Translate

Saturday, April 30, 2016

المسيح قام من بين الاموات ~ فيروز

المسيح قام من بين الاموات ~ فيروز

فريد الاطرش واجمل ترنيمة تسمعها فى حياتك ترنيمة اتى المسيح من اخراج جاما...

مصر أسعدت العالم! بقلم د. وسيم السيسى ٣٠/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

مصر أسعدت العالم بأن علمته قانون الأخلاق «كارين شوبارت- عمدة برلين»، وعلمته العلوم جميعاً «ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر - أفلاطون»، وعلمته الفنون كالموسيقى والغناء والمسرح والرقص والرياضة بكل أنواعها ماعدا كرة القدم» كما علمته العدالة.. الحاكم مع المحكوم، والعدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء، كما علمته الطب «وارن داوسن»، الصيدلة «فارما كا كلمة مصرية معناها بيت الشفاء والصفاء - بول غليونجى - الطب المصرى القديم ص ١٠٠».
مصر أسعدت العالم بأن أعطته أملاً فى حياة جميلة بعد هذه الحياة إن كان صالحاً، علمته أن هناك حسابا، ثوابا وعقابا، جنة أو نارا «إدريس عليه السلام ٥٥٠٠ ق.م»، مصر علمت العالم كيف يفرح ويسعد بالأعياد حتى إن إميل لودفيج يقول: أعياد العالم كلها من مصر! هو ذا عيد شم النسيم، عيد الربيع الذى أهدته مصر للعالم كله «العقاد»، وكان يليه عيد طهارة القلوب الذى تتزاور فيه الأسر المتخاصمة بفطيرة طهارة القلوب المزينة بالفواكه والزهور.
أهدت مصر العالم عيد الميلاد.. ميلاد أوزيريس فى ٢٥ ديسمبر، وكانوا يحتفلون بشجرة عيد الميلاد المزينة بالكف «خمسة وخميسة الآن»، والجعران «التوالد العذرى الذى يوجد نفسه بنفسه»، وهى من صفات الخالق! كانت الإوزة البرية على مائدة الاحتفال ولاتزال حتى الآن فى كريسماس ألمانيا وسويسرا «الديك الرومى فى أمريكا وأوروبا».
أهدتنا مصر عيد القيامة.. قيامة أوزيريس من بين الأموات وصعوده إلى السماء حتى يكون رب المحاكمة فى محكمة العدل الإلهية.
أهدتنا مصر عيد رأس السنة المصرية منذ ٤٢٤١ ق.م، والذى نرفض الاحتفال به كأنه عيد عبرى! أهدتنا مصر زيارة أحبائنا الذين رحلوا، فى أول أيام العيد، وعيد ختان الذكور «الآن عيد ختان السيد المسيح»، كما أهدتنا عيد كرنفال الزهور «نفتيس ربة الأناقة والجمال».
أهدتنا مصر عيد الأوبت.. احتفالاً بآمون «الآن عيد سيدى أبوالحجاج فى الأقصر.. يطوفون بقارب من المسلة حتى النيل».
أهدتنا مصر عيد عاشوراء الذى كانوا يحتفلون فيه برمى بذور القمح فى اليوم العاشر من ديسمبر.
أهدتنا مصر عيد وفاء النيل «وريد الحياة وشريانها» والذى أوقفته مصر بسبب الثقافة الرملية العدوة اللدود للحضارة النهرية، وبكل أسف كان أصل البلاء بلوتارغ اليونانى الكذاب الذى ادعى إلقاء فتاة «عروس النيل» كل سنة حتى يأتى الفيضان، التقط هذه الأكذوبة مؤرخون عرب «القفطى، المالطى، البغدادى، الكندى».
وألفوا سيناريو عمرو، وعمر، ولكن علماء الغرب وعلى رأسهم: إدوارد جيبون، إرنست ربنان، الفريد بتلر، جوستاف لوبون»، فندوا هذه الأكذوبة، فمصر لم تعرف الأضاحى البشرية أو حتى الحيوانية، بل كانت كل ما تقدم إنما هى القرابين والزهور! جدير بالذكر أن هؤلاء المؤرخين العرب ادعوا على عمرو بن العاص وعمر بن الخطاب أنهما وراء حرق مكتبة الإسكندرية، مرة ثانية جاء المؤرخون الأجانب السابق ذكرهم، وقالوا إن المكتبة احترقت فى ثورة الإسكندرية الكبرى ٢٧٥م، وأن الرحالة أريستوس زار المكتبة ٤١٦م فقال: وجدتها خالية من الكتب، والأرفف بلقعا يباباً!! طبعاً العرب جاءوا مصر ٦٤١ م أى بعد حريق المكتبة بحوالى ٤٠٠ سنة!! تاريخنا انتقائى ومزيف «أعيدو كتابة التاريخ - دكتورة نعمات أحمد فؤاد».
قارنوا بين عيد الربيع «شم النسيم»، وأجراس الربيع «نبات الملانة حين يهتز فى الحقول»، وبدء الحياة «بيض شم النسيم» والخصوبة «الخس فيتامين E»، وطعام النفس.. الكا.. السمك المملح - رمز الخلود»، وبين الربيع أو الخراب العربى.. أشلاء ممزقة، دماء كالأنهار، دموع وبكاء وأنين! فرق بين من يقدم السعادة ومن يقدم الخراب، بين مصر وبين قراصنة البحار «جون بول» ورعاة البقر «قطيعة.. العم سام».

Friday, April 29, 2016

الوعى بالتاريخ كطريق لمعرفة المستقبل بقلم د. عمار على حسن ٢٩/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

هناك حكمة عميقة تقول «من ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل» وهى لم تأت من فراغ، إنما هى استخلاص لفهم عميق لطبيعة جريان الأحداث الآنية، والتى ستكون فيما بعد ماضيا، ويترتب على هاتين الطبقتين المتعاقبتين المشحونتين بالأفكار والتصرفات والتفاعلات تحديد ما سيقع، أو على الأقل كشف جانب منه، أو بناء المؤشرات الدالة عليه.
وينظر البعض إلى التاريخ على أنه شكل آخر من أشكال الأدب التخيلى Fiction وهو تصور قديم قدم التاريخ نفسه، بل إن هناك مجتمعات لا تفرق بين التاريخ والخيال، ولا يخلو هذا التصور من منطق، فى الوقت ذاته، هناك ارتباط كبير بين التاريخ والسلطة، باعتبارها جوهر العملية السياسية، فالصراع على السلطة يبدو عملية تاريخية محددة بظروف مكانية وزمنية وبنية اجتماعية ومرحلة حضارية معينة، وفعل السلطة نفسه عملية تاريخية، تتحدد بمعطيات الماضى الحى، وتحدد بدورها، جزئيا أو كليا، مسيرة الحاضر نحو المستقبل.
ولهذا يقر الجغرافى والمفكر المصرى الشهير جمال حمدان بأن البعد التاريخى يعد مدخلا مهما إلى أى دراسة عملية جادة وعميقة لواقعنا السياسى، وتصوراتنا الاستراتيجية، ويقول: «بغير هذا تبدو الحقائق مقتلعة، والتعميمات، ربما، مبتسرة مفتعلة، وتخرج الصورة كلها ولها مسطح، ولكن ليس لها عمق».
والمشكلة تقوم حين نفرط فى الحديث عن الماضى، ويحضر التاريخ دوما ككابوس مرعب، ليس لاستلهام الحكمة منه أو التبصر به إنما العيش فيه، والبكاء الدائم على اللبن المسكوب. والإلمام بما قد مضى لا يعنى امتلاك الإنسان بعض القصص والحكايات التى تسليه فى أوقات فراغه، أو تجعله قادرا على أن يتباهى أمام أصدقائه بما لديه من معلومات عن الذين رحلوا، إنما هو وسيلة مهمة بالنسبة له لقياس ما يجرى أمام عينيه الآن أو ما يتوقع حدوثه فى المستقبل على ما حدث لآخرين، كى يحاول أن يتفادى الأخطاء التى سقطوا فيها، ويستفيد من الصواب الذى سلكوه.
فرغم اختلاف السياق، أو الزمان والمكان، فإن بعض الممارسات الإنسانية تتشابه بل قد تتطابق حتى لو فصلت بين الواحدة والأخرى قرون من الزمن أو آلاف من الأميال. ولذا يقول البعض إن «التاريخ يعيد نفسه»، وهو قول فيه بعض من الصواب، لكن صوابه يزيد كلما تعلق الأمر بظاهرة السلطة وما تنتجه من أقوال وأفعال.
وحتى لو سلمنا بمقولة «التاريخ اختيار» التى يستريح لها بعض المؤرخين فإن هذا الاختيار على ما فيه من تحيز وانتقاء ينطوى فى باطنه على عظات وعبر، تزداد جدواها إن حررنا التاريخ، وفق منهج علمى صارم، من بعض تحيزات كاتبيه، التى تنبنى على اعتبارات عدة، وتمكنا من رسم ملامح السياق العام الذى وقعت فيه الحوادث والوقائع، أو اجتهدنا فى الحصول على اختيارات بديلة لمؤرخين آخرين.
ومع هذا، فهناك من بين عوام الناس من يسخر من علماء التاريخ، وهم يقولون إن فى استطاعتنا أن نخرج من الماضى بكثير من العظات والدروس، ويصرخ فى وجوههم: «التاريخ لا يعيد نفسه». وهنا يرد عليهم الأنثربولوجى الكبير ويليام هاولز فى كتابه «ما وراء التاريخ» ويصيح فى وجوههم: «هذا قول يماثل فى الغباء والسخف الزعم القائل بأن الصاعقة لا تصيب نفس المكان مرتين».
وحتى يمكن الخروج من هذه المعضلة التى تنطوى على تناقض بين من يعولون على التاريخ فى فهم ما سيأتى ومن يستهينون بهذا علينا أن نقوم بمزج «الحكمة الكلية للتاريخ» مع ما يجود به العقل والفؤاد من قدرة على التبصر يجعل باستطاعتنا التنبؤ بما سيجرى، ولذا يقول جان ج. تايلور: «من المؤكد أن المستقبل يخبئ للإنسان إنجازات أخاذة، ولكن أهمها سيتعلق بتلك الميزة الخاصة التى يمتلكها، ألا وهى تدوين خبراته حتى يستفيد منها الآخرون. فهذه القدرة الفريدة تسمى الترميز Symbolization، وبها تكون الكلمات المكتوبة رموزا للأفكار.. وبالمزج بينها وبين الخيال يستطيع الإنسان أن يخطط للمستقبل عن طريق إدراكه الواقعى لنتائج حدث معين مختار من بين عدد من البدائل والاحتمالات».
ويتفق دليل بيرنز مع الرأى السابق، إذ يقول فى كتابه المهم «المثل السياسية»: إن «التاريخ هو تفسير للكيفية التى نفعل بها ما نحن فاعلون. واهتمامنا بما حدث يرجع أكثر ما يرجع إلى رغبتنا فى فهم ما هو حادث الآن، وهذه الرغبة بدورها نابعة إلى حد كبير من حاجتنا إلى التأثير فيما سوف يحدث فى المستقبل، وعلى ذلك يصبح التاريخ عديم الجدوى ما لم يمدنا بجانب من المعرفة له قيمة عملية، فمهمته أن يبين لنا الوسيلة التى تمكننا من أن نجعل من الحاضر مستقبلا أفضل، وذلك بفهم الطريقة التى أصبح بها الماضى حاضرا.. ويجب أن ننظر إلى الماضى كأنه كان ذات يوم مستقبلا، وأن نفكر فيما حدث من تغير كما لو كان يتحرك أمام نظرنا لا كشىء ذهب وانقضى... ونحن إذ نتلفت إلى الوراء فإنما نفعل ذلك كى نتجه بأبصارنا إلى الأمام».
ولا يجب أن يقتصر الأمر على تاريخ البشر وما ينتجونه من ظواهر إنسانية متعددة، إنما من الضرورى أن يمتد إلى تاريخ الأفكار. فالمعرفة ذات طابع تراكمى، وسيكون من الحماقة أن نبدأ من الصفر فى التعامل مع أى مشكلة نريد حلها، أو قضية نسعى إلى الإلمام بمختلف جوانبها، بل من الضرورى أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، ونضع لبنة جديدة فوق كل ما تركه لنا أولئك الذين سبقونا على دربى العلم والخبرة الإنسانية.
وعلاوة على تاريخ الفكر والفعل أو السلوك الإنسانى وما ينتجه من وقائع وأحداث وظواهر وتاريخ الأفكار، يجب أيضا استقراء تاريخ الخبرة الشخصية والنفسية عبر «الاستبطان»، الذى يزاوج فيه الإنسان بين التجريب والحدس، الذى طالما لعب دورا مهما فى علم الاجتماع الكلاسيكى، فى تحصيل معرفة بديهية للأشياء القائمة أو تخيل الخطوة القادمة، سواء بالبحث داخل النفس والتحقق من الأمور التى يحملها الذهن ويحتفظ بها، أو بتفحص بعض الخبرات الذاتية.
فى كل هذه الأنواع والأصناف يلهمنا التاريخ برؤية المستقبل لأنه ينطوى فى حد ذاته على نوع من التفكير المبصر، لاسيما بعد مساعى المؤرخين ليضفوا على الوعى التاريخى ما أضفاه كانط على الوعى العلمى من قوانين عقلية بحتة بمعزل عن حقائق الحس. ولذا بات من الممكن أن نتحدث عن «التفكير التاريخى» الذى يشبه الإدراك الحسى فى ناحية من النواحى لأن كلا منهما يختص بالنظر فى الشىء الجزئى. ويبدو هنا التاريخ شبيها بالعلم إذ المعرفة فى كل منهما تقوم على الاستدلال أو البرهنة العلمية، وإن اختلفا فى أن ما يناقشه المؤرخ ليس من قبيل المجردات، ولكن من قبيل الموجودات المادية، والعناصر الجوهرية فى التاريخ هى الذاكرة والحجة فى الموضوع، والرواة الثقات.
كما يلهمنا التاريخ بالقدرة على التخيل السياسى لأن التاريخ فى جانب منه قائم على الخيال، وهو ما يسميه علماء التاريخ «الخيال التاريخى»، والذى لا يعتمد على التعسف فى تخيل الأحداث التفصيلية، لكن على إدماج ما يتوقعه هو بشكل علمى منضبط من تفاصيل لم ترد فى إفادات الرواة الثقات.
ويضرب عالم التاريخ ر. ج. كولنجوود، وهو واحد من أهم دارسى هذا الحقل المعرفى فى العالم بأسره، مثلا على هذا بقوله: «لو أننا نظرنا إلى البحر، ورأينا مركبا ثم عدنا بعد خمس دقائق، فنظرنا مرة ثانية ووجدنا المركب فى مكان آخر غير الأول، لكان علينا أن نتبين حينئذ أن المركب مر عبر مساحات مائية فى أثناء سيره بين النقطتين، فى الوقت الذى لم نكن فيه نتتبع سيره. ولنا فى هذا مثل على التفكير التاريخى، ونحن بنفس هذا الأسلوب، نجد أنفسنا مضطرين لأن نتصور أن قيصر قد سافر من روما إلى الغال، حيث يقال لنا إنه فى هذين المكانين المختلفين فى هذه الأوقات المتتالية».
وبالتالى يقوم الخيال التاريخى على الاستدلال العقلى البحت، وهو يملأ الفراغات التى يتركها الرواة الثقات، بما يجعل القصص أو الوصف التاريخى حلقة متماسكة متصلة. والمؤرخ الكامل يجب أن يكون على درجة من الخيال الجبار الذى لا يضفى على قصصه قدرا من التأثير والجمال فحسب، إنما يعينه على تبيئة الوقائع التاريخية المحددة، وتكييفها مع السياق العام الذى لم يسجله الرواة، وبذا يبدو الخيال هو الملكة العمياء التى لا غنى عنها، لأنه ليس بوسعنا أن ندرك العالم بدونه، ولذا فهو ضرورى للمؤرخ، وهو إن كان أدنى من الحقيقة فهو أبعد عن الخرافة، وهو فى كل الأحوال ليس نوعا من الهذيان لا ضابط له، أو مجرد جنوح عن عالم الحقائق، بل يخضع لتفكير ممنهج، لأن ما يتخيله المؤرخ، وعلى النقيض من خيال الروائى مثلا، ينبغى أن يكون فى حدود الزمان والمكان، وخاليا من التناقض، أو متسقا، وذا صلة وثيقة بالمادة التاريخية المسنودة إلى مصادر.

مجلس النواب ومعاهدة التنازل عن الجزيرتين.. سؤال الولاية بقلم د. محمد نور فرحات ٢٩/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

هذا حديث خالص فى الدستور ولوجه الدستور والوطن. ولدىّ قبل الاستطراد ملاحظة وسؤال:
لم أفهم على وجه الدقة المقصود بعبارة (أهل الشر المتربصون بالوطن فى الداخل) هل هم المتظاهرون ضد المعاهدة الذين واجهتهم أجهزة الأمن بشراسة بالغة يوم الإثنين الماضى، بمصاحبة حشود أعد الأمن عدتها على خير وجه فرفعت أعلام السعودية على أرض مصر دفاعا عن حق دولة أجنبية شقيقة فى أرض يظنها البعض مصرية؟ انتقلت خبرة الحشد من الإخوان إلى الأجهزة مع مزيد من التطوير واستيعاب الدروس. لم يختلف الأمر عما كان يفعله الإخوان و(حازمون) فى رفع أعلام أجنبية على أرض مصر. أعطينا أولادنا درسا بليغا فى الوطنية: من يدافع عما يظنه أرضا له هو الخائن، ومن يدافع عن حق الآخرين فى أرضه هو الوطنى المخلص. فمن منهم يا ترى من أهل الشر؟
تعبير (أهل الشر) يحمل أكثر من تأويل. وهو نفسه صناعة أمريكية ابتدعها جورج بوش فى حديثه عن الدول المارقة عن الطاعة الأمريكية.
عموما فليس بأهل الشر فى فهمى إلا من يرفعون السلاح فى وجه الدولة وشعبها إرهابا لهما. وليس منهم من يبدى رأيا سياسيا معارضا أو يدافع عما يظنه أرضا لوطنه.
فى المعارضة كل الخير للوطن ولو جانبها الصواب. إنها ضميره اليقظ. ووطن بلا معارضة هو وطن محطم الضمير مقهور الوجدان فاقد الحلم. الحكم الرشيد يرحب ويسعد بالمعارضة لأنها تفتح أمامه آفاقا يجفل عنها الهاتفون والراقصون فى الشوارع. استخدام الدولة القوة المفرطة تجاه معارضيها السلميين يؤدى إلى تحطيم الآمال وزيادة الإحباط وتحطيم الأوطان أيضا. وفى التاريخ الحديث والقديم انهارت الأنظمة التى لم يكن يسمح فيها إلا بالصوت الواحد الذى يتردد صداه فى صحراء السياسة المقفرة.
خلاصة هذا المقال أثبتها هنا فى بدايته: إن مجلس النواب لا ولاية له فى نظر معاهدة تقسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية قبل حسم مسألتين أوليتين يترتب على حسمهما انعقاد الولاية له أو انتفاؤها عنه.
المسألة الأولى: هل يترتب على المعاهدة تنازل عن جزء من إقليم مصر أم لا؟
المسألة الثانية: هل هذه المعاهدة متعلقة بحق من حقوق السيادة أم لا؟
الإجابة عن أى من هذين السؤالين بالإيجاب أى القول بأن معاهدة رسم الحدود تتضمن تنازلا عن جزء من إقليم الدولة أو مساسا بحقوق سيادتها ينزع عن مجلس النواب ولاية نظر المعاهدة.
لا يكفى لكى نروج للمعاهدة أن نقول للناس إن أمرها معروض أمام مجلس النواب الذى انتخبه الشعب فى انتخابات حرة نزيهة. وأنه هو الذى سيقرر الموافقة أو عدم الموافقة. لا يكفى ذلك لأسباب سياسية وقانونية.
الأسباب السياسية تتمثل فى أن هذا المجلس بالذات، وعلى ما يرى الكثيرون هو أقل المجالس من حيث ثقة المصريين به منذ عرفت مصر المجالس النيابية. نعم لقد أتى المجلس بانتخابات خالية من تدخلات التزييف الفجة. ولكنه رسمت قسماته وتمت هندسته وفقا لقانون رفضته أغلب القوى السياسية بمصر وقتها. وأبعدت منه عن عمد أغلب الأصوات التى كان بوسعها أن تقول كلمة حق معارضة. لم يدخل من هذه الأصوات إلى المجلس إلا من استطاع الإفلات من سم الخياط. أما أغلبية المجلس الحاسمة فهى كتلة اصطنعتها أجهزة الأمن على عينها، وأحزاب أنفق عليها رجال الأعمال مرضاة لدولة أجهزة الأمن، وعشرات من رجالات الحزب الوطنى السابق الموالين لكافة الأنظمة فى كل العصور.
هذا المجلس إن أقر المعاهدة (وهو فى الغالب سيصدع بما يؤمر) لن يضفى عليها شرعية سياسية رغم الغطاء الشكلى الذى قد يدثرها به. وسيظل قطاع من الشعب كبر أم صغر، مقتنعا عن خطأ أو صواب، أن المعاهدة تقتطع من أرضه أو تنال من سيادته على وجه يخالف الدستور. وسيظل أمر الطعن أمام القضاء واردا بشدة.
دعونا من الحديث فى الحجج السياسية التى كثر الحديث عنها إلى حد يسبب الضجر ولنتكلم فيما هو آتى.
من الناحية الدستورية البحتة فإن المجلس قولا واحدا غير ذى ولاية بنظر المعاهدة قبل حسم المسألتين السابقتين: هل فى المعاهدة مساس بالإقليم؟ أو مساس بحقوق السيادة؟ أم لا.
تنص المادة ١٥١ من الدستور على ما يلى:
«يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.
وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أى معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».
المادة الدستورية تميز تمييزا واضحا بين أنواع ثلاثة من المعاهدات. المعاهدات العادية وهذه يبرمها رئيس الجمهورية ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب.
ثم معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وهذه يستفتى عليها الناخبون ولا شأن لمجلس النواب بها ولا يصدق عليها الرئيس إلا بعد إعلان موافقة الشعب عليها.
وأخيرا المعاهدات التى تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن جزء من الإقليم وهذه لا يجوز إبرامها بأى حال ولا يصحح بطلانها تصديق الرئيس أو استفتاء الشعب أو موافقة مجلس النواب.
من الذى يقرر ما إذا كانت معاهدة رسم الحدود البحرية مع السعودية معاهدة عادية يبرمها ويصدق عليها الرئيس وينعقد الاختصاص للبرلمان بالموافقة عليها؟ أم أنها معاهدة تتضمن نزولا عن جزء من الإقليم فهى باطلة بطلانا مطلقا؟ أم أنها معاهدة متعلقة بحق من حقوق السيادة الأمر موكول فى الموافقة عليها للشعب فى الاستفتاء؟
لنطرح وراء ظهورنا كل ما قيل وما كتب فى هذا الأمر، ولنحتكم للقضاء. مجلس النواب لابد أن يتنحى (بلغة القضاة) عن تقرير مسألة متعلقة بولايته. يقول الفقهاء المسلمون الأقدمون: إن طالب الولاية لا يولى.
لدينا خيار قانونى واحد أقترحه على الدولة وفاء للقسم باحترام القانون فى دولة القانون:
نصت المادة ٦٦ من قانون مجلس الدولة على أنه:
«تختص الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع بإبداء الرأى فى المسائل والموضوعات التالية: أ- المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التى تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة». وما دام الاحتكام للقضاء من تقاليد الدول الديمقراطية (وهو ما أكد عليه الرئيس فى كلمته بعيد القضاء منذ أيام) ومادام الأمر سيؤول إلى القضاء عاجلا أو آجلا، فإننى أقترح أن تبادر الدولة إلى مخاطبة الجمعية العمومية لقسم القتوى والتشريع بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس الوزراء للإفادة بالرأى الدولى والدستورى فى مسألتين محددتين هما:
١. فى ضوء ما سبق إبرامه من اتفاقات لرسم الحدود، وفى ضوء قانون البحار، والمذكرات والإعلانات الصادرة من المسؤولين، وتصريحات ممثلى مصر فى الأمم المتحدة، وفى ضوء الخرائط والوثائق المتاحة، ورأى أهل الخبرة، هل تعتبر المعاهدة تنازلا يحظره الدستور عن جزء من إقليم الدولة أم لا؟
٢. وفى حالة الإجابة عن السؤال السابق بالإيجاب تطوى صفحة المعاهدة ويصرف النظر عنها لمخالفتها الدستور.
٣. أما فى حالة الإجابة عنه بالنفى، فيطرح السؤال التالى: هل تعد المعاهدة متعلقة بحق من حقوق سيادة الدولة المصرية يلزم استفتاء الشعب عليها أم لا؟
٤. فى حالة الإجابة عن السؤال السابق بالإيجاب تعرض المعاهدة على الشعب للاستفتاء، فإن وافق عليها الشعب أصبحت نافذة وصدق عليها الرئيس.
٥. أما فى حالة الإجابة بالنفى انعقد الاختصاص بنظر المعاهدة خالصا لمجلس النواب وفقا لاعتبارات الملاءمة السياسية والتشريعية.
٦. وعلى أى حال، فإن عرض المعاهدة على مجلس الدولة هو أمر حتمى نفاذا للمادة ١٩٠ من الدستور باعتبار ها ستصبح قانونا من قوانين الدولة. وإنما اقترحت مقترحى باستفتاء مجلس الدولة مسبقا قبل العرض على البرلمان لا بعد العرض حفاظا على هيبة البرلمان من ناحية، وحتى لا يخوض النواب فيما لا ولاية لهم فيه، ثم يأتى رأى مجلس الدولة بعد ذلك على خلاف ما ذهبوا إليه بما يحمله من شبهة تصادم بين السلطات.
قال لى قائلهم: وما أدرانا أنه بعد الاستفتاء لن تخرج أصوات متهمة الحكومة بتزويره؟ قلت: سؤال فى موضعه، ولكن عبر تراكمات التاريخ، تكونت لدى المصريين حاسة تستشعر التزوير أو النزاهة. فقط كونوا أوفياء صادقين، ومن قبل ذلك ابتعدوا عن التحايل على الدستور بل والتاريخ. ومن قبل ومن بعد تخلوا عن فكرة أنه بإحكام قبضة الأمن تحكم الشعوب. فممارسة نفس الفعل مرتين لن تأتى بنتائج مختلفة إلا عند من يدعون الذكاء.
قال لى صادقا: هذا حديث فى الهواء لن يستمع إليه أحد.
قلت: صدقت ولكن فى البدء كانت الكلمة.

Monday, April 25, 2016

النظام يحارب النظام بقلم د. مصطفى النجار ٢٦/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

هل تصدق أن هناك عاقلاً يتمنى حدوث فوضى فى البلاد؟ هل تصدق أن عاقلاً يريد إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها وإفساح المجال للعصابات المسلحة ومحترفى الإجرام للتسلط على رقاب الناس؟ هل تصدق أن هناك عاقلاً يتمنى الانهيار الاقتصادى لبلاده وإعلانها الإفلاس؟ هل تصدق أن عاقلاً يريد تمكين تيارات متطرفة وجماعات تكفيرية لتفرض وصايتها على البشر، وتحتكر الحديث باسم الدين الذى تفسره على هواها؟ هل تتخيل أن أحداً يريد لنفسه هذا المصير المظلم الذى سيتبع مآلات ما سبق؟
كل ما مضى لا يمكن تصديقه بالنسبة للعقلاء، ولكن هناك ما يجب تصديقه، لأنه واقع بائس وغريب ومثير للدهشة، حين تقوم وسائل الإعلام الموالية للدولة بشن حرب على الشباب تُخوِّنهم فيها وتتهمهم بالعمالة لأن بعضاً منهم تظاهروا رافضين التنازل عن جزر كانت بحوزة مصر منذ عقود متتالية، حين يتم إلقاء القبض على شباب يجلسون فى المقاهى ويتم اتهامهم بمحاولة قلب نظام الحكم والتحريض ضد الدولة، حين يعود زوار الفجر لمداهمة البيوت بحثاً عن صحفى أو محامٍ أو طالب جامعى قام بالتنفيس عن نفسه بالكتابة على صفحته بموقع الفيس بوك، حين يدعو بعضهم لتظاهرات مضادة تفوح منها رائحة الاحتراب الأهلى والشقاق بين أهل الوطن الواحد، حين تتحرك أبواق مقربة من السلطة لتصنع حالة من الفزع المبالغ فيه بالحديث عن مؤامرات وهمية وسيناريوهات أخطبوطية تجعل الناس تتنفس نظرية المؤامرة وتعيش تحت أسرها.
مَن الذى يحارب النظام غير رجاله وأعوانه؟ من الذى يسىء لصورة مصر وهو يصرخ فى الإعلام أن مصر ستسقط لأن بعض الشباب تظاهروا للتعبير عن آرائهم الرافضة لتسليم الجزر المصرية؟ ما الذى يضير الدولة المصرية من مظاهرة تنتهى خلال ساعات ويعود الناس لبيوتهم دون أن يقتلوا أحداً أو يعتدوا على منشآت عامة أو ممتلكات خاصة؟
لماذا نصر على أن يكون الصوت واحداً والرأى واحداً؟ لماذا لا نطيق أن نسمع صوتاً مغايراً؟ لماذا نصر على سماع أنفسنا فقط؟ هل صار الشباب هم كل مشكلة الوطن وسبب بلائه؟ هل صار الشباب أعداءً للوطن وليسوا مستقبله وأمله؟
ستمر مشكلة الجزر وتنتهى على أى حال، لكن سيبقى الوجع فى القلوب، وتبقى المرارة التى ولدتها طريقة التعامل المهينة مع الناس خلال هذه الأزمة، صرت على يقين أن هناك من داخل النظام من يحارب النظام نفسه، هذه الممارسات لن تحمى النظام ولن توسع دائرة مؤيديه بل تضم لخصومه أنصاراً جدداً، استعداء الناس واعتقاد أن اليد الغليظة يمكن أن تدير كل الملفات اعتقاد خاطئ، المأساة أن ما يحدث فى مصر الآن هو تكرار لنفس العقلية التى أوصلتنا لكل لحظات الانسداد، لو تأملنا ما سبق لاتعظنا من دروسه، ولكن يعيش بيننا من يصرون على إعادة اختراع العجلة!
لا يوجد ما يبعث على الاطمئنان فى مصر، التردى الاقتصادى وانهيار العملة الرسمية وضعف الاستثمار تنبئ بارتفاع شديد فى الأسعار سينتج عنه سخط اجتماعى واسع لن يمكن التعامل معه بسياسات العصا الغليظة، فلنتحلَّ ببعض العقل قبل أن نفقد كل شىء.

ما هذا الخَبل؟ بقلم د.صلاح الغزالى حرب ٢٦/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

على مدى السنتين الأخيرتين دأب أشخاص مُعينون فى الإعلام المصرى العام والخاص على الإلحاح والتأكيد أن مصر تتعرض لمؤامرات خبيثة، يُخطط لها أعداء فى الداخل والخارج، هدفها ما يُسمونه «إسقاط الدولة»، وهو تعبير غائم غير مُحدد المعالم والمقاصد.. ولأنه كذلك فإن من يرددون هذا الكلام – حفاظاً على أوضاع فاسدة يستفيدون منها بلا شك – يكتفون بالتلويح بشعارات لا دليل عليها ولا سند مثل إسقاط مؤسسات الدولة وركائزها الأساسية التى هى فى نظرهم الجيش والشرطة والقضاء، يضعونها دائماً فى سلة واحدة على الرغم من الاختلاف الكبير فيما بينها من حيث الوظيفة والمهام والرسالة..
ويكتفون أيضاً باستغلال جهل عموم الناس بحقيقة الأوضاع السياسية بالمنطقة وتاريخها، فيثيرون مخاوفهم بضرب المثال بما يحدث فى دول مجاورة مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا من نزاعات وحروب أسبابها بالدرجة الأولى طائفية ونظم ديكتاتورية تحكمت فى مصائر هذه البلدان لفترات طويلة. يحرص أيضاً أصحاب نظرية المؤامرة المستمرة التى تحيكها قوى مختلفة من أنحاء العالم ومن الداخل على مصر على التأكيد بأن السلاح الأهم الذى يستخدمه هؤلاء المتآمرون هو التبشير بالديمقراطية والدعوة لها، وكثرة الكلام عن حقوق الإنسان وحفظ كرامته، وإثارة قضايا الفساد والانحراف! الشىء الغريب حقاً أن قطاعاً ليس بالقليل من أبناء هذا الشعب الطيب الغارق حتى أذنيه فى مشاكل حياته اليومية يؤثر فيه هذا الخبل الإعلامى، ويردده بدون أن يعطى نفسه فرصة للتدبر والتفكير فى هذا الذى يسمعه، وهو أمر طبيعى فى مجتمع مأزوم، يعانى أفراده معاناة لا مثيل لها فى الحصول على عمل أو سكن أو وسيلة انتقال آمنة أو فرصة للتعلم وتنمية مهاراته أو علاج لمرض أو حادث ألم به،
فضلاً عن عدم الشعور بالأمان الاجتماعى ضد غوائل الزمن أو الإحساس بالعدالة وتكافؤ الفرص، وفوق ذلك كله معاناته فى الحصول على ما يسد به رمقه هو وأهله ويبعد عنهم شبح الجوع والعوز. أسوأ ما فى هذا الموضوع كله أن هذه النغمة التى تصاعدت وتيرتها فى السنوات الأخيرة ومازالت، جاءت بعد ثورة شعبية عارمة فى ٢٥ يناير أحدثت دوياً هائلاً وانبهر بها العالم كله وهو يرى الشعب المصرى يخرج بعشرات الملايين ضد نظام ديكتاتورى فاسد مطالباً بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وبالتالى فإن عدم تحقيق أى تقدم يُذكر نحو تحقيق هذه الأهداف التى رفعها الثوار، بل والتراجع المخزى حتى عما كان قبل الثورة، قد أحدث درجة عالية من الإحباط والانهزام النفسى لدى قطاعات واسعة من الشعب المصرى، جعلت الأفكار السقيمة المُغرضة سهلة الانتشار والتصديق حتى بين كثير من المتعلمين الحاصلين على أعلى الشهادات سواء عن جهل سياسى أو لاستفادة خاصة يجنونها من المناخ الاستبدادى الذى يحبذونه ويتحمسون له، وزكاها بالتأكيد انتشار ظاهرة الإرهاب العالمى فى أماكن عديدة من العالم ومن بينها مصر التى يجد فيها التطرف الدينى أرضاً خصبة لنموه وانتشاره.
المؤسف أن مراكز الدراسات والرصد فى دول أوروبا وأمريكا قد استشعرت هذه التغيرات فى المزاج العام لشعوب المنطقة وليس فى مصر فحسب، حكاماً ومحكومين، وبدأت تقنع النخبة هناك بأن هؤلاء القوم الذين يسكنون فى منطقة متوسطة من العالم والتى هى مهد الأديان السماوية الثلاثة، هى منطقة ميئوس منها، فهم غير مؤهلين للديمقراطية والحرية لأسباب ثقافية ودينية، وأن النظم الاستبدادية هى الأفضل لهم، ودليلهم على ذلك– وهو صحيح إلى حد كبير- أن شعوب أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وحتى بعض الشعوب الأفريقية قد حدث فيها تحول ديمقراطى واضح وضعها على طريق التقدم والنمو بدون أن تشهد نزاعات أهلية وانقسامات. لقد كانت كلمات الرئيس السيسى فى حضرة رئيس فرنسا عن أن معاييرنا فى الديمقراطية وحقوق الإنسان تختلف عن أوروبا، وربطه بين ذلك وما سماه «سقوط مصر»، صادمة للكثيرين الحالمين بمستقبل أفضل على أرض هذا الوطن لأبنائهم وأحفادهم، وإن كانت فى نفس الوقت هدية تلقفها هؤلاء الفاسدون، خدم كل نظام استبدادى بكل السعادة والحبور!!
لا أعتقد أننى أضفت جديداً بما كتبته ولكنى أجده واجباً على كل وطنى مخلص فى هذا البلد ألا يدخر جهداً فى تكرار القول والتأكيد على أن الاستبداد لن يخلق نظاماً ناجحاً ولن يجلب استقراراً ولن يمنعه من السقوط.. النظام وليس الدولة.. إن كل من يستهزئ بمبادئ حقوق الإنسان المصرى واحترام كرامته هو ليس منا، بل هو خارج عن صفة الإنسانى..
وأنا هنا أسأل، ألم تشعر هذه الكائنات بالخجل والدنو وهم يسمعون والدة الباحث الإيطالى ريجينى الذى قُتل فى مصر بعد أن شاهدت آثار التعذيب عليه وهى تقول «لقد عاملت السلطات المصرية ابنى كما تعامل مواطنيها»! تباً لكم..


Sunday, April 24, 2016

كيف ندعو على ظالمينا؟ بقلم فاطمة ناعوت ٢٥/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

«الله أسأل ان ينتقم من كل من ظلمنا، انتقاما يشفى الصدور فتهلكهم فى أنفسهم وأهلهم وأموالهم وأولادهم وبيوتهم عاجل غير آجل».
أعتذرُ عن هذا الدعاء الصعب، (بأخطائه الإملائية)، إن كان جرح عيونَكم، أو أزعج صداه المؤلمُ قلوبَكم المُحبّة للخير. فهذا الدعاء ليس لى، فلا خطّه قلمى، ولا نطقه لسانى، ولا رنّ وقعُه القاسى فى قلبى، مهما طالنى ظلمٌ، أو جورٌ نالنى. هذا الدعاء كتبه أحدُهم على صفحته بفيس بوك، ودخل نفرٌ من أصدقائه وعلّقوا على دعائه بالتأمين: آمين!
جلستُ أتأملُ هذا، وأتعجّب. الأصلُ فى الدعاء هو الوقوف بين يدى الله مُسلّمين بضعفنا، مقابل قوته. نهمسُ بنجوانا؛ وما أغناه عنها؛ فهو يعلم السرّ وأخفى. لكننا نلوذُ به إذ لا ملاذَ إلا له، نشكو ضعفنا وقلّة حيلتنا. تخبرنا أدبياتُ الإسلام عن الرسول حين أُوذى فى مكّة وأُخرج منها تاركًا آله وداره، قاصدًا الطائف علّه يجد فيها مُنصتًا، فما وجد إلا غلاظًا جاحدين أمطروه بوابل الأحجار وسوء القول، فلجأ إلى وادى نخلة دامى القدمين كسيرَ القلب، فأخبره الوحى أن الله قادرٌ على إطباق جبلى الأخشبين على العُصاة الظالمين إن أراد، فرفض الرسولُ علّ يخرج من أصلابهم مؤمنٌ نقى القلب. ثم ناجى الله: «اللهم إنى أشكو إليك ضعفَ قوتى، وقلةَ حيلتى، وهوانى على الناس. أنت أرحمُ الراحمين، وربُّ المستضعفين، وأنت ربى. إلى مَن تكِلُنى؟ إلى قريب يتجهّمُنى؟ أم إلى عدو ملّكته أمرى؟ إن لم يكن بك على غضبٌ فلا أبالى. أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة، أن ينزلَ بى غضبُك، أو يحلَّ بى سخطُك، لك العُتبى حتى ترضى. ولا حول ولاقوة إلا بك». فلم يسبّ الرسولُ مَن سبّوه، ولم يدعُ بالويل والدمار على مَن أهانوه وأرشقوه بالحجارة حتى أدمى جسدُه وهانت نفسُه.
لكن دهشتى من الدعاء فى صدر المقال، لم تتوقف عند هذا. فالدعاء على الظالم بالويل يدلّ على شخصٍ مراهق غليظ القلب، لكنه الجنون أن تطالب بهلاك أهل الظالم وأولاده! أليس بين أهله شيوخٌ مستضعفون، ونساءٌ واهناتٌ، وأطفالٌ غُفلٌ لا يدرون ما يجرى حولهم؟! ما ذنب أولئك وهؤلاء لنرجو هلاكهم؟! ألم يقرأ هذا المسلم آيةً فى كتابه تقول: «ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى»، أى لا تحملُ نفسٌ خطيئةَ نفسٍ أخرى ولا تتحمّل تبعتها؟ فكيف يطلبُ من الله العادل، ألا يكون عادلاً من أجله فيعاقب طفلاً بذنب أبيه، أو شيخًا بإثم ولده؟! هذا نموذج مسلم يُنفّر الناسَ من الإسلام، فيرى فيه المراقِبُ أن الإسلام يأخذ المرء بذنب أخيه، ويُسخّرُ اللهَ، حاشاه، أن يكون أداته فى الظلم بمثل ذاك الدعاء المهين!
أفخرُ دائمًا أن «جهاز الكراهية» فى داخلى معطّلٌ ولا أسعى إلى إصلاحه. فلا أكره حتى من ظلمنى، ولم أقبض على نفسى أبدًا متلبّسةً بالدعاء على أحد، مهما ظُلمت. بل إننى، منذ وضع الإخوان اسمى فى قائمة هدر الدم أيام حكمهم، أحمل فى حقيبتى وصيةً تُبرئ قاتلى، إن مِتُّ مقتولة، من دمى. فما فعل إلا ما أراده اللهُ لى، وكل ما يريده اللهُ خيرٌ، أقبله راضية مرضية.
هلا أنبأتكم عن كاتب ذلك الدعاء على صفحته؟ إنه السيد الكريم والمسلم الغيور الذى رفع ضدى دعوى ازدراء أديان، وحصل على حكم بحبسى سنواتٍ ثلاثًا ليحمى الإسلام من أمثالى من المارقين الذين أشفقوا على أضحية تُعذّب قبل نحرها! أمثالى ممن لا يعرفون إلا الدعاءَ لكل الناس بالخير، حتى مَن آذونا. مَن منّا يزدرى دينَه؟

الإنسان هو الإنسان بقلم د. محمد أبوالغار ٢٥/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

فى المؤتمر الصحفى للرئيس السيسى مع الرئيس الفرنسى صرح ببساطة شديدة وتلقائية بأن الإنسان المصرى حقوقه غير الإنسان الأوروبى، وهو تصريح ينم عن إيمان رئيس دولة بأن شعبه لا يستحق أن يحصل على نفس حقوق نظيره الأوروبى، وهو أمر شديد الغرابة، لأن ما يقصده الرئيس ليس حق المواطن المصرى فى سكن مشابه للأوروبى أو تعليم مقابل للأوروبى أو علاج طبى أو الحق فى العمل، لم يقصد الرئيس ذلك لأن الجميع يعلم أن هذه الحقوق تنالها الشعوب بعد عمل شديد وكفاح سنوات طويلة لبناء دولة متقدمة اقتصادياً. والواقع أن هذه الحقوق لم تصل إليها حتى الآن إلا الدول ذات الديمقراطية المستتبة، وهناك استثناءات بسيطة لدول بها أبشع النظم الديكتاتورية، ولكن الطبيعة أعطتها لفترة زمنية تقدر فى التاريخ الإنسانى بلحظة بسيطة ثروات طبيعية استطاعت بها أن تحقق لمواطنها بعضا من الحقوق المادية التى سوف تتقلص بطبيعة الحال تدريجياً بعد زوال هذه اللحظة. ما يقصده الرئيس هو أن الإنسان المصرى ليس له حق الإنسان الأوروبى فى التعبير عن رأيه أو المطالبة بالحرية أو الديمقراطية، وعليه أن يتقبل برضا أن يتم سجنه، لأنه عبر عن رأيه، وعليه أن يتقبل بصدر رحب أن مستواه الإنسانى أقل من المواطن الغربى. هذا المكنون لا يعبر فقط عن رغبة الرئيس فى إقامة حكم استبدادى بدون أن يفتح أحد فمه، ولكنه يعبر عن قيم تتماشى مع تيار غالب فى المجتمع.
يعتقد أكثر المسلمين فى هذا الوطن أن لهم حقوقا فى المواطنة أكبر من حق المسيحى، وأغلبية المتطرفين من المسلمين يعاملون المسيحيين كمواطنين من الدرجة الثانية.
وعند الكثير من المصريين اعتقاد راسخ بأن الرجل أهم وأعظم، وله حقوق أكبر من المرأة، وهذا واضح فى توزيع الوظائف والأدوار السياسية، وواضح فى منع المرأة من الميراث بالقوة فى الصعيد.
وعند العسكريين المصريين، وهم الذين ترأسوا الدولة المصرية أكثر من ستة عقود، أنهم الوحيدون الذين لهم الحق فى حكم مصر، وأنه حتى الخناقة على الحكم تكون بينهم ولا يدخل فيها المدنيون، ومعظمهم يعتبرون أن قرارهم هو القرار السليم الصحيح، وهو ما حدث مع الرئيس السيسى حين تخلى عن جزيرتين مصريتين فى البحر الأحمر للسعودية بدون استشارة ولا علم رئيس الوزراء ولا البرلمان ولا رئيسه، لأنه اعتقد أن هذا حق طبيعى لرئيس دولة ذى خلفية عسكرية لا يعترف بأهمية البرلمان ولا مجلس الوزراء وربما ولا حتى الشعب المصرى.
وفى نفس السياق، يعتبر ضابط الشرطة أنه المواطن الثانى فى هذه الدولة، والذى يأتى أيضاً فى مرتبة أعلى من الشعب. وحقق النظام، النظام الديكتاتورى المصرى، بعد سنوات طويلة انطباعا داخليا بأن حقوق الإنسان الطبيعية فى مصر ليست متساوية، فحقوق ضابط أو أمين الشرطة فى قتل الفقراء من المصريين فى الشارع أو أقسام الشرطة هى حق طبيعى له.
يأتى بعد ذلك رجال الأعمال الذين تستطيع أموالهم الدفاع عن حقوقهم، ثم المهنيون، فيعتبر الأطباء أنهم طبقة أعلى من المهن الأخرى، ويعتبر أستاذ الجامعة نفسه أعلى من موظف عادى، وهكذا ترسخ الدولة لتقسيم حقوق الإنسان المصرى، مثل الحق فى الحياة والحرية والكلام حسب وضعه فى المجتمع، وحيث إن ظروف مصر كلها زفت، فحقوق الإنسان المصرى بالطبع تكون زفت.
وبالتالى كان طبيعياً أن يعتبر الرئيس السيسى أن مقتل الشاب الإيطالى كان كارثة على مصر، لأن من قتله قد نسى أنه إنسان له قيمة لا يقارن بالإنسان المصرى عديم القيمة الذى قتلت الشرطة خمسة منه، فى محاولة ساذجة لتلفيق أنهم قتلة ريجينى. لا يتفهم الأمن كل هذا الضجيج للبحث عن القاتل واحتجاجات البرلمان الأوروبى والعقوبات التى سوف توقع على مصر، لأنه حسب تعبير شرطتنا العظيمة (أهو كلب وراح). من هذا المنطلق حين قال السيسى رأيه فى أن المصرى ليس له حقوق كان يعبر عن ثقافة حقيقية لرئيس مصر. وهو يقول ذلك ويعلم جيداً أن حقوقه كرئيس مصرى أكبر بكثير جداً من حقوق رئيس فرنسا. هل يستطيع رئيس فرنسا أن يسجن عشرات الآلاف ويقتل شوية من الشعب ويهندس البرلمان الفرنسى؟، الرئيس الفرنسى لا يستطيع أن يتنازل للولايات المتحدة عن جزيرة كورسيكا فى البحر المتوسط بقرار منفرد بدون علم أحد فى فرنسا، بينما الرئيس المصرى فعلها بمنتهى البساطة والهدوء، ولم يكن يعتقد أنه ارتكب كارثة تاريخية فى حق شعبه، لأنه يعتقد أن وضعه فى مصر كإنسان وحقوقه مطلقة يفعل ما يشاء.
أى رئيس مصرى حقوقه أكبر بكثير من الرئيس الفرنسى، ولكن الشعب الفرنسى حقوقه أكبر ألف مرة من الشعب المصرى. الرئيس الفرنسى فى الأغلب سوف يخسر الانتخابات القادمة ويعتزل العمل السياسى فى بيت ريفى، بينما الرئيس المصرى فى كل زمان ومكان يعرف أنه رئيس طول العمر، ولن يخرج إلا فى ظروف غير عادية.
أشكر الرئيس أنه شرح للشعب بوضوح رأيه فيه، وأن حكاية نور عينيه دى حاجة شاعرية لطيفة وليست حقيقة ما يعنيه. سوف يحاول الإنسان المصرى دائماً أن يحصل على حقه فى الحياة، وحقه فى حماية أرضه وجزره، وعليه أن يعلم أنه إنسان مساوٍ فى حقوقه لأى إنسان آخر على وش الدنيا.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Saturday, April 23, 2016

أين مراكز البحث العلمى فى وزارة الآثار؟! بقلم د. وسيم السيسى ٢٣/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

منذ سبع سنوات، زارنى ثلاثة رجال من الصعيد يحملون جسماً من الجرانيت على شكل كوز درة صغير، طوله حوالى ١٠سم وقطره حوالى ٢سم، بداخله جسم يعطى صوتاً إذا حركت «كوز الدرة الجرانيتى» يميناً أو يساراً!
قالوا هذا الشىء نجده فى المومياوات، وهو غالى الثمن، ونحن لا نريد مالاً، ولكننا نريد معرفة ما هذا الشىء!
كان الرجال فى عيادتى، قلت لهم: اذهبوا لقسم الأشعة بجوارى، صوروا هذا الجسم صورتين حتى أحتفظ بواحدة.
ذهب الرجال وعادوا بعد ساعة بصورتين، أحتفظ بواحدة منهما حتى الآن.
أظهرت الصور أسطوانة كأنها فيوز سيارة كهربائى، وبداخل هذه الأسطوانة بلية فى حجم الحمصة فى داخل كوز الدرة الجرانيتى.
قلت للرجال: غداً سأكون فى كلية طب الأزهر لإلقاء محاضرة لأطباء الزمالة المصرية، وسأمرّ على قسم الأشعة لعرض الأمر عليهم، ونلتقى غداً إن شاء الله.
أبدى قسم الأشعة ترحيباً عظيماً لدراسة هذا الجسم، لمعرفة ما إذا كان فيه مواد مشعة من عدمه!
أخبرت الرجال، رفضوا إعطائى الجسم أو التواجد معى فى طب الأزهر، تركوا لى صورة الأشعة ورقم تليفون أحدهم وانصرفوا.
سألت كثيرين.. لم أحصل على إجابة حتى الآن!
أخبرنى أحد المسؤولين بالسفارة الألمانية أن لديهم عُقداً فى متحف برلين، ثقوبه لا يمكن أن تكون إلا بشعاع LASER!
تمكن علماء جامعة بريمن من بناء طائرة مكبرة ٦٠ مرة من نموذج الطائرة الفرعونية التى اكتشفها الدكتور خليل مسيحة، الطبيب وعالم الآثار المصرية، وقد تمكن علماء ألمانيا من تحويل هذه الطائرة الفرعونية من الطيران الشراعى إلى الطيران الآلى بعد تركيب مروحة وموتور صغير يعمل باللاسلكى، وقد شاهدت شريط فيديو لهذه الطائرة وهى تطير وتقوم بمناورات فى الجو، كانت هذه التجربة ١٩٩٩م.
أخبرنى مدير البنك الأهلى فرع حلوان أن فى ألمانيا متحفاً للبرديات المصرية القديمة غير مسموح للمصريين بزيارته، حتى لا يطلع أحدهم إذا كان ملماً بالهيروغليفية على أسرار هذه البرديات!
بارتولت، عالم نبات ألمانى، قرأ نصاً من مصر القديمة يقول: كما أن النهر يفيض ويغيض ولكنه يفيض من جديد، وكما أن الشمس تشرق وتغيب ولكنها تشرق من جديد كذلك الإنسان.. يولد ويموت ولكنه يبعث من جديد، ولكن عليه أن يبعث نظيفاً كزهرة اللوتس!
قام بارتولت بدراسات وبحوث على زهرة اللوتس، فوجد أن سطح أوراقها يطرد الندى، الماء، الطمى، الصمغ المائى! اخترع ملعقة سطحها كسطح زهرة اللوتس، يضعها فى العسل تخرج بدونه! هذا الاختراع باسم Honey Spoon With Lotus Effect باع بارتولت اكتشافه هذا لشركات السيارات والطائرات وصمامات القلب، حتى إن مجلة Scientific American أطلقت على القرن الـ٢١، قرن زهرة اللوتس، وأصبح بارتولت مليارديراً!! من كنوز مصر التى ننهبها أو نتفرج عليها!
أقترح على وزير الآثار الحالى إنشاء قسم للبحث العلمى متعاوناً مع أكاديمية البحث العلمى والمركز القومى للبحوث والجامعات المصرية لدراسة هذه الأسرار العلمية، ولكن قبل البدء فى هذا المشروع علينا تأمين المواطن الذى يعثر على هذه الأسرار.
يقولون لى إذا أبلغتُ السلطات سوف يهدمون بيتى، ويستولون على ما وجدت، وربما يحبسوننى! لابد من قوانين تؤمّن المواطن.. متحف خاص بالكنوز التى يعثر عليها المواطنون مع تخليد أسمائهم إلى جانب الأثر وتكريمهم وتعويضهم بمبالغ مالية!
هل صح على بلدنا ما قاله فيها شاعر النيل حافظ إبراهيم:
يا أمة يهان فيها الإمام الحكيم
ويكرم فيها الجهول الغبى!!
باستطاعتنا أن نصل إلى أسرار نسود بها العالم، ولكن.. ما ذنب الورود إذا المزكوم لم يطعم شذاها؟! مسؤولونا يحتاجون نقطاً للأنف المزكوم ضد الآثار والحضارة المصرية القديمة!!.

Friday, April 22, 2016

الدفاع عن تراب الوطن ليس وجهة نظر! مرة ثانية: عن حق مصر فى الجزيرتين أتحدث بقلم د. محمد نور فرحات ٢٢/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

يجب ألا يتحول الخلاف حول اتفاقية رسم الحدود بين مصر والسعودية إلى تعصب، يضمر كل طرف فيه الخصومة السياسية للآخر. هذا وطننا، وهذه أرضنا، لا نقبل التفريط فيها لعدو أو صديق. ولم يعتد المصريون أن يخاطبهم رئيسهم بقوله: «اسكتوا ولا تتحدثوا فى هذا الموضوع مرة أخرى.. والمسألة كلها ستحال إلى البرلمان».
هذا خطاب غير مألوف فى لغة الحوار السياسى، ولا أجاوز القول إنه يشعر المصريين بالإهانة مرة ثانية، بعدما شعروا بالمهانة مرة أولى عندما اكتشفوا أن حكومتهم تتفاوض على أرضهم تسعة أشهر كاملة فى غرف مغلقة، ثم تتنازل عنها فى اتفاق يُوقع مع حزمة أخرى من الاتفاقات الاقتصادية. هذا الأمر أعطى انطباعا بأنها صفقة بيع أرض مقابل المال. المصريون لن يسكتوا أبدا، لأنهم قاموا بثورتين استردوا بهما حقهم فى المشاركة. والمصريون لن يعطوا شيكا على بياض لأحد للتصرف فى مصائرهم، لأنه ثبت لهم أن الشيكات على بياض تستنفد الرصيد بأكمله. والمصريون متيقنون أن قانون مجلس النواب الذى وُضع فى عهد الرئيس المؤقت أتى ببرلمان تسيطر على الكتلة الحاسمة فيه أجهزة الأمن، والمشهد كله غير مقبول ومثير للاحتقان.
أقول صادقا: لا أهدف إلى الإثارة أو التشكيك، ولكن من حقى ومن حق المصريين جميعا بحكم المواطنة أن نناقش مستقبل وطننا، لا أن ننتبه ونستمع ونصمت ثم ننصرف. دعونا إذن نناقش الأمر بالحجج بعيداً عن اتهام المعارضين بأنهم يحاولون هدم الدولة.. فالذى يهدم الدولة فعلا هو عدم المبالاة بدستورها، وبحق المواطنين فى التعبير والتساؤل عما يخص سيادتها الإقليمية.
وقبل أن أستطرد، أستسمح القارئ أن أصحح عبارات حادة استخدمتها فى مقالى فى الأسبوع الماضى فى حق أستاذ وزميل كريم هو الدكتور مفيد شهاب. حقيقةً إننى أحرص على نقد المواقف دون الأشخاص، ولكن يبدو أننى قد عينته تعيينا نافيا للجهالة، الأمر الذى لم يخف حتى على القارئ غير الفطن. الدكتور مفيد شهاب أستاذ لأجيال من القانونيين، وتربطنى به على المستوى الشخصى علاقة مودة واحترام. وتاريخه الوطنى مع زملائه من أعضاء فريق تحكيم طابا مشهود. ولكن العلاقة الشخصية لا تمنع من الاختلاف فى الرأى فى القضايا الوطنية. فله منى التقدير والاعتذار أيضا عن عباراتى الحادة، مع احتفاظى بموقفى واعتراضى على تصريحاته وآرائه عن الجزيرتين.
بعض من هاجمونى من أعضاء الكتائب الإلكترونية الذين انتقلت تبعيتهم إلى صاحب العمل الجديد يرددون سخافات، طعناً فى الشخص لا فى الفكر، وهو نفس ما كان يحاججنى به ساسة وفقهاء الإخوان، فلم يختلف الأمر كثيرا ولكن اختلفت التبعية. وعموماً فردى المقتضب أنه لا يُعرف الحق بالرجال بل يُعرف الرجال بالحق. فناقشونا فى الحجج ولا تنابزوا بالألقاب.
ثم أثبت مما يلى:
أولاً: إن قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٠ الذى تحدث عنه بيان رئاسة الوزراء بتحديد نقاط الأساس، ليس دليلا على امتلاك مصر ولا السعودية الجزيرتين. بل هو مجرد تحديد للنقاط البرية التى سيقاس منها البحر الإقليمى. وقد أخطرت الأمم المتحدة بهذا القرار فى ٢ مايو ١٩٩٠ تطبيقا لاتفاقية جامايكا لقانون البحار لسنة ١٩٨٢. ولم يكن رئيس الجمهورية وفقا للدستور النافذ يملك التنازل عن ذرة من تراب مصر.
ثانياً: إن الوثائق ذات الدلالة القانونية يجب أن تكون إما فى شكل معاهدة دولية أو إقرار من الدولة، بشرط موافقة البرلمان عليهما. ما يقال عن أحاديث شفوية بين الملك عبدالعزيز والملك فاروق مجرد كلام مرسل. وما يقال عن مرسوم سعودى صدر بتعيين الحدود أمر لا يلزمنا فى شىء كدولة ذات سيادة. وما يقال عن مكاتبات ومراسلات وزارة الخارجية المصرية لا يلزم الدولة المصرية بشىء طالما أن البرلمان لم يعبر عن إرادته بوضوح بالتنازل عن السيادة (م ١٥١ من دستور ١٩٧١). كل هذا سبق أن قلته وأكرره. المزاعم والخطابات والمراسيم الأجنبية والدعاوى المرسلة لا تولّد حقوقا. وزارة الخارجية تبرز أوراقا لا دلالة لها، وتخفى أوراقا أخرى ذات دلالة.
ثالثاً: الوثائق القانونية الدولية ذات الدلالة هى:
١- معاهدة ١٩٠٦ برسم الحدود الشرقية لمصر وفصلها عن ولاية الحجاز. هذه المعاهدة رغم أن طلاسمها لا يكشفها إلا خبراء المساحة والجغرافيا، إلا أننى فهمت منها أنها جعلت الحدود الشرقية لمصر بحذاء الشاطئ الغربى للجزيرة العربية بدءاً من العقبة.. أى أن الخليج بأكمله وما يليه وفقاً للمعاهدة هو بحر إقليمى مصرى باتفاق الطرفين. ولهذه المعاهدة خرائط موقعة مودعة بمصلحة المساحة، أطالب بالكشف عنها، أهمها الخريطة المطبوعة سنة ١٩١٣.
٢- معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية لم تخاطب السعودية وخاطبت مصر، باعتبارها الدولة الأصيلة صاحبة الأرض وليست وكيلة عن السعودية. وأعيدت سيناء بما فيها الجزيرتان لمصر باعتبارها أرضا مصرية. قرارات مجلس الأمن منذ العدوان الثلاثى سنة ١٩٥٦ حتى عدوان ١٩٦٧ لم تشر للسعودية من قريب أو بعيد. لا توجد ورقة واحدة وافق عليها البرلمان المصرى تفيد بأن مصر تضع يدها على الجزيرتين كوكيل عن السعودية. فلماذا إذن الادعاء بما يخالف الواقع؟
رابعاً: حتى ولو سلمنا على غير الحقيقة بأن الجزيرتين سعوديتان، فمصر كانت تمارس عليهما السيادة من سلطة الجيش والشرطة والقضاء. وكانت الجزيرتان تابعتين إداريا لمحافظة جنوب سيناء. المادة ١٥١ من الدستور الحالى تشترط استفتاء الشعب على معاهدات السيادة. لكى يتهرب أولو الأمر من استفتاء الشعب يقولون إن مصر كانت تمارس الحماية وليس السيادة. الحماية هى أبرز مظاهر السيادة. مصر عندما وُضعت تحت الحماية البريطانية سنة ١٩١٤ فقدت سيادتها وأصبحت بريطانيا هى ممثلتها فى المحافل الدولية. عندما رُفعت الحماية سنة ١٩٢٢ كنتيجة مباشرة لثورة ١٩١٩ أصدر الملك فؤاد مرسومه فى مارس ١٩٢٢ يزف فيه للشعب أن مصر قد استردت سيادتها، وأنه قد أصبح ملكاً بعد أن كان سلطانا. المحميات البريطانية كانت بلا سيادة وتابعة للتاج البريطانى. يقولون إن الجزيرتين كانتا مؤجرتين من السعودية لمصر للإدارة، أين هى الوثائق الدالة على ذلك، أم أنه كلام شفوى مرسل؟ لماذا تخشى الدولة استفتاء الشعب فى أمر يتعلق بسيادته وفقا للدستور؟ أليس هذا هو الدستور الذى أقسمتم على احترامه؟
خامساً: يقولون إن لجنة تقسيم الحدود بدأت عملها منذ ستة أعوام. لم نسمع بذلك طوال أيام مبارك. والأرجح أنها بدأت عملها من تسعة أشهر. يقولون إنها اتبعت الأسس العلمية المعقدة السليمة. وهذا قول يدخل فى باب تحسين البائع بضاعته المعيبة.
النظرة إلى خريطة التقسيم التى تبنتها المعاهدة تثير الريبة. خط المنتصف يسير مستقيما طوال مروره بالخليج. الجزيرتان تقعان خارج الخليج على تخومه فى البحر. ينعرج خط المنتصف فجأة عند مغادرته الخليج ووصوله للبحر، حيث الجزيرتان، ليضمهما للسعودية. يجب أن يقاس خط المنتصف عند الجزر بين الشاطئ (السعودى) على البحر الأحمر بعد انتهاء الخليج وبين الشاطئ المصرى المقابل فى شرم الشيخ ورأس محمد.. عندئذ سيقع خط التقسيم شرق جزيرتى صنافير وتيران، وستدخل الجزيرتان فى مياه مصر. هناك شبهة تحايل واضحة. حتى لو كانت الجزيرتان تقعان شرق خط المنتصف فى مياه السعودية (وهو غير صحيح) فقد أغفل فقهاؤنا تماما نص المادة ١٥ /٢ من اتفاقية جامايكا لقانون البحار، من أنه لا يؤخذ بمبدأ خط المنتصف بين الدول المتقابلة حين توجد اعتبارات تاريخية أو خاصة تستدعى عدم الأخذ به.
أوليست السيادة (أو حتى الحماية) التى مارستها مصر على الجزيرتين، والدماء التى سالت دفاعا عنهما، والأرواح التى استشهد أصحابها من قبيل الاعتبارات التاريخية الخاصة؟ (راجع حكم محكمة العدل الدولية سنة ١٩٥٣ فى النزاع بين فرنسا وإنجلترا حول جزيرتى مينيكويرز وإيكرهوس، والذى غلّبت فيه المحكمة اعتبار السيادة الفعلية على القرب الإقليمى، وكان ذلك قبل صدور اتفاقية جامايكا بعقود).
سادساً: يستندون لبعض كتب التاريخ والقانون فى غير دلالتها، فعلوها مع البرادعى وهيكل وجمال حمدان، ويراهنون على أن الناس لا تقرأ إلا العناوين: إذن اقرأوا ما كتبه الباحث «عمرو عبد الفتاح خليل» فى دراسته (مضيق تيران فى ضوء أحكام القانون الدولى ومبادئ معاهدة السلام- الهيئة المصرية العامة للكتاب- ١٩٨٠). يثبت الباحث أن مصر قد أكدت ملكيتها لتيران وصنافير أمام مجلس الأمن، وأن المندوب المصرى فى الأمم المتحدة أعلن فى ١٥ فبراير سنة ١٩٥٤ أمام المجلس أن مصر تفرض سيادتها على جزيرتى تيران وصنافير منذ عام ١٩٠٦، حيث استخدمتهما فى الحرب العالمية الثانية كجزء من نظام مصر الدفاعى (ص ٨٤). المدافعون المصريون عن السعودية يُظهرون بعض الوثائق التى لا دلالة لها، ويخفون ما يثبت حق مصر. وذكر المؤلف أيضا أسماء فقهاء القانون الدولى المصريين الذين يرون أن الجزيرتين سعوديتان، ثم قال: «أما الدكتور عمرو زكى غباشى والدكتور عزالدين فودة فيريان أن الجزيرتين مصريتان». لو كانت المسألة خلافية فلماذا لا تحيلونها إلى التحكيم الدولى؟ يقول مسؤولونا إننا لا ننازع السعودية فى حقها، هم لا ينازعون فيما يجب ولاءً للوطن المنازعة فيه. إقليم مصر لا يوهب. ولا أريد أن أفيض أكثر من ذلك.
لا تخوين، ولا إهانة، ولا تحريض، ولا إثارة، ولكنه الذود عن سيادة الوطن على إقليمه، أى الذود عن مصر.
وحقوق الأوطان لا تسقط بالتقادم.

الإرهاب الميرى بقلم سحر الجعارة ٢٢/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

مُت فى صمت: «دية» دمك المهدر لا تتجاوز تصريحا من أجهزة الأمن!.
مُت بكبرياء: مثل مئات الشهداء فى بلد يحارب الإرهاب.. لكن لا تبحث عن كفن لائق فى «زى ميرى» أو «جنازة رسمية».. فأنت مجرد «رقم» فى سجل ضحايا «البلطجة الميرى». عانق ملاك الموت بإجلال وفرح.. لقد انتهى موتك المؤجل فى انتظار قانون «هيئة الشرطة»، واحترام «حقوق الإنسان»، والعدالة المرهونة بأمر الرئيس لمحاسبة مَن يخطئ!.
انظر خلفك بغضب وأنت تصعد للسماء.. فنحن أضعف من القصاص لروحك الطاهرة.. نحن لا نملك إلا بعض عبارات رثاء، وكلمات لوم لـ«أمناء الشرطة».
لن يستقيل وزير الداخلية اللواء «مجدى عبدالغفار»، لأن «مصطفى محمد أحمد» مات نظير «كوب شاى»، ولن ينتفض المجتمع الذى يعانى من خوف هستيرى من الانفلات الأمنى بعد ثورة ٢٥ يناير لدموع أمه، أقصى ما يمكن فعله هو إقامة «عزاء مفتوح» فى برامج «التوك شو».. ثم نغلق الملف فى انتظار ضحية الغد!.
لن تهتز الدولة لموت مواطن برىء بسلاح آلى فى يد «أمين شرطة»، لأنها دولة عمياء لا ترى أعداءها الرابضين بين ضلوعها.. ولا تعترف بأن «دولة أمناء الشرطة» أقوى من جبروتها!.
إنها دولة تحكمها «البدلة الميرى» و«السلاح» و«الرشوة»، وينحنى لها النظام بأكمله كما ينحنى «الحرفوش» أمام «الفتوة».. يتظاهرون ويعلنون العصيان والتجمهر وتغلق أقسام الشرطة، فلا يُطبق عليهم «قانون تنظيم التظاهر»!.. يرفضون سحب أسلحتهم أو إحالتهم لمحاكم عسكرية فتستسلم الدولة لمطالبهم.. حتى نصل إلى مشهد عبثى: مدراء الأمن بحاجة لمَن يحميهم من غضب أمناء الشرطة!!.
لو كانت وزارة الداخلية «هيئة مدنية» لا تخضع للمحاكمات العسكرية فيجب تجريد أمناء الشرطة من أسلحتهم، فمجرد تسليحهم يلغى حكم «المحكمة الدستورية العليا» بإلغاء المحاكمات العسكرية للأمناء.. ليبقى هذا السلاح الطائش، الذى يزهق الأرواح ويروع الآمنين ويسهل اغتصاب النساء فى سيارات الترحيلات، هو المسمار الأول فى نعش الدولة. لقد تحولت جرائم «أمناء الشرطة» إلى عملية قتل ممنهج وليس «تجاوزات فردية»، كما يحلو للجميع تسميتها، هدفها «إرهاب الشعب» الذى تجرأ واقتحم بعضه أقسام الشرطة على هامش ثورة يناير، وجُنَّ البعض الآخر فقام بسحل عدد من ضباط وأمناء الشرطة.. وآن أوان «الثأر».
تأسست «مملكة الأمناء» لتكون أبشع نموذج لتوحش السلطة، سلطة تتخذ محاربة الإرهاب ذريعة لانتهاك القانون، وتتخذ القانون ١٠٩ الخاص بهيئة الشرطة غطاء يحميها من المحاكمات العسكرية، لأنها محاكمات سريعة وناجزة تحقق «العدالة». وحين تغيب «العدالة» يصبح «الفساد» سيفا مسلطا على رقاب العباد، إذا رفضت تقديم كوب شاى تُقتل.. إذا تأخرت فى إسعاف مريض تُهان وتُلفق لك التهم.. وما بين «المطرية» و«الرحاب» فتِّش عن أختام التستر والتواطؤ مع جرائم أمناء الشرطة!.
هنا يبدو لى الحديث عن «سمعة جهاز الشرطة» أشبه بحالة فصام عقلى عما نعيشه من واقع مؤلم، وكأن علينا أن نلغى عقولنا ونخدر ضمائرنا ونحن نرى بعض رجال الشرطة يدوسون على رقابنا ويدهسون القانون بأحذيتهم «الميرى».. لنرفع شعار: «حماية مؤسسات الدولة»!.
حماية مؤسسات الدولة هى دور رجال الشرطة أصلاً، صحيح أن بينهم شرفاء وبينهم مَن قدم روحه فداء للواجب.. ولكن أيضا بينهم «مرضى نفسيون»، ومجرمون، «أكثر من ١٠ آلاف أمين تم فصله لأسباب جنائية ومهنية فى عهد (حبيب العادلى)، وعادوا إلى الخدمة فى عهد (الإخوان)»، جميعهم تصوروا أن «المصالحة» بين الشرطة والشعب تعنى العودة لنفس الممارسات الدموية وتحويل أقسام الشرطة إلى «سلخانات» دون عقاب رادع، ربما لأن جهات التفتيش والتحقيق الداخلية فى الوزارة عاجزة عن تقديمهم للعدالة.
هل نحن بحاجة إلى جهة تحقيق قضائية محايدة تشارك لواءات الداخلية فى تطبيق لائحة داخلية للعقاب.. أم أننا بحاجة إلى العودة لمحاكمة أمناء الشرطة أمام المحاكم العسكرية «التى يرفضها نشطاء حقوق الإنسان أيضا».. أم أنه لابد من تجريد الأمناء من الأسلحة.. أم أصبحنا بحاجة للإجراءات الثلاثة معا؟.
اسألوا روح «مصطفى».. إن كان يستطيع الإجابة.
«مصطفى» رمز العجز والقهر.. لم تصدر له فتوى تمنحه الشهادة، رغم أنه «شهيد لقمة العيش»، ولن تتلقى أسرته معاشا استثنائيا، لأنه مجرد «مدنى» عابر على جسر الحياة ترك سنواته العشرين أمانة فى رقابنا.. لكن رقابنا معلقة فى مشنقة الأمن والاستقرار!.
لكن شعار الأمن الزائف: «ليه تموت برصاص إرهابى.. لما ممكن تموت برصاص أمين شرطة»!!.

الشفافية أو الانهيار بقلم د. محمد أبوالغار ١٩/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم


مصر تمر بظروف اقتصادية ودولية صعبة ضاعف منها الفشل فى إقامة نظام ديمقراطى حديث مع غياب كامل للشفافية وتركيز السلطة المطلقة فى فرد واحد وليس بسبب مخطط جهنمى، كما يقول الرئيس.
١. الرئيس يحكم وحده وربما مع بعض قيادات الجيش والمخابرات، وهو حكم شكله مدنى ولكن عقله وقلبه عسكرى وهذا أمر تاريخياً فاشل على المدى المتوسط والطويل وأحياناً يحقق نجاحات بسيطة على المدى القصير. والطريقة العسكرية فى التفكير من تقاليدها السرية وعنصر المفاجأة كأنها فى معركة حربية، أما فى الحياه المدنية فمصيرها الفشل كما حدث مع النظام فى مشروعاته الكبرى التى لم تجر لأى منها دراسة جدوى حقيقية ولم تناقش مع الخبراء المدنيين ولم يدَر حوار مجتمعى حولها فتكلف مشروع قناة السويس أضعاف التكلفة بسبب قرار غير مدروس بإنهائها فى عام واحد، ولم يحقق المشروع شيئاً بعد ذلك، وكذلك العاصمة الجديدة التى تحولت إلى عاصمة إدارية، ولا يرى الخبراء أن هذا وقتها أو مكانها أو تصميمها ولا تحتملها قدراتنا الاقتصادية الحالية. أما زراعة المليون ونصف فدان فى الوادى الجديد فأرجو أن يقرأ خبراء الجيش كتاب رشدى سعيد ومقالات الدكتور عمارة ليعرفوا عدم إمكانية النجاح. ومع ذلك الأمر يمضى قدماً لسبب واحد هو أنه فى العقيدة العسكرية لا بد من إنهاء المهمة وهى طريقة قد تصلح لمعركة فى الصحراء وليس لمشروعات مدنية.
٢. التسرع الشديد فى الإعلان عن مشروعات بدون دراسة كافية وعدم الثقة فى المدنيين أدى إلى اختراع جهاز الكفتة وبالرغم من التحذير الشديد والنقد الموضوعى من عشرات المتخصصين المدنيين وفى أول الأمر أعطيت دراسة علمية نقدية عن استحالة الفكرة للأستاذ عماد حسين نشرها فى الشروق، ولكن لا حياة لمن تنادى حتى تفاقمت الأمور ووصلنا إلى مرحلة الفضيحة.
٣. الجيش المصرى جزء لا يتجزأ من الشعب، ولا يمكن تاريخياً فصل الجيش عن الحياة المدنية المصرية تماماً بالإضافة إلى وظيفته الأساسية وهى حماية حدود الوطن ولكن الدخول الكبير للجيش فى الحياة المدنية أمر له مخاطره لأن الاختلاط الشديد مع الناس يومياً يلغى تدريجياً حاجز المهابة التى تقتضيها الهيبة العسكرية لأن اختلاط ضابط الشرطة مع الناس يجعله محل خناقات واتهامات وشبهات فساد. تاريخياً ضابط الجيش حين يشترى شيئاً من الفكهانى يدفع حسابه بهدوء وضابط البوليس تاريخياً لا يدفع شيئاً. إذاً يجب الحفاظ على الجيش بعيداً عن الحياة اليومية الفاسدة حفاظاً على درع الوطن. ومن يذكر السنوات التى سبقت الهزيمة الفادحة فى ١٩٦٧، كان الجيش يتدخل فى كل شىء ومسؤول عن الإصلاح الزراعى ومكافحة الإقطاع والجمعيات الاستهلاكية والنوادى وانتهى الأمر بكارثة عسكرية، بالإضافة إلى تدنى العلاقة بين الجيش والشعب وقتها. وإدارة الجيش الآن لجميع المشروعات المدنية للدولة مقابل عائد مادى كبير أمر يجب إعادة التفكير فيه حرصاً على الجيش والوطن.
٤. يوجد أعداد ضخمة من المصريين المحبوسين احتياطياً بقانون ظالم غير دستورى بدون تقديمهم إلى محاكمة أو توجيه تهم محددة. لا بد من بيان كامل بالأسماء والأعداد والإفراج عمن ليس عليه اتهام لأننا نحول مواطنين عاديين تحت وطأة الظلم والتعذيب إلى مشروع إرهابيين.
٥. بغض النظر عن هوية قاتل الشاب الإيطالى فإن تصرف وزارة الداخلية عبر أسابيع طويلة وعبر تعليقات ومؤتمرات صحفية ومقتل ٥ أفراد بدعوى أنهم القتلة وبيانات مضطربة ينبئ عن التدنى الشديد فى المستوى المهنى للوزارة والحكاية ليست تغيير وزير وإنما أكبر ذلك بكثير. مصير مصر بسبب هذه القضية مظلم والتحريض ضدنا أصبح علنياً والاتهامات رهيبة.
٦. ما حدث فى جزيرتى تيران وصنافير كان أكبر ضربة شعبية ونفسية للرئيس من جموع الشعب المصرى، الذى نزل آلاف منه بدون إخوان إلى الشارع، لأن المصريين يعتبرون الأرض مثل العرض ولكن غياب الشفافية كان العامل الأكبر فى هذا الوضع المهين فلم يطلع أحد على سير المفاوضات وتفاصيل الاتفاق من الشعب أو البرلمان أو الوزارة. وزاد الأمر سوءاً ما قاله رئيس البرلمان بأن الفصل بين السلطات ليس مهماً الآن وهو يعنى أن مصر دولة غير دستورية وأن البرلمان مالوش لازمة وخاصة بعد إعلان الرئيس أن «ماحدش يتكلم تانى فى هذا الموضوع»، وهو أمر مستحيل الحدوث. تحويل الأمر إلى البرلمان فيه إحراج شديد له لأن الجميع يعرف كيف جاء وقدراته وسلطته الحقيقية، وسيكون قرار البرلمان صدمة مضاعفة تثير الشعب أكثر وإذا كانت الدولة غير قادرة على إلغاء الاتفاق بالتفاهم مع الجانب السعودى فاحتراماً للشعب وحفظاً لماء وجه البرلمان فليجرى استفتاء نزيه.
٧. يقولون إن الاتفاق يعطى مصر ميزات مادية فى ظروفنا الصعبة، وأنا أطالب بالشفافية فى عرض دقيق لهذه الامتيازات وحجمها وأين تذهب وما هى الضمانات، وبالمناسبة يجب أن يقدم الرئيس بالتفصيل جميع المعونات والقروض التى تلقتها مصر بعد ٣٠ يونيو وكشف حسابها كاملاً، وأين ذهبت وهذا أمر طبيعى فى أى دولة حديثة فيها شفافية.
٨. جميع الفضائيات المصرية كانت تذيع برامج عن الطبيخ وتنظيم الأسرة أثناء وجود مظاهرات كبرى وسط القاهرة والناس حولت على البى بى سى. وهكذا عادت ريما لعادتها القديمة.
٩. أخيراً، سيدى الرئيس، فلسطين كانت عربية، والسودان كان مصرياً وباكستان كانت جزءاً من الهند، وكاليفورنيا كانت جزءا من المكسيك وهونج كونج كانت تابعة لبريطانيا وكلها بالوثائق. موضوع الوثائق القديمة هو الأقل أهمية، علاوة عن أن الحجاز أصلاً كان جارنا على البحر الأحمر ولم تكن هناك دولة سعودية فى عام ١٩٠٦. وأخيراً استشهد على أرض تيران عشرات الضباط والجنود المصريين وزارها آلاف السياح من مصر ولم يطأ أرضها عبر التاريخ سعودى واحد.
سيدى الرئيس مصر فى خطر وعليك التدبر.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, April 18, 2016

عن «تيران وصنافير» ما قبلَهما وما بعدَهما..! بقلم د. مصطفى حجازى ١٨/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

بعيداً عن شبهة المكايدة السياسية وعن «زفة» المداهنة والتزلف.. واللتين أراد البعض إقحامهما على قضية ترسيم الحدود.. ودعوى أحقية دولة شقيقة فى جزيرتى تيران وصنافير- وذلك على غير «الثابت التاريخى»- فما يلزم أن نقرأه «فى» قضية الجزيرتين أهم مما نقرؤه «عن» حالهما الآن أو فى المستقبل..
وهذا كتابنا..
أولاً: مصر «القلب» أو «المركز»- أو «الصغرى»- سمِّها ما شئت- دولة معلومة الحدود منذ خمسة آلاف سنة على الأقل.. لم تأت حدودها وليدة صفقات حماية ولا بأقلام انتداب..!
و«مصر» تلك تعرف مرتكزات أمنها القومى الواقع خارج حدودها الضيقة إلى حدود الأمن القومى المصرى الأوسع.. والممتدة من الحدود التركية شمالا إلى باب المندب فى الجنوب الشرقى إلى هضبة الحبشة جنوباً وإلى عمق ليبيا غرباً.. وسَمِّها مصر «الكبرى» إن شئت..!
ثانياً: لم يحدث فى التاريخ المصرى المعلوم أن ساومت «الأمة المصرية».. ناهينا عمن حكموا أرضها.. حتى فى أتعس وأحط فترات تاريخها.. عن معلوم من حدود «القلب المصرى» بالضرورة.. بل كانت مصر- دائماً- منطلقاً للتوسع حتى لمَن احتلوها..!
حتى مَن احتلوها لم يختزلوها.. بل اتسعت بهم لتكون قاعدة هيمنة..!
ثالثاً: قضية الأرض لنا كمصريين هى المكافئ الموضوعى لـ«الشرف الوطنى».. والقدرة على الذود عنها هى جوهر ذلك الشرف.. هذا ليس تعبيرى وحدى ولكن هذا هو التعبير الذى استخدمه أحد كبار هذه الأمة- من زمن كان فيه كبار- وهو الفريق الشهيد عبدالمنعم رياض.. حين قال بأننا لو لم نستعد أرضنا السليبة فى هزيمة ١٩٦٧.. لأصبح شرف هذه الأمة على المحك..!
وقال الرجل موضحاً ضميره وحديث قلبه.. بأنه لا يقصد شرف هذه الأمة بالمعنى المُجَرد.. بل يقصد شرف كل رجل وكل امرأة وكل طفل يحمل قَدَرَ هذا البلد واسمه..!
رابعاً: قَدَر مصر هو قَدَر الكبار.. وهو مسؤولية قيادة العروبة والإقليم..!
هذا ليس اختياراً.. بل قَدَر تاريخى لا تملك أن تَذهَل عنه ولا تملك أن تتنازَل عنه.. وإلا ضاع الإقليم.. وما نشهده اليوم من ضياع لم يكن ليكون لولا فراغ تركته مصر عقوداً..!
خامساً: الكبار يعرفون أنه فى لعبة السياسة والهيمنة الدولية.. يملك الكبار مرتكزات استراتيجية على خريطة العالم السياسية.. وإن لم يملِكوها إرثاً.. تملَّكوها قسراً بالتوسع والاحتلال أو الحيلة..!
ولولا ذلك ما احتلت إنجلترا مصر من أجل قناة السويس وما بقيت محتلة جبل طارق حتى تاريخه.. وما احتلت إيران جزراً عربية إماراتية حتى اليوم.. وما ضمَّت روسيا «القرم» بدعوى الحقوق التاريخية..!
ولم نعرف عن كبار يساومون على مرتكزات استراتيجية ذات قيمة حتى وإن لم يملكوها.. فما بالنا بـ«مرتكزات استراتيجية» حجية الملكية التاريخية قائمة فى شأنها بشرعية «الثابت التاريخى».. قبل وبعد «قانونية الوثائق».. حتى ولو كان لحديث قانونية الوثائق بعض من منطق..!
سادساً: «الثوابت التاريخية» تنشأ فى قلب ووجدان الشعوب قبل أن يحدها حبر الخرائط.. وتَحرُس سيرَتها قصص الموروث الشعبى قبل أن تحدثنا عنها وثائق القانون الدولى.. وتُعَمد بالعرق والدم.. وتشهد بـ«شرعيتها» أرواح رجال أُزهقت.. قبل أن تشهد بملكيتها صكوك تُشترى..!
سابعاً: فى شأن الأوطان والشعوب- ولمَن يعى- «شرعية» الثابت التاريخى تجُبّ كل «قانونية» مُختَلَقة.. ولولا ذلك لكان التمييز والفصل العنصرى ضد مواطنى جنوب أفريقيا- فى أرضهم- أمرا شرعيا.. ولكان قيام إسرائيل على أرض فلسطين اغتصاباً مشرعناً..!
وبالمناسبة لم يعدم المحتل الأبيض من الوثائق ما يؤكد «قانونية» الفصل العنصرى.. وبمثله لا تعدم إسرائيل من أوراق القانون الدولى ما يثبت قانونية وجودها..
ولكن «الباطل التاريخى» حتى وإن تلبس وثائق قانونيته.. فهو ليس أبداً «حقا مشروعا» ولن يكون..!
ثامناً: فى قضايا المصير والبقاء.. وهما جوهر الأمن القومى لأى وطن.. لا يملك أحد- رئيساً كان أو وزيراً.. رمز دين أو رمز فكر.. مؤسسات سيادية أو غير سيادية- ادعاء تفرده بولاية أو احتكاره لشرعية قرار..!
فقضية «أرض الوطن» لمَن لايزالون تستغلق عليهم حقائق الأمن القومى.. هى قضية فوق الدساتير.. تُستقى شرعية الحديث فيها من أصل الشرعية وهو الشعب كله.. بلا مساومة ولا تدليس..!
تاسعاً: الوطنية «عقيدة» لا يُستَدَل عنها بزى يُرتدى ولا بمؤسسة يُنتمى إليها.. ولا باحتكار الحديث عنها.. الوطنية مسؤولية كل مَن اعتقدوا فى مصر وطناً يملكونه ويَملكهم.. ومَن ورثوا عقيدة أمنها القومى عن التاريخ الذى لا يُحابى أحداً!
عاشراً: قضية الجزر وما مثلها لم تنتهِ بعد.. فالقول الفصل فى مثل تلك القضية هو لـ«الأمة المصرية» وحدها.. لا لممثلين عنها.. ولا لمؤسسات أمنها ولا بيروقراطيتها..!
والأمة المصرية لم تُفرط فى حدود «مصر القلب» فى تاريخها المعلوم.. بل كثيرا ما كان القلب يتسع لتكون مصر الكبرى كما كانت على عهد محمد على.. وعلى أقل تقدير مصر وسودانها حتى نهاية حكم الدولة العلوية..!
فلنقرأ كتابنا.. فلنقرأ «فى» قضية الجزر «حدود مصر القلب» التى لم يُساوَم عليها فى تاريخها.. ولنقرأ فيها «أمةً» لم تتنازل عن شرفها مهما وهنت ولم تأبه بمَن حكموها.. ولنقرأ فيها مستقبل المصير والبقاء.. ولنقرأ فيها «الوعى الغائب» عن أبجديات أمن قومى.. ولنقرأ فيها «قَدَرَ الكبار» وهو التكليف الذى لا حيدة عنه مهما ذهل عنه مَن ليسوا على قَدْرِه..!!
لنتيقن أن الجزر لن تَذهَب.. ولكنها ستُذهِب صفحة من تاريخنا الحديث مليئة بالصَّغار.. هذا ما سنقرؤه فيها..!
فَكِّروا تَصِحُّوا..

Saturday, April 16, 2016

«التل يختل» ياسر عبد العزيز المصرى اليوم - 17/4/2016

ثقة الرئيس الكبيرة ووعوده المتكررة بالقضاء على الإرهاب فى سيناء فى فترة زمنية محدودة، دفعت كثيرين إلى التشكيك فى مواقف الرئيس وتصريحاته، بعدما اتضحت صعوبة إنهاء التهديد الإرهابى فى شبه الجزيرة، واستمرار التضحيات التى يبذلها أبناؤنا من العسكريين والمدنيين هناك. لكن هذا الأمر لم ينل من شعبية الرئيس بالشكل الواضح، لأن قطاعات كبيرة فى الجمهور تدرك صعوبة المواجهة مع المليشيات الإرهابية، فى ظل الدعم الكبير الذى تتلقاه من قوى إقليمية ودولية كارهة.