Translate

Friday, February 28, 2014

أين المفك.. عفواً.. المفر؟ إسعاد يونس ٢٨/ ٢/ ٢٠١٤

■ وإلى أين المفر؟؟؟؟
■ إحنا متورطين فى نفسنا.. من الواضح إننا خدنا فينا مقلب.. لا طايلين نرجع للقديم ولا قادرين نخلق جديد من نفسنا.. إحنا اتزنقنا ياجدعان..
■ أشعر كأن شريرًا خبيثًا اشترى صفقة مفكات صغيرة من الصين برخص التراب ورشها على الناس من الجو بأعداد مهولة تكفى التعداد..
■ والناس ماشية فى الشارع.. كل واحد له طريق وخطة ونظام.. كل واحد عامل كونترول على نفسه وحاطط قواعد أيا كانت هذه القواعد.. يعنى كل واحد رابط صواميله كويس.. فجأة هبطت عليهم زخات المفكات المرسلة من مجهول دى..
■ انحنى الجميع على الأرض ليلتقط هذه المفكات.. وكل واحد وقف مش فاهم إيه ده.. ولا الغرض من رشه عليهم فى شكل هبة مجانية كده.. لكن بفعل الثقافة المحدودة كل واحد قال فى عقل باله «مفك يعنى بيفك».. وغاب عن ذهن الجميع أن المفك بيربط كمان، لكن تقول إيه لقلة العلام..
■ الصورة كما أتخيلها: كل واحد واقف حيران ف إيده مفك.. أول حاجة حايعملها إنه يبص للى جنبه طبعا.. هو كمان جاله مفك؟.. إذن هى حرب المفكات.. نفك إيه نفك إيه؟؟.. طيب فتوح كلام كده.. نفك بعض.. مش من فترة كده كان لما واحد يشتم زميله يقوم يقوله «حاضرب مفك ف صدرك أفكلك اللحام»؟..
■ كل واحد ميّل عاللى جنبه وبدأ يفك فى صواميله ولحامه.. كل شىء كان مربوط بيتحل ويرخرخ.. كل فكرة.. كل معتقد.. كل مفصلة.. كل مقدس.. كل علاقة بكل شىء..
■ كل راسخ أصبح ماسخ..
■ وبما إن المربوط اتفك.. والصواميل بهوأت عالآخر.. وبما إن الإنسان هو اللى بيدور عجلة الحياة.. فكل شىء حواليه كمان اتفك..
■ علاقته بالموروث والتقاليد والأعراف.. علاقته بالقوانين والمؤسسات والأنظمة.. علاقته بالمقدسات.. علاقته بالبشر اللى حواليه.. كل شىء..
■ ورغم إن كل واحد فينا متورط فى ظروفه المادية والمعنوية.. متورط فى علاقته بما حوله فى شؤون العمل والدخل وأكل العيش.. متورط فى علاقته بالوطن الآمن اللى عاش فيه قبل كده.. مش عارف يفضل مؤمن بيه والا يكفر.. متورط فى معتقداته اللى بتتغير مع بندول الساعة طبقا لمجريات الأمور والصدمات العصبية اللى بيتلقاها.. وفى انهيار قيم كان مؤمن بيها ومثل عليا كان بيمشى وراها.. إلا إن ولا واحد فينا حاسب خسايره الفعلية ولا مفندها.. ولا واحد فينا بيحاسب نفسه هو شريك بأى قدر فى هذه الخسائر.. محدش بيحاسب نفسه لأن صواميل عقله وضميره فكوا.. لدرجة إنى أحيانا أشعر إن البنى آدم من دول فك صواميل نفسه الأول قبل ما يفك صواميل جاره كنوع من الاستخسار والأنانية..
■ أصبحت هناك حالة إدمان للجعجعة.. أنا أجعجع إذن أنا موجود.. بالرفض بالشجب بالاعتراض بالتريقة بقلة الأدب بالعنف اللفظى والبدنى.. شعب عامل دوشة فظيعة فى الكورة الأرضية.. وفى لحظة العالم حايزهق ويقفل الصوت.. حايتفرج علينا عالصامت من باب التسالى فقط.. جرب وانت بتتفرج على مشهد صاخب جدا ومزعج ومش عاجبك فى التليفزيون تقفل الصوت.. سوف تتضاعف متعتك.. ستجد نفسك فجأة بتتفرج على كوكب القرود..
■ الأهم من ده كله إننا واخدين قرار بالتغاضى تماما عن أخطائنا الشخصية.. ومرتاحين جدا لفكرة إلقاء الذنب على الغير.. بقينا شعب نواح لوام شكاء بكاء.. غير واقعى بالمرة.. فمعظم بلاوينا إحنا اللى خلقناها لنفسنا.. ولكننا لم ولن نعترف.. عايزين أى شماعة نرمى عليها عجزنا وفقر حيلتنا وقصورنا فى التفكير والاجتهاد.. نرمى التهمة ونطالب بالحل المعجزة وننام متسلطحين على قفانا وممتلئين غرور إننا ناضلنا وعلّينا الحنجورى.. ولذلك مش حايعيشلنا مسؤولين..
■ نحن حتى لا نرتب أولوياتنا.. ولا نأخذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بعيشتنا وخصوصياتنا.. لذلك هناك سبهللة شديدة فى إدارة أمورنا الحياتية.. وكذلك نحن لا نربط أنفسنا بالوطن تحت ادعاء إنها ماجاتش عليا.. إحنا بنزبل فى الشارع لأنها ماجاتش علينا.. وبنهدر فى المياه والكهربا وفى الأكل والشرب.. وبنتخانق حيث يجب أن نتعاون.. وبنغجر حيث الأدب مطلوب.. وبنفقد الصبر على الناس اللى مستحملانا بالعافية.. وبنتتنك عالغلبان ونطاطى للخسيس.. كل المعادلات مغلوطة..
■ كان المتوقع بعد الإخوان ماغاروا فى ستين داهية أن نتوقف لحظة ونعيد ترتيب أفكارنا.. لكننا استحلينا هوجة التفرقة اللى زرعوها فينا.. كأنه داء سرطانى وانتشر.. كان المفروض أن نلملم أنفسنا ونحدد مين عدونا نحن الكتلة الأكبر من الشعب.. بقايا القرف الذى رحل.. أذنابه على الأرض.. نحدد كنيتهم ومواقعهم ونحصرهم.. نكيسهم فى كبسولة ونحطهم على جنب بحيث ما يكعبلوش المسيرة.. ثم نتوكل على الله ونتوجه حيث الهدف اللى كلنا عارفينه بالفطرة لكن متجاهلينه بالغباوة.. لكن الفلحسة والكلام النظرى والترهل الفكرى جعل الخلايا الخبيثة تعود للانتشار طالما لم يحدث استئصال متخذة أشكال جديدة.. نتيجة طبيعية خدناها فى أولى ابتدائى..
■ المشكلة فينا يا سادة.. نحتاج إلى إعادة برمجة أنفسنا قبل تعليق المشانق للغير.. المسألة بسيطة.. كل واحد لديه خريطة نفسه.. عليه أن يضعها أمامه ويرسم متى حاد عن الطريق.. كيف ترهلت إرادته أو أخلاقه.. متى تخلى ولعبها سلبية أو ندالة.. فى أى لحظة قرر بينه وبين نفسه أن يكون كريم أو وضيع.. على فكرة كل واحد عارف حجم مشكلته، لكن مش بيواجه نفسه.. نقدر نقول نوع من الاستهبال.. ومدام فيه حد تانى ألعنه وأسبه وألومه وأحمله كل بلاويه.. يبقى أتعب ليه؟..
■ المفك لايزال فى جيبى.. حاستخدمه صح المرة دى.. حاربط كل المفكوك وأرجع عقلى وضميرى وأخلاقى زى ماكانوا.. أنا النواة وأنا أول وأهم حلقة فى السلسلة.. كلمتين علينا أن نرددهم بيننا وبين أنفسنا.. إذا كنا عايزين ربنا يكرمنا..
■ مش عايزين يبقى السلامو عليكوا.. ومفيش عليكوا السلام..

Tuesday, February 25, 2014

مسيحيو المشرق إلى أين؟ بقلم د. مراد وهبة ٢٥/ ٢/ ٢٠١٤

سؤال هذا المقال كامن فى البيان الختامى للمؤتمر الأول لـ« مسيحيى المشرق» الذى انعقد فى بيروت فى أكتوبر عام ٢٠١٣، والذى جاء فيه أن «مسيحيى الشرق الأوسط هم أبناء المنطقة، ويجب أن يبقوا فى مناطقهم». ثم اتفق المشاركون على «مواصلة العمل لتدعيم العيش فى المجتمعات التى يعيش فيها المسيحيون مع المسلمين».
وفى ٢٥/ ١٠/ ٢٠١٣ أعلن البطريرك المارونى بشارة الراعى فى مؤتمر صحفى أن «المسيحيين مواطنون أصليون وأصيلون وليسوا أقلية ولا يحتاجون أى حماية. ونطالب المعتدلين من المسلمين بأن يقولوا للتكفيريين هذا ليس إسلاماً. الإسلام حضارة، والحركات الأصولية تشوه الإسلام». وعندما فرغت من قراءة هذين الخبرين ورد إلى ذهنى كتاب للقس الدكتور أندريه زكى، نائب رئيس الكنيسة القبطية الإنجيلية، كان قد أهدانى إياه فى فبراير ٢٠٠٦، عنوانه الرئيسى «الإسلام السياسى والمواطنة والأقليات»، وعنوانه الفرعى «مستقبل المسيحيين العرب فى الشرق الأوسط». والمشترك بين الخبرين والكتاب هو المسيحيون العرب، وغير المشترك هو أن الكتاب صدر قبل ثورات الربيع العربى، أما الخبران فقد تم نشرهما بعد هذه الثورات.
والسؤال إذن:
هل ثورات الربيع العربى أضافت بُعداً جديداً لإشكالية المسيحيين العرب؟
الجواب بالإيجاب، وهو يكمن فى أن هذه الثورات قد أُجهضت بعد اختطافها من قِبل الإخوان المسلمين الذين استولوا على السلطة وشنوا حملة على المسيحيين وأحرقوا أكثر من خمسين كنيسة.
هذا عن جواب الخبرين، فماذا عن جواب الكتاب؟
جوابه نوجزه فى تحليله لأزمة مسيحيى المشرق من أجل تكوين رؤية مستقبلية لمجاوزة تلك الأزمة. والأزمة، فى رأى أندريه زكى، سببها طرفان: الإسلام السياسى واللاهوت المسيحى السلبى.
والسؤال إذن:
ما دور كل منهما؟
الإسلام السياسى بدايته مع حسن البنا فى تأسيسه للإخوان المسلمين فى عام ١٩٢٨ وتطوره عند سيد قطب. عند حسن البنا الإسلام هو الدولة وهو الوطن. ومهمة الدولة ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية تمهيداً لتأسيس الخلافة الإسلامية. فريضة الجهاد عنصراً أساسياً فى فكره. أما عن سيد قطب فالحداثة الغربية مرفوضة لأنها جاهلية، والبديل الحاكمية التى تعنى الخضوع المطلق لله، ثم الحاكم ممثل الله على الأرض. والمسيحيون العرب ذميون وليسوا مواطنين.
هذا عن الإسلام السياسى فماذا عن اللاهوت المسيحى؟
إنه لاهوت سلبى حاكم لذهنية الأقباط فى مصر والموارنة فى لبنان. فابتداء من منتصف القرن العشرين انسحب الأقباط من الحياة السياسية إثر ثورة ٥٢، وأصبحت الكنيسة هى الصوت السياسى وتداخلت مع الدولة فى كراهية اليهود، إذ أفتى البابا شنودة الثالث، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية، بأن اليهود ليسوا شعب الله المختار، وأن فلسطين ليست أرض الميعاد، أما الموارنة فكانوا على الضد من قبط مصر.
ويرى أندريه زكى أن تفكيك طرفى الأزمة يستلزم تأسيس لاهوت مسيحى جديد تكون فيه العروبة بديلاً عن القومية العربية وتكون فيه الشمولية أساس العروبة.
والرأى عندى أن المطلوب من القس الدكتور أندريه زكى إعادة طبع كتابه بمقدمة جديدة يعيد فيها النظر فيما استجد من مصطلحات وظواهر جديدة أصبحت شائعة ومتداولة بعد ثورات الربيع العربى. وكل ذلك يستلزم فقهاً جديداً ولاهوتاً جديداً يستند إلى مفهوم جديد عن الله.

Monday, February 24, 2014

الاسم: مثقف.. وأنت مابتعرفش لباسم يوسف بالشروق 25/2/2014

فى يوم ١٦ أبريل ٢٠١٣ كتبت فى هذا المكان مقالا بعنوان «قطعة البازل الناقصة». فى هذا المقال تكلمت عن النظرة الضيقة التى ينظر بها اتباع الاسلام السياسى إلى العالم وكيف يسوقون لك امثلة ناقصة من الغرب ليبرروا منطقهم المغلوط ومفهومهم المنقوص عن الحرية والديمقراطية. وضربت أمثلة كثيرة عن ذلك منها هذه المعلومة المغرضة التى تقول ان عددا من دول العالم يذكر دين الدولة فى الدستور. اذن فلا بأس من صبغ الدستور المصرى بصبغة دينية. ولكنه يتجاهل حقيقة أن هذه الدول لا تستخدم هذه المواد لفرض تشريعات ذات قدسية دينية ولا ينتهكون حقوق الاقليات بحجة شريعة دينية وأن الحكم اولا واخيرا فى هذه الدول هو حكم علمانى صريح.
أتذكر كيف احتفى بهذا المقال من يطلقون على أنفسهم ليبراليون. بل اتصل بعضهم ليهنئونى شخصيا. اليوم نفس مدعى التنوير والليبرالية يضعون أنفسهم مكان الاسلاميين ويستمتعون بالنظر من خلال نفس العدسة الضيقة.
اليوم نرى من يسوق الينا منطقا منقوصا عن تداول السلطة والديمقراطية، مثل هذه الكاتبة المثقفة التى ظهرت فى أحد البرامج التليفزيونية لتهاجم من يعترض على ترشح وزير الدفاع للرئاسة فتستخدم نموذجا تراه هو الاصلح للاتباع وهو نموذج إسرائيل!!
فتقول هذه الكاتبة المفكرة المثقفة: «انا مش فاهمة اللى زعلانين من ترشح المشير السيسى للرياسة. ماتبصوا لاسرائيل! فكل رؤساء ووزراء اسرائيل عسكريون خدموا فى جيش الدفاع وارتقوا فى مناصبه ورشحوا أنفسهم لرئاسة الوزراء». ثم تضيف: «احنا بقى عايزين ديمقراطية زى إسرائيل».
لا برافو!!!
لكن وماله، فلنحاول تطبيق هذا النموذج الديمقراطى الرائع التى تنادى به هذه الكاتبة المثقفة. ولكن بشرط أن نأخذ النموذج بالكامل بدون زيادة أو نقصان حتى نحقق لكاتبتنا المثقفة حلمها بالديمقراطية الاسرائيلية.
مبدئيا المجتمع الاسرائيلى مجتمع معسكر بالكامل. فليس هناك أى عذر يعفيك من أداء الخدمة العسكرية. فى سن 18 عاما كل الذكور والاناث (اكرر: الاناث) مطالبون بأداء الخدمة العسكرية ولمدة ثلاث سنوات حتى وان كان يعيش بالخارج والا وقع تحت طائلة القانون. ولذلك فلا يمكن فعليا وصول أى مواطن إلى مناصب السلطة أو حتى يحيا حياة طبيعية الا لو قام بتأدية الخدمة العسكرية. وبعد اداء الخدمة العسكرية يظل المجتمع بالكامل على قوة الاحتياط وتحت رحمة التعبئة العسكرية فى أى وقت.
العرب بصفة عامة لا يدخلون الجيش، كما أن بعض الجماعات الدينية مثل طائفة «الهاريدي» و«الناتورى كارتا» لا يدخلون الجيش لأسباب دينية.
اذن لنبحث عن اقلية لنعفيها من اداء الخدمة ولنتفق على عدم دخول المتدينين إلى الجيش المصرى. ايه رأى حضرتك لغاية دلوقتى؟ مبسوطة؟
أيضا يعطى الجيش الاسرائيلى مميزات متعددة لمن ينهون الخدمة العسكرية، منها مثلا اربعة آلاف دولار سنويا لمدة اربع سنوات للمساعدة فى المصاريف الجامعية، كما يعطى دعما ماديا وعينيا فى مجالات الاسكان وكوبونات للطعام وقروضا ميسرة سواء قروضا شخصية أو لبدء مشروعك الخاص، بل وتعطى احدى شركات المحمول خصما للمكالمات والرسائل القصيرة لمن ادى الخدمة العسكرية. اذن يا سيادة المثقفة المتنورة لنفعل ذلك هنا.
لن اخوض طبعا فى ممارسات وانتهاكات الجيش الاسرائيلى التى تريد مثقفتنا العزيزة ان نمتثل لمصيره فهذا وحده يحتاج لمجلدات. ولكننى أريد ان امد الخط على استقامته لنتتبع مصير قادة اسرائيل الذين انهوا خدماتهم العسكرية ثم اصبحوا زعماء ورؤساء للوزراء. فهذا هو لب النقاش مع صديقتنا المثقفة.
فلم نر عزيزتى المفكرة وزيرا لدفاع اسرائيل (هذا النموذج الذى قمت باختياره) يرشح نفسه «من الباب للطاق» لرئاسة الوزراء. فمثلا بنيامين نتنياهو الذى انهى خدمته مع حرب 73 سافر إلى امريكا ليدرس الهندسة المعمارية فى معهد ام أى تى، ثم درس الادارة فى هارفارد، وفين وفين لما رجع لاسرائيل لينخرط فى الحياة الحزبية ويتنافس على رئاسة الحزب ويخسر مرة ويفوز مرة لينال هذا المنصب منتصف التسعينيات ثم يخسره ثم يفوز به مرة اخرى حتى اصبح رئيس الوزراء الحالى.
فى اسرائيل يكون منصب الوزير منصبا سياسيا فنرى وزير الخارجية يتحول لوزير دفاع ثم يصبح وزير بنية تحتية. وكل ذلك فى ظل منافسة شرسة داخل حزبه أو مع الاحزاب الاخرى المنافسة. ولكن ان تأتى انت اليوم وتأخذ قطعة صغيرة من البازل ونقول ان من حكم اسرائيل هم رجال عسكريون، فإن لم يكن هذا جهلا فهو تدليس على العامة.
مثال آخر حين صرحت برفضى لخلع المشير السيسى لبدلته العسكرية وترشيح نفسه للرئاسة وقلت للذين يستخدمون مثال ايزنهاور،ان ايزنهاور وغيره لم يتركوا المنصب العسكرى ليترشحوا فى الحال ولكنهم مروا بعملية طويلة ومعقدة للترشح. خرج المذيع الليبرالى الذى اشتهر بالتحريض على اللاجئين السوريين ليقول وبكل ثقة «انه من الضحالة ان اضرب هذا المثل لأننى اعتمد على نقطة واحدة وهى المدة الزمنية التى تفصل بين تنازله عن منصبه وترشحه للرئاسة».
ولذلك، وفى محاولة منى للوصول إلى الفكر العميق لهذا المذيع المثقف برضه، فيمكننى ان اقول له ان الموضوع ليس مجرد فاصل زمنى. فأيزنهاور، وغيره من الرؤساء والمرشحين مثل جروج دبليو بوش أو جون ماكين (الذى خسر امام اوباما) لم يضموا فى اوراق اعتمادهم ميزة انهم عسكريون حاليون فى الخدمة. ولكنهم يضعون خدمتهم العسكرية كميزة تدل على اداء الخدمة الجليلة للدفاع عن الوطن. وحين انخرط ماكين أو ايزنهاور أو بوش فى الصراع السياسى الحزبى، لم يخوضوا هذا الصراع كعسكريين بل كمدنيين ترقوا فى المناصب الحزبية ومناصب أخرى كحاكم ولاية تكساس مثلا. ولم يأت أحد منهم كوزير دفاع متنافسا مع أقرانه المدنيين. لذلك فهناك عشرات الاختلافات بين حالنا وحالهم وان لم تر الامور من خلال العدسة المفتوحة على اتساعها فهذه هى الضحالة بعينها.
نقطة اخيرة للكاتبة المثقفة والمذيع العميق. اذا اردتم فعلا تطبيق الامثلة التى تتعلق بالجيش فى اسرائيل وامريكا اذن «فكملوا جميلكم» وطالبوا بإخضاع ميزانية الجيش وانشطته الاقتصادية غير العسكرية للتدقيق والمراجعة عن طريق الشعب. ولا الموضوع ضرب امثلة على الفاضى وخلاص؟
مثال آخر لأخذ جزء صغير من البازل والترويج له على انه الصورة الكاملة هو هذا المذيع الصحفى الكبير الثورى المناضل الذى طالما انتقد جنرالات مبارك والمجلس العسكرى وطالما دافع عن النشطاء والمنظمات الحقوقية قبل أن يفقد ذاكرته ويغير آراءه «عن اقتناع طبعا».
خرج علينا هذا المذيع ليبدى تعجبه من السخرية ممن يضعون صور السيسى على كل شىء من اول التيشيرتات إلى السلاسل إلى كل شىء آخر فى حياتنا. وكالعادة ضرب لنا مثلا بأوباما وامريكا وكيف انهم يضعون صور اوباما على الفناجين والتيشيرتات ولا يشتكى أحد هناك ولا يخرج أحد فى امريكا ويقول ان هذا فرعنة أو تآليه لأوباما.
لأ، لعيب! عندك حق. لكن نسى هذا المذيع العملاق أن يقول لنا ان نفس هذا الأوباما يسخر منه مقدمون البرامج بشكل يومى، ويتم الهجوم عليه بشراسة وبعنف وهناك لا يخرج احد ويجرؤ على اتهامك انك ضد الجيش الامريكى أو انك خاين وعميل، وتريد هدم الثوابت إلى باقى الكلام المحفوظ.
طبعا ستقول لى اوباما رئيس والسيسى لسه. حلو، يبقى كان اجدر بالمذيع العملاق الا يستخدم هذا المثال من الاساس. وكمان لو مش رئيس النهارده، حنروح منه فين؟؟
نقطة أخرى وهى موضوع «انه ليس هناك بديل للسيسى». الحقيقة انا مع هذه النقطة قلبا وقالبا. نعم ليس هناك بديل للمشير السيسى اذا نظرنا له على انه ممثل واحد وأوحد للجيش. ليس هناك بديل للسيسى اذا وضعنا الجيش فى كفة والعملية السياسية فى كفة اخرى. ففى أى دولة فى العالم ليس هناك بديل لوزارة الدفاع أو الجيش ولا يمكن الاستغناء عنهم ولا يمكن منافستهم.
ولكن فى كل الامثلة التى يصدعون بها ادمغتنا من العالم الغربى، لا يدخل وزير الدفاع الانتخابات على اساس انه يا اما الجيش يا اما بلاش. وكأننا اذا انتخبنا احدا آخر غير المشير السيسى سيحزم الجيش اسلحته ومتاعه ويهاجر إلى بلد آخر ويتركنا بدون وزارة دفاع. وكأن كل امكانيات الجيش ستكون مسخرة لخدمة البلد فقط فى حالة وصول وزير الدفاع إلى الحكم. اما اذا جاء رئيس آخر «فمالوش فيها».
تريدون ان تضعوا رجلا عسكريا لرئاسة الجمهورية ؟ تريدون ان تحكموا فعلا ان لم يكن له بديل؟ اذن فطبقوا قواعد الحكم التى تقتبسون جزءا صغيرا منها لتدلسوا على الشعب ودعوا هذا المرشح أو ذاك يخوض الانتخابات بدون رعاية المؤسسة العسكرية التى فى أى دولة محترمة فى العالم لا تتدخل فى شئون السياسة. حتى فى معسكرات الجيش المصرى فإن السياسة والدين من التابوهات المحرم الكلام عنها. فالأجدر بكم احترام القواعد التى وضعها الجيش لنفسه ولا تزايدوا عليها.
المؤسف ان من اتخذوا النفاق لوزير الدفاع كجزء من شعائرهم اليومية تحت مسمى الوطنية وحب الجيش واحترام الثوابت والرموز العسكرية، هم نفسهم من يشنون هجوما بشعا على سامى عنان رئيس الاركان السابق الذى لم يعد يتمتع بحماية المنصب العسكرى.
الموضوع ليس شخص الفريق السيسى ولكن طريقة ممنهجة لإقحام الجيش فى الحياة السياسية ووضع المؤسسة العسكرية كمنافس صريح فى العملية الانتخابية وهو ما حذر منه المشير السيسى نفسه العام الماضى.
لذلك اذا اردتموها دولة عسكرية صراحة قولوا هذا. اذا اردتم حكما عسكريا وفوقه جاكتة وكرافتة كونوا صرحاء معنا. ولكن سموا الامور بأسمائها. لا هى ديمقراطية ولا هو حكم مدنى، وأكيد أكيد دول العالم المتقدم لا تفعل ذلك. فتوقفوا عن بيع الوهم والكذب للناس بمعلوماتكم المنقوصة (عمدا). فالشباب اليوم منفتح على العالم وهناك شىء اسمه الانترنت يستطيع كشف كذبكم وضحالتكم.
تستطيعون ان تستمروا فى تقديم برامج تروج لبروباجندا عفا عليها الزمن، وتملأون ساعات طويلة من الهواء لا يشاهدها غير دائرتكم الضيقة من عواجيز الفرح. ولكنكم تتناسون ان اكثر من ٦٥٪ من السكان هم شباب تحت الثلاثين عاما. شباب بطبعه متمرد وحانق و«ماعدش ياكل من الأونطة».
انتم جيل خارج الزمن، خارج التاريخ والجغرافيا. انتم نتاج نفس الابواق الاعلامية التى كرست لحكم الديكتاتور على مدى ستين عاما. ربما تضحكون على الناس اليوم كما فعل اساتذتكم فى الستينيات. ولكن ذلك لن يستمر. فالجهل يمكن أن يفوز فى البداية نتيجة الخوف والهيستيريا. ولكنه لا يمكن ان يقود أمة ولا ان يكسب شبابها.
انتم إلى زوال.



 

الثورة ترجع إلى الخلف... علاء الأسواني بالمصرى اليوم 25/2/2014

الإعلامى الكبير حمدى قنديل كان ولايزال ناصرياً مخلصاً، وقد بزغ نجمه فى عهد عبدالناصر، فأصبح- عن جدارة- رائداً للصحافة التليفزيونية، ومن أهم الإعلاميين العرب وأكثرهم تأثيراً. فى عام 1961، قدم حمدى قنديل فى التليفزيون المصرى برنامجه الشهير «من أقوال الصحف»، الذى حقق نجاحاً كبيراً، ظل يتزايد مع كل حلقة، حتى أذاع قنديل الحلقة الخامسة، عندئذ فوجئ برئيس تحرير الأخبار فى التليفزيون يستدعيه ويقول له:
- يا أستاذ حمدى.. معالى الوزير بيقولك استريح انت شوية.
كانت هذه الجملة توجه آنذاك إلى من غضبت عليه السلطة، فتوقف قنديل عن تقديم البرنامج وسافر إلى رأس البر، لكنه أجرى اتصالات حتى عرف لماذا هو مغضوب عليه، كانت جريمته الكبرى أنه أذاع خبراً عن الرئيس عبدالناصر فى آخر البرنامج وليس فى بدايته كما تذاع أخبار الرئيس. لم يستسلم قنديل، وإنما ذهب بدون موعد إلى السيد سامى شرف، مدير مكتب الرئيس، وحكى له ما حدث، ثم سأله:
- أريد أن أعرف من الرئيس شخصياً، إذا كان يعترض على إذاعة خبر عنه فى نهاية البرنامج..
نقل سامى شرف السؤال إلى الرئيس، وعاد ليقول:
- يا أستاذ حمدى، الرئيس عبدالناصر بيقولك ارجع التليفزيون واستأنف البرنامج ولا تتكلم مع أحد فى هذا الموضوع.
هكذا عاد قنديل إلى تقديم برنامجه وكأن شيئاً لم يكن، وفى عام 1967 عندما لاحت نذر الحرب، كان قنديل مثل المصريين جميعاً واثقاً من انتصار الجيش المصرى على إسرائيل، وراح يقدم رسالة يومية مصورة من الجبهة، وفى يوم 5 يونيو ذهب إلى قاعدة فايد الجوية وتناول إفطاره مع الطيارين، وفجأة استمع إلى انفجارات مدوية متوالية، أحدثها القصف الإسرائيلى. انطلق قنديل بسيارة التليفزيون حتى وصل إلى مبنى نادى الطيارين، وهناك وجد نحو عشرين طياراً حربياً مصرياً يصيحون بهستيرية حتى إن أحدهم ظل يخبط رأسه فى الحائط حتى سال دمه. عرف منهم أن طائراتهم الحربية قد دمرتها إسرائيل وهى على الأرض، وأن ثلاثة فقط من زملائهم استطاعوا أن يقلعوا بطائراتهم لكنهم لا يعرفون مصيرهم. خرج الأستاذ قنديل من القاعدة وهو فى حالة نفسية سيئة فقابل حسين الشافعى- عضو مجلس قيادة الثورة- الذى سأله إن كانت لديه معلومات مفصلة عما حدث، فأجابه قنديل بما عرفه، عندئذ، طلب منه الشافعى أن ينصحه بالطريق الذى يسلكه وهو عائد إلى القاهرة، ونصحه قنديل بالطريق الصحراوى لأنه أكثر أمناً.
.. هاتان الواقعتان حكاهما حمدى قنديل فى سيرته الذاتية البديعة التى صدرت عن دار الشروق بعنوان «عشت مرتين». وبالرغم من أنه أورد الواقعتين منفصلتين، فإننى أراهما متصلتين، تؤدى إحداهما إلى الأخرى.. مذيع ناجح موهوب، مؤيد للنظام ومخلص للثورة، يقرأ خبراً عن الرئيس عبدالناصر فى آخر البرنامج، فيعتبر تصرفه جريمة، ويتم وقفه عن العمل فوراً بلا تحقيق ولا فرصة للدفاع عن نفسه، وهو يضطر إلى تقديم شكوى للرئيس نفسه حتى يعفو عنه. هنا تبدو لنا دولة الاستبداد فى أوضح صورها: زعيم يتم رفعه فوق مستوى البشر ويصير فوق مستوى النقد، ويعتبر كل قرار يتخذه نموذجاً للحكمة والعبقرية، ثم إعلام موجه، لا يقول الحقيقة، وإنما يتحول إلى آلة تضليل جبارة تغسل أدمغة الناس وتعيد تشكيلها على النحو الذى يريده النظام، ثم قانون يتم تعطيله وتشغيله وفقاً لاحتياجات النظام وأهدافه، ودولة بوليسية تمتد أذرعها لتتحكم فى كل شىء وهى تقمع المواطنين، فلا يعترض أحد، إما خوفاً من مصير مجهول، أو لأنه لا صوت يعلو فوق المعركة.. الزعيم يتحول من مسؤول سياسى إلى والد للشعب ورمز للوطن، فلا يجرؤ أحد على معارضته ولا حتى مناقشته فى قراراته، النتيجة الحتمية لذلك أن ينعزل القائد عن قراءة الواقع بعد أن يجتمع حوله من يُسمِعونه ما يحب- خوفاً أو طمعاً- حتى تأتى لحظة يتخذ فيها الزعيم قرارا يؤدى إلى كارثة، وهذا ما حدث فى الواقعة الثانية، ففى ظل الاستبداد، تعرض الجيش المصرى لهزيمة منكرة، لا ذنب له فيها، والطيارون الشجعان يشعرون بالخزى والقهر، لأنهم لم يتمكنوا من أداء واجبهم دفاعاً عن بلادهم، نتيجة لفشل القيادة العسكرية واستهتارها وسوء تقديرها، بل إن المأساة تصل إلى حد المهزلة عندما يظهر حسين الشافعى، وهو عسكرى بارز، فيسأل الإعلامى حمدى قنديل عن أكثر الطرق أمناً. صحيح أن الجيش المصرى استوعب صدمة الهزيمة واستطاع أن يعيد بناء قوته فى وقت قياسى، ثم خاض ببسالة حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر التى ثأر فيها من هزيمة 67 وحقق نصراً سنظل نحن المصريين فخورين به، لكن الدرس هنا أن الاستبداد لابد أن يؤدى إلى الهزيمة مهما كان الزعيم مخلصاً ومحبوباً، ومهما كانت المعارك التى يخوضها مشروعة. ما أحوجنا اليوم إلى استيعاب هذا الدرس! لقد نزل ملايين المصريين إلى الشوارع فى 30 يونيو للتخلص من حكم الإخوان، وانحاز الجيش للشعب، فحمى إرادته، وجنب مصر خطر الحرب الأهلية، وبزغ اسم المشير السيسى فأحبه المصريون واعتبروه بطلا شجاعا. لكن ذلك الحب يتحول الآن إلى هالة أسطورية يتم صنعها حول المشير السيسى، كثيرا ما تستعمل أثناءها ذات العبارات التى استعملت مع الزعيم عبدالناصر: الإعلام يصف السيسى بأنه الزعيم الضرورة والمنقذ الوحيد والمخلص الذى تنعم به السماء علينا كل مائة عام، بل إن كاتبا معروفا صرح منذ أيام فى التليفزيون بأن المصريين يحبون اسم السيسى منذ ستة آلاف عام، لأن النهر المقدس عند الفراعنة كان اسمه «سيسى رع».. يتم رفع السيسى الآن فوق مستوى البشر، فلا يجوز لأحد أن ينقده أو حتى ينافسه فى الانتخابات وهو الذى يعلم ما لا نعلمه، ويتخذ قرارات دائما فى صالحنا حتى ولو لم ندرك الحكمة منها، والزعيم متردد منذ شهور فى الترشح للرئاسة وعلينا نحن المواطنين أن ننظم مسيرات يومية حتى نضغط عليه فيتنازل ويقبل أن يكون رئيساً لمصر.
المشير السيسى يقود الشعب فى معركة حقيقية ضد الإرهاب، كما كان عبدالناصر يقود الشعب فى معركة حقيقية ضد الاستعمار، وللأسف، فإن المعركة استعملت فى الحالتين لتبرير القمع، فيتم اعتقال الأبرياء وتعذيبهم وتلفيق التهم لهم وإهدار كرامتهم، ولا يجوز فى نظر النظام الاعتراض على هذه الجرائم، لأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة. فى يوم 12 فبراير الماضى، اجتمعت 16 منظمة حقوقية لتصدر بيانا مشتركا لإدانة حالات القمع والتعذيب الموثقة التى يتم فيها انتهاك آدمية المصريين وسط تجاهل السلطة الحالية التى يترأسها قاض جليل نتوقع منه أن يكون الأحرص على حقوق الناس. وهنا تفتح مدفعية الإعلام الموجه نيرانها على الحقوقيين لأنهم أدانوا التعذيب فتتهمهم بالعمالة والخيانة. يوماً بعد يوم نكتشف أن الدستور الذى انهمك المصريون طويلاً فى مناقشته بنداً بنداً ووافقوا عليه بأغلبية كبيرة لا قيمة له حتى الآن، لأنه لم يتم تطبيقه، بل إن معظم ما تفعله السلطة مخالف للدستور. الدستور حدد الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية لكن السلطة فعلت العكس، والدستور يحمى الحياة الخاصة للمواطنين ويحرم التنصت عليهم بغير إذن قضائى، بينما القنوات الخاصة تذيع كل ليلة أدق التفاصيل الشخصية للناس عن طريق تسجيلات لا نعرف مدى صحتها ويجرمها القانون، لكن الغرض تشويه الثوريين واتهامهم بالعمالة والخيانة، الدستور يمنع التعذيب بينما يتعرض له المسجونون كل يوم بواسطة ضباط آمنين من العقاب. الدستور يبيح التظاهر بينما شباب الثورة يقضون أعواماً فى السجن لأنهم تجرأوا على التظاهر بعكس إرادة السلطة، والدستور يبيح الإضراب بينما عمال السكة الحديد مسجونون بتهمة الإضراب، كان يفترض أن يكون الإعلام بعد الثورة محترماً وصادقاً، لكن الإعلام فى مصر فى معظمه موجه لمصلحة النظام، إما عن طريق التليفزيون الرسمى الذى لا يعرف إلا التضليل وصناعة الأكاذيب، وإما فى القنوات الخاصة المملوكة لرجال أعمال، كثيرون منهم صنعوا ثرواتهم بفضل قربهم من مبارك وأسرته وهم يدفعون فى اتجاه عودة نظام مبارك حتى يضمنوا أن أحدا لن يحاسبهم على الأراضى التى استولوا عليها والأموال التى نهبوها. الدستور يدعو إلى عدالة انتقالية تحقق القصاص للضحايا، بينما وزارة العدالة الانتقالية لا تفعل شيئا، ومع احترامنا لقضائنا الشامخ، فإن أحدا لم تتم إدانته بعد قتل آلاف المتظاهرين. الدولة تخوض معركة ضد الإرهاب، وواجبنا أن ندعمها، وشهداء الجيش والشرطة أبطال عظام يستشهدون دفاعا عن الشعب، لكن الحرب ضد الإرهاب لا تبرر عودة الدولة البوليسية لأننا لن ننتصر على الإرهاب إلا بدولة القانون. يعلمنا التاريخ أن حقوق الإنسان وكرامته أهم من أى معركة، وأنه يستحيل على سلطة تقمع مواطنيها أن تنتصر مهما كانت معاركها مشروعة ووطنية. المواطن الذليل الذى يتم تعذيبه وانتهاك عرضه لن يصلح جنديا فى أى معركة حتى لو كان مقتنعا بعدالتها.. مصر تتجه الآن بطريقة مقلقة إلى نظام بوليسى هو أبعد ما يكون عن أهداف الثورة. لقد سقط آلاف الشهداء وهم يحلمون بدولة ديمقراطية عصرية تحترم مواطنيها وتنفذ القانون على الجميع بغير تمييز.. إذا أراد المشير السيسى إصلاح المسار، فإن ذلك يكون فى رأيى باتباع الخطوات التالية:
أولا: أن يتقاعد المشير السيسى ويترشح للرئاسة كمواطن عادى لا علاقة له بالقوات المسلحة ولا يتلقى أى دعم من أجهزة الدولة، ثم يخوض انتخابات تتوفر فيها شروط النزاهة مثل تكافؤ الفرص بين المرشحين وشفافية التمويل والالتزام بالحد الأقصى للإنفاق على أن يتم تنفيذ القانون على المرشحين بغض النظر عن شخصياتهم.
ثانيا: إيقاف العمل بقانون التظاهر لأنه غير دستورى والتوقف عن تلفيق التهم للناس والامتناع عن تعذيب المواطنين وإحالة الضباط المتورطين فى التعذيب إلى محاكمات عاجلة.
ثالثا: تفعيل وزارة العدالة الانتقالية وتكوين لجان مستقلة للتحقيق فى مقتل آلاف المصريين منذ بداية الثورة وحتى الآن.
رابعا: تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى والامتناع عن تلويث سمعة المواطنين واتهامهم بالخيانة فى وسائل الإعلام لمجرد أنهم يختلفون فى الرأى مع السلطة.
خامسا: فتح حوار حقيقى مع الشباب الذين فقد معظمهم ثقته فى السلطة الحالية بعد أن رأوا زملاءهم يتعرضون للاعتقال والتعذيب وتلاحقهم اتهامات العمالة والخيانة.
هذه الخطوات فى رأيى من شأنها إصلاح المسار، وإلا فإننا ماضون نحو استبداد جديد، وكل استبداد فى التاريخ نهايته المحتومة كارثة نتمنى لمصر أن تتجنبها.
الديمقراطية هى الحل.

Saturday, February 22, 2014

HELLYLUV RISK IT ALL EXCLUSIVE (OFFICIAL) MUSIC VIDEO 2014!!

أنعمت علينا يا شعب مصر بنعمة ما كان ينعمها علينا سواكا! بقلم د. وسيم السيسى ٢٢/ ٢/ ٢٠١٤

الصهيونية العالمية بخيوطها الخمسة على مسرح العرائس: أمريكا- الاتحاد الأوروبى- تركيا- قطر- الإخوان.. من أجل إسرائيل يجب أن تعرف أنها سوف تتحطم على صخرة الحضارة المصرية، قال سيجموند فرويد: عقدة اليهود الأزلية.. هى الحضارة المصرية.
أعداء الداخل يجب أن يعرفوا أنه صعب على أى مجرم فى مصر أن يبتعد كثيراً عن قبضة الحاكم، وأعداء مصر فى الخارج يجب أن يعرفوا أن مصر مستحيلة على التقسيم. إيجبت معناها أرض الإله الخالق.. جب أى أرض، بتاح هو الإله الخالق فى مصر القديمة، وهو الآن فتّاح، ونقول: يا فتّاح يا عليم، لذا نسمى مصر المحروسة!.. إنها أرض الأنبياء جميعاً.. لا أستثنى منهم أحداً!
كان النبى إدريس أول رسول عرفته البشرية ٥٥٠٠ق.م كما زارها إبراهيم أبو الأنبياء، ومن بعده يعقوب ويوسف، أما موسى فقد تأدب بأدب المصريين وحكمتهم كما جاء فى التوراة، كما زارها السيد المسيح مع العائلة المقدسة، وجاء فى الكتاب المقدس: مبارك شعبى مصر.
تزوج إبراهيم عليه السلام من هاجر المصرية، فأنجبت إسماعيل أبوالعرب جميعاً، والذى تزوج بدوره من امرأة مصرية، من بنات أخواله «بنى جرهم أى مهاجرى مصر» فالعرب كما ترى هم أحفاد المصريين!
أمتلأت الجزيرة بالمصريين.. بنى مناف من منف، بنو شمس «رع»، بنو كنانة، وكان منهم قصى الجد الرابع للرسول عليه الصلاة والسلام، وكان يطلق على قصى كبير بنى مناف، وكان له أربعة أولاد بأسماء مصرية: عبدمناف، عبدشمس، عبدعزة «إيزيس»، عبدالدار «برحوتب»، أما الجد العاشر للرسول، فقد كان اسمه كنانة من خزيمة بن عبدمناف، وكان يلقب بالكنانى نسبة إلى مصر.
إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بنى إسماعيل.. الكنانة، واصطفى من الكنانة بنى مناف، واصطفى من بنى مناف قريش، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم، فلم أزل خياراً من خيار «عمرو بن وائلة».
بنى المصريون الكعبة فى الجزيرة، أما إبراهيم فقد أقام القواعد، وكان أجدادنا، يطوفون حولها كما كانوا يطوفون حول هرم ميدوم «قرب الفيوم» سبع مرات، وكلمة كعبة كلمة مصرية أصلاً.. كابا، دخلت العربية تحت اسم كعبة، كما دخلت الإنجليزية تحت اسم CUBE أى مكعب «فقه اللغة العربية- لويس عوض»، كما كان أجدادنا المصريون القدماء يزورون كعبة الجزيرة فى أعياد منف «سليم حسن- فلاندرز بترى- عبدالحميد جودة السحار»، لذا نجد كلمة مكة.. أصلاً باكا أى الروح الأمين، والطائف من طيبة، يثرب من أتريب، أى بنها، وظلت هذه الأسماء حتى القرن الثالث الميلادى «خريطة بطليموس»، ولعلنا نذكر من أربع سنوات، أعلن وزير السياحة فى السعودية عن عثورهم على تمثال لرمسيس الثالث وسط أراضى الجزيرة العربية.
الصلات عميقة ممتدة بين مصر والجزيرة، فلا عجب من هذا الموقف النبيل من المملكة السعودية لمصر.
مهما حدث.. فلن يكون فى الإمكان أسوأ مما كنا مقبلين عليه!.. لا أجد تشبيهاً أدق من THE BLACK HOLE.. إنه الثقب الأسود الذى يبتلع كواكب ويحولها إلى عدم فى جزء من الثانية! أخيراً.. كلمة لشعب مصر العظيم:
أصبحت غير مدافع مولاكا «مواليا لك»
والحق لى أن أكون كذاكا
أنعمت علينا يا شعب مصر بنعمة
ما كان ينعمها علينا سواكا.

Thursday, February 20, 2014

إلا إذا.. إلا إذا إسعاد يونس

■ زمان كان فيه أديب اسكتلندى اسمه روبرت لويس ستيفنسون.. زمان يعنى فى القرن أبو تمنتاشر فى أوله ده.. كان يظهر عيان شوية وعنده إصابة فطرية شنيعة كده بتخللى الواحد يهلوس.. وكان بيعرف واحد راجل شنيع برضه وأخلاقه منحطة فراح مخلط الهلوسة دى على الراجل اللى يعرفه ده فى رواية كتبها واتنشرت وحققت نجاح فظيع.. كان اسمها دكتور جيكل ومستر هايد.. واعتبرت الرواية دى من أساسيات أدب الرعب اللى اتبنى عليها تنويعات كتيرة فى السينما بعد كده..
■ كانت الرواية عن راجل دكتور عالم مؤدب مهذب محبوب وشخصية بارزة فى المجتمع هو الدكتور جيكل.. اللى كان بيغيب عن بيته كتير بسبب زياراته الطبية وأبحاثه.. وفى الأثناء دى كان بيسمح لواحد يعرفه إنه يزوره فى بيته وهو غايب وبيثق فيه لسبب غير مفهوم.. الراجل ده كان بشع وحقير وملامحه مشوهة اسمه مستر هايد.. وكان بيبرطع فى بيته زى ما هو عايز ويتصرف فيه كأنه هو بالظبط ويأتى بكل الأفعال الحقيرة الشريرة.. لدرجة إنك ممكن تستغرب إيه اللى يخللى راجل محترم زى دكتور جيكل يكون على علاقة برجل مقرف زى هايد ده.. لكن بعد شوية بنعرف إن دكتور جيكل توصل لاختراع عقار معين بيفصل الشخصية الشريرة الكامنة جواه ويجسدها خارج جسده.. لأنه كان حاسس إن شخصيته برغم طهارتها ورقيها فيها شوائب شريرة، فقرر يفصل الشوائب دى ويجسدها فى كائن مماثل ليه لكن مكون من شر فقط.. لدرجة إن اللى كان يشوفه كان يرد لخاطره إنه لا يرى وجه آدمى.. ولكن يرى توقيع الشيطان على وجه ما..
■ فى لحظة ما بيرتكب مستر هايد جريمة قتل بشعة.. تفاصيلها قمة فى البدائية والتوحش وتجرده من أى معانى إنسانية.. وطبعا الدنيا بتتقلب والبوليس يدور على المجرم هايد.. لكن هايد بيختفى.. بيختفى فين بقى؟؟.. داخل جسد دكتور جيكل.. لأن المفاجأة إنه هو هو ذات نفس الشخص.. وبنعرف إنه مش كائن منفصل ولا حاجة ده مجرد تحول بيحصل لنفس البنى آدم.. والفكرة إنه بيطلع لما الجو يكون مناسب والفرصة متاحة لإنه يمارس كل أنواع الفجور والحيوانية فى الضلمة، حيث لا رقيب ولا عقاب.. ودايما لديه ملاذ ومهرب هو إنه لحظة الخطر يجرى يستخبى جوه جسم جيكل المؤدب المحترم المتدين بالفطرة صاحب التقاليد والعادات الراسخة القديمة الذى لا يثير أى شك.. «بيفكرنى بناس يا أخى»..
■ لما القصة دى اتعملت فيلم سينمائى كان زمان قوى أيام الأبيض والأسود البدائى، يعنى كان سنة 1931 وكان بطولة ممثل اسمه فريدريك مارش وحصل على جائزة الأوسكار عنه عام اتنين وتلاتين (يا لهوى يامه.. شوف الأوسكار من سنة كام فى أمريكا؟).. وبعد كده اتعمل تانى بعدها بعشر سنين وكان بطولة سبنسر تراسى ولانا تيرنر وانجريد بيرجمان..
■ فى الفيلم الأول كان لازم البطل يتحول من الممثل الوسيم جدا فريدريك مارش إلى المسخ المريع هايد فى كادر واحد.. عشان نشوفه وهو بيتحول قدام عينينا بعد ما عرفنا إنه جسد واحد قانى الشخصيتين.. فكانوا بيستعملوا طريقة الديزولف.. اللى هى الكادر يقعد يسيح ويلظ كده ومعالمه تبوظ ويبدأ الوجه فى التغير تدريجيا.. فتلاقى المناخير فنشرت إذ فجأة والعينين احولت والبُق وسع وقعد يبهوأ والودان تطول وتقصر.. وبعدين الفكين يخاصموا بعض بينما الضب بيكبر والسنان بتستحمر وحواجبه بتنبت وفروة راسه بتتحول لفروة جدى زرايبى.. طريقة بدائية لكن كان لها طبعا تأثير شديد على المشاهد ساعتها.. وكان بيتخض بقى ويسورق من هول البشاعة وكده.. وبالتالى يتحول الراجل من الكائن الوديع إلى حلوف وبقف عديم الإحساس قليل التربية ماتفرقوش عن الشبشب اللى تبا كان ضاع وسحقا كان بصباع وما تستعناش تحطه ف رجلك..
■ إيه بقى اللى خلانى أفتكر كل ده؟؟؟.. وأنا قاعدة مسنحة كده وبستعرض النشاط الإلكترونى الصحفى الإعلامى الفيسبوكى التويترى الشوارعى واللى بيشكل ردود أفعال ناس عجيبة غريبة تكاد تشك تماما أنهم كانوا عايشين معاك فى نفس البلد واتربوا فيها تجاه أحداث بتحصل مؤخرا.. أحداث مزعجة وصادمة وحزينة.. لكنها فى النهاية أحداث بعضها قدرى وبعضها بفعل بشر مش عارفة حلوا على البلد دى من أنهى داهية..
■ ومن الشخصية العظيمة المتدينة بالفطرة حاملة تقاليد النبى وصى على سابع جار وأنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب.. واللقمة الهنية تكفى مية وبصلة المحب خروف واللطافة دى كلها.. والخمس آذانات اللى بتجلجل فى أنحاء البلد وكل ركن فيها بالميكروفونات والأبواق وفى القنوات والناس اللى بتقف تدن فى البلكونة وبير السلم والمنور بعلو صوتها، حرصا منها على إن الشعب كله يقوم يصلى وكمية الزبايب الملطوعة عالجباه والزى شبه الموحد متمثلا فى الحجاب رمز العفة والنقاب رمز التخفى.. وعشرات الملايين اللى ملوا الميادين فى المناسبات العظيمة وتسلم الأيادى تسلم يا جيش بلادى.. إلى ناس الفراغ قاتلها.. ولسانها أطول من رجليها.. وأخلاقها فى تدهور شديد.. وحالة من الهذى والقلش لا تتوقف ولا تحدها أخلاق ولا تقاليد ولا احترام سن ولا أى نيلة.. حالة من الشوق الشديد والرغبة الملحة فى اتهام الجيش والشرطة وأى سلطة بأى بلوة.. وإن مالاقوش يخترعوا.. كمثال ذلك الحادث المؤلم للشباب الذى فقد حياته إثر رحلة سفارى.. والخبرية التى نشرها أحد الناس عن إن الجيش لا ينقذ إلا الأجانب وكل الفيلم الهندى الذى تبع انتشار هذه الخبرية الوحيدة اليتيمة كالنار فى الهشيم، ومسارعة الكل للفتى وإبداء الرأى بلا أى معلومية ولا خبرة ولا فاهمين حاجة فى أى حاجة وليلة سودة والذى لم يتوقف حتى بعد اعتذار ناشر الخبر.. والتعليقات اللى تحمل كل السواد والتلطيش وخلاص.. اقرأوا التعليقات على كل الأخبار والتكهنات التى صاحبت هذا الحادث لتعرفوا إلى أى منحدر سقطنا.. شاهدوا صور الجثث لتعرفوا أنه لم تبق حرمة ولا بقى أصل.. تابعوا الفيديوهات التى تحمل عناوين مثل «بالفيديو شاهد لحظة دفن جثمان فلان».. «شاهد قبل الحذف جثة علان وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة».. أشاهد أنا ليه فلان وهو يحتضر أو يتم دفنه وما هى شهوة قبل الحذف هذه؟؟..
■ زى اللى أخذوا على عاتقهم مسؤولية سب دين أى مرشح نازل أو حتى لسه ما أعلنش إنه نازل أصلا.. وبقولك إيه.. إحنا حانخللى أيامك سودة.. حاتتعوج كده حاتشرف جنب إخواتك فى السجن.. زى اللى لسه عايشين خزعبلة يسقط حكم العسكر.. زى طبعا بواقى الإرهابيين والمنتمين والمحبين للهذى المخالف وخلاص.. زى اللى قاعدين يشتموا فى الدول اللى بتساعدنا وهما لا شغلة ولا مشغلة وعوالة على دافعى الضرائب.. زى ظاهرة الخرائر المحجبات اللى استعرضوا كل أنواع السفالة والخلاعة والتجرمة وكانين اليومين دول الله أعلم ليه.. كم السفالة المنتشرة على كل الوسائط وفى الواقع الحقيقة شىء لا يحتمل.. وبكثافة شديدة جدا.. ونيل من أعراض كل البشر ورسومات وكتابات ونكت قبيحة وحاجة تعر وتكسف..
■ زى التعليقات التى يسارع الكثيرون ومش حانقول البعض بقى لأنهم كتير فعلا على خبر وفاة شاب فى حادث سيارة.. فواحد يدخل يعلق ويقول «كان طالب ملوخية.. يا حبيبى ياللى مت من غير ما تعمل ودن قطة!!!».. وتروح تدور عليه فى صفحته تلاقيه كاتب إنه مسؤول كبير فى شركة اتصالات مشهورة.. لا يعرف المتوفى ولا عمره سمع عنه.. لكن شهوة القلش واستعراض قلة الأدب والسفالة تخطت حرمة الموت والحياء وأى أخلاق فى الكون.. أو خبر وفاة فنانة قديرة ومسنة فتلاقى حد كاتب «ياللا ف داهية.. إلى الجحيم وبئس المصير»، وتدور تلاقيها واحدة مسمية نفسها نسمة الحب ومالية الصفحة أبيات شعر وأغانى لراغب علامة وأوكا وأورتيجا!!.. اقرأوا التعليقات على أى موضوع وكل موضوع لتعرفوا كم الانهيار العام الذى يسود الأجواء.. وحالة التقيح الشديدة التى صابت النفوس.. ولو سنحتوا زيى حاتشوفوا قصاد عيونكم حالة الديزولف اللى حكيتلكم عنها..
■ بالظبط زى دكتور جيكل ومستر هايد.. كان كامن فين هايد ده جوه الشخصية المصرية التى اشتهرت بالجدعنة والشهامة وكل التسميات التقليدية دى؟؟.. كيف يمكن أن يحمل الناس هذا التناقض المخيف داخلهم.. وإلا كنا بنكدب على نفسنا ولّا إيه؟؟.. ومحدش ينط ف زورى ويقوللى مش كل الناس.. طبعا مش كل الناس يا فكيك.. لكن لما تبقى ظاهرة نقلق.. نقلق جدا..
■ يقول الباحث فى رواية دكتور جيكل ومستر هايد «تُظهِر الرواية أنه ربما كان جيكل مخطئا بخصوص فرضية الملاك والشيطان، وفى كون الإنسان مكونا من اثنين، فربما كانت حقيقة الإنسان هى ذلك الشخص البدائى المتوحش الذى ظهر فى صورة هايد، وعلى هذا يكون كل ما فعلته التركيبة هو إزالة قشرة الحضارة والقانون والضمير التى غلفت وأخفت الإنسان البدائى بداخلنا»..
■ فهل ما مرينا بيه التلات سنين اللى فاتوا كان محاولة لإيجاد عقار السعادة والعدل.. ولّا احولينا وارتكبنا العقار بتاع هايد وخلقنا جوانا وحش؟؟؟؟؟
■ فى آخر القصة بيضطر دكتور جيكل أن ينتحر ندما على تجربته المريرة التى أماتت الطيب فيه..


■ وبما إننا لا نؤمن بالانتحار لأننا «متدينين بالفطرة».. يبقى حانلبس توب الوحش ما بقى لنا من العمر.. إلا إذا.. إلا إذا.. إلا إذا..

Tuesday, February 11, 2014

متى يُجيب الحاج صالح..؟! بقلم د. علاء الأسوانى ١١/ ٢/ ٢٠١٤

كنت أحلم دائماً بشراء شقة على البحر فى الإسكندرية، فلما بلغت مدخراتى مبلغاً كافياً رُحت أتفرج على الشقق المعروضة للبيع.. بعد عدة أيام من الفُرجة توصلتُ إلى شقة صغيرة جميلة سعرها مناسب.
العمارة قديمة لكنها متماسكة وأنيقة، تطل على البحر وبابها يفتح على شارع جانبى، قالوا لى إنه شهد أحداثاً مثيرة.. سألت عن صاحب الشقة فأخبرونى أن اسمه الحاج صالح، وهو اسم على مسمى، لأنه رجل صالح فعلاً، حجَّ إلى بيت الله أكثر من مرة بخلاف العُمْرات العديدة التى أدَّاها، وله مشروعات خيرية منتشرة فى أنحاء الإسكندرية تساعد آلاف الفقراء.. كل هذا بالإضافة إلى حمايته المستمرة لأهل المنطقة ضد هجمات البلطجية التى كان أخطرها ما حدث فى العام الماضى عندما سيطر على المنطقة بلطجى اشتهر باسم «السُّنى» لأنه ملتحٍ يتظاهر بالتدين بينما هو أبعد ما يكون عن الدين والأخلاق. فرض «السُّنى» إتاوات على أصحاب المحال جميعاً وسيطر على السكان فأحال حياتهم إلى جحيم، كان أتباع «السُّنى» ينكّلون بكل من يفتح فمه ليعترض على ظلمهم، وقد أعلن «السُّنى» أكثر من مرة أن بمقدوره أن يحرق المنطقة بمن فيها لو أراد. عام كامل قضاه السكان تحت رحمة «السُّنى» حتى فاض بهم الكيل فنزلوا يوماً جميعاً إلى الشارع ليطالبوا «السُّنى» بالرحيل عن منطقتهم، وبينما أتباع «السُّنى» يجهزون أسلحتهم ويعدون عدتهم للتنكيل بالأهالى المعترضين ظهر الحاج صالح ليدافع عن الناس، ودارت معركة طاحنة بين الفريقين استغرقت نهاراً كاملاً حتى تمكن الحاج صالح فى النهاية من هزيمة «السُّنى» وأتباعه وتسليمهم إلى الشرطة التى أحالتهم إلى المحاكمة. هنا اعتبر سكان المنطقة الحاج صالح بطلاً حقيقياً لأنه خاطر بحياته من أجل حمايتهم. كل الذين تحدثت معهم من الأهالى كانوا يذكرون الحاج صالح بمحبة وامتنان، لكننى كنت أحس أنهم يخفون شيئاً ما بشأنه لا يريدون الخوض فيه. تفاوضت مع أتباع الحاج صالح واتفقنا على مبلغ معين ثمناً للشقة، وذهبت فى الموعد إلى مكتبه فتلقانى بترحاب وحرارة. لاحظت من الوهلة الأولى أن الحاج صالح ترك الأمر كله لأتباعه بينما جلس هو إلى مكتبه مبتسماً يراقب ما يحدث. أتباع الحاج صالح بضعة شبان يرتدون جميعاً فانلات مطبوعة عليها صورة الحاج صالح ويتزعمهم تابع ضخم مفتول العضلات تبدو عليه أمارات الشراسة. بعد عبارات التحية والمجاملة أعطيتهم حقيبة يد صغيرة وضعت بها المبلغ كاملاً، وانهمك التابع الضخم مع زملائه فى عدِّ المبلغ بعناية ثم أخذ أحدهم حقيبة النقود وخرج بها بسرعة، ابتسم التابع الضخم وأعطانى سلسلة بها بضعة مفاتيح وقال: هذه مفاتيح الشقة. مبروك عليك.. تناولت المفاتيح وتطلعت إليه قائلاً: هل أعددت العقد لكى أقرأه..؟ تطلع إلىَّ التابع الضخم باستنكار وقال: عن أى عقد تتحدث..؟
قلت:
ــ عقد الشقة التى اشتريتُها.
صاح فى وجهى بصوت كالزئير:
ــ هل أنت مجنون..؟! كيف تجرؤ على أن تطلب عقداً من الحاج صالح؟!
تجاهلت الإهانة وقلت:
ــ من الطبيعى أن يوقِّع الناس عقداً إذا باعوا واشتروا.
صاح تابع آخر:
ــ قطع لسان كل من يطلب من الحاج صالح عقداً. الحاج صالح ليس مثل بقية الناس، إنه البطل الذى وضع روحه على كفه وأنقذنا من عصابة «السُّنى». إنه رمزنا وقائدنا وهو المنقذ الذى أرسله الله إلينا.. قلت:
ــ أنا معجب بشجاعة الحاج صالح مثلكم تماماً. لكنى اشتريت الشقة، ومن حقى أن أحصل على عقد يوقِّعه البائع.
ــ الحاج صالح كلمته أهم من العقد. أنت محظوظ لأن الحاج صالح تنازل ووافق على أن يأخذ نقودك. لقد رجوناه بحرارة حتى يقبل. ثم أليس معك مفاتيح الشقة؟! ماذا تريد أكثر..؟!
قلت:
ــ أنتم الذين عرضتم الشقة للبيع فلا تمنُّوا علىَّ بذلك. لقد دفعت المبلغ المطلوب ومعى المفاتيح ولكن لا يوجد سند لملكيتى للشقة. لا أحد يبيع شقة بدون كتابة العقد. الأعمار بيد الله، قد أموت أو يموت الحاج صالح لا قدر الله، فلابد عندئذ من عقد مكتوب يحفظ حقوق الطرفين.
ضرب التابع كفاً بكف وقال بوقاحة:
ــ كل من يطلب دليلاً على أمانة الحاج صالح يستأهل الضرب.
رددت عليه وقد بدأت أستشعر الخطر:
ــ من فضلك احترس فى كلامك. كيف تطالبنى أن أدفع لكم هذا المبلغ الكبير ولا آخذ عقداً يضمن حقوقى وحقوق أولادى من بعدى.
ــ اخرس.
هكذا صاح تابع آخر. قررت ألا أُستدرج إلى مشاجرة. تجاهلتهم وقلت للحاج صالح:
ــ تكلم يا حاج صالح. هل فيما أطلبه عيب؟ أريد عقداً يثبت أنى اشتريت الشقة.
احتفظ الحاج صالح بابتسامته وقال بهدوء:
ــ أنا أحبكم جميعاً.
قلت بانفعال:
ــ وأنا أيضاً أحبك يا حاج، لكن هل يضيرك أن تكتب عقداً تسجل فيه بيع الشقة..؟
ظل الحاج صالح مبتسماً وقال بهدوء:
ــ ربنا يعلم. أنتم جميعاً أعز علىَّ من نور عينى.
أدركت أن الحاج صالح لا يريد أن يعلن عن رأيه فازددت غضباً وصحت فى التابع بصوت عال:
ــ اسمع. إما أن يوقِّع الحاج صالح أمامى العقد أو أصرف نظراً عن شراء الشقة.
قال وهو ينظر إلىَّ بحنق:
ــ ماذا تقصد..؟
ــ خذ المفاتيح وأعطنى النقود التى دفعتها.
كأنى أجرمت. اقترب منى الأتباع وأحاطوا بى وقد بدا الشر فى عيونهم وانهالت كلماتهم الغاضبة:
ــ أنت مدسوس علينا.
ــ أنت طابور خامس.
ــ أنت خلية نائمة لعصابة «السُّنى». أرسلوك لتثير فتنة حتى تستعيد عصابتكم السيطرة على المنطقة. يا لك من حقير.
صحت فيهم:
ــ لا أسمح لكم بإهانتى. أنا لا أعرف «السُّنى»، ولست من الطابور الخامس أو السادس. أريد حقى. إما أن تكتبوا العقد أو آخذ نقودى.
اقترب التابع الضخم منى وصاح:
ــ إياك أن تظن أنك ستخدعنا. نحن نعرف كل شىء عنك. وقعتك سودا. لدينا تسجيلات لمكالماتك الجنسية مع المرأة التى ترافقها. اسمها لبنى.. صح..؟! سنفضحك فى كل مكان.
أحسست أننى فى كابوس وبدأت أفقد تركيزى. استطرد التابع الضخم قائلاً:
ــ إذا لم تنصرف الآن فسنبلغ عنك الشرطة.
قلت:
ــ أنا لم أرتكب جرماً.
ــ سوف تحاكَم بجرائم سنحددها نحن.
ـــ من أنتم حتى تلفقوا لى تهماً وأنا برىء.
ــ نحن الذين حمينا المنطقة ومن حقنا أن نفعل ما نشاء.
ــ حمايتكم للناس مرة لا تبرر ظلمهم بعد ذلك.
ضحك التابع الضخم:
ــ نحن فى حرب مع جماعة «السُّنى» وفى الحرب كل شىء مباح
قلت:
ــ الحرب ضد البلطجية ليست مبرراً لظلم الأبرياء.
صاح التابع الضخم بلهجة مسرحية:
ــ مُتْ بغيظك ياعميل. لن تتمكن أنت وبلطجية «السُّنى» من هزيمتنا أبداً. سنفدى الحاج صالح بأرواحنا. اسم الحاج صالح منقوش فى قلوبنا. هو كبيرنا ونحن جنوده وأبناؤه، نقبّل التراب الذى يمشى عليه. حذاء الحاج صالح فوق رؤوسنا جميعاً. الله أكبر.. الله أكبر.
ردد الحاضرون وراءه الهتاف وهم ينظرون إلىَّ شزراً. خطر إلىَّ أنهم قد يكونون مجانين فعلاً. تذكرت المبلغ الذى دفعته فقررت أن أعيد الهدوء إلى الموقف. قلت بصوت خافت:
ــ يا أساتذة، والله العظيم أنا أحب الحاج صالح مثلكم، وأعتبره بطلاً حقيقياً، لكن من حقى أن آخذ عقداً للشقة التى اشتريتها. عموماً حصل خير. إذا كان موضوع العقد يضايقكم ممكن نلغى الاتفاق فوراً. خذوا المفاتيح وأعيدوا لى نقودى ونبقى أحباباً ويا دار ما دخلك شر.
كأنى أجرمت. انقضوا علىَّ وأمسكوا بى حتى لم أعد قادراً على الحركة ثم وجَّه لى الضخم لكمة هائلة فى بطنى فأحسست أننى سأفقد الوعى وصرخت:
ــ يا حاج صالح، كل هذا الضرب وهذه الإهانة لأننى أطالب بحقى. هل أنت راضٍ عن هذا الظلم؟
ظل الحاج صالح يطالعنا بابتسامته العذبة كأن ما يحدث لا يعنيه، ثم قال بنفس النبرة الهادئة:
ــ اعلموا أننى أحبكم جميعاً، وأدافع عنكم بحياتى.
حاولت أن أقترب منه لكن الأتباع شددوا قبضاتهم فصحت من بعيد:
ــ يا حاج صالح. أنت رجل شجاع وأنا أحترمك لكن ما يحدث مهزلة. لقد أنقذت الشارع من بلطجية «السُّنى» لكن هؤلاء المحيطين بك لا يقلون عن «السُّنى» إجراماً. أنا أطالب بحقى وهم يعتدون علىَّ أمام عينيك وأنت تكتفى بعبارات المحبة. هل أنت مع الحق يا حاج صالح أم أنك راضٍ عن الظلم الذى يفعله أتباعك. إذا لم تتخذ موقفاً واضحاً فستكون قد أنقذت الناس من بلطجية «السُّنى» لتسلمهم إلى بلطجية من نوع آخر.
هزَّ الحاج صالح رأسه واتسعت ابتسامته لكنه ظل صامتاً. صحت من جديد قائلاً:
ــ يا حاج صالح. إن طلبى لحقوقى لا يقلل أبداً من احترامى لك وتقديرى لشجاعتك. هؤلاء المنافقون الذين يحيطون بك يسيئون إليك. إياك أن تصدق أنهم يحبونك. إنهم يطبلون ويزمرون لك من أجل مصالحهم. يجب أن تبعدهم عنك.. سكوتك عليهم يجعلنى أعتقد أنك راضٍ عما يفعلون. إذا كنت ترفض أفعالهم فيجب أن تطردهم. أعط الناس حقوقها ولا تستسلم لهذه الصحبة الفاسدة التى ستحيلك من بطل إلى طاغية. إلى متى هذه الابتسامة وهذا الصمت يا حاج صالح؟
جُنَّ جنون الأتباع وانهالوا علىَّ صفعاً وضرباً وركلاً. حاولت أن أرد الهجوم فطوحت بيدى لأرد الضربات ورفستهم بقدمى لكنهم تكاثروا علىَّ حتى غلبونى. استسلمت تماماً وهم يجذبوننى إلى خارج الحجرة وقبل أن أجتاز الباب صحت:
ــ يا حاج صالح. أتباعك ظالمون، لماذا تتركهم يُشهِّرون بالناس ويطعنون فى الأعراض ويقبضون على الأبرياء ويلفقون لهم التهم ويلقون بهم فى السجون؟! هل أنت راضٍ عن جرائمهم أم أنك عاجز عن ردعهم؟! تكلم يا حاج صالح. هل أنت مع الحق أم مع الباطل..؟!
مازلت أنتظر الإجابة.
الديمقراطية هى الحل

Sunday, February 9, 2014

محمد حسنين هيكل في صالون التحرير: المشير بلا ظهير سياسي.. وأدعو لجبهة وطنية تضع مصر على طريق المستقبل

بين «سؤال المستقبل» و«سؤال اللحظة»، وحول مصر ومشكلاتها وآمال شعبها ورئيسها المنتظر، جرى حوار عدد من كبار الكتاب والصحفيين والأدباء مع الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل على مدى نحو مائة وأربعين دقيقة هي مدة أولى حلقات «صالون التحرير» مع الكاتب الصحفي والإعلامي عبدالله السناوي التي عرضت على فضائية التحرير أمس.
ووصف الأستاذ هيكل، المشير عبدالفتاح السيسي بأنه «مرشح ورئيس الضرورة»، إلا أنه قال إنه بصدد مهمة «شبه مستحيلة». وردا على سؤال لمدير الصالون الكاتب الصحفي والإعلامي عبدالله السناوي حول رؤيته للتوفيق بين طرفي معادلة «الأمن والحرية»، قال هيكل إنه يرى وطنا «ينتحر باسم الحرية» على حد تعبيره.
وشارك السناوى الحوار مع هيكل كل من الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي والاستراتيجي لرئيس الجمهورية والروائي الكبير بهاء طاهر والروائي الكبير يوسف القعيد والأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عماد جاد، والكاتبة الصحفية والإعلامية فريدة الشوباشى، والأستاذ محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير جريدة الأهرام.
السيارة الخربة
افتتح السناوي الصالون بسؤال الأستاذ هيكل عن المستقبل، قائلا إن البلد الآن ــ وهو بلد قلق على مستقبله ــ يريد أن يعرف موطئا لأقدامه ويبحث عن أمل، مشكلاته تطرح نفسها بقسوة على الرئاسة المقبلة وسط ألغام كثيرة، فكيف يفكر الأستاذ هيكل الآن في المستقبل ما هي ملفاته الملغمة وما السؤال الرئيسي الذى يطرح نفسه بقوة على مصر الآن؟.
وأجاب الأستاذ هيكل فقال: فيما يتعلق بالمستقبل لابد أن أقول شيئا مهم جدا، لأنه قبل الحديث عن المستقبل لابد أن تكون متأكدا أنك على طريق المستقبل، وأعتقد أننا بعيدون جدا عن طريق المستقبل.
لابد أن تضع نفسك على طريق مستقبل فلا يمكن أن نتكلم عن مستقبل وليس أمامنا طريق، في هذه اللحظة تقريبا نحن فى حالة تيه فى الصحراء، ولديك ثلاث قضايا تمنعك من أن تفكر فلابد أن تحلها لكى تكون لديك صورة معقولة.
أنت أمام أزمة مياه طاحنة ستقابلك وأزمة طاقة فظيعة جدا سوف تؤثر عليك وأمام أزمة غذاء أنت رجل ليس لديك ما يكفيك من الطعام، ولابد أن تحل هذه المشكلات الثلاث لتضع نفسك على طريق المستقبل.
أستطيع القول إنه في الفترة الماضية بشكل أو بآخر وفى فترة ما من تاريخ هذا البلد ليست بعيدة، أنت (السلطة) اخترت طريقا أعتقد أنه مخالف لكل أصول أي استراتيجية مصرية فأخذت هذا البلد من طريقه إلى طريق آخر وإلى تيه آخر.
ونحن جميعا في سيارة كبيرة جدا تتجه إلى المستقبل لكن بشكل ما وعند لحظة معينة سارت السيارة فى الصحراء لفترة طويلة وتاهت وبدأت تتلف الإطارات منها وغير ذلك.
عند اغتيال الرئيس السادات الله يرحمه بدأت السيارة الكبيرة في التلف وفقدت أحد إطاراتها، وجاء بعده الرئيس مبارك وتصور بخبرته كطيار أن السيارة الكبيرة «طائرة» فبدأ إصلاحها على أنها كذلك لكنه لم ينجح لأنه كان يفعل شيئا ضد طبيعة السيارة ولأنها ليست طائرة، وظلت السيارة في طريقها معطلة والطريق إلى المستقبل معطلا مع تراكم المشكلات وتزايد مشكلات الأعطال، حتى جاء المجلس العسكري بعد 25 يناير 2011 ووقف أمام السيارة ولم يعرف كيفية إصلاحها.
ثم جاء الرئيس السابق الدكتور محمد مرسى فرأى السيارة تعانى من عدة أعطال فاعتبرها «توك توك» وبدأ يقودها على أنها كذلك وصعد معه في السيارة الأهل والعشيرة وأقفاص الدجاج لكنها لم تمض بهم أيضا على الطريق إلى أن وصلنا إلى المرحلة الراهنة التي يقف فيها كل أصحاب السيارة وهى سيارة الوطن أمام أعطالها وهى تسير بطريقة خاطئة فتجد «العواجيز مثلى» يقولون: يا جماعة ليس بهذه الطريقة، في حين يواصل الشباب الدفع بالسيارة من الخلف فى مشهد غريب جدا، وأظن أن أول خطوة لابد أن نفعلها هى محاولة إيجاد طريقة للوقوف على طريق المستقبل، وقبل أن تقف على طريق المستقبل يجب ألا نتحدث أو نسأل عن اتجاه المسيرة.
سؤال السيارة الخربة التي اعتبرها مبارك طائرة وهى ليست كذلك ورآها مرسى «توك توك» وهى ليست كذلك أيضا ــ توجه به السناوي أيضا إلى الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي والاستراتيجي لرئيس الجمهورية، فأجاب: في تقديري أن ما أشار إليه الأستاذ هيكل من ملفات ملتهبة ومشكلات حقيقية، تمثل حالة من حالات التيه فى المجتمع حيث ننتقل من نظام إلى نظام ومن عصر إلى عصر، نحن ننتقل من عصر الصناعة إلى ما بعدها وإلى المعلوماتية وما بعدها.
وتابع حجازي: عندنا 3 إشكاليات أخرى أضيفها للإشكاليات التي قالها الأستاذ هيكل وهى إشكاليات على تحديد معنى الوطن والمجتمع والدولة بمعنى أن الوطن هو لأى بنى آدم عبارة عن «حلم» و«تحقق»، حلم لنفسه وللوطن وتحقق ذاتي، الحلم بالنسبة للوطن سُرق في وقت مبارك تماما ولما عاد الحلم في يد المواطن العادي بعد 25 يناير، وجدنا أنفسنا في حالة مراوغة الحلم.
الأمن والحرية
هنا عاد السناوى لطرح سؤال آخر قال فيه: أعتقد أن سيارة البلد الخربة أو المعطلة أو التوك توك فى آخر أحوالها تواجه مطبات على الطريق، أتصور أن الوقفة الأولى فى سؤال المستقبل هو الأمن والحرية.. أريد أن أطرح عليكم سؤالا أعتقد أنه معادلة صعبة؛ كيف نحفظ الأمن وندعمه دون التغول على الحريات العامة للمواطنين؟. وثانيا: الناس تريد أن تطمئن إلى قدرة الدولة فى مواجهة الإرهاب، وثالثا: الناس تريد أن تطمئن إلى أن الظهير الشعبي وراء الدولة يظل قويا ومتماسكا والناس تريد أن تعرف أيضا حدود الأزمة مع الأجيال الجديدة، لو سألت الأستاذ هيكل عن مطلب الحرية والأمن، ما هو تصورك للصياغة الأساسية لهذه الإشكالية؟.
هيكل: إذا رجعنا للتشبيه الذى نتحدث به بالتأكيد فالمشكلة الأساسية ليست قضية مستقبل بقدر كونها قضية وجود، أعتقد أنه لأول مرة في التاريخ المصري الحديث على الأقل أنت أمام مشكلة أن توجد أو لا، فى وقت تحول المحيط الذى من حولك والذى كان باستمرار «أفقا تتحرك فيه»، تحول إلى محيط ضاغط عليك. انظر إلى خريطة الإقليم حيثما نظرت وفى أى اتجاه ستجد أن كل ما كان مجالا مفتوحا أمامي للحركة أصبحت عليه الآن أخطار داهمة.
جوع مائى
وهنا أنا ألح على ملف المياه لأنني أعتقد أنه فى ظرف ثلاث أو أربع سنوات إذا لم تجد حلا حقيقيا فأنت أمام حالة جوع مائي، لا تقل لى إن أحدا لديه جوع مائي ولا يجد ما يروى أرضه ولا ما يشرب به، ثم تكلمني عن حاجة ثانية.. أنا لست واقفا على طريق المستقبل، ضعني أولا على هذا الطريق. وإذا لم تجب عن هذه المخاطر الوجودية التي تهدد هذا البلد فما تطرحه يظل مجرد كلام.
•السناوي: من الذى يجيب عن هذه المخاطر؟
هيكل: الشعب المصري هو وحده القادر. لكن الناس كلها مترددة وكلما دعوت أحدا للمشاركة فى المسئولية وتولى أيا من المناصب تجده يرفض، حتى المشير عبدالفتاح السيسي متردد حتى هذه اللحظة، كل الناس مترددة، لا أحد اليوم يقبل المسئولية والكل يقف أمام تحمل المسئولية مترددا وخائفا لأنك أنت ببساطة لست على طريق المستقبل.
المهمة التي تنتظر أي رئيس قادم هي: من فضلك ضعني على طريق المستقبل، اسأل نفسك: لماذا تعرض المنصب الوزارى وتعرض الرئاسة وتعرض كل حاجة فى هذا البلد على كل من تتوسم فيه خيرا؟ ولا أحد يجيب، أنت عندك مشكلة حقيقية حلها لى.
ياسر رزق مخاطبا هيكل: أستاذنا.. حضرتك تحدثت عن المستقبل والطريق إليه، والمستقبل حدده الشعب فى ثورتين فى كلمات بسيطة جدا: المعيشة الكريمة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والاستقلال الوطنى، الطريق إليها يحتاج بوصلة، واعتدنا أن فى يدك البوصلة، بوصلة وطن وأمة.
هل ترى نقطة البدء فى التصدى للمخاطر وتحويلها من مخاطر داهمة إلى تحديات يمكن تجاوزها فيما يتعلق بالنيل والطاقة والغذاء والعيش الكريم للمصريين، هل نقطة البدء بالعدالة الاجتماعية.. من أين نبدأ؟.
هيكل: يجب أن نعرف الحقيقة وكيفية مواجهتها.. لسنا على طريق المستقبل، عندما نحدد ماذا نريد، الحرية والعيش والكرامة، هذا صحيح لكن لم توصف الأوضاع التى أنت فيها كما ينبغى وكلها لا توصلك للمستقبل ولا تفكر فى ضوء ما ينبغى أن تعرف من حقائق عليك أن تعرف أين أنت؟ وكيف تتحرك نحو المستقبل؟ ثم متى تبدأ؟، ليست أمامك خطوة واحدة.. أمامك عدة خطوات، متمثلة فى معرفة الحقيقة ومواجهتها وحل لهذه المشكلة الوجودية.
بلد لا تعرف حقائق ما عندك ولا كيف وصلت للوضع الراهن، أبسط شىء أن تعرف الحقيقة ثم تحدد مرحلتين فى الحركة؛ أن تعرف طريق للمستقبل وترسم خريطة له ثم أحدد بدايتها وأتحرك لكن لا تستطيع أن تقفز إلى المستقبل دون أن تكون على طريق هذا المستقبل.
•السناوى: يبدو أننا تصورنا أن الإجابة عن سؤال المستقبل ستكون بسيطة لكن يبدو أننا أمام وضع معقد وملغم أكثر مما نتصور.
وقال الروائى الكبير يوسف القعيد: المصريون يبحثون عن بطل منذ وفاة الزعيم جمال عبدالناصر.
فرد هيكل: الشعب المصرى لا يبحث عن بطل لكنه يبحث عن أمل، والشعب المصرى عانى طوال العصور الماضية وهو يبحث عن أمل، وهناك مسألة مهمة جدا وهى أنه يجب ألا يرد احتمال الفشل على بال أحد فى المرحلة المقبلة، لأن الفشل فى المرحلة الراهنة معناه نتائج كارثية، والشعب المصرى تحمل أكثر مما يستطيع أن يتصوره أحد، كما أن الأوضاع الحالية لا يمكن أن تستمر، وطريق الندامة لا ينبعي أن يكون واردا، لأننا وصلنا إلى حالة أن تكون أو لا تكون ومن وهنا يجب أن نبدأ.
•وتوجه الدكتور عماد جاد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بسؤال للأستاذ هيكل: ما الأجندة التى تقولها لمن يتولى المسئولية في المرحلة المقبلة؟.
فأجاب: أدرك تماما ضرورة العدل الاجتماعي والتعليم، لكن علينا أن نواجه الحقيقة، فوفق الدستور الجديد نفقات التعليم نصف أو ثلاثة أرباع الدخل القومي، واستمرار العشوائيات ونسبة الأمية كما هي تعد إهانة، لكن ليس لدينا الموارد التي تمكننا من تنفيذ مطالب التعليم والصحة والعدل الاجتماعي، وتوزيع الثروة في مصر لم يكن في يوم من الأيام بمثل البذاءة التي عليها الآن ولا فائدة من برامج تطرح دون وجود موارد.
وأنا لدى ثقة في الإنسان المصري، والرئيس عدلي منصور نموذج فهذا الرجل لم يكن معدا لأى شيء فقد كان قاضيا جليلا وصل إلى قمة الوظيفة دون أن يكون مهتما بالسياسة، وكان يستغرب كل ما حوله بعد توليه الرئاسة مباشرة وكان قليل الكلام لكن خلال ستة أشهر من المسئولية نضج بصورة كبيرة، وهذه ليست مجاملة فالرجل لن يأتي رئيسا مثلا، كما أنني أقول إن الإنسان المصري تحمل كثيرا ويحلم بـ«أمل» وليس بـ«بطل»، ويجب أن ندرك أن الأحلام تتحقق حين تمسك الفرصة بيدك، وليس بـ«المجد التليد».
ووجهت الشوباشي سؤالا لهيكل: هل 30 يونيو ضربة ولطمة للسياسة الأمريكية أم لا؟ وتدخل السناوي فزاد: هل هناك ارتباك في الموقف الأمريكي أم أننا أمام استراتيجية واضحة؟ فأجاب الأستاذ قائلا: الموقف الأمريكي وكل موقف في الدنيا من مصر يتوقف على الوضع بداخلها، وأنا كنت بتخانق مع الشيخ حمد (أمير قطر السابق) وقال لى (وأنا اتكسفت) قال لي لو أن مصر في موقعها الحقيقى ما كان فى مقدور أحد مهاجمتها، وتابع محدثا الحضور: أليس مصيبة أن تشكو مصر من قطر؟.. أمريكا إيه وقطر إيه؟.
الدور الأمريكي مؤثر في مصر مع الأسف الشديد بحيث أصبح قادرا على أن يقول لك «لا» فتسمع، وعلينا البحث عن أسباب تنامى نفوذه.
عند هذا الحد انتقل صاحب الصالون السناوي من «سؤال المستقبل» إلى «سؤال اللحظة»، ودار الحديث حول المشير عبدالفتاح السيسي باعتباره «مرشح ورئيس الضرورة» بتعبير الأستاذ هيكل.
•وقال المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور مصطفى حجازي: مصر عاشت خلال الثلاثين عاما الماضية ثنائية القهر والفوضى، وأرى ترشح السيسي في سياق البحث عن أمل وليس البحث عن بطل؟.
وقالت الشوباشي إن المشير السيسي أكثر شخص عليه إجماع مصري، في حين قال الكاتب الصحفي ورئيس مجلس إدارة الأخبار ياسر رزق إن الشعب المصري وجد البطل فى 3 يوليو 2013.. في إشارة للمشير السيسي.
•ووجه رزق السؤال لهيكل: هل ترى أن ــ في هذه اللحظة ــ التاريخ يعود إلى دورة كاملة حتى لو كانت آمالا حبيسة هى نفس التى كانت تراوده فى الخمسينيات والستينيات؟.
هيكل: فرق كبير بين ظروف 52 وبين الآن وأنا كنت موجودا بالقرب من جمال عبدالناصر وأرى ما يحدث خطوة بخطوة.. الدورة الكاملة تكون في حلقة مفرغة.. قيمة تجربة عبدالناصر أو أي أحد أن تكون نموذجا تدرسه وتستفيد منه لكن لا تكرره.. الظرف الأقليمي والعالمي مختلف والظرف الوطني مختلف، أنا أعتقد أن السيسي مرشح ضرورة كنت أتمنى أن يكون هناك مرشحون آخرون، لو لم يكن حدث التجريف الذى حدث في مصر.. أليس غريبا بعد سنين طويلة من نهضة أو يقظة هذا البلد أن نسأل الآن عن سؤال وجودي نكون أو لا نكون.
وأضاف هيكل: أنا قلق على المشير السيسي لأن جمال عبدالناصر اشتغل في السياسة أما عبدالفتاح السيسى ضابط في المؤسسة العسكرية ولم يكن له دخل بالسياسة، وهذا جزء من تردده الكبير جدا.. أنت تقول لي إنني أراه كثيرا ويقال أنى أكتب له برنامجا، وأنا مذهول مما أسمع.
السناوى (مقاطعا): قلت إنها خزعبلات.
هيكل: قالوا إنني أكتب البرنامج الانتخابي له، هل يمكن لأى حد أن يكتب إنشاء.. المفروض أن يضع البرنامج هو نفسه.
حتى هذه اللحظة نحن رأينا المشير السيسي في معارك دفاعية ونراه اليوم يتقدم إلى معارك هجومية فى ميدان هو لم يتأهل له وهنا وهو مرشح ضرورة يحتاج إلى كل البلد، وإذا تصور أحد أننا نتكلم عن بطل منقذ فنحن نتكلم عن وهم، أنت تريد رجلا قادرا على اتخاذ قرار مستقبل وحركة نحو المستقبل، وعليه أن يدرك أن كل البلد لابد أن تكون حاضرة ولا يغيب فيها طرف.
أتصور أن هناك رئيسا قادما وأنا أريد أن أمنحه كل الفرص ليرى الحقيقة ويصارح الناس بها والشعب كله يكون حاضرا بطريقة الوعى وليس بطريقة الانفعال، والإحساس بقدر المسئولية وليس بالجموح.
ولابد من مجلس أمناء للدولة والدستور مع الفريق السيسي وأتصور أن الفريق السيسي معندوش الظهير وراه.
هنا قاطع الحاضرون الأستاذ مذكرين إياه بالترقية الأخيرة للسيسى بكلمة: المشير.
فرد ضاحكا: «لسه محتاج أخد على حكاية المشير لأنى مش متحمس أوى لها وهو عبدالفتاح السيسى ومش هيستخدم ألقاب بعد شوية ان شاء الله لو نجح هيكون الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ولو إنى عارف إنها جت كدا من الهوا وهو ملوش دعوة بيها الراجل».
أتصور مجلس أمناء الدولة والدستور بمشاركة كل رؤساء الأحزاب فى مصر وممثلى كل القوى شبه جبهة وطنية منظمة، السيسى عنده تأييد شعبى لكن ليس له ظهير سياسى، لا ينوى أن يؤلف حزبا ولا أتصور ذلك، فكرة البطل المنقذ «شيلها من دماغك أنا عايز رجل يجىء إلى المسئولية وهو مقدر للمسئولية وعارف هو يقدر يعمل ايه بالبلد وبالناس وبأفكار كل الناس».
القعيد: نجاح السيسى مسألة مؤكدة.
هيكل: انتقل من المرشح الضرورة إلى الرئيس الضرورة، كل الناس تريد رئيسا وهو اتجاه غالب، وهو رئيس ضرورة وهى تقتضى وجود شعب حاضر وقوى شعبية وهى موجودة فى الأحزاب وتضع ما عندها فى برنامج الإنقاذ الوطنى لا وحدانية فى القرار ولا حزب واحد حتى تقف العربة على طريق المستقبل.
•طاهر: لكن أين التنافسية؟
هيكل: المنافسة مفتوحة بعد أن يكون هناك رئيس.. هذا الرئيس يحتاج جبهة مؤتلفة وليست مندمجة.. كل أطرافها مستقلون، لكن لديها إرادة اتفاق على الطريق، المرحلة المقبلة لا تتحمل ما نحن فيه الآن.
•السناوى: وما الحل لمشكلة الأجيال الجديدة؟
هيكل: أعتقد أنها مظلومة فهى لا تعرف حقائق العالم، هذا الشباب جزء كبير من جموحه أن «محدش بيكلمه سايبه بيكلم نفسه، معنديش حساب فى تويتر ولا فيسبوك بتفرج على المناقشات بفضول.. هم مضطرونأن يكلم بعضهم بعضا لأن محدش بيكملهم لا فى قيادة ولا حكم ولا أحزاب ولا جماعات ولا مثقفين بيكلموهم كل واحد بيكلم نفسه».
•السناوى: وماذا عن حوارات الرئاسة مع الشباب؟
حجازى: من الظلم اختزال العمل الوطنى فى الأحزاب السياسية الآن أو فى المستقبل، فى اللحظة الراهنة تشكيلات العمل الوطنى تتجاوز التشكيل الحزبى فكرة ما يسمى مفوضية الشباب تجتمع كل أطيافه من أجل إدارة حوار وطنى حقيقى جاد بينهم.
بهاء طاهر: شكونا من التجريف وبالتالى يجب أن تكون لدينا طبقة سياسية فليس لدينا طبقة سياسية ولذا نريد انتخابات تنافسية تفرزها.
هيكل: نتكلم فى هذا الجو.. البلد أن تكون أو لا تكون.. قريبة من دراسة المشكلات وقريبة من المشورة، كل ما أريده كيف يجتاز البلد المرحلة بين سيارة معطلة لا تتحرك وبين بداية أن تذهب لطريق المستقبل.
المشير السيسى مهيأ لأنه ليس هناك غيره، وعلى فرض الناس انتخبوه، لكن نفترض مجازا أنه انتخب فنحن عرفناه فى مناصب إدارية وهو مدير المخابرات العسكرية.
واختتم هيكل الحديث بقوله إن السيسى مرشح ورئيس ضرورة لكن المهام المقبلة تختلف عن مهامه السابقة، وأعرب عن إصابته بالذهول حين سمع من يقولون إنه يكتب البرنامج الانتخابى للمشير، وقال كنت أتمنى وجود مرشحين آخرين للرئاسة أمام السيسى، واصفا مهمة الخروج بمصر من أزمتها بأنها «شبه مستحيلة».
واعتبر أن مصارحة الناس بالحقائق هى التى تحمى أى مسئول، وتابع: نمر بمرحلة التضحية فيها بـ«وطن».. ولست مستعدا للتضحية بوطن، وفى مصر قوى من طبيعتها أن «تتحول» وهم أصحاب المصالح الذين يبحثون عنها مع كل سلطة، وانتقد ممارسة الحرية بالطريقة السائدة فى المجتمع قائلا: أرى أمامى بلدا ينتحر بدعوى الحرية وأضاف: الوضع الذى تعيشه مصر غير قابل للاستمرار، ولست خائفا على الحرية فالشعب حاضر وموجود بقوة لكن ممارسة الحرية على النحو السائد الآن تضعنا فى حالة فوضى.
كما شدد هيكل على أن القضية رقم واحد فى الأهمية هى مياه النيل، واصفا القضية بأنها أخطر مما نتصور، ودعا لإسنادها إلى «قيصر سياسى» يتولى معالجتها، كما دعا لدراسة موضوع الطاقة لأن أزمتها تحتاج لـ«قيصر» آخر لحلها على حد تعبيره.
وشدد «الأستاذ» على أنه «إذا توفرت الإرادة دون وجود «وسائل» لتحقيقها سنصاب بالإحباط»، واختتم بالقول: مصر تحتاج إلى «تجريدة» فكرية تخطيطية وليست عسكرية، وهو ما أكد عليه الأديب يوسف القعيد الذى قال: يجب أن يعلن الرئيس القادم أنه مسئول عن دولة وطنية مدنية حديثة.
وكانت آخر الكلمات للأديب بهاء طاهر الذى أنهى الحوار بالقول: يجب استئصال آثار الدولة شبه الدينية التى حاول الإخوان إقامتها.