Translate

Friday, July 31, 2020

المترجم المبدع الثانى طلعت الشايب - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /30



تحية خاصة إلى الأستاذة منى الشايب ابنة المترجم المبدع الراحل طلعت الشايب، وأدعو الجميع للاشتراك فى الصفحة التى أنشأتها على الفيس بوك تخليداً لذكراه، وهذا هو الرابط
https: //www.facebook.com/groups/3139754776077844/?ref=share
طلعت الشايب لمن لا يعرفه ليس مجرد مترجم يفتح القاموس وينقش فوتوكوبى، إنما هو يضيف من إبداعه الخاص، هو المبدع الثانى، ينفخ فى الكتاب أو القصيدة من نفحاته كمثقف عربى ما يضفى على الكتاب غنى وثراء وحيوية، من أجمل الترجمات الشعرية التى قرأتها ليس لطلعت الشايب ولكن لأى مترجم عربى آخر، كتاب صغير الحجم اسمه «أصوات الضمير» أتمنى أن يصدر فى مكتبة الأسرة مرة ثانية بعد نفاد طبعته، سأقدم لكم نموذجاً عملياً، كيف تكون الترجمة عذبة تحتفظ بروح النص الأصلى فى نفس الوقت الذى تعكس فيه ذائقة القارئ العربى الغنائية، اقرأوا تلك الموسيقى المكتوبة التى عزفها طلعت الشايب:
- «فى الهند يقولون إن الثعبان كان أول ما ظهر من مخلوقات الله.. ويقول سكان الجبال: لا، إن الله أول ما خلق خلق النسر المُحَلِّق. لست مع الهنود، ولا مع سكان الجبال، فأنا أعتقد أن أول ما خلق الله، خلق البشر. ولكن البعض ارتفع وحلّق مع النسور، والبعض، هبط وزحف مع الثعابين».
- اقرأوا كيف ترجم ناظم حكمت وهو يقول:
إذا كان نصف قلبى هنا أيها الطبيب
فنصفه الآخر هناك فى الصين
مع الجيش الزاحف نحو النهر الأصفر
وكل صباح، عند شروق الشمس
يعدمون قلبى فى اليونان
وفى كل ليلة أيها الطبيب
عندما ينام السجناء، ويغادر الكلّ المستشفى
يطير قلبى
ليحطَّ على منزل مهدّم فى إسطنبول
وبعد عشر سنوات
ليس لدىّ ما أقدّمه لشعبى الفقير
سوى هذه التفّاحة
تفّاحة واحدة حمراء، هى قلبى
هذا هو سبب الذبحة الصدرية أيها الطبيب
ليس النيكوتين، وليس السجن
وليس تصلُب الشرايين
فى الليل، أحدّق عبر القضبان
ورغم الثقل الذى يطبق على صدرى
ما زال ينبض
مع النجوم البعيدة.. البعيدة!
- اقرأوا كيف تعرف القارئ المصرى من خلال «الشايب» على شعراء كانوا مجهولين بالنسبة إليه، مثل شيركو بيكه الذى كتب «فى ورشة أحد الحدادين انتفضت مجموعة من القضبان المفتولة، قامت وهدَّدت وسلَّطت غضبها على نار الحداد عندما عرفت أنهم يريدون أن يعيدوا تشكيلها من نافذة لمكتبة عامة لتصبح بوابة سجن، يغلقونها على قمر شعر أسير».
- حتى نيبال ذهب «الشايب» لينقب عن شعرائها مثل شيركان الذى ترجم له: «هذه بلاد الضجيج والشائعات حيث الصُم الذين يستخدمون السماعات هم المحكَّمون فى مسابقات الموسيقى، والذين تمتلئ أرواحهم بالحجارة هم نقاد الشعر حيث تفوز فى السباق.. الأرجل الخشبية وحراب الدفاع فى أيدٍ مجبورة بالضماد، حيث الأرواح فى السلال ومحملة فوق العربات تُعرض للبيع فى الطرقات وأمام الأبواب، حيث القادة هم الذين يتاجرون فى الأرواح مثل الأسهم فى البورصة، وحيث الذين يقودون الشباب هم أصحاب الوجوه المجعدة مثل ألواح السقف، وحيث البذور التى تضاعف الإنتاج معروضة فى المعارض الزراعية المملوءة بأخبار القحط والمجاعة»، ويختتم الشاعر قصيدته بقوله: «أيها الرفاق.. يا شعراء هذه الأرض الذين يغنون أغنيات نهضة الوطن ويا قادة شعبنا المحترمين.. قولوا عنى: مفترٍ خائنٌ إن شئتم ولكن هذه البلاد بلادى كما هى بلادكم سيقف كوخى على قطعة من أرضها وستُحرق جثتى بالقرب من أحد أنهارها لا بد أن أقول وهذا الإحساس يملأنى بالجسارة.. إنها بلاد الضجيج والشائعات احفروا عميقاً وتحت كل بيت ستجدون شائعة مكدسة.. إنها بلاد جلبة وثرثرة.. وطن تغذّيه الشائعات.. وطن يقف على الضجيج!».

Thursday, July 30, 2020

كورونا والمراقبة «من تحت الجلد» - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /28



يوفال نوح هرارى، الذى يعتبر الآن من أهم مفكرى العالم والذى باع كتابه «الإنسان العاقل» أكثر من ١٦ مليون نسخة!!، كتب مقالاً عن العالم ما بعد كورونا، وددت مشاركته معكم بجزء منه، يقول هرارى:
تواجه البشرية فى الوقت الراهن أزمةً عالمية، ربما هى الأكبر بالنسبة لجيلنا. إن القرارات التى سيتخذها السكان والحكومات فى الأسابيع القليلة المقبلة ستُشكل العالم فى قادم السنوات. لن يقتصر ذلك على أنظمتنا الصحية فحسب وإنما يشمل أيضاً اقتصادنا وسياستنا وثقافتنا. يجب علينا أن نتصرف بسرعة وبطريقة حاسمة. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار العواقب طويلة المدى لأعمالنا. وعند الاختيار بين البدائل، يجب أن نسأل أنفسنا ليس فقط عن كيفية التغلب على التهديد المباشر، وإنما أيضاً عن نوعية العالم الذى سنعيشه بعد مرور العاصفة. نعم، ستمر العاصفة، ستبقى البشرية على قيد الحياة، سيظل معظمنا على قيد الحياة، لكننا سنعيش فى عالم مختلف. ستصبح العديد من تدابير الطوارئ قصيرة المدى عنصراً ثابتاً من الحياة. تلك هى طبيعة حالات الطوارئ. إنها تُسرّع الصيرورة التاريخية. فالقرارات التى قد تستغرق سنوات من المداولات فى الأوقات العادية، تُتخذ فى غضون ساعات. وتصبح التكنولوجيا غير المكتملة وحتى الخطيرة فى طور الخدمة، لأن مخاطر عدم القيام بأى شىء تكون أكبر. أصبحت دول بأكملها مثل فئران التجارب فى إطار القيام بتجارب اجتماعية واسعة النطاق. ماذا يحدث عندما يعمل الجميع من المنزل ولا يتواصلون إلا عن بعد فقط؟ ماذا يحدث عندما ترتبط المدارس والجامعات بأكملها عن طريق الإنترنت؟ فى الأوقات العادية، لن تقبل الحكومات والشركات والمجالس التعليمية بإجراء مثل هذه التجارب. لكن هذه ليست أوقاتاً عادية. فى هذا الوقت من الأزمة، نحن أمام خيارين على درجة كبيرة من الأهمية، أولهما الاختيار بين المراقبة الشاملة واحترام حرية المواطنين، وثانيهما الاختيار بين العزلة القومية والتضامن العالمى. من أجل وقف الوباء، باتت مجموعات بشرية بأكملها ملزمة بالامتثال لمبادئ توجيهية معينة. وهناك طريقتان رئيسيتان لتحقيق ذلك: إحداهما تتبعها الحكومة لمراقبة الأشخاص ومعاقبة أولئك الذين يخالفون القواعد. اليوم، ولأول مرة فى تاريخ البشرية، تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع طوال الوقت. وقبل خمسين عاماً، لم يكن باستطاعة لجنة أمن الدولة مراقبة 240 مليون مواطن سوفيتى على مدار 24 ساعة، كما لم يكن بمقدورها معالجة جميع المعلومات التى يقع تجميعها بشكل فعّال. لقد اعتمدت هذه الوكالة الاستخباراتية على عملاء ومحللين بشريين، إلا أنها لم تتمكن من مراقبة كل مواطن. ولكن يمكن للحكومات فى الوقت الراهن الاعتماد على أجهزة استشعار فى كل مكان وخوارزميات قوية بدلاً من الاعتماد على «أشباح» من لحم ودم. فى معركتها ضد وباء فيروس كورونا، استخدمت عدة حكومات بالفعل أدوات المراقبة الجديدة. ولعل خير مثال على ذلك الصين. فمن خلال مراقبة الهواتف الذكية للأشخاص عن كثب، والاستفادة من مئات الملايين من الكاميرات المزودة بتقنية التعرف على الوجوه، وإلزام الأشخاص بفحص درجة حرارة أجسامهم وحالتهم الطبية والإبلاغ عنها، استطاعت السلطات الصينية تحديد حاملى الفيروس المشتبه بهم بسرعة وتتبع تحركاتهم وحتى التعرف على أى شخص اتصلوا به. كما تحذر مجموعة من تطبيقات الهاتف المحمول المواطنين عند الاقتراب من المرضى المصابين. لا يقتصر هذا النوع من التكنولوجيا على شرق آسيا فحسب. فقد أذِن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مؤخراً لوكالة الأمن الإسرائيلية باعتماد التكنولوجيا المخصصة عادة لمحاربة الإرهابيين فى تعقب مرضى فيروس كورونا. وعندما رفضت اللجنة البرلمانية الفرعية المعنية الموافقة على هذا الإجراء، واجهها نتنياهو بـ«مرسوم الطوارئ». ربما تجادل بأنه لا شىء جديد فى كل هذا. فى السنوات الأخيرة، استخدمت كل من الحكومات والشركات تقنيات أكثر تعقيداً من أى وقت مضى لتتبع ومراقبة وتوجيه الأشخاص. ومع ذلك، إذا لم نكن حذرين، فقد يُمثل هذا الوباء نقطة تحوّل مهمة فى تاريخ المراقبة. ليس فقط لأنها قد تجعل من انتشار أدوات المراقبة الجماعية أمراً طبيعياً فى البلدان التى ترفض اعتمادها حتى الآن، وإنما لأنها تعنى كذلك الانتقال الدراماتيكى من مرحلة المراقبة «من فوق الجلد» إلى مرحلة المراقبة «من تحت الجلد». حتى الآن، عندما يلمس اصبعك شاشة هاتفك الذكى وتنقر على رابط، فإن الحكومة تُريد أن تعرف بالضبط ما كان اصبعك ينقر عليه. ولكن مع فيروس كورونا، يتحول محور الاهتمام إلى معرفة درجة حرارة اصبعك وضغط الدم تحت الجلد.

Tuesday, July 28, 2020

د. محمد أبوالغار يكتب: القاهرة التاريخية أثر مصرى وممتلك عالمى ٢٨/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

هناك غضب عام بسبب ما حدث لمنطقة المقابر أثناء البدء فى إنشاء كوبرى الفردوس. الغضب والحزن له أسباب متعددة، أولها أن عموم المصريين مهتمون بالقاهرة التاريخية وبتراث القاهرة وتاريخها الإسلامى، وثانيها أنه تم الهدم بالبلدوزرات بطريقة عشوائية أدت إلى إلقاء بعض الجثث فى الشوارع دون إخطار العائلات، أو بإخطار تم قبل الإزالة بفترة قصيرة. وثالثها أنه لم يحدث توافق مع الشعب قبل بدء الهدم، ولم يحدث تفاهم مع الخبراء فى القاهرة التاريخية وكبار المعماريين وعلماء التاريخ، فأصابهم إحباط شديد عبروا عنه. وبنظرة لحالة الإعلام المصرى الحالية، كانت وسائل التواصل الاجتماعى هى الناقلة لآراء مئات الآلاف من المصريين ومعبرة عن استيائهم مما حدث.
يقول المسؤولون عن الآثار الإسلامية إن ما تم هدمه ليس مسجلاً كآثار، وإنهم سوف يجمعون ما تم تحطيمه من شواهد القبور واللوحات الرخامية وغيرها ويستخدمون ما هو مناسب منها لوضعه فى بعض المتاحف. ويقول المهتمون بالآثار الإسلامية وتاريخ القاهرة إن ما تم هدمه هو آثار مهمة لجزء مهم من تاريخ القاهرة، وكونه غير مسجل كأثر إسلامى لا يعنى أنه ليس أثراً مهماً، والمنطقة بأكملها تعتبر جزءاً من تاريخ مصر، وطبقاً لحديث د. جليلة القاضى فإن وثيقة اليونسكو لعام ١٩٧٩ تنص على أن القاهرة التاريخية أصبحت ممتلكًا عالميًّا.
الخطاب الذى كتبه شريف عبدالقدوس، حفيد الراحل الكبير إحسان عبدالقدوس، عن بعثرة قبر جده وجدته مؤثر وحزين، يعبر فيه شريف عن الغضب والحزن عن رؤية رفات جده وجدته وكذلك جده الأكبر الفنان محمد عبدالقدوس زوج الفنانة والصحفية الرائدة روز اليوسف التى أسست وأدارت أهم مؤسسة صحفية سياسية كانت تهز أركان الوطن مطالبة بالحرية والديمقراطية والجلاء، وابنها إحسان كان نجماً فى الصحافة والكتابة السياسية، وكان أيضاً نجماً فى كتابة روايات وقصص، وكان له حضور وطنى كبير.
واتصل المهندس أحمد عبدالقدوس بابنه ليخبره بأنه فى المقبرة يقوم بنقل الجثامين إلى مكان آخر بعيداً عن مكان الهدم، وأنه تم الاتصال به قبل بضعة أيام ليخبروه بقرار هدم المقبرة. ويقول شريف: «وأرسل لى والدى صوراً، ورأيت بقايا هيكل عظام جدى المبعثرة، رأيت الجمجمة والقفص الصدرى وبقايا العظام، وكان جثمان الجدة مازال ملفوفاً بالقماش»، وسأل شريف والده عن مشاعره، فأشار بيده عن عدم رغبته فى الإجابة. وفى الشارع رأيت جميع المقابر محطمة، وهى جزء من تراث اليونسكو.. ثم قال إنه علم أن البعض طلب منهم نقل الجثامين إلى أماكن بعيدة فى غضون ٢٤ ساعة فقط. وعبر شريف عبدالقدوس عن حزنه العظيم وخيبة أمله. وعبرت شريفة التابعى، بنت أحد مؤسسى الصحافة المصرية الحديثة محمد التابعى، عن هدم مقابر العائلة قبل أن يتم إعداد مقابر بديلة، وقالت إنها من هول الصدمة فقدت القدرة عن التعبير. وكتب الزميل د. مصطفى الصادق المهتم بآثار القاهرة، بأنه ذهب ليشاهد ما حدث، وقال له إن المنظر يخض ويحزّن، وكان رفات الموتى يتم تجميعه فى شيكارات لأنه لم يكن هناك وقت، وقال إن أسوار مدفن لطفى السيد أحد رواد النهضة، ومدافن عبود باشا الاقتصادى الكبير، وحسن باشا صبرى الذى كان رئيساً للوزراء عام ١٩٤٠ ومدفن مراد باشا محسن ناظر الخاصة الملكية ذات الطابع الفرعونى الفريد قد تم تحطيمها.
وقد عبر المؤرخ المعمارى للآثار محمد الشاهد عبر «تويتر» مستغرباً لماذا لم يؤخذ رأى الناس على الأقل فى أمور شديدة المحلية وشديدة الحساسية؟، وقال إن وزارة الإسكان فى عام ٢٠١٨ أصدرت قراراً نُشر فى الصحف بوجوب المحافظة على هذه المقابر لأنها تمثل لحظة تاريخية مهمة، ولها طراز معمارى فريد.
هناك العديد من النقاط التى أثارت الغضب الذى كان من الممكن تلافيه لو راعينا بعض الأمور.
أولاً: صدر قرار بناء كوبرى الفردوس فى ٢٠ يونيو ٢٠٢٠، وقبل صدور القرار النهائى ببناء الكوبرى كان يجب أن يُقدِّر القائمون على العمل أن هذا الكوبرى سوف يمر من منطقة أثرية وأنه سوف يمر بمنطقة مقابر.
ثانياً: كان يجب أن يتم عقد اجتماعات مع مهندسين استشاريين من جهات مختلفة لمعرفة البدائل المختلفة التى تمنع ما حدث، ويطلع الناس على هذا الحوار.
ثالثاً: فى حالة استحالة تغيير المسار ولو قليلاً كان يجب البحث عن الحلول الهندسية الحديثة التى يمكن ألا تضر بهذه المنطقة الأثرية.
رابعاً: كان يجب أن يتم التفاهم مع العائلات أصحاب المقابر والبحث عن الحلول المختلفة وإعطاء وقت كاف ومساعدة فى رفع الشواهد والحوائط الأثرية سليمة لتنقل إلى مكان آخر أو إلى المتاحف الإسلامية بدلاً من الطريقة العشوائية باستخدام البلدوزر.
وأخيراً: التاريخ ليس ملكاً للمصريين الذين يعيشون الآن، وإنما هو ملك لكل المصريين عبر آلاف السنين فى الماضى وفى المستقبل، ومن الظلم الشديد أن نقوم بتدمير تاريخ الوطن بأيدينا. نحن فى عصر فيه تقدم هندسى مذهل، وهناك طرق بمجهود بسيط يمكن بها مواكبة التحديث والإنشاءات الضرورية مع عدم الإضرار بالآثار أو الاعتداء على التاريخ.
الولادة والموت هما أهم حدثين فى تاريخ الإنسان. والموت عند المصريين عبر التاريخ له قدسية خاصة وطقوس مختلفة عن العالم كله، ومقابر قدماء المصريين تشهد بذلك. ما حدث للمقابر كان له تأثير نفسى شديد على العائلات التى تأثرت بالإزالة، وتأثير عام على الشعب المصرى كله. أرجو أن نجد حلاً يمنع تحطيم الآثار ويلتزم بالقواعد التى وضعتها اليونسكو لأن ذلك فى مصلحة مصر والمصريين.
«قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك».

بشير الديك «أويمجى» السيناريو - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /27



لأنه دمياطى وأنا أيضاً، لذلك أعرف أن صفة «الأويمجى» سيفرح بها السيناريست الفنان «بشير الديك»، لأن بشير يعرف مثلى قيمة هذا الفن الدمياطى النادر فى عالم الأثاث والموبيليا، فى عيد ميلاده السادس والسبعين لم أجد تشبيهاً لهذا الفنان، الذى يكتب بمزاج، وكأنه يغازل قطعة الخشب الصامتة الخرساء بأزميله فيُنطقها، إلا هذا التشبيه، مهنة الأويمجى الفنان تنقرض فى دمياط، وكذلك مهنة السيناريست الفنان المزاجنجى الحريف هى أيضاً تنقرض، السيناريست الذى يكتب بروح الهواية حتى آخر لحظة، هذا النوع يختفى أيضاً مثله مثل كل الأشياء الجميلة التى تتسرّب من بين أيدينا، الأويمجى نحّات يراقص زوايا الخشب ويداعب المساحة المصمتة الصامتة، وبسن أزميله يبرز ويخسف، ويعلو ويهبط، ويقشّر ويبطن، حتى يبعث الروح فى هذا الجماد الذى ما زال يحمل رائحة فتات قشور الخشب فى الغابات، فى ورشته يمارس النحت على جسد الخشب، تلك المادة التى لا تحمل صلابة الجرانيت، لكنها تحمل ليونة الجذع الذى ارتوى من الجذور فى أرض تفصلنا عنها آلاف الأميال، لكنها تلتحم بخلايانا كتوأم روح، تحمل كل ألغاز الحياة، ما زال فيها نفس الحياة رغم ضربات الفأس الذى فصلها عن أمها الأرض، وكذلك بشير الديك، يتعامل مع الصفحة البيضاء، كتعامل عاشق متيم بأنثى رقيقة، يهدهدها بسن القلم، ويقبلها ويقابلها بأصابع تبث الروح فى خرس الورق المستفز، يصنع تلك الأويما الفنية التى عليها خاتم بشير الديك، قبل أن تقتحم المهنة الأويمات الصينية الجاهزة، الإسطمبات.
بشير الديك عدو الإسطمبة والتقليدى والمعلب وسابق التجهيز، يمارس كتابة السيناريو بروح النحات الموسيقار، يصرخ كما صرخ مايكل أنجلو لتمثاله «انطق أيها الأخرس»، وتجتاحه حمى الفن كما اجتاحت موتسارت الذى حسده سالييرى أستاذ الموسيقى الأكاديمى على المدد الذى يهبط عليه كالوحى، أبدع مع عاطف الطيب «سواق الأوتوبيس» فى كونشرتو سينمائى فجر الدمع فى المآقى، عندما وجّه نور الشريف السائق البسيط لكمته لهذا الحرامى العابر، كان يوجّهها لمجتمع دهس تلك الطبقة وسمح للطفيليين بأن يصعدوا على جثتها، وفى «ضد الحكومة» فضح الفساد فى الطبقة الأعلى بعد تحلل وانقراض الطبقة الوسطى، وبعد أن صارت الحياة محل سمسرة!
ومع المبدع محمد خان قدّم «الحريف»، أنشودة المهمّشين فى الأرض على شريط السيلولويد وبكرة النيجاتيف، لاعب الكرة الشراب الذى يتردّد صدى أنفاسه فى صدرك أنت قبل تردّدها فى صدره، تراقبه وهو يصارع من أجل النفاذ من ثقب إبرة لكى يحيا، أو بالأصح لكى يعيش، مجرد عيشة، تاريخ بشير الديك مع فن كتابة السيناريو طويل وثرى ويحتاج إلى مجلدات، لكن أحياناً إشارة الأصبع تحتوى أكثر من احتضان الأيدى، السيناريو الذى صرنا نسميه «الورق»، وصار معناه الحقيقى عند النجوم الجُدد، مجرد ورق تواليت، يُستخدم ثم يُلقى إلى المجهول.
حاول بشير الديك أن يستعيد لهذا الورق مكانته وبريقه وقدسيته، لكنه استيقظ ذات يوم ليعرف أن النجم غير رأيه ولن يظهر المسلسل، ذلك المسلسل الذى بدأ «بشير» الكتابة فيه بالفعل، وأنجز عدداً من الحلقات، لكن السيناريست صار آخر من يعلم، للأسف ما زال الديك يؤذن، لكن الفجر هو الذى غاب.

Sunday, July 26, 2020

بركات قبول الآخر بقلم الأنبا موسى ٢٦/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

هناك دراسات عديدة فى مجال العلوم الإنسانية تهتم بثقافة «قبول الآخر»، أيًا كان هذا الآخر! وقد تحدثنا فى الأسابيع الماضية عن: «مَن هو الآخر؟»، و«كيف نقبل الآخر»؟.. ولا شك أن هناك بركات كثيرة ننالها حينما نقبل الآخر فى: الأسرة، ودُور العبادة، والوطن، والعالم كله..
ومن بين هذه البركات ما يلى:
أولًا: الآخر فرصة اكتساب فضائل:
أ- إذ كيف يمكن أن يتسع القلب، ونمارس فضيلة المحبة الحقيقية الباذلة دون وجود الآخر؟! إذن، فهى فرصة جيدة أن نتعامل مع الآخرين، إذ نتعلم البذل، ونقدم المحبة، التى هى رباط الكمال، وسر الفرح، كما أنها كذلك الاحتمال والصفح والغفران، فعندما يخطئ إلينا الآخرون نحتمل، ونصفح بنعمة الله، وبالاجتهاد الأمين.
ب- إذن، فالآخر ثروة كبيرة: والتفاعل والتواصل مع المحيطين بنا يُثْرِى حياتنا، ويشهد لإلهنا. ويظن بعض الناس خطأ أن التدين هو ممارسة حياة روحية منتظمة فقط، ولا علاقة لها بوجود الآخر!
ج- وهناك حقيقة مؤكدة لابد أن ندركها، وهى: «لن نستطيع أن نقتنى الفضيلة إلا مع وجود الآخر فى حياتنا».
د- يجب أن نقتنى «المرونة القوية»، التى تعطينا إمكانية السير مع التيار (حين تكون الأمور سليمة)، وضد التيار (فى الأمور الخاطئة)، فالمرونة الضعيفة هى طريق الضياع فى الدنيا والآخرة، بينما انفتاح الإنسان بالحب على الآخرين لا يعنى بالضرورة عدم وجود ضوابط للعلاقة، فكل ما هو مباح بصفة مطلقة يفقد قيمته ومعناه، لذا يجب أن تكون العلاقة مع الآخرين ذات أبعاد مناسبة حسب طبيعة العلاقة، وإلا لن تظل هذه العلاقة سليمة!.
ه‍- فلنهرب من القوالب الجامدة أو التقسيمات الثابتة كأساس، ففى كل يوم تطرح علينا الحياة أطروحات وأشكالًا مختلفة للعلاقات بين البشر، علينا أن نتفاعل معها لأن صور العلاقات يمكن أن تتغير، ولكن دون أن تتأثر المحبة.
و- إن المشاعر (مثل المحبة والكراهية والغضب).. تنتج عنها تغيرات فى كيمياء المخ والأعصاب، تُنتج تغييرًا فى الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من أجسادنا، ومن خلالها تحدث عملية التجاذب والتنافر بين البشر! فهذه الموجات التى تنبعث من شخص إلى آخر تجعله يشعر بمحبة أو بمشاعر سلبية تجاه الآخر، فالحب إذن طاقة، كما أن الكراهية كذلك، وكل منهما ينتقل إلى الشخص الآخر من خلال هذه التفاعلات الوجدانية، التى يصدرها الإنسان بطريقة عفوية.

ثانيًا: الآخر فرصة خدمة:
أ- إذ كيف نخدم، إن لم يكن هناك الآخر؟ سواء خدمة القدوة حين يرى الآخرون الأعمال الحسنة، فيمجدون الأب السماوى، أو خدمة العطاء، فكلنا نحتاج بعضنا البعض، فحينما نسعى إلى كسب الآخرين نجدهم بعد ذلك عندما نحتاج لمساعدتهم فى مواقف الحياة المختلفة من أفراح أو ضائقات.
ب- والكتاب المقدس يعلمنا أن: «الْجَار الْقَرِيب خَيْرٌ مِنَ الأَخِ الْبَعِيدِ» (أمثال ١٠:٢٧) لأنه أسهل فى الوصول إليه من الأخ البعيد.. والعلاقات الطيبة المتبادَلة دائمًا مفيدة لجميع الأطراف، سواء فى مجالات الدراسة: (تبادل كتب- خبرات- ملخصات)، أو مجال العمل: (علاقات جيدة- فرص عمل- مجالات جديدة) وفى كل مجالات الحياة.

ثالثًا: الآخر فرصة تعلم وتكامل:
أ- فالاحتكاك والتفاعل مع الآخرين يُثْرِى شخصية الإنسان وفكره: وفى كل يوم أو تعامل يتعلم الإنسان جديدًا فى الحياة، وفضائل من المحيطين به والمتعاملين معه، وكذلك الآخر فرصة اكتشاف لوزناتنا وكشف لعيوبنا. نتعلم من الكبير الخبرة، ومن الشباب الحماس والحركة.
ب- ليكن لنا اجتهاد فى تكوين علاقات مع الآخر: ليس بالضرورة مع المتشابهين معنا، ولكن مع المختلفين عنّا أيضًا، بمعنى أن نسعى لتكوين علاقات التكامل، فاكتمال المعرفة والنضج الشخصى لا يتحقق إلا بالمشاركة مع الآخر.

رابعًا: إلهنا يدعونا إلى الاهتمام بالآخر:
أ- ولا يزال هذا التساؤل الإلهى لـ«قايين»، حين سأل الرب «قايين»: «فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟ فَقَالَ: لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِى؟» (تكوين ٩:٤)، وهذا تساؤل مطروح من قِبَل الله إلى كل إنسان: أين أخوك؟.. فإذا أجاب: أحارس أنا لأخى!.. يقول الرب: «أنت حارس لأخيك بالحب والتواصل والمشاركة والصلاة».
ب- ثم الدعوة إلى البحث عن سلامة الإخوة: قال يعقوب، أبوالآباء، لابنه يوسف الصديق: «اذْهَبِ انْظُرْ سَلاَمَةَ إِخْوَتِكَ وَسَلاَمَةَ الْغَنَمِ وَرُدَّ لِى خَبَرًا.. فَوَجَدَهُ رَجُلٌ وَإِذَا هُوَ ضَالٌّ فِى الْحَقْلِ. وسَأَلَهُ الرَّجُلُ قائلاً: مَاذَا تَطْلُبُ؟ فَقَالَ: أَنَا طَالِبٌ إِخْوَتِى. أَخْبِرْنِى أَيْنَ يَرْعُونَ؟» (تكوين١٤:٣٧-١٦)، فقد كانت هذه دعوة يعقوب لابنه يوسف، ولكن ماذا كان رد فعل يوسف إزاء ذلك؟ «أنا طالب إخوتى»، ولكن ما الثمن الذى دفعه يوسف لالتزامه بهذه الدعوة؟.. إلقاؤه فى البئر.. ثم العبودية.. وأخيرًا السجن! ولكن الرب قصد به خيرًا، حين صار وكيلاً لفرعون.. والتزم يوسف بإخوته من أجل الله.
ج- «لأنى كيف أصعد إلى أبى والغلام ليس معى» (تكوين ٣٤:٤٤) هذا السؤال يظل قائمًا فى ضمير كل إنسان.. كيف أحيا فى سلام وأخى ليس معى؟! أو كيف يكون لى الكفاف فى احتياجات الجسد، وأخى ليس معى فى حالة اكتفاء؟!.. فكسب الآخرين يبعث على السلام، وهذا لن يتحقق إلا بعلاقات طيبة مع الآخرين. والسلام مطلب أساسى لكل إنسان لكى يكون ناجحًا فى حياته، ونواة صالحة فى المجتمع.. أعاننا الرب أن نكون هكذا.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


عبث البرامج الرياضية - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /25






أن يخرج علينا كابتن كرة شهير ومدرب قديم ومسئول يعرف قدر الكلمة وخطورة التصريح، ويقول إنه قبل كل ماتش أفريقى كان بيقعد معانا الحكم ويقول لنا عايزين ضربة جزاء ولا أطرد لاعب؟!، اتهام مباشر لذوى البشرة السمراء أنهم مرتشون!!، ثم يقول كل الأندية المصرية كانت بتقدم رشاوى للحكام الأفارقة!!، يعنى ببساطة كل بطولاتنا الأفريقية هى بالرشوة وتعتبر فشنك!!، هل هذا ما تريده يا كابتن ويا ملك خط النص؟!، كلمات هى منصة صواريخ حماقة فى وقت فى منتهى الحساسية، نحاول فيه لم الشمل أفريقياً لمساندتنا فى قضية حياة أو موت، قضية مياه، كلها شأن أفريقى ونحتاج فيها إلى الأفارقة بقوة، يأتى شخص من الوسط الرياضى يلقى بتلك القنبلة فى هذا التوقيت الكارثى!!، ماذا يحدث فى مصر؟، هل فقدنا كل إحساس بهذا البلد وبالمسئولية الجماعية تجاهه؟، كل فرد أخذ ينهش من لحم هذا الوطن «نسيرة» ويجرى، الكل يرغب فى ركوب التريند وترويج الهاشتاج حتى ولو على جثة هذا الوطن، ما فائدة هذا التصريح الآن؟، ما وجه الإلحاح فى قوله؟!، وماذا يعود على قائله وعلى البرنامج وعلى البلد منه؟، هل هو مجرد طق حنك؟، وهل فى مصلحة البلد يجوز طق الحنك؟، البرامج الرياضية فى مصر تنذر بكارثة ستحرق الأخضر واليابس فى هذا البلد، البرامج تعانى من بطالة أدت إلى ماكينة حماقات وهستيريا خناقات حوارى، فلا توجد كورة ولا دورى ولا جمهور، ولا توجد رياضة أصلاً لكى توجد برامج رياضية، فكان الحل هو فى برامج النميمة والردح والفتن والضرب تحت الحزام المسماة برامج رياضية، برنامج تقدمه مذيعة ذات شعر أصفر لم نسمع عنها فى الوسط الرياضى من قبل، تستضيف اليوم لاعب كرة ليشتم فى زميله، ثم غداً تستضيف المشتوم ليرد الشتيمة!!، وهكذا تدور ساقية الكراهية فى بركة الجهل والغل والسواد، ويصبح البرنامج تريند، وتصبح المذيعة نجمة، وبرنامج يقدمه مذيع آخر أراه لأول مرة على قناة تقدم جرعة ثقافية محترمة، يستضيف فيه ضيوفاً ثابتين وضيوفاً متغيرين، وكل موهبته تنحصر فى إن فلان بيقول عليك كذا.. معقول؟!!...ويتم تسخين الضيف ليهاجم ضيفاً آخر أو يفتعل شجاراً فى مداخلة أو يشتم فريقاً، وبرنامج يطرد فيه مسئول رياضى مذيع البرنامج بعد خناقة.. إلى آخر هذا الكلام الذى لا يمت للرياضة ولا للإعلام بصلة، إذا كانت الرياضة قد تحولت إلى ردح وشتيمة وتسخين ضيوف على ضيوف وثرثرة مصاطب واستعراض عضلات وتجنيد كتائب ألتراس، فالأفضل فعلاً أن نرفع شعار: بلاها رياضة.

Saturday, July 25, 2020

د. وسيم السيسى يكتب: النكبة الكبرى على مصر ١٥١٧م ٢٥/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

لا أردوغان كان عمى
ولا سليم الأول من أجدادى
أجلاف وحوش غزوا أرضى
قتلوا ونهبوا التل والوادى.
يحدثنا المؤرخ المصرى المعاصر لسليم الأول محمد بن إياس فى كتابه: بدائع الزهور فى وقائع الدهور ١٥١٧م أنهم قوم همج، نفوسهم قذرة وعندهم عفاشة، قتلوا عشرة آلاف من عوام الناس فى يوم واحد، عرّوا الناس، ربطوهم بالحبال من أعناقهم، كانوا يسوقونهم بالضرب على ظهورهم، كان سليم وعساكره يشربون الخمر ولا يصومون، وكانوا ينهبون الغلال لخيولهم، إنها أيام النكبة والحسرة، قتلوا طومان باى وعلقوا جثمانه على باب زويلة، وحملوا آخر خليفة «المتوكل» إلى إسطنبول حتى ينتازل عن الخلافة لسليم الأول فى يناير ١٥١٧م، وقع فى مصر من جنود سليم، ما وقع فى بغداد من جنود هولاكو، فرضوا الإتاوات علينا حتى جُعنا، حتى الزواج أو الطلاق، فرضوا أربعة أشرفية على كل حالة، فتوقفت عملية النكاح، وكان سليم يقيم بين الصبيان والمرد، ولم يكن له أمان ولا قول، كلامه ناقص ومنقوص، اقتحموا الأزهر، وجامع ابن طولون، وحرقوا جامع شيخو العظيم، خربوا ضريح السيدة نفسية، وداسوا على قبرها، وقال سليم: إذا دخلت مصر أحرق بيوتها قاطبة وألعب فى أهلها بالسيف.
يحدثنا محمد بن إياس عن أهوال تذهل العقول، على حد قوله، أحد القضاة تمسك بالشرع، ضربوه وخطفوا عمامته وأركبوه حماراً بالمقلوب، وجرسوه «الأجراس»، وحرموا على قضاة مصر التصريح بزواج أبناء عثمان «عثمان بن أرطوغل»، هذا العثمانى الذى يفاخر أردوغان حبيب الإخوان بأنه حفيده.
توقفت فى مصر خمسون حرفة بعد أن هجّر سليم الأول العمال المهرة المصريين بالآلاف من مصر إلى إسطنبول «بدائع الزهور».
بالرغم من ظهور المطبعة ١٤٤٧م إلا أن أبناء عثمان أفتوا بأنها مخالفة للشرع والدين، ومنعوا دخولها إلى مصر، بل وأفتوا بإعدام من يستخدمها!.
واليوم تجد شوارع وميادين باسم هؤلاء الأجلاف، فهل مازلنا تحت الغزو العثمانى؟!.
ارفعوا عن بلادنا هذا العار، كنت أحد أعضاء لجنة تسمية الشوارع والميادين فى العاصمة الإدارية فكان اقتراحى الابتعاد عن كل اسم أساء لمصر، واختيار أسماء ممن أحبوها وعملوا من أجلها.
هل قرأتم أخطر وثيقة.
P.S.D Strategy To Support Muslim Brotherhood.
إنها وثيقة أوباما الشرير سنة ٢٠١٠ لدمج الإخوان فى حزب العدالة والتنمية التركى لحكم مصر وتونس وباقى المغرب العربى حتى نصبح ولاية منهوبة فى يد رجل لعبة فى أيدى الصهيونية العالمية.
أيها الممولون المغيبون الجهلة بما يحاك لكم فى الظلام منذ عرابى ١٨٨٢، مروراً بهنرى كامبل بانرمان ١٩٠٧، مروراً بحسن البنا ١٩٢٨، مروراً بإسرائيل ١٩٤٨، مروراً ببرنارد لويس ١٩٨٠ أخيراً برنارد ليفى وأوباما ٢٠١٠.
متى تفيقون وتحبون مصر بقدر اتساع جيوبكم لا ضيق عقولكم؟

الحكاية ليست (بوركينى)!! بقلم طارق الشناوى ٢٥/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 (آلو) تأتى الإجابة على الطرف الآخر: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، كم مرة استمعت إلى رد فعل لا علاقة له بالفعل، حدث تغيير فى السلوك الاجتماعى يبدأ بكلمات عادية، ولكنها تخفى ما هو أبعد من حروف الأبجدية، لا يمكن اختصار ما يجرى حاليا باعتباره صراعًا على زى البحر «بكينى أم بوركينى»، فى العديد من دول العالم صرحوا بما أطلقوا عليه الزى الشرعى للبحر، وذلك بعد أن وصل الأمر إلى ساحة القضاء، على اعتبار أنه يدخل فى إطار الحرية الشخصية، الكلمة تجمع بين متناقضين برقع وبكينى، فجاءت (بوركينى) كَحَلٍّ توافقى لإرضاء قطاع من المجتمع الغربى له جذوره الإسلامية والعربية.
المسكوت عنه فى المعركة حاليا هو أننا نرى ونتابع من يريد تغيير السلوك، ليس من باب الحرية، ولكن لفرض النمط الذى يعتنقه.. هذا ليس جديدًا على الحياة الاجتماعية بمصر.. كان الشيخ الأزهرى محمود أبوالعيون يطارد بعصاه على الشواطئ فى الثلاثينيات من ترتدى المايوه، وجاء الرد عنيفًا من المجتمع، حيث تحول سلوك الشيخ إلى مادة للتندر والسخرية.
نظريًّا كما يبدو للوهلة الأولى القضية محسومة، ومن يحول ومن ترتدى (البوركينى) لنزول البحر أو حمام السباحة يمارس تنمرًا، هم عادة يتسللون من باب حرية الاختيار المكفولة للناس، ثم ينتقلون بعدها للمربع رقم اثنين، وهو فرض الرأى على الجميع، مثلما شاهدنا الحجاب وهو يحقق معدلات انتشار واسعة منذ السبعينيات، تذكروا الستينيات كان ارتداء المرأة الحجاب هو الاستثناء، الآن أصبح عدم ارتدائه هو الاستثناء، تحجبت عدد من الفنانات فى توقيت متقارب لتصل الرسالة، مع الزمن صار الحجاب فى الشارع يحمل نوعًا من الفرز الطائفى، غالبية المسلمات صرن محجبات، والشارع تغيرت ملامحه، وعلى جدران المنازل نداءات تحض على الالتزام به، بل تفرّق بين أنواع الأحجبة، التى صار بعضها فقط هو الشرعى والآخر يحض على الرذيلة.
يبدأون دائمًا بالحديث عن الحرية، مثلما حدث فى مسرحية (الشفرة)، ربما لا يتذكرها أغلب القراء، ولكنها توضح مبدأ التسلل واحدة واحدة ثم السيطرة تماما على المشهد، يضعون أفكارهم فى إطار من السكر ويطلقون على ما يقدمونه «الفن الملتزم»، العرض قدم عام ٢٠٠٧ وكان فحواه هو (الإسلام هو الحل).. الرقابة وافقت على «الشفرة»، فقط اعترضت على مشهد النهاية، الصلاة جماعة على خشبة المسرح.. ألغى من العرض المسرحى الموسيقى لأنهم يعتبرونها حرامًا، وسمحوا فقط بعنصر نسائى واحد إيمان السيد، أسندوا البطولة إلى عبدالعزيز مخيون، باقى الأسماء غير معروفة، الخطة هى تغيير الحالة الفنية فى مصر ليصبح كله يقع فى إطار الالتزام الدينى كما يرونه من وجهة نظرهم.
اختاروا مسرحًا يحمل اسم الكاتب الكبير فيصل ندا، لأن مسرحياته التى قدمها من قبل كانت مليئة بالرقص، فقرروا أيضا تحجيب خشبة المسرح.
الحكاية فى عمقها ليست «بكينى أو بوركينى»، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالحرية، إنه التسلل خطوة خطوة، وتلك البداية، وتذكروا (آلو.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

سارة.. امرأة ينتظر اكتشافها العالم (٣) - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /24



ما معنى اللقاح أو الفاكسين الذى ينتظره العالم من سارة جيلبرت، رئيسة الفريق البحثى بأكسفورد؟، اللقاح هو ما يُسمى بنوع ناقل فيروسى يعتمد على سنوات من البحث من قِبل سارة جيلبرت وأدريان هيل رئيس معهد جينر، والفريق المعاون، تصنع اللقاحات التقليدية بشكل ضعيف أو معطل من الجراثيم التى تُسبّب العدوى لتحفيز الاستجابة المناعية، هذه اللقاحات ليست سهلة التطوير والإنتاج بسرعة، بل هى أبطأ من الأدوية العلاجية بكثير، لأن اللقاح سيُحقن للأصحاء وهذه مغامرة بحثية كبيرة، طوّر فريق أكسفورد تقنية يمكنها تسريع العملية باستخدام فيروس غير ضار كنوع من حصان طروادة لنقل المواد الوراثية لمسبّبات الأمراض إلى الخلايا لتوليد استجابة مناعية، فى حالة Covid-19، أخذت جيلبرت ما يُسمى بفيروس الشمبانزى الغدى (فيروس نزلات البرد الشائع)، وأدخلت مادة وراثية من بروتين ما يُسمى بالسنبلة السطحية لفيروس سارس - CoV - 2، كوسيلة لخداع جهاز المناعة وتحفيز الأجسام المضادة والمستويات العالية من الخلايا التائية القاتلة، وهى نوع من خلايا الدم البيضاء التى تساعد جهاز المناعة على تدمير العدوى، لقاح «جيلبرت» يشبه اللقاح الذى طورته الشركة الصينية CanSino Biologics Inc. الفرق بين الاثنين بسيط، لكنه قد يكون حاسماً، يستخدم CanSino الصينى ناقلاً يعتمد على فيروس بشرى أصيب به الكثير من الأشخاص بالفعل. أظهرت الاختبارات المبكرة أن الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة موجودة مسبقاً للفيروس قاموا بتحييد اللقاح قبل أن يتمكن من الحصول على استجابة مناعية قوية ضد السارس CoV-2، إذاً يتم تدمير حصان طروادة قبل أن تتمكن القوات من الخروج، وتقوم شركة جونسون آند جونسون بتطوير لقاح مشابه يعتمد على فيروس غدى بشرى، كل هذه اللقاحات القائمة على الفيروسات الغدية لها ميزة على المرشحين الآخرين، وهى أنها تحتاج فقط إلى الاحتفاظ بها مبردة، بدلاً من تجميدها، مما يسهل توزيعها فى جميع أنحاء العالم.
من المحتمل ألا يكون اللقاح الناجح فعالاً بنسبة 100٪، بغض النظر عمن سيفوز بالسباق لا تنتج جميع اللقاحات ما يُسمى بمناعة التعقيم، حيث ينتج الجسم الأجسام المضادة المحايدة التى تمنع الفيروس من دخول الخلايا، بعض اللقاحات لا تمنع العدوى، لكنها تحفّز جهاز المناعة للحماية من المرض، لقاح شلل الأطفال لدى جوناس سالك لا يوقف العدوى، لكنه يمنع المرض الذى شل الملايين، وهذا ما نحتاجه فعلاً، لقاح مثل لقاح شلل الأطفال، وهذا مستبعد فى الزمن القريب.
فى أعقاب تفشى فيروس إيبولا، استجابت «جيلبرت» لدعوة من منظمة الصحة العالمية للباحثين، للتوصل إلى طرق للاستجابة بسرعة لمجموعة من مسببات الأمراض الناشئة، كان يعنى وجود خطة لـ«المرض X» - المجهول، قبل تقديم Covid-19 كسيناريو مرض الكابوس X، بدأت «جيلبرت» العمل على متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وهو فيروس كورونى آخر يسبب الالتهاب الرئوى، وهدّد بإثارة أزمة صحية عالمية، ظهرت لأول مرة فى عام 2012 فى المملكة العربية السعودية، لكن لم يحدث تفشٍّ حتى عام 2014، وكان قاتلاً أكثر بكثير من Covid-19، مما أسفر عن مقتل نحو ثلث المصابين، وهكذا العلم يستفيد بتراكم الخبرات وهذا ما فعلته سارة جيلبرت عندما استفادت من تجربة متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

Friday, July 24, 2020

«سارة» امرأة ينتظرها العالم (2) - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /23






ليس صدفة أن تعمل سارة جيلبرت عالمة الفاكسينات فى مركز بحثى يحمل اسم جينر، الذى أنقذ العالم من مرض الجدرى، وصاحب أول فاكسين فى التاريخ، جاءت حفيدته الإنجليزية أيضاً والتى يعتبرها العالم الآن الأمل لتنقذ العالم من كوفيد-١٩، جيلبرت كانت متفوقة دائماً وعاشقة للموسيقى والبيولوجى، وفقاً لمقال نشر فى Northants Telegraph، اجتازت جيلبرت امتحاناتها فى مدرسة Kettering الثانوية وكانت تعزف بمهارة على آلة من آلات النفخ لأوركسترا المدرسة، انتقلت بعدها إلى جامعة إيست أنجليا لإكمال درجة البكالوريوس، وبعد ذلك حصلت على دكتوراه. من جامعة هال. وبرغم تفوقها رفضت العمل الأكاديمى، وبدلاً من ذلك اختارت العمل فى Leicester Biocentre، فى العامين الأولين من حياتها المهنية، ثم انتقلت إلى شركة التكنولوجيا الحيوية، «دلتا» حيث نالت خبرة فى تصنيع الأدوية. يصفها زملاؤها فى المدرسة بأنها فتاة «هادئة»، و«مجتهدة»، و«ذكية»، كانت دائماً ودودة ومهذبة.
فى عام 1994 حصلت على منصب رفيع فى إكسفورد، وبعد أربع سنوات من العمل هناك، دخلت إلى عالم الأمومة بثلاثة توائم. أخبرت جيلبرت فى وقت لاحق قسم الطب فى نوفيلد، «لأن لدىّ ثلاثة توائم، فإن رسوم الحضانة كانت ستكلف أكثر من دخلى وراتبى بالكامل بعد الدكتوراه، لذلك كان على زوجى أن يضحى بحياته المهنية من أجل رعاية أطفالنا»، سارة تكره الأضواء، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كرست حياتها لتصنيع واختبار اللقاحات التى تم تصنيعها للحث على استجابات الخلايا التائية للمناعة، وذلك باستخدام المستضدات من الملاريا والإنفلونزا. وقد اجتازت العديد من هذه اللقاحات التى قامت بها التجارب السريرية. ومع ذلك، لم يكن هذا سقف حلمها، عندما عادت إلى الأوساط الأكاديمية فى البداية، وفقاً لتقرير نشر فى The Telegraph، كان هدفها هو دراسة علم الوراثة البشرية، ولكن أثناء تلك الدراسة، اكتشفت «دور نوع معين من الاستجابة المناعية فى الحماية من الملاريا». لذلك، قررت جيلبرت صنع لقاح «يعمل من خلال هذا النوع من الاستجابة المناعية»، وبدأ الشغف باللقاحات، وبالنسبة للفيروسات التاجية، استخدمت جيلبرت فيروسات الشمبانزى (فيروس نزلات البرد) إلى جانب المواد الوراثية من ارتفاع البروتين لفيروس سارس - CoV - 2 الذى من شأنه أن يدفع جهاز المناعة لمحاربة الفيروس، قام اللقاح فى التجارب المبكرة بتحفيز الأجسام المضادة وكذلك خلايا T (نوع خلايا الدم البيضاء) مما سيدفع جهاز المناعة إلى تدمير الفيروس المسبب لـCovid-19.، اكتسبت جيلبرت تلك المهارة من خبرتها السابقة فى مكافحة MERS الذى ذهبت لمواجهته فى السعودية فى عام 2015. وفقاً لتقرير Bloomberg Businessweek، حاولت Gilbert جعل لقاح MERS باستخدام فيروس الشمبانزى ودمجه فى المادة الوراثية لفيروس MERS وهى طريقة مشابهة جداً تستخدمها الآن فى لقاح COVID-19. وبرغم ذلك واجهت جيلبرت صعوبة فى الحصول على تمويل لتجارب لقاح فيروس كورونا، إلا أن المساعدة سرعان ما تدفقت من جهات مختلفة بعد الاجتياح العالمى وتلقت منحة قدرها 2.2 مليون جنيه إسترلينى من حكومة المملكة المتحدة. صارت جيلبرت أيقونة علمية حتى فى اختيار كلماتها بانضباط وصرامة العلم عندما قالت فى لقاء مع البى بى سى، «إن آفاق (اللقاح) جيدة للغاية، ولكن من الواضح أنها غير مؤكدة تماماً»، وهذا هو العلم الذى يحلم لكنه لا يبيع الوهم.

Thursday, July 23, 2020

«سارة».. امرأة ينتظرها العالم (١) - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /22






يخبرنا موقع «بيزنس بلومبيرج» أنه فى أبريل الماضى، قرر التوائم الثلاثة أبناء سارة جيلبرت، ورغم أن سنهم صغيرة، 21 عاماً، وجميعهم يدرسون الكيمياء الحيوية، إلا أنهم قرروا المشاركة فى تجربة اللقاح التجريبى ضد Covid-19، الذى تقود والدتهم فريق أبحاثه فى جامعة أكسفورد، قالت سارة جيلبرت: «لم نناقش الأمر حقاً كعائلة، لأننى لم أكن فى المنزل كثيراً فى ذلك الوقت»، لقد كانت تعمل بجهد خارق ٢٠ ساعة فى اليوم، لم تكن تقلق على أبنائها من هذا القرار، وتقول بثقة: «نحن نعرف الجرعة التى نستخدمها، لأننا قُمنا بذلك مرات كثيرة من قبل، ونُجرى اختبارات السلامة، ولسنا قلقين». فى أبريل الماضى، أبرمت أكسفورد صفقة مع AstraZeneca لتصنيع وتوزيع اللقاح وللمساعدة فى إجراء المزيد من التجارب حول العالم، وافقت AstraZeneca على بيع اللقاح على أساس غير ربحى خلال الأزمة إذا أثبتت فاعليتها وأبرمت صفقات مع الكثير من الشركات المصنّعة لإنتاج أكثر من 2 مليار جرعة.
جيلبرت تركز فى عملها بشكل كبير يصل إلى درجة الوسوسة، وتعتبر الإعلام معطلاً لعملها وملهياً عنه، عملت لأكثر من عقدين، وهى خلف الكاميرا، عملها الأساسى هو تطوير اللقاحات، وما يتبعه من تقديم طلبات منح لا نهاية لها، وهى الآن تقود أهم تجربة فى العالم مع آلاف المتطوعين لتجربة لقاح ضد Covid-19، هو فى المرحلة الثالثة الآن، التجارب فى البرازيل وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وقريباً فى الولايات المتحدة.
فى نهاية شهر أبريل، بدأت جيلبرت وزملاؤها فى معهد جينر بأكسفورد تجربة بشرية على 1100 شخص، عندما أدلت جيلبرت بشهادتها أمام لجنة برلمانية فى أوائل يوليو، قال عنها رئيس فريق عمل اللقاحات التابع لحكومة المملكة المتحدة، إن فريق جيلبرت تجاوز منافسى اللقاحات الآخرين إلى حد أنه سينتهى على الأرجح بتطعيم الأشخاص فى تجربته الكبيرة على 10000 شخص قبل أن يبدأ المرشحون الآخرون فى الاختبار على هذا النطاق، أعربت جيلبرت عن ثقتها، قائلة إن لقاح أكسفورد لديه احتمال بنسبة 80٪، ليكون فعالاً فى حماية الأشخاص الذين يتعرّضون لهذا الفيروس الجديد، قالت إنه يمكنها التأكيد بحلول سبتمبر. ورداً على سؤال النواب فى مطلع يوليو عما إذا كان على العالم أن يكافح خلال فصل الشتاء دون لقاح، قالت «جيلبرت»: «آمل أن نتمكن من تحسين هذه الجداول الزمنية، وأن ننقذكم».
سارة جيلبرت، البالغة من العمر 58 عاماً، تقول عنها إحدى المجلات الإنجليزية التى حاورتها إن لديها سلوكاً فائق الكفاءة لا بد أن تتوقّعه من شخص على وشك تحقيق اختراق، وليس لديها دقيقة تضيّعها، عندما اتصل بها المحرر لأول مرة فى أوائل مارس، أنهت المحادثة فجأة بعد 10 دقائق للتحدّث إلى شخص ما حول العملية التقنية لتصنيع اللقاح، جيلبرت تستيقظ فى الرابعة صباحاً معظم الأيام، تقول إنها تستيقظ «على الكثير من الأسئلة فى رأسى»، تعمل من المنزل لبضع ساعات، ثم تركب دراجتها إلى المعهد، حيث تعمل فى المساء، ويضم فريق أكسفورد، الذى لم يكن يضم سوى عدد قليل من الأشخاص فى يناير، الآن عدده 250 باحثاً تقودهم جيلبرت.

Tuesday, July 21, 2020

فى أثر عنايات الزيات: كتاب مذهل بقلم د. محمد أبوالغار ٢١/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

هذا كتاب مذهل يجمع بين الفن والإنسانية والحَكْى والتاريخ، ويُقلِّب علينا المواجع. المرأة هى عمود الكتاب، ومصر وأحداثها القديمة والحديثة هى روح الكتاب. المؤلفة، إيمان مرسال، شاعرة معروفة فى مصر وفى الخارج، هاجرت إلى أمريكا، ثم كندا، وتعيش فى ولاية ألبرتا، شديدة البرودة، قليلة السكان، ذات الطبيعة الرائعة، ولكنها أيضًا قاسية.
الكتاب صادر عن دار الكتب خان فى سلسلة «بلا ضفاف»، وهو ليس رواية، ولا كتاب تاريخ، ولكنه رحلة فى حياة إنسانة مصرية صاغتها الكاتبة بطريقة مبتكرة وصياغة راقية لتاريخ مصر الأدبى والسياسى والفنى. عنايات الزيات رحلت عن دنيانا فى يناير ١٩٦٣، منتحرة، وهى فى العشرينيات من العمر، أم لطفل، وكانت قد طُلِّقت من زوجها بعد مراحل صعبة من التقاضى.
تبحث الكاتبة عبر سنوات عديدة عن تاريخ «عنايات» فى الأوراق القديمة، ثم تبذل مجهودًا كبيرًا فى التواصل مع كل مَن كان له علاقة بها، بدءًا من الفنانة نادية لطفى، الصديقة المقربة لـ«عنايات» منذ أيام المدرسة الألمانية بباب اللوق، حيث تواصلت المؤلفة معها، وقابلتها عدة مرات. كتبت «عنايات» رواية طويلة «الحب والصمت»، وحاولت نشرها، ولكنها فشلت، ونُشرت الرواية بعد وفاتها.
قراءة إيمان مرسال لرواية «عنايات» تشير إلى تغيير نهاية الرواية بعد وفاتها بواسطة الناشر الحكومى، الذى هو جزء من نظام «٢٣ يوليو»، حيث أصبحت نهاية الرواية المنشورة «وكانت صلصلة سيور الدبابات تهز الأرض وبدأ الفجر يلوح»، إشارة إلى نزول الجيش فى يوليو ١٩٥٢، وأكدت الصحفية نِعَم الباز تغيير النهاية.
عبّرت المؤلفة بطريقة واضحة عن رأيها فى أدب مصطفى محمود، الذى كتب مقدمة الرواية، ويوسف السباعى وأنيس منصور، اللذين كتبا كثيرًا عن «عنايات» بعد انتحارها، وعن مساعدتها فى نشر قصص قصيرة، وهو ما ثبت عدم صحته. وتضع نجيب محفوظ ويحيى حقى ويوسف إدريس فى جانب آخر له تقديره. البحث الاستقصائى، المبنى على التكنولوجيا والشغف والاهتمام وحب شخصية «عنايات»، استمر عدة سنوات، تخللتها فترات من الفتور فى البحث، ولكن «عنايات» كانت قابعة فى عقل إيمان مرسال الباطن طوال الوقت تؤرق مضجعها، وتقول لها: «أنتِ مفتونة بى وأنا أيضًا مفتونة بكِ». زارت المؤلفة أخت «عنايات» الصغرى «عظيمة»، وعرفت القليل الذى لم تكن تعرفه، وأن ابنها «عباس» سقط من بلكونة ومات فى شرخ الشباب. وبعد جهد توصلت إلى الجيل التالى، وقابلته، واكتشفت أن أرشيف «عنايات» وأوراقها فُقدت جميعًا فى أثناء إعادة طلاء البيت، باستثناء أوراق قليلة، سبق نشر معظمها. وبذلت المؤلفة جهدًا كبيرًا فى العثور على الفيلا ذات الدورين التى بناها والد «عنايات» فى الخمسينيات، حيث تكتشف أن اسم الشارع وجغرافيا المنطقة قد تغيرا تمامًا، وأن «أسترا»، بائع الألبان بجوار الفيلا، لم يعد موجودًا، ولا يعرف عنه أحد شيئًا. جابت الدقى، وسألت عواجيز البوّابين، وفى النهاية عثرت على مكتب المساحة فى الدقى، والذى أعطاها خريطة قديمة للدقى، عثرت بواسطتها على الفيلا، التى ارتفعت أدوارها. وقابلت «مدام نحاس»، جارتها، صديقة العائلة، وتحدثت معها كثيرًا عن «عنايات» وعائلتها، وربما تكون هى آخر مَن قابلت «عنايات» قبل الانتحار حين مرت عليها وتحدثت معها سريعًا. استقصت المؤلفة عن تاريخ «مدام نحاس» وعلاقتها بـ«النحاس باشا» ومعمل الألبان التابع لمشروع أنشأه عبدالناصر، وتم بيعه خردة أيام مبارك، واستوديو بيلا للتصوير وتاريخه، ونسجت كل ذلك بطريقة رائعة ومُشوِّقة.
قضية طلاق «عنايات» تشغل جزءًا مهمًا من الكتاب، ومنها انطلقت إيمان مرسال لترصد قوانين الأحوال الشخصية وتغييرها وصعوبة الطلاق، وقابلت الصحفية حُسْن شاه، صاحبة رواية «أريد حلًا»، التى مثلتها فاتن حمامة، والتى كانت من أسباب تحسين قوانين الطلاق. وتحكى عن أخت «عنايات»، التى كانت أيضًا فى محنة قضايا الطلاق.
فى أثناء رحلة البحث اكتشفت أنها كانت تكتب رواية ثانية عن الألمانى لودفيج كايمر، المولود عام ١٨٩٢، وهو الذى درس التاريخ والآثار واللغويات والقانون، وانتقل ليعيش فى مصر، وليعمل فى لجنة وضع كتالوج المتحف المصرى والمتحف الزراعى، أستاذًا بجامعة فؤاد الأول (القاهرة)، وكان مُعادِيًا للنازية، وأصبح مواطنًا مصريًا، وباع مكتبته، التى تحتوى على ٧٠٠٠ كتاب نادر وصور ومقتنيات مهمة، إلى معهد الآثار الألمانى.
«عنايات» عملت لفترة، بعد طلاقها، فى معهد الآثار الألمانى، وربما أثّرت فيها شخصية «كايمر»، الثرية الفريدة، وألهمتها كتابة روايتها الثانية المفقودة.
ذكرت نادية لطفى، للكاتبة، أنها كانت تذهب مع «عنايات» لتفصيل الفساتين والمايوهات عند خيّاطة، اسمها «مدام أفلاطون»، ولم تُجْرِ المؤلفة بحثها المعتاد عن «مدام أفلاطون»، وهى شخصية مهمة، اسمها صالحة أفلاطون، وهى أم الفنانة، المناضلة، إنجى أفلاطون، والسيدة جولبرى، زوجة د. إسماعيل صبرى عبدالله، والتى كتبت مذكراتها الرائعة بالفرنسية، وتُرجمت إلى العربية، وبها تفاصيل كاملة عن حياة صالحة أفلاطون وعملها. اكتشفت المؤلفة أن «عنايات» كانت تعانى الاكتئاب منذ الطفولة، وأنها عولجت فى مستشفى بهمان فى حلوان، وتقَصَّت «إيمان» عن مؤسِّس المستشفى، د. بهمان، وقابلت د. ناصر لوزة، حفيد «بهمان»، مدير المستشفى حاليًا. وكانت رحلة البحث عن قبر «عنايات» صعبة، وفى النهاية وصلت إلى مقبرة أحمد رشيد باشا، وبها مدفنها، وبعد مجهود وبحث مُضْنٍ وصلت إليها بمساعدة الزميل، الصديق، د. مصطفى الصادق. اهتمت المؤلفة بما كتبه محمود العالِم وبنضال لطيفة الزيات وكتاباتها، خاصة «الباب المفتوح»، وزواجها من رشاد رشدى ومقولتها: «تزوجته لأنه أول رجل أيقظ الأنثى فىَّ». هذا الكتاب رائع صاغته شاعرة موهوبة بحس مرهف ورغبة حقيقية فى البحث عن الحقيقة فى مصر، التى تختفى فيها الحقائق ويُطمس التاريخ كل يوم.
قم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك


بيزنس الحجامة وخرافة الدم الفاسد - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /20

 كتبت كثيراً عن وهم الحجامة والترويج لها على أنها طب نبوى بالرغم من أنها بنت زمانها وبيئتها، وكان يعالج بها أبولهب وأبوجهل كما كان يعالج بها الصحابة، وهذا المقال المهم للدكتور بهى الدين مرسى يضع النقط على الحروف بقوة وعلم وجسارة، كتب د. بهى:


ما أطرحه فى هذا المقال هو لغة الطب كما يعرفها الأطباء، سواء الكفرة حول العالم أو الأطباء الدراويش الأتقياء، فالطب له وعاء معرفى واحد، وهو الوعاء الذى نهل منه أطباء الكوكب، وهو نتاج البحث العلمى والطب الدليلى والتجريبى، ولا يخدعنّكم نصاب أنه درس أو تعلم الحجامة فى أى كلية طب أو منتدى علمى.
هذا ما تعلمناه فى صفحات الكتب، أما ما دون ذلك فضعه فى نفحات البركة، وإياك أن تطوف، أيها المتاجر بالدين، ببضاعتك حول أسرّة المستشفيات، فمكانك هناك فى الموالد بجوار حلاق الصحة و«قورمة» الختان.
انتبه:
لا يوجد بالجسم دم فاسد بمفهوم الحجامين، فالدم الطبيعى له حالتان إحداهما الدم الشريانى المؤكسج أى المتشبع بالأكسجين فى الرئة، وعندها يتخذ اللون الأحمر القانى والدوران على كافة أنحاء الجسم لتسليم الأكسجين للخلايا.
أما الحالة الثانية فهى الدم الوريدى، وهو الدم العائد محملاً بعادم التنفس وهو ثانى أكسيد الكربون، وعندها يصبح لونه داكناً أقرب للأزرق، وهو لون مؤقت يستعيد بعده التلون باللون المؤكسج من جديد. إذن هى وظيفة متكررة وتبادلية ومستمرة.
لا يوجد دم خاص لخدمة الكلى ودم آخر لخدمة القلب أو الجلد أو المخ، لأن الدورة الدموية متحركة وتصب فى القلب ليضخها للرئة ومن الرئة لخلايا الجسم وباستمرار. إذاً لا يوجد ركود لأى كمية دم فى أى مكان بالجسم.
مصطلح «دم فاسد» غير صحيح، ويستخدمه الدجالون لإخافة وترويع الجهلاء، ولو افترضنا جدلاً أن هناك دماً فاسداً بالجسم فلن يكون هناك فاصل بين الدم الفاسد والدم النقى.
يعتمد الحجّام على سحب كمية دم من الجلد وهى دم غير مؤكسج لونه أزرق مثل لون الكبدة، فيجمعه متخثراً فى الكأس ليريه للزبون ويفجعه بقصة «الفساد».
الطريف أن عملية الفصد (الحجامة) لو استمرت افتراضياً لآخر قطرة دم بالجسم، فستحصل على كل كمية الدم بالجسم بنفس اللون والشكل.
تنطوى عملية الفصد على خطورة العدوى الفيروسية والبكتيرية، خاصة من ممارس غير نظيف، وأدوات قذرة، وسرير ملوث، وغرفة معبأة بفيروسات المرضى السابقين.
لا يوجد تطبيب بالحجامة فى أى مكان بالعالم إلا بين من صدقوا هذا الإجراء المتداول عبر كتب التراث، وحتى السعودية لم تعترف بالحجامة ولم ترخصها كوسيلة تداوٍ، ولكنها سمحت بإتيان تلك العادة تحت ظن المعتقَد.
أقولها بوضوح: لا يوجد بحث علمى معترف به أقر الحجامة، ولا يوجد مشفى بالعالم يداوى بالحجامة إلا عند البدو، ولم يتعرض أى مؤتمر علمى أو ورقة بحثية لأى فائدة للحجامة.
أود وأد الذرائع أمام من يستعد للمزاحمة والدفاع عن الحجامة مسترشداً بإجراء نأتيه نحن الأطباء وهو الفصد الطبى (Venesection) وهو إدماء أحد الأوردة بالذراع للتخلص من كمية دم فى حالة ارتفاع ضغط الدم الخبيث أو تخفيض نسبة الهيموجلوبين كما هو الحال مع بعض المدخنين، وتتم هذه العملية مثل التبرع بالدم، ولكن مطلقاً لا تُجرى بالوخز والشفط كما فى الحجامة.
من حقك التبرك بالحجامة وفق معتقدك، فهذا شأن يخصك، ولكنها أبداً لا تفيد.

Sunday, July 19, 2020

الأنبا موسى يكتب: الزهد وتضخم الأنا فى قبول الآخر ١٩/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

نقصد بالآخر كل من هو ليس «أنا».. أى إنسان يتحرك حولى، ولو فى الفضاء الواسع، من خلال الإنترنت والسوشيال ميديا هو «آخر»! والآخر فرصة لاختبار المحبة، وهو مرآة نرى فيها أنفسنا، هل نحن نتفاعل ونتعامل بطريقة سليمة مع الآخرين؟!
وكنا قد تحدثنا فى الأعداد الماضية عن كيفية قبول الآخر وذكرنا ضرورة:
١- الاهتمام بمشاعر الآخر. ٢- استخدام أسلوب المحبة. ٣- بشاشة الوجه وثقافة الابتسامة.
٤- نكون لطفاء. ٥- يكون كلامنا بعذوبة.
ونستكمل حديثنا..
٦- الزهد فيما فى أيدى الناس:
أ- قديمًا قالوا: «ازهد فيما فى أيدى الناس يحبك الناس»، لا تُشعر الآخرين أنك تتخذ منهم موقف المنافس، الذى يشتهى ما فى أيديهم، أو ما يريدون الحصول عليه.
ب- لكى تكسب الآخرين لابد أن تتبع معهم سياسة الميل الثانى، ويوصينا الكتاب المقدس قائلاً: «مَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا اذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ» (متى ٤١:٥).
ج- الشخصية التى تسعى أن تكسب الآخرين، دائمًا تقدم احتياجاتهم ورغباتهم على احتياجاتها ورغباتها. وتحقق لكل منهم ما يصبو إليه. وهى بهذا تجد فرحها وبهجتها، فهى لا تسعى لمنافستهم، بل تفسح لهم الطريق ليتقدموا أمامها.
د- فإن أردت أن تكسب الآخرين فلا تنافسهم فى طريقهم، بل افسح لهم الطريق وساعدهم حتى وإن سبقوك. فالإنسان واسع القلب لا يزاحم الآخر فى طريق الحياة، بل هو يفسح طريقًا لغيره لكى يعمل، أو لكى يسير معه فى نفس الطريق. إنه لا يتعالى على الآخر ولا يتفاخر وهدفه أن يتلاقيا معًا.. لا أن يتباعدا.
٧- نعمل على بناء الناس، وليس على تحطيمهم:
أ- قيل عن السيد المسيح إنه: «قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنةً لاَ يُطْفئُ» (متى٢٠:١٢).
ب- وأمثلة السيد المسيح فى بناء الناس كثيرة، وأبلغ مثل على ذلك «المرأة الخاطئة»، عندما أراد الكتبة والفريسيون أن يجربوه: هل يكسر وصية موسى، الذى أوصى أن تُرجم. أو يتنازل عن محبته للضعفاء والخطاة؟!
- لكن السيد المسيح اهتم بتوبة هذه المرأة، فانحنى إلى أسفل، وكتب على الأرض أنواع خطايا الموجودين، وقال لهم: من كان منكم بلا خطية فليرمها بحجر.. فانصرفوا. وأخيرًا قال لها: يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟ فقالت له: لا يا سيد، فقال لها: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ، اذهبى ولا تخطئى أيضًا» (يوحنا ١٠:٨-١١)، لأنه أراد أن يخلصها من عبودية الخطيئة.
ج- وكذلك الشجرة التى لم تعط ثمرًا لثلاث سنين، فقال السيد المسيح: اتركوها هذه السنة أيضًا.. لم يحطمها بل أعطاها فرصة جديدة!
٨- وأخيرًا فلنحذر تضخم الأنا..
- كُلَّما كبرت «الأنا»، اختفى الآخر!، حيث تقول: مَن الذى يعيش ويظهر، وينمو وينتشر! أنا أَمْ الآخر! أو تقول: الدنيا هى دُنياى أنا، خلقها اللَّه لى لكى أعيش أنا! وتنسى أن اللَّه- تبارك اسمه- قد خلق الدنيا للكل، والكل رعاياه، وموضع اهتمامه.
- لماذا تطلب أن يختفى الآخر لكى تظهر أنت؟! ألا يمكن أن تعيشا معًاظ! لماذا تريد أن ترتفع على أنقاض الآخرين؟! حقاً إن عمق الاهتمام بالآخر يكمن فى إنكار الذات، وإيثار الغير على النفس، بينما إهمالك للآخر هو لون من الأنانية، لأنك تركز اهتمامك فى نفسك، ولا تهتم بالآخرين.
إذن... فهذه بعض الوصايا:
١- نقبل الآخر، «كما هو»: بإيجابياته وسلبياته، بل نحاول أن نركز على النقاط المضيئة فيه.
٢- نعبر إلى الآخر: من خلال الحوار، واحترام الرأى الآخر، ومحاولة الوصول إلى أرضية مشتركة عند اختلاف الرأى.. تفهم الآخر جيدًا، ونعطيه إنصاتًا واهتمامًا بما يقوله.
٣- نقبل الآخر كشخص وليس كشىء: وهنا يبرز الحب والبذل والعطاء للآخرين «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» (أعمال ٣٥:٢٠)، والمشاركة الفعلية فى أفراحهم وأحزانهم، هى خير سبيل للراحة النفسية.
٤- ننفتح على الآخر: فنبعد عن العزلة والتقوقع، نعمل على الانتشار والحب، كما أوصانا الكتاب المقدس: «أنتم نور العالم»- «أنتم ملح الأرض»، نكون أنوارًا تضىء دون أن تتلوث.. وملحًا يذوب دون أن يضيع.
٥- نقبل الاختلاف مع الآخر: لأن التنوع هو سر الحياة والثراء، والاختلاف يجعل الآخر محققًا للتكامل وبنيان الجسد الواحد.
٦- نسلم على كل من نعرفهم ومن لا نعرفهم بكل حرارة وصدق، فالسلام يفرح قلب الآخر، ويغّيره... ومع السلام نبسط الوجه ونشد الكف على الكف بحرارة. كما نبتسم عند اللقاء وعند الوداع.
٧- نستمع للآخرين عندما يتحدثون معنا، ونترك ما نقوم به وننظر إليهم ونصغى لهم، لأنهم بحاجة إلى تركيزنا معهم لبعض الوقت. كما نظهر لهم اهتمامنا عن طريق مديحهم والتركيز على إيجابياتهم، فهذا يعزز من ثقتهم بأنفسهم، فيرون أننا أشخاص محبوبون، وجديرون بالثقة فى آرائنا.
٨- نحن صناع مستقبلنا: لأنه كما ندين ندان، فلنعلم أن كل ما نفعله للآخرين، سوف يعمله شخص آخر فينا. فلننتبه إلى ما نقوله ونفعله. كذلك نتفاءل بالخير مهما كانت الصعوبات، أليس ما بعد الليل هو الصباح، وبعد الظلمة النور!
أخيرًا: نعمل أى شىء من أجل الله، فالله يعوضنا خيرًا كثيرًا، حين نصبر ونتأنى على الآخرين.
ليت الله تعالى يعيننا لنحيا هكذا!!
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


هل مات فن الكاريكاتير المصرى؟ - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /17






المجتمع الذى يموت فيه فن الكاريكاتير، لا بد أن يراجع نفسه ويشحذ أسلحة مواجهته وأدوات تحليله ويبدأ دراساته المعملية فى علم النفس والاجتماع والسياسة، فالكاريكاتير هو علامة الصحة العقلية، ومنفذ بخار الغليان، وترمومتر الغضب المحسوب والنقد المتزن والسخرية اللاذعة التى توقظ ولا تجرح، أرى الآن رسامى الكاريكاتير فى الصحافة المصرية يتقلصون حتى نستطيع أن نعدهم على أصابع اليد الواحدة، أنا شخصياً، وربما يكون تقصيراً منى، لم أعد أعرف أو أتابع على الساحة إلا الموهوب عمرو سليم، بالطبع هناك آخرون، لكن لم يعد هناك تيار، لم تعد هناك مدارس، أقول هذا لأننى عشت زمن رسامى الكاريكاتير الذين يعد كل واحد منهم مدرسة قائمة بذاتها، دخلت دار روز اليوسف وأنا طالب وشاهدت خلية النحل الكاريكاتيرية، الفنان حجازى الذى شكل ذوق جيلى الفنى من خلال رسوماته فى مجلة «سمير» وعلى رأسها «تنابلة السلطان»، شاهدته نجماً ترجم لى مصر فى شكل البنت الجميلة التى يجرى وراءها النيل، ما زلت أتذكر رب البيت بجلبابه المخطط والانفتاحى بشاربه الهلالى، حتى ورك الفرخة المميز الذى كان يتألق دائماً على مائدة الغلابة بطعم، وعلى مائدة الأثرياء بطعم آخر، «الليثى» بخطوطه التى كانت تبدو لك نعكشة بدبوس، وإذا بها قنبلة سخرية كاسحة لكل بديهياتك، بهجت فيلسوف الكاريكاتير والضحكة المغموسة فى المرارة، الذى يعتبر التعليق ثرثرة ما دام الرسم يمنحك الفكرة، ما زلت أتذكر سلسلته العبقرية حكومة وأهالى فى جريدة الأهالى، هناك كتيبة كاملة منهم رؤوف وزهدى ورجائى ونيس الذى هاجر ليصبح معالجاً نفسياً بالكاريكاتير، كانت هناك فى الأهرام كتيبة المواهب المتفردة صلاح جاهين الذى كانت معاركه لا تهدأ مع قوى الرجعية الدينية والاجتماعية، ومنها معركته مع الشيخ الغزالى، التى تحتاج مقالاً مستقلاً، وفى الأخبار كانت هناك تجربة مصطفى حسين وأحمد رجب، رحبانية الكاريكاتير فى الأخبار، الجريدة الوحيدة التى كانت تقرأ من الصفحة الأخيرة، لأننى عشت هذا الزخم فأنا منزعج، «مخضوض» من اختفاء وانحسار الكاريكاتير المصرى، هل هو انخفاض سقف تعبير؟، هل هى ندرة وجود شخص يجمع ما بين الخط المعبر والفكرة الساخرة؟، هل هو وجود منفذ الفيس بوك الذى صدر إلينا أن النكتة هى القباحة، وأن الكوميكس هو الكاريكاتير؟، هل هو التباس معنى الكوميديا على الشباب الذى تصور القلش والتنمر هو فن الكاريكاتير؟، هل هو عدم القدرة على الاختزال وتضخم غدة الثرثرة والرغى فى ثقافتنا المصرية الآن، التى تقيس مثلاً المذيع الناجح بقدرته على الرغى بدون ضيف والاستفراد بالمشاهدين لمدة ساعتين فى رغى ولت وعجن؟، هل هى كل تلك العوامل مكتملة؟، أنتظر الإجابة وفتح ملف دخول الكاريكاتير مرحلة الموت الإكلينيكى.

Saturday, July 18, 2020

لعبة الموت والحياة! بقلم د. وسيم السيسى ١٨/ ٧/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

لعبة السلالم والثعابين، اخترعها رجل هندى يدعى سان جيمس دافيد، فى القرن الثالث عشر الميلادى، وكان يعنى بالسلالم الفضائل، وبالثعابين الرذائل، وصلت فكرة اللعبة إلى بريطانيا، فنشرها ميلتون برادلى فى بريطانيا وأمريكا، وبعد ذلك انتشرت فى العالم كله.
أنا أرى أن هذه اللعبة هى لعبة الحياة Game Of Life لذا أقترح أن مربعاتها المائة تقسم كالآتى:
أ- الطبقة الكادحة من ١ إلى ٣٠، ب- الطبقة الوسطى من ٣٠ إلى ٦٠، ج- الطبقة العليا من ٦٠ إلى ٩٠، د- طبقة الحكام وأصحاب القرار من ٩٠ إلى ١٠٠.
كما أقترح أن تكون للسلالم أسماء: العمل- الكفاح- الأمل- الواسطة- الوراثة- الذكاء- الإبداع- الأخلاق- الحظ- الفن- المحسوبية- القرابة- العلم- العدل- الثروة- الكوسة- الرشوة- النصب- الخداع- النفاق- الحب- الرفق- السماحة- الإيمان- الصدق- الشجاعة- العطاء- الحرامى...!
إلى آخر كل ما يصعد به الإنسان، سواء بالفضائل أو الرذائل، على أن يكون فى مربع الوصول لسلم الرذيلة رأس ثعبان تأخذه إلى البداية!
أما الثعابين فتأخذ أسماء: الظلم- الكراهية- الغيرة- الحقد- التعصب- المرض- الاضطهاد- الخيانة، ويبقى ثعبان كبير يجب أن يكون موجوداً فى لعبة الحياة: ثعبان الموت.. رأسه فى مربع خاص به، وليكن الرقم مائة وواحد، وذيله خارج المربعات.. خارج الحياة!.
وبهذا الشكل تكون لعبة السلالم والثعابين لها معنى ومغزى.. كيف يرتفع الإنسان وكيف يسقط، كيف يحيا، وكيف يموت.. إنها لعبة الموت والحياة حقاً.
جدير بالذكر أننا جميعاً صعدنا على سلم أوصلنا للحياة، ولولا هذا السلم كنا جميعاً الآن فى ظلام الفناء وغياهب النسيان! كنت أنا وكنت أنت واحدا من مائة مليون زيى وزيَّك! راحوا جميعاً إلا أنت وأنا!! أما الملايين الذين ذهبوا إلى العدم فهى الحيوانات المنوية! أما قارب النجاة الذى انتشلنا من بحر العدم والظلمات فهو البويضة، أما سلم الحياة الذى أوصلنا لقارب النجاة فهو سائل البروستاتا الذى يشكل ٧٠ بالمائة من حجم السائل المنوى، وهو الذى يكفل للحيوانات المنوية الماء والغذاء حتى تصل يا موعود إلى بر الأمان أو قارب النجاة أو بويضة ماما!
بويضة غالية واحدة كل شهر، وإذا فات الميعاد ولا جاشى «الحيوان المنوى»، جنازة دموية حارة أربعة أيام اسمها الدورة الشهرية! أما نحن معشر الرجال، ملايين الحيوانات المنوية تذهب بلا رجعة وبلا دمعة حزن واحدة، ولماذا الحزن والعدد فى الليمون! قبل أن تسمح عروستنا الميكروسكوبية «البويضة» للحيوان المنوى بالدخول إلى قلبها «النواة» تقطع ذيله خارج البويضة فلا تعدد زوجات فى التجويف البريتونى، كما تفرز جداراً سميكاً حولها، لمنع التحرش ومحاولات الدخول! منتهى الوفاء.
جدير بالذكر أن رب الخصوبة فى مصر القديمة اسمه Min، دخل فى العربية منوى، وفى الإنجليزية Semen، وياللى عاوز الأصل، على مصر دور.

عبير موسى تُسقط تجار الدين - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /17









طالب رئيس البرلمان التونسى راشد الغنوشى، قوات الأمن بالتدخل لفض اعتصام نواب كتلة الحزب الدستورى الحر الذى تقوده عبير موسى داخل مقر البرلمان، بالقوّة، ويعتصم نواب كتلة الحزب الدستورى الحر منذ الجمعة الماضى داخل مقر البرلمان التونسى، احتجاجاً على ممارسات ومحاولات «الغنوشى» وكتلة ائتلاف الكرامة ذراعه اليمنى فى البرلمان، لإفساح المجال أمام الإرهابيين لدخول مقر البرلمان، حيث تتهمه «موسى» بدعم ورعاية الإرهاب وتنفيذ أجندة الإخوان المسلمين فى تونس، وتقول إن استمراره فى قيادة البرلمان خطر على الأمن القومى التونسى. وشدّدت «موسى» على أنّها لن تسمح لرئيس البرلمان راشد الغنوشى بترؤس أىّ جلسة عامّة خلال الأيام القادمة، لكن من هى عبير موسى، السيدة التى تؤرق مضاجع الإخوان المسلمين فى تونس؟، معظمنا لا يعرف فى مصر من هى عبير، وما الدور الذى تلعبه كممثلة للمرأة التونسية التى دائماً تصنع التاريخ هناك، ولم تخذل رهان بورقيبة عليها كشعلة ثورة ومحركة شعب وصانعة مستقبل؟، هى حاصلة على درجة الماجستير فى القانون وشهادة الدراسات المعمقة فى القانون الاقتصادى وقانون الأعمال، فى 12 يناير 2010، تم تعيينها نائبة للأمين العام للمرأة فى التجمع الدستورى الديمقراطى، بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن على وتفكك التجمع الدستورى الديمقراطى فى عام 2011، الذى عارضته كمحامية، انضمت «موسى» إلى الحركة الدستورية التى أسسها رئيس الوزراء السابق حامد القروى، فى 13 أغسطس 2016، تم تعيين عبير موسى رئيساً للحركة الدستورية، وتمت تسميتها لاحقاً باسم الحزب الدستورى الحر، قالت «عبير» فى المسيرة الاحتجاجية ضد «الغنوشى» إن تونس أصبحت فى خطر، وإن الأمن القومى التونسى بات مهدداً بقوة جرَّاء ما يحيكه الإخوان والاحتلال التركى فى الشقيقة ليبيا المجاورة.
وحذرت «موسى» من أن هناك من يسعى لإغراق تونس فى الديون، مؤكدة أن شعب تونس اليوم مختلف عن شعب عام 2011، مضيفة: «سألت الغنوشى عن ثروته ولم يجب»، فى إشارة إلى أموال وثروات حققها رئيس البرلمان التونسى الذى ينتمى لجماعة الإخوان الإرهابية بتواطئه مع مشروع المحتل التركى، وقالت عبير موسى إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ينفذ أجندة الإخوان فى المغرب العربى، محذرة من محاولات العثمانيين لاحتلال الشقيقة ليبيا، ولا ننسى كلماتها الشجاعة فى جلسة مساءلة «الغنوشى» بالبرلمان التونسى، عندما قالت: «إن شاء الله يا شعب تونس تتوج الجلسة بتجميع 73 إمضاء لسحب الثقة من الغنوشى وتخليص البرلمان وتونس من شروره»، كما أكدت فى نفس الجلسة رفض أن تكون تونس قاعدة لتنفيذ الأجندة الخارجية للإخوان، وهاجمتهم قائلة: «أنتم تتهربون من أن يصدر البرلمان موقفاً صريحاً إزاء رفض أى تدخل خارجى بليبيا، أنتم خائفون من المساءلة لأنه ليس لديكم الحجة لإقناع الناس بتجاوزاتكم»، وقد قررت النيابة العامة فى تونس منذ فترة، فتح تحقيق قضائى حول وجود مخطط لاغتيال عبير موسى، وكشف محاميها، أنه قدَّم للوحدة الوطنية لمقاومة الإرهاب فى تونس معلومات تتضمن مخططاً لاغتيال عبير موسى، مؤكداً أن المحكمة الابتدائية بتونس أمرت بفتح تحقيق قضائى بهذا الخصوص، هى تدفع الفاتورة وحتماً ستنجح، المجد للمرأة التونسية التى صوتها ليس عورة ولكنه ثورة.

Friday, July 17, 2020

فى حب محمود رضا - خالد منتصر - جريدة الوطن - 7/2020 /16






وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة
كتبت عنه قبل رحيله ويوم تكريمه هذه الكلمات وكأننى أرثى زمنه قبل أن أرثى شخصه، كتبت:
الرقص هو لغة الروح المختفية الكامنة الرابضة فى سراديب النفس تنتظر الانطلاق لتبث الحيوية وتشعل الأمل، هذا ما أحسسته وتأكد لى عندما رأيت الفنان الجميل محمود رضا، ابن التسعين، أثناء تكريمه وهو يصعد إلى المسرح متثاقلاً فى البداية تحت وطأة السن، ثم إذ فجأة تدب فى الأوصال المتعبة والأطراف المنهكة طاقة حيوية وبهجة وروح تحدٍّ، تجعل هذا الشيخ الجميل يرقص كابن العشرين فى إيقاع متناغم مع الفرقة، يرقص بكل رشاقة، ذاكرة الجسد لم تخنه، حتى لو خانته ذاكرة الزمن، الرقص ثقافة حياة فى مواجهة ثقافة الموت، نجحت الفاشية الدينية والرجعية الاجتماعية فى أن تقتل فينا محبة هذا الفن الجميل، الذى يستخدم الجسد كأداة تشكيل فنى، مثله مثل استخدام الفنان للأزميل فى النحت والريشة فى الرسم، الرقص علاج نفسى وحاجة فطرية وتأمل وجودى، حاولت الرجعية الدينية وأد واغتيال تجربة تلك الفرقة فى بداياتها، كان زوج خالتى، رحمه الله، يحكى لى أنه أثناء دراسته فى كلية الهندسة كان يدرّس له د. حسن فهمى، والد الراقصة فريدة فهمى، وكان هذا الرجل العظيم العملاق، الذى أعتبره شريكاً مؤسساً لذلك المشروع الفنى العبقرى، يواجه تياراً من الإسلاميين داخل الكلية يسخر منه ومن تشجيعه لابنته على الرقص فى فرقة رضا، لدرجة أن بعضهم كان يدخل قبل محاضرته ليكتب له بصفاقة على السبورة «حسن فهمى جاء من البيت إلى المحاضرة رقصاً»، يكتبونها بدلاً من «جاء رأساً» على سبيل التلسين والسخرية والترويع وبث الإحباط!!، الفجاجة وغلظة الحس فى مواجهة الفن والإبداع، هذا الرجل الرشيق محمود رضا الذى لخَّص لنا سر الحياة فى الخطوة والحركة وفى كلمة الإيقاع، كل شىء فى هذا الكون يخضع للإيقاع الذى هو شفرة الرقص، بداية من الشهيق والزفير وحتى الليل والنهار، مروراً بالمد والجزر والنوم واليقظة.. إلخ، الدنيا كلها ترقص على إيقاع خطوات السماء، الطيران إلى السماء والتحليق فوق السحاب هو شعور الراقص الذى يصل إلى مرحلة النيرفانا، كالصوفى العاشق، نحن عشقنا كل ما هو متكلس، من الفقه المتكلس إلى الجسد المتكلس، جسد الجبس الغارق فى النشا، الرافض للرقص وحركة الإيقاع، بحجة الحرام وعدم الاحترام، جاء محمود رضا بعد كل تلك السنوات ليفكه ويزيل الصدأ عن تروسه، ليبث الروح فى أجسادنا المتخشبة، ويقول لنا ارقصوا وعبّروا بأجسادكم عن تفاعلكم مع الموسيقى، لا تخجلوا من أجسادكم التى حمّلتموها كل خطايا الكون فصارت دنساً، أجسادكم صارت جثثاً، علامة الحياة الوحيدة فيها هى التنفس، استفز رضا كسلنا المزمن، محمود رضا الذى كان وزارة خارجية متحركة تجوب العالم وترفع اسم مصر هو والفراشة الملونة فريدة فهمى، على ألحان بيتهوفن مصر، على إسماعيل، وحنجرة محمد العزبى، هذا الرجل أحترمه وأنحنى له احتراماً، وسأغنى مع محمد منير «علّى صوتك بالغنا.. وغصب عنى أرقص».