Translate

Thursday, November 30, 2017

إيترو-عا... حعبى فاطمة ناعوت ٣٠/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم


كان غضبُ المصريين عظيمًا، حينما قيلت كلمةٌ غيرُ مسؤولة عن هذا الإله العظيم، صانع الفرح، الذى لولاه ما كانت لمصرَ حياةٌ، ولا مجدٌ، ولا تاريخٌ، ولا كان لنا سلفٌ صالح. لهذا اختار جمهورُ صالونى الشهرى، الاثنين الماضى بمكتبة مصر الجديدة، أن تكون فقرة «مصريات»، عن «إيترو-عا»، الذى عشقَه أجدادُنا، ورهبوه، خافوا عليه، وخافوا منه، تودّدوا إليه، ودلّلوه، ووضعوا شروطًا صعبة للتعامل معه بحذرٍ، ورهنوا دخولَ الجنّة برضائه عنهم.
كلمةٌ تعسةٌ قالتها مطربةٌ شهيرة فى لحظة غياب، أقامت الدنيا وأشعلت غضبَ الذود عن شرف الأرض الطيبة التى لولاها ما سطر التاريخُ أول سطوره. ذلك الغضبُ العارمُ أنبأنى أن «چين» السلف الصالح الرفيع يسرى فى دمائنا حتى فى لحظة الرِّدّة الثقافية التى نمرُّ بها اليومَ.
اسمه «إيترو-عا»، وتعنى باللغة المصرية: «النهر العظيم»، ومنها جاءت كلمة التُّرعة. هو ذاك النهر الوسيمُ الذى بفضله نشأت حضارتُنا الماجدة لتُحيّر علماء الدنيا فى الفلك والفيزياء والكيمياء والطب والهندسة والمعمار والرقص والموسيقى والتشكيل والنحت والدراما والأزياء والآداب والسياسة والدين. لابد من استرضائه حتى يفى بعهده ويأتى فى منسوبه المضبوط فى عيد «الوفاء»، فترتوى الأرضُ وتُشرقُ الزهورُ وتخضرُّ الأشجارُ وتُثمرُ الثمارُ، ويشربُ الطيرُ فيصدحُ، ويرتوى الإنسانُ فيحيا ويُبدع. فإن حَزن النهرُ وجفَّ ماؤه، انكسر الغصنُ وجاع الإنسانُ والحيوان وعَمَّ الخرابُ. وإن غضبَ وفاض ماؤه، أغرق الأرضَ والدورَ وعمَّ الخراب. لهذا حرص الجدُّ على عدم إحزان النهر أو إغضابه، ووضع شرطًا صعبًا لبعث الموتى فى الحياة الأخرى ودخول الفردوس. لا يدخلُ الجنةَ قاتلٌ ولا كاذبٌ ولا سارقٌ ولا ظالمٌ. ولا يدخل الجنّةَ من لم يكن عينا للأعمى وساقًا للكسيح ويدًا للمشلول وأبًا لليتيم وعونًا للمظلوم. ولا يدخلُ الجنّةَ من تسبّب فى دموع إنسان أو حيوان. وكذلك.. لا يدخلُها من لوّثَ مياهَ النهر العظيم.
لهذا ابتكر الجدُّ المصرى العظيم لهذا النهر «إلهًا» يلجأون إليه ضارعين إن حزنَ النهرُ ذو المزاج المتقلّب، أو غضبَ. أطلقوا على ذاك الإله اسم «حعبى»، وتعنى باللغة المصرية «صانع السعادة».
فالنهر هو صانع الفرح. حرف العين مُخفَّفٌ، فتُنطق «حابى» ومنها كلمة Happy بالإنجليزية. هذا الإله موجود فى جيبك الآن على ورقة الخمسة جنيهات. منحوه شكلاً أسطوريًّا يجمع بين سمات الرجولة والأنوثة فى آن. فهو أعظمُ من أن يكون رجلا أو امرأة. ساقان وذراعان قويّتان كما لفارسٍ، ونهدان وبطن كما لامرأة ولود تحملُ الخيرَ فى نهديها والخِصبَ فى خصرِها.
حصد «حعبى» مزايا الذكورة والأنوثة ليقف على ربوة الكمال، المستحيل. فوق هامته زهرتان: اللوتس، شعار مصر العليا «الصعيد»، والبردى، شعار مصر السفلى «الشمال». وبين الزهرتين سُنبلة قمح، رمز الزمن. والمعنى أن النهر العظيم هو الشريانُ الأبدى الذى يربطُ شمالَ مصرَ بجنوبها على مر الزمان. يحمل حعبى فوق يديه صينيةً عامرة بالثمار والطير. أليس هو واهبَ الثمر ورازقَ الطير؟ وأحيانًا يُصوَّر حعبى على هيئة شابين ممشوقين يجدلان معًا زهرتى لوتس وبردى بميثاق غليظ.
آمنَ الجدُّ القديم أن حُزنَ النهر وجفافه بسبب شرور البشر. فكانوا يسترضونه بالغناء والتراتيل: «حعبى/ أبا الآلهة/ أيها الآتى بالحصاد لتُطعم مصرَ كلَّها/ يا واهبَ الحياة لكل إنسان ومُلقىَ الخير عند أطراف أصابعه/ مجيئُك إلينا يجلب البهجة والفرح/ أيها الفريدُ الذى لا أحدَ يعرفُ جوهرَك إلا أنت».
وآمن الجدُّ أن غضبَ النهر وفيضانَه تذكارٌ لدموع إيزيس، التى انهمرت حزنًا على حبيبها أوزوريس حين قتله شقيقه الشرير «سِت»، أو «ساتان»، ومنه جاءت Satan بالإنجليزية وتعنى «الشيطان إبليس». فكانوا يهدئون من غضبه بإلقاء عروس جميلة منحوتة من الجرانيت الأحمر، على شكل الربّة إيزيس، وكأن العروس تُزفُّ إلى عريسها. حتى إذا ما صفح النهرُ عن البشر، جاء فى منسوبه المضبوط، فخرج الأجدادُ يغنّون، ويرقصون احتفالا بعام قادمٍ من الرغد الوفير فى عيد سمّوْه «وفاء النيل».
ومن أين أتت كلمة «النيل»؟ لهذا مقال قادم.

خالد منتصر - ضربتموهم فى درنة الخارجية وماذا عن درنة الداخلية؟! - جريدة الوطن - 30/11/2017

وصلتنى هذه الرسالة الحزينة المتألمة الغاضبة من الإسكندرية بقلم د.كميل صديق ساويرس، يقول فيها:
خرج علينا صاحبنا منذ عدة أسابيع يصم العقيدة المسيحية بالفساد.. وبعدها عندما وجد صاحبه الآخر أن الباب ما زال مفتوحاً على مصراعيه ومتاحاً لكل عابر سبيل لم يتردد فى وصف المسيحيين بأنهم كفار.. وللأخوين أقول (وليسمح القارئ الفاضل أن أدعوهما إخوتى لأن عقيدتى الفاسدة تلك والتى قادتنى للكفر علمتنى وتحتم علىّ أن أدعوهما إخوتى).
ولصاحبنا هذا صاحب مقولة العقيدة الفاسدة أزيدك ببعض ما تدعوننى إليه العقيدة الفاسدة حتى تستعين بها لو أردت:
• طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون.
• طوبى للرحماء لأنهم يرحمون.
• أحبوا أعداءكم.. باركوا لاعنيكم.. أحسنوا إلى مبغضيكم.. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم.
• كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم.
• ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه.
• إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه.
• لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير.
• هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضاً.
• ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع نفسه لأجل أحبائه.
أرأيت يا أخى سالم بعضاً من نماذج الفساد التى نتحدث عنها.
وتبقى عدة ملاحظات..
أولاً: يبدو أننا قد فهمنا صاحبنا هذا صاحب العقيدة الفاسدة خطأ.. ومن حقه أن نعتذر له لأنه يبدو أنه وجد أن الدولة تحارب الفساد والآن فأراد كمواطن صالح أن يسهم بذلك ولا ننسى فى هذه الحالة أن نتوجه إليه بالشكر أنه اكتفى بذلك ولم يقم بإبلاغ الرقابة الإدارية!!
ثانياً: ولصاحبنا الآخر حسب معلوماتى المتواضعة، إن تهمة الكفر هى التهمة الوحيدة التى من حقه أن يحرك الدعوى الجنائية فى صحيفة الاتهام هو نائب عام واحد ووحيد لا شريك له وهو الخالق العظيم.. وتاريخ إقامة الدعوى وتحديد الجلسة هو يوم نقف فيه بين يديه سبحانه، بل والأكثر من ذلك، إضافة لمعلوماتك، هى التهمة الوحيدة التى يكون محرك الدعوى فيها هو الحكم بكل درجات التقاضى.. وبالمناسبة وفى هذه الحالة ما حدث منك يضعك تحت طائلة القانون الوضعى بتهمة انتحال صفة الغير!!
ثالثاً: خرج أحدهم ليقول لنا فى أعقاب مقتل الكاهن القبطى إن قاتل المسيحى لا يتساوى بقاتل المسلم فى العقاب وهنا أحيله إلى (من قتل نفساً بغير نفس...) قال «نفس» ولم يحدد إن كان بوذياً أو يهودياً أو مسيحياً أو حتى ملحداً.
رابعاً: بعد حادثة الأنبا صموئيل خرجت قواتنا وضربت هؤلاء فى درنة الليبية.. والسؤال الآن: وماذا عن درنة الداخلية التى تمرح فى شوارع وأزقة مصر وعلى منابر ووسائل الإعلام، مقروءة ومرئية ومسموعة، والتى تسىء إلى المسيحية كعقيدة؟!

Tuesday, November 28, 2017

د. عماد جاد - آفة التكفير وجرائم المكفراتية - جريدة الوطن - 29/11/2017

قرابة أربعة مليارات إنسان على وجه الأرض لا يتبعون الديانات الإبراهيمية من يهودية ومسيحية وإسلام، يتبعون ديانات محلية أو أرضية كما نسميها، وكما قلنا سابقاً إن الحروب الكبرى فى العالم والأكثر عنفاً ودموية تلك التى دارت داخل الديانات الإبراهيمية وفيما بينها، ومن ثم فإن الغالبية الساحقة من الضحايا الذين سقطوا منذ ظهور الديانات الإبراهيمية سقطوا بفعل النزاعات والصراعات المذهبية داخل هذه الديانات ثم الصراعات فى ما بينها، وأخيراً دار التاريخ دورته الثانية وبات الصراع داخل هذه الديانات. خُذ بداية على سبيل المثال عدم اعتراف أىٍّ من هذه الديانات ببعضها البعض، فالمسيحية والإسلام تعترفان باليهودية، لكن كلاً منهما يقبل بتجاوزها، والمسيحية بحكم جوهر الإيمان بنزول الإله المخلص لا تعترف بالإسلام على أساس أنه لا رسل ولا أنبياء بعد نزول المخلص، والإسلام يتعرف باليهودية، لكنه يؤكد تجاوزها باعتباره الخاتم، ويعترف بالمسيحية وفق رؤيته طبيعة المسيح باعتباره نبياً من الأنبياء بالمخالفة لجوهر الإيمان المسيحى، ويقول أيضاً بتجاوز المسيحية لأنه الدين الخاتم.
وداخل كل ديانة من هذه الديانات الثلاث اندلع الصراع، وظهر التكفير ونشبت الحروب، فداخل اليهودية هناك أتباع لأسفار موسى فى التوراة، وهناك من يتبع أسفاراً أخرى، هناك صراع بين اليهود الأرثوذكس أو الحريديم أو المتشدّدين واليهود المعتدلين، هناك صراع بين اليهود الغربيين -الأشكيناز- ويهود الشرق -السفارديم- ويكفر يهود الغرب يهود الشرق، ويحرّمون الزواج منهم أو نقل دم اليهودى الغربى -الطاهر- إلى اليهودى الشرقى -الزنديق- ولا يزال الصراع قائماً حتى اليوم فى إسرائيل، وهناك جماعة يهودية لا تعترف بدولة إسرائيل -وهى جماعة ناطورى كارتا أو حراس المدينة- الذين يعتبرون إسرائيل دولة باطلة، لأنها نشأت بموجب إرادة بشرية دون مشيئة إلهية، فإسرائيل سوف تُنشأ على يد المسيح المخلص الذى لم يأتِ بعد.
داخل المسيحية الصراع كان أكثر حدة ودموية على اعتبار أن المسيحية توسّعت وانتشرت بفعل أنها ديانة تبشيرية بعكس اليهودية التى هى ديانة مغلقة لا تقبل غير اليهود، لذلك لا يتجاوز عدد اليهود فى العالم أربعة عشر مليوناً فقط لا غير، أما المسيحية فقد اقتربت من المليارين، فى القرن الرابع ظهر الخلاف حول طبيعة السيد المسيح وانقسمت المسيحية إلى طائفتين، كاثوليكية وأرثوذكسية، واندلع بينهما صراع دموى، ثم انقسمت الكاثوليكية وخرجت منها البروتستانتية قبل خمسة قرون، واندلعت بينهما الحروب الطاحنة. ولم يختلف الأمر كثيراً داخل الإسلام فقد اندلعت الحروب والمعارك وانقسم المسلمون إلى سنة وشيعة وطوائف أخرى صغيرة، دارت بينهم الحروب الطاحنة، التى نشهد اليوم فصولاً منها فى العراق، وسوريا، واليمن، والبحرين، وبين السعودية وإيران وداخل باكستان وأفغانستان.
داخل هذه الأديان وجد من يدّعى أنه ممثل الله على الأرض، ظهرت نظرية الحق الإلهى فى الحكم، ونظرية خليفة الله على الأرض، وجمع الحاكم بين السلطتين الدينية والدنيوية، وأصدر أحكامه على البشر بالهرطقة والزندقة والكفر، فكان الموت هو العقوبة، وتفنّنوا فى طرق الموت ما بين قطع الرقبة والحرق حياً، وفى الوقت نفسه تربّحوا من هذه العقوبة عبر منح صكوك الغفران وبيع أجزاء من الجنة. فى مراحل تالية جرى اقتسام الغنائم بين رجال السياسة ورجال الدين، فرجل الدين أو العالم يُفتى بكل ما يريد الحاكم، يُخدّر له الشعب ويحوّله إلى عجينة طيّعة فى يد الحاكم لقاء ممارسة السلطة والنفوذ والحصول على ذهب الحاكم، والحاكم يمنحه الذهب والسيطرة الروحية على الشعب.
الدول التى تقدّمت وسارت على طريق التحضّر فصلت الدين عن الدولة، وأبعدت رجال الدين عن السياسة، وقالت إن الشعب هو مصدر السيادة ونفوذ رجل الدين روحى فقط على الأتباع، وعلى نحو فردى داخل دور العبادة، ومن ثم انتهى الدور التكفيرى واختفى المكفراتية، هذا بعكس الحال فى دولنا التى لم تفصل بين الدين والسياسة، بل تخلط بينهما عن عمد، وهناك من يؤمن بالدولة الدينية والمهام الدينية للدولة، ومن ثم يظل التكفير قائماً، ويتكاثر المكفراتية الذين يقدّمون المبرّر الشرعى للجماعات الإرهابية بممارسة أعمال القتل، بل وارتكاب المجازر الجماعية، ما نشهده اليوم زحف المكفراتية خارج أرضية الدين إلى مقاومة العلوم والفنون والإبداع، وطال تكفيرهم العاملين بهذه المجالات والمبدعين والفنانين، هذا ناهيك عن المهمة اليومية وهى تكفير المغاير الدينى والطائفى، كما يحدث فى بلادنا اليوم، التسامح مع تكفير المغاير الدينى والطائفى هو المقدمة المنطقية لظهور جماعات تكفر المجتمع ككل وتمارس القتل على المشاع، فالجميع فى نظرهم كافر، وقتله نوع من الجهاد.

خالد منتصر - يا شيخ شومان العريش أقرب من ميانمار - جريدة الوطن - 29/11/2017

ما يحدث للروهينجا فى ميانمار مأساة بكل معنى الكلمة، لكن المأساة الأكبر أن أتفاعل مع الإنسان الروهينجى، انطلاقاً من كونه مسلماً فقط، يعنى لو كان بوذياً أو مسيحياً فهو يستحق ما يحدث له، لأنه ليس من دينى أو مذهبى أو عقيدتى!!!، وهذه عنصرية وطائفية مقيتة تجعل ما أفعله من خير يُقاس فقط بالمسطرة الدينية الضيقة، وسؤالى البسيط المتواضع للشيخ عباس شومان الموجود فى ميانمار أو بنجلاديش يوزّع كراتين الخير على الأهل هناك، هل تحمّست وذهبت لإنقاذ الروهينجى لأنه مسلم أم لأنه إنسان؟!، وإذا كان الأمر كذلك بدافع وتحت مظلة الإنسانية الرحبة، فلماذا لم نجد الحماس نفسه يدفعك لزيارة اليمن وإغاثة أهله المعذّبين وأطفاله الأيتام حتى بدافع الاطمئنان على أهل الضحايا الذين ذبحتهم وجففتهم الكوليرا، التى انتهت من الدنيا، واستقرت هناك فى اليمن السعيد؟!، إنهم سواء كانوا حوثيين أو غير حوثيين، تدعمهم إيران أو غير إيران، كانوا يحتاجون كراتينك الغذائية والدوائية أيضاً؟!، لماذا لم تقم بإغاثة المهجّرين قسرياً من العريش لمجرد أنهم مسيحيون؟!، هل لأن الاغاثة لا تتم إلا للمسلم فقط؟، وإذا كانت للمسلم فقط، فهل ذهبت وربتّ على كتف عائلة الشيخ حسن شحاتة الذى تم سحله وقتله بدم بارد فقط لأنه شيعى؟، هل الإغاثة للمسلم السنى فقط؟!، أخاف أن نضيّق الدائرة لتصبح المسلم السنى الأشعرى فقط!!!، الإنسانية لا تعرف الحوثى ولا الشيعى ولا البوذى، لا تعرف إلا الإنسان، وإذا كان ردك لماذا لم توجه الاتهام نفسه إلى بابا الفاتيكان الذى حضر هو أيضاً لإغاثة الروهينجا؟، للأسف الرد ليس فى صالحك، لأنه يؤكد النقطة نفسها التى طرحتها، فهذا البابا قد جاء بالدافع الإنسانى لا الدينى، وبنظرة على بعثات الإغاثة الدولية ستجد فرقها تضم كل الديانات فى البوتقة الإنسانية، فمنها الهندوسى والبوذى والمسلم والمسيحى، فهل ستتحرك فضيلتك لإنقاذ مسيحيى نيجيريا مثلاً ممن تذبحهم «بوكو حرام» وتقطع رقابهم، «بوكو حرام» التى بالمناسبة مؤسسها شيكاو كان من تلاميذكم فى الأزهر وخريج كلية شريعة وقانون؟!، هل طرف لفضيلتكم جفن ومساجد الشيعة يتم تفجيرها فى العراق؟!، هل ذهبت بعثة من عندكم بواحد على ألف من تلك الكراتين لأسر ضحايا مسجد الروضة من متصوفين وغير متصوفين؟!، أنا لا أناقش تصرّفاً أو سلوكاً من الممكن طبعاً أن يكون خيراً فى ظاهره، لكننى أناقش الفكر الذى وراء هذا التصرّف، المنهج الذى يحكم هذا السلوك، منطق العصبية الدينية المذهبية الطائفية الذى يسكن أمخاخ ووجدان من يغيث، فالإغاثة على الدواقة، وبالتصنيف الدينى ليس إغاثة وإنما فرز على أساس الهوية، وإذا كنت تبحث عن حل يا شيخ شومان لأهل الروهينجا، فلا بد أن تسأل إذا كان الأمر كراهية بورمية للإسلام، فلماذا يعيش المسلمون الآخرون فى أمان مع جيرانهم البوذيين؟!، من حقك يا شيخ شومان أن تنتفض للروهينجا وتسافر إليها مئات الآلاف من الأميال، لكن من حقنا أيضاً أن نهمس فى أذنك «بئر العبد أقرب يا فضيلة الشيخ» و«اللى يعوزه البيت المصرى، يحرم ع الجامع البورمى».

هذا الإرهاب قد فاق الحدود بقلم د. محمد أبوالغار ٢٨/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

الإرهاب اللعين أصبح ظاهرة عالمية، ولكنه فى الشرق الأوسط أصبح مرضاً متوطناً، وما كنا نسمع عنه أن انفجاراً فى العراق أو سوريا قد قتل مئات الضحايا أصبح أمراً يحدث فى مصر. هذا العنف الشديد غير المسبوق بدأ قبل أسابيع من ثورة ٢٥ يناير بأحداث كنيسة القديسين فى الإسكندرية، وانتقل من كنيسة لأخرى، حتى حدث تفجير فى البطرسية ثم طنطا. كان الإرهاب داخل الوادى موجهاً أساساً للمسيحيين يستهدفهم، وكان الهدف الثانى هم ممثلى الدولة الرسمية من القضاء والشرطة والجيش، لأن الإرهاب اعتبرهم أعداءه، فقتل النائب العام وأعداداً من الضباط والجنود. كان الاتهام أساساً موجهاً للإخوان المسلمين، ثم تحول ناحية جماعات إرهابية لها جذور مصرية، ثم أصبح الاتهام يوجه إلى جماعات إسلامية خارج مصر تنتمى إلى داعش أو ما يماثلها.
قام النظام المصرى بحملات ضخمة لاستئصال هذه الجماعات المسلحة، وأجريت محاكمات سريعة، وصدرت أحكام قضائية كثيرة، وقامت الصحافة ووسائل الإعلام بشن حملة ضخمة على الإرهاب، ولكن كل ذلك حدَّ من الإرهاب فى الوادى ولم يقضِ عليه، وأصبح ما يفعله النظام فى الوادى لمكافحة الإرهاب غير كافٍ، ولابد من أفكار جديدة مصحوبة بزيادة كفاءة وتدريب كل الأجهزة التى تحارب الإرهاب، ومازال هناك شىءٌ ما لم نستطع أن نتوصل إليه لوقف الإرهاب داخل الوادى.
أما الإرهاب فى سيناء من ناحية وظهوره فى الصحراء الغربية أيضاً فهو أمر خطير، لأنه يتعلق بأمن مصر وحدودها التاريخية وقدرتها على المحافظة على خريطة مصر التى توارثناها منذ آلاف السنوات، وهو موضوع أصبح ذا حساسية فائقة بعد فقدان تيران وصنافير.
ما حدث فى سيناء وفى هذه القرية الصغيرة التى يساند أهلها الجيش والشرطة فى حربها ضد الإرهاب كارثة كبرى من جهة حجم الخسائر الرهيب، والطريقة التى تم بها الحادث تنم عن وحشية غير مسبوقة فى ضرب مدنيين مسالمين بمدافع مضادة للدبابات وبالرشاشات والقنابل. والهجوم على الضحايا أثناء صلاة الجمعة حدث على مسلمين، والمهاجمون مسلمون.. هل هى أحداث مشابهة لما يحدث فى العراق بين السنة والشيعة وكلاهما مسلمون، وهل وصل الأمر فى مصر إلى أن الصوفية أصبحوا مستهدفين من جناح السلفية الجهادية، مثلهم مثل المسيحيين، أم أن الأمر ليس له علاقة بالدين وأن الاعتداء على القبيلة التى استهدفها الجناة كان لأسباب سياسية، أم أن السبب الأساسى هو إضعاف مصر، أم هو بدء جديد لنشاط داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية التى فقدت موقعها فى سوريا؟
الأمر خطير وعلينا الحذر، استخدام القوة أمر ضرورى ولكنه لن يحل المشكلة وحده. شىء ما حدث فى علاقة الأجهزة المصرية ببعض القبائل فى سيناء، وقد لخصت كتاباً مهماً فى مقالة «المصرى اليوم» منذ شهور عن كيفية كسب هذا النوع من الحروب، ونجاح الإنجليز وفشل الأمريكان فى ذلك، وأَخْذ خبرات الآخرين أصبح ضرورة.
كيف تدخل كل هذه المعدات الحربية لهذه القرية دون علم ومعرفة السلطة المصرية ولا الأقمار الصناعية الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية، وكلهم الآن حلفاء لنا؟.. أبناء الصحراء يعرفون كل تحرك قريب منهم، فكيف لم يبلغ أحد من أبناء القرية السلطات المصرية؟ هناك غموض وهناك تراخٍ فى المساعدة من الذين يُفترض أنهم حلفاء من الخارج والداخل.
هناك فشل واضح فى السياسة الإعلامية، فهناك تشجيع فى وسائل الإعلام لغلاة المتشددين وتمرير قوانين مثل ازدراء الأديان، قد أديا إلى ترك الفرصة للمتشددين فى سيطرتهم على عقول المصريين، والحديث عن قانون جديد لمنع مناقشة بعض الرموز التاريخية المصرية سوف يؤدى فى النهاية إلى خلق مجموعة من المحرمات، تؤدى إلى قفل باب التطور تماماً.
الواضح أنه تلزمنا سياسة مختلفة لعلاج الإرهاب، قوامها:
١- استخدام القوة العسكرية ضرورى، ولكن يجب أن تصحبه قوة مخابراتية أكثر قوة ومهارة.
٢- الضغط على من يدَّعون أنهم حلفاء وعندهم الوسائل والتقنيات الحديثة لكشف الإرهابيين ولا يساعدوننا بالقدر الكافى.
٣- يجب أن نكون أكثر مهارة فى إغلاق وصول الإرهابيين والأسلحة إلى سيناء. مساعدة القوى الأوروبية وغيرها ضرورى فى هذا الأمر.
٤- الحلول العسكرية فقط واضح أنها لم ولن تنجح. لابد من وضع خطط مدنية أخرى لجذب المواطن السيناوى بعيداً عن مساعدة الإرهابيين.
٥- التنمية المستدامة طويلة الأمد يجب أن تبدأ الآن حتى لا نفقد سيناء إلى الأبد.
٦- يجب أن تغير الدولة سياستها الإعلامية، نحن دولة مدنية فى دستورها وفى كل تقدم حدث لها فى العصر الحديث. الدولة المدنية ليست معادية للدين الإسلامى أو المسيحى، هى تترك الحرية الدينية للمواطن. أما تشجيع تدخل الدين فى الحياة اليومية وفى السياسة فهو تشجيع فى اتجاه الدولة الدينية التى أحد مظاهرها الواضحة هو الإرهاب ضد من يخالفك الرأى.
السياسة الإعلامية حالياً كارثة، وعلينا أن نفكر فى أحد شعارات ثورة ١٩١٩ «الدين لله والوطن للجميع»، ونعيد التفكير فى فكرة بناء أكبر مسجد وأكبر كنيسة، واللذين لن يضيفا شيئاً للدين ولا للوطن ولن يمنعا التطرف. نريد أفكاراً جديدة حتى نعبر هذه الفترة الكارثية التى نمر بها.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

د. عماد جاد - الإنسانية أرحب من دين وأوسع من طائفة - جريدة الوطن - 28/11/2017

يقترب عدد سكان الكرة الأرضية من سبعة مليارات إنسان أقل من نصفهم يتبعون الديانات الإبراهيمية، من يهودية ومسيحية وإسلام، وأكثر من النصف يتبع ديانات تقليدية، البعض يسميها وضعية مثل البوذية والهندوسية والكونفوشيوسية، ناهيك عن آلاف العقائد والمعتقدات المحلية فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، التى كان يسميها أستاذنا الراحل المتخصص فى الشئون الأفريقية، د. عبدالملك عودة كريم «الديانات المحلية». الملاحظ أن الصراعات الدموية والقتل على الهوية جرى فى أغلبه داخل الديانات الإبراهيمية وفيما بينها، فالصراعات بين الفرق اليهودية متأصلة فى التاريخ، والصراع الدموى بين اليهودية والمسيحية معروف، والحروب الدينية فى قلب أوروبا والعالم الجديد بين الكاثوليك والبروتستانت معروفة، وإحداها دامت سبعة عقود كاملة عرفت بحرب السبعين عاماً وانتهت عام 1643 بمعاهدة صلح وستفاليا، التى وجدت الحل فى الدولة القومية وفصلت الدين عن الدولة والسياسة، كما استخدم الدين من قبل أباطرة أوروبا شعاراً لاحتلال دول أخرى ونهب ثرواتها، ومن بين ذلك حروب الفرنجة على الشرق التى سموها بالحروب الصليبية، أيضاً الصراعات والحروب الدموية فى صدر الإسلام معروفة ومسجلة تاريخياً، وتزخر كتب التاريخ بالصراعات والحروب بين ملوك وأمراء الطوائف، وكيف سعى البعض لاستخدام الدين لأغراض دنيوية، وتعمد الخلط بين الدين والسياسة وتوظيف الأول، المقدس والمطلق فى خدمة الثانى، المتلون والمتغير، الأول الذى يحرص على نبل الغاية وسلامة الوسيلة، الثانى الذى تبرر لديه الغاية فاحشة الوسيلة، فالغاية فى السياسة تبرر الوسيلة مهما كانت. ولا تزال منطقتنا تعانى من صراع فرض الدولة الدينية وإيمان قطاعات من المواطنين وصناع القرار داخل أجهزة حيوية بالخلط بين الدين والسياسة، والتسليم بأن الرابطة الأساسية هى رابطة الدين/ الطائفة لا رابطة الوطن والوطنية.

فى قداس الأحد الماضى وفى ساحة القديس بطرس، الساحة الرئيسية فى الفاتيكان، وأمام مئات الآلاف من المصلين، قدم بابا روما «فرانسيس» نموذجاً فى تجاوز رابطة الدين والطائفة إلى الرابطة الإنسانية، فقد علق الرجل على الجريمة النكراء التى ارتكبها إرهابيون تكفيريون ضد مصلين أبرياء إبان صلاة الجمعة الماضية فى مسجد الروضة بمدينة بئر العبد غرب مدينة العريش وأسفرت عن استشهاد ثلاثمائة وخمسة من المصلين وإصابة مائة وخمسة وثلاثين آخرين، قال الرجل للمصلين الكاثوليك «لقد سبب لنا خبر المجزرة التى وقعت الجمعة الماضى فى مسجد فى شمال سيناء بمصر، ألماً كبيراً، إنى أواصل صلاتى من أجل الضحايا الكثر ومن أجل الجرحى والمجتمع المتألم للغاية بأسره، ليحررنا الله من هذه المآسى وليعضد جهود جميع أولئك الذين يعملون من أجل السلام والوفاق والتعايش، هؤلاء الأشخاص كانوا يصلون فى تلك الساعة، نحن أيضاً فى داخلنا وبصمت فلنصلِّ من أجلهم».

تلك كانت كلمات الحبر الأعظم بابا الفاتيكان، لم يتوقف أمام دين أو طائفة الضحايا، حزن عليهم وصلى من أجلهم كبشر من خلق الله، رسالة الرجل باختصار أننا بشر خلقنا الله جميعاً وترك كل جماعة أو كل واحد يعبده بطريقته الخاصة، لكن الوصية الأولى أن أحبوا بعضكم بعضاً كما أحب الله البشرية جمعاء، يشرق شمسه على الصالح والطالح، وله الحساب فى اليوم الأخير، ورحمته أوسع وأكبر وأعمق من قدرة الإنسان على الاستيعاب. كلمات الرجل تقول «الإنسانية أرحب من دين وأوسع من طائفة وأكبر من عِرق، الإنسانية تشمل كل البشر على مختلف انتماءاتهم وعقائدهم».

خالد منتصر - رسالة من مخرج إلى الرئيس: مصر.. أو الطوفان - جريدة الوطن - 28/11/2017

وصلتنى هذه الرسالة من المخرج الكبير مجدى أحمد على تعليقاً على الأحداث الأخيرة، تقول الرسالة:
هل نحن نعيش حقاً فى دولة ينص دستورها على تجريم التمييز بين مواطنيها على أساس الدين أو اللون أو العِرق أو العقيدة؟، ألا يعتبر مقترف هذه الجريمة مشيعاً للفتنة مهدداً للوحدة الوطنية؟، هل نطبق حقاً أبسط مبادئ الدستور والقانون الذى يعتبر (ازدراء الأديان) -وليس الدين الإسلامى فقط- جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن وعقوبات أشد فى حالة التكرار؟، الإجابة بالقطع لا.. أو على الأقل هناك قدر هائل من (التمييز) فى التعامل مع جرائم التمييز بحيث تهب كل مؤسسات الدولة والمجتمع غضباً على أى شبهة مساس بالدين الإسلامى ولا تحرك ساكناً إذا تعلق الأمر بأى دين سماوى آخر. عشرات البلاغات الموثقة بازدراء الدين المسيحى تقبع فى الأدراج لم يتحرك منها بلاغ واحد، عشرات المتنطعين يملأون برامج التليفزيون والإذاعة يفاخرون بتكفير إخوتنا فى الوطن، فلا يمنعهم أحد أو يتعرضون لعقوبات شكلية خجولة دون أى محاكمات جدية أو عقوبات رادعة، مئات المساجد والزوايا تجهر مكبرات أصواتها بالطعن فى العقيدة بل واستحلال الدماء والأموال للمختلفين فى الأديان أو حتى المختلفين فى الدين نفسه (كالصوفيين أو الشيعة) بل واستحلال قتلهم إذا لم يستجيبوا (للنصيحة) التى تؤمم الدين على طريقتها المريضة، وما زالت الدولة تدلل السلفيين الذين يروجون لهذه الأفكار وتسمح لأحزابهم -الدينية- والمخالفة للدستور بنشر سمومها وسط الناس بل واعتلائهم المنابر فى المساجد ووسائل الإعلام، بالمناسبة فى مداخلة السلفى وليد إسماعيل ببرنامج «القاهرة والناس» وعندما جاء ذكر فيلم (مولانا) استنكر السلفى تضامن الفيلم مع ضحايا حرق الصوفيين، وهو الأمر الذى نفذه الإرهابيون السلفيون بعدها بساعات فى أبشع جريمة عرفتها مصر بقتل ٣٠٠ مسلم بدعوى أنهم صوفيون لم يستجيبوا للنصيحة.
نصرخ منذ سنوات أن قتل الإرهابيين فقط لن يحل المشكلة إن لم يفاقمها، بل هو نوع من العبث إذا لم يدمر (العش أو الوكر أو المفرخة) التى يتوالد فيها هؤلاء ويتكاثرون ويحملون السلاح بعد أن تتعفن أدمغتهم بسرطان الأفكار، العش هو الفكر الذى لا يواجه إلا بفكر مضاد (يتم للأسف اضطهاد أصحابه وحبسهم) وبدولة تولى اهتماماً فائقاً بالثقافة والفن (حتى الآن تنظر الدولة للثقافة كشىء تافه لا ترصد له سوى ما يكفى مرتبات جيوش موظفيه وما يتجاوز الدعاية للنظام تعتبره بلا ضرورة بلا إدراك لقوة مصر الناعمة الممثلة فى التأثير التراكمى الهائل للثقافة والفن، ناهيك عن الصناعة التى تمتلك مصر فيها تفوقاً ملحوظاً وأسواقاً مفتوحة للأفكار والعملة الصعبة. نصرخ منذ سنوات أن تجديد الخطاب الدينى والثقافى لا ينجح إلا بثورة تشمل كل المؤسسات، وعلى رأسها الأزهر الذى ما زال يرى الأزمة مفتعلة وأن مؤامرات الخارج هى المسئولة الوحيدة عن كل ما نعانى، وأن كتب التراث الصفراء هى مقدسات لا تمس وأن جرائم الدواعش والسلفيين والجهاديين هى مجرد أخطاء بسيطة فى المنهج لا تستلزم تكفيراً ولا إخراجاً من الملة، وأن المناهج التى يتخرج بها طلابه سليمة وأن الأمر لا يعدو كونه شائعات وحروباً يراد بها تحطيم الأزهر كمؤسسة (وسطية)، يلغى أمير السعودية جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ونكرسها نحن فى مصر تحت مسميات عجيبة وبقوائم ما أنزل الله بها من سلطان، يعلنون تنقية (البخارى) وكتب التراث من كل ما لا يتفق مع كتاب الله ومع إنجازات الأمة الحضارية ونلقى نحن القائلين بهذا فى أعماق السجون.. هل هذه مصر؟!.. هل نطمح فعلاً لأى تقدم أو تغيير أو إنجاز من أى نوع وفى أى مجال؟ أشك كثيراً ولا أرى أملاً يلوح فى الأفق إلا إذا أفاقت الدولة وأوقفت الكارثة التى ننجرف إليها.. أعتقد جازماً بأن أمراً (سيادياً) هو كفيل بوقف المهزلة على جميع المستويات، وهو أمر ليس مستحيلاً ولا صعباً عندما نرى رد فعل أكثر المؤسسات تشدداً فى المملكة تستجيب بسرعة هائلة وتغير فتاواها المحنطة، بحيث كدنا نصدق أنهم رواد التجديد والتحديث وليس الأمير الغاضب!! أمر سيادى ينهى المهزلة هل ننتظره أم أن علينا أن ننتظر حتى يفيق الجميع ليغيروا بأنفسهم واقعهم ومستقبلهم.

Sunday, November 26, 2017

حارسٌ للمسجد.. حارسٌ للكنيسة.. فتّش عن البغضاء بقلم فاطمة ناعوت ٢٧/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم


قال أحدُ الأطباء الفلاسفة لمريض، عجزَ الطبُّ عن تشخيص مرضه: «الحبُّ علاجُ جميع أمراض البشر»، فسأله المريضُ: «وماذا لو لم ينجحِ الحبُّ فى علاج المرض؟»، أجابه الحكيمُ مبتسمًا: «ضاعِف الجرعة».
لهذا هم مصابون بمرض عَصِىٍّ على كلّ ألوان العلاج الأمنىّ والسياسىّ والأخلاقىّ. لأن رصيدهم من الحب يساوى «صفرًا». غيابُ الحبِّ أصلُ كلّ شرور العالم. عن الإرهابيين الأشرار أتحدث دون شك. الإرهابيون الذين يُفجّرون الكنائس والمساجد ويمتلكون جحودَ القلب الذى يقتل إنسانًا يقول: «اللهُ ربّى»، وهو يرفع يديه للسماء يناجى ربَّه، لا تطرفُ عيونهم وهم يرون أجسادَ الأطفال النحيلة تتهاوى مُضرجةً فى الدم فى صحن كنيسة أو مسجد، قبل أن يدرك أولئك الأطفالُ أن شيئًا شريرًا ينتظرُ حَتفَهم عند بابٍ مقدس، دخلوه ينشدون ذِكرَ اسم الله، ولن يخرجوا منه إلا جثامين فى نعوش. الإرهابيون يكرهون الجميعَ دون استثناءات، وفى الأصل لا يحبّون أنفسَهم، فمَن يكره الناسَ، بالضرورة يكره نفسَه، فالكراهيةُ مرضٌ يجعلُ الإنسانَ يأكل مَن حوله، ثم يتحوّل إلى نفسه يأكلها. البغضاءُ هى غذاء الإرهاب. لهذا، فإن محاربة الإرهاب لا تبدأ إلا بمحاربة غذائهم: البغضاء. والبغضاءُ، بكل أسفٍ، تسكن الكثيرَ مما يُسمى: «كتب التراث». وأنا لا أُسمّى كلَّ ما يخالف قيمَ: الحق والخير والجمال والعقل، من أمور السلف: «تراثًا»، بل هو «موروثٌ». وثمّةُ فارقٌ هائل بين «التراث» وبين «الموروث»، أوضحتُه فى مقالات سابقة، وأوجزه هنا قائلة: إن «الموروث» هو كل ما ورثناه عن السلف، بحُلوه ومُرّه، جادِّه وهزلِه، عادِله وظالِمه، عاقلِه وأحمقِه. وأما «التراث» فهو العاقلُ المتزنُ الرصينُ المنطقىُّ الجادُّ النقىُّ الطيبُ من «الموروث»، فيا تُرى مَن ذا يُمارى فى وجوب تنقية «التراث» من مخلفاتِ «الموروث» الضّالة المُضلّة المُضلّلة؟!، مَن له مصلحة فى العنف والقتل والدمار والويل؟!.
فى مقالات سابقة، أعلنتُ بحزن أننى أتأذّى كلما مررتُ بكنيسة فى بلادى وشاهدت جنديًّا يحرسها. لأن وجوده يُشير لى بإصبع الاتهام!. وجوده يعنى أن بيننا، نحن المسلمين، إرهابيين يكرهون أن يُرفَعَ اسمُ الله فى بيوت الله، مهما اختلفتِ العقائدُ. وكنتُ أشعر بالحزن الممزوج بالغِبطة، ولا أقولُ: الحسد، حين أزورُ دولة الإمارات ولا أجد حارسًا على الكنائس، ولا حتى على المعابد البوذية والهندوسية هناك. غيابُ الحارس عن دور العبادة يعنى أن تلك الدور غيرُ مهددة، يعنى أن ذاك المجتمعَ متحضرٌ، فهل مصرُ يُعوِِزُها التحضّرُ؟!، يا أسفى!.
واليومَ، بعد مذبحة مسجد «الروضة» بقرية «بئر العبد»، شمال سيناء، وسقوط أكثر من ثلاثمائة شهيد من المسلمين الصوفيين، من بينهم أطفال، صار من المحتّم زراعةُ جندى لحراسة المساجد، أيضًا!، نحن إذن نتراجع أخلاقيًّا وحضاريًّا. تبدّد اليومَ رجاؤنا أن يختفى حارسُ الكنيسة، بعدما أُضيف إليه حارسُ المسجد!، رجاؤنا اليوم هو اختفاءُ «البغضاء» من «قلب» مجتمعنا الذى تعلّم الجحود بليلٍ. البغضاءُ هى عدّونا الأول، وهى الحائل بيننا وبين الحياة. علينا أن نعمل على انتزاع جرثومة الكراهية من قلوب النشء الجديد، فالإرهابىُّ المتطرف لا يبغضُ المسيحىّ ولا البهائىّ ولا اليهودى، وفقط، إنما يكره السنىَّ المعتدل، ويكره الشيعىّ، ويكره الصوفىَّ، لأنه ببساطة يكره «الإنسان».
أيها الأزهر الشريف، انصُرِ الإسلامَ وارفعْ هامتَه عاليًا، بأن تُنقّى ثوبَه من دنس الإرهاب. نُصرة الإسلام تبدأ وتنتهى بتنقية «الموروثِ» من كل شائبة عنف ودماء وبغضاء. نُصرة الإسلام هى محو كل ما ألصقه به بعضُ السلف غير الصالح من ممارسات التكفير والقتل، حتى لا نُفرّخ أجيالا جديدة من السفاحين، ينتسبون، بكل أسف، لى ولك، ولكل مسلم فوق الأرض. أربأُ بالأزهر الشريف أن يقفَ فى خانة واحدة مع المتطرفين حين تهدمون الإسلام، معهم يدًا بيدٍ، بدفاعكم المستميت عن موروث دموى بغيض، نحاول نحن أن نمنع العمل به لصالح الإسلام ولصالح الإنسانية.
للمرة الألف أُعلنُها بكل اطمئنان، أن معول وأد الإرهاب فى يد الأزهر الشريف، إن أراد، قبل أن يكون فى يد الملف الأمنى والعسكرى.

د. عماد جاد - أين تقف الدولة؟ - جريدة الوطن - 27/11/2017

على الرغم من المحاولات المستميتة التى بذلتها جماعة الإخوان الإرهابية للتفرقة بين المصريين على أساس دينى أو طائفى، فإن الشعب المصرى الذى يُجمع علماء الأجناس البشرية على أن أكثر من 98% منه من أصل عرقى واحد، قد واجه هذه المحاولات بقوة وتماسك، رفض الانجرار إلى مخطط الجماعة، دافع عن هويته الوطنية ونجح فى استردادها فى الثلاثين من يونيو 2013، وسعت الجماعة الإرهابية والجماعات المؤيدة لها إلى زرع الفتنة بين المصريين حينما استهدفت الكنائس المصرية، لا سيما بعد فضّ اعتصامَى رابعة والنهضة، وقد فطن الأقباط إلى مخطط الجماعة فجاء تصريح البابا تواضروس الثانى ليحسم الأمر فقال كلمته الأشهر وهى «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن». وفى مراحل تالية حاولوا شق صفوف الوطن عبر إطلاق رجالهم من مشايخ الأزهر ورجالهم فى المساجد التى يسيطرون عليها من أجل التهجم على الأقباط وتكفيرهم، فشهدنا تكفير سالم عبدالجليل وعبدالله رشدى للأقباط، تطوعوا بإعلان ذلك دون مناسبة، كما واصل المنتمون للجماعة التهجم على المسيحية وتخوين المسيحيين فى مساجدهم، فى نفس الوقت قامت خلايا الجماعة النائمة فى قلب مؤسسات الدولة المصرية بإثارة عشرات المشاكل مع أقباط، سواء تعلق الأمر باختفاء أو إخفاء فتيات قُصّر أو إعاقة إصلاح وترميم وبناء الكنائس بل وإغلاق القائم وغير المرخص منها. الهدف كان إثارة الفتن بين المسلمين والأقباط ومحاولة زعزعة الاستقرار. وقد تسامح البعض فى التعامل مع دعوات تكفير الأقباط والشيعة وكل المخالف للغالبية المصرية، ولم يدركوا من البداية أن تكفير المخالف الدينى والطائفى سوف يكون مقدمة طبيعية لاتساع نطاق التكفير ليصل إلى قطاع من الغالبية لاعتبارات مختلفة، فتارة يجرى تكفير الطرق الصوفية واستحلال دمها، وتارة أخرى يجرى تكفير رجال الجيش والشرطة، وهناك من قام بتكفير المجتمع ككل، ومن ثم وجب قتله وقتاله.
الشعب المصرى من أصل عرقى واحد، وهو شعب غير دموى وغير عنيف، شعب محب للحياة وعاشق للوسطية والاعتدال، شعب مضياف وحاضن لكل أجنبى وغريب يلجأ إليه، لجأت إليه أقليات من شعوب متنوعة ومختلفة من ألبانيا واليونان والأرمن، ووُجدت على أراضيه تجمعات من مختلف الأديان والأعراق، استقبل الجميع واحتضنهم، واليوم يحتضن ملايين من السودانيين من الشمال والجنوب، من دول أفريقية جنوب الصحراء، من العراق وسوريا ولبنان. شعب من نوعية نادرة، هويته هجين من البحرمتوسطية والفرعونية، القبطية والإسلامية، استمر شعباً متوسطياً متحضراً إلى أن بدأت عملية خلط الدين بالسياسة وتوظيف الدين فى خدمة السياسة وتديين المجال العام، فظهر التشدد وسيطرت الاتجاهات السلفية المنغلقة التى تدفع مصر يوماً بعد آخر إلى المزيد من التشدد والانغلاق، وهى معركة المستقبل بين أعداء الحياة وشعب مقبل عليها يريد أن يحيا باعتدال واتزان، وتلك هى المعركة الكبرى التى يتوقف حسمها على انحياز مؤسسات الدولة، فأين تقف الدولة فى هذه المعركة؟

د. عماد جاد - أعداء الحياة - جريدة الوطن - 26/11/2017

للمرة الأولى فى تاريخ مصر الحديث تستهدف جماعات تكفيرية مسجداً من المساجد المصرية، والاستهداف تم وفق تخطيط شيطانى، حيث جرى دراسة الموقف جيداً، وتم إعداد خطة خداع لاستهداف أكبر عدد ممكن من المصلين، تفجير فى الداخل أثناء الصلاة، فيهرول العدد الأكبر من المصلين إلى الخارج، حيث يوجد عشرات التكفيريين المسلحين بالأسلحة الآلية، ومن ثم يجرى فتح النيران على التجمعات بشكل عشوائى، والهدف قتل أكبر عدد ممكن من المصلين، وهو ما حدث بالفعل فى جريمة يندى لها جبين الإنسانية، سببت صدمة شديدة للمصريين جميعاً، وصدمة للعالم عندما عرف تفاصيل هذه الجريمة النكراء، مواطنون بين يدى الخالق يصلون فرضاً من فروض دينهم، فتأتى جماعة تكفيرية، تكفر الجميع، تكفر المغاير الدينى وتبيح قتله، والمغاير الطائفى، وتستحل قتله وأمواله، ولأننا تساهلنا فى مصر مع عملية التكفير والدعاء على المغاير أن يشتت الله شمله وييتم أولاده ويرمل نساءه، فالنتيجة المنطقية هى التوسع فى التكفير حتى يطول المجتمع كله بمن فيه مسلموه، ويصبح قتلهم أمراً مبرراً. كنا حتى الأمس القريب نسمح للتكفيريين، أمثال عبدالله رشدى وسالم عبدالجليل، بالظهور فى الفضائيات المصرية بمخاطبة المصريين والإعلان صراحة عن كفر الأقباط والشيعة، ثم تكفير من لا يسير وفق تعليماتهم المستمدة من كتابات ابن تيمية، وأبوالأعلى المودودى وسيد قطب، وأفكار التكفيريين الذين يجاهرون بكفر المصريين ككل. تركنا مناهج التعليم متخمة بأفكار تكفيرية ودعوات لمقاطعة المغاير الدينى والطائفى وتجنبه والتعامل معه باعتباره فى مرتبة أدنى من الإنسان، تركنا مواد اللغة العربية تتحول إلى مواد دينية ونختار من يحط من قدر المغاير الدينى والطائفى، نلعنه ونسبّه، فأشعرناه بالاغتراب فى وطنه، ولأسباب سياسية انتهازية، قام الساسة بتديين المجال العام وأغرقوا فى خلط الدين بالسياسة، واحتاج السياسى باستمرار إلى رجل الدين، كى يخدر له الشعب ويجعله كالمطية الخانعة، فرجل الدين وجد فى العلاقة مع الحاكم مصدراً من مصادر السلطة والنفوذ إلى درجة التحصن فى مواجهة الحاكم نفسه، بل إن الحاكم يعجز عادة فى الدول التى تخلط الدين بالسياسة عن فرض رؤيته ووجهة نظره على رجل الدين.
لقد وضعنا بذور التطرف والتشدد فى أرض بلادنا الطيبة، فأثمرت حسكاً وشوكاً وأسقطت ثماراً مُرة فوق رؤوس المغايرين دينياً وطائفياً، وصورت أجهزة ومؤسسات الدولة للعامة أن هذا الأمر مقصور على المغاير دينياً وطائفياً، وهو تصور خاطئ، بل ومخادع، فالتكفير لا حدود له، والمقدس يمكن أن ينتهك بسهولة، وهو ما حدث بالفعل فى جريمة مسجد الروضة بمدينة بئر العبد، تلك الجريمة التى صدمت العالم أجمع ودفعت فرنسا إلى إطفاء أنوار برج إيفل تضامناً مع الضحايا.
إذا أردنا بالفعل أن نواجه الإرهاب والتكفير فى مجتمعنا، فعلينا أن نمتلك شجاعة وضع أساس دولة مدنية حديثة، تفصل بين الدين والسياسة، تنهض على المواطنة والمساواة وعدم التمييز، نقلص تماماً من التعليم الدينى ونجعله مقصوراً على العلوم الشرعية كما كان، نطهر الإعلام من الكذبة والمخادعين والمتاجرين، فكيف والدماء لم تجف بعد تخرج مذيعة وتقول: قتل ضباط شرطة وجيش: ماشى، تفجير كنائس وقتل مسيحيين: ماشى، لكن قتل مسلمين يصلون فى المسجد: لأ!!!!
راجعوا الموقف سريعاً، اضبطوا الخطاب الدينى، والخطاب الإعلامى، امنعوا الوجوه الغبراء الأشبه بالغربان من الظهور، ثم راجعوا مناهج التعليم فوراً وأرسوا الأساس لتعليم مدنى يرقى من قيمة حرية الفكر ويرسخ قيمة الإنسان كإنسان.

خالد منتصر - اشطبوا كلمة «الكافر» من حواراتكم - جريدة الوطن - 26/11/2017

التكفير كرة نار معلقة فى ذيل ضبع يركض فى حقول قمحنا، لن يترك عوداً أو سنبلة إلا وأحرقها، وكلما ألقينا ببنزين التكفير احترقت غيطان أخرى كنا ننتظر أن نحصد منها الخير، السماح بتداول كلمة الكفر والكافر واتهام بعضنا البعض بها هو مقامرة الموت، هو انتحار جماعى للوطن، اشطبوا كلمة الكافر من القاموس، الغوها من المعجم، أن نتلقى بالفرح كلمة داعية شهير راحل كفّر المسيحى وتبعه تلامذة ومريدون، بل واحتفى بهم إعلاميون، هذه كارثة، فمن فرح أو حتى لم يمتعض لم يعرف بعد أن الدور عليه، وأن رقمه فى الطابور ينتظر النداء بعد قليل، من صفّق لقتل الشيعى وسحله بدم بارد، ومن شكل لجاناً لمحاربة الشيعى ووصفه بأنه أخطر من الصهاينة وكفّره واستباح دمه، كان يرسم مقدمة ما حدث فى مسجد الروضة، من كفّر البهائى وأقصاه وحذف هويته من البطاقة وطارده فى البيوت وطرده من الوظائف، كان يعد الكفن لضحايا بئر العبد، من رقص يوم سجن مفكر انتقد البخارى ووصفه بالكافر لمجرد انتقاده لنصوص بشرية، كان يجهز الكلاشينكوف والآر بى جى لمجرمى الخسة والنذالة قاتلى الـ305 شهداء، تم تعبيد الطريق أمام تكفير الصوفى المحب العاشق لربه المتبتّل فى عبادته، كفّره وقتله الفاشى الذى يعتبر أن الإيمان يحتاج إلى تشكيل عصابة وأن الرب يحمى أمثاله من البلطجية ويحتاج إلى ساديتهم!!، التكفير يظل يختزل الأنصار ويحصر المؤمنين فى قبيلة أو تنظيم أو جماعة، ثم ينشق عدد ثم عدد آخر حتى يكفر المكفراتى شقيقه، ويظل وحيداً مقتنعاً بأنه الحق محتكر الحقيقة، من ليس على الكتالوج يستحق القتل، ها هو الباترون الذى صممته، من ليس على مقاسه سأقتله، هكذا يقول الإرهابى، يريدنا جميعاً غرباناً بنفس درجة اللون، خرفاناً بنفس القرون، قطيعاً بنفس الانسحاق، اشطبوا تلك الكلمة البغيضة من القواميس والمعاجم والكتب والألسنة والأدمغة، مختلف معك نعم سنتحاور، أما كافر فلن يحدث حوار، لأن من يكفّرنى يعتبر نفسه متحدثاً باسم الله، هو صادر على حوارى معه منذ البداية، إنه يُلقننى ولا يتحاور معى، يهدينى لأنه الأكثر إيماناً وقرباً من الرب ولا يتبادل أفكاراً، حواره هو مجرد التقاط أنفاس حتى تحين فرصة القتل، لذلك التكفير هو الرصاصة الحقيقية القاتلة التى انطلقت فى قلوب ضحايا مسجد الروضة، إنها لا تحتاج إلى دكّ الطائرات، بل إلى دكّ أفكار التكفير.

Saturday, November 25, 2017

التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها! بقلم د. وسيم السيسى ٢٥/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

أحس بسعادة بالغة حين أقرأ لوارين داوسن فى كتابه: legacy Of Egypt العلوم جميعاً خاصة الطب نشأت فى مصر منذ خمسين قرناً من الزمان! أو حين أقرأ لأفلاطون: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر، أو حين أقرأ لسولون الذى اعتنق الأمونية حتى يستطيع أن يدخل المعابد المصرية حيث بها المكتبات حتى ليدرس القانون، يقول: ربت «طبطب» على كتفى أحد الكهنة وقال: أنتم أيها اليونانيون أطفال بالنسبة لنا!.
كما أحس بدهشة بالغة حين أقرأ لبيجن: تعبت فى المفاوضات تعب أجدادى فى بناء الأهرام!! والأهرام بنيت قبل إبراهيم علية السلام بألف ومائة عام طبقاً للمتحف البريطانى، وفى الحقيقة قبل إبراهيم بثلاثة آلاف سنة طبقاً لمانيتون، والذى تأكد أخيراً بدراسة عالم المصريات الفرنسى أندريه بوشان حين أخذ عينات من مومياوات الأسرة الثانية، وأخضعها للفحص بالكربون ١٤، سنة ١٩٧٣، فكانت أقدم مما يقوله المتحف البريطانى بـ ١٤٠٠عام! وإذا سألت علماء اليهود: إذا كنتم أنتم بناة الأهرام، لماذا لا تحلون لنا أسرار الهرم التى جعلت بعثتى بيركلى الأمريكية وواسيدا اليابانية تعودان إلى بلديهما، ويعلن الفاريز الأمريكى صاحب جائزة نوبل: الأهرام بها أسرار لا نعرف عنها شيئاً، ويبدو أن بعض قوانين الطبيعة التى تعلمناها بها خطأ ما!! سقف غرفة الملك سبعون طنا! كيف رفعتموه؟! كان اليهود يؤمنون بأن الأرواح تذهب إلى أرض الظلمات ويسمونها: أرض شيول! تعلموا من مصر أن هناك حياة بعد هذه الحياة، وأن بها ثوابا وعقابا، جنة أو نارا.
تعلم اليهود من مصر عدم أكل لحم الخنزير، لأن مصر حرًّمت أكله، بعد أن تنكر ست الشرير على هيئة خنزير أسود وفقأ عين حورس ابن أودريس، ولكن ربة السماء نوت أعادت له عينه، فأصبح العالم كله يضع رسماً بشكل عين حورس قبل كتابة أى دواء على الروشتات، ومعناها.. وعد من الطبيب للمريض: سأعيد إليك صحتك كما عادت إلى حورس عينه، كما اعتبرت مصر الخنزير رمزاً للشر.
أخذ اليهود عن مصر شعيرة ختان الذكور، وقد كانت مصر تحتفل بعيد إيزيس والذى فيه يتم ختان الذكور بعد سن خمس سنوات بالمخدر الموضعى، جدير بالذكر أن العلم وصل أخيراً إلى عدم ختان الذكور قبل سن ثلاث سنوات حتى يتم انفصال طبيعى للغلفة عن رأس قضيب الطفل.
لم يبق لنا من أناشيد أخناتون إلا نشيدان وصلوات قليلة، أخذ منها العبرانيون مزمور ١٠٤، نجد فى كتاب جيمس هنرى برستد «فجر الضمير» التماثل الكبير بين نشيد أخناتون ومزمور ١٠٤، كما نرى التماثل الأعجب بين أقوال أمينموبى المصرى وسفر الأمثال العبرانى «من صفحة ٣٩٨ حتى صفحة ٤٠٨» فجر الضمير - جيمس هنرى برستد.
ولكنى لا أوافق جيمس هنرى برستد فى رأيه صفحة ٣٨٣ أن قصة يوسف الصديق مستقاة من قصة الأخوين المصرية التى كانت - لا بد - انتشرت فى فلسطين الكنعانية، حيث سمع بها ذلك الكاتب الموهوب الذى ألف قصة يوسف، كما لا أتفق مع ما قاله زائيف هرتزوج عالم الآثار فى جامعة تل أبيب: اليهود لم يدخلوا مصر حتى يخرجوا منها!! ولا ما يقوله فايتسمان: توراتنا كقطعة قماش منقوعة فى الدماء، ولا مع ما جاء فى هذا الكتاب الخطير: التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها بناء على علم الآثار: تأليف سيلبرمان وفنكلشتاين، والاثنان يهوديان، عالمان من علماء الآثار، أحدهما فى تل أبيب والثانى فى نيوهافن بالولايات المتحدة الأمريكية.

فى إصلاح الفكر الدينى: دعوة إلى إقرار مسألة التبنى (١) بقلم د. سعد الدين إبراهيم ٢٥/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

بسم الله الرحمن الرحيم، التى تبدأ بها كل سورة فى القُرآن الكريم، تعنى بأن الرحمة وكل مُشتقاتها اللغوية هى الصفة التى اصطفاها الله عز وجل لذاته، من بين صِفاته التسعة والتسعين، التى هى أسماء الله الحُسنى. وهو ما يعنى أن الرحمة هى القيمة الأساسية فى الإسلام، مثلها مثل الإيمان، والتقوى، والعدل، والإحسان.
وأغلب الظن أن الإسلام فى تركيزه على قيمة الرحمة يشترك فى ذلك مع بقية الأديان السماوية والأرضية الأخرى.
إننى أبدأ بهذه المقدمة تعليقاً على إحدى المسائل المُؤثرة التى أوردها الأستاذ أحمد البرى فى بابه المُتميز فى صحيفة «الأهرام»، بريد القُراء، تحت عنوان «المُفاجأة القاسية»، ومُلخصها أن شاباً باراً صالحاً نشأ فى أسرة بارة صالحة، حتى أنهى تعليمه الجامعى، وشغل منصباً مُحترماً، ثم عَلِم من والده فى آخر لحظة قُبيل أن يوافيه الموت، أنه ليس والده البيولوجى الحقيقى، ولكنه كان قد تبناه لعدم القُدرة على الإنجاب، مع الرغبة الإنسانية المشروعة لإشباع غريزة الأبوة، والأمومة عِند زوجته البارة، التى لم ترد الطلاق والزواج من آخر للإنجاب وإشباع غريزة الأمومة. وأسر الأب لولده وهو فى لحظاته الأخيرة، أنه استمع ونفّذ نصيحة أحد أصدقائه بشراء طفل، من إحدى الأسواق السوداء لبيع الأطفال الذين لا يُريدهم آباؤهم لضيق ذات اليد، أو لأسباب أخرى. المُهم أن هذه المُفاجأة القاسية، أرّقت صاحب الرسالة، الذى كتب: «لقد سمعت هذه القصة المؤلمة من والدى الذى لم أعرف سواه وأنا فى ذهول. وأخذت منه ورقة باسم أبواى الحقيقيين لكى أراهما وأعرف حقيقة ما حدث وأتبين بنفسى الجريمة التى ارتكباها من إنجابى. وأسرعت إلى القرية المشؤومة، وسألت عن الاسمين المدونين بها، فنظر إلىّ الأهالى بتوجس وهم يتوهمون بأننى رجل بوليس، وأخيراً أشاروا إلى المنزل الذى سألت عن أصحابه وافتتحته بالقوة، وكانت المُفاجأة أننى وجدت رجلاً يبدوا ملامحه أكبر من عُمره بكثير. فهو هزيل الجسم وسكّير، وتجلس معه سيدة، تُدخن السجائر، وتُردّد بلا وعى: سيبونا فى حالنا.. إنتوا عايزين مننا إيه؟ فقلت إننى ابنهما الذى باعاه من سنوات طويلة. فلم يُدركا ما أقول. ولاحظت أن السيدة حينما قلت لها ذلك، نظرت إلى الأرض، وقد أصابها الذهول. وسألتها هل بعت أحداً غيرى؟ فقالت لى إنها باعت طفلاً آخر. وكان واضحاً أنها فقدت الذاكرة، وأن الموضوع انتهى بالنسبة لها منذ أن باعت وقبضت الثمن. وبعد لحظة مرت كالدهر خرجت من عِندها وتوجّهت إلى والدى فى المستشفى، وقبّلت يديه، وقلت له إننى لا أعرف أباً سواك. فلقد انتشلتنى من الضياع، وكنت لى نعم الأب، وراقبته فى المستشفى وأنا أترقب حالته، ولم تمر إلا أيام قليلة حتى فاضت روحه إلى بارئها، فبكيته بُكاءً مريراً، ووقفت أتقبل فيه التعازى، فهو أبى الذى لا أعرف غيره، وصمّمت على أن أصل إلى شقيقى الذى بيع مثلى، فخضت مصاعب عديدة، ومن شخص لآخر، ثم عرفت أنه مات. وأجدنى الآن فى حيرة بالغة، وأتساءل: هل أنا على حق فى مشاعرى، وأنا صادق فى كُرهى لأبى وأمى اللذين باعانى؟ وهل أنا صادق فى حُبى لأب جميل تبنانى وعلمنى وجعل منى رجلاً؟ وهل مثلى يمكن أن يكون إنساناً سوياً، يعيش حياته فى هدوء نفسى وطمأنينة مثل الآخرين؟.
انتهى الاقتباس من الأستاذ أحمد البرى، وأعود إلى عباءتى الخاصة، كعالم اجتماع، لأقول إن إحدى المهام المُلقاة على كاهل رجال الدين فى مصر، المسلمين منهم والمسيحيين، هو الاجتهاد لإيجاد تأويل لأى نصوص مُقدسة، فى الإنجيل أو القرآن، لضبط وإضفاء الشرعية على «التبنى»، فواقع الرسالة التى أوردناها أعلاه تفيض بالمشاعر الصادقة والمُعاناة، التى كان ومايزال من الممكن التعامل معها بالرحمة والعدل والإحسان.
فإذا كانت مقاصد الشريعة الإسلامية هى حماية الحياة، وكرامة الإنسان، والعدل بين الناس، فلماذا لا يُباح التبنى قانوناً، مع وضع كل الضوابط العقلانية والإنسانية لذلك؟.
لقد سبقتنا فى هذا الطريق شعوب ومجتمعات فى الشرق وفى الغرب. فهل نستطيع مُحاكاة تلك المجتمعات فى مُمارساتها الاقتصادية والمادية والثقافية، ثم نتجمد ونرفض ما اهتدى إليه بعضها للتعامل مع ظاهرة مثل التبنى؟!.
هل يعلم القُرّاء أن بعض رؤساء الولايات المتحدة، وبعض رؤساء الوزراء فى أوروبا الغربية كانوا أطفالاً لُقطاء تم تبنيهم بواسطة من لم يكونوا آباءهم البيولوجيين؟
إن الإنجاب مسؤولية الكبار وليس مسؤولية الأطفال الذين يولدون. فلماذا يُعاقب أى مجتمع النتاج وليس الأسباب؟
لماذا تسمح القوانين والمُمارسات بإلقاء الأطفال غير المرغوب فيهم فى الملاجئ أو الشوارع، بدلاً من السماح للقادرين والراغبين من المواطنين بتبنى هؤلاء الأطفال، وتنشئتهم تنشئة صالحة؟ لماذا نُصر على أن يكون المواطنون ملائكة مُنكرين لذواتهم؟ ما هو الضرر الذى يمكن أن يلحق بالمجتمع نتيجة هذا التبنى مُقارنة بالأضرار التى تنتج عن ظاهرة أطفال الشوارع؟ ألا توجد قاعدة شرعية مؤداها أن جلب المصالح يُبرر بعض المفاسد؟.
إن التحدى الذى يطرحه هذا المقال هو لرجال الدين المصريين أن يجتهدوا فى إيجاد الطُرق والوسائل والضوابط الشرعية لجعل التبنى مقبولاً قانونياً واجتماعياً، لأن فى ذلك إنقاذ لمستقبل ما يربوا على مليون طفل سنوياً، وتجنب المجتمع مخاطر مليون مُشرّد أو مُنحرف أو مُجرم مستقبلاً؟ أليس ذلك ضمن أهم واجباتهم لإصلاح الفكر الدينى، وكأن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان ومازال يؤذن فى مالطة، أى كأنهم لا يسمعون ولا يستمعون ولا يحترمون الرجل. فلا حول ولا قوة إلا بالله!.
وعلى الله قصد السبيل

خالد منتصر - اعتذاركم مرفوض - جريدة الوطن - 25/11/2017

نشرت قناة «القاهرة والناس» اعتذاراً للمشاهدين عن الحلقة التى كفّر فيها الشيخ عبدالله رشدى المسيحيين، هذا الاعتذار مرفوض لأن ما حدث فى الحلقة ليس وليد الصدفة، بل هو منهج برنامج يتصنّع تلك الخناقات والمشاجرات ويسعى إليها بكل قوة، فالضيف الذى كفّر وحرّض على الأقباط فعلها من قبل فى برنامج الإعلامى أحمد موسى على «صدى البلد»، ثم ارتكب نفس الحماقة على قناة «دريم» مع الإعلامية رشا نبيل، أى إن تاريخ الضيف محفوظ ومعلن على الهواء وليس سرياً أو فى الغرف المغلقة، ومعروف أن وزير الأوقاف شخصياً وبالاسم وفى مواجهته هاجمه بعنف وعاقبه بإعفائه من الخطابة على منبر المسجد التابع لوزارته، وهاجم منهجه المكفر.
ولن أناقش الآن كيف سُمح له بعد ذلك بالتجول والتنقل بين القنوات والاستمرار فى رحلة تكفيره المقدسة، هذا موضوع آخر لا بد من مناقشته بالتفصيل حتى نعرف تلك الميوعة فى التعامل مع أمثال هؤلاء المكفراتية فى حين التعامل القاسى والشرس واستخدام اليد الحديدية مع آخرين لأنهم لا يرتدون العمامة. المهم أن المذيعة وفريق إعدادها والقناة، الجميع يعرف ويحفظ من هو عبدالله رشدى وما هو أسلوبه، بل ينتظرون لحظة نطقه لجملة التكفير التى حضر الحلقة من أجلها خصيصاً، طبعاً بجانب المكافأة المالية السخية التى يدفعها البرنامج لضيوفه، ثانياً ليست تلك أولى الحلقات التى يحدث فيها هذا التراشق الممنهج المخطط له، فالحلقة السابقة حدث فيها نفس السيناريو، تطاول أحد المحامين على الكاتبة فريدة الشوباشى بألفاظ مسفّة جارحة وتهديدات وصلت إلى حد التهديد بالضرب، وانسحبت «الشوباشى» نفس انسحاب المخرج مجدى أحمد على الذى لم يستطع تحمُّل لهجة التكفير مثلما لم تستطع فريدة الشوباشى تحمُّل لهجة التطاول، إذاً ليست مفاجأة لنا، فالبرنامج هذا هو منهجه، والقناة هذا هو أسلوبها، تأجير مساحات هواء، وليُقَل فيها وليُبَع فيها أى شىء، سواء كان دجلاً طبياً أو تكفيراً رشدياً!!.
اعتذاركم مرفوض لأن ما حدث هو سبق إصرار وترصد.

Friday, November 24, 2017

لأول مرة فى مصر.. إعلام السلطة يشتم الشعب بقلم د. عمار على حسن ٢٤/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

ما يجرى على ألسنة الإعلاميين والصحفيين الموالين للسلطة لم يسبق له مثيل فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، بل يكاد يكون جديدا من نوعه فى التاريخ السياسى والإعلامى للإنسانية قاطبة، فأشد الحكام استبدادا وفسادا كانوا يحرصون على أن تعطى أبواقهم للشعوب من طرف اللسان حلاوة، حتى لو راغ وزاغ الحكام من المحكومين وخدعوهم كالثعالب، أو غدرت بهم كالذئاب، أو التهموهم كالضباع الجائعة، وحتى لو كان من يتولى أمر الإعلام هم أشد الناس تجهما وقتامة وسماجة وفجاجة.
شىء عجيب غريب أن تطل على الناس وجوه فى المساءات المتعاقبة لتقول لهم: «اخرسوا. أنتم السبب فى كل شىء. بدءا من التهام كل هذه الكمية من الفول الذى نستورد أكثر من ٩٠% منها وانتهاء بفشل مفاوضات سد النهضة».
لا أعتقد أن هؤلاء قد فقدوا عقولهم، فكل منهم قد تلقى، على الأقل، قدرا من التعليم، وحتى لو لم يكن له حظ من الثقافة، فإن ما فى رأسه يكفيه كى يحكم على الأمور بشكل شبه سليم، لكنهم جميعا ينفذون أوامر تأتيهم من عل، وتقول لهم: أزيحوا عن السلطة أى اتهام بالإخفاق، وحملوا الشعب المسؤولية.
ابتداء فهناك حكمة سابغة تقول: «تفسد السمكة من رأسها»، وهى دالة جدا فى الحالة المصرية، فبلدنا أفسده افتقار الإدارات العليا التى تعاقبت على تدبير شؤونه للقدرة على التفكير والتخيل والتنزه عن كل غرض إلا خدمة الناس وفعل كل ما يؤدى إلى تقدم البلاد، وإراحة العباد. ولأن موقع الجهاز الإدارى من الدولة يماثل منزلة الجهاز العصبى من الجسد، فإن الخلل الجسيم الذى أصابه بمرور السنين، أنهك الدولة، وأفقدها القدرة على القيام بوظائفها الحيوية على أفضل وجه، أو على وجه مقبول، يحفظ للمجتمع تماسكه، وقدرته على الاستمرار قويا عفيا.
وابتداء أيضا، هناك قاعدة صارت مستقرة من التفكير العميق الواعى فى معطيات التاريخ وهى أنه «لا يفشل شعب، إنما تفشل سلطة»، خاصة إن كانت هذه السلطة قابضة على زمام الأمر، ضيقة الصدر بنمو قدرات المجتمع المدنى والأهلى، وتضع أمام القطاع الخاص من القوانين والقواعد ما يكبّل قواه، وتقيد حرية التعبير، ولا تسمح لقدرات الناس الطبيعية، ومؤسساتهم الطوعية، أن تشارك فى صناعة القرار واتخاذه، بل تقول للناس: «لا تسمعوا غيرى.. أعطونى ثقة مطلقة ولا تفكروا فى حسابى، فأنا أعرف كل شىء، وأنا الأقدر على التفكير والتدبير».
لا يغيب هذا عن هؤلاء الإعلاميين، لكنهم يمضون فى طريق مرسوم لهم، مجافين الحقيقة بمستوى يندى له الجبين، إذ لا يعقل أن يكون أحدهم مثلا مقتنعا بأن المصريين هم السبب فيما آلت إليه مفاوضات سد النهضة، لأنهم غضبوا على نظام فاسد مستبد قاهر، وخرجوا يطلبون العدل والحرية والكرامة والشفافية والنزاهة وإقامة دولة مدنية حديثة بصدق، وقبل كل هذا إنقاذ هذه الدولة من الضياع. فالذين ثاروا لم يحكموا حتى يمكن تحميلهم المسؤولية، ومن حكموا لم يستجيبوا للحد الأدنى من مطالب الشعب فى ثورته. كما أن النظام الذى ثار عليه الشعب هو من بدأ مسلسل التفريط فى مصالح مصر بأفريقيا، خصوصا منذ أن تعرض مبارك لمحاولة اغتيال فى إثيوبيا عام ١٩٩٥، علاوة على أن تباطؤ مبارك فى إجراء الإصلاحات السياسية والاجتماعية والقانونية اللازمة، وإصراره على فرض التوريث وتزوير الانتخابات هو ما أدى إلى الانفجار، ثم ترك بقايا نظامه تدير البلاد، وتفرغ ثورة الشعب من مضمونها، وترفع إلى السطح تنظيمات وجماعات ما يسمى «الإسلام السياسى» التى تربت فى حجر هذا النظام، وأمام عينيه، وأبرم معها الصفقات الانتخابية والمواءمات السياسية، لتجهض إرادة الشعب، حين أرادت أن تستغل الثورة فى فرض مشروعها المتناقض مع جوهر ما يريده الناس، وما يتطلبه نقل بلادنا من التأخر إلى التقدم، ومن الاستبداد إلى التعددية.
نعم استغلت إثيوبيا الشهور التى أعقبت ثورة يناير فى قطع خطوات أوسع فى مشروع «سد النهضة»، لكن المشروع قديم، وهناك خطوات سارت فيها أديس أبابا قبل ثورة يناير بكثير، بل إن هناك تحذيرات من هذا المشروع وأمثاله موجودة فى أبحاث علمية منذ مطلع الثمانينيات، لكن سلطة مبارك لم تنصت إليها، وهو ما وصم أداء السلطات التى جاءت من بعد، وحتى الآن، فالكل فى صمم عما يقوله العلماء والخبراء والساسة المختلفون مع السلطة وقادة الرأى.
ولو فكر هؤلاء الإعلاميون وهم مجردين من الأهواء والمنافع والتوجيهات والأوامر، لأدركوا أنه لو تمت الاستجابة لمطالب الثورة، وشرعت السلطة التى حكمت فى بناء دولة مدنية حديثة، لديها استراتيجية، لصارت قوية فى وجه إثيوبيا، ولو حضر الشعب فى المشهد، بقوته ودبلوماسيته، ما كان يمكن لأديس أبابا أن تفعل ما فعلته. ولو أن رأى العلم ورأى الشعب كان حاضرا قبل توقيع إعلان المبادئ، ما وصل الأمر إلى ما يقف عنده الآن. لكن الشعب تم تغييبه عن المشهد تماما، وحُجبت عنه المعلومات بعد أن قيل له: «اطمئن، أنت بين أيد أمينة، لن نضيعك أبدا».
وحتى يظل الشعب غائبا تم إطلاق قضيتين انشغل بهما الإعلام وقت الإعلان عن فشل الشق الفنى فى التفاوض مع إثيوبيا، وأريد من هذا ألا يفكر الناس فيما جرى بشأن النيل العظيم، المرتبطة به حياتنا كمصريين، الأولى هى ما أخطأت فيه المطربة شيرين فى حق النيل والمصريين، لمن طلب منها أن تشدو بأغنيتها «مشربتش من نيلها»، والثانية ما جاء فى حوار فريدة الشوباشى من هجوم على الشيخ الشعراوى لأنه سجد لله شكرا بعد هزيمة مصر فى حرب يونيو ١٩٦٧.
وفى ثنايا هذا الإلهاء تم توجيه الشتائم إلى الناس بأنهم السبب فيما جرى، لأنهم ثاروا على الظلم، ولأنهم منعوا السلطة من أن توجه مال الشعب إلى ما يُمكّن بلادنا من مواجهة هذه المشكلة، بدلا من ذهابه فى اتجاهات أخرى، وكأنهم يزرعون ما لا تجب زراعته ويستهلك كمية أكبر من الماء، متمردين على خطط رشيدة حكيمة وضعتها الحكومة وراقبتها دون فساد أو إخلال أو إهمال.
إن الشعب يا من تسبه بلا روية ولا ورع، لا يمكن أن يكون هو المشكلة، وإن كان بعضه كذلك فإن هذا من صناعة سلطات مستبدة وفاسدة ومتجبرة تعاقبت على حكمه، فلم توفر له التعليم الجيد، ولا الاستثمار المطلوب، ولا الخطط الرشيدة، ولا الخدمات اللازمة للارتقاء بحياته، فجعلت من هذا البعض عبئا ثم راحت تُعيّره عبر إعلام لا يراعى حتى مصلحة من يوجهونه، والتى تقضى بالقطع بإقناع الشعب واحترام عقول الناس، وليس سبهم على هذا النحو المرفوض جملة وتفصيلا، فالشعب هو صاحب المال والسيادة والشرعية، وهو الذى عليه أن يسأل ويراقب ويحاسب ويلوم وينقد ولو بلسان لاذع، ويرفض كل ما لا يرى فيه مصلحة له، وليس العكس.
إن إعلام السلطة فى موقفه هذا يحاكى إعلام الإخوان، الذين وإن كانوا قد حرصوا أثناء وجودهم فى الحكم على إرضاء أغلبية الناس والمؤسسة العسكرية وكالوا السباب والشتائم والسخائم للقوى المدنية المنافسة لهم، فإنهم ما إن سقطوا عن الحكم حتى راحوا يسبون الشعب كله، ويصفون المصريين، ظلما وعدوانا، بأنهم «عبيد البيادة»، وبدلا من أن يفارق إعلام السلطة الحالية هذه السمة البغيضة فى هجاء كل الشعب، وتحميله مسؤولية كل ما يجرى لنا، فإذا به يسقط فى الفخ نفسه، حتى صرنا نرى إعلاميا يرفع سبابته فى وجه المشاهدين، ويطلق شررا من عينيه، ويزم شفتيه فى حزم مصطنع، ويشمخ بأنفه فى عجرفة لا تليق بمن ينتظر صباح مساء من يأمره، ثم يصرخ بصوت زاعق، ليهدد الناس ويتوعدهم ويقول لهم بطريقة غير مباشرة: أنتم لا شىء، لستم سوى عالة على من يحكمكم، وعليكم أن تقبلوا ما يجرى صامتين، وتقبلوا ظهور الأيادى وبواطنها.

خالد منتصر - هل من حقنا معرفة تقرير رئيس الوزراء الطبى؟ - جريدة الوطن - 24/11/2017

أدعو بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، وأتمنى له التوفيق فى رحلته العلاجية إلى الخارج، لكن هل معرفتى كمواطن مصرى لتفاصيل المرض ونوع الجراحة واسم المركز ونسبة الشفاء تتعارض مع كونى مواطناً مصرياً يتمنى الشفاء لرئيس حكومته؟!، هل كشف هذه المعلومات يعد من قبيل الأسرار الحربية؟، هل هذا الطلب يعنى تدخلاً فى الحياة الشخصية لأكبر مسئول تنفيذى فى مصر؟، هل الشخصية العامة التى تؤثر صحتها على قراراتها، وبالتالى على مستقبل المواطن هى صندوق مغلق لا يصح عرض تقاريره الطبية فى الإعلام؟، أسئلة مهمة ومشروعة، ولا تعد من قبيل حشر الأنف أو الفأل السيئ أو التعدى على حرية الآخر؟، هل ما يمنع طرحها هو الحاجز الثقافى، أم المواءمات السياسية؟، سأطلعكم سريعاً على بعض النقاط التى ذكرت فى تقريرين طبيين لرئيسين أمريكيين، لنرى كم يهتمون بتفاصيل التفاصيل الصحية:
* التقرير الطبى لـ«أوباما»: بلغ وزنه عند الولادة ثمانية أرطال وأوقيتين! بدأ التقرير بطفولته فى إندونيسيا التى أُصيب فيها بالحصبة والجديرى، وتعرض هناك لكثير من الحيوانات ناقلة الأمراض من الخنازير والدجاج حتى البط والتماسيح!! وهناك أيضاً تعرض لجرح قطعى من اليد حتى الكوع احتاج 20 غرزة، وترك ندبة قبيحة، فى المرحلة الثانوية عانى من حَب الشباب وتناول الماريجوانا، وأقنعه أحد الأصدقاء بعدم أخذ حقن الهيروين حتى لا تقتله فقاعة هواء تنتقل من الحقنة إلى الشريان، عانى «أوباما» من إسهال أثناء زيارته لكينيا 1988، وأعلنت واحدة من أفراد أسرته عن أنه يشخر بصوت عالٍ! وللاطمئنان على لياقة الرئيس البدنية، الذى كان يلعب الباسكيت أثناء المرحلة الثانوية عرف الأمريكان أنه يركض ثلاثة أميال دون تعب، طول «أوباما» 6 أقدام وبوصتان، ووزنه 165 رطلاً، ومقاس أحذيته بالمقاس الأمريكى 13٫5، وهو «أشول»!!.
*جورج بوش «الابن»: أجرى عملية اللوز، وهو فى سن الخامسة، والزائدة الدودية 1956، وإزالة كيس دهنى 1960، عانى «بوش» من متاعب البواسير بداية من 1968، وأكد تقرير فحص الجيش الأمريكى أن «بوش» ليس لديه ضرس العقل! فصيلة دمه «o»، كان يشرب الخمر، وضُبط مخموراً وهو يقود سيارته 1970 وكتب الأطباء تقريراً 1999 بأنه أقلع عنها، اكتشف الأطباء زوائد فى القولون وهى من النوع المتحول إلى سرطان فى 1998، وأزيلت بعدها، فى 4 أغسطس 2001 أزال «بوش الابن» بالنيتروجين السائل تقرّنات جلدية من النوع الذى يتحول إلى سرطان جلد.

د. عماد جاد - الدولة تزدرى - جريدة الوطن - 24/11/2017

من أهم سمات الدولة المدنية الحديثة، أنها دولة كل مواطنيها، وتقف على مسافة واحدة من كل الأديان والعقائد، فهو مجال لا يخصها، بل يخص علاقة المواطن بخالقه، كما أن مسألة الإيمان والكفر تقع على عاتق الشخص، الله لن يحاسب المسئول عن ابتعاد مواطن أو أكثر عن الإيمان، بل يحاسب الراعى على ما فعل بالرعية، والمقصود بالراعى هنا رجل الدين أو عالم الدين، ولكن رجل السياسة والأمن لا علاقة له بهذه القصة من قريب أو بعيد، إلا إذا أراد تقليد الرئيس المؤمن واعتبر نفسه مسئولاً عن أخلاق الشعب ومستوى تدينه والتزامه الدينى، وهو فى الغالب بهدف سياسى لا دينى.
قلنا أكثر من مرة إنه لا مستقبل للدول الدينية فى عالم اليوم، فكما أن ماضى هذه الدول لم يكن مشرفاً على أى مستوى من المستويات، فكذلك الحال لا مستقبل لدولة دينية تعلن أن لها ديناً تتبناه وتدافع عنه، وتعمل على إظهاره على حساب غيره، تجارب أفغانستان والسودان والصومال ماثلة أمامكم، كما أن تجربة المملكة العربية السعودية تخرج من جلدها، وتحاول التغير بأسرع وقت.
وسط هذه الأجواء ورغم الشراكة الوطنية التى حدثت فى البلاد ونضال المواطنين الأقباط من أجل استرداد مصر المختطفة من قبل جماعة الإخوان، وخروجهم وتضحياتهم الهائلة بما فيها التضحية بالكنائس، وحديث الرئيس عبدالفتاح السيسى المكثف عن بناء مصر المدنية الحديثة، إلا أن الوقائع على الأرض تقول لا جديد تحت الشمس فى مصر، فسياسات الرئيس المؤمن ودولة العلم والإيمان تعمل بكل قوة كما كانت فى عهد السادات، وفكر وعقل ومكنون قلب ضباط أمن الدولة هو هو لم يتغير فيه شىء، والتهجم على المسيحية ووصفها بالديانة الفاسدة من قبل أحد رجال الأزهر، ووصف الأقباط بالكفرة من قبل رجل آخر من رجال الأزهر تكرر ويتكرر ولا من مجيب لمطالب الأقباط باحترام دينهم وعقيدتهم، يحدث ذلك فى وقت حدث فيه هرج ومرج لمجرد إقدام يوسف زيدان على تحليل شخصية صلاح الدين الأيوبى، وتعبير فريدة الشوباشى عن حزنها على تفاخر الشيخ الشعراوى بكراهيته لجمال عبدالناصر، لدرجة أنه شمت فى هزيمة يونيو 1967 أمام إسرائيل، فقام وصلى ركعتين شكراً لله. حدث هرج ومرج، وهناك من تقدم بشكاوى ضد «زيدان» و«الشوباشى»، وهناك من تقدم بمشروع قانون لحماية الرموز التاريخية، أمثال صلاح الدين الأيوبى والشيخ الشعراوى، تقدموا بمشروعات قوانين وشكاوى للنائب العام بسبب تقييم بشر. ولكن الدولة لم تحرك ساكناً، وهى ترى سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، والمصرح له بالفتوى، يخرج على العامة ويصف الديانة المسيحية بالفاسدة، لم تحرك الدولة ولا مؤسساتها ولا محاميها ساكناً عندما كرر الشيخ الأزهرى عبدالله رشدى فى فضائيات يشاهدها العامة أن المسيحيين كفار كفار كفار.
السؤال هنا: ماذا تنتظر الدولة ومؤسساتها من نتائج على هذا الاعتداء على الديانة المسيحية وعلى الأقباط ومشاعرهم وعقائدهم، وماذا نستنتج من ترافق ذلك مع عملية ممنهجة لإغلاق الكنائس ورفض الترخيص ببناء الجديد منها، نستنتج أن الدولة تعمل وفق رؤية دينية منغلقة، وأن مؤسسات الدولة تعمل وفق هذه الرؤية وأن ما يقال من كلام معسول هو من قبيل ذر الرماد فى العيون، وسيأتى يوم يدفع فيه الجميع ثمن الغش والخداع والفهلوة، يوم لا ينفع الندم، فالعالم تغير والأجيال الجديدة منفتحة تماماً على العالم، ومصر سوف تدفع ثمن هذه المراوغات والمناورات والاستقواء على المسيحية والمسيحيين، فالاستقواء سيكون له آخر، إن كان قريباً أو بعيداً.

Thursday, November 23, 2017

«ولاد البلد» يجوبون أرجاء مصر بقلم فاطمة ناعوت ٢٣/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

لا تنكسِرُ مصرُ رغم النصال تكسّرت على النصالِ فى خصرها. لكنها لا تمَسُّ القلبَ. ليس لأنها مذكورةٌ فى القرآن والإنجيل، وحسب، فذلك شأنُ السماء لا حيلةَ لنا فيه. أمّا شأننا فى الأرض، فهو الخيطُ الرفيع الذى حافظت عليه مصرُ منذُ نشأتها: الفنون الرفيعة. والمسرحُ، دُرّة تاج الفنون، ليس رفاهيةً وترفًا، بل عقلُ المجتمعات وضميرُها. هو ضمانةُ بقاء المجتمع، لأنه «مدرسةُ تعليم الكبار»، مثلما المدرسة لتعليم الأطفال. إن هوى المسرحُ ضَمَر عقلُ المجتمع، لأنه الظهير الذى يمنع نفاذ النصل إلى قلبه. ومصرُ حالٌ فريدة. لا تتوقّفُ مسارحُها حتى فى لحظات الحروب والإرهاب والكساد. بوسعك أن تصطحب أسرتك يوميًّا إلى أى مسرح من مسارح الدولة، لتشهدَ بجنيهات قليلة عرضًا ثريًّا. المسرح فى مصر هو نبضُ القلب الذى لا يتوقف، مهما توعّك الجسدُ. ذاك هو سرُّ مصر الخاص. وهنا يتوجّبُ شكرُ المخرج إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، الحريص على ألا يتوقّف ذلك النبضُ يومًا، فلا ينسدلُ ستار مسرح إلا ليُفتح للعرض التالى، من رفيع الأعمال التى تستحق شرف الوقوف على خشبات مسارح الدولة.
فى قاعة «صلاح جاهين» بمسرح البالون، شاهدتُ أمس الأول عرضًا جميلا ينتمى لمدرسة: «الكباريه السياسى»، من تأليف مصطفى سليم وإخراج محمد الشرقاوى، وموسيقى حازم الكفراوى، وغناء صوت مصر العذب فاطمة محمد على. «ولاد البلد»، تابلوهات درامية استعراضية تناقشُ اثنين من أخطر النصال التى تضربُ خاصرةَ مصرَ ترومُ إهلاكَها: الإرهاب، والفساد.
أحد أجمل تلك التابلوهات يحكى عن صديقين من صعيد مصر. وهدان: مسلم متزوج وأبٌ لفتاة، وقطب: مسيحى أعزب. وحين ضُربت السياحةُ، قرر وهدان استضافة قطب ليعيش فى داره البسيطة لتقليص نفقات بيتين، بعد بناء حائلٍ من الخشب بين الغرفتين. وفى لحظة إرهاب مُرّة اقتحم متطرفون البيت للبحث عن المسيحى لتهجيره أو قتله، فنجحت الأم والابنة فى إخفائه بحيلة طريفة، لا أودّ حرقها، لينجو من سيوف السفاحين.
الطريف هو قرار المخرج أن يؤدى شخصيةَ المسلمَ ممثلٌ مسيحى، هو «شادى أسعد»، وأن يؤدى دورَ المسيحى ممثلٌ مسلمٌ، هو «ياسر الرفاعى». هنا تكتمل الرسالة.
العرضُ الُمثقل بقضايا سياسية واجتماعية ثقيلة، مضفورٌ بجرعات عالية من كوميديا الموقف. منها حين ينسى «قطب» ويقرأ «الفاتحة» مع صديقه بعد الاتفاق على أمر، ثم يتذكّر فجأة أنه مسيحى، فتغرق القاعة فى الضحك، ثم يهدر تصفيقُ الاحترام حين يُذكّر كلٌّ منهما الآخر أن «آمين» فى نهاية الفاتحة تجمع بين المسلم والمسيحى. والحقُّ أنها لا تجمعهما فقط كصديقين اختلفا فى العقيدة واجتمعا على الحب، بل تجمع بينهما كمصريين، لأنها تعود إلى الكلمة المصرية القديمة «آمون»، وتعنى: «الإله الخفىّ»، أو «رب الشمس» فى الميثولوجى المصرى، وتُنطق: «آمِن»، بنفس طريقة نطق كلمة Amen، التى يقولها كلُّ البشر فى ختام الصلوات، على تباين العقائد والمذاهب.
يطرح العرض الثرىّ قضايا حيوية مثل «الهجرة غير الشرعية»، التى تحول حلمَ الهروب من ضائقة العيش إلى كابوس البحث عن رفات الجثامين فى أغوار البحار. وينتهى بمشهد ماسٍّ فى كتيبة من كتائب الجيش المصرى بالعريش، تجمعُ الفرقاء من أبناء الوطن، على هدف الذود عن شرف مصر ضد غيلة الإرهاب. وكأنما قررت السماء أن يجمع الموتُ بين الصديقين كما جمعتهما الحياةُ. حين لم يسمحا للعقائد أن تفرق بينهما، فقررت قذيفةٌ إجرامية أن تُنهى حياتهما فى لحظة واحدة فى زيّهما العسكرى، فيموتا متعانقين، يحاول كلٌّ منهما أن يتلقى الموت بدلا من صديقه ويحميه بجسده من شظايا القذيفة، ليختلط الدمُ المسلم والمسيحى ليروى تراب مصر الطيبة.
كلَّ احترامى للدكتورة «أمل جمال»، بوزارة الشباب والرياضة، التى قررت أن يجوب العرضُ محافظات مصر، فى رحلة تبدأ الاثنين القادم بأسوان. وشكرًا يا مصرُ، لأن مسرحك نابضٌ وحىٌّ وغزير، مهما تواترت عليكِ المحن.

خالد منتصر - فخ الدفاع عن القيثارة لمنع العزف عليها - جريدة الوطن - 23/11/2017

عبدالرحمن الخميسى، هذا العبقرى متعدد المواهب، له مقولة عبقرية تلخص حال المثقف المصرى فى هذا الزمان، يقول «الخميسى»: «أنا لا أعزف على قيثارتى، لأننى مشغول بالدفاع عنها»، بالفعل المثقف المصرى الآن لا يعزف على قيثارته الإبداعية، لأنه مشغول بالدفاع عنها ضد من يحاول خطفها وتدميرها ودهسها وتمزيق أوتارها، ومجرور قسراً وجبراً إلى معارك جانبية وهامشية أخرى.. خُطط شريرة تُنسَج بمهارة شيطانية لجرجرة المثقف خارج المياه الإقليمية لإبداعه الحر الجميل وتفكيره المنطلق خارج الصندوق، فهو يدافع عن قيثارته حين يضطر لإعلان إيمانه والقسم بأغلظ الأيمان إنه متدين مسلم موحد بالله، فهو حين ينتقد شيخاً أو تراثاً أو يحاول تحريك مياه راكدة فى مقالة أو فى برنامج، يظل أعواماً بعدها يشرح للقراء والناس والمجتمع والجيران أن الشيخ ليس هو الإسلام، وأننا لو اختزلنا الإسلام فى تراث راكد نكون قد ظلمناه ظلماً بيّناً، وأن قصده كان كذا وكذا، ويظل يشرح مع كل لفظ الكتالوج بتاعه!!، خطة شيطانية يسرب فيها أعداء الحياة مقطعاً مثيراً مفصولاً عن سياقه ويُتوّجونه بمانشيت حرّاق مثير مشطشط، يشيّرونه لمواقع المفروض أن تكون فى نفس خندقك، تبلع هذه المواقع الطعم، تتراكم المقاطع والمانشيتات، مما يجعل الأرض ممهدة لسيادة شعار واحد «ها هى الدولة قد كفرت منذ 30 يونيو»، ما هو البديل؟، البديل هو العودة لصحيح الدين الذى كان يمثله الإخوان!!، هذه هى تفاصيل الخطة الشيطانية التى ينساق وراءها الإعلام كالقطيع، وهو لا يعرف أن نجومه سيكونون أول من تُعلق رؤوسهم على أعواد المشانق إذا وصل أعداء الحياة والفكر والبهجة إلى الحكم، إنهم يشتتون الكُتاب والمفكرين الليبراليين وينتهكون سيرتهم وينهكون أعصابهم ويستنزفون طاقاتهم فى معارك جانبية وأزقة فرعية بعيداً عن مشروعهم وطريقهم الفكرى الأساسى، وهكذا يحدث انتصار الجهل عبر إلحاح البوستات ومقاطع الفيديو والشير واللايك، وللأسف ليس الإعلام وحده هو الذى انساق وراء تلك اللعبة ووقع فى نفس الفخ، لكنها الدولة أيضاً التى تتحفنا كل يوم بفخ جديد، مرة بلافتة ازدراء ومرة أخرى بفزاعة إهانة رموز، لتظل أيها المثقف المصرى غارقاً فى الرمال المتحركة تحاول خلع عقلك المعطل المسلول قبل قدميك المغروستين، يداك مشغولتان بإزاحة كوم الرمال عن حنجرتك المشروخة، لتكف عن الغناء وتركن «كمانك» وتنساه فتصدأ أوتاره الحزينة المنهكة برطوبة اللاجدوى.

Wednesday, November 22, 2017

«بلفور» وأولاده..! بقلم مصطفى حجازى ٢٢/ ١١/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

منذ أيام قلائل، وتحديدا يوم ٢ نوفمبر الجارى، مرت مائة سنة على ما سمى بوعد بلفور.. وهو الوعد الرسمى الذى قطعته بريطانيا على نفسها وعلى لسان وزير خارجيتها حينئذ لورد أرثر جيمس بلفور، بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين.
فى ذلك اليوم من سنة ١٩١٧ التزمت بريطانيا، وهى الدولة المغتصبة لأرض فلسطين حينها، بأن تهب ما لا تملك لمن لا يستحق.. فقد أعطى بلفور كلمته للورد روتشيلد.. وبمقتضاها تنازلت بريطانيا للحركة الصهيونية- بالتزام الوعد- عما لا يملكه أيهما وما لا يستحقه أيهما.
وكأن رجعا من صدى هذا كله ما زال يتردد حتى يومنا.. بأسماء أخرى ونكبات أخرى! فمخطئ من يظن بلفور ووعده هما شخص وواقعة فى التاريخ أورثانا نكبة ضياع فلسطين وكفى..!
بلفور ووعده هما منظومة جريمة- مكتملة الأركان- باقية فى التاريخ ما بقيت أطراف تآمرها بوصف مصالحهم قبل أسمائهم.. جريمة ليست مقتصرة على اسم شخص أو معنونة بقضية أو حكرا على شعب.
بلفور ووعده منظومة جريمة.. أطرافها ثلاثة.. فيها طامح جامح يريد أن يملك ويتسلط حتى ولو اغتصب ما ليس له أو تحالف مع شيطان.. وفيها مجرم عتيد يريد أن يديم هيمنته واستعلاءه واغتصابه مقدرات كل ما تطاله يده.. وفيها غافل مستضعف أو جاهل قابل للاستغفال، عقله مسلوب بخيوط العاطفة وضيق الأفق.
وفى عصب منظومة تلك الجريمة- دائما- آحاد أو قطعان من ديوثى السياسة وكذابى الزفة.. يجملون كل قبيح ويزينون كل باطل.. وآحاد أُخر وقطعان أخرى من محترفى الضجر ومناضلى الحناجر، يملأون الفضاء بثرثرتهم ويسدون بجلبتهم شمس المنطق.
وعد بلفور ليس كلاما على ورق يعد طرفا ويطمئن طرفا ويضمن سلامة اتفاق.. ولكن بلفور الحالة لا الشخص- وكل بلفور مثله- هو تحالف غير مقدس بين عصابات جريمة أدواتها الترويع والقهر والقتل كعصابات الهاجاناة الصهيونية حينها.. ومجموعات من النصابين وشذاذ الآفاق ممن يتبوأون مواقع عليا فى حياة البشر سلاحهم الكذب والتدليس وحيل الحواة.. فبين ترغيب وترهيب ودغدغة مشاعر يسحرون أعين الناس ويغيبون عقولهم قبل أن يغتصبوا مقدراتهم وأحلامهم ويصادروا مستقبلهم.
النتيجة الدارجة والظاهرة لكل بلفور- كان أو كائن أو سيكون- هى أن يحرز الطامح الجامح وطره.. ويحكم المجرم العتيد قبضته وهيمنته.. ويحيا الجاهل المستغفل مع فتات الكلمات ينتظر منها أن تعطيه بالتمنى ما لم يأخذه غلابا..!
فكما فى بلفور ١٩١٧ أحرزت الحركة الصهيونية مرادها فاغتصبت فلسطين.. وأحكمت بريطانيا قبضتها على خيوط القضايا فى المنطقة ولتبقى يدها هى العليا.. حصلنا نحن الطرف المستضعف- ووفقا لنص الوثيقة- على لقب الطوائف غير اليهودية فى فلسطين وليس صفة أصحاب الأرض، وبها عشنا نستجدى بالتمنى ما ضاع بالغفلة والجهل.. وهو ما لم يأت- ولن يأتى- إلا كما ضاع- انتزاعا.
أما بلفور ٢٠١٧ فقد وعد الجامحين- من أصحاب القصور- فى منطقتنا عروشا وملكا وهيمنة على الإقليم وأرضا ومقدرات ومستقبلا.. وطمأننا نحن مصر بغبار التمنى بألا يطالنا شر وبأن نحوز بعض فتات الخير إذا أحسنا الصمت والتبعية.
بلفور ٢٠١٧ يخلق سلاما دافئا لإسرائيل التى أنشاها.. ويبدو أنه يعد من أرض مصر ما يكفى للقبول بضياع أرض فلسطين..!
بلفور ٢٠١٧ وعد إثيوبيا الطامحة ماءنا.. وسهل لها اغتصابه بسد يبنى كل يوم بقطرات من دمنا سندفعها مستقبلا.. ووعدنا نحن مصر الغافلة ألا تتأثر حقوقنا المائية تماما، كما لم تتأثر حقوق الشعب العربى فى فلسطين..!
وبينما شريان النيل يوشك أن يجف.. تأبى مصر البيروقراطية إلا أن تغرق فى رخاوتها.. وأمام كل تحد وجودى فى قضية المياه تهرب إلى الأمام شاهرة سلاح الإلهاء والتغييب.. تصحر المجال العام من أى تفاعل شعبى ذى قيمة قادر على أن يحتوى حجم الخراب المنتظر من بناء السد.. تصحر المجال العام حتى صارت أكثر المواقف صرامة فى قضية النيل تصدر عن نقابة المهن الموسيقية بشأن قضية سب النهر.. وليس فى شأن قضية اغتصاب مياهه ومن مؤسسات هذا دورها..!
من السذاجة أن نندهش من كذب الـ«بلفور».. ومن الخفة أن نظن أن من قتل فى سبيل الهيمنة يزهد فيها أو يرد الحقوق لأصحابها.. ومن الخطأ أن نتباكى على مدى الخراب الذى يخلفه لنا وفقط.. ولكن من الواجب أن نوطن أنفسنا على مسؤولية إصلاح ما أفسده كل بلفور كان أو سيكون.. وأن نعرف أن أولى خطوات الاستفاقة قبل الوعى هى ألا نسقط فى حبائل كذبه.. وألا نسمح لكتائب أغاوات السياسة ومقابليهم من مناضلى الصخب أن يفسدوا على البشر منطقهم الكفيل بإنقاذ المستقبل.
أخيرا: إن كان السقوط لكذبة مرة- من غفلة- قد يغتفر.. وإن كان السقوط لذات الكذبة مرتين قد يقبل.. والسقوط لها ثلاثا قد يفسر.. يبقى الاستمرار فى دور المستغفل الدائم للتاريخ لا يحتمل تفسيرا ولا قبولا ولا غفرانا.
فكروا تصحوا.

د. عماد جاد - صناعة رسمية - جريدة الوطن - 22/11/2017

كشف الكثير من الأحداث التى مرت بها البلاد على مدار السنوات الماضية عن استمرار عنصر من عناصر وسمة من سمات الشخصية المصرية وهو الاعتدال والمزاج العام القابل للتعدد والتنوع، صحيح أن هذه السمة تراجعت كثيراً اعتباراً من مطلع السبعينات، ولكن هذا التراجع أصاب قطاعات من المصريين وفى الوقت نفسه لم يطمس هذه السمة تماماً. وإذا كان التراجع الذى أصاب المجتمع المصرى يعود إلى هجرة قطاعات من المصريين إلى بلاد النفط والعودة محملين بعادات وتقاليد صحراوية بدوية لم تعرف التعددية ولا التنوع، فإن الإشكالية الجوهرية تمثلت طوال الوقت فى نظام الحكم ومؤسسات الدولة المصرية المختلفة، ففى الوقت الذى ذهب فيه المصريون إلى بلدان النفط من أجل لقمة العيش، فإن النظام فى مصر كان فى طريقه إلى تديين المجال العام فى البلاد وخلط الدين بالسياسة، فالرئيس بات لقبه «المؤمن»، ووصف نفسه بأنه رئيس مسلم لدولة إسلامية وطلب من الإعلام أن يلقب مصر بدولة العلم والإيمان، شكّل وموّل الجماعة الإسلامية لتتصدى للتيارين الناصرى واليسارى فى الجامعات المصرية، أطلق سراح عناصر الجماعة الإرهابية من السجون وسمح بعودة قياداتهم الفارة إلى السعودية، وسلم الجماعة ملف التعليم وسمح لهم بالسيطرة الجزئية على وسائل الإعلام. دخل فى صدام مع الكنيسة المصرية وكال لها الاتهامات ومن بينها السعى لإقامة دولة قبطية، لذلك أدخل خانة الديانة فى عقود البيع والشراء ليراقب الموقف ويرصد حركة شراء المسيحيين للعقارات.
فى كثير من المناسبات التى شهدت توترات طائفية كانت أصابع النظام وأجهزة الدولة بادية للعيان، وكانت عمليات التحريض على العنف تصدر من داخل مؤسسات وأجهزة النظام، تارة للرد على ما اعتبروه تشدد رأس الكنيسة، وتارة أخرى لإخضاع الأقباط وقمعهم والرد على ارتفاع الصوت مطالباً بحقوق المواطن، وتارة ثالثة لتخفيف الضغط عن النظام وإلهاء الشعب فى قضية تأخذ أبعاداً دينية. خذ على سبيل المثال قصة بناء وترميم الكنائس، وهى قضية بسيطة للغاية وتمثل حقاً من أبسط حقوق المواطن وهو حق ممارسة شعائره الدينية، تركت الدولة الخط الهمايونى الموروث من أيام الدولة العثمانية يتحكم فى بناء وترميم الكنائس على نحو جعل ذلك ضرباً من ضروب المستحيل على النحو الذى ورد فى شروط العزبى باشا، وكيل وزارة الداخلية عام 1934، وأدى ذلك إلى توترات طائفية عديدة فى البلاد أسفرت عن إغلاق بيوت الله وهدم كنائس وتجمعات سلفيين وشباب مغرر به احتجاجاً على صلاة الأقباط فى منزل من المنازل، ويكون مبرر التظاهر والاحتجاج أنكم تصلون بالمخالفة للقانون، ومن ثم لا بد من تطبيق القانون ووقف الصلاة فى بيت من البيوت إلى أن تحصلوا على ترخيص لذلك، وهنا تتدخل الأجهزة الأمنية وتنحاز لوجهة النظر المطالبة بالإغلاق، والحجة هى الحفاظ على السلم المجتمعى. خذ على سبيل المثال أيضاً ما صدر عن تليفزيون الدولة الرسمى إبان مشكلة ماسبيرو، من تحريض على الأقباط ومخاطبة الرأى العام أن هبوا لمساندة قواتكم التى تتعرض للاعتداء من قبَل الأقباط، وهى الفرية التى لم تنطلِ على المصريين فكان التزام البيوت.
وعندما تم الإعلان عن قانون جديد ينظم بناء وترخيص وترميم الكنائس تمت صياغته بخبث شديد وأبقى على القرار النهائى بيد جهاز الأمن الوطنى الذى يتبنى خطاً متطرفاً تجاه كل ما يتعلق بالأقباط، هو جهاز بداخله إدارة لمكافحة التنصير، هو جهاز يفرح ويسعد بأسلمة فتاة مسيحية قاصر، ويساعد على تهريبها إلى أن تكمل السن القانونية حتى يمكن أسلمتها، هو جهاز طائفى بامتياز، وهو المسئول الأول عن غالبية أحداث ووقائع الاعتداءات الطائفية التى يسمونها فتنة.
ما أود التأكيد عليه هنا هو أن الفتن فى مصر صناعة رسمية، سواء ببث أفكار التطرف والتشدد، أو عبر التضييق الرسمى على الأقباط فى كافة أمورهم الحياتية، فى إغلاق فرص الترقى أمامهم، فى حرمانهم من دخول مؤسسات دولة توصف بالسيادية، فى حرمانهم من الحصول على حقوقهم الطبيعية فى الالتحاق بوظائف معينة أو الترقى فى هذه الوظائف. باختصار، الفتنة فى بلادنا صناعة رسمية، صناعة نظام، صناعة أجهزة أمنية، صناعة جهاز أمن الدولة الذى غيروا اسمه إلى «الأمن الوطنى»، وإذا أردت أن تعرف سبب أى أزمة طائفية فى مصر ففتش عن أصابع ضباط الأمن الوطنى، أمن الدولة سابقاً. وعندما يعطى قانون الكنائس الجديد السلطات والصلاحيات للأمن الوطنى، لك أن تحكم على ما يمكن أن يؤدى إليه ذلك. وفى تقديرى أن توافر إرادة تسوية هذا الملف لا بد أن تبدأ بنزعه من أيدى جهاز أمن الدولة، فالأقباط ليسوا ملفاً أمنياً فى بلادهم.