Translate

Tuesday, September 30, 2014

صناعة الديكتاتور ٣/٤ بقلم د. محمد أبوالغار ٣٠/ ٩/ ٢٠١٤

منع صناعة الديكتاتور أمر ليس سهلاً؛ لأن الإنسان بطبعه فيه جانب ديكتاتورى، ويعتقد أن أفكاره دائماً صائبة. وفى عالمنا الثالث التعيس دور الديكتاتور فى المنزل مع العائلة وفى العمل مع المرءوسين معروف.
فما بالك حين يصبح هذا المواطن رئيساً للدولة. تبدأ عملية منع صناعة الديكتاتور فى ظروف صعبة؛ لأن شعوب العالم الثالث التى تعودت على الديكتاتورية فى كل مكان تسرع إلى سلسلة من المديح غير المعقول فى الرئيس الجديد وتنهال عليه الأوصاف غير المعقولة بدءاً من حكمته غير المسبوقة وذكائه الخارق وتفهمه كل جوانب المعرفة فى الحياة بدءاً من الاقتصاد ونهاية بالصحة. ويهلل الجميع لكل قرار يتخذه الرئيس، ولو كان القرار صائباً وثبتت صحته سوف تؤلف الأغانى وتعزف الأناشيد مديحاً فى عبقرية الحكيم العظيم.
ومن لا يشارك فى هذه الزفة يعتبر خائناً وربما طابوراً خامساً أو عميلاً، ويتبارى كبار محترفى التزلف والذين سبق أن قبَّلوا الأيادى والأرجل لرؤساء سابقين فى الهجوم على من لا يشارك فى مهرجان المحلسة العلنية.
كل هذه الأشياء لا بد أن تعبث بالتفكير الطبيعى للرئيس الذى يبدأ فى التفكير بأنه شخصية خارقة وكل ما يفعله صائب، وبالتدريج يبدأ فى إزاحة أصحاب الرأى المستقل الوطنى المجرد وتكبر جوقة الهتيفة الذين يتحول بعضهم بالوقت إلى فاسدين ولصوص، وبالتدريج أيضاً وتحت ضغط نفسى قد وقد لا يسقط الرئيس فى فخ الفساد المباشر، وغالباً مشاركة عائلة الرئيس فى السلطة تكون هى السبب المباشر فى فساده. عندئذ يبدأ النقد للرئيس وتقول له الأصوات الوحيدة حوله والتى يسمعها: إعطاء الحريات للناس خطر.
فيبدأ مسلسل القبض على الناس وتحجيم الصحف والتليفزيونات ومنع مقدمى البرامج وكتاب وصحفيين وتتضخم سلطات الأجهزة الأمنية المختلفة وتخيف بعض الناس ومن لا يخاف يدخل السجن أو تتم إهانته والتشهير به ويدب الفساد فى أركان الوطن بسبب غياب الشفافية .
وينعزل الرئيس عن شعبه تماماً ويعيش فى عالم وهمى من "كدابين الزفة" حتى تحدث كارثة وينهار النظام ويختفى الرئيس الذى بدأ إنساناً وانتهى وهو يظن نفسه إلهاً، وتنطلق الجوقة التى كانت حوله فى سرعة رهيبة للالتفاف حول الرئيس الجديد لتبدأ نفس اللعبة.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

Sunday, September 28, 2014

عبيد البيادة وأحرار الأمريكان نشوى الحوفى

■ وهكذا سقطت يا سادة قطعة دومينو جديدة فى جنوب ما كنا نسميها أمة، وما كنا ندعوه وطناً عربياً.. راحت اليمن لسيطرة الملالى، حلفاء الأمريكان -وإن أنكروا، استولى الحوثيون على اليمن ومؤسساته، فأجبروا رئيسه قليل الحيلة على الجلوس معهم وتنفيذ مطالبهم فى مشهد ظاهره المصالحة وصالح الوطن، وباطنه قوة السلاح وسيطرة إيران على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر وباب المندب. سقط اليمن وكان يتهاوى منذ أن أعلنوه ستة أقاليم حينما سرسعت بنت كرمان تتحدث عن الديمقراطية المنتظرة فى بلادها والخير القادم لأهلها! ولكن لم تأت الديمقراطية ولم يُخزن اليمنيين -إلى جانب القات- سوى الرعب والقهر تحت طلقات الرصاص. ولم ينعموا بالحياة بل عاشوا الموت. ضاع اليمن يا أحرار الأمريكان وسقط ولن يعود. فإن كنتم ترون فى ولائى لجيش -هو حامى الجغرافيا وصانع التاريخ- تبعية واستكانة، فالحمد لله أن جعلنى من عبيد البيادة التى لم تهن أمام المواقف، ولم تنسحب من المسئولية، ولم تهرب وتسلم بلادها لتجار الدنيا والدين.
■ سقط اليمن فى يد القابض على السلاح، وهكذا تزيد الصهيونية من حصارها لنا من كل جانب، فهى لن تكل عن التخطيط لتحقيق أهدافها، ولن تمل من تكرار المحاولات، وسترمى لنا طُعماً وراء الآخر للقضاء علينا لنصبح -لا قدر الله- كغيرنا، فماذا أنتم فاعلون؟ أقولها وأكررها -لحاكم ومحكوم- أعدوا لهم بالعقل والعمل الدؤوب، لا تتهاونوا فى اختيار الحفيظ العليم القوى الأمين. تساموا عن الصغائر وليؤدِ كل منا دوره فى الحياة دون استهانة بموقف أو تكاسل عن واجب. فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته. فما بالكم بوقت الحرب؟
■ سقط اليمن ويسقط فى بلادى كل يوم شهيد واجب ننعاه بكلمات تذرفها دموع. ولكن متى نضرب على الإرهاب بيد من حديد، ومتى نواجه خيانة بأحكام رادعة واجبة التنفيذ يخشاها الجبناء ويعمل لحسابها كل بائع للوطن ألف حساب؟ نعم نحتاج قوة القانون ورؤية الأمن وسلاح الكلمة. فاللهم ارزقنا بهم وأنت خير الرازقين.
■ سقط اليمن ويسقط كل يوم قناع جديد فى بلادى.. فتظهر قتامة الوجوه ولزاجة الضمائر وعفن النفوس وفساد الرؤية والهدف. فحينما يقرر البرلمان الأوروبى منح علاء عبدالفتاح جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر! لا بد أن تتأمل فى الجائزة وفحواها وقيمتها. فالسيد علاء عبدالفتاح لم يمنحنا من فكره سوى التجاوز فى اللفظ بشكل فاق كل حدود، وضحالة تعدت كل منطق واستعداء على الدولة بكل سبيل. فعن أى فكر يتحدثون؟ وأى حرية يقصدون؟ ولذا إن كانت الحرية تعنى التعبير عن الأفكار بالقبح والتطاول بالتهجم والإسفاف بلا ضمير، فلا أهلاً بها ولا سهلاً، واتركونى فى قيود تقاليدى وعبودية تراثى واستكانة عاداتى. ودعونى أنعم بقيم هى كل ما أملك وهى كل ما ورثت. ولتذهب حريتكم للفناء، ولتبقى عبوديتى فى خلود.

Saturday, September 27, 2014

كانت تتقيأ زوجها! بقلم د. وسيم السيسى ٢٧/ ٩/ ٢٠١٤

كنا فى مؤتمر علمى بالولايات المتحدة الأمريكية، «لاس فيجاس»، دعانى أحد الأصدقاء لحضور مسرحية اسمها: I DO.. I DO وقبل عرض المسرحية، قدموا لنا العشاء، وكان منظم الحفل يجول بيننا، وطلب من البعض منا أن يخبرونا بالمناسبة التى من أجلها يحتفلون هذا المساء!
قال واحد منا: عيد ميلادى، قال آخر: عيد زواجى، قالت واحدة: ذكرى أول يوم تقابلت فيه مع زوجى، قالت أخرى: لأنى حصلت على الطلاق هذا الأسبوع!
انفجرت ضاحكاً بصوت عال، التفت الكل إلىَّ، نظر المنظر إلىَّ وقال: صدقنى يا سيدى، هذه السيدة أسعد الناس جميعاً، فالكل يحتفلون بمناسبة متكررة كأعياد الميلاد أو الزواج، أما هذه السيدة فقد حصلت على حريتها، وهذا أمر لا يتكرر فى العمر إلا مرة واحدة! طلبت السيدة من المنظم أن تضيف إلى ما قاله شيئاً، سمح لها بذلك فقالت: منذ سنة وأنا أعانى من القىء الذى تحدى كل أنواع العلاج، لم يتوقف إلا هذا الأسبوع حين حصلت على الطلاق! قال لى طبيبى النفسى: كنت تتقيئين زوجك!
إنه فرع جديد فى الطب: Psycmoso MATIC MEDICIN أو الطب النفسى الجسدى، أثر النفس على الجسد!
تساقط الشعر، الصدفية، قرحة الاثنى عشر، القولون العصبى، بعض حالات التبول اللا إرادى، مرض السكر، ضغط الدم العالى، مرض السرطان، صحيح أن هناك عوامل أخرى، كالجينات الوراثية، أو الملوثات البيئية، ولكن من المؤكد أن جهاز المناعة ينهار فى حالات الاكتئاب أو الحزن الشديد.
جوهانسون، جراح التجميل السويدى المعروف، أجرى تسع عمليات فى وجه امرأة دون فائدة، وأخيراً قال لها:
سيدتى.. لن يعيد لوجهك جماله ونضارته إلا حبك للناس!
أذكر أثناء عملى فى إنجلترا.. سيدة تعانى من فشل كلوى، البولينا، الكرياتين، حامض البوليك فى ارتفاع خطير، نظرت إلىَّ وقالت: لن أموت قبل أن يرجع ابنى من سويسرا، وعاد ابنها فى اليوم التالى، وارتحلت للسماء بعد أن رأته وقبلته!
يعرف كل طبيب أثر الأخبار السيئة المفاجئة على الإنسان.. هبوط الضغط مع هبوط ضربات القلب بسبب أثر العصب الحائر على القلب VASO- VAGAL ATTACK جدير بالذكر أن حقنة أتروبين بتعريفة تفرق بين الموت والحياة!
وكما أن للنفس على الجسد آثارها السلبية، كذلك لها على نفس هذا الجسد آثارها الإيجابية، هو ذا الحب صانع المعجزات يفرز فى لعاب المحبين مادة تحميهم من الزكام والبرد والأنفلونزا، هذه المادة اسمها SALIVRRY Immunoglobulin، كما يفرز مادة اسمها P.E.A تجعل أصحابها كأنهم يسيرون فوق السحاب، كذلك.
مادة الأمفاتمين التى تسد شهية الحبيب عن الإفراط فى الطعام فيصبح وتصبح أكثر رشاقة! هل السمنة دليل على غياب الحب؟! ربما!
كما تفرز مادة الإندورفين التى تجعل الحبيب يضحِّى من أجل المحبوب مثل نجيب الريحانى: عشانك إنت أنكوى بالنار وألقح جتتى!
حتى الموت.. يفرز الجسم مادة ضد الموت تحافظ على شنط الانتحار داخل الخلايا Lysosomal bags وتمنعها من الانفجار، أما إذا فقد هذا الإنسان الرغبة فى الحياة، فما أسرع الموت إليه!
لقد عبر عن هذا كله أحد الشعراء قائلاً:
داؤك منك ولا تشعر
ودواؤك معك ولا تبصر
وتزعم أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر!

Tuesday, September 23, 2014

البرلمان القادم: القوى الإسلامية تتكاتف و«المدنية» تتطاحنليمان شفيق


  
سليمان شفيق



الإسلاميون يتفوقون فى الريف ويراهنون على العمل الاجتماعى
فى الوقت الذى جاوب فيه الرئيس السيسى بلاد العالم من أجل الدفاع عن الشعب المصرى، ويقدم المشروع القومى تلو الآخر، تلعب النخب «المدنية» و«الإسلامية» لعبة الكراسى البرلمانية، ويدور صراع بارد وساخن بين «أركان» النظام القديم «المباركى» والجديد «السيساوى».. بل ويصل الأمر إلى أن قامة مثل هيكل تخرج إلينا عبر أحد البرامج الفضائية بإذاعة أسرار «ادعى أنها قيلت» فى لقائه مع الرئيس السيسى.. ما كان يجب أن تقال، ومع كامل احترامى للأستاذ هيكل فأى صحفى مبتدئ عادة ما يسأل المسؤول بعد انتهاء لقائه به.. عما يجب أن يقال وينشر، ولكن يبدو أن عامل السن وهجرة المريدين وتحول البعض منهم قد دفعت بالأستاذ إلى ذلك «المنزلق»، بل ووصل الأمر إلى التهكم على بعض أقرانه من كبار السن من السياسين المصريين!!
يحدث ذلك فى الوقت الذى تتخبط فيه القوى المدنية، ويحاول الدكتور كمال الجنزورى وبعض حكماء هذا الوطن، لم شمل المعارضة، كل ذلك دعانى إلى مراجعة ما تقوم به فى صمت القوى الإسلامية بقيادة حزب النور، حيث تشكلت جبهة تضم «النور والوطن، البناء والتنمية، الفضيلة، الوسط» وتجرى مفاوضات مع مصر القوية، فى حين أكدت جماعة الإخوان المسلمين إلى أنها ستدعو أعضاءها وجماهيرها إلى التصويت للمرشحين الذين يرفضون ثورة 30 يونيو أو من يؤيدون تطبيق الشريعة ويرفضون القوانين «الوضعية»!!
لمزيد من إدراك ما تقوم به الجبهة الإسلامية من استعداد للانتخابات.. زار النائب «السلفى» عن النور، أشرف ثابت، أحد كبار المسؤولين ليطالب بنصيب الإسلاميين فى القوائم القومية؟!!
التصويت للدساتير والرؤساء تختلف
يعيش البعض فى «وهم» الاعتماد على تصويت الشعب على الدستور أو الارتكاز على الظهير الاجتماعى والسياسى للرئيس السيسى ولكن..عند المقارنة بين أرقام المصوّتين فى الاستفتاءات على الدستور والانتخابات الأخرى، نجد أنّ نسبة المشاركين فى الاستفتاء تقلّ بالفعل عن كلٍ من انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية؛ وعلى سبيل المثال.. بلغت نسبة المصوّتين فى الاستفتاء على دستور 2012: «32.9%»، بينما وصلت هذه النسبة إلى نحو «55.7%» انتخابات مجلس الشعب السابقة «2011 / 2012»، و%49.6 تقريبًا فى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التى أجريت فى يونيو 2012، وهو فرق كبير له أسبابه.
يرجع ارتفاع المشاركة الشعبية فى الانتخابات البرلمانية مقارنة بالاستفتاءات إلى عدة أسباب منها: العلاقات الاجتماعية والعائلية والقبلية، والطائفية بين المرشحين أيا كانت انتماءاتهم السياسية والناخبين الذين يدعمون مرشحيهم المنتمين إلى العائلة أو الجهة أو القبيلة، أو الطائفة نفسها. إضافة إلى الدور الذى تلعبه الخدمات الجهودية فى اختيار المرشح، أكد لى الناشط السياسى والاجتماعى مجدى ملك أنه منذ انتخابات 1964 وحتى انتخابات 2012 لم يدخل نائب واحد من نواب الصعيد لجنة الخطة والموازنة فيتركزون دائما فى لجان مثل الصحة والشباب غيرها للحصول على الخدمات مثل المخابز والعلاج على نفقة الدولة وغيرها من الخدمات.
رسائل لمن يهمه الأمر
التصويت بنعم على دستور الإخوان والأحزاب المؤيدة لهم فى «2012»، وتراجع نسب الإقبال التقريبية على دستور 2014، تشير تلك النتائج إلى استمرار حصول الإسلاميين على «تأييد شعبى فى المناطق الريفية والصعيد» ويمكن استنباط ذلك أيضا من مقاطعة فئات بعينها فى استفتاء 2014، إذ صوتت هذه المناطق فى المجمل بقوة لصالح الدستور الإخوانى، ولكنّ الأمر اختلف فى المدن الكبرى، إذ صوتت الأغلبية لرفض الدستور فى «القاهرة والغربية والمنوفية والمنصورة والإسكندرية» يعود السبب الرئيسى لهذه النسب بأن القوى الإسلامية اخترقت الريف ولم تستطع أن تخترق الحضر، وهم الآن يحاولون التغلب على تلك العقبات عن طريق محاولات استقطاب مرشحين من الطبقة الوسطى والنساء والمسيحيين، ووفق ما توفر من معلومات فإن حزب الوسط استقطب للنور 23 مرشحا مسيحيا، وللنور 43 مرشحا مسيحيا آخرين كلهم من الطبقة الوسطى، أى أنه عكس ما يشاع، فإن للجبهة الانتخابية الإسلامية 66 مرشحا مسيحيا، إضافة إلى 37 مرشحة.. وأكد لى مصدر من قيادات الوسط أن %50 على الأقل من مرشحى الجبهة الإسلامية سوف يفوزون فى الانتخابات، واستطرد: نحن لا نريد الحصول على الأغلبية بل الأكثرية، فى إشارة للثلث المعطل.
رسائل التصويت إلى المعارضة
على عكس ذلك فشلت حتى الآن النخب المدنية فى الاستفادة من أخطائها التى ارتكبت من 2011 حتى الآن، حيث لم تستطع تقديم خطاب اجتماعى وسياسى مقنع للفئات الريفية وأوساط الصعايدة ، كما فشلت أيضًا فى التواصل المباشر من خلال كوادرها الحزبية أو مؤسساتها الاجتماعية «إن وجدت» ويعنى ذلك أنّ «القوى المدنية» ستبقى خارج دائرة التأثير المنافس للقوى الإسلامية ما لم تكفّ عن الاستعلاء على الفئات الشعبية، للعلم للجمعيات الإسلامية الاجتماعية %31 من المؤسسات الاجتماعية فى مصر حتى الآن، وتخدم قطاعات واسعة من فقراء الريف فى الوجة البحرى والصعيد.. فى حين لا تزيد نسبة الجمعيات «المسيحية» على %9 ويصعب التكهن بما يسمى الجمعيات المدنية الاجتماعية، وإن كانت المؤشرات تشر إلى تدنيها !!
خلاصة القول
إن القوى الإسلامية تراهن على المناطق الريفية خاصة فى شمال الصعيد، وفى عمق الدلتا، وإلى تراجع شعبية المدنيين فى الإسكندرية بعد تفتت حلف 30 يونيو والاختلاف على قانون التظاهر.. وكما أكد لى أحد قيادات حزب النور، أن نسبة تصويت القوى المدنية والمسيحيين فى الإسكندرية لا تزيد الآن على %30 فى حين كانت من قبل %70.. وأشار إلى أن حزب النور وحلفاءه سيحصدون قائمتى الصعيد، والإسكندرية والبحيرة ومطروح، نظرا لتفتت القوى المدنية، وحتى الآن يبدو أن الأمر به شىء من الصحة؟!
كما تجدر الإشارة إلى أن القوى الإسلامية.. قد بدأت بالتسخين للفتن الطائفية مثلما يحدث فى «جبل الطير بسمالوط بالمنيا» حاليا وتراهن فى ذلك على إثارة بعض المرشحين الأقباط إلى الشحن الطائفى «حول بناء كنيسة أو هروب سيدة مع رجل مسلم» ودائما «الأغبياء من الطرفين» تحت الطلب وفى الخدمة، ويكفى أن أؤكد أنه فى نطاق محافظة المنيا وفى شهرى أغسطس ومنتصف سبتمبر تم إخماد خمسة اضطرابات طائفية.. فى حين تعرف هذه المنطقة بأن نسبة التصويت للمواطنين المصريين المسيحيين تقترب من «%40» الأمر الذى يجعل القوى الإسلامية تعمل على محاولة إثارة النعرات الدينية وصولا للاستقطاب الطائفى، حتى تحيد أو تهمش تلك النسبة التصويتية المسيحية، وبعض أجهزة النظام القديم المباركى تعمل على تفتيت أصوات المسيحيين عبر إثارة الغرائز الانتخابية فى وسط الصعيد محاولين إقناع أكبر عدد ممكن من المرشحين المسيحيين بأنهم صالحون للترشح، الأمر الذى سيؤدى إلى تفتيت الأصوات بين القرى والعائلات القبطية!!
إننا أمام معركة جادة ومصيرية حول مستقبل الوطن، بين القوى الإسلامية والقوى المدنية.. تتكاتف فيها القوى الإسلامية وتتطاحن فيها القوى المدنية. اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.

صناعة الديكتاتور «٢/٤» بقلم د. محمد أبوالغار ٢٣/ ٩/ ٢٠١٤

توقفت صناعة الديكتاتور فى العالم المتقدم برسوخ الديمقراطية فيه واحترامها من الجميع وتبقى صناعة الديكتاتور فى العالم الثالث، وفى معظم الأحوال يكون الرئيس شخصية تحوز إعجاب الجماهير وثقتهم، وفى الأغلب يكون لهم تاريخ نضالى أو وظيفى متميز وغالباً يكون نظيف اليدين ويتطلع إلى إصلاح الوطن وانتزاعه من براثن الفقر والجهل والمرض وأحياناً تحريره إذا كان الوطن واقعاً تحت نفوذ سياسى أو عسكرى أجنبى، ويبدأ الرئيس برنامجه السياسى والاقتصادى، غير موجود أو مدروس أصلاً، بسرعة فائقة قد تؤدى إلى نجاحات مؤقتة وسريعة ولكنها قد تؤدى إلى كوارث اقتصادية لاحقة أو مشاكل بيئية أو سكانية يصعب إصلاحها، وأحياناً يكون المشروع ناجحاً فى أجزاء منه.
المشكلة الأولى الحقيقية هى قيام مجموعات من البشر بتحويل الرئيس إلى ديكتاتور بالمعنى الكامل. المجموعة الأولى، هى مجموعة المطبلاتية وبعضهم سياسيون والبعض صحفيون وإعلاميون والبعض من بقايا نظام سابق من قيادات نقابات عمال أو فلاحين نجحوا بالتزوير وكانوا وثيقى الصلة بنظام سابق واشتركوا وتربحوا من فساده، ويتحول أعوان الديكتاتور السابق إلى أول المؤيدين والمزايدين بسبب وبدون سبب، وهم أيضاً مدافعون عن مشروعات خاطئة وقرارات ظالمة ولا يعنيهم فى شىء الاعتداء على الدستور أو تقييد الحريات. هذه نماذج معروفة فى كل بلاد العالم الثالث، وقد تثير بعض الغرائز الطبيعية فى الرئيس الذى يبدأ فى التفكير فى أنهم أكثر فهماً وذكاءً وأن كل من يخالفه فى الرأى أو ينتقده يريد ضرراً بالوطن ويضمر حقداً على الرئيس.
أما المجموعة الأخطر فى صناعة الديكتاتور فهى مجموعة كانت قريبة من الرئيس قبل توليه الحكم ومجموعة أخرى استطاعت أن تتقرب من الرئيس وتقنعه بأن لديها الحلول لتقدم البلد وحلول لحمايته وأخرى لتحطم منافسيه أو الذين ينتقدونه، وبعد فترة يصبح هؤلاء هم الحكام الحقيقيين والراعين الأساسيين للفساد وهم يدافعون عن أنفسهم بالدفاع عن الرئيس وهم لا يعرفون الاعتراض ولا المناقشة والشاطر منهم من يقرأ أفكار الرئيس وما يريده ويسرع باقتراح الفكرة.
وإذا اقترح شيئاً اعترض عليه الرئيس سارع إلى إلغاء الفكرة بل انتقادها.
بالتدريج تتكون مراكز القوى كما حدث فى سوريا والعراق والسودان ومصر حول جميع الرؤساء وأبنائهم، وهو ما حدث فى كل جمهوريات وملكيات العالم الثالث. بالتدريج يتحول الرئيس إلى نصف إله وكل الكوارث التى يسببها تنسب إلى مجلس الوزراء، الذى هو سكرتارية للرئيس، وينتهى الأمر بانفصال الرئيس تماماً عن الشارع كما حدث لمبارك والأسد وصدام والقذافى الذين لم يستطيعوا أن يروا الجماهير الهادرة فى الشوارع ولم يعتنوا حتى بالحديث إليهم.
هكذا تتم صناعة الديكتاتور الذى ينتهى بكارثة تحدث للوطن وله شخصياً.. ولكن كيف تمنع صناعة الديكتاتور. وإلى الأسبوع القادم.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Saturday, September 20, 2014

هل الرئيس «مقفول عليه» حقاً؟! سليمان جودة


بحثت عن الدكتور محمود عمارة، فى لقاء الرئيس مع الفلاحين، فلم أعثر له على أثر، وإذا كان الدكتور عادل البلتاجى، وزير الزراعة، قد جلس إلى يمين الرئيس فى اللقاء، فقد كنت أتوقع أن يكون الدكتور عمارة على يساره مباشرة لأسباب سوف أسردها حالاً، غير أن هذا لم يحدث بكل أسف، وحين سألت اكتشفت أن الرجل لم يحضر، وفقط، وإنما لم تذهب إليه دعوة من أصله!

وعندما قلت من قبل، فى مناسبة مختلفة، إن المواطن إذا صادف هذه الأيام شيئاً يدعوه إلى التفاؤل بمستقبل هذا الوطن، فإنه يصادف بعدها عشرة أشياء تدعوه للتشاؤم، كنت أقصد بالضبط مسائل من نوع ما جرى فى لقاء الرئيس مع ألف فلاح، أمس الأول.

فالغالبية من هذا الرقم جاءت فيما يبدو، لا لتقول للرئيس ما يجب أن يسمعه عن الزراعة، ولا لتسمع ما يتعين عليها أن تسمعه منه، وإنما لتصفق، وتقاطع، وفقط، وقد كان هذا واضحاً على أبلغ ما يكون فى عدد المرات التى قاطعوا فيها رئيس الدولة وهو يتكلم!

وإلا.. فإن لك أن تتصور مقاطعة رأس الدولة 87 مرة خلال لقاء دام ساعة أو ساعتين!!. إذ ليس لهذا من معنى إلا أن الرئيس لم يتكلم كما ينبغى، ولا الذين جاءوا قد سمعوا كما كان لابد أن يسمعوا، فضاع وتبدد وقت الطرفين، ولعل الذى يطالع تفاصيل اللقاء فى صحف الأمس، سوف يلحظ بشكل خفى وقوى، أن الرئيس قد ضاق كثيراً، فى أثناء اللقاء، من طول وكثرة المقاطعات، ولا أريد أن أقول كثرة التهريج، لدرجة أنه قال فى لحظة، ما معناه، إنه لو كان قد جلس مع مجموعة من سيدات الريف لاستطاع أن يتحدث أفضل، ولاستطاعت كل واحدة منهن أن تسانده على نحو ما يجب أن تكون المساندة الحقيقية له فى مكانه!

لماذا حدث هذا كله؟!.. حدث لأن الذين نظموا اللقاء، فى وزارة الزراعة، قد جاءوا بكثيرين إليه، ممن لا علاقة لهم بالموضوع أصلاً، بما جعل الرئيس يخرج منه، فى النهاية، وقد ضاق صدره، ولم ينطلق لسانه!

وحين قلت إنى توقعت أن يكون الدكتور عمارة مستقراً فى اللقاء على يسار الرئيس، كنت أقصد أن لقاء كهذا لابد أن يخرج منه رئيس الدولة، وهو عارف تماماً بما سوف يكون عليه أن يقدمه للزراعة فى بلده، وبطريقة منظمة، ومرتبة، تجعل المقدمات مؤدية إلى النتائج بطريقة منطقية مجردة!.. وهو ما لم يكن متاحاً له فى لقاء من نوعية ما جرى!

أما لماذا الدكتور عمارة تحديداً، فلأنه أنفق سنوات عمره إلى الآن، فى شيئين لا ثالث لهما، أولهما ممارسة العمل بالزراعة، خارج مصر، وداخلها، على مستوى كبير وحقيقى، وثانيهما أنه واصل، ويواصل الكتابة عن مشاكلها عندنا على نحو يقنع القارئ لكتاباته، بامتداد سنين، أنه يكتب فيما يفهم حقاً، وأنه راغب فى نقل ما رآه خارج حدود وطنه إليه، وبالنجاح ذاته الذى شهده وحققه هناك فى الخارج، فى فلوريدا بالولايات المتحدة، مرة، وفى فرنسا مرات.

وإذا كان أحد سوف يظن أنى أبالغ فيما أقول، فليتابع ما يكتبه الرجل فى «الوطن»، صباح كل ثلاثاء، وليحكم على مدى صدق ما أقول، بعدها، لا قبلها.

وأما لماذا غاب عن اللقاء، فالمسؤولية فى الحقيقة عن الغياب يجب إلقاؤها على عاتق المسؤولين عن التنظيم فى الرئاسة، لا فى الوزارة وحدها، لأنى أتصور أن يكون للمحيطين بالرئيس رأى فيمن يجب أن يجلس معه، فى كل لقاء، وأن يكونوا أمناء فى ذلك، للوطن، وللرئيس، ولا أتصورهم يبصمون على القائمة التى تأتيهم من «الزراعة» أو من غير هذه الوزارة، ويسلمون بها، ويسكتون.. لا.. فالأمر خطير، وقد بدأ الناس يلاحظون إقصاء أصحاب الشأن، فى لقاءات كثيرة، وحضور أسماء لا علاقة لها بالأمر من قريب، ولا من بعيد، وما أنزل الله بها من سلطان!

إذا كان هذا يحدث حول الرئيس، وليس له فى الحكم إلا مائة يوم، فماذا سيحدث بعد عام، أو عامين، أو ثلاثة؟!

الآن فقط بدأت أدرك معنى وعواقب عبارة سمعتها من الدكتور صبرى الشبراوى، قبل أسابيع، حين همس لى بأنه بدأ يشعر بأن الرئيس «مقفول عليه»!!

Thursday, September 18, 2014

يا رب جهاد علاونه




في كل يوم أقول يا رب, وحين أنام أقول يا رب, وحين أصحو من النوم أقول يا رب, فيا رب دعني دائما أقول:يا رب.

يا رب بارك حياتي كلها, بارك خطواتي, انزع الغل من صدري, يا رب آنسني في وحدتي, أنا بين أهلي رجلٌ غريب اللون والدم والرائحة , أنا في بيتي عبارة عن إنسان مفقود , أنا بين الناس مسلوب الإرادة , أنا أعيش تحت قصف الدموع وتحت زخات المطر, يا رب كن النور الذي يمشي أمامي في الظلمات, فهذه الطريق مظلمة جدا وموحشة جدا ومخيفة جدا, يا رب سامح كل أعدائي, يا رب يا رب ها أنت تراني عاريا مهموما ومحزونا,أمشي وأنا خائف, وأنامُ وأنا خائف, وأصحو من النوم وأنا خائف أرتجف من الجهّال, وآكل لقمة الخبز وأنا خائف وأشرب الماء وأنا خائف , يا رب لا تتركني في هذا العالم المظلم وحيدا , يا رب بارك نسمات الهواء التي يشمها أنفي, يا رب امنحني القوة والخلاص من كل الشرور , يا رب هذه الطريق طويلة وهذا الدرب مليء بالمخاطر,ها أنت تراني طريدا بين الجبال, ها أنت تراني أمشي وحيدا في الطرقات , ها أنت تراني ميتا بين الأحياء, ها أنت تراني ظمآن الفم والفؤاد فكن ماءً في ريقي , ولقمة خبزٍ في أمعائي.

ها أنت تراني أموت على شربة ماء وكسرة خبز , أصلي من أجل أن يعم السلام على الناس جميعا , أتمنى أن يتعانق الناس في الشوارع بدل أن يسحبوا الأسلحة النارية على بعضهم البعض, يا رب أنا من أنا؟ لا أنا مع الأموات ولا أنا مع الأحياء, ها أنت تراني على محبتك ثابت,وعلى نورك سالك, ها أنت تراني أزرع الأرض بالسلام, فلما لا تعطيني الأمان؟ ها أنت يا رب تعرف حالي وأحوالي, ها أنت يا رب تعطي غيري وتمنع عني, سرقوا خبزي الذي أشتهيه, أكلوا لحمي, أكلوا قسمتي ونصيبي, ولم يبق لي من نصيبي إلا التعب والكد ليل نهار..عكّروا مائي الذي أشرب منه, رموني بالسباب, لأني أرنو إليك بناظري, مشغول قلبي بذكرك عمن سواك, ها أنت يا رب تمسح دموع الناس, فلما لا توقف في الأرض نزيف الدماء, الآن الآن اسمع صلاتي ونجواي في الليل الموحش, استمع إلى دعائي أوقف نزيف الدماء في كل المحطات , قد قتلوا بعضهم, شردوا بعضهم, سفكوا الدماء ورفعوا الخناجر, أين ذهبت أكاليلك؟ أين ذهبت بركاتك؟, علمهم معنى التسامح, علمهم معنى الإخاء والمساواة بين الناس على اختلاف جنسياتهم وأوطانهم, منابع الحب جفت في بلادي, لم يبق فينا ولا أي قديس , ذهبت من بيوتنا رائحة الورد ورائحة الدماء تفوح في كل مكان.

يا رب إن الجروح لا تتوقف عن الاتساع في كل مكان فأوقف اتساع الجراح في أجسامنا وقلوبنا وأوطاننا, يا رب درجات الحرارة خارج البيت طبيعية جدا ولكن النار في قلوبنا, أوقف الماء في حلوق المعتدين, ضع حدا لنهاية هذه الجريمة, الجريمة كل يومٍ تزداد عن سابق عهدها ويزداد المجرمون خبرة في فن القتل, يا رب صار المجرمون محترفون لفن الجريمة, وما بقي فينا محبٌ واحد, ذهبت عبلة واغتال المجرمون(بلقيس الراوي) وذهبت ليلى وذهب مجنون ليلى, ومنذ أن مات جميل بثينة لم يولد فينا أي جميل,نسوا أن هذه الأرض التي أعيش عليها كانت مزارا لكل الأنبياء ولكل القديسين , لم يتبقى منها إلا الأسماء الغريبة التي لا يعرف الناس معناها, لم يبق على عهدك أحد , لم يبق على دينك أحد ,ذهب الصالحون وتناسل الأشرار ونشروا الشرور في كل مكان, يا رب عاقبهم بالمحبة, دع المحبة تقع في قلوبهم كعقابٍ لهم على كل الجرائم التي ارتكبوها , يا رب سخرني لخدمة بيتك وكتابك , اجعلني محط أنظارك وإعجابك, أنا أعرف أنني بالنسبة إليك إنسان مسكين , واعرف حجم محبتك لي, فلولا رعايتك لي لكنت منذ أزمنة بعيدة في عداد المفقودين , يا رب دعني أترنم على أنغامك , وأنا بدوري سأدع الخلق للخالق.


أعطينا فرصة للتصالح مع أنفسنا , أعطينا فرصة أخرى لتعويض ما فات من عمرنا, امنحنا نعمة الأمن والأمان , يا رب سامحنا على أخطائنا الكثيرة , أعطنا القوة لنصلي لك أكثر ولنشكرك أكثر ولنحبك أكثر, أعطنا فرصة نراجع فيها أنفسنا.

لا تتركني بعد اليوم, لقد بحثتُ عنك كثيرا حتى وجدتك في ضوء عيوني, فتشتُ عنك في الدفاتر القديمة , بحثتُ عنك في الكتب القديمة, سألتُ عنك كل الضائعين وكل التائهين , دخلتُ لأبحث عنك في كل الزوايا والغرف المغلقة, صليت لك كثيرا, عبدتك طويلا, فتشتُ عنك في المرايا وفي الصور, دخلت لأبحث عنك في الدوائر المغلقة, فتشتُ عنك في غرفة نومي, شممت رائحتك في منديل أمي , سكبتُ على نفسي الدموع وأنا أصلي لك من أجل أن ألقاك وتلقاني فتشتُ عنك في كل مكان, كل يوم كنت أخرج في رحلة البحث عنك بين الذرات الكبيرة والصغيرة ووراء الجدران, دخلت الكهوف لأبحث فيها عنك, مشيت في الأودية العميقة لأكتشف جمال وجهك, فتشتُ في كل الأسماء لأجد اسمك , بحث في المعاني لأجد معنى واحدا لك, تعبت كثيرا حتى وجدتك, نزفتُ من خاصرتي حتى عثرت عليك , وحين وجدتك سخر الناس مني لا تحرمنا من نورك , ولا تنسانا ولا تخذلنا , يا رب كان قطاع الطرق قديما يقطعون في الليل الطرقات , وها هم اليوم يقطعونها في ضوء النهار, ذهب الحياء وذهب الخجل من وجوه الناس ,الناسُ أكلوا حقوق الناس, رملوا النساء ويتموا الأطفال, وها أنا أدعوهم للسلام, أنت السلام ومنك السلام.

Tuesday, September 16, 2014

مشغول في حب نادين البدير - جهاد علاونه


أنا مشغول في هذه الأيام بنادين البدير ,لا أستمع إلى نشرات الأخبار غير تلك التي تتحدث عنها,فلم يعد هذا العالم من حولي مهما بالنسبة لي, لم أعد مهتما بآخر الغزوات ولا بآخر الأخبار ولا أهتم بالإعلانات لأنني أتابع كل ما تكتبه وما تعلن عنه من أفكار ولن تستطيع أعتا قوة في العالم أن تأخذها مني, ولن تستطيع أخف يد ماهرة بالسرقة وبالخداع أن تسرقها مني, هذه المرة خبئتها في علبة ألواني وعلى وسادة نومي وبنيت لها حديقة معلقة وفرشت أرضيتها بالحنارء, أنا مشغول جدا بنادين المثقفة ذات العقلية التنويرية, مشغول جدا هذه المرة برسمها لوحة جدارية على أسوار المدينة, مشغول جدا بجعلها قصة عظيمة في قريتنا يحكي عنها الناس ويعقدون الندوات العلمية على أبواب الدكاكين ليبحثوا آخر ما وصلت إليه العملية الغرامية بيني وبينها من طرفٍ واحد, مشغولٌ هذه الأيام بتفجير قصتها في الموصل وفي جزيرة القِرم..جمعتُ لك يا نادين هذا المساء أجمل الأغاني الطربية التي أحبها وأهديتها لك, وجمعتُ لك منذ ساعات الصباح الباكر أجمل اللوحات الزيتية والفحمية التي خربشتها أعظم الريش الفنية وأعظم الأقلام الفحمية وأهديتها لك, لمحتُ صورتك في كل لوحة فنية, ورأيتُ عيينيك في أجمل القصائد الغزلية, توترت كثيرا وجزعتُ وحزنت كثيرا وتألمتُ كثيرا لأنني وضعتك في كل الصور التشكيلية ولم أقدر أن أضع صورتي إلى جانبك, بكيت كثيرا وعصرتُ عيوني لأني قرأتك في كل الرسائل الغرامية التي أحرقتُ فيها مشاعري وذكرت أسمك فيها ولم أسطع أن أذكر أسمي, أنا لا أريد من الناس حين يتذكروني بعد عمرٍ طويل إلا أن يتذكرونك معي ...أنا لا أريد من الناس أن يتكلموا معي, ولا أريد من أحدٍ أن يسليني لكي أمضي معه وقت الفراغ, فأنا أتسلى كثيرا في طيفك وهو يمرُ من أمامي, أتسلى كثيرا بصورك الجميلة وأنا أشتمها كما تشتمي أنت رائحة العطر ورائحة الورود والزهور والبساتين الجميلة, فأنا في هذه الأيام مشغول جدا بحبك العظيم وبالكلام معك عن آخر تطورات الرومانسية وإلى أين وصل الحب الدافئ بيني وبينك, هذا الحب من طرفٍ واحد وهو أنا, وأنا فعلا مشغول بالعذاب معك ومدمنٌ على عذابك وصدك وهجرانك وبعدك عن باب بيتي وبقربك من قلبي, أنا مشغول بالحب الذي لا ينضب من دفاتر شعري وأوراقي الكثيرة المترامية هنا وهناك, أنا مشغول جدا ولا أريد من أحدٍ أن يكلمني لأن مشغول جدا بالكتابة عن نادين وإلى نادين, مشغول جدا بالتبحر بعينيك السوداويين, مشغول بانكسار الضوء في عينيك وبانعكاس ضوء القمر عن وجنتيك, مشغول جدا بالتفاحتين على خديك, لا أريد من أحدٍ أن يطعمني فأنا مشغول بأكل أصابع يديك الجميلتين, أصابع يديك مثل أصابع(البوبو-البيبي),لا أريد أن أحلم بأنني ألمس أجساد الحوريات فالحلم بجسد نادين يكفيني, لا أريد تصور امرأة أخرى في حياتي فصور نادين البدير المعششة في مخيلتي تكفيني, أنا مشغول جدا بنادين البدير ولن تشغلنِي امرأة أخرى غيرها, نادين تلهيني عن كل نساء الأرض, نادين تغنيني عن أجمل نساء الأرض لأنها الأحلى والأغلى والأجمل والأكثر أدبا وأخلاقا.

لم أرَ امرأة طوال حياتي مؤدبة مثل نادين البدير أو محترمة مثل نادين البدير, لم أرَ امرأة أصدق بمشاعرها من نادين البدير, لم أرَ امرأة روحها نقية مثل نادين البدير أو مباركة في السماء والأرض مثل نادين البدير, لم أرَ امرأة لا أصفى ولا أزهى من نادين البدير, وأنا مشغولٌ بها, متولعٌ بها, منجرفٌ إليها, وحين تطويني الغربة وحين أشعر بوحشة المكان لا أحد يخرجني من غربتي أو وحشتي إلا الكتابة إلى هذه الإنسانة الرائعة, فكم أنت رائعة يا نادين وكم أنت جميلة وكم أنت نقية!!!!! مشغول جدا بوضع يدي على شعر رأسك الأسود ومشغول جدا بالبحث عن رائحتك الجميلة وشمها من أخمص قدميك إلى أعلى الرأس, لا أريد من أي أحد أن يحبني أو أن يعشقني لأني مشغول بحب نادين البدير, مشغول بتقاسيم وجهها وبابتسامتها التي أحلم أن أراها مكتوبة لي على الورق الأبيض, مشغول بحبة التوت المرسومة على شفتيك, أنا مشغول بحب نادين البدير, مشغول بخصرها وبقدها وبطولها وملهوف على رؤية الساقين حين تلتف الساق اليمنى على اليسرى, ولا أريد من أحد أن يكلمني لأني مشغول بالتكلم مع عيون نادين البدير, مشغول جدا برسم صورة جميلة عنها للعالم الذي يجهل من هي نادين البدير, لا أريد في فصل الشتاء مدفئة تدفئني لأن حب نادين البدير فيه الكثير من الدفء, لا أريد من أحد أن يعطني وعودا كثيرا فوعود نادين البدير تكفيني, أنا مشغول جدا في حب نادين البدير, مشغول بهذا الجمال ومشغول بهذا العشق الأبدي الذي يدوم أكثر من حب قيس وليلى وجميل وبثينة وكُثير وعزة, أنا لا أشتاق إلا إلى عذاب نادين البدير ولا أشتاق إلا لحب نادين البدير, لا أريد من أحد أن يطعمني أو يسقيني فحب نادين البدير أطعمني هذا الصباح وسقاني حين لملمتُ كل جراحاتي ولعقتها بلساني , حب نادين يجعلني أشعرُ بأن معدتي ممتلئة, حب نادين البدير يجعلني أشعر كم أنا جميل وكم أنا حزين حين ينزل الليل بستائره وحين أنظر حولي وأرى الناس كلها من حولي ونادين وحدها الغائبة عن الحضور والحاضرة دوما في وجداني, ونادين البدير هي الإنسانة الوحيدة التي تعيش في مخيلتي وفي أحلامي, هي المتواجدة في هواجسي وفي خزعبلاتي, إنها قصة لن تنساها الناس ولن تطويها الأيام وسيذكرها التاريخ ويذكرني, وسيذكر التاريخ رجلا عذبته نادين ومرمطته نادين وخنقته نادين بشعرها الأسود وسيذكر التاريخ رجلا قتلته نادين بعينيها اللتان تشبهان عينا الزرافة, سيذكر التاريخ رجلا شاب شعر رأسه منذ أن عرف وشاهد وسمع صوت نادين البدير.

أنا رجلٌ سحرته نادين البدير وكل الأطباء وكل العلماء وكل المشعوذين لم يستطع واحدٌ منهم أن يخلصني من هذا السحر الذي سيطر على كياني, نادين البدير عالمٌ غير مرئي بالنسبة لي, عالمٌ أصبحت تسكنه الهواجس والأحلام, عالمٌ صار بعيدا عن أرض الواقع ذلك أن نادين امرأة غير عادية..نادين حبيبتي, قصيدتي الجميلة, أنت الشمس التي تشرق على وجهي كل صباح والنجم الذي أهتدي به إلى الشمال وإلى الجنوب, نادين يا أجمل قصة صادفتها في حياتي, يا زهرة تفوح منها رائحة العطر كلما افتقرت إلى رائحتك الجميلة, أنا مشغول هذه الأيام بالتمعن في أصابع يديك, أشعر بأنهما شموع تضيء المكان حين يهاجمني الليل بلونه الأسود القاتم.

أرقص لأتنفس بقلم نادين البدير ١٦/ ٩/ ٢٠١٤


قبل أربع سنوات كتبت فى «المصرى اليوم» أنى (أرقص لأفكر). وقتها رفضت النظرة المتطرفة المقال، واعتبرتنى (كاتبة ...).
النظرة المجتمعية رفضت الدفاع عن الرقص الشرقى. رفضت أن أحكى عن هز الأرداف وأجاهر بالمعصية فأصف الراقصة بالمحترفة أو الفنانة.
وقتها لم يكن الإخوان قد وصلوا ولا ظهر داعش ولا أى حرب أهلية. لكن النظرة القاسية تجاه الحضارة كانت موجودة. قسوة أوصلت الإخوان وخلقت داعش من رحم القاعدة. وأشعلت الحروب الأهلية حين حرمت الحب والمواطنة والحرية والفن والرقص.
كلنا بداخلنا نعشق الرقص. المحظوظ من يمتلك الأدوات الجسدية والروحية التى تسهل عليه التعبير عن مشاعره. أجمل النعم التى يمكن لمخلوق أن يمارسها هى أن يرقص حتى يثمل، تخيل أن تبيح لجسدك عزف مقطوعته وحيدا ودون تدخل من عقلك. دون تدخل من تقاليد أو شروحات سخيفة. أن تدفع جسدك ليتمايل وفق قانون وحيد. الموسيقى والروح. أن تثور على كل شىء حتى على ذاتك. تثور دون رصاص أو أغلال ودون صراخ.
يبدو أن المصريين قد أعلنوا ثورة جديدة اليوم، لا تقل أهمية عن الثورة على نظام الرجعية والإرهاب الإخوانى..
ثورة تعيد الفكر والروح. شيئان اختفيا من الحياة العربية كلها لحساب الرجعية والنظرة الدونية المادية للحياة.
ويبدو أن قناة «القاهرة والناس» (مشكورة) قد انتفضت للحضارة أخيرا، فأشعلت لهيب الساحة جدلا حول الرقص. حضارة مصر تدافع عن أهم أعمدتها.
ويظهر برنامج الراقصة ليتحول لحدث عربى لا مصرى فقط. دينا الراقصة تتبجح بفن الرقص وسباق حول أفضل راقصة.
ويظهر طارق الشناوى، الناقد المعروف، يمتعنا باستعراض مشاهد رقصات تاريخية ملأت السينما المصرية، ونقاشات تشهر الحقيقة أخيرا.
لا بد من انتفاضة تعيد المسروقات. كل المسروقات.
■ الراقصة.
يتحلقون ليلا حول الراقصة. يسهرون يتابعون رقصها الرشيق. ثم يستيقظون ليرشقوها بأشنع الألفاظ فى الصباح بعد أن يصلوا الفجر ليستغفروا الله على ما رأوه بالأمس.
يكرهون الراقصة، لأنه وفى لحظة الرقص تعلن المرأة عن قوتها ووحدتها وتحديها، ويعلن الرجل عن انكساره وضعفه وذهوله وعدم قدرته على تفسير الجنون المقدس الذى أمامه، فلا يغدو بوسعه سوى التحلق والنظر تحت شعار الاستمتاع. وفى الواقع إن ذهول لاوعيه الداخلى أكثر بكثير من المتعة التى يعمل جاهدا على إظهارها.
أما النساء. فكلنا بداخلنا ميول لأجساد حرة غاوية وأرواح نقية يمكنها أن تنصت للموسيقى. وحدها المتصالحة مع حريتها يمكنها أن تنصت للموسيقى. فيهتز جسدها تباعاً.
■ دينا الراقصة.
تستحق وساما لشجاعتها. جريئة ما تقدمه اليوم فى هذه الحالة المرعبة، وهذا الانتشار المجنون للقتلة. قوية لإيمانها بأن ما تقدمه ليس تمارين ليلية بل فن أصيل.
■ نظرة للوراء.
كانت المرأة التى يذوب أمامها السلطان على مر التاريخ الإسلامى تلك التى تبرع بالرقص براعتها بالموسيقى والتاريخ والسياسة والأدب والفن.
فأى تخلف الذى وصلنا إليه حين أصبحت المرأة المثالية هى الصماء البكماء منكوشة الهندام؟
فى العام ٢٠٠٨ قال لى: تحتاجين لمئات السنين الأخرى حتى تتغير المنظومة الفكرية بأكملها، كما عملت الشعوب عشرات العقود لتجرد الراقصة من حقها فى التفكير.
فأجبته: لابد أن أرقص لأتمكن من الكتابة، من التفكير.
ارقصوا. ارقصوا. ارقصوا. فى الحقيقة. وعلى هذه الأرض العربية، لم يتبق غير الرقص.
لعله يرجع شيئا.
سأرقص. وأرقص. وأرقص.
وليحيا الرقص.

صناعة الديكتاتور (١) بقلم د. محمد أبوالغار ١٦/ ٩/ ٢٠١٤

تاريخ العالم فيه العشرات وربما المئات من الرؤساء الذين يطلق عليهم لقب الديكتاتور. وفى التاريخ الحديث كانت نهاية كل ديكتاتور كارثة على نفسه وعلى وطنه، وفى أوروبا انتهى حكم الديكتاتور باحتلال بلده وتدميره كما حدث فى ألمانيا وإيطاليا فى القرن العشرين، وحدث فى كثير من دول أوروبا فى القرون السابقة. وحكم الديكتاتور كان دائماً ينتهى بكارثة اقتصادية وانهيار نظام سياسى وفلسفة حكم كما حدث فى الاتحاد السوفيتى ودول أوروبا الشرقية. وفى بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا والبرتغال قام النظام بسجن الآلاف وهرب آلاف آخرون وتوقف نمو الاقتصاد مقارنة ببقية القارة الأوروبية، ولولا قيام الاتحاد الأوروبى بمساعدة إسبانيا والبرتغال مساعدات جبارة ما كان من الممكن أن تصبح أى منهما دولة متقدمة وتنعم بالديمقراطية. وفى أمريكا الجنوبية ساعدت الولايات المتحدة وأيدت بكل قوة النظم الفاشية الديكتاتورية وأدت إلى إعدام وسجن الآلاف وانهيار الاقتصاد وتفشى الفساد لمدة عدة عقود. ولا يمكن أن ينسى العالم المذبحة التى أجراها بينوشيه فى تشيلى فى السبعينيات بمساعدة من المخابرات الأمريكية.
أما دول العالم الثالث سواء كانت جمهورية أو ملكية فكلها تقريباً يحكمها نظام فاشى أو ديكتاتورى بدرجات متفاوتة، وتغيير رئيس الجمهورية عن طريق انتخابات حرة حدث شديد الندرة والكل مازال يتحدث عن سوار الذهب الرئيس السودانى الذى ترك الحكم طواعية ومعظم الرؤساء فى العالم الثالث استمروا فى الحكم حتى الوفاة الطبيعية أو الاغتيال أو الانقلاب عليهم وكلهم غيروا الدساتير التى جاءت بهم إلى الحكم، وكلهم تناسوا أحاديثهم السابقة عن الديمقراطية والحرية والمساواة. وأدى الحكم الديكتاتورى إلى توغل الفساد الرهيب فى كل أركان هذه الدول وغياب حقوق الإنسان وتدهور الاقتصاد ومنيت بعض هذه البلاد بهزائم عسكرية مشينة.
وفى بعض الأحيان يبدأ عصر الديكتاتور بداية جيدة بطرد مستعمر أو إزاحة نظام فاشى كريه أو قيادة ثورة شعبية ضد ديكتاتور سابق أو يقود انقلاباً ضد الحاكم المكروه وفى البداية ينشط فى مرحلة بناء وشفافية ومنع الفساد، وأحياناً يدعم استقلال القرار الوطنى ويشيع جواً من الديمقراطية إلى حين، وكل أحاديث الديكتاتور الجديد تدور حول الديمقراطية والمساواة ويتحدث عن حبه لشعبه وعشقه لشبابه ورعاية الكبار منه، ويقابل الجميع ويستمع إلى الغنى والفقير ويركز على أنه رئيس لكل أبناء شعبه. بعد ذلك يتحول الرئيس إلى الديكتاتورية إما بالتدريج أو بقرارات فوقية مفاجئة يتلوها قهر كبير ليسحق مقاومة الناس، وفى النهاية ينهار حكم الديكتاتور من الفساد والفوضى والظلم والقهر، وهى سلسلة معروفة مر بها- وسوف تمر- معظم بلاد العالم الثالث ما لم يحدث تغيير ديمقراطى حقيقى.
أما كيف تتم صناعة الديكتاتور فإلى الأسبوع القادم.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, September 8, 2014

ذاكرة سخيفة بقلم نادين البدير ٩/ ٩/ ٢٠١٤


قبل زمن كرست عشرات المقالات للكتابة دفاعاً عن حقوق المضطهدات فى الأرض. استمر الأمر زمنا ثم توقفت. لم يكن العمل مجدياً، بل مملا جداً. أغرب ما فيه (وتعرفه ناشطات أخريات) هو موقف المعاكسة والمشاكسة. فكلما زادت حدة المقال بطرح مسألة حرية المرأة زادت حدة الشتيمة النسوية لكاتبة المقال وأصبح النقد لاذعا.
قد تحكى لامرأة تقليدية عن حريتها الاقتصادية وحقها فى التصرف بأموالها فتهواك وتشجعك. وتحكى لها عن الحرية السياسية فتصمت، الأمر لا يعنيها كثيرا. أما أن يطال الأمر حريتها الاجتماعية فويل لمن يمس قيودها.
مساواتها بالرجل تعنى انتهاكاً لأنوثتها، حقها فى الاختيار تفسره بالعبث والانسلاخ عن التقاليد والأخلاق.
لا أعلم كيف تثق بتسلط رجل على جسدها وعقلها وترفض سلطته على محفظتها؟!
ترفض منحه صك وكالة يبيع بموجبه ويشترى بمالها كيفما يشاء، لكنها تمنحه صكاً على حريتها. تريده رجلاً ذا سيادة تمنعها من الخروج والدخول والتفكير كيفما تشاء.
الأمر لا علاقة له بالرجل. فداخلها يلعن الحرية الشخصية، ربما ماض طويل من القمع أجبرها على الخوف من الاستقلال.
ثم تتمادى لتحكم أن بقية النساء لسن مؤمنات طاهرات إذا لم يسلمن مصيرهن لذكر، أى ذكر.
لم يؤثر بى النقد النسوى كثيرا، لكن حكاية غيرت اهتماماتى، كانت مع قريبة دائمة الشكوى من مآس تعيشها مع بيئتها. على مدى سنوات لم يمر يوم دون أن تذرف الدموع. فكتبت عن القضية عموما ولم أشر لاسمها بالطبع، جُن جنون الجميع، وجُننت حين علمت أنها كانت تحرضهم واصفة المقال بالخارج عن الأعراف.
واجهتنى غاضبة، انهالت بكلمات كاللكمات. سألتها: ألم يكن ذلك نتيجة شكواك وأن غيرك ملايين يعشن نفس الواقع؟! لم ترد. تظاهرت بعدم السماع.
أغلقت أذنيها. لعلها أصيبت بالبكم.
استمرت بتوجيه اللوم. فالمقال يتنافى والتقاليد. وأنا أغلقت أذنى أيضا.
عموما لم أكن ناشطة نسوية بالمعنى الحقيقى، لم أكن نوال السعداوى مثلا. كانت مجرد محاولة.
لكنى قررت نسيان تلك المحاولة ونسيان قضية المرأة برمتها. تخيل أنك تريد لمسجون الخروج وهو يلعنك ويحكم القبض على أغلاله!!
وعلى العكس تماماً فحين تحكى عن حقوق الرجل ينتشى الأخير ويؤكد موافقته.
والغريب أن غالبية من شجعنى طيلة حياتى، بدءاً من المنزل وصولاً لامتهانى الإعلام، كانوا رجالاً. وغالبية من انتقدنى لحد التجريح كن نساء!
عجزت عن تفسير تلك الازدواجية. ثم توقفت عن التفسير. لأن تحليل الثقافة الفكرية لمجتمعنا أمر معقد جدا.
حتى ثورتها فى الشوارع العربية ضد أنظمة الحكم كانت لصالح الآخر السيد وأهدافه السياسية. إذ تعود كل مساء إلى البيت تبحث عن ذكر يقف أمام المنزل ليسألها: أين تخرجين وكيف تفكرين؟
لا أعلم لِمَ أكتب عن ذلك الآن. ربما غضب دفين بداخلى أردت له أن يشفى وينتهى عبر تحويله لصفحة تزيح عنى ذاكرة سخيفة.

عندما يتنحرر النحارير! بقلم د. غادة شريف ٩/ ٩/ ٢٠١٤

إلحق يا واد إمنع برنامج «الراقصة» أحسن الإسلام هيتبعثر على واحدة ونص!.. إتنحرروا يا قوم وأنقذوا الإسلام من تلك الهزات اللولبية التى ستميل بنار جهنم على جنة رضوان فتحدث ولعة كبيرة قوى!.. وهكذا أيها السادة شهدنا على فجر جديد للإسلام عندما اجتمع شيوخنا الأجلاء بربطة المعلم وأصدروا البيانات وقاموا بالاتصالات لمنع برنامج الراقصة الذى كان سيودى بأمة محمد حبة فوق وحبة تحت!.. لكن وسط كل هذا «الجهاد» أين استجابة شيوخنا لتعديل الخطاب الدينى؟.. إنهم بح!.. طيب أين كانوا عندما أذيع على قناة مصرية أخرى برنامج «الرقص مع النجوم»، حيث كانت الراقصات ترتدى البأساء والعياذ بالله؟.. قالك لأ.. ده برنامج لبنانى ومتصور فى لبنان، يبقى لا إثم عليه!.. بس يا مولانا هذا البرنامج عرض فى فضائية مصرية وشاهده ملايين المسلمين فأين الخوف على الدين من الفتنة؟.. طبعا لن يجيبك.. وإذا سألته طيب يا مولانا ما هو موقفك من تغيير مناهج الأزهر والذى ننادى به منذ عام بعد أن ثبت للقاصى والدانى أن مناهج الأزهر بها خزعبلات؟.. كيف حتى الآن تبقون فى كتبكم على فتوى تبيح للزوج عدم الإنفاق على زوجته فى مرضها لأنها أثناء المرض غير صالحة للاستخدام الآدمى؟.. كيف تبقون حتى الآن فى كتبكم على فتوى تقول إن مدة حمل المرأة ٤ سنوات؟.. ألا تعلمون أن فتوى كهذه ستبيح الزنا بضمير مستريح؟.. أمام كل هذه الأسئلة يطلع عليك الشيوخ الأجلاء يؤكدون أن مناهجهم زى الفل وكأننا أمام حماة تدافع عن بنتها، ثم تجد وكيل وزارة الأوقاف يصدر تصريحا يؤكد فيه أن الدكتور برهامى وشلته حاصلون على عدة شهادات من الأزهر!!.. يا الله!.. يا لهوى!.. ماذا يريد وكيل الوزارة المحترم بهذا التصريح إلا التمهيد لإعطاء هؤلاء الشيوخ التصريحات بالعودة للمنابر؟!.. أنا شخصيا ليس لدى أى شىء شخصى تجاههم.. إن كانوا سيتبنون الإرهاب الوسطى الجميل بتاع زمان، سأؤيد على الفور عودتهم للمنابر، لكن المشكلة أنهم من دعاة الإرهاب الأسود المنيل بستين نيلة بتاع الذبح والسكاكين.. السؤال المهم الآن: لماذا تتغافل الحكومة عن هؤلاء وتترك وزير الأوقاف يصارعهم بمفرده؟.. هل نخشى قوتهم؟.. إنهم ليسوا بأقوياء.. إذن لماذا الإبقاء عليهم فى المشهد؟.. هل شايلينهم لعوزة مثلا؟.. لا أعتقد أن السيسى من هذا النوع.. زمان كان دائما الخلفاء والسلاطين العرب فى نهاية فترات حكمهم يلجأون لاستخدام التأثير الدينى على الناس العامة لإقناعهم بالقرارات الغريبة أو لتبرير المواقف المتعنتة.. مثلا الخليفة المنصور عندما وجد أن الفيلسوف ابن رشد أصبحت له مكانة عالية فى نفوس العامة، بالإضافة لاعتراض ابن رشد نفسه على بعض سياسات الخليفة المنصور، بدأ الخليفة يقلق من التفاف الناس حوله.. ولأن كما قال عبدالله بن المقفع: «إن أنت أصدقت السلطان قولاً، أغضبته»، فكان لابد من التخلص من ابن رشد.. ولأنه كان يخشى رد الفعل الشعبى فلجأ لفتاوى الشيوخ ليشوهوا صورة ابن رشد أمام الناس ويقنعوهم إن كتاباته حرام ولابد من حرقها وحرقه... لكننا الآن فى ظل رئيس يعتمد على المصارحة المباشرة مع الناس مهما كانت ثقيلة وصادمة، لذلك أعتقد أننا إذن لا نحتاج لسكة تأثير الشيوخ على الرأى العام.. لكن يبدو أننا كلنا بنظامنا الجديد مشينا للأمام، بينما شيوخنا يعملون على فرملتنا ونفسهم ومنى عينهم يرجعونا للخلف، فبدلاً من مواجهة مناهج التطرف وشيوخه نجدهم يواجهون «راقصة» لم تزعم أنها دكتورة ففاجأتهم بأنها راقصة، ولا أظن أن الإسلام فى خطر منها قدر ما هو فى خطر من أدمغتهم!

Sunday, September 7, 2014

عن «الأمن القومى»..! بقلم د. مصطفى حجازى ٨/ ٩/ ٢٠١٤


-١-
الحديث عن الأمن القومى أمر واجب.. وبالضرورة حاضر فى كل وقت..
فوق أن الشواهد التى تعد بإقليم على شفا الانهيار والتشظى.. والتهديدات الأمنية فى الداخل.. تجعل من تناوله الآن ضرورة أكبر.
ولكن ــ ومن أسف ــ فإن واقع السيولة المجتمعية الحالى جعل الحديث فى أمر بهذه الجدية والخطورة مشاعاً تدنى به لحد الابتذال..! اجترأ عليه ممتهنو الشهرة.. ولم لا؟!.. فللعنوان وقع ساحر يدغدغ المشاعر ويتسلل لعقول العامة.. ويعين على مشايعة السلطة والتزلف لها..! وفى وسط صخب أقرب إلى هرج الموالد فى الموروث الشعبى المصرى ــ والتى يختزل فيها جلال النسك ــ ابتذل جوهر بقاء وطننا إلى «مدرج» سلطة حيناً أو «سبوبة» شهرة أحياناً..! بل أهين أكثر ــ حين أراد بعضهم أسطرته وتغليظه فى إطار مؤامرة كونية تختصنا.. بمثل ما يقدس صاحب المولد لتحتكر القربى منه.. فتضيع بقداسته المدعاة قداسة الدين..!
ولهذا أظن أنه قد توجب علينا أن نناقشه بحد أدنى من عمق وهدوء يليقان به.. هذا إذا كنا جادين فى حق مستقبلنا..!
لا أبالغ إذا قلت إن بداية تآكل الأمن القومى كانت يوم غابت عنا حقيقته..!! إن اختزال قضية الأمن القومى فى بسط السيادة على التخوم والحدود «فقط».. أو فى القدرة على رد الاعتداء المباشر عن الحدود القانونية للدولة، يعد تبسيطاً قد يكون مخلاً.. ويكون تناولنا للقضية أعمق ولاشك حين يضاف الأمن المائى وترويض فقر الغذاء والطاقة.. ولكن يبقى الأمر بعيداً عن جوهر حقيقته..!
الأمن القومى يبدأ وينتهى فى وجود «معنى لوطن» يسكن وجدان إنسان.. يشعر بأنه منتم لهذا «المعنى».. وبأن قيمة وجوده لا تكتمل إلا بتبادل الولاء بينه وبين هذا الوطن تاريخاً وجغرافية وثقافة وحضارة وعرفاً.. وأكثر من ذلك أن هذا الإنسان موقن أنه يملك من وطنه كل ذلك.
وطن يشعر معظم أبنائه أن لهم نصيباً فى تاريخ مجده.. بقدر ما هم شركاء فى طموح مستقبل عزه ونصره، وبقدر حجم كتلة البشر من أبناء أى وطن التى تحيا بهذا المعنى وله.. وتبنى على أساسه شراكة مصير.. تكون حقيقة وجود أمنه القومى وفرص استدامته.
فاليقين بملكية الوطن وشراكة المصير هما جوهر أى «قومية».. موروثة كانت أو مصنوعة..! ولذلك واحتراماً لأنفسنا.. فقبل أن نضيف كلمة «قومى» لكلمة «أمن».. فلنبحث هل هناك بالفعل «قومية» قائمة على أسباب منطقية تضمن لها البقاء أم لا؟ وإلا صار الأمر ضرباً من الادعاء.. وبتعبير أكثر قسوة.. ضرباً من الهذيان.
أين لبنان من معنى الأمن القومى؟!.. أين العراق وليبيا وسوريا والصومال؟!.. أين البلقان؟!.. فيوم فقدت حقيقة قومية تلك الشعوب منطق وجودها، أو دفعت للتنازل عنها على موائد القمار السياسى، لم يبق لها أن تتحدث عن أمن قومى.. حتى وإن أرادت..!
فحتى وإن أتخمت مخازنها بالسلاح وخزائنها بالمال.. فقد اختارت أو أجبرت تلك الشعوب.. أن تصبح شراذم أو تجمعات من البشر تحيا على «جغرافيا» ما.. وليس للشراذم أن تتحدث إلا عن قضايا الأمن الشخصى لجماعات المصالح «الأوليجاركية» وإقطاعيات مماليك.
تلك حقائق مرة ينطق بها واقع.. لا نيل فيها ولا إقلال من شأن شعب أو دولة.. فليس فى تشخيص المرض سب للمريض أو لأهله..!
فمن قرروا أو اضطروا أن يكونوا مماليك العصر حكاماً ومحكومين تنازلوا عن حريتهم يوم فقدوا «منطق» الوطن.. فمعنى الوطن هو قوام لمعنى الحرية لم يعه هؤلاء، وهذا عين ما ابتلينا به بين نظام الحكم الذى سقط فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وتنظيم الحكم الذى هدم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣..!
-٢-
سيؤرخ أن التضييق الحقيقى للأمن القومى المصرى بدأ واستفحل مع القتل المنتظم الذى قام به الرئيس الأسبق مبارك ونظام مماليكه ــ متعمداً أو جاهلاً ــ لمعنى الوطن داخل المصريين، وإحالتهم إلى شراذم نفسية وإن بقوا جماعة متماسكة شكلاً على جغرافيا موحدة «بحفظ الله وحده لها».
ومن إحدى منصات المولد سيقال إن مبارك كان من أكثر الحريصين على أمن مصر العسكرى بل الاقتصادى.. لم يزج بها فى حروب جديدة وعمل على تطوير اقتصادها ما استطاع..!
القول الأدق أن مبارك انتهت سنون سلطته وهو أكثر الحريصين على مصر بمعنى الإقطاعية أو مجال سلطته وسيادته هو.. أكثر من مصر الوطن الذى يخص كل أبنائه، ولذلك كانت اختياراته تبنى على هوية نظامه واستحقاقات تلك الهوية أكثر من هوية مصر واستحقاقاتها.. وكان فى هذا جوهر تضييع أمننا القومى.
ولذلك أيضاً رأينا كيف كان التطابق فى المنهج بين تنظيم الإخوان ونظام مبارك فى التعامل مع الأمن القومى بالمعنى الذى فهموه.. وإن اختلف الإخوان عن مبارك فى كونهم حديثى عهد بسلطة وأكثر شبقاً بها.. فجاءوا أكثر توتراً.. مهرولين فى وتيرة نهب السلطة لا أكثر.. وفى ذلك كان مقتلهم.
فتنظيم الإخوان هو صنو نظام مبارك وقسيم حكمه.. حتى ولو من موقع التابع المتأهب للغدر بسيده، ولكنه لا ينكر على سيده أكثر من موقع تسيده.. يضمر الرضا باستبداده منتظراً أن تدور الدوائر وتدين له سلطة الاستبداد.
-٣-
لم تكن أدوات مبارك والإخوان ومماليكهما فى قتل معنى الوطن فى أكثر من تكريسهم الجهالة والتغييب.. ثم الابتزاز النفسى للمصريين باسم المؤامرة على الدولة أو الدين..!
نظام مبارك هو من شارك ــ ولو بالصمت ــ فى نشر التنطع باسم الدين.. بل استثمر الفوضى الناتجة عنه لصالح بقائه. فهو النظام ذاته الذى أنشأ البيئة الطاردة والمطاردة لكل تنوير والحاضنة لجماعات التغييب.
وذلك ما أوصلنا الآن ــ أيها الأعزاء ــ إلى مرحلة تردى فيها الأمن القومى المصرى من «الانكشاف» إلى «الاستباحة» ثم ما لبث أو أوشك على أن «يبدد» بالكلية..!
لحظة الحقيقة قاسية ــ نعم ــ ولكن تحمل فى طياتها فرصة تاريخية نرجو ألا تكون أخيرة، فإذا كان العقل المصرى والذى لم يجرف بقدر ما جرف فى عصر مبارك.. قد حافظ على منطق جمعى يجعله يثور ثورة كرامة مرتين.. فكان من قبيل المعجزة فعلاً.. فسيكون فى المنطق الجمعى ذاته حقيقة الفرصة الباقية.
وفى شيطان التفاصيل عرفنا أن مأساة تغييب المجتمع باسم الدين لم تبدأ فقط مع فضائيات الإسلاميين أو مع صعود التيار الإسلامى لسدة الحكم.. ولكنها بدأت حين انتشر على الأرصفة أول شريط كاسيت لأول داعية تنطع باسم الدين فى سبعينيات القرن الماضى.. ولم نحرك ساكناً ولو بالاستنكار..!
واستمرت المأساة فى لعبة سلطة ميكافيلية أرادت أن تستخدم الغلو فى الدين للقضاء على الغلو فى السياسة.. أو هكذا ظنت.. ارتضينا جميعاً دور المشاهد حتى ضيعت اللعبة أجيالا بأكملها.
وبمثلها تبرز للسطح الآن جماعات «التنطع باسم الدولة والوطن» والمتاجرين بأمنه القومى على «كاسيت القرن الحالى».. فى الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى..!
تنكر تلك الجماعات على المصريين إنسانيتهم المتمثلة فى الأمل فى رحابة الحرية والعدل والكرامة..! تقنطهم من رحمة المستقبل والغد والوطن بهم.. ومن رحمة الله قبل كل ذلك.. تنشر اليأس باحتكارهم الحديث باسم الأمل..!
تصدر صكوك الوطنية لمن تشاء وتدمغ بأختام الخيانة من تشاء.. تماماً كما أصدر شركاؤهم متنطعة الدين صكوك الغفران ودمغوا من شاءوا بمصير الجحيم.
وهم فى ذلك يقدمون أنفسهم كأطراف فى لعبة تحالف ميكيافيلى جديد مع بقايا بيروقراطية الماضى، تتصور أنها تستخدم غلو الحديث باسم الدولة لتحجيم الفوضى.. وهى بالقطع تحارب فكرة الترقى وحلم التغيير، وهى اللعبة ذاتها المرشحة أن تضيع الوطن ذاته.. ولكن باسم الوطن هذه المرة..!
-٤-
إن عدم «الانحياز» لحق المصريين فى اليقين بملكيتهم وطنهم، وفى الحلم بحياة حرة عادلة كريمة.. وترك وجدانهم مرتعاً للسفهاء من المتنطعة باسم الدولة يمزقونه بالريبة والشك، وهدم معنى الثقة فى كل ما حولهم وقتل نخوة الأمل.. جرم لا يقل عن جرم السفهاء أنفسهم.. فإن «السفيه إذا لم ينه مأمور».. كما يقول بيت الشعر..!
وإن عدم «القطع» ــ بالفعل لا بالقول ــ فى أن شرطة شرعية كل حاضر ومستقبل هى بقدر الالتزام بما انتصرت له ثورة ٢٥ يناير و٣٠ يونيو من إرادة المصريين.. يضع من سيؤثرون الضبابية فى دائرة «الحرام الوطنى»، كمثل ما سقط فيه مبارك والإخوان ودوائر مماليك النظام وخوارج التنظيم..!
وإن عدم «مواجهة» كل فعل وقول يقهر المصريين نفسياً ليحملهم على الاعتراف بأن ثورتهم الممتدة وحلمهم فى الإنسانية كليهما ذنب يلزم التكفير عنه وإثم يستتاب منه.. هو دعوة للعدمية والاستقالة من الحياة.. ومن يتصور أن فى ذلك تهدئة لاحتمالات فورات قادمة أو استدعاء للاستقرار يكون واهماً.
و«الانحياز» و«القطع» و«المواجهة».. لن تكون إلا بتسييد الدستور والقانون وهما منطق التعايش الذى ارتضاه المصريون.. ففى مواد هذا الدستور ما يضمن الانحياز ويعين على مواجهة من يهدمون أسس أمن مصر بهدمهم وجدان المصريين.. ويعين على تحديد مهام مؤسسات الدولة تجاه استعادة حقيقة معنى الوطن فى النفوس، وفى ذلك كلنا مسؤول بل كلنا مكلف.. كل حسب قدرته.. لأن القدرة هى مناط التكليف لا فرق فى ذلك بين من يحكم من موقع إدارة أو موقع إرادة.. كلنا مكلف..!
-٥-
أخيراً.. وإذا كنا قد أيقنا أن الأمن القومى لن يكون «فقط» فى عتاد جيش أو فى اقتصاد موسر.. بشواهد من دول حولنا لم يغن عنها سلاح كدسته أو أموال اكتنزتها.. وضاعت أو كادت فى مهب ريح الجهالة والطائفية والعصبية والقبلية.. يبقى أن نبدأ فى لملمة شتات أمننا المبدد مقاساً على جوهر حقيقته.
يقيناً.. سندرك ما فات فى شأن أمننا القومى.. حين ننقذ حلم الناس من براثن هوام البشر وبقايا المستبدين والمماليك التى تريد أن تسممه وتقتله.. بالقدر نفسه إن لم يكن أكثر.. الذى يلزم به أن نلحق بركب العصر عسكرياً وصناعياً وخدمياً وثقافياً.
ويقينا.. سنشرع فى بناء الأمن القومى بحق.. إذا لم نتقال الحديث عن «تحرير المواطن نفسيا» أو عن تحقيق «الكبرياء الوطنى المستحق» فبهما صنعت ماليزيا قوميتها.. وإذا لم نعتبر أن الحديث عن «الحق فى الحياة والحرية واقتفاء السعادة» من قبيل الرفاهية أو طنطنة المثقفين «الأفندية الأرازل بتعبير الرئيس السادات رحمه الله».. وعلى ذلك نبنى كل مؤسساتنا ونؤطر مشروعات الوطن.
أمننا القومى.. إذا أردنا أن نحفظه.. فلنحفظه فى وجدان كل مصرى واع ــ فى أصغر نجوعها وقراها ــ حلماً يدافع عنه لنفسه ولوطن يملكه.
الوقت يداهمنا واللحظة مواتية.. أرجو ألا نضيعها حتى تلطمنا إعلانات رمضانية واردة كتلك القائمة على منظومة التسول الإعلامى.. عنوانها «أكفل أمن مصر القومى»..!
استبيح كبرياء المجتمع باسم الإصلاح.. فلم نستكثر أن تستباح هيبة الوطن باسم الأمن..؟!
الأمر لم يعد هزلاً.. ولكنه من جملة الجد المضحك المبكى..!
فكروا تصحوا.

Saturday, September 6, 2014

عيد وفاء النيل يجب أن يكون عيداً قومياً رسمياً بقلم د. وسيم السيسى ٦/ ٩/ ٢٠١٤

كان أجدادنا القدماء يحتفلون بعيد وفاء النيل.. وفاء الإله بوعده.. مجىء الفيضان فى يوم يوافق ١٤ أغسطس فى هذه الأيام، وتظل الاحتفالات بضعة أسابيع من كل عام، كلمة أل معناها النهر، نيل معناها.. الأزرق لأنه جاء من السماء.
لقد قسموا السنة إلى ثلاثة فصول، تبدأ بفصل الفيضان أربعة أشهر، ثم يليه فصل الشتاء أربعة أشهر، وأخيراً فصل الصيف أربعة أشهر، ثم الشهر الصغير خمسة أيام حتى تصبح السنة ٣٦٥ يوما.
كان أجدادنا يسمون فصل الفيضان آخت، أما فصل الشتاء برت، وربما جاءت منها: الدنيا بردت! وأخيراً فصل الصيف: شمو، ومنها شم النسيم
كانت أسطورة إيزيس وأزوريس، أن الفيضان جاء من دموع إيزيس على زوجها وحبيبها أوزوريس، فكانوا يحتفلون بتمثال من الجرانيت الأحمر لإيزيس، وعليه طبقة من الطمى والقمح، رمزا للخصوبة والنماء، ويلقى التمثال فى أحضان حعبى إله النيل، وأحضان أوزوريس.
التقط هذه الاحتفالية الرمزية مؤرخ رومانى كذاب اسمه بلوتارك، وادعى أنه كان فى مصر ملك اسمه: إيجبتوس ألقى ابنته إلى نهر النيل حين غاب الفيضان ثم ألقى بنفسه منتحرا إلى النهر حين لم يأت الفيضان! قصة مكذوبة، فلا ملك يدعى إيجبتوس فى قوائم الملوك المصرية، ولا تعرف مصر الأضاحى البشرية سواء فى العصر الفرعونى أو العصر المسيحى! هذا بالإضافة إلى الاعتراف الإنكارى الذى كان يتلوه، كل مصرى فى محاكمة الروح: لم أكن سببا فى دموع إنسان أو شقاء حيوان، كما لم أعذب نباتا بأن نسيت أن أسقيه ماء!!
فند هذه الأكاذيب مؤرخون أجانب مثل إدوارد جيبون، ألفريد بتلر، أرنيست رينان، جوستاف لوبون، وأثبتوا أن مكتبة الإسكندرية احترقت ٢٧٣م أى قبل دخول العرب مصر بحوالى ٤٠٠ عام، كما أن عروس النيل كانت تمثالا لإيزيس من الجرانيت الأحمر.
قال أوزيريس (هرمس وليس إدريس): إن ثالوث البقاء هو: الإنسان - الأرض - النيل، وثالوث الفناء: هو: الفقر - الجهل - المرض.
ثم أخبرنا أوزيريس أنه للقضاء على ثالوث الفناء فى كلمة واحدة هى: النيل! ففى صحته صحة مصر كلها، وفى مرضه مرض مصر كلها، وقال: للقضاء على الفقر: الماء للشرب - الطمى للزراعة والأكل، كذلك الطوب للإسكان، أما الكتان فهو للكساء.
كان أجدادنا يستنزلون اللعنة على كل من ألقى حجرا أو لوث مياها أو سد جريانا للنهر! رفض ابن الهيثم عالم البصريات المصرى أن يبنى سدا على نهر النيل، وادعى الجنون حتى ينجو من القتل، ولما سألته أخت الخليفة بعد وفاته: لماذا لم تبن سدا على النهر! قال: إنه كارثة على مصر والمصريين، ولو كان فيه فائدة لبناه الذين بنوا الأهرام!!
أجر يا نيل عزيزا فى الوجود
وأرو للأيام تاريخ الجدود
وانهضى يا جنة الدنيا وسودى
وأعيدى مجدك الماضى أعيدى
بأس أحرارك من بأس الحديد
فاثبتى كالطود فى يوم الصراع
أطالب بأن يكون عيد
وفاء النيل.. عيداً قومياً رسمياً.

Thursday, September 4, 2014

Andre Rieu - Poliushko Polie

لو كذبت.. احبكها! زياد العليمي


(1) أعلن الإعلامى محمد الغيطى فى برنامجه «صحى النوم» الذى أذيع الأسبوع الماضى أن القوات المسلحة المصرية قامت بأسر قائد الأسطول السادس الأمريكى، وهددت بالمزيد، كما أكد الإعلامى أن الفريق مهاب مميش كان قائد العملية المذكورة.

وبغض النظر عن أن عملية كهذه لا يمكن أن تمر دون أن يعرف عنها أحد شيئًا إلا أن الغيطى لم يلتفت إلى أن الأسطول السادس الأمريكى يتخذ من قاعدة الإسناد البحرى فى المياة الإقليمية الإيطالية المحاذية لمطار نابولى، مقرًا له! أى أن القيام بعملية فى مواجهة الأسطول السادس تتطلب اختراق المياة الإقليمية الإيطالية، وهو ما يعنى إعلان الحرب على إيطاليا، وبالتالى يظهر تلفيق الرواية! وإن حدثت فالإعلان عن مسؤولية مصر عنها بمثابة إعلان الحرب على دولة أخرى!.

(2) نشر عدد من الصحف المصرية الجزء التالى من كتاب هيلارى كلينتون بعد ترجمته إلى العربية: «كان كل شىء على ما يرام. وفجأة قامت ثورة 30 يونيو، فتغير كل شىء، كنا على اتفاق مع الإخوان على ضم حلايب وشلاتين للسودان وفتح الحدود مع ليبيا من جهة السلوم وإعلان الدولة الإسلامية فى سيناء يوم 5 يوليو 2013 وكنا ننتظر الإعلان رسميا كى نعترف بها نحن ودول الاتحاد الأوروبى، وفجأة تحطم كل شىء أمام أعيننا دون سابق إنذار».

ونسى الصحفيون محررو الخبر أن هيلارى كلينتون لم تكن تشغل منصبًا رسميًا فى يونيو 2013 وبالتالى لم تكن طرفًا فى أى علاقات دولية تجيز لها هذا الحديث، كما أن كتابها «الخيارات الصعبة» يروى مذكراتها خلال فترة توليها وزارة الخارجية منذ 20 يناير 2009 وحتى 1 فبراير 2013 فقط، أى قبل يونيو ٢٠١٣!!.

(3) نشر عدد من الصحف صورة للممثل الأمريكى جورج كلونى وتحتها تعليق بأن الممثل المشهور تم القبض عليه عام 2012 لانتهاكه قانون التظاهر ولم يطالب أحد بالإفراج عنه كما يحدث فى مصر!

وتناسى محررو الخبر أن كلونى تم القبض عليه بعد أن رفض، والمتظاهرين، الابتعاد عن مقر سفارة السودان بواشنطن والتى تظاهروا أمامها، وليس بسبب التظاهر، وحكم عليه بغرامة 100 دولار وليس بالسجن لمدد تصل 15 عامًا كما يحدث فى بلادنا، وبعد الاحتجاز قابل هو ووفد من المتظاهرين الرئيس الأمريكى لمناقشة مطالبهم!

(4) يراد لنا أن نصدق افتراضات مثل أن تنظيم داعش يستهدف مصر وبدأ ينشط فيها! على الرغم من أن الخريطة التى أصدرها التنظيم نفسه لدولته المفترضة ليس فيها مصر! كما أن داعش اختصار لاسم تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام»، فإذا أردت أن تحبك الرواية عليك تغيير اسم التنظيم أولاً!.

كما يراد لنا أن نصدق أن الإخوان هم من قتلوا الأولتراس فى مذبحة بورسعيد، وبعدها علينا أن نصدق أن الأولتراس إخوان، وبحسبة بسيطة يتضح لنا أن الإخوان قتلوا الإخوان فى مذبحة بورسعيد، ورغم جرائم الإخوان العديدة إلا أن هذه الكذبة يصعب أن يصدقها عاقل!.

(5) إذا أردت أن تكذب عليك أن تحاول «حبك» الكذبة، فكذبك يصبح مكشوفًا عندما تعتمد على رجال كاذبون يفتقدون المهارة والذكاء الكافى لإقناع أى عاقل بكذبهم. أما بالنسبة لمن يصدق هذه الأكاذيب رغم سذاجتها وسهولة كشفها باستخدام محركات البحث، ففى الحقيقة العيب ليس فيمن يطلق الشائعات والأكاذيب، محاولا خلق حروب وهمية لحشد مؤيدين، بل العيب فى هؤلاء المؤيدين الذين لا يريدون استخدام منحة إلهية وضعها الله فى أعلى نقطة بأجسادهم لتكريمها، منحة اسمها العقل!.
  

Tuesday, September 2, 2014

التاريخ غير قابل «للمونتاج» بقلم سمير مرقس ٣/ ٩/ ٢٠١٤ (١)

«التقليل»  مما جرى فى مصر خلال السنوات الأخيرة أصبح مهمة مقدسة من قبل البعض، حيث يقومون بها بمنهجية مركبة، تعتمد على أمرين هما: الأول: تقديم حجج تبدو منطقية حول الديمقراطية ومدى مواءمتها لنا. من أمثلة هذه الحجج نذكر منها ما يلى: «أثبتت التجربة أن المصريين مش جاهزين للديمقراطية»، «كيف يمكن أن تمارس الديمقراطية فى مجتمع نصفه من الأميين؟»... أما الأمر الثانى فيقوم على: التشكيك فى حراك ٢٥ يناير وتمرد ٣٠ يونيو، وذلك بضربها فى مقتل من خلال: التشويه، والتشكيك والتفكيك... وعليه نجد مقولات من عينة: «هى ٢٥ يناير جابت لنا إيه غير الفوضى؟»، «عمرك شفت أزمات زى اللى بتحصل الآن قبل ٢٥ يناير؟»، «يعنى عاجبك الشباب اللى يتجرأ على أولى الأمر؟»، ٢٥ يناير مدبرة من قبل عناصر خارجية وممولة؟»، أو بتمييز تاريخ على تاريخ أو خلق خصومة بينهما (الدخول فى لعبة التواريخ والتسلية بالأرقام بحسب الراحل العزيز زعيم حركة الطلبة فى السبعينيات أحمد عبدالله رزة)... إلخ.
(٢)
ويظن هؤلاء أن هذا كفيل بأن يسقط المصريون من ذاكرتهم ما جرى فى أعقاب ٢٥ يناير و٣٠ يونيو على التوالى، وإلى الآن، ووصل اللحظة الآنية بزمن ما قبل ٢٥ يناير... وكأن التاريخ قابل بأن يجرى معه عملية «مونتاج» مثل التى تتم مع المشاهد السينمائية... إلا أن عملية المونتاج التى تتم لمواجهة عدم ترهل إيقاع الفيلم السينمائى، والتخلص مما هو زائد من مشاهد قد تضر بالفيلم فى صورته النهائية، ليست قادرة أن تمارس مع واقع من لحم ودم، ووقائع عايشناها شكلت لحظة تحول حقيقية فى حياة المصريين، فى مواجهة كل من الاستبداد السياسى (حراك ٢٥ يناير) والدينى (تمرد ٣٠ يونيو) على السواء، أردنا أو لم نرد، وخلقت «زخما» وحيوية مجتمعية غير مسبوقة فى تاريخ مصر... حيث انكشف المستور عن كل شىء، وكل الملفات المؤجلة والتى تم تجميد البت فيها على مدى عقود خرجت إلى الشمس وأصبحت موضع نقاش واهتمام وجدل ومحاسبة ومراجعة... كما أصبح من المستحيل إعادة الزمن إلى الوراء بمنطق على طريقة «يلا نرجع زى ما كنا وعفا الله عما سلف»... ومتى كان الزمان يعود إلى الوراء.
(٣)
ليت «المونتيرات»، الذين يجاهدون على قص لحظة حق وطنية: شكلت تجسيدا عمليا للمواطنة الفعل فى حياة المصريين الحديثة والمعاصرة، وصنعت زخما تاريخيا فى مواجهة عقود من السكون والجمود، أقول: ليت «المونتيرات» يراجعون مدى ما وصلت إليه أحوال العباد والبلاد من سوء (راجع مقالنا فى ٢٠٠٩ المعنون «أحوال لا تسر» فى نفس المكان) بسبب سياسات نتج عنها سوء النظام التعليمى والصحى وتراجع الصناعة وتآكل الأرض الزراعية، وتدنى الخدمات وعدم صيانة المرافق والفساد الذى استشرى... إلخ.. ما استدعى أن يقوم المصريون سعيا لإحلال «ماعت» (العدالة) المغيبة قسرا محل الظلم والاستبداد... وأنه مهما تجاوز البعض فى استخدام الحرية فإن هذا لا يبرر اللجوء إلى التقييد أو التعمية على تحولات كبرى جرت فى مصر ومحاولة محوها من ذاكرة الأمة والإصرار على أن ما كان أفضل ما فى الإمكان وهو الذى أوجد فجوة كبيرة بين من يملكون ومن لا يملكون... بل الأجدى هو استثمار الزخم الوطنى فى إعادة بناء وطن يتطلع إلى حياة مقوماتها الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة الاجتماعية... ولن يتم القبول بما هو أدنى من ذلك.

٢٥ يناير ثورة.. ومؤامرة! بقلم المستشار د. جميل برسوم ٢/ ٩/ ٢٠١٤

ثار الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول ما إذا كان ما حدث يوم ٢٥ يناير ثورة أم مؤامرة، خاصة بعد أن أثار دفاع المتهمين فى قضية القرن هذا الموضوع، مؤكداً أنها مؤامرة دبرتها أمريكا مع الإخوان، ودفعت بعميلها وائل غنيم لاستغلال موقعه فى شبكة التواصل الاجتماعى للتحريض على التظاهر يوم ٢٥ يناير، وبالفعل استجابت جموع الشعب وخرجت بالملايين تطالب بإصلاحات سياسية، وعندما استجاب مبارك لبعض هذه المطالب، وبدأت الأمور تهدأ وينسحب المتظاهرون، إذا بالإخوان يعتلون أسطح العمارات المطلة على ميدان التحرير ويطلقون النار على المتظاهرين ويدهسونهم بسيارات السفارات المسروقة ويعذبونهم فيما يعرف بمعركة الجمل، وانتهزوا فرصة انسحاب الشرطة واستقدموا أنصارهم من حماس وحزب الله وقاموا بحرق الأقسام واقتحام السجون وإخراج المسجونين من الإخوان والجماعات المتطرفة واللصوص، وسيطروا على البلاد تنفيذاً لمخططهم مع أمريكا.
هذا هو ما أثاره دفاع المتهمين فى قضية القرن، مما جعل البعض يتشكك فيما إذا كانت ٢٥ يناير ثورة أم مؤامرة؟ وللإجابة على هذا التساؤل يمكننا القول إنه سواء كانت دعوة وائل غنيم للتظاهر تمت بدافع وطنى أو نتيجة مؤامرة، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نشك لحظة فى أن خروج الملايين من جميع أطياف الشعب فى مظاهرات سلمية ملأت جميع الميادين والشوارع فى جميع أنحاء البلاد بصورة لم يسبق لها مثيل فى العالم كله، كان ثورة وطنية شعبية بكل المقاييس، فالذى حدث هو أن الشباب كان فى حالة غليان نتيجة عدم رضائه عن الأوضاع السياسية فى البلاد، فوجد فى دعوة وائل غنيم، أياً كان الغرض من ورائها، الشرارة التى كانت ينتظرها لتندلع ثورته، فاستجاب لها فى الحال، وانضم إليه جميع فئات الشعب الأخرى من رجال ونساء وشيوخ وأطفال ومسلمين وأقباط فى صورة أذهلت العالم أجمع، حتى إن بعض رؤساء الدول الكبرى صرحوا بأن الشعب المصرى أعطى الشعوب الأخرى درساً لعلها تتعلم منه وتقتدى به.
أليست هذه ثورة وطنية بمعنى الكلمة؟ أما ما اعتقده البعض أنها مؤامرة، فكان بسبب ما حدث بعد قيامها بأيام قليلة من أحداث مؤسفة اتسمت بالعنف وإراقة الدماء وإحراق وتدمير المنشآت العامة واقتحام السجون... إلخ، فإن هذا لا ينفى عنها أنها ثورة شعبية مائة فى المائة، فقط استغل الإخوان وأنصارهم غياب الشرطة وغياب زعماء للثورة وغياب التنظيم فيها، وعاثوا فى الأرض فساداً، وخراباً، ليخلو الجو لهم، وسيطروا على البلاد وتمكنوا من الوصول إلى الحكم بمساعدات مادية ومعنوية هائلة من أمريكا وتركيا وقطر والتنظيم الدولى للإخوان، وكان المجلس العسكرى الحاكم وقتها وقف موقفاً سلبياً إزاء ما قاموا به من قتل للثوار وتخريب لمؤسسات الدولة، ثم استجاب لهم بإسناد التعديلات الدستورية لإخوانيين هما طارق البشرى وصبحى صالح، مما فتح الطريق لهم للوصول للحكم.
خلاصة القول إن ٢٥ يناير هى ثورة وطنية خالصة، حدثت لها انتكاسة أو مؤامرة من قوى داخلية وخارجية، إلا أن الشعب الذى قام بثورة ٢٥ يناير لم يتردد لحظة فى أن يقوم بثورة ثانية أو موجة ثانية من ثورته الأولى، مما يؤكد أنه لولا ثورته فى ٢٥ يناير ما قامت ثورة ٣٠ يونيو، وأنه على استعداد للقيام بثورة ثالثة ورابعة إذا اقتضى الأمر فليتعظ المتآمرون.

الدعوة إلى تغيير الدستور بقلم د محمد أبوالغار ٢/ ٩/ ٢٠١٤

نشر عدد من الكتاب مقترحاً بتعديل بعض مواد الدستور، ومنطقهم هو أن الدستور الحالى يقسم السلطة بين الرئيس والبرلمان، وأصحاب هذا الرأى يعتقدون أن إعطاء صلاحيات كبيرة للرئيس أفضل فى مصر.
الحقيقة أن هناك اختلافا فى الفكر السياسى بين أفضلية النظام الرئاسى والنظام البرلمانى ولكل منهما مزايا معروفة، ففى النظام الرئاسى يقوم الرئيس ومستشاروه باتخاذ كل القرارات ومجلس الوزراء ينفذ أوامر الرئيس ويتابعها، ويكون للبرلمان دور تشريعى ورقابى. وفى النظام البرلمانى يكون رئيس الجمهورية منصبا شرفيا والحاكم هو رئيس الوزراء بتكليف من الأغلبية البرلمانية، وهو ما يعنى ديمقراطية أكثر للشعب وممثليه.
النظام الرئاسى هو النظام المطبق فى الولايات المتحدة ولكن الكونجرس له صلاحيات واسعة تقيد الرئيس فى جميع الأمور الاقتصادية، وله حقوق كبرى فى مراقبة الرئيس ومحاكمته كذلك. والنظام الرئاسى هو النظام السائد فى كل دول العالم الثالث لأنه يسهل لها تحويله إلى نظام ديكتاتورى بدرجات متفاوتة، وفيه سلطات مطلقة أو شبه مطلقة للرئيس، وحديثاً غير أردوغان النظام فى تركيا إلى رئاسى لتحجيم الديمقراطية. أما النظام البرلمانى فهو النظام الموجود فى أغلب دول أوروبا الملكية والجمهورية، وهى دول تتمتع كلها بمستوى عال من الديمقراطية والحرية والحفاظ على حقوق الإنسان. وعيب النظام البرلمانى هو ضرورة وجود أحزاب سياسية راسخة على الأرض لتفعيل هذا البرلمان، وإجراء تداول السلطة، وهو أمر لم يرغب فيه حكام مصر أبداً. نظام الحكم فى الدستور المصرى الذى وافق عليه حديثاً ٩٧% من الشعب هو نظام يجمع بين مميزات النظامين وفيه تشابه مع النظام الفرنسى ويتفادى العيوب الأساسية فى النظام الرئاسى فى دول العالم الثالث، وهى أنه يهيئ المناخ لتفعيل الديكتاتورية وعدم احترام الدستور واستمرار الرئيس طول فترة حياته، ونحن قد رأينا عبد الناصر رئيساً له كاريزما كبيرة وحقق إنجازات عظيمة ولكنه ترك الحكم بالوفاة مخلفاً كارثة ٦٧، والسادات كان داهية وادعى أنه ديمقراطى وأسس المنابر والأحزاب، ولكنه منعها من الحركة وترك الرئاسة باغتياله، ثم جاء مبارك الديكتاتور الذى أضاع مصر بعد ثلاثين عاماً من الحكم وتركه بثورة شعبية.
الدستور الجديد يعطى الرئيس صلاحيات كثيرة، ومنها السياسة الخارجية والدفاع والأمن القومى ويشارك رئيس الوزراء ومجلس النواب فى وضع السياسات الداخلية، ولكنه يمنعه أن يكون ديكتاتوراً لأنه لا يسمح له بحل البرلمان بسهولة ولا بإصدار قوانين بدون رأى الشعب، ويسمح بمحاكمة الرئيس إذا تعدى على الدستور ولا يمد له أكثر من دورتين.
أعرف أن البعض عنده منطق أحترمه لتطبيق النظام الرئاسى، ولكن البعض تعود على الديكتاتورية وعمل معها، وهم لا يريدون الحرية ولا الديمقراطية ويخافون منهما.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.