Translate

Tuesday, July 29, 2014

مصر لا يجب أن تفتح معبر رفح جمال أبو الحسن



الحرب عمل ينطوى- بحكم التعريف- على مفاجآت غير متوقعة. من السهل أن تبدأ عملية عسكرية، ولكن من الصعب أن تعرف على وجه اليقين كيف ستتطور أو إلام ستؤول نتائجها فى النهاية. الحرب الجارية فى غزة اليوم ليست استثناء عن هذه القاعدة العامة. لا أحد يمكنه التنبؤ بالسيناريو الذى ستنتهى به. لا أحد يستطيع تخيل شكل التسوية التى ستنشأ عنها.
الحرب، أى حرب، تندلع لأن طرفاً لا يقبل بوضع قائم معين، ومن ثمّ يسعى لتغييره بالقوة. فى النزاع الجارى، يبدو أن الطرفين (إسرائيل وحركة حماس) لديهما، وبدرجات متفاوتة، أسباب لرفض استمرار الوضع القائم. كلاهما يراهن على وضع جديد أقرب لرؤيته وأكثر ملاءمة لمصالحه.
حركة حماس تشعر بعزلة شديدة منذ تغيير النظام فى مصر، وما استتبع ذلك من إغلاق للأنفاق التجارية التى كانت تمر تحت رفح والتى شكلت شريان الحياة المالى للحركة. ما يزعج الحركة حقاً هو خسارة مكانتها كقوة حاكمة فى القطاع. لاحظ أن حماس لم تعد تمارس المقاومة كاستراتيجية مستمرة ومتواصلة لتحرير الأرض. هى تمارس «المقاومة الموسمية» لتحقيق هدف سياسى معين فى لحظة معينة. غايتها الكُبرى هى الحفاظ على حكمها فى القطاع. هذه الغاية صارت عُرضة لتهديد شديد بسبب الضغوط التى تتعرض لها الحركة من أكثر من اتجاه. الحل الوحيد أمام حماس كان السعى لتغيير الوضع القائم بأى سبيل.
كلٌ من الطرفين يسعى لإنهاء الحرب بتسوية تقترب من أهدافه. المشكلة أن الحرب الجارية مركبة للغاية وهى لا تدور، فى حقيقة الأمر، بين طرفين، ولكن بين ثلاثة أطراف. الموقف أشبه بمثلث رأسه فى مصر. أهداف حماس هذه المرة تتعلق بمصر أكثر مما تتعلق بإسرائيل. ظهر ذلك واضحاً فى الأسباب التى عرضتها الحركة لرفض مبادرة التهدئة التى تقدمت بها مصر فى 14 يوليو. أهم ما طالبت به حماس كان فتح معبر رفح. لنكن صرحاء قليلاً: هذه الحرب تدور فى الأساس حول وضعية معبر رفح!
بالنسبة لحركة حماس، فتح المعبر- كمنفذ تجارى واقتصادى وليس للأغراض الإنسانية- هو السبيل الوحيد لتغيير الوضع القائم جوهرياً. هو الفرصة الأخيرة لاستمرار حكمها فى القطاع. آيةُ ذلك أن القبول بفتح المعبر كفيلٌ وحده بوقف جميع العمليات العسكرية فوراً، برغم أن فتح المعبر(تجارياً) هو إجراء لا يمُّتُ بأى صورة من الصور للنضال ضد إسرائيل أو تحرير الأراضى المحتلة فى القطاع. هو إجراء يتعلق بشىء أهم من وجهة نظر الحركة الإسلامية: دوام حكمها فى «إمارة غزة المحررة»!
فتح المعبر تجارياً لا يصب فى مصلحة مصر، ويتعارض بشكل صارخ مع سياستها ومقتضيات أمنها القومى، خاصة على المدى الطويل. تشغيل المعبر، مع وجود حركة حماس على الطرف الآخر، معناه الاعتراف الكامل بحكمها فى غزة. هذا هو الهدف النهائى للحركة. لو قبلت مصر بهذا تكون قد قبلت بدولة جديدة على حدودها يقطنها 1.7 مليون نسمة يعانون من البطالة وتفشى الأفكار الجهادية والتكفيرية، وتحكمها جماعة مسلحة لها تحالفات إقليمية وأهداف سياسية تتعارض بشكل قاطع مع منطلقات الأمن المصرى. هذه المنطلقات تقوم على احترام معاهدة السلام مع إسرائيل ودفعها للقبول بحل تفاوضى سلمى للصراع مع الفلسطينيين على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام ودولتين لشعبين.
وبالنظر إلى وضعية شبه جزيرة سيناء، التى تبلغ مساحتها 66 ألف كيلومتر مربع، ولا يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة، تتضح خطورة الموقف على المدى الطويل. استراتيجية حماس هدفها النهائى أن تصبح سيناء عمقاً استراتيجياً للقطاع. ليست هذه مبالغة، لكنه واقع رأينا بعضاً منه خلال السنوات العشر السابقة التى انتشرت فيها مظاهر التمرد على الدولة والعنف والإرهاب فى شبه الجزيرة. بداية انتشار العنف فى سيناء تكاد تتطابق مع الانسحاب الأحادى الإسرائيلى من القطاع فى سبتمبر 2005 وقيام «الإمارة الإسلامية».
ثمة إشارات لتسوية للجولة الحالية من الصراع على حساب مصر. اليقظة واجبة. خلط الأوراق مرفوض. تشغيل معبر رفح استمر من نوفمبر 2005 وحتى انقلاب حماس فى يونيو 2007. لا يجب القبول بفتح المعبر تجارياً سوى بالعودة إلى هذا الوضع السابق، أى أن تعود السلطة الوطنية الفلسطينية للقطاع وتقبل حركة حماس بإجراء الانتخابات. خلاف ذلك هو تفريط فى أمننا ومصلحتنا الوطنية.

Monday, July 28, 2014

المسيحيون ملح الارض العربية بقلم ياسين سويد











انهم ملح ارضنا العربية، سبقونا اليها قروناً فعمروها وسكنوها وبعثوا في دياجيرها انوار الهداية والتقوى، والخصب والعطاء، ولحقنا بهم بعد ستة قرون فاستقبلونا وعشنا معاً على هذه الارض التي اضحت بفضل تلاقينا، مختبراً ناجحاً للتعايش بين الديانتين السماويتين: المسيحية والاسلام.
وبعد عشرين قرناً من وجود المسيحية في أرض العرب، واربعة عشر قرناً من وصولنا، نحن المسلمين اليها، غدرت الصهيونية ربيبة اليهودية وحاضنتها بالارض واهلها، فانتزعت جزءاً غالباً منها، فلسطين، لتقيم على ارضها المقدسة دولة عنصرية معادية لأهلها الاصليين مسيحيين ومسلمين بعدما طردتهم منها وشردتهم، وسمّت تلك الارض المغتصبة اسماً هجيناً هو "اسرائيل". ووقفنا معاً، مسيحيين ومسلمين، نقاتل الكيان الهجين والمعتدي والمغتصب، يداً بيد، وقلباً على قلب، وعرقاً يمتزج بعرق.
كان ذلك منذ ستة عقود فقط، منذ عام 1948 وحتى 2008، حين وصل "جورج دبليو بوش" المندوب السامي الاميركي على بلدان الشرق الاوسط (التسمية الاميركية لأرض العرب) الى "فلسطين المغتصبة" (او اسرائيل)، ليعلنها "دولة يهودية"، ولم يلبث ان بدأ اليهود ينفذون امر "الرئيس الاميركي الاعلى" فبدأت احداث عكا ويافا واللد والرملة: قتل للعرب وتهجير وتدميير لبيوتهم ومنعهم من قطاف محاصيلهم، بقصد اكراههم على الهجرة، تنفيذا للقرار السامي الاميركي: اسرائيل دولة يهودية.
وفجأة، طلعت علينا اخبار تهجير آلاف العائلات المسيحية من الموصل بالعراق...
لقد كان العراق حتى اجتاحه المحتل الاميركي عام 2003، اقوى الاقطار العربية على الاطلاق، واشدها عداءً لاسرائيل، وكان ذا جيش عربي وقوي ومتقدم وقادر على المواجهة، وطامح لأن يصل الى "التخصيب النووي" بحيث يساوي العدو الاسرائيلي في امتلاكه للسلاح النووي، وقد شكل الوئام بين اهله (المسيحيين والمسلمين خصوصاً) وحدة لا تقبل الانفصام.
ورغم ان التحقيق في العدوان على نيويورك وواشنطن، في ايلول 2001، اكد انه لم يكن بين المعتدين عراقي واحد، فقد كان القرار الاميركي الصهيوني ان يستهل "جورج دبليو بوش" عدوانه على العالم الاسلامي "المعتدي" بضرب العراق وتدميره مما يؤكد انه كان للصهيونية دور "فاعل" في اتخاذ هذا القرار، لما للعراق من تأثير في موازين القوى بين العرب واسرائيل.
اولا يثير الانتباه ان نرى نشاطاً اسرائيلياً ملحوظاً في العراق بقسميه: الكردي والعربي، حيث يسرح الصهاينة ويمرحون في كنف المحتل الاميركي؟ وبالتواطؤ معه؟
ورغم ان الرئيس الاميركي لم يستطع ان يقنع المنظمة العالمية في نيويورك بصوابية قراره هذا، فهو لم يتورع عن ان يجتاح العراق (عام 2003) ويدمر كل معالمها الحضارية ويشرد اهلها ويقتل مئات الالاف منهم، دون اي مبرر، ويرمي بذور الفتنة بين طوائفها ومذاهبها واجناسها، ويفتح ابواب العراق لاجتياح صهيوني مماثل يعيث بالبلد العربي وبين شعبه واهله، نميمةً وفساداً، مما اعاد العراق الى القرون الوسطى، قرون الظلام الدامية.
وتأتي احداث الموصل اليوم حيث يجري تهجير العائلات المسيحية من المدينة واقتلاعها من بيوتها واملاكها ومن بين اهلها، ومن وطنها الذي عاشت فيه على مر السنين، جنباً الى جنب، مع باقي المواطنين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم واجناسهم، دون ان يجد المراقب اي مبرر، او اي مسوغ شرعي لهذه الاحداث.
ويتساءل المرء مباشرة: لماذا الموصل؟ ولماذا يقوم بهذا العمل المسلمون بالذات؟ وأية لعنة أصابت اهل هذه الارض العربية، من تهجير لمن تبقى من العرب، مسلمين ومسيحيين، في "فلسطين المغتصبة"، وفي الوقت نفسه: تهجير للمسيحيين من اهل الموصل (على ايدي اهلهم المسلمين) وتحت غطاء واضح هو الاحتلال الاميركي؟
هل يكتفي "راعي المخطط" بما يجري في الموصل؟ ام اننا سنرى انفسنا امام سيناريو يشبه، تماماً، ما يجري في "فلسطين المغتصبة"، حيث بدأ في عكا وانتقل الى بقية المدن الفلسطينية، برعاية اسرائيلية حتما، الى ان تخلو "فلسطين المغتصبة" من اهلها الاصليين العرب، مسلمين ومسيحيين؟
بدأت في الموصل، وربما تنتقل الى بقية مدن العراق (ولنقل العراق فقط كمرحلة اولى) الى ان يخلو العراق من اهله الاصليين من العرب المسيحيين. وبعدها: كيف الاحوال في مصر؟ والاردن؟ ولبنان؟ وبلاد المغرب العربي؟
عند المخطط العبقري "جورج دبليو بوش" واركانه من "اللوبي اليهودي" نجد الجواب حتماً. انه عصر التغيرات الكبرى في هذا الشرق العربي البائس، وبارادة اميركية صهيونية مشتركة. م، أوليس هو المخطط الاميركي نفسه الذي بشر به "جورج دبليو بوش" حلفاءه الاسرائيليين يوم زارهم في القدس واعلن اسرائيل "دولة يهودية"؟
العرب، اليوم، امام مخطط "تآمري" رهيب يستهدف كيانهم ومجتمعهم وحضارتهم:
1– تصفية العرب، مسيحيين ومسلمين، من الكيان الصهيوني، وطردهم خارجه، بعد ان يحل محلهم، في فلسطين، يهود من مختلف الاعراق والاجناس: بحيث يشكل هؤلاء العرب المطردون من "فلسطين المغتصبة" هجرة ثالثة للفلسطينيين من ارضهم وديارهم (الهجرة الاولى عام 1948، والثانية عام 1967)، وتشكل هذه الهجرة "قنبلة ديموغرافية" تعجز الكيانات العربية المحيطة باسرائيل (وهي لبنان وسوريا والاردن) عن تحملها، فتنفجر مهددة الكراسي والعروش العربية.
2– ربما يجترح العقل الاميركي الصهيوني المتآمر "مؤامرة مستحدثة" قائمة على تهجير المسيحيين من كامل العراق (كما هجروا من فلسطين) حيث يحل الفلسطينيون (المسلمون) محل المسيحيين في العراق، وان لزم الامر، في سائر الاقطار العربية. ألم يقدم الاميركيون للرئيس اللبناني "سليمان فرنجيه" في مطلع الحرب الاهلية اللبنانية عام 1976، اقتراحاً "استثنائياً" بأن ينقل اسطولهم البحري المرابط دائماً في مياه البحر المتوسط، مسيحيي لبنان الى الغرب، كلاجئين، ثم مستوطنين، حماية لهم، حتى اذا نجح هذا المشروع، استعيدت احداث لبنان في سائر بلدان المشرق العربي، مما يحقق للغرب طموحه القديم باقامة دويلات دينية صافية (يهودية، ثم اسلامية) في الشرق؟
3– وأما الجائزة التي ينالها العدو الصهيوني لقاء تنفيذ هذه المؤامرة فهي: إلغاء حق العودة للفلسطينيين باعتبار انهم يعودون الى احضان امتهم، بينما تظل "فلسطين المغتصبة" دولة يهودية خالصة، وموطناً خاصاً باليهود، تماماً كما ارادها "جورج دبليو بوش".
ألا فليحذر العرب المسلمون، شعوباً وقادة، خطر حصول "نكبة جديدة" بدأت بوادرها في فلسطين والعراق، وهي بداية لمخطط اميركي صهيوني خطير ومدمر. وليعلم العرب جميعاً، شعوباً وقادةً، ان المسيحيين هم اهل هذه الارض من قبلنا بقرون، وانهم يشكلون قناديل نور لامتنا، فحذار التفريط بهم، بل شدوا على وجودهم بشغاف قلوبكم، وبكل ما تحملون من حب لأمتكم، على اختلاف كياناتكم ومذاهبكم.
إنهم ملح ارضنا العربية، فإذا ذهب الملح، ستصبح حياة العرب علقماً.
والسؤال الملح اليوم: أين جامعة الدول العربية من كل ما يدبر لهذه الامة؟ ومن كل ما يجري وما سيجري؟


 

العلمانية- فى- الخطاب الدينى بقلم د. مراد وهبة ٢٨/ ٧/ ٢٠١٤

عندما يوضع حرف الجر «فى» بين شرطتين فمعنى ذلك أن ثمة علاقة عضوية بين طرفى الحرف. وفى حالة حرف «فى» الوارد فى عنوان هذا المقال فإنه يمكن القول بأن ثمة علاقة عضوية بين الخطاب الدينى والعلمانية، وهى فى الوقت ذاته علاقة اتفاق وليست علاقة افتراق. ويبدو أن هذا القول يجرى على غير الرأى الشائع من أن العلمانية على النقيض من أى خطاب دينى يزعم أنه يُحدث فهماً معيناً للدين. وقد ورد إلى ذهنى هذا الذى قلته وأنا أقرأ صفحة خصصتها جريدة «الأهرام» بتاريخ ٤/٧/٢٠١٤ تحت عنوان «نحو خطاب دينى حضارى»، وفيه رؤيتان إحداهما للشاعر المرموق أحمد عبدالمعطى حجازى والأخرى لوزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى مضافاً إليهما الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، على تعقيب أدلى به الدكتور جابر عصفور للأهرام.
والذى يعنينى هنا هو ما ورد عن العلمانية. قال الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى تحت عنوان «الدين لله والخطاب الدينى لنا» نعم نحن علمانيون لأننا لا نخلط بين الدين والسياسة ونميز بين الدين وبين الخطاب الدينى، أو بين الدين والخطابات الدينية التى لابد أن تتعدد.وقال الدكتور شومان: «نشر وزير الثقافة الأستاذ الدكتور جابر عصفور رداً على تعقيبى بأن أعاد الحديث عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة مكرراً دعواه أن مشايخ الأزهر المستنيرين إنما كانوا مع هذه العلمانية التى تفصل الدين عن الدولة». أما الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى فأهم ما جاء فى مقاله هو الربط العضوى بين الفهم الظاهرى الحرفى لنصوص الكتاب والسُنة وبين تكفير مَنْ يقف ضد ذلك الفهم ثم ترجمة ذلك التكفير إلى دماء وأشلاء، أى إلى إرهاب.
وإذا اتفقنا على أن أصحاب الفهم الظاهرى الحرفى للنصوص الكريمة هم الأصوليون بالمعنى المعاصر للفظ الأصولية من حيث هى التفكير فى النسبى بما هو مطلق وليس بما هو نسبى فإن العلمانية من حيث هى التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق هى نقيض الأصولية، ولا وسط، لأن لفظ الوسط فى هذه الحالة يكون لفظاً مبهما. وإذا كان لفظ «الوسطية» لفظاً مبهماً فأنت أمام أحد أمرين: إما الأصولية أو العلمانية. وإذا اخترت الأصولية فأنت فى هذه الحالة تقف مع الإرهاب شئت أو لم تشأ. أما إذا اخترت العلمانية فأنت تفسح المجال لخطاب دينى يسمح بالتأويل دون التكفير، أى يسمح بإعمال العقل دون الوقوع فى براثن الدوجماطيقية التى تتوهم أنها تمتلك الحقيقة المطلقة. وإذا كان إعمال العقل من غير استعانة بسلطة غير سلطة العقل هو شعار التنوير، وإذا كان إعمال العقل بهذا المعنى مسألة نسبية فالتنوير إذن أساسه العلمانية. ومن هذه الزاوية يمكن أن يقال عن الخطاب الدينى للمصلح الدينى الأوروبى مارتن لوثر بأنه خطاب علمانى. كيف؟ له كتاب عنوانه «عن السلطة العلمانية» (١٥٢٣) وفيه يبين حقوق وواجبات الحكام العلمانيين ويدعوهم إلى مؤازرة رسالته الإصلاحية فى مواجهة القهر الدينى المتمثل فى الخطاب الدينى للكنيسة الرومانية، ويبين أيضا أن الكنيسة مجرد تجمع روحى من أفراد ينشغلون بالروحانيات دون إقحام للمسائل السياسية.
ولكن يبقى بعد ذلك سؤال:
هل ما قام به لوثر يخص الغرب دون غيره؟
أظن أن الجواب بالسلب، إذ هو يخص البشرية من غير تخصيص لدين معين، ومن ثم تمتنع العلمانية عن أن تثير «أرتكاريا»، على حد التعبير الساخر للمفكر المبدع الدكتور مصطفى الفقى.

Sunday, July 27, 2014

نجيب ساويرس - أبواب جهنم - الأخبار - 27 يوليو 2014

نجيب ساويرس

 لدرجة أن والدي مقتنع بأنني لا أستطيع العيش أبدا بعيدا عن المشاكل بل أبحث عنها في حال عدم وجودها

دعاني صديقي  ياسر رزق إلي كتابة عمود  أسبوعيا  في الأخبار وقد وافقت رغم أني لا استطيع ان أزعم أني كاتب موهوب فكل خبرتي في الكتابة هي من خلال شبكة التواصل تويتر حيث الكتابة قصيرة وعدد الكلمات محدود ومع ذلك فلدي ١٫٤ مليون متابع افخر بهم وبالتواصل معهم.. وافقت رغم تيقني بأن كتابتي غالبا ما ستفتح علي أبواب جهنم الا انني وكما تعلمون قد تعودت علي ذلك.. لدرجة ان والدي مقتنع بأنني لا أستطيع العيش ابدابعيدا عن المشاكل بل ابحث عنها في حال عدم وجودها..   في الحقيقة أنا مظلوم والموضوع باختصار هو  أنني لا أستطيع ان اسكت عن قولة الحق ولا اقبل ان أكون متفرجا وأمامي ظلم بيّن يقع.
وكما ترون فقد وافقت بدون تردد من اجل خاطر صديقي وأيضاً حتي افتح موجة جديدة من الهجوم المعتاد علي  وحتي اؤكد ً صحة كلام والدي.. الذي كما يقولون  «عمر كلامه ما ينزل  الارض» وان شاء الله سأحاول ان اثبت لكم ولفئة المثقفين المحتكرين للفكر والتنظير.. انه يمكن ان يكون الانسان ذا مال ولكن  في نفس الوقت عطوفا ، كريما ووطنيا مثقفا وأيضاً صاحب فكر..   فبعض الدكاترة أعضاء حزب التنظير النظري لا يرون في رجل   ثري  غير ماله  رغم  ان فكره قد يكون اهم أسباب نجاحه  فالفكر والوطنية ليستا حكرا علي الفقراء وحملة الدكتوراه وتاريخ  مصر يذخر بالنماذج الوطنية المشرفة الدالة علي ذلك  مثل  طلعت باشا حرب واحمد لطفي السيد ابو الليبرالية المصرية والاخوين مصطفي وعلي امين  وذلك علي سبيل المثال لا الحصر.
ولا يمكن تفسير موجة وموضة الهجوم علي رجال الاعمال الا من خلال نفس هذا  المنظور الضيق... فيعن للجميع ان يتناسوا  الجهد والعرق والمخاطر والتعب  المبذول لتحقيق هذا النجاح و يتناسوا  ايضا البيوت المفتوحة والأسر التي تعيش علي فرص العمل التي خلقت من عدم وكذلك الضرائب والجمارك وبقية المدخولات التي تورد الي الخزانة العامة  بينما يغضون الطرف ويتجاهلون تماما الخسائر الثقيلة للقطاع العام من مليارات في قطاعات مثل صناعة النسيج و  الحديد والصلب والأمثلة كثيرة وما خفي كان اعظم.. كل ما اريد قوله هو اننا جميعا في مركب واحدة ومصر بلدنا في منعطف خطير ولا حل لنا للخروج  من عنق الزجاجة التي علقنا فيها منذ ستينات القرن العشرين ومازلنا نعاني من تبعاتها حتي اليوم  الا بالاتحاد وقبول بعضنا البعض... ولعلها  اول مرة يكون فيها لدي رئيس الدولة ورئيس الحكومة وأعضائها الشجاعة والتصميم علي مواجهة مشكلتنا الاساسية في الاقتصاد وهي موضوع الدعم وخاصة دعم الطاقة -التي أزعم انها تمثل ٧٠٪  من مشكلة الاقتصاد المصري - وان  يتخذوا في سبيل ذلك  إجراءات صعبة  هي بالتأكيد لن  تزيد من شعبيتهم!  الا اني اري انه  لا بد من حملة توعية للشعب لكي يفهم تبعات السياسات الخاطئة في الماضي ومخاطر ما  كان يمكن ان يحدث لنا جميعا لو لم نواجه هذا الوضع بوضوح وحسم.
المطلب الملح الان هو وضع آلية للتخفيف عن الفئات المعدمة من تبعات السياسة الجديدة والإسراع في مؤتمر دعم مصر الاقتصادي مع الإعداد له بخطة اقتصادية وبرنامج  زمني واضح ينتهي فيه الدعم وينمو فيه الاقتصاد مع خلق فرص العمل الجديدة لإعادة الأمل لكل طالب عمل له الحق فيه وفي حياة كريمة وفي هذا المسار لا يضيرنا أبدا ان ندرس التجربة الماليزية او البرازيلية حتي نخرج بالتجربة المصرية دون اخطاء وبنجاح يليق بتاريخنا وحضارتنا العريقة.
وان كان لا بد من توجيه بعض النصائح إلي الحكومة فربما يكون اهم هذه النصائح هو  ان توازن بين الزيادة الجديدة في الضرائب وبين القدرة علي جذب الاستثمارات الجديدة وحل جميع  المنازعات الحالية وكذلك ضرورة تحصين الموظف العام ضد اي قرار لم يتضمن اي فساد قد يعتبر خاطئا في نظر البعض حتي  تختفي ظاهرة الإيدي المرتعشة وكذلك اعادة كتابة قانون الأموال العامة الذي صدر في الستينيات، وفاته عصر الانترنت والاستثمار وأملنا كبير في هذه الحكومة في العبور بنا إلي الاستقرار والنجاح... رغم كل ما نتعرض له من إرهاب ومعاول هدم ممن لايريدون الخير لمصر.

Saturday, July 26, 2014

أحببت الناس.. فأحبك الله! بقلم د. وسيم السيسى ٢٦/ ٧/ ٢٠١٤

فى سهرة ثقافية مع مجموعة من الأصدقاء قال واحد منا: أليس غريبا أن الشعب المصرى لا يثور بعد هذه القرارات الصادمة الخاصة بالبنزين وبالتالى ارتفاع أسعار كل شىء، بينما قامت المظاهرات فى ١٨، ١٩ يناير وقت السادات، والتى سماها: انتفاضة الحرامية، والتى حكم فيها المستشار حكيم منير صليب بالبراءة لكل المتهمين؟!
قلت: الشعب يعرف أنه يخوض معركة مصير.. معركة نكون أو.. لا نكون.. معركة دولة أو.. لا دولة.. معركة مع الصهيونية العالمية ممثلة فى حكام أشرار لدول مثل أمريكا.. إنجلترا.. تركيا.. قطر.. إسرائيل..!
الشعب يعرف أن حاكمه يحبه.. لذا يتحمل معه آلام الحياة الصعبة.. إنه الحب الذى تعبر عنه أمثالنا الشعبية.
حبيبك يبلع لك الظلط، وعدوك يتمنى لك الغلط! أو كما.. قال أحد الشعراء:
عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدى المساويا!
ابتسم أحد الموجودين وقال:
سمع ربان مركب من يأكل العيش الناشف فى بطن المركب فقال: من ذا الذى يقضم العيش كقضم الحمار؟ قالوا له: ابنك حسن!
قال الربان مبتسما: من ذا الذى يقرض العيش كقرض الفار؟! هذا يفسر سلوك شعبنا مع رئيس يحبنا، ورئيس ينهبنا غير مبال بنا!
سأل أحد الموجودين: ما رأيكم فى عزاء الرئيس لأهالى ضحايا وشهداء الفرافرة: كنت أتمنى أن أكون فداء هؤلاء الشهداء؟!
قلت: إنه الحب مرة أخرى.. لقد عبَّر أمير الشعراء عن حزنه الشديد لموت حافظ إبراهيم، وتمنى أن يكون بديلا عنه:
قد كنت أوثر أن تقول رثائى
يا منصف الموتى من الأحياء
لو كان للذكر الحكيم بقية
لم تأت بعد.. رُثيت فى القرآن
قال اللواء محمد منتصر: أعجبنى من الرئيس فى خطابه الأخير حضارة الكلمة! لم يقل مصابى الحرب أو مشوهى الحرب.. بل قال مائة ألف شهيد فى حروبنا من أجل فلسطين، وضعفهم مرتين بجروح عميقة!
قلت: حقا إنها الحضارة.. رقة التعامل مع الإنسان الآخر.. اختيار الكلمة الرقيقة بدلا من الكلمة الجارحة.
الحضارة هى الحب.. والحب هو الحل لكل مشاكل الدنيا كبرت أم صغرت!
كذّاب من يقول لك إنه يحب الله ويكره أى إنسان! لأنه كيف يدعى أنه يحب من لا يراه، وهو يكره من يراه؟!
قرأت قصة رمزية جميلة عن إنسان أحب أن يعرف مصيره بعد الموت، فحلم بملاك يحمل كشوفات بها أسماء من يقولون إنهم يحبون الله، فلم يجد اسمه فيهم، فحزن حزنا شديدا، ولكنه شاهد ملاكا آخر يحمل كشوفات بها أسماء أناس يحبهم الله!
اقترب منه الملاك.. وقال له: لا تحزن اسمك معى فى هذه الكشوف! فسأله الرجل: كيف واسمى ليس موجودا فى كشوف الملاك الآخر؟ فكان الرد: أحببت الناس فأحبك الله!

اعتذار واجب بقلم شارل فؤاد المصرى ٢٦/ ٧/ ٢٠١٤

بالتأكيد لم أرتكب هذا الخطأ الفادح الذى أعتذر عنه.. ولكن المسؤولية تحتم على كل من يملك كرامة وطنية وحسا وطنيا أن يعتذر عن هذا الخطأ.. هو ليس خطأ ولكنه جريمة مهنية وسياسية تم ارتكابها فى حق الممكلة المغربية.
هل تعلمون لماذا؟ لأن الإعلام تحول من رسالة راقية إلى «مهنة».. يتربحون منها المال والشهرة ويتوهمون الزعامة أحيانا ويصل شعورهم إلى أنهم مصلحون يرقون إلى مستوى الأنبياء. هكذا تصوروا.
غالبية الفضائيات وليست كلها تحولت عبر أنصاف المتعلمين إلى «دكاكين» تنزلق بالمجتمع إلى أسفل سافلين بدلا من الارتقاء به عبر هؤلاء، وأقتبس هنا جزءا من مقال للعالم الدكتور جلال أمين تم نشره فى «المصرى اليوم» تعليقا على مقال أيضا تم نشره للدكتور نصار عبدالله أستاذ فلسفة القانون عن التجربة البرازيلية لحل مشكلة أطفال الشوارع، حيث قامت قلة من الجهلاء وأنصاف المتعلمين بالهجوم على المقال وكاتبه ليس إلا لأنهم لم يفهموه بعنوان: «عن أخطار أنصاف المتعلمين» لتوصيف الحالة التى نمر بها يقول فيه: «أول ما يتبادر إلى الذهن أن أنصاف المتعلمين قد لا يفهمون أصلاً ما يكتب أو يقال، بينما غير المتعلم لا يقرأ بالمرة ولا يقحم نفسه عادة فيما لا يفهم، ولكن نصف المتعلم، بالإضافة إلى ذلك يجب ألا يعترف بقصور فهمه، إما لضعف ثقته بنفسه أو بسبب رغبة قوية فى التظاهر بغير الحقيقة، فإذا به يعبر عن معان ليست هى المقصودة، ويروج لها حتى لو كان ضررها أكبر من نفعها».
ونصف المتعلم كثيراً ما يحقق، عن طريق هذا المستوى الناقص من التعليم، درجة من الصعود الاجتماعى تسمح له ببعض الارتفاع فى الدخل وببعض مظاهر التميز الاجتماعى عمن تركهم فى أسفل السلم، وهو حريص جداً على الاحتفاظ بهذه الدرجة من الصعود والتميز، فيبالغ فى التظاهر بما ليس فيه، بما فى ذلك التظاهر بالعلم بما يجهله، أضف إلى ذلك أن المرء كلما زاد حظه من العلم قوى شعوره بحجم ما ينقصه منه. قليل من العلم كثيراً ما يدفع إلى الغرور، ولكن قدراً أكبر منه كثيراً ما يؤدى إلى التواضع.
ليس غريباً إذن أن يُظهر نصف المتعلم درجة عالية من السماجة والتفاخر بالقدر الضئيل الذى حصَّله من العلم، فيجادل حينما كان من الأفضل السكوت، ويرفض ما يسمعه أو يقرؤه دون سبب مفهوم.»..انتهى كلام العالم الجليل الدكتور جلال أمين.
رسائل عاجلة
- صديقى العزيز سعادة السفير محمد سعد العلمى سفير المغرب فى القاهرة أرجو قبول أسفى عن خطأ لم أرتكبه.
- صديقى العزيز سعادة المستشار عبدالصمد منقاشى المستشار الثقافى للسفارة المغربية بالقاهرة.. لا تحزن على ما فعل السفهاء منا.
إلى الشعب المغربى.. نحبكم ونحترمكم وتقبلوا خالص الاعتذار.
المختصر المفيد
لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً.. متى ١٨

أيها الفنانون.. مش هتفكوا الكيس؟ بقلم د. غادة شريف ٢٢/ ٧/ ٢٠١٤

والنبيى يا حمادة تروح تطمئن على رجال الأعمال.. الإشاعات كثرت بعد طلعة الإفطار اللى طلعتها عليهم الرئاسة.. سمعنا إن واحد منهم طب ساكت وهو يكتب الشيك.. وآخر انتحر.. وثالث عرض عليهم ياخدوا عيل من عياله، لكن الرئاسة أصرت على الكاش..الخبر الأكيد أن أحدهم سافر لأداء العمرة بعد الحادث مباشرة علشان يحسبن على مصر!.. لكنى لم أسمع عن أى تبرع من علاء الكحكى مالك قنوات النهار الذى إشترى مسلسل هيفاء حصريا بـ١٢٠ مليون جنيه، فهل بدون حسد، هيفاء عنده أعز من مصر؟..طبعا الرد هو أنه ليس بالتبرعات تنهض الدول، وهكذا قلنا جميعا فى البداية، لكنى أعتقد أن هناك حزمة قرارات سيعلن عنها بعد العيد ستثبت للجميع أن العجلة بدأت تدور حيث ستتحول التبرعات إلى مشروعات على الأرض، فبالتالى عار على من لا يساهم!.. بمناسبة العجلة، عندما دعا الرئيس السيسى لماراثون العجل وجدنا الفنانين فريكيكو من الفجر، واللى يحاول يحصَله بالعجلة واللى يحاول يسبقه.. أصلهم بيحبوا السيسى موت.. وعندما كانوا يدعَون للحفلات الرسمية وجدناهم فرافيرو على هناك.. فأين ذهبوا بقى عندما دعا الرئيس للتبرع لصندوق تحيا مصر؟.. إنهم بح..إنهم بخ..إنهم طار فى الهوا شاشى وإنت ما تدراشى!..أتارى الحب الشفوى حاجة والتحريرى حاجة تانية خالص!..وعلمت أن ثلاثة مطربين كبار رفضوا أغنية «بشرة خير» خوفا على شعبيتهم عند الشباب الداعى للمقاطعة!.. لهذا يحضرنى سؤال: منذ قامت ثورة يناير جرى عمرو دياب ليعيش بدبى، وجرى محمد منير على لندن، وجرى تامر حسنى على أمريكا، فهل هذا التخلى عن مصر يليق بمطربين ينتمون لشعب كله رجالة؟..هل عبدالحليم حافظ هرب من مصر فى ٦٧؟.. بل شارك الفنانين حفلات أضواء المدينة فجابوا المحافظات لصالح المجهود الحربى.. فيلما «منتهى الفرح» و«أضواء المدينة»، شارك فيهما نجوم التمثيل والغناء ببلاش، وخصصت إيراداتهما للمجهود الحربى.. كذلك فعلت أم كلثوم، لفت العالم وخصصت إيرادات حفلاتها للمجهود الحربى..هؤلاء هم الفنانون بجد، فالفنان الحقيقى يتحول لجندى عندما يحتاجه الوطن..لهذا أسأل كبار الفنانين:لا مؤاخذة يعنى، ألا تكتفون أبدا من اكتناز الملايين؟ ولا مؤاخذة كمان، ألا تشبعون؟...أين تبرع عمرو دياب الذى أصبح أجره مئات الآلاف فى الساعة الواحدة؟..أين عادل إمام الذى انبرى ينفى شائعة تبرعه وكأنه اتشتم؟!..أين غادة عبد الرازق السيدة الأولى فى الأجور؟.. المفروض أن تتبرع بنفس عدد الشتائم التى تقولها فى مسلسلاتها..هو تلويث البيئة ببلاش كده؟..ساعتها الصندوق هيتقفِل وسنصبح دولة اقتصادية كبرى!.. أين يسرا؟..
لقد صدمتنا فى مسلسلها بتقليدها لمارى منيب فى «إلا خمسة»، فقلنا معلش، يسرا نبلعلها الزلط، لكن أن تشارك فى تشويه حاكم عظيم ويمر الموضوع دون اعتذارها، فهذا عيب.. إلى الفنانة الجميلة، إرمى بياضك يا شابة..تبرعى للصندوق تكفيرا عن جريمتك باشتراكك فى مسلسل فاشل امتلأ بالتزوير ونقل الأحداث بالكربون من مسلسل «حريم السلطان»، وتقليد حتى موسيقى التتر!..ولست أدرى لماذا أبقوا على اسم الخديو «إسماعيل»، ما كانوا بالمرة يغيروه للخديو تامر..هى جت على الاسم يعنى؟..والعيب على الرقابة الجهولة التى سمحت بهذا العمل..بصراحة، على كل طاقم «سراى عابدين» التبرع بممتلكاتهم تكفيرا عن جريمتهم، خصوصا المخرج الذى أهان مهنيته بتعاونه مع كاتبة لم نسمع عنها غير مصرية تطفلت على تاريخنا بهذا الكلام الفارغ، ثم ببجاحة يدافعان عن فشلهما بأنه عمل «مستوحى»، فيذكروننا بجملة عبد السلام النابلسى الشهيرة «ده سيرياليزم»!..هناك فارق كبير بين الاستيحاء والتزوير لا يحترمه إلا المثقفون، أما المتسربون من التعليم فلا يجب أن يقتربوا من الشخصيات التاريخية..كبيرهم يسرحوا بعربية بطاطا..بس بعد ما يتبرعوا.

Monday, July 21, 2014

الصادق المهدى مشوِّهاً العلمانية بقلم د. مراد وهبة ٢١/ ٧/ ٢٠١٤

نشرت جريدة «الحياة»، فى شهر يونيو من هذا العام، ثلاث حلقات من ملاحظات الصادق المهدى الفكرية والتاريخية حول السودان تحت عنوان «الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك». والصادق المهدى (١٩٣٥) هو رئيس حزب الأمة السودانى منذ نوفمبر ١٩٦٤. والذى يعنينى من ملاحظاته الملاحظة الخاصة برأيه فى الهوية، بسبب أنها كامنة فى ثنايا أزمات السودان برمتها ومؤججة لها. ومعنى ذلك أن الهوية السودانية فى أزمة، إذ هى فى حالة صراع بين فريقين.. فريق يقفز فوقها كأنها غير موجودة، وفريق آخر يريد فرض هوية الأغلبية، وهى الهوية الإسلامية. وهى مرفوضة من قبل الصادق المهدى ويطالب بالمراجعة. وحجته فى ذلك أن الدين من الثوابت والدولة من المتغيرات، وإخضاع أمر الدولة للثوابت كالدين يمنع حركة المجتمع.
 وهذا الوهم وقع فيه الخوارج عندما قالوا إنْ الحكم إلا لله، وهذا فهم ثيوقراطى، أى فهم يؤسس لحكم الله وليس لحكم البشر. ولكنه عندما بدأ يتحدث عن العلمانية أبان أنها تعنى أن حقائق الأمور هى التى تتعلق بهذا الزمان وهذا المكان، ثم استطرد قائلا: إن العلمانية كانت أصولية، وهى تعنى أن الأمور كلها نسبية، والأحكام كلها عقلية، وهى شرط للديمقراطية. ولكن اتضح أن أسوأ أنواع الطغيان مورس باسم العلمانية كالفاشستية. ومن هنا يقول الصادق المهدى إنه لم يعد من المشروع القول بأن العلمانية شرط الديمقراطية. ومعنى ذلك أن الصادق المهدى ليس من أنصار العلمانية، ولكنه فى الوقت نفسه يرفض إخضاع أمر الدولة للدين. إذن هو يقف فى مفترق الطرق فلا هو متعاطف مع «الجبهة السودانية الثورية» ولا هو منحاز إلى أسلمة المجتمع السودانى. ومن حيث هو واقف على هذا النحو، فإنه يرى المشهد المصرى مماثلا للمشهد السودانى فى الصراع بين العلمنة والأسلمة.
والرأى عندى أن الصادق المهدى قد كان على صواب عندما ميّز بين مطلقية الدين ونسبية الدولة، ولكنه لم يكن على صواب عندما قال عن العلمانية إنها أصولية، إذ هو قول ينطوى على تناقض فى الحدود، أى تناقض فى الألفاظ، على حد تعبير علماء المنطق، إذ نحن أمام تعريفين للفظين هما فى الحاصل متناقضان. فالعلمانية هى التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق، أما الأصولية فهى على النقيض من العلمانية، إذ هى تعنى التفكير فى النسبى بما هو مطلق وليس بما هو نسبى.
والرأى عندى أن الصادق المهدى لم يكن على صواب عندما زعم أن أسوأ أنواع الطغيان مورس باسم العلمانية. فالطغيان يعنى الحكم بالمطلق وليس الحكم بالنسبى، وبالتالى فإنك إذا كنت طاغية فأنت لن تكون علمانياً، بل تكون دوجماطيقياً، أى تزعم أنك مالك للحقيقة المطلقة، وهذه الملكية ليست واردة فى العلمانية. والنتيجة ماذا تكون؟ تكون على النحو الآتى: الدوجماطيقية تقال على مُلَّاك الحقيقة المطلقة، سواء كان هؤلاء المُلاَك أصوليين أو فاشستيين أو نازيين أو شيوعيين. إذن ليس من حق الصادق المهدى أن يقول عن الفاشست إنه علمانى إنما يقول عنه إنه دوجماطيقى، كما أنه ليس من حقه أن يقول عن العلمانى إنه أصولى، لأن الأصولى يتدرج تحت الدوجماطيقى ولا علاقة له بالعلمانى.
ويبقى بعد ذلك سؤال:
ما الذى يمنع العلمانى من الوقوع فى براثن الدوجماطيقية، وبالتالى يتجه إلى الانزلاق نحو الأصولية؟ إنه العقل الناقد. فنحن لدينا عقلان: عقل يفكر وعقل ينقد ما نفكر فيه. وبسبب العقل الناقد أنت محصن ضد الانزلاق. ومن هنا كانت مهمة الأصوليين قتل العقل الناقد.

Saturday, July 19, 2014

سهرة رمضانية مع وزير المالية بقلم د. وسيم السيسى ١٩/ ٧/ ٢٠١٤

بدعوة كريمة من السيد وزير المالية هانى قدرى، على سحور الأحد ١٣-٧-٢٠١٤ مع مجموعة صغيرة من أصحاب الفكر، هذه المجموعة كانت أ. أيمن القصاص، مساعد وزير المالية للعلاقات الخارجية والتواصل المجتمعى، الأستاذ عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، الأستاذ عزت إبراهيم (الأهرام)، الأستاذة ابتسام سعد، نائب رئيس تحرير الأهرام، الأستاذ حسن المستكاوى، وكاتب هذه السطور.
قال السيد الوزير: طلبت الاجتماع بكم لأستمع إليكم فهذا يسمى THINK TANK أو بنك الأفكار.
تحدثنا جميعا.. قلت للسيد الوزير: تمنيت لو قرأتم أربعة مقالات فى «المصرى اليوم» للخبير الاقتصادى شيرين عبدالرؤوف القاضى، والمقالات الأربعة بعنوان: استيرادنا عدو اقتصادنا! وكيف نستورد القمح والذرة والقطن، وكلها فى مخازن الفلاح المصرى، كما يذكر.
كيف أن ٥٠٪ مما نستورد يمكن الاستغناء عنه، كما ذكرت للسيد الوزير الخرائط الخاصة بمناجم الذهب الفرعونية وعددها مائة وخمسون منجماً.. والذى أرسل هذه الخرائط هو الدكتور مصطفى محمود سليمان، أستاذ الجيولوجيا بالجامعة البريطانية، وقد قام بنشر هذه الرسالة الدكتور خالد منتصر، فى جريدة «المصرى اليوم».
كان الملوك الحيثيون يطلبون من ملوك مصر ذهبا! أرسل أحدهم رسالة لأحد الفراعنة تقول: الذهب عندكم كالتراب.. أرسلوا إلينا بعضا مما عندكم! يؤكد هذا الكلام حديثا.. شارل سنجر يقول: كانت مناجم الذهب فى النوبة وحدها تنتج ثلاثين كيلوجراما من الذهب سنويا!!
تحدث السيد الوزير رجل وعى، وسمع، وارتحل، وقرأ، وجرب.. جاب الدنيا من أولها لآخرها.. ذاق حلوها ومرها، وزير مالية فى حكومة أطلق عليها عمرو أديب: حكومة السلك العريان.. أى السلك المكشوف الذى يصعق من يلمسه! قال الوزير عن نفسه: ياما اتشتمت ولكنى أدخلت لميزانية الدولة مليار جنيه!
وقال عن الرئيس عبدالفتاح السيسى: رجل الإنجازات السريعة، وأعطانا مثلا بنفق يتم حفره فى ثلاث سنوات، ولكن الرئيس السيسى قال: بل سنة واحدة إذا استعملنا عدد ٢ من الحفارات، واحد من ناحية يلتقى بالآخر من الناحية الأخرى!
امتدت السهرة من العاشرة مساء حتى الثانية صباحا.. تحدثنا عن الطاقة الشمسية أمل المستقبل، حدثتهم عن علماء الهندسة الوراثية.
قال السيد الوزير: الشعب المصرى شعب عبقرى، قلت له: من كثرة المعاناة! إيريك هولمز، عالم الجهاز العصبى.. أجرى تجربة مثيرة على مجموعتين من الفئران، المجموعة الأولى عاشت فى نعيم.. الجبن والسكر دون حساب، المجموعة الثانية، عاشت فى معاناة وحرمان، وبعد سنة أخذ المادة السمراء فى مخ المجموعتين GRRY MATTER، هذه المادة السمراء هى مادة الذكاء، وجدها عند فئران المعاناة ضعف المادة التى عند المجموعة التى عاشت فى رخاء، خرج باستنتاج غريب فى تربية الأبناء، أسوأ أنواع الحرمان.. هو الحرمان من الحرمان نفسه!!
ليس غريب على هذا الشعب العبقرى أن يهدم خط بارليف بقنبلة مائية بدلا من قنبلة ذرية! هذا يؤكد أن تعريف العبقرية هو: الاستجابة المغايرة للأحداث!!

معنى الحرية الدينية وموقع مصر منها مجدى خليل


بحث هام 

هناك الكثير الكلام المغلوط من أو عن المنقوص معنى الحريات الدينية, وهناك خلط بين الحرية الدينية وحرية العبادة رغم أن حرية العبادة هى جزء صغير من مفهوم الحريات الدينية الشامل, ولهذا نوضح فى هذه المقالة المعنى الحقيقى للحريات الدينية سواء فى المواثيق الدولية الهامة الصادرة عن الأمم المتحدة أو فى المواثيق الدولية المختلفة, ثم تفسير هذه المواثيق. 

أولا: الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى 10 ديسمبر 1948 نص المادة 18: 
لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين, ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده, وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم, بمفرده أو مع جماعة, وأمام الملأ أو على حده. 
ثانيا: العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية (وهو أتفاقية ملزمة) الصادر عام 1966 نص المادة 18: 
1 - لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما, وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره, وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم, بمفرده أو مع جماعة, وأمام الملأ أو على حدة. 
2 - لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما, أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. 
3 - لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده, إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. 
4 - تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء, أو الأوصياء عند وجودهم, في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة. 
ثالثا: إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد الصادر عام 1981 المادة 4: - 
- اتخاذ ما يلزم من تدابير في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. 
- سن أو إلغاء تشريعات لمنع التمييز إن لزم الأمر. 
- اتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات الأخرى في هذا الشأن. وبناء على تفسير المواثيق الدولية الثلاثة يمكن تحديد أركان حرية الدين أو المعتقد فى الأتى: - 1 - الحق فى اعتناق دين ما أو عدم أعتناق أى دين, بمعنى حرية الأيمان وحرية الألحاد وحرية الأدينيين. 2 - الحق فى تغيير الدين بشكل طبيعى وسلس وبدون أى إجراءات رسمية لذلك. 3 - الحق فى أقامة وتأسيس بيوت العبادة بدون تفرقة بين الأديان المختلفة. 4 - الحق فى الاجهار العلنى للمعتقد واقامة الشعائر والطقوس والمواكب والحج للأماكن المقدسة. 5 - إزالة خانة الديانة من الاوراق الرسمية وغير الرسمية وتجريم من يطلب معرفة دين الآخر. 6 - حياد الدولة التام تجاه الأديان المختلفة. 7 - عدم الإشارة لمرجعيات دينية فى الدستور والقوانين والمحررات الرسمية, وعدم الأعتماد على الشرائع الدينية فى سن القوانين كمصادر رئيسية أو فرعية للتشريع. 8 - عدم إصدار أى قوانين أو قرارات ذات صبغة دينية تنتقص من المساواة الكاملة بين المواطنين وبين المرأة والرجل. 9 - حرية التعليم الدينى وتلقين المعتقدات الدينية والحق فى مساحة إعلامية دينية مناسبة وعادلة. 10th - حق الأبناء فى اختيار الدين الذى يرغبون فيه فى حالة الزواج المختلط أو فى حالة تغيير أحد الوالدين لديانته, مع حقهم الأصيل فى تغيير الدين فى أى وقت فى المستقبل. 11th - الحق فى الحماية الدولية للحريات الدينية وفقا للمعاهدات التى وقعت عليها الدولة.12th - تجريم التمييز الدينى والإضطهاد الدينى والعنصرية الدينية والتعويض العادل لكل من يتعرض لهذا. 13th - حرية التبشير بالدين والمعتقد بطريقة سلمية بما فى ذلك إصدار الكتب وتوزيع منشورات حول هذه الأغراض وكذلك التبشير عبر وسائل الإعلام المختلفة بما فيها ما يطلق عليها الميديا ​​الجديدة. 14th - أن لا تتخذ الدولة أى تدابير سواء معنوية أو مادية تظهر سمو دين معين على الأديان الأخرى. 15th - حرية التعبير الدينى يجب حمايتها, فلا حماية للدين فى مواجهة حرية الرأى والتعبير, ويعنى ذلك إلغاء كافة القوانين والقرارات المتعلقة بتجريم ما يسمى إزدراء الأديان أو الاحتقار أو التجديف أو التشويه أو الإساءة للدين, وكل ما يشابه ذلك من القيود على التعبير الحر.16th - كفالة وصيانة وحماية الحريات الأكاديمية فى شرح ونقد وتشريح ومقارنة الأديان. 17th - الحق فى أن يكون المرء محميا بالقانون الوطنى فى كل فعل يمثل تعديا على الممارسة الحرة للديانة كما جاءت فى البنود السابقة. 18th - عدم تفسير أى مواد دستورية أو قوانين أو مواثيق بما يخل بأركان الحرية الدينية المذكورة أعلاه والمتضمنة فى المواثيق الدولية. وجب التنويه أن مواثيق الأمم المتحدة لم تقتصر على المواثيق الثلاثة التى ذكرناها فى مقدمة المقال فيما يتعلق بالحريات الدينية ولكن الكثير من المواثيق أشارت إلى الحريات الدينية كما جاء فى دليل جامعة منيسوتا عن حرية الدين أو المعتقد, ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: - - ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 المواد 1 و 13 و 55 - أتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة عام 1948 المادة 2 - الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة عام 1951 المادة 4 - الاتفاقية الخاصة بوضع الأشخاص عديمى الجنسية الصادرة عام 1954 المادة 3 و 4- الاتفاقية المتعلقة بمنع التمييز فى مجال التعليم الصادرة عام 1960 المواد او 2 و 5 - الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى الصادرة عام 1965 المادة 5- العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الصادر عام 1966 المادة 13 - اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عام 1979 المادة 16 - اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام 1989 المادة 14 - مشروع الإعلان الخاص بحقوق السكان الأصليين الصادر عام 1994 المادة 12 و 13 وعلى المستوى الدولى هناك العديد من الوثائق الدولية التى تؤكد على حرية الدين أو المعتقد منها: - - الأتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الصادرة عام 1950 مادة رقم 9 - ميثاق الحقوق والحريات الأساسية للأتحاد الأوروبى مادة رقم 10. - الدول المشاركة فى مؤتمر الأمن والتعاون فى أوروبا عام 1989 المواد 16 و 17. - الأتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان وواجباته لعام 1969 المادة رقم 8. الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب الصادر عام 1981 المادة رقم 8. وهكذا يتضح أن الحريات الدينية تعد أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية أو الحقوق اللصيقة, وهى عند مدرسة الطبيعيين حق طبيعى بمعنى لصيق بالإنسان بمجرد مولده, ويحتفل العالم يوم 27 من شهر اكتوبر سنويا باليوم العالمى لحرية الدين لإحياء ذكرى الشهداء فى بوسطن الذين أعدموا بسبب دفاعهم عن معتقداتهم الدينية 1659 -1661, وفى أمريكا أعلن أن يوم 16 يناير هو اليوم الأمريكى للحريات الدينية. والسؤال أين موقع مصر فيما يتعلق بالحريات الدينية '. - وفقا لتقرير اللجنة الأمريكية المستقلة للحريات الدينية USCIRF فأن مصر مصنفة فى السنوات الأخيرة ضمن اسوأ الدول فى العالم التى تنتهك الحريات الدينية , وهى الدول التى يطلق عليها أنها دول تثير قلقا خاصا CPC, ووفقا للتقرير الصادر فى 2013 فأن هذه الدول التى تثير قلقا خاصا هى: بورما - الصين - مصر - اريتريا - إيران - العراق - نيجيريا - كوريا وفقا للتقرير السنوى لمنظمة فريدوم هاوس الذى صدر فى 2014 فأن مصر مصنفة دولة غير حرة فيما يتعلق بالحريات السياسية (بدرجة 6), ودولة غير حرة أيضا فيما يتعلق بالحريات المدنية والدينية (بدرجة 5), علما بأن الحد الأقصى للغياب الكامل للحريات وفقا للتقرير هو (7 .) - وفقا لمؤشر السلام العالمى GPI لعام 2014 وهو المؤشر الذى يقيس السلام والعنف المجتمعى فأن مصر تأتى فى ترتيب رقم 143 ضمن 162 دولة, بما يعنى ارتفاع شديد فى درجة العنف وغياب بدرجة كبيرة للسلام المجتمعى. - وفقا لتقرير مركز بيو للدين والحياة العامة, وهو يعتمد فى تحديد مؤشراته على دراسة 20 مؤشر دولى لكل بلد وبعد ذلك يستخرج المركز مؤشره الخاص. أ - فيما يتعلق بالقيود الحكومية على الحريات الدينية تعتبر مصر اسوأ دولة فى العالم وتتصدر الدول الأكثر قيودا فى العالم منذ عام 2009 حتى آخر تقرير صدر فى يناير 2014 , واليكم ترتيب مصر فى هذه القيود الحكومية فى تقرير 2013 وفقا لقياس هذه القيود حتى ديسمبر 2012, وهذه الدول هى ​​التى تفرض اعلى قيود على الحريات الدينية هى بالترتيب: يتعلق بالعداء المجتمعى للحريات الدينية كما جاء فى تقرير 2013 الذى رصد حتى ديسمبر 2012 كان ترتيب اسوأ الدول كالأتى: باكستان - أفغانستان - الهند - الصومال - إسرائيل - العراق - السلطة يتعلق بالقيود على التحول من دين لآخر وفقا لنفس تقرير مركز بيو جاء ترتيب مصر كالاتى: افغانستان - الجزائر - بنجلادش - جزريتعلق بالعنف المصاحب للتحول من دين لآخر جاء ترتيب مصر كالأتى: افغانستان - البحرين - بنجلادش - جزر القمر - مصر - الاردن - نيجيريا - باكستان - الصومال - سوريا.ج - وفقا للجماعات الإرهابية والعنيفة المرتبطة بالدين جاء ترتيب مصر الرابع كاسوأ هذه الدولة لدراسة أخرى لمركز بيو على 39 دولة إسلامية فيما يخص الشريعة نشرت فى ابريل 2013, فيما يتعلق بدعم المحاكم الدينية لتعكس النظام القانونى القائم, أى تطبيق الشريعة فى المحاكم وتحويلها إلى محاكم شرعية جاء ترتيب مصر فى الموافقين من المصريين رقم واحد كالأتى: مصر (94% ) - الاردن (93%) - ماليزيا (84%) - باكستان (84%) - افغانستان (78%) ... وفيما يتعلق بتأييد الشريعة بشكل عام جاءت مصر فى المرتبة الرابعة بعد العراق والسلطة الفلسطينية والمغرب. خ - وفقا للعنف المجتمعى ضد الأقليات الناتج عن الخلافات الدينية جاء ترتيب مصر رقم 12, ووفقا لقوانيين إزدراء الأديان تاتى مصر ضمن اسوأ خمس دول فى العالم التى تقيد حرية التعبير الخاص بنقد الأديان وتعاقب من يقوم بذلك بالسجن. واخيرا فيما يتعلق بتصديق مصر على الألتزامات الدولية, فقد وقعت وصدقت مصر على العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى الخاص بالحقوق الأقتصادية والاجتماعية مع وضع قيد مطاطى وغير محدد بعدم مخالفتهم للشريعة الإسلامية بدون توضيح ما هى القيود التى تفرضها الشريعة مما يفرغ هذه المواثيق من مضامينها.خلاصة كل ما سبق أن مصر تأتى فى مقدمة اسوأ دول فى العالم التى تنتهك فيها الحريات الدينية بصفة عامة. ختام القول: الذين يحرمون الحرية على الآخرين لا يستحقونها لأنفسهم, وتحت حكم الله العادل سوف لا يمكنهم الاحتفاظ بها لوقت طويل.إبراهام لينكولن

Friday, July 18, 2014

فاروق حسني آخر وزير ثقافة لمصر عزت القمحاوي

في جلسة على المقهى، ذكر أحد الحاضرين أنه هنأ صديقه على فوزه بالجائزة. تساءلت: أي جائزة؟ قال: الدولة. سأله آخر: التقديرية؟ قال: لا التفوق. امتد الحديث عن الجوائز قليلاً، واكتشفنا أن معظمنا لا يتذكر أسماء الذين فازوا، والأهم أن القيمة الإبداعية للفائز لا ترتبط بقيمة الجائزة، فمن نراه يستحق التقديرية نجده في التفوق، ومن لا يستحق التشجيعية يفوز بجائزة النيل، لأنه سبق أن فاز بالدرجات الأقل، ومن الطبيعى أن ينال الترقية الأخيرة!
المفارقة المدهشة في جوائز الدولة هي أن قيمتها المعنوية بدأت في التناقص بالتلازم مع تزايد قيمتها المادية عامًا بعد عام. لم تعد الجائزة سوى مبلغ من المال، يأتى محاباة أو تحت شفاعة الاحتياج والمرض، حتى لو كان الفائز عظيمًا، فالمرض يصلح سببًا للمنح دون المكانة، لكن المكانة لا تصلح دون المرض، كما أن المكانة والمرض لا يشفعان معًا إذا كان الكاتب مستقلاً.
والذين يتصورون إمكانية اصطياد النمر من ذيله يتعبون أنفسهم في المطالبة بإصلاح الجوائز، لكن من يؤمن بالأنساق وارتباط الفروع بأصلها لابد أن ينظر إلى الجوائز باعتبارها فرعًا من وزارة الثقافة، وأن ينظر للوزارة باعتبارها فرعًا من النظام السياسى.
لم تكن لدينا وزارة ثقافة في النصف الأول من القرن العشرين، العصر الذهبى للثقافة المصرية. وفى عام 1958 ولدت وزارة «الثقافة والإرشاد القومى» تعبيرًا صريحًا عن نظام مسؤول عن عياله؛ يوفر الطعام والعلاج والتعليم والوظائف، ومن الطبيعى أن يتولى التثقيف والتوجيه.
ومع السادات بزغ نظام يدّعى الديمقراطية، لكنه في الحقيقة ديكتاتورية مراوغة؛ تملصت من مسؤولياتها تجاه المواطن وأبقت على هياكل الدولة فارغة: مدارس لا تعليم فيها، مستشفيات لا علاج فيها، ووزارة ثقافة بلا ثقافة.
مع مبارك، أخذ النظام السياسى ملامح التشكيل الإجرامى، وهذا ليس ذمًا، بل وصف لنظام يستخدم آليات العصابة، أي الاعتماد على قلة محدودة في المناصب القيادية، تتلقى الرواتب الضخمة، وتتولى منح العطايا للمتحالفين من خارج المنظومة الإدارية.
ولم تخرج وزارة الثقافة عن أصل النظام. حافظت على مصالح كبار موظفى الوزارة والمتحالفين معهم من حملة ألقاب «المثقف الكبير»، الباحثين عن جائزة أو طبع أعمالهم الكاملة أو الإشراف على سلاسل الكتب. والمدهش أن كل هيئات الوزارة تركت تخصصاتها وأخذت تنافس بعضها البعض في طباعة الكتب، لمجرد أن الكُتّاب هم أطول فئات المثقفين لسانًا. وماتت هيئة قصور الثقافة المعنية بالجماهير كما مات المسرح.
وقد ظلت دائرة رؤساء الهيئات والذين معهم من المثقفين ثابتة طوال عهد فاروق حسنى المديد. وليس مدهشًا أنها هي نفسها الآن بما في ذلك د. جابر عصفور نفسه، الذي كان تعيينه وزيرًا خيارًا إصلاحيًا قبل عشرين عامًا، لا اليوم.
وليس مدهشًا أن يواصل نفس الأفراد الأدوار نفسها: الموظف الكبير يمنح، والمثقف الكبير يمدح. وحتى لا نظلم عصفور؛ فثبات أسماء رؤساء الهيئات لا يبدو خيارًا حرًا منه بقدر ما هو تعبير عن تبعية الفرع الثقافى للأصل السياسى.
وليس في إعادة الأدوار أي إفادة سوى المزيد من ستائر النسيان تُسدل على الوزارة، ليبقى فاروق حسنى آخر وزير للثقافة، مثلما لن نتذكر وزيرًا للإعلام بعد صفوت الشريف، لا لفطنة خاصة يتمتع بها الرجلان، بل لأنهما استنفدا كل إمكانيات دولة التشكيل الإجرامى.

Tuesday, July 15, 2014

الداخلية تعاقب المفطر بقلم محمد سلماوى ١٥/ ٧/ ٢٠١٤


سعدت جداً أن وجدت وزارة الداخلية تنصرف عن تعقب الإرهابيين من الإخوان وأعوانهم، الذين يفجرون منشآتنا الحيوية ويقتلون أبناءنا، لتتعقب من هم أخطر منهم وهم المفطرون فى رمضان.
سعدت أن وجدت قوات الأمن المنوط بها حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة تتحول إلى جماعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تعتقل من يفطر فى شهر الصيام، وتحطم دون سابق إنذر المقاهى التى تفتح أبوابها قبل موعد الإفطار.
سعدت أن وجدت إحدى أهم وزاراتنا تثبت أن إسلام المتشددين الذين لم نترب عليه هو الإسلام الحقيقى، وأن مجتمع الاعتدال الأزهرى الذى يؤمن بالحرية ويقول «لكم دينكم ولى دين» هو مجتمع الكفر والإلحاد الذى ينبغى محاربته.
سعدت بأن وجدت مجتمعنا الكافر المتسيب يتشبه ببعض المجتمعات الخليجية المنضبطة التى تضرب المارة فى الشوارع وقت الصلاة، وتضرب كل من تظهر من شعرها خصلة شاردة قائلة «غطى رأسك يا حرمة».
سعدت بكل ذلك حين قرأت أن قوات الأمن المصرية داهمت ثلاثة مقاه فى الإسكندرية كانت تعمل خلال ساعات الصيام، واعتقلت من تواجدوا بداخلها وراء الأستار، وهدمت إحداها.
وقد تصورت فى البداية أن تلك واقعة فردية لا ينبغى القياس عليها، إلى أن وصلنى أن نفس الشىء حدث فى أسوان، حيث ألقت الشرطة القبض على ١٥٠ شخصاً، بعد أن حررت لهم محاضر «إجهار بالإفطار»، وهى تهمة غير موجودة بالدستور، ولم توجد قط فى أى من القوانين المصرية.
كما نشر أن نفس الشىء حدث فى مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، حيث تم القبض على بعض المفطرين، وقيل إن المحافظ أصدر قراراً بإغلاق المقاهى خلال ساعات النهار فى هذه المدينة السياحية.
كذلك ألقت مباحث طلخا بالدقهلية القبض على سبعة من الشباب كانوا يدخنون السجائر، وحرر لهم رئيس مباحث طلخا محضراً بالواقعة، وتم عرضهم على النيابة التى أمرت بالإفراج عنهم، لكن بكفالة ٥٠٠ جنيه، محيلة السجائر التى دخنوها إلى أغلى سجائر عرفها التاريخ.
وقد قرأت تصريحاً للداعية الإسلامى السلفى عادل السيد، نائب رئيس جماعة السنة السلفية بمصر، يقول فيه: «ما فعلته الشرطة المصرية شىء تحمد عليه، وهو من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».
إننا نريد رداً من وزير الداخلية حول ما إذا كانت تلك الأعمال غير القانونية تعبر عن سياسة رسمية للوزارة، وإن لم تكن فينبغى إجراء تحقيق فورى فى هذه الوقائع ومعاقبة من ارتكبوها بالمخالفة لسياسة الوزارة، وبالمخالفة للدستور والقانون، وعلى حساب المهمة المقدسة للشرطة، وهى حماية المواطنين من كل الخارجين على القانون، بما فى ذلك جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى أتمنى ألا تكون قد تسربت إلى داخل الوزارة.

تفوا علينا بقلم نادين البدير ١٥/ ٧/ ٢٠١٤

أجمل شىء فى إجازتى أنى مختبئة بين التاريخ.
هنا لا أحد يهمه ما يجرى هناك. فى عالمى العربى المطحون. تأتى على ذكر أسماء دول عربية عديدة لتعرفهم من أين أتيت فلا يتذكرون سوى شىء بسيط أكثره حول المدينة العصرية دبى.
لا أحد يمل من الحديث عن الحرية والنهضة والحضارة رغم تماثيل العراة بساحات المدن الصغيرة تسجل تاريخ انتهاء التخلف والرجعية. منذ سنوات النهضة والقرن السادس عشر.
- من أين أتيت؟
من العام ٢٠١٤. من الشح.
من عفن التخلف تعبق رائحته بكل مكان. من خريطة يعاد رسمها من جديد. ومجتمع شيعته وسنته يرسمون على صدورهم شعارات بذيئة.
أتجول بين مزارع توسكانا. أتناسى الحرب الدينية التعيسة، وخطط الاستخبارات وضلوعها الإرهابية، وشعوباً تنحر أبناءها فدية لأشخاص ماتوا منذ قرون.. عقلى تبلد ولم أعد قادرة على الكتابة. الإلهام يعوق الكتابة عن خراب الديار. حين تزور الجنة لن يعود بإمكانك التفكير بلهيب أوطانك الغادرة.. الحضارة والحرية مبعث للإنسانية.
لأى سبب كان قد تصادف أناسا لا تعرفهم فتتوقف للحظات. يتحدثون معك مبتسمين، ويتابعون طريقهم، وأسير ألتفت خلفى لأراقبهم يبتعدون أحاول فهم إنسانية لا أعيشها. هنا، لا أشعر بالوحدة فالكل من حولك على استعداد لمعاونتك وقتما تشاء. وأسهل شىء تشكيل الصداقات.
فى منطقة الشح لا أحد يبتسم، الوجوه هزيلة مسكينة. فى أراضى العرب الناس تسير عاقدة حاجبيها فالبسمة لا تليق بنا، نتذكرها فقط لنكتة أطلقناها على واحد من عذاباتنا. فى منطقة القسوة الجميع ملتف حولى لكن الوحدة ترعبنى.
توسكانا، حبى القديم، لا يزورها كثير من العرب. مكانهم ليس هنا. أثرياء الخليج لن تعجبهم. فالتفاخر لغة لا تفهمها الإنسانية. أغار على توسكانا وأتمنى ألا تتحول لمزارات عربية كبقية العواصم الأوروبية.
منحوتات مايكل آنجلو تنسيك أوجاع المذهبية، تماثيل المفكرين العظماء ترغمك على التأمل. مبتكرات ليوناردو دافنشى تدفع للركض وراء الإبداع الكامن فيك. فهل أخبرهم عن أوجاعنا؟ بالطبع لا. كيف سأشرح لهم عائقاً اسمه حرام؟ كيف سيفهمون مصطلح الولاء والبراء؟ ماذا سيستنتجون من شرطة اسمها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ كيف سيفسرون جرائم الشرف؟ كيف أصيغ لهم ثورة شعب سرقها الدين السياسى؟ كيف أشرح لغة التقسيم؟ وأن بلاداً صنع حدودها الاستعمار لن يكون مجدها كبلاد صنع حدودها أبناء الأوطان؟ بأى لغة سأحكى أسباب العداء بين السنة والشيعة؟ واضطهاد الأقليات والتحرش بالنساء وتفشى الدعارة والقبح والفوضى والكراهية… وإهانة الإنسان؟
سيسخرون أو يشفقون، وكلاهما شعور أبغض رؤيته تجاهى.. أتحاشى أى موضوع قد ينتهى لأسئلة عن حرية المعتقد وحرية المرأة وحقوق الإنسان وهمجية الاندفاع وراء اللحى وأسباب الإرهاب.. لا يعرفون داعش ولا النصرة. من داعش والنصرة بالنسبة لعالم أسقط هيمنة الكنيسة وكلمة الكهنوت قبل مئات السنين لتكون كلمة الحق هى العليا.
الإلهام والروحانية وقداسة الإنسان تتجلى كلها فى أرقى معانيها بأعذب مناطق العالم على الإطلاق. لعل ذلك ينسينى الفجيعة بأن الإرهاب العربى لم يعد حالة إنما قدر لا يقبل الزوال.
أفيق من غيبوبة طويلة وأتيقن بأنى أنتمى لأرض الجريمة ومجتمعات تنشأ على لغة الكره والقتال. ما أبشع أن تعيش بوطن سمته الشح والقسوة.
لا أريد لهذه العطلة أن تنتهى. أريد أن أتشبع إنسانية. جذورى البشرية اشتاقت لأن تعيش بإنسانية. اشتاقت للغة الاحترام كما يحدث بمدن تمنحك الشعور بالوجود.
هذا هو المكان الوحيد الذى لا تحتاج فيه لذراع حبيب، بإمكانك الوقوع فى غرام فلورنسا من النظرة الأولى ومبادلتها كل أنواع العشق المدفون بداخلك. وكفى.
لا أفعل شيئا سوى الاستمتاع. ألذ طعام وأمتع معرفة وأجمل مقاهٍ وأعجب المناظر.
هل تملكون وأنتم تسيرون بين حقول التقدم والإنسانية. تتذكرون أرضكم الأصلية. تغالبكم الدموع. تسترقون النظر للخريطة التى تجسد أو كانت تجسد:
بلاد العرب أوطانى من الشام لبغداد ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان… لسان الضاد يجمعنا…
هل تملكون سوى النظر للمرآة لتبصقوا بكل أنفة مسحولة وعزة نفس زائفة وكرامة منحورة وتقولوا:
تفوا علينا.
يا مجتمعات سيئة السمعة.

من مانديلا إلى السيسى الانفجار السكانى (٦) بقلم د محمد أبوالغار ١٥/ ٧/ ٢٠١٤

سيدى الرئيس، لقد لاحظنا أن هناك انفجاراً كبيراً فى عدد السكان، خاصة فى وسط العائلات الفقيرة والأقل تعليماً فى جنوب أفريقيا، فبدأنا برنامجاً كبيراً لتنظيم الأسرة، وقد عرفت أن الرئيس عبدالناصر قد بدأ فى الخمسينيات من القرن الماضى برنامجاً طموحاً فى مصر وحقق بعض النجاحات إلا أنه انهار تماماً فى عام واحد من رئاسة مرسى، لعدم اقتناع الإخوان بأهمية هذا الأمر. الانفجار السكانى بدأ فى العالم مع الثورة الصناعية فى أوروبا، لأن نسبة المواليد كانت مرتفعة ونسبة الوفيات كانت أيضاً مرتفعة، خاصة عند الأطفال، وبدخول المياه النظيفة والتطعيم ضد الأوبئة والمضادات الحيوية انخفضت نسبة الوفيات، وصاحب ذلك فى البلاد المتقدمة انخفاض فى نسبة المواليد، فلم يزدد عدد السكان، أما فى دول العالم الثالث فاستمرت نسبة المواليد بنفس الدرجة وأدى ذلك إلى الانفجار السكانى.
فى عام ١٨٨٢ كان عدد السكان ٦.٧ مليون نسمة، وعند ثورة ١٩١٩ أصبح ١٣ مليونا، وفى ثورة ١٩٥٢ أصبح ٢٢.٥ مليون، والآن قاربتم من ٩٠ مليون مصرى، وتعداد السكان يرتفع ما يقرب من ٢ مليون كل عام. وزاد معدل المواليد بعد ثورة يناير. الآن ٦٠% من السكان تحت عمر ثلاثين عاماً. أنتم تحتاجون إلى ٨٠٠٠٠٠ وظيفة كل عام للشباب، وتحتاجون لبناء ١٥٠٠٠ فصل جديد فى المدارس كل عام. الأرقام يا سيدى الرئيس مخيفة وتتطلب وقفة سريعة وواضحة.
كل المشروعات التى تتحدث عنها سوف تكون عديمة الفائدة مع هذا النمو السكانى. هناك نقص فى موارد المياه فى مصر، ومتوقع أن تقل حصة مصر من المياه لعدة أسباب سياسية وتكنولوجية فى أفريقيا.
عندكم أزمة طاقة كبيرة حالياً وسوف تزيد مع زيادة السكان. الصحة تحتاج إلى مبالغ طائلة لتواكب الزيادة السكانية وارتفاع ثمن العلاج. التعليم بهذه الزيادة يحتاج إلى ميزانية لن تقدر عليها. أما الطعام الذى تستوردون نصفه من الخارج فسيحتاج لزيادة أكبر.
هذه المشكلة يا سيادة الرئيس هى ربما تكون المشكلة الكبرى فى مصر، وأنت لم تتعرض لها فى خطابك السياسى قبل أو بعد الانتخابات. ربما تكون قد نُصِحت بذلك خوفاً من تقليل شعبيتك، ولكن هذا أمر بالغ الأهمية، ولو لم تستطع مصر أن تجد حلاً له يبدأ من اليوم فسوف تحدث كارثة كبرى فى مصر، ليس فقط بسبب نقص الماء والطعام والطاقة، ولكن كارثة بيئية لملايين تعيش فى عشوائيات سوف تكبر لعدم قدرتكم على عمل مشاريع إسكان لهذه الملايين الجديدة كل عام.
الأمر فى منتهى الخطورة، ضعه فى أولوياتك، وابدأ من اليوم قبل غدٍ. الصين حلت المشكلة السكانية مع بدء ثورة التصنيع، وهى الآن على الطريق الصحيح، ونحن فى عالم آخر لا ندرى ما هى الأخطار التى تحيق بنا.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

Monday, July 14, 2014

العقاد كارهاً للعلمانية «٢» بقلم د. مراد وهبة ١٤/ ٧/ ٢٠١٤

لماذا يقف العقاد عند الشكل دون المضمون فى دفاعه عن حرية الفكر؟
ما قيمة أن يدافع العقاد عن حق طه حسين فى حرية التعبير ولا يدافع عن حقه فى الشك فى صحة الشعر الجاهلى، ذلك أن التهمة الموجهة إلى طه حسين أنه كافر بسبب الشك وليس بسبب حقه فى حرية التعبير؟
الجواب عندى أن المضمون دون الشكل على علاقة بالحقيقة، والحقيقة على علاقة بالعقل. والعقاد يريد أن يفصل بين الحقيقة والعقل حتى لا يقع فى براثن الدوجماطيقية التى تعنى توهم امتلاك الحقيقة المطلقة. ومن هنا فإن العقاد يحيل الحقيقة إلى الوجدان دون العقل يقول: «لا يستطيع الإنسان أن ينفذ عن طريق حواسه وعقله إلى معرفة الحقائق الكونية فهما لا يطلعانه على شىء». وفى «خلاصة اليومية» يشك العقاد فى قدرة العقل على إثبات وجود الله، إذ إن الإثبات فى رأيه، مردود إلى الشعور وليس إلى الفكر. وفى كتاب «الله» يقرر العقاد أن مسألة الألوهية لا تدرك بالعقل ولا بالحس، إنما بالوعى الكونى المركب فى طبيعة الإنسان.
وأظن أن قول العقاد بقدرة الوجدان دون العقل على الوعى بوجود الله تمهيد لربط الوجدان دون العقل بالعقيدة الدينية. ومن هنا انحاز العقاد إلى حاكمية الله. ففى فصل «الحكومة» من كتابه «الفلسفة القرآنية» يقول العقاد «يطاع الحاكم ما أطاع الله فإن لم يطعه فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق». ثم يقول «فليست مسألة الفصل بين الدين والدولة فى الإسلام بالمسألة التى تصطدم بحق الراعى أو حق الرعية الذى عُرف فى تاريخ هذه المسألة عند الأمم الأوروبية، وليست هى المشكلة المعروضة للبت فيها بين شعب من الشعوب الإسلامية». ثم يوجز رأيه فى هذه المسألة فى عبارة مقتضبة، يقول: ونحن فى هذا الكتاب قد تعرضنا للكلام عن الفلسفة القرآنية من حيث هى عقيدة للجماعات الإسلامية. ومن هنا كان رأيى أن كتابه المعنون «الفلسفة القرآنية» يصلح أن يكون عنوانه «عقيدة الجماعات الإسلامية». والعقيدة هنا مثل وجود الله تخرج من العقل وتدخل فى الوجدان بحكم العلاقة الحميمة بين العقيدة والوجدان. ومن هنا كان العقاد منطقياً مع نفسه عندما قال عن فرح أنطون إنه كان إلى يوم وفاته ممسكاً بالقوس لا يٌحول بصره عن الهدف الذى خدعه. وقد حدد العقاد هذا الهدف الذى كان ينشده أنطون والذى خدعه فى دعوة أنطون إلى الفصل بين الدين والدولة. وفى رأيه الذى ارتآه فى كلامه عن ابن رشد ذاهباً فيه إلى انتقاء الجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية فى الخلافة الإسلامية هو الرأى الذى كان من أسباب فشله وكساد مجلته «الجامعة».
ويتساءل العقاد عن سبب دعوة أنطون إلى فصل السلطتين الدينية والدنيوية فيردها العقاد إلى نشأة أنطون فى سوريا حيث كان رجال الدين المسيحى فى أواسط النصف الثانى من القرن التاسع عشر يجمعون بين الزعامة فى الدين والزعامة فى السياسة. بيد أن هذا السبب الذى يشير إليه العقاد لا يستقيم مع قول أنطون فى مفتتح كتابه «ابن رشد وفلسفته» أنه يقدم هذا الكتاب للعقلاء فى كل ملة وكل دين الذين عرفوا مضار مزج الدين بالدنيا. ومعنى هذه العبارة أن أنطون يدعو إلى العلمانية، وأن هذه العلمانية ليست مقصورة على دين دون آخر على نحو ما يرى العقاد، وأن مفهوم «حاكمية الله» هو سبب كراهية العقاد للعلمانية.

"الشاعر" هاني عازر بقلم: فاطمة ناعوت

في كلية الهندسة، جامعة عين شمس، كان الأساتذة "قُساةً" لا يقبول منّا الأخطاء اليسيرة. غيرُ مسموح إلا أن تكون مشروعَ مهندس جادّ ودقيق ومبتكِر. من مأثورات أساتذتنا في اليوم الأول: “احنا بنخرّج فراودة. اللي عاوز يهرج يحوّل كلية تانية!" و"فراودة": جمع كلمة "فِرْوِد"، وهي مصطلح في كرة القدم، جاء من تحوير كلمة: "فورورد" الإنجليزية Forward أي اللاعب الذي يتقدم إلى الأمام في أرض الملعب نحو مرمى الخصم ليُحرز هدفًا. ولأنني لا أحبُّ الكرة، كنت أتصور أن كُليتي يجب أن تُخرّج "شعراءَ"، لا لاعبي كرة قدم! 

من هو الشاعر؟ الشاعرُ هو الذي يتمرّد على الموجود، ليخلقَ غير الموجود. الشاعرُ يكسر قوانين المنطق "العاقل" ليبتكر المجاز "المجنون”. يلهو بالشموس والأقمار والبحار والغيمات ويعيد ترتيب الكون كما يحلو له. يغيّر الجغرافيا فيمحو الحدودَ بين الدول إن أزعجته. يبني الممالك في الصحاري ويشقُّ الوديان بين الجبال. يصُفُّ النجومَ في خيط ليصنع عقدًا لحبيبته. يلاعبُ الزمانَ ويشاكسُ البشرَ فيجعل "النُّواسيًّ يعانقُ الخيّامَ"! كما فعل "جورج جرداق" في قصيدة: "هذه ليلتي". كيف يعانقُ شاعرُ الخمر الدمشقيّ ابنُ الزمن العباسي، شاعرًا فارسيًّا سيظهر بعده بأربعمائة عام في خُراسان ليكتب رباعيات تتأرجح بين الإيمان والجنون؟! وحده الشاعرُ قادرٌ على أن يجبر الفرقاءَ على التلاقي والمصافحة. كذلك المهندس، الذي يناطح السحابَ بأبراجٍ شواهقَ، ويضرب بسنّ قلمه بطنَ الأرض المظلم فتُخرج لؤلؤَها. 
مهندسون ألمان وقفوا حائرين سنواتٍ سبعًا أمام نهر لابد أن يخترقه قطار! حاروا لأنهم مهندسون، وفقط، وليسوا شعراء. حتى جاء شاعرٌ مصريّ عام ٢٠٠١ فأقنع النهرَ أن يتنحى جانبًا ويغيّر مسارَه لبعض الوقت، ثم يعود بعدما ينتهون من حفر الأنفاق أسفله ليمرّ القطار. 
أما النهرُ، فهو "سبراي" الذي ينبع من مرتفعات على الحدود التشيكية ليخترق قلب برلين الصاخب وينثر رذاذَه في رئتيها. وأما الشاعرُ المصري، فهو المهندس "هاني عازر" ابن هندسة عين شمس. وأما قصيدته الكبرى التي أنهى كتابتها في خمس سنواتٍ عام ٢٠٠٦، فهي محطة قطارات برلين التي أجبرت شطري ألمانيا الشرقية والغربية على المصافحة بعد طول خصام، كما فعل أبو نواس وعمر الخيام. وأما قصيدته الراهنة، فهي محطة شتوتجارت التي سينهيها عام ٢٠١٩. وأما قصيدته الأجمل، فهي قبوله منصب مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل والأنفاق في مصر، دون مقابل. وأما حبيبتي هندسة عين شمس، فشكرًا لأنك تصنعين المهندسين الشعراء. وأما "تاجُ العلاء في مفرق الشرق"، مصر، فألف شكر لأنك تُنجبين شرفاءَ يرفعون لواءَكِ عاليًا في كل الدنيا.


فاطمة ناعوت

المصري اليوم

١٤ يوليو ٢٠١٤

Saturday, July 12, 2014

مصر المفترى عليها بقلم د. وسيم السيسى ١٢/ ٧/ ٢٠١٤

قالوا فراعنة وسخرة وظلم! ويصفعهم دكتور محمود السقا، ومحمد أبوسليمة.. أن القانون كان فى مصر القديمة دهشة للمؤرخين لأنه قام على دعامتين ١- العدل أساس الملك، ٢- العدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء بسواء.
قالوا: كان الملوك ينعمون بمباهج الحياة، والشعب يعانى الحرمان! والرد على ذلك الافتراء أن الملوك كانوا فى مقدمة صفوف الجيش، وكم منهم استشهدوا فى الحروب مثل سقن رع، كاموس (الأسرة ١٧).
قالوا: حضارة عفنة (عبدالمنعم الشعات)، ويكفينا ما كتبه هيرودوت: قيود النظافة فى مصر شديدة خصوصا على رجال الدين، ويبدو أن مناصبهم الرفيعة تعوضهم عن هذا العناء! كم عجبت للمصريين.. يتناولون طعامهم بالخارج، ويقضون حاجتهم بالداخل! ذلك لأن البلد الوحيد الذى كان لديه صرف صحى.. كانت مصر! كتب المقريزى: سلمت مصر من الحر والبرد.. طاب هواؤها، وخف بردها، وضعف حرها.. وسلم أهلها من صواعق تهامة، وجرب اليمن، ودماميل الجزيرة (جمع دمل)، وطواعين الشام!
قالوا: هذا المعمار الشاهق، والإعجاز الهندسى الفلكى الرياضى لابد أنه من حضارة كوكب آخر (إريك فون دانكشتين - عجلات الآلهة)، ويرد عليه أرشيبالد، تشيز، مانج، بل، أربعة من علماء الرياضيات، وكيف جمعوا ٣٦ وثيقة أصلية فى الرياضيات المصرية يتراوح تاريخها من ٣٥٠٠ ق.م إلى ١٥٠٠ ق.م كما يرد عليهم تحتمس الثالث ببردية محفوظة فى الفاتيكان تقول: أخبرنى الكهنة أن سماء البلاد امتلأت بأجسام فضية لامعة! أمرت بتسجيل هذه الظاهرة للأجيال القادمة.
قالوا
إن الملك المصرى اشتهى سارة زوجة إبراهيم، وبالدراسة وجدنا أنها راعية غنم، ورعاة الغنم رجس (نجاسة) للمصريين على حد تعبير يوسف لإخوته (التوراة)، كما أنها بلغت من العمر ٧٥ عاما!! ثم أن إبراهيم قال للملك: إنها أختى!! وحين عرف الملك ذلك استدعى إبراهيم وقال له: لماذا قلت إنها أختك وهى زوجتك؟! ها هى امرأتك خذها واذهب، وأعطاه بغالا وحميرا، وأوصى به الحرس حتى يخرج خارج مصر! فيقول إبراهيم لسارة: لأنى وجدت خيرا بسببك فى مصر، قولى للملك إبيمالك، ملك جوار فى فلسطين إنك أختى!! ولا تعليق!! سوى ما قاله فرويد: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية! لقد رأيت يهوديا فى المتحف المصرى ينحنى أمام تمثال إخناتون، فالكذبة الجديدة بعد بناء الهرم هى: إخناتون هو موسى كليم الله.. بهذه المناسبة.. الله جل جلاله تكلم مع موسى باللغة المصرية القديمة، وكتب له الوصايا العشر بالكتابة الهيروغليفية، لأن العبرية لم تظهر إلا بعد موسى بمئات الأعوام (د. فؤاد حسين على - التوراة الهيروغلوفية) فكرة لوزارة السياحة أن تكتب الوصايا العشر باللغات الحية مع ٤٢ اعتراف إفكارى حتى يعرف الناس الأصل والفرع.
قالوا: لو
أن مظالم الفراعنة كتبت على الرخام الأبيض لأسود من كثرة مظالمهم (مطران خليل مطران) رد عليه أمير الشعراء:
زعموا أنها دعائم شيدت... بيد البغى ملؤها ظلماء
أين كان القضاء والعدل والحكمة... الرأى والنهى والذكاء.
إذا كان غير ما أتوه فخار... فأنا منك يا فخار براء!!


هل شهد التاريخ الإسلامى عمليات إبادة جماعية؟ بقلم د. سعد الدين إبراهيم ١٢/ ٧/ ٢٠١٤


بلدة سالزبورج بالنمسا هى من أجمل بُلدان العالم، وربما أقرب شىء إلى «الجنة»، التى بشّرت بها الأديان السماوية المؤمنين فى الآخرة.
وعلى ربوة عالية فى تلك البلدة، توجد قلعة الملك ليوبولد، وقصر للمؤتمرات، خصّصه صاحبه لمؤتمرات السلام، فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وشهد أول هذه المؤتمرات عام ١٩٤٧. وخلال الأسبوع الأخير من يونيو ٢٠١٤، شهدت القلعة المؤتمر رقم ٥٣٥، الذى شاركت فيه مصر ضمن ستين أخرى من ثلاثين دولة من قارات العالم الست.
وكان موضوع المؤتمر هو كيفية «منع عمليات الإبادة الجماعية للجماعات البشرية Holocaust and Genocide Prevention». وكانت كل الأديان والأجناس الرئيسية فى العالم مُمثلة فى المؤتمر. وكان مطلوباً منى تقديم ورقة بحثية عن عمليات الإبادة الجماعية فى التاريخ الإسلامى، أى خلال الأربعة عشر قرناً، التى هى كل تاريخ المسلمين.
وقبل مؤتمر سالزبورج بعدة شهور، كلّفت زُملائى الباحثين فى مركز ابن خلدون بمساعدتى فى مسح التاريخ الإسلامى للإجابة عن سؤال: هل وجدت عمليات إبادة جماعية للبشر على أساس العِرق، أو اللون، أو الدين، أو المذهب، أو الطائفة، أو القومية؟
وكانت الإجابة قاطعة واضحة صادمة. وهى «لا»، لم يشهد التاريخ الإسلامى فى القرون الثلاثة عشر الأولى أى مذابح، أو عمليات إبادة جماعية. ولكن القرن الإسلامى الأخير شهد سبع عمليات إبادة جماعية.
ولم تحدث عمليات الإبادة الجماعية تلك إلا فى تركيا وبُلدان عربية ذات أنظمة حُكم جمهورية، وفى القرن العشرين! أى أنها حدثت مع ميلاد الدولة الوطنية الحديثة.
من ذلك أن حالة الإبادة الجماعية فى تركيا وقعت ضد «الأرمن»، فى الفترة ما بين الحربين (١٩١٥-١٩٣٩)، أى فى ظل حُكم أنصار تركيا الفتاة، الذين كانوا هم أنفسهم مُناهضين لحُكم سلاطين آل عثمان، باعتبارهم مُحافظين أو رجعيين. ويُقال إن حوالى مائتى ألف أرمنى فقدوا حياتهم، كما تشرّد منهم حوالى مليونين، لجأوا إلى كل بلاد العالم، بما فى ذلك مصر وبُلدان المشرق العربى. وربما تعتبر حالة الأرمن أول وأقرب مثال للإبادة الجماعية فى التاريخ الإسلامى.
أما الحالات السبع الأخرى، فقد وقعت واحدة منها فى ليبيا، واثنتان فى السودان، واثنتان فى سوريا، واثنتان فى العِراق.
١- فى حالة ليبيا، وقعت مُظاهرات طُلابية فى جامعة طرابلس عام ١٩٧١، أى بعد ثورة الفاتح بسنتين. فقمعها قائد تلك الثورة، العقيد مُعمر القذافى بالدبابات والمدفعية، ثم حاكم عدة مئات ممن اشتركوا فى المُظاهرات وأعدمهم على المشانق التى نُصبت داخل الحرم الجامعى. أكثر من ذلك، لاحق العقيد القذافى عائلات وعشائر وقبائل الطُلاب وعاقبهم جماعياً دون مُحاكمة.
٢- قمع وإبادة الجنوبيين فى السودان. فبعد وصول عُمر البشير إلى السُلطة بانقلاب عسكرى ضد حكومة ديمقراطية مُنتخبة عام ١٩٨٦، وعند تملل قبائل جنوب السودان من استمرار السياسات التمييزية التى كان الشماليون فى الخرطوم يُمارسونها ضدهم، سارع الرئيس عُمر البشير باستخدام الآلية العسكرية الفتاكة ضد تلك القبائل، وهو ما أدى إلى هلاك ما يقرب من مليون جنوبى، كان معظمهم من قبائل الدينكا والنوير والشلوك.
٣- مذبحة حماة. وصل حافظ الأسد إلى السُلطة بعد انقلاب عسكرى فى أعقاب هزيمة العرب الكُبرى فى حرب يونيو ١٩٦٧. ولكن طول بقائه فى السُلطة وتمييزه الطائفة العلوية التى ينتمى إليها (١٥% من إجمالى السُكان) على بقية أبناء الشعب السورى أديا إلى ظهور مُعارضة مُتنامية، قادها الإخوان المسلمون السوريون، والذين كانت مدينة حماة إحدى قواعدهم. فلم يتورع حافظ الأسد عن إعطاء الأوامر لسلاح الطيران السورى بدك المدينة بكل أنواع القنابل، وبالفعل أخمد التمرد فى حماة. ولكن كان الثمن هو إبادة أكثر من ١٥٠٠٠٠ من سُكانها.
٤- مذابح الأكراد فى حلبجة العِراقية. وصل صدام حسين إلى السُلطة فى العِراق من خلال سلسلة من الانقلابات العسكرية مع عمه أحمد حسن البكر، والتحالف مع الفرع العِراقى لحزب البعث العربى الاشتراكى. واتبع صدام أبشع أنواع القمع والإبادة لمن اختلفوا معه أو نازعوه السُلطة. لذلك لم يكن غريباً أن يستخدم نفس الأسلوب مع أكراد العِراق، الذين يتركزون فى محافظات العِراق الشمالية (كركوك- السليمانية- أربيل- الموصل). ولأن تضاريس تلك المحافظات ذات طبيعة خليجية، فقد تعذر على صدام حسين وجيوشه السيطرة وإخماد تمرد الأكراد. فلجأ صدام إلى استخدام أسلحة كيماوية أدت إلى هلاك ما وصل إلى نصف مليون مواطن عربى كردى. وكان أبشع هذه جميعاً إبادة سُكان مدينة حلبجة الكُردية، حوالى ٢٥٠٠٠ مواطن.
ولم تقتصر سياسة صدام حسين فى الإبادة على خصومه المحليين، ولكنها شملت أيضاً السُكان المدنيين فى دول الجوار، فى حالات الخلاف مع حكوماتها. من ذلك ما فعله عدة مرات من قصف صاروخى بالغازات والأسلحة الكيماوية لعدد من المُدن الإيرانية، أثناء حرب الخليج الأولى، ثم فى حرب الخليج الثانية، بل الأنكى من هذا وذاك أن صدام أمر بعمليات إبادة جماعية لمواطنيه فى جنوب العِراق بعد هزيمته المروعة فى الكويت، على يد التحالف الدولى، فشنّت قواته فى طريق عودتها إلى بغداد عمليات إبادة ضد عديد من القُرى والمُدن، بين البصرة وشط العرب (أى الحدود العِراقية- الإيرانية فى الجنوب). ولم يكن هناك تفسير لهذا الجنون الصدامى إلا أن الإحباط، بسبب هزائمه المُتتالية، دفعه إلى البحث عن كِبَاش فداء فى الداخل، ليصب عليها جام غضبه.
وهكذا يتضح أن عمليات الإبادة الجماعية للبشر فى التاريخ الإسلامى لم تحدث إلا فى الرُبع العربى، حيث لم نسمع عن مثل هذه العمليات فى إندونيسيا، ولا باكستان، ولا بنجلاديش، ولا الملايو. وإنها جميعاً حدثت فى القرن العشرين، وعلى أيدى حُكام عرب جمهوريين مُستبدين، حيث لم نسمع عن ملك أو أمير عربى حدثت فى عهده مثل هذه الجرائم.
فلا حول ولا قوة إلا بالله

Tuesday, July 8, 2014

من مانديلا إلى السيسى دعم الطاقة «٥» بقلم د محمد أبوالغار ٨/ ٧/ ٢٠١٤

دعم الطاقة يمثل جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة، ويعلم الجميع أنه لابد من حل لهذه المشكلة المعقدة. ومنذ عصر مبارك والدولة لا تحاول أن تجد حلاً حقيقياً لها، ولايزال ماثلاً أمام كل المسؤولين الانتفاضة الشعبية الكبرى ضد السادات عندما قام برفع الدعم.
مشكلة دعم الطاقة فى مصر أن جزءاً كبيراً يذهب إلى جيوب أصحاب مصانع الأسمنت والسيراميك كثيفة الاستهلاك للطاقة، والتى تشتريها بالسعر المدعوم وتبيعها بالسعر العالمى، وهم قوة كبيرة وضاغطة، وأدى ذلك إلى أخطاء جوهرية فى طريقة إصدار القانون الذى كان الجميع ينتظره، ولكن أحداً لم يتوقعه بهذا الشكل.
أولاً: يعلم الجميع أن القرار برفع الدعم عن المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة كان يجب أن يصدر منفصلاً ويصدر أولاً ويوضح للناس أن الدعم سوف يرفع عن الأغنياء قبل الفقراء وبدرجة أكبر، وهو ما لم يحدث فى القرار الوزارى أو على الأقل فيما نُشر وقرأناه فى اليوم التالى. وكان يجب أن تكون نسبة رفع الدعم على هذه الشركات على الأقل ضعف نسبة المنتجات الأخرى، ويعلن أن الدعم سوف يرفع نهائياً عنها فى فترة زمنية محددة حتى يشعر الشعب بشىء من العدالة.
ثانياً: يعلم تلميذ سنة أولى فى كلية الاقتصاد أن رفع أسعار الطاقة لن يكلف المستهلك فقط الزيادة فى السعر، بل سوف يرفع تكاليف كل سلعة فى السوق، لأنها كلها تتأثر بسعر الطاقة فى إنتاجها أو مصاريف نقلها، وهذا الأمر كان يجب توضيحه للجميع حسابياً وليس بالاعتماد على مقولة رئيس الوزراء أن التجار المصريين عندهم وطنية.
ثالثاً: كان يجب أن تكون نسبة رفع تسعيرة التاكسى والميكروباص جزءا من القانون بنسبة عادلة بعد التفاهم مع النقابات وسائقيهم، ولا يُترك للبلطجية والفتوات رفع الأسعار كما يريدون.
رابعاً: هذه هى الخطوة الأولى فى رفع دعم الطاقة، والتى سوف تتلوها خطوات أصعب وأكبر، وعلى الدولة أن تفكر من الآن فى إعطاء بديل نقدى لمحدودى الدخل يغطى هذه الزيادة، والإسراع فى رفع الدعم نهائياً عن مصانع الأسمنت والسيراميك، وإيجاد حلول مبتكرة لمنع تأثير رفع الدعم عن الفقراء.
خامساً: تحدث المسؤولون عن التقشف وخفض المصروفات، وهى أمور لم يشعر بها الشعب، والطريقة الحقيقية هى ميزانيات شفافة لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وكل الوزارات لتشير إلى التخفيض فى حجم الإنفاق، مع توضيح ما يخص القيادات العليا بطريقة دورية، حينئذ سوف يكون الشعب أكثر تفهماً لرفع الدعم وتخف نبرة الغضب.
سادساً: يجب أن يتلازم ذلك مع توفير وتحسين النقل الجماعى وترشيد استخدام الطاقة.
وأخيراً المشكلة الحقيقية فى القرار، بالإضافة إلى سوء طريقة إصداره، هى أنه أعطى الإشارة إلى أن هذا هو نظام الأغنياء، والفقراء ليس لهم مكان فى هذا الوطن.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.