Translate

Sunday, September 29, 2019

الشباب والعادات.. كيفية التخلص من العادات الضارة؟ بقلم الأنبا موسى ٢٩/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

هناك عادات كثيرة ضارة، متنوعة، فمنها ما هو متصل:
١- بالروح: كالشهوات الشريرة.
٢- أو بالعقل: كالأفكار السلبية.
٣- أو بالحواس: كالنظر والسمع وتعاطى المسكرات والمخدرات.
٤- أو بالجسد: كالعادات الشبابية والعلاقات المحرمة.
٥- أو بالعلاقات: كالأصدقاء الأشرار الذين يدمرون حياة أصدقائهم...
ونحن نشكر الله القادر أن يحرر أولاده من كل قيد وعبودية، فهو الذى قال لنا: «وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» (يوحنا ٣٢:٨)، والحق هو الله تعالى.. وكما قال لنا القديس بولس الرسول: «إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يوحنا ٣٤:٨).
والسؤال الآن هو: لو أننى استعبدت لعادة معينة، فكيف الخلاص منها؟
والجواب: لابد من ثلاثة أمور:
١- الاقتناع:
أى أن يقتنع الإنسان بأن هذه العادة مدمرة:
أ- للروح: إذ تحرمنى من الله.             ب- وللفكر: إذ تحرمه من التركيز والإبداع والنقاوة.
ج- وللنفس: إذ تورثها التعاسة والإحساس بالذنب.           
د- وللجسد: إذ تتسبب فى أمراض كثيرة.
هـ- وللعلاقات: إذ تحصر الإنسان داخل نفسه، وتمنعه من تكوين علاقات جيدة.
وإن كنا قد ألمحنا إلى آثار التدخين والخمر والمخدرات بسرعة، فالعادات الشبابية الأخرى، فيها أخطار كثيرة مثل:
أ- فقدان للطاقة البدنية...
ب- وللطاقة الجسدية...
ج- نمط غير سوى، يضر بالحياة الزوجية فيما بعد.        
د- انحصار فى الذات وهذا له متاعبه النفسية والاجتماعية.
هـ- جوع روحى وفراغ داخلى، يحرمنا من النمو...
ونحن لا نريد التهويل من آثارها، ولكننا - أيضًا - لا نريد التهوين منها.
٢- الامتناع:
فالاقتناع الفكرى وحده لا يكفى، إذ لابد من الامتناع والتوقف عن هذه الممارسات السلبية. فلا معنى للاقتناع بأن التدخين- الذى يعتبر كمدخل.. أى بوابة لعالم المخدرات، فهو أولى خطوات الإدمان- له خطورته على الصحة الجسدية والنفسية والروحية، ثم يستمر الإنسان فى هذا الأمر!! ما معنى الاقتناع إذن!.
إن هذا نوع من اللامبالاة أو الانتحار البطىء!! فالخطيئة هى الطريق إلى العبودية المدمرة!!.
لقد صرخ شاول الملك قائلاً: «أَخْطَأْتُ» (١صم ٢٠:١٥)، وصرخ يهوذا الاسخريوطى بمرارة قائلاً نفس الكلمة: «أَخْطَأْتُ» (مت ٤:٢٧)، ولكنهما لم يتركا الخطيئة فعلاً، وهكذا هلكا!! لذلك يوصينا سليمان الحكيم - عن اختبار - قائلاً: «مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لاَ يَنْجَحُ وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ» (أم ١٣:٢٨). لذلك فالامتناع مهم بعد الاقتناع!!
٣- الإشباع:
ذلك لأن الإنسان سوف يقول: أنا مقتنع، وأحاول الامتناع، ولكنى ضعيف. لذلك يقول له أحد أنبياء العهد القديم: «لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا!» (يؤ ١٠:٣)... «وَلَكِنَّنَا فِى هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا، بِالَّذِى أَحَبَّنَا (بالله)» (رو ٣٧:٨)..
المطلوب إذًا هو الشبع الروحى المستمر، بالكتب المقدسة، والممارسات الدينية من صلاة وصوم، والقراءات، سواء الدينية والثقافية والعلمية والاجتماعية و... وحضور الندوات الثقافية، وخدمة الآخرين، لذلك فهناك الآيتان المفتاح لحياة الشباب، وهما:
١- «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرٍّ حُلْوٌ» (أم ٧:٢٧).. ومعناها أن الشبع الروحى، يعطى الإنسان نوعا من الاكتفاء والتسامى، حتى إنه يدوس على عسل الخطيئة المسموم. وهذه آية هامة ومبدأ حاكم! فالنعمة الإلهية، وبذل الجهد الإنسانى، والإيمان بالله، هى مكونات حياة النصرة، وطريق الخلاص من كل عادة سلبية.
٢- «امتحنوا كل شىء. تمسّكوا بالحسن» (١تس ٢١:٥)، وهذه معناها الاستنارة والإفراز والتمييز، والتفكير السليم فى عواقب الأمور.
لذلك درب نفسك على القراءة التى سبق أن دعانا الآباء إليها حين قالوا: «القراءة تقوّم العقل الطوّاف»، وقال القديس الأنبا أنطونيوس: «أتعب نفسك فى القراءة فهى تخلصك من النجاسة».
ختامًا...
فما أحلى أن يغوص الشباب فى داخل أنفسهم وخارجها، ويتعرفوا على مكوناتهم الداخلية ومدى اهتمامهم ببنيانها مثل: إشباع الروح بالممارسات الدينية، والعقل بالقراءة، والنفس بالضبط، والجسد بالطهارة، والعلاقات بالمحبة المتبادلة.. كذلك عليهم أن يدرسوا آثار البيئة عليهم: الأسرة والمدرسة والأصدقاء ووسائل الإعلام... إلخ.
وبعد ذلك يتخذ الشباب القرارات الصائبة البناءة، فى التعامل مع كل ذلك، وفى التمسك بما يبنيهم، ورفض ما يهدمهم، حتى يصلوا إلى الشخصية المتكاملة، القادرة على التفاعل الاجتماعى السليم مع الأسرة والأصدقاء ومكان العبادة والمجتمع..
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


خالد منتصر - سفينة الوطن وثقب الإسلام السياسي - جريدة الوطن - 9/2019 /28

«ما دام هناك إسلام سياسى يسعى للحكم لن تستقر المنطقة»، كان تصريحاً مفصلياً وكاشفاً للرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه مع الرئيس الأمريكى ترامب، بالفعل لا يمكن لسفينة الوطن أن تبحر، والإسلام السياسى يقرض فى خشبها ويمزق أشرعتها ويوجه دفتها إلى حيث مثّلث الخراب والبراكين، الإسلام السياسى بمصطلحاته المتحفية التى يستدعيها بترابها الخانق ودلالاتها التى تعتبر جرائم فى هذا الزمن، لذلك لم أندهش أن ضباع الفاشية الدينية وهوام الأرض قد أصدروا بياناً بعد هجوم «كمين التفاحة» يقولون فيه إن هذا الشباب، هذا الورد المفتح الذى استُشهد من المرتدين!!!!!!!، وأنهم سعداء بأنهم استولوا على الغنائم فى غزوة كمين التفاحة!!!، مرتد وغنائم وجزية.. إلخ، نفس المصطلحات المحنطة التى أخرجوها من الكهف، والتى يستخدمونها فى زمن الإنترنت بكل بجاحة ووضاعة، حزننا ودموعنا وجراحنا النازفة لن تنسينا الثأر من تلك العصابة الخائنة الإخوانية التى خرجت من رحمها كل تنظيمات الإسلام السياسى الإجرامية الإرهابية، أجنة الزومبى المشوهة، ابتسامتكم ستظل مشرقة فى القلب، ساكنة فى حناياه كالوشم، لكم منا كل الحب، ونعدكم بأن مصر التى استشهدتم من أجلها ستلحق بركب الحضارة وتحدّد البوصلة، وتمسك دفة العلم والسؤال والمدنية الحقيقية، سنتقدم عندما تلقى المحروسة بحمولة العفن الإخوانى من على سفينة التقدم والحداثة، وترمم ثقوب الغل والسواد والحقد والخراب التى أحدثوها فى قاع سفينة الوطن.
وجود الإسلام السياسى فقط حتى بدون سعى إلى الحكم هو فرامل تمنعنا من التقدم، وكوابح إن لم تشدنا إلى الوراء فهى قد تشلنا وتثبتنا فى مكاننا، فليست العبرة بوجودهم فى الحكم وتغلغلهم فى مفاصل الدولة فقط، لكن العبرة والخطر من تغلغل أفكارهم الفاشية الرجعية فى أدمغة الناس، فكر الكراهية للآخر لأنهم جماعة الأيدى المتوضئة والفرقة الناجية، فكر دونية المرأة واحتقارها سيخلق مجتمعاً أعرج كسيحاً، فكر احتكار الحقيقة سيؤدى بالضرورة إلى مجتمع متعصب ضيق الصدر يعانى من البارانويا، فكر الفضول والحشرية والتدخل فى شئون الآخرين واستخدام الدين فزاعة لحبس الآخر المختلف فى كتالوج الإسلام السياسى وعلى مقاس باترونه المتخلف.
سفينة الوطن التى تريد الإبحار إلى الضفة الأخرى حيث التقدم والتحضر والحداثة، لن تستطيع التحرك من على الشاطئ والخروج من المياه الإقليمية للتخلف وهى مثقوبة بالإسلام السياسى ثقباً مساحته واسعة، وعمق حفرته مرعب، لأن من صنعوه لا يعرفون علماً، ولا يصنعون فناً، ولا يبتكرون إبداعاً، ولا يمارسون لطفاً أو بهجة أو مرحاً، والمهم لا يمتلكون إنسانية.

Saturday, September 28, 2019

د. وسيم السيسى يكتب: عجائب مصر السبع! ٢٨/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

يقولون عجائب الدنيا السبع وأقول: بل قبلها عجائب مصر السبع!
١- وصول أجدادنا إلى الإله الواحد منذ الدولة القديمة، نجد على متون الأهرام:
واحد أحد ليس له ثان
٢- قانون الأخلاق الذى يراه جيمس هنرى برستد أسمى بكثير من الوصايا العشر، لأن هذه الوصايا ليس فيها لا تكذب «جيمس هنرى برستد- فجر الضمير ص١٠»، كان قانون الأخلاق فى مصر القديمة منه: كنت عينا للأعمى، ويدا للمشلول ورجلاً للكسيح، وأبا لليتيم، لم أكن سببا فى دموع إنسان أو شقاء حيوان، كما لم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه ماء.
٣- حال المرأة: كانت ملكة منذ الأسرة الأولى «ميريت نت» كان من صفاتها: صانعة النساء والرجال، وشريكة الإله فى الخلق، كانت تقسم الميراث بين إخوتها ذكوراً وإناثاً بالتساوى، كان لها حق الخلع، كانت تشكو زوجها للمحكمة إذا صدرت منه قسوة باليد أو اللسان، كانت تشارك الرجل فى كل شىء حتى الكهانة!
٤- الأهرامات: تكشف لنا حديثاً أنها لم تكن مقابر، بل كانت مراصد فلكية، ومحطات لتوليد الطاقة، وأن فى هضبة الأهرام عالما آخر تحت الأرض، وبحيرات مائية لزوم توليد الطاقة بالرغم من بعدها عن النيل بسبعة كيلومترات! الأهرام معجزة علمية فلكية هندسية، احتارت فيها بعثة بيركلى الأمريكية، وبعثة واسيدا اليابانية، ثم يدعى من تأدبوا بحكمة المصريين، «موسى- التوراة» ويقولون إنهم بناة الأهرام.
٥- الطب: التربنة، عملية المياه البيضاء، التثبيت الداخلى للعظام بالمسامير الحلزونية، وسائل تشخيص انسداد قنوات فالوب، الأنتيمون لعلاج البلهارسيا، البتر فى غرغرينا الساق أو القدم، الأطراف الصناعية، زراعة الأسنان من التوأم ، علاج الجروح المتقيحة بلباب خبز الشعير المتعفن «عفن البنسلين».. إلخ.
٦- الفلك: عرفوا السنة الشمسية أنها ٣٦٥ يوماً ثم عرفوا أنها زائد ٦ ساعات، قسموا الزمن إلى شهور، وأيام، وساعات، ودقائق، وثوان، وثوالث! غيروا العالم من تقويم قمرى إلى تقويم شمسى ٤٢٤١ قبل الميلاد. إننا اليوم فى سنة ٤٢٤١+ ٢٠١٩ أى ٦٢٦٠ مصرية.
ضبطوا الزراعة على الشهور المصرية: توت- بابة- هاتور، وكان عيد عاشوراء منهم لأنهم كانوا يحتفلون بإلقاء بذور القمح فى اليوم العاشر من هاتور الشتاء «برت» نقول الدنيا بردت!!.
٧- الموسيقى: عرفوا السلم الموسيقى الثلاثى، ثم الخماسى، ثم السباعى، وأطلقوا على الموسيقى سلم، لأنه يصلهم بالسماء حيث لغة الملائكة، صنعوا كل الآلات الموسيقية ما عدا اليبانو، وضعوا أسطورة جميلة لكل آلة موسيقية مثلا الناى من أى نا أو العاشق الأخرس! جاء أفلاطون إلى مصر وعلمناه الفلسفة ١٣ سنة، وكان الرجل وفيا لمصر قال: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر، علموا أولادكم الموسيقى المصرية فهى أرقى أنواع الموسيقى، علموا أولادكم كيف يتذوقون من مصر الفنون، ثم بعد ذلك أغلقوا السجون! يؤكد هذا الدكتور طه حسين فى كتابه: مستقبل الثقافة فى مصر، والكاتب الأمريكى: مارتن بارنال فى كتابه: أثينا السوداء أى أثينا الإفريقية.. أثينا المصرية، وفيه يقول حتى نصف الأبجدية اليونانية من أصل هيروغليفى.. صحيح مصر علمت العالم.


خالد منتصر - طه حسين ومستقبل الثقافة والتعليم - جريدة الوطن - 9/2019 /27

ما زال كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» للعميد طه حسين، والصادر سنة ١٩٣٨، قادراً على إثارة الدهشة وتحفيز الفكر واستفزاز العقل، كيف لكتاب صادر منذ أكثر من ثمانين عاماً أن يُقرأ وكأنه قد كُتب اليوم؟! بالطبع هى عبقرية طه حسين، ولكنه أيضاً كسلنا العقلى الذى جعلنا حتى هذه اللحظة لم ننتبه إلى كل ما قاله هذا العملاق، لم نستجب لصدمته الفكرية الكهربية التى كان فيها الشفاء من كل أعراض الشيزوفرينيا الثقافية التى نعيشها ونحاول علاجها بالمسكّنات. سأترك طه حسين يتحدث إليكم من خلال بعض الاقتباسات، لأفتح شهيتكم للنزول وشراء الكتاب الصغير الحجم العظيم القيمة، يقول طه:
• «العقل المصرى القديم ليس عقلاً شرقياً، إذا فُهم من الشرق الصين واليابان والهند وما يتصل بها من الأقطار، وقد نشأ هذا العقل المصرى فى مصر متأثراً بالظروف الطبيعية والإنسانية التى أحاطت بمصر، وعملت فى تكوينها، ثم نما وربا، وأثّر فى غير الشعب المصرى من الشعوب المجاورة وتأثر بها، وكان من أشد الشعوب تأثراً بهذا العقل المصرى أولاً وتأثيراً فيه بعد ذلك، العقل اليونانى، فإذا لم يكن بد من أن نلتمس أسرة للعقل المصرى نقره فيها، فهى أسرة الشعوب التى عاشت حول بحر الروم، وقد كان العقل المصرى أكبر العقول التى نشأت فى هذه الرقعة من الأرض سناً وأبلغها أثراً».
• «إن عصور الانحدار والتخلف انتهت فى مصر منذ أن تيقظت من سباتها بالحملة الفرنسية وحكم محمد على، وبدأت تأخذ من أوروبا علومها وأسلوبها فى الحكم، وصار كل شىء فى مصر غربياً، حتى المؤسسات الإسلامية فى مصر مثل المحاكم الشرعية، كانت على غرار النمط الأوروبى، حقيقة هناك فروق بين مصر وأوروبا حالياً، لكن هذا يأتى من أن عصر النهضة الأوروبية قد بدأ فى القرن الخامس عشر، أما عصر النهضة فى مصر فقد بدأ مع بداية القرن التاسع عشر، لكن مصر سوف تلحق بأوروبا فى وقت قصير إن شاء الله».
• «ليس الغرض من التعليم العام تزويد الفرد بما لا بد منه ليعيش فى أمة متحضرة، ولكنه يتجاوز هذا الغرض إلى شىء أرقى من ذلك وأسمى، فهو يرتقى فى الثقافة إلى حيث يبلغ المعرفة من حيث هى، وإلى حيث يقصد به إلى توسيع العقل وتغذيته بألوان مختلفة من العلم الإنسانى قد لا يحتاج إليها الفرد من عامة الناس، فليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من الطبيعة والرياضة والكيمياء وعلوم الحياة، وليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من تاريخ أوروبا وأمريكا، وليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً لغة أجنبية أو لغتين أجنبيتين، بل تستطيع كثرة الشعب أن تعيش عيشتها الهادئة اليومية بغير هذه الألوان من العلم، وإذن فطبيعة هذا التعليم العام مخالفة لطبيعة ذلك التعليم الأوّلى الإلزامى الذى يجب أن يشارك فيه المصريون جميعاً».
• «من حق الفقراء أن يتعلموا، ومن حقهم أن يطمحوا إلى أكثر مما يعطيهم التعليم الأوّلى، ومن حقهم أن يطمحوا إلى التعليم العام، وإلى التعليم العالى، ذلك حقهم من جهة، ومن جهة أخرى فيه مصلحة الأمة، وفيه تحقيق الديمقراطية من جهة ثالثة، فحرمان الفقراء لأنهم فقراء أن يتعلموا، وأن يرقوا، وأن يُصلحوا أحوالهم، وأن يطمحوا إلى الكمال، هو تقرير لنظام الطبقات، وإيمان بسلطان المال، وعبادة لهذا السلطان، وفناء فيه، وليس هذا كله من الديمقراطية الصحيحة فى شىء».
• «فليس من الحق، ولا من الخير فى شىء أن يكون الغرض الأول والأخير فى التعليم العالى هو البحث العلمى الخالص المبرأ من كل منفعة قريبة أو بعيدة، ليس هذا حقاً ولا خيراً، لأن الأمم لا بد أن تحيا حياتها، وليست حياة الأمم والأفراد عقلاً خالصاً، ولا معرفة خالصة، إنما حياة الأمم والأفراد علم يُنتج العمل، معرفة تمكّن من الضرب فى الأرض والسيطرة على عناصر الطبيعة، والتغلب على ما يعترضنا من العقبات».
اقرأوا طه حسين تصحوا.

Friday, September 27, 2019

خالد منتصر - إحسان عبدالقدوس والتنوير الاجتماعى - جريدة الوطن - 9/2019 /26

فى بداية هذا العام احتفلنا بعيد ميلاد الكاتب الصحفى الروائى السيناريست الفنان إحسان عبدالقدوس، مر قرن كامل على ميلاد «إحسان» الذى تخرج على يديه وبرعايته جيل هو أجمل وأنبل وأروع الأجيال الصحفية التى مرت على مصر، وفى ختام هذا العام أكمل مهرجان الجونة السينمائى رحلة الحفاوة والاحتفال بتكريم اسم إحسان وإقامة معرض خاص له، وأنا أعتبر دور إحسان عبدالقدوس فى التنوير الاجتماعى لا يقل عن دور طه حسين فى التنوير الفكرى، فالتابوهات التى حطمها «إحسان» الذى عرَّى برواياته وفضح زيف العلاقات العاطفية المشوهة بداية من كلمة الحب وحتى رعشة الجنس، لم تكن أقل من تابوهات التاريخ التى حطمها طه حسين. جزيل الشكر لمهرجان الجونة على أنه جعل إحسان عبدالقدوس أيقونة السينما، وانتبه منظموه إلى قيمة «إحسان» السينمائية، حيث كان وما زال أكبر روائى هو ونجيب محفوظ اقتبست السينما من إبداعهما العظيم والخالد. ظل الروائى الكبير إحسان عبدالقدوس، رغم إنتاجه الكبير والضخم، بعيداً عن الاحتفاء النقدى الذى يليق ببصمته وتميزه وتعدد إسهاماته، خاصة فى الستينات والسبعينات. وظل تصنيفه ككاتب سياسى وصحفى هو السائد والمسيطر، لكن كبار النقاد حينذاك، الذين كانوا جميعاً من اليسار، كان تدشين الروائى لا يتم إلا من خلال ختمهم الخاص، وكان عالم إحسان عبدالقدوس بالنسبة لهم هو مجرد مجتمع بورجوازى مخملى، ليست فيه رائحة الفلاح أو عرق العامل أو مشكلات البروليتاريا. وللأسف تحكمت تلك النظرة حتى فيمن يحب أدب إحسان، فأصبح يخفى هذا الإعجاب، حتى لا يفضحه أو يجرسه كبار النقاد ويتهموه بأنه من بقايا البورجوازية المتعفنة.
احتفت به السينما، وصارت أفلامه الأكثر جماهيرية، ولكن هذا بدلاً من أن يصب فى صالحه صار سُبة وتهمة بأنه يغازل مشاعر الشارع الذى يشعله ويجذبه الجنس، وكأن الكتابة عن الحب والجنس جريمة. قمة الإحساس بالمرارة أن يتم تصنيفك وسجنك فى قفص هذا التصنيف، بسبب الانتماء الأيديولوجى الذى جعل البعض ممن لا تطاول قامتهم «واحد على عشرة» من «إحسان» يتربعون على القمة، وتُكتب عنهم الدراسات المطوَّلة، ويحصلون على الجوائز، كل هذا الاحتفاء بسبب الانتماء إلى الشلة والانتساب إلى الرابطة.

Wednesday, September 25, 2019

خالد منتصر - السكر المكتوب على الجين يشفيه تخفيض الوزن - جريدة الوطن - 9/2019 /25

السكر المكتوب على الجين مش لازم تشوفه العين، اجعل هذا شعارك ولا تخف، لا تترك نفسك للإحباطات عندما تجد الأب مريضاً أو الأم مصابة بالسكر، فتخفيض الوزن يقى إلى حد كبير، فاحتمال إصابة الشخص المصاب بالسمنة بمرض السكر هو ستة أضعاف الشخص صاحب الوزن الطبيعى، وفقاً لبيانات الدراسة المقدمة فى مؤتمر الجمعية الأوروبية السنوى.
قالت هيرمينا جاكوبوفيتش، من مركز أبحاث الميتابوليزم بجامعة كوبنهاجن بالدنمارك: «وجدنا أن الأفراد الذين يعانون من نمط حياة غير مقبول والسمنة معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بالسكرى من النوع الثانى بغض النظر عن المخاطر الجينية»، وأكدت أنه قد «وجدنا أن تأثير السمنة على خطر الإصابة بالنوع الثانى من مرض السكرى هو السائد على عوامل الخطر الأخرى، مما يبرز أهمية تخفيض الوزن فى الوقاية من مرض السكرى من النوع الثانى».
فى تلك الدراسة قامت جاكوبوفيتش وزملاؤها بتحليل بيانات 1556 من البالغين، خلال 14 سنة من المتابعة، وجد الباحثون أن الالتزام بنمط الحياة المواتية والوزن الطبيعى يقلل من خطر الإصابة بالنوع الثانى من مرض السكر بشكل مستقل عن الاستعداد الوراثى للمرض.
ارتبطت السمنة، التى تم تحديدها على أنها مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30، بزيادة 5.8 ضعف من خطر الإصابة بمرض السكر بالمقارنة مع المشاركين ذوى الوزن الطبيعى، وكتب الباحثون: «الأفراد الذين يعانون من سوء نمط الحياة والسمنة معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بالنوع الثانى من مرض السكرى بغض النظر عن المخاطر الجينية».
(المرجع: Jakupovic H، وآخرون. الملخص 376. مقدم فى: الاجتماع السنوى للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكرى. 16-20 سبتمبر 2019، برشلونة، إسبانيا).
السكر من النوع الثانى هو مرض منتشر فى مصر التى لم تخرج بعد من طابور العشر دول الأولى فى العالم فى نسبة مرضى السكر، المرض ينتج عن عدة عوامل نتيجة تفاعل بين الجينات وأسلوب الحياة والبيئة، على مدى العقود الثلاثة الماضية، تضاعف انتشار مرض السكر من النوع 2 بأكثر من ثلاثة أضعاف، مدعوماً بأنماط الحياة غير الصحية بشكل متزايد والارتفاع الحاد فى انتشار السمنة، إلى جانب نمط الحياة والبيئة، تحدد الخلفيات الوراثية للأشخاص أيضاً جزءاً من قابليتهم للإصابة بهذا المرض.
باختصار.. البدانة هى تحت سيطرتك وفى مقدورك أن تتحكم فيها، لكن الوراثة قدر من الصعب التحكم فيه، ومن حسن الحظ أن يتوصل العلماء إلى أن خطر زيادة الوزن فى زيادة مرض السكر أكثر بكثير من خطر الوراثة، إذاً ابدأ بتخفيض وزنك ستكسب حتماً صحتك وتقى نفسك من مرض السكر حتى ولو مكتوب على جينك.

Tuesday, September 24, 2019

عشوائية التوك توك وعشوائية قرار مجلس الوزراء بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

قرأت عمودًا طريفًا لنيوتن فى المصرى اليوم يشبه التعامل مع مشكلة التوك توك بالطريقة التى تعاملت بها الدولة مع الخنازير أيام مبارك. تبدأ العشوائية بأنه لا أحد يعرف بدقة عدد التكاتك الموجودة فى مصر وتقدير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بثلاثة ملايين توك توك، وتتراوح التقديرات بين ٢ و٤ ملايين. وبفرض أن العدد ثلاثة ملايين فيعنى ذلك عدة أمور أولها أن التوك توك يعمل عليه على الأقل ٣ ملايين شاب وربما يصل العدد إلى ٥ ملايين إذا كان يعمل أكثر من وردية يومية. إذن المشكلة كبيرة ولا يمكن أن تحل بإصدار قرار وزارى يمنع التوك توك واستخدام المينى فان بدلًا منه. فى دراسة عن أسعار المينى فان وجد أن أرخصها ثمنه مائة وعشرون ألف جنيه. وقد حسبت الدراسة أن تكاليف تحويل التوك توك إلى مينى فان سوف تتكلف ٣٦٠ مليار جنيه. من الذى سوف يمول هذه التكلفة فى هذه الظروف الاقتصادية؟، هل أصحاب التكاتك عندهم مدخرات ضخمة أم أن البنوك سوف تقوم بتمويل ذلك؟، وقد سمعت ولا أصدق أو أثق فيما قيل إن هناك جهة ما أو شخصية ما تضغط لتتولى استيراد المينى فان. إذا كان هناك ٣ ملايين توك توك أو أكثر فهناك حوالى ١٥ إلى ٣٠ مليون مصرى يركبون التوك توك يوميًا ويذهبون به إلى أعمالهم. مشكلة بهذا الحجم ليس من المنطق ولا العقل أن يصدر بها قرار وزارى لعدة أسباب أولها أن أى قرار يجب أن يكون هناك طريقة حقيقية لتنفيذه. القوانين مستحيلة التنفيذ تؤثر سلبًا على علاقة الشرطة بالمواطنين وتؤدى إلى زيادة الفساد لأن القرار سوف يطبق على البعض ولن يطبق على آخرين، وهو ما يفتح مجالًا للرشوة والإتاوات وعدم تطبيق القرار سوف يؤدى إلى إهدار هيبة الدولة ومجلس وزرائها.
كما أن دخول التوك توك حدث بدون دراسة ولم تفكر الدولة فى تقنينه وترخيصه وتركت الأمر فوضى بمزاجها. ثم اكتشفت فجأة أن الوضع فيه مخاطر أمنية ضخمة لاستخدام توك توك غير مرخص وليس لقائده رخصة، ولذا يكون ارتكاب جرائم أمرا سهلا وبسيطا. ولذا أصبح سائقو التوك توك شبابًا صغارًا والكثير منهم أطفال. وحيث إن قيادة التوك توك أصبحت مهنة مربحة فقد وجد الكثير من العمال أنه أحسن وأربح لهم ترك مهنتهم كصنايعى ماهر ليصبح سائق توك توك. ولذا وجب على الدولة إيجاد حل للمشكلة ولكن هل الحل فى قرار منع التوك توك؟.
انتشار التوك توك واكتساحه كان سببه الأساسى هو انتشار العشوائيات فى المدن وأيضًا فى القرى وأصبح الوصول إلى أماكن كثيرة من طرق شديدة الضيق غير ممهدة لا يصلح فيها السير بسيارة أو حتى دراجة، ومع زيادة الكثافة السكانية أصبح الكثيرون يخرجون للعمل بواسطة التوك توك وغياب الطرق الممهدة جعل السير على الأقدام صعبًا ومرهقًا، ونظرًا لمياه المجارى والطين فى الأرض كان الحفاظ على الملابس والأحذية أثناء السير على الأقدام مستحيلًا.
التوك توك وانتشاره هو نتاج تضخم العشوائيات والانفجار السكانى. أما حل الاستبدال بالمينى فان فهل تمت دراسة أنواع المينى فان وأحجامها وهل يمكنها الدخول فى الأماكن التى يدخلها التوك توك؟، وكيف سوف نتصرف فى آلاف التكاتك المصنعة والموجودة فى المخازن، هل سوف تغلقها وهل سوف نعوض أصحابها ونحن مسؤولون عن ذلك لأن القرار كان فجائيًا وبدون فترة سماح طويلة حتى ينظم الناس أحوالهم.
ثم كيف سوف ينفذ القانون؟ هل سوف تقبض على عدة ملايين من سائقى التوك توك؟ وكيف؟ هل سوف تتفرغ الشرطة فى الظروف الأمنية الحالية لحل مشكلة التوك توك التى تسببت فيها الحكومة؟، هل سوف تصادر على الأقل ٣ ملايين توك توك وماذا تفعل بالتكاتك المصادرة؟ كيف سوف تجد عملًا لثلاثة ملايين سائق توك توك حتى يتم تطبيق نظام المينى فان؟ والذى سوف يستدعى إصدار رخصة للسيارة وللسائق.
الحقيقة أن المشكلة هى عشوائية القرارات والقوانين المصرية المتمشية مع عشوائية البناء، فالدولة هى التى سمحت باستيراد التوك توك وسمحت بتصنيعه ووافقت على أن يعمل بدون رخصة وسمحت لمن يقوده أن لا يحمل رخصة ولا يكون له عمر معين.
الحلول صعبة ومعقدة. إلغاء التوك توك قد يبدو أمرًا حضاريًا لكن تطبيقه مستحيل من الناحية العملية وقرار مجلس الوزراء لن ينفذ وأعتقد أنه يجب أن يعهد إلى مجموعة صغيرة أن تعد تقريرًا علميًا وعمليًا يراعى ظروف مصر وحجم وعرض شوارعها وعشوائيتها، وأعداد التوك توك الحالية وأعداد من يقودها ومن يركبها ويقدمون تقريرًا دقيقًا يعرض على الرأى العام لمناقشته، لأن التوك توك أصبح يهم الجميع. من يستخدمه كوسيلة مواصلات ومن يقوده كوظيفة ومصدر رزق ومن يصنعه وينتجه كرجل أعمال وعمال ومهندسين وراكب سيارة يرى فى التوك توك خطرًا فى الطريق وعلى رجل الشرطة الذى لا يعرف ماذا يفعل تجاه توك توك يسير بدون رخصة قيادة.
بعد ذلك التقرير والاستماع إلى الناس يكون قرار مجلس الوزراء مبنيا على دراسة حقيقية. هل الحل هو ترخيص جميع التكاتك فى مصر وعمل رخصة لمن يقودها؟ وتحديد مسارات محددة بدقة إذا خرجت عنها تعاقب؟، هل نتوقف عن إنتاج التوك توك تدريجيًا؟، هل حكاية المينى فان عملية وحقيقية واقتصادية يمكن تطبيقها؟، وإذا طبقت هل سوف يسمح باستيرادها أو تصنيعها فى منافسة حرة بدون احتكار؟. كل هذا سوف يظهر فى الدراسة وعلينا أن ننسى قرار مجلس الوزراء كما نسينا العشرات من قرارات المجلس عبر سنوات طوال لم يتم تطبيقها إلى أن نعرف «رأسنا من رجلينا».
قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك.

د. محمد أحمد غنيم يكتب: العائد المادى من برامج دعم المجانية لم يستخدم فى مركز الكلى ٢٤/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

قامت وزارة التعليم العالى بصياغة رد مستفيض على ما جاء فى مقالى المقتضب بـ«المصرى اليوم»، خصوصا على ما ناله من تأييد فى مقال الدكتورة/ سكينة فؤاد فى جريدة الأهرام.
وإعمالا بحق الرد على ما جاء فى بيان الوزارة فإنى أفيد بما يلى:
أولا: التلميح بأن أيديولوجيا الدكتور غنيم معروفة للجميع. ولا أخفى أننى يسارى منحاز لجموع المصريين ومن لا يكون فى بلد قد أضناه الفقر وتكالبت عليه المحن؟ كما أضاف بيان الوزارة أننى لست مطلعا على أخبار الجامعات بالرغم أنى عملت أستاذا ورئيسا للقسم منذ عام ١٩٧٦....!! وعلى دراية كافية بما يجرى بالجامعات الحكومية إلا ما يكون قد خفى منها لغياب الشفافية.
ثانيا: تصنيف الجامعات: التقييم الوحيد المعتد به والمنشأ على أساس علمى هو ما تقوم به جامعة شنغهاى. وكان يتضمن ترتيب أفضل ٥٠٠ جامعة فى العالم.. لا يوجد من بينها سوى جامعة القاهرة لحصول ثلاثة من خريجيها على جائزة نوبل، وقد يكون من المفيد عقد بعض المقارنات: فدولة الجوار الشرقية لها ٦ جامعات ولدولة جنوب إفريقيا والمملكة السعودية ثلاث جامعات لكل منهما..!!! وفى العامين الأخيرين توسع هذا التقييم ليشمل ١٠٠٠ جامعة فمثلت مصر بخمس جامعات منها جامعة المنصورة ويعلم القاصى والدانى السبب الرئيسى فى ذلك.
ثالثا: تشجيع الجامعات الحكومية على إنشاء برامج خاصة مدفوعة الأجر.. باعتبار أن هذا أحد الحلول لتنويع مصادر تمويل التعليم العالى. بل أفاد بيان الوزارة بأن نسبة الطلاب الذين يلتحقون بها لا تزيد على ٥% فهل يمثل هؤلاء مجتمع الـ٥%؟.. كما لم يفد مقال الوزارة عن قيمة هذه المصروفات، وأذكر هنا بعض النماذج: ٨٧ ألف جنيه للبرنامج الخاص بطب القاهرة و٥٠ ألف جنيه للبرامج الخاصة بهندسة القاهرة و٢٧ ألف جنيه للبرامج الخاصة بهندسة المنصورة و٥٠ ألف جنيه للبرنامج الخاص بكلية طب المنصورة.
والسؤال: من هم المطالبون بسداد مصروفات فى الجامعات الحكومية؟.. وقد أجيب عنه فى تقرير أعدته لجنة من كبار أساتذة الجامعات وتبنته هيئة العلماء والاستشاريين للرئاسة.. ويقرر أن من يتمتع بالمجانية هم الفائقون من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة من مصر.. أما من هم غير ذلك فعليهم سداد مصروفات.. وقد تضمن التقرير أيضا ضرورة أن يحصل الجميع على نفس المحتوى الدراسى وأن يحظوا بنفس الاهتمام. وفى هذا الخصوص أكد التقرير أن المجانية فى التعليم العالى يتحمل أعباءها دافع الضرائب واستمرارها مرهون بأداء الطالب والتزامه.
وقد أضاف بيان الوزارة أن فكرة استخدام العائد المادى للبرامج الجديدة فى دعم البرامج المجانية استخدمت فى مركز الكلى بجامعة المنصورة.. وهذه مقولة عارية من الصحة.. فلا يوجد قسم اقتصادى بهذا المركز فجميع المرضى سواسية.. وما يتقاضاه المركز من رسوم هى من قرارات العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحى.. والغالبية العظمى من الموارد تأتى من تبرعات وهبات تلقائية دون اللجوء لأى إعلان.
رابعا: الجامعات الأهلية: تقام الجامعات الأهلية بتبرعات المواطنين وليس لهم التدخل فى إدارتها كما لا يحصلون على أى أرباح منها.. أما أن تقوم الحكومة بإنشاء جامعات من المال العام فهى إذن ليست بالأهلية، كما أنه من المستغرب أن يقوم من يلتحقون بها بسداد مصروفات.
خامساً: الدولة تشجع الاستثمار فى التعليم الجامعى الخاص. فهنيئاً للمستثمرين الذين يحققون أرباحاً طائلة وفى الوقت نفسه لا يقومون بالإنفاق على البحث العلمى كما يقومون باستنزاف الجامعات الحكومية من كوادرها من أعضاء هيئة التدريس والذى قام دافع الضرائب بتكلفة تعليمهم وابتعاثهم للخارج. ومن الجدير بالذكر أن تقييم جامعة شنغهاى لألف جامعة لم يتضمن أى جامعة خاصة، بل لم تلحق به أقدمها وأكثرها شهرة وأعلاها غلواً فى مصاريف الالتحاق بها.
سادساً: جامعة زويل.. نشيد بالدولة التى قامت بتمويل إنشاء مبانى هذه المدينة والمدهش ألا تقوم بدعمها سنوياً من موازنة التعليم العالى والبحث العلمى.. وقد نجم عن ذلك أن جامعة زويل التى أقيمت بالمال العام قد تحولت بالتدريج إلى جامعة خاصة.. تتقاضى مصاريف من الطلاب الراغبين فى الالتحاق بها، بلغت ١٣٥ ألف جنيه هذا العام!!
أخيراً: الإعارة والانتداب.. أفاد رد الوزارة بأن تقنين الانتداب والإعارة لمدة عشر سنوات كان استجابة لمطالب جموع أعضاء هيئة التدريس.. ولا أدرى لماذا لم تستجب الوزارة لباقى مطالبهم ولماذا لم تستجب لمشروع إصلاح التعليم الجامعى الذى تبنته الهيئة الاستشارية لعلماء مصر.
وختاما: أرجو أن يكون هذا نهاية لحوار، وأن يكون نافعا، فلكم رؤيتكم ولى رؤية.
* أستاذ جراحة الكلى والمسالك البولية بمركز أمراض الكلى والمسالك البولية- جامعة المنصورة

خالد منتصر - العنف ضد الأطفال بدعوى التأديب جريمة - جريدة الوطن - 9/2019 /23

أثار فيديو ضرب الأب الفلسطينى المقيم فى السعودية لطفلته الصغيرة الغضب والاشمئزاز، الصدفة لعبت دوراً فى نشر الفيديو وتحرك السلطات وتحول هذا العنف لقضية رأى عام، المهم أن نحذف من قاموسنا مصطلح «التأديب» الخادع الذى نبرر به جريمة العنف ضد الطفل، لكن هل سنظل نخضع للصدفة أم أننا لا بد أن يكون لدينا قانون قائم على مبدأ مهم، وهو أن الطفل المشوه نفسياً نتيجة التعرض للعنف هو عبء وعالة وسيضار منه المجتمع كله، وأن الطفل ليس ابن الأب والأم فقط، هو فعلاً ينتمى إليهما بيولوجياً وجينياً، لكنه قبل ذلك ابن هذا المجتمع المسئول عنه، وإذا تعرض لسوء فإن المجتمع له الحق فى تربية هذا الابن التربية السليمة بعيداً عن مرضى الكبت من الآباء والأمهات، طفلك ليس عبداً أو معتقلاً عندك، ليس لوحة تنشين لرصاصاتك الطائشة، أو كيس رمل تتدرب فيه على لكماتك وتُخرج فيه أمراضك، تعالوا نتعرف على تجربة أمريكا مع قوانين تجريم العنف ضد الأطفال.. يُعد قانون منع إساءة معاملة الأطفال ومعالجتها (CAPTA) الذى أقرته الحكومة الفيدرالية فى عام 1974 وأعيد اعتماده فى عام 2010، أكبر مجموعة من التشريعات فيما يتعلق بالمعاملة العادلة والأخلاقية والقانونية للأطفال، ويهدف إلى إبقائها خالية من جميع أشكال الإساءة الجسدية والجنسية والعاطفية والنفسية، تتطلب هذه القوانين عادة من الأشخاص الذين يعملون عن كثب مع الأطفال فى مهنتهم تنبيه الشرطة أو السلطات المختصة فيما يتعلق بالإساءة المشتبه فيها، اعتباراً من مارس 2012، هناك 18 ولاية تقضى قوانينها بأن يُبلغ جميع المواطنين الذين لديهم معرفة أو يُشتبه فى تعرضهم للإساءة السلطات المختصة، تحدد الحكومة الحد الأدنى الذى يجب على الولايات الالتزام به من حيث القوانين المناهضة لإساءة معاملة الأطفال، وتعرف «الطفل» على أنه شخص دون سن 18 عاماً.
يعرف «القانون الاتحادى لمنع إساءة معاملة الأطفال ومعالجتهم» إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم على النحو التالى:
«أى فعل أو فشل فى التصرف من جانب أحد الوالدين أو القائمين بالرعاية يؤدى إلى الوفاة أو الأذى الجسدى أو العاطفى الشديد أو الاعتداء الجنسى أو الاستغلال أو فعل أو فشل فى العمل يمثل خطراً وشيكاً بحدوث ضرر جسيم».
تنص قوانين إساءة معاملة الأطفال أيضاً على أن الاعتداء الجنسى يعرف بأنه:
«توظيف أو استخدام أو إقناع أو تحريض أو إغراء أو إكراه أى طفل على الانخراط أو مساعدة أى شخص آخر على الانخراط فى أى سلوك أو محاكاة صريحة جنسياً لهذا السلوك بغرض إنتاج تصوير مرئى لمثل هذا السلوك أو الاغتصاب، وفى حالات القائمين بالرعاية أو العلاقات العائلية، أو الاغتصاب القانونى، أو التحرش الجنسى، أو الدعارة، أو أى شكل آخر من أشكال الاستغلال الجنسى للأطفال، أو سفاح المحارم مع الأطفال».
العديد من الدول تحدد تعاريف أخرى خاصة بإساءة معاملة الطفل البدنية وسوء المعاملة العاطفية وتعاطى المخدرات والإهمال، على سبيل المثال، تعاطى المخدرات هو عنصر من أشكال إساءة معاملة الأطفال فى العديد من الدول. تشمل الظروف التى قد تشملها هذه القوانين المتعلقة بإساءة معاملة الأطفال ما يلى:
التعرض قبل الولادة للمخدرات غير المشروعة أو غيرها من المواد.
صناعة المخدرات أمام الطفل.
بيع أو توزيع أو إعطاء الأدوية للطفل.
استخدام تلك المواد لدرجة أنه لم يعد بإمكانك رعاية طفل.
عادة ما يكون لدى الدول قوانين حول من يجب عليه الإبلاغ عن إساءة معاملة الأطفال، على سبيل المثال، فى جميع الولايات، يبلغ الأطباء والممرضون والمعلمون عن أى إساءة معاملة للأطفال.
تشمل العقوبات ما يلى:
سجن.
الغرامات.
التسجيل كجانٍ.
فقدان الحضانة أو حقوق الوالدين.
فى النهاية الولادة والتربية والحضانة ليست مجرد قدرة بيولوجية، ولكنها مسئولية، كن على مستوى تلك المسئولية، وإلا فلتعش أعزب وارحم الطفل ونفسك والمجتمع.

Friday, September 20, 2019

خالد منتصر - قصة الزانتاك والسرطان - جريدة الوطن - 9/2019 /19

أصدرت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة منشوراً يتضمن قرارات بسحب دواء «زانتاك»، ووقف تداول كل الأدوية التى تحتوى على المادة الخام «رانيتيدين»، وذلك بعد التقارير الدولية التى تحدثت عن شوائب مسرطنة بتلك المادة التى يصنع منها مستحضر «زانتاك»، وتضمن المنشور 3 قرارات، أولها سحب دواء «زانتاك» بكل تركيزاته، لحين التأكد من سلامة المستحضر وخلوه من الشوائب، كما تضمن قراراً بسحب عينات من المادة الخام «رانيتيدين» من جميع المصانع لتحليلها للتأكد من عدم وجود شوائب بها، ووقف تداول جميع المستحضرات التى تحتوى على المادة الفعالة «رانيتيدين»، بكل الأشكال الصيدلانية والتركيزات، لحين التأكد من خلوها من تلك الشائبة، لكن ما هى قصة معركة الزانتاك؟
تم العثور على مادة يمكن أن تسبب السرطان فى بعض أدوية الحرقة والقرحة الرانيتيدين، بما فى ذلك عقار Zantac الذى يحمل علامة تجارية، ويجرى التحقيق فى مصدر هذه الشوائب، كما يقول تقرير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، مادة الـNDMA هى نفس الشوائب المتهمة بأنها مسرطنة والموجودة فى العديد من العلامات التجارية لضغط الدم وأدوية قصور القلب خلال العام الماضى، مما أدى إلى منعها ومراقبتها فى العام الماضى.
ينصح المرضى الذين يتناولون رانيتيدين بوصفة طبية ويريدون التوقف عن استخدامه بمناقشة البدائل مع مقدم الرعاية الصحية، كما نصحت إدارة الأغذية والعقاقير أولئك الذين يتناولون رانيتيدين بدون وصفة طبية (OTC) يمكنهم التبديل إلى أدوية أخرى.
NDMA هو ملوث بيئى موجود فى الماء والأطعمة، بما فى ذلك اللحوم ومنتجات الألبان والخضراوات. تصنف على أنها مادة مسرطنة محتملة للإنسان.
وقال الدكتور ديفيد روبينز، رئيس قسم المناظير فى مستشفى لينوكس هيل فى مدينة نيويورك: «تبقى الشوائب الدوائية مصدر قلق وطنى كبير، ونصيحتى المؤقتة للمرضى بسيطة: التبديل إلى دواء آخر... وبالطبع، أكِّد مع طبيبك على الحاجة لمضادات الحموضة».
قالت إدارة الأغذية والعقاقير إنها تقيم ما إذا كانت المستويات المنخفضة للـNDMA فى الرانيتيدين تشكل خطراً على المرضى، وإنها ستنشر هذه المعلومات عندما تكون متاحة.
فى بيان، قالت شركة الأدوية Sanofi التى تصنع Zantac، إنها «تأخذ سلامة المرضى على محمل الجد، ونحن ملتزمون بالعمل مع FDA».
فى غضون ذلك، قالت الدكتورة جانيت وودكوك، مديرة مركز تقييم الأدوية والأبحاث التابع لإدارة الأغذية والعقاقير، إن إدارة الأغذية والعقاقير تعمل مع المنظمين الدوليين والشركاء فى الصناعة لمعرفة أين نشأ التلوث.
وقالت فى بيان صحفى: «الوكالة تدرس مستويات NDMA فى رانيتيدين وتقييم أى خطر محتمل على المرضى». «ستتخذ إدارة الأغذية والعقاقير التدابير المناسبة بناءً على نتائج التحقيق الجارى».
الرانيتيدين يقلل من كمية الحمض الناتجة عن المعدة، وتمت الموافقة على رانيتيدين بدون روشتة OTC لمنع وتخفيف حرقة المعدة، وتمت الموافقة على رانيتيدين بوصفة طبية لعدد من الاستخدامات، بما فى ذلك العلاج والوقاية من قرحة المعدة والأمعاء.
وقالت وودكوك: «تحقق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية فى NDMA وشوائب أخرى من النتروزامين فى أدوية ضغط الدم وفشل القلب التى تسمى حاصرات مستقبلات Angiotensin 2 منذ العام الماضى».

Thursday, September 19, 2019

خالد منتصر - الرسالة الأخيرة من د. عصمت شيبة - جريدة الوطن - 9/2019 /18

كان رحيل د. عصمت شيبة، أستاذى وأستاذ أجيال عديدة فى طب قصر العينى، صدمة كبيرة ومؤلمة، فقد كان يمثل لى الصرامة العلمية واحترام المنهج العلمى فى التفكير، فقد كان محارباً صلباً فى هذا المجال، وتلك كانت رسالته الأخيرة لى -رحمه الله- حول هذا الموضوع، يقول د. شيبة:
ما تعريف منهج التفكير العلمى؟
المنهج العلمى هو مجموعة من التقنيات للتحقيق فى الظواهر والأفكار، واكتساب معارف جديدة، أو تصحيح ودمج المعرفة السابقة. ولكى يطلق عليها مصطلح «علمى»، فإن طريقة التحقيق تستند عادة إلى أدلة تجريبية أو قابلة للقياس تخضع لمبادئ منطقية محددة. مع أن طبيعة وطرق المنهج العلمى تختلف حسب العلم المعنى، فإن هناك صفات ومميزات تميز البحث والتقصى العلمى عن غيره من أساليب التقصى وتطوير المعارف. عادة يضع الباحث العلمى فرضية أو مجموعة فرضيات كتفسير للظاهرة التى يدرسها ويقوم بتصميم بحث تجريبى لفحص الفرضيات التى وضعها عن طريق فحص تنبؤاتها ودقتها. ويمكن أن تتشكل فرضيات جديدة يتم فحصها. وبناء على التجربة يكون استنباط الحقائق.
ولشرح هذا أكثر فإننا سوف نعطى مَثَلين أحدهما يخص أمراً علمياً بحتاً، وآخر يخص قراراً اقتصادياً، ونرى كيف يمكن تطبيق منهج التفكير العلمى فى الأمرين.
أولاً المثل العلمى: هل يمكن استخدام عقار الأسبرين للإقلال من احتمال حدوث أورام بالقولون. البداية تبدأ بالظاهرة وهى ملاحظة أن المرضى الذين يأخذون الأسبرين لتفادى حدوث جلطات نسبة حدوث أورام بالقولون لديهم أقل. هذه هى الظاهرة، ولكن ما الأدلة التجريبية القابلة للقياس؟
يجب تصميم تجربة تقارن نسبة حدوث سرطان القولون فى الذين يأخذون والذين لا يأخذون الأسبرين. وفى تصميم واستنتاج النتائج من مثل هذه التجربة هناك ضوابط دقيقة جداً (ليس هذا مجال لتفاصيلها) ولا يمكن الإخلال بها حتى نتمكن من الوصول للحقيقة. وبعد ذلك تكون هذه التجربة عرضة للإعادة مرات ومرات حتى يمكن أن ترسخ كحقيقة.
هذا فيما يخص الأمور العلمية، فهل ينطبق هذا المنهج أيضاً على الاقتصاد؟
الإجابة بالتأكيد نعم، ولنأخذ مثلاً لذلك.. لاحظ أحد الأشخاص أن الناس يستخدمون الأطباق الفخار المعرضة للكسر خاصة مع الأطفال وقد تساعد فى انتشار العدوى. هذه هى الظاهرة. فدرس إيجابيات وسلبيات أن يصنع أطباقاً من أنواع مختلفة من البلاستيك فوجد أن الإيجابيات قد تفوق السلبيات. فقرر أن يقوم بالتجربة وهى إنشاء مصنع صغير لا يتجاوز غرفتين كان يعمل فيه هو وزوجته فقط. هذه هى التجربة.
وسوَّق للمنتج الجديد فوجد أنه يلاقى إقبالاً شديداً. هذه هى نتيجة التجربة، فتوسع فى مصنعه ليكون مبنى منفصلاً يعمل فيه نحو 50 عاملاً ونجح المصنع الجديد. هذه هى إعادة التجربة. والآن أصبح من كبار العاملين فى هذا المجال. السؤال هل لو كان أقام مصنعاً كبيراً عندما أتت له الفكرة هل كان سيحقق نفس النجاح؟
الإجابة: كان سيكون احتمال النجاح 50%. إذن، إذا كنت تريد أن تكون خطواتك ثابتة لا مناص من اتباع المنهج العلمى حتى فى الاقتصاد. والقياس على ذلك هو التجربة المصرية الشهيرة فى إلغاء ثم عودة سنة سادسة ابتدائى.
والآن ما أهمية ذلك؟ أهميته هو أن ندرك أن منهج التفكير العلمى هو أسلوب الحياة المناسب لهذا العصر ويجب أن يكون الهدف الأساسى من أى منهج تعليمى من التعليم الأساسى إلى أعلى الدرجات العلمية. ومن المفارقات أن أول من دعا إلى هذا المنهج هو عالم الرياضيات العربى الشهير «ابن الهيثم» من العراق عام 965-1039 وأخذه عنه الأوروبيون وها نحن ما زلنا لم نعِ هذه الحقيقة فكانت قراراتنا عشوائية قد تنجح مرة ولكنها تفشل فى كثير من المرات.

Tuesday, September 17, 2019

هل نترك الخارج يصوغ عقول المصريين؟ بقلم د. محمد أبوالغار ١٧/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


جلست أمام التليفزيون فى محطة بى بى سى لأشاهد الديمقراطية العظيمة فى جلسة البرلمان البريطانى على الهواء مباشرة، التى أجبرت رئيس الوزراء على الالتزام برأى الأغلبية. فكرت فى الأمر ووجدت أننى لم أشاهد التليفزيون المصرى فى السنوات الثلاث الأخيرة على الإطلاق باستثناء بعض مباريات كرة القدم، وأننى أشاهد فقط بين سبورت الرياضية وربما الأخبار فى بى بى سى أو سى إن إن، إذا كانت هناك أحداث مهمة، ومعلوماتى فى معظمها تأتى من اشتراكى على النت فى النيويورك تايمز والباقى من وسائل التواصل الاجتماعى. وأنا مشترك فى الأهرام والمصرى اليوم وأشترى الشروق يومياً. وكل هذه الصحف مجتمعة تأخذ حوالى ٢٠ دقيقة فى قراءتها لأن الصفحة الأولى فى معظم الأحيان تكون دعاية متطابقة، وصفحات الرأى أصبحت فى الكثير من الصحف وباستثناءات قليلة غير مشجعة على القراءة. بعض الموضوعات الثقافية والرياضية قد تستحق المتابعة.
هناك حقائق يعرفها الجميع وتعرفها الدولة، والمسؤولون عن الإعلام والصحافة بأن توزيع الصحف المصرية وصل إلى أدنى حد له فى تاريخها الطويل والعريق، وأن هناك خسائر باهظة قد تصل إلى المليارات فى الإصدارات القومية التى يوزع بعضها مئات وربما عشرات من النسخ والصحف الخاصة عندها صعوبات مادية وتكافح من أجل البقاء والاستمرار.
أما البث الأرضى فلا يوجد بيت فى قرية صغيرة فى مصر ليس به طبق لمشاهدة القنوات الفضائية، وأصبح التليفزيون المصرى بجميع قنواته نسبة مشاهدته ضئيلة للغاية وتأثيره تقريباً منعدماً. وحين كان التليفزيون المصرى فى عهود سابقة غير قادر على المنافسة الإخبارية لأسباب تقنية وأسباب رقابية لكنه كان مكتسحاً لكل من يتحدث العربية وذلك بالمسلسلات المصرية والأفلام والبرامج الثقافية.
الأمر الآن اختلف فنحن لم نتقدم فى البرامج الإخبارية ولكننا تقهقرنا فى البرامج الثقافية وحدث ضعف شديد فى المستوى الفنى للمسلسلات والأفلام المصرية، وأصبحت المسلسلات السورية واللبنانية والتونسية، وطبعاً التركية المدبلجة فى المقدمة.
الأسباب معروفة وهى تلخص فى نقطتين، الأولى وجود خوف شديد عند كل الكتاب والمؤلفين والمسؤولين فى الصحف وفى التليفزيون والإذاعات من أن بعض الكلمات أو البرامج قد لا تعجب بعض المسؤولين فيتم إيقافها عن العمل، فالرقابة الداخلية الشخصية قد تكون أسوأ من رقيب خارجى يرفض ويوافق لأنها تضغط على خلايا المخ وتهدر الأفكار المبدعة وتسطح ما يكتب، والنهاية أن ما تخرجه مصر العظيمة قد توارى واختفى وظهر على السطح محدودو الموهبة الذين يستطيعون أن يكتبوا كلاماً لا معنى له أو مديحاً مستمراً بسبب وبدون سبب، وفى التليفزيون نفس الأمر المبدعون الحقيقيون ليس لهم مكان فى مسلسلات أو أفلام يشترط فى كتابتها أفكار وطرق معينة.
النتيجة هى ضعف مصر خارجياً بأقوى سلاح لدينا وهو القوى الناعمة التى اكتسحنا بها العالم العربى سابقاً فلم نعد نكسب جوائز السينما ولا التليفزيون ولا حتى أصبح نجومنا الجدد معروفين فى الخارج ولا حتى فى مصر.
قد يتساءل البعض: لماذا نجح إعلام عبدالناصر الموجه؟ والإجابة: لأنه قام على مجموعة من الفنانين الذين تركت لهم الحرية لإنتاج مسلسلات وأفلام ومسرحيات، وأيضاً فى هذا الزمان لم تكن هناك منافسة الفضائيات والإنترنت والصحف الأجنبية.
ما هى النتيجة؟ هى أننا كمصر قمنا بصرف مبالغ هائلة على الصحف والإذاعة والتليفزيون بدون عائد حقيقى مادى أو معنوى لشعبنا أو للقيادة. النتيجة هى أن من يتحكم فى الشعب المصرى الآن إخبارياً المحطات الفضائية الأجنبية. من يجيدون لغات أجنبية يشاهدون القنوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والجميع يشاهدون بى بى سى العربية، والكثيرون يشاهدون قناة الجزيرة، ويبدو أن قنوات الإخوان لها نسبة مشاهدة ضخمة فى مصر. ونحن لا نفعل شيئاً غير أن نشتم بعض هذه القنوات ونتهمها بالإسفاف والكذب وقلة الأدب، وهذا ليس له أهمية لأن الشىء الوحيد المفيد هو أن أجذب المشاهد المصرى والعربى للتليفزيون المصرى.
أما الصحف فالبعض يقرأ على النت ما يريده ولكن وسائل التواصل الاجتماعى اكتسحت كل شىء وأصبح المتابعون لها عشرات الملايين، وأى خبر يريد مسؤول أن يخفيه يكون معروفاً لكل مواطن فى لحظة حدوثه. وفى هذه الوسائل هناك معلومات دقيقة وأخرى كاذبة وأخرى مضللة وهناك من همه الوحيد هو الهجوم على الدولة وقلة الأدب وهناك كتائب إلكترونية معروفة للجميع تدافع عن كل شىء بطريقة مستفزة.
وسائل التواصل الاجتماعى نسبة استخدامها مرتبطة بحجم الحرية فى وسائل الإعلام، ففى الغرب نسبة المشاهدة قليلة وفى العالم الثالث مرتفعة.
تبذل دول العالم الثالث مجهوداً ومبالغ طائلة لمحاولة الرقابة وإغلاق مواقع بعض الأفراد أو الهيئات، ولكن ذلك لن يكون ممكناً فى المستقبل القريب، لأن بث هذه الوسائل عن طريق الأقمار الصناعية أصبح وشيكاً. أيام عبدالناصر كان التشويش على الإذاعات الأجنبية روتينيا والآن لا نستطيع منع قناة تليفزيونية من الوصول إلى الناس، وسوف ينطبق ذلك على التواصل الاجتماعى قريباً.
كيف تستعيد مصر مكانتها الإعلامية والثقافية؟ وكيف نعود للرصانة والمعلومة الصحيحة فى إعلامنا؟ لا يوجد إلا حل واحد هو ترك الحرية للصحف والقنوات التليفزيونية والتزام الجميع بميثاق شرف أخلاقى. ما نفعله الآن فى إعلامنا أدى إلى خسارة هائلة للدولة اقتصادياً وإعلامياً وثقافياً. والإعلام بهذه الطريقة يضعف النظام ولا يحميه.
نريد أن نحمى مصر ونريد لها النجاح والتفوق ولا نريد فوضى. الحل فى أيدينا؛ فالعالم أصبح قرية صغيرة.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

خالد منتصر - بلوغ الغاية باحتياجات السبايا - جريدة الوطن - 9/2019 /16

صدق الرئيس حين قال فى مؤتمر الشباب الأخير إن هناك أدمغة تخلفت ثمانية قرون عن العالم، وأعتقد أن هناك مجاملة فى هذا الرقم لأن تلك الأدمغة تخلفت أربعة عشر قرناً، يكفى أن يخرج علينا شيخ له أتباع وعائد ليخطب من على منبر مسجد شهير، ليقول لنا مبرراً ومدافعاً عن السبى بأن السبايا لهن احتياجات إنسانية ولا بد من تلبيتها!!، فى زمن اتفاقيات حقوق الإنسان تخرج مثل هذه التصريحات الفاشية المتخلفة المنافية لأى تحضر أو إنسانية، وبعد ذلك تسألوننا عن داعش من أين أتت؟!، والمفروض أن أمثال هذا الشيخ هم رموز الوسطية!، فهل هى وسطية ثمانمائة عام مضت؟
تعالوا نستمع إلى بعض الفتاوى والأفكار لنعرف هل عاد هؤلاء من رحلة الثمانمائة عام:
«أقصى مدة للحمل أربع سنوات»، قالها رمز وسطى ومُفتٍ سابق، قالها فى زمن السونار رباعى الأبعاد والقدرة على تحديد جنس الجنين!!
«هناك شركات سويسرية تنتج أدوية بول بعير»، قالها رائد الإعجاز العلمى وبالطبع قال لن أذكر اسم تلك الشركات حتى لا أعمل لها دعاية!!
«توجد غدة فى النساء تجعلها تنسى وتجعل شهادتها نصف شهادة الرجل»، قالها شيخ له أكثر عدد من الفولورز على تويتر والفيس بوك وهم بعشرات الملايين، وبالطبع قال إنه قد نسى اسم تلك الغدة!!
«هل سيدخل مجدى يعقوب الجنة؟»، سؤال احتل مقدمة اهتمامات طالبى الفتوى فى أكشاك فتاوى مترو الأنفاق ومن بينهم من كان يبكى طلباً لتدخل أنامل يعقوب السحرية لإصلاح صمام فى قلب ابنه أو ترميم عيب خلقى فى قلب ابنته!!
«نكاح البهائم والزوجة الميتة أفعال لا يقام عليها الحد»، تصريحات وفتاوى دكتورة ودكتور فى الأزهر ونجوم فضائيات يشار لهما بالبنان!!
«زواج طفلة الكى جى حلال بلال»، يقولها داعية سلفى وأيقونة حزب سياسى والأهم أنه طبيب أطفال!!
«التماثيل أصنام وأبوالهول يجب تحطيمه»، داعية يعلنها فى برنامج جماهيرى ويحتفى به الإعلام والمهم أنه غير متهم ولم يدخل الزنزانة بتهمة التحريض!!
«سرقة الآثار حلال»، قالها داعية على الهواء مباشرة، هذا الداعية كانوا يستعينون به فى وقت الثورة لحل المنازعات وتجميع المعونات، والمهم أيضاً أنه لم يسارع بالاختفاء بعد هذا التصريح بل سارعنا نحن بالاحتفاء به!!
«ضرب الزوجة بشرط عدم تكسير عظامها»، قيلت فى برنامج لمن أوكل إليهم تجديد الخطاب!!
«الشطافة تفطر»، قالها شيخ تابع للجنة الفتوى تحطيماً لكل ما تعلمناه فى علم الأناتومى بأن هذا المكان هو مخرج للجهاز الهضمى وليس مدخلاً!!
«السجود يشفى الصداع وإبليس سيقوم بعد الجمرات التى رُمى بها طيلة تلك الملايين من السنين يوم القيامة»، معلومات أهداها لنا أستاذ طب شهير حاصل على أعلى الدرجات العلمية!!
هل ما زال لديكم شك فى أننا تخلفنا ثمانية قرون؟!

Sunday, September 15, 2019

خالد منتصر - البدانة تعرضك لـ١٣ نوعاً من السرطان - جريدة الوطن - 9/2019 /14

فى دراسة أمريكية حديثة تم ربط السمنة بزيادة خطر الإصابة بما لا يقل عن 13 نوعاً من أنواع السرطان. وجدت دراسة جديدة أن هذه الأنواع من السرطانات قد تتزايد بشكل غير متناسب بين الشباب فى الولايات المتحدة.
خلال السنوات الـ17 الماضية، زادت التشخيصات الجديدة للسرطانات المرتبطة بالسمنة، خاصة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاماً، بينما انخفضت معدلات التشخيصات الجديدة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاماً أو أكبر.
كان التحول فى السرطانات المرتبطة بالسمنة أكثر وضوحاً بين الأقليات العرقية والإثنية، حيث شهدت النساء والرجال السود واللاتينيون أعلى نسبة مئوية.
وأكدت الباحثة سيران م. كوروكيان، مدير الموارد المشتركة لتحليلات سرطان السكان فى مركز كيس الشامل للسرطان فى كليفلاند بولاية أوهايو، فى تصريح لـMedscape Medical News عبر البريد الإلكترونى: «تشير دراستنا إلى أنه من الأهمية بمكان بالنسبة للأطباء إجراء تقييم كامل لأعراض السرطان حتى عند المرضى الأصغر سناً، خاصة عندما يكونون يعانون من السمنة المفرطة».
تسلط النتائج الضوء على الحاجة إلى الفحص الفردى والتدخلات لمكافحة السمنة.
وأكد البحث أن «الأطباء يجب أن يحثوا المرضى الصغار على الحفاظ على وزنهم الطبيعى لأن السمنة تعزز السرطان أو تسرعه. وتشير الأدبيات إلى أن السرطانات المرتبطة بالسمنة لدى المرضى الأصغر سناً قد تكون أكثر عدوانية وحاضرة فى مراحل أكثر تقدماً، مما يتطلب علاجاً أكثر كثافة».
تم نشر الدراسة على الإنترنت فى 14 أغسطس فى JAMA Network.
وقالت: «الزيادة فى السرطان لدى الشباب الذين هم فى ذروة سنواتهم الإنتاجية تعنى فقدان الإمكانيات الاقتصادية والوفيات المبكرة».
يلاحظ الباحثون أن البيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تشير إلى أن زيادة الوزن أو السمنة ساهمت فى 40٪ من أنواع السرطان التى تم تشخيصها فى عام 2014. إن الزيادة فى هذه الأنواع من السرطانات، بالإضافة إلى زيادة معدلات السمنة فى الفئات العمرية الأصغر سناً، أثارت السؤال ما إذا كانت معدلات السرطان ترتفع فى الشباب؟
لتحرى المشكلة، قام الفريق بتحليل البيانات من يناير 2000 إلى ديسمبر 2016 من قاعدة بيانات المعهد الوطنى للسرطان والوبائيات والنتائج النهائية (SEER)، والتى تمثل سكان الولايات المتحدة وتشمل نحو 97٪ من حالات السرطان الجديدة التى تم تشخيصها فى المناطق التى شملها الاستطلاع.
تضمن التحليل 2٫665٫574 تشخيصاً جديداً للسرطان مرتبطاً بالسمنة (70.3٪ منهم من النساء) و3٫448٫126 تشخيصاً جديداً للسرطان مرتبطاً بالسمنة (32.0٪ منهم من النساء). استبعدت الدراسة سكان ألاسكا الأصليين والأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً والرجال المصابين بسرطان الثدى.
السرطانات المرتبطة بالسمنة شملت سرطان القولون والمستقيم، سرطان الثدى «الإناث»، سرطان الرحم والمرارة وغيرها من أنواع السرطانات الصفراوية، سرطان المرىء والمعدة والكبد والقناة الصفراوية داخل الكبد والبنكرياس والمبيض والكلى والحوض الكلوى، سرطان الغدة الدرقية والمايلوما.
بين الأشخاص فى الفئات العمرية الأصغر سناً، كان هناك أيضاً احتمال أكبر لأن المعدلات السنوية للحالات الجديدة من السرطان المرتبطة بالسمنة تفوق السرطانات التى لا تتعلق بالسمنة.
فى بيان صحفى، خلص المؤلف البارز ناثان أ. بيرجر، دكتوراه فى الطب (مركز الحالات الشاملة للسرطان، كلية طب جامعة كيس وسترن ريزيرف، كليفلاند، أوهايو) إلى:
«نعلم جميعاً أن جهود التثقيف فى مجال الصحة العامة مهمة لمعالجة تأثير البدانة على صحة الأفراد ونوعية حياتهم. هذا التحليل لبيانات SEER يثبت النقطة على مستوى السكان، مع نتائج درامية لمجتمعات السود واللاتين. من الحكمة أن يستمر الممارسون والمسئولون فى مجال الصحة العامة فى بذل الجهود لإبلاغ الناس بالنتائج الضارة للسمنة، ودعم الأفراد والمجتمعات فى تغيير السلوكيات التى تسهم فى السمنة».
تم تمويل هذه الدراسة من قبَل المركز الوطنى للسرطان.

مكونات الشخصية الإنسانية بقلم الأنبا موسى ١٥/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

تتحدد ملامح الشخصية الإنسانية من خلال تفاعل الإنسان (فى مراحل عمره المختلفة) مع البيئة (بكل مكوناتها المحلية والعالمية).. إذن، فهناك عنصران يشاركان فى تكوين وتحديد معالم الشخصية، وهما: الإنسان، والبيئة.
١- الإنســـان
المكونات الأساسية للطبيعة الإنسانية هى:
١- الروح: العنصر الذى به يتجاوز الإنسان محدوديته، ليدخل إلى اللامحدود. فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى يتجاوز ذاته. وما يراه وما يعرفه، وما يحس به، إلى عالم «الميتافيزيقيا» أى «الماورائيات».. ماذا وراء المادة؟ والكون؟ والزمن؟ والطبيعة؟ والموت؟ إنه العنصر الذى من خلاله يعرف الإنسان الله. ويكون له اتصال بالحقائق الإيمانية، ويتطلع إلى السماء والخلود.
والإنسان منذ فجر الخليقة كائن متدين.. حتى إذا ما أخطأ فى معرفة من هو الله، فتصوره قوة كالنار، أو مصدر حياة فقط كالشمس، أو غير ذلك من التصورات الوثنية القديمة.. إلا أنه فى النهاية دائمًا يسأل عن غير المحدود، أساس الكون، مصدر الحياة، معنى الوجود، وماذا وراء هذا الوجود؟
٢- العقل: وهو عنصر التفكير والاستيعاب والإدراك والتعبير والتحاور والاكتشاف والاختراع.. إنه ليس كالعقل الغريزى الذى للحيوانات، والذى من خلاله يتعرف أن هذا طعام، أو أن هذا صيد ثمين، وكيف يصل إليه؟
العقل وزنة إلهية، لأنه عطية الله للإنسان. ومن خلاله يتأمل ويدرس ويستنتج. ومن خلاله يقترب من معرفة الله العظيم غير المحدود. وبالقطع العقل الإنسانى محدود، ويستحيل أن يدرك اللامحدود، ولكنه يستطيع أن يستنير بروح الله، ليدرك الكثير من حقائق الإيمان. العقل يبدأ والإيمان يكمل!! دون مصادمة، ودون استغناء الواحد عن الآخر!! وكما يقول بولس الرسول: «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عب ٣:١١). إنه كالعين المجردة المحدودة، التى تحتاج إلى التلسكوب، لترى ما هو بعيد، وما هو فوق طاقتها. فلا العين تستغنى عن التلسكوب، ولا التلسكوب يستغنى عن العين.
٣- النفس: وفيها الغرائز (الدوافع النفسية) الأساسية جدًا لاستمرار النوع الإنسانى: كالجنس، والطعام، والخوف، والاستطلاع.. إلخ. وفيها أيضًا الحاجات النفسية المختلفة: كالحاجة إلى الحب، والأمن، والتقدير، والانتماء. وكذلك الأفعال المنعكسة بدءًا من الرضاعة، إلى كل فعل منعكس آخر، أساسى لحفظ الإنسان. وفيها الدوافع العامة: كالاستهواء، والتقليد. وفى النفس أيضًا عناصر أخرى مكتسبة (غير تلك الموروثة) مثل: العواطف، والعادات، والاتجاهات.
ولاشك أن للنفس دورا مهما فى تحديد ملامح الشخصية، بما فيها من أمور طبيعية يمكن أن تفيد وأن تضر، وبما لابد منه من تسام بدوافع معينة، وما لابد من ضبطه من عواطف، أو التخلص منه: كالعادات الضارة، أو اكتسابه: كالعادات البناءة، أو فحصه: كالاتجاهات.. بل بما يحدث فى النفس من متاعب بسبب مصادمات الحياة المختلفة، وما يعتريها من قلق واكتئاب وحيرة وخوف وتأزم.. ما هو طبيعى، وما يمكن أن يكون مرضًا يحتاج إلى تدخل من الأطباء.
٤- الجسد: فجسد الإنسان، بصحته أو أمراضه المختلفة، له دخل فى تحديد ملامح الشخصية.. العاهات الجسمية وأثرها.. مراحل العمر.. مستوى الجمال.. نوع التغذية.. طول القامة.. وأمور أخرى كثيرة، يمكن أن يكون لها عائد على الشخصية، وعلى رأى الإنسان فى نفسه، ومدى ارتياحه ورضاه، وتمرده ورفضه، واجتهاده فى تغيير ملامح معينة، وكذلك ما يتعرض له الجسد من حوادث وأمراض مختلفة تؤثر فى قدرة الحركة، والإنتاج، والتأثير.. إلخ. أو ما يؤثر فى الصحة الجسدية: كالتدخين والمخدرات والمسكرات والأمراض المنقولة جنسيًا والإدمان الكمبيوترى.. وغيرها.
٢- البيئــــة
لاشك أن للبيئة أثرها الخطير فى تحديد ملامح الشخصية، ففرق بين طفل تربى فى بيت محافظ، وآخر تربى فى بيت متفكك.. وفرق بين طفل نشأ فى بيئة زراعية، وآخر فى بيئة صناعية، أو ريفية، أو حضرية.. فى حىّ شعبى، أو فى حىّ أكثر تحضرًا.. فى أسرة متعلمة أو جاهلة.. فى مدرسة جيدة فى تربيتها، أو أخرى رديئة أو مهملة.. ألعاب الطفولة مختلفة.. وسائل الإعلام مختلفة.. فقر وغنى.. مستوى الألفاظ.. الشجار.. السفر داخل أو خارج القطر.. أمور كثيرة لها تأثيرها على تكوين الشخصية وملامحها.
إذن فالتربية المقصودة وغير المقصودة، كلتاهما لها أثر جبار فى تحديد ملامح الشخصية.
وهذا لا يعنى أن الغنى والتحضر دائمًا أمران جيدان، أو أن الفقر والحىّ الشعبى أمران سلبيان. فهناك معايير وقيم وملامح مختلفة حسنة وسيئة فى كل بيئة.. المهم أن كل هذا يترك بصماته على الشخصية الإنسانية.
البيئة إذن هى:
١- المنزل، الأسرة، الحىّ.
٢- الحضانة والمدرسة والجامعة.
٣- دور العبادة، ومدى التواجد فيها والتأثر بها.
٤- المجتمع، والوطن.
٥- العالم على اتساعه من خلال الرحلات ووسائل الاتصال.
إن التفاعل بين مكونات الإنسان نفسه، ومكونات البيئة، هو الذى ينتج لنا نوع الشخصية، ويحدد ملامحها.
ولكن هذه الأنواع يمكن تعديل كل ما هو سلبى فيها، واكتساب ما هو إيجابى، وذلك من خلال التربية الشاملة: المنزل، والمدرسة، والمجتمع.. إذا أحسنا قيادتها حتى نصل إلى إنسان سوىّ عمومًا.. وشخصية متكاملة ومثمرة وناجحة.. وهذا ما نسميه بناء الإنسان المصرى، ويجب أن يكون من أهم القضايا المثارة على الساحة.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


Friday, September 13, 2019

كلمة أخيرة فيها انطلاق مصر بقلم د. وسيم السيسى ١٤/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

اتصلت بى السيدة نهلة سالم محمد سالم تشكرنى على كتابى الأخير، المسكوت عنه فى التاريخ، وتعتب علىّ بخلى وعدم إسهابى فى الكتابة لأن كل موضوع يحتاج كتابًا له وحده!
استمرت المكالمة عشرين دقيقة قالت: بكل أسف أولادى يتعلمون بالخارج، وابنتى الصغيرة ١١ عامًا أخاف عليها يقصون شعرها، وإذا حدث لا قدر الله فهى صدمة نفسية لن تبرأ منها العمر كله! انتهى كلام مدام نهلة سالم.
سمعنا عما حدث، ولم نسمع عن العقوبة! يقولون: حالات استثنائية، ونسوا أن أى ظاهرة شريرة تبدأ بحالات استثنائية! إن إقدام المجرم من تراجع الدولة، وقوة المجرم من ضعف الدولة الممثلة فى سيادة القانون.
جونار ميردال صاحب كتاب «الدراما الآسيوية» يحدثنا عن العامل المشترك الأعظم بين الدول الرخوة «الفاشلة»: غياب سيادة القانون.
تحول الإنسان من حيوان الغابة إلى إنسان بقانون إلهى: جنة أو نار، وقانون بشرى: حرية أو سجن أو إعدام.
حاصرت البحرية الأمريكية ولاية أركانسو، وألقت القبض على ناظر مدرسة والمحافظ مع مئات المتظاهرين، لأن الناظر رفض قبول بنتين سوداوين، مخالفًا الدستور: نحن لا يهمنا لونك أو دينك، يهمنا أن تعطى هذا البلد أفضل ما عندك وسيعطيك هذا البلد أفضل ما عنده، فى ظرف أسبوع كان الناظر والمحافظ فى السجن، والبنتان فى المدرسة!
أمر محمد على باشا بإعدام مصرى قتل يونانيًا، وأعلن محافظ الإسكندرية أن الباشا سوف يشنق كل من يعترض على هذا الحكم.. هيبة الدولة فى سيادة القانون.
رفض مجلس العموم البريطانى توجيه اللوم لمستر كنج رئيس تحرير التايمز بناء على طلب تشرشل، قال رئيس المجلس: الويل لنا إذا خالفنا القانون حتى نكسب الحرب! مستر كنج من حقه أن يهاجم تشرشل كما شاء! هذا يذكرنى بأن أعظم كلمة فى قاموس أى لغة هى كلمة: النقد أى الإيجابيات والسلبيات، وطرق العلاج، كما يذكرنى بكلمات شارل ديجول أثناء الحرب العالمية الثانية: فرنسا بخير ما دام القانون بخير! إذا كان التاريخ هو وعاء للتجارب الإنسانية، فماذا نأخذ منه، وماذا نترك؟!
آخذ من عبدالناصر انفتاحه على إفريقيا، وقوته كرجل دولة، وأترك ديكتاتوريته وصدامه مع الدول الشريرة، وآخذ من السادات حنكته ودهاءه «كانت جولدا مائير تسميه the black fox وأترك تمزيقه للنسيج الاجتماعى والتقرب إلى جماعة على حساب الوطن.
آخذ من مبارك كلامه القليل ومواقفه الوطنية فى صمت أمام إسرائيل، وأترك إهماله الجسيم للتعليم ومصر كلها، وترك الحكم لأسرته، وكارثة التوريث من بعده!
الشىء الوحيد الذى ينفرد به الإنسان أنه كائن حى ذو تاريخ، وعلينا أن نتعلم من إنجازاته، ونتجنب انتكاساته.
كلمة أخيرة فيها انطلاق مصر: للقانون أنياب ومخالب على المجرمين، وللقضاء قبضة حديدية، وإن بدت فى قفاز حريرى.


د. مينا بديع عبدالملك يكتب عن: د. عزيز سوريال.. عميد مؤرخى العصور الوسطى بقلم ١٣/ ٩/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

وُلد عزيز سوريال عطية فى ٥ يوليو ١٨٩٨ بقرية العايشة من قرى مركز زفتى – محافظة الغربية. وبعد حصوله على شهادة البكالوريا التحق بكلية طب قصر العينى. ولوطنيته وحماسه وقف بشجاعة معهودة ضد الاحتلال البريطانى، ففصلته الإدارة الأجنبية من الجامعة! فعمل لوقتها بوزارة الزراعة فى وظيفة صغيرة. وفى أثناء عمله درس فى مدرسة الحقوق الفرنسية ووقتها أعُلن عن دراسات مسائية للمعلمين العليا، فسارع للالتحاق بها ولنبوغه الشديد احتل المركز الأول فى الامتحان النهائى عام ١٩٢٧ على طلبة القسمين المسائى والنهارى، مما حدا بوزارة المعارف لإرساله فى بعثة دراسية إلى إنجلترا. وقد كان وقتها يرغب فى دراسة التاريخ القديم والحديث حيث أنه لم يكن مُلماً بتاريخ العصور الوسطى، ولكن بعد حضوره أول محاضرة فى التاريخ الوسيط اكتشف ميوله وأصبح يتابع أستاذه بروفسور «كوبلنت» (توفى عام ١٩٧٥ عن عمر يناهز ١٠٠ عام). وتمخضت دراسته فى البداية عن البحث الأصيل فى حروب الفرنجة (التى يُطلق عليها اسم الحروب الصليبية). وأصر وقتها الممتحن الخارجى عميد المؤرخين فى إنجلترا على أن تكون هذه الدراسة للدكتوراه بدلاً من الليسانس إلا أن الجامعة لم تجد فى قوانينها ما يبرر ذلك. فحصل على درجة الليسانس فى تاريخ العصور الوسطى والحديثة من جامعة ليفربول بمرتبة الشرف الأولى عام ١٩٣١.
وبمناسبة الحديث عن جامعة ليفربول، أذكر أنه فى عام ١٩٨٦ كنت فى مهمة علمية فى العلوم الرياضية بجامعة ليفربول، وكنت دائم المراسلة مع د. عزيز سوريال عطية. وفى رسالة منه إلىّ بتاريخ ٥ يونيو ١٩٨٦ كتب يقول: (.. أكتب لأشكركم على تذكرى وأيامى فى ليفربول لا يمكن أن تُنسى راجياً لكم أياماً مثلها مملوءة بالنجاح، ولعلكم تعلمون أننى أحرزت هنالك أعلى الدرجات الأكاديمية التى يمكن الحصول عليها، وكم يسرنى لو أستطعت العودة ولو لزيارة خاطفة أراكم فيها وأجدد ذكريات العشرينات والثلاثينات من هذا القرن..). رسالة تنم عن التواضع الشديد والحقيقى. وفى سنة ١٩٣٣ حصل على درجة الدكتوراه فى الدراسات العربية والإسلامية (قرن ١٤) من جامعة لندن. وفى العام التالى صدر له أول كتاب بعنوان (حملة نيكوبلى الصليبية) والذى أعيد طبعه للمرة الثانية عام ١٩٧٨. ثم أعقبه المرجع الضخم الذى يُعد المرجع الأساسى فى مجال الحملة الصليبية وذلك عام ١٩٣٨ بعنوان (الحملات الصليبية فى العصور الوسطى المتأخرة) وقد أعيد طبعه عام ١٩٦٥. وقد وصف العالم الأستاذ «جون لامونت» هذا المرجع بأنه عملاً أصيلاً فى هذا الحقل. وقد لقى د. عزيز سوريال عطية من أساتذة جامعة لندن تقديراً واحتراماً، فرشحوه للعمل فى هيئة التدريس بالجامعة. وبعدها حصل على درجة دكتوراه فى الآداب وهى أعلى درجة علمية تُمنح لعالم فى إنجلترا. وفى عام ١٩٣٥ أنتقل من لندن إلى بون بدعوة من المستشرق الألمانى «بول كالى» وانضم لعضوية هيئة التدريس بمعهد الدراسات الشرقية بتلك الجامعة. وعند قيام الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩ عاد إلى وطنه مصر حيث شغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة وقام بتدريس مادة تاريخ العصور الوسطى. وفى عام ١٩٤٢ انتقل إلى جامعة الإسكندرية حيث شغل وظيفة أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب حتى عام ١٩٥٤. وفى خلال تلك الفترة عمل فى وظيفة وكيل كلية الآداب (١٩٤٩ – ١٩٥٠) ثم رئيساً لقسم التاريخ بها (١٩٥٢ – ١٩٥٤). وفى أثناء ذلك (١٩٤٩ – ١٩٥٠) اختارته جامعة الإسكندرية للمشاركة فى رحلة علمية إلى دير سانت كاترين بسيناء، بالاشتراك مع المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان وذلك بهدف تصوير مخطوطات ووثائق مكتبة الدير. وبعبقريته وصبره وإخلاصه وتفانيه فى العمل كشف عن عدد من مخطوطات الدير النادرة وبخاصة فيما يتعلق بتاريخ المسيحية الشرقية وآدابها حيث قام بتصوير المهم من هذه المخطوطات فى حوالى ٢ مليون صفحة فى ١٢ لغة أهمها اليونانية وثانيهما فى الأهمية العربية. وقد قامت دار نشر «جون هوبكنز» عام ١٩٥٥ بنشر كتابه بعنوان «المخطوطات العربية فى دير سيناء». وعندما ذاع صيت الدكتور عزيز سوريال طلبته جامعات أوروبا للتدريس بها. وعندما زار الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٥٠ كأستاذ زائر فى مشروع هيئة الفولبرايت والخاص بتبادل الأساتذة فى مصر، طلبته أكثر من عشرين جامعة أمريكية للتدريس فيها، فحاضر فى جامعات ميتشجن وكولومبيا وإنديانا. وكان موضوع محاضراته بوجه عام «فترة الحروب الصليبية والعلاقات فى العالم الإسلامى وأوروبا المسيحية فى العصور الوسطى» وبخاصة فى المجالات الثقافية والتجارية.
وفى عام ١٩٥٤ قام الدكتور عزيز سوريال بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور سامى جبره مدير معهد الآثار المصرية سابقاً والأستاذ مراد كامل أستاذ اللغات السامية بجامعة القاهرة ومدير مدرسة الألسن بتأسيس معهد الدراسات القبطية بالقاهرة أسوة بالنشاط المتميز الذى تقوم به جمعية مارمينا العجايبى للدراسات القبطية بالإسكندرية (تأسست فى نوفمبر ١٩٤٥) فى خدمة الدراسات القبطية، حيث أعجب بنشاطها الدكتور عزيز سوريال وأشترك فى تحرير رسائلها السنوية. وللأسف أنتهى تاريخ المعهد فى وقتنا الحاضر لعدم وجود متخصيصين!
ثم زار الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى عام ١٩٥٥، ووقتها اختير أستاذاً زائراً للدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأدنى فى جامعة ميتشجن. ثم اختير أستاذاً لتاريخ المسيحية فى العالم عام ١٩٥٦ وذلك بالمعهد اللاهوتى بنيويورك. وفى عام ١٩٥٧ اختير أستاذاً للتاريخ العربى والإسلامى بجامعة برنستون خلفاً للأستاذ الدكتور «فيليب حتى» (١٨٩٩ – ١٩٧٨) الذى كان قد تقاعد عام ١٩٥٤، وفى العام التالى انتخب عضواً بمعهد الدراسات العليا الأمريكية الذى يضم كبار علماء العالم فى العلوم الرياضية والطبيعية والإنسانية، وقد أختير مكتبه مواجهة للمكتب الذى كان يشغله عالم الطبيعة «أينشتاين» ولم يلبث أن اجتذبته جامعة «يوتا»، وهناك اهتم بتأسيس مركز الدراسات العربية والمتعلقة بالشرق الأوسط وظل مقيماً هناك منذ عام ١٩٥٩ حتى وفاته فى سبتمبر ١٩٨٨ مكرساً نفسه تكريساً تاماً لخدمة هذا المركز. وهناك بدأ يُعلم الأمريكان اللغة العربية ويعمل على انتشارها، وفتح فصولاً لتعليم اللغة العربية لأساتذة الجامعات الأمريكية، وهذا ما حدا بالمنظمة المصرية- الأمريكية فى العشرين من إبريل ١٩٨٦ ولأول مرة تقديم جائزة الخدمات المرموقة إلى ذلك المؤرخ المصرى الكبير وذلك لما أسهم به فى مجال الدراسات العربية والجهد الجبار الذى بذله فى جامعة «يوتا». وفى عام ١٩٦١ منحته جامعة «بادون ولسن» درجة الدكتوراه الفخرية فى القانون تقديراً لخدماته العلمية فى أمريكا كما انتُخب فى مجلس أمناء جماعة الدراسات الشرقية بنيويورك التى تجمع كبار المستشرقين المهتمين بالدراسات الشرقية.
وبعد زهاء نصف قرن من هذا العمل المُثمر فى خدمة الوطن والكنيسة، وفى ٢٤ سبتمبر ١٩٨٨ ترك الدكتور عزيز عطية قلمه ومكتبه وأصدقاءه وتلاميذه ومضى إلى ربه تاركاً لنا سيرته المضيئة وأعماله الخالدة وقدرته الحقيقية. رحم الله الدكتور عزيز سوريال نظير ما قدمه للبشرية جمعاء ولوطنه مصر بصفة خاصة من أعمال عظيمة سجلها له التاريخ بأحرف من نور.


خالد منتصر - ماذا علمتنا تجربة «بليغ»؟ - جريدة الوطن - 9/2019 /12

فى ذكرى بليغ حمدى دائماً تصدمنا الأسئلة وعلى رأسها سؤال مؤرق، لماذا تعاملنا مع بليغ حمدى بهذه القسوة وبتلك اللامبالاة؟
الخلاصة أننا شعوب لا تستطيع استيعاب جنون الفنان الحقيقى وجموحه، نعتبره كائناً مزعجاً إذا خرج عن السياق، وكائناً جميلاً حبوباً إذا صار نسخة رديئة منا، لكن قراءة رحلة بليغ وتجربته بالقدر الذى تسمح به تلك المساحة تمنحنا بعض الرسائل، منها:
- توهج الإبداع ليس له سن وغالباً قمة التوهج تكون فى الشباب، وإذا سمحت لهذا التوهج والجنون أن يستمر فى اشتعاله، سيمنحك أجمل مخزون إبداعاته، شاب فى العشرينات من عمره، هجر كلية الحقوق باحثاً عن حلمه الموسيقى، يجلس بمنتهى الثقة ليعزف لحنه أمام كوكب الشرق بناءً على نصيحة الفنان محمد فوزى، لم تستطع أذن أم كلثوم أن تقاوم أو تكابر، لم تقل هذا مجرد «عيل»، جلست بجانبه على الأرض وتسلطنت، مثلث الحكاية فيه أيضاً ضلعان مهمان، الضلع الأول أم كلثوم التى تطارد الفن أينما كان ومعيارها الوحيد هو الموهبة، والضلع الثانى محمد فوزى الذى توارى خلف الكاميرا ليتيح لـ«بليغ» أن يتألق ويظهر.
- الفنان الحقيقى لا يبحث فى المضمون والجاهز، الفنان الجاد المبدع بجد هو الذى يتعب ويجتهد ولا يرضى بالسائد، كان هناك عبدالحليم الجاهز وأم كلثوم المتاحة، لكنه بحث ونقب فى التربة المصرية والعربية، فاكتشف عفاف راضى وعلى الحجار وسميرة سعيد وميادة والعشرات غيرهم.
- الفنان لا يخجل من قصة عشقه وحكاية حبه، بليغ كان دوماً فى حالة حب مزمن، كان حبه وقود إبداعه وسبب عذابه فى الوقت نفسه، كان لا يضع أقنعة فى حبه ولا يعبأ بالقيل والقال فى قصص عشقه، يحب وفقط، مهما قالت قبيلة النميمة.
- الفنان لا يكره وطنه، برغم أنه عاش فى منفى، وتخلى عنه الكثيرون، وعاش فترة كبيرة فى نهاية حياته مطارداً، وهو صاحب «ع الربابة» و«عدى النهار»، إلا أنه عندما عاد أهدانا أيقونة الشجن الوطنى «بوابة الحلوانى»، وغنى وكتب شوقاً لمصر وهو نازف الجرح «مهما بعدت عنك عمرى ما حانسى إنك أمى وإنى ابنك وإنى حتة منك».
- الفنان يخاصم السائد ويخرج ويشرد عن القطيع ويطير خارج السرب، الكل يهاجم أحمد عدوية بنفس الجمل والاتهامات، يأتى بليغ ليلحن لـ«عدوية»، صم أذنيه عن الهجوم الكاسح، وسبح ضد التيار، لأنه مؤمن بأن عدوية صوت جميل وخامة جيدة، ونجح عدوية واكتسح بألحان بليغ.
- برغم البوهيمية والتمرد اللذين وضعاه دائماً فى إطار وتصنيف غير حقيقى، مما جعل المتدينين يتوجسون منه، إلا أنه لحن أجمل ما غنى النقشبندى، «مولاى إنى ببابك»، يعنى الذى لحن لعدوية أجمل موال، لحن للنقشبندى أجمل إنشاد.
- الفنان لا يلعب دائماً فى المضمون، فالأغانى هى المكسب المضمون، وتلحينها يحقق الثروة، لكن بليغ اختار وحارب وخسر أموالاً نتيجة إصراره على اقتحام حقول ألغام غير مضمونة مثل مجال الأوبريتات المجهدة التى من الممكن استغلال وقتها فى تلحين عشرات الأغنيات مضمونة المكسب والنجاح، لكنه الفنان المهموم بفنه، الذى يسكنه جنون الفن وسحره.

Wednesday, September 11, 2019

خالد منتصر - عن العلاج بالحجامة والعسل - جريدة الوطن - 9/2019 /11

وصلتنى هذه الرسالة من الصديق د. بهى الدين مرسى عن موضة العلاج بالحجامة والعسل والكروبيوتيك.. إلخ، أختار منها هذه الفقرات المهمة:
مسمى «العلم» يعنى أن هناك فروضاً تم إخضاعها للاستقراء والبحث التجريبى، وإثبات النتائج وتحليلها وربطها بالرصيد المعرفى السابق للعلوم، وفى النهاية يتم استخلاص النتائج، وتظل هذه النتائج قيد الثبات إلى أن تجهض بإثبات جديد.
1- الحجامة: وتتم بوخز الجلد فى عشرات النقاط المتجاورة، واستنزاف الجلد بالشفط الخارجى حتى يسيل الدم، والحصيلة هى كتلة من الدم المتخثر الداكن يتجمع فى كأس الشفط، ومعروف علمياً أن الدم المستنزف هنا مصدره الشعيرات الدموية وهى شبكة التقاء الشرايين الدقيقة بالأوردة الدقيقة فى محيط النسيج، وبعد الإرواء الدموى يتحول لون الدم الشريانى من الأحمر القانى (مؤكسج) إلى دم وريدى خالٍ من الأكسجين بعد استهلاكه من قبل الخلايا وهو أقرب إلى القرمزى الداكن، بل أحياناً أقرب إلى الأزرق فى لون كبدة الدجاج النيئة، الطريف أنك ستسمع الحجّام وهو يصيح مندداً: «يا إلهى.. كل هذا دم فاسد»!!!
لا يوجد بالجسم دم «فاسد» وآخر «صالح»، بل هناك دم شريانى وردى يزور الخلايا الحية ويسلمها حمولة الأكسجين ويعود حاملاً ثانى أكسيد الكربون ليصبح بعدها قرمزياً داكناً ويذهب الدم للرئة، وهناك يفرّغ حمولته من ثانى أكسيد الكربون ويتم تحميله «بالطلبية» الجديدة من الأكسجين ويعود ليوزعها وتتكرر العملية فيما يعرف بالدورة الدموية.
إذن، لا يوجد دم فاسد بالجسم، ولا علاقة لهذا الإدماء بشفاء أى مرض، ولا يعترف الطب أو العلم بهذا الإجراء كعلاج لأى مرض.
الحجامة نُسبت إلى النبى الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وإن صح أنها كانت فى حياته، فهى أيضاً كانت من نصيب الكفار وأبى لهب، فلا توجد أسانيد للنصح النبوى بها، فالنبى الكريم لم يبعثه الله فينا إلا ليتمم مكارم الأخلاق ولم يخبرنا رب العزة أنه مرسل للتداوى.
بعد كل هذا، يتبقى أثر الإدماء والتسبب فى فقر الدم، واحتمالية نقل العدوى الفيروسية من متحجّم لآخر عبر أدوات الحجّام، لا توجد كلية طب فى العالم أجازت الحجامة كإجراء علاجى، ولا يوجد بحث علمى واحد رصد أى فائدة منها، قد يقول قائل: ولكنى جربتها وفلحت!! بالطبع لن أكذبك، فهذا ما تظنه أنت بالإيحاء، وما أدراك ما الإيحاء.
2- التداوى بعسل النحل استقراءً للآية الكريمة «يخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»(النحل - 69)، وقد ظن البعض أن المقصد الربانى هو أن عسل النحل صيدلية للتداوى من أى مرض.
يا سادة يا كرام، هناك فرق بين لفظ «الشفاء» الوارد فى الآية الكريمة ولفظ «الإبراء». الشفاء ينصب على فك الغمة ورفع علل الصدور وهو الضيق، وهو مرادف للاعتلال النفسى- «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ» أما لفظ «الإبراء»، فهو علاج المرض العضوى مثل إبراء الأكمه، كما جاء بالقرآن الكريم.
(وَرَسُولاً إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ)، عسل النحل به كميات هائلة من سكر الفاكهة تكفى لإدخال مريض السكر فى غيبوبة وربما تنتهى بالوفاة، أما التداوى بلسع النحل، فهو ببساطة تجرّع كميات ضئيلة من السم (أى مادة مضرة لوظائف الجسم هى سم) ومغازلة جهاز المناعة وتحفيزه للتعامل مع السم، ولكن لا ضمانة بقدرة الجسم على التخلص من أثر لدغة النحل وقد تحدث الوفاة، ويزخر تاريخ الطب بضحايا لقرص النحل شأنه شأن النمل والعقرب والثعبان وقنديل البحر.