. لم أترك الثورة يوماً واحداً. رأيت الموت بعينى فى محمد محمود والعباسية ومجلس الوزراء وسقط شهداء كثيرون بالغاز والخرطوش والرصاص وكنت صديقا للشهيد مينا دانيال الذى قتلوه فى مذبحة ماسبيرو. ضاعت أعين زملاء لى وارتميت لأحمى بجسدى البنات عندما كان الجنود يجروهن من شعورهن ويسحلونهن على الأرض وتلقيت ضرباً مازالت آثاره على ظهرى. فى انتخابات الرئاسة أعطيت صوتى لخالد على فى الجولة الأولى وقاطعت فى الجولة الثانية لأننى لا أثق فى الإخوان فرفضت أن أنتخب مرسى، وكان من المستحيل طبعا أن أنتخب شفيق، الذى هو مبارك آخر. ثم وصل الإخوان إلى الحكم واشتركت فى كل المظاهرات ضدهم ولم يختلف الأمر فالسلطة تقتلنا سواء باسم الإخوان أو باسم المجلس العسكرى.. ثم اشتركت فى ٣٠ يونيو وخالفت زملائى الذين رفضوا التظاهر بجوار فلول نظام مبارك. كانت وجهة نظرى أنه بالرغم من وجود الفلول فى الميادين إلا أن التخلص من عصابة الإخوان واجب وطنى وثورى لا يجب أن نتخلف عنه، وقد أقنعت كثيرين ونزلنا نتظاهر أمام الاتحادية. عندما قرر الجيش أن يساند الشعب فى التخلص من الإخوان نزلت إلى ميدان التحرير لتأييد الجيش.. كان رأيى أنه بالرغم من المذابح التى يجب أن يحاكم المسؤول عنها أيام المجلس العسكرى إلا أن الجيش المصرى كمؤسسة وطنية واجبه أن يتدخل لحماية المصريين من الإرهاب وواجبنا جميعا أن نسانده. بعد سقوط الإخوان لاحظت أن إعلام الفلول قد شدد من حملته لتشويه الثورة وأحسست بالغيظ، فكرت أن نظام مبارك قد استعملنا للتخلص من الإخوان ثم استدار ليجهز علينا ويشوه سمعتنا. تأكد ظنى عندما صدر قانون التظاهر واشتغلت ماكينة الإعلام الجبارة لتحشو عقول المصريين بالأكاذيب. لا يوجد بلد فى العالم يعاقب من يتظاهر بغير إذن بالحبس إلى مدد قد تصل إلى ١٥ عاما، كما حدث مع علاء عبدالفتاح وزملائه.
فى ٢٥ يناير الماضى نظمت مع زملاء لى وقفة احتجاجية صامتة ورفعنا لافتات كتبنا عليها «الثورة مستمرة». تم القبض علينا وقدمت لمحاكمة سريعة وحكم علىّ بالسجن عامين وغرامة ٥٠ ألف جنيه. لن أحدثك عن الضرب والإهانات والتعذيب فما عليك إلا أن تراجع تقارير المنظمات الحقوقية المصرية أو الدولية لتعرف أن القمع الآن أسوأ من أيام مبارك.. أرجوك لا تعتمد على تقارير المجلس القومى لحقوق الإنسان لسبب بسيط أن أعضاءه يستأذنون وزارة الداخلية قبل التفتيش على السجون. هل سمعت فى الدنيا عن مفتش يستأذن من الجهة التى يفتش عليها؟ ألا يعطى ذلك فرصة ذهبية لإدارة السجن حتى تخفى آثار التعذيب؟. أنا الآن فى أحد السجون (لن أذكره). بمجرد خروجى من السجن سأهاجر من مصر التى يعلم الله كم أحببتها. سأتركها نهائيا ولن آتى إليها بعد ذلك إلا فى الإجازات.. إياك أن تظن أن السجن كسرنى، والله العظيم لو قضيت عشرين عاما فى السجن ولو رأيت أضعاف ما تعرضت له من تعذيب لما هز ذلك إيمانى بالثورة لحظة. لماذا أهاجر إذن؟ لأننى اكتشفت أننا جميعا كثوريين عشنا فى وهم كبير عندما تخيلنا أننا ندافع عن الشعب. الثوريون هم أنبل وأشجع من فى هذا الشعب لكن أغلبية المصريين لا يحتاجون إلينا فلا يجب أن نفرض أنفسنا عليهم.. ألم تسمع بنفسك من يقول إن المصريين يحتاجون إلى حاكم قوى حتى يشكمهم؟ بالمناسبة أنا مقتنع أن السيسى كان الحاكم الفعلى بعد ٣٠ يونيو وأن قانون التظاهر صدر بأمر منه. لا ألوم السيسى لأنه رجل عسكرى من الطبيعى أن يضيق بمن يعارضه لأنه تعود على إصدار الأوامر وتنفيذها. قال الكاتب الأمريكى ناعوم تشومسكى: «العسكريون جميعا ثقافتهم واحدة قائمة على فرض الأمر الواقع وتدمير الخصوم». سأكون سعيدا لو أثبت السيسى أنه مختلف عن وصف تشومسكى. لست غاضباً من السيسى لكنى غاضب من هذا الشعب العجيب الذى قدمت الثورة من أجله آلاف الشهداء والمصابين حتى يحصل على حريته فإذا به فى النهاية يصدق أن الثوريين عملاء وممولون من الخارج.. من فضلك لا تقل لى إن إعلام الفلول قام بتضليل الناس لأنى سأسألك أليس لهؤلاء الناس أدمغة يفكرون بها؟ هل سمعت عن عملاء يستشهدون ويفقدون عيونهم من أجل الحرية؟ هل هذا جزاؤنا من الشعب الذى دافعنا عنه بدمائنا؟. عندما قبضوا علىّ يوم ٢٥ يناير ضربنى أفراد الشرطة بوحشية فلم أصرخ وتحملت الضرب بثبات. ثم قام بضعة رجال من المقهى المقابل وراحوا يصيحون فى وجوهنا «ياخونة ياعملاء بعتم مصر بكام؟» عندئذ فقط انهرت، انكسرت، بكيت لدرجة أن الجنود توقفوا عن ضربى.. هؤلاء المواطنون الذين يتهموننى بالخيانة هم الذين اشتركت فى الثورة حتى يعيشوا محترمين فى بلادهم. يا دكتور علاء يجب أن نرى الحقيقة. لقد عشنا سنوات فى الأوهام- وأنت معنا- عندما تعاملنا مع شعب افتراضى ليس هو الشعب المصرى الحقيقى. إن الثوريين يريدون تغييراً حقيقياً، يريدون مصر عادلة حرة لكن بقية المصريين مختلفون عنا. سأضرب لك مثلين: بعد كتابة الدستور الجديد نزل المصريون بكل حماس ووافقوا عليه فى الاستفتاء بأغلبية ساحقة ولم تمض أيام قليلة حتى بدأت الحكومة فى انتهاك الدستور مراراً وتكراراً. قانون التظاهر وتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات وهتك أسرار الناس فى التليفزيون عن طريق إذاعة تسجيلات شخصية والاعتقالات والتعذيب.. كل هذه انتهاكات فادحة فأين الذين رقصوا فى الشوارع فرحاً بالدستور ولماذا لم يعترضوا على انتهاكه؟! إنهم فى الواقع لا يحتاجون إلى دساتير وإنما يتوقون إلى حاكم قوى يشكمهم.. المثل الثانى عندما نزل الرئيس السيسى يقود دراجة وخلفه مئات الأشخاص فى ماراثون للدراجات. الإعلام الكذاب راح يطبل ويزمر للسيسى كالعادة لكننى قلت لنفسى لا بأس ربما أراد أن يؤكد فائدة الرياضة أو أراد أن يطمئن السياح على الحالة الأمنية فى مصر. هذه أهداف مفهومة ومقبولة. لكننى فوجئت بأن السيسى يدعو المصريين إلى الذهاب للعمل على الدراجة بدلاً من السيارة من باب التقشف؟!..، ألم يفكر أحد من الشعب الذى ندافع عنه فى أن الرئيس السيسى إذا دعانا للتقشف عليه أن يبدأ بنفسه ويتخلص من أسطول السيارات المرسيدس الفارهة التابعة للرئاسة..؟! عليه أن يكتفى بقصر رئاسى واحد يمارس فيه عمله ويحيل عشرات القصور والاستراحات الرئاسية الأخرى إلى فنادق ومتاحف تدر على الدولة ملايين الجنيهات.. لماذا لم يطالب أحد الرئيس السيسى بأن يطالع تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات ليعرف أنه إذا ضم لميزانية الدولة أموال الصناديق الخاصة المنهوبة واستغنى عن المستشارين الذين يتقاضون كل شهر ملايين الجنيهات، عندئذ لن يحتاج المصريون لركوب الدراجات ولن تحتاج مصر للاقتراض أساساً.. نحن الذين نفكر فى مثل هذه الأمور، أما الشعب الحقيقى (وليس الذى تخيلناه) فهو متنازل مسبقاً عن حقوقه مادام الحاكم «دكر» وقوى بمقدوره أن يشكمه.. هذا هو شعبنا الذى كدت أموت دفاعاً عنه فاتهمنى بالخيانة. فور خروجى من السجن لن أبقى يوما واحدا فى بلد يتهم الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجله بالخيانة. لقد استطاع أبى أن يسجل اسمى كطالب ماجستير فى مدرسة لندن للاقتصاد (وهى من أفضل كليات الاقتصاد فى العالم كما تعلم). سأترك مصر حتى أعيش فى بلد يحترم إنسانيتى. بلد يحكمه القانون لا أحبس فيه عامين لأننى حملت لافتة بطريقة سلمية فى الشارع. بلد لا يتهم من ماتوا من أجله بأنهم بلطجية وعملاء. أيها المصريون أعتذر لأنى فهمتكم خطأ.. أنتم لا تحتاجون إلى الثورة ولم تفهموها ولا تستحقونها. سأترك لكم هذا المستنقع الذى حاولنا تنظيفه من أجلكم فاتهمتمونا بالعمالة والخيانة. سأدرس فى لندن وسأتفوق بإذن الله وسأصل إلى أفضل المناصب، أما أنتم يا من تخونوننا وتلعنون ثورتنا فهنيئاً لكم الاستقرار الممزوج بالقمع والذل، هنيئاً لكم الفساد والمحسوبية والعدالة العرجاء والإعلام الذى تعد برامجه فى أروقة أمن الدولة. كتبت هذه الرسالة لأشرح لك موقفى، وسواء اتفقت أو اختلفت معى فإن احترامى لك لا يتغير.
تحياتى
تلقيت هذه الرسالة وسوف أرد عليها الأسبوع المقبل بإذن الله.
أيها القراء الأعزاء إذا كان لديكم ردود على هذا الشاب برجاء التفضل بإرسالها على البريد الإلكترونى..
الديمقراطية هى الحل

Monday, June 16, 2014

السيسى والخطاب الدينى بقلم د. مراد وهبة ١٦/ ٦/ ٢٠١٤


عنوان هذا المقال من وحى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الاحتفال الذى تم تنظيمه بقصر القبة الرئاسى بمناسبة تنصيبه رئيساً للجمهورية يوم الاثنين الموافق ٢٠١٤/٦/٨
قال: «إن الوطن عاش فترة عصيبة قبل ٣٠ يونيو هددت بحرب أهلية واستخدام خاطئ للدين، وظروف اقتصادية صعبة بين الديون والسياحة والبطالة ونقص حاد فى موارد الدولة ونزيف فى الاحتياطى». ثم قال: «يجب تجديد الخطاب الدينى وعدم الإساءة وتشويه دين الإسلام». ثم استطرد قائلاً: «كان الشعب مهدداً بالتقسيم بعد ثورة ٢٥ يناير ولكن قامت ثورة ٣٠ يونيو لتصحيح المسار».
وأظن أن الفكرة المحورية فى هذه المقتطفات من أقوال الرئيس السيسى تكمن فى أن الإخوان المسلمين الذين استولوا على السلطة انحرفوا بمسار ثورة ٢٥ يناير وقامت ثورة ٣٠ يونيو لإزالة الانحراف وإعادة ثورة ٢٥ يناير إلى المسار الثورى، وهذا المسار الثورى كامن فى تجديد الخطاب الدينى بحكم أن جماعة الإخوان المسلمين لها خطاب دينى استندت إليه فى نسف ثورة ٢٥ يناير وفى تفكيك الدولة مع الإصرار على العودة إلى ما قبل العصر الصناعى، أى إلى العصر الزراعى أو إلى ما قبله من عصر القبيلة. ومن هنا يصبح الخطاب الدينى مطلبا لازما.
وفى ٢٠١٤/٦/١٠، أى بعد يومين من إلقاء الخطاب اجتمعت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وبعثت برسالة إلى الرئيس السيسى جاء فيها أن الأزهر «لن يدخر جهداً فى ضبط الخطاب الدينى وضبط الفتوى وتأهيل رجالها وفق رسالة الأزهر ومنهجه الوسطى».
والسؤال بعد ذلك:
هل ثمة فارق بين تجديد الخطاب الدينى وضبط الخطاب الدينى؟
ولكن يلزم إثارة سؤال من ذلك السؤال: ما معنى الخطاب الدينى؟
ثمة فارق بين النص الدينى والخطاب الدينى؟
النص الدينى، وبالأخص فى الأديان الإبراهيمية الثلاثة هو مقدس وموجه إلى الإنسان. وحيث إن الانسان يتميز بأن له عقلاً وظيفته الفهم فمعنى ذلك أن الإنسان يريد أن يفهم بعقله ما آمن به من نصوص مقدسة، أى أنه يريد أن يعقل الإيمان. فإذا كان له ما يريد قال «أومن لأتعقل»، وإذا فشل فيما يريد قال «أومن لأنه غير معقول». وما على المؤمن بعد ذلك إلا أن يحسم الاختيار بين القوليْن. وهو فى الحالتين ينتقل من النص الدينى إلى الخطاب الدينى، أى أن الخطاب الدينى وارد فى القولين، وهو عندما يكون كذلك نكون عندئذ قد انتقلنا من نص إلهى إلى فهم بشرى للنص الإلهى.
وتأسيساً على ذلك يمكن القول بأن ضبط الخطاب الدينى يعنى أن ثمة خطاباً قائماً وحدث له أن تفكك، والمطلوب بعد ذلك أن تعيد ما تفكك إلى أصله الذى كان قبل أن يتفكك. أما تجديد الخطاب الدينى فيعنى إجراء تغيير جذرى فى الخطاب الدينى القائم. والخطاب الدينى القائم والسائد هو خطاب جماعة الإخوان المسلمين الذى أرادت فرضه على الدولة والمجتمع، وهو خطاب مشتق من فكر الفقيه ابن تيمية من القرن الثالث عشر والذى يرفض إعمال العقل فى النص الدينى، ومن ثم يرادف بين العقل والحس وينتهى إلى السمع والطاعة بدعوى أن السمع هو أصل الحواس الخمس، وبذلك يصبح المجتمع هو مجتمع القطيع. وعلى النقيض من ابن تيمية ابن رشد الذى يلح على مشروعية إعمال العقل فى النص الدينى. وإذا كان ذلك كذلك فالأمر بعد ذلك يكون بتجديد الخطاب الدينى وليس ضبطه.

ما يختفى وراء جرائم الاغتصاب بقلم د. نوال السعداوى ١٦/ ٦/ ٢٠١٤

منذ أكثر من ستين عاماً، عُوقبتُ من الدولة أشد العقاب، لأنى كشفت فى كتابى «المرأة والجنس» عن حالات الاغتصاب الخفية التى تحدث داخل البيوت والمدارس، المدرس الذى اعتدى على ستة من التلميذات ولم يعاقب، حرصاً على سمعة البنات وعائلاتهن، وتم نقله إلى مدارس البنين، والرجل صاحب المنصب الكبير فى الدولة الذى اغتصب الخادمة الفقيرة وطردتها زوجته حماية لزوجها وسمعة العائلة الكريمة، والخال الذى اغتصب ابنة أخته الصغيرة حتى ارتفع بطنها بالحمل فقتلها (وإخوتها الذكور) دفاعاً عن شرفهم، الرجل القاتل المدافع عن شرفه، يخفف القاضى عنه العقاب تعاطفاً معه، لأن الشرف (العرض) عند الرجل أهم من حياته، والرجل الحق يفضل الموت دفاعاً عن شرفه، لهذا يشفق القانون على الرجل وإن كان قاتلا، فالشرف يملكه الرجل، أما المرأة فلا شرف لها، هى فقط الجسد أو المكان حيث يكون شرف الرجل، يلتصق العار بالفتاة المعتدى عليها، يطلق عليها اسم «الضحية» ويتم إخفاء وجهها واسمها كأنما هى المفضوحة، والمفروض أن تتحدى، وتكشف وجهها واسمها، وتعلن أن العار ليس عارها، بل عار المجتمع، وأنها ليست ضحية ولن تكون، كيف يتعلق شرف الوطن أو شرف الأسرة بعذرية البنت أو جسد المرأة أكثر مما يتعلق بسلوك الرجال؟ وكيف يتعلق شرف الرجل بجسد المرأة وليس بجسده هو؟ ولماذا يتعلق الشرف بالجسد فقط ولا يتعلق بالعقل؟
الشرف الحقيقى هو الصدق والإخلاص والأمانة فى الفكر والسلوك داخل البيت وخارجه، فى المجالات العامة والخاصة، فى الدولة والأسرة، فى السياسة والاقتصاد وكل شىء، الرجل الشريف هو الصادق والمرأة الشريفة هى الصادقة، المقاييس الأخلاقية لا بد أن تسرى على الجميع بصرف النظر عن النوع أو الجنس أو الدين أو الطبقة أو غيرها، القيم والقوانين الأخلاقية فى بلادنا مزدوجة، تكيل بمكيالين وأكثر، مما ينفى الأخلاق والشرف، ويسود قانون القوة (فى بلادنا والعالم) القائم على العنف والاغتصاب وعقاب الأضعف وتبرئة الأقوى.
يتربى الولد فى البيت على قيم أخلاقية تختلف عن القيم التى تتربى عليها البنت، تحت اسم الرجولة يتربى الولد على أنه الأقوى المكلف بحماية شرف العائلة وعذرية البنات، ويتمتع بحريات وحقوق لا تحظى بها أخته أو زوجته، وتتربى البنت لتقبل وضعها الأقل تحت حماية الرجل، وألا تركب الدراجة مثلا أو (تمارس الرياضة) حماية لسلامة غشاء البكارة، وأن الطاعة والسكوت والضعف فضيلة، وليس القوة والشجاعة والتساؤل والنقاش والسعى للعلم والمعرفة، تنشأ الفتاة المصرية لتكون «أنثى»، تتعرى حسب إرشادات الموضة وأدوات الزينة فى السوق الاستهلاكية الرأسمالية أو تتغطى بالنقاب أو بالحجاب حسب إرشادات القوى الدينية السياسية، تتمزق الفتاة المصرية بين قيم الانحلال وقيم الانعزال، بين الانفتاح على البضائع الأمريكية وبين الانغلاق على الفتاوى الدينية.
المرأة الإنسانة العاملة بجدية وصدق وإخلاص، المفكرة بعمق وعقل مبدع مستقل، المرأة التى لا تتحجب ولا تتعرى ولا تتبع خطوط الموضة والماكياج، المرأة القوية الشجاعة التى ترفض هوان الأنوثة، وتحمى نفسها بنفسها، هذه المرأة يقولون عنها مسترجلة وغير طبيعية، والرجل الإنسان الذى يمارس عمله بصدق، ولا يخدع زوجته، ولا يخون الأمانة فى البيت وخارجه، الرجل الذى يعتبر المرأة مساوية له فى كل الحقوق والواجبات، سواء كانت زوجته أو زميلته فى العمل أو أى امرأة أخرى، هذا الرجل يقولون عنه فاقد الرجولة (ليس دكرا) أو ضعيفاً أو لين العريكة.
الرجل الإنسان الصادق ذو الأخلاق الحقيقية يتمزق بين القيم المزدوجة المتناقضة كما يحدث للمرأة الإنسانة الصادقة صاحبة الأخلاق الحقيقية. جرائم الاغتصاب تتخفى وراء هذه القوانين والقيم المزدوجة فى حياتنا العامة والخاصة، وسوف تستمر جرائم الاغتصاب بكافة أنواعها فى حياتنا الزوجية والجنسية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية ما لم نغير القيم والمفاهيم والقوانين الطبقية الأبوية التى نتربى عليها منذ الطفولة فى البيوت والمدارس.

Sunday, June 15, 2014

كلمات حرة سُنة الحياة ....... د.أسامة الغزالى حرب


د.أسامة الغزالى حرب

أن تكتب عن مليونير فهذه مسألة حساسة، فما بالك بالكتابة عن مليارديرواسمه 
نجيب ساويرس؟ غير أننى عرفت قبل نجيب والده «أنسى ساويرس» الذى دعانى فى منتصف التسعينيات غالبا ضمن مجموعة من الشخصيات العامة عقب إحدى الحوادث المبكرة لما سمى بـ«الفتنة الطائفية»،
للنقاش حول تفسير ماحدث و كيفية مواجهته. وبعد ذلك بوقت طويل تعرفت على نجيب شخصيا،ودعوته فى منتصف التسيعينات لدعم «المجلس المصرى للشئون الخارجية» فلم يتردد فى التبرع بتجهيز مقره فى المعادى بالكامل. وعندما شرعت- مع د. يحيى الجمل- فى تكوين حزب «الجبهة الديمقراطية» منذ أواخر عام 2006تحمسله نجيب وكان فى مقدمة الداعمين له، بدون أى بادرة لتدخل فى شئون الحزب. وفى سياق هذا كله تعرفت على نجيب عن قرب، لأدرك أنه مصرى صعيدى حتى النخاع بكل مافى ذلك من مزايا و عيوب، يحترم أباه ويقبل يديه كل صباح، يقترن احترامه لدينه برفضه الصارم للتعصب،وتقديسه لمبدأ المواطنه ورفضه لأى تفرقة بين مواطن و آخر على أساس الدين، ولاحظت أن أقرب معاونيه ومن يستأمنهم على حياته وأموالههم مسلمون. علاقاته بالعاملين معه ، وحرصه عليهم، شهد المصريون نموذجا لها عندما دمعت عيناه أمام عدسات التليفزيون وهو يتحدث عن مهندسيه الذين اختطفوا منذ سنوات فى العراق، ولم يسترح إلا بعد أن دفع الفدية لإطلاق سراحهم.، أما مايقوم به من مساعدات وأعمال خيرية، منفردا ومع أسرته، فهو أكبر بكثير مما يبدو فى العلن. أما أبرز عيوب نجيب فهى زلات لسانه التى جلبت له الكثير من النقد.أقول هذه الكلمات بمناسبة إعلان نجيب عن عزمه استئناف استثماره فى مصرعلى نطاق واسع،هذا أمر يجب أن نرحب به من نجيب وغير نجيب من كبار المستثمرين،أما لماذا أكتب هذه الكلمات اليوم بالذات، فهو أننى اكتشفت أن اليوم هو عيد ميلاده الستون، وتذكرتأنه قال لى منذ شهوروالأسى يملأ عينيهتصور، سوف أبلغ هذا العام سن الستينوابتسمت،تلك هى سنة الحياة التى تنطبق على الفقير المعدم، والملياردير المترف!

Saturday, June 14, 2014

بنوك الحب العالمية التى أوشكت على الإفلاس أصبح لديها فائض من فيض إنسانيتكم بقلم وسيم السيسى ١٤/ ٦/ ٢٠١٤

أعتقد أنه ما من إنسان شاهد زيارة السيد الرئيس إلى السيدة المتحرش بها، إلا وامتلأت عيناه بالدموع! هذه الدموع لو حللت لعناصرها الأولى لكانت ألماً من أجل هذه الضحية البريئة، وحباً غامراً للسيد الرئيس، هذا الإنسان الذى امتلأ قلبه حباً لشعبه، وتحدى العالم كله من أجله.
سألوا أحد الفلاسفة: ما هو الجمال؟
قال: الجمال هو الصدق.
الطفل جميل لأنه صادق
فى دراسة للغة الجسد.. نجد أن أى رسالة من إنسان لآخر أو آخرين:
٧٪ كلمات منطوقة.
٣٨٪ موسيقى صوت هذه الكلمات
٥٥٪ تعبيرات الوجه أثناء النطق بهذه الكلمات، الصدق هو اتفاق الـ٧٪ مع ٩٣٪، أى موسيقى الصوت وتعبيرات الوجه، الكذب هو عدم اتفاق الـ٧٪ مع الـ٩٣٪، لذا نجد كلمات الرئيس صادقة وجميلة لأن الـ٧٪ دائماً مكملة أو معبرة عن الـ٩٣٪ أى موسيقى الصوت، تعبيرات الوجه. برنارد شو فى كتابه الإنسان الأعلى SUPERMAN يرى أننا لم نصل حتى الآن للإنسان الأعلى، ذلك لأن السوبر مان يفعل الخير لأنه خير لا طمعاً فى ثمار هذا الخير، ويبتعد عن الشر لأنه شر وقبيح وليس خوفاً من عقاب، أما الإنسان الحالى فهو كالوحش الكاسر وراء قضبان من القانون، وأن قبضة القانون إذا تهاوت أو تراخت، خرج هذا الدراكولا يروع المجتمعات! القانون هو الحل، وقد توصل إلى هذا عالم الاجتماع السويدى جونار ميردال، خذ مثلاً... حزام الأمان فى السيارة، لم يلتزم به الناس إلا بعد عقوبة الغرامة ٥٠٠ جنيه، وبمرور الوقت تحول القانون إلى ثقافة، فأصبحنا نضع على صدورنا حزام الأمان حتى فى أوقات غياب القانون.. كان الرئيس السادات على حق حين قال: للديمقراطية أنياب ومخالب، فقط كان يجب أن يوضحها.
قائلاً: الديمقراطية أداتها القانون، وللقانون أنياب ومخالب أقوى من أنياب ومخالب تلك الوحوش الخارجة عن القانون! أرسل إليه أحدهم برقية تقول: إذا كان للديمقراطية أنياب ومخالب، فالديكتاتورية كيف تكون؟! خلاصة الخلاصة أن القانون يفرض السلوك القويم، وبمرور الوقت يتحول السلوك إلى حضارة أى رقة التعامل مع الآخر، ثم تصبح الحضارة أساساً لقانون الأخلاق أو التعامل مع الناس.. والدين هو المعاملة، إذن فالدين والقانون وجهان لعملة واحدة، أو قل الدين تربية للأفراد، والقانون تربية للشعوب! يقول الناس: لو عندنا ضمير كانت البلد تتقدم، والحقيقة يجب أن نقول: لو عندنا قانون.. كانت البلد تتقدم. أذكركم بمستر براون فى ولاية أركانسو بالولايات المتحدة الأمريكية، حين امتنع ناظر مدرسة ومعه المحافظ عن دخول ابنتى مستر براون المدرسة لأنهما من السود بالرغم من وجود حكم نهائى من القضاء، أعلن البيت الأبيض أن أركانسو ولاية فى حالة عصيان مدنى «كانت المظاهرات نشبت بين البيض والسود» المهم أحاطت البحرية الأمريكية بأركانسو، ألقى القبض على الناظر والمحافظ، حوكما أمام القضاء فى ظرف أسبوع كانا داخل السجن، دخلت البنتان المدرسة تنفيداً لحكم القضاء فى حراسة القوات الأمريكية! هذه هى هيبة الدولة التى تتأتى من سيادة القانون كما حدثنا عنها رئيسنا المحبوب عبدالفتاح السيسى.
طلبت منى إحدى الفتيات أن أجرى لها عملية استئصال الزائدة الدودية! قلت لها: لماذا وأنت سليمة؟!
قالت: لعل الرئيس يزورنى ببوكيه ورد أحمر!!
سيادة الرئيس.. بنوك الحب العالمية التى أوشكت على الإفلاس.. أصبح لديها فائض من فيض إنسانيتكم