Translate

Sunday, January 31, 2021

الشباب الذى نريده.. النجاح والتميز بقلم الأنبا موسى ٣١/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

يوصى معلمنا يوحنا الحبيب تلميذه غايث، بأن يكون ناجحًا وصحيحًا، وذلك حين قال له فى رسالته: «أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِى كُلِّ شَىْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ» (٣ يوحنا ٢:١).

والكنيسة فى صلواتها الطقسية تصلى من أجل نجاح وصحة أولادها، وتقصد الكنيسة بالنجاح ليس النجاح المادى فقط وصحة الجسد، بل نجاحًا أيضًا نفسيًا، يتمثل فى الإحساس بالشبع والفرح والرضا والسلام الذى يملأ القلب. ونجاحًا ماديًا مع سلام يملأ القلب، وأيضًا نجاحًا روحيًا، أى خلاصًا أبديًّا.

١- وفى سفر التكوين يوضح سبب نجاح يوسف الصديق: «وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا» (تكوين ٢:٣٩).

٢- وسليمان الحكيم يقول فى سفر الجامعة: «أَمَّا الْحِكْمَةُ فَنَافِعَةٌ لِلإِنْجَاحِ» (الجامعة ١٠:١٠).

٣- ويقول نحميا النبى: «أَعْطِ النَّجَاحَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ وَامْنَحْهُ رَحْمَةً» (نحميا ١١:١).

٤- وأيضًا: «إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِى» (نحميا ٢٠:٢).

والنجاح يقود للصحة الجيدة، إذ يهتم الكتاب المقدس بصحة الإنسان:

١- «يَا بَنِىَّ إذَا مَرِضْتُ فَلا تَتَهَاوَنْ بَلْ صَلِّ إلَى الْرَّبِّ فَهُوَ يَشْفِيَكَ» (يشوع ابن سيراخ ٩:٣٨).

٢- «ثُمَّ اجْعَلْ مَوْضِعًا لِلْطَّبِيْبِ، فَإنّ الْرَّبَُ خَلَقَهُ، وَلا يُفَارِقَكَ فَإنَّكَ تَحْتَاجُ إلَيْهِ» (يشوع ابن سيراخ ١٢:٣٨).

فما هى ملامح الصحة والنجاح والتميز؟

تطرح الهيئة الصحية العالمية (World Health organization) WHO، منذ منتصف القرن العشرين، مفهومًا للصحة يقوم على التكامل بين الوظائف الجسدية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية للإنسان. ويعتبر «التناغم» بين هذه الوظائف هو أساس استمتاع إنسان ما بالصحة، إذ لا يكفى مجرد خلو الإنسان من المرض شرطًا لأن يكون بصحة جيدة، بل إن التكامل البنائى والوظيفى للجسد والنفس والعقل والروح هو الذى يمثل حجر الزاوية لصحة الإنسان النفسية والعامة، ومن ملامح النفس الناجحة والصحيحة للشباب (طبقًا لمؤشرات الصحة النفسية) الآتى:

١- السعادة:

كلما كان الإنسان ناجحًا كان سعيدًا، بالتالى متميزًا، ولا أحد يستطيع أن يعطيها إلا الله وحده، فعلم النفس يستطيع أن يشخّص حالة الفرد النفسية، ولكنه لا يستطيع أن يعالج أو أن يعطى الإنسان السعادة. الله وحده يشخص ويعالج ويجعل الشخص متميزًا.

و«السعادة» (depending on the happenings around you) (Happiness).. أى التى تعتمد على أحداث الحياة من حولنا، غير الفرح (Joy)، الذى يشيع فى الإنسان سعادة حقيقية، كثمرة من ثمار الله تعالى.

- يقول معلمنا بولس الرسول: «أَفْرَحُ فِى آلامى لأجلكم» (كولوسى ٢٤:١).

- ويقول داود النبى: «إِنْ نَزَل علىّ جيش فَفِى ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ» (مزمور ٣:٢٧).

يقول أحد الآباء فى رسالته لعلاج ذلك الداء الخبيث (الكآبة)، الذى يباغتنا على غرة. ذلك المرض النفسى، الذى يطلق عليه فى أيامنا هذه «الاكتئاب» (Depression)، وقد عبر عنه أحد الأطباء النفسيين بأنه «أصبح ضمن أحداث الحياة اليومية، ورد فعل طبيعى لكثير مما يواجهنا فى حياتنا»، لانتشاره الكبير، حيث دلت الإحصائيات على أنه المرض النفسى الأكثر انتشارًا فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يمثل ٤٠% من جميع الأمراض النفسية هناك، وحالة الاكتئاب هذه تصيب كثيرين، لا فرق فى ذلك بين فقير وغنى، أو جاهل، ومتعلم، أو مشهور أو مغمور، حتى إن التاريخ يحكى بأن «ونستون تشرشل»، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وأحد صُناع التاريخ الحديث، كان يعانى منه أحيانًا فى أزمات الهزيمة.

لذلك فالعلاج يكمن فى الخروج من حالة «التمركز حول الذات» إلى آفاق أرحب، نشعر فيها بأننا لسنا وحدنا وأن الله خلق لنا من حولنا، كل أسباب السعادة وصور الجمال.

فليعطينا الرب من خلال حياتنا فيه أن تكون نفوسنا صحيحة، لمجد اسمه وسعادتنا الخاصة، وإسعاد الآخرين به.

٢- التوازن (وهو عكس التطرف):

فالتطرف هو أن يركن الإنسان إلى أحد طرفى المعادلة أو الميزان، ويتجاهل ويلغى الطرف الآخر، أو الكفة الأخرى من الميزان. وهذا لا يعنى أنه يمسك العصا من المنتصف، لهذا قال القديسون:

أ- «الطريق الوسطى خلّصَتْ كثيرين» (من أقوال القديسين).

ب- «لاَ تَكُنْ بَارًّا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ حَكِيمًا بِزِيَادَةٍ. لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ؟» (جامعة ١٦:٧) (لسليمان الحكيم)، لأن المغالاة دائمًا سيئة.

ج- لا يتطرف (يمسك العصا من أحد طرفيها): إما أن يلغى الدين.. أو أن يغالى ويتجه إلى العنف).

د- النسك المسيحى ليس هو النسك البطولى الأسطورى. إنما النسك المتوازن، والقديس الأنبا أنطونيوس جلس فى القلاية سنوات لا يرى فيها وجه إنسان، ولما خرج من البرية «لم يكن هزيلاً ولا بدينًا وكان باشًّا»، وهذا هو النسك السليم.

- التوازن هو أن نستزيد من تراث الماضى، تحسبًا لخطوات المستقبل. ولكن دون إغراق فى «السلفية»، أو تحجر عند عصر معين، أو الاكتفاء بالافتخار بالتاريخ، وكذلك دون إلغاء لمنجزات العصر الحديث: روحيًا وفكريًا وتكنولوجيًا ومعلوماتيًا.. فمن خلال هذا المزيج، تتضح الرؤيا، ونضمن سلامة الخطوات.

- التوازن بين الحرية والالتزام، بين الزمن والاهتمام بالأبدية، لأن إلغاء الأبدية خطأ.. وإلغاء الزمن خطأ أيضًا. يجب الاهتمام بتكوين أنفسنا زمنيًا، لكن دون أن نهمل فى تكوين أنفسنا أخرويًا!! أى التوازن بين خدمة الروح والخلود والأبدية، من خلال التدين السليم!!

- كذلك هناك التوازن المطلوب، بين خدمة الجسد والزمن والمادة، من خلال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

- ومعروف أن هناك حاجات نفسية داخل الطبيعة البشرية، لابد من إشباعها، كالحاجة إلى الحب، والأمن، والانتماء، والتقدير، والنجاح، وتحقيق الذات.. ومن بين هذه الحاجات: الحاجة إلى التفرد، والحاجة إلى المرجعية. وهاتان الحاجتان تتكاملان، ومن الخطر الركون عند إحداهما وإهمال الأخرى. فالحاجة إلى التفرد تعنى حاجة كل إنسان إلى أن تكون له خصوصية إسهاماته، ودوره المتميز فى الجماعة التى ينتمى إليها، فهو يرفض بطبيعته أن يكون مجرد ترس فى آلة، أو قطعة غيار فى ماكينة!! الإنسان كائن حىّ، مريد، عاقل، له مواهبه وتفرده وجوهره الخاص. وللحديث بقية إن شاء الله.

* أسقف الشباب العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


هل الإخوان مكوِّن أصيل؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 30/1/2021

 «التيار الإسلامى وجد ليبقى والإخوان مكون أصيل فى نسيج المجتمع المصرى»، أدهشتنى تلك العبارة التى أدلى بها د. حسن نافعة لأحد المواقع الصحفية، أدهشتنى لأنها صادرة من أستاذ علوم سياسية يعرف جيداً أن ما وجد ليبقى هو الأديان وليس التيارات السياسية المتاجرة بتلك الأديان والتى تريد التسلط من خلال تخويف الناس وتزييف وعيهم بأن ما يقولونه هو كلام الله وأوامره وأنهم وكلاؤه على الأرض، ويعرف جيداً أن «الإخوان» ليست مكوناً أصيلاً بل زائدة دودية وفطر متسلق وفيروس متطفل وورم منهك مستنزف، فمصر قبل ١٩٢٨ وهى سنة تشكل تنظيم الإخوان الذى بدأ بسبعة أفراد بقيادة مرشدهم حسن البنا، مصر منبع النور ومهد الأديان لم تكن تنتظر النجار والحلاق والمكوجى وباقى التنظيم من السبعة المبشرين (مع احترامى لكل المهن) لتتعلم منهم الإسلام.

كيف تصف عصابة فجرت محاكم ودور سينما وبنوكاً وقتلت قضاة واغتالت رئيس وزراء بأنها مكون أصيل؟! هل أصالة مصر تعنى أن تدع البلطجية باسم الدين ينهشون لحمها ويحكمونها؟ هل المكون الوطنى الأصيل يصف الوطن بأنه حفنة من تراب عفن؟ هل المكون الأصيل يصرخ طظ فى مصر؟ هل المكون الأصيل يفضل أن يحكم مصر ماليزى مسلم؟ هل المكون الأصيل يهدر قيمة الوطن لصالح الخلافة العثمانية؟ هل المكون الأصيل يدع مفتيه الإخوانى عميد كلية أصول الدين يفتى بهدم الكنائس؟ كيف يا أستاذ العلوم السياسية وقارئ التاريخ الحصيف تصف الإخوان بأنهم مكون أصيل فى نسيج مجتمعنا، هل المكون الأصيل يشكل تنظيماً سرياً مسلحاً لقتل المصريين؟ كيف تشجع هذه العصابة التى سجدت فى رابعة شكراً لله على تدخل الأسطول الأمريكى؟!

لك كل الحرية فى أن تساندهم وتدعمهم فى الفيرمونت، لكن ليس لك الحق فى ترويج وهم أنهم مكون أصيل، من يريد تغيير هوية هذا الوطن ليس مكوناً أصيلاً، لكنه سرطان خبيث، غرغرينا قاتلة، سم زعاف، المكون الأصيل د.حسن هو الذى يقف معى على أرضية مشتركة اسمها الوطن حتى ولو اختلف معى سياسياً، فمظلة الوطن تجمعنا، أما الإخوانى الذى يقف على أرضية أخرى، وينظر للوطن على أنه مجرد درجة سلم فى حلم الأممية الإسلامية فهذا عنصر دخيل وضيف غير مرغوب فيه، ومجرم يجب التعامل معه كمشروع إرهابى.

هل تنكر عزيزى أستاذ السياسة أن كل الإرهابيين خرجوا من رحم الإخوان الموبوء؟ أجنة مشوهة من مرضى الزومبى، هل كان شكرى مصطفى زعيم التكفير والهجرة وقاتل الشيخ الذهبى تلميذاً لطه حسين أم لسيد قطب؟ هل قتلة السادات كانوا من خريجى معهد الباليه أم من خريجى مدرسة حسن البنا؟ العلمانيون الذين تتهمهم د. حسن فى حوارك بأنهم يرفضون التعاون مع المكون الأصيل الرائع الكيوت من ملائكة الإخوان، هل رأيت علمانياً مصرياً فجر نفسه فى كمين أو حرض على قتل ضابط أو جندى أو أحرق كنيسة أو خرج علينا متوعداً بأن النار ستظل فى سيناء ما دام تنظيمهم محروماً من الحكم؟! لن يضع العلمانى يده فى يد ملوثة بالدماء، العلمانى برغم كل محاولات التشويه وبرغم كل أساليب الشيطنة، عاشق لتراب هذا الوطن، وتدينه هو ضميره، لا يستخدم هذا التدين بضاعة فى بازار أو إكسسواراً فى بوتيك.


Friday, January 29, 2021

أعجب عقد قران جماعى! بقلم د. وسيم السيسى ٣٠/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

أصيب أهالى قرية بنى ماضى فى بنى سويف بالدهشة حين شاهدوا عجلاً مذبوحاً مضيئاً! كما ظهرت جروح مضيئة فى الحرب العالمية الثانية! كما أحجم الإسبان عن غزو كوبا حين شاهدوا ملايين المشاعل «فى أيدى الأهالى»، وقد كانت هذه المشاعل Fire Flies أو الخنافس المضيئة فى الجو! استطاع هانز مولش تحضير لحوم مضيئة، بأن أحضر شرائح لحم + محلول ملح ٣٪ فى درجة حرارة ١٥ درجة مئوية + غطاء زجاجى، وبعد أربعة أيام شاهد بقعاً مضيئة على شرائح اللحم، أما ديبوا فقد حضرها وعلقها فى دورق ٢٥ لتراً فى سقف معرض دولى فى باريس.

إنه الضوء الحى الناجم عن تفاعل اللوسفرين مع أدونوزين تراى فوسفات A. T. P + أنزيم اسمه لوسيفريز، يعطينا ضوء + ماء + لوسفرين! كفاءة مائة بالمائة، أى ليس هناك عوادم مثل ثانى أكسيد الكربون أو حرارة!.

أدعوكم لحفل عقد قران جماعى فى برمودا، سوف نأخذ قوارب للبحر، والموعد ١٧ من الشهر العربى، بعد غروب الشمس بخمس وخمسين دقيقة! إنه حفل الشموع الراقصة، ها هى الإناث تظهر مضيئة وترقص فى دوائر، وكل أنثى، يرقص حولها ثلاثة ذكور، لأن كل أنثى حجمها أكبر ٣ مرات.

تشع الإناث حولها نوراً أخضر، يتم اللقاء، تعطى الذكور ومضات ضوئية سريعة من نشوة اللقاء، تتوهج الإناث فرحاً بقانون بقاء النوع، تخبو الأضواء، ينصرفون تحت الماء بعد انتهاء مراسيم الزواج التى استمرت ساعتين، على وعد باللقاء الشهر القادم فى نفس الموعد، سلط أحد المدعوين الضوء من بطارية للماء، خرجت الذكور العبيطة، أما الإناث الناصحة فلم تظهر وكأنها تعرف أنه لعب عيال من بنى الإنسان!.

ما هذا النوع من الكائنات المضيئة؟ إنها الديدان المضيئة Odontophyllis Enopla ذهبنا أستراليا أخذنا منها عيش الغراب المضىء Pannu وذهبنا بها لإفريقيا، علقناها فى غرفتنا للإضاءة، زارنا أحد الأفارقة رآها.. صرخ وخرج: شينجا.. شينجا.. أى عفريت عفريت «جيمس دراموند». ارتحلنا إلى اسكتلندا، الصيادون أفواههم مشتعلة، كانوا يأكلون أم الخلول المضيئة، واكلينها والعة!.

سمعنا صوتاً من تحت الطين! واحدة تقول: أنا كيتو بتريس! خلقت من طين ولكن من الأضواء ذاتى! لى مراوح أسحب بها الماء والهواء والغذاء! سألتها: لماذا تعيشين وحدك؟! قالت: زهدنى فى الخلق معرفتى بهم/ وإن العالمين هباءً!

من أحلام الهندسة الوراثية، الكوكب المنير «الأرض» كل الأشجار والأزهار تصبح مضيئة، وقد نجحوا فى غابات ألمانيا، كذلك حقن اللوسفرين تحت جلد الوجه، وحين تقابل من تحب وتقول له: إنت منور.. فأنت لا تجامله لأن وجهه منور فعلاً. العلم نور، ولو يرى الله بمصباح لما كان إلا العلم.. جل الله شأنا.

أمير الشعراء


من يعيد لطبيبة المحلة سمعتها؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 29/1/2021

 ما أن تكتب على «جوجل» طبيبة المحلة حتى تنهال وتنهمر العناوين المثيرة والصفات النارية، حفلة تجريس إنترنتية إعلامية مرعبة ومقززة، عنتيلة الغربية، عنتيلة المحلة، ٤٠ فيديو جنسياً فى أوضاع مخلة... إلخ.

ظهر بعدها أن كل ما قاله الزوج كذب وضلال وادعاء، بلاغه كاذب، أجرم فى حق زوجته وشوه سمعتها ليحتفظ بشوية «عفش» وهلاهيل منقولات!! يشكك فى نسب ابنه ليمتنع عن دفع نفقة!

هل وصلنا إلى هذا المستنقع العفن؟ ولماذا نستسهل الخوض فى الأعراض إذا كانت الضحية امرأة؟ لماذا نستلذ بأكل لحمها والنميمة فى أخص خصائصها؟ لا نفكر فى السؤال عن الحقيقة لكن سؤالنا وإلحاحنا وفضولنا كان عن تلك الفيديوهات، كيف نشاهدها وهل من الممكن نقلها على مواقع البورنو لنستمتع بكوننا من قبيلة الزومبى؟ كم شخصاً فى مصر قرأ خبر براءة الزوجة الطبيبة البيطرية التى كل جريمتها أنها قد اتهمت زوجها بتبديد المنقولات؟ من يستطيع استعادة سمعتها التى أُهدرت وأهينت من كل عابر سبيل؟

بداية لم نفكر بالمنطق البسيط جداً الذى يفضح رداءة الحكاية، فلاشة عليها أفلام جنسية داخل «المرتبة»!! ثم السؤال المنطقى الذى يفضح سذاجة القصة الملفقة لماذا التصوير؟ وكيف؟ وأين؟ وما الغرض؟ خاصة أن المتهمة سيدة وليست رجلاً!!! القصة غير محبوكة من الأساس، لكن قبيلة الزومبى مستعدة للتغاضى عن كل ثغرات القصة، بل وتضع عليها التوابل والبهارات لمزيد من الإثارة، هل تريدون قراءة أدلة براءتها؟ هل ستنشرونها على صفحاتكم مثلما نشرتم فضيحة الفلاشة بكل تفاصيلها؟ هل أنتم مستعدون فى المواقع و«فيس بوك وتويتر» لأن تعتذروا للطبيبة وتعملوا «شير» لحيثيات براءتها، نجرب ونشوف، اقرأوا وانشروا هذا الكلام وأنصفوها، اعملوا شير لهذا الكلام «أكدت مصادر أمنية بمديرية أمن الغربية اليوم الخميس، أن جميع التحريات الأمنية التى أجريت بنطاق فرع البحث الجنائى بدائرة قسم شرطة ثان المحلة، كشفت عدم صحة البلاغ المقدم من جانب زوج ضد زوجته «طبيبة بيطرية» واتهامها بالزنا، وعدم صحة البلاغ والتوصل لأى إدانات حيال ارتكاب الزوجة للفحشاء وممارسة الرذيلة من عدمه». ضعوا هذا الكلام فى مقدمة صفحاتكم لا فى الذيل «وتوصلت التحريات الأمنية إلى أن الزوجين ارتبطا رسمياً قبل 3 سنوات، وعاشا معاً بنطاق مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، فضلاً عن عدم استقرار الزوجة بالمحلة وشهادة من يعرفها بحسن الخلق، حسب مصادر التحريات السرية التى عرضت على أعضاء النيابة العامة، وتابعت المصادر الأمنية أن المحامى وكيل الزوج قدم فيديو واحداً للنيابة والجهات المعنية للتحقيق لا تظهر فيه صور شخص بعينه وذلك سعياً فى الضغط عليها وإبرائه من حقوقها الزوجية، فضلاً عن تخبط الزوج فى روايات الاتهامات المتنوعة».

نحن نفضح بالميكروفون فى ميدان عام، ونقدم البراءة همساً فى زقاق جانبى مهجور!!، فهل لدينا شجاعة الإنصاف وجسارة تقديم الحقيقة.


الوطنية ودموع كرة اليد - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 28/1/2021

 لم أجد تعريفاً عملياً للوطنية والانتماء أفضل من دموع أبطال كرة اليد بعد مباراتهم الأسطورية مع منتخب الدنمارك بطل العالم، كانوا يريدون إهداء النصر للوطن، ينظرون إلى لوحة التوقيت بترقب ولهفة وعليها اسم الوطن، ينشدون السلام الوطنى بكل حماس، وتنفعل كل جوارحهم عند ذكر الوطن، عند اسم مصر، كانوا يتمنون الالتفاف بعلم الوطن عند إعلان النصر، كل خلجة من خلجاتهم فيها نبض الوطن.

تذكرت صديقى الذى كان يفرّق الإخوانى صاحب «طظ فى مصر» من المصرى الحقيقى الوطنى صاحب «مصر وطن يعيش فينا» و «بلادى بلادى لك حبى وفؤادى»، كان يستطيع التفرقة بدموع الشخص عندما يشغل أغنية «على الربابة باغنى» أو «يا حبيبتى يا مصر» أو «بوابة الحلوانى»، الدموع رمز، من الممكن عند سماع تلك الأغانى أن ينفعل المصرى غير الإخوانى، يهتز، ومن المألوف جداً أن يدمع، لكن الإخوانى استحالة أن يذرف دمعة أو يرتعش له جفن، فالبرود هو سمته الأساسية، والخلافة وطنه ودينه، أما الوطن فهو حفنة من تراب عفن كما قال فيلسوف الدم الأعظم سيد قطب، أذكركم بيوم تشجيعهم لفريق جنوب أفريقيا ضدنا ورفعهم لشعار رابعة فى المدرجات وهتافهم لغانا عند هزيمة منتخبنا الوطنى لكرة القدم، وكما كتبت من قبل، الإخوان لا يعرفون معنى الوطن، لا يدركون كلمة الانتماء، هم جالية أو عصابة أو تنظيم داخل دولة، مصر بالنسبة إليهم سكن لا وطن، الإخوان يعتبرون مصر حقيبة على سير مطار، أو غرفة فى فندق يبيتون فيها عدة ليالٍ ثم يتركونها، إحساسهم بالنسبة لمصر هو نفس إحساس أى بنى آدم يسكن فى غرفة فندق، علبة سجاير فى كشك، استمتع بها ثم دُس عليها بحذائك بعد مصمصة عظامها، وبعد أن تتحول إلى مجرد «عُقب»، لا يهمه نظافة الغرفة أو ترتيبها أو تنسيقها أو كعبلتها، باختصار «إياكش تولع»، علاقة الإخوانى بمصر هى «إياكش تولع»، يزرعون هذه الثقافة جيلاً بعد جيل.

عندما غنى «الحجار» كلمات مدحت العدل التى تقول «إحنا شعب وهما شعب»، كانت جملة عبقرية لخصت رحلة صراع استطاعوا فيه أن ينتصروا ويركبوا بتزييف وعى المصريين الذى ساهمت فيه ظروف وعوامل كثيرة منها نظام مبارك نفسه للأسف، مشكلتنا مع الإخوان ليست خلافاً على خطة اقتصادية أو ارتباك سياسى أو تضارب مصالح، لكن الخلاف هو على الهوية، من الممكن أن تغير كمية إنزيمات الجسد ونسب هرموناته بل وتزرع أعضاء أو خلايا، لكن أن تغير وتدمر وتذيب الـ«دى إن إيه»، شفرة الهوية، إذاً أنت تنفى وتخرب وتقتل وتغتال الشخصية والوجود والتحقق الإنسانى، هوية الوطن ومعناه. هذا هو لب الخلاف، الإخوانى حلمه الخلافة الإسلامية التى عبَّر عنها مرشدهم فى تفضيله أن يحكم مصر أفغانى أو ماليزى إخوانى، على أن يحكمها مصرى غير إخوانى، وطبعاً لو كان قبطياً تكون الكارثة أكبر والمصيبة أفدح!!

«مرسى» عندما سمح للحمساوية وشذاذ الآفاق أن يحتلوا سيناء كان يطبق نفس المفهوم، وبعدها عندما سمح لوثائق الأمن القومى أن يطلع عليها إخوان قطر وأعضاء التنظيم الدولى كان يحقق نفس الحلم، الإخوانى مشكلته ليست مع تشجيع كرة القدم منتخباً أو أندية، ولكن مشكلته مع الوطن كله، ما هو الترمومتر الذى تقيس به حرارة انتماء الإخوانى أو جهاز الأشعة الذى يكشفه؟ كما قلت الإخوانى لا تدمع عيناه عند سماع «واحنا فايتين ع الحدود»، الإخوانى لا يفرح لفوز زويل أو نجيب محفوظ بنوبل، الإخوانى لا يرفرف قلبه فرحاً عندما يرى أهرامات مصر أو قلعتها على شاشة التليفزيون وهو فى الخارج، الإخوانى لا يرقص على نغمات على إسماعيل وفرقة رضا فى «حلاوة شمسنا»، الإخوانى لا يضحك ولا يفرح إلا فى موت جنودنا لأن هذا سيقربه هو وعصابته من حلمهم الأزلى المقدس، الإخوان لا يضحكون على نجيب الريحانى لأنه مسيحى ولا يضحكون على عادل إمام لأنه ذهب إلى أسيوط ليعرض مسرحيته ضد الإرهاب، بل إنهم لا يضحكون على مسرحياتنا الكوميدية كلها لأنهم لا يعرفون روح الدعابة التى يجهلها كل من يعانى سقم الروح وجفاف الوجدان مثلهم، وهم متصحرو الروح والوجدان بامتياز، للأسف ما زالت وستظل «همّا شعب واحنا شعب» عملة قابلة للتداول فى كل العصور والأزمان.


Thursday, January 28, 2021

معركة محمود شكوكو وإسماعيل ياسين بقلم طارق الشناوى ٢٨/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

ماذا عن زمن الفن الجميل؟ الإجابة التى صارت معتمدة أنه زمن الحب والوفاء والعطاء، وكأننا نتعامل مع ملائكة لم يخترق الحقد ولا حتى الغيرة يوما قلوبهم، الحقيقة الدامغة تؤكد أن الصراع بين القمم كان هو العنوان، وفى كل شىء حتى السياسة، كان سعد باشا زغلول يتشكك فى وطنية مصطفى باشا كامل.

فى شعر الفصحى كان شوقى يشعر بالضيق الشديد لأنهم يكتبون اسمه فى جملة واحدة مع حافظ، والذى يعقب قائلا لماذا يغضب شوقى؟ وجودنا فى جملة واحدة لا يعنى أبدا التساوى، فهم يقولون (عسل وبصل) يعتبرنى أنا البصل، فى الشعر الغنائى بيرم التونسى وأحمد رامى، كتب التونسى هجائية (يا أهل المغنى دماغنا وجعنا) تحديدا للسخرية من أغانى أحمد رامى، بينما رامى كان يتفق من الباطن مع الشاعر فتحى قورة لكتابة مقالات يسخر فيها من أغنيات أم كلثوم التى تغنت فيها بشعر بيرم.

لن أحكى لكم عن صراع عبد الحليم وفريد ولا عن أم كلثوم وعبد الوهاب ولا حتى عن أم كلثوم وعبد الحليم، ولكن عبد الوهاب وفريد الأطرش، كان فريد لديه قناعة مطلقة بأن عبد الوهاب هو العدو الحقيقى، وهو الذى يحول فى اللحظات الأخيرة دون لقائه بعبد الحليم، فلقد كان حليم يجرى معه بروفات العديد من الأغانى على العود، ثم يتهرب فى الرد على تليفوناته، وهو ما تكرر مع أم كلثوم، الفاعل الأصلى فى الحالتين هو عبد الوهاب، ولهذا كثيرا ما كان يُثنى فريد على رياض السنباطى وتحديدا ألحانه لأم كلثوم على طريقة (الكلام إلك يا جارة)، بينما السنباطى لم يعترف أبدا بالأغنيات التى رددتها أم كلثوم لبليغ ولا الموجى، فكان يتمنى أن تسمح له أم كلثوم بمراجعتها أولا وهو ما رفضته (ثومة)، ولهذا كان يسخر مثلا من (أسألك روحك) قائلا إنها تذكره بـ(اعملها على روحك)!.

بينما الموجى كثيرا ما كان يقلل من قيمة ألحان بليغ، خاصة لعبد الحليم، ويعتبرها مجرد صخب وزعيق، بل واتهم أيضا بليغ بأنه روج تشنيعة بأن زوجته السيدة أم أمين، كانت تتفق مع أحد المشعوذين، وتضع السحر تحت سرير عبد الحليم حتى يتوقف عن الغناء لبليغ، وأشار الكاتب الكبير أنيس منصور إلى ذلك فى عمود له منتصف السبعينيات، ثم بعد ذلك قدم له الموجى الدليل على أن بليغ هو الذى دبر تلك التشنيعة، فهاجم أنيس بليغ.

توقفت طويلا مع تلك المناوشات بين الصديقين اللذين صارا عدوين لدودين، محمود شكوكو وإسماعيل ياسين، عرفا معا طريق النجومية، وكانت السينما منذ مطلع الأربعينيات تضعهما معا فى الأفلام لضمان مضاعفة معدل الضحك، فجأة فى النصف الثانى من الأربعينيات، بدأ نجم إسماعيل يتوهج وصاحب ذلك خفوت فى نجومية شكوكو، كان إسماعيل يرى أن شكوكو بينه والسينما خصام والكاميرا لا تحبه، بينما شكوكو يقول إن إسماعيل ثقيل الظل، لا يعترف به أبدا حتى كمنولوجيست، وأطلق عليه (نكاتيست) من النكتة، وأضاف وحتى النُكت ليست من تأليفه، لكنها لممثل خفيف الظل اسمه عبد الغنى النجدى كان يبيع له الواحدة بجنيه.

عندما صار إسماعيل ياسين فى الخمسينيات النجم الأول لم يسمح فى أفلامه أبدا بوجود شكوكو، الذى كان يؤكد أن (سُمعة) يتعمد ذلك لأنه يعلم جيدا أنه بمجرد حضوره سيسرق منه الكاميرا، خدعوك فقالوا إنه (زمن الفن الجميل)!!


ملاحظات على ضرب الزوجات (٢) - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 27/1/2021

 ما النشوز الذى سيعتمد عليه الرجال فى البرلمان لإفشال واغتيال قانون حبس مَن يضرب زوجته؟ وهل ممن الممكن أن يكون الرجل ناشزاً؟

لقد ميّز الفقه الذكورى بين نشوز المرأة ونشوز الرجل، فعلى سبيل المثال: اعتبروا المرأة ناشزاً إذا غادرت بيتها لزيارة أهلها أو جارتها بدون إذن زوجها، أما إذا سافر الزوج وغاب فترة طويلة دون علمها، فلا يعد ذلك نشوزاً وليس لها حق التفريق إلا إذا تجاوز الغياب السنة، وإذا امتنعت الزوجة عن الفراش اُعتبرت ناشزة، أما الرجل فى مذهب أبى حنيفة إذا هجر الفراش وامتنع عن معاشرة زوجته، فلا يعد ذلك نشوزاً وتبرير ذلك، كما يقول الإمام الرازى فى تفسيره «لأن الزوج لا يُجبر على الوطء».

وكذلك لم يعتبر الفقهاء زواج الرجل بامرأة ثانية يحمل أى إساءة نفسية أو نشوزاً، واعتمدوا فى تبريرهم للضرب كوسيلة تأديب على ما جاء فى المأثور عن النبى الذى قال فى خطبة الوداع «واتقوا الله فى النساء، فإنهن عندكن عوان -أى أسيرات– ولكم عليهن ألا يوطئن فراشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن، فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، وبالطبع تغافل هؤلاء المؤيدون للضرب أحاديث أخرى كثيرة قالها الرسول تُناقض ما سبق، مثل:

*«لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها فى آخر اليوم»، صحيح البخارى.

*«مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً ليتكلم بخير أو ليسكت، واستوصوا بالنساء خيراً»، صحيح مسلم.

*«أطعموهن مما تأكلون، واكسوهن مما تكتسون، ولا تضربوهن ولا تقبحوهن»، سنن أبى داود.

*«عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله خادماً له ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئاً»، سنن ابن ماجة.

لكنه التدين البشرى المنحاز للذكر، وكما قلنا مراراً هناك دين وهناك تديّن والفرق بينهما شاسع.

تحدثنا عن النشوز، فماذا عن الضرب وطريقته وأنواعه؟، اختلف الفقهاء فى كمية الضرب وكيفيته، وكأنهم يدربون دوبليرات فى فيلم أكشن، وكأن الضرب فى حالة التأديب من رجل عصبى منحه الفقهاء تفوقاً أبدياً وقوامة سرمدية ممكن التحكم فيه بهذه الدقة التى يتحدثون عنها، وكان أرحم هؤلاء الفقهاء وأكثرهم رقة الإمام الشافعى الذى قال فى مدونة تعليماته «الضرب يكون مفرقاً على بدنها، ولا يوالى به فى موضع واحد، ويتقى الوجه لأنه مجمع المحاسن، وأن يكون دون الأربعين، ولا يفضى إلى الهلاك».

منتهى الرقة والحنان !!، ولم يذكر لنا «الشافعى» ما عقوبة الزوج الذى تفلت يده ببوكس فى الوجه غصباً عنه أو «شلوتاً» فى الرحم غصباً عنه أيضاً، هل نعفو عنه لأنه حدث غصباً عنه والله أدرى بالنوايا؟!، وأوصى فقهاء آخرون بالضرب بمنديل ملفوف بدلاً من الكرباج والعصا.. إلخ، الحل هو ألا نخلط بين ما هو دين وبين ما هو عرف فى الجزيرة العربية، بين الإسلام الذى أنزله الله وبين الفهم القومى لهذا الإسلام، أى طريقة تطبيق المجتمع للدين حسب فهمه وتصوره واحتياجاته، فالدين غالباً يدخل ويعجن فى فرن الفهم والتفسير الخاص للمجتمع الذى يدين به، ونحن غير مُلزمين بفهم وتطبيق هذا المجتمع، لأن ذلك هو نتاج تفاعلهم الخاص مع الدين، فالمجتمع البدوى القديم كان الضرب فيه سلوكاً غير مستهجن، ووضع المرأة كان متدنياً لظروف كثيرة ومختلفة ليس هنا مجال الحديث عنها الآن، ونحن غير مطالبين فى القرن الحادى والعشرين وفى بلد عرف الحضارة والمدنية منذ آلاف السنين أن نتبع ذلك الفهم البدوى بحذافيره ما دمنا لم نخرج على الأطر والمبادئ العامة التى وضعها لنا الإسلام الحنيف.


Tuesday, January 26, 2021

كارثة القروض على دول العالم: الخديو إسماعيل مثالاً بقلم د. محمد أبوالغار ٢٦/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

استلم الخديو إسماعيل الحكم وكانت ديون مصر ١١ مليون جنيه إسترلينى، وعندما تم عزل إسماعيل كانت ديون مصر ١٢٧ مليون إسترلينى، وبين عامى ١٨٦٢ و١٨٧٩ دفعت مصر أقساطاً أكبر بكثير من مبلغ الدين نفسه. والمشروع الوحيد الذى استخدم فيه جزءا من القروض هو قناة السويس، التى تكلفت ١٦ مليون إسترلينى، أما بناء مصر الخديوية والأوبرا وحفر الترع وتحديث التعليم فتم بالجهود الذاتية. وصرفت الديون على مشروعات مظهرية مثل بناء القصور فى مصر وتركيا، وحفل افتتاح قناة السويس (١١ مليون إسترلينى). والرشوة للباب العالى (٢ مليون إسترلينى)، وشراء أراض زراعية باسمه واسم عائلته، ورحلة معرض باريس (٨ ملايين استرلينى).

فى عام ٢٠١٩ نشر المركز القومى للترجمة كتاباً للبريطانى جون سيموركى، المعاصر للخديو إسماعيل، والذى كان متعاطفاً مع مصر وشرح ما فعله إسماعيل ومعاناة المصريين وجشع بريطانيا فسمى الكتاب الذى ترجمه عز الدين شوكت «نهب المصريين: قصة عار».

بين عامى ١٨٦٢ – ١٨٦٤ تسلم الخديو قرضا شخصيا بمبلغ ١٠ ملايين جنيه إسترلينى لم يدخل ميزانية الدولة، وفى عام ١٨٦٦ أخذ قرضاً بقيمة ٣ ملايين إسترلينى بشروط مجحفة، وفى عام ١٨٦٨ تم إبرام قرض أكبر بقيمة ١١.٥ مليون إسترلينى. فأصدر السلطان فى الأستانة فرماناً بمنع أى قروض لمصر.

وقام الخديو برهن أراضى الدولة دون إذن من تركيا، وبذا حصل على قرض قيمته ٧ ملايين جنيه فى عام ١٨٧٠ لم يتحصل منها إلا على ٥ ملايين. وقام الخديو بدفع رشوة بمبلغ ٥٠ ألف إسترلينى إلى رئيس وزراء الدولة العثمانية الذى أقنع السلطان بموافقته على أن تقترض مصر، فأخذ قرضاً جديداً بمبلغ ٣٢ مليون جنيه تسلمت منها مصر ٢٠ مليونا، وبدأ المقرضون الأوروبيون فى الضغط على الخديو لأخذ مميزات تجارية ووظائف كبرى مقابل القروض. وقام الخديو بدفع رشوة قدرها ٩٠٠ ألف إسترلينى إلى السلطان العثمانى شخصياً مقابل فرمان يتيح له المزيد من الاقتراض.

وصل الدين إلى مبلغ ٧٢ مليونا تسلمت منها ٤٥.٥ مليون فقط منها ١٠ ملايين لسداد ديون نائب الخديو الأمير توفيق، وكانت فوائد القروض تتراوح بين ١٣% و٢٦% وتم خصم فوائد القروض السابقة من القروض الجديدة.

وفى عام ١٨٧٥ فشلت مصر فى الوفاء بشروط الدين وجاء المسؤول المالى لحكومة بريطانيا للتحقيق، وقال إن الحالة ميؤوس منها وإن الخديو استدان ١٨ مليون جنيه بفائدة ٢٥% لتسديد الفوائد النصف سنوية. وبدأ برفع الضرائب بصورة عشوائية وابتزاز الفلاحين فكان يتم تحصيل ضريبة ٣ سنوات خلال عامين وفرضت رسوم خاصة وهو الأمر الذى أدى إلى استخدام القمع. ثم أصدر الخديو قانون المقابلة بإعفاء مستأجرى الأراضى من نصف الإيجار السنوى للأبد مقابل تسديد إيجار ست سنوات دفعة واحدة، وجمع ٢٨ مليون جنيه ولكنه أهدرها. وجميع أشغال المنفعة العامة للدولة تمت من مواردها الذاتية وليس من القروض.

وأصبحت فوائد الديون تمثل ٧٠% من الموارد العامة للدولة، وتم وضع مصر تحت الرقابة الأوروبية وبدأ تدخل القنصل العام البريطانى فى مصر. ولما عارض إسماعيل صديق وزير المالية رغبات القنصل، وفى عام ١٨٧٦ تم اتهام وزير المالية بالحض على إثارة الأقاليم وتمت محاكمته ونفيه.

ورضخ الخديو بتعيين مراقبين أوروبيين لموارد الدولة وتشكيل لجنة بريطانية فرنسية لإدارة السكك الحديد ورهن عائدات ميناء الإسكندرية لخدمة الدين وإلغاء خفض الإيجار للمزارعين بعد أن دفعوا إيجار ٦ سنوات. وتمت جباية مبلغ ٢.٣ مليون جنيه لدفع القسط من الدين فى يناير ١٨٧٧ وتم تعيين مجموعة كبيرة من الأوروبيين بمرتبات ضخمة.

وبصعوبة بالغة تم سداد ٢.١ مليون إسترلينى عام ١٨٧٧ ووصل عدد الأوروبيين فى مصر إلى مائة ألف لا يدفعون ضرائب ويهربون البضائع. واضطر الخديو فى نوفمبر ١٨٧٧ إلى وقف صرف مرتبات موظفى الدولة ولم تستلم قوات الجيش مرتباتهم لشهور وتوقفت أجهزة الدولة بالكامل. وفى يناير ١٨٧٨ كانت مصر على وشك المجاعة. وتم تعيين لجنة من ستة أوروبيين لمراجعة الوضع الاقتصادى والاستيلاء على ممتلكات الخديو الشخصية وأراضيه البالغة نصف مليون فدان وإلى تعيين اثنين من الوزراء الأوروبيين فى الحكومة.

وحضر وفد من المشايخ للاحتجاج على فرض ضرائب جديدة فى ١١ يناير ١٨٧٩ وحدث توتر شديد فى البلاد وخرجت مظاهرة كبيرة يتقدمها ٤٠٠ ضابط وتم اختطاف ويلسون أهم شخصية بريطانية مسؤولة عن المالية. وفى ٧ إبريل تحرك الخديو لتهدئة الشعب، وقام بتنحية الوزيرين الأوروبيين وضغطت الحكومة البريطانية على الخديو إسماعيل للتنازل لابنه الأمير توفيق.

فى ١٣ يوليو ١٨٧٩ أعاد الخديو توفيق مراقبى العموم الأوروبيين واستمرت الأمور فى التدهور واستمر السخط الشعبى حتى قام الجيش المصرى بقيادة أحمد عرابى بالاحتجاج لدى الخديو ثم تلت ذلك الأحداث التى أدت إلى احتلال مصر بالقوة العسكرية.

ويقول أولفر بلانش إن القروض تكون آمنة إذا كانت نسبة النمو الاقتصادى أعلى من نسبة فوائد القروض وأن تستخدم القروض فى مشروعات إنتاجية أو تحسين البنية التحتية. ويقول معهد واشنطن إن أقساط وفوائد القروض الزائدة عن الحد تهدر الغرض من القرض وهو التنمية، وتؤدى إلى ضعف تمويل التعليم والصحة والبنية التحتية وانخفاض النمو، ثم تحدث الكوارث. واسألوا اليونان والأرجنتين وفنزويلا.

ربما قرأ الرئيس الأسبق مبارك هذا التاريخ، ولذا كان حذراً جداً فى أخذ القروض واستطاع أثناء حرب الخليج أن يتخلص من جزء كبير منها ووعى الدرس جيداً.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك


ملاحظات على ضرب الزوجات (١) - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 25/1/2021

 بمناسبة قانون حبس الزوج الذى يضرب زوجته خمس سنوات، والذى أشك فى أنه ستتم الموافقة عليه فى البرلمان حتى مع وجود هذا العدد من النائبات، ومصدر تشككى فى الموافقة هو أن صبغ السلوكيات بصبغة دينية يمثل دائماً فزاعة ضد أى تفكير مرن يراعى ظروف الحاضر، وليس رفض توثيق الطلاق الشفهى ببعيد، فالتزمُّت والتصلب الدينى وقفا أمام صدوره، وسيقفان أيضاً ضد تجريم ضرب الزوجة، ذلك لأن الفقه والفكر الذكورى له حضور طاغٍ فى مجتمعنا، وسأورد بعض الملاحظات لإنعاش الذاكرة:

الملاحظة الأولى: لم يخرج فقيه مسلم واحد عن الطابور فى موضوع ضرب المرأة، فلم ينكره منهم أحد ولم يشذ عالم فرد ليخرج ويقول ضرب الزوجة تحت أى وضع وبأى مبرر خطأ فادح وسلوك مجافٍ للإنسانية والتحضر، حتى أكثرهم استنارة خذلنا وقال قولتهم واتبع منهاجهم ومنهم الإمام محمد عبده، وهو إمام الاستنارة الذى قال فى تفسير المنار (جمعه رشيد رضا) عن موضوع ضرب المرأة وهاجم مقلدى الفرنجة الذين يرفضون الضرب كعقوبة قائلاً «أى فساد يقع فى الأرض إذا أبيح للرجل التقى الفاضل أن يخفض من صلف إحداهن ويدهورها من نشز غرورها بسواك يضرب به يدها، أو كف يهوى بها على رقبتها؟!»، ويضيف المصلح الأستاذ الإمام قائلاً «إن مشروعية ضرب النساء ليست بالأمر المستنكر فى العقل أو الفطرة، فيحتاج إلى التأويل، فهو أمر يحتاج إليه فى حال فساد البيئة وغلبة الأخلاق الفاسدة، وإنما يباح إذا رأى الرجل أن رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه»، أما المفكر الإسلامى عباس العقاد فهو يردد نفس الكلام ولكن بصراحة أكثر حين يقول «يباح الضرب لأن بعض النساء يتأدبن به ولا يتأدبن بغيره، ومن اعترض على إجازته من المتحذلقين بين أبناء العصر الحديث فإنما يجرى اعتراضه مجرى التهويش فى المناورات السياسية»، أما المفكر والمؤرخ الإسلامى أحمد شلبى فيتبنى منطق الحرب فى العلاقة الزوجية ويقول «إنه من الحماقة أن يتصور المرء أن ليس للجنس البشرى عضو يمكن إصلاحه بالضرب، ولماذا لا يحتج هؤلاء على عقوبة الضرب فى الجندية»، ويتبنى المفكر الإسلامى محمد قطب نفس وجهة النظر فى كتابه «شبهات حول الإسلام»، ويقول «لابد من سلطة تقوم بهذا التأديب هى سلطة الرجل المسئول فى النهاية عن أمر هذا البيت وتبعاته، فإذا لم تفلح جميع الوسائل فإننا أمام حالة من الجموح العنيف لا يصلح لها إلا إجراء عنيف هو الضرب بغير قصد الإيذاء وإنما بقصد التأديب، وهنا شبهة الإهانة لكبرياء المرأة والفظاظة فى معاملتها، ولكن ينبغى أن نذكر من جهة أن السلاح الاحتياطى لا يستعمل إلا حين تخفق كل الوسائل السلمية الأخرى»!، ولا أعرف ما هو مفهوم العلاقة الزوجية كما يفهمها هؤلاء الذين يستعملون مصطلحات الحرب والسلاح الاحتياطى، وأيضاً أعترف بجهلى بالفرق بين الضرب بغرض التأديب والضرب بغرض الإيذاء، فليس مطلوباً من العلاقة الزوجية أن تكون ماتش ملاكمة بين الزوج والزوجة، وأعتقد أن المرأة المعاصرة المتحضرة لا تعرف هذا الفرق الذى وضعه الفقهاء بين الضرب المبرح المؤذى وبين الضرب التأديبى، فهى من الممكن أن تموت بمجرد كلمة، والضربة حتى لو كانت موزونة بترمومتر الفقهاء وبغرض التأديب هى فى النهاية إهانة لكرامة المرأة وحط من قدرها الإنسانى، وإذا بررنا الضرب بأنه للمرأة المريضة نفسياً، فمن الأولى علاجها بدلاً من ضربها، والنقطة المهمة التى تفضح توجهات هؤلاء الفقهاء الذكورية المنحازة إلى الرجل هى تحولهم 180 درجة حين يتحدثون عن نشوز الرجل، وهذا النشوز هو ملاحظة المقال القادم.


Sunday, January 24, 2021

فى ذكرى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بقلم الأنبا موسى ٢٤/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

- لاشك أن شباب هذه الثورة كان يختزن فى أعماقه مخزونًا حضاريًا ضخمًا، يرجع إلى أيام الفراعنة (رمسيس وتحتمس وأحمس.. )، كما كان يختزن حبًا جبارًا لوطنه الرائع مصر، بمخزونها الحضارى: الفرعونى والقبطى والإسلامى والمعاصر...

- والمتأمل فى هذا التاريخ المجيد، يجد فى الإنسان المصرى- عمومًا- ارتفاعًا شاهقًا مع فراعنة أمجاد، لهم إنجازاتهم العلمية والحضارية والإنسانية، كما كانت لبعضهم سلبياتهم فى الاستبداد والسيطرة. وكلمة فرعون «بار- أون» أى أن «ابن» الإله «أون»، أحد آلهة الفراعنة فى فجر التاريخ، قبل ظهور أديان التوحيد: اليهودية والقبطية والإسلامية.

ولهذا يتسم الشباب المصرى، بروح الثورة – حتى إذا كانت مكتومة أو مقهورة مؤقتًا، وهى «إرادة التغيير»: تغيير الواقع المرفوض إلى مستقبل مرتقب.

- لهذا ثار المصريون – وبخاصة الشباب – ضد الواقع الذى كان سائدًا وقتها، ومن ملامحه:

١- الفســـــــاد: كان مستشريًا أيام الإقطاع، حيث أثرت مجموعة من المنتفعين، بسبب نهبها لثروات هذا الوطن، فنهبوا أراضى مصر، وثرواتها، وتم التزاوج بين رأس المال والسلطة، مما شحن صدور الشباب بالغضب عن هذا الواقع المؤلم والمنحرف، الذى من علاماته وأمثلته:

أ- الأغنياء يحصلون على أراضى الدولة بأبخس الأثمان.

ب- أموال البنوك: يقترضونها دون ضمان أو سداد.

ج- قرارات العلاج على نفقة الدولة: تمنح للمعارف.

٢- الاســـــتبداد:

ومع الفساد يأتى الاستبداد السياسى، الذى كان شعار المرحلة السابقة، ولعقود متعددة، إذ سد الحكام آذانهم، عن كل الآراء والمظالم، وكان لا يتحاورون مع أحد، ولا يستمعون إلى الرأى المخالف، أو حتى إلى الإنذارات القادمة من صفحات الجرائد أو الفيس بوك.

لم تكن هناك حرية إقامة أحزاب، وكان هناك إهمال للقوى المعارضة، وهكذا ضيقوا على أحزاب المعارضة وحجموها، بهدف إضعافها، وكان هناك تزوير واضح فى الانتخابات، وقهر لأى نشاط سياسى، كما توغل بعض الأعضاء الفاسدين فى أنحاء مصر، وقطاعات الدولة، وأجهزتها الفعالة، لكى تنحرف القرارات فى اتجاه الأقلية المسيطرة!!

٣- السياسات الأمنية الخاطئة:

كان الكل يلاحظ أن مصر صارت «دولة بوليسية»، فكل شىء صار فى يد بعض القيادات!! وصار كل السياسيين وقادة المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية، فى إحباط كبير، بلا قدرة على التأثير، أو أخذ زمام المبادرة. كانت كل المشكلات الطائفية والسياسية والاجتماعية، تسلم إلى يد بعض القيادات، فتفاقمت المشكلات، وتصاعد التعذيب فى بعض المعتقلات، كما حدث سوء استخدام لحالة الطوارئ، فلم تعد هذه الحالة فى مصلحة المواطنين، بل فى يد بعض المنحرفين، يستغلونها كما يشاؤون. فجاء «تسونامى» شباب مصر، ليكتسح هذا الاستبداد، والرموز المستبدة ولكى يجبر الأحزاب، على تطهير صفوفها، وتجديد نفسها، بقيادات شريفة وجديدة، وهذا كله لا يلغى أن هناك غالبية من الشرفاء، كانوا بعيدين عن الفساد، والاستبداد السياسى.

ولكن الشباب تبادلوا الحوار فى العالم الافتراضى على الإنترنت، الفيس بوك وغيره. ولكن النظام وقتها - للأسف - لم يقرأ هذه الثورة المتصاعدة فى قلوب الشباب، وتصور أنه قادر على قمع هذا الاتجاه الثائر بالأسلوب الأمنى. فخرج الشعب لا يفكر فى شىء سوى مصر، والمستقبل. لقد نسى كل منهم أية أغراض شخصية أو طائفية.. فاجتمع المسلمون مع المسيحيين، والشباب مع الكبار، رجالاً ونساءً، والموظفون مع العمال والفلاحين، وطالبوا بالتغيير الحقيقى والجذرى، من أجل مصر أفضل، ومستقبل أفضل، وها هى السياسات تغيرت، وتتغير نحو مستقبل مشرق لأجيالنا الصاعدة.

ثانيًا: مخزون الحضارة:

ويبدو هذا المخزون الحضارى واضحًا فى قلوب المصريين فى أمور كثيرة مثل:

١- الارتفاع من الشخصى إلى الموضوعى، ومن الطائفى إلى الوطنى، ومن الفئوى إلى عموم الشعب.

٢- التظاهر السلمى، وقد قدم الشعب المصرى الكثير من الشهداء والمصابين فى هذه الثورة السلمية، التى لم تعتد على المواطنين وممتلكاتهم وأنشطتهم..

٣- اللجان الشعبية، التى قامت بحراسة البيوت والأفراد، ورأينا إخوتنا المسلمين يحرسون الكنائس، والمسيحيين يتعاونون مع المسلمين فى حفظ الأمن العام.

٤- وطنية الجيش المصرى، الذى تعامل مع الشباب والشعب بأسلوب حضارى رائع، وصبر عجيب، وحميمية بالغة.. فكان الشباب يعانقون الجنود فى حب، وكانوا يعتلون ظهور الدبابات بفرح.

٥- روح الحوار، إذ كان هناك حوار وطنى شامل، فى قاعات الدولة، ومقرات الأحزاب، وميدان التحرير، وميادين المحافظات، وعلى شاشات التليفزيون، طوال اليوم، وكل يوم، لا يفكرون فى شىء إلا فى مصر، مصر المستقبل.

٦- المطالب الشرعية: فلم يطلب الشباب سوى:

أ- الحرية السياسية والديمقراطية الكاملة، وصولاً إلى الدولة المدنية الحديثة، والجمهورية البرلمانية الحقيقية، وذلك يتطلب تعديلات دستورية كثيرة، سواء فى حرية تكوين الأحزاب، أو الانتخابات النزيهة.

ب- التنمية الاقتصادية والإصلاح الاقتصادى، من خلال مكافحة ومحاربة البطالة والفساد، وإيجاد فرص عمل للشباب، تتناسب مع طموحاتهم المشروعة، من أجل حياة كريمة... وها هو الرئيس السيسى يعتمد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام ٢٠٢٠-٢٠٠٢١.

ج- العدالة الاجتماعية، وتذويب الفوارق بين الطبقات، وهى حقوق مشروعة ومعقولة، فهناك فرق شاسع بين طبقات ثرية للغاية، وملايين يسكنون العشوائيات. وها نحن نرى الرئيس السيسى لم يغب ملف العدالة الاجتماعية عن ذهنه، وكان أول خطوة فى طريق العدالة الاجتماعية هو تطوير العشوائيات، وتوفير حياة كريمة لسكان تلك المناطق الذين دفع الكثير منهم حياته ثمنا لمعيشته فى منطقة عشوائية، وها نحن نرى الدولة توفر مساكن لمحدودى الدخل، كل هذا هو بمثابة سور يقى الشعب مشاكل الصراع الاجتماعى.

■ ■ ■

- شاع القول: مصر قد ولدت من جديد، فهنيئًا لمصر بثورتها المجيدة، وشبابها النقى، مسلمين ومسيحيين، أغنياء وفقراء، متعلمين وبسطاء، فأسرة مصر كلها أجمعت على أمر واحد: مصر جديدة، ديمقراطية، وقادرة.

- هنيئًا لمصر بهذه الصحوة المباركة، راجين لها النجاح فى الوصول إلى أهدافها النبيلة.

- وإلى الأمام دائمًا يا مصرنا الحبيبة... تاركين الماضى وراءنا، إلا من دروسه المستفادة، وناظرين إلى المستقبل المشرق لأجيالنا الصاعدة، بنعمة الله، ضمانًا لحياة سعيدة ومثمرة.

* أسقف الشباب العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


كوثر هيكل - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 23/1/2021

 عندما أيقنت أن رومانسية «حبيبى دائماً» لن تعود، قررت أن ترحل، ودعتنا، جهزت حقيبة الروح المنهكة ببصمات أكثر من ستين عاماً من العمل والإنجاز والكتابة والإدارة الإعلامية، وأنا أقبل جبينها الوضاء، لم أر خطوط الزمن على ملامحها بل رأيت بصمات الفن الذى كانت تعشقه حتى النخاع، فن السينما والدراما، رأيت أصابعها وهى تكتب وتشطب وتتوقف عند جملة حوار بالساعات حتى تروق للسمع وتناسب العقل، رأيت الوسوسة فى صياغة إبداعها، التى كانت مزعجة لعشاق زمن اللكلكة، إنها كوثر هيكل التى بدأت مع ماسبيرو منذ زمن السقالات حتى جلست على مكتب أكبر المناصب فيه وظلت رئيسة لمهرجان التليفزيون العربى عدة سنوات.

مسيرتها الإدارية فى التليفزيون لا تقل عن مسيرتها الفنية فى السينما والدراما، فكانت بدايتها مخرجة أفلام تسجيلية قصيرة، منها سلسلة رائعة لا أعرف إذا كانت مكتبة ماسبيرو تحتفظ بها حتى الآن أم لا، كانت بعنوان «يوم فى حياة»، استعرضت فيها أياماً من حيوات البسطاء، عامل بناء، صياد، بواب.. إلخ، أثناء إشرافها على إدارة البرامج الثقافية فى القناة الثانية، جعلت من القناة الثانية بأفكارها اللامعة، حيث كانوا يسمونها بنك الأفكار المتحرك، جعلتها كنزاً ثقافياً مرئياً، حيث شاهدنا برامج الفن التشكيلى والموسيقى الكلاسيكية وتكنولوجيا وعالم البحار والأمسيات الثقافية.. إلخ، كانت عاشقة للسينما فطلبت من يوسف شريف رزق الله إعداد «أوسكار»، وظهر فى وقت رئاستها للقناة الأولى برنامج سينما لا تكذب ولا تتجمل، وأصبحت القناة الأولى فى عهدها مشتل المذيعين الشباب الذين صاروا نجوماً فيما بعد، أحمد مختار وجمال الشاعر وعزة مصطفى وسلمى الشماع وفريال صالح ونجوى عزام وراوية راشد.. إلخ، فى ظل رئاستها لمهرجان التليفزيون أدارت بحكمة وذكاء كل خلافات لجان التحكيم، التى كانت أحياناً تتجاوز الحدود. تعمدت أن أكتب عن مسيرتها التليفزيونية أولاً لأن معظم التغطيات أهملتها، وأتمنى من التليفزيون المصرى وإدارته أن تتذكر كوثر هيكل التى هى من الرواد وجيل تأسيس التليفزيون المصرى الذى ولد عملاقاً بفضل جيلها، أما دورها فى السينما والدراما فيحتاج إلى مساحة أخرى لأنه دور لن تنساه الشاشة السحرية لها كمبدعة حوار لن تتكرر.


Saturday, January 23, 2021

تداعى المعانى مع الأغانى بقلم د. وسيم السيسى ٢٣/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

أستمتع كثيرًا بالأغانى لأنها تستدعى إلى ذهنى معانى جميلة.. ها هى شادية تشدو: ما تشوف لك حل فى حكايتنا، دا العقل مفيش غيره حيلتنا!. وها هو أبو العلاء المعرى يقول:

كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل

مشيرًا فى صبحه والمســاء

فإذا ما أطعـتــه جلب الرحمة

عند المسير والإرســـاء

وحين أسمع أغنية عبد الوهاب: جفنة علم الغزل.. كلمات بشارة الخورى (الأخطل الصغير) حين يقول: يا حبيبى أكلما ضمنا للهوى مكان.. أشعلوا النارَ حولنا فغدونا لها دخان!. أستدعى إلى ذهنى المأذون البريطانى بول ديريك الذى زاوج بين قوانين الكم لماكس بلانك وقوانين البنية الخاصة لألبرت أينشتين، فاكتشف البوزيترون فعقد قرانه على الإلكترون، فاحترق الاثنان فى سحابة من الدخان اسمها أشعة جاما، فقال ديرك: ليت ما فرقه الله لا يجمعه إنسان، وعلى الإلكترون والبوزيترون أن يدورا حول بعضهما وفى اتجاه معاكس، لأنهما إذا تزوجا احترقا فى جحيم من القبل!.

وحين أسمع نجيب الريحانى بصوته الأجش يغنى وكأنه من ضمير الغيب يأتينا (كلمات صالح جودت): علشانك إنتى أنكوى بالنار والقح جتتى، وادخل جهنم وانكوى بالنار واقول: يا دهوتى!. أتذكر التغيرات البيوكيماوية التى تحدث عند المحبين حين يحيط الخطر بالمحبوب، يفرز المخ مادة تشبه المورفين اسمها أندروفين، تجعل الريحانى لا يحس بلسع النار من أجل ليلى مراد التى أحبها فى فيلم غزل البنات. حين أسمع محمد فوزى: دارى العيون داريها، السحر ساكن فيها، عيون تنده لك وتقولك اهوانى، وعيون تقولك أنا ليا حبيب تانى!. أتذكر علم التشريح، وكيف أن العين هى العضو الوحيد الذى ترى من خلاله المخ، أى العصب البصرى. كما أتذكر وليم شكسبير وكلماته: العين هى مرآة الروح. كما أتذكر آلان بييز «Allan pease» وكتابه لغه الجسد، وفصلا كاملا عن العيون. أتذكر الخوارق وكيف أن شعاعا من العين على عملة معدنية يجعلها تسيح كالشمع، وقد شاهدت ذلك بنفسى!.

تألمت من أجل محمد عبد الوهاب وهى يقص علينا قصة حبيبه ولعبته الهجر والهوى، يقول: حبيبى يحب الآه أأولها له، ولما يغيب أحوشها له!، وأحلى ليلة تحلى له، ساعة ما دموعى تصحه له!، يكدب ويعتذر وأصدق حجته، والقلب إن عشق الكدب يصدقه!. أسمع فتتداعى إلى ذهنى السادية والكذب، وأقول: ليه كده يا عبد الوهاب حبيبك مغرور وسادى وكداب، إللى بالشكل دة يغور فى داهية.

ليس فقط الأغانى تستدعى إلى ذهنى المعانى، بل ربما كلمات عابرة، ها هو أحد الحوارات أمامى: يسأل الزوج زوجته ضاحكا: هل أحببت من قبلى أحدا؟، تقول له: اللى ما يحبش يبقى جبان!، طبعا أحببت من قبلك!.. يضحك الزوج ويقول لى: سامع قريبتك؟.. أقول له: إنها فيلسوفة، لقد استدعت إلى ذهنى كلمات شوبنهاور: الحب يحتاج إلى شجاعة لأنه خروج من الذات واندفاع نحو الآخر!.

ضحكنا جميعا وكانت كلمات الزوجة تدعو إلى التأمل والتفكير.


Friday, January 22, 2021

انتهت مجزرة الختان مبروك بنات مصر - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 20/1/2021

 «كما يُعاقب بالحبس كل من روّج، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر»، هذه هى أهم وأروع وأقوى عبارة قيلت فى مشروع القانون الذى ناقشه مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، لتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث.

لقد هرمنا من أجل انتظار صياغة تلك العبارة، فقد كانت كل العقوبات فيما مضى تركز على الداية أو الطبيب الذى أجرى تلك العملية البربرية، وتتناسى رجل الدين أو الداعية الذى يخرج فى الفضائيات أو على المنابر ليحرض على ختان البنات باستخدام أحاديث مغلوطة، وتتناسى الطبيب الذى باع ضميره وذهب للتوك شو يتحدث عن الإعجاز العلمى للختان وكيف أن هناك أبحاثاً فى جامعات أمريكا وبوركينافاسو عن فوائد الختان، وهو واثق ويعرف جيداً أنه لا يوجد فى الطب ما يسمى بالختان، ولكن هناك ما يسمى البتر التناسلى أو التشويه التناسلى للإناث FGM، غياب هذه العبارة جعل الشيخ يوسف البدرى ومعه أحد أساتذة طب النساء يرفعان قضية على د. على عبدالفتاح، وزير الصحة آنذاك، لأنه جرم ختان الإناث وقنن عقوبات على من يجريه من الأطباء، القفزة القانونية التى حدثت فى هذا القانون وفى جلسة مجلس الوزراء قفزة هائلة ورائعة ويستحق عليها د. مصطفى مدبولى تحية من كل بنت مصرية أفلتت من براثن تلك الجزارة البشرية، تحية من كل تاء تأنيث لن تمر بتلك التجربة الأشبه بالمذبحة العبثية، باقى مواد القانون رائعة رادعة، ويجب أن تحفظها كل أسرة مصرية، ومنها:

- «يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختاناً لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شّوه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، فتكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 10 سنوات»..هنا لم يعد ضرورياً إحداث عاهة لكن مجرد الختان، ولم يعد هناك مكان للنطاعة واستخدام عبارات مطاطة مثل تجميل أو تقصير أو تهذيب الأعضاء التناسلية.. إلخ

- «عقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيباً أو مُزاولاً لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة، وتقضى المحكمة فضلاً عن العقوبات، المتقدم ذكرها، بعزل الجانى من وظيفته الأميرية، مدة لا تزيد على 5 سنوات وغلق المنشأة الخاصة التى أُجرى فيها الختان، وإذا كانت مُرخصة تكون مدة الغلق مُساوية لمدة المنع من ممارسة المهنة، مع نزع لوحاتها ولافتاتها»، وهنا لم يعد البالطو الأبيض حامياً للجريمة أو مبرراً لها أو يجعلها جريمة شيك وأنيقة!!


Thursday, January 21, 2021

دعاة عصر السادات ووهم الوسطية - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 20/1/2021

 الإرهاب فكرٌ قبل أن يكون «كلاشينكوف»، ولن نستطيع أن نجتث جذوره اللولبية قبل أن نفهم من أين أتت بذوره الجهنمية، ويعتبر كتاب الكاتب الصحفى وائل لطفى «دعاة عصر السادات» الصادر عن دار العين، من أهم الكتب التى صدرت والتى تناقش تلك القضية، وهو من ضمن سلسلة مهمة تفرّد بها الكاتب والتى تناقش ظاهرة الدعاة الجدد بعيداً عن استدعاء التراث القديم الذى تخصص وكتب فيه معظم من تصدوا لقضية التنوير وتجديد الفكر الدينى، لذلك فالمساحة التى يتحرك فيها وائل لطفى هى مساحة متميزة وهو قد تعمق فيها وصار من مرجعياتها.

كتاب «دعاة عصر السادات» مختلف عن كتاب «الدعاة الجدد ودعاة السوبر ماركت» لنفس الكاتب فى شىء مهم، وهو أن الدعاة أو الشيوخ فى هذا الكتاب من خريجى الأزهر: الشعراوى والغزالى والسيد سابق وعبدالحليم محمود وكشك.. إلخ، ومعظمهم كان يقدَّم على أنه من رواد الوسطية، خاصة الشعراوى والغزالى، وهناك خطوط تواصل بينهم وبين الإخوان سواء كانت عضوية قديمة أو إعجاباً متبادلاً حتى بعد الخروج أو الانشقاق من التنظيم، وهناك أيضاً أن معظمهم كان بمثابة القيادة الروحية لتنظيمات الجماعة الإسلامية والجهاد فى الجامعة.. إلخ.

ومن هنا تبرز أهمية الكتاب، فالشيخ الشعراوى برغم وفديته وإعجابه بالنحاس، فإنه تواصل تنظيمياً مع الإخوان فى شبابه وقابل مرشدهم وكان معجباً به، والشيخ الغزالى كان عضواً مهماً فى «الإخوان» وصار بعد ذلك قدوة عبدالمنعم أبوالفتوح ومُعلم العريان والجزار، وكذلك الشيخ سيد سابق صاحب فتوى قتل النقراشى كان إخوانياً، وأيضاً الشيخ كشك.

من الممكن أن تقرأ الكتاب قراءة ظاهرية كحكايات ومعلومات صحفية، إلا أن القراءة الأهم هى القراءة العميقة، قراءة الدلالات وما وراء السطور واستيعاب الدروس والاستفادة منها.

الدرس الأول اعتماد السلطة على رجال دين يضربون قيم الدولة المدنية فى مقتل بحجة أن لديهم كاريزما وتأثيراً وجماهيرية هو اعتماد ثمنه فادح، ورهان ومقامرة حتماً ستنتهى بالدمار والخراب، فالشيخ الشعراوى مثلاً كانت له دروس تثير النعرة الطائفية وترسخ لدونية المرأة، وله أيضاً آراء وثقافة تقدم انتماءات الخلافة والأممية الإسلامية على الوطنية المصرية، مثل كلامه عن السجود لله شكراً يوم الهزيمة، وهناك وهم الترويض مثل إلحاق الغزالى وسابق بوظائف مهمة فى الأوقاف.

هناك أيضاً درس الاعتدال المزعوم الذى تفرح به الدولة وهى لا تعرف أن اللحية الإخوانية ما زالت تنمو إلى الداخل، مثلما ظهر مع الشيخ الغزالى، فى تقريره الذى كتبه وبسببه صودرت رواية «أولاد حارتنا»، ثم معركته مع صلاح جاهين، ثم الطامة الكبرى حين منح قتلة فرج فودة صك البراءة، وقال إن ما فعله المجرمون القتلة هو مجرد افتئات!

من الفصول المثيرة والتى بها دروس مهمة، الفصل الخاص بالشيخ عبدالحليم محمود، الذى أيضاً كانت له جسور مع الإخوان وله مقالات فى مجلة الدعوة وطالب بتطبيق الحدود وخاض معارك ضخمة مع قيم أساسية للدولة المدنية، وأرجع نصر أكتوبر لمساندة الملائكة وأهدر قيم العلم والتخطيط والتنظيم التى كانت أساس النصر، هناك درس الخلافات الظاهرية ما بين شيخ محسوب على المعارضة، مثل الشيخ كشك، وبين الرئيس السادات، وتحليل وائل لطفى لهذه النقطة تحليل جديد وبِكر وطازج، فبرغم لغة كشك الساخطة الساخرة والعنيفة، إلا أن ما كان يقوله كان متقاطعاً أو خادماً لرغبات السادات وقتها، فكل أعداء السادات وقتها نالهم من لسان كشك اللاذع نصيب وافر وسخى، ولكن عندما تعدى كشك الخطوط الحمراء تم الاعتقال، كل ما كان السادات يعتبره تافهاً من هجوم كشك على رموز الفن والثقافة فى مصر، كان فى الحقيقة هو الجسر الذى عبرت عليه الفاشية الدينية لتدمير عقل ووجدان الوطن.

وهناك درس آخر وهو أن ترك قامات مثل زكى نجيب محمود وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس لسهام الرجعية الدينية وتهديدات الفاشية السلفية الوهابية، هو تجريف للعقل المصرى وتضحية به فى سبيل كسب ود بعض رجال الدين الذين لهم جماهيرية، تصور النظام وقتها أنها ستسندهم وقت الحاجة، لكن مع السادات كان عدم استيعاب الدرس ثمنه فادح، كان الثمن اغتياله هو نفسه يوم فرحه!

الضبع لا يمكن أن يكون أليفاً، كذلك الإخوانى لا يمكن أن يكون وطنياً


Tuesday, January 19, 2021

الكورونا والتطعيم فى العالم وفى مصر.. ماذا نحن فاعلون؟ بقلم د. محمد أبوالغار ١٩/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

أصابت الكورونا ٩٢ مليونا وقتلت ٢ مليون إنسان فى العالم حتى الآن، ومنهم الآلاف من الشعب المصرى. ويتحكم فى نسبة الإصابة والوفيات، أولا مستوى الرعاية الصحية وثانيا انضباط نظام الدولة وثالثا انضباط الشعب، ميزانية الصحة فى أمريكا هى ٣٦٠٠ مليار دولار وتساوى ١٨% من مجموع الدخل القومى، ٧٠% يدفعها المواطنون فى تأمين خاص و٣٠% تدفعها الدولة على بعض نظم الرعاية الصحية لكبار السن والفقراء والأطفال وعلاج القوات المسلحة والمحاربين القدماء. وفى ألمانيا ميزانية الصحة ١٢% من الدخل بمبلغ ٣٩٥ مليار دولار، يدفعها مشاركة جهة العمل والمواطن والتأمين العام يغطى ٨٩% من الشعب و١١% عندهم تأمين خاص إضافى. وفى فرنسا ميزانية الصحة ١١.٣% والتأمين يغطى الشعب بأكمله. وفى المجر النسبة ٧% وفى اليونان ٧.٧%.

أما فى مصر فميزانية الصحة فى ٢٠١٩ - ٢٠٢٠ كانت ١.٦٥% بمبلغ ٤.٥ مليار دولار ولك أن تتخيل أن ألمانيا تصرف تسعين ضعف ما تصرفه مصر على الصحة.

فى أوروبا يتم تغطية الشعب كله بالتأمين الصحى، وتكلفة العلاج بالمستشفيات والجراحات والطوارئ والحوادث مغطاة بالكامل لجميع أفراد الشعب، بينما فى أمريكا التى تصرف تريليونات على الصحة نجد أن ٣% من ميزانية الصحة فقط تصرف على الخمسين فى المائة الأفقر فى أمريكا وأن ٢٠% من السكان يصرفون ٨٢% من الميزانية و١% من الشعب الأمريكى يصرفون ٢١% من الميزانية، وأن هناك ٤١ مليون أمريكى لا يوجد لهم أى نوع من التأمين الصحى. أمريكا وهى صاحبة أعلى نسبة صرف من الدخل القومى والمبالغ بالتريليونات من الدولارات إلا أن نسبة وفيات الكورونا كانت الأعلى فى الغرب بنسبة ١.٢ فى الألف مواطن. بينما كانت ألمانيا بها أقل نسبة فى الغرب وهى ٠.٥ فى الألف.

.. وإذا طبقنا المعايير الثلاثة وهى مستوى الرعاية الصحية وانضباط الدولة وانضباط المواطن نجد أن ألمانيا متميزة فى الثلاثة معايير ولذا بها أقل نسبة من الوفيات فى العالم. فى فبراير ٢٠٢٠ قامت ميركل بتشكيل لجنة لدراسة خطة ألمانيا لمواجهة الوباء والتأكد من وجود كافة التجهيزات لمنع الوباء وجاهزية المستشفيات وخطة توعية وتنظيم الشعب لمكافحة المرض.

أما أمريكا فهى أعلى ميزانية للصحة فى العالم ولكن توزيعها على الشعب غير متكافئ ورئيس الدولة ترامب أنكر وجود الوباء ولم يقم بأى استعدادات والشعب كان متسيباً وشارك فى العديد من الاجتماعات الانتخابية بدون احتياطات ولذا حققت أمريكا أعلى نسبة وفيات. فى فرنسا توجد رعاية صحية متميزة ولكن الحكومة والشعب لم يلتزما بالتخطيط والتنظيم ولذا كانت نسبة الوفيات من الكورونا مرتفعة.

أما فى مصر فتمثل الرعاية الصحية نسبة ضئيلة للغاية من الميزانية، والحكومة لم تخطط أو تنظم بكفاءة مكافحة الوباء إلا بعد أن تفاقم الوضع والشعب عموماً لم يكن ملتزماً ويرجع ذلك إلى غياب الوعى الصحى من ناحية والظروف الاقتصادية الصعبة من ناحية أخرى. فكيف يحدث تباعد اجتماعى فى عربة مترو مكتظة بالركاب أو فى غرفة يعيش فيها خمسة أشخاص؟ نسبة الوفيات فى مصر غير معروفة وأرقام وزارة الصحة ليس لها علاقة بالأرقام الحقيقية لأنها تعكس حالات الوفاة بعد عمل تحليل ايجابى فى معامل الدولة. ومعظم الوفيات لم يتم عمل مسحة لهم أو تم عملها فى معامل خاصة. الطريقة الوحيدة لحساب نسبة الوفيات فى مصر هى حساب الفرق بين الوفيات من مارس ٢٠١٩ إلى مارس ٢٠٢٠ مقارنة بنفس الفترة فى العام التالى مع عمل حساب انخفاض وفيات الحوادث بعد الإغلاق.

إذا نظرنا إلى المستقبل نجد أن الطريقة الوحيدة لاحتواء الوباء هى التطعيم والذى بدأ فى أنحاء العالم. مصر تحتاج إلى ٦٠ مليون جرعة لتطعيم ٣٠ مليون مصرى باعتبار أن أكثر من ٦٠ مليون عمرهم أقل من ٣٠ عاماً وأن ١٠ ملايين من الصعب الوصول إليهم بطريقة منظمة. ومعظم دول العالم سعت مبكراً لإنتاج اللقاح أو حجزت أعداداً من اللقاح مبكراً، والموقف فى مصر يبدو غامضاً ولا أحد يعرف بدقة هل يوجد لقاح فى مصر الآن، وما هى أعداده. هل اللقاح الصينى وهو الأقرب والأرخص والأنسب لنا تمت مراجعة نتائج المرحلة الثالثة من تجاربه ليكون آمناً وفعالاً؟ هل اللقاح الإنجليزى السويدى استرازينيكا يمكن أن تحصل منه مصر على جرعات؟ قيل إن مصر تعاقدت عليه ولكن لا أحد يعرف معلومات دقيقة. اللقاحان الأمريكيان بنوعيهما لا يصلحان للاستخدام فى مصر لاستخدامها تكنولوجيا تبريد غير متوفرة لأعداد كبيرة.

واضح أن إسرائيل سوف تنتهى من تطعيم كل الشعب نهاية مارس وجميع دول العالم تخطو للأمام فى التطعيم بما فى ذلك الخليج والأردن والمغرب. والتطعيم فى كل دول العالم تكفلت به ميزانية الدولة.

المطلوب عاجلاً من الدولة المصرية مصارحة الشعب والإجابة عن الأسئلة التالية:

١. هل يوجد لقاح فى مصر معتمد دولياً؟ وكم عدد الوحدات؟

٢. هل هناك تعاقدات معروفة وما هو ميعاد وصولها وما هى نوعها وأعدادها؟

٣. هل هناك خطة موضوعة لأولويات إعطاء اللقاح والإعلان للشعب عن أى نظام تمت دراسته؟

٤. وأخيراً هل ستنفذ الدولة رفع مستوى الإنفاق على الصحة فى الميزانية كما هو مذكور فى الميزانية الجديدة؟ وهل سوف يصرف فعلاً على القطاع الصحى أم أن الصرف على المجارى ومياه الشرب سوف يدخل فى ميزانية الصحة لرفعها صورياً؟

أسئلة ملحة يرغب الشعب المصرى فى معرفتها.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك


صفوت والرئيس مبارك! بقلم طارق الشناوى ١٩/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 


الهدف الأسمى الذى شغل بال صفوت الشريف ليل نهار هو أن يرضى عنه الرئيس، وفى كل عيد للإعلاميين يذكر له رقمًا، وهو قطعًا حقيقى، يؤكد من خلاله أن ساعات البث تضاعفت ١٠٠ مرة عن زمن السادات.. طبعًا لم يسأله الرئيس عن قوة التأثير.

كانوا يطلبون أحيانًا من النجوم الذهاب للمدينة، رغم أنهم انتهوا من تصوير أعمالهم، لأن الرئيس حسنى مبارك بصدد الذهاب للزيارة، ولاحظ أحمد زكى أن لديه (أوردر) للمدينة، وسأل المخرج متعجبًا: (انتهيت من التصوير أمس)؟ أجابه: (مبارك ح يزور المدينة)، فقال أحمد: (أنا مش قرد فى حديقة الحيوانات).

لم تكن الدولة كلها خاضعة للوزير، مثلًا المشير أبوغزالة فى عام ٨٣ اعترض على استمرار عرض مسلسل (صاحب الجلالة الحب)، الفيلم يتناول حرب ٤٨، ولكن الجمهور شعر أنه يُسقط الأحداث على هزيمة ٦٧، فطلب أبوغزالة إيقاف العرض.. وبالفعل، الحلقات الثلاث الأخيرة أدمجت فى حلقة واحدة، ومنعت الدولة تصدير الأشرطة للخارج، المشير أبوغزالة فى تلك السنوات كان فى أوج قوته ويستطيع فرض رأيه، فكيف يتصدى للموظفين؟!.

أشرت بالأمس للإعلامية ميرفت رجب التى واجهت الشريف أمام الرئيس علنًا، إلا أنه فى النهاية دفعها بعد سبعة أشهر لتقديم استقالتها من رئاسة التليفزيون، أيقنت أنه من الممكن أن يدبر لها مكيدة على الهواء، رغم أن المعلن هو استقالتها بسبب رفضها إنتاج برنامج عن فنون طهى الطعام تكلفته مليون جنيه، فحدثت أزمة، أتصور أنها تحسبت فيما هو أبعد لمكيدة تحاك لها على الهواء فى لقاء رسمى لرئيس الجمهورية، ليقيلها بعدها بنفسه الرئيس.. وهكذا تأتى الضربة من صفوت قاضية.

الكل كان يعلم أن أشرف صفوت الشريف هو صاحب شركة (عرب سكرين)، وهناك منتج منفذ يتعاقد مع (ماسبيرو) باسم الشركة المتخصصة فى إنتاج البرامج والمسلسلات وأيضا الأفلام، ولا يجرؤ أحد على الرفض، رغم أن الشريف يحرص على أن يوصى اللجان فى كل مرة بمعاملة ابنه أشرف بمنتهى القسوة، بينما الكل يعلم أنه لو أراد حقًا رفع الحرج لكان الأَوْلَى به أولًا أن يمنع ابنه من الإنتاج، مثلا فيلم (الكافير)، المفروض أنه يشيد ببطولة رجال المخابرات العسكرية، رغم أنه من أضعف الأفلام فنيا، ولاقى أيضا هزيمة جماهيرية فادحة رغم الحفاوة به فى مختلف قنوات التليفزيون، وحتى يجنب صفوت شركة (عرب سكرين) الخسارة تفتق ذهنه عن تلك الحيلة، بأن تشترى الدولة الفيلم لعرضه على قنواتها، بحجة أنه واجب وطنى، ودفعت الدولة أعلى رقم وقتها مليون جنيه، ومنذ ذلك التاريخ والفيلم حبيس أرشيف التليفزيون لا يجرؤون على عرضه. ما الذى فعله الشاعر الكبير سيد حجاب عندما اعترض صفوت الشريف على شطرة شعرية كتبها فى أوبريت من تلحين أشرف محروس؟!، حضر صفوت البروفة النهائية قبل افتتاح مهرجان (القاهرة للإذاعة والتليفزيون) بأربع وعشرين ساعة فقط، وبحضور الإعلامى الكبير حسن حامد رئيس القنوات المتخصصة، استوقف صفوت أربع كلمات (عايزين إعلام بحق وحقيق)، فقال: (أول مرة أعرف إن إحنا ماعندناش إعلام بحق وحقيق يا حسن)، فقال له حسن: (ح تتغير بكرة) واستدعى حسن حامد المخرج المنفذ للعرض سيد فؤاد، المشرف الحالى على قناة نايل سينما، الذى تواصل مع حجاب، فقال له «خد بكرة شريط الصوت الجديد»، واستمع الناس إلى المجموعة تردد: (أهو ده الإعلام بحق وحقيق)!!.


هل نقطع أيدي وأرجل الفنانين من خلاف؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 18/1/2021

ما زال مجلس النواب بيقول يا هادى، وإذا بعضو البرلمان المحترم خريج الأزهر يتهم الفنانين بأنهم مفسدون فى الأرض، وطبعاً عقابهم الشرعى الذى خلف السطور ومكنون الصدور هو تقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويُستحسن أن يتم تطبيق الحد عليهم فى ساحة مدينة الإنتاج الإعلامى بعد صلاة الظهر!، والسؤال للعضو الجليل المحترم الذى هاجم الفنانين وهو يناقش ضريبة الشهداء، دون أن يسأل نفسه من الذى قتل هؤلاء الشهداء وذبحهم وأسال دماءهم الزكية على تراب الوطن فى سيناء وفى الكمائن وفى جميع أرجاء الوطن.

عزيزى النائب ممثل الشعب، هل عادل حبارة الذى ذبح أكثر من عشرين شهيداً من جنودنا وضباطنا غيلة وغدراً فى رفح، هل كان يشتغل بالفن، أم كان كما ذكر فى التحقيقات يقرأ لابن القيم الجوزية ويسمع دروس الداعية الشهير فى مسجد التوحيد بالمنصورة؟، هذه الدروس التى أقنعته بأن الجهاد ضد الطاغوت كما وصفهم حلال، وأن القتل للمرتدين، الذين هم كل الشعب من وجهة نظره إلا جماعته، هو الطريق إلى الجنة، هل من فجر الكنيسة داخل الكاتدرائية كان ممثلاً أو حتى «كومبارس»؟!، بسؤال أهله وأصدقائه كان على العكس لا يدخل السينما ولا يشاهد التليفزيون الذى هو مزمار الشيطان وصندوقه، ومعظم الإرهابيين كذلك، علاقتهم بالفن معدومة.

هل من حرق السبعين كنيسة فنان؟، هل من قتل النائب العام كان معه كارنيه نقابة المهن التمثيلية أو الموسيقية؟، هل من قتل المصلين فى أحد مساجد سيناء بالرشاشات، قتلهم بناءً على فتوى أمير التنظيم الإسلامى أم قتلهم بعد أغنية من النقيب هانى شاكر؟!.

هل من خلد الشهيد المنسى فى الذاكرة الفنان أمير كرارة ومجموعة عمل مسلسل الاختيار، أم من أطلق عليه الرصاص بعد أن وعده شيخه بالحور العين فى الجنة؟!، هل المفسد فى الأرض هو فاتن حمامة التى أنصفت المرأة فى «أريد حلاً»، أم الشيخ الذى أصدر فتوى بجواز الزواج من الطفلة المربربة؟، من هو المفسد فى الأرض، هل هو المخرج مصطفى العقاد الذى عرف العالم من خلاله رسالة الإسلام، وهل هو يوسف شاهين الذى مجّد صلاح الدين الأيوبى وجعله يضمّد جراح عدوه المختلف عنه فى العقيدة، أم هو الداعية الذى يحرض على المسيحيين ويكفرهم ويدعو لعدم الاحتفال بأعيادهم؟، هل المفسد فى الأرض هو محمد عبدالوهاب الذى شنّف آذاننا بكل ما هو راقٍ، أم وجدى غنيم الذى يسب بكل وقاحة وفى كل لحظة بالأم والأب ويتفاخر بذلك؟!، من هو المفسد فى الأرض، هل هو الفنان الذى ذهب ليغنى فى ليبيا ليساعد شعبها الذى ذبحته الفوضى، أم هو القرضاوى الذى حرّض على قتل «القذافى» بتلك البشاعة؟، مَن الذى يستحق الهجوم، هل هى أم كلثوم التى جمعت التبرعات بعد الهزيمة للمجهود الحربى، أم من سجد لله شكراً على تلك الهزيمة؟، نرجو من سيادتك نائبنا المحترم أن يكون مرمى نيرانك مصوباً تجاه من صنع الإرهاب وليس تجاه من يقاومه، على أعداء الوطن لا حراسه.


Sunday, January 17, 2021

«افرحوا فى الرب كل حين» بقلم الأنبا موسى ١٧/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 تحدثنا فى الأسبوع الماضى عن الفرح وذكرنا أنه يوجد نوعان من الفرح: فرح العالم والفرح الحقيقى، وتحدثنا عن فرح العالم.. ونستكمل موضوعنا عن الفرح الحقيقى..

٢- الفرح الحقيقى: هو الفرح الذى يتسم بما يلى:

أ- الثابت والدائم إلى الأبد.

ب- وهو الفرح بالرب المصدر الحقيقى.

ج- وهو بانتشار كلمة الله المقدسة، ووصولها إلى الكثيرين فى كل العالم.

د- وهو فرح حقيقى وعميق، يشمل الكيان الإنسانى كله: الروح تشبع، والعقل يستنير، والنفس تسعد، والجسد يصح، والعلاقات تنجح!!

وهذا الفرح الحقيقى هو ما يعطينا إلهنا العظيم، إذ يصير «هُوَ سَلاَمُنَا» (أف ١٤:٢)، ومصدر أفراحنا «افْرَحُوا فِى الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا» (فيلبى ٤:٤).. من هنا كان فرحنا خالدًا بخلود الأبدية، وثابتًا بثبات إلهنا العظيم.

فرحنا الحقيقى إذن هو فرح بإلهنا العظيم:

١- ثابت.. بثبات الله. ٢- كامل.. بكمال إلهنا. - خالد.. بخلود الأبدية.

فطوبى لمن اقتنى النعمة فى داخله، واقتنى معها الفرح الحقيقى!

معروف من بداية المسيحية، أنها عندما أخرجت الناس من الوثنية، إلى عبادة الله الحىّ، كان المصريون فى حالة فرح حقيقى، وارتسمت الابتسامة على وجوههم، حتى إن الوثنى الذى كان يرى صديقًا له بشوشًا ومبتسمًا يقول له: «ما الذى حدث؟ هل التقيت بمسيحى صباح اليوم؟!»... حيث كان الإنسان المؤمن دائمًا بشوشًا وفرحًا.

فمن أين أتت هذه الفرحة، فى حياة الإنسان المؤمن؟

ذكر السيد المسيح هذا المثل ليوضح فيه بعض مصادر أحزان وأفراح الإنسان، قَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ابْنَانِ. فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِى أَعْطِنِى الْقِسْمَ الَّذِى يُصِيبُنِى مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ. فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِى تِلْكَ الْكُورَةِ، فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ. فَمَضَى وَالْتَصَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْكُورَةِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ. وَكَانَ يَشْتَهِى أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِى كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ. فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِى يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ، وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِى وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِى، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِى كَأَحَدِ أَجْرَاكَ. فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الابْنُ: يَا أَبِى، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِى يَدِهِ، وَحِذَاءً فِى رِجْلَيْهِ، وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، لأَنَّ ابْنِى هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالًّا فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ (لوقا١١:١٥-١٧). إذن فالفرحة الأولى هى:

أولًا: فرحة التوبة والرجوع:

- وهل نجد من الخطيئة غير الألم والتعاسة؟!

- معروف علميًّا ونفسيًّا أنه بعد اقتراف الخطايا يشعر الإنسان بما يسمّى: بالإحساس بالذنب «Sense Of Guilt»، وهو مصطلح علمى معتمد، لأن الملاحظ دائمًا أن من يرتكب خطأ أو خطيئة، يفقد سلامه، ويحسّ بوخزات الضمير، وأنين الروح داخله، الذى يهدف إلى قيادته إلى التوبة!

والتوبة هنا تعنى، كما فى المثل:

١- الإحساس بالندم: أندم أنى أخطأت.

٢- الإحساس بضرورة التوبة: أقوم.

٣- وأهمية الاعتراف: وأذهب إلى بيت أبى.

٤- الإقرار بالخطأ: أخطأت يا أبتاه، ولست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا.

ثانيًا: فرحة العشرة:

لأن الابن الضال عاد إلى أبيه، وأدرك الأب أن ابنه كان جائعًا محرومًا حتى من خرنوب الخنازير، لهذا أمر الخدام قائلًا: «قَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ.. لأَنَّ ابْنِى هَذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالًّا فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ» (لو ٢٣:١٥).. عاد الفرح إلى البيت، بعودة الابن الضال!

ثالثًا: فرحة الخدمة والعطاء:

وهذه فرحة عجيبة لأن وعد الرب صادق وأمين:

١- «النَّفْسُ السَّخِيَّةُ تُسَمَّنُ وَالْمُرْوِى هُوَ أَيْضًا يُرْوَى» (أم ٢٥:١١).

٢- «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ» (أعمال ٣٥:٢٠).

٣- «أَعْطُوا تُعْطَوْا كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِى أَحْضَانِكُمْ» (لوقا ٣٨:٦).

وهذه معادلة إلهية عجيبة، أننا عندما نعطى الفقراء والمحتاجين يزداد ما لدينا ولا ينقص!! والزيادة هى من بركة الرب التى «تُغْنِى وَلاَ يَزِيدُ الرَّبُّ مَعَهَا تَعَبًا» (أمثال ٢٢:١٠)..

أى أن البركات تزداد، دون زيادة فى التعب، مع أن القاعدة تقول:«No Gain Without Pain».. «لا مكسب بدون ألم».. لكن الأمور هنا اكتسبت طابعًا إلهيًّا.

والعطاء هو خروج من الذات إلى الآخر، ولا يقتصر على المال فقط، أو الاحتياجات المادية، ولكن ارتسام ابتسامة على وجه إنسان حزين أو مريض، يجلب المعطى والمعطى له سعادة، فسعداء هم الذين يزورون المستشفيات وبيوت الأيتام والمسنين والمرضى والأرامل والأيتام، والمعاقين، والعجزة والمساجين، والغرباء، والذين ليس لهم أحد يذكرهم.. فما أجمل أن نتعود على العطاء، ونعوِّد أولادنا على ذلك!!

أما الأنانية فتجلب الانحصار والحزن والضيق والقلق والخوف.

رابعًا: فرحة الاحتمال والرضا:

القناعة والرضا والاحتمال تجلب الفرح، وهذه معادلة إلهية عجيبة، فالمؤمن لا يفرح فقط بالاحتمال، بل بالآلام، فطوبى لمن يحتمل الآلام بشكر!!

- فالاتكال على الله والثقة فى تدابيره ومواعيده، وتسليم كل الحياة له، وقبول كل ما يسمح به بالشكر- أحد منابع الفرح. فالمؤمن يتيقن: «أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله» (روميه ٨: ٢٨).

خامسًا: فى النهاية فرح التطلُّع إلى الأبدية:

- فالأبدية والخلود هى النهاية السعيدة التى تتصاغر أمامها كل آلام وضيقات الزمان الحاضر، وفى هذا قال القديس بولس الرسول: «فَإِنِّى أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا» (روميه ٨: ١٨).

- لذلك ففرق بين أفراح الحياة اليومية العادية، والفرح الإلهى الحقيقى!! الشامل، والدائم، بينما أفراح العالم: مزيفة، ومؤقتة، وجزئية.

نطلب من الرب أن يمنحنا فرحه الحقيقى، الذى يهدئ النفس، ويشبع الروح، وينير المستقبل، له كل المجد.

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


صفوت الشريف (سرى للغاية) بقلم طارق الشناوى ١٧/ ١/ ٢٠٢١ - المصري اليوم

 

الحقيقة هى ما نراه نحن بزاوية إطلالتنا المحدودة، فهو نسبى، بينما الحق مطلق لأنه قراءة بمختلف الأبعاد تتجاوز حتى حاجز الزمن، لا يمكن لأحد مثلا أن يكتب عن وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف موقنا من كل التفاصيل، خاصة أن بعضها يستحق توصيف سرى للغاية.

صفوت فى حياته كان لا يسمح بأن يدفعه أحد للبوح بشىء هو فقط الذى يحدد السؤال وليس فقط الإجابة، تلك هى تركيبة رجل المخابرات، التى ظلت ملازمة له، كما أنه لا ينسى أدق التفاصيل، حكت لى راقصة استعراضية أنها كانت تجرى بروفات قبل احتفالات أكتوبر، وحضر صفوت ووجدها بين المجموعة، لا ترتدى حذاء احتج، فى البروفة التالية رآها بين عشرات بالحذاء فابتسم لها.

حكى لى أحد الشعراء أنه كلفه بكتابة أوبريت أكتوبر، فأراد ألا يكرر الزفة إياها (اخترناه اخترناه واحنا معاه لمشاء الله)، يبدو أنه كان متأثرا بالشاعر أحمد شفيق كامل المظلوم تاريخيا رغم سجله الحافل الذى كتب (حكاية شعب) عام ٦١ (قولنا ح نبنى وادى إحنا بنينا السد العالى)، فى العام التالى كتب (مطالب شعب)، التى تبدأ (عايزين عايزين يا جمال عايزين) فكانت كلها مطالب للزعيم.

شاعرنا الشاب بدأ بذكر إنجازات مبارك وأضاف فى النهاية (عايزين عبور تانى)، على الفور تنبه صفوت، ولم ينتظر تحول هو إلى شاعر وقال له خليها (عايشين عبور تانى)، ضبط أيضا كما ترى الوزن والقافية.

هو أدرى قطعا بما يمكن أن يثير غضب الرئيس، رغم أن ما تردد بعد إبعاده ٢٠٠٤ إلى مجلس الشورى، أنه عرض لقاء للرئيس الأسبق، فى أحد مستشفيات ألمانيا بعد إجرائه جراحة حساسة، وكان مرتديا البيجامة، مما أغضب عائلة الرئيس.

صفوت تمتع بنفوذ قوى هذه حقيقة، ولكن فى فيلم (كشف المستور) لوحيد حامد وعاطف الطيب عام ٩٤ تعثر الفيلم كثيرا فى الرقابة، وتردد بقوة أن صفوت ألمح إلى أن هناك تعريضا به فى الأحداث، ورغم ذلك عُرض الفيلم بدون حذف، ونكتشف على الجانب الآخر، أن مسلسل (العائلة) لوحيد حامد عُرض فى نفس العام، الذى تحمل المسؤولية رغم اعتراض الأجهزة صفوت الشريف.

كان الإذاعى الكبير حمدى قنديل مستبعدا تماما من الظهور على (ماسبيرو) والذى أعاده صفوت بناء على توصية مبارك لأنه كان يشاهد برنامجه فى (أرت) ومعجبا به، وتحمل صفوت العرض على مسؤوليته الشخصية، تجاوز حمدى الخط الأحمر فأوقفه صفوت، كان صفوت صاحب مبادرة عودة محمد حسنين هيكل للتليفزيون المصرى، اشترط هيكل البث المباشر على الهواء، وهو ما لم يستطع صفوت الموافقة عليه، فتوقفت لغة التفاوض وشاهدنا بعدها هيكل فى (دريم).

هناك قطعا حكايات متعددة عن موقف السيدة سوزان مبارك الإيجابى مع فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، والسلبى مع صفوت الشريف، يوما فضفض لى المذيع محمود سلطان محللا سر الجفوة مع صفوت ولكن لغياب سلطان لا يمكن نشرها.

عندما كان يقترب شهر رمضان ويتقدم ابنه إيهاب بأعمال فنية من إنتاجه فى عز قوة (ماسبيرو) كان صفوت يقول للجان الاختيار« لو جاملتم ابنى بالعرض ح تدفعوا التمن»، وغالبا كانوا يشعرون أن ثمن رفض العرض أفدح بكثير، فيأتى الإمضاء بالموافقة، ما ذكرته هو جزء مما أعرفه، وأتصور أنه الحقيقة، إلا أنه ليس قطعا وبالضرورة الحق، لأن أغلب ما يحيط صفوت الشريف (سرى للغاية).


Saturday, January 16, 2021

ستموت فى العشرين - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 15/1/2021

 ماذا لو عرف الإنسان موعد موته وتوقيت رحيله؟ فكرة الفيلم السودانى الممتع ببساطته، العميق بفلسفته، اللامس لشغاف القلب بصدقه وحساسيته، ظل رحم الإبداع السينمائى السودانى عقيماً لمدة عشرين عاماً حتى خرج إلى النور هذا الوليد السينمائى الجميل، «ستموت فى العشرين» معزوفة سينمائية تخلط الفلسفة بالشجن والدمع، والموت بالرقص والغناء، وبرود انتظار النهاية، بسخونة وحميمية الجنس، قدم لنا المخرج أمجد أبوالعلا أجمل قصيدة اعتذار عن سنوات التصحر الفنى التى حارب فيها البشير وأتباعه من خفافيش الفاشية الدينية فن السينما، وبالمصادفة تزامن تصوير الفيلم مع قيام ثورة السودان، لكن أحشاء المجتمع السودانى كان ما زال فيها نفايات الكيزان الإخوانية، التى هددت بقتل صناع الفيلم وتفجير دور العرض، لكن الفن انتصر وحصد هذا الفيلم المأخوذ عن رواية الكاتب السودانى المتميز حمور زيادة جوائز من مهرجانى البندقية والجونة وغيرهما من المهرجانات التى احتفت بالفيلم ووضعته على الخريطة العالمية وجعلته يدخل ترشيحات الأوسكار، وعما قريب من الممكن أن نسمع أخباراً مبهجة عن حصاده لجائزة أفضل فيلم أجنبى، الفيلم رحلة انتظار، يكتنفها الغموض، وبرغم عبثية النبوءة فإنك تحس فى كل لحظة بأنها الحقيقة الوحيدة، تذهب الأم فى بداية الفيلم بطفلها مزمل للتبرك بقافلة الدراويش وعلى رأسها الخليفة، يبدأ أحد الدراويش وهو فى حمى الذكر، تتصاعد اهتزازات جسمه حتى يسقط عند رقم العشرين، الخليفة يعلن أن هذا هو السقف الذى حدده الله لحياة مزمل، يغيب الأب فى رحلة طويلة، لتظل الأم سكينة فى حالة الحداد المزمن حتى يعود الأب مكسوراً صامتاً وضيفاً غريباً غير مرغوب فيه، ترتدى السواد، وتعد عدة الرحيل، من كتابة الأيام المتبقية على جدار البيت، حتى تحضير الكفن واختيار القبر وتجهيزه، مزمل صار خائفاً ومرعوباً من أبسط مفردات الحياة، يخاف من الارتباط بنعيمة التى تعلن عن حبها بل ولا تخجل من منحه قبلاتها، لكنه يخاف من مجرد إعلان المشاعر، مرعوب من السباحة فى نهر النيل حتى لا تلتهمه التماسيح، مرعوب حتى من ممارسة اللعب مع أقرانه، إنهم يسمونه ابن الموت، واللعبة الوحيدة التى لعبوها معه هى وضعه فى تابوت، يلجأ مزمل إلى تعلم القرآن، ويعلن أن الشيخ هو الذى يفهم ويفسر ويقرر، يختم القرآن ويصبح أول أطفال قريته الحافظين له، يرسله صاحب الدكان ذات مرة إلى سليمان بزجاجة خمر، يثور مزمل فى البداية، لكن سليمان تلك الشخصية المحبة للحياة مسه بكهرباء سحرية فتحت له نافذة على عالم عجيب ومدهش، سليمان شخصية سينمائية فريدة منسوجة بمنتهى المهارة والإنسانية، مصور جوال فى العالم، عاشق للسينما، يعرض لمزمل على جدار بيته مشاهد من الخرطوم القديمة التى شم منها رائحة البهجة والفرح، حيث صالات الرقص ومسارح الفن، يستمع عنده إلى عبدالوهاب وأسمهان ويشاهد هند رستم، يعزف سليمان على الجيتار «زورونى كل سنة مرة»، يعيش مع صديقته الحميمية حتى الثمالة، يقول لمزمل إنه لو كان مكانه وقالوا له إنه سيموت فى العشرين، لعاش ملكاً ثم بصق عليهم حين يصل لهذا العمر، قال له فى مشهد بليغ فى المسجد أنت مثل تلك الورقة البيضاء لا يخدش بياضها بعض الحبر، بل على العكس نقاط حبر الخطيئة ستبرز ذلك البياض، يموت سليمان، ويرى مزمل قافلة الدراويش فى ميعاد موته، بشارة الموت، فيذهب لينام فى حضن صديقة ورفيقة سليمان، وباختفائه تعلن القرية الحداد، يستيقظ مزمل على سرير سليمان وفى حجرة نومه، ليكتشف أنه ما زال حياً، يخرج ويركض بعيداً عن قريته التى تمجد الحزن والموت، يركض بكل عنفوان وقوة إلى حيث براح الحياة.

«ستموت فى العشرين» يحمل فى عنوانه رائحة الموت، وفى تفاصيله هو صلاة حياة.