Translate

Tuesday, November 30, 2021

«أوميكرون» مثير للقلق وليس للفزع - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 29/11/2021

 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن «أوميكرون» الضيف المتحور الجديد من عائلة «كوفيد» قد تم تصنيفه على أنه «متغير مثير للقلق»، قالت الدكتورة ماريا فان كيركوف، الرئيسة الفنية لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، إن الأدلة المبكرة على الأوميكرون، والمعروفة بالمصطلح التقنى «B.1.1.529»، تُظهر أن المتغير يحتوى على عدد كبير من الطفرات، بعضها له خصائص مقلقة.

أظهر «Omicron» أيضاً أن لديه خطراً متزايداً للإصابة مرة أخرى مقارنة بالمتغيرات الأخرى عالية الانتقال، مما يشير إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بـ«COVID» وتعافوا قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به مرة أخرى باستخدام هذا المتغير، ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، كان من المتوقع وجود أنواع مختلفة من الفيروس «كوفيد» وهذه ليست مفاجأة، ويتم تصنيف المتغيرات إلى ثلاث فئات:

(1) «المتغيرات ذات الأهمية».

(2) «المتغيرات المثيرة للقلق».

(3) «المتغيرات ذات الأهمية الكبيرة».

ينص مركز السيطرة على الأمراض (CDC) على تصنيف المتغير على أنه متغير مهم إذا أظهر «علامات وراثية محددة ارتبطت بالتغيرات فى ارتباط المستقبلات، وتقليل تحييد الأجسام المضادة الناتجة عن العدوى أو التطعيم السابق، وانخفاض فاعلية العلاجات، والتأثير التشخيصى المحتمل، أو زيادة متوقعة فى قابلية الانتقال أو شدة المرض».

وقالت مفوضة الصحة العامة فى إدارة شيكاغو، الدكتورة أليسون أروادى: «من المحتمل أن يكون لدينا نوع مختلف مما نسميه مجموعة متنوعة من الاهتمامات يتم تحديدها كل بضعة أسابيع». «هكذا يعمل هذا الفيروس، المتغيرات المثيرة للاهتمام تعنى أننا رأينا ظهور عدد من الطفرات الجينية نفسها والعلماء فى جميع أنحاء العالم يبحثون عنها فى كل مرة، يحصل الفيروس فى أى مكان فى العالم على هذا التسلسل الجينى، يتم تحديثها فى قاعدة بيانات تتم مشاركتها دولياً، حتى نتمكن حقاً من رؤية ما هو ناشئ. عندما تظهر مجموعة متنوعة من الاهتمامات، تقول، «أوه، هذا شىء يجب أن نشاهده قليلاً»، البديل المثير للقلق هو النوع الذى «يوجد فيه دليل على زيادة قابلية الانتقال، ومرض أكثر شدة (مثل زيادة العلاج فى المستشفيات أو الوفيات)، وانخفاض كبير فى تحييد الأجسام المضادة التى تم تكوينها أثناء العدوى أو التطعيم السابقة، وانخفاض فاعلية العلاجات أو اللقاحات، أو فشل الكشف التشخيصى»، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.

وقالت «أروادى»: «بمجرد أن نرى أن هناك اختلافاً فى الاهتمام يكون له تأثير واضح، مما يعنى أنه أكثر عدوى، وربما يكون تهرباً من العلاج، فمن الواضح أنه يجعل الناس أكثر مرضاً، وهذا يجعله نوعاً مختلفاً من القلق».

المتغيرات المثيرة للقلق، التى تشمل «ألفا وبيتا ودلتا» والآن «أوميكرون»، أظهرت أنها تنتشر بسهولة أكبر، أو تسبب مرضاً أكثر خطورة، أو تضعف من فاعلية اللقاحات وغيرها من أدوات مكافحة «COVID». إنها أكثر إثارة للقلق من المتغيرات ذات الأهمية، مثل «mu» و«lambda».

أخيراً، هناك متغير ذو الأهمية العالية جداً والمفزعة حقاً «عندما يكون لدينا دليل واضح على أن تدابير الوقاية أو الإجراءات الطبية المضادة قد قلَّت فاعليتها بشكل كبير بالنسبة للمتغيرات أو التحورات»، وانتهى مركز السيطرة على الأمراض بالقول إنه حالياً لا توجد متغيرات ذات عواقب عالية من الدرجة الثالثة، وهذا يعنى أنه مثير للقلق، لكنه ليس مثيراً للرعب أو الفزع.


Sunday, November 28, 2021

الإحساس بالعزلة ما بين الماضى والحاضر - الأنبا موسى - المصري اليوم - 28-11-2021

 أولًا: الإنسان والعزلة:

1- شىء خطير فى حياة الإنسان المعاصر.. هو ذلك الإحساس بالعزلة الذى كان يشكو منه الناس، خصوصًا فى المدن المزدحمة، ذلك لأن الازدحام لا يعنى التلاحم والتلاقى والتعاطف، بل بالعكس، فهو يعنى التناحر والتنافس والتنافر والتدافع.. من هنا نجد أن الإحساس بالعزلة Sense of Loneliness صار سمة للإنسان المعاصر، خصوصًا فى المجتمعات الحضارية والصناعية، حيث تحول الإنسان إلى مجرد ترس فى آلة ضخمة، أو مجرد رقم قومى! طبعًا هذا لا يلغى سلامة أن يكون للإنسان رقم قومى مميز، لكن المهم أن يكون للإنسان وجوده وسعادته وقيمته فى الحياة اليومية.

2- أصبح الإحساس بالعزلة أكثر خطورة الآن بعد طوفان المعلومات والتكنولوجيا، التى أحدثت تغييرًا جذريًا فى الحياة عمومًا، وفى حياة الناس خاصة، فقد اختلفت الحياة عن الماضى، حيث كانت تتسم بالدفء الأسرى والعائلى، لقد كان أفراد الأسرة والأصدقاء والأقارب يعيشون فى جو أسرى ممتع، سواء فى المنازل أو النوادى أو المتنزهات العامة، فى الاحتفالات والمناسبات المختلفة، سواء فى أعياد الميلاد، أو الأعياد الرسمية، أو الإجازات، أما بعد عصر التكنولوجيا فقد أصبحنا نعيش حياة غريبة عنا للأسف، حتى وإن كان أفراد الأسرة معًا فى مكان واحد، إلا أن كل فرد جالس فى صمت وفى يده الموبايل، يتصفحه عبر وسائل التواصل الإجتماعى المتنوعة: ما بين الفيس والواتس والفايبر والانستجرام وغيره، دون كلل أو ملل. صار الإنسان يعيش فى عزلة داخل الميديا من هنا وهناك. يجلس الفرد مع أسرته بجسده فقط، ولكن كل كيانه وعقله فى الموبايل.. فهل يا ترى أصبحنا عبيدًا للتكنولوجيا، ومصيرنا العزلة والوحدة الاجتماعية؟!.

ثانيًا: العزلة والتحضر والتكنولوجيا:

1- الإحساس بالعزلة كنا نحسه فى القاهرة أكثر من المحافظات، وفى المحافظات أكثر من المدن والمراكز الصغيرة. وفى هذه أكثر من القرى، لذلك كان يتناسب طرديًا مع التحضر Urbanization وكان أكثر وضوحًا فى الدول المتقدمة صناعيًا وعلميًا وماديًا، مثل أمريكا أكثر منه فى بلاد العالم الثالث. فى أستراليا غاب موظف مصرى عن عمله أربعة أيام، ولم يسأل عنه أحد، بينما كان هو فى أزمة كبيرة يحتاج من يساعده.

2- أما فى عصر التواصل الاجتماعى، فأصبح العالم ركنًا فى غرفة، بعد أن قالوا إن العالم أصبح قرية صغيرة، أصبح لا فارق بين المدينة والقرية، ولا بين الدول، فكل العالم يعيش فى العالم الافتراضى «Virtual»، ويعتمد أكثر فأكثر على وسائل التواصل الاجتماعى والهواتف الذكية، سواء كانت دردشات أو تواصلا أو عملا، أصبح الفرد ينام ويقوم وعيناه معلقتان على تلك الشاشات التى بين يديه، ينتقل بسرعة شديدة بين وسائل التواصل المختلفة وكأنه يخشى فوات أى معلومة. ولا نعلم تمامًا إن كانت هذه التكنولوجيا فائقة الوصف والمتطورة بسرعة مذهلة، لذلك فالعزلة ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالتكنولوجيا.

نحتار ما بين الحنين إلى الماضى حيث التماسك الأسرى والجلسات الممتعة وروح المرح والمناقشات والحوارات، وبين ما يحمله من الغزو التكنولوجى، وهو سيف ذو حدين.. مما أدى إلى زيادة الفجوة والعزلة عن بعضنا البعض اجتماعيا، فالتكنولوجيا تحيط بنا من كل جانب، ولم يبق لنا مكان للتواصل الحقيقى وجهًا لوجه والتلامس معًا.

ثالثًا: العزلة والحنان المفقود:

1- وفى مقال لأحمد بهجت منذ سنوات كثيرة، حكى لنا عن عجوز أجنبى كان طريح الفراش فى المستشفى بمفرده، ولا أحد يسأل عنه، ولما زامله مصرى مريض فى نفس الحجرة، وجاء المصريون بروحهم المرحة يسألون عن صديقهم المصرى، قدموا للعجوز نفس الحنان المصرى المحبوب، وفى يوم رأوه يقبل صورة ويبكى، فظنوها صورة أولاده الغائبين المشتتين فى أنحاء الولايات، ولكنهم اكتشفوا أنها لكلابه الذين يشتاق إليهم قائلًا: «كلابى أفضل»!!.

2- الحنان المفقود داخل الأسرة، وغياب الاستقرار الزيجى، وعدم الرغبة فى انجاب الأطفال خشية التعب الجسمى والنفسى والمادى فى تربيتهم، والأنانية المفرطة خوفًا من الطرد من العمل، وغياب قيم التعاطف والمحبة والتعارف بين الجيران.. كل هذا قاد إنسان العصر المتحضر إلى إحساس رهيب بالوحشة الداخلية، وهو إحساس تعس يصيب الإنسان بأمراض عصبية كثيرة. وزادت على ذلك تقنيات التكنولوجيا الحديثة وما يستجد كل يوم، وما تسببه من الاكتفاء بهذه التقنيات والانعزال الكامل عن الأسرة والأصدقاء و...

رابعًا: العزلة فى المريخ:

حتى علماء الفضاء يتحدثون عن مشكلة رهيبة هى: كيف سيتحمل من نرسله إلى المريخ العزلة لفترة طويلة داخل مركبة الفضاء؟!.. سوف نحل مشكلة الأكسجين وغيره، لكن كيف نحل مشكلة الإحساس بالعزلة؟.. إن أحاديثهم مع مركز الفضاء ستكون أحاديث علمية جافة، ليس فيها رطوبة الحب، وحلاوة اللقيا، وسعادة الابتسامات.. فكيف الحل؟. طبعًا لا يمكن أن نغفل أو نلغى التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعى من الحياة، فقد أصبحت أساسيات الحياة، ودونها كل الأشغال تتوقف، ولا يستطيع الإنسان العيش فى هذه الحياة بدونها، ولكن يكمن الحل فى التوازن بين وقت استخدام وسائل التواصل الإجتماعى، ووجود وقت للعلاقات الأسرية والعائلية وللأقارب والأصدقاء، والخروج عن الذات..وقد أشار السيد المسيح إلى أن الحل لمشكلة العزلة أن يخرج الإنسان من ذاتيته وقوقعة أنانيته ويتجه نحو الآخر بكل الحب، الحب الروحى السخى المعطاء الباذل الثابت غير المتقلب، ويعيش سعيدًا كما قال الكتاب المقدس: «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ». (أعمال 35:20).

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

الأقصر عند الإخوان والأقصر الآن - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 27/11/2021

 حالة فخر ونشوة سكنت قلوب وعقول المصريين وهم يتابعون حفل افتتاح طريق الكباش بالأقصر الذى حضره الرئيس وحرمه، هذا الطريق الذى يمتد على مسافة 2.7 كيلومتر بمحاذاة نهر النيل، بدءاً من معبد الأقصر وصولاً إلى مجمّع معبد الكرنك، والذى شهد قديماً احتفالات المصريين القدماء بأحد أهم أعيادهم الدينية (عيد الأوبت)، حالة استعادة هوية مصرية، حالة تمسُّك بالجذور وارتقاء بالإنسانية، هذه الحالة خلقت حالة هستيريا مضادة لدى تيار الإسلام السياسى التكفيرى الجهادى، هذا التيار الذى شن هجوماً كاسحاً على الاحتفالية، لم يفهم البعض سر ذلك الهجوم، لأن هذا البعض ما زال يعتقد أن هذا التيار ينتمى لهذا الوطن، وهذا كذب وتلك خرافات، هذا التيار أراد انتزاع جينات هويتنا وتغييرها تماماً، وكانت الخطة على وشك الاكتمال والتحقق لولا ثورة يونيو وانتفاضة المصريين، خطة كانت تركز على تحويل المصريين روحاً وعقلاً إلى مجرد عبيد للخلافة، وخدم لتطلعاتهم الأممية الإقصائية الكارهة للآخر والقامعة للمرأة والناشرة لثقافة الموت، ودائماً التاريخ هو الذى يمنحنا الدرس والإجابة، ففى مثل هذا الشهر، وتحديداً فى ١٧ نوفمبر ١٩٩٧، تمت أكبر مجزرة إرهابية فى تاريخ السياحة المصرية، فى الأقصر وفى معبد حتشبسوت تم قتل وذبح ٥٨ سائحاً أكثر من نصفهم سويسريون والباقى من اليابان وبريطانيا وجنسيات أخرى، وكان من بينهم طفلة بريطانية تبلغ من العمر خمس سنوات!!

وللمقارنة بين أقصر الإخوان وأقصر الآن وحتى لا ننسى، سنتذكر كيف تعامل الإخوان مع القتلة الذين شاركوا فى تلك المذبحة، عيّن الرئيس الإخوانى محمد مرسى المهندس عادل الخياط، عضو الجماعة الإسلامية الذى شارك فى المذبحة، محافظاً للأقصر!!! تخيلوا أكبر مدينة سياحية فى العالم، محافظها فى زمن تلك العصابة شارك فى ذبح ٥٨ سائحاً!! إنها الكوميديا السوداء، لا بد أن نعالج ذاكرة السمك التى تسكننا وتجعلنا ضحايا لتزيبف الوعى أحياناً، ونتذكر تفاصيل تلك الجرائم حتى لا يضحك علينا أحد من سماسرة التصالح والمراجعات... إلخ ويصدّر لنا نفايات بضاعة الإخوان والتكفيريين على أنها بضاعة «براند»، قبل هذه المجزرة كان مخططاً لعملية إرهابية أخرى، كان قد صدر من مصطفى حمزة، مسئول الجناح العسكرى للجماعة أمراً بمهمة أخرى، وأشارت المعلومات إلى تعلق تلك العملية بأوبرا عايدة التى انعقدت فى مدينة الأقصر واختطاف بعض السياح ومقايضتهم ببعض المعتقلين والسجناء، ولكن استحال تنفيذ العملية نظراً للاستحكامات الأمنية المشددة، فبادروا لتنفيذ العملية البديلة فى معبد حتشبسوت، وفى حوالى الساعة 12 صباح يوم 17 نوفمبر 1997 هاجم ستة رجال مسلحين بأسلحة نارية وسكاكين، حيث كانو متنكرين فى زى رجال أمن، مجموعة من السياح كانوا فى معبد حتشبسوت بالدير البحرى، وقتلوا 58 سائحاً فى خلال 45 دقيقة، ثم حاول المهاجمون الاستيلاء على أوتوبيس لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وتم العثور عليهم بعد ذلك مقتولين داخل إحدى المغارات، وكان التقرير الرسمى يدّعى أنهم يئسوا من المقاومة وقرر بعضهم الانتحار.

لا بد من إنعاش الذاكرة المصرية من حين لآخر حتى لا يتم خداعنا مرة أخرى بيد كارهى الحضارة ومزيفى التاريخ، وتسلم الأيادى التى صنعت تلك الاحتفالية المبهجة الرائعة.


Friday, November 26, 2021

هل لا بديل عن المسحة فى السفر؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 26/11/2021

 تعقيدات إجراءات السفر وركوب الطائرات صارت عبئاً نفسياً ضاغطاً على الجميع، نوافذ التنفس الحر التى تجلب أوكسجين السعادة وعلى رأسها السفر تغلق الواحدة بعد الأخرى فى زمن الكورونا، الضغوط النفسية تزيد والاكتئاب ازدادت نسبته بصورة مرعبة، وها نحن نشاهد الأوروبيين أنفسهم ضجوا وملوا ويتظاهرون من أجل رفع قيود الكورونا،لذلك يجب أن نفكر بعقلانية بعيداً عن هستيريا الهلع فى تعديل إجراءات وضوابط السفر وركوب الطائرات والاكتفاء بقياس الحرارة وكارت التطعيم، وتجنب المسحات الأنفية المزعجة وأيضاً المخادعة كإجراء روتينى وإجبارى للسفر واستقبال الضيوف، صديقى د. ناجى إسكندر أستاذ الفسيولوجى، الذى يعيش فى كندا الآن قدم هذا الاقتراح وتتم دراسته الآن، يقول د. ناجى عن فكرته واقتراحه:


تواصلت هنا فى كندا مع وزير النقل وهو بالمناسبة عربى «معالى الوزير: عمر الغبرة» وتقدمت باقتراح جديد بعد اقتراح المسحة الأنفية السلبية لعودة الطيران، واقتراح جواز اللقاح وهو وبالمناسبة يدرس ويستجيب مع مجموعة مستشاريه لكل اقتراح يجده بناء، بل ودائماً يشارك معنا وزارة الصحة الكندية وذلك بسبب الاختصاص بالموضوع المطروح، وذلك كالعادة دائماً هنا فى كندا بإشراك الجهات المعنية. والاقتراح الجديد كان هو: أنه مع اكتمال مشروع جواز السفر الخاص باللقاح vaccine passport فى كندا - الذى أعلم أنه على وشك الاعتماد فى مصرنا العزيزة أيضاً- فقد أرسلت باقتراح لتسهيل السفر بالطيران وعليه تنشيط السياحة بكندا مفاده؛ الاكتفاء بجواز سفر اللقاح، مع قياس درجة حرارة المسافر للتصريح بالسفر كبديل عن سلبية المسحة الأنفية PCR. والذى سيتم الاستغناء عنه كشرط للسفر. ومبررات ذلك كانت كالآتى:


١- صعوبة -وليس استحالة- الإصابة بالكوفيد والأهم حدوث مضاعفات فى حالة تلقى اللقاح، وهو وضع قائم وشرط أساسى لكل المسافرين الآن على متن الطائرات.


٢- وهو الأهم أن ارتفاع درجة الحرارة والذى يحدث فى 88% من حالات الإصابة بالكوفيد هو مؤشر أقوى للإصابة مقارنة مع إيجابية المسحة الأنفية، والذى يحدث فقط فى 70% من الحالات المصابة.


٣- إن قياس درجة الحرارة هو إجراء بسيط جداً، وسريع جداً، وغير مكلف ولا يمثل أى أعباء نفسية على المسافرين مثل المسحة الأنفية ويمكن إجراؤه لحظة إصدار جواز الركوب boarding pass أو حتى عند البوابات gates بينما المسحة الأنفية هى إجراء أكثر تعقيداً، وتكلفة ووقتاً، وتمثل صعوبة نفسية لكثير من المسافرين، وذلك كله يدفع الكثيرين إلى التخلى عن فكرة السفر إلا فى الحالات الضرورية، أو إلى الإقلال من معدلات السفر؛ وذلك بالقطع يضير قطاع الطيران والسياحة عالمياً.


٤- الحجة بأن: أولاً: ارتفاع درجة الحرارة يحدث فى حالات أخرى غير الإصابة بالكوفيد.


نرد عليه بالآتى:


- مع وباء الكوفيد فإن معظم حالات ارتفاع درجة حرارة الجسم تحدث الآن بسبب الإصابة بمرض الكوفيد.


- أنه وحتى فى الحالات الأخرى فإنه على رأس أسباب ارتفاع درجة الحرارة تأتى الإنفلونزا ونزلات البرد، وهذه أيضاً عدوى تنفسية يمكن أن تنتشر بين المسافرين، ومن الأفضل منعها خاصة فى زمن وباء الكوفيد، خاصة أنها سوف تزيد من شدة الإصابة فى حالة -لا قدر الله - تزامنها مع الإصابة بالكوفيد.


- القول بإنه يمكن اللجوء إلى الخداع باستخدام المسافر لخافض للحرارة قبل السفر، فبالإضافة لأنه تصرف غير أخلاقى فإنه وبنفس المنطق لا يستحيل إصدار نتائج مزيفة للمسحة الأنفية. والأصل فى الأمور هو الصدق وليس المخادعة.


هوامش: يمكن الاتفاق بين كل شركات الطيران على أنه فى حالة عدم تمكن الحالات النادرة من الركاب -الذين يثبت ارتفاع حرارتهم - من ركوب الطائرة وذلك حفاظاً على صحة بقية الركاب فإن شركة الطيران تتعهد بإرجاء السفر لهذا الراكب ودون توقيع أى غرامات عليه.


٥- وحتى فى حالة سلبية المسحة الأنفية أو عدم ارتفاع درجة حرارة الجسم فذلك لا يقطع تماماً بعدم إصابة الراكب بالكوفيد، لأن النتائج ليست وكما أشرنا مؤكدة بنسبة 100%، ولكن الالتزام بارتداء الكمامات من الجميع داخل الطائرة -وهو ما يحدث الآن فى جميع الطائرات- يقلل جداً من احتمال الإصابة بالكوفيد للركاب، وحتى مع وجود شخص مصاب على متن الطائرة، إلى فقط 5%. وربما أقل بسبب تلقى اللقاح.


النتيجة: وعدت السلطات الكندية بأنه من الأغلب سيتم إلغاء شرط سلبية المسحة الأنفية من أول ديسمبر المقبل بين كندا والولايات المتحدة، ليعقب حدوث ذلك بين كندا وبقية بلدان العالم بصورة متتالية ومتدرجة.


الخلاصة: أتمنى أن تشاركنى د. خالد بطرح هذا الموضوع ليصل إلى الهيئات الصحية المعنية فى مصرنا العزيزة ليتم الأخذ به، وذلك لأنه من المؤكد سيؤدى إلى رفع معدلات استخدام الطيران الدولى لمصر، وبالتبعية سيرفع من معدلات السياحة القادمة لمصر من بقية دول العالم، خاصة مع ما نراه اليوم من الاستثمارات المصرية العملاقة فى مجال السياحة وعلى رأسها قرب افتتاح المتحف المصرى الكبير وتطوير الطريق المعروف بطريق الكباش فى الأقصر والعديد من المشروعات السياحية المصرية الأخرى والتى تحظى بانبهار العالم كله


حفظ الله مصر والمصريين وسدد خطاهم.


Tuesday, November 23, 2021

سهير البابلي التي نعرفها - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 22/11/2021

 هناك إصرار غريب من بعض المواقع الإخبارية على تصدير صورة ذهنية عن الفنانة الكبيرة سهير البابلى بعد رحيلها كداعية دينية، وشطب صورتها كفنانة! وأنا مندهش جداً من هذا الإصرار الغريب، فنحن قد أُعجبنا بسهير البابلى فنانة المسرح والسينما والدراما، سهير البابلى التى صالت وجالت على خشبة المسرح وتألقت على شاشة السينما وفى الدراما التليفزيونية، هى التى سكنت ذاكرتنا حتى هذه اللحظة، وليست سهير التى ارتدت الحجاب، فهذا شأن خاص بين المرء وربه، وليس هو مصدر حبنا لها، فمليون امرأة ارتدين الطرحة ولهن كل الاحترام، لكن لم ولن تكتب عنهن الصحف أو تحتفى بهن المواقع أو يبكى عليهن المعجبون، هى سهير واحدة وختم الحب اكتسبته من خلال فنها، وبصمتها على شغاف القلب جاءت من أدوارها الفنية، تعجّبت أكثر حين وجدت احتفاءً من معظم تلك المواقع بجملة الحمد لله أننى لم أمت على خشبة المسرح! فالموت على خشبة المسرح ليس عاراً ولا خطيئة ولكنه شرف وفخار، شرف أن أموت وأنا أؤدى دورى فى الارتقاء بالوجدان والشعور والسمو بالروح والعقل، لو كانت هذه هى مهمتى وعملى فمرحباً بها حتى آخر لحظة من حياتى.

لماذا تلك المحاولات الملحة لتحقير الفن وقتل قوانا الناعمة بهذا الشكل، والإصرار على تحويل فنانينا ونجومنا إلى دراويش فى جلسة زار؟! لماذا هستيريا استتابة الفنان قبل موته؟! لماذا رفع فزاعة الفسق والمجون وطهر نفسك من التلوث الفنى قبل القبر؟! إلخ.

الفن ليس خطيئة لكى نعتذر عنها، الفن أسمى الأعمال والمهن، لا يستطيعه إلا الموهوب بجد، أشم رائحة غيرة من أرباع الموهوبين وقساة القلوب الذين لم يتصالحوا مع ذواتهم وانكشف عجزهم الفنى فصبوا جام غضبهم على الفنانين الحقيقيين، حدثت هذه الخلطة الدرويشية عند الحديث عن شادية بعد وفاتها، وخرج فنان ملتحٍ شبه معتزل يقول إنها تابت، وكأن الفن رذيلة. سهير البابلى لمن لم يشاهدها على مسرح الستينات والسبعينات كانت أيقونة فى فن الأداء، وكانت عجينة تمثيلية طيّعة ومدهشة وسحرية يتهافت عليها مخرجو المسرح الكبار، المخرج كرم مطاوع أعاد اكتشافها فى «الفرافير»، أجمل ما كتب يوسف إدريس من مسرحيات، وكانت ثورة مسرحية حينذاك وما زالت. المخرج عبدالرحيم الزرقانى فى مسرحية «ليلى والمجنون» لصلاح عبدالصبور منحها دور البطولة أمام الشاب محمود ياسين، الذى ألقى أجمل مونولوجات شعرية فى تاريخ المسرح الشعرى المصرى، ولكنها بحضورها الطاغى شاركته الضوء والتألق، المخرج سيد راضى اكتشف البركان الكوميدى الذى كان مختزناً بداخلها ومنحها بطولة «الدخول بالملابس الرسمية».

سهير البابلى فنانة عظيمة، وسهير التى نعرفها والتى أكتب عنها اليوم والتى لا بد أن نحتفى بها من هذا المنطلق، هى الفنانة سهير البابلى، سهير التى حفرت اسمها فى خلايا عقولنا وسراديب وجداننا من خلال تمثيلها الرائع الرشيق الجميل، سهير البابلى ملكنا نحن الجمهور قبل أن تكون ملك أسرتها أو أصدقائها.


Sunday, November 21, 2021

الشباب بين التكيف السلبى والتفاعل الإيجابى - الأنبا موسى - المصري اليوم - 21-11-2021

 فى عالم يموج بالصراعات، والنزاعات، وفى قرن كانت فاتحته انهيار البرجين فى نيويورك، وساد فيه منطق القوة والعنف والدم، ثم الثورات، وما تَسمى بالربيع العربى، والعنف والدمار الذى صحبه، وما لهذا من تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية هائلة، والتوتر وعدم الاستقرار فى بلاد كثيرة حولنا وحتى الآن، ثم بعد ذلك وباء «فيروس كورونا» وأثره على الاقتصاد فى كل دول العالم، وكذلك التقدم التكنولوجى الهائل وما نسمعه عن العالم الافتراضى «الميتافيرس» وغيره.. يحتاج الشباب عمومًا إلى التفاعل الإيجابى، وليس إلى التكيف السلبى.

إيجابية الحياة المسيحية:

تتسم المسيحية باتجاه إيجابى واضح، فبينما قال كونفوشيوس الزعيم الروحى للصين: «كل ما لا تريدون أن يفعل الناس بكم، لا تفعلوه أنتم أيضاً بهم».. قال السيد المسيح- بإيجابية واضحة بناءة- «فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ» (متى 12:7).

فنحن نريد ليس منع الشر فقط، ولكن السعى إلى نشر الخير والمحبة والعطاء والفضيلة.

لهذا فنحن نرفض أن يعيش شبابنا «التكيف السلبى»، قائلين: ماذا نفعل؟، هذه هى الأوضاع، فمن يستطيع أن يغيرها؟!، وهذه هى العقبات، فمن يستطيع أن يتجاوزها؟!، وهذا هو الواقع، فمن يستطيع أن يرتفع فوقه؟!.

الواقع الاقتصادى... حيث تسيطر الدول الغنية على الفقيرة، وعصفت اتفاقية الجات بالصناعات الصغيرة، ورفعت الخصخصة من عدد العاطلين. ناهيك عن الميكنة والفساد، والكساد.. إلخ.

والواقع الاجتماعى.. حيث تتأكد نظرية «صموئيل هنتنجتون» فى صراع الحضارات، إذ يموج العالم بصراعات كثيرة، وإلى أى مدى يؤثر ذلك على علاقتنا هنا فى مصر؟!، أشك فى ذلك، فنحن دائمًا نشعر بوحدتنا معًا، فى قارب واحد، ضد الغزاة المستعمرين، منذ حروب الفرنجة (التى تسمى خطأ بالحروب الصليبية)، وحتى تحرير مصر من الاستعمار الإنجليزى والفرنسى والإسرائيلى، وحتى من التيارات المتشددة.

والواقع السياسى.. أتاحت ثورتا 25 يناير و30 يونيو فرصة كبيرة للشباب، ليكون أكثر وعيًا، وليشارك بطريقة فعالة، وقد خاض عدد كبير من الشباب التجربة الانتخابية، ونالوا أصوات المواطنين، وقد ساهموا فى خدمات كثيرة فى الأحزاب، وبدأوا يساهمون بالكتابة والعمل، فى واقع اليوم.

■ ■ ■

وفى خضم هذا «التداخل» بين السياسة والاقتصاد والاجتماع والدين.. لا ينبغى للشباب أن «يتكيف سلبياً» مع هذه الأوضاع.. بل عليه أن «يتفاعل إيجابياً» ليتجاوز الواقع، وينتصر- بنعمة الله- على الصعاب، مهما كانت ضارية!!.

■ ■ ■

صور من التفاعل المطلوب:

1- التفاعل الدينى والاجتماعى: من خلال حوار الأديان، ليس على مستوى العقائد بل على مستوى ما هو مشترك مثل:

أ- الفضائل التى تدعو إليها الأديان. ب- الوقوف ضد تيارات الإلحاد المعاصر.

ج- العمل المشترك لخير الإنسان، فى مجالات التنمية والصحة والتعليم.. وها نحن ننشئ مستشفيات باسم كنسى، ولكنها تخدم المجتمع كله.. وكذلك المستوصفات والمشاغل والمدارس وفصول محو الأمية.. وغيرها من الخدمات التى تخدم المجتمع كله.

د- لقاءات المحبة التى تجمع كل المواطنين معًا، كموائد رمضان، ودور «بيت العائلة» والندوات المشتركة فى قضايا عامة مثل: العلم والتكنولوجيا، والإنجازات العلمية مثل: زرع الأعضاء والاستنساخ والهندسة الوراثية والإجهاض والميتافيرس.. إلخ.

المواقف الوطنية الموحدة، أمام التدخل الخارجى فى شؤون الوطن، وثورتا 25 يناير، و30 يونيو، كنموذج للتلاحم الوطنى.

2- التفاعل الاقتصادى:

أ- يجب ألا يقف شبابنا عاجزًا أمام الجديد فى الظروف الاقتصادية، وعليه أن لا ينتظر تعيين الدولة فى وظيفة ما، بل أن يبتكر ويغامر بمشروع صغير، يكبر رويدًا رويدًا، ويتعرف على إمكانيات الدولة فى معاونة الشباب فى ذلك، من خلال «الصندوق الاجتماعى»، أو «جهاز تشغيل الشباب بالمحافظات، أو بنوك التنمية»، أو القروض البنكية للمشروعات الصغيرة.

ب- إن الركود فى حياة الشباب، أمر مرفوض، فى هذا العصر، فالأمل فى شباب إيجابى، يفكر، ويبدع، ويبتكر، ويغامر مغامرات محسوبة. ونحن نلحظ نمو هذا الاتجاه لدى شبابنا، ومطلوب المزيد، معتمدين على أمانة الرب مع أبنائه، وعلى الاجتهاد الإنسانى المخلص، فنحن نتبنى على الدوام فكرة «الإيمان والأعمال»، فإله السماء يعطينا النجاح، ونحن عبيده نقوم ونبنى.

3- التفاعل الروحى:

أ- إذ لا يحسّ الشباب بعجزه أمام تيارات الخطيئة، وهجمات الشيطان، بل ينتصر بقوة الله، وأمانة الاجتهاد الروحى، فمنذ القديم كان شعار المؤمن: «النفس الشبعانة تدوس العسل» (أمثال 7:27). لهذا ندعو شبابنا أن لا يتباكى أمام السقوط والتعثر، بل يقول الكتاب المقدس: «لاَ تَشْمَتِى بِى يَا عَدُوَّتِى، إِذَا سَقَطْتُ أَقُوم» (ميخا8،7)، «تُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ)» أعمال الرسل8: 22)، ويرفض الخطيئة بكل صورها لأنها مدمرة، كما يرفض الحرية المزيفة والإباحية، كما حدث فى تقنين المثلية فى بعض دول العالم... إلخ.

ب- إن واقع الإنسان لم يتغير جوهريًا، من جيل إلى جيل، ومن قرن إلى قرن، فالإنسان هو الإنسان، والشيطان هو الشيطان، والرب هو الرب.. وهيهات للشيطان المحدود، وكل قوات الشر معه، أن تنتصر على المؤمن المتحد بالرب، أى باللانهائى غير المحدود. والرب معنا.

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

أغاني المهرجانات ونظرية الفرز وتأميم الذوق - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 20/11/2021

 أنا شخصياً لست من عشاق أغانى المهرجانات، ولكنى ضد منعها، ومع ترك نظرية الفرز الاجتماعى والفنى لتؤدى وظيفتها وعملها. المسألة أكبر من مجرد أغنية مهرجان، المسألة مسألة رفض وصاية من أى نوع، اليوم وصاية على ذوقى الموسيقى، غداً ستصبح وصاية على اختيارى وانحيازى الفكرى، هناك فلتر اجتماعى ذاتى، وهناك غربال شعبى متعدد مقاسات الثقوب، هذا الفلتر وذاك الغربال هما اللذان يحددان ماذا سيظل فى الوجدان وماذا سيسقط. لم يهاجم مطرب شعبى مثلما هوجم عدوية وهوجمت كلماته وإيقاعات ألحانه، لكن ذكاء عبدالحليم جعله يذهب إليه ويصفق له بل ويغنى معه، لأنه يعرف ويدرك جيداً أن تأميم الذوق الفنى مستحيل، عبدالوهاب نفسه مدح عدوية، بليغ حمدى لحّن له أغنية اسمها يا واد يا بنج! عبدالحليم ضربوه بالطماطم فى حفلته الأولى لأنه رفض الغناء بالاستايل القديم.

 وجود التنوع له عدة مزايا ومكاسب، سيستفيد الفن الأصيل أو ما تعتبره أنت أصيلاً بأن يتساءل ما هو سر انجذاب هؤلاء الشباب إلى ذلك النوع من الفن؟ هل هو الإيقاع الراقص؟ إذا كان هذا هو المغناطيس فلنطعّم ألحاننا بالإيقاع الراقص وهكذا، وهذا هو ما حدث من عبدالوهاب وبليغ وغيرهم ممن تمردوا على نظام التخت ويا ليل يا عين ورتابتها، وسيستفيد أيضاً فن المهرجانات بأن يطور ويعدل من نفسه، وسيذهب حتماً الزبد جفاء، وستقع النفايات من تلقاء نفسها فى سلة قمامة الفرز التاريخى.

 

الطفل لا يتعلم المشى السليم إلا من خلال التعثر، ولو أفزعناه وضربناه مع كل عثرة سيصاب بالشلل ولن يبادر بأى حركة جديدة من الممكن أن تجلب له العقاب، المجتمع الذى يعلق خطاياه على شماعة أغنية أو فى رقبة مشهد سينمائى هو مجتمع مرعوب من المواجهة الحقيقية لمشكلاته وعرضها على طاولة التشريح النقدية، نحن نعانى من التخشب العضلى وليست لدينا رقصة قومية مثل بقية الشعوب، ليست لدينا دبكة أو سالسا أو زوربا أو تانجو أو رومبا أو سامبا... إلخ، وقد وجد الناس متنفساً فى أغانى المهرجانات وغيرها كى تتحرك الأجساد وينفضوا عنها نشا التخشب والتشنج، وحتى نخترع رقصتنا القومية المصرية سنظل نبحث عن أى إيقاع راقص يجمعنا خارجها، لا ننسى أننا كنا قد لجأنا إلى مقدمات أم كلثوم الراقصة لكى نجتمع حولها فى حفلات السمر الراقصة، كان على رأسها مقدمة ألف ليلة لبليغ، وأتذكر جيداً وأنا طفل جنون وولع بنات الجامعة حينذاك بالرقص على أنغامها.

 الوصاية مرض خطير، وترك التنوع وآلية الفرز هو أفضل لقاح، أستمع إلى باخ وموتسارت وبيتهوفن، ولا أخجل من أن تُحسن مودى وتبهجنى «بنت الجيران» و«سلامتها ام حسن»، ولا أحس بأنها خدشت ثقافتى أو جرحت مكانتى أو أنزلتنى من درجة المثقف إلى درجة الأبله! وفى نفس الوقت لا أنكر على مثقف آخر امتعاضه وكراهيته لتلك النوعية من الغناء، هو حر، لكن أن ينزل بسيفه لبتر ألسنة وأحبال الصوت لحناجر هؤلاء المطربين، هنا هو ليس حراً، فالوصاية دائرة جهنمية، ما إن تبدأ الشرارة حتى تندلع الحرائق لتأكل الأخضر واليابس، وتنتهى بحرق من فرض الوصاية نفسه بتهمة إفساد الذوق العام.


Saturday, November 20, 2021

السيكوباتي وامتحانات الشفوي - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 19/11/2021

 فارقت الطالبة نيرمين بدوى الحياة بشكل مفاجئ بعد انتهاء الامتحان الشفهى فى مادة الباطنة، بكلية طب جامعة الزقازيق، واجتاحت صورها موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، بعد انتشار نبأ رحيلها، وتداول نشطاء مواقع التواصل صورها مصحوبة بنعيها والدعاء لها بالرحمة والمغفرة، ومن مطالعة حساب الفقيدة، تبين أنها يتيمة الأم، وأن والدتها توفيت نتيجة مرض عضال أصابها وعانت منه آخر سنوات عمرها، وذكر أحد أصدقائها على الفيس بوك «أنها ماتت من ضغط الامتحانات اللى بيحصل على الطلبة خصوصاً الكليات العملية».

انتهى الخبر الحزين المؤلم المكتوب على موقع «الوطن»، ولكن حكايات امتحانات الشفوى فى كلية الطب برغم كل ما يحدث من تقليص لدور مزاج وانحياز الأستاذ وسيكولوجيته التى من الممكن أن ترفع إلى سابع سما أو تخسف فى سابع أرض لم تنته، بالرغم من كل هذا ما زال امتحان الشفوى هو بعبع طلبة كلية الطب، وما زالت هناك المجاملات وأيضاً الانتقامات، للأسف هناك أساتذة سيكوباتيون، عددهم قليل حقاً، لكن الكثير من خريجى كلية الطب عانوا منهم المرار والعذاب، وللأسف هناك من يتخرج فى الكلية بشخصية مهزوزة أو مرض نفسى أو تطرف مدفون نتيجة خروج طاقة السيكوباتية من الأستاذ على الطالب والتلذذ بالسادية وهو يرى الطالب ينسحق أمامه، حكايات وحكايات سوداوية كثيرة لو طلبنا من الأطباء حكايتها عن جوانتنامو امتحانات الشفوى ستأخذ مجلدات بثقل الكرة الأرضية، منها حكاية حدثت أمام عينى فى واحد من امتحانات الشفوى لمادة الجراحة، وكانت درجات الشفوى على أيامنا مجزرة حقيقية، كان هناك ما يسمى حالة long case عليها مائة درجة أو خمسون لا أتذكر الآن، وحالات short درجاتها أقل، كانت قراءاتى واهتماماتى الفنية قد خففت عنى حدة احتقانات تلك الامتحانات، وكنت أذهب إليها وليس لدىّ الطموح الرهيب بأن أسحق زملائى وأنتصر عليهم جميعاً فى غزوة الشفوى المباركة، وأن أحارب حتى لا أنقص درجة، إلى آخر تلك الهستيريا التى خلقتها روح التنافس المرعبة فى تلك الكلية، أما نمط الطالب الذى ينهار لو نقص نصف درجة فقد كان منتشراً انتشار النار فى الهشيم، جاء النائب وقام برصنا فى طابور كالدجاج الذاهب إلى مقصلة المذبح، سألنا النائب عمن سيمتحننا فقال هما أستاذان، أستاذ الجراحة فلان، والأستاذ د. مفيد سعيد، وكان الدكتور مفيد سعيد بشوشاً طيباً يطبطب علينا ويمنح أقل طالب ٤٥ من خمسين، أما الأستاذ فلان فقد كانت درجة التفوق عنده خمسة من خمسين!! غير التهزيق والبهدلة وقلة القيمة، كنا جميعاً نرتدى البدل والكرافتات، بدأ العرق يتصبب وكأنك أدخلتنا فى الهويس ووضعتنا أمام توربينات السد العالى، كنا نسمع دقات قلوبنا وكأن الأفئدة ستقفز من الصدور، وتملك الطلبة إحساس من يطلق على جمجمته الرصاص من مسدس فى خزنته رصاصة يتيمة، ينتظر الموت منطلقاً من إحدى خاناته، يدخل طالب من الطابور اليمين للدكتور مفيد، ويخرج آخر من لجنة الأستاذ فلان، ليدخل من عليه الدور إليه يبسمل ويحوقل مرتعشاً وكأن دراكولا سينشب أنيابه فى عنقه، إلى أن أتى الدور على الطالب «الموس» فى السيكشن، والذى كان ينتظر مركزاً متقدماً فى الدفعة، نادى النائب عليه بهتاف عزرائيلى رخيم، كان حظه الأسود قد ألقى به فى مفرمة الأستاذ فلان المرعب، وحدث المشهد الذى لن أنساه طيلة حياتى، بنطلون زميلى «الموس» يبتل أمامنا ببطء وجسده يرتعد وكأنه وضع يده فى كشك الكهرباء، لقد تبول زميلنا على نفسه من وقع الصدمة، ومر شريط أحلامه على شاشة السواد ماسحاً كل أمنيات التعيين ومكانة الانضمام لهيئة التدريس، انهار الحلم ودفنت الأمنيات، ولا أعرف مصير هذا الزميل الآن ولكن من المؤكد أن جرحه النفسى لم يندمل بعد.


Sunday, November 14, 2021

إطلالة على شباب اليوم - الأنبا موسى - المصري اليوم - 14-11-2021

 أولًا: واقع شباب اليوم:

شباب اليوم شباب طيب، يرضى بالقليل، ويكافح من أجله، يخاف الله، ويرتبط بالعبادة، يختلف عن غيره فى الغرب ممن يربونهم على المادية، والذاتية، والحرية الزائفة.. لذلك فإنى أتصور ما يلى:

1- شبابنا شباب متدين عمومًا، يحيا الكثير من الأتعاب سواء فى: المعيشة المنزلية، وضعف الدخل، أو بالنسبة للعملية التعليمية، وتوتراتها: من الشهادة الابتدائية إلى الإعدادية إلى الثانوية إلى الجامعة، بالإضافة إلى الازدحام السكانى الشديد، وما يصحبه من توتر عصبى عام.

2- وهناك إحساس بالمتاعب الاقتصادية، التى تعانيها مصر والديون المطلوبة، وصعوبة الحصول على عمل وسكن، وزواج مناسب، هذه كلها تشكل واقعًا صعبًا، يحياه شبابنا، ويحتاج منهم إلى مجهود وإيمان وإبداع وتحرك، حتى يحصلوا على العيش المعقول.. وهنا نشكر دور الدولة فى توفير مساكن لمحدودى الدخل «برنامج حياة كريمة».

ثانيًا: آمال وطموحات الشباب:

1- هى قليلة جدًّا، فشبابنا لا يطمح إلا إلى: عمل مناسب يعطى دخلًا معقولًا، ثم إلى سكن مناسب، ثم إلى شريك حياة يقاسمه حلو الحياة ومرها.. هذه كل طموحات الشباب الآن، وهى باختصار الحق فى الحياة.

2- ولا شك أن شبابنا يجنى أخطاء أجيال سابقة، لم تحسن إدارة موارد البلد، وسياستها واقتصادها، فورث تركة مثقلة بالديون، ومستقبلًا صعبًا للبلاد، ومشاكل تنوء بحملها الجبال: التعليم المجانى، والعلاج المجانى محدود الأثر، والقوى العاملة (وما يصاحبها من بطالة مقنعة)، والانفجار السكانى (وما يتبعه من توترات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية)، هذه كلها آلام يعانيها شبابنا ويكافح ضدها لكى يصل إلى حياة بسيطة قانعة سعيدة.

ثالثًا: التحديات التى تواجه الشباب:

1- التحدى الإيمانى: كانتشار الإلحاد، والمادية، أو التشكيك والطعن فى معطيات الإيمان، وجرهم للإلحاد بأنواعه. وهذا يحتاج إلى: الحياة الروحية السليمة، وتوعية روحية وفكرية، وخدمة جماعية وفردية، وحركة إبداعية جديدة، والتعليم الدينى المشبع.

2- التحدى الثقافى: القادم من الغرب، وفى ضوء الثورة التكنولوجية، والذى يحتاج منا أن نربى شبابنا على إمكانية التمييز بين الإيجابى والسلبى. وعلى القدرة على تبنى الإيجابيات ورفض السلبيات؛ ولهذا فالتأصيل الكتابى والفكرى لشبابنا أمر مهم فى هذه المرحلة.

3- التحدى الاقتصادى: وتكمن المشكلة الاقتصادية حينما لا يجدون فرصة العمل المناسب، لذلك يحتاج شبابنا ألا يتوقف عند الوظيفة، بل يفكر فى مشروع خاص صغير. وأن يكون قانعًا لا يجرى وراء المظاهر، والتفاهات، والماديات. كذلك يحتاج أن يكون شبابنا مؤمنًا بإمكانيات الله غير المحدودة. والقادرة على فتح الأبواب المغلقة أمامه.

4- التحدى العلمى: ثورة الاتصال، والمعلومات، والأقمار، والفضاء، والهندسة الوراثية، والطاقة الاندماجية، وتقنيات التكنولوجيا العالية، والعالم الافتراضى، وما يتبعه، (الميتافيرس)، وهذا يحتاج أن يقتنع شبابنا بأن العلم السليم لا يكون أبدًا ضد الإيمان السليم.

كل هذه المشاكل والتحديات فهى وإن كانت كثيرة إلا أن لها حلولًا: بالإيمان والاجتهاد.

رابعًا: اختلاف شباب اليوم عن شباب الماضى:

1- مشكلة الاغتراب والتطرف: الأمر الذى يحتاج أن نربى شبابنا على المشاركة فى اتخاذ القرارات، وعلى أن يكون لحياتهم معنى، ونقدم لهم معايير موحدة، ونعطيهم فرص تحقيق جوهرهم الخاص، وإسهامهم الفردى كأعضاء فى الجماعة الوطنية.

وحينما يكون لشبابنا الشخصية المتكاملة: روح تشبع.. وعقل مستنير.. ونفس مستريحة.. وجسد صحيح.. وعلاقات ناجحة.. يصعب أن تتطرف مثل هذه الشخصية.

2- تحدى الإدمان والإيدز: وهذا يحتاج أن يكون لشبابنا نفسية صحيحة وسليمة. فحينما يكون الإنسان سعيدًا يستحيل أن يلجأ إلى الإدمان، ولا حتى إلى الانحرافات الجسدية، كذلك فالتوعية من مخاطر الإدمان والإيدز، أساسية، حتى لا يسقط شبابنا فريسة لها.

3- تحدى تكاليف الزواج: الأمر الذى يحتاج منا أن نتخلى عن بعض التقاليد السلبية: كالإسراف فى الذهب والأثاث، والملابس، والسكن، وحفل الزواج.. لذلك نحتاج لحملة إعلامية واسعة نرفع فيها القيمة الروحية، والإنسانية فى الزواج فوق الأمور المادية، والمظهرية التافهة.

3- تحدى التقدم العلمى والتكنولوجى المذهل، وما أحدثه من تغيرات جذرية فى حياتنا فى سنوات قليلة، والبحث فى المخاطر، وكيفية الوقاية منها، ووقاية شبابنا والجيل الصاعد، والعديد من الإشكاليات التى تنعكس على القيم والسلوك، وذلك من حيث النظرة إلى المادة، وجفاف المشاعر، والعلاقات الأسرية، والآلية فى الحياة والعلاقات.. إلخ.. مع الأخذ فى الاعتبار إيجابيات هذه الثورة التكنولوجية من حيث التنظيم، ووفرة المعلومات وحل مشاكل الواقع.

لذلك: أ- الإنسان المؤمن لا يخاف من العلم السليم، والتكنولوجيا الحديثة. فهذا يدعم الإيمان السليم. وقديمًا قال نيوتن: «حينما سئل عن شعوره وهو يكتشف قوانين الطبيعة فأجاب: «كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط ضخم»، كما قال أينشاتين: «كلما درست الكون ازددت إحساسًا بالجهالة». وذلك من فرط إحساسه بضخامة الكون، ولا محدودية المهندس الأعظم (الله تعالى).

ب- نحتاج إلى الرعاية الشاملة لأجيالنا من جهة: الروح والذهن والنفس والجسد والعلاقات الاجتماعية.

ج- المهم ألا يجعلنا العلم أو تيار الحياة عمومًا أصحاب مشاعر جافة، نتحرك فى الحياة والعلاقات بطريقة ميكانيكية، خالية من الروح الإنسانية، والوجدانيات العاطفية.

د- والإنسان المؤمن مؤهل لأن يحترم العلم ويستثمره فى دعم الإيمان.

هـ- وهو خادم أمين، يسعى ناشرًا الحب والسلام، والخير والخدمة فى كل مكان، يحقق ملء إنسانيته، ويسعى نحو مساعدة الناس من حوله. أيًّا كان جنسهم، أو دينهم، أو مستواهم الاجتماعى. ولربنا كل المجد إلى الأبد آمين.

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.