Translate

Friday, March 31, 2017

دولة الزى الموحد بقلم سحر الجعارة ٣١/ ٣/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

(مواجهة الإرهاب تبدأ من الحسم العسكرى، وتستمر لتشمل العمل على تحسين الظروف التنموية والاقتصادية والمعيشية فى بلادنا وبشكل عاجل وفعال، والتصدى للفكر المتطرف على المستوى الدينى والأيديولوجى والثقافى).. إنها المرة الأولى التى يتحدث فيها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» عن تغيير المناخ الثقافى والتوجهات الأيدلويوجية، بالإضافة إلى تجديد الخطاب الدينى، فى مواجهة التطرف والإرهاب.
أخيرا تغيرت نظرة الرئيس إلى النخبة المثقفة، وبدأ يساوى «الحسم العسكرى» بـ«المناخ الثقافى».. هذا ما تتصوره وأنت تستمع إلى كلمة الرئيس، أمام القمة العربية، لكن قبل أن تتمادى فى التفاؤل.. يعود الرئيس ليحدد آليات المواجهة فى (تطوير التعليم، وتعزيز دور مؤسساتنا الدينية العريقة، وعلى رأسها الأزهر الشريف، لدحض الأفكار المتطرفة التى تبثها المنظمات الإرهابية، بحيث يتم من خلال منظومة فكرية وثقافية متكاملة نشر وإعلاء قيم الدين السمحة، وتعزيز مبادئ المواطنة).
لم أفهم قصد الرئيس من «تطوير الأزهر»، قطعا هو لا يقصد «ترميم المبنى»، كما أنه لم يعد يستخدم تعبير تجديد «الخطاب الدينى».. الرئيس يتحدث عن تضافر الجهود الثقافية والفكرية وقيم المواطنة.. بينما الأزهر يقف على النقيض من كل ذلك، بل ويعاديه!
هل الأزهر بشيخه الدكتور «أحمد الطيب» الذى أنهك القضاء بمطاردة الكتاب والصحفيين، بدعاوى المصادرة والتكفير، هو نفسه المكلف بخلق منظمة تضم المثقفين والسياسيين؟
هل الدكتور «الطيب»، الذى رفض تكفير «داعش»، والذى يعادى «الشيعة» وقد يراهم فى قرارة نفسه (خارج الملة)، هو المسؤول عن نشر التسامح والتعايش المشترك، حتى تصبح أفعالا وممارسات مجتمعية راسخة؟
لا أعتقد، لو كان شيخ الأزهر حريصا على مشاعر الأقباط لرفع من على «اليوتيوب» الفيديو الذى يكفرهم فيه، وشدد على علمائه وأئمته ألا يجرحوا فى عقيدة الآخر.. الأزهر مؤسسة لا تعترف أصلا بالاختراق الوهابى والإخوانى لصفوفها، وتصر على الترويج للأفكار المتشددة، وتعتبر «الاجتهاد» رجسا من عمل الشيطان، و«البخارى» مقبرة الغزاة من الباحثين.
الأزهر «دولة موازية» للدولة الوطنية التى يتحدث عنها الرئيس، ويعتبرها (بوتقة تصهر الثقافات والطوائف والمذاهب المتعددة فى ولاء واحد لوطن واحد).. ويؤكد على العلاقة الجدلية بين ضعف الدولة وتزايد الإرهاب.
فى «دولة الأزهر» لا وجود للعقل، إنها دولة مستبدة أطاحت بقرار وزير الأوقاف فى معركة «خطبة الجمعة»، للاستحواذ على المساجد وخلق مجتمع مستلب يستسلم لمن ينشر الخرافة باسم الدين.. دولة فرضت قانونها فى موقعة «الطلاق الشفهى»، رغم وجود رأى يؤكد عدم وقوعه، لتثبت أنها الأقوى وأن «هيئة كبار العلماء» تحكم مصر «من الباطن».
قلبى مع الرئيس وهو يتحدث عن منظومة «التعليم» التى تحتاج إلى نسف من الجذور، فهل نقنع الآن بتغيير مناهج «التعليم الأزهرى» التى تتحدث عن «الجهاد وأكل لحم الأسير... إلخ».. ليقبل الطالب على الحياة المدنية ويتعايش طبقا لمفهوم المساواة والمواطن، بدلا من تكفير المجتمع والاعتقاد بأنهم وحدهم «الفرقة الناجية»!
سيادة الرئيس: الإشكالية التى تحكم علاقة المثقف بالفقيه هى- ببساطة- أننا نريدها دولة مدنية وهم ورثة الدولة الدينية.. والقضية أعقد من الانصهار فى بوتقة الوطن الواحد، فالدولة المدنية قائمة على «التنوع» فى الأديان والمذاهب والطوائف والانتماء الأيديولوجى، شريطة الالتزام بالدستور والقانون والتكيف مع القيم الاجتماعية السائدة.
أما «دولة الأزهر» فلا تمنح جنسيتها لمفكر لأنه ينبش فى كتب التراث، ويناقش آراء الأئمة الأربعة ويقارنها بالقرآن الكريم.. إنها دولة «متعصبة» لرجالها، .. حتى «الإقامة» العابرة على أرضها بـ«وثيقة الأزهر» لا تضمن للمقيم سلامة رقبته ولا نجاته من تطبيق حد الردة.
الحديث عن «منظومة متكامله» يبدأ بالدستور الذى تحول إلى «بردية فرعونية»، وحين تتساوى الرؤوس والعقول، ويعترف «كهنة الأزهر» بالندية مع المثقف والسياسى يمكن أن يبدأ «حوار» فحسب.
أما الآن فحن فى «دولة الزى الموحد»، مجلس النواب يضم «الأحزاب الدينية»، بالمخالفة للدستور، ليزايد على الأزهر، ينفى المعارضة وكأنه يحاكى «تقديس البخارى» قوانينه.. والإعلام يتحدث بلهجة واحدة لتسود «ثقافة الببغاوات».. والخريطة السياسية لا تتسع لأى أيديولوجيا غير «الإصلاح الجرىء».
فى دولة كهذه تُستباح عقول المفكرين بـ«الحسبة الدينية»، وتهتك أعراض الأقباط بمؤامرة «عايز أختى»، وتهدم الكنائس.. أما المعارضة السياسية فتقف أمام «لجنة القيم» ثم ترتدى «البيجامة»!
فى دولة ترمى حرية الرأى والتفكير خلف القضبان بتهمة «الازدراء»، لا مجال للاندماج ونبذ التطرف، لأنها دولة دينية متطرفة عاصمتها «الأزهر الشريف».

فعلا «حالة حرب».. السلطة تقاتل الشعب فى كل الجبهات بقلم د. عمار على حسن ٣١/ ٣/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

( ١ )
انقطاع، وسط حال من الغموض الشديد. لكن المشكلة أن جبهة هذه الحرب تتسع طيلة الوقت ليتزايد أعداء السلطة أو بالأحرى رافضوها من غير التكفيريين وحملة السلاح، بل من المواطنين العاديين، سواء كانوا يعيشون على حد الكفاف ويلتقطون أرزاقهم من أعمال موسمية وعشوائية وهامشية أو كانوا من صفوة المجتمع، وعلية القوم.
وبينما القتال الحقيقى فى سيناء وفق أسلوب «حرب العصابات» فإن الحرب المصطنعة والمستعارة التى تجرى فى بقية مصر شاملة وكاملة وتقليدية إلى حد بعيد، وجربها المصريون مع سلطات متعاقبة وفى أزمنة متقاربة ومتباعدة وعبر تاريخ مديد كان فيه أهل الحكم فى غفلة عن الشعب، يعيشون فى أوهام وخيالات تصور لهم أن كل ما ينطقون به أو يفعلونه يصفق له الناس، وينعتونه بالوطنية والحكمة والبصيرة والروعة. إنها حرب الواحد ضد الكل، سواء كان هذا الواحد هو رئيس الجمهورية أو مؤسسة من مؤسسات الدولة، أيا كان اسمها. ولا يمر أسبوع، وإن تفاءلنا يكون شهرا، إلا وتأتينا أخبار هذه الحرب التى لا تنقطع نارها، بعد أن انطلقت كاسحة، كعاصفة هوجاء، فأحدثت صدمة ودويا هائلا، مع انهيار قيمة الجنيه والارتفاع الفاحش الفاجر للأسعار، ثم تحولت بمرور الوقت إلى أصناف من المعارك النوعية على جبهات منتقاة بعناية. فمرة ضد الصحفيين، ومرة ضد الأطباء، وثالثة ضد المحامين، وأخرى ضد أساتذة الجامعات، والآن ضد القضاة، وقبل هؤلاء كان ضد العمال بتجاهل تشغيل المصانع المتوقفة أو عدم إنشاء مصانع جديدة، وضد الفلاحين بتركهم نهبا لظروف قاسية، وضد الشباب بالتوسع فى دائرة الاشتباه والقبض على الآلاف منهم بدعاوى واهية، وعدم اتخاذ خطوات حقيقية، غير مظهرية وعابرة، لتمكينهم.
كل هذا يجعلنا نتساءل: هل تتبنى السلطة الحالية طريقة «الإدارة بالأزمة»؟، إذ لا تكاد تنتهى أزمة إلا وتبدأ أخرى جديدة. ومثل هذه الطريقة قد تطيل عمر نظام بعض الوقت، وقد تجعل الشعب ينشغل أياما أو حتى أسابيع، لكنها لا تبنى دولة ولا تقيم استقرارا حقيقيا. وإذا كان ما يجرى هو بفعل انعدام الكفاءة فى إدارة البلاد، أو بسبب صراع أجنحة أمنية أو سياسية أو هو فخ ينصب للسلطة من قبل بعض المتحلقين حولها إما بجهل أو بغرض، فهذا يثير مخاوفنا حيال المستقبل المنظور، وقد يحول الحرب المصطنعة إلى حقيقية، وضحاياها ليسوا أفرادا من الجيش أو الشرطة أو حتى المدنيين مثل الذين يستشهدون على أرض سيناء إنما ضحيتها شعب بأكمله، يموت بالبطىء.
( ٢ )
أعجب من هذا التهليل والتطبيل للزيارة التى يزمع الرئيس السيسى القيام بها للولايات المتحدة الأمريكية قريبا، وأستغرب هذا الإطراء الشديد على نظيره دونالد ترامب، وتلك الثقة الشديدة فيه، وهذا التعويل الكبير عليه. وأود أن أهدى هؤلاء ما سمعته من الدكتور مارك تسلر أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميتشجان الأمريكية خلال مشاركته فى أعمال المؤتمر السنوى الثانى والعشرين لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذى اختتم أعماله فى أبوظبى قبل أيام، حول توقعاته لعلاقة واشنطن بالعرب فى قابل الأيام، حيث قال إن سياسات ترامب، وهو شخص ليس أهلا لأى ثقة ويكذب طيلة الوقت، حيال الشرق الأوسط يجب أن تثير القلق نظرا لدعم ترامب القوى لإسرائيل، واحتمالات زيادة عدد القوات الأمريكية على الأرض فى سوريا بدعوى محاربة داعش، ومناهضة الرئيس الأمريكى الجديد للعالم الإسلامى، وزيادة التنسيق مع روسيا فى الشرق الأوسط، وتراجع الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، ووعد ترامب بدعم التوسع فى إنتاج الوقود الأحفورى بما سيؤثر سلبا على نفط الخليج.
( ٣ )
يؤسس المفكر القومى قسطنطين زريق رؤيته، التى تضمنها كتابه «ما العمل: حديث إلى الأجيال العربية الطالعة»، على اقتناع بأن الأيديولوجيات السائدة فى العالم العربى «لم تفلح فى إزالة الأوضاع السيئة أو تخفيف شرورها»، ويحصر هذه الأوضاع فى مشكلات الفساد، والتسلط، وتعثر التنمية، وتغليب الكم على الكيف فى حياتنا، إلى جانب ما سماه القصور الوطنى والقومى. ويعرض خريطة بمواقف الأفراد والجماعات فى العالم العربى من هذه الأوضاع «المضطربة والضاغطة»، مقسمها إلى نوعين:
الأول، يشمل من وصفهم بالمهزومين، وهم أولئك الذين تغلب الأوضاع المأساوية عليهم، فينهزمون أمامها، ولا يحاولون تغييرها. ويتوزع هؤلاء على «الغائبين» الذين يمثلون، فى نظره، الكثرة المطلقة من الجماهير العربية، المنشغلة بأعباء الحياة اليومية، حيث السعى الدائب وراء لقم العيش، ومكافحة مختلف الأمراض، والمعاناة من وطأة ظلم الحكام، وبذل الجهد فى سبيل الحفاظ على البقاء، ومن ثم لا يبقى لديهم ما يكفى من الوقت والجهد للشعور بضرورة تغيير الأوضاع، أو على الأقل اكتساب القدرة على ذلك. وهناك «القدريون»، الذين يشعرون بوطأة الحاضر ومشكلاته المعقدة، فيستسلمون لها، ويعتقدون أن ما يجرى ليس من صنع أيديهم، ولا يمكنهم تغييره، وأن أى محاولة يقومون بها فى هذا الاتجاه مآلها الفشل.
ومن بين هؤلاء من يحملون فهما خاطئا للدين، وهم كثر فى عالمنا العربى. وهناك «الهاربون» الذين يفرون من هذه الأوضاع، سعيا وراء الرزق أو الأمن، إما إلى الخارج (هجرة العقول العربية)، وإما إلى الداخل، حين تأنف النخب من الأحوال الجارية فى «المراكز» وتخشاها، فتهاجر إلى الهوامش أو الأطراف الجغرافية، لتنأى بنفسها عن أى مشكلات مع السلطة، وتنعزل عن المجرى الرئيس لحركة الحياة. وهناك «الندابون واللوامون والمستهزئون»، وهم إما ينوحون على مصيرهم القاسى وحظهم العاثر، أو ينحون باللائمة على هذا أو ذاك من الحكام والزعماء والمتزعمين، وإما يسخرون من أى بارقة أمل فى إصلاح الأحوال. وأخيرا هناك «المستغلون»، الذين يجدون فى استشراء الفساد فرصة سانحة للقفز على المناصب، وجمع الثروات.
أما النوع الثانى فيشمل «الملتزمين» وهم فى رأى زريق، أولئك الذين اختاروا مذهبا أو أيديولوجية، فاعتنقوها، وسعوا إلى تطبيقها فى الواقع، الأمر الذى أدخلهم فى علاقات ما مع السلطة والمجتمع. وهؤلاء يتوزعون على التيارات السياسية الرئيسية فى العالم العربى، وهى القومية، والإسلام السياسى، واليسار بمختلف ألوانه بدءا من الاشتراكية الاعتدالية إلى الشيوعية. لكن جهود هؤلاء لم تثمر المأمول من بذلها، ولم تترك أيديولوجياتهم، فى نظره، أثرا إيجابيا يذكر، يمكنها من تغيير الأوضاع السائدة، ومن ثم إخراج العرب من وهدتهم الراهنة.
وأمام هذه المشكلات المعقدة، والبشر الموزعون على مشارب ومواقف عدة، يرى زريق أن الحل يكمن فى تحويل السكونى إلى حركى، والقلق السلبى إلى قلق إيجابى، والانتقال من العجز إلى القدرة، ثم إلى التحرر. ولن يتم هذا، فى رأيه، إلا عبر مبدأين أساسيين هما العقلانية والخلقية. والعقلانية تقوم على «إخضاع كل شأن من شؤوننا، وكل قضية من قضايانا لأحكام العقل المتفتح، الضابط، الساعى إلى التمييز بين الصواب والخطأ، والمعرفة والجهل، والخير والشر». وترتكز العقلانية على عدة أسس: أولها الموضوعية، التى تعنى دراسة الأمور بشكل مجرد، بالاعتماد كليا عليها ذاتها، والاستقلال عن أى وهم أو شهوة أو اعتبار لدينا. وثانيها الخضوع للنقد، أى فتح أبواب النقد الذاتى على مصاريعها، فى ظل جو من الحرية والمسؤولية. وثالثها العزم والجلد، فنحن لا نصل إلى الحقيقة دفعة واحدة، ولا نقفز إليها مرة واحدة، ولكن عبر جهد طويل فى ظل إرادة حية وسعى مستمر ومتراكم، من أجل اكتشافها، ومن ثم ممارستها. ويجب أن نكون مستعدين لتحمل أى صعاب تواجهنا، مهما كانت قاسية، فى رحلة بحثنا عن الحقيقة. أما الخلقية، فتقوم، فى رؤية زريق، على قاعدة أولية تتضمن الاهتمام بالآخر قبل الاهتمام بالذات. وهذا الآخر قد يكون فردا، وقد يكون مجموعة، تصل إلى حد الوطن، والإنسانية برمتها. ولا يقدم زريق هذين المبدأين، اللذين اشترط توافرهما حتى يمكننا بناء إطار فاعل للحركة السياسية العربية، وهما فى حالة انفصال أو سكون، إنما فى حالة تفاعل، أو تأثير متبادل، فالعقلانية هى فى الوقت نفسه مزية أخلاقية، والعقلانية لا تتم، ولا يمكن تحصيلها بالتخلى عن الخلق، بل بالاستناد إليه.

د. عماد جاد - هل أصبح المصريون شعبين (٢) - جريدة الوطن - 31/3/2017

نجحت جماعة الإخوان وحلفاؤها من تيار الإسلام السياسى فى شطر المجتمع المصرى إلى قسمين، صحيح أنهما غير متساويين، لكنهما قسمان باتا يختلفان فى كل شىء، أصبح لدينا نمط حياة لكل طرف، وجدان مغاير بل شبكة علاقات خارجية مفضلة مختلفة. يريد أنصار الجماعة وحلفاؤهم العيش ضمن نمط حياة لا يناسب مصر ولا يرضى المصريين، يريدون العودة بنا إلى زمن خلط الدين بالسياسة تلك الصيغة التى أدخلت أوروبا عصور الظلام وتسببت فى حروب دام بعضها سبعة عقود كاملة فيما عرف بحرب السبعين عاماً (التى انتهت عام ١٦٤٨) تلك الصيغة التى تسببت فى حروب كثيرة فى بلدان العالم الإسلامى وشهدت الانقسامات الطائفية والتصفيات الجسدية. يرون أن العودة إلى هذه الصيغة سوف يوجد «المدينة الفاضلة». ولا مشكلة فى أن يقوموا بالدعوة لمشروعهم بالحسنى، لكن المشكلة هى أنهم يريدون فرض نمط معيشتهم، حياتهم ووجدانهم على المصريين بالقوة، استعانوا بالأجنحة المسلحة وهددوا بحرق مصر أكثر من مرة، رضخ لهم المجلس العسكرى السابق وسلم عصا السلطة لهم (مرسى) ورحل، كرروا المحاولة فى زمن «مرسى» فجاء رد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالرفض وقرر الفريق أول عبدالفتاح السيسى وقوف الجيش إلى جانب معسكر القوى المدنية الذى يمثل غالبية المصريين. ونجحت الجماعة على مدار ثمانية عقود فى بناء وجدان منفصل لعناصرها، فما يُشعر هذا الوجدان بالسعادة هو ما يُتعس غالبية مصريين، وما يُطرب غالبية المصريين يكون سبباً للنواح لدى الجماعة ورفاقها، تم بناء وجدان عناصر الجماعة بعناصر غير مصرية، تراهم يكرهون مصر، يمقتون الحضارة المصرية القديمة، يتطاولون على أجدادنا الفراعنة ويصفونهم بالكفار ولا يعلمون أن هؤلاء الأجداد كانوا أكثر تحضراً ورقياً وإنسانية من كل معاصريهم، عاشوا قبل الأديان الإبراهيمية، وعرفوا التوحيد فى وقت كانت فيه الأصنام والأوثان تعبد فى جزيرة العرب. ربوا أبناءهم على أن الوطن ما هو إلا «حفنة من التراب العفن» وسردوا لهم أنهم سجدوا شكراً لله على هزيمة يونيو ١٩٦٧ أمام إسرائيل، ولذلك جاء سجود أحفادهم فى منصة رابعة عندما سمعوا أن بواخر حربية أمريكية تقترب من شواطئ الإسكندرية فقد تصوروا أن هذه البوارج فى طريقها لضرب مصر وإخراج «مرسى وجماعته» وإعادتهم إلى السلطة، كان الحزن يضربهم لمجرد فوز الفريق القومى لكرة القدم فى المسابقات الإقليمية والدولية، وكانوا يحتفلون كلما تعثر الفريق أو تعرض لهزيمة فى مباراة كرة قدم.
مصر بالنسبة لهم مجرد مصر من أمصار كثر، حلقة من سلسلة ضمن دولة الخلافة، لا قيمة لديهم لوطن ولا قداسة لأرضه، وقد جسد المرشد العام السابق للجماعة هذه الرؤية بحديثه الذى أهان فيه مصر والمصريين ولم يمانع فى أن يتولى ماليزى حكم مصر. مصر بالنسبة لهم نقطة انطلاق ووثوب إلى غايتهم، لا قيمة لها أكثر من ذلك ومن ثم فقضايا مثل أمن مصر القومى لا مكان لها فى قاموسهم، وكان منطقياً أن تقود هذه الرؤية إلى استعداد لإهداء الأشقاء فى الرؤية قطعة من أرض مصر حسب الحاجة من الجنوب (حلايب وشلاتين للسودان) ومن الشمال الشرقى (قطعة من أرض سيناء للأهل والعشيرة فى غزة).
ومنطقى أن يقود كل ذلك إلى شبكة علاقات إقليمية ودولية مضادة للشبكة التى تقتضيها مصالح مصر العليا، فالأولوية فى العلاقات الخارجية للأهل والعشيرة فى تركيا، باكستان، قطر، السودان، غزة ولا مجال لعلاقات جيدة بدول مثل الإمارات والكويت رغم ما بينها وبين مصر من مصالح. أما شبكة العلاقات الدولية فقد تم رسمها حسب الاستعداد للمساعدة فى مشروع التمكين، فكل دولة مستعدة للمساعدة فى هذا المشروع تمثل حليفاً -مؤقتاً- للجماعة، تعاونوا مع إدارة أوباما، وتولوا حماية أمن إسرائيل إرضاء لواشنطن، وعندما لاح فى الأفق ما يفيد بسقوط الجماعة من السلطة لم يترددوا فى طلب التدخل العسكرى الأمريكى لضرب مصر وجيشها من أجل إعادة مرسى إلى الرئاسة.
ما أقدمت عليه الجماعة بعد الثالث من يوليو من عمليات قتل وسحل وتعذيب وتمثيل بالجثث لضباط شرطة وجيش، وما قامت به من عمليات حرق وتخريب للكنائس والمبانى الحكومية، سلوكيات شيطانية من قبيل سكب الزيوت على الكبارى للتسبب فى حوادث سيارات، تعطيل المواصلات العامة وزرع قنابل موقوتة على قضبان المترو، اختطاف قرية دلجا والتنكيل بمواطنيها من المسيحيين، التخندق فى قرية كرداسة وتحويلها إلى ثكنة مسلحة، كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جماعة الإخوان ورفاقها من الجماعات المسلحة نجحوا فى إخراج جزء من الشعب خارج الوطن فكرياً وشعورياً، لهم نموذجهم المغاير للنموذج المصرى بل الكاره له، كاره لمؤسساته وهيئاته بل ورموزه (انظروا ماذا فعل طلبتهم مع الدكتور على جمعة مفتى الديار السابق) تلك هى المشكلة الحقيقية التى سنظل نعانى منها وهى وجود شريحة من المصريين تكره الوطن، وجيشه، ومؤسساته ورموزه، بل ترى نفسها فى حالة صراع مع الدولة المصرية، فماذا عسانا نفعل، وهل هناك من سبل لعلاج هذه الحالة المتفاقمة؟

خالد منتصر - أشعة مقطعية لعقل وأحشاء الوطن - جريدة الوطن - 31/3/2017

ما زلنا مع القراءة الاجتماعية لصفحة الحوادث، التى فتحنا ملفها أمس، ونتساءل فى البداية: متى تتم الجريمة؟ الجريمة تتم إذا فقد الفرد بوصلة التمييز، وارتفعت عنده حدة الغضب لدرجة العمى الكلى، ووصل اليأس إلى قمته، وأصبح الحل والتفكير فأراً مذعوراً فى نهاية ذيله خرقة مبللة بالكيروسين ينطلق فى حقول وأحراش العواطف المتأججة وردود الفعل الملتهبة دون أن يمر على بوابة العقل، ولكن لماذا وصل المجتمع إلى هذه الحالة من الهستيريا؟، نعم هى هستيريا، فأنا أعترف بأننى عندما أقرأ صفحة الحوادث يعترينى إحساس بأن المجتمع فى حالة زار جماعى تختلط فيه الأجساد وتتصاعد معها حرارة الحمى والدروشة على صوت دفوف صارخة بإيقاع رتيب ممل خانق، فهناك من يخبط رأسه فى الحائط وهناك من يمارس الجنس مع ممسوسة بدعوى إخراج الجن من جسدها، وهناك من يهتز على الأنغام وينزف بدون أن يتألم، ومحاولة رصد هذا الزار المحموم محاولة شبه مستحيلة، ولكننا على الأقل نستطيع قياس النبض والحرارة لجسد المجتمع المحموم من خلال صفحة الحوادث والجرائم، لأننا إذا أنكرنا هذه الصفحة نكون كمن يقيس الحرارة بدون ترمومتر، وأعتقد أن تحليل صفحات الحوادث هو بلغة الطب رسم قلب دقيق للمجتمع المصرى وأشعة مقطعية لعقله وأحشائه من الداخل، وبالطبع سيقود كل ذلك إلى التشخيص السليم ومن ثم الحل السليم، والسؤال الذى يفرض نفسه: هل هى حوادث فردية، كما تردد وسائل الإعلام؟، أعتقد أننا لسنا أمام حوادث فردية وإنما أمام تيار عنف مريض واحتجاج صامت وغليان داخلى، والعالم النفسى الكبير د. مصطفى سويف يرفض تعبير الحوادث الفردية ويسميها «الحوادث ذات الدلالة»، وهى فى رأيه من الممكن أن تكون غير مسبوقة ولكن لأنها تقع فى سياق معين يكون لها معنى «المؤشر» و«النذير» و«النبوءة»، أى أنها تنذر بأننا على مشارف تيار من الجرائم يمثل تصعيداً على مستوى العنف أو التخطيط أو التنظيم أو الاستهداف أو أى بعد آخر من أبعاد السلوك الإجرامى، وهى متعددة».
انتهى تعليق د. سويف، ولكن لم ينته طابور المعترضين على استخدام صفحة الجرائم والحوادث كمقياس ومعيار، ولكن برغم كل الاعتراضات، فإن أحداً لم ينكر غرابة وبشاعة ما تطالعنا به صحف الصباح من جرائم، والتى حولت ليلنا، كما يقول الكاتب سعد القرش «ليلنا خمر تختلط فيه دماء ضحايا وأطفال، بأموال مرتشين، وقوادين، وفاسدين، بأعراض أبرياء وبريئات وبائعات هوى بذمم ضاق بها أصحابها، فاتسعت بحجم ما تتعرض لإغراءات»، أول ما يلفت الانتباه عند قراءة كف الوطن من خلال صفحة الجرائم افتقاد الناس الحاد للحوار والتواصل، هناك زهق شديد وقرف مزمن، وأعصاب عارية مكشوفة فوق الجلد، وتحفز دائم، وعصبية تبلغ درجة الهستيريا مع أدنى انفعال، وبالبلدى الصريح «تلكيكة» للخناق والشجار والوصول بهذه المعركة إلى أقصاها حتى ولو كان القتل، وحتى لو كان هذا القتل لأعز الناس الأب والأم والأشقاء، فرابطة الدم لا تكبح جماح هذه الهستيريا، ولا أوامر الدين وتقاليد المجتمع تستطيع السيطرة على هذه التلاكيك، فالمجتمع يعانى من أنيميا حادة فى التواصل وجوع وفقر شديدين فى التحاور، ولذلك تزيد قوقعة الذات صلابة وسُمكاً، ويبنى كل منا جداراً من الجرانيت حول نفسه مبطناً من جميع الجهات بمرايا لا نرى فيها إلا ذواتنا المتضخمة، لا نرى البثور فى وجوهنا والتقيحات فى أرواحنا، لأننا أدمنا الزيف والضحك على النفس، يعانى كل منا من الوحدة حتى ولو كان فى مظاهرة، والعزلة حتى ولو فى أحضان الحبيب، اللغة مبتورة واللسان أخرس والأعصاب مشدودة والغربة هى المصير المحتوم، مجتمعنا أصبح لا يتواصل بل يتناحر، وفقد قدرته على الحوار ففقد معه الدفء، فافترسه البرد القارس والليل الموحش.

Thursday, March 30, 2017

خالد منتصر - انتبهوا صفحة الحوادث أهم من الصفحة الأولى - جريدة الوطن - 30/3/2017

بلطجى يقيم الحد على شاب سرق تليفونه ويقطع يده!!، أب يعاقب ابنه بتعليقه فى المروحة!، زوج يحبس زوجته ويضربها ويمنع عنها الطعام، لأنه اكتشف أن لها حساباً على «الفيس بوك»!!، زوج يقطع أطراف زوجته أمام أطفاله الثلاثة!!، عاطل يغتصب رضيعة!.. إلخ، صفحة الحوادث فى الجريدة تدق جرس الإنذار، المجتمع فى خطر، عظيم أن نبنى الكبارى ونشيد المبانى ونمهد الطرق، لكن الإنسان الذى سيستخدم تلك المبانى ويعبر تلك الكبارى ويسير على أسفلت تلك الطرق قد أهملنا بناءه وتشييده وتمهيده وتهذيبه، أرجو من علماء الاجتماع وعلماء النفس والساسة قراءة صفحة الحوادث، صفحة الحوادث أصدق ترمومتر، هى بمثابة أشعة مقطعية للعقل والوجدان المصرى، لا تقرأوا صفحة الاجتماعيات المخملية، اقرأوا صفحة الحوادث الواقعية، قراءة تلك الصفحة هى النظر من خلال ثقب الباب، حيث يتخلى المجتمع عن وقاره الزائف وهدوئه المفتعل وابتسامته المصطنعة، حيث يتعرّى ويصبح «على راحته» ويخلع ثياب شعاراته البراقة التى اعتبرناها لقرون من الزمان بديهيات مقدّسة، مثل مقولة المجتمع المصرى المتدين بطبعه، الصبور الهادئ، طويل البال، الذى لا يلجأ إلى العنف لحل مشكلاته، إلى آخر هذه الكليشيهات التى صدّقناها وأسهم فى ترسيخها بعض رجال السياسة، وبعض علماء الاجتماع الذين يُبررون ولا يحللون ويبيعون العلم من أجل الدعاية والصدق، من أجل المنصب والكتاب الأكاديمى والكرسى الجلد الوثير، صفحة الجريمة فى نظرى أهم من الصفحة الأولى فنحن نرى أنفسنا فيها دون مساحيق وأصباغ وماكياج، نرى فيها المجتمع قبل أن يجرى عملية تجميل لشد الوجه المتجهم الغاضب وشفط دهون البطن المترهل المرتخى، ولا يصح الادعاء بأنها صفحة المرضى النفسيين فقط، أو من يُطلق عليهم «السيكوباتيين»، فالرجل الذى يسرق لسد جوع أطفاله لا يصح أن نُطلق عليه مريضاً نفسياً، بل هو رجل فقير معدم قبل أن يكون متهماً خارجاً على القانون، إنه بالفعل سارق ومتهم، لكنه أيضاً جائع ومشرّد، وحل مشكلته ليس فى مصلحة السجون بقدر ما هو فى أروقة مجلس النواب وفى مدرجات الجامعة، ذنبه فى رقبة وزراء الاقتصاد والمالية، وليس فى رقبة وزير الداخلية، الشاب الذى يبقر بطن من يختلف معه لم يتعلم فن الحوار أو آداب الذوق، لا فى فصل مدرسة، ولا فى حضن أسرة، والصبى العاطل الذى يلف سيجارة البانجو هو حطام إنسان يحتال للهروب من واقعه القاسى الفاجر، قبل أن يهرب من أعين رجال البوليس، والزوجة التى تمزق جسد زوجها بالساطور وتعبئه فى أكياس، قبل أن تتحول إلى مجرمة، كان زوجها قد حوّلها إلى مجرد أشلاء روح، وفضلات بشر، وفتات إنسان، ضاجعها وكأنه يتبول فى دورة مياه، ضربها وكأنها مجرد حيوان، داس على كرامتها وكأنه يدوس على عُقب سيجارة، مزق روحها شظايا بتلذذ، فمزقت جسده فتافيت بمنتهى العنف والتشفى، إننا لا نبرر الخروج على القانون، وإنما نرصد لماذا تم هذا الخروج وكيف؟، لماذا قفز هؤلاء من على سور المحرمات وتجاوزوا الخط الأحمر للأعراف والتقاليد؟، لماذا كل هذا العنف الذى صار يصبغ الشخصية المصرية فى الوقت الحالى؟، لماذا اختلفت نوعية الجرائم فى مصر؟ ولماذا أصبحت صفحة الحوادث متخمة بأخبار الجريمة ومحصولها من العنف والتحايل والغرابة وفير؟، والأهم لماذا فقدنا نحن قدرتنا على الدهشة من تلك الجرائم التى يقشعر لها البدن من هولها وفظاعتها؟، هل نحن فقدنا هذه الدهشة لأننا نعيش فى حالة «توله» جماعية كما وصفها د. يوسف إدريس، وهى حالة غياب وعى جماعى، أو على الأقل هو وعى مخدر «شامم خطين هيروين»، أم هى حالة «تناحة»، كما أطلق عليها الراحل د. محمد السيد سعيد، وهو تعبير يعكس «منظومة سلوكيات السلبية واللامبالاة والأنا مالية والاستهتار والبلادة والتحايل والعجز والنفاق والاستسلام لدرجة اليأس»، التى تجعلنا -على حد تعبير الباحث أحمد محمد صالح- «نتعامل مع العمل، وكأنه سد خانة، والمسئولية وكأنها تشريف، الوطن كله فى إجازة وضع»!!.

خالد منتصر - البيدوفيليا مرض شرعنة البيدوفيليا جريمة - جريدة الوطن - 29/3/2017

انزعجنا وصُدمنا وتقيأنا، ومعنا كل الحق ولنا كل المبررات، عندما سمعنا عن حادث اغتصاب طفلة البامبرز المقزز، ولم ننزعج ولم نُصدم عندما سمعنا برهامى وعبدالله رشدى يفتيان بزواج نفس الطفلة إذا خلعت البامبرز ما دامت مربربة ملظلظة تحتمل الوطء!! بل لم نضغط على زر الريموت كونترول لتغيير القناة، بل استكملنا مشاهدة الشو مستمتعين فى أسرّتنا الوثيرة بما يقوله أهل العلم!! والغريب والمدهش أن من ردت على الشيخ برهامى كفّروها، ومن واجه الشيخ رشدى سجنوه!! ولذلك لا أفهم حتى هذه اللحظة هل الدولة ضد البيدوفيليا فعلاً أم أنها لو حملت ختم رجل دين فمن الممكن أن تغضّ الطرف عنها وتتسامح معها؟! هل الفارق هو البامبرز؟
تنزعج الدولة بكل مؤسساتها وهيئاتها وتنتفض وسائل الإعلام وتبكى بوستات وهاشتاجات وتويتات وسائل التواصل مطالبة بالإعدام فى ميدان عام إذا كانت الضحية طفلة ببامبرز، أما إذا كانت الضحية طفلة بملابس داخلية فقط فهنا الطناش مباح وتزويجها راحة للدماغ وستر وغطا للحرمة! بالطبع سن الطفلة كلما انخفضت مثل حالة طفلة البامبرز التى نعيش أجواءها المقرفة هذه الأيام كانت أكثر صدمة ومدعاة للاشمئزاز، لكننا لم نجعل فرق الصدمات والاشمئزازات فرقاً فى الكم بل جعلناه فرقاً فى الكيف!! بمعنى أننا تحت مظلة فتوى أمثال برهامى ورشدى لا نُصدم لأن الضحية ليست طفلة رضيعة ولكنها طفلة وضيعة!! طفلة سمينة زينة للناظرين المشتهين الغلمانيين!! البيدوفيليا انحراف جنسى وترجمتها «الغلمانية»، هى ببساطة الانجذاب الجنسى ناحية الأطفال، وفى البلاد التى تسمح حتى بالمثلية الجنسية ولا تستنكرها، عندما يتطرق الأمر إلى البيدوفيليا فنحن نتكلم عن كارثة تهتز لها أركان تلك المجتمعات، لأن الأمر يتعلق هناك بالإدراك والقدرة على التمييز واتخاذ القرار.
إذن البيدوفيليا مرض وانحراف جنسى، وشرعنة البيدوفيليا سواء من خلال لىّ عنق نص أو التلاعب برأى فقهى أو محاولة تحويل هستيريا جنسية تتلبس شخصاً ما إلى فتوى تكتسب قوتها من مكانة أو زى أو انتساب إلى مؤسسة ذات هيبة أياً كانت، هى جريمة مكتملة الأركان تستحق العقاب لأننا فى دولة قانون ولسنا فى مجمع ملالى!! هذا الرجل الذى اغتصب طفلة البامبرز سيظل استثناء حتى ولو تكرر، سيظل جملة اعتراضية فى كتاب حياتنا، لكن بشرط ألا يقبل المجتمع من خلال تزييف وعيه تلك البيدوفيليا تحت مظلة دينية أو بالأصح ينسبها المتحدثون إلى الدين ويشرعنونها من خلال الفقه، بث تلك السموم فى الفضاء الاجتماعى المصرى هو الذى يستحق التجريس والعقاب والانزعاج فعلاً، الصدمة الاجتماعية من حادث طفلة البامبرز شىء صحى جداً، لكن البرود الاجتماعى والحكومى تجاه دعوات البيدوفيليا من بعض الشخصيات المؤثرة التى لها حضور إعلامى طاغ وسيطرة فكرية وذهنية من خلال منابر ومناصب بل وأحزاب، هذا البرود ليس صحياً على الإطلاق، بل يعكس خللاً فكرياً وذهنياً يعبث بخلايا عقل هذا الوطن، الخوف أن يقودنا هذا البرود إلى مرحلة أكثر خطورة، وهى مرحلة التبلد الوجدانى واستقبال تلك الحوادث الكارثية وكأننا نشاهد إعلاناً عن البامبرز وليس انتهاكاً لطفلة البامبرز!!.

Wednesday, March 29, 2017

د. عماد جاد - هل أصبح المصريون شعبين؟ - جريدة الوطن - 29/3/2017

تعمقت حالة الانقسام فى المجتمع المصرى على نحو غير مسبوق، فقد انقسم المصريون إلى فريقين، فريق يتبع تيار الإسلام السياسى وآخر مصرى مستمسك بالهوية المصرية، بالدولة الوطنية الحديثة. القضية لا تتمثل فى الانقسام فى ذاته، فكثيرة هى الانقسامات داخل المجتمعات من أولية (موروثة) كالدين والعرق واللغة، أو مكتسبة كالانتماء السياسى والاجتماعى والاقتصادى، ولكن القضية تتمثل فى حدة الانقسام من ناحية والرؤية التى يحملها كل فريق تجاه الآخر، من ناحية ثانية، وهل تسمح حدة الانقسام والرؤية المتبادلة بتحقيق التوافق أو حتى التفاهم أم لا؟ مصر بهذا المعنى كانت ولا تزال متعددة، متنوعة وتحتوى عوامل انقسام أولية ومكتسبة، مصر بها مسلمون (سنة وشيعة) مسيحيون (أرثوذكس، كاثوليك وبروتستانت) وبها بهائيون وغيرهم، مصر بها أقباط (أى مصريون من أصول مصرية) وبها نوبيون وبدو عرب، كما أن بلدنا كأى بلد طبيعى فى العالم به انقسامات ثانوية أو مكتسبة، ومن توافق هذه الشرائح والعناصر عاشت مصر آلاف السنين وقدمت نموذجها فى العيش المشترك، طوال الوقت كانت الاختلافات موجودة والتناقضات قائمة، لكن كانت معها قدرة على إدارة هذه التناقضات وكانت هناك أيضاً رغبة مشتركة فى الوصول إلى التوافق الذى يمكن البلد من مواصلة العمل.
مع تبلور ما أطلق عليه الربيع العربى وما حملت ثورة يناير من مفاجآت تتعلق بقفز تيار الإسلام السياسى على السلطة واستغلال آليات الديمقراطية فى الوصول إلى السلطة، بدأت تجربة الاستحواذ وإقصاء التيارات الأخرى تماماً، بدأت أكبر عملية لتغيير هوية البلد، بدأت مرحلة التمكين التى مثلت بالنسبة لتيار الإسلام السياسى بداية مشروع الخلافة عبر الانطلاق من مصر، فرأينا تحالفاً إقليمياً دولياً فيه تركيا وقطر وعدد من الدول التى يوجد فيها التنظيم الدولى للجماعة، ومعه الولايات المتحدة وعدد الدول الغربية التى كانت تتطلع إلى إبرام صفقة مع ما أطلقت عليه «الإسلام السياسى المعتدل» يحكم من خلاله دول المنطقة كما يحلو له ويستدعى عناصره من الغرب لتعيش فى ظل النموذج الإسلامى المأمول ويوقف كل محاولات استهداف المجتمعات الغربية وفى نفس الوقت يراعى مصالح الولايات المتحدة والدول الغربية فى المنطقة ويرعاها.
عقدت الصفقة وبدأ تيار الإسلام السياسى فى الاستحواذ على السلطة ونشر خطاب الانقسام وكراهية التيارات الأخرى، بدأت سياسة نشر كراهية الآخر الدينى فكان التحريض على الأقباط واستهدافهم، تلتها سياسة زرع الكراهية الطائفية فكان التحريض على الشيعة، ومن ثم كان القتل والسحل والتمثيل بالجثث، ثم جاء وقت الحديث عن الإيمان فقط بكل من هو منتم للجماعة وقريب منها. وبدأت عملية زرع الكراهية فى النفوس بحيث بات أنصار الجماعة والتيارات المتحالفة معها يكرهون من قلوبهم باقى المصريين بصرف النظر عن الدين، الطائفة والمذهب، فكل من هو لا ينتمى للجماعة ليس محل ثقة ولا مكانة متساوية له فى دولة الإخوان، وكشف العنف الممارس من الجماعة بحق المتظاهرين المحتجين على حكم المرشد والجماعة عن حالة متقدمة من الكراهية للمصريين من غير تيار الإسلام السياسى، ومنطقياً أن يحدث التبادل فى المشاعر فأصبحت الكراهية متبادلة بين أنصار تيار الإسلام السياسى وباقى فئات وشرائح المجتمع المصرى، بمرور الوقت وبعد خلع مرسى بفعل ثورة الثلاثين من يونيو تجذرت الكراهية بين أنصار تيار الإسلام السياسى وباقى فئات المجتمع المصرى، فقد مارس أنصار التيار كافة أشكال العنف والإرهاب، قتلوا شباباً مصريين أنهوا خدمتهم العسكرية، وكان القتل بدم بارد، اعتدوا على جنود الجيش وضباطه، حرقوا مدرعات الجيش وآلياته، أشعلوا النيران فى منشآت الدولة، حرقوا الكنائس ونهبوا ممتلكاتها ودنسوا مقدساتها، ألقوا بالشباب المصرى من فوق الأسطح، قتلوا ضباط وجنود شرطة ومثلوا بجثثهم عكس تعاليم الأديان وقواعد الأخلاق والقيم الإنسانية. امتدت الكراهية المتبادلة لتشمل كل شىء حتى طالت الأذواق العامة ووصلت إلى الرموز والأغانى الوطنية، فبدا واضحاً أن تيار الإسلام السياسى بات يكره الرموز المصرية وصولاً إلى النشيد الوطنى والعلم، بات يكره كل ما يرمز لمصر الحضارة والتاريخ، ووصلت الكراهية إلى مؤسسات الدولة، فباتوا يكرهون الجيش والشرطة والقضاء، باتوا يمقتون الإعلام المصرى والفنون المصرية والمبدعين المصريين فى كافة المجالات، وصل الانقسام فى المجتمع المصرى إلى درجة تؤشر إلى وجود شعبين فى مصر، صحيح نسبة تيار الإسلام السياسى ومن يواليه لا تتعدى ما بين ١٥ و٢٠ ٪، إلا أن الصحيح أيضاً أنه انقسام حاد وتناقض فى كافة الجوانب، فكل من ينتمى للتيار الأول ممقوت من التيار الثانى، وما يراه التيار الثانى انتصاراً يستوجب الاحتفال يراه الأول هزائم تستوجب الحزن وربما الحداد، كل ما يراه التيار الأول جميلاً يراه الثانى قبيحاً، انظر إلى الأغنية الشعبية التى تمجد الجيش المصرى (تسلم الأيادى) يرقص عليها مصريون فى أفراحهم، ويشعر قطاع واسع من المصريين بالنشوة والسعادة عند سماعها، وتثير هياج الطرف الثانى وتدفعه إلى الاعتداء على كل من يستمع إلى هذه الأغنية.
نعم مصر اليوم مصران، وشعبها أصبح شعبين، فهل يمكن أن تستمر مصر مع هذا الانقسام أم أن هناك حلولاً لهذه الحالة التى قسمت مصر والمصريين إلى فريقين متناقضين فى كل شىء حتى المشاعر والوجدان؟

«حكايات يوسف تادرس» رواية مبهرة! - د. محمد أبو الغار - المصرى اليوم - 27/3/2017

حصلت هذه الرواية الرائعة على جائزة نجيب محفوظ التى تقدمها كل عام الجامعة الأمريكية بالقاهرة. كاتب الرواية عادل عصمت لم يسعدنى الحظ بالقراءة له من قبل وعلمت أنه كتب أربع روايات مسبقاً. لقد أخذتنى هذه الرواية وجذبتنى إلى عالم آخر وتركتنى أحلق فى السماء وأستمر فى التفكير بعد الانتهاء من قراءتها.
الرواية تتناول عائلة قبطية عبر ثلاثة أجيال، جيل الجد الخواجة تادرس بشرى الذى يلبس الجلابية البلدى وتاجر فى الحبوب ولا يعرف القراءة بالرغم من تظاهره بمعرفة القراءة والكتابة والذى استطاع أن يجمع ثروة من تجارته ويبنى بيته فى طنطا، وباع قطعاً صغيرة من الأراضى بناها المشترون بيوتاً صغيرة تحولت إلى حى عشوائى التحم بالأحياء المجاورة. توفت زوجة الخواجة تادرس وغرق ابنه ميشيل فى النيل فى احتفالات مولد العذراء فى المنيا وتزوج سيدة أخرى أنجبت له بطلنا يوسف. كانت أم يوسف تقوم بعمل خيرى فى جمعية لمساعدة فقراء الأقباط ويعرفها الكل وكان يوسف يساعدها. يوسف كان لصيقاً بأمه وبعيداً عن أبيه الذى سيطرت عليه ابنته من زوجته الأولى.
الرواية تحكى حكاية يوسف من ستينيات القرن الماضى حتى الآن. يوسف رسام موهوب بالفطرة وبرز نبوغه فى المدرسة ودخل كلية الفنون الجميلة فى الإسكندرية ولكن والده أفلس واضطر أن يترك الكلية ويعود إلى بلده طنطا ليساعد العائلة والتحق بكلية آداب طنطا وتخرج فيها.
تحكى الرواية طفولة يوسف وكارثة 67 وماذا قال أبوه وأهل المنطقة وهم يشاهدون الأحداث فى التليفزيون الوحيد الموجود فى الحى فى بيت الخواجة تادرس. وتدور معظم أحداث الرواية فى مدينة طنطا بأسماء شوارعها وحواريها الأصلية.
فى الفترة الأولى درس يوسف الرسم فى مرسم قصر الثقافة فى طنطا ثم اشترك فى جماعة ثقافية من الشباب تعمل بالفن والثقافة. أسماء المؤسسين كلها مسلمين. وكانت الصداقة بينهم رائعة لا يوجد شعور بأى طائفية. وفى الزقاق الذى كانت تسكن فيه عائلة يوسف كان المسلمون والمسيحيون يتعايشون بطريقة طبيعية ثم يدور الزمن وتتوالى الأحداث وتظهر ملامح الطائفية على استحياء ثم بوضوح ثم ينقسم المجتمع بصورة واضحة.
تزوج يوسف من صديقة لأخته وأنجب ولدين ميشيل وفادى. وعمل يوسف مدرساً فى مدرسة بنات بطنطا وقد وقع فى حب مدرسة الرسم المسلمة التى سعت إليه وأحبته وضغطت للارتباط به وانتشرت الحكاية فى المدرسة ثم فى طنطا فأصبحت حياته معرضة للخطر من أحد الملتحين المتشددين وتدخل قريب له فى نقله إلى مدرسة الطور فى جنوب سيناء. قصة الحب شغلت جزءاً هاماً وكبيراً من الرواية. وطلبت البنت الارتباط به والسفر للخارج. وترتب على معرفة زوجة يوسف بالأمر توتر العلاقة بينهما. هذا الجزء مكتوب بحرفية ولغة فنية تتعرض لقصص الحب مع اختلاف الدين. يقول يوسف عندما نقل إلى مدرسة الطور هناك فى هذا البعد طاردتنى مسيحيتى لم تتركنى لحظة وحدى كنت المسيحى الوحيد فى البيت والمدرسة وخيل إلى أننى المسيحى الوحيد فى الدنيا.
وبعد ذلك وأثناء إشرافه على مراقبة الامتحانات فى الإسماعيلية لمدة أسبوعين وقعت فى غرامه مدرسة مسيحية متزوجة تراقب على الامتحانات وسافرت معه إلى الطور وعاشت معه لمدة أسبوع فى تجربة جنسية غرامية ثم اختفت بعد ذلك. وقد تدخلت الكنيسة فى محاولة هداية يوسف تادرس، ويدور فى عقل يوسف نقاش أحادى طويل ممتع عن الأديان وفلسفة الحياة.
أدت هذه المطبات العنيفة فى حياة يوسف والإحباط من تعليق زملائه القدامى على أعماله الفنية إلى توقفه تماماً عن الرسم. ثم فى النهاية خرج من مرحلة الاكتئاب والفشل المستمر بالعودة إلى الرسم فى حالة توهج وإبداع غير مسبوق.
الرواية بها كل مميزات الروايات العظيمة. هى تحكى التحولات التى حدثت فى مصر من عصر عبدالناصر إلى مبارك والتغيرات التى حدثت على الحالة النفسية الحياتية للأقباط بتغيير النظام وانتشار الإسلام السياسى.
تميزت الرواية بأسلوب بسيط وسهل ولكنه عميق والمستوى الفكرى والفلسفى فيها عال، ولكنها فى نفس الوقت سهلة القراءة وغير معقدة. وأعتقد أن الرواية والحوار والأسلوب بها عدة مستويات مختلفة ومتباينة. تتحدث الرواية عن شخصيات معروفة بالاسم من الفنانين العالميين والفنانين المصريين وقدم نقداً إيجابياً للوحات وجوه الفيوم ونقداً سلبياً لبيكاسو عن اللوحة الشهيرة الجرونيكا التى تصور أهوال الحرب الأهلية الإسبانية.
هناك بعض العبارات المؤثرة والتى تجسم بعض أحداث الرواية مثل مقولته عن وجوه الفيوم. «تعلمت رسم وجوه الفيوم وتعرفت على الصعوبات الكامنة فيها. هذه الروح السائلة خلف الملامح، هذا الشرود فيه من الحيوية ما يعادل الطاقة المتفجرة لقنبلة ذرية».
فى الرواية أحداث ومشاعر رقيقة وملتبسة عن علاقة يوسف بالكنيسة وتفكيره فى دخول الدير والحوار الداخلى مع نفسه عن الفكرة. وفى النهاية يفكر يوسف تادرس فى السفر لأمريكا لزيارة ابنه فادى واللعب مع حفيده ويختم الرواية قائلاً: بربك قل لى متى سيطول النور هذه البلاد.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, March 27, 2017

مصر فى خطر بقلم د. محمد أبوالغار ٢٨/ ٣/ ٢٠١٧ - المصرى اليوم

لا أعنى بالخطر هنا خطر الجماعات الإرهابية لثقتى الكبيرة فى أبطالنا البواسل من أبناء الجيش والشرطة الذين سيقتلعون جذور هذا الخطر قريباً بإذن الله، ولكن الخطر الذى أعنيه، والذى يهدد مستقبل هذا الوطن، يتمثل فى هذا التدهور الخطير الذى نلاحظه جميعاً فى العلاقات الاجتماعية والمعاملات الإنسانية والتغيرات الحادة التى طرأت على مجتمعنا فى السنوات الأخيرة.. ومنها:
أولاً- التدهور الأخلاقى:
انتشر الكذب والنفاق، وانعدم الذوق فى التعامل بين البشر، وقل الأدب والكياسة واللباقة والحياء، وتحسرت على ما زرعه فى قلبى والدى الراحل العظيم من ضرورة احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، وأن من علمنى حرفاً صرت له عبداً.. وغير ذلك من المقولات التى تربينا عليها صغاراً، وصارت فى متحف التاريخ.. أضف إلى ذلك سرعة الغضب والانفعال الذى يترجم إلى جرائم وحشية لم يعهدها المصريون فى سابق الأيام.
ثانياً- إهمال اللغة العربية:
هناك تهميش واضح للغة العربية، قل أن تجد من بين خريجى الجامعات من يستطيع التحدث بلغة عربية سليمة.. وتكفى نظرة واحدة على مراكز التسوق الكبيرة، وما فيها من محلات وأماكن ترفيه، ومطاعم وسوف تجد الغالبية العظمى منها باللغة الأجنبية، بل إن معظم قنواتنا الفضائية بأسماء وحروف أجنبية!! ونظرة واحدة إلى محادثات الشباب على شبكات التواصل الاجتماعى تكفى لمعرفة حجم المأساة التى يعيشها.. فلم أجد بلداً فى العالم المتحضر من حولنا يتجاهل لغته الأصلية، ويتسلق على لغات الآخرين.. ولنا أن نتصور قادة المستقبل لهذا البلد وهم لا يحسنون التحدث بلغة بلدهم، والتى هى من أهم مقومات القومية والهوية الوطنية.
ثالثاً- التدين الزائف:
من المؤسف والمحزن أن ترى هذا التناقض الحاد بين المظاهر الشكلية للتدين- ولا أقول للدين- وبين هذا التدهور الفكرى والأخلاقى، وهو مؤشر خطير على فشل مؤسساتنا الدينية، وتحديداً الأزهر، فى القيام بمهمتها وقد أدى ذلك للأسف إلى زيادة فى أعداد الملحدين بين الشباب، ولجوء البعض الآخر إلى التعصب المقيت وإهمال الدنيا، ثم الانزلاق إلى هاوية الإرهاب باسم الدين، كما أن ذلك أساء كثيراً إلى الدين الإسلامى السمح الذى يتناقض كلية مع هذه المظاهر الشاذة.
ويبقى السؤال المهم.. ماذا نحن فاعلون؟
أولاً.. التربية والتعليم:
أناشد طارق شوقى، الذى تفاءلت بوجوده على رأس وزارة التعليم أن يعيد التربية إلى التعليم وقبله.. وأن تكون الثلاث السنوات الأولى من عمر التلميذ مكرسة لتعليم الأخلاق الحميدة، والقيم النبيلة، والمعاملات بين البشر، وأن يكون ذلك إجبارياً على كل مدارس مصر بلا استثناء، ويخصص لهذا الأمر معلمون تربويون مؤهلون لهذا العمل شديد الأهمية، كما أنادى بعودة الأخصائى الاجتماعى فى جميع المدارس والجامعات، ويعظم دور مجلس الآباء، ليكون شريكاً فى العملية التعليمية والتربوية، خاصة فى ظل تراجع دور الأسرة المصرية التى انشغل فيها الأب بتدبير النفقات، وانشغلت فيها الأم بعملها وضاع الأولاد.
ثانياً.. الثقافة والفنون:
لابد من عودة المسارح والمكتبات إلى كل المدارس والجامعات، وعودة النشاط الطلابى بكافة أنواعه لتكون له الأولوية قبل تحصيل المواد الدراسية، وأتمنى أن تعود قصور الثقافة إلى ممارسة أعمالها فى كل محافظات مصر لكى تكون منابر للنور أمام شبابنا.. وعلى الجانب الآخر، نحن نحتاج إلى وقفة حازمة مع صناع السينما، والمسلسلات التليفزيونية.. فحرية الإبداع كلمة حق يراد بها باطل.. والكثير مما نراه ونسمعه يمثل فى رأيى أحد معاول الهدم للشخصية المصرية، وأحد الأسباب الرئيسية للتدهور الأخلاقى.. واختفت القدوة وأصبح المجرم والبلطجى ورجل الأعمال الفاسد، والعلاقات الشاذة والألفاظ الخارجة هى كل ما يدور حوله الكثير من الأعمال «الفنية»!!
ثالثاً.. الإعلام:
من المؤسف أن نرى القنوات الفضائية الجديدة وقد أهملت تماماً الاهتمام بالأطفال، والثقافة، والفكر، والعلم.. وركزت على التفاهات، والسطحية ومخاطبة الغرائز، ومن المحتم أن يعاد النظر فى فلسفة الإعلام المصرى.
رابعاً.. الخطاب الدينى:
كما قلت فى مقال سابق، نحن بحاجة إلى ثورة إصلاحية شاملة فى كل مؤسساتنا الدينية، لكى ننهى عهداً من التجمد والتسلط، وفرض الرأى والكهنوت، وتقديس ما قرره السلف دون أن نعمل عقولنا من أجل إعادة الإسلام الصحيح.
إن الأمر جد خطير.. وأشعر- كما يشعر كثيرون غيرى- بأن مصر فى خطر يتهدد مستقبلها، ولا سبيل أمامنا إلا الإسراع- كل فى موقعه- بإصلاح ما فسد فى بنية الإنسان المصرى.. فالبشر قبل الحجر يرحمكم الله.

خالد منتصر - حزب البناء والتنمية أم الهدم والتعمية؟! - جريدة الوطن - 28/3/2017

أصدر حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، نعياً لقاتل فرج فودة الذى لقى حتفه فى سوريا منذ عدة أيام، انفردت ونشرت «الوطن» أمس نص النعى الذى وصف «أبوالعلا» بالفارس الذى ترجّل ومات شهيداً أثناء رحلة جهاده!! كل ما سبق ليس مدعاة للدهشة، وهو تصرف متوقع ومنسجم مع طبيعة الجماعة الإسلامية، لكن المدهش والصادم والذى لا تفسير له ولا ينسجم أبداً مع تفكير إدارة دولة تحارب الإرهاب أن تظل هذه الدولة مصرة على وجود هذا الحزب وتستميت فى سبيل بقائه!! وأن تظل لجنة شئون الأحزاب على قناعتها بأن هذا الحزب ليس حزباً دينياً وأن تظل تعامله على أنه فرقة لتعليم الباليه أو مدرسة لتنسيق الزهور! إنها أكثر النكات مرارة فى تاريخ مصر التى اخترعت فن السخرية، قراءة فى الـ«سى فى» أو السيرة الذاتية لمؤسسى الحزب سنجد أننا أمام تنظيم القاعدة «وش»، كما يقولون باللغة الروشة أو بلغة السينما فهمى نظمى رسمى، نظرة على الهيئة العليا سنجد أفكار داعش تتجسد، بل إننى أعتقد أن أبا بكر البغدادى مجرد تلميذ بالنسبة لهم من الممكن أن يأخذ دروساً خصوصية ومذكرات تقوية عندهم! الحزب يضم، فتح كلام وع الريق، المناضل عبود الزمر قاتل السادات وشقيقه وتوأمه فى الإرهاب طارق الزمر، وطبعاً هذان المناضلان المجاهدان لا يحتاجان إلى تقديم، فالكل اكتوى بنارهما ونار جماعتهما التى خرّبت ودمرت مصر، أما رفاعى طه فهو مسئول الجناح العسكرى للجماعة، شوفتوا كمية الرقة والحصافة السياسية والحفاظ على السلم الاجتماعى، «رفاعى» شارك فى تأسيس تنظيم القاعدة، كما يُنسب له إصدار البيان الخاص بعملية تفجير المدمرة كول قرب السواحل اليمنية عام 2000!! يعنى ببساطة «رجل كيوت» جداً يستحق أن تعترف دولة يستشهد أبناؤها كل يوم نتيجة أفكار رفاعى وأمثاله بحزبه الذى يبنى وينمى، وبالطبع أنتم تشهدون كم البناء الذى يبنيه الزمر ورفاعى فى مصر وحجم التنمية التى يبثونها فى أرجاء مصر!! أما محمد شوقى الإسلامبولى، شقيق قاتل السادات الرسمى، فقد كان همزة الوصل بين خلايا الإرهاب فى سيناء وبين الحرس الثورى الإيرانى!!! ماذا جمع المغربى على الشامى؟! إنه قمة الإعجاز العلمى فى البناء والتنمية، ونعم البناء ونعم التنمية! أما السياسى المسالم أسامة رشدى فهو ضلع أساسى فى اغتيال الرئيس الراحل السادات وكانت رقية ابنة السادات هى الوحيدة التى اندهشت ولطمت كيف يُختار هذا الإرهابى العتيد عضواً فى المجلس القومى لحقوق الإنسان!! قمة الكوميديا السوداء فى مصر المحروسة، أما العضو الفاعل السلمى جداً إسلام الغمرى الذى يحب تراب مصر لله فى لله لدرجة أنه يتهم رأس الدولة بأنه السبب فى اغتيال العميد رجائى!! تخيلوا هذا الرجل تعده لجنة شئون الأحزاب وتعتبره الدولة رجلاً غير مكدر للسلم الاجتماعى بينما الشيخ محمد عبدالله نصر مكدر للسلم الاجتماعى!! السؤال: هل نحن فى غيبوبة؟ هل الدولة أصيبت بألزهايمر؟ هل نعيش كابوساً؟ هل خرجنا فى 30 يونيو ضد عيسى حياتو ونحن لا ندرى أم ضد الإسلام السياسى بكافة أشكاله سواء إخوان أو بناء وتنمية؟!! علامات استفهام ستجعلنا نختار أحد طريقين، يا إما نريّح نفسنا ونلتحق جميعاً بحزب البناء والتنمية، أو نلتحق بعنبر الخطرين فى العباسية!!.

د. عماد جاد - الهوية المصـرية - جريدة الوطن - 28/3/2017

للهوية المصرية خصوصية، جعلت مصر وشعبها متميزين فى جوانب مختلفة عن غيرهم من شعوب المنطقة، طبعت الهوية المصرية بصماتها على الشخصية المصرية التى أخذت مكوناتها الأساسية من تاريخ مصر العريق. مصر دولة عرفت الحضارة منذ فجر التاريخ، وعلى أرضها تشكّلت حضارة عريقة تمكنت من استيعاب كل وافد، وهضمت ما وفد إليها من ثقافات وحضارات، نجحت مصر عبر التاريخ فى استيعاب كل من وفد إليها. على أرض مصر نادى «إخناتون» بالتوحيد، ومن ثم عرفت مصر التوحيد قبل ظهور الديانات الإبراهيمية، كانت ملاذاً آمناً، فعلى أرضها نشأ وترعرع نبى الله موسى، ووسط أهلها عاش السيد المسيح ثلاث سنوات ونصف السنة، هرباً من بطش هيرودس الملك، ووجد على أرضها الأمن والأمان. تحولت مصر إلى المسيحية فلم تقبل أن تكون رقماً سهلاً أو بلداً ضمن بلدان تحولت إلى المسيحية، فمن مصر خرجت الرهبنة إلى العالم كله، وتمسّكت كنيسة الإسكندرية بما رأته «إيماناً حسب الكتاب»، وتبنّت المذهب الأرثوذكسى الذى يعنى السليم القويم أو الحرفى أو النصى، فى مواجهة مذاهب أخرى اعتبرها أهل مصر متساهلة. وعندما دخل الإسلام مصر، وتحول غالبية المصريين إلى الإسلام، أيضاً لم تقبل مصر أن تكون رقماً سهلاً فى المعادلة، مصر باتت قِبلَة لكل من لم يشعر بالأمان بين أهله وعشيرته، أنشأت الأزهر الذى بات قِبلة الإسلام السّنى الوسطى فى العالم، ومرجعية الإمام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر، مقدّرة فى العالم الإسلامى، والسّنى تحديداً. فى جميع الأحوال لم تقبل مصر أن تكون رقماً سهلاً فى أى معادلة، كانت باستمرار رقماً صعباً فى المعادلة، رغم أنها لم تكن نقطة البداية أو الانطلاق فى الحالتين المسيحية والإسلامية.
تركت الهوية المصرية بصماتها الواضحة على طبيعة الشخصية المصرية، فأصبح المواطن المصرى متديناً، مسيحياً أو مسلماً، يقدر فى غالبيته الساحقة الأديان، يحترم المقدّسات، يضفى بصماته الخاصة على المناسبات الدينية فتصبح هذه المناسبات، مسيحية وإسلامية، ذات نكهة خاصة فى مصر، فعلى أرض مصر يجرى الاحتفال سنوياً بمناسبات مسيحية لا تجد مثيلاً لها فى أى مكان آخر، ومنها على سبيل المثال الاحتفال والاحتفاء بالسيدة العذراء مريم، وهى احتفالات سنوية يشارك بها المصريون، مسيحيين ومسلمين، كما أن لشهر رمضان نكهة خاصة فى مصر لا توجد فى أى بلد إسلامى آخر. الشعب المصرى متدين بطبيعته، لا يقبل فى غالبيته الساحقة إساءة إلى دين، أو مساساً بمقدس. هذه الطبيعة للهوية المصرية هى التى حفظت مصر بلداً آمناً مستقراً بصفة عامة، صامداً فى وجه أنواء وعواصف أسقطت تجارب شعوب أخرى. وفى الوقت الذى كانت فيه الطبيعة المصرية تضفى بصماتها الواضحة على كل من يفد إليها من الخارج ليقيم بين أهلها، فإن المصرى يحمل معه فى «غربته» هذه الطبيعة التى تتسم باحترام وتقدير الأديان بصفة عامة. طبعاً، ولأن لكل قاعدة استثناءً، فإن هناك فئات محدودة تشذّ عن الطبيعة المصرية، ومن ثم نجد تشدّداً وتطرفاً، يصل أحياناً إلى الشذوذ الفكرى والخروج الكامل على الطبيعة المصرية، وفى تقديرى أن التأثير السلفى الوهابى على الطبيعة المصرية جاء بفعل الهجرة إلى النفط بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣، فقد خرج مئات الآلاف، ثم ملايين المصريين، بحثاً عن الرزق فى دول النفط، وتأثروا بالتشدّد الوهابى الصحراوى على النحو الذى ترك أثراً غائراً على وجه مصر الحضارى، وبات قطاع من المصريين يرون فى الأراضى السعودية أولوية على تراب مصر الوطنى، ويرون فى المشابه الدينى/ الطائفى فى أى بقعة من العالم، أكثر قرباً من شريك الوطن المغاير فى الدين أو الطائفة.
قد نختلف كمصريين سياسياً وفكرياً، وقد نتجادل ونساجل بعضنا بعضاً حول قضايا شتى، ومن بينها المواطنة والمساواة وطبيعة الدولة والنظام السياسى المأمول، لكن المؤكد أننا كمصريين لا نقبل بأى مساس بالأديان والمقدسات، ننتقد رئيسنا ونظامنا السياسى وكل ما يجرى على أرضنا، لكننا نرفض أى تدخل خارجى فى شئوننا الداخلية.

من يراقب الرئيس ومن يراجعه في قراراته؟ - مي عزام - المصرى اليوم - 28/3/2017


(1)

هل يمكن أن يكون مجلس بهذه السلوكيات أميناً على حقوق الشعب الذي انتخبه؟
هل يمكن لهذا المجلس أن ننتظر منه خيراً؟
هل يملك القوة والشجاعة ليكون عين الشعب التي تراقب الرئيس والحكومة؟
ثارت في نفسى هذه الأسئلة، وأنا أتابع مشاهد المشادة التي تمت في مجلس النواب، أمس، وتوابعها والتى أدت إلى تحويل النائب هيثم الحريرى للجنة القيم، استعدادا لإسقاط عضويته كما سبق وتنبأ النائب، الذي يختلف مع رئيس المجلس، وهذا الأخير لا يطيق المعارضة سواء داخل المجلس أو خارجه.
(2)
«قالوا لفرعون إيه فرعنك»
الأستبداد رفيق السلطة، كل من يملك سلطة يميل للتسلط على من يليه، إلا من رحم ربى، ولذا كان تم وضع آليات لمراقبة ومتابعة أداء الرئيس في الدول الديمقراطية على رأسها المجالس النيابية، فهى المسؤولة أمام الشعب عن متابعة ودراسة قرارات الرئيس والحكومة، حين تعرض عليها وقبل دخولها حيز التنفيذ، المفترض أن يكون المعيار الوحيد لإجازة هذه القرارات ومشاريع القوانين، أن تصب في مصلحة الشعب، وأن يكون السؤال: هل هذه القرارات لصالح جموع الشعب أم لا؟ هل تحقق مطالبه وطموحاته؟ هل هناك أضرار لها ستقع على عاتق القاعدة العريضة من الشعب؟
أي حاكم هو في الأساس خادم للشعب، جاء ليحقق مطالب الشعب وأحلامه، ائتمنه الشعب على إدارة مقدراته لأنه توسم فيه القدرة والعزم والرغبة في تحقيق آماله، والحاكم الذي يحيد عن ذلك فاقد لشرعيته لأنه أخل بالعقد مع الشعب، والنواب الذين لا يحرسون مصالح الشعب، يخونون الأمانة التي كلفهم بها الشعب حين انتخبهم.
(3)
السيسى سيزور أمريكا مطلع الشهر القادم وسيقابل الرئيس الأمريكى المنتخب، رسمنا لترامب صورة بأنه حليفنا وسندنا، عكس أوباما، لما بين الرئيسين من توافق فكرى ونفسى، بالتأكيد أن الرئيس السيسى يتابع ما يحدث لهذا الحليف، الذي تصور أن الحكم آل إليه وله أن يفعل ما يشاء، فيمكنه إدارة أمريكا كما اعتاد أن يدير إحدى شركاته العقارية، وهو ما يحدث مع السيسى الذي يدير مصر كما كان يدير فرقته في الجيش، فكلاهما لم يتخلص من عاداته القديمة بعد.
الفرق بيننا وبينهم، رقابة مؤسسات الدولة لقرارات الرئيس ومراجعته وعدم تنفيذ ما يتعارض مع مبادئ الدولة ومصلحة المواطن.
(4)
الأيام أثبتت لترامب، أن الرئيس ليس حرا في اتخاذ القرارات غير المناسبة، فلقد عارض عدد من المحاكم والقضاة قراره بحظر سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، الكونجرس ذو الأغلبية الجمهورية لم يوافق على مشروع التأمين الصحى الذي قدمه ترامب بديلا عن مشروع «أوباما كير» الذي يحظى بتأييد شعبى كبير لأنه يغطى بمظلته عدة ملايين من الأمريكيين الأكثر احتياجا، اختار النواب الانحياز للمواطن الأمريكى البسيط وليس للرئيس الذي جاء من بين صفوف الحزب الجمهورى صاحب الأغلبية في الكونجرس.
(5)
بالعودة إلى حالنا وحال مجلسنا الموقر نرى العجب، البرلمان ينحاز للرئيس والحكومة على حساب الشعب، والرئيس والحكومة لا يعتبرانه رقيبا أو حسيبا، بل العكس فهو داعم ومساند لهما (بدعوى الوطنية!!)، لذلك أدهشنى جدا رد فعل النائب سامح السايح الذي هدد بتقديم استقالته، اعتراضا على أسلوب الحكومة في التعامل مع المجلس وقراراتها المفاجئة التي تتسبب في فقدان المواطن ثقته في المجلس، وكان ذلك تعليقا على زيادة سعر تذكرة المترو، سبحان الله، كل هذا الغضب من أجل أقل القرارات الحكومية ضررا على المواطن، لكن تعويم الجنيه المفاجئ الذي جعل قيمة عملتنا النصف في غمضة عين وأشعل الأسعار لم يؤرق النائب، وقرض الصندوق الذي صرفت الحكومة الشريحة الأولى منه قبل اطلاع المجلس على اتفاقية القرض لم يغضبه، وكذلك اتفاقية تيران وصنافير التي وقع عليها رئيس الوزراء بحضور الرئيس دون أن يعلم المجلس عنها شيئا.
(6)
مصر تعيش محنة حقيقية، في عدم وجود معارضة قوية في البرلمان أو خارجه، برلمان الدكتور عبدالعال، لا يمكن أن يحقق رقابة جادة على الحكومة، أو يتمكن من مراجعة وإيقاف قرارات الرئيس التي يجد فيها الشعب إضراراً بمصالحه.
ما الحل إذن؟ أعتقد أن الحل الوحيد في تجميع كل القوى الفاعلة في المجتمع لتكون جبهة واحدة صاحبة تأثير على صنع القرار، من خارج إطار مؤسسات الدولة، ولو نجحنا في ذلك فيمكن أن تكون لهذه الجبهة مرشح رئاسي ينافس الرئيس الحالى في الانتخابات الرئاسية القادمة.. وأن نصل لتداول سلمى للسلطة، هل يمكن أن يتحقق ذلك الحلم؟

طارق النبراوى نقيب المهندسين فى حوار للمصري اليوم: - 27/3/2017 - المصرى اليوم












قال المهندس طارق النبراوى، نقيب المهندسين، إن زيارة وفد النقابة إلى سوريا فى يناير الماضى كانت مهنية ورسمية، وبدعوة من نقابة المهندسين السوريين وليست لدعم نظام بشار الأسد كما أشيع، مشيراً إلى أنها أتاحت فرص عمل أمام الشركات الهندسية والمهندسين المصريين للمشاركة فى إعادة إعمار سوريا.
وأكد النبراوى فى حوراه لـ«المصرى اليوم» أن مجلس الإخوان السابق ولجنة الحراسة التى ظلت تدير النقابة لمدة ١٧ عاماً، أثرا سلبا على موارد النقابة وصندوق المعاشات بها، لافتاً إلى أن كافة الملاحظات التى أوردها الجهاز المركزى للمحاسبات خلال الجمعية العمومية للنقابة التى عقدت فى ٣ مارس الجارى تم الرد عليها وبشكل واف.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية ما ردك على ما ورد فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بالجمعية العمومية بأن ميزانية ٢٠١٦/٢٠١٧ لا تعبر بوضوح وعدالة عن المركز المالى للنقابة؟
مندوب الجهاز قال بالفعل هذا الكلام، لكن مراقب الحسابات بالنقابة رد عليه، وجميع ملاحظات الجهاز تم الرد عليها، والجمعية العمومية أقرت بالإجماع هذه الميزانية، ونحن نحترم الجهاز المركزى، ومندوب الجهاز قال إن الوقت لم يسعفه لمراجعة كافة المستندات والأوراق المالية التى تم تقديمها له وفقا للقانون الذى يلزم النقابة بإغلاق حساباتها فى هذا التوقيت، وهنا يوجد عوار قانونى.
■ وهل قانون النقابة لا يعطى فرصة لمراجعة الميزانية والأوراق المالية؟
- قانون النقابة واضح فى هذا الشأن، فنحن كان أمامنا أسبوعان فى شهر مارس فقط لإرسال الميزانية للجهاز المركزى للمحاسبات، ليقوم بمراجعتها وإبداء الملاحظات عليها، والقانون يلزمنا بإنهاء تلك الميزانية فى نهاية مارس، ولضيق الوقت نضطر لإنهائها فى منتصف فبراير كى يتمكن الجهاز المركزى من أداء عمله، وأذكر أنه فى ٢٠١٣ تسلم الجهاز الميزانية من مجلس الإخوان قبل موعد الجمعية بـ٤٨ ساعة فقط، أما نحن فتسلمها منا قبل الجمعية بأسبوعين كاملين ووفقا لنص لقانون.
■ التقرير أثبت أن هناك عجزا فى صندوق المعاشات وصل إلى ٤٧ مليون جنيه ما ردك؟
- معاشات المهندسين غير لائقة، فكان لابد من إقرار زيادة معينة تقترب والحد الدنى للأجر، وتم تمويل هذه الزيادة بشكل طبيعى، ولم يتأخر صرف معاشات المهندسين يوما واحدا، والعجز الموجود بالنسبة لعجز الميزانية العام الماضى غير مؤثر، وسيتم تداركه وفقا للموازنة، ورغم ذلك حققنا إنجازات كثيرة فى هذا الشأن، فواردات النقابة تحسنت بما يبلغ ٥٠ مليون جنيه، وبالتالى قيمة العجز مقبولة، وسيتم زيادة المعاشات مرة أخرى، لكن هدفنا حالياً سد هذا العجز بصفة أساسية، كما نهدف إلى زيادة المعاشات لتصل ١٠٠٠ جنيه خلال الأشهر القليلة المقبلة.
■ ماذا عن العجز العام الذى قيل إنه وصل فى حسابات النقابة إلى ٣٣٨ مليون فى الـ٣ سنوات الأخيرة؟
- رقم غير صحيح، العجز هذا العام ٤٧ مليون جنيه فقط.
■ أقصد عجز النقابة فى الـ٣ سنوات الأخيرة؟
- لا ليس هناك رقم محدد.
■ لكن التقرير أثار شراء النقابة أرضا زراعية بالغربية بغرض إنشاء نادٍ بالمخالفة للقانون؟
- النوادى مثل المعاشات والمستشفيات حق من حقوق المهندس، ومهندسو محافظات الغربية والمنوفية والبحيرة ليس لديهم ناد، واشترينا قطعة الأرض لهذا الغرض، ومنذ عامين كان سعر المتر فى طنطا يصل من ٢٠ إلى٣٠ ألف جنيه، ووجدنا أرضا بالفعل داخل المدينة، لكن كانت ستكلفنا عشرات الملايين، ففضلنا أن يكون النادى خارج المدينة، وبعد عدة عروض تم الموافقة على شراء الأرض لخدمة مهندسى ٣ محافظات (٣٠ ألف مهندس)، وستكون بمثابة استراحة لكافة المهندسين الذين يسافرون إلى محافظة الإسكندرية وغيرها من محافظات الدلتا، واشترطنا أن تظل الأرض على هيئتها الزراعية، وسنقوم فقط بعمل طرق على هيئة ممشى داخلها، ولن نبنى عليها، بل ستظل أشجار الفاكهة موجودة وسيتم تجديدها ورعايتها، حتى يكون النادى يشبه الأندية الريفية، ولم نخالف القانون أو أى أبنية على الأرض تخالف قوانين البيئة والزراعة مثلما أشيع، وكافة الإجراءات سليمة وقانونية، وأنا أدعو الجميع لزيارة الأرض والحكم عليها.
■ قيل إن عملية الشراء خالفت قانون المزايدات والمناقصات وتمت بشكل مباشر ما ردك؟
- إطلاقا لم تحدث أى مخالفات، ورأى الجهاز المركزى للمحاسبات فى هذه القضية تم الرد عليه أكثر من ٤ مرات، وهناك بعض الزملاء الذين لجأوا إلى النيابة، وكل ردودنا واضحة فى هذا الشأن، ولم نخالف القانون سواء المناقصات أو أى قانون آخر، وتم اعتماد عملية شراء الأرض خلال ٣ جمعيات عمومية لنقابة الغربية، وللأسف الجهاز المركزى، ومع تقديرى لدوره الوطنى، استقى معلوماته بشأن الأزمة من بعض الأشخاص أصحاب معلومات غير منضبطة ومغرضين، وجميع أوراق عمليات الشراء قانونية وسليمة وموجودة أمام كافة الجهات الرسمية فى الدولة سواء القضاء والنيابة أو مباحث الأموال العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات.
■ ولماذا تم الحكم بالحبس والغرامة على نقيب مهندسين الغربية بسبب شراء الأرض؟
- كان هناك بعض الرمال الموجودة فى مدخل النادى، والبعض اختلق أن نقيب الغربية قام بتجريف الأرض لإدانته، وبعد استيضاح الأمر أمام المحكمة تم الحكم بالبراءة من أول جلسة، لأن هذه الرمال مثبتة جزءا من العملية الإصلاحية للأرض الزراعية، ونقيب الغربية نائب رئيس جامعة طنطا، ومن شخصيات المجتمع، فليس من المعقول أن يقوم بتبوير أرض زراعية.
■ ماذا عن عمارات أكتوبر التى تم بناؤها دون ترخيص؟
- تم ترخيصها بالكامل، ونحن شارفنا على الانتهاء منها، ومشروع أكتوبر لصالح جميع المهندسين وفى خدمتهم، واستخرجنا كافة الأوراق القانونية للمشروع.
■ زيارة سوريا.. هناك من يقول إنها كانت لدعم بشار الأسد هل هذا صحيح؟
- ليست لدعم بشار .. ونحن ملتزمون تماما بأن تظل النقابة خارج أى عمل سياسى، وأعتقد أن الـ٣ أعوام السابقة وفى ظل مجلسنا الحالى ما يؤكد ذلك، وتلقينا دعوة رسمية من نقابة المهندسين السورية، وكنا تلقينا دعوة سابقة فى عام ٢٠١٥ فاعتذرنا بسبب أجواء الثورة هناك، وحين تلقينا الدعوة الرسمية فى يناير الماضى قررنا تلبيتها، وزياراتنا كانت لفتح مجال وفرص عمل أمام الشركات الهندسية والمكاتب الاستشارية المصرية ومهندسينا للمساهمة فى عملية إعادة الإعمار بعد الحرب.
■ لكن الحرب لم تنته فى سوريا والحديث عن إعادة الإعمار سابق لأوانه؟
- نعم، لكن سوريا دخلت مرحلة إعادة الإعمار، والعالم كله يضع ذلك على أجندته، فكانت الزيارة فرصة لطرح الشركات الهندسية المصرية، وأعتقد كل تسجيلات الزيارة بالكامل أُتيحت للجميع، ولم نتحدث فى السياسية، كل ما فى الأمر أننا تحدثنا عن التعاون الهندسى مع نقابة سوريا والمسؤولين هناك، والزيارة كانت لفتح آفاق العمل الهندسى بين مصر وسوريا.
■ لكنكم التقيتم قيادات سورية رسمية بدءاً من رئيس الوزراء حتى رئيس مجلس النواب فكيف لم تتحدثوا فى السياسة؟
- التقينا معهم وكان حديثنا كما قلت عن فتح آفاق العمل الهندسى المشترك بين مصر وسوريا، وتحدثنا عن الموقف السياسى الرسمى لمصر المعلن منذ بداية الأزمة السورية الذى أكد وبشكل مكرر أنه مع وحدة سوريا وضد تقسيمها ومع الشعب السورى وحقه فى تقرير مصيره بنفسه، وعبرنا عن وجهة النظر المصرية التى تتبنى هذا الموقف، ونحن جاهزون لتقديم يد العون فى إعادة إعمار دمشق، والزيارة كانت لمدة ٣٦ ساعة فقط، ولم نر مناطق حرب أو نذهب إليها، كما زرنا نقابة المهندسين العراقيين وأبرمنا نفس البروتوكولات معها، وذهبنا إلى السعودية مرتين بناء على دعوات من هيئه المهندسين هناك، والتقينا مع مسؤولين رسميين، كما ذهبنا إلى الكويت.
■ لكن قيل إنكم كسرتم حاجز المقاطعة غير الرسمى الذى تتخذه هيئات عربية ونقابية كثيرة بسبب ما يفعله نظام بشار بحق شعبه؟
- لا يخصنى.. آخر اجتماع لجامعة الدول العربية ناقش عودة سوريا للجامعة، وسوريا بنظام بشار الأسد أو بدونه، ستعود للجامعة العربية مرة أخرى. وبشكل مهنى ونقابى أنا أعمل على فتح طرق للشركات الهندسية والمهندسين المصريين، وإن دعيت مرة أخرى سأذهب وبشكل رسمى، ونقابة المهندسين السورية حضرت معنا المؤتمر الذى نظمته نقابتنا فى شرم الشيخ بعد حادث الطائرة الروسية وكانت مع الموقف المصرى ضد الإرهاب.
■ البعض يعيب على هذه الزيارات أنها تثقل كاهل ميزانية النقابة نظرا لتكلفتها العالية؟
- التكلفة بسيطة، وكافة الجهات المشتركة باتحاد المهندسين العرب نلتقيها سنوياً، وإن تحدثنا عن السياسة فالموافقة على لقاء نقابة المهندسين السعودية مثلاً ورفض لقاء نقابة سوريا، السياسة بعينها، وكافة الدعوات التى تصب فى صالح المهندس المصرى ننفذها لأنه عمل مهنى ونقابى وليس سياسيا.
■ هل تم الاتفاق على مشاريع معينة فى إعمار سوريا؟
- قريبا جدا سيتم افتتاح المكاتب الاستشارية التى تريد أن تعمل فى سوريا، ونقابة المهندسين المصرية أعرق نقابة مهندسين عربية وأكبر نقابة عددا وقدرة وسمعة، ولابد أن نتعامل بهذا الشكل، وزيارتنا مقارنة بمثل ما كان يحدث فى المجالس السابقة محدودة جدا، وتتم فى قالبها الصحيح، ولابد أن نمثل مصر فى كافة المحافل العربية والدولية والأفريقية حتى يكون لنا دور هناك، ولا يمكن أن نترك دورنا أو نتهاون فيه.
■ ماذا عن مشروع مستشفى المهندسين الذى تريد النقابة تشييده؟
- مستشفى المهندسين حلم النقابة منذ سنوات، ومن غير المعقول أن تكون لدى أغلب النقابات فى مصر مستشفيات، ونقابتنا التى يبلغ عدد أعضائها نحو ٧٠٠ ألف لا تمتلك مستشفى يعالج أعضائها، ورغم أن مشروع علاج المهندسين بالنقابة يقدم الخدمة لنحو ٥٠٠ ألف مهندس، إلا أنه لن يكون حلا استراتيجيا لعلاجهم، وبالتالى ففور تولينا مسؤولية النقابة شكلنا لجنة لتحقيق هذا الحلم، وتضم نخبة من القامات الهندسية، وحصلنا على قطعة أرض لائقة ومناسبة، وتم دفع القسط الأول من ثمنها، وبدأنا العمل من يومها لإعداد كل الدراسات الخاصة بالمستشفى، واللجنة أتمت الدراسات اللازمة، والتصميم النهائى بصدد الخروج قبل نهاية الشهر من مكتب الاستشارى العالمى الدكتور حكيم عفيفى.
■ البعض عاب أن تصميم المشروع لم يتم عبر مناقصة علنية للشركات؟
- المكتب الاستشارى قدم التصميمات اللازمة للمستشفى تطوعاً ومساهمة منه، وحين ناقشنا التصميم فى أحد اجتماعات مجلس النقابة وجدنا أن تكلفته عالية جداً، فتطوع مكتب الدكتور حكيم عفيفى لوضع التصميمات اللازمة، والتصميمات يتم مراجعتها بمعرفة لجنة هندسية وعن طريق مكتب «ACG» أكبر وأقدم مكتب هندسى فى مصر.
■ أين مقر المستشفى وماذا عن مساحته؟
- المستشفى سيقام فى مدينة بدر على مساحة ٤ أفدنة، وأوجه الشكر للدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، لدوره الكبير فى اختيار المكان لأنه ساعدنا كثيراً فى الحصول على هذه الأرض.
■ من ضمن إنجازات مجلس النقابة الحالى تجديد مسرح النقابة بعد غلقه ٢٥ عاماً كيف جاءت هذه الخطوة؟
- المسرح تعرف قيمته جيداً الأجيال القديمة، ونحن نعرفه كقاعة مؤتمرات لنقابة المهندسين، والنقابة كانت تعقد جمعياتها العمومية حتى نهاية الثمانينيات به، لكن تم إغلاق القاعة عندما سيطر تيار سياسى معين على النقابة يرفض الفن والمسرح والسينما، وبالتالى اتخذ قرار الغلق، وقام بتدمير أجهزة المسرح ومقاعده حتى لا يصلح للعمل مرة أخرى، كما أن الحراسة التى ظلت على النقابة لمدة ١٧ عاماً ساهمت هى الأخرى فى تدميره إلى أن أصبح مأوى للفئران والحشرات، والمسرح سنقدمه للحركة الفنية والثقافية فى مصر وسيكون أحد مصادر إيرادات النقابة.
■ كيف ترى أزمة التعليم الهندسى؟
- التعليم الهندسى من أخطر القضايا التى تواجه المهنة فى الوقت الحالى، ويمر منذ سنوات بانهيار شديد نتيجة تقاعس وزارة التعليم العالى عن القيام بدورها، والنقابة تتصدى لقضية التعليم الخاص انطلاقاً من دورها وتفعيلًا لقانونها الذى ينص على حماية المهنة، واتخذت عددًا من القرارات فى هذا الشأن للحفاظ على المهنة وحمايتها من الدخلاء ومن غير ذوى الكفاءة، وهذا التعليم يسيء لسمعة المهندس المصرى فى الخارج، وفتحنا ملفا صعبا لاستعادة ريادة المهندس المصرى.
■ وماذا عن قرار عدم قيد خريجى الجامعات الخاصة ممن يقل مجموعهم فى الثانوية العامة عن مجموع القبول بالكليات الحكومية ١٠%؟
- لا نقاش فى هذه النقطة، وهذا أول قرار تم اتخاذه لضبط عملية التعليم الهندسى، ووزارة التعليم العالى وجهات التعليم الخاص كانوا ضدنا طوال الوقت، لكن لن نتنازل.
■ هل التعليم الهندسى الخاص ردىء إلى هذا الحد؟
- به جزء جيد وآخر غير جيد وغير مقبول، ولن يقيد طلابه فى جداول النقابة إلا بشروطنا، وللأسف الدولة لا تتدخل فى هذا الشأن بشكل مناسب لضبط منظومة التعليم الهندسى رغم خطورته، ووزارة التعليم العالى «ودن من طين وأخرى من عجين» رغم مناشداتنا المتكررة، والتحذير المستمر.
■ المجلس قدم فى الفترة الأخيرة مشروعا إلى لجنة الإسكان بالبرلمان لعمل تعديلات على قانون النقابة ماذا عنها؟
- كلها تعديلات عاجلة وملحة، ونحتاج إلى إقرارها بسرعة، فعلى سبيل المثال نريد إقرار التمغة الهندسية بالشكل الدستورى، لتكون مجموعة نسب وليست أرقاما، أيضاً القانون يلزمنا بتعديل نص القانون فى الدعوة للجمعيات العمومية ما يلزمنا بإرسال خطابات للأعضاء رغم وسائل الاتصال الحديثة فى الوقت الحالى، كما نود إدخال تعديل لكى يكون من حق مجلس النقابة فرض عقوبات على المهندس الذى يضر بالمهنة والبلاد.
■ ماذا عن أزمة شركة المهندس للتأمين؟
- لا توجد أزمة، اخترنا ممثلين للنقابة فى مجلس الشركة، ووضعنا قاعدة ليكون التمثيل تطوعيا دون مقابل، لكن خالفوا القاعدة فتم عزلهم فورا وتعيين بديل لهم، والشركة تحقق نتائج جيدة جدا أفضل بكثير من الفترات الماضية.
■ هل انتهت أزمة شركة «المهندس للمكرونة»؟
- النقابة تمتلك حصة فى الشركة بنحو ٩٦%، وهى شركة مساهمة مصرية، وتحقق خسائر وخطوط إنتاجها مدمرة بالكامل، وخلال الفترة الماضية نجحنا فى إنهاء مديونياتها والأحكام القضائية وأحكام الإفلاس بالاتفاق مع البنوك والتأمينات الاجتماعية ومكتب العمل، وكنا أمام قرارين إما تغيير خطوط إنتاجها وهذا يحتاج مبالغ مالية ضخمة، أو ما ناقشناه بالجمعية العمومية بطرح خطوط الإنتاج للإيجار لمدة زمنية حتى تحدد النقابة الاستمرار أو تغير الخطوط أو بيع الشركة.
■ لماذا تريد النقابة إغلاق مصنع كفر ربيع؟
- مشاكل شركة «المهندس» تنطبق على مصنع كفر ربيع، بل أسوأ من الشركة، فهو عبارة عن قطعة أرض عليها مزرعة دواجن ومصنع علف صغير، وكافة معداته متهالكة ومنتهية، بسبب كوارث الحراسة، وسيتم طرحه للإيجار، لحين إشعار آخر.
■ هل الحراسة ومجلس الإخوان أثرا على النقابة ومواردها وأموالها؟
- طبعا دمرت موارد كثيرة جدا، فكافة هذه الشركات تم تدميرها فى وجود الحراسة التى استمرت ١٧ عاماً، و«الإخوان» أثرت سلبا فى ابتعاد المهندسين عن النقابة لعامين، ويفتقدون الكفاءة والمهنية، وعالجنا مسائل كثيرة بإحلال وتبديل وتجديد، لكن ما زلنا نعانى، وهذا كله ترتب عليه أننا لم نحقق الانطلاقة المرجوة والتى نريدها لأعضائنا حتى الآن.