Translate

Monday, February 27, 2023

الله فوق الأحداث - الأنبا موسى - المصري اليوم - 26/2/2023

 يجدر بنا فى هذه الأيام التى تموج بأخبار مقلقة: الحروب والزلازل والأوبئة والكوارث والغلاء.. أن نلجأ ونرجع بكل قلوبنا إلى الله، فهو يدعونا: «تَعَالَوْا إِلَىَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِى الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 28:11)، ويقول أيضًا: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (يشوع 5:1)، وكذلك يقول داود النبى: «يَسْتَجِبْ لَكَ الرَّبُّ فِى يَوْمِ الضِّيقِ» (مزمور 1:20). فالله هو صانع الخيرات كما نقول فى صلواتنا، ونحن نثق بأن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب، وأنه مهما طالت الضيقات فإنها لا تستمر إلى نهاية العالم، ولكن سيأتى يوم وتنتهى، فالضيقات والتجارب والأحزان مصيرها أن تنتهى... فكم من ضيقات مرّ بها العالم عبر سنوات وقرون وانتهت.

الله يرفعنا معه فوق الزمان: بمعنى أن زماننا الذى نقضيه على الأرض، بماضيه وحاضره ومستقبله، يستطيع الرب أن يرفعنا فوقه كما يلى:

1- الله... يجعل الماضى مثمرًا:

فمهما وقع من أحداث فى الماضى، السحيق أو البعيد أو القريب، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع أو الوطن أو العالم، فإلهنا المحب للبشر يستطيع أن:

- يحول الشر إلى خير. - واللعنة إلى بركة. - والظلمة إلى نور.

ولو تأملنا فقط فى سيرة «يوسف الصديق» من هذا المنطلق، سنكتشف أن الله يعمل فى الزمان والمكان والبشر، بقوة لا ينطق بها، ويحول كل شىء إلى الخير!.

كما يقول سليمان الحكيم فى سفر الجامعة: «نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ» (ففى قصة يوسف الصديق الذى تعرض لحسد إخوته، وباعوه كعبد، حتى وصل إلى بيت فوطيفار فى مصر، وبعد ذلك أرادت امرأة سيده أن يخطئ معها، فقال عبارته العظيمة: كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!! وأخذوه وألقوا به فى السجن ظلمًا، وكل ما حدث له من شر فقد انتهى به إلى أن أصبح الرجل الثانى فى المملكة، والمتسلط على كل أرض مصر، ويسجد الناس عند قدميه، وقال لإخوته: أنتم فعلتم بى شرًا.. والرب أراد به خيرًا.

2- الله... يجعل الحاضر سلامًا:

فمهما عصفت بنا أنواء الحاضر، وارتفعت لُججه وأعاصيره وتياراته، فيد الله الأمينة تضبط كل شىء، لأنه ضابط الكل.. لأنه «مَنْ ذَا الَّذِى يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ؟» (إرميا 37:3).

السلام الذى يعيشه المؤمن هو سلام «بالـرغم من»، وليس سلامًا «لأن».. بمعنى أنه سلام فوق الأنواء ووسط التجارب والحروب والغلاء والأوبئة والزلازل والأعاصير ثقةً فى الله، فهو «البُرْج الحَصِين» الذى «يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ» (أمثال 10:18).

3- الله... يضمن المستقبل:

نعم.. لأنه إله المستقبل!!.

لا يخفى عنه شىء يمكن أن يحدث فى المستقبل!! يرى بعينيه الثاقبتين اللتين تخترقان أستار ظلام الأيام والزمن وأعماق الكون وأحداثه القادمة، يرى كل ما سوف يحدث فى الزمن، وحتى فى الأبدية!.

وكثيرًا ما نضجر نحن من مخاوف المستقبل وتوقعاته السلبية، فإذا بالرب يقول لنا: «إنه إله المستقبل!! لن يحدث شىء دون علمه!!، وسأحول كل الأحداث والتاريخ والسلبيات إلى إيجابيات أكيدة»!!.

ونحن أيضًا فى حياتنا قد لا نفهم ما يحدث حولنا، لكن نثق فى إلهنا.. الذى نثق هو:

- الكلى المحبة.. - الكلى القدرة.. - الكلى الحكمة..

ولهذا فهو سيدبر حياتنا الشخصية، والأسرية، والاجتماعية، والوطنية، بحسب مسرة قلبه المملوء صلاحًا وحبًا للجميع.. لذلك فمهما حدث فى الماضى أو يحدث فى الحاضر أو سيحدث فى المستقبل، فلنا إله قدير، محب، وحكيم... يدبر الكون كله كما يقول سليمان الحكيم: «قلبُ الْمَلِكِ فِى يَدِ الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ» (أمثال 1:21). وطبعًا هذا الإيمان لا يعفينا من الأعمال.. لأن «الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ» (يعقوب 20:2)... لهذا يجب أن نقدم للرب أعمالًا صالحة، وإيجابية حقيقية فى كل مجالات حياتنا:

- الطالب فى دراسته - والموظف فى عمله - والعامل فى مصنعه - والزارع فى أرضه - والباحث فى أبحاثه - والحاكم فى مسؤوليته - والمواطن فى دوره البناء يقوم بواجباته، ويطلب حقوقه، ويقوم بدوره الوطنى وممارسة حقوقه الوطنية، ويشجع الآخرين على ذلك. وكل ما يرجوه هو السلام الاجتماعى ورفعة هذا الوطن، مصليًا للرب، وأمينًا فى كل شىء!!

وسوف يختبر قطعًا، كل يوم، أن «الله» هو فوق الأحداث لأنه هو:

- صانع الخيرات.. - ضابط الكل..

- الله الرحوم..

وكما كان يقول قداسة البابا شنودة مقولته الشهيرة:

- ربنا موجود.

- كله للخير.

- مسيرها تنتهى.

لهذا فشعار المؤمن دائمًا:

- «إِنْ كَاَنَ الله مَعَنَا، فَمَنْ عَلينا؟» (رومية 31:8).

- «الرب لى فلا أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِى إِنْسَانٌ؟» (مزمور 6:118).

- «اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ» (أمثال 10:18).

الرب يحفظ بلادنا الحبيبة والعالم كله من كل سوء، ولربنا المجد الدائم إلى الأبد.. آمين.


Wednesday, February 22, 2023

أهمية ملف «الصوم الكبير» - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 21/2/2023

 أهدتنا جريدة «الوطن» ملفاً غاية فى الأهمية والروعة عن الصوم الكبير للمسيحيين، وأهميته ليست فقط فى كم المعلومات المكتوبة، ولكن الأهمية الأكبر أنها كسرت حاجز عدم معرفة مسلمى مصر بطقوس أشقائهم فى الوطن، المسيحيين الذين هم الجيران والزملاء والشركاء والأصدقاء.. إلخ.

هذا النسيج الواحد كيف لا يعرف خيطه المسلم خيطه القبطى المتلاحم فيه كاللحمة والسداة، فبالفعل أقباط مصر يعرفون تفاصيل صيامنا ويحفظونها عن ظهر قلب، أما نحن فمعظمنا كان يجهل التوقيتات والمناسبات لهذا العدد من أيام الصيام فى المسيحية، ولذلك لا بد لنا أن نحتفظ بهذا الملف، مع كل عائلة وفى كل بيت، لا بد أن نعرف النقاط الرئيسية دون الدخول فى جدل وسفسطة وتربص وتلاسن عانينا منها كثيراً، نعرف الأساسيات مثل:

كما أن الصيام ركن من أركان الإسلام، فهو كذلك ركن من أركان المسيحية، فهو مستمد من سيرة السيد المسيح الذى قضى أربعين يوماً فى الصحراء، وصام على جبل التجربة، وهو مرتبط بعيد الفصح؛ أى بتذكار قيامة السيد المسيح يوم الأحد من الموت.

والصيام فى المسيحية هو الامتناع عن تناول كل ما له صلة باللحم والبيض والحليب ومشتقاتها، فيعتمد المسيحى فى غذائه على الخضار والبقول والفواكه.

تختلف الطوائف المسيحية الشرقية فى ما بينها وبين الطوائف الغربية فى موعد الصيام ومتعلقاته، ومن ذلك أن طائفة اللاتين -مثلاً- تصوم أربعين يوماً، لكنها تسمح بتناول السمك كل يوم أحد، بينما تصوم طوائف أخرى خمسين يوماً.

وتبدأ الطوائف التى تسير حسب التقويم الغربى الصيام قبل أسبوعين من بدئه عند الطوائف الشرقية كالروم الأرثوذكس، والسريان.. وتصوم الغربية حتى الأول من أبريل، والشرقية حتى الثامن منه.

وكما يصوم بعض المسلمين يومى الاثنين والخميس، أو فى مناسبات دينية أخرى غير رمضان، يوجد لها شبيه فى المسيحية، فبعضهم يصوم يوم الجمعة الحزينة التى صُلب بها السيد المسيح، وكذلك الأربعاء وهو توقيت خيانة يهوذا الاسخريوطى، وبعضهم يصوم عشرة أيام كل عام للسيدة مريم العذراء، وهكذا، كما يصاحب صيامهم ما يُسمى بالترانيم الدينية الكثيرة التى يتعبّدون بها فى الكنائس.


Sunday, February 19, 2023

التغيير - الأنبا موسى - المصري اليوم - 19/2/2023

 كلمة «التغيير» كلمة سحرية ومهمة.. والتغيير شىء جيد طبعًا، وهو الاهتمام بالحياة المعيشية والصحية والمادية، لكنه فى النهاية تغيير من أجل أمور زمنية. أما التغيير الجذرى فهو تغيير من أجل الحاضر والمستقبل: الزمنى والأبدى!!.

أولاً: أنواع الناس تجاه التغيير:

حين أوصانا الرسول بولس بأن نتغير عن شكلنا لم يكن يقصد الشكل الخارجى، لكنه يقصد الكيان الداخلى.

والناس تجاه التغيير أنواع:

1- نوع قانع بما هو فيه ولا يجد داعٍ للتغيير، بل يخشى التغيير والمغامرة، ويجبن عن خوض التجربة. وربما يئس بعد محاولات سابقة، وبالتالى لا يتطور، والذى لا يتطور لابد أن يتقهقر. وتتسم حياة مثل هذا النوع بالتكاسل والخمول، لكن الإرادة تفعل المستحيل: «كُلُّ شَىْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ» (مرقس 23:9). ولذلك فالقادر على التغيير هو الواعى والمؤمن بالتغيير، وليس المستسلم لما هو عليه.

2- ونوع مغامر: يحب التغيير ويرى فيه ظاهرة صحية. لقد طُردت كونداليزا رايس ذات مرة فى مقتبل عمرها من مطعم للبِيض، فقالت لها أمها آنذاك: «قد لا تستطيعين الحصول على وجبة فى مطعم للبِيض، ولكن بإمكانك أن تصيرى رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية!». وقد صارت بالفعل أقوى امرأة فى العالم، حين كانت مستشارة الأمن القومى، ثم وزيرة للخارجية الأمريكية.

هذا بالطبع يختلف عن التغيير الذى يعكس عند البعض نوعًا من التوتر فى الشخصية، فهو لا يستطيع الثبات على حال لفترة طويلة. وهذا النوع مهدد بألا يثمر، بل ويُطلق على هذا النوع من التغيير: «عدم الثبات»، أو كما يقولون: (كثير النط قليل الصيد).

ولكن التغيير المطلوب ليس فقط التغيير من جهة الشكل والقشور، وإنما تغيير جوهرى، أو داخلى: «تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ» (رومية 2:12)، أى أن التغيير الخارجى لابد أن يُوجه من الداخل، وهو ليس «شكليًا» Schema بل «جوهريًا» Morphe. وفى هذا الإطار فإن التغيير المقصود هو «تغيير النية أو الضمير» وهو عمل داخلى بلا شك.

ثانيًا: ما هى ركائز التغيير؟

يحدثنا الكتاب المقدس فى رسالة رومية إصحاح 12: «تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ...» والشكل هنا ليس الملامح فقط، بل الكيان الإنسانى كله، لذلك هناك 3 ركائز للتغيير الجذرى وهى:

1- تجديد الذهن بالتوبة:

فكلمة «تغيير الذهن» هى باليونانية «ميطانيا» حيث «ميطا = تغيير» و«نيا» من «نوس = عقل أو ذهن».. ومعناها أن التائب هو إنسان فكّر ذهنيًا فى عواقب الانفصال عن الله، والانغماس فى الخطايا، فأدرك أن الخطيئة:

أ- تدمر الروح: لأنها تفصلنى عن الله.

ب- تدمر الفكر: يصاب بالظلمة والتشتت.

ج- تدمر النفس: إذ تتمرد علينا الغرائز والشهوات.

د- تدمر الجسد: فالتدخين يدمر الرئة والقلب، والمسكرات تدمر الكبد والمثانة، والمخدرات تدمر العقل، والنجاسة تدمر الجسد كله بالأمراض.

ه‍- تدمر العلاقات: فالإنسان المنحرف روحيًا فاشل اجتماعيًا، إذ لا يأتمنه أحد على شىء.

أما النقاوة والقداسة فهى تبنى الروح (حين نشبع بالله)، والذهن (حين يستنير بالكتب الروحية والثقافية)، والنفس (حين تنضبط بالاجتهاد الروحى والنعمة)، والجسد (حين يبتعد عن الآفات التى ذكرناها، ويهتم بالرياضة والنشاط)، والعلاقات (فالناجح روحيًا ناجح اجتماعيًا، يحب الناس، ويحبه الجميع).

2 - المواهب والوزنات:

يتحدث معلمنا بولس الرسول فى (رومية 12) عن 12 موهبة، يعطيها الرب للمؤمنين ومنها: الخدمة- التعليم- الوعظ - العطاء- التدبير- أعمال الرحمة- المحبة الأخوية - العبادة - إضافة الغرباء - المشاركة الوجدانية.. وكلها مذكورة فى هذا الإصحاح. وهكذا يكون لكل عضو فى الجسد الواحد وظيفة لبنيان الجسد كله.. وقد تحدث معلمنا بولس الرسول عن هذا التعاون بين الأعضاء فى جسد واحد (رغم الاختلافات)، وهذا ما يفعله الهدف الواحد.

3- الشهادة فى المجتمع:

فنحن لا نحيا فى فراغ، لكن فى مجتمع، متعدد الأديان، والطوائف والثقافات، وربما الأعراف، حيث كانت مصر، وستظل حاضنة لكل من دخل إليها من غير المصريين، فالإنسان المؤمن لا ينعزل عن المجتمع، بل يُرسل إليه كرسول محبة وخير وسلام، وهذا واضح فى رسالة رومية الإصحاح (12) إذ يطلب منا:

- «عَاكِفِينَ عَلَى إِضَافَةِ الْغُرَبَاءِ».

- «بَارِكُوا عَلَى الَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ. بَارِكُوا وَلاَ تَلْعَنُوا».

- «لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ».

- «مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ».

- «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ».

- «لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ».

- «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ».

هذا هو التغيير الجذرى الذى يجعل الخير يغلب دائمًا.. لذلك يقول السيد المسيح: «اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» وهكذا يتناقص الشر فى حياة الناس، وينتصر الخير!!.

والكتاب المقدس يتحدث عن العمل كفريق: «اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ.. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ» (جامعة 9:4-10). «الْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا» (جامعة 12:4).

الرب يعطينا أن نتغير إلى ما هو أفضل لبنيان النفس الواحدة، والوطن كله آمين، وإلى لقاء جديد إن شاء الله.

* الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


Sunday, February 12, 2023

ما بين الفرد والفريق - الأنبا موسى - المصري اليوم - 12/2/2023

 مهم للغاية فى العمل العام أن ننطلق من «الفرد» إلى «الفريق»، من العمل الفردى إلى العمل الجماعى:

1- الفرد

الفرد، والفكر، والوجدان هو «الإنسان»، والعنصر الأساسى فى أى عمل عام أو اجتماعى أو أسرى!! وكلمة «فرد» بالإنجليزية.. Individual = والكلمة من مقطعين «in = نفى»، «Divide = ينقسم».. أى أن «الفرد» غير قابل للانقسام، هو كل واحد متكامل، وله إرادته الخاصة، المبنية على الفكر المتميز، وانفعالاته التى يحياها.

فالحياة اليومية ثلاثية معروفة «الإدراك» + «الوجدان» + «النزوع..».

1- الإدراك: أى الفكر، إعمال العقل، دراسة الأمور، والتواصل إلى رؤيا شاملة لها، والتفكير فى حلول!.

2- الوجدان: أى «الانفعالات والمشاعر»، فالإنسان ليس عقلاً جامدًا تحليليًا فقط، بل هو غرائز وعواطف ووجدانات، ومشاعر، تدفعه إلى قرارات واختيارات، سواء «للأشخاص» (أصادق هذا ولا أصادق ذاك.. يكفى أن يكون زميلاً!)... وكذلك..

- النزوع: أى الحركة الفعلية، باتخاذ مواقف معينة أو تصرفات مناسبة، أو مجموعات عمل أو حركة «Action groups». إن كل فكرة، ننفعل بها، ونتجاوب معها، نحولها إلى «مجموعات عمل»، كل مجموعة تهتم بجزئية معينة، تدرسها، وتبحث إمكانية نزولها وتحقيقها فى الأمر الواقع، والحياة اليومية، سواء على مستوى «الإنسان» (الفرد) أو «المجموعات (Action grops)» أو ما ينتج عنها من أحزاب وقوى مدنية وسياسية واجتماعية متنوعة. الإنسان.. «ثلاثية يومية».

■ فأنا أستيقظ فى وقت معين، وبحسب ما وضعته فى فكرى أو على «المنبه»، ثم أقوم بممارسات يومية تعودت عليها، كغسيل الوجه، والصلاة أو تحيات المحبة لباقى أفراد الأسرة. ثم أنطلق إلى عملى، الذى فيه أنفذ خطة الحياة، وأتفاعل مع مجموعات، وأسرات، ومجتمعات، ووطن، وعالم إنسانى!.

■ إن مجرد رؤية كوب ماء على المنضدة، أتعامل معه بهذه الثلاثية:

1- الفكر... هذا كوب ماء!. 2- الانفعال... أنا عطشان!.

3- التحرك... أمد يدى وأشرب، أو أكف يدى لأنى صائم.

■ كل شىء فى الحياة يعبر بهذه الثلاثية:

1- فى المدرسة، والكلية، وفى الأسرة، ومع الأقارب، مع الأصدقاء، مع زملاء الدراسة أو العمل..

وبعد أن أصل إلى «تصور مستقبلى» أو رؤية، أتحرك بموجبها:

1- فألتقى بصديقى أو أصدقائى، وأتفق معهم على ما يبنينا جميعًا.. كالمذاكرة معًا، أو تشكيل مجموعات للتحصيل الدراسى... إلخ.

2- كذلك نتفق على أمور روحية، كالذهاب إلى اجتماعات دينية أو ممارسة أنشطة فيها.

3- كذلك نلتقى كمجموعات عامة تشمل أطيافًا دينية أو مجتمعية أو أو دراسية... (نضع ما فكرنا فيه موضع التطبيق اليومى الحياتى.. (كالمساهمة فى الأنشطة المختلفة سواء: الروحية والثقافية والكتابية والإلكترونية والفنية والرياضية والاجتماعية... إلخ).

4- وبهذا يتحول «الفرد» إلى «مجموعة».. و«المجموعات» إلى «كيان متكامل» فنى أو اجتماعى أو رياضى أو علمى... إلخ.

٢- الفريق

■ كلمة «فريق» معناها بالإنجليزية «Team» وقديمًا قال لنا علماء الاجتماع والقيادة والإدارة: إن هذه الكلمة يمكن أن نستخدمها فى التعبير عن «سلامة تهديف الحياة».. وكيف أن هذا التهديف لا يكون إلا من خلال «العمل الجماعى».. فريق = Team.

M = more. A = Achieve. E = Each. T = Together.

■ أى أننا معًا كفريق، سيحقق كل واحد فينا نفسه بصورة أفضل Together Each Achieve more.

■ هكذا اختار السيد المسيح تلاميذه، اختار 12 تلميذًا ثم 70 رسولاً ثم 500 أخ عاشوا ربع قرن بعد صعود السيد المسيح الذى عاينوه بأنفسهم، وصاروا شهودًا له!.

■ وكما انتشر هؤلاء فى كل العالم المعروف فى ذلك الزمان، وبشروا العالم كله على امتداد الإمبراطورية الرومانية القوية، الممتدة فى كل أنحاء الأرض، والتى مهدت الطرق العابرة للدول والقارات، من أجل عبور جيوشها.. صارت هذه الطرق سبب ازدهار حضارات على جانبيها، وفى كل طولها، حتى صح القول: «اعطنى طريقًا أعطيك حضارة»، فعلى جانبى الطريق نشأت المجتمعات والمدن والقرى، وتمت زراعة المساحات الشاسعة، والعمران الممتد.

■ فرق بين أن تعمل «لوحدك»، مهما كانت كفاءتك وإمكانياتك، وبين أن تعمل «كفريق» يثرى أعضاؤه بعضهم بعضًا، ويثرون العمل نفسه!.

■ والكتاب المقدس يتحدث عن العمل كفريق: «اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ.. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ» (جا 10:9:4). «الْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا» (جا 12:4).

فلنحيا بروح الفريق، وليس بروح الفرد، ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.


Saturday, February 11, 2023

قواعد قبول الآخر الخمسون - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 10/2/2023

 مشكلتنا الأزلية هي كيف نتقبل الآخر المختلف ،هذه خمسون قاعدة متداولة على السوشيال ميديا ،يقال أنها تدرس في المدارس الألمانية ولا أعرف مدى دقة هذا الكلام ، المهم أن هذه القواعد مفيدة لكي نستطيع التحاور مع الآخر وتقبله وليس التسامح معه من منطلق أنك الأفضل1 – أنأ لست أنت .2 – ليس شرطاً أن تقتنع ، بما أقتنع به .3 – ليس من الضرورة ، أن ترى ما أرى .4 – الإختلاف شيء طبيعي في الحياة .5 – يستحيل أن ترى بزاوية 360° .6 – معرفة الناس للتعايش معهم ، لا لتغييرهم .7 – إختلاف أنماط الناس إيجابي و تكاملي .8 – ما تصلح له أنت ، قد لا أصلح له أنا .9 – الموقف و الحدث يُغيّر نمط الناس .10 – فهمي لك ، لا يعني القناعة بما تقول .11 – ما يُزعجك ، ممكن ألا يزعجني .12 – الحوار للإقناع ، و ليس للإلزام .13 – ساعدني على توضيح رأيي .14 – لا تقف عند ألفاظي ، و افهم مقصدي .15 – لا تحكم عليّ من لفظ أو سلوك عابر .16 – لا تتصيد عثراتي .17 – لا تمارس عليّ دور الأستاذ .18 – ساعدني أن أفهم وجهة نظرك ،19 – إقبلني كما أنا ، حتى أقبلك كما أنت .20 – لا يتفاعل الإنسان إلا مع المختلف عنه .21 – إختلاف الألوان يُعطي جمالاً للّوحة .22 – عاملني بما تحب أن أعاملك به .23 – فاعلية يديك تكمن بإختلافهما و تقابلهما .24 – الحياة تقوم على الثنائية و الزوجية .25 – أنت جزء من كُلّ في منظومة الحياة .26 – لعبة كرة القدم تكون من فريقين مختلفين .27 – الإختلاف إستقلال ضمن المنظومة .28 – ابنك ليس أنت ، و زمانه ليس زمانك .29 – زوجتك أو زوجك وجه مقابل ، و ليس مطابقاً لك ، كاليدين .30 – لو أن الناس بفكر واحد ، لقتل الإبداع .31 – إن كثرة الضوابط تشل حركة الإنسان .32 – الناس بحاجة للتقدير و التحفيز و الشكر .33 – لا تُبخس عمل الآخرين .34 – إبحث عن صوابي ، فالخطأ مني طبيعي .35 – انظر للجانب الإيجابي في شخصيتي .36 – ليكن شعارك و قناعتك في الحياة : يغلب على الناس الخير و الحب و الطيبة .37 – إبتسم و أنظر للناس بإحترام و تقدير .38 – أنا عاجز من دونك .39 – لو لا أنك مختلف ، لما كنت أنا مختلف .40 – لا يخلو إنسان من حاجة و ضعف .41 – لو لا حاجتي و ضعفي ، لما نجحت أنت .42 – أنا لا أرى وجهي ، لكنك أنت تراه .43 – إن حميت ظهري ، أنا أحمي ظهرك .44 – أنا و أنت ننجز العمل بسرعة و بأقل جهد .45 – الحياة تتسع لي أنا و أنت و غيرنا .46 – ما يوجد يكفي الجميع .47 – لا تستطيع أن تأكل أكثر من ملء معدتك .48 – كما لك حق ، فلغيرك حق .49 – يمكنك أن تغير نفسك ، و لا يمكنك أن تغيرني .50 – تقبل إختلاف الآخر ، و طور نفسك .

وأخيرًا تكسيرك لمجاديف غيرك لايزيد أبدًا من سرعة قاربك.

Sunday, February 5, 2023

أمثلة للتحديات الاجتماعية (3) - الأنبا موسى - المصري اليوم - 5/2/2023

 فى حديثنا الماضى، تحدثنا عن بعض أمثلة التحدى الاجتماعى:

1- مفهوم الأسرة واستقرارها.

2- الانفلات الجنسى.

3- تيارات العنف.

4- تقنين الشذوذ الجنسى.

5- تقنين المخدرات.

6- السعى نحو الثراء السريع.

7- اهتزاز القيم.

8- التطرف الدينى.

واستكمالاً للموضوع نتحدث عن:

كيف نواجه هذا التحدى الاجتماعى؟

لا ننسى أن كل ما يواجه الإنسان المؤمن والأسرة المقدسة، أمور محدودة، بدءًا من عدو الخير إبليس، وحتى إلى الجسد والعالم والعثرات المختلفة. وعندنا يقين كبير بالحقائق التالية:

1- «إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا» (رومية 31:8).

2- «يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِى أَحَبَّنَا» (رومية 37:8).

■ ولكن إمكانيات الله غير المحدودة، وعطاءه اللانهائى، وحبه غير الموصوف لجنس البشر، لا يلغى أدوارًا بعينها، علينا أن نقوم بها مثل:

1- دور الأسرة:

■ فى تربية أولادها على التدين السليم، والمبادئ الاجتماعية الحسنة، والنابعة أساسًا من قيم الدين.

ونحن فى المسيحية نعطى الطفل الدروس اللازمة فى مدارس التربية الكنسية، لكن هذا لا يعفى الأسرة من دورها الهام فى: القدوة، والتربية السليمة، وفهٍم المرحلة، والاتزان فى المعاملة، والمساواة بين الأولاد والبنات.. وكما كان يقول قداسة البابا شنوده الثالث دائمًا: «إن الطفل يقضى معنا فى الكنيسة ساعة أسبوعيًا، ولكنه يقضى فى البيت 167 ساعة».

2- دور المدرسة:

■ تحتاج العملية التعليمية إلى إعادة صياغة من مجرد حشو معلومات فى أذهان التلاميذ، إلى تربية حوارية أخلاقية سليمة. ونذكر هنا أن الوزارة القائمة على هذا الأمر كانت تسمى قديمًا «وزارة المعارف»، أى أنها كانت تركز على الجانب العلمى والتعليمى، والآن صار اسمها «وزارة التربية والتعليم»، مقدمة التربية على التعليم. فما قيمة حشو مناهج كثيرة فى أذهان الشباب، ثم تركهم فريسة للتدخين والمخدرات والنجاسة والعنف؟!! وقد لاحظت مدرسة لمرحلة الإعدادية هروب أبنائها بعد الحصة الثالثة يوميًا، ثم اكتشفت أنهم يذهبون إلى «زريبة» مجاورة للمدرسة، لمشاهدة أفلام منحلة!! ناهيك عما فى مدارسنا اليوم من انحرافات تؤثر بالضرورة على تربية أجيالنا الصاعدة، مثل انتشار العنف والتدخين والمخدرات، والانحرافات الخلقية، وسلبيات الميديا، والعالم الافتراضى، والألعاب المدمرة التى تؤدى إلى الموت.. وغير ذلك!.

3- دور المؤسسات الدينية:

■ تقوم الكنيسة بما يسمى «إعادة تربية» لبعض النشء الذى تضرر بسبب التربية المنزلية الخاطئة، بل تقوم أحيانًا بدور «الأسرة البديلة»، لمن فقدوا عطف الوالدين بسبب بعدهم عن المجال الروحى المقدس.

■ المهم أن نحرص على أداء دور بنّاء فى تربية الأجيال الصاعدة:

1- روحيًا.. بتشجيعهم على حياة روحية مقدسة.

2- ذهنيًا.. بإنارة أذهانهم بكلام الله، والفكر المتسامى من خلال الحوار البناء.

3- نفسيًا.. من خلال نشاطات تشبع وجداناتهم بأسلوب مقدس، وتضبط غرائزهم وعواطفهم بالعقل والروح.

4- بدنيًا.. من خلال نشاطات كشفية ورياضية ورحلات هادفة بناءة.

5- اجتماعيًا.. من خلال تربية ضميرهم ليميز بين الخير والشر، لتكون لهم المرونة القوية التى بها يزاملون الكل، ويصادقون من يبنيهم روحيًا ودراسيًا وأخلاقيًا.

■ ولدينا بكنيستنا القبطية الأرثوذكسية (مهرجان الكرازة المرقسية) الذى يقدم مسابقات وأنشطة متنوعة: (كتابية - كنسية - أدبية - ثقافية - رياضية - فنية - إلكترونية... إلخ) بكافة الأعمار (من الجنسين) من سن الحضانة إلى سن ما بعد المعاش وأيضًا اهتم المهرجان (الذى تقوم به أسقفية الشباب لكل القطر بمصر وامتد إلى خارجها فى كنائس بالمهجر وقد ترجم إلى 9 لغات) اهتم بالفئات الخاصة من ذوى القدرات الخاصة مثل: (المكفوفين - الصم والبكم - ذوى الهمم - فصول نحو الأمية لتعليم الكبار - والحرفيين أصحاب المهن والحرف - والمسنين - ونزلاء السجون... إلخ). وكل فئة من هؤلاء لهم كتاب خاص يناسب ظروفهم.

4- دور المجتمع:

■ الذى يجب أن تتم «هندسته» كما يقول السياسيون، فلا يتحول إلى مجتمع يفترس الضعفاء، أو مجتمع التفاوت الطبقى الرهيب، أو مجتمع السماوات المفتوحة، دون توعية وتربية لضمائر وعقول ووجدانات أبنائنا، لتكون لديهم «ثقافة الانتقاء» أى أن يمتحنوا كل شىء، ويتمسكوا بالحسن، كما يقول الكتاب المقدس: «قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَى تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ» (تث 19:30).

■ إن ما تقدمه شاشات التليفزيون وشبكات الاتصال، يمكن أن يبنى، ويمكن أن يدمر. فما أحرى البشرية اليوم، أن تضبط مسارها وإنتاجها الفكرى والإعلامى، ليسير فى اتجاهات البناء والتعمير، بدلاً من الهدم والتدمير. فإذا أفلتت الأمور مع ثورة الاتصالات الماثلة فلا سبيل لنا إلا بناء:

1- روح.. شبعانة بالرب كما يقول الكتاب المقدس: «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ» (أمثال 7:27).

2- ذهن.. مستنير بنور بكلمة الله المقدسة «مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ..» (أفسس 18:1).

3- نفس.. منضبطة بالجهاد والنعمة يبذل نفسه بخدمة أسرته وجيرانه وكل المجتمع، ويسعى لعمل الخير ونعمة الرب تسانده، وتنجح طريقه.

4- بدن.. سليم بعيد عن الانحرافات المضرة (الإدمان والمخدرات والنجاسة).

5- علاقات... ناجحة من خلال المحبة الروحية المقدسة.

■ ومن خلال هذه الشخصية المتكاملة، نستطيع أن نواجه زحف الخطيئة المحيطة بنا، وشراسة الشيطان... ولربنا كل المجد إلى الأبد، آمين.