Translate

Saturday, June 30, 2018

الناس صنفان! بقلم د. وسيم السيسى ٣٠/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم



ذهب العقاد يسأل عن قريبه زاهر أفندى، المقيم فى فندق صغير تملكه مارى آن، فوجد فى حديقة الفندق سيدة تطعم ديكة (جمع ديك) مكرونة فقال لها: أرى أن الديكة أصبحت اليوم إيطالية!. قالت: على هذا القياس.. هى إنجليزية إذا أكلت البطاطس، مصرية إذا أكلت الفول، هندية إذا صبرت على الصيام الطويل!. استحسن العقاد هذا الرد، قال: يا آنسة... ولكنها قاطعته: أنا أم ولى طفل صغير!، قال العقاد: هناك علامة فى الأصبع... قاطعته وقالت: هذا أمر شرحة يطول، ولكن خبرنى: فى أى مزعج من مزعجات الحياة تعمل؟.. رد العقاد: هذا أمر شرحه يطول!، قالت: يبدو أنك سريع الانتقام!، قال: ليس مع كل الناس، قالت: غداً تقول لى عيناك.. شفتاك.. إلى آخر هذا الموال المحفوظ!. قال: ولماذا غداً؟ أقوله لك الآن!. قالت: آراك متعجلاً!.. قال: عدينى، وأكون أصبر من أيوب!. بدأت قصة حب العقاد وسارة حين طلبته فى التليفون بعد أن انصرف وسألته: هل كنت تتوقع هذه المكالمة؟!، قال: لم أكن أتوقعها وإن كنت أتمناها!.. كتب عنها العقاد كتاباً بعنوان «سارة»، وقال فيها أجمل أشعاره.. منها:
شفاه أذوق منها طعم الحياة/ وهل طعمها غير طعم القبل!
تسمونها قبلة وأسميها/ رحيق الحياة ورىّ الأمل.
ولما اكتشف خيانتها بعد سنة واحدة قال: ولد الحب وا فرحتاه
مات الحب وا أسفاه/لم يلهُ لم يلعب/لم يشهد أباه!.
كان العقاد يلوم «جيته» لأنه وهو فى الستين وقع فى حب فتاة فى العشرين، فلما وقع العقاد فى حب الممثلة مديحة يسرى- كما كان يسميها- قدم اعتذاراً لجيته لأنه وقع فيما وقع فيه بهذا الفارق العمرى الكبير!. كتب العقاد عن مديحة يسرى السمراء الجميلة قائلاً إن رايتنا يجب أن تكون سمراء بل هى خيانة عظمى لمصر حب واحدة شقراء!!،
كان سعد باشا زغلول يسميه الجبار، وحين كان العقاد فى البرلمان قال: إن الأمة قادرة على أن تسحق أكبر رأس تقف ضد الدستور!.. وانتظر الملك فؤاد حتى زالت الحصانة عنه، وقدمه للمحاكمة بتهمة العيب فى الذات الملكية، وحكموا عليه بتسعة أشهر سجناً.
كان العقاد يحتفظ بمجموعة أفلام كوبيا، يكشط من على كل قلم مساحة يكتب عليها اسم الوزارة التى أسقطها بمقالاته بواسطة هذا القلم، وحين أحس بقرب النهاية قال:
ستغرب شمس هذا العمر يوماً / ويُغمض ناظرى ليل الحِمام (الموت)
فهل يسرى إلى قبرى خيال / من الدنيا بأنباء الأنام
طبعت على الدنا اسمى ورسمى/ فما أبكى رحيلى أو مقامى.
رحل العقاد عن عالمنا فى ١٣ مارس سنة ١٩٦٤، والناس صنفان كما يقول أمير الشعراء:
موتى فى حياتهم.. وآخرون ببطن الأرض أحياء.

خالد منتصرعفواً لن يصدر قانون التجارب السريرية الفضيحة - جريدة الوطن - 30/6/2018

توقعاتى ألا يصدر قانون التجارب السريرية المعيب والخطير والفضيحة، الذى هو سبة فى جبين مصر وعلمائها وجامعاتها وباحثيها، والذى صدر فى أسوأ عهود وزارة الصحة قاطبة، توقعاتى ليست ضرباً للودع ورجماً بالغيب، ولكنها مبنية على قراءة خريطة العلماء والباحثين المصريين الشرفاء الذين رفضوا هذا القانون بشدة وتحملوا اتهامات وزير الصحة السابق المهينة لهم بأنهم أصحاب مصلحة فى تعطيله لأنهم مستفيدون، وهو اللفظ المهذب لـ«مرتشون»، ومبنية أيضاً على قراءة ومعرفة أسماء المجلس العلمى الاستشارى للرئاسة، الذى يضم عمالقة فى المجال البحثى الطبى على مستوى العالم، ومنهم د. أحمد عكاشة ود. محمد غنيم ود. مجدى يعقوب، وتوقعاتى مبنية أيضاً على أن لجنة التعليم والبحث العلمى فى البرلمان، التى لم يعرض عليها القانون ولم تناقشه وكأنه قانون سرى دبر بليل، عورة لا تظهر على أعضاء برلمان!!، بالرغم من أن فيها أسماء محترمة وعظيمة ومبجلة، مثل د. جمال شيحة، الذين لن يرضوا أن يغتال البحث العلمى فى مصر بهذا القانون، لن يصدر القانون باستخدام اعتصامات أو مظاهرات أو عنف، لكنه لن يصدر عبر حوارات منطقية عقلانية، سيتم تعديله عبر إقناع علماء أجلاء لهم وزنهم كانوا أول من طالب بتنظيم البحث العلمى، ولنتخلص من كل وساوس وزارة الصحة السابقة التى دبج موظفوها هذا القانون الفضيحة، وأولها وسواس أن أطباء مصر يريدون الفوضى وينشدون اللاقانون واللاتنظيم، والاقتناع بأن هؤلاء الأطباء الباحثين بجد ينشدون حمايتهم عبر التنظيم لا الفوضى، لكنهم فى نفس الوقت يريدون التحليق فى عالم العلم الرحب الذى صرنا فيه فى ذيل الأمم ونهاية السرب، مكبلين بهلاوس وضلالات وروتين يجعل الباحث إما أن يطفش ويهاجر وإما أن يكتئب وينتحر، نتمنى بتعديل القانون أن يولد علماء من رحم الجسارة العلمية لا يقلدون بل يبدعون، لا بد من أن نتخلص من وسواس أن جيناتنا أسرار يجرى وراءها الماسونيون الأشرار كى يفكوا شفرتها، ولنتساءل كيف وآلاف المرضى، ومنهم شخصيات عامة مسئولة كبيرة، يعالجون يومياً عند هؤلاء الأشرار الكفار الذين بمجرد نقطة دم سيكشفون المستور؟!، لا بد من أن نتخلص من وسواس أن الوزير هو الوطنى الوحيد، وأن كل من ينتقده عميل وخائن وجاسوس، صرخ الوزير السابق فى وجوهنا قائلاً: «أنا ابن الدولة»، ذكرنى بأحمد السقا حين صرخ: «أنا الحكومة»، صرخ فينا وكأنه يهددنا أو يؤدبنا، وكان الرد من الدولة عزله عند أول محطة تغيير حكومة!، وسواس آخر نردده يومياً كالأسطوانة المشروخة وسواس فئران التجارب الذى كتبت عنه من قبل قائلاً لوزير الصحة: «أبحاث فئران التجارب التى ترددها ليل نهار، للأسف فئران التجارب الذين تصفهم يا ابن الدولة وقلبك «متشحتف» عليهم قوى كانوا فى بداية تجارب السوفالدى هم الأمريكان والأوروبيون الذين لا يوجد عند مرضاهم النوع الجينى الرابع الشرس الذى يفترس مرضانا الغلابة، هل تعرف عدد من تسميهم فئران التجارب فى الثلاث مراحل للسوفالدى يا ابن الدولة؟، عدد المرضى الأمريكان والأوروبيين 42624 مريضاً، وهذا معناه أن ما تروجه لنا ويروجه المتشدقون بحقوق الإنسان بأن الشركات الغربية تجرى أبحاثها على فقراء الدول النامية فقط هو وهم كبير، هؤلاء الخونة من الباحثين الأمريكان، وعلى رأسهم يهودى كان يحمل الجنسية المصرية، كان من الممكن أن يقولوا ببساطة: «المصريين يخبطوا راسهم فى الحيط ويولّعوا بجاز، إحنا ننقذ المرضى بتوعنا ونسيب الناس اللى عايشين فى جو المؤامرة دول يموتوا وهمّا فاكرين إنهم خير أمة وأفضل بشر على وجه الأرض»، ولكن الضمير العلمى لا يعرف هلاوسنا ولا ضلالاتنا، حاول الباحثون بإشراف شركة جلياد التى ليس عند وزيرنا ابن الدولة إلا جملة واحدة محفوظة عليها وعلى غيرها، وهى مافيا الدواء!!، هذه المافيا بحثت عن مرضى خارج مصر من النوع الجينى الرابع لتجربة السوفالدى وبينهم جنسيات أخرى، ثم حُلت المشكلة نهائياً بعد الاشتراك مع الأساتذة «الوحشين» الذين يتهمهم ابن الدولة بأنهم خونة وعملاء ومصاصو دماء فى الأبحاث حتى وصلنا إلى علاج النوع الجينى الرابع بالسوفالدى وأشقائه».

Friday, June 29, 2018

الأب رفيق جريش يكتب: تركيا أردوغان.. إلى أين؟ ٢٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

يجب أن أعترف أننى كمراقب غير متخصص أنظر بكثير من التحفظ لنتائج الانتخابات التركية، وذلك ليس فقط للأحداث التى مرت بالعلاقات التركية ـ المصرية فى الماضى ولكن أيضاً فى الحاضر، فلا يخفى على أحد أن الدولة الحالية فى تركيا تنظر إلى مصر على أنها الدولة المنافسة لها فى المنطقة، ومن هنا جاء تدخلها فى أحداث مصر منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وما أعقبها من أحداث الإخوان، كذلك منافستها فى الصراع العربى ـ الإسرائيلى، فتارة هى حليف لإسرائيل وتقوم معها بمناورات عسكرية وتارة أخرى تدافع عن الحق الفلسطينى وتدخل فى فك حصار غزة، وكذلك السياسة التركية تتأرجح فتارة تعتبر نفسها أوروبية تريد أن تدخل بأى شكل من الأشكال الاتحاد الأوروبى وتارة تقدم نفسها أنها دولة إسلامية شرق أوسطية تتزعم الدول العربية وتستغل تشرذمها بدون سياسة حقيقية لإنهاء الصراع العربى ـ الإسرائيلى، كذلك تنافس على الغاز وتتحرش بالدول التى تكتشف الغاز فى مياهها بما فيها مصر وأصدقاء مصر وهكذا...
لا نستطيع أن ننكر أن تركيا فى ظل حكم أردوغان أثبتت ذاتها اقتصادياً حيث أصبحت قوة اقتصادية مصدرة لإنتاجها ولكن فى نفس الوقت قام أردوغان بتغيير نظامها السياسى إلى نظام رئاسى بدأ العمل به من الآن، حيث ركز جميع السلطات فى يده وأضعف سلطة البرلمان والجيش، وذلك بجانب صراعه مع الأكراد على الأرض السورية ومحـاولاتـــه عـن طـريــق «الدين» السيطرة على دول البلقان الإسلامية التى كانت فى الماضى تحت السيطرة العثمانية، وكذلك نقل سياسته إلى داخل قلب أوروبا عن طريق تكوين «لوبى تركى كبير» مكون من الأتراك العاملين فى الدول الأوروبية (أكثر من ٣ ملايين) ولعبه بورقة «الدين» لتأكيد حضوره إقليمياً ودولياً فى تلك الدول بل الدخول فى صراع معها مثل ألمانيا والنمسا وغيرهما. تركيا تريد أن تحتل مكانة هامة فى العالم، بالاستفادة من العولمة، مع التأكيد على هويتها الإسلامية، وقربها من فكر الإخوان المسلمين.
ما يهمنى هو أن المنافسة التى يراها أردوغان تجاه مصر هى قوة لمصر واعتراف بحضورها الدولى والإقليمى وأن مصر قادرة بسياستها الحكيمة أن تحجم الدور الأردوغانى التوسعى الحالم بعودة الامبراطورية العثمانية. تركيا ومنذ تأسيسها، وهى تنكل بمصر وترى فيها فقط بقرة حلوبا، يجب حلب ضرعها حتى ينزف دما وتتعرض للموت، لذلك تجد بلطجة الرئيس التركى الحالى، رجب طيب أردوغان وعداءه الشديد لمصر، مستمدا من كراهية أجداده، وما صنعوه كغزاة محتلين ببلادنا، ويعتقد أردوغان أن الزمن يمكن أن يعود للوراء من جديد وتصبح مصر تحت الولاية التركية، والتحكم فى مصير شعبها، والاستيلاء على ثرواتها، ويصبح خليفة المسلمين.

أنت أخى.. وأنا أحبك بصدق بقلم د. مينا بديع عبدالملك ٢٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

«أنت أخى.. وأنا أحبك»، هذا هو الشعار الذى نفتقده فى حياتنا حالياً، وقد استعنت بهذا الشعار من الكتاب الذى أصدره الكاهن الوطنى المخلص، القمص بولس باسيلى- عام ١٩٩٨- كاهن إحدى كنائس شبرا، العضو السابق بمجلس الشعب، عضو نقابة الصحفيين.
يذكر الأستاذ عبدالتواب يوسف، فى كتابه «الهلال والصليب»، أنه فى خلال الحملة الفرنسية عندما وقف الأقباط والمسلمون بجوار بعضهم البعض بالإسكندرية وإمبابة، تحت قيادة الزعيم الوطنى مُحمد كُريِّم، أول محافظ للثغر السكندرى، سقط عدد كبير من الشهداء المسلمين والأقباط. وقد حدث أن اتهم الفرنسيون مسلماً ومسيحياً بترويج الشائعات ضد الفرنسيين، وانتهى الأمر بإلقائهما فى السجن، وصدر الأمر بأن يدفع كل منهما ١٠٠ ريال، «وهو مبلغ لا يُستهان به فى ذلك الوقت»، وإلا تعرض لقطع لسانه حتى لا يتحدث بالسوء عن الفرنسيين. حاول علماء المسلمين مع الفرنسيين العفو عن الرجلين لكن دون جدوى، فاستدان الشيخ مصطفى الصاوى مبلغ ٢٠٠ ريال من صديق له ودفعهما فدية للقبطى والمسلم معاً، فسأله الفرنسيون: كيف تدفع الفدية للقبطى؟ فأجابهم قائلاً إن الرجلين من أبناء مصر، أصحاب الحق فى الحياة على الأرض، ثم صدر القرار بالإفراج عنهما، فخرجا معاً متماسكى الأيدى من باب القلعة حتى الجامع الأزهر، ثم إلى الكنيسة المرقسية بالأزبكية، وسط طبول ودفوف المستقبلين من الشعب المصرى.
من الصعب جداً أن تدرك فرقاً بين المسلم الشيعى أو السُنى أو الصوفى أو القبطى الأرثوذكسى أو الكاثوليكى أو البروتستانتى، لأن الجذور واحدة والأصول واحدة والتربة الأرضية واحدة وبناء العقول واحد والثقافة واحدة والحياة مشتركة بصورة لا تجدها فى أى بلد آخر. فى البيت الواحد يسكن الجميع معاً، والمحل الواحد قد يملكه شريكان مختلفان فى الديانة والعقيدة. أنا شخصياً أتناول يومياً قهوة الصباح بالإسكندرية مع أصدقائى المسلمين وإخوتى الكاثوليك، وفى الجامعة أقوم بالإشراف على رسائل ماجستير ودكتوراه على تلاميذى المسلمين والأقباط، فهم جميعاً أبنائى المحبوبون والأعزاء. وفور وقوع حادث مسجد الروضة بالعريش، بادرت بالاتصال تليفونياً لتعزية صديقى المهندس حمادة الشُرفى، الذى ينتمى هو وعائلته إلى الجماعة الصوفية، ولم أسمع منهم فى يوم من الأيام أى كلمة سوء على الأقباط أو المختلفين معهم فى العقيدة الإسلامية.
يا سادة أصبع الاتهام تشير بقوة إلى رجال الدين أنفسهم!!، فالجامع الأزهر يأخذ موقفاً متشدداً من الجماعات الدينية غير السُنية، وفى الكنيسة القبطية عُقدت اتفاقية مع الرئاسة الكاثوليكية فى روما، دون مناقشة مع مجمع أساقفة الكنيسة، وكانت النتيجة قيام الأساقفة جميعاً برفض الاتفاقية كلية، وعلى أثرها قام خلاف بين رجال الدين الأرثوذكسى والكاثوليكى!!. كنا أحباء وأصدقاء- ومازلنا وسنظل.
* كلية الهندسة- جامعة الإسكندرية

الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء بقلم د. عمار على حسن ٢٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

(١)
دون أن يلتفت إليه إعلامنا المشغول بالرقص والطبل والكرة توفى قبل أيام العالم الكبير د. عادل محمود، المتخصص فى الأمراض المعدية، والذى ساهم فى إنقاذ حياة الملايين من خلال إنتاج لقاحات ضد فيروسات الورم الحليمى البشرى المسبب لسرطان عنق الرحم، وفيروس الروتا المسبب للإسهال المفرط عند الرضع. وبينما كان التجاهل يلف الراحل فى صحافتنا المحتضرة، كان الكبار فى العالم يعبرون عن حزنهم العميق لهذا الرحيل، وها هو بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت العملاقة يغرد لنعيه، والإتيان على ذكر إسهاماته العظيمة التى أنقذت الملايين من البشر، لاسيما الأطفال الأبرياء.
(٢)
تصادف وجودى ذات يوم بندوة فكرية استضافتها إحدى الطرق الصوفية تحدث فيها ممثل نافق ثورة يناير فمدحها، ثم ساير الموجة فقدح فيها، ورأيته يقول إن الذاكرة لن تبقى أحدا غير الفنانين، وإن كل الموجودين تحت الأضواء الآن فى السياسة والإعلام وغيرهما سيلفهم النسيان، ثم راح يذكر أسماء الممثلين الكبار الراحلين. لم أستطع السكوت على هذا الهراء، فقلت له: شىء عجيب أن تقول هذا، وكأن الفنان هو فقط الممثل، وليس الفنان التشكيلى والأديب، وكل مبدع فى أى مجال، وكأن الأجيال القادمة ستنشغل بعبدالفتاح القصرى أكثر من انشغالها بطه حسين وسعد زغلول. ولو جرى هذا سنكون قد غرقنا حتى نواصينا فى مستنقع الضحالة والتفاهة. ورغم أننى أستمتع وأقدر دور الممثلين الكبار فى حياتنا، لكننى أضعه فى حجمه الحقيقى، وهم معه، ويبقى لى أنه من المؤسف أن يخط على أفيش الفيلم اسم مؤلف الرواية التى قام عليها العمل ببنط لا يكاد يُقرأ، بينما يكبر اسم أو صورة راقصة لتقتحم عيون الناظرين.
ورحم الله الفنان الكبير، المتسق مع ذاته، عمر الشريف، الذى قال ذات يوم إن الحياة عجيبة لأنها جعلت شخصا مثله شهيرا وثريا، مع أنه لم يفعل سوى ترديد كلمات، لم يكتبها هو، وإعادتها مرات ومرات أمام الكاميرا، بينما هناك من يوجهه فى كل حرف، وكل حركة.
وتذكرت فى هذه اللحظة ما جرى بين العقاد وشكوكو، فالكاتب الكبير حين سأله أحد الصحفيين ذات يوم عن شكوكو، قال: لا أعرفه. فلمَّا نُشر الحوار، اغتاظ شكوكو من جهل العقاد به، فطلب حوارا مع أحد المحررين الفنيين، وقال: أطلب من العقاد الذى لا يعرفنى أن يقف على الرصيف الأيمن فى شارع سليمان باشا، وأنا سأقف على الأيسر فى مواجهته، ولنرى على من يجتمع الناس. ولما وصل هذا القول إلى العقاد، ضحك ساخرا، وقال: لا بأس، ليبق هذا الشكوكو فى مكانه على الرصيف، ولتقف فى مواجهته فتاة عارية، ولنرى على من سيجتمع الناس.
هذه قاعدة يُستثنى منها، بالطبع، ممثلون آمنوا بأن ما يفعلونه يشكل قيمة مضافة للحياة، يتلمس فيها الناس المتعة والفهم والإبانة، وكانوا على دراية ومعرفة، ولم يجعلوا من أدائهم مجرد وسيلة لجمع مال يتيهون به على خلق الله، أو لتحصيل شهرة زائفة.
(٣)
حين تمرد اللاعب عماد متعب على مانويل جوزيه ذات مرة، استدعاه غاضبا، وقال له: أتعجب من غرورك، وكأنك تفعل شيئا مهما، أنت لست مدرسا ولا كاتبا ولا طبيبا ولا مهندسا، إنما أنت، وأنا معك، مثل العاملين فى السيرك، وظيفتنا هى إمتاع الناس بعض الوقت، حتى ينصرفوا هادئين إلى أعمالهم التى تضيف إلى الحياة.
(٤)
أهم ما لفت انتباهى فى مشاركتنا المخجلة فى مونديال روسيا هو لوحة مكتوبة باللغة الإنجليزية، رفعتها فتاة مصرية قبل أن يخوض منتخبنا مباراته الأولى، تقول: «لا نريد كأس العالم، إنما نريد التعليم والصحة وقبلهما الكرامة».

الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء بقلم د. عمار على حسن ٢٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


(١)
دون أن يلتفت إليه إعلامنا المشغول بالرقص والطبل والكرة توفى قبل أيام العالم الكبير د. عادل محمود، المتخصص فى الأمراض المعدية، والذى ساهم فى إنقاذ حياة الملايين من خلال إنتاج لقاحات ضد فيروسات الورم الحليمى البشرى المسبب لسرطان عنق الرحم، وفيروس الروتا المسبب للإسهال المفرط عند الرضع. وبينما كان التجاهل يلف الراحل فى صحافتنا المحتضرة، كان الكبار فى العالم يعبرون عن حزنهم العميق لهذا الرحيل، وها هو بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت العملاقة يغرد لنعيه، والإتيان على ذكر إسهاماته العظيمة التى أنقذت الملايين من البشر، لاسيما الأطفال الأبرياء.
(٢)
تصادف وجودى ذات يوم بندوة فكرية استضافتها إحدى الطرق الصوفية تحدث فيها ممثل نافق ثورة يناير فمدحها، ثم ساير الموجة فقدح فيها، ورأيته يقول إن الذاكرة لن تبقى أحدا غير الفنانين، وإن كل الموجودين تحت الأضواء الآن فى السياسة والإعلام وغيرهما سيلفهم النسيان، ثم راح يذكر أسماء الممثلين الكبار الراحلين. لم أستطع السكوت على هذا الهراء، فقلت له: شىء عجيب أن تقول هذا، وكأن الفنان هو فقط الممثل، وليس الفنان التشكيلى والأديب، وكل مبدع فى أى مجال، وكأن الأجيال القادمة ستنشغل بعبدالفتاح القصرى أكثر من انشغالها بطه حسين وسعد زغلول. ولو جرى هذا سنكون قد غرقنا حتى نواصينا فى مستنقع الضحالة والتفاهة. ورغم أننى أستمتع وأقدر دور الممثلين الكبار فى حياتنا، لكننى أضعه فى حجمه الحقيقى، وهم معه، ويبقى لى أنه من المؤسف أن يخط على أفيش الفيلم اسم مؤلف الرواية التى قام عليها العمل ببنط لا يكاد يُقرأ، بينما يكبر اسم أو صورة راقصة لتقتحم عيون الناظرين.
ورحم الله الفنان الكبير، المتسق مع ذاته، عمر الشريف، الذى قال ذات يوم إن الحياة عجيبة لأنها جعلت شخصا مثله شهيرا وثريا، مع أنه لم يفعل سوى ترديد كلمات، لم يكتبها هو، وإعادتها مرات ومرات أمام الكاميرا، بينما هناك من يوجهه فى كل حرف، وكل حركة.
وتذكرت فى هذه اللحظة ما جرى بين العقاد وشكوكو، فالكاتب الكبير حين سأله أحد الصحفيين ذات يوم عن شكوكو، قال: لا أعرفه. فلمَّا نُشر الحوار، اغتاظ شكوكو من جهل العقاد به، فطلب حوارا مع أحد المحررين الفنيين، وقال: أطلب من العقاد الذى لا يعرفنى أن يقف على الرصيف الأيمن فى شارع سليمان باشا، وأنا سأقف على الأيسر فى مواجهته، ولنرى على من يجتمع الناس. ولما وصل هذا القول إلى العقاد، ضحك ساخرا، وقال: لا بأس، ليبق هذا الشكوكو فى مكانه على الرصيف، ولتقف فى مواجهته فتاة عارية، ولنرى على من سيجتمع الناس.
هذه قاعدة يُستثنى منها، بالطبع، ممثلون آمنوا بأن ما يفعلونه يشكل قيمة مضافة للحياة، يتلمس فيها الناس المتعة والفهم والإبانة، وكانوا على دراية ومعرفة، ولم يجعلوا من أدائهم مجرد وسيلة لجمع مال يتيهون به على خلق الله، أو لتحصيل شهرة زائفة.
(٣)
حين تمرد اللاعب عماد متعب على مانويل جوزيه ذات مرة، استدعاه غاضبا، وقال له: أتعجب من غرورك، وكأنك تفعل شيئا مهما، أنت لست مدرسا ولا كاتبا ولا طبيبا ولا مهندسا، إنما أنت، وأنا معك، مثل العاملين فى السيرك، وظيفتنا هى إمتاع الناس بعض الوقت، حتى ينصرفوا هادئين إلى أعمالهم التى تضيف إلى الحياة.
(٤)
أهم ما لفت انتباهى فى مشاركتنا المخجلة فى مونديال روسيا هو لوحة مكتوبة باللغة الإنجليزية، رفعتها فتاة مصرية قبل أن يخوض منتخبنا مباراته الأولى، تقول: «لا نريد كأس العالم، إنما نريد التعليم والصحة وقبلهما الكرامة».

الوزارة بين سلطة الرئيس ورقابة البرلمان.. «محاولة للفهم» بقلم د. محمد نور فرحات ٢٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

لابد أن يتوقف المهتمون بشأن سيادة القانون والدستور أمام ما نشرته صحيفة المصرى اليوم بتاريخ ٢٤ يونيو عن رفض رئيس مجلس النواب تمكين النواب من استعمال الأدوات الرقابية لمناقشة قرارات الحكومة الأخيرة، بحجة أن الحكومة لم تحز ثقة البرلمان بعد. لقد نشرت الصحيفة ما يلى: «رفض الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، مطالب بعض الأعضاء بالحصول على الكلمة لتوجيه بعض البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة للحكومة. وقال رئيس المجلس، خلال الجلسة العامة، أمس، إن اللائحة تمنع ممارسة النواب حقهم الرقابى، فى ظل عدم حصول الحكومة على الثقة من البرلمان».
ومسألة طرح الثقة فى الحكومة بعد تكليف رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء، استحدثتها المادة ١٤٦ من دستور ٢٠١٤. وكان هدف المشرع الدستورى أن يجعل تشكيل الحكومة مهمة مشتركة بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب من أجل إقامة توازن كان مفتقدا فى الدساتير السابقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وقد يختلف رجال القانون حول جواز حلف الحكومة اليمين أمام الرئيس قبل موافقة البرلمان عليها وعلى برنامجها، وهل موافقة البرلمان على الحكومة وبرنامجها يجب أن تسبق حلف اليمين أم لا؟، ولكل حجته، فقد سكت الدستور عن هذا الأمر، وإن كان الاستهداء بروح الدستور يعين على تفهم النصوص.
تنص المادة ١٤٦ من دستور ٢٠١٤ على ما يلى:
«يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فاذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدٌ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل. وفى جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها فى هذه المادة على ستين يوما... إلى آخر نص المادة».
نلاحظ هنا أن المادة الدستورية قد استخدمت عبارة (يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء) ولم تستخدم عبارة (يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء). المادة ١٤١ من دستور ١٩٧١ كان نصها كالتالى (يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، ويعفيهم من مناصبهم). المغايرة فى اللفظ تعنى المغايرة فى الحكم والمعنى. وقد يفهم من المغايرة فى اللفظ، أن تكليف رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء أصبح بمثابة اقتراح أولى بتعيينه متوقف فى نفاذه على شرط موافقة البرلمان على تشكيل الحكومة وبرنامجها.
صياغة لجنة الخبراء العشرة كانت أكثر وضوحا فى التعبير عن هذا المعنى. إذ استخدمت اللجنة عبارة (يختار رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء). الاختيار هنا هو مجرد إجراء تحضيرى فى قرار سيادى مركب متعدد المراحل. إنه إفصاح من رئيس الجمهورية عن رغبته فى تعيين من يراه جديرا برئاسة الحكومة ينتهى بصدور قرار الرئيس بتعيين الحكومة بعد أن يمنحها البرلمان ثقته. الاقتراح إذن خطوة أولية وليست نهائية فى إجراءات التعيين متوقفة على موافقة مجلس النواب على اسم رئيس الحكومة وعلى الوزراء الذين اختارهم وعلى البرنامج الذى يزمع تنفيذه فى ولايته، (راجع محضر الاجتماع الثامن للجنة الخبراء العشرة المؤرخ فى ٣ أغسطس سنة ٢٠١٣ ص ٣٠ وما بعدها).
بل كان هناك فى لجنة الخبراء العشرة من الأعضاء من تحفظ على استخدام عبارة (يختار رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء) ورأى فى ذلك انحيازا لسلطة الرئيس على سلطة البرلمان ولكون الرئيس حكما بين السلطات، وأن سلطة الاختيار يجب أن تترك لحزب الأغلبية أو الأكثرية البرلمانية (ص ٣٧ من محضر الاجتماع الثامن).
وأيا كان الرأى، فمن الثابت أن رئيس الوزراء وحكومته لا يستقر مركزهما الدستورى إلا بعد انتهاء الإجراءات التى نصت عليها المادة ١٤٦ وهى موافقة مجلس النواب على اسم رئيس الحكومة والوزراء وبرنامجها لأن ذلك أقرب لروح الدستور وحكمته. أما قبل ذلك فنحن أمام مجرد مشروع حكومة لم تستكمل مقوماتها الدستورية بعد، ولا يجوز لها حلف اليمين الدستورية أو مباشرة اختصاصاتها الدستورية ومنها إصدار القرارات الأخيرة التى أحدثت فى المجتمع آثارا اقتصادية غائرة.
فى ضوء هذا الفهم، يصبح موقف رئيس البرلمان من رفضه مناقشة البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة الموجهة للحكومة لأنها لم تحز الثقة بعد، موقفا مفهوما لأننا بصدد حكومة ما زالت فى طور التكوين.
ولأنه لا سلطة بلا مساءلة، فمؤدى ما انتهى إليه رئيس المجلس (وهو صحيح)، أنه ينزع عن الحكومة سلطة إصدار أى قرارات لكونها لم تكتسب ثقة البرلمان ولم يوافق البرلمان على برنامجها. ومؤدى القول بعكس ذلك أن نكون بصدد وضع شاذ تحكمنا فيه حكومة قادرة على إصدار القرارات المصيرية دون أن تخضع لرقابة النواب، وتصبح ثقة البرلمان اللاحقة نوعا من تحصيل الحاصل لأن البرلمان سيكون مجبرا، من الناحية الأدبية على الأقل على إعطاء الثقة لحكومة حلفت اليمين أمام الرئيس، وأصدرت قرارات غيرت وجه الحياة فى مصر. وهذا لعمرى أمر يخالف كل أصول العلاقة بين السلطات سواء فى النظم الرئاسية أو البرلمانية أو المختلطة، وهو أيضا أمر لم يدر بخلد مشرعنا الدستورى الذى أراد بالمادة ١٤٦ التى أشركت البرلمان مع الرئيس فى تشكيل الحكومة، أن يوزع سلطة اختيار الحكومة بين الرئيس والبرلمان، فإذا بالأمر يسفر من الناحية العملية عن انفراد الرئيس بتعيين حكومة تمارس اختصاصاتها دون رقيب أو حسيب.
وختاما يأتى تصريح رئيس مجلس النواب فى الجلسة الأخيرة أن رئيس الجمهورية هو رئيسنا للأبد ومدى الحياة، يأتى هذا التصريح الحماسى خروجا على الضوابط الدستورية لمنصب رئيس البرلمان. ففارق بين الأمنيات السياسية لرئيس المجلس وبين نصوص الدستور الذى أقسم على احترامه. والإعلان عن الأمنيات السياسية من على منصة رئاسة المجلس بالمخالفة للمادة ١٤٠ من الدستور التى تحدد مدة ولاية الرئيس بأربع سنوات لمرتين متتاليتين، يفقد المنصة حيادها، ولا يرضى ذلك الرئيس نفسه حسبما أكد فى أكثر من مناسبة عن التزامه بالدستور فى هذا الشأن.

خالد منتصرجسدك نافذة بهجة لا مخزن لحم - جريدة الوطن - 29/2018

تطوُّر الجسد عبر ملايين السنين لم يكن تطوراً عضوياً فقط، ولكنه كان تطوراً سلوكياً أيضاً. كان الجسد يتطور ووجهة نظر الإنسان فيه تتطور وتتغير هى الأخرى؛ الجمجمة تكبر ويكبر معها التفكير ويتعمق التحليل، يقل الشعر الكثيف من على الجسم فينظر الإنسان إلى نفسه: أنا مختلف، لم أعد أحتاج إليه، ولا إلى المخالب أيضاً، انتصبت قامته فاكتشف العالم، صار إبهامه مفتاح الحضارة. كل ما نحن فيه من تقدم هو نتاج إعادة تشكيل هذا الجسد، الجسد الذى نحتقره وندفنه حياً فى ازدواجية وشيزوفرينيا لا يعانيها إلا نحن فى المجرة. حالات الشيزوفرينيا الصعبة تحتاج إلى الصدمات الكهربائية أو ما يطلق عليه أستاذنا أحمد عكاشة «جلسات تنظيم إيقاع المخ»، ومجتمعاتنا صارت فى أعلى درجات الشيزوفرينيا الاجتماعية والغرغرينا الثقافية!؟ كيف سنتصالح مع العالم ونحن غير متصالحين مع أجسادنا!! نحتقرها، نغنى لها «عشق الجسد فانى»، نتركها تترهل، تتشوه، الرجل يتعامل مع جسده على أنه مخزن نفايات طعام، المرأة تتعامل معه على أنه عورة ونجاسة، فلسفة تعامل مجتمعاتنا مع الجسد بشكل عام هو أنه مشكلة بالرغم من أنه الحل، هو مجرد وعاء من عظم ولحم تتلبسه الروح السامية المحلقة، لماذا تتأنق وتتشيك وجسمك سيأكله الدود؟! هذا هو الرد الإيمانى الذى سيتحفك به من يسمون أنفسهم متأسلمين وهم يذكّرونك كل لحظة بأن جسدك هو عبء تجره معك ولن تتخلص من أثقاله وأدرانه إلا فى القبر!! أما إذا كنت امرأة فكل خلية فى جسدك هى مشروع إبليس، كل دبة قدم هى خطوة إلى جهنم، كل شعرة تظهر هى فتنة لهذا الذكر الرابض خلف الأكمة، وكل كعب قدم وغضروف أنف وطرطوفة أذن هى خصم من رصيدها الإيمانى الذى يصل للصفر بمجرد الولادة، حتى مجرد جلدة البظر هى لعنة لا بد من بترها.
بالرغم من أن الدين الإسلامى يدين ويحرم الانتحار، فإن الإسلاميين يظلون يفخمون ويقدسون ويُجلُّون ويخلدون الانتحارى ما دام جهادياً فجّر نفسه فى الكفرة المشركين، الانتحارى هو قمة التعامل المهين مع الجسد مهما كانت المبررات التى يسوقها هؤلاء المتأسلمون، ما هى فكرة ومفهوم الجسد عند هذا الانتحارى؟! إنه أداة تفجير تؤدى رسالة إيمانية عبر تحويله إلى أشلاء. المتأسلمة التى تجلس على الشاطئ متعطشة للبحر وأمواجه تريد السباحة وتظل تتسحب رويدا رويدا حتى يلمس رذاذ الموج خلسة أطراف جوربها السميك وهى منتشية، وما إن يناديها زوجها ذو اللحية الكثيفة من داخل البحر أن تظل جالسة تحت الشمسية لتراقب ملابس سيادته وشبشبه تعود أدراجها سريعاً وتكتفى بمجرد النظر، أو إذا سمح لها سرعان ما تغامر بالقفز فى البحر بجلبابها فى مشهد يثير الرثاء. أبتسم حينما تقول لى فتاة: أنا أضع المانيكير فقط فى ميعاد الدورة ثم أزيله ثانية حين أبرأ منها!! أو أخرى تظهر بعض خصلات شعرها من تحت الحجاب!! واضعة المانيكير وصاحبة الخصلات المكشوفة وغيرهن هن كائنات مشتتة فى حيرة، واقعات فى أسر ازدواجية تجعلهن فتافيت إنسانة ما بين سندان رغبة إنسانية مشروعة جداً فى الجمال ومطرقة مجتمع يصرخ رجاله: «أنتِ فى قاع النار يا امرأة»، وهو يتلظى ويتحرق شوقاً إليها، جسدها هو وسواسها المزمن وماضيها المشين ومستقبلها المظلم، كيف نتصالح مع العالم إذا خاصمنا أجسادنا؟! سيقول البعض مستنكراً: يعنى نتعرى عشان نعجب العالم؟! إنه ليس العرى على الإطلاق وليست الشهوة أبداً، ولكنه تحويل الجسد إلى طاقة أمل ومخزون بهجة وحافز حياة وبصمة وجود.

Thursday, June 28, 2018

باقى زكى.. مفتاح كسر صهيون بقلم فاطمة ناعوت ٢٨/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


أقفُ أمام نعشِه الأبيض، لأودّع فارسًا عظيمًا ترجّل عن صهوة جوادِه؛ مُغادرًا أرضَنا الطيبة، ليدخلَ كتابَ الخلود. عاش عمرَه المديدَ يعطى وطنَه، غير عابئ بحصد الأوسمة وأنواط التكريم. منح مصرَ مفتاحَ كسر شوكة العدو، غير مكترث بأن يشغلَ صفحةً فى دفتر الشرف. لكنه، إن لم يكترث ولم يعبأ بأن يُحفَر اسمُه فى سجّل النبلاء، فإننا، نحن المصريين، نعبأ ونكترث. ليس من أجل تخليد اسمِه، فاسمُه خالدٌ بأعمال صاحبه، بل من أجل أبنائنا نهتمُّ ونُصِرُّ أن يتعلّم أبناؤنا صحيحَ تاريخ بلادهم، ويعرفوا مَن جاءهم بالنصر ومَن منح وطنهم مفتاح العزّة والكرامة.
رحل الفارسُ العبقرى اللواء أركان حرب مهندس باقى زكى يوسف ياقوت، صاحب فكرة تصديع الساتر الترابى لخط بارليف فى حرب ٧٣، وابن الكلية الجميلة، التى أتشرّف بالتخرج فيها: هندسة عين شمس. رحل فى هدوء تاركًا مصرَ وقد حطّمت أسطورةً نسجها صهيونُ أمام العالم عن حصن منيع لا يسقط، فأسقطته فكرةٌ نيّرة أشرقت فى عقل ذلك المهندس اللامع. تصدّع الساترُ الترابيّ أمام شلالات المياه الهادرة من المضخّات، كما تتصدّع ورقةُ شجر يابسة تحت أقدام الفرسان، وعبر جيشُنا الباسل إلى حيث ثكنات العدو، ودحرناه، ليرتفع علمُ مصر زاهيًا، وتصدح أغنياتُ العبور من مذاييع البيوت فى كل أرجاء الوطن.
كلُّ ما سبق جميلٌ وماجدٌ وفاخر. ولكن، من غير الجميل ألا يعرفَ صغارُنا ذلك الجمالَ وألا يعرفوا صُنّاعَه. ليس جميلا ألا يعرفَ النشءُ المصريُّ الجديد اسمَ ذلك الضابط العظيم الذى كسر أنفَ صهيون: اللواء «باقى زكى يوسف ياقوت”! ليس جميلاً ألا يعرف النشءُ المصريُّ الصغيرُ اسمَ العميد: «شفيق مترى سدراك»، والرقيب: «محمد حسين محمود»، أول شهيدين فى حرب أكتوبر الشريفة! وكأن اللهَ تعالى قد شاءت حكمتُه أن ترتوى أرضُ مصرَ، فى أولى ساعات الحرب، بدماء رجلين نبيلين تنوّعا فى العقيدة، واختلفا فى الرتب العسكرية، واتفقا فى حب مصر. شهيدان كريمان، ينظران إلى الله الواحد الأحد من زوايا مختلفة، وينظران إلى الوطن العزيز من زاوية مشتركة.
لو تعلّم صغارُنا مبكرًا، درسَ الوطنية الرفيع هذا، فى سنوات أعمارهم الأولى، أُجزمُ مطمئنةً أن فيروس الطائفية الكريه لن يقدرَ على إصابتهم فى مقبل أيامهم، فيكونون رجالا نبلاء صالحين مُشرّفين لأوطانهم نافعين للإنسانية.
لكل ما سبق، كتبتُ هنا فى زاويتى بجريدة المصرى اليوم، منذ سبع سنوات، فى مايو ٢٠١١، مقالا ناشدتُ فيه وزيرَ التعليم آنذاك بأن يُدرج اسمُ هذا الباسل القبطى العظيم باقى زكى يوسف فى مناهج التعليم ليعرف النشءُ الصغير عظماءَ بلادهم العظيمة. وها أنا أعيدُ طلبى اليومَ للدكتور المثقف الصديق طارق شوقى، وزير التعليم، مضيفةً اسمى الشهيدين البطلين، وأنا واثقة أنه لن يرد رجائى. كما أتمنى من دولة رئيس الوزراء، الصديق وزميل الدراسة مهندس مصطفى مدبولى، أن يأمر بإقامة تماثيل شرفية فى ميادين الوطن، لأولئك العظماء الذين صنعوا مجد مصر بعقولهم ودمائهم. تعليم النشء الصغير أول دروس الوطنية هو الضامن، لأن ينشأ هذا الصغير غير متطرف.
أؤمن أن إضافة مثل تلك الرموز الناصعة إلى الوعى الجمعى، ليس وحسب إضاءة مناطقَ مشرقةٍ من تاريخنا المصرى المشرّف أمام عيون الصغار، بل أيضًا تعليمهم درسًا مهمًّا فى المواطَنة. كونها علاقةً بين مواطن شريف، ووطن يحتضن الجميع، من دون أن يسأل عن عقائدهم. ذاك أن العقيدةَ شأنٌ فرديٌّ بين الإنسان وبين السماء، بينما الهويةُ المجتمعية والمواطَنهُ شأنٌ جمعيّ يُتوّجُ الجميعََ بهالة من نور تقول بصوتٍ عال وفخور: هذا المواطنُ، مصريّ.

خالد منتصر - فريدة ونانسى ونور.. تاء التأنيث ثورة لا عورة - جريدة الوطن - 28/6/2018

فى ظل الإحباط والاكتئاب، الذى شعرنا به مع منتخبنا القومى لكرة القدم بعد الخروج المهين من الدور الأول لكأس العالم، امتدت أيادى بنات مصر الناعمة لتربت على أكتافنا بحنان الأم المزروع فطرياً فى كل أنثى هى دوماً رحم الأمان حتى لوطنها الكبير، خرجت علينا السبّاحة فريدة عثمان بابتسامتها الجميلة لتهدينا ذهبية السباحة، وأطلت علينا نانسى طمان، بطلتنا الرشيقة لتهدينا ذهبية الجمباز، ولهثت أنفاسنا مع مضرب نور الشربينى الساحق الماحق، تتوجه قطرات عرقها المتلألئ لتضع فى أعناقنا طوق ياسمين انتصارها فى بطولة العالم للإسكواش، غنينا مع صلاح جاهين «البنات البنات ألطف الكائنات»، كنا نغنيها بألسنتنا، لا تتجاوز حناجرنا، عرفنا معناها اليوم، وعرفنا أن المبدع «جاهين» كان يمتلك البصيرة والنبوءة، إنه حتماً سيأتى اليوم الذى تمد فيه البنت المصرية طوق النجاة لتنقذ مصر من كآبة اليأس، حتماً ستنتفض «بهية» وتخرج كما فى نهاية فيلم «العصفور»، لتصرخ فى الجموع المنكسرة المنهزمة المأزومة، حنحارب، حنحارب كل ما هو قبيح ومؤلم ومحبط، حنحارب فقر الروح وفقر الفكر، حنحارب جدب البهجة وتصحّر الوجدان، وجهت فريدة ونانسى ونور رمح التحدى فى وجه تيارات الفاشية الظلامية التى طالما مسحت عقل مصر ومسخت روحه وصورت للبنت أن جسدها عبارة عن كتلة لحم مشتهى، عليه أن يستقبل كبت الفحول وعقدهم النفسية وعصابهم وازدواجيتهم ونفاقهم، خرجت كل منهن لتعلن للعالم أن الجسد طاقة روح ونافذة بهجة وأداة إنجاز وركيزة أمل ودعامة حلم، أن البنت ثورة لا عورة، أنها نور شمع لا ظلام قمع، فريدة تسبح، لا تلاطم الماء ولا تقاوم التيار فحسب، لكنها تلاطم الجهل وتقاوم التخلف أيضاً، «نانسى» لا تروض الجسد فقط، ولكنها تروض معه الضباع البشرية التى حولت مصر إلى سرادق عزاء ووكر خفافيش وكهف غربان، «نور» لا تضرب كرتها العنيدة فى الحائط الصلب الصلد، ولكنها تضرب معها كل أوهام التفوق الذكورى الساذج، الذى عاش فى أسطورة النصف إله، الذى يستخدم الجاريات المحظيات، لتدليك فحولته ودغدغة كبريائه وزغزغة غروره المزمن، علينا أن نفرح بهن، ونحتفل معهن بانتصاراتهن، ويا ليتنا نصل إلى هذا السر الأنثوى الغامض، الذى كشف عورة مجتمعنا فى لحظة فارقة، كنا قد ظننا فيها بأننا من الممكن أن نتجاوز كساحنا على كافة المستويات بساق واحدة اسمها الرجل، شكراً لتاء التأنيث على جرعة الأمل التى عالجتنا من إدمان الوهم.

Wednesday, June 27, 2018

خالد منتصر - مصر غرفة فندق أم بيت وطن؟ - جريدة الوطن - 27/6/2018

القصة ليست قصة مباراة انتهت بالهزيمة أو كأس عالم انتهى بالخروج أو حلم تحول إلى كابوس، القصة أكبر من ذلك وتتجاوز تلك التفاصيل، إنه ليس عدم الانتصار فى لعبة رياضية، وإنما الهزيمة فى الانتماء لوطن، صرنا نتعامل مع الوطن تعامل عابر السبيل أو مُحدث النعمة مع غرفة الفندق التى يحجز فيها يوماً ويمر، حتى رقم الغرفة لن يتذكره إلا إذا سأله عنه مدير المطعم وقت الإفطار، لا مبالاة نزيل الغرفة تظهر بصماتها فى الهرجلة والسرير المنعكش وبقايا الطعام التى على الموكيت وفوط وبشاكير الحمام الملقاة على السيفون وأرضية البانيو، التكييف المفتوح على البلكونة المفتوحة، الحذاء الملقى فى الثلاجة والجوارب الموضوعة على صينية الشاى!!، وكأن نوبة جنون أصابت ساكن الغرفة!، هذا هو حالنا الآن مع هذا الوطن، الجميع يتعامل معه كفريسة ينهشها من كل جانب، يتصرف مع مصر كعبء لا كمسئولية.
ما حدث فى مونديال روسيا تلخيص مصغر لهذا السيناريو الكئيب، الماتش يروح وييجى على رأى المصريين، لكن الذى يروح ولا يجىء هو هذا الانتماء، هو هذا الاسم واللقب الذى تحمله، مصرى، هذا هو ما أحس وأشعر أن الكثيرين صاروا يتعاملون معه كأنتيكة أو قطعة روبابيكيا لا بد من التخلص منها بأبخس الأسعار، رئيس نادٍ كبير يتعاقد ويتحدث عن صفقات للاعبين ما زالوا هناك فى كأس العالم فى انتظار مباراة مع منافس يشرف عليه المشترى ومهندس الصفقة!!، ماذا تسمى هذا التصرف؟؟، عضو اتحاد كرة وكان رئيساً للبعثة يضحك ملء شدقيه فى المدرجات عند هزيمتنا من روسيا «وله نِفس يهزر ويضحك ويرسل فيديوهات وإنستجرام»!، إنه سلوك وروح عابر السبيل نزيل غرفة الفندق لا صاحب البيت، إدارة تصر على الشيشان كمكان إقامة وتتحدث عن مكانته فى الجهاد الإسلامى وكأنها ذاهبة لغزوة وليس لتنافس رياضى، وترضى أن تسافر أربع ساعات للمباراة مجاملة لصاحب المكان الذى عليه علامات استفهام سياسية ورطت معها الزهرة الوحيدة التى نتباهى بها فى العالم ورطة سياسية لا داعى لها على الإطلاق وسببها الوحيد هو الحماقة!!، إنها روح ساكن غرفة الفندق اللى رايح فـ «يكتّر من الفضايح»!.
تعلمنا أن اللاعب مقاتل و «بياكل النجيلة وبيلعب بروح الفانلة».. إلى آخر ما كنا نعتبره بديهيات رياضية، لكننا فى هذا المونديال اكتشفنا مصطلحات جديدة وهى اللاعب المقموص من زميله، واللاعب الناكز لزميله، واللاعب الحاقد على زميله!!، كنا قد تعلمنا من كابتن لطيف أن «الكورة أجوان» وأن المستطيل الأخضر هو الفيصل، ولم نتعلم أن «الكورة شماعات»، تارة نعلق فشلنا على سفر فنانين، وتارة نعلقه على إصابة كتف صلاح، ودوماً نعلقه على شماعة النحس.
متى نحس أن الوطن بيت دائم وليس غرفة فندق ترانزيت؟!.

Tuesday, June 26, 2018

كأس العالم.. لا تحزنوا هذا هو مستوانا بقلم محمد أبوالغار ٢٦/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

أرسلت هذه المقالة قبل مباراة مصر والسعودية فى كأس العالم وبغض النظر عن نتيجتها التى ليس لها أهمية أكتب لماذا حدث هذا ولماذا كل هذا الإحباط؟
أولاً: كرة القدم أكبر لعبة شعبية فى العالم لسهولة قواعدها وقلة تكاليفها، فالهواة يلعبونها فى الشارع والمدرسة والنادى ولا تحتاج زيا معينا ولا حتى حذاء أحياناً. وشعبيتها كبيرة لأن هناك فرصة لأضعف الفرق أن يهزم أقواها ببعض التوفيق، وهو ما لا يمكن حدوثه فى كرة السلة مثلاً: دائماً هناك أمل للفرق المتواضعة المستوى.
ثانياً: بالتأكيد الإحباط والحزن أصاب مصر كلها وأنا أولهم. الشعور الطاغى بالأمل غير الواقعى فى الفوز كان ضد كل الحسابات والتوقعات والتصنيفات العالمية لمستوى فريقنا. ولكن كان عندنا أمل لأنه ببعض من التوفيق كان من الممكن أن تكون النتيجة فى صالحنا وهو ما يحدث أحياناً فى كرة القدم وشاهدنا فرقا كبرى تهزم وفرقا ضعيفة تفوز. ولكن فريقنا مستواة معروف واللاعبون بذلوا أقصى الجهد ولم يوفقوا. نشاهد بصعوبة بعض مباريات الدورى المصرى لضعفه الشديد وكلنا نشاهد الدوريات الأوروبية المتقدمة بمراحل على شاشات التليفزيون فى البيوت والمقاهى ونعرف الفارق فى المستوى جيداً.
ثالثاً: حال كرة القدم فى مصر مماثل لحال مصر عموماً، فلماذا يكون عندنا كرة قدم متميزة فى ظل تعليم متدهور ورعاية صحية ضعيفة واقتصاد يعانى من مشاكل هيكلية كبيرة وأزمة فى المرور وغيرها الكثير.

حالة الإحباط العام والضغوط النفسية الشديدة أدت إلى أن أصبح مفتاح الخروج من أزمة مصر هو الفوز فى مباراة كرة قدم. ولذلك انتظرناه وحلمنا به دون أى تفكير واقعى، لأنه حتى فوزنا بكأس العالم لن يحل مشاكل مصر المتراكمة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وديمقراطياً.
رابعاً: مصر فيها أفراد متميزون البعض منهم يبدع داخل الوطن برغم كل الصعوبات والإحباطات بقدر ما يمكنه، والبعض يبدع أكثر خارج الوطن كجزء من منظومة متميزة. وهذا أيضاً يحدث فى كرة القدم. محمد صلاح أبدع فى مصر وانتقل إلى منظومة أكثر تقدماً فى إنجلترا فأصبح نجماً عالمياً. فى كرة القدم هؤلاء الأفراد قد يصنعون الفارق ويعطون الأمل. ولكن أى منظومة داخل مصر لها حدود وسقف فى التفوق.
خامساً: يجب أن نعترف أن هذا هو مستوانا الحقيقى فى الأداء عموماً وكرة القدم والرياضات الجماعية تحتاج إلى مجتمع متكامل ليعطى شيئاً. أملنا هو فى الرياضات الفردية لأن فردا واحدا نابغا فى السباحة أو التنس أو العدو أو غيرها قادر بموهبته وتدريب خاص فى الداخل والخارج أن يحقق شيئاً بعيداً عن عك المنظومة الرياضية فى مصر وهذا التفوق الفردى لا يلزمه تقدم اقتصادى ولا تحسن فى التعليم والصحة ولا توقف الفساد والفوضى.
سادساً: ازداد غضب المصريين وزاد الإحباط بسبب سوء تصرف اتحاد الكرة وعدم مراعاة مشاعر الناس حين قرر سفر عدد كبير من نواب الشعب على حساب الشعب، وهو أمر مستفز. ثم سافر عدد من الممثلين على حساب شركة حكومية، يعنى على حساب دافعى الضرائب. غريب أمر هذا البلد حين تهاجم إحدى نائبات البرلمان وكذلك نقيب ممثلى الشعب المصرى لأنه طالب بأقل القليل من حقوقه وهو عدم سفر أحد على حسابه. حقاً إنه شىء له العجب!! ثم فوضى اتحاد الكرة بدأ بخناقة بتهمة فساد قبل السفر تنتهى بالصلح فى روسيا وفوضى فى معسكر اللاعبين، وكل ذلك حدث مثله منذ عدة سنوات وكانت فضيحة كبرى فى السودان والغريب أننا لم نتعلم الدرس وكررنا نفس الأخطاء بسبب الأنانية والمظهرية وعدم الشفافية. وسبق ذلك كله فوضى فى الإعلام الرياضى وكمية بذاءات وشبهات فساد طالت الجميع فى ظل غياب تام لتطبيق جميع القواعد والقوانين.
وأخيراً شكراً لجماهير مصر التى سافر منها ثلاثون ألفاً على حسابهم الخاص لحضور المباراة وشكراً للملايين الذين شاهدوها باهتمام وحماس وحب أمام التليفزيون وتوقفت الحياة خلال المباراة فى كل مصر والجميع فى الوطن وخارجه محلقين أمام الشاشة فى المقاهى والشوارع والنوادى والبيوت يتمنون فوز مصر وكانت الدولة المصرية كلها تتمنى ذلك حتى يفرح المصريون قليلاً وتخف حدة الغضب على ظروفهم ولكن هذه هى كرة القدم بحلوها ومرها.
يا مصريون، لا تحزنوا. معرفة الواقع هى أولى درجات الإصلاح. كرة القدم جزء من مصر ولن ينصلح حالها إلا إذا انصلح حال مصر والمصريين.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

خالد منتصر - المصلحة الراجحة «أُول سايز» وحسب الطلب - جريدة الوطن - 26/6/2018

ما إن أصدر ولى العهد السعودى قراره الحضارى بالسماح للمرأة بقيادة السيارة حتى وقع شيوخ السعودية فى «حيص بيص»، فقد ظلوا سنين وسنين يعتبرون أن قيادة المرأة للسيارة رجس من عمل الشيطان وإنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ثم إذ فجأة تبدّل الحرام فصار حلالاً بلالاً، وتغيّر الرجس الشيطانى فصار ضرورة ملائكية، وصار المعلوم بالضرورة مسموحاً وممرَّراً ومبرَّراً بـ«الضرورات تبيح المحظورات»! بعد أن كان درء المفسدة مقدماً على جلب المصلحة، وبالطبع كانت قيادة السيارة مفسدة تفتح عمل الشيطان، وذلك قبل قرار ابن سلمان! صدر بيان هيئة كبار العلماء ونُشر أمس فى الصحف السعودية، وبالطبع اعتمد وراهن على ذاكرة السمك العربية التى سرعان ما تنسى، ولكن شكراً لجوجل أن ساعدنا على علاج تلك العاهة فى ذاكرتنا المثقوبة، فصرنا لا ننسى والحمد لله، قال البيان ونشرت الصحف التالى:
أكدت هيئة كبار العلماء فى السعودية أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة فى البلاد اتُخذ من قبَل ولاة الأمر «بناء على ما رأوه من المصالح الراجحة فى هذا الموضوع، وبعد أن أخذوا برأى أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء الذين أفادوا بأن الأصل الإباحة».
وأوضحت الهيئة، عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أمس، أن الدولة سنّت من الأنظمة «ما يكفل المحافظة على قيمنا الإسلامية التى تميز بها هذا الشعب السعودى الكريم الوفىّ لدينه وقيادته ووطنه»، داعية الجميع «إلى تقوى الله ثم التقيد بالأنظمة والتعليمات».
والسؤال لهيئة كبار العلماء: أين كانت تلك المصلحة الراجحة مخبوءة طوال قرن كامل يا مشايخنا الأجلاء؟؟! هل كانت فى طبقة جيولوجية لم تظهر إلا عند صدور قرار ولى العهد؟ هل كانت تلك المصلحة فى مغارة على بابا تنتظر «افتح يا سمسم» السليمانية كى تغيروا رأيكم؟ هل تغيرت المرأة السعودية فجأة وصار حوضها لا يرتد فيفعص المبايض كما قال الشيخ اللحيدان؟! هل الغدة التى كان الشيخ العريفى قد نسى اسمها قد ضمرت وهى التى كانت تسبب الجنون والهبل والهطل للمرأة مما لا يسمح لها بالقيادة وسط الرجال الفحول العاقلين؟! هل تغير كل شىء فجأة كما تغير رأيكم من قبل فى المذياع والتليفزيون الذى ينشر الفحش، والدراجة النارية النى كانت تحمل شيطاناً، والقهوة التى كانت محرمة كالخمر؟؟! أفيدونى بالله عليكم، ما هو ميعاد ظهور المصلحة الراجحة؟ وهل هى كهلال رمضان مثلاً لها ميعاد قمرى محدد؟ أم هى كالمغص الكلوى يداهمنا دون ميعاد؟ نريد أن نعرف حتى نفهم ميعاد ومكان ظهور المصلحة الراجحة حتى نزورها طبعاً بعد إذنكم الكريم.

Sunday, June 24, 2018

العوامل المؤثرة فى تكوين الشباب (٢) بقلم الأنبا موسى ٢٤/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

ذكرنا فى الأسبوع الماضى أن هناك مؤثرات جديدة تتجاذب شبابنا، يجب أن ندرسها، ونتفاعل معها، ونساعد شبابنا فى التعامل الجيد معها، وكأمثلة لهذه المؤثرات: الإنترنيت والموبايل ومواقع التواصل الاجتماعى، والفيس بوك، والانستجرام.. لذلك وجدنا أنه لابد من أن نتحدث عن:
■ كيف نخدم الشباب فردياً؟
إن كانت هذه الدراسة تقدم لنا بعض عينات من سلوكيات الشباب، فنحن نضعها كلبنات يستخدمها الرب أثناء خدمتنا للشباب فرديًا. ومن المهم أننا- بعد أن نلتقى بالشباب- نعود إلى هذه التصنيفات، لنعرف من أى نوع هم، لنقدم لهم الخدمات التى يحتاجونها.
العمل كله هو لله.. ونحن نصلى، ونقرأ، وندرس، ونجتهد.. لكن الله تعالى هو العامل فينا وفيهم، يرشدنا ويعمل فينا وفيهم، بروحه القدوس.. لذلك علينا أن:
١- نقف أمام الله باستمرار فى حياة صلاة مستمرة.
٢- ليرشدنا الرب إلى ماذا أقول لهذا الشاب أو ذاك.
٣- وليعطينا القوة فى الكلمة، لتكون فعالة، وتؤتى ثمرها فينا، وفى النفوس التى نخدمها.
وما لم نفعل ذلك، نفقد نعمـة الله، وروحه القدوس، فالإنسان محدود، ليس فيـه سوى الضعف والجهالة. والله هو الذى يعطينا القوة والاستنارة.
وهذا الكلام ليس مجرد تمهيد للحديث، بل هو القاعدة الجوهرية، التى بدونها ينهار البناء كله... الصلاة، وطلب الإرشاد، وطلب المعونة والقوة من الله، للخادم والمخدوم، أمور هامة.. فالنصائح سهلة، والمعلومات متوفرة، والكتب كثيرة.. لكن المهم هو القوة الإلهية العاملة فى البشر.
■لماذا نهتم بالشباب فردياً؟
١- لأن النفس الواحدة، ذات قيمة غالية جداً عند الرب: فالرب يعطينا كل محبته. ولأن محبة الرب لا نهائية، فإذا ما حاولنا تقسيمها على عدد كبير من البشر، تظل أيضاً لا نهائية.
لذلك فكل نفس لها فى قلب الله محبة لا نهائية. ومع أننا أحيانًا نتهاون مع النفس الواحدة حينما تضيع، إلا أن الله يجد فى هذه النفس، إنسانًا غاليًا وثمينًا، ولن يهدأ- تعالى- حتى يحاول بكل الطرق أن يرجعه إليه، ليضمه ثانية إلى القطيع، ويأتى به إلى المراعى الخضراء، ومياه الراحة. والراعى الصالح كل نفس هى غالية لديه، وهذا إحساس الله نحو كل إنسان! فهو يحب الجميع!.
٢- إن كل نفس فيها وزنات هامة: ولا يوجد إنسان بدون وزنات. والأحياء المعاقون جسديًا، عندهم وزنات كثيرة، وبعد أن كنا نسميهم ذوى الحتياجات الخاصة صرنا نسميهم ذوى القدرات الخاصة. وبالفعل مهما كانت الإعاقة الجسدية، هناك قــدرات ذهنية ونفسية وروحية ومهــارات أخـــرى تعويضية! فيتصاعد الشكر من قلوبنا للرب المحب، الذى أعطانا العقل والصحة، كما يجعل الإنسان يشعر بأنه ليس هو من يلد نسلاً، ولكن النسل هو عطية الله.
٣- كل إنسان لديه وزنات، ودور خاص فى الحياة...والبشر- على اتساع الأرض- لديهم مواهب، وطاقات، وقوى كامنة‍.. وعلينا كخدام أن:
أ- نكتشف هذه الطاقات.. ب- ونقوم بتشغيلها.. ج- وننسق فيما بينها.. د- ونتابعها.. هـ- وننميها.. وذلك من خلال عمل الله معنا وفينا وهذا لا يتأتى إلا من خلال إنسان يؤمن بقيمة النفس ووزناتها، ويحاول بالصلاة والأمانة اكتشافها وإفادة الجسد الواحد منها.
٤- وهناك أيضاً فـروق فرديـة بين النفوس: فالعظة الجميلة التى نقدمها فى الاجتماعات، يختلف تطبيقها لدى كل نفس، حسب: شخصيته، وظروفه، وطبيعته، ومشاربه، ومشاكله: الشخصية والأسرية والمجتمعية.
هناك تنوع كبير- إذن- بين الشباب، وإذا كنا قد قدمنا كلمة عامة للجميع فى الاجتماع، يحتاج كل شخص إلى كلمة خاصة تناسب ظروفه، واحتياجاته، ومواهبه.. وذلك من خلال الخدمة الفردية، وزيارات الافتقاد. وهذا حديثنا القادم إن شاء الله.
(يتبع).
* أسقف الشباب العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية



خالد منتصر - السعودية تقود السيارة بعد 85 سنة من قيادة المصرية للطائرة - جريدة الوطن - 24/6/2018

سعادتى لا توصف بحصول المرأة السعودية أخيراً على حقها البديهى الشرعى الإنسانى فى قيادة السيارة كخطوة موازية لخلع النقاب الذى بدأت الكثيرات منهن فى خلعه، وحزنى أيضاً لا يوصف بما حدث للمرأة المصرية من ظهور دعوات رجعية، مثل تشجيع الزوج على الزواج من أربعة، ومناداة أعضاء برلمان بضرورة الختان، وظهور قانون الأحوال الشخصية الجديد الذى سيخصم من مكتسباتها التى حاربت من أجلها عشرات السنين، وانتشار النقاب فى شوارع المحروسة بصورة لافتة للنظر، رغم أننا دولة تعانى من الإرهاب، وكشف الهوية فى تلك الظروف هو بديهية أمنية وإنسانية ملحة، لذلك لا بد ألا تنسينا احتفالات المرأة السعودية بهذا الانتصار المستحق أن المرأة المصرية منذ 85 سنة قادت الطائرة!.
سيناريو المقارنة يفرض نفسه، ليس لضرب كرسى فى كلوب فرحة المرأة السعودية، فنحن فرحون معها وإلى جانبها، ولكن المقارنة للحسرة على التراجع والتقهقر وتزييف الوعى الذى حدث للمرأة المصرية، فأصبحت تسعى لقيودها، وباتت تكافح من أجل قهرها وسجنها، وتخدع نفسها بأن الكلبشات هى أساور ذهبية وغوايش زفاف!.
لذلك لا بد أن تدرّس سيرة حياة لطفية النادى فى المدارس حتى يعرف الأطفال أنه فى سنة ١٩٣٣ طارت بنت مصرية جسورة شجاعة متحررة مستقلة فخورة بأنوثتها لا تخجل من تاء تأنيثها معتزة بكونها امرأة، طارت من القاهرة إلى الإسكندرية، وفى رحلاتها التى كسرت بها حاجز الزمن والخجل والقهر والقمع صحبت والدها الذى كان رافضاً فى البداية لقرار الطيران لكى يعرف أن الأنوثة ليست إعاقة. امرأة حديدية عنيدة لم تيأس حين رفض الوالد قرارها فى البداية ومنع عنها الدعم المادى فضلاً عن الدعم النفسى، فلجأت إلى «كمال علوى» مدير عام مصر للطيران، وعندها قرر دعماً لها أن تعمل فى المدرسة وبمرتب الوظيفة يمكنها سداد مصروفات تعلم الطيران، فى سن السادسة والعشرين قررت هذه الفتاة المصرية الجميلة التى تنتمى إلى ثقافة تترجم المرأة فى هذه السن إلى حمل ورضاعة وعزلة وماكينة تناسل، كانت لطفية تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعياً دون علم والدها، إلى أن حصلت على إجازة طيار خاص سنة 1933، وكان رقمها 34، أى لم يتخرج قبلها على مستوى مصر سوى 33 طياراً فقط جميعهم من الرجال، لتكون بذلك أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة، تَمكّنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع مستر كارول كبير معلمى الطيران بالمدرسة، فتعلمت الطيران فى 67 يوماً، اشتركت لطفية فى سباق الطيران الدولى وحصلت على المركز الأول ولكن حُجبت عنها الجائزة لخطأ فنى بسيط، لكن أرسلت لها هدى شعراوى برقية تهنئة قالت فيها «شرّفت وطنكِ، ورفعت رأسنا، وتوجت نهضتنا بتاج الفخر، بارك الله فيكِ».
وبمناسبة هدى شعراوى لا بد أن تعرف البنت المصرية الآن كيف كانت هذه السيدة العظيمة تدعم بنات بلدها، تولت هدى شعراوى مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطفية لتكون سفيرة لبنات مصر فى البلاد الأجنبية التى تطير فيها، انفتح الباب بعد ذلك لبنات مصر لخوض التجربة فلحقت بها «زهرة رجب» و«نفيسة الغمراوى» و«لندا مسعود» و«بلانشى فتوش» و«عزيزة محرم» و«عايدة تكلا» و«ليلى مسعود» و«عائشة عبدالمقصود» و«قدرية طليمات»، ومنذ ١٩٤٥ توقف هذا المد النسائى العظيم حتى عادت البنت المصرية على استحياء وبنضال صعب وقاس فى مجتمع صار يعتبرها عورة شيطانية متحركة.
نقول ألف مبروك للمرأة السعودية، وسنقاوم أن نقول لا عزاء للمصرية، لأن المرأة المصرية قوية ولن ترضخ لتلك الفاشية الدينية التى تريد حبسها وقتلها وتزييف وعيها، كل ما تعانى منه المرأة المصرية الآن قشرة لم تصل بعد إلى نواة الوعى وجوهر الروح، قبلة على جبين البنت والمرأة المصرية الوضّاء الذى لن ينحنى لرياح التخلف أبداً.

Saturday, June 23, 2018

د.حواس- د.طارق طه.. شكراً! بقلم د. وسيم السيسى ٢٣/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

قرأت يوماً للدكتور لويس عوض أن الشعب البريطانى شعب «بزرميط» لأنه من سلالات عدةAnels- Saxons- Normsns: Viking.. E.C.T بينما الشعب المصرى هو أنقى شعوب العالم لأنهم أحفاد المصريين القدماء.
كما قرأت لـ Stamp: المشكلة فى مصر ليست فى غزوها، بل فى الوصول إليها! فنادراً ما تجد شعباً متماثلاً فى شكله الظاهرى، بل وفى طباعه وأخلاقه، بل وفى مزاجه أيضاً مثل الشعب المصرى!
ويقول فلاندرز بثرى: بالرغم من الغزوات الكثيرة التى مرت على مصر، إلا أنه كان تغييراً فى الحكام، ولم يكن تغييراً فى جنسية مصر، ذلك لأن بحر مصر الجينى الكبير، كان يذيب أى جينات وافدة، خصوصاً أن الغزاة لم يكونوا يخالطون إلا بعض الأسر الكبيرة، بينما كانوا يترفعون عن عامة الشعب. كل هذه الآراء ينقصها الدليل العلمى، مما دعا بعض الجهلاء والأعداء أن يدعوا أننا لسنا أبناء هؤلاء الأجداد العظماء الذين علموا العالم التوحيد منذ الأسرة الأولى، كما علموا الدنيا كافة العلوم من هندسة، فلك، معمار، طب، موسيقى.. إلخ.
إليكم هذه الأدلة التى تخرس أى لسان:
١- فى المجلة الأمريكية للجينات البشرية بتاريخ ٢٥ يونيو ٢٠١٥ تجد بحثاً لعلماء كمبريدج مارك جوبلنج، كفرسيلد، لوقا باجامى، تحت عنوان: المصريون فينا جميعاً «أوربيين وأسيويين» منذ ٥٥ ألف سنة Egyptians In All Of Us.
٢- فى بحث لعالمة الجينات الأمريكية مارجريت كندل «١٩٩١-١٩٩٩» على الجنس الآرى «الألمان»، اليهود، المصريين، وجدت أن جينات المصريين فى المسلمين والمسيحيين واحدة فى ٩٧.٥٪ من العينات التى أخذتها.
٣- فى مجلة Jama العالمية الخاصة بالبحوث العلمية عن أصل الحضارات، تجد بحثاً بتاريخ ١٧ فبراير ٢٠١٠ بعنوان Ancestry And Pathology In King Tutankhamon،S Family وأصحاب هذا البحث مجموعة من علماء مصر وعلماء من ألمانيا، من علمائنا:
أ.د. زاهى حواس ود. يحيى زكريا بالمركز القومى للبحوث، أ.د. سمية إسماعيل أستاذة Clinical Pathology، بقصر العينى، وكانت نتيجة هذه البحوث والتى جرت على إحدى عشرة مومياء من أسرة توت عنخ آمون، أن ٨٨٫١٪ من جينات هؤلاء الأجداد تسرى فى جيناتنا، فنحن أحفاد هؤلاء العظماء. أخيراً فى ١٣ إبريل ٢٠١٦ بكلية طب القوات المسلحة، تم مناقشة البحث الذى تقدم به أ.د. طارق طه عميد طبيب، ورئيس قسم المناعة والبصمة الوراثية بالقوات المسلحة، وكان لى شرف أن أكون أحد المناقشين لهذه الرسالة التى جمعت عينات من جينات المصريين أضعاف ما جمعته مارجريت كندل وكانت نتائج بحوث الدكتور طارق طه:
أ. جينات المصريين من مسلمين ومسيحيين واحدة فى ٩٧٫٥ % من العينات، وهذا ما توصلت إليه مارجريت كندل.
ب. ٨٨٫١٪ من جينات توت عنخ آمون فينا جميعاً كمصريين.
كلمة أخيرة للصهيونية العالمية، ماذا عن جينات الفلاشا، السفرديم، الأشكناز، وجينات الخزر، وما أدراك ما الخزر.. نقول ولا نسكت؟!.


خالد منتصر - العالم الذى جهله المصريون وكتب نعيه «بيل جيتس» - جريدة الوطن - 23/6/2018

أن يكتب مؤسس مايكروسوفت «بيل جيتس» نعى شخص، وأن ترثيه «النيويورك تايمز» فى افتتاحيتها، وأن يتصدر اسمه نشرات الأخبار الأمريكية، فهذا يعنى أن هذا الشخص ليس مجرد اسم ينتسب لأمريكا، ولكنه شخص مؤثر على مستوى العالم، إنه العالم المصرى الرائع العظيم د. عادل محمود الذى نذر حياته من أجل إنقاذ البشرية باللقاحات، لم أجد أفضل من باحث مصرى كان د. عادل محمود هو السبب فى تغيير حياته العلمية لكى يكتب عنه، أرسل لى الباحث الصيدلى المجتهد د. شريف أبوالحديد رسالة عن هذا الراحل العظيم يقول فيها:
رجل برحيله ينطفئ نور المعرفة ويتوهج فى نفوس الطلاب ألم الفُرقة والعزاء، فقدَ مجال العلوم الحيوية بصيرته وفكره وعقله، فقدَ العالم الأستاذ الدكتور عادل محمود. وُلد الأستاذ العظيم سنة 1941، ويحكى أن أباه -المهندس الزراعى عبدالفتاح محمود- أصيب بالالتهاب الرئوى، وطُلِب من عادل -الذى كان فى العاشرة من عمره آنذاك- الذهاب لإحضار البنسلين، وعندما رجع عادل إلى المنزل وجد أباه قد وافته المنية. أصبح الآن عادل محمود رجل الأسرة، وأصبح عنده ثأر من الأمراض التى قد تودى بحياة الإنسان. تخرّج الدكتور عادل محمود فى كلية الطب جامعة القاهرة فى فترة عصيبة مرت على البلاد عام 1968. سافر إلى المملكة المتحدة، وحصل على درجة الدكتوراه من مدرسة لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية بجامعة لندن عام 1971، هاجر بعدها إلى أمريكا كزميل باحث، أو باحث ما بعد الدكتوراه، عام 1973. وسرعان ما تقلد مناصب عدة حتى أصبح رئيس قسم الطب بجامعة «كايس وسترن» ما بين عامَى 1987 عام 1998. انتدبته شركة «ميرك» للأمصال -إحدى أكبر وأهم شركات الأمصال فى العالم- كرئيس لها فى الفترة ما بين 1998 وحتى 2006. فى هذه الفترة عكف الدكتور عادل محمود على إنتاج وتطوير لقاح ضد الـhuman papillomavirus (فيروس الورم الحليمى البشرى) المسبب لسرطان عنق الرحم الذى يصيب ما يزيد على نصف مليون فتاة أو سيدة سنوياً. منح الدكتور عادل محمود الأمل لآلاف وملايين الفتيات والسيدات فى الوقاية من هذا المرض اللعين بتطوير لقاح بفاعلية تفوق الـ99٪، ويُعد هذا إنجازاً علمياً غير مسبوق. كما ساهم الدكتور عادل محمود بتطوير لقاح ضد الـRotavirus الذى حصد أرواح قرابة نصف مليون طفل سنوياً فى عام 2000. وبذلك ثأر الدكتور عادل محمود من الأمراض المعدية وأتاح الفرصة لملايين من الأسر والأطفال والفتيات للاستمتاع بصحة جيدة واستكمال حياة صحية. تخلى الدكتور عادل عن منصبه فى «ميرك» سنة 2006 ليلتحق كأستاذ دكتور بإحدى الجامعات الكبرى فى أمريكا وهى جامعة بيرنستون، وظل هناك حتى لقى ربه يوم 11 يونيو 2018. كانت آخر مبادراته هى صندوق عالمى لتطوير اللقاحات، قائلاً: «يجب علينا ألا نجعل قلة الموارد تقف أمامنا لحل الأمراض الفتاكة»، فأى عمل إنسانى أرقى من هذا؟
حالفنى الحظ برؤية ومعرفة الدكتور عادل محمود فى سنة 2006 فى مؤتمر «بيوفيجن» الذى تنظمه مكتبة الإسكندرية. يُعد «بيوفيجن» أحد أهم وأعظم المؤتمرات العلمية فى مصر بلا منازع، حيث يضم كبار الباحثين فى العالم وعلماء حاصلين على جائزة نوبل.. نعم يحدث هذا فى مصر كل سنتين. وقتها كنت حديث التخرج فى كلية الصيدلة، وكان أملى أن أدرس العلوم الحيوية وأن أكمل دراستى فى مجال تطوير اللقاحات. لم أكن أعلم عن أى مصرى يعمل بهذا المجال آنذاك. وقد سُدت كل الطرق فى وجهى بحجة أننى خريج جامعة خاصة بتقدير «جيد»، وأحسست أن مجموعى فى الكلية «كبيرة من الكبائر» فى نظر المؤسسات العلمية الحكومية فى مصر. لم أعيَّن ولم تأتِ لى أى فرصة للعمل وقتها. كان اليأس يضرب بين ضلوعى، ولم أكن أملك شيئاً سوى بصيص من الأمل، إلى أن رأيت الدكتور عادل وقرأت عنه وشاهدت هذا العالم العظيم الذى جعلنى أفتخر بأنى مصرى وجعلنى أطمح أن أكون مثله. تشاء الظروف أن أدرس الدكتوراه فى نفس الجامعة التى حصل منها الدكتور عادل محمود على درجة الدكتوراه، وتشاء الظروف أيضاً أن أعلم بوفاته عن طريق نعى كتبه الأستاذ الدكتور البارون بيتر بيوت، رئيس الجامعة ومكتشف فيروس الإيبولا. نعى الدكتور بيتر الدكتور عادل ووصفه بأنه معلم وملهم.. تحدّث عن عمق معرفته وخفة ظله وسماحته وكرمه. وسرعان ما تأكدت من الخبر من تغريدة «بيل جيتس» عن وفاة الدكتور عادل وكلمة عميدة الطب بجامعة «كيس وسترن» بأن العالم أصبح أقل نوراً بعد غياب الدكتور عادل محمود. انهالت الدموع من عينى مع كل نعى كُتب من عظماء الطب فى العالم حزناً على فراق العالم الجليل.
ما يحزننى حقاً هو أننا كمصريين لم ندرك قيمة هذا العالم الكريم الذى قالت عنه بنت أخيه إنه كان دائماً يسأل عن أخبار مصر بتشوق ويريد أن يعرف كل كبيرة وصغيرة عن أحوال مصر. إلى متى ستظل مصر تنشغل بما لا ينفعها من تطرف فكرى أو سفه ثقافى، أو ما بين هذا وذاك من خرافات علمية وانحطاطات أدبية. إلى متى يكون كل ما يشغل المواطن المصرى «نهود العوالم» وليس عقول العالمات والعلماء. إلى متى يكون المنتخب رياضياً فقط وليس منتخباً فكرياً أو ثقافياً. إلى متى سيظل أفراد النخبة فى مصر مكبلين ومُغيَّبين ومُغيِّبين؟! آلمنى حقاً أن فى يوم ميلاد الدكتورة سميرة موسى أجد المجمع العلمى البريطانى -الذى ترأسه إسحاق نيوتن ما بين عام 1703 و1727- يكتب عن الدكتورة الشهيدة ولم تكتب جريدة مصرية عن سميرة موسى فى عيد ميلاها. ويبقى السؤال: لماذا لا تكون عظة الأحد عن عظمة كل من عادل محمود أو سميرة موسى أو مصطفى مشرفة فى الكنيسة وتكون خطبة الجمعة عن عظمة مجدى يعقوب؟
تُرى كم من عادل محمود يعيش فى الخارج، وكم من عادل محمود تحطمت آماله بسبب الاستهتار بعقول الشباب. وكم من عادل محمود يأمل أن يرجع إلى وطنه لينهض به ويُحبط بعد أن يصطدم بالبيروقراطية السرطانية والفساد الثقافى؟ يبكى العالم على فراق الدكتور عادل محمود ونحن نبكى خروجنا من كأس العالم!!
لم يمت عادل محمود لأنه حى بعلمه وفكره وطلابه. لم تفارق مصر الحبيبة قلبه السليم وعقله الحكيم يوماً، كما لم تفارق قلب أحمد زويل أو مجدى يعقوب أو أى طالب علم أو طالبة يحلمون بمصر أفضل. أكتب هذا النعى فى غرفتى فى حى هادئ فى شمال لندن وقلبى يمزقه الشوق إلى أرض مصر. خيط من الحلم يربط بين كل العلماء السابقين والمقبلين، حلم أن نرى مصرنا منارة للعلم، حلم أن تنال مصر استقلالها الفكرى العلمى حتى لا نحتاج إلى من يداوى مرضنا أو ينتج قمحنا أو يطعم أفواهنا أو يطور سلاحنا، حلم أن تكون مصر مصرية أو أن نفنى حياتنا من أجل رفعة لوائها.
آسف إذا كنت قد أطلت وتطرقت لأشياء فرعية، ولكنى أراها فى صميم الحديث، فوفاة الدكتور عادل يجب أن تكون صفعة لنا حتى نفيق من غفوتنا ونقف دقيقة مع النفس وأن نعاهد أنفسنا أن نبنى مصر قوية حكيمة ذات بصيرة ورأى مستقل. وأناشد وزير التربية والتعليم إدراج درس فى المدرسة باسم الدكتور عادل، وأن تُحكى قصته، وإننى واثق أن أرض مصر الطيبة ستطرح وقتها عقولاً مستنيرة تنير العالم بالعلم والمعرفة.

Friday, June 22, 2018

طريق إيران يمر من كوريا الشمالية بقلم الأب رفيق جريش ٢٢/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

تزامن التحضير للقاء الرئيس الأمريكى ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الذى كان بين إيران والدول الغربية، فهل هناك ارتباط بين الحدثين؟ فى تقديرى المتواضع.. نعم.
أولاً: الولايات المتحدة لا تريد أن تفتح جبهتى قتال سياسى أو عسكرى، جبهة مع كوريا الشمالية، رغم كل التهديدات بوصول الصواريخ من كوريا للمدن الأمريكية والتلاسن الشديد بين الزعيمين وجبهة ثانية وهى جبهة إيران فكان لابد على الولايات المتحدة الأمريكية تحييد كوريا الشمالية حتى تتفرغ الولايات المتحدة الأمريكية للصراع مع إيران. فالجبهة الأسهل للولايات المتحدة الأمريكية هى جبهة كوريا الشمالية لأن لها سوابق فى التفاهم مع الدول الشيوعية، على مثال ذلك الاتحاد السوفيتى والصين والدول الأخرى لاسيما أن كوريا الشمالية دولة فقيرة ومنغلقة على ذاتها فهى فى احتياج للانفتاح على العالم الخارجى، فهدفها أن يصل اقتصادها كالصين وتكون من النمور الاسيوية اقتصادياً. لذلك لم يهتم الرئيس ترامب بلقائه مع الرئيس كيم جونغ أون بملف حقوق الإنسان بكوريا الشمالية التى طالما الولايات المتحدة الأمريكية كانت تندد بإهدار تلك الحقوق.
ثانياً: أما إيران على الجبهة الثانية فأمامها ثلاثة خيارات:
(١): أن تخطو خطوة كوريا الشمالية وتمدد الحوار والسلام مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وهذا فى تقديرى احتمال ضعيف، لأن الذى يسيطر على إيران أيديولوجية دينية متشددة.
(٢): أن تعيد إيران النظر فى برنامجها النووى بمساعدة ووساطة أوروبا فلا نصدق أن هناك اختلافا بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا ولكنها هى سياسة توزيع الأدوار، فكان لابد أن تخرج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق لتلعب دور الدولة المتشددة والمهددة لإيران بينما يترك دور الوساطة للدول الاوروبية وشركاتها التى لها مصلحة للتواجد فى السوق الإيرانية، وبعد كثير من المد والجزر سيتم تعديل البرنامج النووى كما تريده الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها وستخلق وسيلة لتنضم لاحقاً للاتفاق أو يبرم اتفاق جديد وهذا الاحتمال هو فى رأيى الأكثر واقعية.
(٣): فى حالة أن إيران لم تذعن للإرادة الأمريكية فستكون الحرب بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وأصدقائها، وهذه الحرب ستأخذ عدة أشكال أبرزها تشجيع القلاقل والثورات الجماهيرية داخل إيران نفسها على غرار مصر وتونس وأخيراً الأردن وغيرها، وكذلك محاصرة إيران بالاتفاق مع الدول الخليجية المطلة على الخليج العربى وضرب الحوثيين (الشيعة) فى اليمن والتضييق على إيران اقتصادياً بفرض عقوبات ثقيلة عليها، ولا نغفل احتمالية هجوم إسرائيلى على المفاعلات النووية الإيرانية وربما أشياء أخرى مع تجنب الحرب بمفهومها الكلاسيكى، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها ترامب لا يريدان وضع قوات كثيرة مع عتادها على الأرض فهذا يحصد كثيرا من الأرواح والمال.
وهنا أستعير تعبير سياسى لبنانى: علينا أن ننأى عن أنفسنا فى الدخول فى صراعات لا طائل لنا فيها ونحافظ على وطننا سالماً معافى من أجل تنمية ونمو شعبه.


خالد منتصر - لا تعلقوا إخفاقاتكم على شماعة الفن - جريدة الوطن - 22/6/2018

تخيلت للحظة أن من أحرز هدفاً فى مرماه ليس اللاعب أحمد فتحى ولكنها الفنانة نجلاء فتحى، وتصورت أن الكوتش شريف منير هو الذى وضع الخطة الفاشلة وليس مستر كوبر! هستيريا الهجوم على الفنانين، والتى انتقلت إلى الهجوم على الفن نفسه، هى التى أعطتنى هذا الانطباع الخادع، إنه أسلوب المغالطات المنطقية الذى نعيش فيه لجرّ الحوار إلى مناطق أخرى ومساحات مضللة، وميكانزمات الدفاع النفسى للهروب من مواجهة المشكلة الحقيقية بالإسقاط والإزاحة، والشماعات التى نحن أمهر وأشطر البشر فى تعليق فشلنا وإخفاقاتنا عليها. تيارات الإسلام السياسى، وعلى رأسها الإخوان والسلفيون، لا يكرهون شيئاً فى الكون قدر كراهيتهم للفن لأنهم فقراء الخيال سقيمو الوجدان كسيحو الإبداع، يكرهون الفن لأنه هو الذى ينافسهم على الوجدان، هم يريدون سرقته والفن يريد استعادته، والإخوان هم الذين يسوقون السوشيال ميديا بكرباج أكاذيبهم، وللأسف يسقط فى فخاخهم النخبة والمثقفون، بل وأفراد من الوسط الفنى نفسه، هذه التيارات تتمتع بجلافة إحساس وغلظة قلب وخشونة سلوك وتصحر عواطف، وفوق هذا وذاك بفُجر خصومة بشع، هم كالضباع لا يتورعون عن نشب مخالبهم وأنيابهم فى أى جثة وبأى ثمن، لا يستمتعون إلا برائحة الدم، أساتذة فى التجريس، يكذبون كما يتنفسون، وللأسف يقع معظمكم فى حبائلهم بمنتهى الرضا والنعومة، نشروا صوراً لفنانين مع اللاعبين لترويج أن هؤلاء الفنانين هم السبب فى عدم تركيزهم وتشجيعهم على السهر، منها مثلاً الصورة الشهيرة التى لفت فضاء الفيس بوك بسرعة الضوء وكانت للفنان ماجد المصرى، ولم يسأل أحد من قبيلة الفيس بوكيين هل ماجد سافر أصلاً. وبالطبع، اتضح أن ماجد فى بيته يحتسى القهوة ولم يسافر حتى إلى الحوامدية! وأن كل تلك الصور مع اللاعبين تم التقاطها فى القاهرة لا جروزنى! وكل ما عدا ذلك فنانون فى ريسبشن الفندق يتحدثون، وأظن أن هذا من حقهم وبدون أى مضايقات للاعبين، وعن السهر اسألوا اللاعب نفسه الذى كان يصعد إلى غرفته مبكراً ويسهر على الإنستجرام للرد على المعجبين والهزار مع الأصدقاء! هل الفنان أو الفنانة هو الذى جلس على الكيبورد أو جلست على شاشة الموبايل وأمسكت بسوط لتجلد اللاعب؟! لماذا كان الهجوم والشتائم معظمها منصب على الفنانين وتركت رجال أعمال وشخصيات عامة نزلت إلى أرض الملعب شخصياً وليس إلى ردهات الفندق، وهذا ليس من حقها؟!
أسباب الهزيمة، كما قال صديقى محمود مسلم، «مؤسسية»، وهذا ما يجب أن نركز عليه، نحن كمن يترك السرطان يتوغل ليعالج أظافره بالباديكير! انتقد أداء الفنان كما تريد لكن ما هى علاقتك بحياته الشخصية، هاجم الفن الهابط لكن لا تدمر قيمة الفن نفسه كطاقة روحية ونافذة وجدانية وسلم ارتقاء ومصدر إمتاع وإشعاع بهجة، ابحثوا عن أسباب النكسة الحقيقية بعيداً عن تلاكيك الفن والفنانين وإلصاق التهم بهم، لماذا صرنا وكأننا فى غابة زومبى نلتهم بعضنا البعض بهذه الوحشية والشراسة والسفالة والتدنى، نلتقط السيلفى مع الفنان فى الصباح ونذبحه فى المساء! نعامله كصنم العجوة نضع القربان له كى يمنحنا الدفء النفسى ثم نلتهمه عندما نجوع إلى النميمة ومضغ السمعة ولحم البشر! وفى النهاية تذكروا أن هناك فنانة مطربة لفّت العالم كى تجمع التبرعات للمجهود الحربى بعد الهزيمة، فى نفس الوقت الذى كان فيه رجل دين يصلى لله شكراً على هزيمتنا!

Wednesday, June 20, 2018

جدتى... المعمارية الأولى بقلم فاطمة ناعوت ٢١/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

بالأمس، فيما أتجوّل فى ميادين تورونتو الكندية، أتأمل ناطحات السحاب الشواهق، تذكرتُ جدتى الحسناءَ الرشيقةَ الأنيقة، أول معمارية فى تاريخ البشرية. ولأنها الأولى فهى الأعظم، لأنها التى «ابتكرت» هذا الفنَّ الجميل: العمارة، أمّ الفنون، حاوية الفنون الستة فى قلبها. العمارة التى لولاها ما تحضّرتِ البشريةُ ولا انتقلت خطوةً على مسار الحضارة عن عصر الإنسان الهمجيّ الأول. فالعمارة هى الجسرُ الأول بين الإنسان وبين الطبيعة. أينما نظر الإنسانُ حوله ليحاور الطبيعة: فيلاطفُها فى لحظات سحرها وهدوئها، أو يحتمى منها فى لحظات رعونتها وشراستها، لابد أن يبرزَ «المعماريُّ»، ليترجم هذا الحوارَ بين الإنسان وبين الطبيعة. لأنه الأقدرُ على فهم لغة الطبيعة المعقدة وفك شفراتها، ثم ترجمة تلك الألغاز لصالح الإنسان ورغده. لهذا قال «فرانك لويد رايت»: كلُّ معماريّ عظيم، هو بالضرورة شاعرٌ عظيم. لأن عليه أن يكون مترجمًا عظيمًا لعصره.
جدتى سيدةٌ جميلة ممشوقة القوام، تحملُ قلمًا فى يدها، وعقلا نيّرًا فى رأسها، فهى ربّة الحكمة والكتابة. لهذا توّجها المصريون ربّةً للتاريخ، لأنها أول من دوّن وأول من كتب. اسمها «سيشات». وكان لها الدور الأهمُّ فى الطقس المقدّس الخاص بتصميم المعابد وتأسيس الهياكل الدينية. ذكاؤها الحادُّ جعلها تبرع فى الرياضيات والهندسة الفراغية والهندسة المسطحة، وحساب المثلثات وقياس المساحات والحجوم، وعلوم الإحصاء والتحليل الرياضى والاستنتاج المنطقى. وبعض هذه العلوم نعرفها اليوم باسم «الاستقراء الرياضى، والمنطق الرياضى والهندسة الوصفية». لهذا فقد نالت جدتى لقبًا إضافيًّا، عطفًا على ألقابها الكثيرة الغنية، وهو: مانحة الحكمة للفرعون. ولبراعتها فى علم القلك وحساب مدارات النجوم ودورات القمر والشمس، كان الفلاحُ المصريُّ القديم يعتمد عليها فى تحديد مواعيد الفيضان والزرع والحصاد.
سيشات، يعنى: التى تُدوّن. فهى التى ابتكرت علم الكتابة والأبجدية وتراها دائمًا ترسم بقلمها شقوقًا على جريدة النخيل، فتُدوّن مرور الزمن، أليست هى ربّة التاريخ؟ والقلم يلزمه دفتر، ولهذا انتزعت لقبًا جديدًا هو: سيدة دار الكتب؛ لأنها افتتحت أول مكتبة فى التاريخ. وفيها حُفظت اللفائف والبرديات التى تحوى المعارفَ العلوم والفنون. لهذا تعتمر فوق رأسها الشاهق زهرة طويلة الساق لها سبع ورقات مُشعة، تمثّل إشعاعات العلوم الإنسانية: العمارة، الكتابة، الفلك، الطب، الحساب، الفيزياء، التنجيم. وتنصُّ عشر نصوص من مدونات التوابيت على وصية موجّه للموتى: سيشات، تفتحُ لك أبوابَ السماء. وهل تُفتَحُ أبوابُ السماء إلى بكل ما سبق؟!
فى طقس العمارة والتشييد، كانت سيشات تُحدّدُ اتجاهَ الشمال دون بوصلة، ثم تبدأ فى «مدّ الحبال» على الأرض وفق التصميم الهيكلى المعمارى الذى تبتكره، ثم تأمر البناةَ بالشروع فى طقوس دق الأوتاد التى تحدد أركان المعبد أو الهيكل أو القصر. ويبدأ التشييد والبناء، وفق النسب الذهبية العبقرية التى ابتكرها عقل ُالمهندسة المصرية القديمة، وعلّمت علومَها للحضارات الأخرى؛ كى يتوسلوها فى تصميم وبناء منشآت معمارية مُلغزة. وبعد الفيضانات السنوية التى كانت تحدث للنيل، كانت تتوسّل مهاراتها فى علوم المساحة والحساب، فى إعادة تقسيم الأراضى الزراعية ورسم الخطوط والحدود بين الحقول. ولم تكتف بعبقريتها الفردية الاستثنائية، بل كانت كما الرسولة القدسية، تُعدُّ كوادرَ من المهندسين المعماريية والإنشائيين والعمال، بعدما تعلّمهم أسس العمارة والرياضيات والحسابات الإنشائية.
ثوبها الأنيق مصنوع من جلود النمور والفهود. لأن النقاط السوداء المنثورة على رقاع الجلود، لها دلالة فى الميثولوجيا المصرية، حيث ترمز إلى النجوم المتناثرة فى سماء الليل، فى إشارة إلى الخلود والسرمدية. هى المعادل الأنثوى للإله «تحوت» ربّ الحكمة عند أجدادنا، ومن اسمه اشتقّ اسم الشهر الأول فى الشهور المصرية القديمة: توت. هل أبدع بشرٌ مثلما أبدع أجدادى؟!

خالد منتصر - المهزوم نفسياً المأزوم فكرياً لا ينتصر كروياً - جريدة الوطن - 21/6/2018

ليس جلداً للذات أن نناقش أسباب هزيمتنا، وليست ضربة فى «كلوب» الأفراح أن نراجع موقفنا حتى ولو بقسوة، لن نلطم الخدود أو نشق الجيوب ولكننا سنفتح العقول ونحرر أنفسنا من الأوهام والخرافات، بالفعل كل الدول تتلقى هزائم، وطبعاً كل المنتخبات تتعرض لهزات وزلازل، لكن المهم أن تكون بذرة التغيير موجودة، وشفرة الحل متاحة، وباسوورد الإصلاح فى متناول اليد والعقل، وتكرار نفس الخطأ بنفس الآلية غير مسموح به، الهزيمة لم يكن سببها الأقدام لكن السبب الحقيقى العقول التى تزيف الأحلام وتنسج الأوهام، عقول تفكر بالتمنى لا بالواقع، الهزيمة لم تكن مصرية فقط والنكسة لم تكن متعلقة بساكنى ضفاف النيل فقط، لكن الهزيمة كانت عربية والنكسة من المحيط إلى الخليج، نفس الأخطاء بل نفس الخطايا، كنا متشابهين كفرق عربية تشابه العيون اليابانية، افتقاد روح القتال حتى اللحظة الأخيرة، التواكل، الأنانية، رداءة اللمسة الأخيرة، عدم الثبات الانفعالى، غياب التأهيل النفسى، اللاتجانس، فقدان التركيز.. إلخ، أمراض شكلت الملامح الرئيسية لدمامة الوجه الرياضى الكروى المصرى والعربى، لكن قراءة هذا الأمر الذى يراه معظمنا رياضياً قراءة فلسفية علمية، هو احتياج ضرورى وملح للخروج ليس فقط من أزمتنا الرياضية ولكن للخروج من أزماتنا كلها على كل الأصعدة وجميع الأشكال وكل الأصناف، الشعوب المهزومة نفسياً المأزومة فكرياً لا تنتصر كروياً ولا تتفوق اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو علمياً، الهزيمة النفسية تأتى من أننا شعوب لا تتقن فن الحياة لأنها تحترف إدمان الموت، الحياة لدينا مجرد جسر مؤقت وتجهيز عاجل متسربع للموت، ثقافة تحتقر الجسد الذى هو المادة الخام للرياضة، ثقافتنا ثقافة جنازات لا إنجازات، دموع عزاء لا ابتسامات بهاء وانتشاء، أهى عيشة والسلام وعشق الجسد فانى، الجسد عبء وعورة وليس طاقة إنتاج أو نافذة بهجة، هذا المهزوم نفسياً من الممكن أن ينقذه المنهج العلمى لكنه مأزوم فكرياً أيضاً، فقد ضغط على زر إغلاق و«ديليت» العلم وفتح كل نوافذ الخرافة والوهم على سطح حاسوبه العقلى المعطل المبرمج على الانسحاق والقمع والرعب من طرح الأسئلة، المباراة عنده هى نزوة وغزوة، يدخلها بالبركة والدعوة والخوف من الحسد وانتظار فك العمل والخوف من النحس، الجميع اتجه لتحويل الرياضة إلى علم له قواعده ومعاييره، لكننا ما زلنا فى مرحلة الرقية الشرعية لإنقاذ المنتخبات القومية!، برغم أننا نعرف أن الإنجاز فى الأخذ بالأسباب وليس بالتواكل وأنه «قل اعملوا» وليس «اكسلوا» أو «تواكلوا»، برغم أننا نعرف كل هذا ونردده إلا أننا ما زلنا نجهل أن الأهداف فى كرة القدم تصنعها الركلات لا الركعات، وما زلنا واقفين عند مرحلة «منتخب الساجدين» واكتفينا بالشكل الحركى الطقوسى ولم ننتبه للأمر الإلهى الأول «اقرأ»، قراءة كتاب الحياة والدنيا بالعمل وبالتدبر وبالكد وبالكدح، المأزوم فكرياً يفتقد إلى الجدية، يفضل أن يتصور سيلفى فى الفندق ويعمل شات على دكة التدريب ويهزر على الإنستجرام بينما يتكاسل عن أن يسأل ويبحث عن نسبة الدهون أو كتلة العضلات أو قوة الاحتمال أو عدد نبضات القلب أو سرعة الاستجابة العصبية العضلية.. إلخ، لذلك فقرار الانتصار لا يحتاج إلى توقيع وزير الرياضة ولا يحققه تغيير اتحاد الكرة، وإنما يحتاج إلى تغيير المنظومة الفكرية والثقافية لشعب كان كل ما يشغله قبل كأس العالم قضية صيام محمد صلاح!.

Monday, June 18, 2018

مسرحيات رائعة فى ليالى القاهرة وكمان مجاناً بقلم د. محمد أبوالغار ١٩/ ٦/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

فى هذه الأيام الحارة جوياً وفى ظروف صعبة اقتصادياً، قضيت ليلتين فى التكييف فى سهرتين رائعتين مجانيتين للجميع.
الأولى كانت فى المسرح القومى فى مسرحية شعرية من أعمال فنان مصر العظيم فؤاد حداد. وقام بالإعداد نجل فؤاد حداد الشاعر الكبير والجميل أمين حداد الذى أمتعنا بأشعاره ومشاركته مع أجيال متتابعة من عائلتى فؤاد حداد وصلاح جاهين فى تقديم الفن المعجون بحب مصر.
المسرحية بعنوان حى على بلدنا إخراج الفنان أحمد إسماعيل صاحب التاريخ والخبرة فى إخراج أمسيتين شعريتين لفؤاد حداد منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
فؤاد حداد شاعر العامية العظيم الذى أثر فى أجيال من الشعراء والتلاميذ وأمتع وأبدع وحرك مشاعر الوطنية والإنسانية والعدالة والحب عند ملايين المصريين. أغانى فؤاد حداد كانت من تلحين سيد مكاوى وإبراهيم رجب وعبدالعظيم عويضة ووجيه عزيز ومحمد عزت، وأشرف فنياً على الملابس الفنان القدير ناجى شاكر الأب الحقيقى لمسرح العرائس الحديث. وصاحب الأغانى فرقة موسيقية جميلة بقيادة صابر عبدالستار، وكان النظام فى المسرح كالعادة متميزاً بقيادة مديره يوسف إسماعيل.
كانت هناك مجموعة متميزة من الممثلين منهم أشرف عبد الغفور ومفيد عاشور ورحاب رسمى والفنان القدير عهدى صادق ونجمى الغناء محمد عزت ونهال خالد ومجموعة لطيفة من الأطفال.
الليلة كلها كانت رائعة، أشعار حداد تحلق فى السماء تشجينا وتشجعنا وفى نفس الوقت تطربنا وتفرحنا كأطفال صغار.
من غير المعقول أو المنطقى أن يقضى فنان بهذه العظمة وهذا الحب للوطن سنوات من عمره فى زنزانة ضيقة لسبب واحد فقط وهو أنه فنان ومفكر ويحب الوطن!
خرجت هذه الليلة وكلى شجن وقلت أليس ذلك أيضاً من حق البسطاء والشباب؟ فى الستينيات التى سجن فيها فؤاد حداد وضيقت على الحريات فتحت الدولة آفاقاً للشعب ليسعد ويغنى ويشاهد مسرحاً رائعاً. حفظ الشعب الليلة الكبيرة للطفل المعجزة صلاح جاهين وألحان سيد مكاوى وشاهد فرافير يوسف إدريس وكنت أشترك بمبلغ ٢ جنيه فى العام فى مسرح الطليعة لأشاهد كل المسرحيات طوال العام. هل يمكن فى هذه الظروف الصعبة أن تمنح الدولة بعض السعادة بجرعة فن مجانية للمصريين؟
فى الليلة التالية ذهبت لمشاهدة مسرحية (قيامة قامت) من فصل واحد تقدمها فرقة الورشة ومعظمها من الهواة المبدعين الرائعين ويصحبهم موسيقى حية من فنانين صادقين. المسرحية عن والى ظالم فى القرن الثامن عشر أطلق شائعة عن ميعاد يوم القيامة وهى مصحوبة بأغان عظيمة من تلحين زكريا أحمد. المسرح صغير وجميل داخل شقة كبيرة فى عمارة قديمة فى وسط البلد، الديكور بسيط ولكنه يوفى بالغرض. وكتب النص شادى عاطف وأبدع فى دور الحكاء محمد إسماعيل (ميدو) وقام بالتمثيل والغناء بتفوق باسم وديع وداليا الجندى وعبير على والزهراء محمد وياسمين أسامة ومحمد جمال وبهاء طلبة وحازم الصواف ومصطفى زاهر ومحمد شعراوى ومحمد ربيع والفرقة الموسيقية الرائعة ماجد سليمان وجمال مسعد ورأفت فرحات وأحمد ممتاز ومصطفى زاهد. هذه الفرقة عمرها أكثر من ثلاثين عاماً وقدمت عروضا ناجحة فى البلاد العربية وفى أوروبا، وقدمت الممثلة العظيمة عبلة كامل وغيرها وقدمت أعمالا عالمية ممصرة ورصاصة فى القلب لتوفيق الحكيم وأيام العز لبديع خيرى وداود حسنى.
أسس هذه الفرقة الفنان والمخرج المتميز حسن الجريتلى الذى يبذل جهداً كبيراً فى الحفاظ على هذا الفن الجميل فى ظروف اقتصادية صعبة وضعف تمويل وضغوط بقوانين غريبة تمنعهم من تقاضى أية مبالغ ولو بسيطة فى العروض التى تقدم على مسرحهم.
الفرق الصغيرة تحتاج إلى مساندة الدولة ورجال الأعمال لينشروا فنهم ويبهجوا الشعب حتى يخرج من حالة الاكتئاب والقلق وليس محاربتهم وإغلاق مسارحهم والتدخل غير المهنى فى أعمالهم الفنية والتفتيش فى عقولهم وأفكارهم.
مصر بلد جميلة فيها تاريخ كبيرة من الفن وتراكم قيم ثقافية عظيمة موجودة فى أبسط البسطاء دعونا نسعد الناس ونجعلهم يغنون ويرقصون وكفاية اللى فيهم مكفيهم.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك


خالد منتصر - سيد البحراوى.. من الألم إلى الراحة - جريدة الوطن - 19/6/2018

عرفت الراحل العظيم د. سيد البحراوى، أستاذ الأدب والنقد، وأنا ما زلت فى كلية الطب. وفى فترة الامتياز توطدت الصلة، فقد كان البحراوى يسكن أمام المستشفى الذى أتدرب فيه (مستشفى بولاق الدكرور) فى شقة من شقق هيئة التدريس. اقتربت منه ومن زوجته الفاضلة أستاذة الأدب الفرنسى د. أمينة رشيد فى وقت كان يتجمع فيه أساتذة قسم اللغة العربية الذى كان أكاديمية تنوير مستقلة وسط جامعة القاهرة. شاهدت عظماء الفكر ومناضلى الكلمة، كنت أراهم عنده، وكنت أذهب معهم وأنا ما زلت أتلمس الطريق، تخيل عندما تستمع إلى مناقشات فكرية يشترك فيها الدكاترة الأساتذة جابر عصفور ونصر حامد أبوزيد وعبدالمحسن طه بدر والبحراوى... إلى آخر طابور العمالقة الكبار بجد وحق وحقيقى. كانت تلك هى المدرسة التى أتعلم منها أكثر بكثير من المدرسة التقليدية، وكانت صلتى بهم قد بدأت عن طريق زميلى د. جمال، ابن قريته بالمنوفية، والتى أنجبت أيضاً الصديق أحمد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق.
رغم ارتباط البحراوى بسليلة الباشوات التى تتحدث الفرنسية كأدباء فرنسا، كان فلاحاً حتى النخاع، وأصر على الارتباط هو وزوجته العظيمة بتلك القرية الجميلة، كانت الجلسات دوماً يظللها الدخان الكثيف للسجائر التى كان يدخنها البحراوى بشراهة تتجاوز الحدود، كانت صديقته الأثيرة ودينامو إبداعه وتسليته الممتعة والتى أصابته بسرطان الرئة فيما بعد. أعجبنى فيه الإصرار والعناد، علّم نفسه اللغة الفرنسية وهو فى سن كبيرة بعد الحصول على الدكتوراه، وأنتم تعرفون كم هى صعبة تلك اللغة الأدبية الرصينة، وصار البحراوى الذى كان لا يعرف حرفاً من تلك اللغة يناقش دكتوراهات تناقش مقارنات بين الأدب العربى والأدب الفرنسى! كان من أوائل من انتبهوا إلى دور المجلات الأدبية الخاصة، فكانت مجلة «خطوة» التى شارك فى تأسيسها، وكان لها دور عظيم فى الحركة الثقافية، وما زالت أعدادها تزين مكتبتى، خاصة العدد المرجعى الرائع عن يحيى الطاهر عبدالله. وقف ضد التيار عارى الصدر فى قضية التطبيع، وكان من أشرس وأشرف الرموز التى حاربت التطبيع.. حتى مجاله الدراسى وتخصصه الدقيق تنقّل فيه وبين زهوره من نقد الرواية والقصة القصيرة والشعر حتى وصل إلى تدريس العروض، وهو التخصص المعقد الذى صار على يدَى البحراوى تسلية ومتعة، حتى فى مواجهته للموت كان مختلفاً وعنيداً، حوّل تجربته إلى إبداع، كما فعل أمل دنقل وبدر شاكر السياب، فكتب «فى مديح الألم» عن تجربته مع هذا المرض اللعين، وهو من أجمل السير الذاتية التى تحكى تجربة مبدع مع السرطان وترى الألم من منظور جديد وزاوية مدهشة، الكتاب يستحق إعادة الطبع من دار الثقافة الجديدة، وقد نبهنى لأهمية نشره الصديق الدؤوب الجميل شعبان يوسف، كتاب ممتع أترككم مع بعض اقتباسات منه:
• «احتمال الموت يجعلك أكثر قدرة على مراقبة تمثيليات الأحياء لترتيب مستقبل حياتهم وما فيها من سذاجة وطفولة».
• «لست نادماً على أى شىء فعلته فى حياتى، ومستعد دائماً لتحمل النتائج».
• «كنت أحاول أن أعيش بأقل قدر من الألم والتعاسة، وأقل قدر ممكن من إزعاج الآخرين، كما كنت إلى حد ما سعيداً، وحين فكرت فى احتمال الموت، لم أكن منزعجاً، فليأتِ إذا أراد، لكننى على كل حال أستطيع أن أعيش ما بقى من العمر».
• «انشغلت بموضوع الألم، وشغفت به نحو عام قبل أن أبدأ علاج السرطان، ثم توقفت إجبارياً، لكن بعد انتهاء العلاج المؤلم أعود إليه. أريد أن أمجده، باعتباره قرين الحياة، فلا حياة بلا ألم».
• «أحاول إعادة التعود على البيت، خاصة أشيائى الحميمة: الأوراق والأقلام، للتأكد من أنها ما زالت موجودة وفى مكانها».
• «عكس كلمة الألم الراحة وليس السعادة».