Translate

Wednesday, November 30, 2016

صاحبة السعادة | نادى السينما 1 | موسيقى خلدت ذكرى الافلام | الحلقة الك...

Tuesday, November 29, 2016

د. عماد جاد - جماعة ضد شعب - جريدة الوطن - 30/11/2016

تتلاحق خيبات الجماعة الإرهابية، فبعد أيام قليلة على الخيبة التى منيت بها الجماعة نتيجة مرور اليوم الذى حددته للثورة المزعومة التى ستعيدهم للحكم فى مصر، يوم الحادى عشر من نوفمبر الحالى، لم تخف الجماعة تمنياتها بهزيمة مصر فى كرة القدم أمام غانا فى التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، حيث فازت مصر، ثم عاد الرهان القديم الذى لم تتوقف الجماعة عن التخطيط له، وهو الدفع باتجاه إثارة فتنة دينية فى مصر، تارة عبر استغلال حوادث عادية، مثل مصرع مواطن فى قسم شرطة أو شجار بين طرفين وغيرها من تفاعلات الحياة اليومية بين ملايين المواطنين، وتارة ثانية بترتيب أحداث ووقائع يترتب عليها اعتداء على مصريين أقباط وعادة عبر استخدام رجالهم أو رفاقهم من التيار السلفى فى بث شائعات بشأن علاقة مشبوهة بين مواطن مصرى مسيحى ومواطنة مصرية مسلمة، لا سيما فى المناطق القابلة للالتهاب والاشتعال بفعل شائعات من هذا النوع، أو بث أخبار عن نية المواطنين الأقباط فى منطقة ما اتخاذ منزل للصلاة أو تحويله إلى كنيسة، فبث أخبار من هذا النوع كفيل بتعرض المنطقة محل الخبر أو الشائعة للحرق والتدمير وإلى جوارها عدد من منازل الأقباط فى المنطقة، وهى الوقائع التى تتم فى محافظات المنيا وأسيوط ومؤخراً سوهاج إضافة إلى منطقة العامرية فى الإسكندرية. ومؤخراً سعت الجماعة لتوظيف واقعة مجدى مكين، والاعتداء على أقباط قرية «النغاميش» بمحافظة سوهاج، ولكن ظنهم خاب تماماً لحكمة وصرامة محافظ سوهاج الدكتور أيمن عبدالمنعم الذى أسرع باحتواء الموقف، وأصر على تطبيق القانون مقدماً نموذجاً لدور المحافظ فى وأد الفتن فى مهدها.
هذه الجماعة الإرهابية سرعان ما احتفت بالفيلم الهابط الذى أعدته قناة الجزيرة القطرية لتشويه صورة الجيش المصرى، احتفت بالفيلم وأخذت تروج له، وهو الفيلم الذى يتسق مع قناعات الجماعة الفكرية التى تؤمن بفكرة الخلافة، ولا قيمة لوطن أو إقرار برابطة وطنية، قناعات ترى فى الوطن المقدس عبارة عن «حفنة من التراب العفن».
يواصل أنصار الجماعة مواصلة عزليات الانتقام من المصريين عبر وضع قنابل بدائية الصنع فى مناطق حيوية ومرافق للدولة لقتل أكبر عدد من المصريين، بدأت تنفذ سياسة الانتقام من المصريين على المشاع، من قبيل ذلك سكب الزيوت على الطرق، وفى مطالع ومنازل الكبارى بهدف إيقاع حوادث بين السيارات، ليس لدى الجماعة اليوم مشروع، ولم يعد لديها سوى الانتقام من المصريين.
ترافق كل ذلك مع توجيه الجماعات التكفيرية والمنشقة عن تنظيم القاعدة لتهديد مصر والمصريين عبر إطلاق تصريحات، ودس بيانات تقول بأن عناصر هذه التنظيمات قد وصلت إلى مصر وأنها بصدد تكرار المشاهد العراقية والسورية على الأراضى المصرية، وظهر ما سمى نفسه تنظيم «كتائب حلوان» وغيرها مثل خلايا عرب شركس، مطروح وغيرها من المجموعات التى دفعت بها لتلقى التدريب على استخدام السلاح فى ليبيا وسوريا وغيرهما، وهى الخلايا التى تم تفكيك العديد منها والقبض على أفرادها.
وسط هذه الأجواء هناك من سرّب أخباراً تقول إن جهوداً تجرى لإبرام مصالحة بين الدولة والجماعة، وهو ما أثار حالة من الغضب فى الشارع المصرى، وطرحت عشرات التساؤلات حول حقيقة ما يجرى وهل هناك جهود مصالحة بالفعل؟ المؤكد أن الشعب المصرى لن يسامح من يتحدث عن مصالحة مع جماعة إرهابية حاربت مصر والمصريين وتحرض ضد البلد ليل نهار، فالجماعة ضد الشعب، والشعب قادر على التصدى لها ولأنصارها، ولا مكان للحديث عن مصالحة ومن يتحدث عن ذلك سيخسر التأييد الشعبى، فنحن أمام جماعة جزء من تنظيم دولى يقدم مصالح التنظيم على مصالح الدول والأوطان، ولم تتمكن من وطن إلا وشاركت فى تدميره، فهل هناك من يتحدث عن مصالحة بعد كل ذلك؟

خالد منتصر - يا سيادة الرئيس.. وزير طيرانك يحارب السياحة!! - جريدة الوطن - 30/11/2016

وصلت إلى قناعة شبه مؤكدة أن هناك وزراء فى حكومة المهندس شريف إسماعيل عملهم الوحيد وحرفتهم المتفردة ومهارتهم الجوهرية هى فى دق مسامير فى نعش النظام وتجهيز أسافين ذات غراء متين له وشد جسد الدولة بين حصانين كل منهما يجرى فى اتجاه مضاد للآخر، من هؤلاء وزير الطيران المدنى الذى وضع مصر فى وضع مخجل وموقف مُخزٍ، هذا الوزير جعل سمعتنا الدولية فى الحضيض فى وقت تعانى فيه السياحة من شلل رباعى وبات فيه السائح الأجنبى كالغول والعنقاء والخل الوفى!!
مهرجان للبالون الدولى فى الأقصر كان سيُعقد من 9 إلى 16 ديسمبر وسيحضره كبار أبطال ومشاهير العالم من كل أنحاء الدنيا، بعد أن شحن هؤلاء الأجانب بالوناتهم وحُجزت لهم الفنادق، وفرح أهل الأقصر واستعدوا وأقاموا الليالى الملاح منتظرين الفرج وفتح أبواب الرزق والأمل بعد طول جفاف وكفاف وضنك، يأتى وزير الطيران، وبكل لا مبالاة وتعسف، ليشطب على جهد نادى الطيران المصرى الذى يحضّر لهذا الحدث منذ عام كامل، ورئيسه المهندس محمد سمير عبدالرؤوف الذى كان يواصل الليل بالنهار فى مراسلات وتجهيزات واتفاقيات ورحلات للأقصر.
وبالطبع كرر الوزير نفس الأسطوانة المشروخة المحفوظة الممجوجة وهى عدم توافر معايير السلامة الجوية، وبالطبع مثل هذا الكلام لا يقنع طفلاً ولا يصمد أمام خمس دقائق من المناقشة الجادة، كلام ينتمى إلى عالم الشماعات الوزارية التى من المفروض أن تدخل إلى متحف التاريخ. معايير السلامة الجوية، يا معالى الوزير، مرتبطة بنوع المعدّة وصلاحيتها وسريان رخصة قائدها، وكل ذلك متوافر ويحق لكافة الجهات المعنية التفتيش عليه للتأكد من صلاحيته قبل الإقلاع، فهل حضرتك فتشت قبل أن تؤجل المهرجان وتحكم عليه بالإعدام؟! هل تأكدت من توافر معايير السلامة وكلفت نفسك أو مرؤوسيك بذلك؟! للأسف لم تفعل، ولكنك علّقت رقبة المهرجان فى المقصلة رغبة فى إثبات أنك الأعلى المقدس فى سماء الوزارة! والسؤال: هل معاليك أحرص على الوطن من قواته المسلحة والجهات السيادية التى منحت الموافقات للمهرجان؟! هل وزير السياحة الذى يجلس إلى جانبك فى جلسات الحكومة والذى رعى المهرجان لا يملك الحس الوطنى الذى نقح على حضرتك وجعلك تصرخ: «واوزارتاه» هذا المهرجان على جثتى؟! هل محافظ الأقصر من هواياته المحببة الانتحار السياسى حتى يوافق ويرعى مهرجاناً ليست فيه معايير السلامة الوهمية التى اخترعتها حضرتك؟! هل الألمانى ماتيوس رنييه، المصنف الثانى عالمياً بالاتحاد الدولى الذى وافق على أن يكون مديراً للمهرجان، هل هو رجل معتوه وصل إلى درجة التضحية بسمعته الدولية فى مهرجان يدعو الناس لمهرجان هاراكيرى انتحارى عالمى حسب توصيف سيادتك عندما شطبت بقلم فاشى أحمر لتهدر مجهود مواطنين مخلصين محبين لمصر بجد يريدون الرفعة لوطنهم وتسويقه سياحياً وعودته للريادة، ولكن كم من أبنائك يا مصر يكرهونك ويتعاملون معك كمحطة ترانزيت وليس كمكان ميلاد وحضن أمان وعبق تاريخ وحلم مستقبل؟

لماذا تيران وصنافير مصرية ١٠٠/١٠٠ بقلم د. محمد أبوالغار ٢٩/ ١١/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

علمت أن بعض الشخصيات المصرية ومنهم السيدة جيهان السادات قالوا فى التليفزيون إن تيران وصنافير سعوديتان! التاريخ كفيل بمن يقولون ذلك لإرضاء حكام مصر أو السعودية. أما من يعتقدون أن ذلك حق فأرجوهم قراءة هذا المقال ليعرفوا الحقيقة.
أولاً: الرئيس ليس من حقه أن يتنازل عن الجزر لأنه بذلك يخالف نصاً دستورياً صريحاً. الرئيس له احترامه وتقديره، وبقاؤه فى منصبه الذى انتخبه الشعب من أجله أمر حتمى، نحن نريد أن نساعده، ولكن ليس معنى ذلك أن يفعل ما بدا له. عليه أن يستمع ويعرف أن خبراءه الحاليين ليسوا على مستوى الكفاءة المطلوبة.
ثانياً: الشارع المصرى يرفض التنازل عن الجزر ولكن هناك مؤيدين لنقل الجزر وهم موظفو الدولة والوزراء لأنهم عبد المأمور، ومجموعة إعلام السيسى، ومن يطلق عليهم بالسيساوية وهم مصريون وطنيون ويؤمنون بأن كل ما يقوله السيسى صحيح. لهذا الفصيل أبعث بهذه الرسالة.
ثالثاً: موظفو الحكومة فشلوا فى إثبات أن الجزيرتين سعوديتان، وقامت مجموعة من شباب مصر بالتنقيب فى دور الوثائق الغربية والأمم المتحدة وحصلوا على جميع الوثائق المصرية المكتوبة بالعربية والأجنبية التى تثبت أن الجزر مصرية.
النتيجة هى وثائق كاملة دامغة مرتبة ومنظمة بطريقة علمية وثائقية دفع بها إلى المحامين والنتيجة حكم المحكمة بمصرية الجزر.
لماذا الجزر مصرية؟
■ الاتفاق مع السعودية باطل، لأنه يخالف نص المادة (١٥١) من الدستور كما يخالف كل الوثائق التى تثبت أن الجزيرتين جزء من مصر وخاضعتان لسيادتها. فقد صدر قرار سنة ١٩٨٣ بإنشاء محمية طبيعية فى الجزيرتين وقرار وزير الداخلية لسنة ١٩٨٢ بإنشاء نقطة شرطة فى جزيرة تيران.
■ المرسوم الملكى فى ١٩٥١ والقرار الجمهورى بتاريخ ١٩٥٨ وقرار رئيس الجمهورية لسنة ١٩٨٣، بأن الجزر مصرية، ووجود الجيش المصرى فى الجزيرتين فى عامى ١٩٥٦ و١٩٦٧ وأن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل نصت على أن تضمن مصر حرية الملاحة فى مضيق تيران، وعلى ضفتيه أراض مصرية، وقرار وزير الزراعة ١٩٨٢ بحظر صيد الطيور والحيوانات فى منطقة جزيرة تيران، وإنشاء سجل مدنى لجزيرة تيران. وقرار رئيس الجمهورية سنة ١٩٩٠ بالموافقة على مشروع المجموعة الأوروبية لتمويل مشروع محمية رأس محمد وجزيرتى تيران وصنافير.
■ كتب جورج أوغست فالين فى ١٨٥٠ كتاباً يثبت أن تيران وصنافير مصريتان، وكتاب وزارة المالية المصرية عام ١٩٤٥ وتضمن خريطة تيران كجزء من الأراضى المصرية وتحدد موقعها من حيث خط الطول والعرض. وأطلس ابتدائى فى المدارس المصرية طبع بمصلحة المساحة سنة ١٩٢٢ و١٩٣٧ وتضمن الجزيرتين باعتبارهما جزءا من مصر.
■ الأطلس التاريخى للمملكة العربية السعودية إعداد وتنفيذ دار الملك عبدالعزيز التى كان يرأسها الأمير سلمان بن عبدالعزيز طبعة سنة ١٤٢١ هجرية- ٢٠٠٠ ميلادية ولم يتضمن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الجزر التابعة للمملكة العربية السعودية والتى أورد الأطلس حصراً لها.
■ كتاب نعوم بك شقير عام ١٩١٦ والخريطة المرفقة به والتى أثبتت مصرية تيران وصنافير.
■ أطلس جامعة كمبريدج سنة ١٩٤٠ وتضمنت صفحة (٣٢) أن جزيرة تيران تتبع مصر.
■ كما طبقت على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى ٢ إبريل سنة ١٨٨٤.
■ ولم تتضمن الاتفاقية ١٩٠٦ لترسيم الحدود مع فلسطين أى نص يترتب عليه خروج جزيرتى تيران وصنافير من الحدود المصرية، كما أن الجزيرتين تقعان عند مدخل خليج العقبة بعيداً عن المنطقة التى ورد الاتفاق بشأنها.
■ أمر العمليات رقم ١٣٨ الصادر من وزارة الحربية والبحرية المصرية بتاريخ ١٩٥٠/١/١٩ إلى السفينة مطروح خاص بتوصيل قوة عسكرية إلى جزيرة تيران وإنشاء محطة إشارات بحرية بالجزيرة وهو ما يثبت وجود القوات المصرية على جزيرتى تيران وصنافير.
■ خرائط القطر المصرى لسنة ١٩٣٧ قد بنيت على أن جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة ضمن الأراضى المصرية.
■ كتاب وزارة المالية سنة ١٩٤٥ باسم مسح لمصر- سجل بأسماء الأماكن المصرية- اسم تيران فى صفحة ٤٦.
■ وصدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٥٦ متضمناً مطالبة إسرائيل بالانسحاب، وانسحبت إسرائيل فى بداية عام ١٩٥٧ من الأراضى المصرية التى احتلتها، ومعلوم أن عدوان ١٩٥٦ وقع على الأراضى المصرية دون غيرها من الدول العربية.
■ جزيرتا تيران وصنافير تقعان ضمن المنطقة (ج) فى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
■ ومن واجبات مصر فى اتفاقية السلام أن تكفل سلامة وحسن نظام المرور فى المضيق، وأن الأرض التى تقع على جانبيه سواء فى سيناء أو فى جزيرة تيران هى أرض مصرية خاضعة لسيادة مصر.
■ أطلس مصر بوزارة الدفاع عام ٢٠٠٧ خريطة سيناء وتضمن أن جزيرتى تيران وصنافير ضمن حدود الدولة المصرية.
حكمت المحكمة بملكية مصر للجزيرتين لأن هناك عشرات من الإثباتات الواضحة بما لا يدع مجالاً للشك أن الجزيرتين مصريتان وأن آلاف المصريين زاروا الجزيرتين ومئات الجنود حاربوا دفاعاً عنهما. الجزيرتان لم يزرهما سعودى واحد فى أى زمان ولا علاقة لهما بالسعودية من قريب أو بعيد. المشكلة أن مصر فى حالة تردٍ وضعف اقتصادى وتضخم سكانى والسعودية تريد أن تكسب أرضاً من مصر بدون أى مبرر.
الجزر مصرية وستبقى مصرية لأن العدل والحق والتاريخ والجغرافيا يقولون ذلك..
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

د. عماد جاد - قطر.. التغيير المستحيل - جريدة الوطن - 29/11/2016

قطر حالة استثنائية فى الخليج العربى، دويلة صغيرة غنية بالغاز الطبيعى، قرّرت التمرّد على الموقع، المكانة والدور وأيضاً الحجم، قررت استغلال واقع التناقض فى الثقافة العربية فوزّعت الأدوار ما بين استضافة قاعدتين عسكريتين أمريكيتين (السيلية والعيديد)، وبين تبنى خطين قومى وإسلامى، ممثلاً فى قناة «الجزيرة»، التى فتحت أبوابها أمام التيارين القومى والإسلامى مقابل مكافآت مالية سخيّة. التمرّد على الموقع والمكانة تمثّل فى تحويل قطر لدولة المتناقضات، حيث سعى حميم لاقتناء كل ما هو غالٍ ونفيس فى العالم من لوحات إلى أحجار كريمة، مروراً بتجنيس أبطال من شرق ووسط أوروبا، ليحصلوا للدوحة على ميداليات أولمبية. التمرّد على المكانة والدور تمثّل فى مناطحة كبار المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك عبر نسج علاقات قوية مع دول الجوار غير العربية، وهى تركيا وإسرائيل وإيران.
ومع بدء ما سُمّى بالربيع العربى، لعبت قطر دوراً محورياً فى التمهيد لهذه الموجة ودعمها عبر المراكز التى أنشأتها خصيصاً ومن خلال شبكة قنوات «الجزيرة»، كما لعبت دوراً تمويلياً كبيراً عبر تمويل الأفراد والجماعات والحركات التى استُخدمت فى هدم نظم الحكم، وتحديداً فى تونس ومصر وسوريا وليبيا. وبمرور الوقت تكشّفت أبعاد المخطط الخاص بنشر الفوضى فى المنطقة وهدم نظم الحكم القائمة، تمهيداً لتفتيت الكيانات الكبيرة، وبرز على نحو جلى الدور القطرى فى التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين، وكانت المشاهد فى مصر مثيرة للاستفزاز بعد وصول الجماعة إلى السلطة، فقد فُتحت الأبواب أمام قطر على مصراعيها، وبدأت قطر تطرح مشروعات كتأجير الآثار المصرية والسيطرة على محور قناة السويس لاعتبارات استراتيجية، وأيضاً لضرب مناطق التنمية فى الإمارات وتدمير تجربة «جبل على».
وفى الوقت نفسه لعبت قطر دور بوابة عبور أسرار مصرية خطيرة كانت محفوظة فى رئاسة الجمهورية وقبض مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة ثمن بيعها لقطر التى قامت بدورها بنقلها إلى أطراف أخرى، وهى أسرار خاصة بخُطط تسليح الجيش ومكونات الأمن القومى وتقديرات استراتيجية مصرية، وهى قضية ضمن القضايا التى يُحاكَم بسببها محمد مرسى.
وعندما أطاح الشعب المصرى بحكم المرشد والجماعة فى ثورة ٣٠ يونيو، تحولت «الدوحة» إلى معقل لقيادات وكوادر الجماعة، واتخذوا من قناة «الجزيرة» منصة للهجوم على مصر وتشويه ثورتها، بعدها بدأ الإعلام المصرى يرد وبقوة على الدور القطرى، وهنا تدخّلت عائلات حاكمة فى الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، طالبة من مصر التهدئة وعدم الرد على قطر، لمساعدة الأمير الجديد على ترتيب أوضاعه، قالوا إن سياسة العداء لمصر والتمرّد على الدور والمكانة والارتماء فى أحضان الأمريكان والإسرائيليين إنما هى سياسة الأب وليس الابن، وإن الأخير ورث أوضاعاً صعبة للغاية، وطلبوا منح الأمير الجديد الصغير فرصة لترتيب الأوضاع واستكمال التغيير فى أركان الحكم وتمكينه من إبعاد من تبقى من شلة الأمير الأب، وتحديداً حمد بن جاسم، رئيس الوزراء السابق. بذل قادة السعودية والإمارات جهداً هائلاً مع الأمير الجديد ومنحوه الفرصة تلو الفرصة لترتيب الأوضاع، صدّقوه جرياً على أعراف وتقاليد البدو، ثم اكتشفوا فى النهاية أن الأمير الجديد لا يختلف عن القديم فى شىء، وأن التغيير كان شكلياً، فقد استمرت السياسات نفسها والارتباطات الإقليمية والدولية ذاتها، وتواصلت السياسات العدائية نفسها، بل إن العداء امتد ليشمل السعودية والإمارات، حيث اكتشفت «الرياض» أن «الدوحة» ضالعة فى مؤامرة محاولة اغتيال العاهل السعودى، وأنها تُنسّق مع أجهزة استخبارات عالمية من أجل قلب نظام الحكم فى السعودية، واكتشفت «أبوظبى» الدور الذى تقوم به «الدوحة» فى دعم مخططات الإخوان لقلب نظام الحكم فى الإمارات العربية المتحدة، وهكذا فى الوقت الذى كانت فيه «الرياض» و«أبوظبى» تبذلان جهودهما المخلصة لإنقاذ «الدوحة» من شرور سياساتها، كانت الأخيرة تُخطط لقلب نظم الحكم فى دول الخليج العربية، من هنا كان الغضب شديداً والسخط كبيراً، فكان قرار سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر، والتهديد بتصعيد الموقف، وفرض عقوبات إضافية يمكن أن تصل إلى تجميد عضوية قطر فى مجلس التعاون لدول الخليج، وربما طردها فى مرحلة لاحقة، فقد تأكدت الدول الكبيرة فى مجلس التعاون الخليجى أن التغيير فى قطر شكلى وأن التغيير الحقيقى بات مستحيلاً، فقطر اختارت التمرد على البيئة والمكانة والدور، وتحولت بقرار إرادى إلى دولة منبوذة فى المنطقة، وتقديرى أنه مع تقلد الإدارة الأمريكية الجديدة فى العشرين من يناير المقبل، ستطرأ تغييرات كبيرة فى المنطقة بعد أن يُرفع الغطاء عن عواصم كثيرة فى المنطقة، وتبدأ سياسات جديدة تتعامل مع اعتبارات المكانة والدور والموقع، وعندها ستعود قطر دويلة قزمية تبحث عن الحماية، دون أن تجدها، بعد أن مزّقت جميع الروابط مع دور الجوار العربى، بل وما وراء الجوار، وصولاً إلى مصر وسوريا وليبيا وغيرها.

Monday, November 28, 2016

خاتم «أوزار» الدولة..؟! بقلم د. مصطفى حجازى ٢٨/ ١١/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

ما هى الدولة..؟! التى يَحتَكِرُ الحديثَ باسمها البَعضُ.. والتى يَختَطِفُ تعريفَها البَعضُ.. والتى يَطمَحُ فى حُنوها البَعض.. والتى يَقُتلُ من أجلِها البَعضُ.. والتى يَهَبُ الروحَ - طائعاً شهيداً - دونها البَعضُ … والتى يتاجر بها البَعضُ.. ويتاجر فيها البَعضُ..؟!
هل هى مؤسسةٌ تُجَسِّد السطوة والتَسَيُّد..؟!
هل هى مؤسسة خَيِّرةٌ - من أصحاب الدثور - تعطى من فضل مالها لبشرِ عالة ساقهم القدر ليكونوا من رعاياها..؟!
هل هى إقطاعيات مماليك.. تجبى من رعية ليس لهم إلا حق الإسرار بالشكوى..؟!
هل هى أوهام العلو فى الأرض وجموح طموح الاستئثار بالمجد..
هل هى هبة أو رهينة أو غنيمة رجل واحد.. أسرة واحدة.. جماعة واحدة.. عُصبَة واحدة..؟!
هل هى «الإقليم والشعب ونظام الحكم».. وثائق تُقِرُّ بواقع وجودها.. مراسم وشعارات ومناسبات.. ترنم من أجل وجه شاحب مترهل.. لا يتفاعل مع الحياة ولا يضيف إليها.. يملأ جسده المتهالك فراغ الأيام.. أكثر من أن تملأ قدرته فراغ الإعمار والاستخلاف.. يقتل الأيام بالأيام.. أو يهرب من الأيام بالأيام..؟!
أم هى.. الـ«وطن».. الذى يكون البشر بدونه غرساً بلا أرض.. لا ثمر له.. ولا بقاء..؟!
والـ«بشر».. الذى يهدى تضاريس الجغرافيا الجامدة روح التاريخِ وظل حكمته..؟!
والـ«حُلم».. الذى يبقى البشر بدونه شراذم ذاهلة عن إنسانيتها.. لا تعى الحياة.. ولا تقدر عليها.. بل لا تستحقها.. والذى حين يستودع أرضاً.. تصير هى الوطن حدوداً وإقليماً.. عُرفاً وثقافة.. أمناً وسكناً..؟!
مفتاح كل ما يجرى حولنا - ويجرى علينا - مرهونٌ بأى معنى لدولة نعتنق ونُقِرُّ.. وتتحدد أفكارنا وخطواتنا على إثره..
هذا مفتاح نريده أن يعيننا على قراءة ما استغلق علينا من مستقبلنا.. أو تعامينا عليه قاصدين..!
أن يقرأ كل منا الواقع حوله بممارسته قبل وعيه.. ليعرف أى دولة يعتنق وأى مستقبل يَبنى.. أو أى مستقبل يَهدم..!
بعيداً عن الإجابات النحاسية.. وبراءةً من ثقافة «ضحية مؤامرة التاريخ»..
ليقرأ كل منا..
كيف يرى ويريد حقيقة البشر على أرض هذا الوطن..؟!
أناسى أحرار شركاء حلم ومصير.. مواطنون فى وطن..؟! أم بشر يَدُبُّ على جغرافيا.. مجتمع من الرعايا طُموحه المأكل والمأوى.. يحلم أن يحيا مستوراً بالقهر لا بِسَتر الكرامة..؟!
كيف يَعىَ معنى العمل الوطنى.. وكيف يُريد تعريف الإنجاز الوطنى أو الإخفاق الوطنى.. وكيف تعلم معنى أمننا القومى وأمن المجتمع..؟!
كيف يرى الاقتصاد وضروراته.. هل هى الإغاثة لبشرٍ منكوبٍ ليس له من الحياة إلا أن يبقى حياً.. أم إطلاق لإبداع البشر واستثمار فى حريتهم..؟!
كيف يرى التعليم وخطورته.. إبراءً لذمة سلطةٍ من مجتمع لحوح افترض لنفسه حقوقاً - أكثر مما يستحق - وعلى رأسها التعليم.. أم مناطاً لإنقاذ أمة.. وخلقاُ لقاعدة ترقيها وأمنها القومى الوحيدة..؟!
كيف يرى الإعلام وطبيعة ممارسته.. منصات بذاءة واغتيال معنوى.. تُرَوّضُ به الأنظمة من يخالفها بل من لا يلهج بالثناء عليها.. منصات إلهاء وتجفيف لمشارب التنوير الذى قد يُعَرِّى السوءات.. أم قواعد للتواصل.. للإعلام والتعلم والترفيه والثقافة..؟
كيف يُعَرِّفُ السيادة فى الوطن.. من السَيد ومن المَسُود.. ومتى السَيد يَسود.. وبأى حق.. وبأى أهلية..؟!
كيف يؤصل للوطنية والخيانة.. تعريفاً.. وللوطن والدولة والدين.. تعريفاً..؟
كيف يفهم الفارق بين.. «السلطة والحكم».. وبين «النجومية والقيمة».. وبين «قانون القوة وقوة القانون».. وبين «نص القانون ومقصد العدل».... وبين «الثورة والاحتجاج».. وبين «النقد والسب».. وبين «التدين والتنطع».. وبين «الوطنية والعصبية».. وبين «النظام والدولة».. وبين «الدولة والوطن»..؟!
«عدو الدولة ونصيرُ الدولة».. «محبُ الدولة وكاره الدولة».. «حامىّ الدولة ومُضيّع الدولة».. ستبقى كلها تعريفات سائلة لا تحمل أى معنى حقيقى.. إلا بقدر ما أقررت أى دولة تعتنق..!
وستبقى تقترف كَذِباً وذمّاً ودمَاً.. مع كل انتحال لعداوة أو نصرة.. لحماية أو تضييع لدولة لا تخص عموم المصريين..!
دولة «الحلم والوطن».. قادمة ولا استقامة لمستقبل على غير طريقها..
وفى الطريق نحوها - ودون أن نملأ الدنيا حيرة واختلافاً - على أى معنى لدولة استقمنا.. سيكون لكل منا ما اختاره..
فمن أراد أن تكون دولته هى دولة العدل المُهدَر.. دولة الحقوق المنتحلة.. وادعاء الاصطفاء العائلى أو الطائفى أو المؤسسى.. فليردها كذلك.. ولن تكون..
ومن أراد أن تكون دولته هى دولة النفاق المجتمعى.. الدولة المراسمية.. مالكة السلطة.. فاقدة الأهلية.. فليردها كذلك.. ولن تبقى..
ومن أراد أن تكون دولته هى مُستَودع حُلمه.. ووطنٌ لبشر يقتفى السعادة.. كلٌ بأهليته وبحق حريته.. فليعمل لها.. وستكون بإذن الله..
فليختر كلٌّ منا خاتمَه الذى يحمله ويحمل به هذا الوطن لمستقبله.. خاتم «حُلمٍ».. أم خاتم «شِعارٍ».. أم خاتم «أوزارِ» دولة..!
فَكِّرُوا تَصِحُّوا..

خالد منتصر - «جويدة» يطالب ببوليس آداب الأزهر - جريدة الوطن - 28/11/2016

انتفض شاعرنا الكبير فاروق جويدة حزناً على امتهان الزى الأزهرى، وطالب الأزهر والشرطة بإلقاء القبض على «الأدعياء الذين يتحدثون فى شئون الدين بغير علم أو ثقافة أو فهم ويسيئون للإسلام ويضللون المسلمين»، وبلغت الانتفاضة الفاروقية الجويدية أقصى مداها حين طالب الشرطة باقتحام الاستوديوهات فى مدينة الإنتاج الإعلامى، والقبض على كل من هو غير أزهرى يتحدث فى الدين!!، والحمد لله أنه لم يطالب بسحله أمام الاستوديو وتعليق رأسه على بوابة مدينة الإنتاج الإعلامى حتى يكون عبرة لكل من يتجرأ على الكلام فى الدين خارج التوكيل، الذى هو بالطبع مع الأزهر فقط شاملاً الصيانة وقطع الغيار وضريبة القيمة المضافة!!، أطمئن شاعرنا الكبير أن علماء الأزهر ومنهم أعضاء فى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية قد اتهموا د. سعد هلالى الأزهرى الذى كان رئيساً لقسم الفقه المقارن بأنه قد تخطى حدود الإلحاد والكفر، وقال ما لم يقل به مستشرق أو نصرانى!!، بل إن أحدهم قد طالب بتقديم هلالى إلى النائب العام!!، هل وصلتك تلك القصة يا أستاذ فاروق؟!، أم أن كتابة مقدمة دستور الإخوان قد استهلكت طاقة سيادتكم، فلم تستطع المتابعة؟!، من الذى سيكون معه ترمومتر درجة حرارة الإيمان الذى ستقيس به حضرتك إذا كان المتحدث مدعياً أم لا؟!، هل ستوصى حضرتك بالبشعة التى يستخدمونها فى سيناء، بحيث يضعها المذيع على لسان الضيف، فإذا احمر والتهب يكون الضيف مدعياً ومضلاً، ويطالب المذيع على الهواء بأن يدخل سيادة المقدم الذى عينته إدارة المطوعين الأزهرية، والتى شكلت طبقاً لنصيحة سيادتك للقبض على الضيف وإقصائه وإخصائه، حتى يتعلم الأدب!؟، سأنعش ذاكرة شاعرنا الكبير، هل حضرتك تتذكر عبدالبر، عضو مكتب إرشاد الإخوان ومحرض رابعة الشهير؟، أعتقد أنك تتذكره بحكم قربك من الإخوان فى زمن مرسى، واستشارتهم لك فى بعض الأحيان وتكليفك بصياغة مقدمة الدستور.... إلخ، هذا العبد البر الإخوانى كان يرتدى الزى الأزهرى، بل كان عميداً لكلية أزهرية!!، هل حضرتك ستتهم الدولة بأنها قد تجاوزت معه عندما حاكمته على جرائمه وتحريضاته، لأنه فقط يرتدى الزى!!، هل تتذكر سيادتك عمر عبدالرحمن، الذى كان يرتدى الزى الأزهرى، والحاصل على الدكتوراه ومنظّر وفيلسوف الجهاد والتكفير والمحرض الأعظم على قتل الأقباط واستحلال سرقة أموالهم؟، هل حضرتك تتذكر د. محمد عمارة، رئيس تحرير مجلة الأزهر الأسبق الذى أهان عقيدة المسيحيين فى ملحق المجلة وأيد رابعة؟!، غضبت فقط من الشيخ عبدالله نصر الذى لم يقتل، ولم يحرض، ولم يشكل تنظيماً عسكرياً، لم يغضبك حرق بيوت الأقباط منذ أيام فى سوهاج بواسطة تحريض سلفيين، ومن على منابر يرتدى من يخطبون عليها الزى الأزهرى، مرت عليك تلك الحوادث والكوارث وغيرها بكل لهيبها ودمائها وانتفضت حضرتك فقط من أجل الزى الأزهرى!، أين كنت حضرتك، وأنت من كانت لك كلمة ودلال على الإخوان حينذاك، حين كان يخرج الشيخ عبدالله بدر والشيخ محمود شعبان والشيخ محمد عبدالمقصود على الشاشات ومن نفس الاستوديوهات التى تطالب الأزهر والمطوعين باقتحامها الآن؟!، الحكاية يا أستاذ جويدة ليست حكاية زى أزهرى، ولكنها حكاية فكر أزهرى وتيار أزهرى يسيطر على تلك المؤسسة التى أخرجت لنا شيوخاً مستنيرين أجلاء، مثل الشيخ محمد عبده وشلتوت وعبدالمتعال الصعيدى وسعد هلالى، تيار يدعى أنه يدافع عن التخصص، وهو فى الحقيقة يدافع عن مصلحة تيار ضيق محدود مسيطر وهابى اخترق المؤسسة، وللأسف استخدم بعض المثقفين.

د. عماد جاد - عودة «العثمانى القديم» - جريدة الوطن - 28/11/2016

صوّت البرلمان الأوروبى بأغلبية ساحقة على قرار بتجميد مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، فرد الرئيس التركى أردوغان بتهديد أوروبا بإطلاق اللاجئين عليها، وأنه لن يلعب دور حائط صد اللاجئين مرة أخرى، ودخل فى سجال مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فظهر وجه العثمانى القديم، وتلاشت صورة العثمانية الجديدة التى حاولوا ترويجها على مدار قرابة عقد من السنوات.
فقد قدم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان أنفسهم للعالم باعتبارهم «العثمانيين الجدد»، كما جرى تقديمهم لنا باعتبارهم نموذجاً للواقعية السياسية، وكثرت زياراتهم للقاهرة بعد ٢٥ يناير لا سيما وزير خارجيتهم فى ذلك الوقت «أحمد داود أوغلو»، جاء أكثر من مرة ليشرح لمراكز الفكر والدراسات رؤية العثمانية الجديدة للتنمية الاقتصادية وللعلاقات المتجددة مع الجوار الإقليمى، وخلاصة رؤيتهم هى أن تركيا مع حزب العدالة والتنمية الذى ينسب نفسه لتيار الإسلام السياسى ثقافياً وحضارياً، سلكت طريقاً جديداً يستند إلى حل كافة المشاكل التاريخية مع دول الجوار، التى كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية مترامية الأطراف فى يوم ما قبل أن تصبح الرجل المريض الذى تقتسم دول أوروبا ممتلكاته. طرح العثمانى الجديد، داود أوغلو رؤيته للعلاقة مع دول الجوار من خلال ما سماه «صفر مشاكل» أى تسوية كافة المشاكل فى البلقان وإلى الجوار الجنوبى، وطرح العثمانى الجديد على شعوب وأعراق عديدة ارتكب العثمانى القديم بحقها جرائم وصلت إلى حد الإبادة (الأرمن) وأخرى أعاق حقها فى تقرير المصير وظلمها تاريخياً (الأكراد).
فى الوقت نفسه، قدم العثمانى الجديد نفسه لأوروبا باعتباره نموذجاً للدولة الإسلامية العلمانية التى يمكن أن تكون جزءاً من أوروبا، تؤمن بقيمها الحديثة وتتعامل معها من منطلق المصلحة الوطنية.
نجح العثمانى الجديد رجب طيب أردوغان فى توظيف خطاب العثمانية الجديدة من أجل جذب الاستثمارات العربية والدولية، وحقق نمواً مطرداً دفع الاقتصاد التركى على طريق نهضة حقيقية. واصل العثمانى الجديد طريق التنمية والنهوض، إلى أن سقط القناع وكشف قادة تركيا عن أنهم عثمانيون فقط، أما وصف الجديد، وما طرحوه من سياسات، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد شعارات وأقنعة وضعوها على وجوه قديمة وعقول لم تتغير منذ عقود وربما قرون. طوروا العلاقات مع سوريا وفتحوا الحدود وألغوا التأشيرات فى زمن ترويج العثمانية الجديدة، قدموا أنفسهم للغرب باعتبارهم «كبير المنطقة»، الذى يمكن أن يضبط إيقاعها ويقودها فى السنوات المقبلة.
بدأت تركيا طريقها نحو الهاوية عندما شرعت فى ممارسة سياسات السيطرة والهيمنة وسمحت لنفسها بالتدخل الفج فى الشئون الداخلية لدول الجوار، سعت كغيرها من النظم السلطوية فى المنطقة إلى امتطاء القضية الفلسطينية من أجل دغدغة مشاعر العامة والبسطاء، أطلقت الكثير من التصريحات المؤيدة للشعب الفلسطينى، حاولت أن تبدو فى شكل من يضحى بعلاقاته مع إسرائيل لخدمة القضية الفلسطينية، وانتهى بها المطاف لدعم حركة حماس باعتبارها فرع جماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين، تعاونت مع قطر فى مخطط إسقاط نظام بشار الأسد فى سوريا، جعلت من أراضيها معبراً للمقاتلين الذين يدخلون سوريا لمحاربة نظام بشار الأسد، ساهمت فى تدمير سوريا وتشريد مئات الآلاف من أبناء الشعب السورى، بدت فى صورة الملهم لثورات «الربيع العربى»، وقدمت نفسها باعتبارها النموذج الذى ينبغى أن تحتذى به الدول العربية. فى سوريا كشف النظام التركى عن وجهه العثمانى القديم، وبدأت عملية سقوط الأقنعة التى وضعوها على وجوههم. بدأ المصريون تحديهم لحكم المرشد والجماعة، وسرعان ما بدأت تركيا تشهد احتجاجات ضد الحكومة، فجاءت كلمات رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان نسخة من كلمات مرسى التى كانت تثير الاستهزاء، تحدث أردوغان مثلما تحدث مرسى، قال إنه منتخب، ولديه أنصار، ولا مساس بالشرعية، وإن المتظاهرين مدفوعون من الخارج على النحو الذى جعل الخبراء والمحللين ووسائل الإعلام يقارنون بين كلمات أردوغان ومرسى، وتصل إلى استنتاج مؤداه أن خطاب أردوغان يكاد يكون مشابهاً لخطاب مرسى من حيث المبررات والحجج والاتهامات للمعارضة.
ثم جاءت ثورة الثلاثين من يونيو، التى أطاحت بمرسى، ففقد العثمانيون ما كان لديهم من حصافة وتهاوت معها نظرية «صفر مشاكل»، فأدخلوا أنفسهم فى خلافات وصراعات أعادت إنتاج صورة العثمانى القديم الذى دفع المنطقة إلى حالة من التخلف، جاءت ثورة الثلاثين من يونيو، ففقد أردوغان ما كان يضعه على الوجه من قناع، قال الرجل إن رئيس مصر الشرعى هو مرسى، وإن تركيا لن تتعامل مع الحكومة الجديدة فى مصر، فى خطوة تكشف أنه تصرف من منطلق انتمائه للجماعة، لا كسياسى يقود دولة إقليمية، دخل فى عداء مع مصر وشعبها ليس له أى مبرر سوى فقدان القدرة على ضبط الأعصاب بعد سقوط حكم الجماعة فى مصر، استضاف أردوغان بعد ذلك اجتماع التنظيم العالمى لجماعة الإخوان، الذى وضع خطة استهداف مصر والمصريين، واختراق الجيش المصرى تمهيداً لإسقاطه، وهى أوهام كأوهام المرشد والجماعة، لكنها تؤشر فى الوقت نفسه على انتهاء حقبة النهوض التركى بأقنعة العثمانية الجديدة وعودة الوجه القبيح للعثمانى القديم، الذى سيعزل تركيا عن أوروبا ويعيد سياسات قديمة سبق أن قادت إلى انهيار الإمبراطوية العثمانية.

خالد منتصر - المثقف السلفى ذقنه بتطلع لجوه!! - جريدة الوطن - 28/11/2016

هل السلفى الوهابى هو فقط اللحية الكثيفة المصبوغة بالحناء والجلباب القصير المقترب من الركبتين والمسواك فى الجيب وكتاب عذاب القبر أسفل الوسادة؟!، هل هو فقط من فى حالة زواج متعدد مزمن وزوجاته فى حالة حمل متكرر أرنبى وأولاده أسماؤهم حذيفة ومصعب وتجارته تسعة أعشار الرزق ومحلاته اسمها ألبان بركتكو أو سوبر ماركت هدايتكو؟!!!، هناك الكثير ممن نطلق عليهم نخبة ومثقفين وكتاباً كباراً ومناضلين سياسيين ونشطاء حقوق إنسان.. إلخ، وهم بداخلهم يقبع سلفى كيوت حليق اللحية بينما لحيته الحقيقية تنمو إلى الداخل، دقنه بتطلع لجوه!!، شعيراتها تشتبك أحراشاً إلى الداخل وتنفذ وتتشعب وتفرز ملحها داخل الروح والوجدان، يرتدى السينييه الماركة سواء كان تمساحاً ملصوقاً أو لاعب بولو مرسوماً، بينما يطل الجلباب القصير من تحت الجلد واللحم!!، ذكرنى بذلك مقال للأستاذ الكاتب المحترم عزت السعدنى كان قد كتبه فى «الأهرام» بعد اغتيال فرج فودة، وأشار إلى تاريخ نشره ووثقه الكاتب المتميز طلعت رضوان فى مقال كتبه منذ فترة بموقع الحوار المتمدن، ماذا قال الكاتب الذى تفرد له «الأهرام» مقالاً أسبوعياً صفحة كاملة ارتكب فيه ذات مرة خطأ فاحشاً أحرج «الأهرام» حين صاغ كلمة لها ألف بديل تحولت إلى لفظ فاحش وخارج ظل نكتة كانت هى حديث الوسط الصحفى لفترة طويلة، يكتب بانتظام فى حين تختفى كاتبة بقامة وأهمية ووزن سناء البيسى من نفس الجريدة؟!!، المهم كتب عزت السعدنى «أنا شخصياً كنت أختلف مع كثير مما كان يطرحه الدكتور فرج فودة الذى كان يُفسّر دور الجماعات الإسلامية تفسيراً جنسياً، وكأنه سيجموند فرويد العالم النفسى اليهودى الذى فسّر كل سلوك إنسانى بالجنس وحده وهذا هو خطؤه الأول، أما خطؤه الثانى فهو اتهامه لبعض أئمة المسلمين والمُـفسرين بأنهم كانوا من الشواذ جنسياً، بل إنه -حاشا لله- قد فسّر إحدى آيات القرآن الكريم تفسيراً جنسياً، وهذا هو خطؤه الثالث والقاتل» (أهرام 13/6/92)!، ثم عاد فى الأسبوع التالى مباشرة (20/6/92) ليؤكد ما قاله، وأضاف وكأنه يؤكد اتهامه الظالم «ونحن هنا للذين سألونا لا نناقش فكر فرج فودة، وإنْ كنتُ أختلف أنا شخصياً معه فى كثير من آرائه واجتهاداته. ولكن هذا ليس وقت الحساب والرجل فى رحاب الله، أصاب أم لم يُصب، كان الحق فى ركابه أم ركب مطية الباطل التى قادته إلى حفرة بلا أعماق» ثم نقل رأى شاب قال إنه من الجماعات الإسلامية ولم يذكر اسمه، اتصل به تليفونياً!، قال هذا الشاب عن فرج فودة «إنه انتحر بكتاباته التى هاجم فيها الدين الإسلامى وأئمة المسلمين بل والقرآن الكريم. وفسّر دورنا تفسيراً جنسياً واتهم الأئمة بالشذوذ، وافترى على آيات الله كذباً وهو الذى كتب نهايته بيديه»!!، إلى هذه الدرجة يتحول كتاب صحفيون إلى مكفراتية؟!، أين كتب فرج فودة هذا الكلام وهو الذى كان يصر دائماً أنه يدافع عن صورة الإسلام النقية ضد صورة المسلمين المشوهة التى نقلها التاريخ، هل كان ذنب وكانت جريمة «فودة» أنه شاهد صفحات التراث والتاريخ المسكوت عنها المطموسة بواسطة المؤسسات الدينية وسماسرة الفتاوى ورفع عنها غطاء الصمت والتواطؤ؟!، ألهذه الدرجة وحتى يحقق كاتب هدفه ويفرض رأيه يدعى على شهيد كلمة وضحية رأى كان دمه ما زال ساخناً متجلطاً أمام مكتبه برصاصات إرهاب غادر حقير، يدعى أنه وصف الأئمة بالشذوذ؟!!، وبالطبع هو يعرف جيداً أنك لكى تكسب خصماً فى مصر أقحم فى جملة مفيدة كلمة شذوذ فحتماً ستكسب الجولة!!، لكنه بئس الكسب وبئس الانتصار، ويا عزيزى كلنا سلفيون وإن ارتدينا الردنجوت واستعملنا ماكينة جيليت!!.

Saturday, November 26, 2016

خالد منتصر - العنف ضد المرأة يبدأ من قبل الولادة! -جريدة الوطن - 26/11/2016

25 نوفمبر هو اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة، ولكن متى يبدأ العنف ضدها وفى أى سن؟ من الممكن أن تصف عنوان المقال باللامنطقى فكيف يصير عنفاً ضد المرأة وهى لم تولد بعد! لكن الحقيقة أن العنف يمارس ضدها وهى ما زالت فكرة، وهى ما زالت خلية تتشكل فى الرحم، يتخذ المجتمع ضدها موقفاً متربصاً متحفزاً، يقول الوعى الجمعى عند ولادتها:ف ها هى فريسة ستولد وضيف غير مرغوب فيه سيحل على بيتنا، ها هى مصيبة قد أضيفت وها هو عبء قد تم وضعه على كاهلنا وعورة تمشى على قدمين صرنا متكفلين برقابتها حتى لا تفضحنا، «يا مخلفة البنات يا مخلفة الهم للممات»، «ولما قالوا دى بنية اتهدت الحيطة عليّا، ولما قالوا ده ولد اشتد ضهرى واتسند»، «واكسر للبنت ضلع يطلع لها اتنين»، هكذا تُستقبل البنت فى ثقافتنا الشعبية، وهكذا يتعامل الفولكلور الذى هو ترجمة حس البسطاء مع الأنثى، هذه العبارات هى أول مظاهر العنف ضد الطفلة التى من المفروض أن يستقبلها المجتمع بالترحاب على أنها ضيف فاعل وأساسى وليس على أنها احتياطى أو رديف للبطل الأصلى المغوار وهو الطفل الذكر، الذى ينتظره الأهل على أحر من الجمر، مهما كان فى البيت من طابور إناث، وهذا العنف الفولكلورى هو أقسى أنواع العنف، لأنه يتعامل مع المجهول ويصادر على المستقبل، فهذه الطفلة المولودة لا ينتظر المجتمع حتى تقدم أوراق تفوقها أو حيثيات نجاحها، ولكن هى متهمة إلى أن تثبت براءتها، وحتى عندما تثبت هذه البراءة فهى براءة ليست موجودة فى جيناتها الوراثية ولكنها براءة ممنوحة بصك مدموغ من الرجل، والفولكلور لا يتعامل بهذا الجفاء مع الطفلة حين ولادتها فقط، وإنما يمتد هذا الجفاء وهذه العدوانية معها فى مسيرة الحياة بعد ذلك، فالمرأة لا بد أن تكون عروسة حلاوة ويا ريت تبقى عروسة لنفسها ولسعادتها الشخصية ولكن لإسعاد الرجل الذى لا بد أن تضبط موجتها الخاصة على ريموت كنتروله الحساس، فهى لا بد أن تكون مفرفشة حتى لا يعبث فى الخارج ويرجع بيته بدرى «اللى مراته مفرفشة يرجع البيت من العشا» و«خد المليح واستريح» أو «خد الحلو واقعد قباله وإن جعت شاهد جماله»، وهى لا بد أن تبحث عن الزواج ليس لأنه يحقق تناغماً وانسجاماً ولكن لأنه يحقق أماناً وحماية فـ«ضل راجل ولا ضل حيطة»، والمرأة لا تأخذ مكانتها الاجتماعية إلا من خلال الزوج «حُرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر»، بل أكثر من ذلك سعادتها مرتبطة بمزاجه و«المود» بتاع سيادته الذى مهما تقلب فعليها أن تضبط ترموستات عواطفها على درجة حرارته الشخصية «اللى جوزها يحبها الشمس تطلع لها»، ويزيد الفولكلور الشعبى فى بيان أسباب تبنيه لمفهوم البنت هم للممات بأنها لا تؤتمن على سر «يا ويل من أعطى سره لمراته يا طول عذابه وشتاته»، وهى لا يوثق ولا يعتد برأيها «الراجل ابن الراجل اللى عمره ما يشاور مراته»، ولذلك فمن حق الناس مواساة من تلد بنتاً بقولهم «إن شالله تزينيها بعريس» لأن «صوت حية ولا صوت بنية»، و«ابنى حمال همى وبنتى جلاب همى»، و«الصبى حمال المصايب والبنت بلوة عالأهل وعالقرايب»، ويحتفل الأهل بسبوع الولد بأبريق فخم مذهب، أما البنت فبمجرد «قلة» بالطبع لكسرها وراها بعد أن تذهب لبيت الزوجية، ويظل العقل الجمعى الذى ينبض بكراهية واحتقار المرأة يضغط على الجميع فتقتنع الأنثى بأنها بالفعل هم وابتلاء ويقتنع الرجل بأن طلاق من تنجب إناثاً هو حق شرعى، لأنه مش ناقص هموم وبلاوى أو على رأى المثل المشرحة مش ناقصة قتلى!!

حياة بعد الحياة! بقلم د. وسيم السيسى ٢٦/ ١١/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

الناس صنفان؛ موتى فى حياتهمُ
وآخرون ببطن الأرض أحياءُ (أمير الشعراء).
هل مات أول من قال: نحن نتحدث اللغة المصرية القديمة المكتوبة بالهيروغليفية؟!
هل مات أول من نادى بفصل الآثار عن الثقافة للاستفادة بمواردها مثل السياحة، وتحقق حلمه بعد ذلك فى وزارة للآثار مستقلة عن وزارة الثفافة؟.
هل مات عميد كلية الآثار، ورئيس هيئة الآثار سابقاً، فى هدوء بعد أن أدى أعظم رسالة لمصر، وهى إحياء حبها فى قلوب طلابه مريديه؟!
لا.. لم يمت الدكتور عبدالحليم نورالدين، وحسه فى الدنيا: «تسجيلاته» وأفكاره وكتبه تملأ الدنيا نورا وعلماً.
كان يقول لى: لك طريقة فى عرض الحضارة المصرية.. تجعل كل من يسمعك يقع فى هواها، فكنت أرد عليه قائلاً:
الحب الذى ينبع من القلب يصل إلى قلوب الناس!.
ها هى إيناس الشافعى تلميذته تبكى قائلة: مات «يوحنا الشفتشى».. المصرى الذى علم شامبليون كيف يفك رموز الكتابة الهيروغليفية، مات أول من عين الآثاريين بدلا من أصحاب مؤهلات بعيدة عن علم الآثار!. مات آلان جاردنر مصر الذى عشقه طلابه لغزارة علمه وجمال طباعه، مات الحائز على وسام ليدن الهولندى، ووسام الاستحقاق من فرنسا. مات من نال جائزة الدولة التقديرية، مات صاحب المؤلفات الرائعة والتى منها: كفاح شعب مصر ضد الهكسوس، المرأة والمجتمع.. إلخ. مات من حارب المغالطات فى النصوص الدينية، واستطاع أن يثبت إيمان مصر بوحدانية الخالق قبل العالم كله.
لا يا إيناس أستاذك لم يمت، أنت أول من يعرف هذا الطائر الأخضر المرسوم فوق التوابيت حتى يحمل روح «الأوزير»- أى المتوفى- إلى السماء، ويؤكد هذا الحديث النبوى الشريف، أرواح الشهداء فى حواصل طيور خضر تصعد بها إلى الجنة.
تمنى وليم جيمس الطبيب الأمريكى الفيلسوف صاحب الفلسفة البراجماتية- أى العملية- أن يقابل الزمن حتى يطلب منه أن يتوقف عن المسير حى لا يموت ولا يموت الناس!.
رد عليه الزمن قائلاً: إذا توقفت عن المسير، هذا الطفل لن يكبر، هذا الزرع لن ينمو، هذه المرأة الحامل لن تلد، لن تموتوا لأنكم سوف تصبحون جمادا، لى سلطان عليكم لأنكم أحياء، الموت هو ضريبة الحياة، الحياة تخلد فى النوع ولا تخلد فى الأفراد!.
مات عبدالحليم نورالدين كجسد ولكنه يعيش بيننا بعلمه وطلابه.. الروح لا تموت
فى كتاب Life ater Life أى «حياة بعد الحياة» لدكتور مودى، يحدثنا كيف جمع ٢٠٠ حالة B.I.D وهى الحالات التى ينقلها الإسعاف للمستشفيات وهى الحروف الثلاثة الأولى لثلاث كلمات:
Brought in Dead أى حضر للمستشفى ميتاًَ، تجرى المستشفيات لهم إسعافات، ترتد الحياة إلى بعضهم، هذه المجموعة التى ارتدت لها الحياة، أرسل لها دكتور مودى مئات الأسئلة، أجمع الكل على الظواهر الآتية:
١- أجمل وأسعد لحظات عمرهم كانت هذه اللحظة التى يفارقون فيها الحياة!!.
٢- الطفو.. كانوا يسبحون فى الفضاء، والبعض كان يرى نفسه على فراشة.
٣- النفق الأسود الذى يسبحون خلاله حتى يصلوا إلى النور فى نهايته.
٤- الكائن النورانى الذى يصلون إليه كان يحيطهم بدفقات من الحب يحسون معها بالاطمئنان والسعادة.
٥- العودة خلال النفق الأسود، والإحساس بالحزن لأنهم سيعودون إلى دار الشقاء.
٦- الطفو فوق الجسد على الفراش.
٧- الالتحام بالجسد والعودة للحياة.
ونومى موتٌ قريب النشور
وموتى نومٌ طويل الكرى (أبوالعلاء المعرى).

د. عماد جاد - حدود التفويض (٢) - جريدة الوطن - 26/11/2016

بموجب التفويض الذى منحه الشعب للرئيس عبدالفتاح السيسى فى السادس والعشرين من يوليو ٢٠١٣، ليس من حق النظام الدخول فى مفاوضات مصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، والاقتراب من هذه المنطقة بأى شكل من الأشكال يمثل تجاوزاً بل هو انتهاك للتفويض الممنوح للفريق أول عبدالفتاح السيسى، الذى اكتمل بمطالبته بالترشح على منصب رئيس الجمهورية، وهذا الطلب للترشح استند على أساس التصدى لعنف وإرهاب جماعة الإخوان، وليس البحث عن تسوية أو مصالحة مع الجماعة الإرهابية التى عاثت وتعيث فساداً فى بر أرض مصر وتقتل من المصريين المئات سواء كانوا من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة المدنية أو من المواطنين المصريين الأبرياء الآمنين. وتستند الرؤية السابقة على بعدين أساسيين؛ البعد الأول هو أن دولة لها تاريخ عريق ونهضت على أساس من المركزية الشديدة لا يمكن أن تتفاوض مع جماعة تحت ضغط رفع السلاح فى وجه الدولة، الدول الهشة والرخوة والمنقسمة على ذاتها والتى جرى تخليقها حديثاً بإمكانها أن تفعل ذلك بحثاً عن صيغ توافقية للتعايش أو تقاسم السلطة أو إرساء أسس الحكم فى الدولة أو الدويلة الوليدة، لكن الحال فى مصر مختلف تماماً، فمصر دولة مركزية مستقرة حدودها منذ آلاف السنين، لا تستند فى صيغة الحكم على توازن دينى أو طائفى أو عرقى أو جغرافى، بل تستند إلى صيغ وطنية تبدلت واختلفت عبر العصور ولكنها ظلت صيغاً وطنية. صحيح جرت محاولات محدودة للضغط بالأوراق الدينية الطائفية والعرقية من حين إلى آخر فى تاريخ البلاد، لكن الصحيح أيضاً أن تاريخ مصر الحديث بُنى على أساس الدولة المركزية التى تقهر أى مجموعة ترفع السلاح فى وجهها ووجه شعبها، والمعادلة الذهبية فى تماسك الدول واستقرارها هى أن الدولة هى الطرف الوحيد الذى يحتكر أدوات العنف والقهر (أى السلاح وأشياء أخرى)، وأن الدولة لا تتفاوض مع من يرفع السلاح فى وجهها أو يخرج على النظام بالسلاح، وأنه فى اللحظة التى تقبل فيه الدولة الجلوس مع من يحمل السلاح وتحت وطأته تكون قد انتهت كدولة مستقلة تحظى بالاحترام فى عيون شعبها ودول الجوار، فالدولة يمكن أن تجرى حوارات وطنية وتدخل فى نقاشات مجتمعية، لكنها أبداً لا يمكن أن تدخل فى أى من الحوارات أو النقاشات تحت وطأة التهديد بالسلاح من جانب جماعة المفترض أنها تحمل جنسية الوطن.
البعد الثانى يستند بالأساس على طبيعة العلاقة بين الشعب وحكومته، فالشعب هو مصدر السيادة، وهو صاحب الاختصاص الأصيل، ومنظومة الحكم عبارة عن موظفين عموميين لديهم تفويض من الشعب لفترة زمنية محددة، والتفويض خلاصته ممارسة صلاحيات إدارة شئون البلاد على النحو الذى يحدده الدستور والقانون، لذلك يقسم الموظف العام، من رئيس الدولة إلى الحكومة إلى نواب البرلمان، على الحفاظ على سلامة الوطن ووحدة أراضيه، وعلى احترام الدستور والقانون، ودستورنا الحالى الذى جرى وضعه عام ٢٠١٤ استند على هزيمة الجماعة وطردها من السلطة بثورة شعبية شارك فيها قرابة ٣٠ مليون مصرى، وخرجوا مرة ثانية لإقرار الدستور الجديد ومرة ثالثة لانتخاب الرئيس ورابعة لانتخاب مجلس النواب. باختصار تنهض شرعية النظام القائم على تحصين البلاد فى مواجهة عنف الجماعة وإرهابها، والتصدى لمخططاتها، ومن ثم يقع خارج إطار التفويض الشعبى، ومن ثم أيضاً شرعية النظام القائم، أى محاولة لفتح حوار مع الجماعة، ناهيك عن فكرة المصالحة، جماعة تعادى الوطن، تراه حفنة من التراب العفن، تستقوى عليه بأعدائه. باختصار أى حوار مع الجماعة هو خارج حدود التفويض الشعبى للنظام، وعلى من بيدهم الأمر إدراك ذلك.

Friday, November 25, 2016

إلى الرئيس السيسى: مقدمات خاطئة صنعت نتائج فادحة بقلم د. عمار على حسن ٢٥/ ١١/ ٢٠١٦




يسأل من يُطالع عنوان مقالى هذا: ما تلك المقدمات التى بدأ بها الرئيس السيسى حكمه، وكانت خاطئة، فأدت إلى نتائج على شاكلتها؟ وهل كان ذلك متعمداً، أم أنه من صناعة التسرع وقلة الخبرة السياسية والرغبة العارمة فى رسم صورة براقة لواقع بائس، أو الانحياز إلى المنظر والمظهر على حساب المخبر والجوهر؟ وسط انحراف فى جدول الأولويات، وانجراف إلى حافة الخطر.
(١)
كان غياب برنامج للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى مقدمة خاطئة. فرغم أنه كلف فريقا من رجال وطنيين مخلصين راسخين فى الفهم والدراية بوضع برنامج، وقاموا بهذا فعلاً، فإنه سرعان ما وضع ما انتهوا إليه فى الدرج وأغلقه، ولم يلزم نفسه بشىء قبل الانتخابات بدعوى أنه «مرشح الضرورة»، وفق تعبير المرحوم الأستاذ محمد حسنين هيكل، أو «الرجل العسكرى المستدعى لأداء مهمة عاجلة» حسب تقدير السيسى نفسه وتعبيره. والنتيجة أن سفينة السلطة تسير بلا هدى، تتخبطها الأمواج، ويبدو الملاحون تائهين مرهقين. وحاول الرئيس تعديل الدفة فى منتصف الرحلة فأطلق ما سمى مشروع «٢٠٣٠» الذى جاء متعجلا مظهريا، صُنعت به دعاية مؤقتة، ثم سرعان ما لفه النسيان. فغياب الخطة فى بلد تغيب فيه الاستراتيجية أساسا، كان بداية سيئة، تظهر سوءاتها للناس أجمعين بمرور الوقت.
(٢)
حين لجأت السلطة الحالية إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى قالت: «لا يوجد أى خيار أمامى سوى هذا، فلا تجادلوا وتضيعوا وقتا فيما لا يفيد». وتطابقت معها فى القول الأغلبية الكاسحة من طبقة رجال المال والأعمال، وكذلك خبراء الاقتصاد الذين لا صنعة لهم سوى التبرير والتمرير إما لنفاق أهل الحكم أو مجاراة لتوجهات مؤسسات اقتصادية دولية يعملون هم لحسابها أو يتساوقون مع رؤيتها. وبدت أقوال هؤلاء تنطلى على كثير من الناس، مع أنها مجرد نتيجة فادحة لمقدمات خاطئة، فإطلاق مشروعات كبرى غير مدروسة، وإنفاق أموال طائلة على التسليح، بما بدد الجزء الأكبر من أموال خليجية جاءت إلى مصر عقب إطاحة حكم الإخوان، هما اللذان ضيقا خيارات السلطة، وجعلاها لا تجد أمامها من سبيل سوى الذهاب إلى صندوق نعرف جميعا أنه يغزو البلدان بسلاح المال.
(٣)
أخطأ الرئيس السيسى حين اعتقد أن المرحلة الحالية تفرض تجنيب المدنيين، ولو مؤقتاً، وتسليم الزمام إلى العسكريين، بدعوى أنهم أهل الثقة وبوسعهم إنجاز ما يطلبه الرئيس فى الزمن المحدد. فإذا كانت المؤسسات المدنية قد فسدت وأُنهكت وترهلت خلال حكم مبارك فالحل لم يكن فى إبعادها إنما إصلاحها وإشراكها، من خلال إدارة قوامها الكفاءة وتوظيفها على أفضل وجه. فمهما كان لايزال، رغم التبوير والتبديد، هناك مدنيون بارعون فى كل المؤسسات، بدءا من هيئة الصرف الصحى وانتهاء برئاسة الجمهورية. ونتيجة هذا التصرف واضحة الآن، وعواقبها تبدو وخيمة، لو كانوا يعلمون.
(٤)
صنعت السلطة مقدمة خاطئة حين هندست مجلس النواب الحالى على مقاسها، إلا من استثناءات قليلة، فصار بمرور الوقت يشكل عبئا جسيما على الدولة بدلا من أن يكون رافعة لها فى لحظة فارقة من تاريخها. فإلى جانب قائمة «فى حب مصر» والخمسة فى المائة التى عينها الرئيس، لم يخرج أغلب من ترشحوا على المقاعد الفردية، بمن فيهم ممثلو الأحزاب السياسية، عن المسار القديم الذى خرج من رحم الزواج بين السلطة ورأس المال والعشائرية والنخب البرلمانية التقليدية. وتم كل هذا تحت لافتة زائفة تم تسويقها إلى الرأى العام تقول: «لنصنع برلمانا يريح الرئيس». وكانت النتيجة الطبيعية لهذا هى موت السياسة، وانسحاب خيبة الأمل فى البرلمان على فقدان الثقة فى السلطة التنفيذية، مع تراجع شعبية الرئيس، والشعور بالخوف حيال المستقبل، وإحساس قطاعات اجتماعية عريضة بأنها خارج التمثيل السياسى، بما زاد من الغبن والاحتقان، وقاد كثيرين إلى التفكير فى إجراءات أخرى لتصحيح المسار بعيدا عن الانتخابات وصناديقها.
(٥)
صنعت السلطة مقدمة خاطئة بالإفراط فى القبض على الشباب، تطبيقا لقانون التظاهر الذى يتعارض مع الدستور، وخلق هذا بمرور الشهور هوة واسعة بين الرئيس نفسه والأغلبية الكاسحة من شباب مصر، وهو ما أدى إلى موقف سلبى من السلطة الحاكمة، وفى قلبها الرئيس، عكسته مواقع التواصل الاجتماعى بوضوح شديد. فلما أراد الرئيس تصحيحا جزئيا لهذا الخطأ بعقد مؤتمر للشباب فى شرم الشيخ وبدء الإفراج عن بعض الشباب المحبوسين والسجناء، راحت قوى الدولة التقليدية تقاومه، فالداخلية لم تعترف بوقوع أخطاء جسيمة فى عملية القبض والاعتقال، وجهاز الأمن يصرخ بتقارير تحذر من الإفراج عن نشطاء قد يقودون مجموعات شبابية إلى الشارع من جديد، وفى المقابل هناك قطاع كبير من الشباب يرفض هذه الخطوات التجميلية، ويراها ذراً للرماد فى العيون، ويقدر أن الرئيس نفسه اضطر إلى السير البطىء فى هذا الطريق الطويل ليكسب بعض الوقت فى مواجهة أزمات عميقة، ومشكلات لا يملك حلولا حقيقية لها.
(٦)
سارت السلطة فى مقدمة خاطئة معهودة حين تعاملت مع التطرف والإرهاب على أنه مسألة أمنية بحتة، وليس مرضا مزمنا، يحتاج إلى جلسات علاج ناجعة، فى الفكر الدينى والتعليم والتثقيف والتنمية والتوعية. وزاد هذا الخطأ فى سيناء، التى لعب أداء السلطة الحاكمة قبل ثورة يناير دورا كبيرا فى صناعة بيئة منتجة أو حاضنة أو موظفة للإرهابيين هناك. وبدلا من أن تستخدم الدولة إمكانات المؤسسات العلمية والبحثية بالجامعة وخارجها فى مواجهة هذه الظاهرة، اعتمدت على طريقة تفكيرها التقليدية فكانت النتيجة أن الإرهاب لايزال يشكل خطرا شديدا، خاصة فى سيناء، وتنمو فى الوادى والدلتا خلايا إرهابية قد تبدأ عملياتها الدموية والتخريبية عما قريب، فى ظل موجة خامسة من الإرهاب تواجهها مصر فى السنوات الثلاث الأخيرة.
(٧)
فى مقدمة خاطئة أخرى اعتقدت السلطة أن أغلب المعركة فى الإعلام، ومن ثم فإن السيطرة عليه بأى شكل ستجعلها قادرة على التحكم فى اتجاهات الرأى العام، عبر نشر الوعى الزائف والدعاية الجوفاء وغسيل الأمخاخ. ولأن خطة السيطرة هذه ذات طبيعية أمنية تقدم الإعلاميون الأمنيون الصفوف، وقادوا عمليات التطبيل والتهليل للرئيس، والتشويه والتخوين لكل من يعترض على سياساته أو يرى غير ما يراه هو. وبمرور الوقت بدأ هؤلاء، المعروف تاريخهم ومستوى تحصيلهم، ينكشفون أمام الرأى العام، ولم يعد خطابهم الركيك بقادر على أن يحفر فى العقول والنفوس ما يحقق للسلطة هدفها من الإمساك بدفة الإعلام لتخطف به الأبصار والأفئدة والأذهان. وكانت النتيجة أن راح المصريون ينصرفون عن إعلام السلطة تباعا، ويذهبون إلى إعلام آخر، أجنبى أو محلى، بعضه ينحاز لمهنيته وشروطها، وبعضه يبث دعاية مسمومة مضادة.
(٨)
بدأت السلطة الحالية من مقدمة خاطئة، ساهمت الظروف التى كانت تمر بها البلاد فى صناعتها، وهى أن للأمن أولوية على ما عداه، وبمرور الوقت راح الأمن يغلب السياسة، ويجفف ينابيعها، وفق الطرق المألوفة التى اعتاد عليها. وأدى هذا إلى تململ ثم انصراف قوى سياسية عن السلطة بعد أن كانت تناصرها عقب الإطاحة بحكم الإخوان، فانكشف الكثير من عوراتها. وأثر هذا سلبا على شرعية الحكم، فراحت تتحول إلى مسألة شكلية بمرور الوقت، وعلى شعبية الرئيس، فأخذت تنزف بلا توقف.
(٩)
بدأ السيسى من مقدمة خاطئة وهى احتواء الثورة وتفريغها من مضمونها لا الاستجابة لها، والثورة التى أقصدها هنا هى رغبة الأغلبية الكاسحة من المصريين فى تغيير أوضاعهم فى كافة المجالات إلى الأفضل، فى ظل دولة مدنية حديثة، بغض النظر عن التسميات والنظريات. وقد كلفت محاولات عرقلة هذا المسار، واستعادة النظام القديم، مصر جهدا مضنيا وأموالا طائلة وخيبات أمل متواصلة لانزال ندفع ثمنها غير راضين.

د. عماد جاد - حدود التفويض - حريدة الوطن - 25/11/2016

تداولت أنباء تقول إن العاهل السعودى يتولى قيادة جهود وساطة بين النظام فى مصر وجماعة الإخوان المسلمين، وإنه تم التوصل إلى خطوط عريضة للمصالحة بين الجانبين مؤداها الإفراج عن قيادات الجماعة المحبوسين فى السجون مقابل تجميد النشاط السياسى للجماعة، بما فى ذلك المشاركة بالتصويت فى الانتخابات لمدة خمس سنوات. وهناك من رأى فى نقض الأحكام الصادرة بالإعدام والسجن المؤبد والمشدد بحق قيادات الجماعة مؤشراً على صحة هذه الأنباء. الغريب أيضاً حالة الصمت التام التى التزمت بها الحكومة المصرية والمسئولون فى التعامل مع هذه الأنباء، الأمر الذى أثار المزيد من البلبلة لدى الرأى العام المصرى.
ربما تكون الأنباء غير صحيحة بالمرة، ولا أساس لها، وقد تكون مجرد بالونات اختبار لمعرفة رد فعل المصريين على مبدأ المصالحة مع الجماعة، وقد تكون هناك خطوات تم قطعها بالفعل فى هذا المجال، لا سيما أنه ليست المرة الأولى التى نسمع فيها مثل هذه الأقوال، فقد سبق وصدرت على لسان مسئولين ووزراء. ولكن بعيداً عن هذه التساؤلات التى تظل بلا إجابة إلا إذا خرجت تصريحات رسمية من النظام، وبعيداً أيضاً عن الدخول فى سجال حول نوايا النظام أو أطراف فيه إزاء فكرة المصالحة مع الجماعة الإرهابية، فإن السؤال الجوهرى هنا يدور حول صلاحيات النظام فى الدخول فى عملية مصالحة. السؤال هنا هل يملك النظام صلاحية إبرام مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين بعد كل ما جرى ويجرى بحق المصريين وأبنائهم؟ بمعنى آخر هل النظام القائم لديه تفويض شعبى بالدخول فى عملية مصالحة مع جماعة الإخوان؟
ما هو مستقر حتى اللحظة هو أن نظام ما بعد ٣٠ يونيو قد قام على مبدأ مغاير وهو مبدأ التصدى للعنف والإرهاب المتوقع، فقد خرج ملايين المصريين فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ يطالبون الجيش المصرى بوضع حد لحكم المرشد والجماعة، وإنهاء حقبة مريرة من حكم الجماعة الإرهابية، وعندما صدر بيان ٣ يوليو ٢٠١٣، استعدت الجماعة لاستخدام العنف والإرهاب دفاعاً عن بقائها فى السلطة، وهنا طلب وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، من الشعب الخروج إلى الشوارع والميادين لمنحه تفويضاً بمجابهة العنف والإرهاب المتوقع، وقد فوضه الشعب بذلك فى الخروج الكبير الثالث فى السادس والعشرين من يوليو ٢٠١٣. واستكمالاً لنفس التوجه خرجت المسيرات تطالب وزير الدفاع بخلع الملابس العسكرية والترشح للانتخابات الرئاسية، وقد كان، ومنحه الشعب نسبة غير متكررة فى أى انتخابات حرة فاقت ٩٨٪ من أصوات من شاركوا فى الانتخابات.
من هنا يمكن القول بوضوح شديد إن شرعية النظام القائم تعتمد على تفويض شعبى واضح وقاطع بالتصدى لعنف جماعة الإخوان وإرهابها، وإرهاب فروعها على مختلف مسمياتها، ودفع الشعب المصرى فى سبيل ذلك، ولا يزال يدفع، أثماناً باهظة من حياة خيرة أبنائه من شباب القوات المسلحة والشرطة المدنية والمواطنين الأبرياء، وتحمل آلاماً هائلة نتيجة حصار ومقاطعة الدول المتعاطفة مع الجماعة، ولم يتوقفوا حتى اللحظة عن التحريض ضد مصر والشعب المصرى، ولعل ما تقوم به قنواتهم التليفزيونية التى تبث من تركيا خير شاهد على كراهية الوطن والعداء له، أيضاً ما قامت به الجماعة من عمليات تحريض ضد مصر والمصريين للقيام بنشر الفوضى فى ١١ نوفمبر الحالى خير دليل على معاداة الجماعة للوطن. إنها جماعة ضد الوطن، لا تعترف بوطن ولا حدود ولا وطنية، لا تقر جنسية ولا تحترم تراباً وطنياً، فقد سبق لرمز لهم أن وصف الوطن بأنه مجرد «حفنة من التراب العفن»، وما زال أحفاده يكنون الكراهية الشديدة للوطن ويتمنون الحزن الدائم للمصريين، كما جاء على لسان ابن القرضاوى الذى عبر عن حزنه لفوز مصر على غانا، وشباب الجماعة الذين كتبوا متمنين الفوز لغانا.
وللحديث بقية..

خالد منتصر - وزير الصحة يتقدم جنازة صناعة الدواء - جريدة الوطن - 25/11/2016

وصلتنى من رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الأدوية العالمية فى مصر هذه الرسالة التى تدق ناقوس الخطر وتحذر من الكارثة على طريقة زرقاء اليمامة، فهل سنفعل مثل قومها ولا نصدقها فيجرفنا الطوفان ونذهب ضحية الإنكار، أم سنتدارك المصيبة ونستخدم العقل والمنطق ولو مرة واحدة؟! تقول الرسالة:
أكتب إليكم بما عرفته عنكم من شجاعة فى الرأى وإخلاص وحب لمصر. أود أن أشرح لكم مشكلة سوف تؤثر تأثيراً خطيراً على مصر لا يعلم مداها إلا الله، هذه المشكلة تتلخص فى أنه بعد تعويم الجنيه المصرى ترتب عليه زيادة تكلفة تصنيع الأدوية تقريباً إلى الضعف، ومع ثبات أسعار الأدوية، لأنها مسعرة بمعرفة وزارة الصحة كما نعلم جميعاً، فسوف يترتب على هذا الأمر خسارة كبيرة جداً لا تتحملها أى شركة أدوية، وسوف يترتب على ذلك إغلاق جميع مصانع الأدوية تقريباً فى مصر تباعاً بعد نفاد الخامات التى لديهم بالأسعار السابقة لتعويم الجنيه.
وللأسف الشديد صرح معالى وزير الصحة للإعلام بأن شركات الأدوية تتمتع بتحقيق أرباح لا تقل عن 400%، فلماذا يطالبون بتعديل أسعار الأدوية بعد تعويم الجنيه؟ بل يجب عليهم أن يتحملوا الآن ويشاركوا فى تحمل جزء من المسئولية تجاه المواطنين المرضى والمطحونين.
نتج عن هذه التصريحات أن الجمهور المصرى اعتقد أن شركات الأدوية تحقق هذه الأرباح الخيالية فعلاً ولا يريدون المساهمة فى مشاركة الشعب فى أزمته الاقتصادية الحالية. هذه المعلومات المغلوطة وصلت أكيد للسيد الرئيس والإعلام كذلك، فأصبح الجميع مشحوناً ضد مؤسسات صناعة الأدوية فى مصر وهذا منافٍ للحقيقة. والحقيقة التى لا يعلمها الجميع أن صناعة الأدوية الآن تترنح بكاملها وسوف تغلق أبوابها تباعاً خلال أشهر قليلة. سيترتب على ذلك إغلاق جميع مصانع الأدوية وبالتبعية إغلاق الصيدليات؛ لأنه لن تكون هناك علبة دواء واحدة. كيف سيحدث ذلك ومن يستطيع أن يتحمل ذلك أو يتنبأ بتبعات إغلاق مصانع الأدوية؟
لو حدث هذا -لا قدر الله- سوف يفقد الآلاف من المرضى حياتهم وما تقوليش هزيمة 67 ولا أى نكسة أخرى تماثل هذه الأزمة.
لو حدث هذا لا قدر الله، ونرجو ألا يحدث، سوف يطلب الرئيس عندما يعلم بهذه الكارثة إعادة هذه المصانع للعمل مرة أخرى ومنحهم السعر العادل لصناعتهم وهنا أيضاً سوف تزيد الكارثة لأن مصانع الأدوية إذا أغلقت وعادت إلى العمل لن تستطيع طرح إنتاجها فى الأسواق قبل 3 - 4 أشهر على الأقل، مما سوف يزيد الطين بلة، ومعناها أن تظل مصر دون علبة دواء واحدة لمدة عدة شهور. من يتحمل هذا ومن السبب فى هذا؟!
هذا نتيجة تصريحات معالى وزير الصحة بأن شركات الأدوية تبالغ فى أرباحها مما انعكس على نفسية الجمهور وانطباعات الجمهور حتى إذا عادت وزارة الصحة الآن لتصحح هذا الوضع سوف يثور الجمهور حتماً، لماذا تجامل وزارة الصحة شركات الأدوية التى تربح أرباحاً خيالية؟
وذلك لأن معالى وزير الصحة خلق بتصريحاته وضعاً صعباً على وزارة الصحة حتى لو أرادت أن تتراجع وترفع الأسعار.
الآن لو رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية فسوف تنفجر الجماهير غضباً على شركات الأدوية، وإذا لم ترفع وزارة الصحة أسعار الأدوية وبقى الحال كما هو عليه، فسوف تنفجر الجماهير غضباً أيضاً لاختفاء الدواء كلية من الصيدليات (وأى دواء) فما هو الحل؟
الحل فى رأيى يعتمد على خطوتين اثنتين:
الخطوة الأولى: هى إبلاغ سيادة الرئيس بحقيقة الأوضاع دون رتوش أو تجميل.
الخطوة الثانية: هى عمل ندوات فوراً لجماهير الشعب عن طريق مؤسساته أو ندوات خاصة لإخطار الناس بحقيقة الموقف وسؤالهم أيهما تختار؛ زيادة أسعار الأدوية المتداولة حالياً بأكثر من 50%، أو عدم توافرها كلية؟ أو ترك الأمر على ما هو عليه واختفاء الأدوية كلية بعد ذلك؟

رامى جلال - مجدى مكين والدفع الرباعى - جريدة الوطن - 25/11/2016

دلت العديد من القرائن على أن المواطن المصرى «مجدى مكين» من المرجح أنه مات مقتولاً داخل قسم الأميرية على يد فرد أو أفراد من قوة ذلك القسم، ولأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، والقتيل ضحية حتى تظهر حكايته. فإننى أكتفى برصد أربعة محاور هى (الإعلام، النشطاء، الداخلية، الكنيسة) تمثل أموراً دافعة للقضية:
1- (الإعلام): لا تغيير فى خياله: فالاغتيال المعنوى والطعن فى شخص الضحية هو الأسلوب المتبع منذ خالد سعيد، باعتبار أن سوء سلوك أو عوار شخصية الضحية يبرر ما حدث لها.. الاغتيال المعنوى الذى طال مريم ملاك، طالبة صفر الثانوية، وصل إلى مجدى مكين، ضحية قسم الأميرية، عبر الوسائل الإعلامية نفسها؛ فبعض الوسائل التى قالت إن «مريم» مريضة نفسياً هى نفسها التى زورت صحيفة حالة جنائية لـ«مجدى» لتدعى أنه سوابق، لكنها، ولتكتمل النكتة، كتبت أمام خانة الديانة «مسلم»، لتظل تلك الشهادة المزورة شاهداً على عصر لم تقطع ثورتان أوصاله، بل قطع هو شوطاً كبيراً على طريق الوضاعة وعدم الخجل.
2- (النشطاء): مجدى مكين عرّى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى؛ فهو إنسان بسيط، وليس الشاب «ريجينى» الإيطالى ولا الطفل «إيلاى» الكردى. وبالتالى لم تحدث أية ضجة منهم حزناً عليه أو تعاطفاً معه، فهل الأمر يتعلق بالاختلاف فى العُمر أم لون البشرة أم المستوى المادى أم طبيعة جواز السفر أم قوة التفاعل الدولى مع القضية أم مدى إمكانية الضغط على مصر أم كل ما سبق؟ لو عرفت هذه النوعية من البشر مبكراً أن مجدى مكين يتبع الطائفة «الكاثوليكية» لراسلوا بابا الفاتيكان وناشدوه التدخل وربطوا بين «مكين» و«ريجينى» بقدر القرب بين الفاتيكان وإيطاليا.
3- (الداخلية): حدث لها تطور ملحوظ: فالمتاجرة المزعومة لخالد سعيد فى «الحشيش» تحولت إلى طرح مضحك بمتاجرة مجدى مكين -الذى لا يجد قوت يومه- فى «البرشام».. كما يُحسب للداخلية أن التفاعل مع المواطن انتقل من أسفل الرأس (القفا) إلى أسفل الظهر (ليفهم القارئ).
4- (الكنيسة): الزيارة التى قام بها الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، لأسرة الضحية، لا يمكن تسطيح تفسيرها بوصفها «زيارة تعزية»، فمن حيث المبدأ الكنسى، وبعيداً عن الاعتبارات الإنسانية، فالضحية ليس من رعايا الكنيسة الأرثوذكسية أصلاً، ومن حيث العادة، فإن زيارات التعزية يقوم بها كاهن الكنيسة التابع لها الفقيد، وإن قام بها مطران، فمن المنطقى أن يكون هو الذى وقعت الحادثة فى زمام إيبارشيته الجغرافى، وهو فى هذه الحالة «الأنبا مارتيروس»، أسقف إيبارشية «شرق السكة الحديد» (تقسيم الإيبارشيات كنسياً على الأرض لا علاقة له بالتقسيم الإدارى للمحافظات).
وقد رفعت الكنيسة يدها ببيان مفاده «ماليش دعوة بيه». وهو بيان يمكن وصفه بـ«العيب»؛ فإن قال أحدهم إن الكنيسة يجب ألا تتدخل مجتمعياً فهذا تدليس لأن الكنيسة تدخلت مثلاً سياسياً، حين أرسلت أسماء مرشحيها إلى القوائم الانتخابية المختلفة بالانتخابات النيابية السابقة، فضلاً عن توجيه تعميمات للشعب القبطى لانتخاب فلان أو الامتناع عن علان (وبالمناسبة -وبعيداً عن موضوعنا الأصلى- فإن التدخل السياسى أمر عادى، وفكرة اللوبى موجودة فى كل مكان، ولكن إنكار ذلك هو العيب).
الواقع أنه يمكن قراءة هذه الزيارة فى إطار أن الضد يُظهر حُسنه الضد، وهناك ضعف بادٍ وواضح عند القيادات العليا، كشفه الأنبا مكاريوس نفسه فى واقعة تعرية مواطنة مصرية بالمنيا، وها هو يثبت على موقفه مع مجدى مكين.. يبدو أن الأنبا مكاريوس قد ضاق ذرعاً بالأمور وراح يغرد خارج السرب، وهو ما لن يُسمح به كثيراً، فلا يصح أن يتعجب أحد إن سمع يوماً ما أنه سافر ليترأس أحد الأديرة القبطية فى جنوب شرق آسيا مثلاً، وإن كان القانون الكنسى يمنع ذلك، فإن القوانين وُضعت لتُكسر.

Thursday, November 24, 2016

خالد منتصر - المفاهيم الداعشية فى المدارس الأزهرية (2) - جريدة الوطن - 24/11/2016

ما زلنا مع المفاهيم التى يتم تدريسها فى كتب مدارس الأزهر، والتى تتعامل مع الطلبة على أنهم فى جيتو منفصل عن الدولة، جيتو زمانى ومكانى، يدرسون فيه أن المسيحى شخص أدنى منك، وأن المرأة كائن فى مرتبة أقل، بل أحياناً تستحق الاحتقار، فى باب مقادير ديات النفس كتاب «الروض المربع بشرح زاد المستنقع» للصف الثالث الثانوى ص117 نجد هذه العبارة «دية الحر المسلم مائة بعير أو ألف مثقال ذهباً أو اثنا عشر ألف درهم فضة أو مائتا بقرة أو ألفا شاة، هذه أصول الدية فأيها أحضر من تلزمه لزم الولى قبوله.. إلخ»، ما زلنا نتحدث عن الحر الذى له دية!، وماذا عن العبد؟، هل ما زلتم فى الأزهر على قناعة بأن العبد والأَمَة والجوارى.. إلخ لهم قوانينهم الخاصة؟، هل هم موجودون أصلاً؟، هل الخادمة الفلبينية أَمَة؟ وهل ما زال من حقى أن أقتنى عبداً وأضرب بعرض الحائط قوانين حقوق الإنسان البشرية المحضة التى شطبت وألغت تجارة العبيد وأرتكن إلى كتبكم التى ما زالت تتحدث عن دية الحر وتتعامل مع البعض على أنهم عبيد لا دية لهم كما كان بلد إسلامى كبير يتعامل ويرفض الاتفاقية حتى أجبر على قبولها فى بدايات القرن الماضى تحت ضغوط دولية، وما زال أهله فى أعماقهم مقتنعين بأن يكون لديك عبد وأمة، واخترعوا حلاً بديلاً على مضض وأطلقوا عليه لفظ «الكفيل»!!، الأخطر هو التفرقة ما بين دية المسلم ودية المسيحى!، وأرجوكم وبمنتهى الهدوء والعقل الإجابة عن سؤال: ما شعور الطالب الذى يدرس هذا الكلام على أساس أنه علم وليس من باب الفولكلور أو طق الحنك أو ملء وقت الفراغ؟، هل سيعتبر المسيحى مواطناً كامل المواطنة والأهلية؟!، أم أنه سيعتبره على أقل تقدير ضيفاً غير مرغوب فيه وبالطبع كافراً يستحق النفى أو الطرد وإرغامه على الجزية وحرق كنيسته كما فعل الإخوان والسلفيون.. إلخ؟، وهناك فى صفحة 97 فصل بعنوان قتل الجماعة بالواحد!!، وفى بداية الفصل يشرح مطورو المناهج الأزهرية مقصدهم الحنون المتسامح فيقولون «تقتل الجماعة -أى اثنين فأكثر- بالشخص الواحد إن صلح فعل كل واحد لقتله لإجماع الصحابة، روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلاً، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعاً»، يعنى باختصار سيقتنع الطالب بأنه مباح أن تخرج برشاشك الآلى للانتقام لمن قتلوا أبيه مثلاً، فإذا كانوا من قرية مجاورة يا ريت يضرب له سكان بيتين تلاتة من أنصار القاتل ومحبيه!!، ماذا سيقول القانون المصرى الحالى عن مثل تلك الواقعة؟!، وهل الثأر فى الصعيد الذى نحاربه والذى أحياناً يصل فيه الاقتتال بين قريتين إلى حدود المذابح والتصفيات الجماعية، هل هذا الثأر قصاص شرعى طبقاً لشرح «زاد المستنقع»؟!، أسئلة ننتظر إجاباتها النظرية من الأزهر بعد أن شهدنا إجاباتها العملية فى الموصل وحلب وسيناء.

Wednesday, November 23, 2016

خالد منتصر - المفاهيم الداعشية فى المدارس الأزهرية (1) - جريدة الوطن - 23/11/2016

كتبت كثيراً وكتب غيرى عن مناهج المدارس الأزهرية وما كانت تحتويه من أفكار تجاوزها الزمن، أفكار بعيدة عن قيم المواطنة الحديثة، ترسّخ من دونية وكراهية الآخر المختلف سواء فى الجنس أو فى الدين، سواء امرأة أم مسيحى.. إلخ، توقفت وتوقف الكثيرون عن الكتابة فى هذا الموضوع بناء على وعود أزهرية بأن المناهج سيتم تغييرها وإزالة تلك الأفكار العنصرية الطائفية منها، إلى أن حصلت على بعض كتب هذا العام المكتوب على غلافها 2016-2017، وجدت أن المسألة لم تتعد أو تتجاوز قصقصة بعض ما كتبه بعض المفكرين والكتّاب فى مقالات متناثرة مثل «أكل لحم الأسير» إلى آخر تلك الصدمات الظاهرة الفجة، وكأن المقصود كان هذه الفقرات فقط، وكأننا كنا نكتب عن عبارات وليس عن أفكار لها جذور، القضية لم تكن قضية فقرات بعينها، لكنها كانت قضية مفاهيم، هذا المقصد لم يصل إلى مسئولى الأزهر ولا المشرفين على لجنة تطوير المناهج، بدليل أن تلك الكتب القليلة التى استطعت الحصول عليها ما زالت تحتوى على كثير من الأفكار التى يعتمد عليها دواعش الداخل والخارج ويخرج الأزهر بتصريحات لاستنكارها!! مثلاً فى كتاب «المختار من الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع» فى الفقه الشافعى للصف الثالث الثانوى، صفحة 61، فى شروط واجب القصاص، الشرط الرابع يقول «أن لا يكون المقتول أنقص من القاتل بكفر أو هدر دم تحقيقاً للمكافأة المشروطة لوجوب القصاص للأدلة المعروفة، فإن كان أنقص بأن قتل مسلم كافراً أو معصوم بالإسلام زانياً محصناً فلا قصاص حينئذ!!»، يعنى ببساطة تلميذ الأزهر جالس ليتشرب مفاهيم داعشية داخل الفصل الدراسى والمفروض إن خارج مدرسته دولة اسمها مصر هى دولة قانون ليس فيها شىء اسمه إنسان أنقص من إنسان ديناً، دولة لا يقتل فيها المسلم مسيحياً أو يهودياً، وعندما ننادى بالقصاص يخرج القاتل ترمومتر قياس درجة حرارة التدين ويتهم المقتول بأنه أنقص منه ديناً أو أنقص منه بكفر لذلك فلا تطلبوا القصاص منه!!، أليست أسهل تهمة عند داعش يجزّون بها الرقاب هى الكفر والردة، ما إن يقررون إعدام شخص فما أسهل أن يقولوا إنه ينقصنا بكفر وأقل منا درجة لأنه يؤمن بدين آخر أو حتى مذهب إسلامى مختلف، أما فى صفحتى 94 و95 بعد أن يتعلم طالب الأزهر أن المختلس من مال الدولة لا تُقطع يده بينما نشال الميكروباص تُقطع يده!!، يقحمه فى مشكلة طائفية عجيبة وغريبة، وهى إذا سرق المسلم أو المسيحى الذمى باب المسجد يجب قطع يده لكن فى حالة سرقة حصير المسجد تُقطع يد المسيحى فقط لأن سرقة الحصير ممكن تكون منفعة عامة للمسلمين وللسارق المسلم فيها نصيب!!، هنا من الممكن أن تفهم لماذا يدعو بعض الشيوخ بعد تخرجهم وبمنتهى الحماس من على المنبر بشفاء المسلمين فقط ونجاح أبناء المسلمين فقط، والدعاء على اليهود والصليبيين بأن يرمل الله نساءهم وييتم عيالهم.. إلخ!، هل تريدنى أن أقتنع بعد ما ذكرته لك من مفاهيم تغرس وتزرع فى أمخاخ هؤلاء الطلبة أنهم سيقتنعون ويقبلون بقانون الدولة المدنية والعيش طبقاً لمفهوم المساواة والمواطنة أم ستظل نظرتهم للوطن أنه كافر لا يطبق الشريعة التى تجعلهم هم فقط الفرقة الناجية؟!.

د. عماد جاد - هل ضاعت الفرصة (٣) - جريدة الوطن - 23/11/2016

نظراً لغلبة المكوِّن الأمنى على السياسى، فقد غابت القدرة على التوافق، وسادت الرؤية الأحادية التى تقول بأن «من ليس معنا فهو علينا»، ومثل هذه الرؤية عاجزة عن إدراك مساحة المشترَك مع من ليس معهم تماماً، فقد يكون التلاقى فيما بين الموقفين، وقد يكون التلاقى بمجرد سماع الرؤى المغايرة ووجهات النظر الأخرى التى ربما بناء عليها يتم تعديل الدفة وتطوير المسيرة، فمن تحسب أنه ليس معك هو معك فى الرؤية الكلية الشاملة، لكنه يختلف معك فى تفاصيل المشهد، يختلف معك فى علاقة المكوِّنين الأمنى والسياسى، ويدرك أن السياسة لا بد أن تقود الأمن، والأمن لا بد أن يعمل فى ركاب السياسة، ومتى قاد الأمن السياسة سادت معادلة «من ليس معنا فهو علينا»، وهى معادلة حدية وخطرة فى الوقت نفسه، لأنها تنظر إلى كافة المواقف السياسية وتقيِّمها انطلاقاً من رؤية أمنية خالصة، ومن ثم نصل إلى تفتيت التحالفات واصطناع صراعات وهمية مع شركاء فى الرؤية، هذا بينما غلبة المكوِّن السياسى على الأمنى يعنى الانطلاق من رؤية مرنة، تبحث باستمرار عن التوافق وعن إدارة للخلافات حتى يمكن الوصول إلى تفاهمات أو على الأقل طريقة إدارة الاختلاف، طريقة تقدِّر وتثمِّن مساحة المشترك فى الرؤية، وتحترم مساحة الاختلاف، تعمل على جسر الفجوة وتضييقها من ناحية وعلى إدارة الخلافات أو الاختلافات على نحو يحصرها فى مجالاتها المحددة ولا يجعلها تمتد إلى باقى المشهد. هيمنة المكوِّن الأمنى على السياسى ضيَّقت من مساحة المشتركات بين القوى السياسية المختلفة، استُبعد كل من له رأى مختلف أو رؤية مخالفة، ولم يتوقف الأمر عند حدود الاستبعاد، بل امتد إلى التضييق والحصار مقابل فتح الأبواب والمجالات أمام من كيفوا أنفسهم مع المكوِّنات الجديدة القديمة، فسادت وجوه منافقة، كل مؤهلاتها القدرة على التلون والتغير وترديد جمل وعبارات معلبة جاهزة، باتت الوجوه متشابهة فى السياسة والاقتصاد بل والإعلام أيضاً، ومن يقف وراء ذلك يتصور أنه قادر على إعادة العجلة إلى الوراء، إعلام الستينات وأحزاب التسعينات ومنافقى كل نظام وعهد.
السؤال بصراحة: هل ضاعت الفرصة؟
الإجابة بوضوح أيضاً: لا، هناك شبه فرصة متاحة حتى هذه اللحظة، وتأتى من المشروعات التموية والقومية العملاقة التى يقوم بها الرئيس، والتى تعنى أن أساساً قد وُضع للتنمية الاقتصادية يتواصل بتعويم العملة، الانتقال من الدعم العينى إلى النقدى، استكمال منظومة التشريع فى مجال الاستثمار، الأمر الذى يعنى أننا أمام جهد حقيقى للسير باتجاه التنمية الاقتصادية، ولكى نحول شبه الفرصة إلى فرصة لا بد من البدء فوراً فى تطوير شامل لمنظومة التعليم، تطوير يبدأ بنسف منظومة التعليم الحالية واستنساخ تجربة من دولة متقدمة ولتكن التجربة اليابانية فى التعليم، مع تطوير بنية المدارس وإعادة تأهيل المدرسين وذلك حتى نحقق معدلات تنمية مرتفعة تقلص نسبة الفقراء فى المجتمع من ناحية وتنزل بنسبة الأمية إلى معدلات بسيطة للغاية، عندها سيبدأ الطلب على الديمقراطية الحقيقية بكل ما تشمله من مبادئ وقيم إنسانية، الفرصة لم تضع بالكامل بعد، وإذا كنا بدأنا عملية التنمية فلا بد من استكمالها بقوة عبر إصدار قوانين الاستثمار والبدء فوراً فى تغيير شامل لمنظومة التعليم، وإلى أن تتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى ستفرض التنمية السياسية، أى الديمقراطية، رجاء قلِّلوا من هيمنة المكون الأمنى وزيدوا مساحة المكون السياسى، ففيه نجاة البلاد والعباد من ردة متوقعة فى حال استمرار الآليات المتبعة حالياً والتى تعطى للأمن اليد الطولى والغلبة على السياسة.