Translate

Thursday, July 29, 2021

المرشد والدليل للباحثات عن التجميل - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 28/7/2021

 بعد نشر موقع «الوطن» خبر القبض على جراح التجميل الشهير الذى للأسف ليس بجراح تجميل، وبعد الفوضى التى انتشرت فى هذا المجال والضحايا، خاصة من الجنس اللطيف اللاتى وقعن فى هذا الفخ الكارثى، قررت أن أكتب عدة نصائح سريعة حتى لا تقع البنات والسيدات فى فخاخ السوشيال ميديا التى تروج للنصابين أو البرامج الطبية التى تلمع «أطباء بير السلم»، فكتبنا المرشد الأمين والدليل للباحثات عن التجميل:

عندما تقررين أن تجرى جراحة تجميل، عليك بالبحث فى موقع جمعية جراحى التجميل المصرية، لتتأكدى أن الجراح الذى ستذهبين إليه هو جراح معتمَد ومسجل فى تلك الجمعية، وأرجو من الجمعية ورئيسها د. فؤاد غريب، وهو أستاذ فاضل وعميد طب المنوفية السابق، أن ينشر جميع أسماء أعضاء الجمعية من المتخصّصين فى تلك الجراحة الدقيقة على الموقع فى «الفرنت بيدج»، وذلك للتسهيل على المرضى.

لا تأخذى قرارك بناءً على بريق سوشيال ميديا أو كلام معسول لبرنامج على الفضائيات.

الجراح الذى يقول لك إن شفط الدهون هو جراحة تخسيس هو جراح نصاب، استردى قيمة الفيزيتا واخرجى فوراً من العيادة، فجراحة الشفط هى إعادة نحت جسم سيدة وزنها قريب من الوزن المثالى.

الجراح الذى يستجيب لك ويرضخ لرغبات الزبون، وعندما تقولين له إدينى خمسة فيللر وأربعة بوتوكس، وكأنك بتطلبى لانشون وبسطرمة من السوبر ماركت، فيسمع الكلام وينفذ، هذا جراح فاشل وسمسار وتاجر وليس طبيباً يعتمد على العلم وقواعده، جراح التجميل الصح هو اللى سايق ولا يسمح للمريضة بأنها تقوده من حبل فى رقبته، فهى مريضة فى عيادة، وليست زبونة عند حلاق (مع كل الاحترام للحلاقين).

أرجوكِ لا تخلقى نموذجاً فى ذهنك أو موديلاً فى خيالك سابق التجهيز، ثم تذهبين إلى الجراح لينفذ الأوردر دليفرى على مقاسك! مناخير الممثلة فلانة أو مؤخرة النجمة علانة ليست بالضرورة هى كتالوج الجمال وباترون الحُسن والنضارة، كل بنت ولها باترونها الجسدى والروحى وجمالها الخاص الذى يشع منها ككل وليس من عضو معين أو جزء محدّد فى الجسم، والجراح الذى لا يراعى ذلك فى عمله يرتكب جريمة فى حق الطب وحق المريضة وحق نفسه.

تقنية «الفيزر» فى الشفط ليست ضغطة زرار وتوصيل جهاز للفيشة أو غرز شنيور فى حيطة، فهذا الجهاز الذى يصدر حرارة عالية جداً هو قنبلة نووية فى يد الهواة الذين يدخلون مجال التجميل من الأبواب الخلفية، لا بد من يد خبيرة مدربة، فالجهاز له كورسات تدريب لمعرفة دقة التوقيت وخبرة أماكن الشفط وطريقة وخطة تشغيله، ولمن يصلح ولمن لا يصلح.. إلخ.

أخيراً جريمة جروبات الستات المريبة التى فيها فولوورز بالملايين من المغيبات والتى تعلن فيها الأدمن عن جراحى بير السلم، وكأنها فى مولد سيدى الطشطوشى.. قرب قرب جرب جرب! وكمان بتمنح نصائحها الذهبية الطبية وكأنها خريجة هارفارد، وهى فى النهاية ست بيت فاضية أقصى مهاراتها منحصرة فى تقوير الكوسة وتقميع البامية.


Tuesday, July 27, 2021

فوتوكوبي - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 26/7/2021

 راهِن على غباء وحماقة الإخوان تكسب، فهم يكررون أخطاءهم وخطاياهم وكوارثهم بنفس الطريقة والأسلوب «فوتوكوبى»، وكأن جينات الشر مرتبطة بكروموسومات العته، ما يحدث فى تونس صورة بالكربون مما حدث فى مصر بطريقة تثير الدهشة، وكأن خريطة وكتالوج حركة ٣٠ يونيو فى مصر تم اقتباسها لتطبيقها فى ٣٠ يوليو فى تونس بالحرف. الأنانية الإخوانية التى لا ترى إلا مصلحة التنظيم وتدليل الجماعة وتقديس العصابة دفعتهم، فى ظل ظروف تونس التى عضّها ناب الفقر والكورونا والفوضى، إلى أن يطلبوا تعويضات بالمليارات لتنظيمهم!! إلى هذه الدرجة وصلت الخسة والندالة، خرج مسئولو الصحة يبكون معلنين انهيار النظام الصحى وحركة النهضة تطالب بتعويضات بالمليارات انتقاماً مما حدث لهم فى عهد زين العابدين!

غرضهم الخلافة لا الوطن، يتحركون كالدمى بخيوط ماريونيت من خارج الحدود، مثلما كانت الجماعة هنا فى مصر، مشاهد إلقاء معارضى الإخوان من على أسطح المنازل هى نفس مشهد الإرهابى الذى رمى بطفل من على سطح عمارة الإسكندرية، حصار البرلمان فى تونس يكرر نفس مشهد حصار ومحاولات اقتحام المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى لكن بدون العجل الذى ذبحه أنصار أبوإسماعيل أمام باب مدينة الإنتاج، خلق مظلومية كربلائية هى نفس محاولة جذب الإخوان المصريين لأنظار العالم بالأكفان التى حملها الأطفال، التجمُّع لخلق بؤرة رابعة السرطانية يتكرر فى تونس، اعتصامات سيقولون عنها سلمية وهى مدججة بالسلاح، للأسف تعاطف بعض فصائل محسوبة على اليسار مع الإخوان يتكرر، وصف ما فعله رئيس تونس «قيس بن سعيد» بالانقلاب وأعوانه بالانقلابيين هو نفس السيناريو المصرى بنفس المصطلحات بدون تغيير أو محاولة إبداع، المخ معطل، حافظ مش فاهم، تغلغل الإخوان والسربعة فى نشرهم فى المؤسسات هو نفس المخطط فى تونس، ويقال إنهم سكّنوا عشرين ألفاً فى وظائف مؤثرة وحساسة.

سهولة إهدار الدم عند الإخوان مثل سهولة الشهيق والزفير، وسنرى فى الأيام القادمة محاولات عنف ممن اغتالوا المثقفين فى تونس بدم بارد، الوضع للأسف فى تونس سيكون أصعب، هذا توقعى، لكن رهانى على التاريخ الذى يؤكد أنه لم تقم قائمة دولة دينية ومصيرها هو الفشل، ولا يوجد حزب دينى وطنى فى العالم لأن الحزب الدينى فكرة استئصالية بالضرورة تروج للأممية والخلافة لا الوطنية والانتماء، العلمانية قبل الديمقراطية، والديمقراطية بدون علمانية وهم وخدعة، الإخوانى لا يقف على أرضية الوطن معك، الإخوانى ينفيك من المعادلة ما دمت لست من التنظيم والجماعة، أتمنى ألا تحدث عمليات اغتيالات من الإخوان وألا تظهر أسلحة تُستخدم فى الشوارع لأن الثمن سيكون باهظاً، وأخيراً راهن على قوة وثقافة وإرادة المرأة التونسية تربح وتكسب، تونس الخضراء تنتفض وتكنس نفايات الإخوان إلى سلة قمامة التاريخ.


Thursday, July 22, 2021

كوكو شانيل - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 21/7/2021

 كما راهنت منذ عدة سنوات على أن عودة شيريهان هى بمثابة قبلة الحياة للمسرح الاستعراضى المصرى، عادت وتألقت ومست بعصاها السحرية القلب والروح، ليست مجرد نوستالچيا لنجمة الفوازير، لكنها متعة حقيقية مع فنانة حقيقية ومبدعة بجد، راهبة فى محراب الفن، لا تجيد إلا حوار الفن ولغته التى بلا حروف، هى عاشقة متيمة مغرمة بخشبة المسرح وعالمه الأثير، شيريهان فى مسرحية «كوكو شانيل» عطر نتنفسه من خلال الشاشة، رقى يتسلل عبر مسام الروح، رشاقة وحيوية وبهجة وفرح، فراشة تلمس بجناحيها الملونين شغاف القلب، عزيمة كوكو شانيل ويقظتها بعد الانكسار وعنادها مع قهر الزمن وشراسة الضباع، هى نفس عزيمة شيريهان وقوتها التى تغلف قلق ووسوسة الفنان الذى يقف دوماً على حافة النار وشفرة السكين حتى يلمس نبض جمهوره، وها هو الجمهور يرفعك على الأعناق يا شيريهان ويمنحك صوته دون تذكرة انتخاب، وعرشه دون مراسم تنصيب، لتكونى مندوبته الدائمة فى برلمان الحب والفن والشغف.

شكراً لكل صناع العمل وعلى رأسهم مدحت العدل مؤلفاً، جمال العدل منتجاً، هادى الباجورى مخرجاً، «كوكو شانيل» تحية للمرأة فى كل أنحاء العالم، المرأة التى تخدش الحجر بأظافرها حتى تصعد للقمة، المرأة ليست كتلة ضعف وهشاشة كما نتصور، إنها كتلة قوة وإصرار ودأب، كوكو شانيل من الملجأ إلى قمة المجد، تركها الأب السكير فى الملجأ واختفى، ظهرت موهبة تصميم القبعات عندها وهى طفلة، تعرفت على نبيل ثرى وأحبته، اقتنع بموهبتها وفتحت محلاً بسيطاً فى باريس، خانها وهجرها هذا الثرى، لكن لم يخنها الذكاء ولا الإصرار، كانت تخاصم العادى والمألوف، صارت بتصميماتها تغير العالم، خاصة عالم المرأة، البنطلون الذى حررها وحرر خطوتها وانتشلها من عالم الأصنام والتماثيل الشمعية الباردة، البساطة والعملية مع الجمال والأناقة، توسعت إمبراطورية كوكو شانيل وصارت أيقونة باريس وأوروبا، جاءت الحرب العالمية الثانية ليحدث الكساد، ويحتل النازى فرنسا، وتقع كوكو شانيل فى حب ضابط ألمانى، كانت تحب فيه الإنسان لا الجنسية، بعد خروج الألمان حاكمها الشعب وجلدها ونفاها ونعتها بالخائنة والجاسوسة، غرقت «كوكو» فى الخمر، اعتزلها الناس واعتزلت هى الناس، وصارت وحيدة، هجرها حتى الأصدقاء، لكن «كوكو» العنيدة عادت ثانية وراهنت على تغيير مزاج العالم، خاصة الأمريكان، صارت جاكلين كيندى تصمم ملابسها فى «شانيل»، كذلك جريس كيلى، وكل أنيقات العالم، اعتلت العرش ثانية، ونالت المجد وماتت وهى فى القمة.

إنها قصة كفاح بنت بسيطة، وقصة استعادة ضوء مسرحى جديد ونجمة متألقة هى كل يوم متجددة، شكراً شيريهان على هذا العمل المحترم وعلى تلك المتعة البصرية الموسيقية الاستعراضية والثقافية أيضاً.


Wednesday, July 21, 2021

هل نرفض اللقاح بسبب أعراضه الجانبية؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 21/7/2021

 وصلتنى رسالة من صديقى وأستاذى د. ناجى إسكندر أستاذ الفسيولوچى، الذى عودنا دائماً على متابعة الجديد فى موضوع كوفيد ١٩، يقول د. ناجى فى رسالته:


الأعراض النادرة للقاحات كوفيد ١٩ لا تؤثر إطلاقاً على أهمية تلقى هذه اللقاحات:


أعلنت وكالة الدواء الأوروبية EMA عن حدوث أعراض جانبية خاصة بالقلب، وذلك فقط مع اللقاحات التى تعمل بخاصية مرسال الحمض النووى المستحدثة mRNA؛ وهما لقاحا فايزر ومودرنا. وهذه الأعراض الجانبية والنادرة الحدوث هى التهاب فى عضلة القلب والغشاء التامورى المغلف للقلب.


والجدير بالذكر أن هذا العرض نادر الحدوث مع هذه اللقاحات؛ فقد أصاب حوالى ثلاثمائة شخص فقط، حتى بداية شهر يونيو لعام ٢٠٢١ هذا برغم بلوغ عدد جرعات فايزر التى تم حقنها 177 مليوناً، وجرعات مودرنا 20 مليون جرعة حتى ذلك اليوم. وعليه فقد أقرت نفس الوكالة الأوروبية للدواء: أن فوائد هذين اللقاحين تتخطى بما لا يقارن كل أعراضهما الجانبية المحتملة بما فيها التهاب القلب.


ويحدث هذا العرض بعد حوالى أسبوعين من تلقى اللقاح وخاصة بعد الجرعة الثانية فى الرجال صغار السن.


وتشمل أعراض هذا العرض نهجان وخفقان القلب وألماً فى الصدر.


ولكن من الأخبار المطمئنة، أن معظم هذه الحالات كانت خفيفة، وتم تعافى المرضى منها وذلك بعد فترة قصيرة من التزام الراحة والعلاج التقليدى لالتهاب القلب.


أما مع لقاحى جونسون آند جونسون وأسترازينيكا - وهما عبارة عن فيروس غير معدٍ حامل للأشواك البروتينية لفيروسات كوفيد ١٩- فالأعراض النادرة تتضمن حدوث جلطات فى الدم وفى حالات أخرى حدوث متلازمة رشح الشعيرات الدموية، التى تحدث بعد يومين من تلقى اللقاح وتؤدى إلى تورم الأطراف، زيادة مفاجئة فى الوزن، وانخفاض فى ضغط الدم. ولوحظ أيضاً مع لقاح جونسون آند جونسون زيادة أربع مرات فى احتمال حدوث مرض نادر من أمراض المناعة المكتسبة متعلق بالأعصاب، ويؤدى إلى ضعف أو شلل مؤقت فى العضلات وهو مرض جيليان بارى.


تعقيب هام: كل اللقاحات -وليس فقط لقاحات كوفيد ١٩- مثلها مثل كل الأدوية الطبية لها أعراض جانبية، ومعظم الأعراض الشائعة فى حالة لقاحات كوفيد ١٩ بسيطة ولا تمثل مشكلة، أما فى حالة الأعراض الجانبية الخطيرة فهى نادرة الحدوث جداً، وحتى مع هذه الأعراض الخطيرة فإن معظم المصابين بها يتم شفاؤهم من هذه الأعراض. وعليه فلقاحات الكوفيد آمنة فى العموم. هذا بالإضافة لحقيقة أن كل لقاحات الكوفيد والتى أجازتها منظمة الصحة العالمية هى فاعلة ضد فيروس COVID19 ومتحوراته بما فيه المتحور الأكثر شيوعاً الآن فى العالم وهو متحور دلتا.


Tuesday, July 20, 2021

«عالية مسلم» .. باحثة مصرية عظيمة د. محمد أبوالغار - 18-07-2021 - المصري اليوم

 منذ بدء اهتمامى بتاريخ ثورة 1919 واسم عالية مسلم يطوف بذهنى، ولم يسعدنى الحظ بالتعرف عليها شخصياً. وهى حالياً تعمل في مؤسسة بحثية هامة في برلين، ونشرت أبحاثاً متميزة واستطاعت الحصول من أرشيف الوثائق البريطانية في لندن على وثائق نادرة. وقد سبق أن ساهمت في العمل التطوعى لمشكلة أطفال الشوارع قبل سفرها.

حصلت عالية على الدكتوراه في عام 2012 من كلية الاقتصاد في لندن، وكان عنوان الرسالة «الأغانى والسياسات الشعبية في عهد عبدالناصر». والرسالة تشمل كتاب فلسفة الثورة وجميع الأغانى وتطورها في عهد عبدالناصر مروراً بحرب 1956 ومعركة بورسعيد، والسد العالى والأغانى التي كان ينشدها العمال طوال هذه السنوات، وتتحدث عن النوبة بعد بناء السد وتهجير أهل النوبة، ثم حرب 1967.

عالية مسلم مهتمة بدراسة التاريخ الشفهى من كلمات وحكايات، وبشكل خاص بالأغانى التي يتغنى بها الشعب المصرى من مختلف فئاته في فترات زمنية مختلفة، وكتبت مسرحية غنائية عن تاريخ الغناء في مصر وقدمتها فرقة الورشة تحت اسم (اقرأ يا تاريخ). وهى تكتب الآن كتاباً عن 36 ألفا من الفلاحين الذين اشتركوا في بناء السد العالى في ظروف صعبة أثناء الفترة الاشتراكية. وأصبح السد العالى رمزاً للتحرير والتطور ومقاومة الاستعمار. وتقول إن العمال كان عندهم إيمان بالآراء الثورية والشعبوية. ودرست أنواع الغناء المختلفة التي كانوا يتغنون بها أثناء بناء السد، وحصلت على صور لأسوان والنوبة خلال هذه الفترة.

وتقول إن بناء السد موجود في ذاكرة الجميع من الأجيال التالية. وتتساءل عالية عن مدى تعبير الأغانى والصور عن الواقع في ذلك الوقت، ونشرت العديد من الأبحاث كلها في التاريخ المصرى الحديث، منها المقاومة الثورية على المسرح المصرى. توثيق الحروب والتضحيات التي قام بها المصريون في الخمسينيات والستينيات. وأرشيف عن نهر النيل وكذلك ثورة 25 يناير. أما عملها الكبير فكان عن فترة ما قبل ثورة 1919 وتأثيرها على قيام الثورة.

لقد وثق الباحث كايل أندرسون أن 327 ألف فلاحاً مصرياً تم إلحاقهم بالجيش البريطانى أثناء الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918، وعملوا فيما كان يسمى فيلق العمال. وأكملت عالية مسلم هذا البحث بطريقة مبتكرة وهى دراسة التاريخ الاجتماعى للريف المصرى عن طريق قراءة في التاريخ الشفهى ودراسة الأغانى والموسيقى. لقد عمل الفلاحون في ظروف غاية في الصعوبة مع الجيش البريطانى، ومات منهم الكثير وذهبوا إلى سيناء وفلسطين وسوريا وفرنسا حتى ليون.

كتب الإنجليز أن الفلاحين كانوا متطوعين، ولكن سعد زغلول كتب في مذكراته مستخدماً لغة عنيفة بأنهم كانوا يخطفون ويقهرون بمساعدة السلطة المصرية المحلية.

ورجعت عالية مسلم إلى أعمال الراحل عصمت سيف الدولة «مشايخ جبل البدارى» ويتحدث عن قرية الهمامية حيث جذوره هناك، وقابل المؤلف يونس وكان أحد الملتحقين بفيلق العمال، ويحكى يونس شفهياً للدكتور سيف الدولة عن الصعوبات في السهر والمجهود الشاق وقلة الأكل والنوم، لأن السلطة أرسلتهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ويحكى أنهم تعلموا مقاومة القيادة الفرنسية بالقرب من ليون وتفهموا كيف ينظمون أنفسهم، واختاروا فلاحاً اسمه ثابت قائداً لهم، وتعلموا أنهم لن يحصلوا على مطالبهم إلا بالقوة، فبدأ العصيان وعدم العمل إذ كانت لهم طلبات فاستجاب الفرنسيون لهم وقاموا بتحسين الطعام وتقليل ساعات العمل. وفى أحد الأيام تجمد جسم أحد العمال المصريين في الصقيع فأخذه الجنود الفرنسيون بالقوة، فأضرب العمال عن العمل عدة أيام حتى جاء جنرال فرنسى للتحدث معهم وفى أثناء الحديث قام ثابت بقتل الجنرال فأطلق الفرنسيون النار وقتلوا جميع العمال المصريين ونجا يونس وحده وعاد ليحكى ما حدث للدكتور سيف الدولة.

ودرست عالية غناء العمال المصريين في الغربة ووجدت تفاصيل دقيقة عنها رصدها بدقة بعض الضباط الإنجليز ووجدتها في الأرشيف، وأهمها الأغنية الشهيرة:

يا عزيز عينى أنا بدى أروح بلدى

يا عزيز عينى بعدك على عينى

صابح مسافر ليه يودعنى

بكى وبل المحارم وقلت له ليه يعنى

هو البكا صنعتك ولا هو دلع يعنى

ليله نمت فيها وصحيت ملقتش بلدى

ولحنها سيد درويش وغنتها نعيمة المصرية. وأضاف لها الفلاحون

بلدى يا بلدى والسلطة خدت ولدى

وتعتقد عالية أنها أغنية قديمة من الفلكلور وكلماتها موجودة باختلافات كثيرة في المراجع المختلفة.

عندما عاد الفلاحون من الفيلق إلى قراهم كان الريف يغلى بين الفقر والقهر بسبب الحرب فحدثت حالة من السخط العام خلال عام 1918 أدت إلى حوادث اعتداءات على الشرطة والعمد وبعض كبار الملاك. تعتقد عالية أن ما حدث في عام 1918 هو الذي مهد لثورة 1919.

وأعتقد أن هناك ثورتين، الأولى ثورة الفلاحين بسبب الفقر والقهر وبدأت عام 1918 وثورة المدن والموظفين والطلبة وكانت طلباً للحرية والديمقراطية وإلغاء الحماية والدستور والبرلمان وشارك بعض الأعيان لرغبتهم في اقتسام السلطة. ثورة 1918 في الريف استمرت وازدادت جرأة وشجاعة وكانت أكثر عنفاً وتأثيراً على الجيش البريطانى من ثورة المدن.

عالية مسلم باحثة نادرة وهى وجه مشرف لمصر، وانضمت إلى مجموعة قليلة من المؤرخين المصريين الذين يدرسون تاريخ مصر الذي كتب معظمه مؤرخون أجانب. من الواجب أن يتم تكريم عالية مسلم حين تزور الوطن لأن أبحاثها العالمية ومجهودها يرفع من شأن مصر في كل العالم. أهلاً بالأكاديمية الوطنية في بلدك، والحقيقة أنك نورتى المحروسة.

وبالمناسبة أود أن ألفت نظر السيدة وزيرة الهجرة التي صرحت بأن «الدارسين بالخارج أخطر شريحة من المهاجرين المصريين لتعرضهم لأفكار مغلوطة»، إلى أن الدارسين بالخارج هم نواة الباحثين والأساتذة في الجامعات المصرية والغالبية العظمى منهم مصريون شديدو الوطنية والحب لبلدهم وهم ليسوا مهاجرين ونحن في حاجة إليهم، وهذا التصريح هو الذي سوف يحولهم إلى مهاجرين غاضبين.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Sunday, July 18, 2021

قضايا طبية معاصرة (2).. زراعة الأعضاء الأنبا موسى - الأنبا موسى - 18-07-2021 - المصري اليوم

 يتكون جسم الإنسان من مجموعة من الأعضاء. بعض هذه الأعضاء تعتبر أعضاء حيوية Vital Organs أى لا يمكن أن تقوم حياة الإنسان بدون هذه الأعضاء، مثل الكبد والمخ والقلب والرئتين والكليتين والبنكرياس. فالإنسان، مثلًا، يستطيع الحياة بدون عينين، ولكنه لا يستطيع أن يحيا بدون الكبد، وتوجد بعض الأمراض التى تؤدى إلى الفشل الوظيفى لعضو أو أكثر من الأعضاء الحيوية فى الإنسان، مما يؤدى إلى وفاته.

مع التقدم العلمى فى مجال الجراحة والتخدير وعلم المناعة وغيرها، أمكن للعقل البشرى أن يتغلب على مشكلة الفشل الوظيفى للكثير من الأعضاء الحيوية، عن طريق نقل عضو حيوى سليم من إنسان حى أو متوفى حديثًا، إلى إنسان مريض بالفشل الوظيفى لهذا العضو الحيوى، مثل القلب والكبد والكلية وغيرها.

ولقد أمكن بذلك إنقاذ حياة الكثيرين الذين كانوا فى عداد الموتى، لكن فى الوقت الذى فتحت فيه زراعة الأعضاء أبواب الأمل أمام الكثيرين، فإنها أحدثت العديد من التساؤلات من بينها:

1- هل التدخل لإنقاذ حياة إنسان هو تدخل ضد إرادة الله؟

يقول قداسة البابا شنودة الثالث: «إنقاذ حياة إنسان أمر لا يتعارض مع الدين. واستخدام العلم من أجل حياة الإنسان لا يتعارض مع الدين كذلك. فالعلم نفسه هبة من الله. والعقل البشرى هبة من الله ويمكن استخدامه للخير وليس للشر».

فالتقدم العلمى فى هذا المجال، هو ثمرة العقل الذى وهبه الله للإنسان. والله أعطى الإنسان العقل ليستخدمه لخيره ولحياته.

كما أنه ليس فقط بزراعة الأعضاء نُنقذ الكثيرين، بل إن اكتشاف بعض الأدوية (المضادات الحيوية كمثال) أنقذت حياة الملايين من المصابين بأمراض كثيرة ومنها وباء الكورونا، حيث كانوا يعتبرون المصابين بها فيما قبل فى عداد الموتى. يضاف إلى ذلك أن زراعة الأعضاء لا تضمن حياة للمريض. فقد يموت المريض بعد زرع العضو فالأمر فى النهاية هو حسب إرادة الله.

2- هل يجوز لإنسان أن يبيع أحد أعضائه؟

أعطى الله لجسد الإنسان كرامة خاصة، لذلك يقول القديس بولس: «أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم، الذى لكم من الله» (1كورنثوس 19:6). فأعضاء الإنسان ليست للبيع والشراء فهى ملك الله، لكن الله يدعونا أن نحب بعضنا بعضًا وأن تكون محبتنا محبة عملية «لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق» (1يوحنا 18:3). وقمة المحبة هى بذل الذات لأجل الآخرين. «ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه» (يوحنا 13:15). فإن كان لا يجوز للإنسان أن يبيع عضوًا من أعضائه، للحصول على مبلغ من المال، فإن تبرع إنسان بعضو من أعضائه لإنقاذ مريض، هو عمل نبيل.

يقول قداسة البابا شنودة الثالث: «فإن كان الحب يمكن أن يصل إلى البذل، والبذل يمكن أن يرتفع إلى مستوى بذل الذات. فالذى يبذل نفسه من أجل الآخرين، ما أسهل أن يبذل عضوًا من أعضاء جسده من أجل الآخرين!».

3- هل يجوز لمسيحى أن يتبرع بعضو من أعضائه لشخص غير مسيحى؟

التبرع بالأعضاء هو عمل محبة يرتفع إلى مستوى البذل، والمحبة المسيحية عميقة لا تعرف حدودًا، ولا يعوقها اختلاف فى الدين أو العقيدة أو الوطن. فالمحبة المسيحية التى تدفع الإنسان للتبرع بعضو من أعضائه، تنظر إلى احتياج المريض بدون النظر إلى عقيدته أو دينه.

4- هل نقل عضو من ميت هو أمر ضد كرامة الميت؟

يقول قداسة البابا شنوده الثالث: «أعضاء الإنسان بعد الموت كلها يأكلها الدود، وتتحول إلى تراب. فمن الخير أن ينتفع إنسان بعضو من أعضاء شخص انتقل من عالمنا الحاضر، ليحيا بهذا العضو، بدلًا من أن يأكله الدود ويتحول إلى تراب».

إن وجود هدف نبيل من نقل عضو من الميت، يجعل الأمر كرامة للميت، وليس العكس. يضاف إلى ذلك أنه حاليًا يتم تشريح جسد الميت لأغراض تعليمية (فى كلية الطب)، أو لأغراض قضائية (فى حالة الشك فى وجود سبب جنائى للوفاة)، بدون أن يعتبر هذا التصرف ضد كرامة الميت.

وتجدر الإشارة إلى أهمية التأكد من موت الشخص قبل نقل العضو. ولقد اتفق الطب على أن علامة موت الإنسان، هو موت المخ. وهذا أمر يوافق عليه الدين.

كما يجب تشجيع الناس على أن يوصوا باستخدام أعضائهم بعد الوفاة، لإنقاذ حياة المرضى، ونظرًا لأنه فى بعض الأحيان يكون من الصعب على الإنسان أن يفكر فى الموت ويوصى بأعضائه، فإن بعض الدول اعتبرت أن كل ميت متبرع بأعضائه، ما لم يوص بعكس ذلك. ويسمى ذلك «التبرع الاعتبارى»، وهذا ساعد على إنشاء بنوك للأعضاء.

فى مصر تجربة ناجحة فى مجال زراعة قرنية العين، التى بدأت فى الخمسينيات من هذا القرن، فلقد تم وضع تشريع ينظم الحصول على قرنية العين من المتوفين حديثًا، مما مكن من إنشاء بنك لقرنية العين. ولقد ساعد إنشاء هذا البنك على تقديم قرنية العين بأسعار فى متناول العديدين، كما يقوم البنك بتزويد المستشفيات الجامعية بقرنيات مجانًا لعلاج المرضى والفقراء.

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

من هو الفنان ومن هو الصنايعي؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 17/7/2021

«كل طفل فنان.. المشكلة هى كيف تظل فناناً بمجرد أن تكبر». بيكاسو.

«الفن يمكّننا من أن نجد أنفسنا ونفقد أنفسنا فى نفس الوقت». توماس ميرتون.

«الصورة قصيدة بدون كلمات». هوراس.

«الرسم سهل عندما لا تعرف كيف، ولكنه صعب جداً عندما تعرفه». إدجار ديجا.

«الإبداع يحتاج شجاعة». ماتيس.

تلك تعريفات مختلفة للفن من فنانين عالميين، لكنى توجهت بسؤالى وأرسلت إلى الفنان المصرى العالمى أمير وهيب سؤالاً عن معنى الفن بالنسبة إليه، فكانت إجابته:

بداية عندما نتحدث عن «الفن» فنحن نتحدث عن «منتج» يتصف بـ«الإبداع» قام به شخص ما بالاعتماد على «ذاته» دون مساعدة أى «شخص» آخر، وأصبح له وجود مولود من العدم، وعادة هذا «المنتج» يكون «جميلاً» لأن عملية التفكير فى هذا النوع من «الخلق» تكون بجدية صادقة وبحق فى مشاعر نابعة من القلب والعقل معاً مما يزيدها فضيلة ونبلاً وخيراً، هذا المنتج عُرف على أنه «الفن»، وهذا الشخص الذى قام بهذه العملية عُرف بأنه «الفنان» وهذا الكلام ينطبق فقط على المبدعين الذين يقومون بهذا العمل من ذاتهم دون «أمر تكليف» أو «أمر تشغيل» أو «أوردر فى الاستوديو» أو «مشهد خارجى بقميص النوم» أو غيره، إنما من تلقاء نفسه، اعتماداً على «الموهبة» و«البصيرة» وبمنتهى البساطة والأريحية والرضا التام عن قناعة حتى لو كان عملاً شاقاً جداً ومرهقاً جداً وتكاليفه المالية باهظة جداً، إلا أن كل هذا لا يشعر به الفنان ولا ينتظر المدح والتصفيق ولا يحسبها حسبة «مكسب وخسارة»، أشهرهم فى هذا الشأن «النحات» و«الرسام» و«الشاعر» و«الكاتب» و«الموسيقى»، هؤلاء فقط هم «الفنانون».. من يجلس وحده ولا يشعر بـ«الوحدة» مهما طال الزمن بحثاً وتجريباً وإنتاجاً لما هو جميل، لذلك عُرفت أيضاً بـ«الفنون الجميلة».

دور الفن مؤثر وهام وملهم، الفن قادر على رفع معنويات أى شخص مهما كان محبطاً، يكفى أن «نتأمل» عملاً فنياً جميلاً وسوف نشعر بتحسن شديد فى المزاج، رفع المعنويات هو رفع الذوق ورفع الأخلاق.

انبثق من هذه الفنون الأولى، نوع «ثان» من الفنون، هى «التمثيل» و«الغناء» و«الرقص» و«السيرك»، ولذلك تُعرف بـ«الفنون الترفيهية» ومعروفة فى الغرب بـentertainment art

لذلك سوف تلاحظ أن دخول هذه الأماكن بـ«تذكرة» ومكتوب فى بنودها «ضريبة ملاهى»، هى «ملاهى» فعلاً، وهدفها الأول «التسلية» ولا يمكن إغفال دورها المؤثر الهام أيضاً، إلا أنها تظل «درجة ثانية»، وبالتالى من غير المقبول تكريم «الثانى» وإهدار حق «الأول». ومثال على ذلك فيلم «دعاء الكروان»، الأول هو «طه حسين» و«الثانى» هم صنّاع الفيلم، ومن غير الأول، الثانى ليس له وجود، إذن كيف نظل، وبهذا الشكل المستمر الدائم لسنين طويلة، نكرّم «الصنايعية» على حساب «الفنانين».

عملية النهوض شاقة ومحتاجة مجهود وعزيمة ورؤية اتجاه، مصر عايزة تروح فين؟ ترجع مكانها الطبيعى على قمة الأمم؟ الطريق هو هو لم يتغير، ارجع امسك «خريطة التفوق» من عهد الفراعنة، عمارة ونحت ورسم وتلوين.


Friday, July 16, 2021

عبور اليم إلى ميكانيكا الكم - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 15/7/2021

 لا يوجد شعب يكره علم الفيزياء مثل الشعب المصرى، بنظرة سريعة على طلبة الثانوية العامة قبل وبعد امتحانات الفيزياء ومانشيتات الصحف وبكائيات الفضائيات وصراخ الطلبة والطالبات والأهالى، ندرك أن هذا العلم هو بمثابة نذير الشؤم على البيوت المصرية، وللأسف من يخاصم علم الفيزياء فقد خاصم الحضارة والحداثة، ولا بد من التصالح مع هذا العلم الذى هو حجر الأساس لعلوم كثيرة تصبح بدونه خواء مثل علم الطب.

وميكانيكا الكم التى هى أحدث منجزات الفيزياء هى أصعب وأعقد ما فى ثنايا هذا العلم، وسطور الفيزياء الكلاسيكية شىء وميكانيكا الكم ومعادلاته شىء مختلف تماماً، إنها ثورة لا بد أن نفهم مفرداتها إذا كنا نريد الدخول فى عالم الحداثة، لذلك سعدت بكتاب د. إبراهيم فوزى، الصادر عن المكتبة الأكاديمية بعنوان «عبور اليم إلى ميكانيكا الكم»، وهو كتاب مبسط جداً ترجمه وأضاف إليه د. فوزى من لغته وحسه وذكائه الكثير، ميكانيكا الكم ليست مجرد معادلات بور وثابت بلانك وقطة شرودينجر والفوتون والكوانتم والموجات والجسيمات والكهروضوئيات... إلخ، إنها فلسفة حياة وقبول واقتناع بأن عالم الذرة والإلكترون هو عالم متجاوز لكل ما تعلمناه فى مدارسنا، إنها تُعلمنا أن الأمور نسبية، وأن الأفكار الجامدة المطلقة المحنطة لا مكان لها فى الحياة، وستكتشف أن تلك النظرية الغامضة التى لا يدّعى أحد حتى كبار العلماء أنه قد فهمها جيداً، هى السبب فى كل النعم التى تنعم بها الآن بداية من الموبايل وحتى الليزر مروراً بجهاز الأشعة المقطعية واللاب توب... إلخ.

لولا ثورة الكوانتم لكنا حتى هذه اللحظة نعيش زمن الكمبيوتر الذى يحتاج مساحة مبنى لاحتوائه، ستتعرّف فى هذا الكتاب على سير علماء فيزياء أكثر درامية من قصص هوليوود، ستعرف ما هو ثابت بلانك، ستقرأ عن الجدل هل الضوء موجات أم جسيمات، وهل الإلكترون ثابت فى مداره أم يقفز من مدار لآخر؟ ما الثورة التى أحدثها اختراع أديسون للمصباح الكهربائى الذى جعل العلماء فى حيرة عن علاقة حرارة التسخين بلون الضوء المنبعث والطيف الموجى له، ستعرف أن جائزة نوبل لم يحصل عليها أينشتاين بسبب أشهر نظرياته وهى النسبية بل عن إنجاز فيزيائى آخر فى مسيرة ميكانيكا الكم التى كان هو شخصياً معترضاً على بعض افتراضاتها! ستقتحم معامل وعوالم ومعارك عنوانها «الصدمة العلمية» بكونها ثورة لا يقبلها المجتمع العلمى فى البداية، لكن إصرار العالم الحقيقى وتحمُّله النقد اللاذع والهجوم الجامح هو الذى يحفزه على الاستمرار.

لقد بذل د. إبراهيم فوزى جهداً كبيراً فى هذا الكتاب وغيره من الكتب الصادرة عن نفس المكتبة عن الفيزياء والكم، هذا الجهد لا بد أن يُلقَى عليه الضوء ويتحول إلى برنامج علمى يسد ثغرة عدم وجود برامج علمية على الفضائيات، هذا الكتاب هو إضافة رائعة تمنحنا الأمل فى استكمال نمو هذه البذرة وتحفيز المزيد ممن يجيدون تبسيط العلوم أن يسهموا فى إصدارات علمية جديدة.


Thursday, July 15, 2021

حكاية لقاح «جونسون» - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 14/7/2021

 يوم الاثنين الماضى، نبهت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» إلى زيادة ما زالت غير مؤكدة تماماً فى نسبة حدوث مرض عصبى نادر بين مَن تلقوا لقاح «جونسون آند جونسون»، هذا اللقاح الذى أقرته نفس هذه الإدارة فى ٢٣ أبريل من هذا العام.

وعن هذا الجدل دار حوار بينى وبين د. ناجى إسكندر، أستاذنا فى «قصر العينى» والمهاجر إلى كندا، وقال لى:

هذا المرض اسمه متلازمة جوليان باريه «Guillain Barré»، وقد يسمى بهذا الاسم نسبة إلى العالمين الفرنسيَّين اللذين وصفاه فى عام 1916، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية التى تهاجم فيه الأجسام المضادة الأعصاب الطرفية، فيؤدى ذلك إلى ضعف وربما شلل فى العضلات وإحساس بالشكشكة فى الأطراف، ويمتد الضعف ليصيب الجزء العلوى من جذع الجسم، ويحتاج 15% من المرضى إلى أجهزة التنفس الصناعى، ويؤدى هذا المرض إلى وفاة 5% من المصابين به، ولكن يتشافى منه معظم المرضى تماماً وذلك فى غضون أسابيع أو عام من بدء الإصابة.

وهذا المرض النادر تصل نسبته فى العموم إلى واحد بين كل مائة ألف من البشر.

ويمكن أن يحدث هذا المرض كنتيجة لأى إصابة فيروسية، أو عقب إجراء جراحة، أو مع بعض اللقاحات وأشهرها لقاح الإنفلونزا، حيث تصل نسبته إلى واحد فى المليون بين من تلقوا لقاح الإنفلونزا.

هوامش: احتمال الوفاة من فيروس الإنفلونزا واحد لكل عشرة آلاف من المصابين، واحتمال الإصابة بمتلازمة «جاليان باريه» بسبب مرض الإنفلونزا عشرة أضعاف احتمال الإصابة به بسبب لقاح الإنفلونزا، وهذا يؤكد أهمية اللقاحات.

أما فى حالة لقاح «جونسون آند جونسون» فقد بلغت نسبة الإصابة بالمرض ضمن من تلقوا هذا اللقاح 8 فى المليون، فقد أصيب به نحو مائة فرد من بين 12.8 مليون ممن تلقوا اللقاح. وتحدث الإصابة بالمرض بعد 3 - 6 أسابيع من تعاطى اللقاح، ولا تزيد نسبة الوفاة بينهم -كما ذكرنا- على 5%.

ومعظم المصابين بهذا المرض من الرجال فوق سن 50 عاماً، ويزداد احتمال الإصابة كلما تقدم عمر الإنسان، فيزيد احتمال حدوث المرض بنسبة 20% لكل عقد من العمر .

هوامش: حدوث الجلطات الدموية مع لقاح «جونسون آند جونسون» و«أسترازينيكا» تصل نسبته إلى 7 فى المليون ومعظمهم من النساء تحت سن 50 عاماً ونسبة الوفاة من هذه الجلطات بلغت 20%.

الخلاصة:

١- فى وسط حرب اللقاحات وندرتها وحيث لا يوجد ترف الاختيار بين اللقاحات فأفضل لقاح هو اللقاح المتاح.

٢- ما زال احتمال الوفاة بسبب وباء «كوفيد ١٩» وخصوصاً مع وجود «المتحور دلتا» سريع الانتشار -أكثر من ضعف سرعة انتشار الفيروس الأصلى- أكبر كثيراً وبما لا يقارن من احتمال الوفاة بسبب كل مضاعفات اللقاحات.

٣- لا يوجد لقاح، بل ولا عقار فى العالم بدون أعراض جانبية، وعليه فنحن نضاهى فى النهاية المزايا فى مواجهة الأضرار.

وعليه، فلا داعى لأن يتملكنا الرعب من فكرة تلقى اللقاحات، فكل اللقاحات فى العموم أولاً: فعَّالة بنسبة معتبرة ضد الفيروس الأصلى وكل أفراد عائلته من المتحورات خاصة المتحور دلتا.

وثانياً: آمنة إلى حد كبير. وفى النهاية، فإن خطورة تلقى اللقاحات لا يمكن أن تقارن بحال من الأحوال بخطورة الوفاة -لا قدر الله- نتيجة العدوى بفيروس «كوفيد ١٩» ومتحوراته.


Tuesday, July 13, 2021

يا سيادة النائب.. «التحرش» رجل والمرأة ضحية - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/7/2021

 اندهشت لتصريح أحد ممثلى الشعب فى مجلس النواب أثناء مناقشة قانون التحرش وتغليظ عقوبته، فقد قال النائب محمد هاشم فى البرلمان: «لو أن المتحرش رجل فالمرأة من أسباب التحرش أيضاً، وعليها مراعاة سلوك السير فى الشوارع فى مجتمع شرقى، والحكومة مسئولة بشكل ما عن التحرش أيضاً، فوزارة التربية والتعليم لم تقم بالمطلوب منها لغرس القيم فى النشء، ووزارة الأوقاف لم تقدم النصيحة السليمة، ووزارة الثقافة الحاضرة الغائبة، ووزارة الإعلام تتحدث عن الخيال وتصدّر صورة البلطجى والمتحرش فى الأعمال المختلفة».

انتهى ما قاله سيادة النائب، ونشكر رئيس مجلس النواب على حذفه لتلك الكلمة بعد حالة الغضب والاعتراض من بعض النائبات، لكن المهم هل حُذفت تلك العبارة من ثقافة المجتمع؟ للأسف ما زال يؤمن الكثيرون بتلك الفكرة، فالقضية ليست قضية النائب المحترم، فهو مجرد فرد من عشرات الآلاف، ولا أريد أن أقول إنهم أكثر بكثير جداً، يؤمنون بأن البنت مجرد كتلة لحم مباحة مستباحة لكل جائع، هى حلوى لا بد أن تغطى من الذباب، هى سيارة ثمينة لا بد أن تضع عليها الغطاء وتخزنها فى الجراج، هى مجرد شىء، هى مفعول به، إنها ثقافة الاستعلاء الذكورية والتفوق التستوستيرونى، ثقافة الوصاية، ثقافة أن المرأة مصدر الغواية وشيطان الخطيئة، وهى مندوبة إبليس إذا أقبلت وإذا أدبرت، وأنها ما دامت لم تلبس باترونهم الطالبانى وكتالوجهم الداعشى، فهى قد أسقطت عن نفسها الحماية، وكأنها تعرض نفسها فى الشارع كما قال شيخ راحل شهير ربما يقودك انتقاده إلى تكفيرك وإخراجك من الملة واستباحة دمك.

المتحرش لديه «باكيدج» أفكار غُرست فيه وترعرعت وصارت لها جذور عميقة فى تربة المجتمع، يؤمن بأن هذه الأنثى التى تسير فى الشارع هو له حق فى تقويمها طبقاً لمنظومته الأخلاقية، يؤمن تمام الإيمان بأنها ملعونة إذا تنمّصت، زانية إذا تعطرت! كلامه السافل والوضيع والوقح الذى يقوله لها فى الشارع يأخذ به حسنات فى غزوة جهاده لإنقاذ هذا البلد وإدخاله فى فسطاط الإيمان، لمسته لجسدها يعتبرها حقه لأنها جارية أو سبيّة أو عاهرة، إنها فكرة النهى عن المنكر وثقافة المطوّع حامل الهراوة الذى يؤمن بأن السوط المعلق على جدار البيت صيانة للعفة وحفاظ على الشرف، ويؤمن أيضاً بأن ضربها بدون كسر ضلعها هو تأديب وتهذيب وإصلاح بل وحفاظ على كرامتها! متأكد تمام التأكد من انحياز الملائكة له إذا رفضت اغتصابه لها.

ما قاله النائب الفاضل هو قمة جبل الجليد، وملخص مدونة كاملة وقانون غاب وناب يستغرق مجلدات ومجلدات لتدوينه، المقهور فيه هو البنت، الضحية فيه هى المرأة التى تدفع الثمن الفادح، هى الأنثى، ونأتى نحن، وبكل هدوء وثقة، لنلوم الضحية ونبرر للثور الهائج الذى لا يستطيع - يا ولداه - التحكم فى غرائزه الملتاعة المتوهجة، وبدلاً من تهذيب هذا الهياج نقوم بالأسهل، وهو الوأد الحديث والمعاصر للبنت، فنصدر قانوناً برلمانياً بمنع ختان البنت جسدياً، ثم نروّج لختانها عقلياً بقانون سرى غير مكتوب هو أقوى من المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، أقترح عمل أبحاث فى أقسام النساء والولادة فى جامعاتنا لعمل تلقيح مجهرى لا ينتج إلا الذكور، ونلقى بالأجنّة الإناث فى البحر حتى يستريح المجتمع ويستطيع تحقيق كل إنجازاته التى عطلتها تاء التأنيث.


قضايا طبية معاصرة (1).. إنهاء حياة المريض بهدف الشفقة - الأنبا موسى - 11-07-2021 - المصري اليوم

 Euthanasia كلمة يونانية معناها الموت السعيد Happy Death وتستخدم للإشارة إلى التدخل الطبى لإنهاء حياة مرضى الأمراض المستعصية، والتى تسبب آلامًا مبرحة لا علاج لها، رحمة وشفقة بهؤلاء المرضى. وقد تتسع الكلمة لتشمل أيضًا الدعوة لإنهاء حياة الأطفال أو المولودين حديثًا، الذين يعانون من التخلف العقلى أو الأمراض المستعصية، رحمة بهم من حياة قاسية مقابلة.

إن دعاة Euthanasia ينقسمون إلى مجموعتين:

1- مجموعة تشترط الموافقة الواضحة والصريحة للمريض، قبل التدخل الطبى لإنهاء حياته وتسمى Voluntary Euthanasia.

2- مجموعة ترى أنه يكفى أن يكون التدخل الطبى لإنهاء حياة المريض، هو فى صالح المريض (إنقاذه من الآلام والعذاب)، دون الحاجة لموافقة المريض نفسه وتسمى Involuntary Euthanasia. وهذه المجموعة تأخذ فى الاعتبار الحالات التى لا يكون فيها المريض قادرًا أن يعطى الموافقة، وتفترض أنه لو كانت حالته تسمح لوافق على ذلك. ويبنى دعاة Euthanasia دعواتهم على ثلاثة أمور:

1- رغبة المريض:

يعتبر البعض أن رغبة المريض فى إنهاء حياته تبرر التدخل الطبى لتنفيذ هذه الرغبة. على أساس أن المريض وحده له الحق فى اختيار الموت. ويقصر هؤلاء قبولهم للتدخل لإنهاء حياة المريض على وجود هذه الموافقة، ويرفضون التدخل الطبى فى حالة عدم وجود موافقة من المريض. أى يؤيدون فقط Voluntary Euthanasia.

2- كرامة الحياة الإنسانية:

يؤيد البعض Euthanasia على أساس المحافظة على كرامة الحياة الإنسانية. وبالتالى يوافقون على التدخل لإنهاء حياة الإنسان، طالما وصلت إلى درجة لا تتفق مع كرامة الحياة الإنسانية. ويعتبرون بعض حالات الأمراض المستعصية، وما يصاحبها من الآلام وفقدان المريض للإدراك والتركيز، أو حالات الهذيان وعدم القدرة على التحكم فى الوظائف لإنهاء حياة المريض، ليس عمل شفقة فقط، بل عمل يصون كرامة المريض.

3- صالح المريض:

يرى البعض أنه طالما التدخل لإنهاء حياة المريض يحقق صالح المريض وخيره، فهو عمل مقبول، حتى لو كانت حالة المريض لا تسمح من إبداء موافقته على التدخل لإنهاء حياته. ويفترضون فى هذه الحالة، أن المريض لو كان فى حالة تمكنه من التعبير عن نفسه، لرغب فى إنهاء حياته.

■ ■ ■

إن دعوة التدخل الطبى لإنهاء حياة الأمراض المستعصية، هى دعوة ظاهرها الشفقة والرحمة، ولكن فى باطنها إنكار لحقائق إيمانية أساسية فيما يتعلق بأمور الحياة والموت. لذلك فهى دعوة مرفوضة من الناحية الدينية، وينبغى على كل مؤمن ذى ضمير حى أن يقاوم محاولات إصدار تشريعات فى بعض المجتمعات الغربية للسماح بممارسة Euthanasia وذلك للأسباب التالية:

أ- حياة الإنسان هى هبة من الله:

ليس للإنسان سلطان أن ينهى حياته بناء على رغبته. كما أن تعبير الإنسان عن رغبته فى إنهاء حياته مهما كانت الأسباب، لا يبرر قيام من يعملون فى المجال الطبى لتنفيذ هذه الرغبة.

إن قبول مبدأ حق إنهاء حياة المريض بناء على رغبته، يقود إلى قبول الانتحار الذى لا شك يتم بناء على رغبة المنتحر. فهل نوافق على الانتحار بحجة أن هذه رغبة المنتحر؟!

ب- كرامة الحياة الإنسانية هى فى الحياة ذاتها:

مهما كانت مظاهر هذه الحياة، فلا المريض ولا الألم ولا الضعف الجسدى يفسد كرامة الإنسان، الخطيئة وحدها هى التى تفسد الطبيعة البشرية وتحط من كرامتها.

حقاً إن المرض ليس من الطبيعة البشرية التى خلقها الله فى كامل الصحة، لذلك فالإنسان عليه أن يجتهد أن يتجنب وأن يعالج المرض. ولكن وجود المرض مهما كانت شدته أو مظاهره، لا يبرر التدخل الطبى لإنهاء حياة المريض.

ج- الله يريد الخير للإنسان وقد يسمح الله بالمرض لخير الإنسان:

فكثيرون قادهم المرض للتوبة، والرجوع إلى الله، من خلال بوتقة آلام المرض. كما أن المريض فى شدة مرضه، يدعو ويقول يا رب، وقد يكون رسالة تعليمية للأصحاء غير المدركين لنعمة الصحة.

إنه من الصعب أن نحدد بنظرتنا البشرية المحدودة للأمور، ما هو الصالح للمريض. لذلك فإنه مع كل جهد يُبذل لتخفيف الآم المريض، وكل دعاء وصلاة تُرفع لأجل شفائه، نترك بإيمان وتسليم كامل أمر حياة وموت المريض لإلهنا الصالح الذى وحده يعرف ما هو لصالح المريض.

فى النهاية نود أن نفرق بين دعوة Euthanasia أى التدخل الطبى لإنهاء حياة مرضى الأمراض المستعصية، وبين التدخل لرفع الأجهزة الطبية عن مريض توقف مخه تمامًا عن العمل Brain Death.

فى الحالة الأولى Euthanasia يكون لايزال حيًا، بمعنى أن مخه يعمل، وكثير من أجهزته مازالت تعمل، ولكن لا يوجد أمل فى شفائه. فالتدخل هنا ينهى حياة هذا المريض. لذلك يعتبر جريمة قتل لا يبررها موافقة المريض على ذلك، ولا اليأس من الشفاء، ولا الشفقة على المريض.

أما فى الحالة الثانية Brain Death فيكون المريض قد فارق الحياة، بدليل توقف مخه عن العمل. وما يبدو من مظاهر تنفس أو نبض، إن هى إلا مظاهر صناعية، تعتمد على الأجهزة الموصلة للمريض الذى فارق الحياة فعلاً. والتدخل لرفع الأجهزة هو تدخل حرصًا على كرامة الميت. ورحمة بمشاعر الأقرباء والأحباء.

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.