Translate

Monday, February 29, 2016

معضلة السلام (٧٥) بقلم د.مراد وهبة ٢٩/ ٢/ ٢٠١٦ -المصرى اليوم


إثر غزو صدام حسين للكويت فى ٢ /٨ /١٩٩٠ أدانت حركة السلام الآن ذلك الغزو. وفى ٢١ فبراير ١٩٩١ أصدرت بياناً جاء فيه أنه بالرغم من أن مبدأ الحركة يؤثر الحلول السلمية على الصراعات الدولية إلا أن ثمة تهديدات ليس فى الإمكان إزالتها إلا بتدمير منابعها عسكرياً إذا لزم الأمر، ومن ثم يكون تدمير قوة صدام حسين من مصلحة إسرائيل. وكانت الغاية من إصدار ذلك البيان أن يكون بمثابة رد فعل ضد نداء نشطاء السلام الأوروبية إلى زملائهم فى إسرائيل للتضامن معهم من أجل حث أمريكا على الامتناع عن تدمير العراق.
ثم أُعلن عن خلاف بين حركتى السلام الألمانية والإسرائيلية. والمفارقة هنا أن حزب الخضر بألمانيا قد انتهى إلى نتيجة مفادها أنه إذا وجهت الحكومة الإسرائيلية نداء إلى الرئيس بوش فإنه قد يتوقف عن غزو العراق. وعندئذ أدلى أحد أعضاء الحزب بتصريح جاء فيه أن هجوم العراق على إسرائيل كان النتيجة الطبيعية لسياسة إسرائيل نحو الشعب الفلسطينى والدول العربية بما فيها العراق. وإذا امتنعت إسرائيل عن توجيه نداء إلى الرئيس بوش لوقف إطلاق النار فى الخليج فإن إسرائيل تكون مسؤولة عن استمرار الحرب. وعلى الضد من ذلك أعلنت حركة السلام الآن فى ٢٠ فبراير أن إسرائيل هى آخر دولة يمكن أن تطلب وقف إطلاق النار فى الخليج، وأن لها الحق فى التعبير عن حزنها إذا لم يتم سحق صدام حسين. وهكذا برز الخلاف الجوهرى بين حركتى السلام الأوروبية والإسرائيلية. ومع ذلك فإن حركة السلام الآن لم تتوقف عن نقد الحكومة الإسرائيلية فى امتناعها عن إجراء حوار مع الفلسطينيين لحل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ففى ٢٤ فبراير ١٩٩١ أرسلت حركة السلام الآن خطاباً إلى أصدقائهم فى أمريكا جاء فيه أن تعاون مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية مع أمريكا أثناء الحرب ضد العراق قد يكون مهمازاً للتعاون من أجل إنهاء الصراع. وفى هذا السياق أعلن الرئيس بوش فى أول أكتوبر ١٩٩١ أن ثمة فرصة لإنهاء الصراع فى حالة انسحاب العراق من الكويت بلا شروط وذلك بإعلان مبادئ تنص على الاعتراف بوجود إسرائيل فى مقابل منح الفلسطينيين حقوقهم السياسية المشروعة. وإثر ذلك ارتحل وزير الخارجية جيمس بيكر إلى الشرق الأوسط. وهناك طلب من منظمة التحرير الفلسطينية أن تكون جزءًا من الوفد الأردنى، وقد كان.
والسؤال إذن:
لماذا استسلم الفلسطينيون لذلك المطلب؟
لسببين: السبب الأول انحيازها لصدام حسين أثناء حرب الخليج. وقد دفعت الثمن باهظا سياسياً واقتصادياً، إذ امتنعت السعودية عن تقديم دعمها المالى. والسبب الثانى قبول رئيس الوزراء الإسرائيلى لعقد مؤتمر دولى للسلام خاصة أن أغلب الإسرائيليين بعد مرور أربع سنوات على الانتفاضة قد اقتنعوا بأن الانتفاضة لن تُقهر. ومن هنا ركزت حركة السلام الآن على أربعة محاور:
■ معارضة التوسع فى المستوطنات
■ تحريض الحكومة الإسرائيلية على أن تكون مرنة فى المفاوضات.
■ دعم الرأى العام المؤيد لمسار السلام.
■ إقناع الفلسطينيين بأن يكونوا معتدلين فى مطالبهم.
وإثر ذلك أعادت حركة السلام الآن شعاراً كان قد توارى أثناء حرب الخليج وهو «حان وقت السلام». ولكن حزب العمل امتنع عن المشاركة، ومع ذلك فقد اشتركت الغالبية العظمى من أعضائه فى المظاهرات تحت شعار «حان وقت السلام» وتظاهروا جميعا ضد المستوطنين فى أريحا والقدس وحيفا.
وفى ٣٠ أكتوبر ١٩٩١ انعقد مؤتمر دولى فى القصر الملكى بمدريد فماذا حدث فيه؟

ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!! بقلم فاطمة ناعوت ٢٩/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

حين نهمُّ بترجمة كتاب غربى إلى العربية، تقوم دار النشر العربية، بدفع مبلغ من المال للمؤلف الأصلى، أو وكيل أعماله أو ناشره، ليسمح لنا بالترجمة. فإن كان المؤلف قد مات، يُدفع المبلغ لورثته. ولو مات قبل خمسين عامًا، أو أكثر، تسقط حقوقه المادية لأنه صار ملكية عامة وإرثًا إنسانيًّا، يعبر زمانه ومكانه وقوميته ولغته كتراث عالمى.
هناك مبدأ فى النقد الأدبى اسمه «موت المؤلف»، ابتكره الفيلسوف الفرنسى «رولان بارت». يرى هذا المبدأ أن كل قطعة أدبية، أو رأى أو فكرة، تُعتبر كائنًا مستقلا بذاته منبتُّ الصلة عن مؤلفه، الذى يُعدُّ ميتًا بعد كتابة ما كتب. علينا التعامل مع القطعة الأدبية بعيدًا عن شخص المؤلف. كذلك لا يحقُّ للمؤلف أن يعيد شرح أو تبرير ما كتب، بعد خروج العمل للناس. فالمؤلف بالنسبة لكتابه ميتٌ لا يستطيع الكلام. هنا يصبح العمل الأدبى كائنًا حيًّا، إن كان قويًّا صمد أمام النقد، وعاش وعبر الزمان والمكان وتواترته الألسنُ مدى التاريخ. وإن كان ضعيفًا، تهافت وسقط من تلقاء ذاته ومات فى ذاكرة الناس فما عاد يذكره أحد.
لو تأملنا الفكرتين السابقتين، لضحكنا كثيرًا من قانون، أى قانون، يسجن كاتبًا بسبب رأى قاله أو كتاب ألّفه! الكاتب ينفصل عن رأيه بمجرد قوله. فإن كان الرأى قويًّا صائبًا، عاش وتناقلته الألسن. وإن كان الرأيُ ضعيفًا أو خاطئًا تناساه الناس وسقط من ذواكرهم. أين شخص المؤلف فى كل ما سبق؟ غير موجود لأنه «مات» أدبيًّا. فكيف يُسجن ميّتٌ؟! النصوصُ القوية لا تحتاج عكازًا تتوكأ عليها، ولا تحتاج من يدافع عنها لأنها تصمد بقوتها الخاصة. والنصوص الضعيفة لا تستوجب عقاب من كتبها، لأنها تسقط من تلقاء ذاتها لخوائها وتهافتها. كذلك الأديان، كل الأديان السماوية، مفترضٌ فيها القوة فى ذاتها، دون دفاع أحد عنها. فالله تعالى قادرٌ على حمايتها وحفظها لتعبر الأزمان والأمكنة؛ فتصل إلى آخر بشرىّ يأتى فى آخر الزمان، يعيش فى آخر بقاع الأرض. هنا أتذكّر الكلمة العبقرية التى قالها جدُّ الرسول عبدالمطلب بن هاشم: «للكعبة ربٌّ يحميها». الكتب السماوية هى ميراث البشرية بكاملها. ملكيةٌ إنسانية عامة. ليس لها وكلاء على الأرض يزعمون ملكيتها والوصاية عليها. ولا هى كتبٌ هشّة تحتاج من يدافع عنها، شأن القطع الإبداعية الركيكة التى يغضبُ مؤلفها إن انتقدها ناقدٌ أدبى فى مقال نقدى (وليس فى ساحة محاكمة). النصوص الدينية تستمدُّ قوتها ليس بسيوف من يزعمون ملكيتها، بل من ديمومتها وقدرتها على عبور الزمن والمكان، ومن فاعليتها فى الارتقاء بأخلاق الإنسان وتربية روحه وعقله. هنا يظهر تهافت ما يسمى «قانون ازدراء الأديان»، الذى أراه أول المتهمين بازدراء الأديان! إذ هو يتّهم الأديان بالضعف والهشاشة، تحتاج إلى «عكاز بشرىّ» تتوكأ عليه لتصمد أمام منتقديها! الضعيفُ يحتاج السند فيستأجر «بودى جارد» يحميه، ويحمل سلاحًا يذود عنه. بينما القوىّ لا يعبأ بحشد المدافعين لأن قوته نابعةٌ من ذاته. هذا على المستوى الفلسفى النظرىّ. كذلك على المستوى العملى، مَن بوسعه أن يحدد إن كان بهذه العبارة أو تلك ازدراءٌ لهذا الدين أو ذاك؟ عبارة واحدة كتبها كاتبٌ، بوسع قاض أن يزعم أن بها ازدراء لدين ما، بينما يقضى قاضٍ آخر بأنها لا تحمل شبهة ازدراء. الأمر خاضع لنسبية وجهات النظر. وهذا يُدخل الأمر فى ساحة «النقد الفكرى» وليس ساحة القضاء التى تجلُّ وتسمو عن الهوى ووجهات النظر. فهل نترك الأمر على عواهنه ليكتب كلُّ مَن شاء ما شاء دون ضابط ولا رابط؟ بالطبع لا. لهذا رهن الدستور المصرى العقوبة على رأى بأمور ثلاثة: التحريض على العنف، إشاعة العنصرية، الخوض فى الأعراض. لأن ما يجمع بين الأمور الثلاثة السابقة هو أن شخصًا ما سوف يتعرض للخطر أو يتأذى من هذا الرأى الذى قيل أو كُتب. فيما عدا هذا يظلُّ الرأىُ رأيًا يموت إن تهافت، ويحيا إن صحّ. احترموا الأديان ووقروها بإلغاء هذا القانون المخزى المهين للأديان.

Sunday, February 28, 2016

‎رخصة المحمول الرابعة... أبو طرطور جديدة ..... نجيب ساويرس جريدة الأخبار 11/10/2014




نجيب ساويرس



أتابع وزير الاتصالات في نشاطه المستمر للنهوض بهذا القطاع... وأعرف أنني أخاطر عندما أحذر من مخاطر الاستثمار في الرخصة الرابعة للمصرية للاتصالات وسيقال أنني أحاول ان أحمي استثماراتي في موبينيل وأني اريد ان احرم المصرية للاتصالات من هذه الفرصة العظيمة... الا أنني قررت وكعادتي ان أقول الحق رغم كل... حتي أرضي ضميري وحتي أحذر من كارثة اقتصادية أسوأ من فوسفات ابو طرطور...
وللعلم فإنني قد بعت معظم حصتي في موبينيل !
وإليكم كل الحقائق والدلائل علي مخاطر هذا الاستثمار المزمع في الرخصة الرابعة للمصرية للاتصالات وحتمية فشله من شركة مملوكة للشعب:
- بلغت خسائر شركة موبينيل في عام ٢٠١٢ مائتين وثلاثين مليون جنيه وفي عام ٢٠١٣ بلغت الخسائر خمسمائة مليون جنيه وهي الشركة الاقدم والتي لديها أكثر من ثلاثين مليون مشترك وثلث السوق وذلك نتيجة للمنافسة الشرسة وانخفاض الأسعار! فما بالك بشركة رابعة جديدة تريد ان تنافس في سوق متشبعة بنسبة وصلت إلي اكثر من ١٢٠٪
- تقريبا ٢٠٪ من إيرادات المصرية للاتصالات تحصل عليها حاليا من خلال توفير خدمات البنية التحتية والاتصالات الدولية لشركات المحمول الثلاث، وستفقد المصرية هذه الايرادات في حال حصولها علي الرخصة الرابعة نتيجة السماح لشركات المحمول بالمنافسة في التليفون الثابت والبوابة الدولية ونقل البيانات عبر الالياف الضوئية والكابلات من خلال شروط الرخصة الموحدة
- المصرية للاتصالات تحصل أيضاً علي ٩٧٠ مليون جنيه سنويا وذلك من حصتها في فودافون والتي مطلوب منها الآن بيعها في حالة حصولها علي الرخصة الرابعة وذلك لتعارض المصالح ومن ثم فإنها ستفقد هذا الإيراد !!!
- ان فكرة طرح رخصة موحدة لكل الشركات تنزع من الشركة المصرية احد أهم استثماراتها التي تحقق ربحية عالية وتلزمها بالتخارج من شركة فودافون لتفقد مرة اخري إيراداتها منها...فكرة عبقرية صحيح... !!!!
بالإضافة إلي ما سبق، فإن المصرية للاتصالات ستسدد اثنين ونصف مليار جنيه ثمنا للرخصة الجديدة و٦٪ من الإيرادات هذا بالإضافة إلي فقدها للإيرادات السابق ذكرها !!!! مع العلم بأن سعر الترددات الجديدة التي سوف تحتاج اليها المصرية لبناء شبكة محمول متكاملة لم يحدد بعد وفي الغالب سوف تتكلف مليارات اضافية غير تكلفة إنشاء الشبكة نفسها، ثم في المرحلة الأولي من بدأ النشاط كمشغل افتراضي ستضطر المصرية لدفع مبالغ طائلة إلي شركات المحمول الثلاث للحصول علي الحق في استخدام خدمة التجوال المحلي. وحيث أن سعر دقيقة المحمول في مصر يعتبر من أرخص الاسعار عالميا بعد الهند، فإن دخول منافس جديد لن يخدم العملاء في شئ بل سوف يؤدي إلي تردي مستوي الخدمة للجميع.
لا اعلم من الذي يقف وراء هذه الفكرة العبقرية... ولا الفكر العظيم حولها... وعادة لا أحب ان اذكر أني قد قضيت معظم حياتي العملية في بناء واحدة من اكبر عشر شركات للاتصالات في العالم من حيث عدد المشتركين في مجال الهاتف المحمول وبالتالي أرجو ان تؤخذ شهادتي بجدية وأكرر مرة اخري اني قد تخارجت من موبينيل ولا أدافع هنا عن أي مصالح غير مصلحة بلدي ومصلحة ملاك المصرية للاتصالات وهم أبناء الشعب المصري...
والجدير بالذكر أيضاً ان إعطاء المصرية للاتصالات رخصة المحمول بالأمر المباشر بالإضافة إلي انه أمر لا يستقيم، فهو ايضا يخالف اتفاقية الرخص السابقة ويفتح الباب علي مصرعيه للتقاضي في حال عدم الاتفاق مع الشركات التي لمحت من قبل بأنها سوف تلجأ إلي التحكيم الدولي.
اري انه من الأفضل ان تتخارج الدولة من الشركة المصرية للاتصالات وان تطرح باقي الأسهم في البورصة لكافة جموع الشعب وتتحصل الدولة من ذلك علي مليارات تستخدمها في التنمية والمشاريع الطموحة المقبلة. ان المصرية للاتصالات حاليا من أنجح الشركات في هذا المجال ولا أريد لكبرياء البعض ان يقودهم إلي هدم هذه الشركة العريقة وتدمير مواردها سعيا وراء حلم ليلة صيف...و هذه هي شهادتي للتاريخ..

Saturday, February 27, 2016

بردية آنى فى المتحف البريطانى! بقلم د. وسيم السيسى ٢٧/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

أتقدم باعتذارى للزميل العزيز الأستاذ جمال أبوالحسن، فقد وصلتنى رسالتكم الممتلئة حباً وحضارة، تحققت أن بكم من اسمكم نصيبين: الجمال والحسن، وأرجو أن تغفر لى غيرتى وانفعالى، ومنذ اليوم فنحن صديقان، لكم فى قلبى مكان ومكانة العمر كله.
قبل أن أحدثكم عن محاكمة الروح فى مصر القديمة، دعونى أحدثكم عن بردية الحكيم آنى صاحب بردية: الخروج إلى النهار PER M HRW، وقد ترجمها العالم LEPSIUS الألمانى: كتاب الموتى أو TOTEN BUCH لأنها وجدت فى المقابر!! إنها نصوص جنائزية سميت متون الأهرام، ثم أصبحت تكتب داخل غطاء التوابيت، ثم أصبحت تكتب فى برديات وتوضع داخل تمثال لملاك الموت: سكر، وجاءت من هذه الكلمة سكرات الموت، وملاك الموت صقر!
بردية الحكيم آنى لها قصة مؤلمة وطريفة فى نفس الوقت! عالم المصريات البريطانى والاس بادج كان صديقاً لأسرة عبدالرسول، اشترى منهم بردية غاية فى الروعة «١٨٨١م الأقصر»، حفظها فى مخزن له ملاصق لحديقة فندق الأقصر، جاءت الشرطة وشمعت المخزن بالشمع الأحمر لأنها سرقة!
اتفق والاس مع بعض العمال، ألبسهم لبس جناينية GARDENERS، تظاهروا بالعمل فى حديقة فندق الأقصر! وعند المساء كانوا يحفرون سرداباً تحت المخزن من الجهة الخلفية، سرق والاس البردية وأرسلها للميناء البحرى السكندرى الذى كان بمنأى عن السلطات المصرية، وأرسلت للمتحف البريطانى، هذه البردية طولها ٢٣.٦ متر، وعرضها ٣٩ سم، وهى مكتوبة بالخط الهيراطيقى، وهى من أجمل البرديات.
فى كل نسخ كتب الموتى تدخل نفس المتوفى إلى قاعة الحساب يسوقها أحد الملائكة، وفى القرآن الكريم: وجاءت كل نفس معها سائق ق/٢١، يستهل المتوفى أول فقرة من فصل إنكار الخطايا: لم أرتكب إثماً، وفى القرآن: «إنما حرم ربى.. والإثم»، الأعراف ٣٣، يقول الحكيم آنى أمام محكمة العدل الإلهية: لم أرتكب الفحشاء، وفى القرآن: إنما حرم ربى الفواحش: الأعراف ٢٣، ثم يقول: إنى لم أقتل، وفى القرآن: ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، الإسراء ٣٣، وفى الوصايا العشر لموسى: لا تقتل، ثم يقول آنى: لم أسرق، وقال موسى لا تسرق، وفى الحديث عن أبى هريرة: لعن الله السارق، وكان القدماء يقطعون يد السارق أو السارقة وجاء فى القرآن: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، المائدة ٣٨.
يقول آنى: لم أرتكب الزنى، ويقول موسى: لا تزن، وفى القرآن: ولا تقربوا الزنى، الإسراء ٣٢.
يقول آنى: لم أكن متصنتاً، وفى نسخة أخرى من كتاب الموتى: لم أتجسس، وفى القرآن: ولا تجسسوا، الحجرات ١٢.
ثم يقول آنى: إنى لم أتكلم كذباً، وفى القرآن: فنجعل لعنة الله على الكاذبين، آل عمران ٦١، ولا نجد لا تكذب فى وصايا موسى العشر، مما دعا جيمس هنرى برستد أن يقول: قانون الأخلاق فى مصر القديمة أسمى بكثير من الوصايا العشر، وأى قانون أخلاقى ليس فيه لا تكذب، إنما هو قانون أخلاقى ناقص «برستد فجر الضمير ص١٠» يقول آنى: لم أكن شاهد زور، وفى التوراة لا تشهد بالزور، وفى القرآن: واجتنبوا قول الزور، الحج ٣٠.
أكتفى بهذا القدر من محاكمة الروح، على أن أكمل الأسبوع المقبل، وذلك حتى أطيب خاطر زميلى الدكتور يحيى نور الدين طراف، هو زعلان منى عشان كلمة جحافل فى أحد أبيات الشعر، ولم يكلف خاطره فى سؤالى حتى يعرف أنها خطأ مطبعى من الجريدة، وأنا كتبتها محافل، هو أيضاً زعلان من قولى: وليس أخو جهل كمن هو عالم، وصحتها: وليس أخو علم كمن هو جاهل.. لم تفرق كثيراً يا أخ يحيى.. نفس المعنى - صحيح القافية تختل.. وربما كنت وأنا أكتب من الذاكرة متأثراً بقول أبوالطيب المتنبى:
ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله
وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم
لم أتلق منك قبل إلا رسالة واحدة تطالب بالمراجع وكأنى المفروض أكتب رسالة علمية وليس مقالة صحفية، ولولا أنها رسالة أحسست فيها بالكراهية وعدم الموضوعية، لسارعت بالرد عليك، تقول: أخطائى التراثية.. أتحداك أن تذكر منها واحدة، ولكنك دائماً تمسك فى القشور وتبتعد عن المضمون، وأنا لا أعرف ما سر كراهيتك لى؟ ولو كنت منصفاً، رقيقاً فى كلماتك لكان ردى عليك بنفس الرقة والموضوعية، أخيراً ذهب رجل لسقراط وقال له: والله يا سقراط: لو كلمتنى واحدة، لشتمتك عشرا، رد سقراط قائلاً: والله يا رجل لو شتمتنى عشرا، ما رددت عليك واحدة، شكراً أيها الزميل العزيز.

عدالة واجبة.. عدالة غائبة!!! بقلم د. محمد نور فرحات ٢٦/ ٢/ ٢٠١٦

يستخدم الباحثون الغربيون مصطلحاً غريباً علينا عند حديثهم عن نظام العدالة، هو «إدارة العدالة Administration of justice»، ويقصدون به مجموعة النظم والمؤسسات والقواعد والتقاليد والقيم المهنية التى تؤدى إلى وصول الحقوق إلى أصحابها، وترسيخ الإحساس بالعدل والأمن والنظام فى المجتمع.
من الناحية الاجتماعية: يؤدى نظام العدالة الكفء والفعال إلى شيوع حالة من الوئام والاطمئنان الاجتماعيين. وهذه حالة لازمة لنزع التوترات من المجتمع، وتخلى أعضائه عن العنف أو الالتفاف على القانون لاقتضاء حقوقهم. ومن الناحية الاقتصادية: عبَّر آدم سميث، المُنظِّر التاريخى للنظام الرأسمالى المعاصر، عن أهمية نظام العدالة الكفء بقوله إن هذا النظام ضرورى لتمكين صاحب المشروع الرأسمالى من حساب الفرص المستقبلية بدقة، فيستطيع أن يتنبأ بدرجة مقبولة وعلى قدر من اليقين بالأرباح أو الخسائر عند إقدامه على النشاط الاقتصادى وحساب مخاطره وجدواه.
عندما نتحدث عن نظام العدالة فى دولة ما نبدأ الطريق من أوله: بتقييم نظام التعليم القانونى وهل يؤدى إلى تخريج قانونيين أكفاء أم لا؟ ثم تقييم التعليم الشرطى وما المعلومات والقيم التى يغرسها فى عقول وضمائر طلابه؟ ثم فحص القوانين النافذة، وهل تؤدى إلى وصول الحقوق إلى أصحابها فى يسر؟ وهل تُفضى إلى تحقيق العدل وردع الجريمة، أم أنها تؤدى إلى إشاعة الارتباك والفوضى وتمكين مخالفى القانون من الظفر بغنائمهم؟ ثم دراسة مؤسسات تحقيق العدالة، وتبدأ من الشرطة إلى القضاء وأعوانه، إلى الإدارات والأجهزة القانونية فى مختلف مؤسسات الدولة، إلى القائمين على تنفيذ الأحكام القضائية. وهل تبقى هذه الأحكام حبراً على ورق أم تجد طريقها إلى التنفيذ؟ كل هذه النقاط والأسئلة يجب أن تُطرح وأن يُجاب عنها بوضوح بعيداً عن الصياغات المفوّهة البليغة، إن شئنا أن يكون وطننا عادلاً حقاً بين مَن يعيشون فيه.
لا توجد إجابات بالمعنى العلمى على كل هذه النقاط والأسئلة.
عوَّدتنا وزارة العدل أن تنشر سنوياً مجلدات إحصاءاتها القضائية بكل تفصيلاتها، توضح فيها أعداد القضاة وأعداد القضايا، «وصلت فى آخر إحصاء متاح لنا إلى حوالى ١٥ مليون قضية ينظرها حوالى عشرة آلاف قاضٍ»، ونسبة الفصل فى القضايا القديمة، والجديد منها والمتبقى، وما تم تعديله أو إلغاؤه أو نقضه من أحكام وغير ذلك من معلومات مهمة لتقييم نظامنا القضائى. ثم فجأة توقف نشر الإحصاءات، وأصبحت المعلومات عن قضائنا غائبة عن الجميع منذ عام ٢٠٠٥، فلمصلحة مَن غيبة المعلومات التى بدونها لا يمكن تبنى أى رؤية موضوعية موثقة للإصلاح القضائى.
ومنذ عصر باسل باشا، حكمدار القاهرة فى القرن الماضى، حتى سنة ١٩٩٦، ظلت وزارة الداخلية تصدر تقارير الأمن العام التى توضح بالأرقام حالة الجريمة فى مصر بكل تفصيلاتها، ما تراجع منها وما ازداد، وما نُفّذ من عقوبات وما لم يُنفذ. ثم فجأة صدرت التعليمات بوقف توزيع وإعلان هذه التقارير، واعتُبرت معلوماتها شديدة السرية. لمصلحة مَن تُحجب معلومات عن حالة الجريمة وجهود مكافحتها؟ هل لمصلحة المجرمين حتى يحيط بنشاطهم الكتمان، أم لمصلحة المسؤولين عن كشف الجريمة حتى لا يظهر تقصيرهم أمام الرأى العام، أم لشىء آخر لا نعرفه فى زمن عزَّت فيه المعرفة وانتشر فيه الرجم بالغيب والظن؟
وبكل وضوح نستطيع- وفقا لما توافر لدينا من معلومات وخبرات- أن نصف نظامنا للعدالة بالمعنى السابق عندنا بأنه نظام: معقد مرتبك ومربك، ويعوق وصول الحقوق إلى أصحابها، وعاجز عن تحقيق الردع العام والخاص فى زمن معقول.
كان من الطبيعى أن نبدأ بإمساك الخيط من أوله بالحديث عن التعليم القانونى باعتبارنا طرفا أصيلا فيه. ولكن المشهد العام الآن يستلزم الخروج عن الاتساق الأكاديمى بعد الحوادث المتكررة لانتهاكات الحقوق والحريات التى ارتكبتها الشرطة المصرية فى الآونة الأخيرة، حتى كاد الشارع المصرى يشتعل. وقبل أن ننخرط فى التحليل هناك مجموعة من الحقائق واجبة الإثبات، منها:
أولا: أن الحديث عن انتهاكات الشرطة باعتبارها مجرد تجاوزات وحالات فردية هو حديث يرمى إلى استمرار الحال على ما هو عليه، وتجنب أى خطوة حقيقية نحو الإصلاح. راجعوا أحكام القضاء وتقارير مؤسسات حكومية، كالمجلس القومى لحقوق الإنسان، لتعرفوا حجم التعذيب وامتهان الكرامة والاختفاء القسرى والقسوة التى يتعرض لها المصريون فى تعاملهم مع الشرطة ورحلة السجون وأماكن احتجاز المتهمين فى مصر.
الحقيقة الثانية: أنه من غير اللائق أو المشروع أخلاقيا أو إنسانيا أو دينيا الاحتماء وراء تضحيات رجال الشرطة ودماء شهداء الوطن المقدسة وأرواحهم الطاهرة لتبرير الانتهاكات التى أصبحت ظاهرة مألوفة فى حياة المصريين. مَن لا يرعون حرمة دماء شهدائنا هم مَن لا يتورعون عن مخالفة القانون وانتهاك الحريات كل يوم.
الحقيقة الثالثة: أنه لا يُجدى ولا يفيد ترديد القول بأن كل مهنة فيها الصالح والطالح، وأنه يجب ألا نأخذ المؤسسة الأمنية بأكملها بجريرة بعض أفرادها، فالأصل فى مؤسساتنا أن تكون صالحة لا طالحة، ومن واجبنا أن نتصدى ولو بالكلمة لكل ما هو طالح، خاصة بعد أن انتشر مداه وأصبح ظاهرة تهدد المجتمع بالخطر.
الحقيقة الرابعة: أن أحد أسباب اندلاع ثورة يناير ٢٠١١ انتهاكات الشرطة عبر السنين واستهانتها بكرامة الناس وبأرواحهم، وكان مقتل خالد سعيد القشة التى قصمت ظهر البعير.
الحقيقة الخامسة: أن هناك ثأراً بين بعض رجال الشرطة والثورة وشبابها ومؤيديها، وهذا له كثير من التجليات السلبية.
الحقيقة السادسة: أن أغلب القضايا التى يُتهم فيها رجال الشرطة بانتهاك حقوق المواطنين تنتهى إلى البراءة لا لسبب إلا لأن جهاز الشرطة نفسه هو المطلوب منه تقديم أدلة إدانة رجاله.
الحقيقة السابعة: أن هناك إحجاما رسميا عن معالجة هذا الملف بجدية بدعوى الخشية على استقرار الوطن. إن الاستقرار الحقيقى لن يتحقق إلا بتأمين الحرية، والحرية هى شرط الأمن المطمئن لا أمن الخائفين.
الحقيقة الثامنة: أنه رغم وجود رجال الشرطة فإن تجربة أمناء الشرطة، التى أراد بها الراحل شعراوى جمعة أن يُنشئ كادرا مدربا يقف فى المنطقة الوسط بين الجنود والضباط بأعداد محدودة، قد أثبتت فشلها وخطورتها على المجتمع، لعدة أسباب: منها ضعف التكوين الثقافى للأمناء، فجميعهم من خريجى المدارس المتوسطة التى يُشك فى قدرتها على تقديم تعليم حقيقى، وأنهم وإن كان أغلبهم من بيئات متواضعة «ولهم ولنا كل الشرف»، فإن طموحهم المادى أعلى من رواتبهم الوظيفية، ومنها أنهم بدلا من أن يكونوا عاملا مساعدا للضباط، عصب الجهاز الأمنى، أصبح عددهم الآن عشرات أضعاف الضباط، وأصبحوا محور عمل الأمن، خاصة فى التعامل مع الجمهور، ومنها أن هذا كله أدى إلى زيادة الانحراف بين كثير من قطاعاتهم، ومنها أنه تحكمهم عوامل نفسية ومهنية سلبية متشابكة، فهم يدركون أنهم أصبحوا عصب جهاز الأمن، وهم تتملكهم عوامل غيرة شديدة من المكانة الاجتماعية للضباط التى لا يرقونها إلا بإكمال التعليم القانونى، وغير ذلك الكثير.
تلك هى بعض الملاحظات التى قد يصيب بعضها وقد يخطئ، ولكن الأمر جلل يستحق المواجهة الجادة، ولا تُغنى فيها تصريحات المتحدث الإعلامى، ولن تحلها جذريا المبادرات الكريمة التى يقوم بها الوزير بتقبيل رؤوس الضحايا، وأرى ضرورة التوقف تدريجياً عن تجربة أمناء الشرطة، ونقل الأمناء الذين بلغوا سن الأربعين أو الخمسين إلى وظائف مدنية بنفس رواتبهم ومزاياهم. وأن يعود الضباط عماداً للعمل الشرطى، مع النظر فى التحرر من إرهاقهم- كشرط لتخرجهم- بالحصول على درجة فى القانون، والتركيز بدلاً من ذلك على العلوم الشرطية والقوانين المرتبطة بعملهم لرفع كفاءتهم. وأدعو إلى دراسة الاستعانة بخريجى الحقوق كمعاونين للإدارة كما كان مطبقا قبل ١٩٥٢، وأدعو لأن تكون رقابة النيابة العامة على عمل الشرطة رقابة جدية ملزمة.
حكى لى أحد كبار المسؤولين الدوليين بمكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عندما كنت أعمل هناك، أنهم نظموا فى التسعينيات فى جنيف دورة تدريبية لعدد من ضباط الشرطة المصريين حول التحقيق الجنائى وضمانات حقوق الإنسان، فى نهاية الدورة وجهوا لكل الدارسين سؤالا واحدا: ماذا يفعل رجل الشرطة إذا كان موقناً أن متهماً بعينه قد ارتكب جريمة ما، ولكنه عجز عن توفير الدليل؟ كانت إجابتهم واحدة فى صوت واحد، أظنكم تحدسونها: لا بديل عن اللجوء معه للقوة!!! النصيحة وحدها والتدريب وحده لا يكفيان لإبراء ذمة الدولة، بل لابد من إعادة تصميم البناء بأكمله. كلنا مع الوطن، وكلنا مع الشرطة، وكلنا مع الحريات.. ولكن كيف؟
وللحديث بقية..

Wednesday, February 24, 2016

ادعم قائمة تيار الأستقلال فى أنتخابات التجديد النصفى لنقابة المهندسين يوم الجمعة 26 فبراير 2016 بستاد القاهرة من 9 صباحاً .... مهندس أشرف جبره مرشح عضو مجلس نقابة القاهرة قسم عمارة رقم 2


 ادعم قائمة تيار الأستقلال فى أنتخابات التجديد النصفى لنقابة المهندسين 
لأستمرار مسيرة النجاح التى بدأت 

يوم الجمعة 26 فبراير 2016 بستاد القاهرة من 9 صباحاً 

مهندس أشرف جبره

مرشح عضو مجلس نقابة القاهرة
قسم عمارة رقم 2 







Tuesday, February 23, 2016

حتى لا يهتف أحد «الداخلية بلطجية» بقلم د. محمد أبوالغار ٢٣/ ٢/ ٢٠١٦ ........... المصرى اليوم

مصر تحتاج إلى الأمن العادل القوى الذى يحافظ على كرامة المصريين ويحفظ الاحترام والتقدير لرجال الأمن. وللأسف تخطت الداخلية خلال الشهور الماضية كل الأعراف والمواثيق واستغلت حاجة النظام للاستقرار فمنحت الضوء الأخضر وتسبب ذلك فى الانتفاضات الشعبية المفاجئة والتى انتقصت من هيبة الدولة فى تظاهرات الأقصر ضد ضابط شرطة قتل مواطناً وتظاهرات أخرى أقل حدة فى مناطق مختلفة، وتلاها اجتماع عشرة آلاف طبيب فى نقابتهم بسبب اعتداء مهين من الشرطة عليهم، وأخيراً الحادث الذى قتل فيه أمين شرطة سائق توكتوك وتلاها مظاهرات من الآلاف حاصرت مديرية أمن العاصمة وأقفلت المديرية أبوابها وأنصت الضباط للهتاف «الداخلية بلطجية» الذى يعبر عن الغضب. وفى نفس اليوم اعترضت سيارة ميكروباص تغطى زجاجها ستائر سوداء سيارة صيدلى من الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ومنسق قائمة صحوة مصر فى الانتخابات البرلمانية، وطلب منه ركوب السيارة التى اتجهت إلى مكان غير معلوم وكان ذلك قبل منتصف الليل بقليل وجلس فى حجرة وحيداً إلى أن جاء محقق شاب من الجهة الأمنية التى اختطفته من الشارع وسأله عن عشرات الأسماء وبعضهم من الحزب ومعظمهم ليسوا من الحزب وبعد تحقيق طويل أعطى المحقق له الموبايل لإرسال رسالة إلى أخيه بأنه بخير وسوف يخرج بعد الظهر وذلك فى السابعة صباحاً، وأخيراً أخذوه فى نفس الميكروباص إلى مكان اختطافه وعاد إلى منزله.
الأمر مذهل! أين الدستور، وأين القانون؟ أين العقل؟ لو شعرت أى جهة أمنية بأن هناك خطرا ما وتريد أن تستفسر عنه ألا يمكن الاتصال بالمواطن وسؤاله ببساطة فى مكتبهم بدون هذا العك غير المسؤول وبدون إذن نيابة وحضور محام. لماذا تصرون على أنكم فوق القانون والدستور وفوق كل شىء فتكسبون كراهية الناس؟
ربما تعتقدون أن إرهاب وتخويف الناس هو الحل، هذا الأمر قد انتهى بعد ٢٥ يناير، لقد شاهدتم الشعب يحاصر مديرية العاصمة، لم يخافوا وإنما الأمن هو الذى خاف لأنه لو أطلق الرصاص أو الغاز، سيموت البعض ويتحول الأمر إلى كارثة أكبر.
مطالبة الرئيس للبرلمان بسن قوانين جديدة أمر مظهره جيد ولكنه خطر. على البرلمان أن يقرأ ويعيد قراءة المادة الخاصة بالمحاكمات العسكرية بدقة. الشرطة جهاز مدنى وهناك شروط واضحة فى الدستور لتطبيق المحاكمات العسكرية وما سوف تطبقونه اليوم على الأمناء قد تطبقونه غداً على كافة الهيئات المدنية وتتحول مصر إلى معسكر كبير. المشكلة أن الداخلية المنوط بها تطبيق القانون، لا تريد تطبيقه بسرعة وكفاءة، لو حولت الداخلية بمحضر حقيقى الأمناء المتهمين للنيابة لانتهى الأمر وترك تطبيق العدالة للمحكمة، ولكن تلكؤ الشرطة وتعمدها كتابة محاضر غير حقيقية والضغط وتخويف الأطباء للتصالح أدى إلى الغضب ثم استمرار العناد وأدى إلى أكبر تجمع نقابى فى التاريخ.
انظروا إلى صفحات الفيس بوك للأمين الذى قتل سائق التوكتوك لتعرفوا حجم تقصير الداخلية.
عندكم القوانين الرادعة التى يمكن تطبيقها على الأمناء. أما الجهات الأمنية التى تخطف الناس من الشوارع بعضهم يظهر وبعضهم لا يظهر أو يخرج على نقالة فعليهم أن يعرفوا أنهم يقتلون السياحة والاقتصاد والأمن ويقتلون الأمل فى نظام يسوده العدل.
نحن مقبلون على ظروف اقتصادية صعبة تستدعى وجود علاقة طيبة بين الحاكم والمحكوم ليتفهم الناس الظروف. إنكم بتصرفكم غير العاقل تخنقون الشعب وتدفعوننا جميعاً للهاوية. أيها السادة العقلاء فى هذه البلاد فكروا قليلاً قبل أن نروح جميعاً فى داهية.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, February 22, 2016

هل تريد مصر.. أن تكون «دولة»؟!! بقلم مصطفى حجازى ٢٢/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

هل مصر مازالت «دولة»..؟!!
ليس هذا سؤالا للمتشنجين.. ولا لمحتكرى الحقيقة.. ولا لأنصاف الآلهة أصحاب الكمال «الدينى» أو الكمال «الوطنى» أو الكمال «الثورى»..! فلهؤلاء دولتهم ولنا وطن..!
بل هو سؤال لآحاد الناس.. البشر العاديين أمثالنا ممن يعرفون أنهم خُلقوا بشراً.. يسرى عليهم ما يسرى على البشر من سنن إلهية..!
وهو قبل ذلك وبعده مسؤولية العدول والعقلاء منا.. الذين يعرفون أن كل «واقع» ليس له نصيب من «حقيقة» إلا إذا استوفى أسباب وجوده وتحمل مسؤولياته.
هذا سؤال استفهام.. حتى وإن بدا فيه استنكار وتعجب.. واللهِ.. سؤال استفهام..!
ليست فيه رغبة ولا نية ولا ظل «إسقاط» سياسى.. بقدر ما يحمل من خوف ووجل كبير من «سقوط» إنسانى نُساق له..!
هو سؤال ليس فقط مشروعا ولكنه واجب.. لأنه مرة أخرى- ورغم أى ممن يتحسسون رؤوسهم أو كراسيهم- لزاماً علينا أن نعرف أين نقف من التاريخ.. لكى نملك الحق والقدرة على تحديد وجهتنا.. أين نريد أن نكون وقبلها أين يلزم أن نكون..!
وهو سؤال حتمى.. لأن مصر تجاوزت رفاهية الصراع السياسى التقليدى على سلطة.. وأصبحت لا تتحمل إلا صيغة صادقة لـ«شراكة الهمّ» فى مجتمع أشرف على الحضيض «بتعبير جمال حمدان».. مجتمع لم يبق له نصيب فى معانى الوطن والدولة إلا الاسم.. وبعض ركام مما كان..!
وحتى نصل إلى المراد.. مصر بالواقع القانونى.. من حيث اكتمال الهياكل والمدونات والاعتراف والتمثيل الدولى.. هى دولة..!
ولكن من حيث استحقاقات التاريخ والإنسانية.. من حيث الوعى بسبب وجودها.. وقَدْرِها وقَدَرِها.. ودورها نحو بشر ينتمى إليها تخوض بهم صراع وجودها وترقيها.. كطرف ند شريك فى الحضارة الإنسانية.. قبل أن أقول: طرف قائد.. فهى مخاصمة لمعنى الدولة..!
وقبل أن يستل أوصياء الوطنية سيوفهم فى وصلات التخوين والبذاءة.. للعقلاء نقول: هى أمور أشبه بالواقع الروتينى الذى يشهد لنا أننا بشر.. كشهادات الميلاد وبطاقات الهوية ووثائق السفر.. كل ذلك يشهد أننا موجودون.. أما قدراتنا وأهليتنا لخوض صراع الحياة.. أو تحقيق مراد الله فينا إعماراً وترقِّياً.. فذلك لا تشهد به ولن تشهد به أى أوراق أو وثائق قانونية.
فقد نكون بشراً من «واقع» أوراق الوثائق..أما حين نَدب على أرض «الحقيقة».. فقد يصدم أى أحد أنه دون البشر..!
فإن كان «ليس كل» ما يدب على الأرض بشراً.. يبقى «كل» ما يدب على الأرض دوابّ..!
ولكى نتيقن من إرادة مصر فى استعادة جوهر الدولة الذى غادرناه.. علينا أن نجيب- بالممارسة لا بالقول ولا بكرنفالات السياسة- عن أسئلة وجود أخرى..
هل مصر تعرف الآن.. دوراً للاقتصاد أو تعريفاً له بمفهوم تلك اللحظة من التاريخ عام ٢٠١٦..؟!
هل مصر جادة فى أن تعرف كما عرف العالم الجاد العاقل احتياجاته عندما واجه الكساد أو عصفت الحروب العالمية بأحلام الرفاه والرخاء..؟!
هل تعرف مصر الرسمية والأهلية- بحق وبعيداً عن الأرقام والمؤشرات التقليدية- حقيقة تحدياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية والنفسية..؟!
هل تعرف إلى أى مدى كل ذلك متداخل ومتشابك على نحو لا يُغنى معه إقرار لفظى.. من نوع «إحنا عارفين إن عندنا مشاكل» أو «إحنا عارفين أمراضنا كويس»..!
هل تعرف مصر أن العالم عندما- كان ومازال- جاداً عاقلاً فى مواجهة كوارث بقائه.. رجع إلى الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تحكمه.. وبحث عن العوار فيها قبل أن يبقى يدور فى فراغ الممارسات اليومية.. فيغير الوجوه ويمارس فعلا مسرحيا كأنه يدير حياة..؟!
هل تعرف مصر أن الدول الحقيقية.. تُلزم نفسها بالبحث عن الحقيقة فى أصولها وليس على تخومها.. فتبحث عنها عند «جون ماينارد كينز» و«فردريك فون هايك» و«أمارتيا سين» و«جو ستيجلتز».. ومَن سبقوهم ومَن لحقوهم ممن بحثوا فى أصل الداء وأصل الدواء.. وممن لم يخدعوا أنفسهم بعلاج أمراض الأوطان القاتلة بضمادات الجروح..!
هل تعرف مصر كل هذا أو تريد أن تعرف كل هذا.. بعيداً عن شبح الكيد السياسى أو التسويق السياسى.. وبعيداً عن سياق الخوف على السلطة أو الخوف منها..؟!

هل تستطيع مصر أن تضع قاعدة لحوار منهجى علمى إنسانى.. بعيداً عن الصخب والمكايدة والرغبة فى الانتصار للشخوص أو للمؤسسات.. وبعيدا عن التوجس من الانكشاف أو المحاسبة.. نتحدث فيه بموضوعية عن حقيقة وضعنا الإنسانى.. كيف كنا.. وكيف أصبحنا.. وكيف يلزم أن نكون..؟!
هل تريد مصر أن تعرف.. وتستطيع أن تتحمل المؤونة- النفسية قبل المادية- لمواجهة نفسها بحقيقة دور الأمن ومؤسساته فى المجتمعات.. بعيداً عن أمن السلطة وتأمين بقاء الأنظمة، وهو ما عرفناه فى مصر التى كانت.. والذى أودى بنا لمصر التى أصبحت..!
هل تريد مصر أن تعرف.. جوهر مشاكل الأمن ومؤسساته بداية من عقيدته ونظرته للمجتمع الذى يؤمِّنه.. إلى وعيه بفلسفة الأمن كعنصر ضمان الحرية والعدل بإقراره للقانون وإنفاذه له.. وأنه وُجد لكى يحمى ويدعم.. لا لكى يقمع ويتسيَّد..!
هل تستطيع مصر- دون مزايدات سياسية أو دغدغة لمشاعر الناس- أن تواجه نفسها بحقيقة دور المواطن وحال المواطن الذى تريد.. وباعوجاج الفطرة الذى طال قطاعات كبيرة فى مجتمعها..؟!
هل تستطيع مصر أن تجد لكل ملف: صحة وتعليم وإعلام واقتصاد وأمن وقضاء.. «إطارا قادرا مؤهلا» يقف على حقيقة الواقع «القائم».. ووضع ملامح لطريق ورؤية للمأمول «القادم»..؟!
إذا استطاعت مصر- عقلاءً وعدولاً أيا كان موقعهم سلطة وحكاماً ومحكومين- أن تقرر ألا تستقيل من التاريخ بأن تصدق نفسها وتتلمس طريق الصدق عملياً فى الإجابة عن بعض مما سبق.. تكون قد أجابت عن سؤال بقائها..
وتكون حينها قد أرادت بعضاً من «حقيقة الدولة»..
فكِّرُوا تَصِحُّوا..

قانون «نيوتن» الرابع بقلم فاطمة ناعوت ٢٢/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

فى مقاله بـ«المصرى اليوم»: «الشعائرُ تظلُّ شعائرَ» بتاريخ ١ فبراير، وضع «نيوتن» قانونه الرابع الذى خصّ به أحفادَه الصغار حتى ينشأوا نشأة نفسية وروحية وعقلية سوية. فرح الجدُّ لأن صغارَه قد تعلّموا أخيرًا أن يكونوا «مسؤولين عن» أحد، بعدما ظلّوا طوال أعمارهم النحيلة، «مسؤولا عنهم» من قِبل آخرين؛ مثل الأب والأم والجدّ والجدّة والمعلمة والمربية وسواهم من الكبار. تلك إحدى وصايا علماء التربية والصحة النفسية أن نجعل أطفالنا يُربّون النباتات والحيوانات الأليفة فيطعمونها ويلاعبونها ويحنون عليها وينظّفون روثها، فينشأ الصغارُ رحماءَ واسعةً صدورهم، يتقنون فنَّ أداء «الواجب» مثلما أتقنوا منذ يومهم الأول فى الحياة فنَّ المطالبة بـ«الحق». حين تنشأ علاقةُ صداقة بين الطفل وبين حيوان ما، لا يتحمّل أحدُهما أن يرى صديقَه حزينًا. لا تصدقوا أن الحيوانات، كل الحيوانات، لا تتألم من أجلنا مثلما نتألم من أجلها. أعرف كلابًا ماتت فور موت أصحابها، بل أعرف حديقةً ماتت زهورُها وأشجارُها فور موت السيدة الطيبة، جدة أطفالى، التى كانت ترعاها، رغم استمرار ريّها وتسميدها. النباتُ يحزن لموت أحبائه، والحيوان يتمزّق وجدًا لشقاء رفيقه الإنسان.
وصل الخروفان الجميلان إلى بيت «نيوتن»، تمهيدًا لعيد الأضحى المبارك. عاد الأحفادُ من مدارسهم ففرحوا بالضيفين الجديدين وراحوا يتسابقون فى إطعامهما أعوادَ البرسيم الخضراء وتقليد أصواتهما والتربيت على فرائيهما الأجعدين. يقول فى مقاله بجمله القصيرة الواثبة: «نَمَتْ علاقةٌ خاصة بين الأطفال وبين الخروفين. تقوم بالأساس على الرحمة. والعطف والعطاء. بعد ذلك عندما جاء اليوم الموعود واللحظة الموعودة. آثرت على أحفادى ألا يروا هذا المشهد الدامى الذى تقشعر له الأبدان حتى لو كان بالشعائر. لم أُرد أن أنزع عنهم الصفةَ التى اكتسبوها وغرست فيهم. أشفقت عليهم من أن يروا ذبح أصدقاء لهم». ثم يتساءل «نيوتن»: «هل فى هذا ازدراء للدين؟!»، ثم يحاول أن يعطينا مفهومًا جديدًا «للنحر» الذى ورد فى سورة «الكوثر». مفهومًا أكثر شمولا وعمقًا من مجرد نحر عنق شاة أو خروف أو جمل. يقول «نيوتن» فى مقاله الجميل: «هناك أشياء نتفق عليها. ولا نجهر بها. مثل ما قالت به فاطمة ناعوت. «فصلِّ لربك وانحرْ». آية كريمة من القرآن العظيم. يمكن أن نفهمها على أكثر من نحو. فلماذا لا أنحر شهوة. أو أنحر الغضب المكتوم فى نفسى. أو كراهية تجاه إنسان؟ فالصلاة والنحر نقوم بهما طوال العام. وليسا مقصورين على عيد الأضحية فقط. الشعائر تظل شعائر. ليست هى صلب الدين. وعظمة القرآن. إنه صالح لكل زمان ومكان. كما أننى لست ضد تقديم أضحية، أى أضحية. ولكن بأى طريقة؟... هل نقدمها بطريقة إنسانية أم بطريقة وحشية؟. الفارق كبير. والرحمة عنوان الإسلام. والنبى عليه السلام عنف السيدة التى حبست هرة فى منزلها. فلم تطعمها ولم تسقها».
لا شكّ عندى أن «نيوتن» أحد أولئك الاثنين بالمائة الذين قال عنهم برنارد شو: «اثنان بالمائة من الناس يفكرون، ثلاثة بالمائة من الناس يعتقدون أنهم يفكرون، وخمس وتسعون بالمئة من الناس يفضلون الموت على التفكير». أيها المغالون الغُلاة المزايدون على تقوانا وإيماننا، حاولوا أن تلحقوا بأهل الخير، الاثنين بالمائة.

مؤتمر مدريد ١٩٩١ (٧٦) بقلم د.مراد وهبة ٢٢/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

فى ٣٠ أكتوبر ١٩٩١ انعقد مؤتمر عن الصراع فى الشرق الأوسط فى القصر الملكى بمدريد. فى مفتتح الجلسة الأولى كانت وسائل الإعلام العالمية فى الصدارة بلا منافس، ومن بينها التليفزيون يبث أعمال المؤتمر التى يهيمن عليها لاعبان أساسيان وهما حنان عشراوى بالنيابة عن فلسطين ونتنياهو عن إسرائيل. وقد قيل عن عشراوى إنها تمثل الوجه الجديد الفلسطينى إذ هى فصيحة ومعتدلة ومحترفة ومثابرة، وقيل عن الفلسطينيين فى معسكرات اللاجئين وفى الأراضى المحتلة إنهم كانوا مفتونين بأن أصبح لهم مكانة على المسرح العالمى، وأن هذه المكانة اكتسبت مشروعية قانونية بحضور الرئيسين بوش وجورباتشوف وممثلين عن أمريكا والمجتمع الأوروبى.
والجدير بالتنويه أنه بعد شهور من المساومات الصعبة ولىّ الذراع استطاع وزير خارجية أمريكا أن يحصل على تنازلات كبرى من الفلسطينيين والإسرائيليين. فبالرغم من المعارضة المستميتة والممتدة فقد وافق الفلسطينيون بتدعيم خفى من منظمة التحرير الفلسطينية على اتخاذ إجراءات مؤقتة تستند إلى مفهوم الاستقلال على نحو ما هو وارد فى اتفاقية كامب ديفيد كما وافقت إسرائيل لأول مرة على التفاوض مع وفد فلسطينى برئاسة غير رسمية لفلسطينى من القدس اسمه فيصل الحسينى الذى كان يتلقى الأوامر من المنظمة الموجودة فى تونس. ولم يبق بعد ذلك سوى إقامة مفاوضات ثنائية وجهاً لوجه. أما الرئاسة الرسمية فكانت بقيادة حيدر عبدالشافى الذى أعلن أن مظاهرات السلام التى تمت فى القدس فى نهاية عام ١٩٨٩ والتى انتهت بتشابك أيادى الفلسطينيين والإسرائيليين أصبح فى الإمكان إعادتها إثر انتهاء مؤتمر مدريد. وكان رأى حركة السلام الآن أن عبارات عبدالشافى قد أوضحت أن سنوات النضال قد أدت نتائج إيجابية للفلسطينيين وبقى أن تعرف إذا ما كان ثمة نتائج إيجابية قادمة.
ومع ذلك كله فقد قيل إن مؤتمر مدريد توقف عند السطح ولم يمتد إلى العمق. فثمة خطوات صعبة لابد من إجرائها عند القيام بمفاوضات ثنائية قد تمتد إلى سنوات لتحقيق اتفاق سلام دائم يستلزم تنازلات مؤلمة، وفى نهاية المطاف لن تكون مبهرة.
ومع ذلك كله أيضاً فإن مؤتمر مدريد هو خطوة أولى جديرة بالتنويه فى إطار نضال تاريخى من أجل حل صراعات الشرق الأوسط حيث يجلس أعداء ألداء على مائدة واحدة ويتحاورون. والجدير بالتنويه أيضا أن الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة بتاريخ ٢٩ أكتوبر ١٩٩١ الذين قدموا أغصان الزيتون إلى الجنود الإسرائيليين هم ذات الفلسطينيين الذين كانوا يقذفونهم بالحجارة. وفى غزة نظم أيضا أنصار عرفات مظاهرة سلام وتبادلوا التحية مع المحتلين.
أما فى إسرائيل فإن مسألة التنازل عن أراض فى مقابل السلام قد أحدثت انقساماً متساوياً بين المؤيدين والمعارضين. فعندما سئل الإسرائيليون عن مدى الموافقة على إقامة دولة فلسطينية إذا كانت هى العقبة الأخيرة إزاء السلام كانت الاستجابة إيجابية بنسبة ٨٤%. وبالرغم من ذلك فما تم فى مؤتمر مدريد كان موضع شك من قبل الغالبية الإسرائيلية.
والسؤال إذن:
ماذا حدث بعد مؤتمر مدريد؟
بذلت القيادات الفلسطينية فى الأراضى المحتلة جهداً لدفع التدعيم الشعبى لعملية السلام وذلك بإنشاء لجان سياسية فى عدد من المدن الفلسطينية وباستئناف الاتصال بحركة السلام الإسرائيلية. وقد تم ذلك بقيادة سارى نسيبة وبموافقة من القيادة الفلسطينية فى تونس. وكانت الغاية من ذلك خلق حركة سلام فلسطينية مستقرة وقوية يمكن أن يقال عنها إنها «حركة السلام الفلسطينية الآن».
والسؤال إذن:
ماذا كان رد فعل حركة السلام الإسرائيلية الآن؟

Sunday, February 21, 2016

رياح الخماسين هتطيَّر الحكومة!! بقلم د. محمود عمارة ٢٢/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

اعتدتُ أن أترك سيارتى لأستخدم التاكسى.. قناعةً بأنه أسهل وأوفر.. والأهم: لمعرفة نبض الشارع، حتى أتمكَّن من التعبير عنه، فى كتاباتى وعلى الشاشات!!
بالأمس دار حوار مع «سائق لتاكسى».. إليكم بالنص ما جاء فيه:
سألنى: حضرتك بتطلع فى التليفزيون؟
من غير مُجاملة: أنا لو شوفتك على أى شاشة بحب أسمعك.. لأن كلامك صريح ومن الآخر، و.. (نسيت أعرَّفك بنفسى: أنا معايا دبلومة فى القانون وعايز أعمل دكتوراه فى الجنائى)!!
■ أهلاً وسهلاً.. فُرصة أسألك عن أحوال البلد، وزباينك رأيهم إيه فى الرئيس والحكومة؟
دُغرى كده على طريقة حضرتك: شعبية الرئيس لسَّه كويسة.. قلِّت شوية صحيح، لكن ناس كثير بتدعيله إن ربنا يعينه على البلاوى المتلتلة اللى سبهالنا حسنى مبارك وسنينه.. لكن الحقيقة فيه ناس غضبانة من الرئيس.. زى بتوع المعاشات- فيه ناس بتاخد معاش أقل من ٥٠٠ جنيه فى الشهر.. هيعيشوا إزَّاى؟.. وفيه شباب كتير عايز يسيب البلد، حاسين إنهم مُهمَّشين، ومفيش مستقبل.. ناس غضبانة من تصرفات الشرطة، والجهاز الحكومى واقف حال البلد!!
■ قُـلت له: ما هو الراجل مش ملاحق برَّه وجوَّه.. مش واجب نُصبر عليه كمان سنتين عشان النتايج تبان؟
يا دكتور.. لو الناس شايفة أمل، وفيه خريطة طريق.. بتقول هنعمل إيه.. فين وبكام وليه.. وهنجيب الفلوس منين وهنستغل مواردنا إزاى.. وهنوصل لفين وإمتى.. الناس تُصبر!!
لكن الناس حاسة إنهم زى لا مؤاخذة «الخرفان».. مش فاهمين إيه اللى بيحصل، ومش عارفين إحنا رايحين على فين.. الصراحة غايبة، والرئيس بيتعامل معانا، كأننا أولاده الصغيرين.. خايف يزعَّلنا، ومش عايز يشيِّلنا الهم، وخايف علينا من تحمُّل المسؤولية.. وشكله ما بيثقش فى المدنيين، وله حق.. بعد ٦٠ سنة الفساد بقى زى السرطان، وعشان كده هوَّ مُعتمد على العسكريين!!
■ طب ما فيه حكومة مدنية، وعاملين شُغل مش بطَّال؟
يا راجل حرام عليك.. هيَّ دى حكومة؟
دا مُعظمهم ما يعرفوش يديروا مدرسة ثانوى.. صحيح فيهم كام واحد كويسين، زى بتاع الكهربا وبتاع الخارجية.. وجايز فيه كام واحد معرفش عن شُغلهم حاجة.. المهم: إن الحكومة دى ما تنفعش فى الظروف دى.. دول موظفين حكومة..مفيش إبداع ولا خيال.. دول نعم وحاضر وتمام يا أفندم!!
والأنكى رئيس الوزرا نفسه.. دا راجل بتاع بترول.. تحس إنه غلبا وإن مالوش لافى الطور ولا الطحين.. لا بيتكلم مع الشعب ولا بتسمع له صوت.. الله يمسيه بالخير المهندس محلب اللى ماكانش عاجب الإعلاميين.. كنت تحس بوجوده، كان عامل زى المكوك.. زى العفريت فى كل مكان.. (بالمناسبة مش هوَّ برضه مساعد الرئيس للمشروعات القومية) طب ليه مُختفى.. تحس إنه مُهمَّش أو ماشى جنب الحيط.. هل لأن الرئيس ما يحبِّش شريك، ومحلب فاهم الحكاية دى كويس وعشان يستمر كافى خيره وشره.. كمان الست المحترمة (نسيت اسمها) مستشارة الأمن القومى.. هيِّه فين؟ بيقولك قاعدة فى القصر محدِّش بياخد رأيها فى حاجة!!
■ إنت عايز حكومة جديدة إزَّاى، والمفروض إنها هتقدِّم برنامجها للنواب آخر الشهر؟
هو حضرتك ما سمعتش أنهم أجلوا بيان الحكومة، من ٢٧ فبراير لأول إبريل؟.. آهى فرصة للرئيس يشوف حكومة جديدة.. تعمل برنامج مُـقنع للنواب والناس.. برنامج قايم على ٣ حاجات:
واحد: «العدالة فى توزيع الأعباء».. مش ناس تشيل الشيلة، وناس هايصة ومش هتفرق كتير فى حياتهم (كل الكبار اللى استفادوا بالملايين من الدعم- دعم الغاز والكهربا فى مصانعهم- واللى استفادوا من منظومة الفساد وعايشين فى قصور، واللى عندهم فى الساحل وغيرها، دول يدفعوا ضرايب عقارية على فيللهم وقصورهم وبنزينهم، وضريبة استثنائية على ثرواتهم.. فى فرنسا (وإنت عشت هناك) أيام ميتران فرض ضريبة استثنائية ٤% على ممتلكات أى واحد ثروته تزيد على ٢ مليون فرنك (يعنى ٢ مليون جنيه وقتها)!!
اتنين: «إزَّاى نستغل ثرواتنا ومواردنا الاستغلال الأمثل»: عندنا أكبر محاجر فى العالم، الحرامية بيسرقوها ويصدَّروا كل حاجة خام، وبيدفعوا ٣ ملاليم رسوم للمحليات الفاسدة.. امنع تصدير أى خام زى البرازيل ما عملت.. اللى عايز يصدَّر يصنَّع.. نشغَّل الناس، وقيمة مضافة، وعائد من النقد الأجنبى و..و..
تلاتة: «الإنتاج- الإنتاج- ثم الإنتاج».. لا توجد فى العالم «رُوشتة للنهوض، سوى مضاعفة الإنتاج- و«الإنتاج» عايز استثمار.. و«الاستثمار» عايز بيئة جاذبة.. و«البيئة الجاذبة» عايزة منظومة (بدءا من التشريعات، والسياسات المالية والنقدية، الواضحة والمستقرَّة و..و..) وكل دا عايز «رؤية إستراتيجية».. والرؤية عايزة مُفكِّرين مُبدعين- خلاَّقين- مُبتكرين- حالمين.. عايزة «خيااال».. مش عايزة موظَّفين بتوع «جباية» مش عايزة ناس اتربُّوا على فكر الفقر، وفقر الفكر.
الخلاصة: أنا عايز تبلَّغ أعلى سُلطة فى البلد.. «إن مصر فى خطر».. وإن رياح الخماسين أول إبريل، هتطيَّر الحكومة دى لو استمرت بشكلها دا، وبالبرنامج اللى قايم على رفع الأسعار وزيادة الرسوم، وكمان عدم المصارحة!!
عايزين الريس يطلع يكلِّمنا كل شهر مرَّة.. يصارحنا- يكاشفنا (خطاب للأمة شهرى) هيريَّح الناس.. والناس مُستعدة تشارك وتتعاون وتستحمل، بس يشوفوا سيادة القانون على الكل– يشوفوا العدالة والعدل فى كل شىء.. وكدا ربنا يوفَّقنا، ونخليها قد الدنيا بجد!!
■ حسابك كام طالما إنت مش مشغَّل العداد؟
ممكن تليفون حضرتك.. عايز أكلِّمك عن الشعب اللى مأنتخ ومش عايز يشتغل.. وعمَّال يخلِّف عيال مش هتلاقى تاكل بعد سد الخراب!!
ونستكمل الاثنين القادم.

المنع من السفر والكفالة ! بقلم : نجيب ساويرس 26/09/2015 أخبار اليوم






هناك تشريعات كثيرة يجب علي مجلس الشعب القادم أن يعكف علي تغييرها هذا إذا أردنا أن ننطلق قدما بمسيرة الاستثمار والقضاء علي الفقر والبطالة وأريد اليوم ان اتكلم عن القوانين والتشريعات التي تحكمها وأبدأ بالعنوان «المنع من السفر والكفالة! وقبل ان أسترسل اود ان اشارككم كلمات اغنية «الممنوعات» التي كتبها شاعرنا احمد فؤاد نجم وغناها الشيخ امام في ثمانينات القرن الماضي فكلماتها مازالت إلي اليوم تعبر عن حال المقيد الحرية الممنوع من السفر.
الممنوعات
ممنوع من السفر... ممنوع من الغنا...ممنوع من الكلام... ممنوع من الاشتياق... ممنوع من الاستياء... ممنوع من الابتسام... وكل يوم في حبك... تزيد الممنوعات... وكل يوم باحبك... اكتر من اللي فات
حبيبتي يا سفينه... متشوقه وسجينه... مخبر في كل عقده... عسكر في كل مينا... يمنعني لو اغير... عليكي او اطير... اليكي واستجير... بحضنك او انام... في حجرك الوسيع... وقلبك الربيع... اعود كما الرضيع... بحرقه الفطام.
حبيبتي يا مدينه... متزوقه وحزينه... في كل حارة حسره... وف كل قصر زينه... ممنوع من اني اصبح... بعشقك.. او أبات... ممنوع من المناقشة...ممنوع من السكات... وكل يوم في حبك... تزيد الممنوعات... وكل يوم باحبك... اكتر من اللي فات.
المشكلة في مصر هي أننا دائما ننسي تطبيق المبدأ الأساسي المتبع في كل دول العالم وهو أن المتهم بريء إلي ان تثبت إدانته. اما عندنا فما أن يقبض علي أي شخص يتم حبسه ومنعه من السفر ويتولي الإعلام المهمة الباقية بتشويه سمعته ويظل في السجن ١٥ يوما بعد ١٥ يوما حتي سنتين... وإذا ثبت انه بريء بعد كل هذا ينشر خبر براءته في ركن صغير متوار في نفس الجرائد التي فردت صفحات لإدانته وتضيع سنتان من عمره!
أما إذا أفرج عنه بكفالة وظل ممنوعا من السفر وتصادف أن عمله يتطلب السفر فان ذلك المنع يقضي علي استثماراته وسمعته إلي حين ميسرة! والسؤال هنا ماذا يضيرنا لو أفرج عن المتهم بكفالة بعد التأكد عن وجود ممتلكات له في مصر؟... وحتي المنع من السفر كإجراء احترازي لا يمكن أن يكون مقبولا كحل بالطريقة المطبقة حاليا!
المسألة الثانية هي مسألة الضبطية القانونية التي تعطي لأجهزة عديدة بسهولة ودون تحديد او تدقيق أو النظر إلي مقومات الشخصية التي تأخذ هذا الحق فتتحول هذه السلطة إلي أداة جديدة للارتزاق والفساد مثلها مثل الإجراءات التي تعطي الحق لمأمور الجمارك في إهدار الفواتير المعتمدة من المصانع العالمية الكبري... فاتحة بذلك أبواب الفساد القديمة التي ظننا اننا تخلصنا منها. كما ان عدم فتح الاعتمادات المستندية وعدم توفير العملة الصعبة للمستوردين قد تسبب في خروجهم جميعا إلي دبي وفتح شركات هناك والتحايل بالسداد من الخارج حتي لا تنهار شركاتهم مما ادي بدوره إلي مشاكل عديدة مع الضرائب والجمارك! هوه ده الحل؟ معقول الكلام ده؟
اما بالنسبة لقضايا الرشوة التي يتم الكشف عنها بين حين وآخر...أتساءل ما الذي يدفع أحدا إلي دفع الرشوة وهل يتساوي في نظر القانون من يدفع للحصول علي حق له مع من يدفع للحصول علي غير حقه؟ الحل الوحيد للقضاء علي الرشوة هو تقليل الإجراءات وتوضيحها وتسهيلها ومعاقبةً الموظف الأمين لكن المتخاذل في قضاء حاجة الناس فيضطر المواطن إلي ان يلجأ للفاسد المرتشي. الحقيقة التي يعلمها المستثمرون تمام العلم هي ان المستثمر في رحلة حصوله علي الموافقات غالبا ما يجد امامه نوعين من الموظفين الحكوميين... النوع الأول وهو الموظف الأمين ولكنه خائف... يده مرتعشة مرعوب من إعطاء الموافقات حتي لا يتحمل أي مسؤولية او يقع في مشكلة يوما ما... والنوع الآخر وهو الموظف الفاسد الذي يساومه علي الموافقة. الحل بلا ادني شك هو تحديث قانون المال العام وتأمين الموظف الشريف وتطمينه والقضاء علي ظاهرة الايدي المرتعشة وهو ما سيقضي تلقائيا علي الفساد والرشوة.
أحيانا كثيرة أتعجب ممن يصدرون هذه القرارات وكأنهم من كوكب آخر ولا يعلمون ما يجري وراء الكواليس.. لك الله يا مصر!

Saturday, February 20, 2016

تعلَّم فليس المرء يُولد عالماً! بقلم د. وسيم السيسى ٢٠/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

لم أرَ ظلماً للحضارة المصرية يشبه هذا الظلم «ومن أحد أبنائها»! ولم أر جهلاً بهذه الحضارة يشبه هذا الجهل.
زميلى العزيز أستاذ جمال أبوالحسن:
لو كنت تقرأ لعرفت أن حضارتنا لم تندثر، اندثرت عسكرياً ولم تندثر حضارياً - فهذا خط منهجى فى الكتابة ومن البداية يا أستاذ جمال!
هل قرأت ما قالته عمدة برلين الحالية، كارين شوبارت، قالت: كيف كان سيصبح شكل العالم اليوم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟ وما قاله عالم المصريات الإنجليزى والاس بانج: نحن فى حاجة إلى قرن أو اثنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية!
هل تعرف أن أربعة من علماء الرياضيات جمعوا ٣٦ وثيقة أصلية فى الرياضيات المصرية وهم «أرشبيالد، تشيز، مانج، وبل»! فيها قوانين الدائرة، المثلثات، وأهمها النسبة التقريبية ٣٥٠٠ق. م، وتأتى وتقول لم يتركوا لنا نظريات هندسية مثل فيثاغورث، وفيثاغورث نفسه تعلم فى مصر ٢٢ سنة، كما تعلم أفلاطون ١٣ سنة، وترك لنا فى كتابه القوانين: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر، كما يقول د. طه حسين فى كتابه: «مستقبل الثقافة فى مصر»: اليونانيون يعرفون أنهم تلاميذ للمصريين فى حضارتهم القديمة، كما يذكر لنا شولون الذى تعلم القانون فى مصر: طبطب على كتفى أحد الكهنة المصريين وقال: أنتم أيها اليونانيون أطفال بالنسبة لنا! فقد علمنا أفلاطون الفلسفة ١٣ سنة!
أنت لم تقرأ «أثينا السوداء» لمارتن بارنال.. أرجو قراءتها!! كما تقول إن الملوك كانوا آلهة! ذلك لأنك لا تعرف أن القانون فى مصر القديمة كان يحتم على الملوك أن يكونوا فى مقدمة الصفوف عند إعلان الحرب، استشهد من ملوك الأسرة ١٧ سقنن رع، كاموس، وكاد أن يستشهد رمسيس الثانى «الأسرة ١٩»، تحوتمس الثالث «الأسرة ١٨ - موقعة عرونا التى طبقها اللورد اللنبى ١٩١٦»! أنت لا تعرف أن محكمة من ١٥ قاضياً تشكلت لمحاكمة أسرة رمسيس الثالث.. وحكمت بإعدام أميرين وقاضيين، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم! كان القاضيان موالسين مع القصر!!
تقول بكل أسف إن الحضارة المصرية انشغلت بالموت، ألم تقرأ قول آلان جاردنر: لم أر شعباً فى الدنيا كان محباً للحياة مثل الشعب المصرى، بل كان على استعداد أن ينفق كل ما يملك من أجل الاستمتاع بالحياة، لقد عرّفوا العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة «الموت» وسموه الخروج إلى النهار، وهم الذين وضعوا لنا السلم الموسيقى السباعى.. فهل الموسيقى موت؟ وهم الذين مارسوا كل أنواع الرياضة ماعدا كرة القدم، وهم الذين عرفونا بكل أنواع الرقص، وهم الذين عرفونا بالطب المدنى والعسكرى والوقائى، وهم الذين عالجوا البلهارسيا بالأشيمون كما كنا نعالجها منذ ٣٠ سنة، عيب يا رجل، إن كلمة دين، صوم، حساب، آخرة، حج، ماعون، كعبة كلها كلمات فرعونية قديمة مازلنا نرددها!
أنت لم تقرأ عن بعثة واسيرا اليابانية، ولا بعثة بيركلى الأمريكية، ولا كتب التكنولوجيا المتقدمة فى بناء الأهرام «كريستوفر Dunn»، ولا التاريخ المنسى لدوجلاس كينيون، وكيف أن الأهرامات كانت مراصد فلكية ومحطات لتوليد الطاقة Pizo Electric Effect لقطع الجرانيت، لا تردد قول الجهلة من اليهود، الذين قال عنهم فرويد: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية، ولكن يبدو أنها عقدة بعض المصريين أيضاً!
اقرأ يا رجل ما كتبه د. محمود دسوقى، د. محمد السقا فى كتابهما الرائع: فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم، والاثنان أستاذا القانون فى كلية الحقوق جامعة القاهرة: هذه الحضارة ظلت آلاف السنين لأنها قامت على قانون كان عالمياً فى مراميه، عادلاً فى أحكامه، صافياً فى مواده.
قام على دعامتين: العدل أساس الملك، العدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء بسواء، أخذه سولون لليونان، ومنه إلى روما «جوسنتيان» ومنه إلى فرنسا «نابليون»، ومنه إلى مصر! يقول المؤلفان: بضاعتنا وقد ردت إلينا!
اقرأ يا رجل قبل أن تكتب.. وتعلم:
تعلّم فليس المرء يُولد عالماً
وليس أخو جهل كمن هو عالم
وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه الجحافل

Friday, February 19, 2016

هل العدل أساس الملك؟! بقلم د. محمد نور فرحات ١٩/ ٢/ ٢٠١٦ -المصرى اليوم

أياً كان الرأى فى قانون الخدمة المدنية، كنا معه أو ضده، أو مع بعضه وضد بعضه، فلا يمكن أن يمر مرور الكرام ما صرح به وزير التخطيط فى الفضائيات عن استمرار العمل بالقانون الذى رفضه البرلمان فى صرف رواتب العاملين، بدعوى أن «رفض البرلمان للقانون لم ينشر فى الجريدة الرسمية بعد». ولا أعلم من أسر للوزير بهذه الحجة. فهى لا تستقيم مع الدستور لأنه لم يشترط نشر قرارات رفض البرلمان للقرارات بقوانين فى الجريدة الرسمية. فالقراءة المنصفة للمادة ١٥٦ من الدستور تكشف عن أنها تعنى بوضوح انعدام القرار بقانون المرفوض بأثر رجعى، إلا إذا رأى البرلمان التعامل مع آثاره على نحو آخر. ولكن ما يثبت تخبط تصريحات الوزراء أن رئيس الجمهورية قد أصدر قراره رقم ٧٦ لسنة ٢٠١٦ الذى يقر بسقوط قانون الخدمة المدنية (على خلاف ما صرح به الوزير) ويقر بعودة قانون العاملين السابق إلى الحياة.
قد تكون لدى الحكومة صعوبات عملية فى التعامل مع رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية، وهى صعوبات يسأل عنها من اعتادوا استسهال إصدار القوانين فى غيبة البرلمان وفرضها على الناس دون دراسة. ولكن هذه الصعوبات يجب التعامل معها فى إطار احترام الدستور.
نحن نفهم أنه بعد الثورات والقلاقل الاجتماعية يصبح الدستور والقانون قيدين على التعامل مع الآثار الاجتماعية والسياسية التى أنتجتها الثورة، خاصة إذا لم يتم تحقيق أهداف الثورة، أو إذا كانت هناك مقاومة شرسة من قوى بعينها لهذه الأهداف. أحياناً تراودنى أضغاث أحلام أن هذه الثورة تمت بمباركة صامتة من أجهزة نظام مبارك حتى تكون الإطاحة برؤوس نظام شائخ ثمنا لإعادة إنتاج سياساته فى ثوب جديد. ولكنها على أى حال أضغاث أحلام لا دليل عليها.
أقول بصراحة إن القاسم المشترك الذى يجمع بين نظامى مبارك ومرسى والنظام الحالى هو الضيق الرسمى من الحكومة ووزرائها ومسؤوليها بأحكام الدستور والقانون و رغم أن الجميع قد أقسم على احترامهما.
لا ينسى المصريون تعديل الدستور سنة ١٩٨٠ فى عهد السادات لمد ولايته، وتعديله فى عهد مبارك سنة ٢٠٠٥ لتوريث الحكم لابنه، وإصدار مرسى إعلانه الدستورى، كلها أمور محفورة فى ذاكرتنا. حكى لى أحد رؤساء الجامعات السابقين أن مبارك قد أصدر له قرارا بتجديد ولايته على خلاف القانون وعندما نبهه صاحبنا إلى ذلك، رد الرئيس السابق ساخرا: فليطعن أمام القضاء من يريد فستنتهى ولايتك الجديدة قبل أن يفصل فى الطعن، وقهقه الرجلان. هكذا ينظر من أقسموا على احترام القانون والدستور إلى القانون والدستور: نظرة ضيق وسخرية واقتناص الفرصة للتحلل منهما. تكرار مثل هذه الممارسات وتراكماتهما هو الذى أدى إلى شيوع ثقافة ازدراء القانون وتبعه انهيار وتحلل مؤسسات الدولة ثم إلى سقوط النظام.
الإلحاح على احترام الدولة للدستور والقانون ليس من قبيل سفسطة المثقفين (الأراذل) أو تربص السياسيين الذين لا يجيدون سوى الثرثرة، ولكنه استيعاب درس قاس تعلمه ودفع ثمنه غاليا الشعب المصرى فى تاريخه القريب. الدستور والقانون هما القواعد الضابطة لعمل الدولة والمجتمع، وعكس ذلك يعنى الفوضى والتخبط والتحلل من الضوابط وسير المجتمع كيفما اتفق.
ومن عجب ومن أسف أيضا أننا نشهد فى أداء الدولة المصرية الآن ظاهرتين مقلقتين أشد القلق: أولاهما الضيق بالدستور والقانون، وثانيتهما الضيق بالسياسة والسياسيين. لست مع من يفهمون تصريحاً سابقاً للرئيس حول «طموح الدستور» على أنه ضيق به وتعبير عن رغبة فى التحلل منه. بل فهمت هذا التصريح على أنه إشفاق على الحكومة من تطبيق النصوص الدستورية المتعلقة بتخصيص نسب معينة من الناتج الإجمالى القومى على التعليم والصحة والبحث العلمى فى ضوء ارتباك الموازنة العامة وعجزها، ولكنه يعنى أيضا حفزاً للحكومة على القيام بمسؤوليتها فى إطار الدستور حتى ولو كانت لا تروقنا بعض نصوصه.
ولكن ما يؤرق الكثيرين الآن هو تلك الاستهانة على رؤوس الأشهاد، دون حرج أو استحياء من بعض المسؤولين بنصوص الدستور والقانون، وتلك الخفة فى التعامل معهما.
بدأ الأمر بدعوات متعجلة من ممثلى ما يسمى ائتلاف دعم مصر لتعديل الدستور قبل أن يطبق. وكانت المواد المستهدفة هى تلك الخاصة بسلطات رئيس الجمهورية ومدد ولايته سدادا لما يظنونه عربونا للولاء. فإذا قيل إن هناك نصوصا محصنة من التعديل بنص الدستور نفسه ومنها مدد ولاية الرئيس، قالوا وسنعدل أيضا النصوص التى تحظر التعديل. فيا عجبا!!!
وبدا الأمر كما لو كنا قد استنسخنا مقولة شهيرة عن البرلمان الإنجليزى فى القرن التاسع عشر (إن البرلمان يستطيع أن يفعل كل شىء إلا أن يجعل من الرجل امرأة أو من المرأة رجلا). بل بدا أن برلماننا يريد أن يزيد على ذلك بالتحرر من قيد تحويل الرجال والنساء. ولكن البرلمان الإنجليزى كان قد رفع ذلك الشعار لمصلحة الشعب وحده، أما عندنا فقد أراد برلماننا (الذى اصطنعته لنفسها جهات الأمن وأحزابها) أن يرفع هذا الشعار فى مواجهة الشعب ولصالح السلطة التنفيذية وحدها. والشاهد على ذلك هى تلك السابقة البرلمانية الفريدة بين برلمانات العالم بتكوين ائتلاف برلمانى هدفه دعم السلطة التنفيذية وليس رقابتها. فيا عجباً!!
هذا البرلمان لم يتوقف أعضاؤه عن التصفيق للرئيس فى كلمته الأخيرة رغم ضيق الرئيس المعلن بذلك. وهذا البرلمان هو الذى أعد لائحة تهمش الأحزاب والائتلافات الفاعلة وتضمن الولاء الكامل للحكومة. وهذا البرلمان هو الذى سيوافق، بأغلبية كاسحة، على برنامج الحكومة بعد أيام. وهذا البرلمان هو الذى أدخل الدولة بأكملها فى مأزق دستورى سيهز كيانها مستقبلا عندما وافق على القرارات الرئاسية بقوانين (وبعضها ينطوى على عيوب دستورية موضوعية)، موافقة لم تراع اشتراطات الدستور واللائحة، بما يهدد شرعية المؤسسات بأكملها، ودستورية باقى القرارات بقوانين.. وسنرى.
أما عن الاستهانة بالسياسة، (ودولة بلا سياسة يعنى دولة بلا رؤية) فتتبدى فى التصريحات المتضاربة للوزراء التى أشرنا إليها سابقا، والتصريحات التى صدرت مؤخرا عن رئيس الوزراء بعزم الحكومة على اتخاذ قرارات موجعة لا تحتمل الانتظار. قرارات أقلها زيادة أسعار المياه والكهرباء والنقل وغيرها من مقومات الحياة لفقراء المصريين. غيبة السياسة هنا تعنى غيبة الإحساس بآلام الناس وأوجاعهم، وغيبة توقع ردود الأفعال. السؤال الجوهرى هو: لمن تنحاز الحكومة أو لمن الملك اليوم؟ هل للفقراء أم للأثرياء؟ وهل لدى الحكومة معلومات موثوق بها عن خريطة توزيع الثروة فى مصر ومصادرها؟، وهل تقدر على تنمية اقتصاد مصر بمحاربة الفساد؟ وهل لديها معلومات حقيقية غير ملفقة عن تكلفته؟ وهل لديها خطة لحث الكسالى من العاملين على العمل مقابل أجر حقيقى؟ وهل لديها القدرة على استعادة الأموال المنهوبة؟ إذا كانت إجابة الحكومة بالإيجاب فستجد الأموال التى تنفقها على تعليم حق وعلاج حق وإسكان حق؟ ولا يحق للحكومة أن تمن على الفقراء فى كل حين بالدعم، بل عليها ألا تتلاعب رقميا فى تقدير حجم الدعم، وأن تتذكر أن الفقراء هم أكبر شرائح الداعمين للدولة بالضرائب غير المباشرة، وأن العاملين بالدولة يدعمونها بقبولهم أجورهم المتدنية. فلا الدولة تدفع أجرا كما ينبغى ولا العاملون يقدمون عملا كما ينبغى.
تدبر هذه الأمور هو السياسة التى يأنف النظام من تدبرها، ويعرض عمن يتحدثون عنها، ولذلك أتى ببرلمان ساكت لا يرتفع فيه صوت ولا ينبس بحرف فى أمور السياسة. وليس من السياسة إطلاق يد الأمن للبطش بالمواطنين وقهرهم والتنكيل بهم ولمنظماتهم بدعوى حماية الاستقرار، فالاستقرار لا يتحقق إلا بالعدل.
إن الخطأ الكارثى الذى يقع فيه نظامنا (الذى حظى بتأييد كاسح يتآكل الآن) هو الظن أن مثل هذا البرلمان بمن فيه من مصفقين يمكن أن يوفر له غطاء لتمرير سياسات ظاهرها العدل وباطنها الظلم فى غيبة رؤية شاملة لتنمية المجتمع بتعقيداته. قليل من السياسة، والاحترام للدستور والقانون والإنصات إلى أهل الرأى المجردين عن المصالح، والتصالح مع الشباب صاحب الحق الأصيل فى الثورة، هو الطريق الوحيد إلى صلاح الوطن. التنمية ليست مجرد تعبيد الطرق وتوفير الغاز والكهرباء، بل هى قبل ذلك وبعد ذلك: العدل والحرية.
فالدولة القوية هى الدولة العادلة!!

ما الذى سيبقى من الأستاذ هيكل؟ بقلم د. عمار على حسن ١٩/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

يمكن، بل كان يجب، الاختلاف مع الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، الذى رحل عن دنيانا أمس الأول، فى بعض الرؤى والمسارات والأفكار والأدوار وكثير من التفاصيل التى تسكن كتبه وأحاديثه ومواقفه، والهوة بين حاله حين يكتب وحاله حين يتكلم، علاوة على إشاراته ومراميه من كل حرف يخطه، وكل معلومة يضن بها إلى أن يخرجها فى الوقت الذى يريد، وللشخص الذى يرغب فيه، لكن لا يختلف اثنان على قدراته الفائقة فى أن يبقى فى عين الأحداث والوقائع، مقبضا على طرف من التاريخ المعاصر، وقادرا طيلة الوقت على أن يتابع ويطالع ويتفاعل ويصيغ تصورات متماسكة حول الحال والمآل.
هيكل فى إمكاناته تلك يبقى شخصا غير عادى، قيمته الكبرى ليست فى أسلوب عرضه لأفكاره بطريقة سردية مدهشة، ومكنته فى صناعة مسار برهنة متين، يغذيه بكل ما تجود به قريحته وقرائح آخرين ينصت إليهم أو يقرأ لهم، وتوظيفه لكل ما وقع تحت عينيه ويده من وثائق خدمته الظروف فى أن يمتلكها، لكن أيضا فى أن يظل طيلة كل هذا الزمن حاضر الذهن، وقادرا على الإنتاج والإضافة وإثارة الجدل والاختلاف والخلاف، وهو يتنقل بين الصواب والخطأ، والخطأ والصواب، واثق الخطى، وسريع البديهة، غير مستغنٍ، لكنه غير متهافت.
القيمة الكبرى لهيكل هو المثل الناصع الذى تضربه مسيرته من أن الكاتب يجب أن يظل قابضا على قلمه، حتى وإن تقدم به العمر، لا يكلّ ولا يمل ولا يكسل، ولا ييأس، فالعرق وبذل الجهد والدأب والتجويد هى إحدى الركائز الأساسية للنجاح، والدعائم الرئيسية للتقدم. وهذا تقليد جيل كبير، يدرك أن العطاء لا عمر له، وأن التطوير والتحسين والتجويد فريضة، وأن الاتكاء أو الاتكال على ماضى يتسرب رويدا رويدا هو انتحار. هكذا فعل نجيب محفوظ حين ظل يكتب حتى آخر لحظة ويقول «أغلب العبقرية تعتمد على بذل الجهد»، وهكذا كانت أم كلثوم، تخاف حين تصعد المسرح، وهى على عرش الغناء، وكأنها تواجه الجمهور للمرة الأولى. وهيكل من ذلك الصنف من البشر، الذى نحتاج إلى أن نتعلم منه تلك القيمة، حتى لو اختلفنا مع توجهاته وتصوراته وتجاربه وخبرته ووعيه.
والقيمة الأخرى لهيكل هى قدرة الكاتب على تحمل ضربات لا تتوقف من كثيرين، خصوم سياسيين موجهين ضده من سلطات تتعقبه، كانت ولا تزال، هنا وهناك، وآخرين مختلفين إلى حد جارح وبارح مع أفكاره وتوجهاته، ولهم الحق والحرية فى هذا الاختلاف، وبعض العابرين أو المتعجلين الذين يريدون أن يلقوا بأنفسهم فى دائرة الضوء بمهاجمته لتصل إليهم أصداء شهرته، وكذلك متحفظون على أدوار للرجل انحازت فى أغلب الأحيان إلى مصلحة الحكم، الذى ظل هيكل يدور حوله حتى وإن اكتوى به، تماما كفراشة تعشق اللهب، ناره ونوره. فهيكل تعامل مع كل ناقديه هؤلاء بصبر وأريحية يحسد عليها، ولم ينزلق يوما فى معارك صغيرة على كل هذه الجبهات، والمرة الأساسية التى نازل، حتى تجاوز فى الخصام، كانت مع صاحب أكبر منصب فى الدولة، وهو الرئيس الراحل أنور السادات، حين أتى على ذكره بكل بارح وجارح فى كتاب «خريف الغضب».
والقيمة الثالثة لهيكل هى قدرة الكاتب على ألا يجعل نبعه يجف، ومعينه ينضب. فقد قيل إن الرجل قد انتهى حين انقطعت أسباب اتصاله بالسلطة السياسية أيام عبدالناصر وأول عهد السادات، لأنه فقد مصدر الخبر والمعلومة والوثيقة، وقبل كل هذا فقد النظر إليه باعتباره خبيرا ببواطن الأمور، أو مشاركا فى صناعة القرار، وليس فقط مطلعا عليه، أو يشم رائحته من بعيد. لكن هيكل فاجأ الجميع بقدرته على أن يكون دوما مصدرا لأخبار ومعلومات، ويكون كثيرون فى انتظاره ليقول رأيه فيما يجرى.
فى حياة هيكل كتبت بعض مقالات متفرقة، أناقشه وأشاكسه فيها، كان أهمها «المسكوت عنه فى مقالات الأستاذ هيكل» علقت فيه على تلك المقالات الخمسة التى نشرتها «المصرى اليوم» بعد أكثر من ربع قرن على منعها من قبل حسنى مبارك شخصيا، وأذكر أننى اختلفت مع كثير مما جاء فيها، وهذا حقى رغم اتساع الهوة فى العمر والصيت، لكن لم آتِ على أى شىء يجرحه، وهذا حقه، كرجل ألف كل هذه الكتب، التى سيبقى منها كثير، يجب الرجوع إليه لمعرفة قسط من تاريخ بلدنا، وعلاقة السلطة بالصحافة، وارتباطات مصر العربية والدولية.
بدا الأستاذ هيكل فى نظرى طيلة الوقت روائيا ضل طريقه إلى الصحافة، وصحفيا جذبه هيلمان السياسة، وسياسيا اتخذ من الصحافة كرسيا دائما لم يستطع أحد أن يزحزحه منه حتى الرمق الأخير، يستخدم هذا الخليط العجيب بين السياسى والروائى والمؤرخ والمفكر الاستراتيجى فى مقالاته تلك، ليقول للزمن القادم: كل لبيب بالإشارة يفهم، ويقول للحظة الراهنة: إياك أعنى واسمعى يا جارة.
رأيت الأستاذ هيكل فى حياتى ثلاث مرات، اثنتين عابرتين والأخرى كانت لقاء مطولا فى مكتبه، الأولى والثانية كنت فيهما مجرد طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يجلس فى مدرج «محمود خيرى عيسى» لينصت إلى محاضرة لهيكل، والثانية كنت باحثا فى العلوم السياسية مشاركا فى أحد المؤتمرات السنوية لمركز البحوث والدراسات السياسية بالكلية، وكان الأستاذ حاضرا فى القاعة، ويومها أرسلت إليه سؤالا مكتوبا فى ورقة عن رأيه فى قول مبارك إنه «تعلم الإدارة من ميس الضباط، وتعلم الديمقراطية فى القوات المسلحة»، ووضعت علامة استفهام وثلاث علامات تعجب على سؤالى، وتابعت بعينى هيكل وهو يقرأ سؤالى، ثم يطوى الورقة ويضعها فى جيبه ويبتسم صامتا، ولا يجيب.
المرة الثالثة كانت مقابلة فى فبراير ٢٠١٢، حددها الصديق الدكتور عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادى الكبير، يومها قابلنا الرجل هاشا باشا، وراح يتحدث عن المشهد الذى كان قائما، وفهمت أنه يتابع كثيرا مما يكتب من مقالات وتحليلات حتى لجيلى ومن يصغرونه. وسألته يومها إن كان قد فكر فى كتابة قصة أو رواية فى أى يوم من حياته، فابتسم وقال: كتبت قصيدة شعر فى ابنة الجيران، ودسستها فى يد الخادمة لتعطيها إياها سرا لكنها أعطتها لأمها، فذهبت لأمى شاكية، وكان نصيبى تأنيبا شديدا، وبعدها أقلعت عن كتابة الشعر، لكن بقيت طيلة الوقت أتذوقه، وأحرص على حفظه، وأرى من بين أبياته أمورا كثيرة.
وتنبه الأستاذ إلى ما قلته، فسألنى: ما السبب فى سؤالك؟ فقلت له: أرى أن كتبك تنطوى على روح سردية جارفة، فأنت تكتب السياسة بتقنيات أدبية فى اللغة والصورة والحوار والسرد وبناء الشخصيات، وأعتقد أنه قد يكون من المفيد أن يقوم طالب بكلية الآداب أو دار العلوم أو غيرهما على تسجيل أطروحة للدكتوراه حول تحليل أعمالك فى الشكل والمضمون من زاوية أدبية أو نقدية. كان هذا قبل سنتين ونصف من فوز الكاتبة البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش بنوبل للآداب، وهى التى كتبت السياسة بطريقة سردية، وجمعت مادتها وفق عمل صحفى محترف، وكتبت الأدب وفق رؤية وموقف سياسى.
ولأن الأستاذ هيكل رجل فطن، فقد أدرك جانبًا مما أقصده، وفهم أن فى هذا المسلك ما قد يضر ولا يفيد، لأن معناه أن هذه الكتب فيها من الخيال بقدر ما فيها من الواقع والتاريخ حتى لو كان «الخيال التحليلى»، فقال لى: ليس الآن، حين أموت افعلوا ما شئتم.

Wednesday, February 17, 2016

أحزاب ترد على حوار السيسى: الديمقراطية تحتاج ٥ سنوات محمود جاويش وخالد الشامى ١٧/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

السيسى أثناء حواره مع المجلة الفرنسية
أثار حوار الرئيس عبدالفتاح السيسى مع مجلة «جون أفريك» الفرنسية جدلا واسعا حول الفترة التى قد تستغرقها الدولة فى بناء نظام ديمقراطى حقيقى.
فى الحوار، أكد الرئيس أن مصر تحتاج ما بين ٢٠ و٢٥ عاماً للوصول إلى مجتمع ديمقراطى، وهو ما أيده البعض فى أن البناء الديمقراطى يحتاج إلى مقومات طويلة الأجل، فيما رأى آخرون أنها فترة مُبالَغ فيها ومبرر للإطالة فى اتخاذ إجراءات مماطلة.
من جانبه، قال الدكتور محمد أبوالغار، رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إن جانبا من رأى الرئيس صحيح، والجزء الآخر خاطئ، وإن الديمقراطية قد تتحقق خلال ٢٥ عاماً بالفعل إذا أراد الشعب ذلك بأن يحصل على حقوقه بضغوط مستمرة مع السلطة، سواء بالمفاوضات تارة والصراعات الانتخابية تارة أخرى، ثم الاعتصامات والانتهاء بثورة لأخذ الحقوق، لكن إذا أراد الحاكم أن يساعد شعبه فى بناء الديمقراطية فسينجح فى تحقيقها خلال ٥ سنوات فقط.
وتابع: «المشكلة الحقيقية تكمن فى أن الديمقراطية أصبحت واقعاً فى دول العالمين الأول والثانى، أما دول العالم الثالث فلم تصل إليها بسبب وجود أنظمة حكم ترى أنها فقط الوطنية وأنها الوحيدة التى تملك الحلول المثلى فى جميع القضايا، والقادرة على حماية الدولة، فتلجأ للتدخل فى الانتخابات واتخاذ إجراءات قمعية وظلم وإصدار قوانين جائرة، ما يجعل الوصول إلى الديمقراطية فى حاجة إلى ٢٥ عاماً من الصراع بين السلطة والشعب، وغالباً ستنتهى بمأساة، حتى يحصل الشعب عليها».
فى الإطار ذاته، أكد عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى السابق، أن الديمقراطية ليست مجرد إجراء يتم من خلال صناديق الانتخابات، لكن تتم فى إطار مجتمعى وإجراءات متدرجة، لأنها أسلوب حياة، موضحا أن تحديد السيسى ٢٥ سنة لتحقيق الديمقراطية «أمر مُبالَغ فيه» وذكره مسبقا فى حملته الانتخابية.
فى الوقت نفسه، أيد الدكتور صلاح حسب الله، رئيس حزب الحرية، ما جاء فى حوار الرئيس، واعتبره حديثا يستحق الاحترام والتقدير، لأنه يلامس الواقع، دون تزيين ووعود لن تتحقق، مؤكدا أن الديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخابات أو إصدار دستور جيد، لأنها بناء متكامل، فأى دولة كانت تعانى الاستبداد لعهود تحتاج لأكثر من ٢٠ عاماً حتى تصل إلى مجتمع يمارس الديمقراطية.
وأوضح أن الرئيس تحدث بصراحته المعهودة، ولا يجب أخذ حديثه على أنه يسعى لاستغلال هذا الرأى ليبرر أى تباطؤ فى إجراءات الإصلاح، لافتا إلى أن الرئيس هو مَن وضع حجر الأساس لبناء نظام ديمقراطى، وأن التحول بمعناه السليم له مقومات أساسية يجب أن تتم حتى نصل إلى مجتمع لديه قدرة على ممارسة الديمقراطية الحقيقية. وبدوره، أكد حسين عبدالرازق، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، أن الشعب المصرى ثار من أجل الديمقراطية، وبدأ نضاله للحصول عليها منذ عهد عرابى وعمر مكرم، موضحا أن شروط تحقيق الديمقراطية وربطها بالقضاء على الأمية أو الفقر غير صحيح، لأن القضاء على مثل هذه الظواهر السلبية لن يتم إلا فى أجواء ديمقراطية.
وأضاف «عبدالرازق»: «لو مد الرئيس بصره إلى الهند التى تتمتع منذ الاستقلال بتجربة ديمقراطية غير عادية لأدرك أن الفقر فى الهند لم يكن يقل عن الفقر فى مصر، إضافة إلى تعدد اللغات والصراعات المذهبية، ورغم ذلك كله استطاع (غاندى) و(نهرو) تأسيس تجربة ديمقراطية يتحدث عنها العالم كله، والتحجج بالفقر لتحقيق الديمقراطية وتبنى حقوق الإنسان مبررات غير صحيحة لاستمرار الحكم، لأن الدستور وضع قواعد للنظام الديمقراطى وعدم الالتزام به يُفقد النظام شرعيته». وتابع: «لقد تغير الشعب نتيجة ثورة ٢٥ يناير، وبات الشعب يملك وعيا سياسيا غير مسبوق، ولديه ثقة فى نفسه، وأصبح قادرا على التغيير واتخاذ القرار، ولم يعد يمكن خداعه، وقول الرئيس بأن الشعب لن يسمح بوجود شخص لا يريده على رأس الدولة صحيح، ورغم الانتقادات الكثيرة التى تُوجه لإدارته فى البلاد، فإن الشعب مازال يراه صالحا لقيادته، لكن شعبيته تراجعت نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والدولة البوليسية، وباستمرارها سنصل إلى أوضاع يتحول فيها الشعب إلى مطالبة الرئيس بالرحيل، وهذا ما لم نتمناه».
من جانبه، قال خالد داوود إن حديث السيسى عن الديمقراطية واحتياجها لـ ٢٥ سنة يتناقض تماما مع خطابه أمام البرلمان ورغبته فى بناء دولة مدنية حديثة، وهذا يؤكد أنه لا يضع الديمقراطية على رأس أولوياته».
وأضاف «داوود»: «عمر سليمان السابق، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، سبق أن أدلى بمثل هذه التصريحات، وقال إن مصر تحتاج ٢٥ سنة لتحقيق الديمقراطية، وهذا دليل على أن الفكرة نفسها مسيطرة على السلطة الحاكمة».

Tuesday, February 16, 2016

دول تُجبر مواطنيها على دخول الجنة بقلم نادين البدير ١٦/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

شئت أم أبيت.
رغماً عن أنفك ستدخل الجنة.
لا مجال أمامك للاختيار.
أن تكون مسيراً أو مخيراً (وهو أمر اختلف فيه المعتزلة والأشاعرة والقدرية والمرجئة والمذاهب الأربعة والجعفرية) كلام لا تفهمه السلطات التى تحكم شعوبها باسم صكوك الغفران.
هنا. تحبك السلطة لدرجة لا تطاق.
تقلق عليك الدولة وأنت فى الأربعين أو الستين كخوف أمك عليك حين تأخرت ذات ليلة وسهرت أيام صباك.
حتى لحظة الحساب. اطمئن. ستحاسب السلطة بدلاً عنك.
السلطة أم حنون لكنها لا ترحم.
الويل، لو تسول لك نفسك فتمضى الليل تتأمل خلق الله.
نم مبكراً ثم استيقظ واذهب لعملك وقم بالواجبات الدينية المفروضة عليك قسرا باسم الشيخ (ابن الأولين).
وابن فلان هذا، شخص قد مر على مكاننا المنكوب قبل عقود وعقود، ولم يدر بخلده أن مجموعات من الأغبياء والسذج (نحن) ستخلفه وتتقاتل فيما بينها بسبب آرائه أو شطحاته أو أخطائه أو علمه المكين.
أمر آخر.
ستصنفك الدولة. فتفرض عليك مذهبها.
يجب أن يكون لك مذهب أو طائفة ترفعك (قد قيل سابقاً إننا قبائل برايات مميزة.. نحن الآن طوائف برايات غير مميزة). لا يعقل أن يكون ابن هذه الدولة المنزهة عن الخطأ متساوياً مع الآخرين خارج حدودها. إنها عظمة الانتماء لشريعتها. أنت فرد مختلف، ليس باكتشافك أو اختراعك. إذ لا تهتم حكومتك بمدى ما تضيفه للبشرية. ما يطبعك بختم التفرد هو أنك ابن بار مطيع لهذه الأم التى تعتنى بك كرضيع لا يقوى على الحركة (لأن العثة تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته وتحدد صنف المولود).. ممنوع أنت من اقتراف الذنب بأمر سياسى موثق بحبر دينى أحمر.
لا تتهور. أى عاقل مكانك سيتعامل بحكمة ويعلن الولاء لطائفة الدولة التى يتبعها.
فالدولة من الطائفة «أ» تهرطق كل أتباع الطائفة «ب» ولو كانوا من أبنائها وذات الشىء تفعله الدولة من الطائفة «ب» بأبناء الطائفة «أ».
كل العالم يصرخ أنتم عالة علينا. بطوائفكم. بحروبكم. برائحة عفن أدمغتكم المتحللة. وآذاننا تعلمت وبرعت فى أن تكون صماء.
كل من الضفتين تجهد بإقناع مواطنيها ليل نهار بوسائل الإعلام والتلفاز ودور العبادة واللافتات ومكبرات الصوت بكل خندق وشارع، أن مذهبها هو المنقذ الذى سيقيهم لهيب جهنم ساعة الحساب.
فى مثل هذه الدول، تخصص الموارد والأموال ويجند الاقتصاد فى عمليات البحث عن مزيد من الخنوع والتبعية بدلاً من البحث العلمى والتطوير.
ماذا عن بقية العالم؟
إنه غير موجود. منحل. وبقاؤه مؤقت.
ماذا عن مصير العالم؟
لهم الدنيا ولنا الآخرة. هكذا تقص السلطة على أبنائها حكايات ما قبل النوم.
يحيا العالم الكافر فى النعيم الدنيوى فقط. الأنهار، البحار، المروج وجمال الطبيعة والإنسان كلها نعم ستزول منهم بمجرد بدء الآخرة فتنتقل ملكيتها لنا.
أما منجزاتهم العلمية وثوراتهم الصناعية والطبية والفضائية فقد ألهمهم بها الله لخدمة المسلمين.
البشر الماجن سيدخل النار. وحده الإنسان المنكوب هنا سيلج الجنات.
هذا جزء مما علمتنا إياه المدارس. ثم نتبجح بالسؤال عن البيئة الخصبة التى أنشأت الإرهاب. ولماذا الإنسان العربى غير منتج؟
لا ينتج لأنه متقاعس. جنسى ينتظر الحور العين. خامل يحلم فى الخلود وسط كل المحرمات التى يتمتع بها الغربى.
ماذا لو أنك رفضت الانصياع.
ماذا لو أردت لعلاقتك مع الله أن تكون شأناً خاصاً بك لا يشاركك فيه إنسان.
ماذا لو مارست إنسانيتك وقررت أن تخطئ (وفق مفهوم السلطة للخطأ).
فى هذه الحالة. تخرج عليك السكاكين. يخرج الرعاع. المكان ملىء بأنواع متطابقة من كائنات عظمية أجسادها مغطاة بجلد عجوز كريه تجاعيده عمرها مئات من السنين، كائنات تحمل معاول تهدم أى نهضة. النهضة عدو الجنة.
خط واحد يسير عليه شعب بأكمله فى صلاته ونسكه وحجابه وسيره وعمله. وقائمة محددة من الجنسيات سيتنعم حملتها بالفردوس. أما من لا يملك الجواز الذهبى فمصيره النار والوقود.
أين يمكنكم إيجاد مثل هذه المعادلة القبيحة سوى بدساتير عالمنا الإسلامى، العربى، الدموى، الرجعى.
لم تعد التسمية تهم.
■ النبى محمد وهو حامل الرسالة لم يتمكن من هداية عمه أبى طالب للإسلام.
«إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء».