Translate

Friday, January 31, 2014

فيسبوكى بقلم إسعاد يونس ٣١/ ١/ ٢٠١٤ بالمصرى اليوم

■ هذا العالم الافتراضى الذى نعيش فيه.. وأقصد عالم الفيسبوك وتويتر وكل الحبشتكانات الأخرى المكملة.. كان مرآة عاكسة للتطورات الكثيرة والمذهلة التى حدثت لقطاعات كبيرة من الناس.. خصوصا مستخدمى هذه الأنشطة والذين اتسعت رقعتهم جدا ومن حولهم ويتأثر بآرائهم..
■ دنيا تانية خالص.. بها كل ما بالدنيا الحقيقية من عيوب ومزايا إلا أن الأدوار تتبدل.. عالم مجاور للعالم الحقيقى.. يفرض على بعض الناس أحيانا شخصية مفتعلة أو مزيفة أو على أقل تقدير معمولها ماكياج وتجميل يناسب الوسط الذى تندس فيه.. وأحيانا يلجأ إلى هذا الماكياج أشخاص يحتاجون للظهور بشكل مختلف عن حقيقتهم، هربا منها أو تنكرا لها.. كلما ارتفع مستوى وعى وإدراك الشخص كلما اقترب من الحقيقة وبحث عن أقران حقيقيين يجد فيهم نفسه ويفيد ويستفيد.. بينما يتخفى آخرون لأغراض عدة..
■ فيه ناس داخلة تدور على أصحابها القدام.. وناس بتدور على ونس.. وناس بتدور على أدوار تلعبها مش متحققة فى الواقع.. وناس داخلة تنصب أو تشقط أو تفرغ طاقات سلبية لا تجرؤ على تفريغها فى الحقيقة.. وناس عاوزة تتعلم.. وناس عاوزة تسطو على مجهود ناس تانية.. فيه كل الصفات والأدوار.. ناس بتدخل عشان تكون على طبيعتها وسط أصدقاء يصعب التواصل معهم فى الحقيقة.. وناس بتلبس وشوش مش بتاعتها وتكتب كلام كبير مش قده.. وناس بتتآمر وناس بتخطط وناس بتصلح وناس بتفسد..
■ من عالم الفيسبوك تقدر بنظرة متفحصة تطلع بنتائج.. مين مشغول بأكل عيشه ومين صايع طول اليوم.. مين مالوش شغلانة غير التريقة والهزار.. ومين مهموم بأمور الوطن بجد.. مين فاضى من جوه ومين متعبى خير أو مرار.. مين معجون بالحقد ومين نفسه شبعانة.. ومن أسلوب الكتابة تقدر تعرف مستوى التعليم طبعا.. والمستوى الاجتماعى.. مين أصلى فى نشراته وأطروحاته.. ومين عايش سفلقة على حس أفكار الناس التانية.. حيث يعج الفيسبوك بألوان من المقرصنين للأفكار.. حتى الأفكار والخواطر والنكت أو الدعابات لها لصوصها.. ولذلك أيضا تجد أن الفيسبوك له قوانين لا يفهمها الكثيرون وله أخلاقيات وضعها المستخدمون لأنفسهم.. فمن الأخلاقيات إنك لما تستعير مقولة لأحد تكتب إنها منقولة عن فلان.. ومن يفعل غير هذا يصبح فى نظر المحيطين به حرامى مستفز لا شرف فيسبوكى له..
■ المطلع على الفيسبوك بنظرة فاحصة شوية.. يجد أن علاقات الناس ببعضها كانت حمادة قبل الثورة.. وأصبحت حمادة تانى خالص بعدها.. الناس كانت تعيش حياة عادية فى إطار نشاط إلكترونى لتبادل المعارف واللطافة واستعادة الذكريات وحاجات فى معظمها مسالمة كده.. كان فيه مناوشات طبعا حوالين الأفكار والاتجاهات، لكنها كانت محدودة خصوصا فى إطار السياسة.. لكن من أول يوم فى الثورة حدث انقلاب مرعب فى كل أنحاء الفيسبوك وتويتر.. انقلاب فى المعلومات والتوجهات والتحيزات والمجابهات والخطابة والحنجورى.. ظلت فى إطار أكثر احتراما فى الفيسبوك عن تويتر.. فلأن تويتر محدود بعدد حروف فى التويتة الواحدة وجد الكثيرون أنهم يجب أن يكونوا أكثر حدة وشراسة فى طرح الفكرة فى حيز العدد ده.. ولذلك لضيق المعلومية ومحدودية السيطرة على اللغة.. اختاروا أن يستخدموا أكثر الألفاظ فجاجة تركيزا على فرض وليس طرح الفكرة.. كأنه يضع الفكرة وجنبها فردة شبشب للى يحاول يعارضها أو يشجبها.. وبالتالى يواجه بفرد آخر يطرح فكرته وجنبها فردة صرمة قديمة.. قال يعنى السلاح هنا أقوى.. فتلاقى النفر من دول يبدأ كلامه ب عبوكوا الأول قبل ما يقول عايز إيه عشان يخوف اللى حايعارضه.. وهكذا تحول تويتر إلى ساحة سلخانة فى معظمه واكتفى الكثيرون بالفرجة على مباريات النطح من بعيد..
■ ولكن فى كل الأحوال تركت تلك الثورة أثرها على شعب الفيسبوك، حيث انقسم على نفسه عدة مرات.. وحدث له نوع من الهياج كموج البحر يعلو للسماء ثم ينزل مستقرا فى كل مرة على جزر مختلفة.. تارة مع اليسار وأخرى مع اليمين.. مرة يتكون حزب مقاطعين للانتخابات ضد حزب المصوتين، فتتجمع أصوات هنا وأصوات هناك لتتبادل السباب واللعان والاتهامات بالخيانة والعمالة.. ثم تثور الأمواج مرة أخرى وتهدر لترسو فوق جزر أخرى تحت مسمى الشفشقيين والمرسيين.. ثم يأتى الإعصار التالى ليكون جبهات مثل السيساوية والثورجية!!!.. والسيساوية وبتوع يسقط يسقط.. لأ وآخر موضة هى السيساوية والحمدينية.. أهو أى خناقة وخلاص.. أى رغى وأى لهو خفى يوقع الناس فى بعضها كأنه أصبح إدمان.. وبين كل إعصار والتالى له يتفرق أصحاب وتتكتل جبهات لتعود وتتفرق من جديد.. لتؤكد أننا فعلا طردنا من حياتنا هؤلاء الإرهابيين ولكن بعد أن عقرونا وتركت أنيابهم فى دمائنا جرثومة التطرف.. ولو مالقيناش حاجة نتخانق عليها نختلق خناقة بين الشباب والجيل الأكبر ويبقى العيال هما اللى عباقرة والآباء «عرة».
■ أين السلام إذن؟.. تتجلى حالات الألفة كلما كان الأصدقاء مقربين من بعض فى الحقيقة أو كانت عشرتهم لبعض على الفيسبوك قد طالت ومرت بكل العواصف ولم تهتز وظهر المعدن الأصيل من «العرة» فعلا.. هنا تسود حالة جميلة أقرب إلى غرفة معيشة البيت الكبير الممتلئ بغرف النوم.. حيث يسكن كل شخص فى غرفة نومه، ولكنه يجتمع مع الأصدقاء فى غرفة المعيشة.. وهنا يتحول الفيسبوك إلى ما يشبه الحالة الحياتية لستار أكاديمى.. فالأصدقاء يسهرون معا على النت.. تكاد تراهم بالبيجامات والزعابيط فى الشتا.. يتسامرون ويتبادلون الفيديوهات والمعلومات ويشاهدون البرامج فى التليفزيون سويا.. بحيث ينبه أحدهم المجموعة لأن هذا البرنامج يستضيف فلانا.. «إلحقوا إلحقوا.. حولوا على قناة كذا فيها خناقة فظيعة» واللى مالحقش برنامج معين يطلب من الشلة الفيديو الخاص له.. وفى آخر الليل يكون الجميع عرفوا ملخص الأحداث من كل البرامج مع بعض.. وكذا المسلسلات وخلافه.. يشاركون بعضهم فى تفاصيل اليوم ويعودون المرضى ويهنئون العرسان.. بل أحيانا يسأل أحدهم المجموعة أتعشى إيه؟ فيسارعون بتقديم الاقتراحات وصور للأكل قال يعنى إتعشوا مع بعض كده.. وممكن تلاقى فى نص الكلام كده واحد ظهر بيتتاوب.. فعلا بيتتاوب.. فتنهال عليه الأسئلة «إنت إيه اللى صحاك يابنى؟.. مش كنت داخل تنام من ساعة؟».. فيرد «ماعرفتش أنام.. فيه ناموسة مطلعة روحى».. فتظهر له صور لأنواع من المبيدات الحشرية أو وصفات لعلاج قرصة الناموسة.. وممكن قوى واحد يستغيث بأن عنده مغص كلوى ولوحده فى البيت وفعليا يقول «إلحقونى».. فيبادر الأقرب إليه سكنا وينزل جرى يلحقه مع متابعة من كل الجروب لكل خطواته عن طريق الموبايل..
■ ومن التقاليد الجميلة.. المشاركة فى كل المناسبات.. فيتبادل الأصدقاء معلومة إن فلان يمر بأزمة صحية.. إن كان يحتاج للمال يلموا من بعض.. إن كان يحتاج للصلاة يكونوا مجموعات دعاء وختم قرآن، أو صلاة مكثفة مشتركة بين المسيحيين والمسلمين.. إن كان ابنه داخل على امتحان عسير.. تجدهم يطمئنون من الأب أو الأم طوال ما هى مجعمزة على باب المدرسة مستنية الواد يخلص.. ويراجعوا مع الواد الأسئلة لما يخرج.. إن كان حد مسافر.. يفضلوا معاه لحد ما يوصل بيسلوه إذا كان سايق بالتليفون أو عالنت إذا كان قاعد جنب سواق..
■ يوم الجمعة الماضى الموافق ٢٤ يناير.. كان الجميع سهرانين مع بعض.. وسُمعت صوت التفجيرات لدى مديرية أمن القاهرة بالقرب من بيوت بعضهم.. انتشر الخبر فور وقوعه لأن كلنا كنا مع بعض.. كلنا اتزعببنا وعشنا الحدث لحظة وقوعه تارة بالسؤال عن المكان وأخرى بالاطمئنان على سكان المنطقة واللى كان قريب نزل جرى يساعد أو يطمئن أو ينقذ جارا.. وفى تلك اللحظات تزداد اللُحمة والتواصل والإخاء والشعور بالوطنية الجارفة بحيث تصل لمنتهاها..
■ عدة سنوات قصيرة من عمر هذا الوطن.. استحدثت فيها تكنولوجيا قربت الناس من بعض أو أظهرتهم على حقيقتهم أو فعلت ما فعلت بهم.. لكنها بالقطع كانت مؤثرة جدا.. أعادت هواية الكتابة والتعبير عن النفس للكثيرين.. شجعت القراءة من أول وجديد.. أظهرت كما من الإبداع قلما تجود به العصور على شعب فنان مثلنا.. أخرجت الأعمال القديمة من غرف الذكريات المظلمة.. أحيت الحنين للماضى بصورة جنونية..
■ فهل سيدرس علماء النفس والاجتماع كل هذه العوامل التى أثرت فى الشخصية المصرية؟؟.. مع العلم بأن المتعاملين مع هذه التكنولوجيا من كل الأعمار والطبقات.. وأن كل هؤلاء ماخدوش العلم ده فى المدارس.. شوف العبقرية.. وهل ستجعلهم هذه الدراسات يساعدون الدولة فى تفهم الطبيعة الجديدة للمصريين؟؟.. فمن لا يدرس كل هذا بدقة شديدة سيفوته الكثير وسيصدر أحكاما قاصرة وقرارات غير واقعية.. على من سيدير هذا البلد أن يعرف.. إن الشعب نور نفسه بنفسه وأصبح ناصح قوى يا خال.

حدثنى عن البدائل بقلم زياد العليمى ٣١/ ١/ ٢٠١٤

منذ فترة بدأت تصدر خطابات محسوب بعضها على النظام السابق، وبعضها على النظام الأسبق، وكثير من أبناء شعبنا وأهالينا تأثروا بالخطاب الإعلامى السائد المملوك للطرفين المذكورين، جميع هذه المعسكرات متعارضة المصالح اتفقت على أن تلقى نفس الاتهام على الحالمين بالتغيير، وجمعهم سؤال واحد: ما الذى يقدمه الثوار غير الاعتراض؟ لماذا لا يقدم الثوار بدائلهم؟ ليستخلصوا منها إجابة واحدة معدة سلفًا وهى: هم لا يجيدون أصلا غير الاعتراض على أى شىء، ولا يصلحون لطرح بدائل.
وحتى لا نقع فى خطيئة الدفاع الأعمى دون القدرة على مراجعة النفس، علينا أن نعترف بأن معسكر التغيير لم ينجح حتى الآن فى طرح بديل فى الانتخابات الرئاسية السابقة ممثلا فى مرشح رئاسى واحد، وهو أمر أراه طبيعيًا، خصوصًا أن قطاعا كبيرا من هذا المعسكر فى العشرينيات والثلاثينيات من العمر، وهو ما يحرمهم من حق الترشح، ودفعهم لمحاولة إقناع سياسيين آخرين عملوا سنوات طويلة فى ظل نظام مستبد تأثرت به وسائلهم فى الأداء والتخطيط بما لا يتناسب مع وتيرة السنوات الثلاث السابقة، فتعثرت محاولاتهم الأولى، وأرجو أن تنجح بعد أن دفع الجميع الثمن غاليًا. وإذا أردنا الحق فعلينا أن نعترف بأن ما يهم الحالمين بالتغيير ليس من يحكم، بل طريقة الحكم نفسها، وبالتالى فالأهم هو طرح بدائل مختلفة للسياسات ونظام الحكم، وإذا أردنا مراجعة البدائل التى طرحها هذا المعسكر خلال السنوات الثلاث الماضية فعلينا أن نتساءل: ألم يرفض الثوار الإعلان الدستورى المستفتى عليه فى ١٩ مارس ٢٠١١، ودعوا المواطنين المصريين لرفضه، لأنه يمهد لتسليم البلاد لجماعة الإخوان المسلمين، واتهموا وقتها بأنهم ضد الاستقرار ويريدون تعطيل عجلة الإنتاج، وثبت فيما بعد صحة موقفهم، ولم يعتذر لهم أى ممن أساءوا إليهم؟
ألم يعلن الثوار أن الدستور يجب أن يكون سابقا للانتخابات ودشنوا حملة الدستور أولًا، واتهموا بأنهم ضد الديمقراطية، وثبت صحة موقفهم بعد أن تمسك الجميع بوضع الدستور قبل الانتخابات بعد الموجة الثانية للثورة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولم يعتذر لهم أى ممن أساءوا إليهم؟
ألم يلتق الثوار بكل المرشحين الرئاسيين فى ٢٠١٢ وطلبوا منهم إعلان عدم خوض الانتخابات بقواعدها التى تمنع الطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات، ورفض كل المرشحين ذلك، واتهموا بالرغبة فى التشكيك فى نزاهة الانتخابات، ثم ثبت صحة موقفهم وتم إلغاء هذه القاعدة خلال الأسبوع الماضى، ليصبح الطعن جائزا على قرارات اللجنة العليا خلال الانتخابات الرئاسية، ولم يعتذر لهم أى ممن أساءوا إليهم؟
ألم يقف الثوار ضد إعلان مرسى الدستورى ونظموا المسيرات ودفعوا ثمن ذلك من قتل واعتقال وتعذيب داخل قصر الاتحادية، واتهموا بأنهم ضد الشرعية والشريعة!!! ولا يريدون للبلاد أن تهدأ، وثبت صحة موقفهم ولم يعتذر لهم أى ممن أساءوا إليهم؟
ألم يعلن الثوار رفضهم دستور الإخوان، وقالوا إنه تعديل سيئ لدستور ٧١، وإنه لن يستمر، واتهموا بأنهم يسعون لأن تظل البلاد فى حالة سيولة سياسية، ثم ثبت صحة موقفهم؟
ألم يعلن الثوار بعد ٣٠ يونيو أن الدم لن يجلب سوى الدم، وأننا لابد أن نقدم حلولا سياسية ولا نكتفى بالحلول الأمنية فقط التى ستوقع البلد فى دوامة عنف متبادل وإرهاب، وأنه لا بديل عن إقامة دولة القانون، واتهموا بأنهم طابور خامس للإخوان، ثم أعاد ترديد كلامهم بعد ستة أشهر بالضبط الأستاذ هيكل والأستاذ عمرو موسى، بل وقيادات من المجلس العسكرى ووزير الداخلية نفسه، ولم يعتذر لهم أى ممن أساءوا إليهم؟
ومازالت اختيارات الثوار وتوصياتهم لا تلقى غير التجاهل وإن صحت، والاتهام وإن لم يحكموا، كل هذا دون اعتذار لم ينتظروه.
ألم يعلن الثوار- ومازالوا يعلنون- أنه لا بديل لتجاوز ما حدث والانطلاق للأمام إلا بتطبيق برنامج العدالة الانتقالية، ولا يجد مطلبهم هذا سوى التجاهل؟
خلال السنوات الثلاث الماضية تعاقبت حكومات وحكام مختلفون على بلادنا، حدثنى أنت أكثر هذه المرة عن البدائل التى طرحوها وهم فى الحكم وثبت صحتها.

Wednesday, January 29, 2014

سمير غطاس مدير مركز القدس للدراسات الاستراتيجية يكشف لـ«المصري اليوم»: «الإخوان» لديها ٣ أجنحة عسكرية ٣٠/ ١/ ٢٠١٤




أكد الدكتور سمير غطاس، مدير مركز «القدس» للدراسات الاستراتيجية، أن تنظيم «أنصار بيت المقدس» المسؤول عن تفجيرات خطوط الغاز الطبيعى فى سيناء منذ ثورة ٢٥ يناير وحتى الآن، بما فيها التفجير الأخير، الذى وقع قبل أيام، مشيرا إلى أن «الإخوان» أصبحت لها ٣ أجنحة عسكرية هى التنظيم الخاص و«القاعدة» و«حماس».
وقال «غطاس» فى حواره مع «المصرى اليوم» إن عناصر التنظيم يتعاملون لوجيستيا مع إخوانهم فى غزة سواء من «حماس»، أو من التنظيمات التكفيرية، وهم الآن يردون على الجيش المصرى، الذى وصل فى سيناء إلى مرحلة قطع رؤوس قيادات كبرى فى التنظيم، سواء بالقتل أو إلقاء القبض عليهم، ومنهم ٧ من أهم وأعتى الرؤوس الإرهابية.. وإلى نص الحوار:
■ ما تنظيم أنصار بيت المقدس؟
- تنظيم إرهابى تكفيرى، أصبح مؤخرا بعد تحالف «القاعدة» مع «الإخوان» معتمدا من قبل القاعدة، وكل عملياته الإرهابية تُمهر بختمها، ويظهر زعيمهم أيمن الظواهرى فى نهاية الفيديوهات، التى ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعى، وقد مر التنظيم بثلاث مراحل حتى وصل فى النهاية لاعتمادية «القاعدة»، الأولى بدأت فى قطاع غزة، وأسس له إرهابى يدعى هشام السعدنى، ويُكنّى بأبى وليد المقدسى، وهو من أم مصرية وأب فلسطينى عاش فترة فى سيناء، ثم انتقل إلى الأردن، وتحول إلى واحد من أتباع أهم مفتى للجماعات السلفية الجهادية، ويدعى أبومحمد المقدسى، الذى خرجت من عباءته جماعة الزرقاوى المعتمد من «القاعدة» فى العراق، وهو أخطر من ينظّر الآن لما يعرف بـ«السلفية الجهادية»، وما يلقنه لأتباعه من أفكار من أشد أنواع الفكر التكفيرى الإرهابى خطورة فى المنطقة، فهو يبيح الدم والأرواح وحتى الحرمات، وتتلمذ «السعدنى» على يده، وعاد إلى سيناء فى ٢٠٠٨، وارتبط بالجماعات الجهادية الموجودة بها، وأقنعها بالانضواء تحت لوائه، ثم سافر إلى غزة، وأسس فيها تنظيما يسمى بيت المقدس، وكان من أتباعه أردنيون ومصريون وفلسطينيون، وفى فترة من الفترات اعتقلته «حماس»، لأنه شكل خطورة عليها، وقاتل ضدها باعتبار أنها لا تطبق الشرع من المنظور، الذى يعترف به، فقام أعضاء تنظيم بيت المقدس باختطاف أحد أهم مناصرى القضية الفلسطينية، وهو مواطن إيطالى الجنسية، فهاجمت «حماس» تنظيم أنصار بيت المقدس لتحرره، فقاموا بقتله، وتمكن «السعدنى» من الهرب إلى سيناء، وأنشأ هناك مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس، وجمع بين جماعات تكفيرية صغيرة كانت منتشرة فى سيناء، وهى المرحلة الثانية لتنظيم أنصار بيت المقدس، وظل قائما حتى فبراير ٢٠١٣، ثم حدث التحور الثالث فى مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس، وتحول إلى تنظيم أنصار بيت المقدس، بسبب العلاقة التى نشأت بين «الإخوان»، وتنظيم القاعدة بعد الاجتماع، الذى عقد فى ليبيا فى ٢٠ فبراير ٢٠١٣ بين أيمن الظواهرى ومحمد مرسى بوساطة السفير محمد رفاعة الطهطاوى، وهو ابن خالة الظواهرى، وهذا الاجتماع يكشف الستار عن العلاقة المشبوهة بين أمريكا و«القاعدة» وجماعة الإخوان «الجوكر الأمريكى»، الذى كان مخططاً له أن يلعب أدوارا مهمة من أجل أمريكا فى الشرق الأوسط، فقد أوكل إليه بالاستعانة بـ«القاعدة» مهمة تأمين خروج القوات الأمريكية فى أفغانستان بحسب الانسحاب الأمريكى المعلن نهاية ٢٠١٤ كما حدث فى العراق عندما استعانت الولايات المتحدة بإيران والجماعات الشيعية، وفى أفغانستان فتحوا خطاً مع «طالبان» وأوكلت تلك المهمة إلى قطر، التى فتحت مكتبا فى الدوحة لـ«طالبان» وأبلغ القطريون الأمريكان أن القرار الأمنى ليس بيد «طالبان»، وإنما بيد «القاعدة» المتنفذ على الأرض، وهنا حاول الأمريكان إيجاد قناة خلفية سرية بين «الإخوان» و«القاعدة»، لتسهيل خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، وحضر الاجتماع عصام الحداد، مهندس الفكرة، ومنسق الاجتماع، وأحمد شيحة ومحمود عزت وأحمد عبدالعاطى، وفى المقابل ضم من تنظيم القاعدة فى ليبيا أبوأنس الليبى ومصرى يدعى ثروت صلاح شحاتة، الذى كان محكوما عليه بالإعدام مرتين، ثم عفا عنه مرسى، وسمح لأسرته التى كانت تقيم فى إيران بالعودة إلى مصر، واعتمد أميرا لتنظيم القاعدة فى ليبيا، وسائق بن لادن ويدعى سفيان إبراهيم، وأيضا أحمد سلامة مبروك، وهو مصرى قاتَل فى ألبانيا، وقدم تنظيم القاعدة فى هذا الاجتماع عدة مطالب تمت الموافقة عليها جميعا من قبل «الإخوان»، منها إصدار عفو عام عن كل الذين تورطوا فى عمليات إرهابية من منتصف الثمانينيات إلى التسعينيات «قرابة ٥٥٢ إرهابياً» والسماح بعودة كل المصريين، الذين كانوا يقاتلون فى أفغانستان وألبانيا مقابل أن يتولى تنظيم القاعدة فى ليبيا تسليح وتدريب هذه المجموعات، وإرسالها إلى القاهرة، ويتولى تنظيم الإخوان الدولى الصرف على التسليح واعترافات شقيق الظواهرى فى النيابة العامة يقول فيها إنه تسلم من «الشاطر» ١٥ مليون جنيه لتسليمها إلى «القاعدة».
■ ما معنى أن نقول إن تنظيما إرهابيا ما معتمد من قبل «القاعدة»؟
- أى أن هذا التنظيم يتخذ من نهج وفكر وأساليب العمليات الإرهابية التى تتميز بها «القاعدة» محركا له، وتنقل إليه الخبرات ذاتها، فـ«القاعدة» معروف عنه عدم تورع عناصره عن قتل المدنيين، وترويعهم فى سبيل محاربة الدول، ولا يكتفون بالقتل، وإنما يمثلون بالجثث أنكى تمثيل، وهذا ما يؤكد أن عمليات الهجوم على أقسام الشرطة فى كرداسة وأسوان استعان فيها الإخوان بعناصر قاعدية.
■ هل تتوقع أن يكون تنظيم أنصار بيت المقدس وراء تفجيرات خط الغاز المتكررة؟
- دون أدنى شك، فـ«أنصار بيت المقدس» المسؤول عن تفجيرات خطوط الغاز الطبيعى فى سيناء منذ ثورة ٢٥ يناير، وأتوقع أنه سيعلن مسؤوليته عن التفجير فى زمن قدره أسبوع على الأكثر، وهم يتعاملون لوجيستيا مع الإخوة فى غزة سواء من «حماس» أو من التنظيمات التكفيرية، وهم الآن يردون على الجيش المصرى، الذى وصل فى سيناء إلى مرحلة قطع رؤوس قيادات كبرى فى تنظيم أنصار بيت المقدس، سواء بالقتل أو إلقاء القبض عليهم، ومنهم ٧ من أهم وأعتى الرؤوس الإرهابية، التى تقود التنظيم، وبالتالى فالتفجير عملية انتقامية، نتيجة الدور الذى يقوم به الجيش المصرى.
■ ما عدد التنظيمات التكفيرية وتنويعاتها المنتشرة فى سيناء، وما مدى انتشارها فى العمق المصرى؟
- خارطة التنظيمات الإرهابية فى سيناء أو ما يسمى تنظيمات السلفية الجهادية تضم أربعة تنظيمات أساسية أقدمها تنظيم التوحيد والجهاد، وهو الذى نفذ عمليات طابا فى ٢٠٠٤ ودهب فى ٢٠٠٥ وشرم الشيخ وغزالة فى ٢٠٠٦، وهذه العمليات كان يتم اختيار توقيتاتها فى مواعيد تتفق مع مناسبات وطنية كعيد تحرير سيناء، أو فى ذكرى ثورة يوليو، أو عيد الجلاء، ما يشكل علامة استفهام كبرى، وتنظيم التوحيد والجهاد له تبعية أصيلة فى غزة، فهو الجناح العسكرى فى سيناء لما يسمى تنظيم جيش الإسلام فى غزة، الذى يقوده ممتاز دغمش، وهو المتورط الأول فى ٣ عمليات إرهابية فى مصر استهدفت كنائس مصرية، منها كنيسة القديسين، وتم توجيه اتهام رسمى له عن عملية تفجير فى الأزهر، قُتل فيها سائح فرنسى، وجرح عدد من المصريين، كما أن هناك شبهات قوية حول كونه المسؤول عن الجماعة، التى تورطت فى قتل ١٦ جنديا مصريا فى رمضان قبل الماضى، ٥ أغسطس ٢٠١٢، ثم مجلس شورى «أكناف بيت المقدس»، الذى تحول إلى «أنصار بيت المقدس»، ثم تنظيم أنصار الشريعة ويقوده رمزى موافى، الذى كان طبيب بن لادن، وكان محكوما عليه بـ٣٣ سنة فى سجن وادى النطرون مع مرسى، ثم خرج فى العفو الرئاسى، وهناك أيضا تنظيم التكفير والهجرة القديم، الذى أعاد تنظيم نفسه تحت اسم المقاومة والجهاد، وهناك الرايات السود، لكنها مجموعات صغيرة متفرقة، ولا تستهدف العمق المصرى، والجيش تقريبا قضى عليها فى سيناء، وهناك أيضا خليتان يجب ألا ننساهما تنتميان إلى تنظيم القاعدة هما «خلية مدينة نصر» و«خلية الزيتون»، وتستخدمان تقنية جديدة فى العمليات الإرهابية بمصر، وهى استخدام الموبايل فى التفجير عن بعد، ومأخوذة من حزب الله و«حماس»، واعترف عناصر خلية مدينة نصر بأنهم تدربوا فى سيناء وفى جبل الحلال وفى حلايب بتمويل من ليبيا وحزب الله والسودان.
■ وهل هناك علاقة ارتباط عضوية بين تنظيم أنصار بيت المقدس وحركة حماس؟
- حماس والإخوان كيان واحد معلن، فـ«حماس» تكتب على الأسوار وفى الشوارع داخل غزة عبارات تقول (حماس الجناح العسكرى لجماعة الإخوان المسلمين)، وكانت هناك علاقة تنسيق عضوى بين «القاعدة» و«الإخوان» بجناحها العسكرى، الذى هو حماس، للقيام بأدوار أوسع فى مناطق انتشار «القاعدة»، وتحديدا فى ليبيا، وكانت «الإخوان» ترسل آلاف المصريين ليتدربوا فى ليبيا على أيدى تنظيم القاعدة، وكانت «الإخوان» تعد تلك الجماعات تحت لواء «القاعدة» لتكون جناحا عسكريا للتنظيم يستخدم ضد الدولة المصرية لتنفيذ مخططها على حساب أى شىء، وفى تصريح لـ«العريان» هدد فيه بأن الجيش المصرى إذا فكر فى أن يقوم بأى عمل ضد ما يسمى الشرعية سيكون الرد جاهزا وحاسما، وكان يقصد استغلال ذلك التحالف، وكان يسند لـ«حماس» عمليات الإعاشة والتسليح والخدمات اللوجيستية من التدريب والإدارة وغيرها.
■ ماذا عن خريطة انتشار وتوزيع عناصر «أنصار بيت المقدس»؟
- لو رسمنا خريطة لتمركز العمليات الإرهابية فى مصر عموما بعيدا عن سيناء، سنجد أن هناك خطا يمتد من الصالحية «الزقازيق» نزولا إلى الشرقية، ووصولا إلى الإسماعيلية، وتتمركز كل العمليات التفجيرية فى هذا الخط، ولدى معلومات تؤكد أن «حماس» بمعاونة قيادات إخوانية اشترت أراضى فى الصالحية والإسماعيلية فى عهد مرسى، بغرض استخدامها عمقاً استراتيجياً للعمليات الإرهابية إذا استحال تنفيذها فى سيناء فتكون هناك مساحة إزاحة بديلة لنقل العمليات إليها، وتتميز بانتشار الأشجار والمزارع، التى يمكن الاختباء فيها، وبناء المخازن، فبنية الإرهاب موجودة على هذا الخط.
■ قلت إن عملية تفجير مديرية الأمن فى الطور تشبه تماما عملية تفجير نظيرتها فى الدقهلية، إذن هل كانت مديريات الأمن فى المحافظات غير الحدودية مستهدفة أيضا؟
- جهاز الأمن برمته فى مصر مستهدف، فعقيدة تلك الجماعات الإرهابية تقوم على قتال رجال الأمن والشرطة، لأنهم النقطة الأقوى فى الدولة، وأنا نصحت مرارا بضرورة أن يحدد حرم للمديرية يمنع تماما المرور فيه، وتنقل الجراجات إلى خارج الحرم، وفى عمليتى تفجير مديريتى الأمن صورت «أنصار بيت المقدس» فيديو للعمليتين والانتحارى والحزام الناسف، وهو بالمناسبة نفس نوع الحزام المستخدم فى غزة، لكن كان هناك اختلاف واحد بين تفجير الطور، وتفجير الدقهلية هو المادة التفجيرية المستخدمة، وهى مادة (RDX) وهى ٧٠ ضعف قوة تفجير مادة (TNT)، وتعد من المتفجرات عالية الانفجار، وبحسب شهادات الناجين من الحادث، الذين قالوا «إننا كنا نتطاير فى الهواء»، ويعرف خبراء التفجيرات أن المادة المتفجرة، التى تسبب تطاير الأشياء هى (RDX)، وهى متفجرات لا توجد فى مصر، ومستقدمة من ليبيا أو من غزة، وبالنسبة للكمية التى أعلن عنها فقيل إنها ٢٠٠ كيلو، وإن كنت أتوقع أنها أقل من هذا الرقم، وأرجح أنهم استخدموا أنابيب الغاز الكبيرة، لمضاعفة ضغط الجو وخلخلة الهواء، لزيادة قوة التفجير، وبالتالى فإن جماعة الإخوان أصبح لها ٣ أجنحة عسكرية، التنظيم الخاص الموجود منذ حسن البنا، والقاعدة ممثلة فى تنظيم أنصار بيت المقدس، وأخيرا حركة حماس.
■ هل هناك تقديرات عددية حول عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس؟
- فى سيناء كان التقدير المتوفر حول أعداد عناصر التنظيمات الإرهابية يتراوح بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠ تكفيرى، لكن العامل الجديد فى المعادلة الآن يجعل فكرة الحصول على تقدير حقيقى لهم شبه مستحيلة، بسبب دخول عناصر جديدة على الإرهاب فى مصر لا يمكن رصدها ولا تتوافر فيها السمات ذاتها المعروفة من قبل، فقد دخل أبناء الأغنياء فيها، ففى السابق كان الفقراء ومحدودو التعليم والثقافة هم فقط من يقتنعون بالفكر التكفيرى، أما الآن فالأمر اختلف.
■ ماذا عن فكرة اختراق تنظيم أنصار بيت المقدس أجهزة الأمن؟
- ليست فكرة حقيقية، فجهاز الأمن المصرى ليس مخترقا، لكن ما حدث أنه عندما تولت «الإخوان» الحكم كان فى أجندتها القضاء على جهاز أمن الدولة، وبتر عناصره، وتم التخلص من قدامى الضباط، وعدد كبير قدم استقالته، وعُزل ٤٧ ضابطاً من أكفأ من تعامل مع التكفيريين، وبالتالى فالعناصر الموجودة الآن لديها خبرات أقل فى التنظيمات الإرهابية مع العلم أن مكافحة الإرهاب تحتاج خبرات متراكمة لعشرات السنوات، هذا أمر، أما الأمر الآخر فإنه فى الفترة التى تسلم فيها مرسى الحكم تم تسليم الرئاسة بالأمر المباشر ملفا به بيانات مهمة جدا عن ضباط أمن الدولة، وخرائط المقار وغيرها، وهناك اثنان من أكفأ ضباط أمن الدولة راحا ضحية هذه البيانات هما محمد أبوشقرا ومحمد مبروك، والقاسم المشترك بين الضابطين هو خيرت الشاطر، فأبوشقرا كان الضابط المسؤول عن تأمين «الشاطر»، والضابط الذى ألقى القبض على «الشاطر» عندما كان مختبئاً فى بيته هو محمد مبروك.
■ البعض يعزى سبب نجاح التنظيمات الإرهابية فى تنفيذ عمليات تفجيرية داخل المدن الكبرى إلى إلغاء حظر التجول، وتقليل الكمائن الأمنية على الطرق، التى كانت تفتش العربات.. كيف تقيم هذا الطرح؟
- بحسب خبراتى عن العربات المفخخة فقد عشت فى لبنان فترة، وكانت خبرا يوميا يستيقظ عليه اللبنانيون، حيث يتم تجهيزها على مقربة من المكان المستهدف تفجيره، ولا بد أن تكون العربة مسروقة، وفى واقعة أمن الدقهلية فإن قوات الأمن الجنائى اكتشفت معملا يجهز المتفجرات بالقرب من المنصورة، وهناك من بين المتهمين طبيب أشرف على عملية التجهيز.
■ هل تتغير عقيدة «أنصار بيت المقدس» المعلنة حول استهداف رجال الشرطة وأجهزة الأمن إلى استهداف مدنيين باعتبار أنهم لم يناصروا الإسلام أو ما يرونه حكم الشريعة؟
- فى عقيدة التكفيريين كل شىء مباح وممكن، وليست لديهم حسابات خسارة أو مكسب، لكن أيضا أكثر ما يستهدفونه هو الترويع والإرهاب، وضرب معنويات الناس، وخلق إحساس لدى الناس أن الجيش والشرطة لا يستطيعان حمايتهم، وليس إحداث خسائر كبرى، لأن الخسائر قد تترتب عليها نتائج عكسية كما حدث بعد واقعة الدقهلية عندما أدى الغضب الشعبى إلى الضغط على الحكومة فخرجت بإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية وملاحقة عناصرها، والقبض عليهم، وبالتالى فمخططات «القاعدة» و«الإخوان» فى مصر فشلت، وهى فى الرمق الأخير.
■ هل كانت جماعة الإخوان، وهى تتحالف مع «القاعدة» تعى أنها تخاطر بوجودها فى النسيج المصرى، وأن الشعب قد يلفظها؟
- طوال تاريخ الإخوان كانت لديهم نظرية التضحية بالجزء من أجل بقاء الكيان. هذا فعله «البنا» عندما ضحى بقيادات التنظيم الخاص من أجل الإبقاء على الجماعة، لكن «الإخوان» للأسف منذ أن تحالفت مع «القاعدة»، وكأنها اتخذت قرارا بالانتحار الجماعى، لا تعى ما تفعل وتضحى بماضيها ومستقبلها فى مصر، وتراهن على لعبة تدرك أنها ستخسرها عندما تخسر التأييد الشعبى، فقد راهنت على صناعة الفوضى فى الداخل ففشلت، ثم راهنت على الطلاب فى الجامعات ففشلت، والعام الدراسى مر بسلام، وراهنت على الإرهاب الداخلى فلم يؤت ثماره، ثم راهنت على حلفائها فى الخارج فباعوها، وخرج أوباما فى الأمم المتحدة ليقول إن الرئيس مرسى فشل، ومع هذا لا تزال الولايات المتحدة تحاول إعادة إدماج التنظيم فى الحياة السياسية فى مصر، لأن ما تعهدت به «الإخوان» لتحقيقه لأمريكا وإسرائيل لم تكن تحلم به أمريكا.

Tuesday, January 28, 2014

هل يبحث المصريون عن أب؟! بقلم د. علاء الأسوانى ٢٨/ ١/ ٢٠١٤

نفترض أنك ذهبت متأخرا إلى عملك فغضب مديرك بشدة ووجه إليك شتائم قبيحة. سترفض قطعا هذا السلوك من مديرك لأن علاقتك به تحكمها قواعد قانونية ليس من بينها توجيه الشتائم، من حقه أن يوقع عليك جزاءات محددة فى القانون، لكن ليس من حقه أن يشتمك، بل إن إهانته لمرؤوسيه مخالفة إدارية يجب أن يحاسب عليها. نفترض أن نفس الواقعة حدثت مع أبيك، تأخرت عليه قليلا فانهال عليك بالشتائم. عندئذ لا يمكن لك أن تحاسب أباك لأن الدين والعرف سيرغمانك على تقبل إهانات أبيك. إنك تتحمل من أبيك ما لا تتحمله من الآخرين. أبوك هو الذى جاء بك إلى هذا العالم وأنفق عليك ورباك وعلمك، وبالتالى ستظل مدينا له طيلة حياتك، ويجب أن تتسامح مع إساءاته مهما أزعجتك. الفرق بين علاقتك بمديرك وعلاقتك بأبيك أن الأولى علاقة مهنية تضبطها قواعد إدارية وقانونية، والثانية علاقة إنسانية تعطى الحقوق كاملة للأب على أولاده. الفرق بين المدير والأب هو ذات الفرق بين الرئيس المنتخب والديكتاتور، الرئيس المنتخب موظف يعمل فى خدمة الشعب الذى يراقب أداءه ويحاسبه عن طريق البرلمان، وقد يعزله عن منصبه إذا أراد.
أما الديكتاتور فهو فى نظر شعبه الأب، طاعته واجبة والإذعان له فضيلة، وهو يعرف ما لا نعرفه، ومهما قسا علينا يجب أن نتحمله، لأن قسوته مبعثها حبه لنا وخوفه علينا.. توبيخ الرئيس فى النظام الديمقراطى مسألة عادية قد يقوم بها أبسط المواطنين شأنا عندما يقابل الرئيس فينتقد تصرفاته وقد يتهمه بالكذب والفشل- كما حدث مع رؤساء غربيين كثيرين- ثم ينصرف آمنا إلى بيته. أما معارضة الديكتاتور فتعتبر خطيئة فى حق الوطن يدينها الناس ويتهمون فاعلها بأنه خائن وطابور خامس أو ممول من الأعداء لإثارة البلبلة. يعلمنا التاريخ أن الديكتاتورية تتحقق بشرطين استبداد الحاكم وإذعان الشعب، كما أن الشعوب الحرة هى القادرة على تقدير زعمائها دون أن تضفى عليهم هالة مقدسة أو تضعهم فوق مستوى البشر.. لقد قاد ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، بلاده وحلفاءها إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، لكنه خسر منصبه فى أول انتخابات أجريت بعد الحرب عام ١٩٤٥.
لو أن تشرشل كان قد قاد أى شعب عربى إلى النصر فى الحرب لجعله ذلك يستمر فى الحكم إلى أن يموت، وربما يورث الحكم لأولاده من بعده، ولكان الشعب قد وضعه فى مقام أسطورى فوق القانون والنقد والمحاسبة. على أن بريطانيا ديمقراطية عريقة والناس هناك يعرفون أين تبدأ وتنتهى حقوق كل مواطن، وهم رغم تقديرهم العظيم لتشرشل كبطل قومى رفضوا أن يستمر فى رئاسة الوزراء بعد الحرب، لأنهم يعتقدون أن من يصلح للقيادة أثناء الحرب لا يصلح بالضرورة كرئيس وزراء وقت السلم.. مناسبة هذا الكلام الحملة القائمة على قدم وساق من أجل إقناع الفريق السيسى بالترشح للرئاسة. لقد قام الفريق عبدالفتاح السيسى بمهمة وطنية جليلة عندما انحاز لثورة الشعب ضد عصابة الإخوان الإرهابية، الأمر الذى جعله يكتسب شعبية كبيرة بين المصريين، ولكن هل يعنى كونه قائدا ناجحا للجيش أنه يستطيع قيادة الدولة بنفس الكفاءة؟!..
هل تكفى الشجاعة والخبرة العسكرية من أجل إدارة الدولة بنجاح فى مجالات السياسة والاقتصاد والتخطيط والتنمية؟ ثم كيف ستكون سياسات الفريق السيسى إذا صار رئيسا؟ ما هو برنامجه الرئاسى، وما هى وسائل تنفيذه؟ ما رأى الفريق السيسى فى ثورة يناير، وهل يعتبرها مؤامرة إخوانية أمريكية كما يعتبرها فلول نظام مبارك، وهل يوافق على حملة الاعتقالات لشبان الثورة وتلفيق التهم لهم، التى تقودها أجهزة الأمن، وكان آخر ضحاياها شبان من أنبل وأشرف الثوريين مثل ناجى كامل ونازلى حسين وخالد السيد؟. هل يوافق السيسى على التشهير الرخيص بالثوريين الذى يقوم به جهاز أمن الدولة بواسطة بعض عملائه من الإعلاميين؟ هل ينوى الفريق السيسى محاسبة رجال الأعمال اللصوص الذين استغلوا علاقاتهم بمبارك ونهبوا أموال الشعب المصرى؟..
المذابح التى جرت فى عهد المجلس العسكرى وراح ضحيتها مئات المصريين وآلاف المصابين.. هل ينوى الفريق السيسى فتح تحقيقات مستقلة فيها حتى لو أدى ذلك إلى إدانة المشير طنطاوى، الذى يعتبره السيسى أستاذا له؟!.. هل سيستأنف السيسى سياسات مبارك فى الخصخصة وبيع القطاع العام، أم أنه يؤمن بدور الدولة فى دعم الفقراء وتوفير الحياة الكريمة لهم؟.. كل هذه الأسئلة تظل بلا إجابة.
فباستثناء تصريح مبهم عن عدم العودة إلى الماضى لم يفصح الفريق السيسى عن أفكاره ولا توجهاته السياسية، هنا نكتشف أمرا غريبا: أن ملايين المصريين يطالبون رجلا بتولى الرئاسة وهم لا يعرفون أى شىء عن توجهاته السياسية. الحق أن مؤيدى السيسى يضمون أنواعا مختلفة من المصريين: هناك فلول نظام مبارك الذين عادوا إلى المشهد بكل قوة وكأن ثورة لم تقم ضدهم، هؤلاء يدعمون السيسى رئيسا بحماس لأنهم يعتبرونه إلى حد ما قريبا من نظام مبارك، وبالتالى- وفقا لمنطقهم- فإن الفريق السيسى إذا وصل للرئاسة سيترفق بهم، أما إذا جاء رئيس من خارج النظام فقد يفتح لهم الدفاتر القديمة ويطالبهم برد الأراضى والأموال التى نهبوها من الشعب، أو قد يحيلهم إلى المحاكمة ويلقى بهم فى السجون، النوع الثانى من مؤيدى السيسى منافقون محترفون يزمرون ويطبلون لكل رئيس، وهؤلاء يؤيدون السيسى اليوم ليقبضوا الثمن غدا وهم واثقون من عودة الاستبداد، ولذلك فهم يشاركون فى صناعة الديكتاتور الجديد حتى يكافئهم بالمزايا والمناصب.
النوع الثالث من مؤيدى السيسى بعض أصدقائى الناصريين الذين بلغ حبهم للزعيم العظيم عبدالناصر حدا جعلهم يتوقون إلى تكرار تجربته بأى طريقة. إنهم يحلمون بزعيم تاريخى ينحاز للفقراء ويتحدى الاستعمار ويعيد كرامتنا الوطنية، هذا الحلم الناصرى دفعهم من قبل بحسن نية إلى التورط فى تأييد طغاة سفاحين، مثل القذافى وصدام وحافظ الأسد. إنهم يبحثون عن عبدالناصر جديد فى كل مكان وبأى طريقة. هؤلاء- مع نبل مقاصدهم- أشبه بدون كيخوته فى رواية الأديب الإسبانى الكبير سرفانتس، الذى أراد أن يكون بطلا بأى طريقة، فحارب طواحين الهواء لأنه ظن أنها جيوش الأعداء. خداع النظر هذا يدفع بعض الناصريين إلى الحماس البالغ للفريق السيسى باعتباره خليفة عبدالناصر ويفوتهم هنا اعتباران مهمان: أولا أن عبدالناصر، على الرغم من عظمته وشجاعته وإخلاصه، عندما استبد بالحكم واستبدل الزعامة المطلقة بالنظام الديمقراطى انتهى إلى كارثة ٦٧، التى مازلنا نعانى من آثارها، كما أن تجربته العظيمة انهارت بوفاته لأنه لم يترك نظاما يحافظ على منجزات الثورة، وثانيا أن عبدالناصر كانت توجهاته الاشتراكية المنحازة للفقراء واضحة منذ البداية، وهذا لا ينطبق على الفريق السيسى الذى لا نعرف حتى الآن إن كانت ميوله اشتراكية أم رأسمالية، ولا نعرف بالضبط موقفه من نظام مبارك الفاسد القمعى. على أن الفلول والمنافقين والناصريين الحالمين لا يشكلون أساس شعبية السيسى، التى تعتمد على تأييد المواطنين البسطاء الذين يرون فى الفريق السيسى بطلهم المنقذ الوحيد.
هؤلاء البسطاء فرحوا بخلع مبارك وتوقعوا خيرا كثيرا، لكنهم على مدى ثلاث سنوات عانوا من وقف الحال وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ترويعهم عن طريق انفلات أمنى متعمد ومذابح متعاقبة فى عهد المجلس العسكرى مع حملات تشهير إعلامية لتشويه الثورة جعلتهم يكرهونها، أو على الأقل يتشككون فى صدقها، ثم تولى الإخوان الحكم فازدادت الأمور سوءا، وأحس الناس بأن البلد قد وقع فى أيدى أفراد عصابة من الصعب استعادته منهم. حتى نزل الملايين للتخلص من الإخوان، فانحاز لهم السيسى وحمى إرادتهم ونفذها.
هذا الدور الذى قام به السيسى هو الذى صنع شعبيته وجعل مصريين كثيرين يريدونه رئيسا بغض النظر عن كفاءته أو توجهاته. إن المصريين الذين يحملون صور السيسى فى الشوارع لا يبحثون فى الحقيقة عن رئيس جمهورية، وإنما عن أب يحتضنهم ويوفر لهم الأمن بعد أن طالت معاناتهم. إنهم يريدون السيسى حتى لو استأنف سياسات مبارك، حتى لو ظلمهم أو حكم بقانون الطوارئ وأعاد الاعتقالات والتعذيب. سيتقبلون من السيسى كل ذلك تماما كما نتقبل من الأب كل ما يفعله من تجاوزات. كل ما يريدونه أن يوفر السيسى لهم الأمان وينتصر على الإرهاب، حتى لو عادت الأمور إلى سابق عهدها أيام مبارك سيقبلون.. هؤلاء لا يهمهم كيف يصل السيسى إلى السلطة، ولا تعنيهم نزاهة الانتخابات، المهم أن يحسوا بأن لديهم أبا جديدا قويا يحميهم ويسيطر عليهم ويوفر لهم الأمن. لا يمكن بالطبع أن نلوم المواطنين المذعورين الباحثين عن أب يحميهم. فقوى الثورة المضادة التى قادها المجلس العسكرى السابق وعصابة الإخوان التى سيطرت على السلطة، وأنصار الإخوان الذين ينفذون عمليات إرهابية لقتل الأبرياء كل يوم، كل هؤلاء قد وضعوا المصريين فى أوضاع أسوأ من الأوضاع التى ثاروا عليها فى عهد مبارك. القطاع العريض من مؤيدى السيسى إذن لا يبحثون عن رئيس، وإنما عن أب يحميهم من الأشرار، وهم يتعجلون وصوله إلى السلطة لدرجة جعلت أحد الناس الطيبين يقول فى التليفزيون:
- عاوزين السيسى يبقى رئيس حالا ومفيش داعى لتكاليف الانتخابات والدعاية والكلام ده..
هنا نجد أنفسنا فى معضلة، فالثورة المصرية قامت أساسا لإلغاء فكرة الرئيس الأب وإقامة دولة ديمقراطية يكون فيها الرئيس خادما للشعب. عشرون مليون مصرى هم الأكثر وعيا ونبلا وشجاعة، قاموا بثورة فى يناير ٢٠١١ ضد واحد من أسوأ الأنظمة القمعية فى العالم واستطاعوا إجبار مبارك على التنحى، ثم فرضوا محاكمته وسجنه على المجلس العسكرى.
إذا قرر السيسى الترشح سيكون فى الغالب رئيس مصر القادم، لكن طريقة وصوله إلى السلطة ستحدد شكل الدولة المصرية لعقود قادمة. إذا اقتنع الفريق السيسى بأن النظام الديمقراطى أهم من سلطة الزعيم المطلقة وسمح بانتخابات رئاسية نزيهة فإنه سيكتسب شرعية حقيقية داخل مصر وخارجها، وستتحول مصر من دولة استبدادية متخلفة إلى دولة ديمقراطية محترمة، أما إذا تولى الفريق السيسى الرئاسة عن طريق انتخابات صورية، كتلك التى حكم بها مبارك ثلاثين عاما، فإنه يكون قد أخطأ فى حق الشعب والثورة ودفع بمصر إلى ديكتاتورية جديدة سندفع جميعا ثمنها الباهظ كما دفعناه من قبل مرارا.
الديمقراطية هى الحل



البابا تواضروس.. لمن تلقى شبَكتك؟! منى ثابت

كل الاحترام لمنصب البابا ورسالته.. وكل التقدير لشخصه.. لكن لى عتاب أرجو أن يتقبله بروح سماحته وتواضعه ووطنيته.. قداسة البابا أنا أخاطبك هنا بوصفك راعيا ومعلما ومرجعا للشعب المسيحى.. كل فعل أو قول يصدر منك تأثيره مباشر وسريع على الأغلبية التى اعتادت الطاعة العمياء للبابا دون نقاش ولا تفكيرلأكثر من سبب.. أولها الخوف الموروث من غضب الله، وهذا يحملك مسؤولية تغيير هذا المفهوم والحذر فى مواقفك.. وثانيا الاتكالية التى ابتلى بها المصريون نتيجة فساد التعليم والحكام والقادة، وشهوة بعض رجال الدين للسلطة.. فالاتكالية ترفع الحرج والذنب عن الكسول، وتجنبه مشقة التفكير وبذل جهد البحث والسعى وتحمُّل مسؤولية قراراته الشخصية.
لذلك أعاتبك على أمرين.. أولهما ظهورك فى إعلان تليفزيونى تجمع التبرعات لإعادة بناء دور العبادة. يا سيدى رسالتك ومنصبك أكبر وأسمى من ذلك.. وثانيا مقالك المنشور بجريدة «الأهرام» 13 يناير بعنوان «قول نعم يزيد النعم».
جانبك التوفيق يا قداسة البابا فى اختيار العنوان وفى التوجه.. وسلكت بهذا المقال طريق مرشد الإخوان الإرهابيين.. صحيح أنك لم تأمر أو توجه شعبك لتكفير الآخر وسلبه وقتله، بل طالبت المسيحى بالمشاركة.. لكنك بتوجيهه إلى اختيار «نعم» تعيده إلى حظيرة الطاعة العمياء لسلطة الكهنوت، لسجون العبيد، سجون الخوف والاتكالية وتنفيذ الأوامر والتوجيهات، وتعيدنا إلى زمن تسلط الكهنة والفريسيين للفوز بالسلطة والثروات الأرضية.. وأرجو ألا تكون محاطًا بأمثالهم ويزينون لك الظهور الإعلامى فتخسر ما ربحت.
قداسة البابا.. الشعب المسيحى الشرقى فى حالة نقاهة وإعادة تأهيل العقل والوعى والإرادة الآن بعد تجميدها فى عهد البابا شنودة، الذى أحبوه معلمًا وراعيا محبا فتمادوا فى طاعته وتلهفوا فى انتظار أوامره أو حتى تلميحاته، حتى حبسوا أنفسهم خلف جدران الطاعة العازلة تعطل تفكيرهم.. فانفصل الشعب المسيحى عن الشعب المصرى.. وبعد نياحته وعبوره حزن فقده، استعادوا توازنهم وإرادتهم واستقلالهم كمواطنين مصريين غير موجهين من سلطة كنسية.. وانصهروا فى ثورة 30 يونيو، معلنين رفضهم فساد حكم الإخوان واضطهاد وإقصاء المسيحيين وهدم كنائسهم، وتهجيرهم من بيوتهم وقراهم فى الصعيد.. تعلموا الرفض دون إذن، واستعادوا روح الاستشهاد من أجل الحق.. وتحررت الغالبية من انتظار تعليمات البابا فى ما يتعلق بالظلم العام، لكن ما زال البعض مختبئا فى قوقعة اليأس، فى انتظار قراراتك وأوامرك وتوجيهاتك.
قداسة البابا.. بعد عهود الطاعة العمياء لرجل الدين، فإن تحرير العقل المغلق المظلم الخائف هو أهم مسؤولياتك الآن.. الشعب المسيحى خرج بعد ثورة 30 يونيو يدافع عن حقوقه ويمارس واجباته كمواطن مصرى حر فلا تجذبه للخلف بل ثبت جذوره.. لا نريد كنائس ممتلئة بقطعان خائفة خانعة مهزومة.. لا نريد إعلانات تليفزيونية لجمع التبرعات لإعادة بناء كنائسنا فهذه مسؤولية الدولة التى أهملت حمايتها.. لا نريد مقالات صحفية سياسية لتوجيه المسيحىين.. كل مسيحى هو مواطن مصرى أولا، إما أن يشارك فى الدفاع عن وطنه وحمايته دون تعليمات أو توجيهات.. وإما يتحمل عواقب غربته فى وطنه وسلب حقوقه وكرامته.
قداسة البابا.. ممثلو الكنيسة شاركوا فى صنع الدستور وتوافقوا عليه.. وأنت كتبت فى مقالك أنه دستور مناسب ومتوازن إلى حد بعيد، وهذا كان كافيا كحافز للمسيحيين للمشاركة.. لكن اختيار العنوان «قول نعم يزيد النعم» كان توجيهًا مباشرا يضرب الإرادة الحرة ويعيدنا إلى عهد الطاعة الصماء المرفوض أيام البابا شنودة.. وقد يدفع الشباب قليل التجربة والحكمة إلى العناد والتمرد خصوصا وهو تائه وسط حالة محبطة من صخب الشائعات وقصص خيانة كثير من الرموز التى وثق بها، بعد أن سار شوطًا طويلا خلفها مؤيدا ومتفائلا.
قداسة البابا تواضروس، كلنا نثق بأن الله اختارك راعيا ومعلما فى هذا التوقيت الصعب لصفات فى شخصك.. وكما اختار يسوع المسيح أغلب تلاميذه من مهنة الصيد، البعض صياد والآخر يُصلِح الشباك.. فقد اختارك فى تقديرى لاصطياد شعبك من بئر الخنوع وسجون الاتكالية والطاعة العمياء.. افتح أبواب العقول وساعد فى تحريرها.. أفرز وعلم الكهنة قيادة الشعب إلى معرفة حقيقة رسالة المسيح.. وصفات المواطن المصرى المسيحى الحر.. إرم شبَكتك فى العمق وانتظر.

Monday, January 27, 2014

هل يبحث المصريون عن أب؟! علاء الأسواني


     نفترض أنك ذهبت متأخرا إلى عملك فغضب مديرك بشدة ووجه إليك شتائم قبيحة. سترفض قطعا هذا السلوك من مديرك لأن علاقتك به تحكمها قواعد قانونية ليس من بينها توجيه الشتائم، من حقه أن يوقع عليك جزاءات محددة فى القانون، لكن ليس من حقه أن يشتمك، بل إن إهانته لمرؤوسيه مخالفة إدارية يجب أن يحاسب عليها. نفترض أن نفس الواقعة حدثت مع أبيك، تأخرت عليه قليلا فانهال عليك بالشتائم. عندئذ لا يمكن لك أن تحاسب أباك لأن الدين والعرف سيرغمانك على تقبل إهانات أبيك. إنك تتحمل من أبيك ما لا تتحمله من الآخرين. أبوك هو الذى جاء بك إلى هذا العالم وأنفق عليك ورباك وعلمك، وبالتالى ستظل مدينا له طيلة حياتك، ويجب أن تتسامح مع إساءاته مهما أزعجتك. الفرق بين علاقتك بمديرك وعلاقتك بأبيك أن الأولى علاقة مهنية تضبطها قواعد إدارية وقانونية، والثانية علاقة إنسانية تعطى الحقوق كاملة للأب على أولاده. الفرق بين المدير والأب هو ذات الفرق بين الرئيس المنتخب والديكتاتور، الرئيس المنتخب موظف يعمل فى خدمة الشعب الذى يراقب أداءه ويحاسبه عن طريق البرلمان، وقد يعزله عن منصبه إذا أراد.
أما الديكتاتور فهو فى نظر شعبه الأب، طاعته واجبة والإذعان له فضيلة، وهو يعرف ما لا نعرفه، ومهما قسا علينا يجب أن نتحمله، لأن قسوته مبعثها حبه لنا وخوفه علينا.. توبيخ الرئيس فى النظام الديمقراطى مسألة عادية قد يقوم بها أبسط المواطنين شأنا عندما يقابل الرئيس فينتقد تصرفاته وقد يتهمه بالكذب والفشل- كما حدث مع رؤساء غربيين كثيرين- ثم ينصرف آمنا إلى بيته. أما معارضة الديكتاتور فتعتبر خطيئة فى حق الوطن يدينها الناس ويتهمون فاعلها بأنه خائن وطابور خامس أو ممول من الأعداء لإثارة البلبلة. يعلمنا التاريخ أن الديكتاتورية تتحقق بشرطين استبداد الحاكم وإذعان الشعب، كما أن الشعوب الحرة هى القادرة على تقدير زعمائها دون أن تضفى عليهم هالة مقدسة أو تضعهم فوق مستوى البشر.. لقد قاد ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، بلاده وحلفاءها إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، لكنه خسر منصبه فى أول انتخابات أجريت بعد الحرب عام 1945.
لو أن تشرشل كان قد قاد أى شعب عربى إلى النصر فى الحرب لجعله ذلك يستمر فى الحكم إلى أن يموت، وربما يورث الحكم لأولاده من بعده، ولكان الشعب قد وضعه فى مقام أسطورى فوق القانون والنقد والمحاسبة. على أن بريطانيا ديمقراطية عريقة والناس هناك يعرفون أين تبدأ وتنتهى حقوق كل مواطن، وهم رغم تقديرهم العظيم لتشرشل كبطل قومى رفضوا أن يستمر فى رئاسة الوزراء بعد الحرب، لأنهم يعتقدون أن من يصلح للقيادة أثناء الحرب لا يصلح بالضرورة كرئيس وزراء وقت السلم.. مناسبة هذا الكلام الحملة القائمة على قدم وساق من أجل إقناع الفريق السيسى بالترشح للرئاسة. لقد قام الفريق عبدالفتاح السيسى بمهمة وطنية جليلة عندما انحاز لثورة الشعب ضد عصابة الإخوان الإرهابية، الأمر الذى جعله يكتسب شعبية كبيرة بين المصريين، ولكن هل يعنى كونه قائدا ناجحا للجيش أنه يستطيع قيادة الدولة بنفس الكفاءة؟!..
هل تكفى الشجاعة والخبرة العسكرية من أجل إدارة الدولة بنجاح فى مجالات السياسة والاقتصاد والتخطيط والتنمية؟ ثم كيف ستكون سياسات الفريق السيسى إذا صار رئيسا؟ ما هو برنامجه الرئاسى، وما هى وسائل تنفيذه؟ ما رأى الفريق السيسى فى ثورة يناير، وهل يعتبرها مؤامرة إخوانية أمريكية كما يعتبرها فلول نظام مبارك، وهل يوافق على حملة الاعتقالات لشبان الثورة وتلفيق التهم لهم، التى تقودها أجهزة الأمن، وكان آخر ضحاياها شبان من أنبل وأشرف الثوريين مثل ناجى كامل ونازلى حسين وخالد السيد؟. هل يوافق السيسى على التشهير الرخيص بالثوريين الذى يقوم به جهاز أمن الدولة بواسطة بعض عملائه من الإعلاميين؟ هل ينوى الفريق السيسى محاسبة رجال الأعمال اللصوص الذين استغلوا علاقاتهم بمبارك ونهبوا أموال الشعب المصرى؟..
المذابح التى جرت فى عهد المجلس العسكرى وراح ضحيتها مئات المصريين وآلاف المصابين.. هل ينوى الفريق السيسى فتح تحقيقات مستقلة فيها حتى لو أدى ذلك إلى إدانة المشير طنطاوى، الذى يعتبره السيسى أستاذا له؟!.. هل سيستأنف السيسى سياسات مبارك فى الخصخصة وبيع القطاع العام، أم أنه يؤمن بدور الدولة فى دعم الفقراء وتوفير الحياة الكريمة لهم؟.. كل هذه الأسئلة تظل بلا إجابة.
فباستثناء تصريح مبهم عن عدم العودة إلى الماضى لم يفصح الفريق السيسى عن أفكاره ولا توجهاته السياسية، هنا نكتشف أمرا غريبا: أن ملايين المصريين يطالبون رجلا بتولى الرئاسة وهم لا يعرفون أى شىء عن توجهاته السياسية. الحق أن مؤيدى السيسى يضمون أنواعا مختلفة من المصريين: هناك فلول نظام مبارك الذين عادوا إلى المشهد بكل قوة وكأن ثورة لم تقم ضدهم، هؤلاء يدعمون السيسى رئيسا بحماس لأنهم يعتبرونه إلى حد ما قريبا من نظام مبارك، وبالتالى- وفقا لمنطقهم- فإن الفريق السيسى إذا وصل للرئاسة سيترفق بهم، أما إذا جاء رئيس من خارج النظام فقد يفتح لهم الدفاتر القديمة ويطالبهم برد الأراضى والأموال التى نهبوها من الشعب، أو قد يحيلهم إلى المحاكمة ويلقى بهم فى السجون، النوع الثانى من مؤيدى السيسى منافقون محترفون يزمرون ويطبلون لكل رئيس، وهؤلاء يؤيدون السيسى اليوم ليقبضوا الثمن غدا وهم واثقون من عودة الاستبداد، ولذلك فهم يشاركون فى صناعة الديكتاتور الجديد حتى يكافئهم بالمزايا والمناصب.
النوع الثالث من مؤيدى السيسى بعض أصدقائى الناصريين الذين بلغ حبهم للزعيم العظيم عبدالناصر حدا جعلهم يتوقون إلى تكرار تجربته بأى طريقة. إنهم يحلمون بزعيم تاريخى ينحاز للفقراء ويتحدى الاستعمار ويعيد كرامتنا الوطنية، هذا الحلم الناصرى دفعهم من قبل بحسن نية إلى التورط فى تأييد طغاة سفاحين، مثل القذافى وصدام وحافظ الأسد. إنهم يبحثون عن عبدالناصر جديد فى كل مكان وبأى طريقة. هؤلاء- مع نبل مقاصدهم- أشبه بدون كيخوته فى رواية الأديب الإسبانى الكبير سرفانتس، الذى أراد أن يكون بطلا بأى طريقة، فحارب طواحين الهواء لأنه ظن أنها جيوش الأعداء. خداع النظر هذا يدفع بعض الناصريين إلى الحماس البالغ للفريق السيسى باعتباره خليفة عبدالناصر ويفوتهم هنا اعتباران مهمان: أولا أن عبدالناصر، على الرغم من عظمته وشجاعته وإخلاصه، عندما استبد بالحكم واستبدل الزعامة المطلقة بالنظام الديمقراطى انتهى إلى كارثة 67، التى مازلنا نعانى من آثارها، كما أن تجربته العظيمة انهارت بوفاته لأنه لم يترك نظاما يحافظ على منجزات الثورة، وثانيا أن عبدالناصر كانت توجهاته الاشتراكية المنحازة للفقراء واضحة منذ البداية، وهذا لا ينطبق على الفريق السيسى الذى لا نعرف حتى الآن إن كانت ميوله اشتراكية أم رأسمالية، ولا نعرف بالضبط موقفه من نظام مبارك الفاسد القمعى. على أن الفلول والمنافقين والناصريين الحالمين لا يشكلون أساس شعبية السيسى، التى تعتمد على تأييد المواطنين البسطاء الذين يرون فى الفريق السيسى بطلهم المنقذ الوحيد.
هؤلاء البسطاء فرحوا بخلع مبارك وتوقعوا خيرا كثيرا، لكنهم على مدى ثلاث سنوات عانوا من وقف الحال وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ترويعهم عن طريق انفلات أمنى متعمد ومذابح متعاقبة فى عهد المجلس العسكرى مع حملات تشهير إعلامية لتشويه الثورة جعلتهم يكرهونها، أو على الأقل يتشككون فى صدقها، ثم تولى الإخوان الحكم فازدادت الأمور سوءا، وأحس الناس بأن البلد قد وقع فى أيدى أفراد عصابة من الصعب استعادته منهم. حتى نزل الملايين للتخلص من الإخوان، فانحاز لهم السيسى وحمى إرادتهم ونفذها.
هذا الدور الذى قام به السيسى هو الذى صنع شعبيته وجعل مصريين كثيرين يريدونه رئيسا بغض النظر عن كفاءته أو توجهاته. إن المصريين الذين يحملون صور السيسى فى الشوارع لا يبحثون فى الحقيقة عن رئيس جمهورية، وإنما عن أب يحتضنهم ويوفر لهم الأمن بعد أن طالت معاناتهم. إنهم يريدون السيسى حتى لو استأنف سياسات مبارك، حتى لو ظلمهم أو حكم بقانون الطوارئ وأعاد الاعتقالات والتعذيب. سيتقبلون من السيسى كل ذلك تماما كما نتقبل من الأب كل ما يفعله من تجاوزات. كل ما يريدونه أن يوفر السيسى لهم الأمان وينتصر على الإرهاب، حتى لو عادت الأمور إلى سابق عهدها أيام مبارك سيقبلون.. هؤلاء لا يهمهم كيف يصل السيسى إلى السلطة، ولا تعنيهم نزاهة الانتخابات، المهم أن يحسوا بأن لديهم أبا جديدا قويا يحميهم ويسيطر عليهم ويوفر لهم الأمن. لا يمكن بالطبع أن نلوم المواطنين المذعورين الباحثين عن أب يحميهم. فقوى الثورة المضادة التى قادها المجلس العسكرى السابق وعصابة الإخوان التى سيطرت على السلطة، وأنصار الإخوان الذين ينفذون عمليات إرهابية لقتل الأبرياء كل يوم، كل هؤلاء قد وضعوا المصريين فى أوضاع أسوأ من الأوضاع التى ثاروا عليها فى عهد مبارك. القطاع العريض من مؤيدى السيسى إذن لا يبحثون عن رئيس، وإنما عن أب يحميهم من الأشرار، وهم يتعجلون وصوله إلى السلطة لدرجة جعلت أحد الناس الطيبين يقول فى التليفزيون:
- عاوزين السيسى يبقى رئيس حالا ومفيش داعى لتكاليف الانتخابات والدعاية والكلام ده..
هنا نجد أنفسنا فى معضلة، فالثورة المصرية قامت أساسا لإلغاء فكرة الرئيس الأب وإقامة دولة ديمقراطية يكون فيها الرئيس خادما للشعب. عشرون مليون مصرى هم الأكثر وعيا ونبلا وشجاعة، قاموا بثورة فى يناير 2011 ضد واحد من أسوأ الأنظمة القمعية فى العالم واستطاعوا إجبار مبارك على التنحى، ثم فرضوا محاكمته وسجنه على المجلس العسكرى.
إذا قرر السيسى الترشح سيكون فى الغالب رئيس مصر القادم، لكن طريقة وصوله إلى السلطة ستحدد شكل الدولة المصرية لعقود قادمة. إذا اقتنع الفريق السيسى بأن النظام الديمقراطى أهم من سلطة الزعيم المطلقة وسمح بانتخابات رئاسية نزيهة فإنه سيكتسب شرعية حقيقية داخل مصر وخارجها، وستتحول مصر من دولة استبدادية متخلفة إلى دولة ديمقراطية محترمة، أما إذا تولى الفريق السيسى الرئاسة عن طريق انتخابات صورية، كتلك التى حكم بها مبارك ثلاثين عاما، فإنه يكون قد أخطأ فى حق الشعب والثورة ودفع بمصر إلى ديكتاتورية جديدة سندفع جميعا ثمنها الباهظ كما دفعناه من قبل مرارا.
الديمقراطية هى الحل

هل يبحث المصريون عن أب؟! علاء الأسواني

نفترض أنك ذهبت متأخرا إلى عملك فغضب مديرك بشدة ووجه إليك شتائم قبيحة. سترفض قطعا هذا السلوك من مديرك لأن علاقتك به تحكمها قواعد قانونية ليس من بينها توجيه الشتائم، من حقه أن يوقع عليك جزاءات محددة فى القانون، لكن ليس من حقه أن يشتمك، بل إن إهانته لمرؤوسيه مخالفة إدارية يجب أن يحاسب عليها. نفترض أن نفس الواقعة حدثت مع أبيك، تأخرت عليه قليلا فانهال عليك بالشتائم. عندئذ لا يمكن لك أن تحاسب أباك لأن الدين والعرف سيرغمانك على تقبل إهانات أبيك. إنك تتحمل من أبيك ما لا تتحمله من الآخرين. أبوك هو الذى جاء بك إلى هذا العالم وأنفق عليك ورباك وعلمك، وبالتالى ستظل مدينا له طيلة حياتك، ويجب أن تتسامح مع إساءاته مهما أزعجتك. الفرق بين علاقتك بمديرك وعلاقتك بأبيك أن الأولى علاقة مهنية تضبطها قواعد إدارية وقانونية، والثانية علاقة إنسانية تعطى الحقوق كاملة للأب على أولاده. الفرق بين المدير والأب هو ذات الفرق بين الرئيس المنتخب والديكتاتور، الرئيس المنتخب موظف يعمل فى خدمة الشعب الذى يراقب أداءه ويحاسبه عن طريق البرلمان، وقد يعزله عن منصبه إذا أراد.
أما الديكتاتور فهو فى نظر شعبه الأب، طاعته واجبة والإذعان له فضيلة، وهو يعرف ما لا نعرفه، ومهما قسا علينا يجب أن نتحمله، لأن قسوته مبعثها حبه لنا وخوفه علينا.. توبيخ الرئيس فى النظام الديمقراطى مسألة عادية قد يقوم بها أبسط المواطنين شأنا عندما يقابل الرئيس فينتقد تصرفاته وقد يتهمه بالكذب والفشل- كما حدث مع رؤساء غربيين كثيرين- ثم ينصرف آمنا إلى بيته. أما معارضة الديكتاتور فتعتبر خطيئة فى حق الوطن يدينها الناس ويتهمون فاعلها بأنه خائن وطابور خامس أو ممول من الأعداء لإثارة البلبلة. يعلمنا التاريخ أن الديكتاتورية تتحقق بشرطين استبداد الحاكم وإذعان الشعب، كما أن الشعوب الحرة هى القادرة على تقدير زعمائها دون أن تضفى عليهم هالة مقدسة أو تضعهم فوق مستوى البشر.. لقد قاد ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، بلاده وحلفاءها إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، لكنه خسر منصبه فى أول انتخابات أجريت بعد الحرب عام 1945.
لو أن تشرشل كان قد قاد أى شعب عربى إلى النصر فى الحرب لجعله ذلك يستمر فى الحكم إلى أن يموت، وربما يورث الحكم لأولاده من بعده، ولكان الشعب قد وضعه فى مقام أسطورى فوق القانون والنقد والمحاسبة. على أن بريطانيا ديمقراطية عريقة والناس هناك يعرفون أين تبدأ وتنتهى حقوق كل مواطن، وهم رغم تقديرهم العظيم لتشرشل كبطل قومى رفضوا أن يستمر فى رئاسة الوزراء بعد الحرب، لأنهم يعتقدون أن من يصلح للقيادة أثناء الحرب لا يصلح بالضرورة كرئيس وزراء وقت السلم.. مناسبة هذا الكلام الحملة القائمة على قدم وساق من أجل إقناع الفريق السيسى بالترشح للرئاسة. لقد قام الفريق عبدالفتاح السيسى بمهمة وطنية جليلة عندما انحاز لثورة الشعب ضد عصابة الإخوان الإرهابية، الأمر الذى جعله يكتسب شعبية كبيرة بين المصريين، ولكن هل يعنى كونه قائدا ناجحا للجيش أنه يستطيع قيادة الدولة بنفس الكفاءة؟!..
هل تكفى الشجاعة والخبرة العسكرية من أجل إدارة الدولة بنجاح فى مجالات السياسة والاقتصاد والتخطيط والتنمية؟ ثم كيف ستكون سياسات الفريق السيسى إذا صار رئيسا؟ ما هو برنامجه الرئاسى، وما هى وسائل تنفيذه؟ ما رأى الفريق السيسى فى ثورة يناير، وهل يعتبرها مؤامرة إخوانية أمريكية كما يعتبرها فلول نظام مبارك، وهل يوافق على حملة الاعتقالات لشبان الثورة وتلفيق التهم لهم، التى تقودها أجهزة الأمن، وكان آخر ضحاياها شبان من أنبل وأشرف الثوريين مثل ناجى كامل ونازلى حسين وخالد السيد؟. هل يوافق السيسى على التشهير الرخيص بالثوريين الذى يقوم به جهاز أمن الدولة بواسطة بعض عملائه من الإعلاميين؟ هل ينوى الفريق السيسى محاسبة رجال الأعمال اللصوص الذين استغلوا علاقاتهم بمبارك ونهبوا أموال الشعب المصرى؟..
المذابح التى جرت فى عهد المجلس العسكرى وراح ضحيتها مئات المصريين وآلاف المصابين.. هل ينوى الفريق السيسى فتح تحقيقات مستقلة فيها حتى لو أدى ذلك إلى إدانة المشير طنطاوى، الذى يعتبره السيسى أستاذا له؟!.. هل سيستأنف السيسى سياسات مبارك فى الخصخصة وبيع القطاع العام، أم أنه يؤمن بدور الدولة فى دعم الفقراء وتوفير الحياة الكريمة لهم؟.. كل هذه الأسئلة تظل بلا إجابة.
فباستثناء تصريح مبهم عن عدم العودة إلى الماضى لم يفصح الفريق السيسى عن أفكاره ولا توجهاته السياسية، هنا نكتشف أمرا غريبا: أن ملايين المصريين يطالبون رجلا بتولى الرئاسة وهم لا يعرفون أى شىء عن توجهاته السياسية. الحق أن مؤيدى السيسى يضمون أنواعا مختلفة من المصريين: هناك فلول نظام مبارك الذين عادوا إلى المشهد بكل قوة وكأن ثورة لم تقم ضدهم، هؤلاء يدعمون السيسى رئيسا بحماس لأنهم يعتبرونه إلى حد ما قريبا من نظام مبارك، وبالتالى- وفقا لمنطقهم- فإن الفريق السيسى إذا وصل للرئاسة سيترفق بهم، أما إذا جاء رئيس من خارج النظام فقد يفتح لهم الدفاتر القديمة ويطالبهم برد الأراضى والأموال التى نهبوها من الشعب، أو قد يحيلهم إلى المحاكمة ويلقى بهم فى السجون، النوع الثانى من مؤيدى السيسى منافقون محترفون يزمرون ويطبلون لكل رئيس، وهؤلاء يؤيدون السيسى اليوم ليقبضوا الثمن غدا وهم واثقون من عودة الاستبداد، ولذلك فهم يشاركون فى صناعة الديكتاتور الجديد حتى يكافئهم بالمزايا والمناصب.
النوع الثالث من مؤيدى السيسى بعض أصدقائى الناصريين الذين بلغ حبهم للزعيم العظيم عبدالناصر حدا جعلهم يتوقون إلى تكرار تجربته بأى طريقة. إنهم يحلمون بزعيم تاريخى ينحاز للفقراء ويتحدى الاستعمار ويعيد كرامتنا الوطنية، هذا الحلم الناصرى دفعهم من قبل بحسن نية إلى التورط فى تأييد طغاة سفاحين، مثل القذافى وصدام وحافظ الأسد. إنهم يبحثون عن عبدالناصر جديد فى كل مكان وبأى طريقة. هؤلاء- مع نبل مقاصدهم- أشبه بدون كيخوته فى رواية الأديب الإسبانى الكبير سرفانتس، الذى أراد أن يكون بطلا بأى طريقة، فحارب طواحين الهواء لأنه ظن أنها جيوش الأعداء. خداع النظر هذا يدفع بعض الناصريين إلى الحماس البالغ للفريق السيسى باعتباره خليفة عبدالناصر ويفوتهم هنا اعتباران مهمان: أولا أن عبدالناصر، على الرغم من عظمته وشجاعته وإخلاصه، عندما استبد بالحكم واستبدل الزعامة المطلقة بالنظام الديمقراطى انتهى إلى كارثة 67، التى مازلنا نعانى من آثارها، كما أن تجربته العظيمة انهارت بوفاته لأنه لم يترك نظاما يحافظ على منجزات الثورة، وثانيا أن عبدالناصر كانت توجهاته الاشتراكية المنحازة للفقراء واضحة منذ البداية، وهذا لا ينطبق على الفريق السيسى الذى لا نعرف حتى الآن إن كانت ميوله اشتراكية أم رأسمالية، ولا نعرف بالضبط موقفه من نظام مبارك الفاسد القمعى. على أن الفلول والمنافقين والناصريين الحالمين لا يشكلون أساس شعبية السيسى، التى تعتمد على تأييد المواطنين البسطاء الذين يرون فى الفريق السيسى بطلهم المنقذ الوحيد.
هؤلاء البسطاء فرحوا بخلع مبارك وتوقعوا خيرا كثيرا، لكنهم على مدى ثلاث سنوات عانوا من وقف الحال وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ترويعهم عن طريق انفلات أمنى متعمد ومذابح متعاقبة فى عهد المجلس العسكرى مع حملات تشهير إعلامية لتشويه الثورة جعلتهم يكرهونها، أو على الأقل يتشككون فى صدقها، ثم تولى الإخوان الحكم فازدادت الأمور سوءا، وأحس الناس بأن البلد قد وقع فى أيدى أفراد عصابة من الصعب استعادته منهم. حتى نزل الملايين للتخلص من الإخوان، فانحاز لهم السيسى وحمى إرادتهم ونفذها.
هذا الدور الذى قام به السيسى هو الذى صنع شعبيته وجعل مصريين كثيرين يريدونه رئيسا بغض النظر عن كفاءته أو توجهاته. إن المصريين الذين يحملون صور السيسى فى الشوارع لا يبحثون فى الحقيقة عن رئيس جمهورية، وإنما عن أب يحتضنهم ويوفر لهم الأمن بعد أن طالت معاناتهم. إنهم يريدون السيسى حتى لو استأنف سياسات مبارك، حتى لو ظلمهم أو حكم بقانون الطوارئ وأعاد الاعتقالات والتعذيب. سيتقبلون من السيسى كل ذلك تماما كما نتقبل من الأب كل ما يفعله من تجاوزات. كل ما يريدونه أن يوفر السيسى لهم الأمان وينتصر على الإرهاب، حتى لو عادت الأمور إلى سابق عهدها أيام مبارك سيقبلون.. هؤلاء لا يهمهم كيف يصل السيسى إلى السلطة، ولا تعنيهم نزاهة الانتخابات، المهم أن يحسوا بأن لديهم أبا جديدا قويا يحميهم ويسيطر عليهم ويوفر لهم الأمن. لا يمكن بالطبع أن نلوم المواطنين المذعورين الباحثين عن أب يحميهم. فقوى الثورة المضادة التى قادها المجلس العسكرى السابق وعصابة الإخوان التى سيطرت على السلطة، وأنصار الإخوان الذين ينفذون عمليات إرهابية لقتل الأبرياء كل يوم، كل هؤلاء قد وضعوا المصريين فى أوضاع أسوأ من الأوضاع التى ثاروا عليها فى عهد مبارك. القطاع العريض من مؤيدى السيسى إذن لا يبحثون عن رئيس، وإنما عن أب يحميهم من الأشرار، وهم يتعجلون وصوله إلى السلطة لدرجة جعلت أحد الناس الطيبين يقول فى التليفزيون:
- عاوزين السيسى يبقى رئيس حالا ومفيش داعى لتكاليف الانتخابات والدعاية والكلام ده..
هنا نجد أنفسنا فى معضلة، فالثورة المصرية قامت أساسا لإلغاء فكرة الرئيس الأب وإقامة دولة ديمقراطية يكون فيها الرئيس خادما للشعب. عشرون مليون مصرى هم الأكثر وعيا ونبلا وشجاعة، قاموا بثورة فى يناير 2011 ضد واحد من أسوأ الأنظمة القمعية فى العالم واستطاعوا إجبار مبارك على التنحى، ثم فرضوا محاكمته وسجنه على المجلس العسكرى.
إذا قرر السيسى الترشح سيكون فى الغالب رئيس مصر القادم، لكن طريقة وصوله إلى السلطة ستحدد شكل الدولة المصرية لعقود قادمة. إذا اقتنع الفريق السيسى بأن النظام الديمقراطى أهم من سلطة الزعيم المطلقة وسمح بانتخابات رئاسية نزيهة فإنه سيكتسب شرعية حقيقية داخل مصر وخارجها، وستتحول مصر من دولة استبدادية متخلفة إلى دولة ديمقراطية محترمة، أما إذا تولى الفريق السيسى الرئاسة عن طريق انتخابات صورية، كتلك التى حكم بها مبارك ثلاثين عاما، فإنه يكون قد أخطأ فى حق الشعب والثورة ودفع بمصر إلى ديكتاتورية جديدة سندفع جميعا ثمنها الباهظ كما دفعناه من قبل مرارا.
الديمقراطية هى الحل

هل يبحث المصريون عن أب؟! علاء الأسواني


نفترض أنك ذهبت متأخرا إلى عملك فغضب مديرك بشدة ووجه إليك شتائم قبيحة. سترفض قطعا هذا السلوك من مديرك لأن علاقتك به تحكمها قواعد قانونية ليس من بينها توجيه الشتائم، من حقه أن يوقع عليك جزاءات محددة فى القانون، لكن ليس من حقه أن يشتمك، بل إن إهانته لمرؤوسيه مخالفة إدارية يجب أن يحاسب عليها. نفترض أن نفس الواقعة حدثت مع أبيك، تأخرت عليه قليلا فانهال عليك بالشتائم. عندئذ لا يمكن لك أن تحاسب أباك لأن الدين والعرف سيرغمانك على تقبل إهانات أبيك. إنك تتحمل من أبيك ما لا تتحمله من الآخرين. أبوك هو الذى جاء بك إلى هذا العالم وأنفق عليك ورباك وعلمك، وبالتالى ستظل مدينا له طيلة حياتك، ويجب أن تتسامح مع إساءاته مهما أزعجتك. الفرق بين علاقتك بمديرك وعلاقتك بأبيك أن الأولى علاقة مهنية تضبطها قواعد إدارية وقانونية، والثانية علاقة إنسانية تعطى الحقوق كاملة للأب على أولاده. الفرق بين المدير والأب هو ذات الفرق بين الرئيس المنتخب والديكتاتور، الرئيس المنتخب موظف يعمل فى خدمة الشعب الذى يراقب أداءه ويحاسبه عن طريق البرلمان، وقد يعزله عن منصبه إذا أراد.
أما الديكتاتور فهو فى نظر شعبه الأب، طاعته واجبة والإذعان له فضيلة، وهو يعرف ما لا نعرفه، ومهما قسا علينا يجب أن نتحمله، لأن قسوته مبعثها حبه لنا وخوفه علينا.. توبيخ الرئيس فى النظام الديمقراطى مسألة عادية قد يقوم بها أبسط المواطنين شأنا عندما يقابل الرئيس فينتقد تصرفاته وقد يتهمه بالكذب والفشل- كما حدث مع رؤساء غربيين كثيرين- ثم ينصرف آمنا إلى بيته. أما معارضة الديكتاتور فتعتبر خطيئة فى حق الوطن يدينها الناس ويتهمون فاعلها بأنه خائن وطابور خامس أو ممول من الأعداء لإثارة البلبلة. يعلمنا التاريخ أن الديكتاتورية تتحقق بشرطين استبداد الحاكم وإذعان الشعب، كما أن الشعوب الحرة هى القادرة على تقدير زعمائها دون أن تضفى عليهم هالة مقدسة أو تضعهم فوق مستوى البشر.. لقد قاد ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، بلاده وحلفاءها إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، لكنه خسر منصبه فى أول انتخابات أجريت بعد الحرب عام 1945.
لو أن تشرشل كان قد قاد أى شعب عربى إلى النصر فى الحرب لجعله ذلك يستمر فى الحكم إلى أن يموت، وربما يورث الحكم لأولاده من بعده، ولكان الشعب قد وضعه فى مقام أسطورى فوق القانون والنقد والمحاسبة. على أن بريطانيا ديمقراطية عريقة والناس هناك يعرفون أين تبدأ وتنتهى حقوق كل مواطن، وهم رغم تقديرهم العظيم لتشرشل كبطل قومى رفضوا أن يستمر فى رئاسة الوزراء بعد الحرب، لأنهم يعتقدون أن من يصلح للقيادة أثناء الحرب لا يصلح بالضرورة كرئيس وزراء وقت السلم.. مناسبة هذا الكلام الحملة القائمة على قدم وساق من أجل إقناع الفريق السيسى بالترشح للرئاسة. لقد قام الفريق عبدالفتاح السيسى بمهمة وطنية جليلة عندما انحاز لثورة الشعب ضد عصابة الإخوان الإرهابية، الأمر الذى جعله يكتسب شعبية كبيرة بين المصريين، ولكن هل يعنى كونه قائدا ناجحا للجيش أنه يستطيع قيادة الدولة بنفس الكفاءة؟!..
هل تكفى الشجاعة والخبرة العسكرية من أجل إدارة الدولة بنجاح فى مجالات السياسة والاقتصاد والتخطيط والتنمية؟ ثم كيف ستكون سياسات الفريق السيسى إذا صار رئيسا؟ ما هو برنامجه الرئاسى، وما هى وسائل تنفيذه؟ ما رأى الفريق السيسى فى ثورة يناير، وهل يعتبرها مؤامرة إخوانية أمريكية كما يعتبرها فلول نظام مبارك، وهل يوافق على حملة الاعتقالات لشبان الثورة وتلفيق التهم لهم، التى تقودها أجهزة الأمن، وكان آخر ضحاياها شبان من أنبل وأشرف الثوريين مثل ناجى كامل ونازلى حسين وخالد السيد؟. هل يوافق السيسى على التشهير الرخيص بالثوريين الذى يقوم به جهاز أمن الدولة بواسطة بعض عملائه من الإعلاميين؟ هل ينوى الفريق السيسى محاسبة رجال الأعمال اللصوص الذين استغلوا علاقاتهم بمبارك ونهبوا أموال الشعب المصرى؟..
المذابح التى جرت فى عهد المجلس العسكرى وراح ضحيتها مئات المصريين وآلاف المصابين.. هل ينوى الفريق السيسى فتح تحقيقات مستقلة فيها حتى لو أدى ذلك إلى إدانة المشير طنطاوى، الذى يعتبره السيسى أستاذا له؟!.. هل سيستأنف السيسى سياسات مبارك فى الخصخصة وبيع القطاع العام، أم أنه يؤمن بدور الدولة فى دعم الفقراء وتوفير الحياة الكريمة لهم؟.. كل هذه الأسئلة تظل بلا إجابة.
فباستثناء تصريح مبهم عن عدم العودة إلى الماضى لم يفصح الفريق السيسى عن أفكاره ولا توجهاته السياسية، هنا نكتشف أمرا غريبا: أن ملايين المصريين يطالبون رجلا بتولى الرئاسة وهم لا يعرفون أى شىء عن توجهاته السياسية. الحق أن مؤيدى السيسى يضمون أنواعا مختلفة من المصريين: هناك فلول نظام مبارك الذين عادوا إلى المشهد بكل قوة وكأن ثورة لم تقم ضدهم، هؤلاء يدعمون السيسى رئيسا بحماس لأنهم يعتبرونه إلى حد ما قريبا من نظام مبارك، وبالتالى- وفقا لمنطقهم- فإن الفريق السيسى إذا وصل للرئاسة سيترفق بهم، أما إذا جاء رئيس من خارج النظام فقد يفتح لهم الدفاتر القديمة ويطالبهم برد الأراضى والأموال التى نهبوها من الشعب، أو قد يحيلهم إلى المحاكمة ويلقى بهم فى السجون، النوع الثانى من مؤيدى السيسى منافقون محترفون يزمرون ويطبلون لكل رئيس، وهؤلاء يؤيدون السيسى اليوم ليقبضوا الثمن غدا وهم واثقون من عودة الاستبداد، ولذلك فهم يشاركون فى صناعة الديكتاتور الجديد حتى يكافئهم بالمزايا والمناصب.
النوع الثالث من مؤيدى السيسى بعض أصدقائى الناصريين الذين بلغ حبهم للزعيم العظيم عبدالناصر حدا جعلهم يتوقون إلى تكرار تجربته بأى طريقة. إنهم يحلمون بزعيم تاريخى ينحاز للفقراء ويتحدى الاستعمار ويعيد كرامتنا الوطنية، هذا الحلم الناصرى دفعهم من قبل بحسن نية إلى التورط فى تأييد طغاة سفاحين، مثل القذافى وصدام وحافظ الأسد. إنهم يبحثون عن عبدالناصر جديد فى كل مكان وبأى طريقة. هؤلاء- مع نبل مقاصدهم- أشبه بدون كيخوته فى رواية الأديب الإسبانى الكبير سرفانتس، الذى أراد أن يكون بطلا بأى طريقة، فحارب طواحين الهواء لأنه ظن أنها جيوش الأعداء. خداع النظر هذا يدفع بعض الناصريين إلى الحماس البالغ للفريق السيسى باعتباره خليفة عبدالناصر ويفوتهم هنا اعتباران مهمان: أولا أن عبدالناصر، على الرغم من عظمته وشجاعته وإخلاصه، عندما استبد بالحكم واستبدل الزعامة المطلقة بالنظام الديمقراطى انتهى إلى كارثة 67، التى مازلنا نعانى من آثارها، كما أن تجربته العظيمة انهارت بوفاته لأنه لم يترك نظاما يحافظ على منجزات الثورة، وثانيا أن عبدالناصر كانت توجهاته الاشتراكية المنحازة للفقراء واضحة منذ البداية، وهذا لا ينطبق على الفريق السيسى الذى لا نعرف حتى الآن إن كانت ميوله اشتراكية أم رأسمالية، ولا نعرف بالضبط موقفه من نظام مبارك الفاسد القمعى. على أن الفلول والمنافقين والناصريين الحالمين لا يشكلون أساس شعبية السيسى، التى تعتمد على تأييد المواطنين البسطاء الذين يرون فى الفريق السيسى بطلهم المنقذ الوحيد.
هؤلاء البسطاء فرحوا بخلع مبارك وتوقعوا خيرا كثيرا، لكنهم على مدى ثلاث سنوات عانوا من وقف الحال وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ترويعهم عن طريق انفلات أمنى متعمد ومذابح متعاقبة فى عهد المجلس العسكرى مع حملات تشهير إعلامية لتشويه الثورة جعلتهم يكرهونها، أو على الأقل يتشككون فى صدقها، ثم تولى الإخوان الحكم فازدادت الأمور سوءا، وأحس الناس بأن البلد قد وقع فى أيدى أفراد عصابة من الصعب استعادته منهم. حتى نزل الملايين للتخلص من الإخوان، فانحاز لهم السيسى وحمى إرادتهم ونفذها.
هذا الدور الذى قام به السيسى هو الذى صنع شعبيته وجعل مصريين كثيرين يريدونه رئيسا بغض النظر عن كفاءته أو توجهاته. إن المصريين الذين يحملون صور السيسى فى الشوارع لا يبحثون فى الحقيقة عن رئيس جمهورية، وإنما عن أب يحتضنهم ويوفر لهم الأمن بعد أن طالت معاناتهم. إنهم يريدون السيسى حتى لو استأنف سياسات مبارك، حتى لو ظلمهم أو حكم بقانون الطوارئ وأعاد الاعتقالات والتعذيب. سيتقبلون من السيسى كل ذلك تماما كما نتقبل من الأب كل ما يفعله من تجاوزات. كل ما يريدونه أن يوفر السيسى لهم الأمان وينتصر على الإرهاب، حتى لو عادت الأمور إلى سابق عهدها أيام مبارك سيقبلون.. هؤلاء لا يهمهم كيف يصل السيسى إلى السلطة، ولا تعنيهم نزاهة الانتخابات، المهم أن يحسوا بأن لديهم أبا جديدا قويا يحميهم ويسيطر عليهم ويوفر لهم الأمن. لا يمكن بالطبع أن نلوم المواطنين المذعورين الباحثين عن أب يحميهم. فقوى الثورة المضادة التى قادها المجلس العسكرى السابق وعصابة الإخوان التى سيطرت على السلطة، وأنصار الإخوان الذين ينفذون عمليات إرهابية لقتل الأبرياء كل يوم، كل هؤلاء قد وضعوا المصريين فى أوضاع أسوأ من الأوضاع التى ثاروا عليها فى عهد مبارك. القطاع العريض من مؤيدى السيسى إذن لا يبحثون عن رئيس، وإنما عن أب يحميهم من الأشرار، وهم يتعجلون وصوله إلى السلطة لدرجة جعلت أحد الناس الطيبين يقول فى التليفزيون:
- عاوزين السيسى يبقى رئيس حالا ومفيش داعى لتكاليف الانتخابات والدعاية والكلام ده..
هنا نجد أنفسنا فى معضلة، فالثورة المصرية قامت أساسا لإلغاء فكرة الرئيس الأب وإقامة دولة ديمقراطية يكون فيها الرئيس خادما للشعب. عشرون مليون مصرى هم الأكثر وعيا ونبلا وشجاعة، قاموا بثورة فى يناير 2011 ضد واحد من أسوأ الأنظمة القمعية فى العالم واستطاعوا إجبار مبارك على التنحى، ثم فرضوا محاكمته وسجنه على المجلس العسكرى.
إذا قرر السيسى الترشح سيكون فى الغالب رئيس مصر القادم، لكن طريقة وصوله إلى السلطة ستحدد شكل الدولة المصرية لعقود قادمة. إذا اقتنع الفريق السيسى بأن النظام الديمقراطى أهم من سلطة الزعيم المطلقة وسمح بانتخابات رئاسية نزيهة فإنه سيكتسب شرعية حقيقية داخل مصر وخارجها، وستتحول مصر من دولة استبدادية متخلفة إلى دولة ديمقراطية محترمة، أما إذا تولى الفريق السيسى الرئاسة عن طريق انتخابات صورية، كتلك التى حكم بها مبارك ثلاثين عاما، فإنه يكون قد أخطأ فى حق الشعب والثورة ودفع بمصر إلى ديكتاتورية جديدة سندفع جميعا ثمنها الباهظ كما دفعناه من قبل مرارا.
الديمقراطية هى الحل

Saturday, January 25, 2014

المجد لله فى الفضاء وعلى المريخ السلام! بقلم د. وسيم السيسى ٢٥/ ١/ ٢٠١٤


تواترات الأنباء أخيراً عن ظهور أطباق طائرة بالغردقة، وقد شاهدت فيديو لطبقين طائرين، كما سمعت شهقة المصور الإسبانى لدى رؤيته هذين الطبقين، وكانت صورهما فى منتهى الوضوح.
كما شاهدت حواراً مع وزير دفاع كندا السابق، يؤكد فيه أن ما وصلت إليه أمريكا من تقدم علمى تكنولوجى يعود لاتصالها بحضارات أخرى على كواكب مثل المريخ أو الزهرة!
ومنذ بضع سنوات صرح لورد كلانكترى «مجلس اللوردات البريطانى» قائلاً: آن للحكومة البريطانية مع الحكومة الأمريكية أن تكفا عن خداع شعبيهما، وتعلنا ما لديهما من أسرار بخصوص الأطباق الطائرة!
هناك بردية عن تحتمس الثالث محفوظة فى الفاتيكان تقول على لسان الملك: أخبرنى الكهنة أن سماء البلاد امتلأت بأجسام فضية لامعة، وكان ذلك فى فصل الشتاء فى السنة ٢٢ من حكمى.. أمرت بتسجيل هذه الظاهرة للأجيال القادمة!
السؤال هنا: هل هناك أدلة مادية physical evidence أو أدلة يصعب دحضها hard evidence؟
الإجابة نعم! فى دائرة المعارف البريطانية مجلد ١٨ صفحة ٨٥٥ حادثة البرازيل، وانفجار طبق طائر.. وكانت أشلاؤه مصنعة من مواد يصعب تصنيعها على كوكب الأرض! ألا وهى ماغنسيوم نقى جداً + سترونشيوم!
ويذكر لنا تيموثى جوود t.good فى كتابه «سرى للغاية» حادثة نيوميكسيكو ص ٣٦٨ وكيف وجدوا سبيكة لا وجود لها فى خرائط السبائك الأمريكية أو الاتحاد السوفيتى بعد مطاردة طبق طائر بواسطة ضابط المرور لوتى زامورا ورئيسه javes! هذه السبيكة المكونة من نسب معينة من الزنك والحديد ضد التآكل، وتستخدم الولايات المتحدة نفس النسب لعمل سبائك لتروس الهبوط فى مكوك الفضاء التى كانت تتآكل من قبل!
هناك قانون فى أمريكا يعطى المواطن الحق فى الحصول على أى معلومات مادامت لا تؤثر على سلامة الولايات المتحدة.. هذا القانون اسمه F.O.I.A وهى الحروف الأولى لى:FREEDOM OF INFORMATION ACT رفع المحامى PETER GERESTEN قضية ضد وكالة الأمن القومى الأمريكية طالباً أن تعلن ما لديها من أسرار بخصوص الأطباق الطائرة، ورقم القضية: ٥U.S CODE-Section٥٥٢b١.
اعترف رئيس الوكالة واسمه Evgine YATES بأن لديه ٢٣٩ وثيقة عن الأطباق الطائرة! لا يستطيع الإفصاح إلا عن بعضها للقاضية GESELL، وكان حكم المحكمة: الوثائق فى مجملها، إذا أتيحت للجمهور تضر بمصالح الولايات المتحدة ضرراً بالغاً «ABOVE top secret page ٤١٣».
يذكر لنا التاريخ.. مركبة حزقيال فى العهد القديم، حادثة شارلمان «القرن ٩»، حادثة أيرلندا ١٢١١م، إعدام كاهن وظهور طبق طائر ١٢٧١ فى إنجلترا، وكلنا يذكر حادثة إيران ١٩٧٩ وكيف شاهد آلاف الإيرانيين ١١ صباحاً طبقاً طائراً ضخماً، كما شاهده وزير الدفاع، وأرسل له ميج ٢١، ثم ميج ٢٣، وكاد الثانى يلقى حتفه، وكيف تعطلت الكاميرا، وصاروخ جو-جو AIM٩ لأنه تعرض لمجال كهرومغناطيسى قوى، وتفاصيل هذه الحادثة فى كتاب آرثر كلارك.. عالم ملىء بالأسرار MYSTERIOUS.
هل نحن وحدنا فى هذا الكون؟ قال كارتر: إذا أصبحت رئيساً سأعلن أسرار الأطباق الطائرة لأنى شاهدت واحداً منها! ولم يعلن شيئاً بعد ذلك، أدميرال هيلن كونز رئيس الـCIA السابق أعلن أمام الكونجرس: الأطباق الطائرة حقيقة، وآن للحقيقة أن تعلن ١٩٦١!
يقول أندرسون: الجديد يمر بثلاث مراحل: ١ - مش ممكن. ٢ - مش معقول. ٣ - إحنا عارفين كده من زمان!

Friday, January 24, 2014

توتة توتة.. تبتدى الحدوتة بقلم إسعاد يونس ٢٤/ ١/ ٢٠١٤

■ - تيته.. تيته.. تيته.. تيته.. تيته..
■ = نعم.. نعم.. نعم.. نعم.. هار أزرق.. مالك يا واد طالع زنان لامك كده.. عايز إيه؟
■ - مش حاتحكيلى عن النضال؟؟..
■ = نضال مين يا عين أمك؟؟..
■ - نضالك يا تيته فى الثورة..
■ = نيهين فيهم يا غالى؟؟..
■ - اللى خلعتوا فيها الرئيس؟؟..
■ = نهوون فيهم يا ضنايا؟؟..
■ - يووووه.. إنتى مش كنتى بتنزلى تناضلى فى كل مرة؟؟..
■ = دى أمك يا حبيبى.. أنا كنت بلطم م البيت بس.. ماتقعدش على حجرى عشان الهشاشة يسترك.. لسه عضمة الحوض اللى مركباها ما اتزيتتش.. يهده الإرهاب..
■ - هو إنتى عندك حوض جويكى غير اللى فى المطبخ؟؟..
■ = آه يا حبيبى.. من يوم ما البعدا كانوا محتلين الشارع حوالين مسجد رابعة وقاعدين يزروطوا فى كل حتة بمنتهى البجاحة كده.. يوم ما كنت رايحة أجيب الدوا م الأجزخانة واتزحلقت ف اسم الله على مقامك الكاكا بتاعتهم فحوضى اتكسر.. شالوه وركبولى واحد صناعى..
■ - ستانليستيل؟؟.. هع هع هع
■ = يا خفافة أهلك.. أيوه ستانليستيل.. عايز إيه بقى؟؟..
■ - إحكيلى طيب حصل إيه فى الثورة ولّا الثورتين.. ده بكره العيد بتاعها..
■ = طب قزقز اللب بعيد عن عينى.. أنا عاملة عمليتين ميه بيضا وميه زرقا.. مش طالبة ميه حمرا كمان.. يهده الإرهاب.. كانوا حايعمونى ولاد الصرمة بالمولوتوف بتاعهم.. والمسيل للدموع بتاع الشرطة.. والنبى الشرطة دى مفترية.. قال كانوا بيرموا عليهم مسيل للدموع قوم إحنا اللى نتعمى.. إنما هما ولا بيحوق فيهم.. كان عندهم مناعة ذاتية من الغاز الطبيعى اللى كانوا بينتجوه بغزارة..
■ - طب إحكى بقى.. زهقتينى..
■ = تصدق يا واد يا مشمش.. أنا كنت خايفة م اللحظة دى بقالى تلات سنين.. قلت الواد حفيدى اللمض ده مسيره يوم ييجى يسألنى عن تجربتى الذاتية إبان الثورة..
■ - إبان مين؟؟.. إنتى حاتبتدى بقى تتكلمى اللغة المكعورة بتاعة السياسيين اللى محدش بيفهمها؟؟..
■ = إتلهى بس.. إمبارح قلت ف عقل بالى.. طب إيه العمل لو الواد سألك.. حاولت أجمع ف دماغى اللى حصل من أول يوم لحد إمبارح.. لقيت حاجات كتير قوى بتمر زى الشريط كده قدام عينى.. فيلم يا بنى هندى طويل.. المناظر فيه شبه بعض.. لكن كأن شريط الصوت اتقطع.. أقول لنفسى يا ريتنى سجلت الكلام ده بالكتابة.. ماهو فيه ضرب وقتل كتير.. الأول كان فيه قاتل ومقتول.. لكن بعد شوية اتضح إن المقتول كان هو القاتل..
■ - يوووووه.. قلبنا على مسلسل شمس الأنصارى..
■ = آه والله يا مشمش.. شوف.. إحنا.. الناس اللى زيى يعنى.. كنا قاعدين فى حالنا لا بينا ولا علينا.. بنشتكى سوء الحال ونبرطم ونتخانق من إن البلد ماشية بالمقلوب.. والفساد مغرقها من ساسها لراسها.. وكانت الناس ابتدت تطلع من هدومها بسبب الفقر والجهل والمحسوبية وكده يعنى.. والعيال بتوع الحركات والأحزاب كل شوية ينزلوا يقفوا عند سلالم نقابة الصحفيين يهللوا شوية ويكنسوهم بخراطيم الميه وخلصنا.. وكنت أبقى ساعات معدية من هناك رايحة أقضى مصلحة وسط البلد فأقف أهتف معاهم وأزعق ولو البوليس جه يبهدلهم أرقع بالصوت وأقول أنا ست كبيرة وأقوم مخبية عيلين تلاتة ورايا ومهرباهم.. وحبة اعتصامات فئوية هنا وهناك عشان العلاوات وبتاع.. قوم يا سيدى واحد بياع متجول فى تونس كده قعد يعترض يعترض.. لما ما حدش سمعله راح حارق نفسه فى الشارع.. قوم راحت الثورة قايمة عندهم.. قعدنا نهلل فرحانين قوى إنهم قال طلعوا دكره يعنى وقلبوا الجدع الرئيس بتاعهم.. هوب كنيسة اتحرقت عندنا فى إسكندرية.. وواد من إسكندرية برضه افتروا فيه المخبرين وبلعوه لُفافة بانجو..
■ - إيه لفافة البانجو دى؟؟..
■ = يعنى سايب كل الكلام المجعلص اللى قلته ومسكت ف دى؟؟.. جيل يغُم..
■ - أنا عارف البانجو.. بس مش عارف اللُفافة..
■ = عوض عليا عوض الصابرين يا رب.. المهم.. العيال نزلت يوم خمسة وعشرين.. قعدنا نتابعهم فى التليفزيون والبتاع المنيل اللى أمك مكبية عليه ليل ونهار..
■ - الإنستجرام ولّا اللينكد إن؟؟..
■ = بس ياله.. أنا ما صدقت أحفض إنه فيسبوك.. حاتجيبلى أسامى تانية؟؟.. جاك فيروس لما ياكل فى هاردك.. لحد يوم تمانية وعشرين كان الكلام فى الإصلاح والزعببة وخلاص.. فى اليوم ده ناس كتير نزلت بقى.. قوم لأول مرة العيال تقول الشعب يريد إسقاط النظام.. أنا هنا وقفت بقى.. بقيت أسأل نفسى يسقط يروح فين.. هو منيل بنيلة آه لكن اللى عايز حد يسقط يبقى مجهز حد يطلع.. أمك أيامها اتزعررت قوى وتقوللى الثورة مالهاش قائد.. لكن الشباب الثورى عنده كل الحلول..
■ - فانتى كنتى كنبة بقى يا تيتة؟؟..
■ = اسم الله عليك.. كنبة مش يعنى تخينة وتقيلة وغبية.. ولا زى ما كانوا بيقولوا علينا فلول وخونة.. كنبة يعنى ناس حريصة وبتحسب الحركة قبل ما تتهور وتعملها.. كنبة يعنى خبرة السنين اللى تخلينا نشم ريحة مش كويسة فى الجو.. ونشوف حاجات ما يشوفهاش الشباب الصغير المندفع اللى زيك اللى حاقوم أبططه عشان بيتف القشر فى الأرض.. وكنبة برضه يعنى العين اللى تلمح الركب الملخلخة بتاعة العواجيز لما يتخضوا من أى تغيير فيبتدوا يهرتلوا وياخدوا قرارات زى وشهم.. أخدت خطوة لورا وسبت أمك تنزل تكارك هى.. ونتخانق مرة تغلبنى ومرة أغلبها.. وف كل مرة كانت البلد تحتاجلنا إحنا الاتنين أقوم واخدة نفسى ونازلة معاها.. وفى الميدان نقف إحنا الاتنين كتلة واحدة ما تعرفش مين فينا أم التانية..
■ - الظاهر الحكاية حتاخد حلقات وأنا ورايا ماتش.. لخصى يا تيتة وتبقى تكمليلى الحدوتة كل يوم شوية..
■ = الملخص يا ضنايا.. إن البلد دى كانت عايزة نفضة زى ما بننفض السجادة فى البلكونة.. عشان هى تنضف وترجع تبرق.. وإحنا نعرف مقامها.. ما هو مين اللى وسخها؟؟.. اللى ماشيين فوقيها.. يمكن هبت ريح فى النص كانت حاتطيرها خالص.. ماهى طيرت سجاجيد تانية ف بلكونات الجيران وما نابهم غير إنهم دخلوا بيوتهم قعدوا عالبلاط.. لكن إحنا لأن سجادتنا فخيمة وأثرية ومغزولة بخيوط دهب معرفتش الريح تطيرها.. ربك الكريم صانها لجل ماهى غالية عليه.. وإدانا إحنا كمان ضربتين م المنفضة لجل مانفوق ونعرف حانروح فين بعد كده.. شلنا مين وحطينا مين.. مين ضحك علينا ومين نصب ومين رعبنا وقتل عيالنا.. مين اتجسس ومين خان ومين باع الأرض.. مين جتله لوثة ف عقله لما فلتت منه النهيبة.. حكايات اتكتبت على ضهرنا وعلمت، لكن بالرغم من كده كل يوم بنعرف حتة منها تشيب الكتكوت.. حكايات حاتبقى ألف ليلة وليلة جنبها ميكى ماوس..
■ - طب بكره حايحصل إيه يا تيتة؟؟..
■ = بكره اللى هو بكره.. يمكن تهب زعابيب متربة شايلة معاها كناسة الأيام اللى فاتت.. بس ساعتها بقى مش حاتلاقينى أنا وأمك مختلفين.. برضه حاننزل لازقين فى بعض.. ونصد ونزيح عشان نكنس على نضافة..
■ - وبكره اللى هو مش بكره؟؟..
■ = بكره بتاع العُمر؟؟.. ما يعلم الغيب إلا الله.. لكن اختياراتنا بتساعد.. ربنا سايبلنا مساحة لمخنا يا نختار بيه هنانا يا نختار شقانا.. انزل روح الماتش بتاعك.. ولما ترجع يمكن أقولك.. بالسلامة يا حبة عينى.. اقفل الباب عدل لا قطة السلم تخش..
■ = آلو.. إزيك يا حبيبى.. آه.. وحشتنى والنبى.. ربنا يكون فى عونكوا يا حبيبى وينصركوا بكره وكل يوم بحق جاه النبى.. إنت عنده؟؟.. سلملى عليه قوى قوى.. قوله تيته صابرة بتدعيلك مع كل رمشة عين.. والنبى يا حبيبى تميل عليه كده وتوشوشه.. قوله تيته بتقولك تكمل الحكاية للواد إزاى؟؟.. تقوله بكره اللى هو بتاع العُمر حايكون عنوان شقانا ولّا هنانا؟؟..