Translate

Thursday, April 30, 2020

القضية النبيلة لا تعنى بالضرورة فناً جيداً - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /29






الفن سحر غامض مراوغ، لكن المراوغة محببة، مستفز للعقل والروح، لكنه الاستفزاز العذب، وما يجعل الفن فناً هو أسلوبه، بناؤه، صياغته، ولو لم تتوافر تلك العناصر، مهما كان الموضوع عظيماً، والقضية نبيلة، سيصير الفن منشوراً خطابياً، أو مظاهرة حنجورية، أو شعاراً دعائياً، هذه الأفكار راودتنى حين قال لى الصديق إن أجمل عمل فنى يشاهده الآن هو الذى يتحدث عن استعادة القدس وتدمير إسرائيل واختفاء أمريكا!!، عندما شاهدته عدت لأقول له إن الخيال العلمى إذا لم يغلف فى «سيلوفان الفن»، فسيصبح مجرد هلاوس سمعية وبصرية، وأن أعظم وأنبل القضايا إذا عرضت برداءة وصياغة مبتذلة مفككة خالية من روح ومنطق الفن، صار مانشيت الجريدة هو مكانها الطبيعى ومقرها المناسب، من الممكن أن تلقى قصيدة عن تحرير القدس بينما هى غاية فى الرداءة، لن تترك تأثيراً، وترسم فقيراً عارياً يداه متسختان وشعره أشعث، فتصير لوحتك أيقونة فنية، فمثلاً الفنان فان جوخ له أكثر من لوحة لأحذيته التى رافقته فى رحلات سيره الطويلة المنهكة، الحذاء مثقوب، كالح، يغطيه التراب، لكنه جميل، لكنه فن، وهذا ما يمنح اللوحة الألق والروعة والسحر والجاذبية، رواية «مدام بوفارى» برغم أنها تتناول خيانة وجنساً، فإنها رواية جميلة من الكلاسيكيات، وبرغم المحاكمات الأخلاقية التى عانت منها وعانى منها مؤلفها، فإنها صارت أيقونة لأنها ببساطة فن، الروائى هنرى ميللر الذى يتهمونه دائماً بالفحش فى مفرداته ومشاهده، بالرغم من ذلك فهو عملاق روائى، وما يقدمه هو فن، «كافكا» عندما كتب قصة المسخ كان يتحدث عن شبه «صرصار» منسحق، لكنها قصة أثرت فى مسار الفن القصصى كله، الشاعر محمود درويش تحدث عن فلسطين شعراً، وصفوت حجازى قدم خطبة عصماء فى زمن الإخوان عن أننا بالملايين رايحين للقدس وفلسطين، لكن شتان بين «درويش» و«حجازى»، إذن الفن ليس بموضوعه النبيل العظيم النضالى، ولكن بتركيبته وتشكيله وتضفيره ونسيجه، هذا هو الفن الحقيقى، والدراما ليست خارجة على هذا السياق، بل هى على القمة من حيث الحاجة إلى التحقق الفنى، فالعمل الدرامى الذى لا يترك فيك بصمة فنية، ولا يهزك من الأعماق، ليس دراما، العمل الملىء بالشعارات حتى ولو كانت تمس أعظم القضايا، ليس بدراما ولا فن، لأن معنى الدراما هو الفعل، تذوق الفن لدينا ما زال بعافية، فنحن أمام اللوحة الفنية ما زلنا نسأل الفنان التشكيلى عن الموضوع ولا نلتفت للخط ولا للون ولا للضوء ولا للمنظور، وما زلنا نصفق للعمل الدرامى، إذا قال البطل: أنا حررت القدس وهو يقف فى زاوية تصوير خاطئة وتمثيله صراخ والسياق عشوائى، من حقك أن تقول وبمنتهى الوضوح إن هذا العمل ردىء بدون أن تخاف من فزاعة كيف تنتقد عملاً يحرر القدس!!، باختصار نبل القضية لا يعنى بالضرورة جمال وصدق الفن.

زياد بهاء الدين يكتب: حوار اقتصادى وطنى.. حان وقته ٣٠/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

على نحو ما حدث فى العالم كله، تغير الخطاب الحكومى المصرى بشأن التعامل مع فيروس «كورونا» خلال الأسبوعين الماضيين من الاقتصار على الجانب الوقائى وترتيبات الحد من انتشار المرض إلى الاهتمام المتزايد باستئناف النشاط الاقتصادى فى أسرع وقت ممكن.
ومع تحفظى الذى أبديته سابقًا على الإسراع من تخفيف القيود قبل أن نعرف إن كان الوباء فى طريقه للانحسار أم لا يزال على منحنى الصعود، إلا أن موضوعى اليوم ليس الإجراءات والقرارات الحكومية الأخيرة، بل مضمون الخطاب الاقتصادى المصاحب لها.
هذا الخطاب يفترض أن الهدف النهائى الذى نسعى لبلوغه هو تجاوز الأزمة الراهنة والعودة قدر الإمكان إلى الحالة التى كان عليها اقتصادنا قبل زلزال «كورونا». والحقيقة أن هذا الخطاب والفروض التى يستند اليها بحاجة للتفكير والمراجعة لأنه لا الاقتصاد العالمى سيعود إلى حالته السابقة، ولا السياسات الاقتصادية التى كانت مصر تنتهجها ستكون مناسبة للمرحلة القادمة دون تعديلها تعديلًا جذريًا.
الاقتصاد العالمى لن يعود لسيرته الأولى لأن الركود والبطالة اللذين جلبهما وباء «كورونا»، مصحوبا بانخفاض أسعار البترول وانهيار السياحة والسفر وتراجع معدلات الإنتاج والتجارة، لن يسمحوا بالعودة للنقطة التى كان العالم عندها منذ شهور قليلة. حتى لو تم اكتشاف مصل مضاد للوباء أو علاج له، لن يعود العالم سريعا لذات المعدلات السابقة من الإنتاج والاستهلاك والتجارة والاستثمار والسياحة. مع ذلك فإن بعض جوانب التغير المرتقب قد تكون إيجابية بعدما كشف «كورونا» عن ضرر الاعتماد الزائد على كفاءة نظام التجارة العالمية، والمبالغة فى السفر والترفيه والاستهلاك، وضعف الخدمات الصحية حتى فى أكبر اقتصادات العالم، وعدم ملاءمة أماكن العمل وأساليب التنقل لجيل الشباب، واستحالة الاستمرار فى انتهاك البيئة والموارد الطبيعية على نحو ما كان حادثا. فى كل الأحوال فإننا لسنا أمام أزمة مالية أو اقتصادية عابرة بل تغيير جذرى فى أنماط الإنتاج والاستهلاك والتجارة لن يمكن تجاهله أو التصرف كما لو كانت المياه ستعود لمجاريها فور انحسار الخطر الصحى، هذا إذا انحسر أصلا ولم يهاجمنا «كورونا» متحورا العام القادم بضراوة أكثر كما يحذر بعض العلماء.
من جهة أخرى فان الاعتقاد بإمكان استئناف سياساتنا الاقتصادية المحلية حيث تركناها من أسابيع قليلة ليس فى محله، لأن تلك السياسات كانت من الأصل محل جدل وتقييم، وقد صارت بالتأكيد بحاجة للمراجعة فى ضوء الأوضاع الجديدة. لن يمكن العودة إلى اقتصاد قاطرته قطاع المقاولات فقط بينما طاقتنا الصناعية غير مستغلة والزراعة متراجعة والخدمات غير قادرة على المنافسة عالميًا، ولن يمكن الاعتماد على ما تجلبه السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج من موارد أجنبية إذا استمر تراجعها مستقبلا، ولن يمكن الرجوع لسياسة جذب الاستثمار بالحوافز التقليدية والإعفاءات الضريبية والأراضى المجانية لأن رأس المال المحلى والأجنبى سيكون أكثر حرصا وتدقيقا فى اختيار أماكن توطنه وستكون الغلبة بين البلدان الساعية لجذب المستثمرين لمن لديه قوانين واضحة وبيروقراطية مرنة وبنية لوجستية وتكنولوجية متفوقة وقوة عمل ماهرة، ولن يمكن الرجوع لحالة الغموض المحيطة بدور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية والشد والجذب بينه وبين الدولة، ولن يمكن التردد فى منح الأولوية المطلقة لتجديد نظم التعليم والصحة والبنية التحتية خاصة فى الأرياف والمناطق العشوائية، ولن يمكن السكوت على حالة التهرب والتسيب الضريبى التى تحرم الدولة من الموارد الضرورية لتمويل برامج الحماية الاجتماعية والبنية التحتية.
قد يبدو الوقت مبكرا لمثل هذا الحديث بينما الحكومة والناس مشغولون بالوباء وبآثاره الاقتصادية المباشرة، ولكن الواقع أن التفكير فى مستقبل ما بعد «كورونا» ضرورى والاستعداد للتعامل مع الظروف الدولية الجديدة لا يحتمل الإرجاء. والحلول ليست جاهرة ولا ينبغى أن تكون من صنع الدولة وحدها، بل يلزم استدعاء كل طاقات الوطن ومؤسساته للمشاركة فى هذا الحوار وفى وضع الحلول والتصورات التى تحقق الصالح العام. مصر لا تنقصها مراكز بحثية ولا جامعات ولا مؤسسات مالية ولا جمعيات أهلية ولا نقابات ولا خبراء فى كل المجالات تستعين بهم دول أخرى ولن يتأخروا عن تلبية نداء الوطن.
التحديات الراهنة لمواجهة الوباء كبيرة، والتحديات التى ستواجهنا لاحقا سوف تكون أكبر، وعلينا الاستعداد من الآن لعالم جديد بدأت ملامحه تتضح، والمنافسة فيه ستكون عاتية، ونحن قادرون على مواجهتها إذا تعاون الجميع، وكانت لدينا شجاعة وإرادة التغيير.


Tuesday, April 28, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: كان صرحًا من خيال: كتاب مبهر عن أم كلثوم ٢٨/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم


أتحدث اليوم عن تحفة فنية شاعرية اختلط فيها التاريخ بالحكى وأيضاً بالخيال، كتبه باللغة الفرنسية اللبنانى الفرنسى سليم نصيب بعنوان «ثومة»، وتُرجم إلى الإنجليزية والإيطالية بعنوان «أحببتك لأجل صوتك»، ثم أخيراً ترجمها إلى العربية الشاعر اللبنانى الراحل بسام حجار بعنوان «كان صرحاً من خيال»، ونشرته دار شرق/ غرب، وفى مصر دار العين فى نهاية ٢٠١٩.
ومما لا شك فيه أن أم كلثوم هى أهم نجمة فنية فى التاريخ المصرى الحديث، وكُتِب عنها عدد كبير من المؤلفات بالعربية وبلغات أخرى. ربما كان أهمها كتاب نعمات أحمد فؤاد، الذى أرّخ لتاريخها «عصر كامل من الفن»، وكتاب رتيبة الحفنى «أم كلثوم معجزة الغناء العربى»، وكتاب إلياس وفكتور سحاب المكون من ثلاثة مجلدات، هذه الكتب تحدثت عن أم كلثوم من القرية حتى المجد وعلاقاتها الفنية وقربها من مراكز السلطة وزواجها وحياتها الشخصية. هناك كتابان مختلفان، الأول للكاتب اللبنانى حازم صاغية وعنوانه «الهوى دون أهله»، ونشر فى تسعينيات القرن الماضى، وهو يتحدث عن أم كلثوم الإنسانة بحلوها ومرها وعلاقتها بتاريخ مصر والفن فى هذه الفترة، بطريقة فنية رائعة مختلفة. المؤَلّف الثانى الذى أتحدث عنه اليوم مكتوب بلغة شاعرية رقيقة عذبة تجذب القارئ وتحلق به فى أجواء عاطفية فيها عبق التاريخ الذى يلعب دوراً كبيراً متخفياً بين جنبات النص. وهو ليس سيرة لتاريخ أم كلثوم، ولكنه يحكى خطوات حياتها عبر الغور فى أعماقها. أم كلثوم ليست بطلة الكتاب وإنما البطل هو أحمد رامى الذى يلعب دور الحكاء والراوى بجمال ورشاقة وخفة وشاعرية، فتشاهد حياة أم كلثوم من خلال أحاسيس وأفكار رامى. يلعب محمد عبد الوهاب دوراً كبيراً فى الكتاب، وبلطف شديد وبساطة نتعرف على تاريخ عبد الوهاب الفنى والشخصى، بداية من علاقته بأحمد شوقى ونهاية بتعاونه مع أم كلثوم والوصف الرائع للحفل الأول لأغنية إنت عمرى. وبرشاقة نعرف كيف نام عبد الوهاب على الأرض فى حجرة رامى فى باريس عند بدء المعرفة، وتعيش مع تقلبات العلاقة العاطفية الصوفية بين رامى وأم كلثوم. وتتداخل ألحان الشيخ أبو العلا مع أفكار طه حسين ومحاضراته المرتجلة فى مقهى الفيشاوى، مع ترجمات رامى للخيام من الفارسية مباشرة، ثم وهو يقرأ لأم كلثوم أشعاره وأشعار القدماء وهى تقول له: الشعراء مختلفون ففى أعماقهم شىء ما أنثوى، ليس فى أجسادهم، بل فى روحهم، إنى واثقة مما أقول. فبصحبتك مثلاً أشعر بالأمان. وفى الجلسات اليومية بين رامى وثومة لتحفيظها الشعر قال رامى: فتحت عينيها وداهمنى سوادهما حتى الأعماق. كانت شفتاها اللتان تتلوان أبياتى تفتران عن ابتسامة فانتابنى الإحساس فجأة بأننى عاشق وقع فى شرك العينين.
ونتعرف على سعدية وصيفتها التى حضرت معها من القرية. والأحداث اليومية البسيطة، ولكنها استثنائية، ومن أجملها وصف رامى وهو يعلمها آداب المائدة وكيف تأكل بالشوكة والسكين، ويتداخل ذلك مع القصبجى وعوده وألحانه وعواطفه وشجونه.
ثم ينتقل إلى عبد الوهاب الذى يقول لرامى: «لقد صنعتها وما عادت بحاجة إليك» بإمكانك أن تعود إلى صحبتى نرتاد المقاهى نتعرف إلى نساء ونسهر الليالى. ويحكى بلطف المعركة مع منيرة المهدية، والتى انتهت بالصلح والوئام.
وفى وسط كل ذلك ويوم افتتاح مسرحية كليوباترا لعبد الوهاب يموت سعد زغلول ويصف الجنازة الرهيبة بخيال خصب ممزوج بحقائق تاريخية. ويتجلى فى وصف حفل عيد ميلاد منيرة المهدية وفيه تغنى الطفلة أسمهان ومعها الملحن داود حسنى مكتشفها، بحضور ثومة وعبد الوهاب. ثم الخلاف بين أم كلثوم وعبد الوهاب وكيف غضبت أم كلثوم من رامى حتى أصيب باكتئاب ولم يغادر سريره لأسابيع حتى بدأ يكتب أغانى فيلم الوردة البيضاء لعبد الوهاب، وبين السطور يحكى ذهاب رامى إلى إمبابة حيث شاهد هناك الإخوان المسلمين وتجمعاتهم.
ودخلت ثومة المستشفى لإجراء جراحة فذهب إليها رامى قبل إجراء العملية، حيث جرى حديث شاعرى هامس رائع أعاد المياه لمجاريها وقالت له ثومة «لا أشعر بالاطمئنان إلا برفقتك».
ويحكى كيف صحبت ثومة رامى إلى أرض شارع أبو الفدا فى الزمالك التى اشترتها لبناء الفيلا فنعيش أحداث البناء والافتتاح. ثم سعادتها بالعلاقة مع القصر الملكى، وبعدها وفاة الملك فؤاد وكيف قالت أم كلثوم لرامى إنها تنوى الزواج. بعدها تزوج رامى وأنجب أولاده ثم تركت الزوجة البيت بعد سنوات بهدوء بسبب هيامه بأم كلثوم. وتطرق المؤلف بلطافة إلى ارتباطها بالملحن محمود الشريف وتدخل القصر لإفساد العلاقة، وكذا علاقتها بمصطفى أمين وزواجها من الدكتور الحفناوى.
وينتقل الكتاب إلى عام ١٩٥٢ وصعود عبد الناصر وتدشين علاقة فنية من نوع جديد، ثم هزيمة ١٩٦٧ وأثرها على مصر وعليها، ثم رحلتها فى المنطقة العربية التى تتداخل مع الأحداث السياسية وتليها وفاة عبد الناصر. لم يتطرق الكتاب لعلاقة ثومة بالسادات وزوجته، ولكنه يحكى بحزن الأيام الأخيرة لها ويصف جنازتها التى سار فيها رامى بجوار عبد الوهاب وكادت الجماهير أن تدهسهم.
هذا كتاب فريد من نوعه يخلط التاريخ بالرواية ويمزج الحكى بالحقائق، هو ليس كتاباً عن أم كلثوم ولا رواية عنها، إنه قصيدة شعرية كتبها رامى عن أم كلثوم ولحنها المترجم الشاعر الذى أبدع فى ترجمته لكتاب جميل بلغة راقية بديعة.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

د. زاهى حواس يكتب: الشيخ على جمعة والأهرامات! ٢٨/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

لا أعرف لماذا يقحم الشيخ على جمعة نفسه فى موضوع الآثار، وهذا ليس تخصصه، ولم يبحث فيه؛ فهو رجل يقدم لنا النصائح الدينية، ونحن نحترم ذلك فيه ونقدره. أما إذا تحدث عن الآثار، فهنا يجب أن نقول له إن كل ما قاله عبارة عن أخطاء يرددها العامة وليس لها صلة بالعلم. وقد ردد الشيخ على جمعة ما كتبه د. سيد كريم فى كتاب باسم «لغز الأهرامات». وبعد ذلك قام الراحل د. مصطفى محمود بسرد كل أحداث الكتاب فى برنامجه «العلم والإيمان». وما يزال هناك البعض الذى يردد هذه المعلومات التى لا تستند إلى أى دليل علمى واحد. وهذه المعلومات تجعل علماء المصريات ينظرون إليها ولا يردون عليها. ولكن عندما يردد هذه المعلومات رجل فاضل مثل د. على جمعة، الذى أقدره واحترمه على المستوى الشخصى، فإننى أقول له: «قف». وأطلب منه الاعتذار عن تقديم مثل هذه المعلومات المضلِّلة التى تفيد بعض الأشخاص الذين يحاولون أن يسرقوا منا حضارتنا، ويقولون إن الأهرامات بناها قوم جاءوا من الفضاء أو من القارة المفقودة أطلانتس، وأن «أبوالهول» يعود عمره إلى ١٥ ألف عام، وأنه ليس من صنع الفراعنة، أو أن أصل الحضارة المصرية زنجى. وما يقوله الآن الشيخ على جمعة هو إعطاء فرصة لكل من يحاول النيل من الحضارة الفرعونية، وأقول لهم: «ابعدوا أيديكم عن الفراعنة؛ لأن هناك علماء فى كل دول العالم، ومنذ أكثر من قرنين من الزمان، يبحثون فى الرمال، ويقدمون لنا يوميًا الأدلة العلمية الجديدة سواء اللغوية أو الأثرية التى تثبت عظمة هذه الحضارة».
وقال الشيخ على جمعة فى حديثه التليفزيونى إن النبى إدريس هو أول من بنى الأهرامات، وأن تمثال «أبوالهول» الذى يسبق، فى رأيه، عهد الملك خوفو وعهد الملك خفرع ما هو إلا تجسيد للنبى إدريس، وأنه علم التحنيط، وأضاف أن إدريس هو نفس أوزيريس.. وقد أضاف بأن قال إن ما يقوله ليس انتقاصًا من أحد.
فأود أن أرد عليه متسائلاً وموضحًا، أولاً: ما القرائن التى استند إليها، والتى تشير إلى أن إدريس هو أول من بدأ بناء الأهرامات؟! والأدلة اللغوية والأثرية تشير إلى أن ملوك الأسرتين الأولى والثانية قد بنوا فى أبيدوس وسقارة مقابرهم من الطوب اللبن. وبعد ذلك جاء المهندس إيمحتب، وهو من عامة الشعب، ولكن عبقريته جعلت منه الرجل الثانى بعد الملك، وغيّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر، وهو ما يعرف بهرم سقارة المدرج. وبعد ذلك حدث تطور فى البناء، ورأينا عظمة أهرامات الأسرة الرابعة فى الضخامة، وبعد ذلك، قام الفراعنة فى عصر الأسرتين الخامسة والسادسة بتقليص الشكل الهرمى فى أهراماتهم، وزادوا من مساحة المناظر المصورة على جدران معابد مجموعاتهم الهرمية. واستمر بناء الأهرامات حتى عهد الملك أحمس الأول، أول ملوك عصر الأسرة الثامنة عشرة. ولدينا أعظم كشف أثرى يربط الهرم الأكبر بالملك خوفو مباشرة، وهو بردية وادى الجرف التى عُثر عليها منذ سنوات قليلة، وفيها نصوص بالهيروغليفية والهيراطيقية. وفيها يحدثنا رئيس العمال، المدعو «مرر» عن بناء الهرم، وقطع الأحجار ونقلها إلى الجيزة، وأن منطقة الهرم كانت تعرف باسم «خوفو عنخ»، أى «خوفو يعيش» وأن الملك كان يعيش فى قصره بالهرم. وقال «مرر» إنه كان يعمل فى العام السابع والعشرين من حكم الملك خوفو. فهل يمكن يا شيخ على أن تنسى ذلك؟!
وهناك مقابر العمال بناة الأهرام التى اكتشفت بجوار الهرم، والتى تثبت أن الهرم كان المشروع القومى لمصر، بالإضافة إلى مقابر الكهنة والموظفين الذين يتحدثون عن أعمالهم ووظائفهم مع الملوك خوفو وخفرع ومنكاورع. ومن الجدير بالذكر أننا لم نعثر على اسم نبى الله إدريس داخل أية مقبرة، فضلاً عن أسماء فرق العمال التى عُثر عليها داخل الحجرات الخمس التى تعلو سقف الحجرة الثالثة، وهى فرق العمال التى اشتركت فى بناء الهرم، وكلها مرتبطة باسم الملك خوفو. ولدينا أيضًا قوائم الملوك، وهى عبارة عن سرد لأسماء الملوك حكام مصر منذ عصر الأسرة الأولى إلى عصر الأسرة الثلاثين. وهناك العديد من الأدلة التى يمكن أن يقرأها سيادته.
أما عن موضوع «أبوالهول» فأقول إن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن «أبوالهول» قد تم نحته فى عهد الملك خفرع، وأنه يمثل الملك خفرع فى شكل الرب حورس يتعبد لأبيه الملك خوفو الذى اتخذ صفة وشكل الإله رع فى المعبد الواقع أمام «أبوالهول» وأن الفراعنة منذ عصر ما قبل الأسرات كانوا يمثلون الملوك على شكل أسد، كرمز للقوة والبطش والعظمة، ولكن بدءًا من عهد الملك جدفرع، ابن الملك خوفو، بدأ الملوك يضعون وجه الملك على جسم الأسد. وبعد ذلك، قام بذلك الملك خفرع، وتبعه ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة. واستمر هذا التصوير الفنى حتى عصر الأسرة الثلاثين، ويتضح ذلك فى طريق «أبوالهول» الذى يربط بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك. وإذا أراد الشيخ على جمعة أن يعرف المزيد عن «أبوالهول» فأرجوه أن يرجع إلى كتابى باللغة العربية عن هذا التمثال العظيم؛ لذا فإنه ليس لدينا هناك أى دليل على أن تمثال «أبوالهول» يجسد نبى الله إدريس، عليه السلام.
أما عن علم التحنيط، فلم يحدث أن جاء شخص ما أو أى كاهن وقال هذا هو علم التحنيط؛ وذلك لأن التحنيط مرّ بمراحل وتجارب منذ عصر الأسرة الأولى، حين تم اكتشاف مقبرة وداخلها تابوت ومومياء، وتم تحنيط الجزء السفلى منها فقط. وبعد ذلك وضعوا أقنعة على الوجه، ولم يصل التحنيط إلى أوج عظمته إلا فى عصر الأسرة الثامنة عشرة فى عصر الدولة الحديثة. وهذا واضح جدًا من مومياوات الملوك الفراعنة الموجودة فى المتحف المصرى فى ميدان التحرير. وليس هناك جملة مصرية قديمة واحدة أو أى دليل أثرى على أن نبى الله إدريس هو الذى علّم الفراعنة التحنيط.
أما عن موضوع أن نبى الله إدريس هو الإله المصرى القديم أوزيريس، فهذا هو ما ردده د. سيد كريم. وقام بذلك بناء على السجع اللغوى فى نهاية اسميّ النبى إدريس والإله أوزيريس، ولكن للأسف فإن أوزيريس هو الذى كان يصنع العرش؛ ولذلك أصبح مكلفًا على العالم الآخر، وأصبح كل ملك يموت يصير «أوزيريس». ولدينا أسطورة الخلق التى تشير إلى دور أوزيريس فى العالم الآخر، وإلى أماكنه المقدسة التى يوجد بها جزء من جسمه بعد أن قطّعه إله الشر، ست، إلى أربع عشرة قطعة.
لم أكن أتمنى أن أكتب هذا المقال، غير أننى وجدت أن هناك ضرورة كى يعرف كل من سمع هذا الحديث أن الشيخ على جمعة لم يحدثنا بالعلم ولا بالأدلة العلمية، بل تمادى فى سرد معلومات غير صحيحة وغير علمية، وكان يجب عليه ألا يتحدث فى غير تخصصه. لا توجد صلة بين نبى الله إدريس والأهرامات وأبوالهول والتحنيط، وإن نبى الله إدريس ليس هو الإله «أوزيريس».

د. على جمعة بين الحفريات والعنعنات - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /27






ما قاله المفتى السابق د. على جمعة، ومع كل الاحترام لشخصه، فى برنامجه عن النبى إدريس وبنائه للأهرامات وعلاقته بأوزيريس وأن وجه «أبوالهول» هو وجهه.. إلخ، أثار الجدل طيلة الأيام الماضية، وقد فرضت علامة استفهام مؤرقة نفسها حول الرغبة المزمنة لرجال الدين فى إقحام أنفسهم والإفتاء فى كل العلوم الحديثة والقديمة، ومنها العلوم الإنسانية والتاريخ والاجتماع وعلم النفس والرياضيات وبناء المفاعلات النووية وإرسال الأقمار الصناعية، باختصار هم يعرفون كل شىء فى الدنيا وبالطبع نحن الذين منحنا رجال الدين الحق فى اقتحامنا حتى فى غرف نومنا. وهذه ليست المرة الأولى للشيخ الفاضل د. على جمعة التى يبتعد فيها عن ملعبه كرجل دين ويدخل ساحات العلوم التجريبية كعالم وطبيب ومهندس، فمن قبل دخل ملعب طب النساء والتوليد وأفتى بأن أقصى مدة للحمل أربع سنوات وعلى ذلك فالمرأة التى تلد بعد أربع سنوات من سفر زوجها سينسب ابنها إلى هذا الزوج المسكين، ومنذ عدة أسابيع دخل شيخنا الجليل الفاضل ملعب هندسة الاتصالات والسوفت وير والموجات الكهرومغناطيسية ورسم علاقة بين الكورونا والـ5G!!، ثم جاءت الرابطة الإدريسية الأوزيريسية التى قالها د. على، وكلامه عن وجه أبى الهول الذى هو وجه إدريس، والأهرامات وبنائه لها، لتطرح سؤالاً عن مصادر التاريخ، هل هى الوثائق والنقوش والحفريات، أم أنها كتب الدين والأحاديث والعنعنات؟، وهل رداء رجل الدين هو بمثابة تصريح أو كارنيه دخول كل الملاعب العلمية فى الكون؟، جاء رد د. زاهى حواس قوياً وعلمياً ليحسم تلك النقاط، فبالنسبة للأهرام فقد قال د. زاهى: «أولاً لدينا الأدلة الكاملة عن أن الملك زوسر هو الذى بنى أول هرم موجود لدينا، وأن الذى غيَّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر هو إيمحتب العبقرى، ولدينا أقدم بردية عُثر عليها إلى الآن، وهى بردية وادى الجرف، والتى يتحدث فيها رئيس العمال (مرر) عن بناء هرم خوفو، وقال إن منطقة الهرم كانت تسمى (عنخ خوفو)، بمعنى (خوفو يعيش)، وأن خوفو عاش فى قصر بالهرم، وتحدث عن مدة حكم خوفو، وبعد ذلك استمر بناء الأهرامات حتى بداية الدولة الحديثة».، وأضاف «حواس»: أما عن «أبوالهول» فلا يعود، على حد قول الشيخ على جمعة، إلى ما قبل عهد خوفو وخفرع وهذا خطأ فادح؛ لأن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن «أبوالهول» يعود إلى عهد الملك خفرع، وأن نحته تم كى يظهره فى شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع، والذى يظهر فى المعبد الكائن أمام «أبوالهول»، وأن المصريين القدماء قد ربطوا بين قوة الأسد والملك، فى شكل أسد يظهر وهو يطأ ويدوس أعداءه، واستطرد «حواس»: «أما عن موضوع أن سيدنا إدريس هو أول من قام برسالة التوحيد، فيجب ألا ننسى قبل وجود أية أديان سماوية أن ظهر لنا الملك أخناتون كأول إنسان يتحدث عن التوحيد، أما عن موضوع إدريس وربطه بأوزيريس، فهذا للأسف تم ربطه بسبب السجع اللغوى بين الاسمين»، هذا ملخص ما صرح به د. حواس لعدة صحف ومواقع، وضع به النقاط على الحروف وانتصر للحفريات على العنعنات.

Saturday, April 25, 2020

بمناسبة وباء «كورونا» المعاصر: الإيمان.. تلسكوب العقل بقلم الأنبا موسى ٢٦/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

١- معروف أن الإيمان هو الخاص بمعرفة إلهنا العظيم وتدبيراته فى الكون، وعمله فى الإنسان عبر الدهور منذ أن خلقه، ثم سقط فخلصه من سقوطه، وأعطاه حياة جديدة.
٢- ومنذ سقط الإنسان وهو ينتظر لحظة الخلاص من هذا السقوط، والعودة إلى إلهه وخالقه، سر حياته وسعادته، ووجوده، وخلوده.
٣- يقول إشعياء النبى: «أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلَهُ الدَّهْرِ يَهْوَه خَالِقُ أَطْرَافِ الأرْضِ لا يَكِلُّ وَلا يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ» (إِشَعْيَاءَ ٤٠: ٢٨-٣١).
٤- ومعروف أن العقل محدود، لأن الإنسان- أصلاً- محدود! بينما أمور الإيمان غير محدودة، لأن إلهنا تعالى لا نهائى وغير محدود. من هنا يستحيل على العقل أن يدرك الله تعالى بمفرده، فهيهات أن يستوعب المحدود غير المحدود!!.
٥- وهناك تشبيه بسيط جدًا لهذا الموضوع وهو «العين»: فالعين المجردة محدودة، لا تستطيع أن ترى الكواكب والأقمار البعيدة، إلا فى صورة باهتة غير واضحة. ولكننا حينما نضع على العين المجردة تليسكوبًا متطورًا، نرى هذه الأجرام البعيدة بوضوح أكثر وتفاصيل دقيقة. هل العين استطاعت أن ترى هذا دون التليسكوب؟ كلا، وهل التليسكوب استطاع الرؤية دون العين؟ كلا أيضًا، هما إذن يتكاملان!! (العقل والإيمان)، لهذا قال الكتاب المقدس: «لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان» (٢ كورنثوس ٧:٥).
٦- كذلك العقل المحدود، لا يدرك من أمور الألوهة إلا النذر اليسير، ولكننا حينما نستعين بنور الإيمان وعمل الله فى الإنسان، يستنير العقل فيفهم ويستريح ويقتنع ويخشع أمام غير المحدود الله.. محب البشر. لهذا قال الكتاب المقدس: «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا» (رومية١٧:١).
٧- العقل.. هبة الله: وهذه حقيقة أكيدة، فالعقل عطية الله للإنسان. خلقه لنا كى نتفهم ونتدبر أن نسلك بالحكمة. بل إن غايات العقل الإنسانى هى أن يعرف الله، وهو قادر على ذلك بالإيمان، حينما تستنير بصيرة الإنسان الداخلية بعمل الله فيه.
وحينما يدرس العقل الكون، يدرك بعض الأمور السرمدية (الأزلية - الأبدية)، وأمور اللاهوت والخلق والخلود. وحينما يتأمل مصنوعات الله المذهلة، أو جسم الإنسان الملىء بالأسرار، أو أبعاد الكون الشاسع، يسجد فى خشوع، مقدمًا العبادة والتسبيح لإلهنا العظيم. فهو الذى خلق السماء والأرض وكل ما فيها، ما يرى وما لا يرى.
٨- لذلك يقول سليمان الحكيم: «فى شفتى العاقل توجد حكمة» (أمثال ١٣:١٠).
٩- الإيمان والعقل هما بمثابة الجناحين اللذين يمكّنان الإنسان من الارتقاء إلى تأمل الحقيقة، وكما يقول الكتاب المقدس: «بالإيمان نفهم..». فالله هو الذى وضع فى قلب الإنسان الرغبة فى فهم ومعرفة الحقيقة، ومعرفته لذاته!.
١٠- ذكر لنا الكتاب المقدس «مثل الزارع»: وهو أن الزارع يبذر الزَّرْعَ فى الأَرض «ثُمَّ يَنامُ فى اللّيلِ ويَقومُ فى النهارِ والزَّرْع ينبت ويَنمو وهوَ لا يَدْرى كيف كانَ ذلك. فالأَرض مِنْ نَفسِها تعمل عملها تُنْبِتُ العُشْبَ أَوَّلاً، ثُمَّ السُّنْبُلَ، ثُمَّ القَمْحَ الذى يَملأُ السُّنْبُل، حتَّى إذا نَضِجَ القَمْحُ حَمَلَ الرجُلُ مِنْجَلَهُ فى الحال، لأَنَّ الحَصادَ قدْ حان» (مرقس٢٦:٤-٢٩).
- فالزرع ينمو بقدرة الله تعالى نموًا خفيًا متواصلاً.
- أما دور الإنسان فى هذا النموِّ فينحصر فى مساهمته المحدودة التى يقوم بها على قدْر طاقته. فبعدما يزرع زرعه يستسلم إلى الهدوء والسكينة.
١١- مساهمة الإنسان المحدودة: المثل لا يُنكر ما يقوم به الزارع من أعمال فى الحقل. فإنه يحرث الأرض، ويضع السماد، ويقوم بالرى، ويُنقذ النبات من الحشرات الضارة، ويقتلع النباتات الطفيلية. إن كل هذه الأعمال ضروريَّة لنموِّ الزرع، ولكنَّها ليست السببَ الجوهرى لنموِّه.
١٢- قدرة الله اللانهائية: إن نمو الزرع فى حد ذاته- وهذا ما نسميه سرَّ الحياة- قدرةٌ خفيَّةٌ وضعها الله تعالى فى داخل الحبَّة، ولولاها لا تنمو هذه الحبة مهما عملت يد الإنسان. فهى تنمو بقدرة الله تعالى.
١٣- الإنسان يكتشف القوانين: إن كل ما يفعله العقل الإنسانى هو اكتشاف القوانين الإلهية التى يسير عليها العالم، فمثلاً: حينما اكتشف الطاقة الكهربائية، لم يكن يخترعها.
- وحينما اكتشف التليسكوب، رأى ما كان موجودًا أصلاً، ولكنّ عينه المحدودة لم تكن لتستطيع ذلك.
- بل حتى حينما أراد الإنسان أن يضع قدميه على القمر، سار فى خشوع شديد حسب قوانين الكون، التى وضعها مهندس الكون الأعظم - الله تعالى- «لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان» (٢ كورنثوس ٧:٥)، فماذا فعل؟
- فانطلق الصاروخ بسرعة معينة ليفلت من الجاذبية الأرضية.
- وأخذ الإنسان معه الأكسجين، لانعدام الهواء هناك.
- وقدّر جاذبية القمر، ومعنى انعدام الوزن.. أمور كثيرة جدًا سلك الإنسان حسبها، فاستطاع أن يتعرف على المزيد من أعمال الله وعجائبه فى الكون.
١٤- سأل الناس العالم العظيم نيوتن: ماذا كان شعورك وأنت تكتشف قوانين الطبيعة؟ فأجاب قائلاً: «كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط شاسع».
- وهذه حقيقة، فالعلوم كلها تتضافر لكى تدرك بعضًا من أسرار الكون، وقوانين المهندس الأعظم - الله تعالى.
- وفى كل يوم ندرك جديدًا من المعارف والاكتشافات والنظريات، فنتعرف على طاقات كامنة مذخرة، ونصل إلى اختراعات حديثة مدهشة.. كلها تمجد الله، ولا تنقص دور الإيمان!، لذلك قال الرسول بولس: «آمنت.. لذلك تكلمت» (٢ كورنثوس ١٣:٤).
وأخيرًا، يقول القديس بولس الرسول: «وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لا يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، أنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِى يَأْتِى إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ» (عِبرانِيّين ١١: ٦). وفى ظل وباء كورونا المنتشر فى العالم حاليًا نقول كما قال داوود النبى: «أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِى وَادِى ظِلِّ الْمَوْتِ لا أَخَافُ شَرًّا، لانَّكَ أَنْتَ مَعِى» (مزمور ٢٣: ٤). إن إلهنا العظيم هو الوقاية العظمى من وباء «كورونا»، له كل المجد.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

هل توفير اختبار الأجسام المضادة للجميع سيسمح لنا بإلغاء العزل الاجتماعى؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /25






الإجابة بالقطع لا، أو بالأصح حتى هذه اللحظة لن يغنينا هذا الاختبار عن فرض التباعد والعزل الاجتماعى، اختبار الأجسام المضادة لو أجرته الحكومة على مئات الآلاف بل الملايين لن يكون مانعاً من انتشار المرض ولن يبيح لنا الزحام والقرب الحميم الشديد والقبلات والأحضان والمصافحات والسينمات والصلوات والحفلات الجماعية.. إلخ، كان هذا الاختبار يقدم لنا على أنه الأمل لعودة الحياة بسرعة وترك الحبل على الغارب، لكن حتى الآن تظل أهم طرق الوقاية هى التباعد الاجتماعى والحفاظ على الكمامة وغسل الأيدى وتطهيرها وتطهير الأسطح، وعودة الحياة بالتدريج مع وضع كل هذه الاحترازات فى الاعتبار، هناك عدة علماء فى الوول ستريت جورنال شرحوا ببساطة ما هى الأجسام المضادة؟، وما الأسئلة التى لم تحسم بعد فيها؟، تأمل الشركات والحكومات أن تساعد الاختبارات فى فتح الاقتصاد ببطء، ويأمل الأفراد فى أن تتمكن الاختبارات من إخبارهم إذا كانت ستتم حمايتهم من الإصابة بـ Covid-19 مرة أخرى، وفى محاولة لإخراج الاختبارات فى أسرع وقت ممكن، لا تطلب الآن إدارة الغذاء والدواء من الشركات المصنعة الحصول على موافقة من الوكالة، ويقول الخبراء إن النتيجة هى أن العديد من الاختبارات ذات جودة مشكوك فيها وتتضمن نتائج زائفة، وقد سألت وول ستريت جورنال الخبراء عن تلك الاختبارات، وهذه هى بعض الأسئلة والإجابات.
س: ما اختبار الأجسام المضادة؟ وكيف يختلف عن الاختبار التشخيصى؟
ج: تخبرك الاختبارات التشخيصية ما إذا كنت مصاباً بـ Covid-19 أم لا، يقول ديفيد والت، أستاذ علم الأمراض فى كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى بريغهام للنساء فى بوسطن، إنها اختبارات جزيئية تكشف عن وجود مادة وراثية من الفيروس، عادةً ما يستخدمون مسحة أنفية بلعومية لهذا الغرض، لكن اختبارات الأجسام المضادة تأخذ عينة من دمك لاختبار الاستجابة المناعية للعدوى لمعرفة ما إذا كان جسمك قد أنتج أجساماً مضادة أم لا، هم لا يكتشفون بها العدوى النشطة ولكن يخبرونك ما إذا كنت قد أصبت سابقاً بالفيروس.
س: ما الجسم المضاد؟
ج: أى جسم مضاد هو بروتين ينتجه الجهاز المناعى، مصمم لربط بروتينات معينة على الفيروس، بمجرد ربط الأجسام المضادة ببروتينات الفيروس، فإنها تؤدى بشكل مثالى إلى عملية لتحييد الفيروس وإزالته من الجسم.
س: إذا كان لدىّ أجسام مضادة للفيروس تتسبب فى الإصابة بـCovid-19، فهل هذا يعنى أننى محمى من الإصابة به مرة أخرى؟ وإذا كان الأمر كذلك، إلى متى؟
ج: الإجابة لا نعلم حتى الآن، أعرف أن الإجابة محبطة للقارئ خاصة القارئ المصرى، يقول الدكتور والت: «فقط لأن الناس لديهم استجابة ضد الأجسام المضادة لهذا الفيروس لا يعنى أنهم محميون من الإصابة مرة أخرى»، ويقول مارك جينكينز، مدير مركز علم المناعة فى كلية الطب بجامعة مينيسوتا «إن الافتراض هو أن وجود الأجسام المضادة يوفر مستوى ما من الحماية ويمكن أن يستمر بضع سنوات»، مجرد افتراض.
س: ما كمية أو عدد الأجسام المضادة التى تحتاجها لقتل أو بالأصح تحييد الفيروس؟
ج: يصنع أشخاص مختلفون كميات مختلفة من الأجسام المضادة بناءً على جيناتهم وعوامل أخرى، بما فى ذلك مدى شدة العدوى الفيروسية، من المحتمل أن الأشخاص الذين يعانون من عدوى خفيفة -أو الذين ليس لديهم أعراض- قد لا يتطور لديهم العديد من الأجسام المضادة وقد يكون لديهم حماية أقل من العدوى التالية، يقول ديفيد رايش، رئيس مستشفى جبل سيناء فى نيويورك: «على الأرجح، فإن الأشخاص الذين تعافوا من Covid-19 مع وجود أجسام مضادة فى مجرى الدم لديهم سيكونون محصنين لأشهر أو سنة أو سنتين، لكن هذا غير معروف حالياً، وعلينا أن ندرس ذلك بمرور الوقت»، وبينما يقول بعض الخبراء إنه من المحتمل أن الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة قد لا يكونون محصنين، يقول غريغورى ستورش، أستاذ طب الأطفال فى جامعة واشنطن فى سانت لويس، إن معظم الأجسام المضادة تتوافق مع المناعة وتدل على عدم تكرار الإصابة، لكن هناك استثناءات، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائى، فى نفس الوقت يصابون بهذه الفيروسات بشكل فعال، وبالنسبة لفيروس الجهاز التنفسى المسمى (RSV)، وهو فيروس تنفسى شائع عند الأطفال، يمكن أن يكون لدى الأطفال استجابة للجسم المضاد ولكن لا يزالون عرضة للإصابة بالعدوى مرة ثانية.
س: ما قيمة اختبارات الأجسام المضادة الآن؟
ج: من منظور الصحة العامة، يقول الخبراء، تعتبر الاختبارات حاسمة لتحديد معدل الإصابة بالفيروس فى البلد والمجتمعات المحلية، ومعدل الوفيات الحقيقى، وعلى المستوى الفردى، يمكن للاختبارات تحديد ما إذا كان الشخص مصاباً بعدوى بالفيروس Covid-19 أم لا.
س: هل اختبارات الأجسام المضادة موثوقة ١٠٠٪؟
ج: كان هناك قلق كبير بشأن جودة المجموعة الأولى من اختبارات الأجسام المضادة التى دخلت السوق قبل شهر تقريباً، كما تقول إيمى كارجر، الأستاذ المساعد فى الطب المخبرى وعلم الأمراض فى كلية الطب بجامعة مينيسوتا. وتقول: «لقد غمرنا سيل من رسائل البريد الإلكترونى والمكالمات من شركات مشكوك فيها لم نسمع عنها من قبل لمحاولة بيع هذه الاختبارات»، «كانت الشركات تدور حول مجموعات اختبار الشحن من الخارج التى لم يتم تقييمها بشكل مستقل»، وتقول إن الكثير من الاختبارات السريعة التى يمكن إجراؤها بوخز الأصابع كانت غير موثوقة، الآن أوضحت إدارة الأغذية والأدوية FDA أن اختبارات الأجسام المضادة التى لم يتم اعتمادها بموجب ترخيص استخدام الطوارئ، أو EUA، تحتاج إلى تقييم مستقل من قبل مختبر سريرى معتمد لإظهار أنها تعمل قبل استخدامها، فى الوقت الحالى، ينصح الدكتور المرضى بعدم استخدام هذه الاختبارات لتحديد ما إذا كانوا محصنين أم لا حتى يكون هناك بعض التوحيد القياسى للاختبارات، «نظراً لوجود اختلاف كبير بين الاختبارات الموجودة، من الصعب معرفة ما إذا كان الاختبار إيجابياً كاذباً بسبب فيروس كورونى آخر أم لا».
س: هل تتمتع اختبارات الأجسام المضادة بمعدلات إيجابية خاطئة أو سلبية زائفة عالية؟
ج: الخبراء قلقون بشكل خاص بشأن إمكانية تحقيق نتائج إيجابية كاذبة، لأن ذلك قد يؤدى إلى شعور زائف بالأمان، يحذر الدكتور رايش، «هناك هذا الخيال الذى يعتقد الناس أنه سيكون لدينا هذه القوة العاملة المناعية الضخمة القادرة على العودة إلى العمل. والأرجح أنه سيتعين علينا فقط إعادة التفكير فى الطريقة التى تم بها تصميم القوى العاملة للعام أو العام والنصف التاليين حتى يكون هناك تطعيم واسع النطاق»، وهناك نقطة أخرى صعبة، وهى أن الاختبارات قد تقيس الأجسام المضادة المُنتجة للفيروسات التاجية الأخرى، التى لا تعكس الإصابة بـCovid-19. فهناك العديد من الفيروسات التاجية الشائعة الأخرى الموسمية وتسبب نزلات البرد.
س: متى يبدأ الجسم فى إنتاج الأجسام المضادة؟ متى الذروة؟ إلى متى تظل لدينا؟
ج: يقول الدكتور جينكينز إن الدراسات أظهرت أن الجسم يبدأ فى إنتاج أجسام مضادة بعد أسبوع تقريباً من الإصابة، وكل شخص تقريباً لديه أجسام مضادة فى دمه بعد 10 أيام من بدء الأعراض. يقول الدكتور جينكينز: «تظل هذه المستويات مرتفعة فى دماء هؤلاء الأشخاص طالما نظرنا إليهم»، وهو ما يقرب من شهر حتى الآن، من غير المعروف إلى متى ستبقى الأجسام المضادة، ولكن وجدت إحدى الدراسات أنه بالنسبة لفيروس تاجى قاتل آخر، أو متلازمة تنفسية حادة شديدة، أو سارس، فإن الأجسام المضادة تلاشت بعد بضع سنوات، يقول د. رايش إن الأجسام المضادة موجودة بعد 14 يوماً من التشخيص لكنها أقوى بكثير بعد 21 يوماً، وفقاً للاختبار من مشروع Covid-19 National Plasma Project Plasma، الذى يجمع الدم من الأشخاص الذين تعافوا من الفيروس للتبرع لأولئك الذين لا يزالون مصابين، ويقول إن الأجسام المضادة تبلغ ذروتها عادة بعد أربعة إلى ستة أسابيع من بدء الأعراض، وهناك دراسة من الصين تظهر أنه عندما تأخذ دماً من مرضى Covid-19، يتم العثور على حوالى 70 ٪ من الوقت من الأجسام المضادة التى تحيد الفيروس. ويتساءل الباحثون «نحن لا نفهم لماذا كان لدى 30٪ اختبارات سلبية».
س: هل هناك أنواع مختلفة من الأجسام المضادة؟
ج: نعم. فى الاستجابة المناعية النموذجية، تسمى الفئة الأولى من الأجسام المضادة المنتجة IgM، أو الجلوبولين المناعى M. بعد ذلك، ينتج الجسم IgG، وهو أكثر قدرة على التعرف على الفيروس المحدد واستهدافه. ينتج الجسم أيضاً IgA، الذى يوجد عادةً بكميات أعلى على أسطح الأغشية المخاطية، يوصف الـIgM بأنه عابر ولا يمكن اكتشافه عادةً إلا بعد بضعة أشهر، يمكن اكتشاف IgG لفترة أطول وربما يكون الأكثر فائدة للقياس.
س: أنا شاب وصحى، هل يجب أن أعرض نفسى للفيروس إذا استطعت حتى أتمكن فى النهاية من إجراء اختبار الأجسام المضادة واستئناف حياتى الطبيعية؟
ج: يوصى الخبراء بعدم القيام بذلك. أنت لا تعرف أبداً نوع رد الفعل الذى قد يكون لديك، وحتى الشباب والأصحاء انتهى بهم الأمر إلى المستشفى وبعضهم ماتوا، والهدف من ذلك هو تخفيف الضغط عن نظام الرعاية الصحية، لذا فإن تعمد التقاط العدوى لنفسك - هو أمر أحمق.

البشرية لم تنضج بعد! بقلم د. وسيم السيسى ٢٥/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

معرفتنا قطرة وجهلنا محيط «إسحاق نيوتن» وهذا صحيح! عقد مصرى فى برلين، ثقوب حباته لا تكون إلا بشعاع ليزر! مصابيح كهربائية فى دندرة، خيوط زجاجية Fiber Glass! مواد مشعة فى كبسولات من الجرانيت!
ثقوب سوداء قادرة على التهام مجموعتنا الشمسية لو اقتربنا منها! كائنات متناهية الصغر توقف حال العالم، وتهدد البشرية بالانقراض! هرم كريستال حجمه ثلاث مرات حجم هرم خوفو تحت سطح المحيط الأطلنطى «مثلث برمودا» على عمق ٣٠٤٨ متراً «Ray Brown»، مدينة غارقة فى أعماق محيط مثلث برمودا «مدينة أطلانطس» كهنة مصر لأفلاطون- الله يدمر العالم ثم يعيد بناءه كل عشرة آلاف سنة»، أهرامات المكسيك: الشمس والقمر، يقول الأهالى: بناة هذه الأهرامات هم الآلهة أطلنطس جاءت لهم من المحيط!
اكتشفنا أهرامات مضيئة نابضة على بعد ٢٠٠ متر فى أعماق محيط مثلث برمودا. حقاً معرفتنا قطرة وجهلنا محيط! مساحة هذا المثلث ٣٠٥ آلاف كيلومتر مربع، وهو محدد بفلوريدا جنوباً، برمودا شمالاً، جزر الباهامس شرقاً فى المحيط الأطلنطى، هذه المساحة المائية لمثلث الرعب هذا تختلف عن أى مساحة مائية تساويه بثلاث:
١- نسبة الكوارث مائة إلى واحد.
٢- الكارثة تقع فجأة! لا وقت حتى للاستغاثة.
٣- لا بقايا.. لا أثر.. لا جثث غارقة..
لا زوارق نجاة.. كأنهم ذهبوا للمريخ!
سفينة عملاقة- ألبونانزا- كانت تحمل ٣٢ ألف طن فحم اختفت! السفينة العملاقة كوين مارى، كانت تحمل ١٥ ألف طن من الكبريت المذاب! اختفت بكل ما فيها ومن عليها.. لا أثر! مئات الطائرات.. اختفت!
هناك نظريات تحاول التفسير منها:
١- المادة الضد: Anti-Matter «بول ديرك» إذا التقت بالمادة كطائرة أو باخرة، تحول الاثنان إلى أشعة جاما فى جزء من الثانية! وكأن الأخطل الصغير قرأ هذه النظرية فطلب من محمد عبدالوهاب أن يغنى:
يا حبيبى أكلما ضمنا للهوى مكان.
أشعلوا النار حولنا فغدونا لها دخان!!
هذا ممكن لو كان الحبيبان إلكترونات وبوزيترونات!
٢- الثقوب السوداء «ستيفن هاوكنج». عشرة شموس، مثل شمسنا تتكدس فى كرة قطرها ٤٠ ميلا! المعلقة منها تزن آلاف الأطنان! جاذبية لا نهائية، لا تسمح للضوء بالانطلاق، تصبح ثقوباً سوداء تلتهم كل من يقترب منها!
٣- الأهرامات الزجاجية فى أعماق محيط برمودا.
٤- الأطباق الطائرة «اختطاف الطيار الأسترالى كونتن فوجارتى فى ٣ ديسمبر ١٩٧٨.
٥- المجال الموحد لألبرت أينشتين، والذى عبر عنه برتراند راسل قائلاً: إنها الرعب الحقيقى، إنها الموت بعينه حين تنفجر ألف شمس فى السماء، ليت ما فرقه الله لا يجمعه إنسان! لقد تحدث أينشتين إلى صديقه براتراند راسل: لقد أعدمت هذه القوانين الخاصة بالـ«U.F.T» فالبشرية لم تنضج بعد لمعرفة هذه القوانين.

لماذا اختراع دواء يستغرق سنوات؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /24






فى زمن الكورونا الناس زهقانة، ولهم حق، وزهقهم وضيقهم أكثر من العلماء الذين لا يخترعون دواءً للكورونا فى شهرين، لكن الرد هو أن الدواء ليس لعبة فهو يستغرق سنوات من الجد والمثابرة والتدقيق، لكن لماذا سنوات؟، الإجابة أرسلها لى د.سامح مرقس أستاذ الأشعة التشخيصية فى جامعة شيفلد، عن ما هى خطوات اختراع دواء؟، يقول د.سامح:
البداية:                 
- اختيار المادة الكيميائية المناسبة.
- دراسة مواصفاتها الكيماوية والطبيعية لتشمل حجم الجزيئات، قابلية الذوبان، كيفية التنقية، الاحتياج لمحفزات كيميائية، catalyst...
الاختبارات الأولية
- الدراسة الفارماكولوجية تشمل تأثير المادة على أعضاء الجسم المختلفة (pharmacodynamics)، وكيفية امتصاص العقار وتوزيعه داخل الجسم ، وكيفية التخلص منه وإفرازه خارج الجسم (pharmacokinetics). يتم أيضاً دراسة تفاعل العقار الجيد مع عقاقير أخرى داخل الجسم وتأثير هذه التفاعلات على التصرفات الفارماكولوجية للعقار الجديد.
- تستخدم حيوانات مختلفة مثل الفئران، الأرانب، الكلاب وأيضاً القرود فى الدراسات الحية (in vivo studies).
- الدراسات المعملية (in vitro) وتشمل استخدام مزارع لخلايا مختلفة.
- تتم مقارنة نتائج هذه الدراسات مع نتائج دراسات تمت على عقاقير مماثلة.
دراسة التأثيرات السامة toxicological studies
- هذه الدراسات تستكشف التأثير الجينى والسرطانى للعقار الجديد وكذلك التأثير على التكاثر ويتم استخدام جرعة واحدة بكميات مختلفة أو جرعات غير سامة متكررة لمدة طويلة.
- تتم أيضاً دراسة الجرعة التى تسبب موت 50٪ من الفئران تحت الاختبار وهذا ما يسمى الجرعة القاتلة 50 (Lethal Dose LD50).
- استكشاف أى تأثير ضار للعقار على البيئة بعد إفرازه من الجسم Ecotoxic effects
هذه الدراسات يجب أن تتم فى معامل حاصلة على شهادة الممارسة المعملية الجيدة ولها تصاريح من الجهات المختصة لإجراء تجارب على الحيوان. هذه التصاريح تجدد دورياً.
الاختبارات الإكلينيكية
هذه الاختبارات تشمل:
- سلامة العقار وعدم وجود أضرار هامة على جسم الإنسان.
- دراسة تأثير العقار على الأعضاء الهامة مثل القلب، الكبد، الكلى، والجهاز العصبى (pharmacodynamic studies) .
- دراسة كيفية امتصاص العقار وتوزيعه داخل الجسم وكيفية التخلص منه pharmacokinetic studies
- فاعلية العقار على المرض أو فى مجال غرض الاستعمال.
يوجد ٤ مراحل فى الدراسات الإكلينيكية.
المرحلة الأولى Phase 1 (تستغرق حوالى عام)
- تتطلب من 20 إلى 100 شخص من المتطوعين الأصحاء لدراسة تأثير العقار على الجسم (pharmacodynamics) وتعامل الجسم مع العقار (pharmacokinetics) . يستخدم فى هذه الدراسات جرعة واحدة من العقار يتم تكرارها بجرعات واحدة متزايدة فى الكمية فى نطاق الجرعات غير السامة.
- فى بعض العقاقير تتم هذه الدراسات على أشخاص يعانون من مرض فى الكبد أو ضعف فى وظائف الكلى.
- قد تتطلب فى بعض العقاقير دراسة جرعات متعددة لفترة طويلة لتحديد تركيزات العقار المتراكمة داخل الجسم وتأثيراتها الفارماكولوجية وتأثير الجسم على العقار مع وجوده لمدة طويلة.
المرحلة الثانية Phase 2 (تستغرق من عام إلى اثنين)
- هذه المرحلة لدراسة كفاءة العقار فى علاج المرض أو الغرض من استخدامه.
- تحتاج هذه المرحلة من 100 إلى 300 شخص من المرضى المستهدفين ينقسمون إلى مجموعتين متشابهتين، مجموعة تعالج بالعقار والمجموعة الأخرى تتلقى دواءً وهمياً placebo ليس له تأثير فارماكولوجى على الجسم.
المرحلة الثالثة Phase 3 (تستغرق حوالى ثلاث سنوات)
- هذه المرحلة تتطلب عدداً كبيراً من المرضى من ألف إلى ثلاثة آلاف مريض وعدة مراكز طبية وحوالى 200 -300 مريض فى كل مركز، ويتم تقسيم المرضى عشوائياً باستخدام أحد البرامح الإلكترونية للتوزيع العشوائى (random selection) إلى مجموعة العلاج ومجموعة البلاسيبو .
- يتم التنفيذ بما يسمى دراسة مزدوجة التعمية (double blind study) وتعنى تعمية المريض والطبيب المعالج عن ما يقدم للمريض، يتم الكشف عن طبيعة كل مجموعة فى نهاية الدراسة وبعد التحليل الإحصائى لكل مجموعة.
المرحلة الرابعة Phase 4 (تستمر لعدة سنوات)
- هذه المرحلة تسمى المراقبة بعد التسويق (post marketing surveillance) وهى هامة للتأكد من سلامة العقار على المدى القصير والطويل.
- تكلفة إنتاج عقار جديد تتراوح بين 350 و500 مليون دولار أمريكى وتستغرق على الأقل ٥ سنوات.
- يتم تقديم نتائج وتفاصيل كل المراحل إلى الهيئات الخاصة بإصدار تصريح الاستخدام البشرى للعقاقير.
متى سيكون هناك عقار جديد لعلاج مرض كوفيد ١٩؟
إنتاج عقار جديد سيحتاج فترة طويلة وفى تقديرى على الأقل ٣ سنوات مع تخطى بعض الإجراءات المستخدمة بسبب خطورة الموقف.

Thursday, April 23, 2020

رأيك أفضل من رأي الطبيب الدرويش - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /23









 جدل الصيام والإفطار، والصراع والشد والجذب ما بين الشيخ والطبيب، ارتفعت حدته ونبرته هذا العام، وصل الجدل وتطور إلى حد تراشق الاتهامات وإلقاء التكفيرات، هناك فريق يقول المسألة حسمها فى يد المفتى، وفريق آخر يقول إنها فى يد الطبيب، وأنا منحاز مبدئياً إلى الرأى الثانى، وهو أن الرأى بيد الطبيب، لكننى أصعد درجة أعلى من الاثنتين، وأقول إن الرأى لك أنت قبل الشيخ وقبل الطبيب، فالطبيب يخبرك مجرد خبر بأنك مريض، لكن من يُحدّد قوة احتمالك، حتى لو غير مريض هو أنت، ومن سيُحاسب هو أنت، والضمير الذى سيضع المعايير هو ضميرك أنت، وهذه هى الأرضية التى وقف عليها د. سعد الهلالى، عندما قال «حتى لو خايف من الكورونا حقك تفطر»، وتم الهجوم عليه بشدة من المشايخ حتى ظننت أنهم احتكروا الجنة!!
لماذا أقول إنك أفضل من الطبيب، أولاً لأن فلسفة الصيام هى أنها عبادة وفريضة خصوصية وعلاقة رأسية بينك وبين الله، أخبرك الرب بأنها له، وهو يجزى بها، علاقة همس لا صراخ، لا تدخل فيها لعصا دولة، أو تهديد محتسب، أو مطاردة هيئة أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وهنا لا دخل للشيخ، وأيضاً لا دخل للطبيب إلا بإخبارك أنك مريض، وهنا ينتهى دوره، لأنه لا يمتلك ترمومتراً يقيس به قدرتك على الاحتمال، ولا مقياس «ريختر» ليقيس به مدى ما يحدثه خوف الكورونا من زلزال نفسى لك، استطعت الصيام أهلاً وسهلاً، وشىء عظيم، وإن لم تستطع فحسابك عند ربنا، لكنه حساب فى السماء لا على الأرض، وحتى هذه اللحظة لم يصحُ أحد من الموت، ليخبرنا بالتفاصيل الدقيقة فى مدونة الحساب التى كتبها الفقهاء الذين حوّلوا فطرية الدين إلى مؤسسة، فعلم الغيب عند الله فقط، وليس عند دار الإفتاء أو الأزهر أو ابن باز أو هيئة علماء المسلمين أو الملالى.. إلخ.
ثانياً وبشكل عام وفى مصر بشكل خاص لم يعد الطبيب ملتزماً بمراجعه العلمية، بل صار يغلب كتب التراث الدينى على كتب العلم والطب الحديث، حتى لو كانت ممارسات التراث قد عفا عليها الزمن وتجاوزها التاريخ العلمى المبنى على الأدلة، صار هناك أطباء كثيرون بمرتبة الدراوشة، تحول الحكيم إلى درويش، بل صار البعض يدلس ويفبرك أحداثاً ويحجب معلومات لصالح توجيهك دينياً ناحية ما يريده أو ما يمليه عليه الداعية، صار الطبيب مستخدَماً بفتح الدال من قِبل المؤسسات الدينية والجمعيات السلفية لخداع الناس للأسف، صار من يخرج علينا بأن الصيام يشفى السرطان والنقرس والحساسية والعقم والروماتويد!!، ومن يقول إن الوضوء يعالج الكورونا، ومن يصرخ بأن صلاة الفجر تعالج الجلطة.. إلخ، وكل واحد يبرز أمام الشاشات بحثاً بالإنجليزية، ويحجب معلومة مهمة من الممكن أن تكون عكس ما يعرضه تماماً، على سبيل المثال يبرزون بحثاً عن الصيام ويقولون إنه مفيد فى كذا وكذا، والحقيقة أن الورقة البحثية تتحدث عما يُسمى بالصيام المتقطع، وهو صيام من أهم شروطه شرب المياه بكثرة!!، أى أنه باختصار شىء مختلف عن الصيام الإسلامى، والسؤال لماذا الكذب والتدليس؟، فالدين لا يحتاج إلى كذبكم الذى يهين الدين ولا يكرمه، لا تقدّموا الدين على أنه بهذه الهشاشة ويحتاج دائماً إلى مبررات ومسوغات من ذوى المعاطف البيضاء، الدين لا يحتاج وصاية رجال الدين، ولا وساطة المشايخ، وأيضاً لا يحتاج إلى «افتكاسات» الأطباء الإعجازية.

Tuesday, April 21, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: الأنفلونزا: تاريخ مظلم ومخاطر اجتماعية فى المستقبل ٢١/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

فيروس الكورونا هو الشاغل الأساسى للعالم الآن، والذى امتد ليشمل الأنفلونزا التى قتلت الملايين فى أوائل القرن العشرين، وتضرب العالم كله الآن، واحتمالات عودة الوباء فى المستقبل. وقد أذهلنى عدد القراء المتابعين والاتصالات التليفونية والرسائل الإلكترونية تعليقاً على مقالى الأسبوع الماضى عن الأنفلونزا الإسبانية فى عام ١٩١٨ وعلاقتها بثورة ١٩١٩، حفزنى ذلك على البحث حتى حصلت بعد أربعة أيام على وثائق الصحة الوقائية الأصلية كاملة أثناء وباء الأنفلونزا الإسبانية فى مصر فى أعوام ١٩١٨ إلى ١٩٢٠ من إحدى الجامعات الأمريكية. وذهلت أثناء الاطلاع الأولى السريع على الكم الهائل من المعلومات والدقة والتنظيم، وأشك الآن، وبعد مائة عام، أن يكون عندنا وثائق بمثل هذه الدقة.
هذا عن الماضى، أما عن المستقبل فيؤكد خبراء الفيروسات أن الوباء لن يكون الأخير، ويقولون إن التطور الطبى والعلاجات الحديثة والتطعيم كلها لن تمنع عودة الوباء، لكنها ستقلل من مخاطره ومضاعفاته.
يتحدثون عن الآثار الاقتصادية الناتجة عن وباء الكورونا وعن توقف أنواع معينة من البيزنس بالكامل مثل قطاع الطيران وما يتبعه من أسواق حرة وسيارات ناقلة، وكذلك الفنادق المتوقفة بالكامل، وبعيداً عن الصناعات الغذائية فهناك انخفاض فى استهلاك جميع السلع، وانعكس ذلك على الإنتاج وعلى العمالة، فزادت البطالة وحاولت كل الدول تحفيز الاقتصاد بمساعدة الشركات والمواطنين، كل حسب قدرته. ولكن القلائل هم الذين كتبوا عن تصورهم للتغيرات الاجتماعية التى سوف تحدث بعد وباء الكورونا.
كتب أندريه كلوث هذا الأسبوع مقالاً مهما فى بلومبرج التابعة لواحد من أكبر بليونيرات العالم عن بعض تصوراته. عنده نظرة تشاؤمية عن الآثار الاقتصادية، فهو يعتقد أن الوباء سوف يضرب الفقراء بشدة فى جميع أنحاء العالم، وسوف يؤدى ذلك إلى تداعيات اجتماعية خطيرة وربما يؤدى إلى ثورات شعبية كبيرة تجتاح أجزاء من العالم. الكاتب يؤكد أن هناك خطأ شائعاً بأن الوباء سوف يؤثر على الجميع بنفس الدرجة، وهذا فى رأيه غير صحيح من الناحية الطبية أو الاقتصادية أو النفسية أو الاجتماعية.
ضربات الوباء ستكون موجعة أكثر فى البلاد الأضعف اقتصادياً، وستكون أكثر قسوة على الوضع الاجتماعى أو الاقتصادى للمواطنين. ويقول إن الإحصائيات تؤكد وقوع مائة تظاهرة كبيرة ضد الحكومات منذ عام ٢٠١٧، ومن ضمنها ما حدث فى بلاد غنية مثل فرنسا فى تظاهرات ذوى السترة الصفراء. ثم ذكر بلاداً فقيرة حدثت فيها تظاهرات عنيفة ضد رؤساء ديكتاتوريين مثلما حدث فى السودان وبوليفيا. ويقول إن هذه التظاهرات أدت إلى تغيير رؤساء وحكومات فى ٢٠ بلدا وتم إسكات أعداد أخرى من المظاهرات بالقوة، ويعتقد الكاتب أنه بانتهاء الكورونا سوف تبدأ مرحلة جديدة من الغضب الشديد بسبب التردى المتوقع فى الأوضاع.
أظهر الوباء الفجوة الكبرى فى طرق مكافحة الوباء فى العالم، وأظهر أيضاً الفروق الضخمة بين الأفراد داخل كل دولة. مثلاً فى الولايات المتحدة ظهرت حركة تنادى بالعزل التام خارج المجتمع بين كبار الأغنياء داخل ضيعات كبيرة يملكونها، فمثلاً أعلن أحد بليونيرات هوليوود أنه سوف ينفصل عن المجتمع داخل يخته البالغ ثمنه ٥٩٠ مليون دولار حتى انتهاء الوباء. بعض الناس تعمل بسهولة من البيت وتنجز وهى فى حالة عزل عن المجتمع، ولكن الأغلبية العظمى من الناس تحتم طبيعة عملهم الخروج وهؤلاء لا يمكنهم أن يعزلوا أنفسهم فى البيت لأنه ليس لديهم مدخرات كافية وكثيرون ليس عندهم تأمين صحى، وحتى العمل لم يصبح متوفراً بسبب الركود الاقتصادى وحين يذهب المواطن للعمل فهو معرض للإصابة بالمرض، وكذلك نقل المرض لعائلته. بالطبع هذا الموقف موجود فى العائلات الفقيرة وفى الولايات المتحدة مثلاً نسبة إصابة السود بالفيروس ومضاعفاته ونسبة الوفيات أكبر بكثير عن البيض.
وفى أوروبا التى بها تجانس أكبر فإن نسبة الإصابة بالمرض ومضاعفاته أقل فى المناطق الغنية التى يعيش فيها ناس ذوو تعليم أفضل ومستوى اقتصادى أحسن وبيوت مساحتها أكبر. فى بلاد مثل الهند أو مناطق من جنوب إفريقيا أو مصر لا يوجد شىء اسمه عزل أو الابتعاد بمسافة عن الآخرين إذا كانت العائلة الكبيرة تعيش فى حجرة واحدة، وفى هذه الحالة يصبح لبس الماسك أمراً لا قيمة له فى الحجرة وغسيل الأيدى باستمرار قد يكون صعباً فى عدم وجود مياه جارية أو عدم وجود صابون يكفى لغسيل الأيدى لأفراد كثيرين عدة مرات فى اليوم الواحد.
منظمة العمل الدولية حذرت من أن الوباء سوف يؤدى إلى فقدان ١٩٥ مليون وظيفة فى العالم وانخفاض حاد فى دخل ١.٢٥ بليون إنسان معظمهم أصلاً من الفقراء. وسوف يؤدى ذلك إلى زيادة الإدمان وانتشار المخدرات والعنف، ومن المستحيل أن يعود المجتمع فى العالم كما كان قبل الوباء. الغضب والمرارة سوف تظهر فى المجتمعات مثال ذلك ما حدث الآن حين أطل الملايين من البرازيليين من النوافذ وأخذوا يقرعون الحلل والأطباق تعبيراً عن غضبهم، ومثل ثورة المساجين فى السجون المزدحمة فى لبنان. قد يؤدى ذلك إلى تطور شعبوى أو حركات متطرفة وكل ذلك ضار بالمجتمع. لابد من التفكير بعمق وجسارة وأيضاً بطريقة براجماتية منظمة عن حل لهذه المشاكل والتفاهم معها فى المستقبل، ومن أهمها وأكبرها مشكلة عدم المساواة. علينا أن نفكر كيف يمكن أن نعيش فى عالم نطوره حتى نستحق أن نعيش فيه.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

دواء Remdesivir هل هو علاج كورونا الحاسم؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /20






هذا السؤال أسمعه كل ساعة تقريباً بعد أن طرحه الإعلام كحل سحرى للكورونا، ولكن المنهج العلمى الصحيح لا بد أن يعلمك دائماً الحذر والشك، وهذه هى الحقائق، فجأة تسبب تقرير تم تسريبه فى الأسبوع الماضى عن نتائج إيجابية من تجربة سريرية لـدواءremdesivir فى شيكاغو فى ارتفاع أسهم الشركة المصنعة، Gilead Sciences، بنسبة 14 فى المائة فى التداول، وأثارت صعوداً عاماً فى السوق فى آسيا وأوروبا.
لكن ما هو remdesivir؟
نشأ Remdesivir من تعاون للعثور على الأدوية المضادة للفيروسات خلال وباء الإيبولا فى غرب أفريقيا فى 2013-16 الذى شمل شركة جلياد، ومعهد البحوث الطبية للأمراض المعدية التابع للجيش الأمريكى والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وطريقة عمله هو أنه يعمل عن طريق تشويش الآلات الجزيئية التى تستخدمها بعض الفيروسات لبناء جيناتها أثناء تكاثرها، أعطت التجارب السريرية ضد فيروس الإيبولا أولاً فى غرب أفريقيا ثم فى جمهورية الكونغو الديمقراطية نتائج واعدة، لكن تلك النتائج لم تترجم إلى أرض الواقع وتم وضعها فى الأدراج قبل أن يتم تقييم الدواء بالكامل بشكل يرضى المنظمين الطبيين، وبقى الدواء غير مرخص فى كل مكان، فى ظل المتاهة التى دخلها العلماء وبحث العلماء فى خزاناتهم القديمة، لاحظ علماء الصيدلة الذين قاموا بمسح الأدوية الموجودة من أجل الفاعلية المحتملة ضد Covid-19 عن إمكانات محتملة فى remdesivir، لأن الفيروسات التاجية الجديدة تشترك فى ميزات مهمة مشتركة مع الإيبولا. يحمل كلا الفيروسين جيناتهما فى سلسلة واحدة من الحمض النووى الريبى، منذ يناير، قام العلماء فى أنحاء عديدة من العالم بإجراء تجارب سريرية مع مرضى Covid-19، بدءاً من الصين، ولكن لم يقدم أى منهم حتى الآن دليلاً قاطعاً على الفاعلية، لكن ما هى النتائج التى خرجت من شيكاغو؟، قمة الإثارة الدرامية أنه فجأة وبين عشية وضحاها تحدث العالم كله عن الـ remdesivir، برغم أن ما نشر عن التجريب فى جامعة شيكاغو لم يتأت من أى كشف رسمى عن النتائج، ولكن من فيديو تم تسريبه إلى Stat، وهو منشور للرعاية الصحية، تحمست كاثلين مولان، أخصائية الأمراض المعدية فى المستشفى، لزملائها الأطباء حول فوائد الحقن اليومى للـremdesivir فى 125 مريضاً من Covid-19، وقالت د. مولان إن المرضى، ومعظمهم من المصابين بأمراض شديدة، قد تعافوا بسرعة من أعراض الحمى والجهاز التنفسى، وتم خروجهم جميعهم تقريباً فى أقل من أسبوع، وفقاً للإحصائيات، وأكدت أن الفيديو حقيقى لكنها رفضت التعليق أكثر.
تم التنبيه على كل من جلياد والمستشفى بتوخى الحذر، وقالت جامعة شيكاغو للطب «تم إصدار معلومات من منتدى داخلى لزملاء البحث بشأن العمل الجارى دون إذن»، وأضافت «إن التوصل إلى أى استنتاجات فى هذه المرحلة سابق لأوانه وغير سليم من الناحية العلمية».
ما الذى لا يزال غير مؤكد فى الدواء؟
الإجابة تقريباً كل شىء، حتى إذا تم تأكيد النتائج الإيجابية من شيكاغو عندما تم إصدارها رسمياً، ربما فى وقت لاحق من هذا الشهر، فإن المتشككين سيشيرون إلى أن هذا هو ما يسميه الباحثون «تجربة التسمية المفتوحة» التى يعرف فيها الجميع أن ريميسيفير يتم حقنه فقط، الفيصل النهائى عندما ستأتى أدلة صحيحة إحصائياً من «الدراسات العشوائية الكبيرة» التى تجريها جلياد مع المتعاونين الطبيين حول العالم، فى هذه التجارب، ينقسم المرضى عشوائياً إلى مجموعتين، واحدة تتلقى remdesivir والأخرى دواء وهمياً يبدو متشابهاً، ولكنه يحتوى على مكونات غير نشطة وغير فعالة، هذا ما يسمى الدراسات مزدوجة التعمية، وهذا يعنى أن المحققين التجريبيين والمشاركين لن يعرفوا من يتلقى العلاج الوهمى أو الحقيقى.
حتى لو أعطى remdesivir نتائج إيجابية فى هذه التجارب ذات الشواهد، ستبقى أسئلة حول ما إذا كان Gilead يمكنه إنتاج ما يكفى من remdesivir لتلبية ما سيكون عليه طلب ضخم فى جميع أنحاء العالم، ومما هو جدير بالذكر أن جامعة إكسفورد تضم remdesivir فى تجربتها السريرية الكبيرة الحالية لاختبار فاعلية الأدوية الموجودة ضد Covid-19 ولكنها لم تتمكن من الحصول على الكميات.
كيف يقارن remdesivir مع العلاجات المحتملة الأخرى لـcovid-19؟
مع تكريس العالم موارد هائلة للمعركة ضد الفيروس التاجى، فإن أكثر من 100 دواء محتمل من Covid-19 فى مراحل مختلفة من الاختبار.
يعد Remdesivir من بين أكثر المرشحين الواعدين فى فئة مضادات الفيروسات، التى تهاجم الفيروس التاجى مباشرة، من المحتمل أن تكون هذه فعالة بشكل خاص فى المراحل المبكرة من المرض، عندما يتكاثر الفيروس بسرعة وتبدأ الأعراض فى الظهور.
تهدف الفئة الثانية من الأدوية إلى كبح الاستجابة المناعية المفرطة والالتهابات التى يمكن أن تضر بالرئتين والأعضاء الحيوية الأخرى فى المرضى الذين يعانون من مرض شديد أكثر تقدماً، يتم اختبار الأدوية المطورة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدى واضطرابات المناعة الذاتية ضد Covid-19.

Monday, April 20, 2020

«بالإيمان نفهم» بقلم الأنبا موسى ١٩/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

أولاً: مع استمرار وباء «الكورونا»، الذى أصاب العالم كله بقلق شديد، نحتاج إلى الإيمان بقوة إلهنا العظيم الذى يرفع عنا كل شر ووباء.. لذلك يقول الكتاب المقدس: «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عبرانين ٣:١١). وكلمة «العالمين» تشمل كافة المخلوقات: الملائكية والبشرية والنباتية والحيوانية، وكذلك الكائنات مثل الخلايا والأميبا.. إلخ. ونحن حاليًا نحارب وباء «الكورونا» الذى يحتار فى أمره الكل، لولا ثقتنا فى إلهنا العظيم، الضابط والكل، والقادر أن يرفعه عنا، فالكل «خاضع له».
ثانيًا: العقل هو العنصر الثانى فى الشخصية الإنسانية بعد الروح، وهو هبة أساسية من الله للإنسان: ومنذ طفولتنا ونحن نعرف أن الإنسان كائن حى عاقل.. ونحن وإن كنا نتفق مع الحيوان فى أن تكون لنا نفس غريزية وجسد مادى ومحسوس، لكن الإنسان يتميز عن الحيوان بأن له عقلاً يفكر، وروحاً تتصل بالله.
ثالثًا: والعقل جوهر أساسى فى الشخصية الإنسانية، ويستحيل أن تكون شخصية الإنسان متكاملة ما لم يكن عقله سليمًا وناضجًا، ومفكرًا، وإذا فقد الإنسان عقله فقد أهليته، ولم يعد مسؤولاً عن أفعاله، ومن حق السلطة أن تحجر عليه أو تحجزه. لذلك يقول سليمان الحكيم: «الْعَقْلُ يَحْفَظُكَ، وَالْفَهْمُ يَنْصُرُكَ» (أمثال ١١:٢).
رابعًا: العقل.. والإيمان:
١- يتصور البعض أن العقل ضد الإيمان، والإيمان ضد العقل، ولكن هذا فهم ناقص للموضوع لسبب بسيط أن الله تعالى هو الذى خلق الكائنات ومن بينها الإنسان. وبالتالى خلق الله العقل، «فى البدء خلق الله السموات والأرض» (تكوين١: ١)، «فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ» (تكوين ١: ٢٧).
٢- إن الإيمان ليس تصادمًا مع العقل، ولا تحايلاً عليه. لكن الإيمان يتحرك ليكمل المسيرة بعد العقل المحدود، فيستريح العقل ويستنير ويفهم، فالعقل يبدأ بمحاولة الفهم، لكن لأنه محدود، لا يستطيع استيعاب غير المحدود!.
٣- وهنا يأتى الإيمان ليكمل المسيرة، ولهذا قال الكتاب المقدس: «بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عبرانين٣:١١)، لأن قضية نشأة الوجود، وأصل الحياة، والنسمة الأولى، نجد شرحها ونفهمها تمامًا، حينما نؤمن بالله، الواجب الوجود، أصل كل شىء.. فهو الموجود الأزلى، ومنشئ كل الموجودات.
٤- وفى ظل وباء فيروس كورونا نصلى قائلين: نشكرك يا خالقنا ورازقنا على هذا الحال، وفى كل حال، ومن أجل سائر الأحوال. ونحنا يا الله من كل شدة.
ونتذكر قول الكتاب المقدس:
- «الرَّبُّ خَلَقَ الأَدْوِيَةَ مِنَ الأَرْضِ، وَالرَّجُلُ الْفَطِنُ لاَ يَكْرَهُهَا» (يشوع بن سيراخ ٤:٣٨).
- «إِنَّ لِلأَطِبَّاءِ وَقْتًا، فِيهِ الْنُّجْاحُ عَلَى أيْدِيهِمْ، لأَنَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى الرَّبِّ، أَنْ يُنْجِحَ عِنَايَتَهُمْ بِالرَّاحَةِ وَالشِّفَاءِ، لاِسْتِرْجَاعِ الْعَافِيَةِ» (يشوع بن سيراخ ١٣:٣٨-١٤).
- «لأَنَّ الطِّبَّ آتٍ مِنْ عِنْدِ الْعَلِى» (يشوع بن سيراخ ٢:٣٨).
- «إِنَّ الْعَلِى أَلْهَمَ النَّاسَ الْعِلْمَ، لِكَى يُمَجَّدَ فِى عَجَائِبِهِ» (يشوع ابن سيراخ ٦:٣٨).
- «وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِى تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِى أَجْنِحَتِهَا» (ملا٢:٤).
خامسًا: الإنسان محدود:
الإنسان كائن محدود: فى قدراته وإمكانياته وطاقاته وتطلعاته وإنجازاته: فهو مجرد كم محدود، ونوع محدود، وطاقة محدودة!، الإنسان فى أعماقه يكمن «عطش لا نهائى»، و«جوع لا نهائى»، و«رغبات لا نهائية» و«طموح لا نهائى»... وهذه كلها لا تشبعها الأمور المحدودة، ولا يشبعها إلا الله تعالى غير المحدود. فالإنسان لا يشبع أبدًا مهما أخذ من أمور هذا الزمان المحدودة.
- قد يشرب من المياه، ولا يرتوى مهما اغترف منها!!.
- وقد يستغرق فى جمع المال، ولا تشبع نفسه إطلاقًا!!.
وقد يسبح فى بحار الفكر باحثًا عن الحقيقة، فلا يصل إلا إلى النزر اليسير!!.
سادسًا: الإنسان كائن عجيب:
١- دائمًا يتجاوز ذاته، ويسبح فى بحار الأزلية السحيقة، والأبدية التى لا تنتهى، والسماوات الشاسعة والفكر العميق.
٢- يسأل نفسه دائمًا: من أنا؟ كيف أتيت؟ ولماذا؟ وأين أحيا الآن؟ وإلى متى؟ وما هو مصيرى النهائى؟ ومصير من حولى؟ ما هو الموت؟ لماذا يقهر طموح الإنسان؟ وماذا بعد الموت؟ ماذا وراء المادة؟ والزمن؟.
أسئلة لا تنتهى، كانت سبب وجود الفلسفة «فيلوصوفيا» أى «محبة الحكمة» (فيلو= محبة، صوفيا = حكمة)، ومحاولة البحث عن الحقيقة العظمى!.
سابعًا: وهناك فى أعماق الإنسان، نجد بصمة إلهية تشير إلى الله، خالق الكون ومعطى الحياة، فنحن مخلوقون، وقد ترك - الله تعالى - بصماته المقدسة على كياننا الداخلى، ومن هنا نبدأ بأن نسأل من الله النور، والمعرفة، والحكمة الإلهية، فتتعرف على إلهنا، الكائن اللانهائى، أصل الوجود، الذى منه حياتنا، وفيه رجاؤنا، وعنده خلاصنا من كل السلبيات!!.
القارئ الحبيب:
- حسن أن نفكر، ونحلل الأمور، ونتعمق ذهنيًا فى كل شىء. ولكن إياك أن تركن إلى عقلك فقط، أو تتكل على ذهنك بمفرده، حيث يقول سليمان الحكيم فى سفر الأمثال: «تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِد» (أمثال ٥:٣).
- أن نور الإيمان هو الذى يكشف لنا الطريق بصورة: أفضل، وأضمن بما لا يقاس.
فبالإيمان..
١- نرى أنفسنا على حقيقتها!. ٢- نرى الله تعالى ضابط الكل!.
٣- نرى الطريق فنسير فيه باطمئنان!. ٤- نرى الحقيقة فلا يخدعنا زيف هذا العالم!.
ولهذا قال يشوع بن سيراخ:
- «يَا بُنَيَّ، إِذَا مَرِضْتَ فَلاَ تَتَهَاوَنْ، بَلْ صَلِّ إِلَى الرَّبِّ فَهُوَ يَشْفِيكَ» (يشوع بن سيراخ ٩:٣٨).
- ويقول أيضًا: «إِنَّ لِلأَطِبَّاءِ وَقْتًا، فِيهِ الْنُّجْاحُ عَلَى أيْدِيهِمْ» (يشوع بن سيراخ ١٣:٣٨).
من هنا نلجأ إلى الأطباء واثقين أن الله هو العامل فيهم، وأنه هو «الطبيب الحقيقى» الذى يشفينا من الكورونا وغيرها، له كل المجد والقدرة والقوة.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


Sunday, April 19, 2020

رسالة من الفيلسوف سعيد توفيق لطبيب النفس أحمد عكاشة - خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/2020 /18






وصلتنى رسالة من أستاذ الفلسفة المعروف د. سعيد توفيق يقدم فيها قراءة لسيرة د. أحمد عكاشة الذاتية، التى صدرت فى كتاب بعنوان «نفسى»، تعالوا معاً نرى كيف تكرّم الفلسفة الطب النفسى، يقول د. سعيد توفيق:
حياة الدكتور أحمد عكاشة تاريخ حافل بالعلم والفكر معاً. ومن هنا تأتى أهمية روايته لسيرته الذاتية بعنوان «نفسى»، التى تُطلِعنا على تاريخه الذى صنع اسمه، وتقدّم لنا خبراته العميقة بالحياة وعالمه المعيش، وهى السيرة التى صاغها باقتدار الكاتب المرموق محمد السيد صالح.
السيرة الذاتية فن قائم بذاته، يختلف عن التراجم والمذكرات، وإن تنوّعت أشكال هذا الفن، حسب طبيعة العالم الذى تريد الذات أن تصوّره. وهذه السيرة عامرة بخبرات الحياة الخصبة التى شكّلت «نفس» أو «عقل» أحمد عكاشة، من خلال محطات رئيسية فى حياته. كل محطة من هذه المحطات تستحق الوقوف عندها، بما لها من دلالات عميقة يتداخل فيها التاريخ الشخصى لأحمد عكاشة مع لحظات مهمة من التاريخ السياسى والاجتماعى لمصر:
فى البداية نتعرّف على نشأة أحمد عكاشة فى أسرة سياسية من جهة الأب والأم معاً، وصولاً إلى الجد، كما أن هذه الأسرة كانت تتمتّع بالثراء والوجاهة الاجتماعية. لكننا ينبغى أن نتوقف هنا عند دلالة مهمة، وهى أن ابن هذه الطبقة الراقية قد تلقى تعليمه فى المدارس الحكومية، ومن بعد فى جامعة عين شمس، وهو أمر دال على الجودة الحقيقية، التى كان عليها التعليم فى مصر قبل أن يتحول تدريجيّاً إلى تعليم هشّ لأبناء الطبقة الثرية.
كما أننا نتعرّف فى سياق الحكى على أحداث وشخصيات بارزة فى فترة الحكم الملكى، وصولاً إلى الضباط الأحرار الذين كانوا يأتون إلى بيت الأسرة فى العباسية، حيث كان أحمد الصبى آنذاك يعيش مع أخيه ثروت، أحد هؤلاء الضباط. كانوا يتسامرون ويتناقشون ويستمعون إلى الموسيقى. ومن خلال هذا الحكى نتعرّف على علاقة الضباط الأحرار بعضهم ببعض، ورؤية أحمد (مع حفظ الألقاب) لكثير منهم.
ومن المحطات الرئيسية فى هذه السيرة علاقة أحمد بأخيه الأكبر ثروت الذى كان بالنسبة إليه بمثابة الأب والمعلم والصديق: لقد أخذه بالشدة وعلمه الانضباط منذ كان صبيّاً، كما علمه حب الموسيقى الكلاسيكية وحُسن تذوقها، وفى ذلك تفاصيل طريفة يمكن أن يرجع إليها القارئ. ظل حب الموسيقى متأصلاً فى عقله وروحه. أذكر هنا أننى ما من مرة من المرات القليلة التى التقيته فيها إلا وجدته يذكر دائماً شيئاً ما عن الموسيقى. لكننا هنا أيضاً ينبغى أن نقرأ دلالة مهمة، وهى أن هذه الشدة والصرامة والانضباط التى ميّزت الضابط ثروت عكاشة، قد اقترنت بروح الفن الطليقة المتحرّرة من القيود والصرامة. وهذا أمر قد يبدو مدهشاً، لكننى على قناعة بأن العقول الكبيرة غالباً ما تكون غير واحدية البعد، وقادرة على الجمع بين الأضداد أو المتناقضات.
وهناك محطة أخيرة فى هذه السيرة تستغرق قدراً كبيراً منها، وهى تلك التى تتعلق بالمسيرة التعليمية والعلمية والمهنية لأحمد عكاشة، لكننا فى كل تفصيلة من هذه التفاصيل نتعلم درساً عن روح الطموح والاجتهاد المتواصل من أجل بلوغ المكانة الرفيعة فى العلم والمعرفة، ونتعلم الكثير عن الأمراض النفسية (أو على الأدق: الأمراض العقلية التى تحدث فى المخ) التى تعترى البشر، والأمراض العقلية التى تعترى الكثير من العباقرة من أمثال صديقه جون ناش، الذى تحولت قصته إلى فيلم شهير، وهو «العقل الجميل». ولعل أحمد عكاشة نفسه يكون مثالاً على نوع آخر من العقل الجميل الذى يجمع بين الأضداد، بين الصرامة العلمية وروح الفن الطليقة؛ كما أن ذكاءه المفرط يقترن باتزان نفسى بالغ، فضلاً عن حرصه الدائم على أن يقدّم خبراته العلمية إلى شباب الباحثين، وخبراته الإنسانية إلى عموم الناس؛ لذلك فإن من يستمع إليه، لا بد أن يتعلم درساً فى فن الحياة أو فن السعادة.

Saturday, April 18, 2020

السمنة أشد خطرًا من السرطان! بقلم د. وسيم السيسى ١٨/ ٤/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

السمنة أشد خطرًا من السرطان، كان الجمال عند شاعر الغزل عمر بن أبى ربيعة هو: المرأة الثرياء، العجزاء «ثقيلة الأرداف»، إذا نهضت تعثرت لثقل أردافها، أما الجمال فى مصر القديمة فكان الرشاقة، فإذا كانت المرأة سمينة فهذا دليل على ترهلها وكسلها.
السمنة قد تؤدى إلى السكر وضغط الدم العالى، وهذان الاثنان هما أهم الأسباب التى تؤدى إلى قصور فى وظائف الكليتين أو الفشل الكلوى، والفرق بين القصور والفشل، هو أن الأول يحتاج لعلاج، والثانى يحتاج لغسيل دموى أو زراعة كلى.
وجدنا أن السمنة لها دور كبير فى الضعف الجنسى عند الرجال للأسباب الآتية:
١- الحالة النفسية السلبية التى يعانى منها السمين.
٢- تصلب الشرايين التى تعوق اندفاع الدم إلى الأعصاب.
٣- السمنة تؤدى للسكر، والسكر يؤدى لالتهاب الأعصاب الطرفية المهمة لعملية الانتصاب.
٤- كمية الدهون فوق العانة تؤدى إلى إعاقة ميكانيكية فى الأداء.
٥- اضطراب الهورمونات:
أ. نقص الهورمون الذكرى.
ب. زيادة البرولاكتين «فقد الرغبة والضعف».
ج. زيادة الهورمون الأنثوى.
٦- العقاقير: مثل بعض عقاقير الضغط العالى للدم، أو عقاقير خاصة بالكآبة أو طرد السوائل أو المضادة للحموضة.
ماذا عن السمنة والسرطان؟
نسبة السرطان فى السمان أعلى من غيرهم، وجدنا أن أعلى نسبة سرطان بروستاتا فى العالم هى الولايات المتحدة الأمريكية، وأقل نسبة هى اليابان، ولكن النسبة ترتفع عند اليابانيين إذا عاشوا فى أمريكا بسبب زيادة الوزن، ونسبة البروتين العالية من أصل حيوانى.
وماذا عن السمنة والعمر؟ متوسط الأعمار أقل عند السمان، وجدنا أن العمر يتناسب تناسباً عكسياً مع قطر الوسط، نادراً ما تجد إنساناً سميناً يسير فى الطريق بعصا! إنه يودع الحياة قبل سن العصا وهى التسعين.
على شاعرنا الجميل عمر بن أبى ربيعة أن يراجع نفسه ولا يطالب النساء بأن تكون أساورهن صوامت، لأن أذرعهن شبعى «سمينة»، ولا أن تكون خلاخيلهن صوامت لأن سوقهن «جمع ساق» شبعى، وألا يتعوذ من الرشيقة ويقول: أعوذ بالله من زلاء ضاوية
كأن ثوبيها علقا على عود!
والزلاء هى النحيفة خفيفة الشحم.
أخيراً أذكركم بكلمة لسقراط:
غضب الله من العالم لكثرة الشرور، فعاقب الكثرة من الناس بالجوع، كما عاقب القلة منهم بالسمنة والتى هى أسوأ منه.