Translate

Tuesday, March 31, 2015

نوارة نجم تكتب: حرب اليمن يا زواوي


ولنتذكر سويا القول المأثور لسيادة اللواء محمود حجازي: “مع احترامي للقومية العربية، بس اللي عايز حاجة يدفع، أنا عندي شعب جعان ومتنيل بنيلة، وهما فلوسهم متلتلة وعايشين حياتهم بالطول والعرض”.
ومن الواضح أن من يعيشون حياتهم بالطول والعرض قد دفعوا، ومن ثم فقد ذهبنا إلى حرب اليمن، دون حتى أن يفكر الإعلام في تبرير حقيقي، يمكن أن يقنع به العامة من الناس.
في البداية، ظهرت حمى “باب المندب”:
من هم ألد أعدائكم؟
باب المندب
من قتل كلثوم؟
باب المندب
وسلمى وذئيب؟
باب المندب
أتتركون ثأركم من باب المندب؟
لااااا.. نحن نعيش لهذا الثأر..
إذن.. بص ع الخريطة.
(من فيلم الشيماء بتصرف)
وقبل أن تنظر على الخريطة التي أوصاك بها الإعلام واللجان الإلكترونية الذين أشعروني بأنهم يضعون الخريطة على حائط بهو منزلهم، ويصلون كل يوم أمامها، فقد علمت عزيزي المواطن أن باب المندب تحفظه قوات دولية، وأن به قاعدة أمريكية وقاعدة إسرائيلية، ولا يمكن لجماعة صغيرة مثل الحوثيين أن تتمكن منه ويصل بها الأمر أن تغلقه لتضر بقناة السويس، هذا محض خيال وهراء، ولن تكون مصر هي المتضرر الأكبر من غلق قناة السويس، فهذا المستحيل – إن حدث – ستقوم حرب عالمية ثالثة، ولن تصمت القوى الدولية على التفكير، مجرد التفكير، في غلق قناة السويس.
كل ما في الأمر أن إيران قد وضعت أسطولا قريبا من اليمن كي تتمكن من إمداد الحوثيين بالسلاح، ولو إن الولايات المتحدة أو إسرائيل أرادا ضرب الأسطول لفعلا أو فعلت إحداهما، لكن هذا فيه خطر أن تحظى إيران بتعاطف شعبي عربي، كما إنها قد تستغل الموقف وتعلن الحرب على الطاغوت والاستعمار والشيطان الأكبر، فلا بأس من جر المصريين من أذانهم لـ”هش” الأسطول الإيراني ومنع الإمداد لجماعة الحوثي.
طيب، كويس.. ما مصلحتنا نحن؟
من فضل الله أن الأسطول الإيراني لم يشتبك معنا، ماذا لو كان اشتبك وقتل منا؟
ويظل السؤال يلح: لماذا ذهبنا إلى حرب اليمن؟ إحنا مالنا؟
حرب أهلية في اليمن، تدعمها إيران بتمويلها للحوثي، والسعودية بتمويلها للقاعدة.. للسعودية حق في أن تشعر بالقلق بسبب اشتراكها مع اليمن في الحدود، كما إن الدولتين المتصارعتين لهما طبيعة طائفية.. السعودية تأسست على أسس طائفية، ونظام الحكم في إيران طائفي، بينهما منافسة، وبينهما مصالح مشتركة أيضا، كل منهما تهدد الأخرى، ثم إن كل منهما تمثل قوى عالمية، فإيران تمثل الصين وروسيا، والسعودية تمثل الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.. إحنا مالنا برضه؟
“أصل باب المند….”
إخرسسسس
“آلو.. يا أحمد بيه.. موضوع باب المندب ده مش واكل مع الناس.. ماشي يا باشا”
أصل أنتوا مش عارفين خطر التمدد الشيعي والنفوذ الفارسي.. إحنا رايحين نحارب الفرس.
فرس؟ ومتحالفين مع الروم؟ والتتار جايين؟ أنت فييييييييييين يا جهاااااااااااااااااد.
تمدد شيعي؟ هنا؟ في مصر؟ أي إن الفاطميين حكموا مصر ما يزيد عن قرنين من الزمان ولم يفلحوا في نشر المذهب الشيعي في مصر، وسيفلح الإيرانيون فيما فشل فيه الفاطميون؟!
سيتركون مشروعهم النووي، ومحادثاتهم مع أمريكا، وصراعاتهم الإقليمية، ويأتون لنشر المذهب الشيعي هنا في مصر؟ طيب.. ماشي.. وما دخل هذا بمشاركتنا في حرب اليمن يا زواوي؟ هل كل من يحاول أن ينشر مذهبه في مصر نذهب لنحاربه؟ إممممم.. لماذا إذن لم نحارب السعودية التي قضت عقودا وأنفقت أموالا طائلا، ودفعت الرشاوى، لنشر مذهبها الوهابي حتى أخرجت لنا هذا النتوء والتشوه الخلقي الاجتماعي المسمى بالسلفيين والذين لا يأبهون لشيء سوى للزواج من القاصرات وهدم الكنائس؟ وكيف ستحاول إيران نشر المذهب الشيعي في مصر؟ حيقولوا لنا إيه يعني؟ “حبوا أهل البيت؟” إحنا يتقال لنا حبوا أهل البيت؟ أمال مين اللي بيحبهم لو إحنا مش حنحبهم؟ طب ده مسيحيين مصر بينهم وبين سيدنا الحسين والسيدة نفيسة عمار، مش موجود بين أهل البيت والسعودية كلها.
ولماذا يأتي التمدد الشيعي عن طريق اليمن ولا يأتي عن طريق بشار الأسد المدعوم من إيران أيضا؟ هاه؟ هاه؟ هاه؟ ومرة أخرى، ما علاقة هذا بمشاركتنا في حرب اليمن؟
لدول الخليج حق في هذا الخوف والهلع والرعب المتملكين منهم، فدول الخليج لديها أقليات شيعية مضطهدة، قد تحاول إيران استقطابها لنشر نفوذها، والقاعدة العامة المعروفة هي أن الأقليات المضطهدة يسهل
تجنيدها من قبل قوى خارجية.. إحنا مالنا برضه؟
إن كنا نعاني من أمراض اجتماعية طائفية، فالدولة المصرية لا تتأسس على أسس طائفية، فلا الدستور، ولا القانون ينتحون منحى طائفي كي نزج بأنفسنا في معركة لا تشبهنا، وأمراضنا الاجتماعية الطائفية لا تحل بالدخول في حروب طائفية، ولكنها تحل بحوار مجتمعي وتوعية وتعليم.
نحن لدينا أقلية مسيحية مضطهدة اضطهادا شعبيا، والأقلية المسيحية المصرية هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، فتقريبا هي الأقلية الوحيدة في العالم التي تتعامل مع وطنها بمبدأ: أحبه مهما أشوف منه ومهما الناس قالت عنه. ولا يهز انتماؤهم هدم كنائس، ولا سباب وتكفير في الميكروفونات، ولا حتى مذبحة ماسبيرو.. الحمد لله، ستر ربنا معنا.. انبروا علينا بقى.. حصوة في عين اللي ما يصلي ع النبي.. مصر لها طبيعة جغرافية (بصوا ع الخريطة… هاه؟) تجعل من مواطنيها أسرى لها، لديهم حالة من الانكفاء الوطني، يتعاملون مع وطنهم بوصفه بيت وهم أعضاء أسرة فيه، لا بوصفه بلد وهم مواطنون فيه، ومن ثم، فكل من يعاني من مشاكل داخل هذه الأسرة، بما فيهم المسيحيون، يتعامل مع الأمر بالصبر: البيت بيمر بأزمة.. أستحمل.. حاخرب بيتي؟
الحمد لله.. الحمد لله. فضل من الله، فلماذا ندخل معارك لغيرنا؟ ومعارك طائفية؟
وبالمناسبة، فهذا الذي يعاني منه المسيحيون في مصر، سبب رئيسي فيه هو “التمدد الوهابي السعودي” ومساجد السلفية التي تنعق كل جمعة بالدعاء على النصارى. ومع ذلك، فلا يجدر بنا أن نشن حربا، أو نشارك في حرب لسبب كهذا.
تؤ.. فاكس موضوع التمدد الشيعي ده.
ابحثوا عن حجة أخرى.
“ما هي إيران لو ضربت الخليج الاستثمارات بتاعتهم عندنا حتنهار”
آآآآآآآآآآه.. جئنا لبيت القصيد.
حلو قوي. تمام.
بالطبع، دول الخليج لن تسقط بضربة من إيران، ويبدو إن إيران عازفة عن ضرب الخليج لإنها لا تريد الدخول في حرب كالتي دخلتها مع العراق، والأمر حتى الآن لا يتعدى مناوشات متبادلة من خلف ستار المجموعات المسلحة، إيران تدعم الحوثي، والخليج يدعم جبهة النصرة والقاعدة، وبالطبع فإن استثمارات الخليج في مصر لن تنهار، ولنكن صادقين مع أنفسنا، بالبلدي: إحنا رايحين نتحي اللي نقطونا، أو كما قال لي أحد الشباب بصدق: ما هو مش معقولة يدفعوا الفلوس دي كلها ونطنشهم لما يخشوا حرب.
لا مش معقول.. عيب حتى.
وأظن أن ما قمنا به يكفي ويزيد: أرسلنا الأسطول المصري ليقوم بما لا ترغب الولايات المتحدة وإسرائيل في القيام به.. أطلقنا الأوبريت رخيص الصنع اسمه “أنا اليمن”.. أرسلنا توفيق عكاشة وحياة الدرديري لاستقبالهم، لمعنا فجر السعيد وجعلنا منها شخصا مرموقا، ساندناهم استخباراتيا ولوجيستيا. فل الفل كده، لا يجدر بنا أن نوغل بأكثر من هذا، ولا أحد يرسل فلذات أكباده للموت في سبيل المجاملة والتحية في الفرح.
وأحب أن أنوه هنا إلى إنني فوجئت بوجود ما يسمى بـ”الجيوش العربية”! لدينا جيوش عربية؟ ويمكن لها أن تتوحد؟ لماذا لم نحرر فلسطين إذن؟
نحن لدينا أخطار حقيقية تواجهنا كبلد، وليس من بينها جماعة الحوثي في اليمن ولا النفوذ الإيراني، هذا خطر يهدد دول الخليج، ونحن مستعدين لمجاملتهم، لكن لدينا مشكلة حقيقية في السيطرة على شبه جزيرة سيناء هي أولى بنا، ولدينا عدو تاريخي على حدودنا اسمه إسرائيل.
ثم إننا لا نعلم سر تشجيع الولايات المتحدة لدول الخليج على خوض هذه الحرب وهي تستعد للمفاوضات مع إيران! قد يكون هدفها استخدام العرب كورقة ضغط أثناء التفاوض مع إيران، قد يكون الأمر إنها تدبر كمينا لدول الخليج كالذي دبرته لصدام حين أعطته الضوء الأخضر لضرب الكويت…. إحنا مالنا؟ إحنااااااااااا مالناااااااااا؟ ندخل بصدرنا في حاجة مش فاهمين أبعادها لييييييه؟
هذه الأقوال المترددة دوما عن احتمالية إرسال مصر لقوات برية تعني أننا نرسل بأبنائنا إلى الموت المحقق، وهم يموتون هنا بالفعل، لكنهم يموتون على أرض سيناء وهم يدافعون عن وطنهم وسيادة بلادهم على قطعة غالية من أرض مصر طالما شربت من دماء المصريين. فما الداعي لإرسالهم للموت في أرض غريبة لأسباب هم أنفسهم يجهلونها؟
هنا تظهر مزايدة غريبة وممجوجة: يا سلااااام.. يعني خايفين على الجيش قوي؟ مش انتوا بتوع يسقط حكم العسكر؟!
بهذه المناسبة، أحب أن أذكر أن حتى “بتوع يسقط حكم العسكر” أغلب الذكور منهم له تجنيد طالما إن له أخ ذكر ولا يعاني من التصاق في الفخذين، بقول آخر، الحكم العسكري ليس له أدنى علاقة بمؤسسة الجيش، خاصة لو أن هذه المؤسسة تقوم في أغلبها على المجندين من أبناء الشعب المصري، أي أن كل من له أخ ذكر، ولا يعاني مما يجعله غير لائق صحيا، وحلت فترة تجنيده، مهدد بالموت، سواء كان ثوريا، أو إخوانيا، أو فلوليا، أو سيساويا، أو ينشغل عن كل هذه الانقسامات السياسية بـ”شقط” الفتيات من الفيس بوك. ونعم نحن نخاف على الجيش لأنه مؤسسة مملوكة للشعب الذي يدفع فيه الضرائب، والأهم من الضرائب، فهو يدفع بحبات عيون الأمهات إليه ليقضوا تجنيدهم فيه، وحبات عيون الأمهات لا يجلسون في سدة الحكم، ولا يتمتعون بامتيازات القيادات الكبيرة، لكنهم يشكلون الجسم الرئيسي من الجيش المصري، ويموتون.
يموتون بعد أن تحمل فيهم أمهاتهم تسعة أشهر، ويسهرن عليهم وقد ارتفعت حرارتهم، ويركضن بهم على المستشفى، ويباشرن إطعاهم، وملبسهم، وتنخلع قلوبهن قلقا عليهم، ولو أن أحدهم – لا قدر الله – قضى في سيناء، لانتهت حياة الأم التي قضت عمرها ليس لديها شغل غيره، لكننا نصبرها ونقول: افرحي يا أم الشهيد.. ابنك مات وهو بيدافع عن أرضه، ومن مات دون أرضه فهو شهيد.
أما، لو إنه – لا قدر الله – قضى في اليمن، فكيف سنصبر أمه؟ افرحي.. ابنك مات وهو بيجيب رز.

لجنة الانتخابات والفشل المذهل بقلم د. محمد أبوالغار ٣١/ ٣/ ٢٠١٥

اللجنة المنوط بها كتابة قانون الحقوق السياسية وكذلك قانون الانتخابات قد فشلت فى عملها وذلك واضح فى أمرين، أولهما أن هناك غضبا عاما فى الشارع المصرى وبين القوى السياسية والأحزاب والشباب بأن اللجنة كانت غير عادلة وغير منصفة، وهو أمر شعرت به الدولة وعبر رئيس الوزراء عن رغبته فى لقاء الأحزاب والقوى السياسية لسماع وجهة نظرهم، وهذا أمر جيد أن تشعر الدولة برأى الشعب وتريد أن تحقق عدلاً.
وثانيهما أن المحكمة الدستورية العليا حكمت بأن القانون به عوار دستورى فى حكمين مختلفين، وهناك مواد أخرى بها شبهة عدم دستورية قد يصدر فيها حكم مماثل إذا رفعت قضايا فى هذه النقاط، ويرجع هذا الفشل بالأساس إلى أنها لم يكن عندها الإصرار على تحقيق العدالة والديمقراطية وتطبيق نصوص الدستور بدقة.
أولاً: إقرار مبدأ القوائم المطلقة وهو مبدأ خطير لأنه يلغى تماماً فلسفة القائمة التى يجب فيها أن تحصل على عدد من المقاعد مماثل لنسبة الأصوات التى تحصل عليها، لكنك فى القائمة المطلقة لن تحصل على مقعد واحد لو حصلت على ٤٩.٥% من أصوات مصر كلها فى الأربع قوائم، وهذا النظام كانت تطبقه النظم الفاشية منذ أكثر من ٧٥ عاماً وليس من المعقول بعد ثورتين أن نتمثل بهذه النظم الفاشية.
ثانياً: قال بعض أعضاء اللجنة بأنه كان من الصعب عمل قوائم نسبية بسبب الفئات التى نص الدستور على التمييز الإيجابى لها، وبالرغم من أن ذلك ليس مستحيلاً إلا أن اللجنة عقدت الأمور بإدخال ما يسمى بالشخصيات العامة ضمن هذه الفئات مخالفة للدستور وذلك فتح الباب لفوضى محاولة إنجاح شخصيات بعينها ليست لها شعبية، ولو كانت القوائم المطلقة تركت طبقاً لنص الدستور بدون الشخصيات العامة فربما يقبل الناس القوائم المطلقة، وفى هذه الحالة إذا أضيفت مقاعد الشخصيات العامة إلى المقاعد الفردية، لكان فى استطاعة اللجنة حل مشكلة حكم المحكمة الدستورية بدون زيادة مقاعد مجلس الشعب وبدون غضب شعبى وبتمثيل عادل لكل الفئات المميزة.
ثالثاً: إذا أراد المشرع دخول شخصيات عامة تساعد فى رفع مستوى أداء مجلس النواب لكان ذلك ممكنا بعمل قوائم نسبية على مستوى محافظة أو نصف محافظة ولكان ذلك أكثر ديمقراطية.
رابعاً: الإصرار على قوائم تغطى من الجيزة إلى أسوان إلى البحر الأحمر مثلاً هو دعوة لبعض أجهزة الدولة للتدخل فى عمل قائمة بهذا الحجم لأنها الوحيدة القادرة على ذلك.
النقطة الأخيرة: وجود الداخلية فى عضوية اللجنة، وهى المسؤولة عن تزوير الانتخابات وتصغير وتكبير الدوائر حسب المزاج لعشرات السنوات، يثير القلق والمفروض أن تكون اللجنة من سادة مستشارين وأساتذة قانون دستورى فقط ويمكن استشارة الداخلية والسياسيين والأحزاب فى نقاط معينة على ألا يكونوا أعضاء فى اللجنة.
هذا بوضوح سبب غضب الشعب منهم وأيضاً سبب حب بعض المستفيدين لهم.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, March 30, 2015

حديث «المصالحة» بقلم د. عماد جاد ٣٠/ ٣/ ٢٠١٥

يطل علينا من حين لآخر الحديث عن مصالحة وطنية فى مصر، ويقصد بها إجراء مصالحة بين جماعة الإخوان والنظام السياسى القائم فى البلاد، وهو حديث يصيب قطاعات كبيرة من المصريين بالانزعاج الشديد، نظرا لإدراك غالبية المصريين أن الجماعة ارتكبت جرائم بحق الوطن، ونثرت الدماء فى معظم مدن مصر.
ويساهم صمت النظام وعدم المبادرة بنفى مثل هذه المعلومات فى زيادة حدة الانزعاج، وهو أمر بات يثير حالة شديدة من الاستياء فى الشارع المصرى الذى يدرك أن الجماعة تعرضت لهزيمة ساحقة على يد الشعب المصرى، وأن ما يدور من حديث عن المصالحة إنما يأتى على خلفية الهزيمة، ولا ينطلق من تغيير حقيقى فى فكر وقناعات هذه الجماعة.
يعلم المصريون أن جماعة الإخوان أممية التنظيم، وأن ولاء قادة وكوادر الجماعة ليس للأوطان التى يعيشون فيها ويحملون جنسيتها، فهم يتعاملون مع الوطن من منطلق مرحلى انتقالى، على غرار التعامل مع السكن المفروش أو الإيجار الموقوت المدة، وكنا نعلم أن الجماعة تتعامل مع عدو العدو على أنه صديق، وأنها قد تبتهج بضرب أخ لها تناصبه العداء على يد عدو إيديولوجى أو استراتيجى، فقد سجد قادة الإخوان شكرا لله بعد عدوان يونيو ١٩٦٧ لأن العدوان كسر جمال عبدالناصر، ووجه ضربة لمشروعه القومى. لم يتوقفوا أمام أنها هزيمة لمصر وجيشها ومأساة لعشرات الآلاف من الأسر المصرية التى فقدت خيرة شبابها، ما بين شهيد ومصاب ومقعد. لم يتوقفوا أمام كون الهزيمة جاءت على يد كيان صهيونى غاصب لأرض فلسطين التى كثيرا قالوا إنها أرض وقف إسلامى لا يمكن التفريط فى شبر منها، وأنشدوا فى حملات مرسى الانتخابية «ع القدس رايحيين شهداء بالملايين».
ظلت الجماعة تحمل نفس الأفكار، وإن تغيرت الأجيال، وتبدلت الأسماء والوجوه، فهى كما هى، ولاؤها لذاتها لا الأوطان، والوطن عندهم محل للإقامة المؤقتة، يعميها عداؤها السياسى عن تقدير الأمور ورؤية الحقائق التى تصبح وجهات نظر. هلل أفراد الجماعة، وكبروا فى «رابعة العدوية» عندما أعلنت لهم المنصة أن بارجتين حربيتين أمريكيتين تحركتا باتجاه السواحل المصرية، فقد فهموا الخبر على أن أمريكا قررت التدخل العسكرى فى مصر لإعادة مرسى إلى كرسى السلطة. هو موقف ينم عن خلل حقيقى فى أفكار ومعتقدات هذه الجماعة التى تتعامل مع الوطن باعتباره مصرا ضمن أمصار كثر لا تختلف عن أى مصر أخرى، وهو ما قصده المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف، عندما قال كلماته الشهيرة «طظ فى مصر»، وأنه ليس لديه مانع من أن يحكم ماليزى مصر، المهم لديهم أن يكون أخوانيا، فالرابطة هى الجماعة، لا الوطن ولا الجنسية.
بدأت الجماعة فى إظهار كراهيتها للوطن، وسارت خطوات أخرى على غرار ما فعلت الأجيال السابقة، فقد حملت لهم وسائل الإعلام نبأ ضرب خلية جهادية فى مدينة رفح، ما أدى إلى مقتل أربعة إرهابيين ينتمون إلى جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وذكرت بعض وسائل الإعلام أن الغارة شنتها طائرة إسرائيلية دون طيار، هنا هلل قادة الجماعة، وكبروا على اعتبار أن إسرائيل ضربت هدفا على الأراضى المصرية، أى أن إسرائيل اعتدت على السيادة المصرية، لم يتوقفوا ليتبينوا حقيقة ما جرى، هل الغارة إسرائيلية أم مصرية، شخصيا لم يكن لدى شك فى أن الجيش المصرى هو من قام بهذه العملية ضمن حملته لتطهير شمال سيناء من الإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة، الذين ينسقون عملياتهم مع جماعة الإخوان. ألم يقل البلتاجى يعود مرسى إلى منصبه، وتتوقف فى نفس «الثانية» العمليات فى سيناء؟ لم يكن لدى شك فى أن من قام بالغارة طائرة أباتشى مصرية، لأننى أعلم جيدا قيمة وقدر بلادى وجيشها الوطنى. لم يكن لدى شك لأننى بحكم تخصصى فى الشؤون الإسرائيلية أعلم تماما التقدير الإسرائيلى للجيش المصرى. لم يكن لدى شك لأننى أعلم أن إسرائيل كدولة مسؤولة لا يمكن أن تقدم على عمل ينتهك السيادة المصرية، ونحن لسنا فى حالة حرب. لم يكن لدى شك لأننى أعرف أن الجانب الإسرائيلى بإمكانه أن ينسق مع الجانب المصرى أى عملية عسكرية ضد جماعات إرهابية متطرفة فى شمال سيناء.
ومن ثم فالسؤال هو لماذا تقدم إسرائيل على شن غارة على الأراضى المصرية لاستهداف عناصر إرهابية يقوم الجيش المصرى بالتصدى لها، ويشن عليها حربا بلا هوادة؟ لو فكر قادة الجماعة فى الأمر مليا لما أقدموا على الاحتفال بالغارة الإسرائيلية المزعومة، ولما أظهروا مشاعر شماتة فى الوطن والجيش. أكثر من ذلك أقدمت إحدى الأخوات على رسم كاريكاتير يصور جنديا مصريا (كناية عن الجيش المصرى) وعلى قفاه علامات ضرب مبرح، مشيرة إلى أنها الغارة الإسرائيلية المزعومة على الأراضى المصرية، ثم كتبت إلى جوارها عبارة «تسلم الأيادى». والمعنى باختصار أن الغارة الإسرائيلية المزعومة على الخلية الإرهابية هى بمثابة لطمة على «قفا» الجيش المصرى، وأن إحدى عضوات الجماعة علقت على ذلك بعبارة تسلم الأيادى، أى تسلم الأيادى الإسرائيلية التى ضربت الأراضى المصرية! أى نوع من البشر هؤلاء؟ وماذا يتلقون من تعلميات، ويلقنون من أفكار تجعلهم يقبلون بالأكاذيب سريعا، ويحتفلون بعدوان صهيونى على جيش مصر (عام ١٩٦٧) ويقولون لهم إن إسرائيل قتلت إرهابيين على الأراضى المصرية، فيعتبرون ذلك ضربة إسرائيلية للجيش المصرى، ويعقبون بعبارة «تسلم الأيادى»؟!
مؤكد هم لا يستحقون حمل الجنسية المصرية، والمؤكد أيضا أنهم أناس مرضى فى حاجة للعلاج النفسى حتى يتعافوا من مرض الجماعة، ويشفوا من أفكارها المعادية للوطن والوطنية والإنسانية أيضا. لكل ذلك يبدو مهما للغاية أن يدرك هذه الحقائق ويعيها تماماً كل من يتحدث عن المصالحة، فالحديث عن المصالحة مع هذه الجماعة هو نوع من الخيانة للوطن ولدماء الشهداء، وهو حديث عن مصالحة مع جماعة لا تؤمن بالوطن وتراه «حفنة من التراب العفن».

طلّعى الكمبيالة يا حكومة! بقلم فاطمة ناعوت ٣٠/ ٣/ ٢٠١٥

من جديد، يعودُ الشيخُ ياسر برهامى للمناداة من فوق المنابر على بضاعته البائرة التى لا يملك سواها، صارخًا: «تولّى الأقباطِ المناصبَ حراااااامٌ»! والنبى حوش حوش المناصب اللى نازلة ترفّ على المسيحيين! منذ عقود طوال وهم منسيون فى المناصب الرفيعة، أمصادفةً أم عمدًا؟! فى القضاء والوزارات والمحافظات والمحليات وفى الأوسمة والتكريمات، والتعلب فات فات، وما زال يصرخ: «حرااااااام»! يا أخى حُرمت عليك عيشتك زى ما سوّدت عيشتنا! ما رأيك تُحرّم عليهم الميا والهوا بالمرة، لنتأكد أنك مؤمن، «يا واد يا مؤمن»؟! معلش طالبة معايا «شِعبى» النهارده لأننى للتوّ عائدةٌ من «مناظرة» مع «برهامى» آخر، اسمه «محمد الفزازى» من المملكة المغربية، يشبه برهامينا المصرى فى التكفير والتطرف. الدماغُ الدوجمائى المستغلَق هو الدماغ، والقلبُ الباغضُ للمسيحيين وللمرأة وللعدالة وحقوق الإنسان ولكل الأسويا- هو هو يا عم المؤمن!
الاستثنائيون من المسيحيين، فى مجالات العلوم والسياسة والعسكرية والآداب الفنون دائمًا، وبمحض المصادفة- لا تذكرهم كتبُ التاريخ المدرسية! لكنها تتذكر جيدًا أنصافَ الموهوبين أو أرباعهم ممن يدينون بدين الدولة! ماذا قلتُ؟! وهل للدولة دينٌ؟! أيوا يا سيدى على آخر الزمن طلع علينا من فِجاج الصحارى وأحراش الجدبِ الموحش مَن أفتى بأن للدولة المصرية دينًا! وأن مَن يتبع دينًا غيرَ دين أُمّه (الدولة) «يتحرم م الميراث» ومن المناصب ومن التكريم ومن كتب التاريخ الانتقائية الكذوب! لكن الشاهدَ هو أن الدولة هى التى تَحرِمُ نفسها من كفاءات مهمة، حين لا تنظر إلى «العقل» وتهبط بنظرها إلى حيث «المِعصم»، لترى إن كان هناك صليبٌ أم شِباكُ النبى! ولماذا تخسرُ الدولةُ ولصالح مَن؟! لصالح تُرهات الحاج برهامى وأضرابه، وخوفًا من ضوضائهم وصوتهم العالى ولسانهم الطويل.
ولكن كيف تخشى دولةٌ قوية لسانَ بعض مواطنيها؟ كيف يحدثُ أن يُصدر الرئيسُ قرارًا سياديًّا ببناء كنيسة فى مدينة سمالوط تخليدًا لاسم اثنين وعشرين شابًّا من شهداء مصرَ المسيحيين فى ليبيا، الذين نحرتهم «داعش» المجرمة، وأغرقت مياه المتوسط بدمهم البرىء، فيرفضُ سلفيون أشقياء مصابون بمرض «بُرهاميزم»؟! ليه يا عم بس، دى دار عبادة، عادى يعنى؟! لأ يعنى لأ! يهديك يرضيك يا عمّ المؤمن! قولًا واحدًا: لأ! السبب إيه طيب؟ كده.. غلاسة؟! طب بأمارة إيه يا عم الغلس؟! اسألوا الحكومة هى عارفة واحنا عارفين! صور وجوابات مثلا؟! حاجة زى كده! آآآآه فهمت! وصولات أمانة وشيكات من غير رصيد وكمبيالات وحركات، صح؟! يصمت الأخ برهامينوف، فنعرف أن تخميننا صحيح.
الآن، اللى حصل حصل يا حكومة وربنا حليم ستّار. إحنا بس عاوزين نشوف الكمبيالة دى، يمكن نقدر كلنا نعمل جمعية، ونسدد الدين! طلعى إنتى بس الكمبيالة يا حكومة واحنا رقبتنا سدّادة.

Saturday, March 28, 2015

مين السبب فى اضطهاد المرأة؟! (١-٢) بقلم د. وسيم السيسى ٢٨/ ٣/ ٢٠١٥

مين السبب فى اضطهاد المرأة ونظرة الرجل لها شرقاً وغرباً وحتى الآن.. نظرة دونية؟! لو ارتحلنا إلى عصر الإنسان البدائى الأول سنجد أنه قدّس المرأة، لم يعرف دوره فى الإنجاب لظهور أعراض الحمل بعد اتصاله البيولوجى بالمرأة بعد بضعة أشهر، ينظر إليها أنها صانعة النساء والرجال وشريكة الآلهة فى الخلق!
ومرت آلاف السنين حتى اكتشفت المرأة الزراعة فزادت مكانتها الاجتماعية عما كانت عليه.
بدأت الحضارة المصرية بالتدوين «٥٦١٩ ق. م - مانيتون» فارتفعت مكانة المرأة إلى أعلى عليين، كانت ملكة زوجة ملك، وملكة حاكمة، وطبيبة، ومعلمة، وموسيقية، وكاهنة، حتى فى الأسرة المالكة.. كانت المرأة ترث والرجل يحكم، حتى على مستوى الشعب، كانت الفتاة هى التى تقوم بتقسيم الميراث بين إخوتها الذكور، بل كان لها حق خلع زوجها إذا صدرت منه قسوة باليد أو اللسان!
إذن ماذا حدث بعد ذلك؟!
تضافرت المدينة البابلية مع الثقافات الرملية والرومانية واليونانية مع التعاليم اليهودية والأخيرة هى أخطرها لأنها أخذت صبغة إلهية، فكانت المأساة الكبرى التى حطت على البشرية كلها وليست على المرأة فقط، لأن اضطهاد المرأة.. اضطهاد للطفل، واضطهاد الطفل، إنما هو اضطهاد للمستقبل.. مستقبل البشرية كلها! نجد فى الثقافة الرومانية من حق الأب خنق طفلته إذا كانت أنثى، كما كان الزوج الرومانى يحكم بالموت على زوجته إذا سرقت مفتاح مخزن الخمور! وكان الرجل الرومانى لا يسمح للمرأة بتولى المناصب العامة ويقول: ليس للنساء ولاية الأعمال، بل لابد من جعلهن تحت الوصاية حتى إن بلغن سن الأهلية لطيشان عقولهن «مدونة جوستنيان»، أما فى اليهودية فالأب اسمه «روش»، أى الرأس، وله الحق فى بيع ابنته عبدة (خروج ٢: ٧)، ويصلى اليهودى كل صباح: أشكرك يارب أنك لم تخلقنى امرأة!
أما المرأة اليهودية فهى تصلى مستسلمة: أحمدك يارب أنك خلقتنى كما تريد! «سيمون دى بوفوار الجنس الثانى ص ٢٢»، وفى سفر الجامعة «العهد القديم»: وجدت أمرّ من الموت.. المرأة! هى شباك، وقلبها شِـراك، ويداها قيود «أصحاح ٧».
وفرضت الشريعة اليهودية على المرأة تغطية شعرها، وستر جسدها كله بملاءة عدا ثقب واحد ترى منه الطريق، صوتها عورة، والأم نجسة ٤٠ يوماً إذا أنجبت طفلاً ذكراً، ونجسة ٨٠ يوماً إذا أنجبت طفلة أنثى! وقصة التوراة أن حواء أوقعت آدم فى أول وأعظم خطيئة يقول عنها قاموس تاريخ الأفكار مجلد ٤ ص٥٢٤: قصة الكتاب المقدس عن مولد ودور حواء هو الخدعة الكبرى التى تتكرر آلاف الأعوام!
ثم جاء السيد المسيح.. عالج النساء كالرجال، لمس حماة بطرس «يدها» فتركتها الحمى، سمح لنازفة الدم أن تلمسه حتى تشفى «قوة خرجت منى»، سمح بلقاء النساء والرجال فى تجمعات، قال عن الزواج «يصير الاثنان جسداً واحداً»، لم يسمح برجم الزانية «من منكم بلا خطيئة»، تحدث إلى المرأة السامرية «من أعداء اليهود»، ولم يسمح بالطلاق إلا لعلة الزنى، وسمح لامرأة خاطئة أن تسكب الطيب على قدميه قائلاً: لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، إلا أن الإرث اليهودى الرومانى تغلب على هذه المواقف والتعاليم الإنسانية الرائعة، بل والمؤسف أكثر أن القديس بولس يتبع الإرث اليهودى «صوت المرأة عورة» فيقول: لتصمت نساؤكم فى الكنائس! بل يطالب بتغطية شعرها أو قصه!! (كورنثوس الأولى أصحاح ١١)، مما جعل البعض يفرق بين مسيحية بولس ومسيحية المسيح! وهناك رأى آخر أن موقف القديس بولس من النساء بسبب ابنة أستاذه الحاخام جماليل التى رفضت الزواج منه، وأن حبه لها كان فى فترة مبكرة من حياته، فجاء رفض الفتاة صدمة عنيفة جعلته ينفر من الزواج عموماً، ويقول: من يتزوج يفعل حسناً، ومن لا يتزوج يفعل أحسن، (شارلز سلتمان - نساء فى القديم ص١٨٤).

Thursday, March 26, 2015

الذكرى السنوية الـ ٢٧ لمذبحة سومغايت بقلم أرمين ميلكونيان ٢٦/ ٣/ ٢٠١٥

منذ سبعة وعشرين عاما، فى ٢٧-٢٩ فبراير ١٩٨٨، وقعت أحداث مروعة، جرائم قتل ومذابح ضد ١٨ ألف أرمنى فى مدينة سومغايت، الواقعة على بعد ٢٦ كيلومترا من باكو.
كانت مذبحة سومغايت منظمة من جانب القيادة الأذرية استهدفت السكان الأرمن فى المدينة الساحلية سومغايت.
كان ذلك رد فعل وحشيا من أذربيجان على القرار الشرعى والسلمى الذى تبناه نواب مجلس الحكم الذاتى لإقليم ناغورنو كاراباخ فى جلسة عقدت فى ٢٠ فبراير ١٩٨٨. وكان القرار تحويل الحكم الذاتى لإقليم ناغورنو كاراباخ من أذربيجان إلى أرمينيا.
وفى ٢٧ فبراير ١٩٨٨، تشكلت عصابات كبيرة من الأذريين وتوزعت ضمن مجموعات شرعت فى مهاجمة وقتل الأرمن فى الشوارع وفى شققهم على حد سواء، ومما ساعد فى ازدياد الأمر سوءاً عمليات النهب التى جرت على نطاق واسع وانعدام التزام ضباط الشرطة. وكانت أعمال العنف فى سومغايت غير مسبوقة فى نطاق الاتحاد السوفيتى، واجتذبت قدراً كبيراً من الاهتمام لدى وسائل الإعلام الغربية. وكان عدد القتلى الصادر رسمياً من المدعى العام ٣٢ شخصاً. ولكن فى الحقيقة كان القتلى الأبرياء لا يقلون عن ٢٠٠ شخص. فى يوم ٢٨ فبراير، دخلت وحدة صغيرة من القوات السوفيتية المسلحة إلى المدينة وحاولت دون جدوى إخماد أعمال الشغب. وفى اليوم التالى، تدهور الوضع لدرجة اضطرت الحكومة السوفيتية إلى دعوة المزيد من القوات المسلحة وتم تهدئة الوضع أخيراً عندما دخلت وحدات عسكرية أكثر احترافاً مع الدبابات وغيرها من العربات المدرعة.
وبمناسبة مذبحة سومغايت قال الأكاديمى وناشط حقوق الإنسان البارز أندريه ساخاروف فى رسالة موجهة إلى زعيم الاتحاد السوفيتى الأخير ميخايل جورباتشوف: «لو كان أحد قبل مذبحة سومغايت يرتاب فى أن أذربيجان قد يكون لها الحق فى ناجورنو كاراباخ، فبعد هذه المأساة لا أحد لديه حق أخلاقى للإصرار على ذلك» («نيزافيسيمايا جازيتا»، ٢٧/١٠/١٩٩٢).
وقامت سلطات أذربيجان بتنظيم عمليات القتل والتصفية العرقية على نطاق واسع بعد سومغايت. وتلت مجزرة سومغايت المجازر الأخرى ضد المدنيين السلميين الأرمن فى باكو وكيروفاباد وماراغا وخنلار وغيرها. وكانت الرسالة واضحة ومفادها الآتى: «إن استمررتم فى مطالبكم، فستشهدون مجزرة أخرى كتلك التى حصلت فى عام ١٩١٥».
إنه لأمر محزن أن يسعى أذريون إلى إخفاء هذه الجرائم البشعة عن طريق تحويل انتباه المجتمع الدولى إلى ما يسمى «مأساة خوجالي» من خلال تشويه الحقائق. وفى العام الحالى الذى هو المئوية للإبادة الجمعية الأرمنية التى حققت الأتراك، يحاول الأذريون استغلال «مأساة خوجالي» بجهد غير مسبق من أجل صرف انتباه المجتمع الدولى عن المئوية. وذلك كتقديم الخدمة لحليفهم وشقيقهم توركيا.
إن أرمينيا ملتزمة بحل صراع ناجورنو كاراباخ بالوسائل السلمية السياسية فقط عبر المفاوضات تحت رعاية مجموعة مينسك المبنية على أساس مبادئ القانون الدولى مثل عدم استخدام القوة أو التهديد بها، ومساواة حق الشعوب، وحق تقرير المصير ووحدة الأراضى. وأن التسوية السلمية ليس لديها أيّ بديل. ولكن أذربيجان ترفض كافة خيارات المبادئ الأساسية لتسوية النزاعات المقترحة من قبل رؤساء مجموعة مينسك، أى الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، بما فى ذلك المقترحات المقدمة فى مؤتمرات القمة فى كل من سانت بطرسبورغ واستراخان فى ٢٠١٠، وسوتشى ووكازان فى ٢٠١١. ورفضت أذربيجان كذلك أى اقتراحات لتذليل التوتر ومنع تصعيد الوضع فى المنطقة واتخاذ تدابير بناء الثقة.
لقد قامت أذربيجان بكل السبل خلال الأعوام العشرين الأخيرة من أجل تقويض نظام وقف إطلاق النار. فقد أسفرت العمليات العسكرية الجارية على طول خط التماس وعلى الحدود بين أرمينيا وأذربيجان إلى عدد كبير من الضحايا البشرية وتصعيد عنيف للتوتر.
و تشجع باكو علناً الكراهية ضد الأرمن، حيث أعلن الرئيس الأذرى أن الأرمن فى جميع أنحاء العالم هم «العدو الأول» لأذربيجان. ووصلت حملات الترويج المعادية للأرمن إلى ذروتها مع بدء قضية سافاروف، حيث قتل هذا الجندى الأذرى ضابطاً أرمنياً بالفأس وهو نائم فى عام ٢٠٠٤ خلال دورة تدريبية تقيمها الناتو فى المجر، وذلك فقط بسبب الهوية القومية.
لقد تمت إدانته فى المجر حيث سجن لفترة ثم تم ترحيله فى عام ٢٠١٢، وبعد عودته إلى أذربيجان، على الفور تم الإعفاء عنه وتكريمه، وجعلت منه القيادة الأذرية رمزاً للفخر القومى ومثالاً لجيل الشباب لمتابعة أفعاله، فكسب بذلك استنكار العالم بأسره.
نحن فى أرمينيا متفقون بشكل كلى مع الرؤساء المشاركين على أن استخدام العنف لن يحل النزاع، وإنما يمكن الوصول إلى الاستقرار والسلام فقط عبر التفاوض، الذى سيعطى فرصاً جديدة للتعاون الإقليمى والتطور.
كلما أدركت القيادة الأذرية هذه الحقيقة بسرعة، اقتربت تسوية النزاع أكثر. حين تتخلص أذربيجان من أوهامها، وحين تدرك أنها عندما توجه الموارد النفطية لحفظ التوتر العسكرى لا يمكنها أن تصل إلى تسوية تتوافق مع مصالحها، حينها سيكون التقدم فى عملية السلام مرئياً أكثر.
* سفير جمهورية أرمينيا بالقاهرة

Tuesday, March 24, 2015

شركاء حتى آخر سطر! بقلم يسرى الفخرانى ٢٥/ ٣/ ٢٠١٥

لا تغلق عينيك ولا تغلق مشاعرك ولا تغلق أبواب الحياة فى وجه الحياة، قل يا رب خلقتنى لأكون سعيدا وليس لأكون شقيا تعيسا عاجزا جبانا، تأكد أنك قوى، تأكد أنك مبدع، تأكد أنك تستطيع، تأكد أن النجاح والسعادة فى قلبك وليس عليك إلا أن تواجه بهما الحياة، امتلك شجاعة أن تبدأ حياة جديدة، سوف تعانى من تراكم أشياء اقتلاعها من جذورها صعب، لكن بالوقت والإرادة والجهد والإيمان لا يوجد مستحيل، أنت لا تستطيع أن تعيش فى غابة دون أن تهذبها وتنظفها وتُبقى على أشياء وتقضى على أشياء، الحياة غابة تحمى الخير والشر، وتحمل أرضها العصافير والثعابين!
وسر حياتك، أنت أكبر وأقوى من أن تبقى ضئيلا أو تمر على نتيجة الحائط دون أن تلقى تصفيقا تستحقه.
لا أنصحك باليأس ولا الضعف ولا الخوف ولا الانتظار ولا الاستسلام، أنصحك أن تكون نفسك الحقيقية، نفسك التى فقدتها، أنت الذى فقدتها حين قررت أن لا أمل ولا معنى للحياة ولحياتك.
كل يوم من حياتك هو يوم جديد، كل يوم جديد له شمس جديدة وحظ جديد وخير جديد، اليوم هو حياة فى حد ذاته، حياة يجب أن تستقبلها مبكراً وتستعد لها بشكل جيد من أجل الاستفادة منها حتى آخر اليوم، الحياة صفحة صفحة، وكل صفحة يمكنها أن تكون رواية مستقلة نافعة تبدد لك كل نوبات الإحباط وكل غيمات اليأس.
غدا.. استقبله بقلب مستعد لكل الاحتمالات التى تؤدى إلى السعادة، غدا.. يولد أطفال يملأون الدنيا صراخا وضحكات، ويملأون الدنيا ملائكة وصفاء، ويملأون الدنيا أملا وحياة، كل الأشياء تتبدل فى لحظة.. يذهب بشر ويأتى بشر.. تولد أحلام وتموت أحزان.. فكم لحظة فى اليوم.. وكم يوما فى العمر.. وكم عمرا فى الحياة؟
غدا.. ابدأ حياتك من جديد، هذه عبارة لا تصلح عنوانا لفيلم سينمائى.. لكنها تصلح بداية جيدة لإعادة اكتشاف نفسك، إذا كنت مهزوما.. فأنت فارس فى كبوة، وكم من فارس كانت هزيمته أول عزيمة الانتصار!
إذا كنت تعتقد أن حياتك لا قيمة لها.. وأن الأيام متشابهة إلى درجة الملل، فأنت عاشق فى انتظار قصة حب حقيقية تجعلك تعرف أن للقلب معنى، وللمشاعر معنى، ولكل نهار جديد معنى.
الحياة جميلة ولو كره المتشائمون، الحياة صعبة وصعوبتها تمنحها روحاً جديرة بالحفاظ عليها، الحياة هى أن تجد نفسك الضائعة المختبئة، فتصنع منها قارباً من السعادة الحقيقية، الحياة هى مباراة كرة القدم التى يجب أن تفوز بها لتشعر بالنشوة وطعم النصر، وتعرف أنك يمكن أن تفوز بالتعب والعمل والإرادة.
ساذج من يتصور أن حياته لا ثمن لها، وأن هزيمته فيها تساوى انتصاره، ويأسه منها يساوى تحقيق أحلامه، وأنت يا صديقى لست ساذجا ولا أنت ضعيف ولا أنت عابر ولا أنت عادى ولا أنت فاشل ولا أنت مختل أو مجنون. أنت لا تعرف كم أنت ساحر تستطيع أن تفعل أشياء أكثر بكثير مما تتصور.
ابحث عن أحلامك التى فقدتها مهما كانت بسيطة أو كبيرة، عن التفاصيل الصغيرة التى تعتقد أنها تجعل حياتك أكثر سعادة.. هذا المساء اكتب كل هذه التفاصيل على ورقة وتفاوض مع نفسك على أن تبدأ فى تنفيذها خطوة خطوة. حاول أن تعيد الألوان إلى الصورة الباهتة التى توقفت عندها، الألوان هى أحلامك التى سوف تقاوم وتجتهد وتلتزم من أجل تحقيقها.
فى الحياة أشياء كثيرة تستحق أن نعانى من أجل استردادها أو الاحتفاظ بها أو الفوز بمتعتها، من بين هذه الأشياء هواية نسيت أنك كنت تستمتع معها، أو عمل كنت تتصور أنك تجد سعادتك بممارسته، وربما صديق قديم أو أماكن ضيعت الطريق لها، وربما بيت بزوجة وأطفال يفضل أن تعيد النظر فى أفضل طريقة للفوز بأكبر قدر من السعادة بهم.
نحن نملك أشياء كثيرة لا نقدّر قيمتها.. لأننا نملكها.
الحياة هى أحد أهم هذه الأشياء، ولأننا نتصور أنها تعنى أياماً كثيرة.. فندمر هذه الأيام دون شعور بذنب أو خوف أو ألم.. فماذا لو كان ما تبقى من حياتك أياما معدودة.. هل تفرط فيها بهذه السهولة؟
إجاباتك هى مقدمة لما يجب أن تفعله بحياتك من الآن.. على أننا يجب أن نستمر مثل طائرة ورق نرتفع بحكمة وحب.. ونحافظ على التوازن والتحليق.. لكى نظل مثل قرص الشمس المبهر الذى ينتظره الجميع كل يوم.
وتذكر: نحن شركاء فى عالم يجب أن نجعله أفضل، يجب أن يصبح أكثر بهجة، أكثر حبا، أكثر أمانا، لن يحدث ذلك إلا إذا صنعنا معا حلما كبيرا وآمالا عظيمة.

Jennifer Lopez: "Feel the Light" - AMERICAN IDOL XIV

«ساويرس» وتداعيات البرلمان الوهمى بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٣/ ٢٠١٥

منذ أسبوعين نشرت «المصرى اليوم» مقالى بعنوان «البرلمان الوهمى» واستمر لمدة أسبوع كامل فى ركن المقالات الأكثر قراءة فى الصحيفة، والمتوقع أن هذا النوع من المقالات يمكن أن يثير جدلاً واختلافاً فى وجهات النظر، وهذا أمر إيجابى، وهو ما حدث بالفعل بين مقالات ناقدة وأخرى مؤيدة، ولكن حدثت بعض الظواهر غير الصحية فى نقد هذا المقال وهى الخروج عن النص فى بعض المحطات التليفزيونية وفى بعض الصحف بإضافة أكاذيب واختلاق مواقف للكاتب غير حقيقية ولم تحدث، وليست لها علاقة بالمقال من قريب أو بعيد، واعتبرت أن هذه الأمور لا تستحق الرد عليها إلى أن صرح المهندس نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، لجريدة المال، فى حديث صحفى طويل، بأنه قرر الاستغناء عن خدمات السيد رامى رضوان، مقدم برنامج «صباح أون»، لأنه استجاب لتعليمات جهات أمنية بأن يقوم بشتم كاتب هذا المقال، وهو ما حدث بالفعل يوم إذاعة هذا البرنامج الذى لم أشاهده، اتصلت بى سيدة تعمل فى قناة «أون» وأخذت تعتذر لى بشدة عما قاله مقدم البرنامج فى القناة، وأجبت بأننى لم أشاهده ولا أعرف عن الموضوع شيئاً.
واتصل بى صديق صحفى أعطانى تسجيلات لقناه تليفزيونية أخرى كانت بدأت حملة الأكاذيب ضدى، وقال إن القناة كانت مؤيدة بشدة لمبارك ثم أيدت ثورة ٢٥ يناير ثم أيد صاحب القناه ومذيعوها الإخوان بمنتهى القوة وهى الآن تؤيد السيسى، وقال لى إنه سوف ينشر كل هذه التحولات على يوتيوب لكننى طلبت منه ألا يقوم بذلك واعتبرته أمرا غير أخلاقى.
قام مكتب الرئيس بإرسال خطاب نُشر فى «المصرى اليوم» وكان شديد التهذيب، وطالبنى بأن أرسل نصوص القوانين التى ورد فى المقال أن بها شبهة عدم دستورية، وقمت بالرد على الرئاسة بـ«المصرى اليوم» بادئاً بالشكر وشرحت الموضوع ثم أرسلت بعد أربعة أيام القوانين المطلوبة للرئاسة. وكان رد الرئاسة المهذب الراقى صدمة كبيرة لبعض المهاجمين.
غادرت القاهرة منذ أسبوع لأعطى محاضرات طبية فى جامعة أثينا كأستاذ زائر لمدة ٣ أيام كعادتى كل عام، ثم ذهبت إلى برلين لإلقاء محاضرة فى مؤتمر طبى عالمى وقرأت هناك تصريح المهندس ساويرس.
نجيب ساويرس مهما اختلف أحد معه فى الرأى إلا أن الجميع يعرف أنه مصرى وطنى حتى النخاع، وهو شجاع وجرىء فيما يعتقد أنه صحيح، ولذا كان قراره باستبعاد مقدم البرنامج ضربة قاصمة، لكنها مفيدة لهذا الشاب وهو فى مقتبل حياته حتى لا يوصف طوال حياته بأنه ضمن جوقة الأمنجية التى تسير بتعليمات أمن الدولة.
لا أستطيع اتهام بعض السياسيين والصحفيين، الذين هاجمونى بافتراء وكذب، بأنهم تلقوا نفس التعليمات، لكننى أعتقد أنه على «أمن الدولة» أن يركز فى حماية أمن مصر بدلاً من تضييع وقته فى أقل ما يقال عنه إنه عيب وليس من صميم عمله.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

Monday, March 23, 2015

عودى إلى الفستان بقلم نادين البدير ٢٣/ ٣/ ٢٠١٥

كان لى مع المبدعة التونسية آمال قرامى نقاش تليفزيونى حول النسوية والمجتمع الذكورى، وضمن ما ذكرته دعوتها للنساء العربيات إلى أن: عودى إلى الفستان.
حين دخلت المرأة مجال العمل، الذى بقى دهراً حكراً على الرجال، احتارت أى زى ترتدى. لذا عمد مصممو الأزياء لخياطة ملابس مطابقة لملابس الرجل، فنزعوا عنها الفستان، وارتادت المرأة مهنتها ببدلة (رجالية) فصلت على قياسات أنثوية. بدت النساء كأنهن غير مقتنعات بحقهن بالعمل بالفستان، فتعمدن المنافسة بزى الرجل وبقالبه الذكورى.
ثم تم تخفيف ذلك، فقدم المصممون أشكالاً أكثر أنوثة لترتديها، ودخل الفستان على خط الصرامة.. لكن بقى المظهر الرجولى هو المفضل لكثيرات كدلالة على أنهن يأخذن العمل بجدية لا بدلال وإغراء..
تعتقد أغلب النساء أنها بذلك تزيح الانتقادات التى ستفتك بها وتتهمها بالأنوثة وعدم صلاحيتها للتنمية.
لكنك فعلا أنثى. فلماذا تريد الأنثى ألا تبدو أنثى؟
لماذا كلما ارتقت مهنياً تعالت على النعومة وصارت خشنة وصارمة ومسيطرة.. ليس تعميما، لكنها صورة نمطية عن النساء بمواقع صنع القرار. محاولات بائسة لتقمص شخصية وشكل الرجل. كأنها مؤمنة بأن العمل ليس من حقها بل ملك حصرى للرجال. حتى إنها تستخدم ذات أدوات الرجل بالتحليل السياسى والاجتماعى وبالكتابة أيضا.
تشد شعرها للوراء، تزيل علامات الزينة، تلبس ملابس رجولية وتشد الرحال للعمل قائلة: الأنوثة بالذكاء لا بالمظهر والجسد.
لكنها بذلك تشطب أهم مكونات معجزة خلق الأنثى الجامعة بين الجسد. المظهر. الذكاء..
لِمَ تكرهين أن تكونى امرأة وتتنازلى ببساطة عن قيم الأنوثة فيما يتمسك الرجل بكل صفاته دون أدنى تضحية تقلل من رجولته؟..
كل شىء مرتبط بالأنثى مدعاة للخجل، كل التحولات الفسيولوجية والجسدية بحياتى كانت تدفعنى لأتقوقع على نفسى لأنها تذكرنى بعار أبدى. لذا فأكثر ما أسعدنى لحظة بدء الكتابة الانتقام من ذلك الخجل وتحطيمه عبر الصفحات.
بالأمس كنت بالعمل، واتصلت على المنزل فاختطفت إنجى السماعة.
قالت لى: ماما.. وبعد كلمات متفرقة خاصة بلغة طفولية هى اخترعتها وأفهمها عن طريق التواصل الروحى الذى بيننا قلت لها: باى ماما. فردت: باى.
كانت هذه أول مكالمة تجرى بينى وبين إنجى، لأن المكالمات السابقة اعتادت أن تصمت وتنصت للمتحدث.
إن أمتع ما فى الكون أن تجيئك هباته دون تحضير..
عيد الأم هو بقايا ما تبقى من التاريخ الأموى القديم (من الأمومة)، الذى كان يمجد الإلهة الأنثى، ويقدسها زمن كانت رمز الخصب والحياة. فهنيئا لك بهذا الخصب. اقرئى عن تاريخ النساء واستمتعى وأشهرى جسدك الذى يمتلك معجزة الحياة بدلا من التخفى والاختباء وراء شعارات ذكورية.

الإمبراطورية الفارسية تتحرك.. ولكن!! بقلم د. يحيى الجمل ٢٣/ ٣/ ٢٠١٥

قال أحد كبار المسؤولين الإيرانيين «إن بغداد هى عاصمة الإمبراطورية الفارسية ولا خيار بين البلدين، العراق وإيران، إلا الاتحاد أو الحرب».
بهذا الوضوح الذى لا يحتاج إلى بيان يعبّر هذا المسؤول الفارسى عن الأهداف الإيرانية وعن محاولات إحياء الإمبراطورية الفارسية وعن التعبير عن تلك المنافسات القديمة بين الإمبراطورية الفارسية والأمة العربية.
والتحركات الفارسية فى العراق واليمن وبلاد الشام كلها يجب أن تكون محل اهتمام القمة العربية القادمة، وإن كان هذا محل حديث آخر فى مقال آخر.
إلا أنه مما يلفت النظر هنا ويستحق التنويه ما قاله المرجع الشيعى الكبير سماحة الإمام السيستانى فى الرد على هذا الذى أطلقه الفارسيون.
قال سماحته: «إننا نعتز بوطننا وبهويتنا وباستقلالنا وسيادتنا»، وواضح أن سماحته، وهو عراقى الأصل ويعيش فى العراق بصفة دائمة، يقصد أنه يعتز بالهوية العراقية وبالوطن العراقى بصرف النظر عن الانتماء الدينى. هذا تصريح يستحق الإكبار والإشادة، خاصة فى هذه الأيام العجاف.
منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين سنة عندما كان التردد على العراق آمنا، كنت أذهب هناك بين الحين والحين لأسباب علمية، وكان من مرافقى الإمام السيستانى شخص أذكر أن اسمه الأول «على» ولكنى لا أذكر لقبه الآن. وفى مرة من المرات أخذ لى السيد على موعدا مع سماحة السيد، ولمّا ذهبت إلى محل إقامته وجدت مكانا بسيطاً لا رياش ولا حشم وإنما هو مكان يليق برجل زاهد متصوف، واستقبلنى سماحته هاشا باشا، وأحسست براحة عميقة وأنا أجلس إليه، وتذكرت الآية الكريمة التى تقول فى خطاب سيد الخلق «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، للعالمين كافة وليس لفريق من هؤلاء «العالمين» دون فريق.
فى هذه الآونة التى تعلن فيها إيران بجلاء أنها ستزود الحوثيين فى اليمن بنفط يكفيهم لسنة على الأقل وتعمل على توسيع ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
يقول ممثل المرجعية الشيعية فى كربلاء – أحمد الصافى أحد مساعدى الإمام السيستانى – إن العراقيين يعتزون بوطنهم وهويتهم واستقلالهم وسيادتهم ورحب بأى مساعدة تقدم من الأصدقاء – يقصد إيران بطبيعة الحال – ولكن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال أننا يمكن أن نغض الطرف عن هويتنا واستقلالنا.
ومن الجميل بل ومن الرائع أن يقول الإمام السيستانى وتلاميذه من العراقيين إنهم يكتبون تاريخهم بدماء شهدائهم وجرحاهم، وإن دماء العراقيين من جميع طوائفهم قد امتزجت واختلطت.
كذلك فقد أشار سماحته وتلاميذه إلى أن «العراقيين يدافعون عن بلدهم، الذى تجذرت فيه مجموعة حضارات، وقد تحملوا الكثير على مدى التاريخ من أجل أن يبقى العراق عزيزا شامخا مستقلا وسيد نفسه».

ماذا يستطيع أن يقول مواطن عراقى يُحب العراق من أعماقه أروع من هذا الكلام، وأفضل سواء كان سنيا أو شيعيا أو مؤمنا بغير ذلك من الأديان.
هذا فعلاً كلام رائع يستحق التنويه والإشادة.
ما الذى يستطيع أن يقوله علماء السياسة وأساتذة القانون الدستورى عن المواطنة فى الدولة الحديثة أعمق من هذا الكلام الذى يقوله الإمام السيستانى المرجع الشيعى الكبير.
لست شيعيا بطبيعة الحال ولا أؤمن بتلك التفرقة التى لا معنى لها بين سنى وشيعى. إنه دين واحد، وإن كل الأديان جوهرها المحبة والتسامح واحترام الآخر والإيمان بحق الاختلاف.
وهذه المعانى كلها أكاد ألمسها فى حديث الإمام السيستانى وأحاديث تلاميذه التى أشرت إليها.
وأحب أن أشير أيضا إلى ما قاله السيد أحمد الصافى، ممثل المرجعية الشيعية فى خطبة الجمعة فى كربلاء، لاحظ أن خطبة الجمعة فى كربلاء وليس فى أى مكان آخر من العراق، وهناك يقول السيد أحمد الصافى: «إن العراق سيكون كما كان دائما سداً منيعاً إزاء أى محاولة لتغيير هويته وتبديل تراثه وتزييف تاريخه، وتقديرى أن هذه التصريحات بالغة القوة والوضوح كانت تقصد الرد على ما قاله السيد على يونسى، مستشار الرئيس حسن روحانى، والتى جاء فيها «إن بغداد عاصمة الإمبراطورية الإيرانية ولا خيار بين البلدين إلا الاتحاد أو الحرب».
هذا العبث الإيرانى يصطدم بموقف عراقى واضح وصلب يؤمن بالهوية العراقية العربية ويعتز بها، ولعل فى ذلك ما يدعو السادة فى إيران إلى أن يراجعوا أنفسهم قبل أن يطلقوا أقوالهم التى قالوها.
عاش العراق عربيا صامدا يمثل ركنا أساسيا من أركان العروبة التى ستظل أعلامها خفّاقة رغم كل محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لمزيد من تفتيت المنطقة والعبث بمقدراتها، ليت إيران من ناحية وتركيا من ناحية أخرى يدركان أن العروبة حقيقة، وأن العروبة لن تنهار استجابة لرغباتهم جميعا، وليتهم يدركون أهداف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى المنطقة.
والله يحفظ أمة العرب، ويحفظ العراق ركناً ركيناً من أركانها.
والله المستعان.

مآل الأحزاب الدينية فى مصر! بقلم د. عماد جاد ٢٣/ ٣/ ٢٠١٥


تكشف تجارب البشر عبر قارات العالم المختلفة، من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، إضافة إلى أفريقيا وآسيا- أن التطور الديمقراطى يتحقق فى حال النجاح فى الفصل ما بين الدين والسياسة، فقد دفعت شعوب العالم المختلفة ثمنا باهظا لظاهرة الخلط بين الدين والسياسة، وعانت البشرية كثيرا من تحالف رجال الدين مع رجال السلطة. رجال الدين يبررون لرجال السلطة أفعالهم، حتى إن ناقضت الدين. ورجال السلطة يملأون جيوب رجال الدين وخزائنهم بذهب المعز!
عانت الشعوب الأوروبية كثيرا من تحالف الكنيسة مع الملوك والأباطرة، ومن تعاونهما جاءت أفكار شيطانية من قبيل بيع الفردوس وصكوك الغفران وغيرها من الاتجار بالدين، أعاق هذا التحالف تكريس مبادئ حقوق الإنسان كما أعاق عملية التطور الديمقراطى، وعندما ثارت الشعوب كان الثمن باهظا بالنسبة للشعوب والأديان أيضاً، فسلوك رجال الدين وانحرافاتهم رفعا من معدلات الإلحاد فى المجتمعات الغربية عامة والأوروبية خاصة، وكان الثمن فى روسيا القيصرية باهظا للغاية، فمن علاقة القيصر برأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية جرى صك مقولة «الدين أفيون الشعوب»، فى إشارة إلى دور رجال الدين فى إطفاء جذوة الاحتجاج والغضب الناجم عن انتهاكات القيصر. تعلمت شعوب العالم الغربى الدرس، ومن ثم حرصت على الفصل ما بين الدين والسياسة، وبهذا الفصل تم حصر نشاط الكنيسة فى المجال الروحى الذى يربط العبد بالرب، ولا شأن لها بالمجال العام فى البلاد.
ارتكب المجلس الأعلى السابق للقوات المسلحة، بقيادة المشير طنطاوى- جريمة بحق البلاد، عندما وضع يده بيد جماعة الإخوان والتيار السلفى، وسلمهما مهمة تعديل دستور ١٩٧١، فمنح رئاسة اللجنة للمستشار طارق البشرى، وفى عضويتها صبحى صالح. كانت مهمة اللجنة فتح الطريق أمام شرعنة تأسيس الأحزاب على أساس دينى، وهو ما تحقق لهم بالفعل، فظهرت أحزاب دينية، منها الحرية والعدالة لجماعة الإخوان، وحزب النور للجبهة السلفية، وغيرهما من الأحزاب التى نشأت على أساس دينى.
وتواطأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع تيار الإسلام السياسى مرة ثانية، من خلال ترك أحزاب التيار تقوم بتديين المجال العام فى البلاد، وتستخدم المساجد فى الحشد للانتخابات، وترتكب عشرات المخالفات خلال العملية الانتخابية دون محاسبة. كانت النتيجة المنطقية لكل ذلك فوز تيار الإسلام السياسى بنحو ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان الجديد! هيمنوا على البرلمان بمجلسيه، وسيطروا على كافة لجانه، وبدأو فى تدشين بنية قانونية لدولة دينية. وقد اكتملت حلقات الجريمة بتواطؤ المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرة ثالثة مع تيار الإسلام السياسى، عندما سمح بترشح محمد مرسى الذى كان هاربا من السجن، ولم يحقق المجلس فى المخالفات التى ارتكبت فى جولة الإعادة، سواء بالتحقيق فى بطاقات «المطابع الأميرية» أو منع قرى قبطية بالكامل فى صعيد مصر من التصويت بقوة السلاح.
عموما، هيمن تيار الإسلام السياسى على مجلسى الشعب والشورى، وحصد مقعد رئيس الجمهورية، وبدأ فى تنفيذ مخططه للهيمنة على المنطقة بالكامل. ثار الشعب المصرى دفاعا عن هويته الوطنية، وخرج فى ثورة عارمة، وتمكن بمساندة القوات المسلحة من استرداد ثورته وبدء مرحلة انتقالية جديدة على نحو منظم ومنضبط. تشكلت جمعية تأسيسية جديدة لتعديل دستور البلاد، أو لكتابة دستور جديد، ضمت الجمعية الجديدة كافة ألوان الطيف فى المجتمع المصرى، بما فيها التيار السلفى، وانتهى الأمر بالعودة إلى الوضع الذى كان قائما قبل تعديلات مارس ٢٠١١ بخصوص إنشاء الأحزاب السياسية، حيث تم شطب الفقرة التى تسمح بقيام الأحزاب على أساس دينى، وتم إقرار الدستور الجديد للبلاد.
وبقى الوضع على ما هو عليه من الناحية الواقعية- دستور يمنع تأسيس الأحزاب على أساس دينى، وأحزاب دينية موجودة فى الواقع المصرى، هذا الوضع ينطوى على مخالفة صريحة للدستور، والأحزاب الدينية القائمة تتحايل على النص الدستورى تارة عبر الحديث عن أنها ليست بأحزاب دينية، وتارة أخرى عبر سياسة المواءمة التى تتبعها هذه الأحزاب، وعلى رأسها حزب النور، الذى حرص على أن يكون موجودا فى مشهد الثالث من يوليو، ويمثل جزءا من خارطة المستقبل، يشارك فى الجمعية التأسيسية لكتابة دستور البلاد الجديد، ويقبل بتمرير مادة تمنع قيام الأحزاب على أساس دينى، تجتمع هيئته العليا، وتقرر تأييد المشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية.
بإقرار دستور البلاد الجديد ودخوله حيز التنفيذ بمادة تمنع قيام الأحزاب على أساس دينى، كان ضروريا تسوية أوضاع الأحزاب الدينية، لأن وجودها كما هى بات مخالفا للدستور، واستمرارها كما هى بات يمثل انتهاكا شديدا للدستور. تطبيق الدستور كان يعنى ضرورة حل هذه الأحزاب، وهو أمر لم يكن واقعيا، فقد كانت هناك حاجة لحزب النور- تحديدا- حتى لا يصطف تيار الإسلام السياسى كله فى مواجهة ثورة الثلاثين من يونيو، وكانت هناك حاجة موضوعية لحزب النور تمنع حله فور اعتماد الدستور، وهو أمر يمكن تفهمه فى عالم السياسة والمواءمات، ولكن ما لا يمكن قبوله على أى مستوى من المستويات هو استمرار حزب النور كما هو وغيره من الأحزاب التى نشأت على أساس دينى، لأن فى الاستمرار انتهاك صارخ للدستور، وما لا نتمناه هو انتهاك دستور البلاد الجديد الذى تم وضعه بالتوافق.
والحل، فى تقديرى، هو إما إعلان هذه الأحزاب حل نفسها لمخالفتها دستور البلاد، الذى يحظر قيام الأحزاب على أساس دينى، وإعادة التأسيس بالتوافق مع دستور البلاد، أو حلها بحكم قضائى عام. وفى تقديرى أن الظرف مناسب تماما لتطبيق مواد دستور البلاد وحل باقى الأحزاب الدينية القائمة، من أجل إرساء أساس إقامة حياة سياسية وحزبية نزيهة، تقوم على فصل الدين عن السياسة، حفاظا على قدسية الدين ومكانته، وحماية للسياسة من تلاعب من يوظفون الدين فى السياسة. لا بد من تحرك عاجل وسريع لتطبيق مواد الدستور وحل كافة الأحزاب الدينية القائمة، من أجل بدء تجربة ديمقراطية حقيقية، فتجارب الشعوب فى كافة أنحاء العالم تقول بأنه لا ديمقراطية فى ظل خلط الدين بالسياسة، وإن أوروبا دفعت ثمنا باهظا بسبب هذه العلاقة بين الدين والسياسة، ولم تعرف طريق التطور والديمقراطية إلا عندما قامت بالفصل بين الدين والسياسة.


Friday, March 20, 2015

الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة السابق فى حواره لـ«المصري اليوم»: «المستنيرون» فى الأزهر لا يستطيعون مواجهة الفكر الرجعى


  حوار   سحر المليجى    ٢٠/ ٣/ ٢٠١٥
تصوير- تحسين بكر
د. جابر عصفور أثناء حديثه لـ «المصرى اليوم»
قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، إنه فخور بالثمانية أشهر، التى عمل فيها داخل حكومة المهندس إبراهيم محلب، مؤكدا أنه تمكن خلال تلك الفترة من القضاء على ٨٠ % من مراكز القوى داخل الوزارة، وأنه لا سبيل أمام الوزير الجديد إلا استكمال ما بدأه للنهوض بقطاع الثقافة.
وأضاف «عصفور»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، أن المؤتمر الاقتصادى الذى استضافته مصر مؤخرا، خطوة أولى فى سلم النهضة الاقتصادية، وأنه «واهم» من يعتقد أن الاقتصاد وحده يقود إلى التنمية، لافتا إلى أن ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق، يعد من أنجح وزراء الثقافة، وأن الدكتور فاروق حسنى سار على نهجه.
وهاجم «عصفور»، الذين يتهمونه بالكفر بسبب آرائه الجريئة، مؤكدا أنه مثقف مصرى وطنى ومسلم، وخاطب هؤلاء قائلا: «من كفر مسلما فقد باء بها».. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى مستقبل مصر بعد المؤتمر الاقتصادى؟
- المؤتمر الاقتصادى خطوة أولى فى سلم النهضة الاقتصادية الحقيقية، التى تسير مصر فى اتجاهها، وأوجه فيه التحية إلى الرجل الذى سعى إلى إنجاحه، وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يسعى إلى خلق مجتمع مصرى قوى، وقد دمعت عيناى عندما شاهدت صورته مع الشباب الذين لم يتعدوا سن الثلاثين، فهم يحملون الأمل فى مستقبل أفضل، لكننى أؤكد أنه لا تنمية بالاقتصاد وحده، ولابد من الاهتمام بالثقافة، خاصة أننا لدينا تجربة سابقة عندما اهتمت حكومة الدكتور أحمد نظيف بالاقتصاد على حساب الثقافة، فتسببت فى خروج ثورة من المواطن المصرى ضدها.
■ أليس غريبا أن وزارة الثقافة كانت غائبة عن المؤتمر الاقتصادى ولم نشهد أى مشروعات اقتصادية ثقافية تم تقديمها؟
- وزارة الثقافة قدمت ما هو متاح لها، من خلال أنشطة فنية وثقافية، من احتفالات فنية وتنسيق قاعات المؤتمرات باللوحات الفنية القيمة، وشوارع وميادين شرم الشيخ، كما أنه لم تكن هناك فرصة لتقديم مشروعات ثقافية ضمن المؤتمر الاقتصادى، فكيف لى أن أقدم مشروعا لإدارة دور السينما، فى ظل بلد يحتاج إلى لقمة عيش، كما أن أغلب المشروعات التى تم الاتفاق عليها فى المؤتمر يتعلق بالبنية التحتية، وأتصور أنه بعد إعلان الرئيس السيسى عن انطلاق المؤتمر سنويا، أنه سيكون للمشروعات الثقافية مكانة خلال المؤتمرات المقبلة، خاصة أنه يجب الاستفادة من التجارب الأجنبية المتقدمة فى النهوض بدولها، مثل الصين وماليزيا وكوريا، التى لم تنجح بالاقتصاد، وإنما بالحفاظ على موروثاتها الثقافية، واستغلالها فى أحداث التنمية الاقتصادية المطلوبة كما أن الثقافة المجتمعية هى المتحكمة فى أسلوب الفرد وإدارته لوقته وإخلاصه لعمله.
■هل تتوقع أن تحدث ثورة ثالثة، إذا ما تم التركيز على الاقتصاد وحده؟
- من يعتقد أن بالاقتصاد وحده ستنهض مصر، فهو واهم، لكن لا أعتقد أنه ستقوم ثورة، لأن من أهم مزايا الرئيس السيسى الذى أحبه كثيرا، انه دائم الحركة، ولا يعمل بالنظام الروتينى الحكومى، كما شاهدناه يتعجل الانتهاء من تأسيس العاصمة الإدارية، وأكبر ما يعوقه، جيلنا، ممن اعتادوا على التروى فى اتخاذ القرار.
■ كنت أحد الوزراء الذين ساهموا فى الاستعداد لانطلاق المؤتمر الاقتصادى، لكنك لم تشارك.. هل كنت تتمنى أن تكون موجودا؟
- للأمانة أكثر من تعب واجتهد فى الإعداد للمؤتمر، كانت المجموعة الاقتصادية فى الحكومة، لكن وزارة الثقافة لم يكن لها مسموح بأن تقدم أكثر مما قدمته، فلم يكن من المقبول أن أتقدم بمشروعات اقتصادية لاستثمار دور السينما والمسارح، فى بلد يعانى من بطالة وفقر وأمية. فضلا عن أن دور السينما عادت إلى وزارة الثقافة قبل يوم واحد من التعديل الوزارى، وأتصور أن الوزير الجديد سيقوم بإعادة توقيع أوراق تسلم أصول السينما من وزارة الاستثمار، لأن أمضتى باتت لا تجوز، أما عن وجودى بالمؤتمر، فقد سعدت أكثر وأنا أشاهد صورة الشباب وهم يلتفون حول الرئيس، والتواجد العالمى من رجال المال والأعمال والحكام، وإن كنت أتمنى الاستفادة الحقيقية من تجربة ماليزيا وكوريا والصين فى التأكيد على أهمية استثمار الموروث الثقافى، لأننا نتحدث عن التجارب العالمية دون أن ندرسها بشكل حقيقى ونسعى فى تكرارها، وعلينا جميعا أن نقف مع خطة الدولة فى النهوض بالوطن سواء اتفقنا أو اختلفنا مع بعض أفكارها.
■ ما تقييمك لاختيار الدكتور عبدالواحد النبوى خلفا لك.. وهل تتوقع أن يستكمل ما بدأته من تطهير بالوزارة؟
- الوزير الحالى ليس بعيدا عن العمل الثقافى فقد عمل تحت يد حلمى النمنم، رئيس هيئة الكتاب، وأتصور أنه رجل مجتهد، وهو طالب للدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، ويرضى عنه الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأتصور أنه سيكون أقل حدة منى فى التعامل مع من يختلف معه فى الرأى، حيث كنت لا أخشى اختلافا فى الرأى أو خلافا، طالما أنه على صواب، أما لاستكمال ما بدأت فلم أفعل شيئا فى الوزارة إلا بدافع كونى رجلا وطنيا محبا لبلده، وأنا متأكد أن أى رجل وطنى حقيقى سيستكمل ما بدأت، فلا بديل أمام وزير الثقافة الجديد إلا استكمال ما بدأت لأننى كنت أعمل لصالح الوطن، ولم أتردد أو أتراجع أو أخاف للحظة.
■ تردد بأنك أصبت بأزمة صحية بعد التعديل الوزارى؟
- غير صحيح تماما، لأكثر من سبب، الأول أننى كنت مريضا بالفعل قبله بأيام، الثانى لأننى أعلم منذ البداية أن لى مهام محددة وأن دورى «مؤقت»، وأنه فى أول لقاء مع رئيس الجمهورية تم تكليفى بعمل استراتيجية خاصة بالعمل الثقافى المصرى، والخروج بوزارة الثقافة من الفساد الذى يستشرى بداخلها، أما بالنسبة للتعديل الوزارى لم أكن مقصودا به، فقد كان المقصود به وزير الداخلية، وكان يجب أن يضم التعديل بعض الوزارات الأخرى، التى تأتى كوزارات أقل أهمية، ومنها الثقافة، فضلا عن آرائى وتوجهاتى التى دائما ما أعلن عنها بحرية، أنا مع حرية الإبداع وضد الفكر الرجعى، وقد يكون ذلك لأننى أعلم أن من هم فى سنى، باتوا على وشك الرحيل، شأنى فى ذلك مثل كثيرين من أبناء جيلى وجيل المهندس إبراهيم محلب، فلم أكن أخشى الحكومة أو الأزهر أو السلفيين.
■ خلافك مع الأزهر والسلفيين كان سببا دائما فى الهجوم عليك.. حتى إنه تم اتهامك بالكفر؟
- أنا مثقف مصرى وطنى مسلم، رغم أنف المتشددين وأرد على من يكفرنى بالحديث النبوى «من اتهم مسلما بالكفر فقد باء بها».
لكن خلافى مع الأزهر والسلفيين، ليس خلافا شخصيا وإنما خلافا فكريا، فأنا مع حرية الإبداع، ومع إعمال العقل، فأنا أصلى، وأؤدى فرائضى، لكن ليس لدى مشكلة فى أن تكون زوجتى أو ابنتى «غير محجبة» وأعتقد أن مصر تحتاج إلى فكر معتدل، وقد شاهدنا الرئيس السيسى فى صورته مع شباب المؤتمر ويلتف حوله فتيات اكثرهن «غير محجبات» رغم علمى بأنه إنسان متدين جدا، لكنه متدين تدينا معتدلا، فقد تسبب الأزهر فيما وصلت إليه مصر، بسبب غياب القدوة الدينية، المستنيرة، التى تفتح الباب إلى العقيدة وإعمال العقل، وحرية الرأى والتعبير، فكيف للأزهر الذى يتبنى أغلبه الفكر الدينى المتشدد أن يوافق على التصوير أو النحت أو تصوير فيلم، وهو يحرمه، كما أن أصحاب الفكر المستنير فى الأزهر قلة قليلة، على رأسهم الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر، لكنهم لا يستطيعون الوقوف أمام أصحاب الفكر الرجعى، لأن القوة الأكبر لأصحاب الفكر الرجعى.
■ رغم تأكيدك الدائم على حرية الرأى والإبداع، لكنك كنت صداميًا فى التعامل مع من يختلف معك؟
ـ أنا لست صداميًا، لكننى بلغت من العمر السبعين، ولا أتردد فى أن أعبر عن رأيى، دون أى مشكلة فى الاختلاف فى الرأى أو فى الخلاف المبنى على وقائع ودلائل، فأنا لا أخشى الحكومة أو أى قوة مجتمعية لكن الاتهامات والتشهير بذمتى المالية لا أقبله، كما حدث مع طارق الشناوى، وقد رددت على اتهاماته بدعوة قضائية، لكننى تنازلت عنها عندما تدخل بعض الأصدقاء وحولتها إلى النقابة، ما يؤكد ذلك، أنا أختلف فى كثير من الأفكار مع عدد من المثقفين منهم جمال الغيطانى، الذى أرى أنه روائى عظيم، لكننى أختلف معه فى أفكاره، فعندما يقول إن «وزارة الثقافة وزارة مهرجانات»، أقول له لا، لأن لوزارة الثقافة دورا كبيرا فى المجتمع المصرى والخارجى، نحن الآن كنا نحتفل بالملتقى الدولى للرواية العربية بحضور ٢٥٠ أديبا عربيا وعالميا من ٢٠ دولة، بالتزامن مع مؤتمر مصر الاقتصادى، ما يؤكد أن مصر ترسل رسالة للعالم أنها فى طريق نهضتها الصحيح، ففى الوقت الذى تتزين فيه مدينة شرم الشيخ برجال المال والإعلام، تتسلح القاهرة بأهل الفكر والفن من كل مكان فى العالم.
■ شهدت وزارة الثقافة إعادة هيكلة عدد من قطاعاتها.. هل نجحت فى القضاء على الفساد بالوزارة؟
ـ الثقافة تعانى من الترهل أكثر من الفساد، ويكفى أن أقول إنه يوجد ١٧ ألف موظف بهيئة قصور الثقافة، فما بالنا بكل القطاعات، لكن أستطيع أن أؤكد أن عددا من القطاعات شهدت إعادة هيكلة كاملة، كما تم تصعيد عدد من الشباب فى المناصب القيادية، كما اخترت ٤ من معاونى الوزير من الشباب، وكنت أسعى لتمكين الشباب، لأنه بهم ستتغير الأوضاع إلى الأفضل.
وأؤكد أن وزارة الثقافة لا تحتاج ٨ أشهر، وإنما لوزير يستمر لـ٣ سنوات، حتى يتم القضاء الكامل على الترهل، لهذا فإن هناك بعض القطاعات لم يمهلنى الوقت لهيكلتها، أما بالنسبة لتغيير رؤساء نفس الهيئة أكتر من مرة، فهذا يرجع إلى أننى من الأشخاص الذين إذا ما أخطأوا الاختيار تراجعوا عنه، فأنا عندما أكلف مسؤولا بأمر ما ولا ينفذه فهو ليس أهلا لهذه المهمة، مثلما حدث مع الدكتور سيد خطاب الذى ندمت على تعيينى له، رغم تحذير البعض منه، لكننى اعتقدت أنهم يهاجمونه على سبيل «الغيرة».
■ لكنك لم تستطع القضاء على مراكز القوى بالوزارة؟
ـ قضيت على ٨٠% منها.
■ ما هو معيار استمرار المسؤول فى منصبه؟
ـ الكفاءة والإنتاج والاعتمادية، فعندما أجد الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب قد حقق أرباحا للهيئة تفوق ميزانيته، وأجد الدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيس دار الأوبرا تحقق أرباحا سنوية من حفلات الأوبرا، وأجدها متواجدة بنشاط فى أغلب الفعاليات الوطنية، فلابد أن أتمسك بهما، لأن المسؤولية تحتم أن اختار الناجح فى عمله.
■ هاجمك البعض بسبب عدم قانونية تعيين بعض رؤساء الهيئات وتعيين مساعد للوزير بالإضافة إلى التشكيك فى اختيار المعاونين؟
ـ كثيرون كانوا ينتظرون وقوعى فى الخطأ ولو أثبتوا أننى تخطيت القانون، لم يكن ليصمتوا، كما أننى لم آخذ قرارا بدون استشارة المستشار القانونى للوزارة، أما عن المساعدين فأنا عينت ٢ أحدهما مسؤول عن التنسيق ما بين الوزارة وباقى وزارات الدولة مثل التربية والتعليم والتعليم العالى والشباب، للعمل على تفعيل بروتوكولات التعاون، بالإضافة إلى مساعد للتكنولوجيا، الذى اهتم بدراسة تطوير موقع الوزارة وباقى الوزارات، وفيما يخص المعاونين، فقد تم عمل اختبارات للمتقدمين، واخترنا أفضلهم، ومن يشكك فى اختيارهم عليه أن يأتى بالمستندات التى تثبت عدم صلاحيتهم.
■ توقيع بروتوكولات ما بين الوزارة وعدد من الوزارات، هل أثمرت عن تعاون حقيقى أم «حبر على ورق»؟
ـ هناك تعاون حقيقى لأول مرة بين الوزارات، يتم تنفيذه على أرض الواقع، كان آخرها مع وزارة الإسكان يقضى بإنشاء مبنى فى كل تجمع عمرانى جديد خاص بالثقافة، لإنشاء مكتبة عامة ومنفذ بيع ودار سينما، وقد شهدت الفترة الماضية تنفيذ الكثير من مشروعات التعاون بيننا وبين باقى الوزارات للعمل على الأرض، وأتصور أن التعاون سيستمر خلال الفترة المقبلة، لأن البروتوكولات سارية حتى وإن تغير الوزير.
■ ما القرار الذى كنت تتمنى أن تصدره؟
ـ كننت أتمنى إصدار قرار بإعادة هيكلة البيت الفنى للمسرح، لأنه ملىء بالفساد، وإعادة عدد من الشخصيات التى قدمت استقالتها بسبب تفشى الفساد، لكن الوقت لم يسعفنى.
■ وزير لمرتين، ما الفارق بينهما؟
ـ وزارة الـ٩ أيام كانت وزارة «الندامة»، فقد ندمت عليها، وخرجت منها محملا بأخطائها، وعتاب المثقفين على موافقتى بالتعيين فيها لكن وزارة الـ٨ أشهر، فأنا فخور بها، وكل ما حققته فيها، ويكفى أن استراتيجية العمل الثقافى التى شاركت بوضعها تحتل جزءًا من استراتيجية مصر المستقبلية لمدة ٣٠ عاما. وقد سعدت بالعمل مع الرئيس السيسى فهو رجل «أحبه» وأطالب الجميع بأن يسيروا خلفه، حتى وإن اختلفوا معه، لأن الهدف الأسمى للجميع هو النهوض بمصر.
■ ما رأيك فى الأصوات المطالبة بإلغاء وزارة الثقافة والاكتفاء بالمجلس الأعلى للثقافة؟
ـ هذه آراء خاطئة، لأنها وزارة تهتم بتوصيل الثقافة إلى كل مواطن وعلى الحكومة أن تهتم بالثقافة وتصل بها إلى كل مواطن فى مسكنه، لأنها لا تقل عن إيصال رغيف العيش إلى مستحقيه، أو أنبوبة البوتاجاز، ولهذا أطالب المهندس إبراهيم محلب بسرعة افتتاح قصر حلايب الذى تم الانتهاء من بنائه، لمشاهدة إقبال الأهالى على هذا المبنى الذى سيعد حلقة وصل مع القاهرة.
وأتساءل كيف يمكن إلغاء وزارة الثقافة، فى بلد يعانى نصف سكانه من الأمية وخط الفقر، هؤلاء يحتاجون من الحكومة أن تهتم بهم أكثر وتقدم لهم وجبة ثقافية يومية تقيهم شر الوقوع فى شباك أصحاب الفكر المتشدد، خاصة مع غياب المجتمع المدنى القوى.
فأنا مغرم بتجربة إيطاليا فى اختيار رئيس وزرائها، ذلك الرجل الذى وصل بالانتخاب إلى رئاسة حزب ثم رئاسة الوزراء وهو لم يبلغ الأربعين من عمره، متى يمكن أن نجد هذا النموذج فى مصر، خاصة مع ضعف الأحزاب وعدم وصول أى من الشباب لرئاستها.
■ من هو الوزير الذى نجح فى إدارة الملف الثقافى الحكومى؟
ـ ثروت عكاشة أنجح وزير ثقافة، فقد استطاع بناء البنية التحتية بالوزارة، لا نزال نعمل وفقا لها من تأسيس هيئة للكتاب والثقافة الجماهيرية وأكاديمية الفنون، وقد سار فاروق حسنى على نهجه، وحقق نجاحات كثيرة، حيث سار على درب أستاذه.
■ لكنك أشرت إلى ترهل وزارة الثقافة، وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى فاروق حسنى؟
ـ حسنى لم يكن فاسدا، وقد أصاب الترهل وزارة الثقافة حالها حال كل وزارات الدولة، التى تعانى من ترهل شديد، نتيجة تكدس الموظفين وإهمال تدريبهم، وأؤكد أننى عندما طلبت قائمة رواتب رؤساء هيئات وموظفى وزارة الثقافة وجدت أنها الأقل فى الرواتب مقارنة بباقى الوزارات، إلا أن «الصيت ولا الغنى» حيث يفرح المسؤولون بارتباطهم بفئة المثقفين فى المجتمع وهو ما يخرجهم من إطار الكادر الوظيفى إلى «مثقف» بما يحظاه من تقدير واحترام مجتمعى خاصة مع تسليط الإعلام والصحف عليهم، فلو قارنا بين أمين المجلس الأعلى للثقافة وبين وكيل وزارة الصحة من حيث نشر اسمه فى الجريدة ومعرفة المواطنين به تبرز أهمية الثقافة.
■ ماذا بعد الوزارة؟
ـ أخيرًا عدت إلى كتبى، ومكتبتى، واستكمال أعمالى الإبداعية، وأبشركم بصدور أول كتاب لى خلال الايام المقبلة، حيث أهملت نشره رغم انتهائى من كتابته قبل تولى الوزارة، وهو يحكى عن رؤية تحليلية جديدة لتاريخ ثورة ١٩.
■ متى نجد الدكتور جابر عصفور يكتب عن ثورات مصر الحديثة، ٢٥ يناير ويونيو؟
ـ أفضل أن يكتبها من قام بصناعتها، فعلى الرغم من أن كنت شاهدا عليها لكننى أفضل أن يكتب عنها الشباب، ليقوم المؤرخون فى المستقبل بقراءة ملامح الثورة وتقييمها تقييما موضوعيا.
■ متى ستكتب سيرتك الذاتية؟
ـ لقد توقفت عند كتابة سيرتى الذاتية حتى عام ١٩٧٠، وقررت أن أتفرغ تماما لكتابة باقى سيرتى وتجربتى الحياتية إذا ما بلغت الـ٧٥، حيث سأتفرغ لها، وأعتبرها مشروعى الأخير.

Monday, March 16, 2015

مشاهد من زمن مضى بقلم د. عماد جاد ١٦/ ٣/ ٢٠١٥


كم كانت جميلة ورائعة مشاهد مدينة شرم الشيخ وهى تحتضن المؤتمر الدولى لدعم الاقتصاد المصرى، فالمدينة رائعة الجمال، والتنظيم مثالى يليق بطموح المصريين بعد ثورتين وأربع سنوات من الفوضى والاضطراب، جمال المشاهد وروعتها ودقة التنظيم جعلت كل مصرى غيور على وطنه ومحب له يشعر بقدر كبير من الفخر، وجاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح المؤتمر لتضيف مزيدا من الشعور بالسعادة، فهو بالفعل رجل الأقدار الذى تولى المسؤولية فى لحظة تاريخية فارقة من عمر الوطن، كلماته كانت موزونة ورسائله وصلت إلى من يهمه الأمر. وجاءت كلمات الضيوف العرب وتحديدا الإماراتى، السعودى، والكويتى، لتفتح أبوابا جديدة من الأمل للاقتصاد المصرى، وكشفت كلمة رئيس الوزراء الإثيوبى عن طى صفحة الخلاف وبدء مرحلة جديدة من العمل المشترك والسباحة لمصلحة دول الحوض كلها. ومن بين كلمات المسؤولين الدوليين توقفت كثيرا أمام كلمة رئيس الوزراء الإيطالى، الذى شدد على الهم المشترك والمصير الواحد.
كانت مشاهد مدينة شرم الشيخ وفعاليات المؤتمر كاشفة عن بزوغ فجر جديد لدولة عريقة تنهض من جديد، وكشفت أيضاً عن قدرات هائلة للدولة المصرية، مؤسساتها وأجهزتها، بعثت مشاهد المؤتمر برسالة طمأنينة للمصريين، العرب والعالم، وأفادت بأن مصر قادمة بقوة على طريق التنمية والتطور.
وسط هذه الأجواء المفعمة بالتفاؤل والتى تقول بأننا على طريق ترسيخ دولة مدنية حديثة، تنهض على أساس من المواطنة والمساواة وعدم التمييز، دولة قانون تسير على طريق بناء نظام ديمقراطى حقيقى يستلهم القيم الإنسانية، عدل، حرية ومساواة، يبنى من مكونات محلية خالصة، طلت علينا مشاهد من زمن الفساد والاستبداد، مشاهد من زمن مضى كنا نحسبه لن يعود والمكان له فى مصر الجديدة، مشاهد لا تستقيم على الإطلاق مع التوجه نحو بناء دولة مدنية حديثة. من بين هذه المشاهد استمرار الأحزاب الدينية على الساحة السياسية ومواصلة عملها، استعدادا للانتخابات البرلمانية فى وقت يمثل فيه وجودها فى حد ذاته انتهاكا لدستور البلاد الجديد الذى ينص صراحة على عدم جواز قيام الأحزاب على أساس دينى، يقول القائمون على شؤون هذه الأحزاب إنهم يستندون إلى مرجعية دينية وأنهم ليسوا بأحزاب دينية، والحقيقة أنه رد يمثل إهانة للمصريين فهذه لأحزاب دينية خالصة، تنطلق من أساس دينى وغايتها الوصول إلى دولة دينية، لا تقر الديمقراطية ولا تعترف بها ولا تؤمن بحقوق الإنسان ومبادئه الرئيسية.
أكثر من ذلك فقد قررت وزارة الأوقاف، وفى خطوة غير متوقعة، منح تراخيص الخطابة لرموز الدعوة السلفية بحجة العمل على مواجهة «الفكر المتطرف» والأفكار «الداعشية» وهى حجة صادمة لأنه لا توجد فوارق على الإطلاق بين فكر التيار السلفى الوهابى والفكر الداعشى، يكفى أن نشير إلى الحديث المتوافر على مواقع التواصل الاجتماعى للدكتور ياسر برهامى، الذى منحته وزارة الأوقاف رخصة الخطابة فى الإسكندرية، وهو يصف الأقباط بأنهم «أقلية كافرة مجرمة» يقول ذلك ويشرحه ضاحكا ومتحديا، وتمنحه وزارة الأوقاف رخصة الخطابة فى المساجد فى توقيت حساس للغاية يسبق الانتخابات البرلمانية. يصدر لنا حزب النور عددا من وجوهه المعروفة ومنها من تولى الدفاع عما ورد على لسان ياسر برهامى عن الأقباط، فخرج نادر بكار ليقول نعم الأقباط كفار واسألوا شيخ الأزهر. والسؤال هنا لماذا يترك برهامى وبكار وغيرهما من رجال السلفية يكررون مثل هذه الأقوال التى تمثل جرائم ازدراء أديان، ولماذا لا يحاسب برهامى على قوله إن الأقباط أقلية مجرمة؟ لماذا لا يطلب للتحقيق معه فى مثل هذه الأقوال؟ وزخما يثير الدهشة والاستغراب أن يمنح رخصة الخطاب فى المساجد بعد نشر هذه الأقوال.
ومن بين هذه المشاهد أيضاً إقدام الحكومة على الطعن فى الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية، جاء قرار الحكومة بالطعن على الحكم ليصدم غالبية المصريين الذين تشكلت قناعاتهم لإرهابية حركة حماس من كونها أولا الجناح المسلح للفرع الفلسطينى للجماعة، ومن تحقيقات النيابة العامة المصرية فى أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير وتحديدا فى قضية اقتحام السجون المصرية فى ٢٨ يناير ٢٠١١ وتهريب رجال الجماعة وأحد قادة حركة حماس وأحد رجال حزب الله، ومن الاستعراضات المسلحة التى تقوم بها عناصر الحركة على الحدود مع بلادنا، ومن حجم أنفاق التهريب التى حفرتها وتحفرها الحركة باتجاه أراضينا ومن الدلائل والمؤشرات على تهريب السلاح والمسلحين، ومن التصريحات الاستفزازية الصادرة من قادة الحركة تجاه مصر. فلا شك لدى غالبية المصريين أن حركة حماس جماعة إرهابية وهو ما قضى به القضاء المصرى، والسؤال هنا لماذا قررت حكومتنا الموقرة الطعن على هذا الحكم دون أن تكلف نفسها عناء شرح ذلك للمصريين.
أيضاً هناك أقاويل كثيرة بأن وزير الثقافة المصرى الجديد ينتمى للجماعة، قد تكون أقوالا مرسلة، وقد تكون غير دقيقة، وكان على الحكومة الرد على ذلك وشرح الأمر للشعب، لكنها تجاهلت الموضوع وتعالت عن الرد على الشعب.
قد تكون هناك بعض المبالغات فى بعض القضايا، ولكن وضع هذه المشاهد معا وتركيبها بجوار بعضها يقدم للشعب صورة مزعجة وغير مريحة، صورة نظام وأسلوب عمل ينتمى إلى زمن مضى وولى، ثار عليه الشعب وأسقطه، وأسقط معه طريقة تعاطيه مع الشعب وعلى رأسها تجاهل الشعب وعدم الرد عليه، عدم التعامل الجدى مع ملاحظاته ومخاوفه وهو ما آثار مخاوف عودة مشاهد من زمن مضى وولى، استمرارها يثير المخاوف من عودة تدريجية لمكونات نظام ثار عليه الشعب وأسقطه.

لأنها مصرُ.. احتشد العالم بقلم فاطمة ناعوت ١٦/ ٣/ ٢٠١٥

لأنها مصرُ، احتشد العالمُ ليشهد لحظةَ تعافيها ونهوضها من كبوتها الطاحنة التى أوهنت أركانها بعد ثورتين هائلتين. لأنها مصرُ، توافدت مائةُ دولة، وعشرات المنظمات الإقليمية والدولية وكبرياتُ الشركات العالمية إلى شرم الشيخ لتسجّل اللحظات الأولى لدولة مصر الجديدة الناهضة، وهى تتأهب لتنفض عنها تداعيات السنوات العسرة الماضية التى أرهقت ميزانياتها واستثماراتها ومُدخلاتها الاقتصادية والتنموية. لأنها مصرُ قلبُ العالم، التى إن سقطت، اهتزّت أركانُ الدنيا، وإن استقرّت اشتدّ عودُ المنطقة العربية كلها، اجتمعت دولُ الخليج الكبرى لتدعم البنيان الذى تصدّع فى السنوات الماضية حتى تتنفسَ مصرُ الخيرَ، فيتنفس العربُ. كانت السعودية والإمارات والكويت من أوائل الدول التى دعمت شعبَنا فى ثورة يونيو ٢٠١٣ حتى أطحنا بعصابة الإخوان الخؤون ليسترد المصريون مِصرَهم التى كادت تُستلب، فكان طبيعيًا أن تبادر تلك الدول ذاتُها لترأب صدوع البيت المصرى العريق الذى تزلزل وهو ينفضُ عنه اللصوصَ سارقى الأوطان والتاريخ والهوية. صنّاعُ القرار فى الخليج العربى، يعلمون بفطرتهم الذكية أن المنطقة بأسرها لن تقوم إلا إن استردت مصرُ دورها الرائد، فيعود الاصطفافُ العربىُّ حول الخالدة أرض طِيبة بعدما تنفض عنها روثَ الإرهاب. لهذا قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذى ترأّس وفد الإمارات بمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى: «ما نَضَعه فى مصرَ اليوم هو استثمارٌ لاستقرار المنطقة، سنراه فى الغد القريب بإذن الله، ووقوفنا مع مصر ليس منّة على أحد، بل واجبٌ فى حقها».
ومثلما شرح الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى كلمته بالمؤتمر خطةَ مصر بعيدة المدى التى تبدأ منذ الآن وحتى عام ٢٠٣٠ من أجل الانفتاح على العالم اقتصاديا وتنمويًّا، وقدّمَ للمستثمرين رسائلَ طمأنة لكى يبذروا بذورهم الطيبة فى أرض مصر بثقة، نطالب الحكومة المصرية بأن تقدم رؤية اقتصادية شفافة واضحة المعالم، واستراتيچية علمية مدروسة تبين مشروعاتنا الاستثمارية المرتقبة فى مجال الصحة والتعليم والصناعة والبحث العلمى وتوفير فرص العمل للشباب ومكافحة البطالة والأمية والنهوض بالمجتمع، كما نطالب رجال الأعمال المصريين أن يكون لهم دورٌ محورى فى تحقيق التنمية والرخاء للمواطن المصرى الذى صبر على شظف العيش على مدى الثورتين وما قبلهما من عقود.
هذا الحضور الكثيف رفيع المستوى الذى شهدته مصرُ فى المؤتمر الاقتصادى من ملوك ورؤساء ورجال مال وأعمال من كل دول العالم، يؤكد للمواطن المصرى أن مصر الطيبة على وشك الانخراط من جديد فى خارطة الاستثمار العالمى، التى خرجت منها خلال السنوات الصعبة الماضية.
إنها مشيئةُ الله ومشيئة المصريين الذين يحملون الفأس للأخضر والزهر، ويحملون السلاح للأمن والحماية، ويحملون الكتاب للنور والعلم، ويحملون القيثارة للموسيقى والحياة.

كان عرسا رائعا بحق بقلم د. يحيى الجمل ١٦/ ٣/ ٢٠١٥

تابعت كما تابع ملايين المواطنين فى مصر بل فى كل بلد عربى وقائع افتتاح المؤتمر الاقتصادى العالمى فى شرم الشيخ، وكان الإحساس الطاغى علىّ وأنا أتابع وقائع هذا المؤتمر الكبير وأستمع إلى الكلمات التى ألقاها رؤساء الدول أو رؤساء الوفود – كان الإحساس الطاغى علىّ وأنا أسمع ذلك كله أننى لست فى مجرد مؤتمر اقتصادى وإنما أنا فى عرس وفرح مصرى بل وعربى وأفريقى أيضاً.
لقد جرت وعود بأرقام وملايين من الدولارات وهذا رائع وجميل ولكن لن أقف الآن عند الأرقام وسأقف أكثر عند مصدر الأرقام ودلالات الأرقام.
لست اقتصاديا حتى أحلل الأرقام، ولكن قد أكون مهتما بما وراء الأرقام من سياسات ودوافع ثم بما بعد الأرقام من كيفية الاستيعاب والخروج بأفضل النتائج.
ولكنى أحب أن أعبر هنا عن إحساسى بعد ما استمعت إلى كلمة ولى العهد السعودى وإلى كلمة أمير الكويت وكلمة نائب رئيس الإمارات وكلمة رئيس وزراء لبنان وكلمة الرئيس السودانى وكلمة الرئيس الفلسطينى وغير ذلك من روائع الكلمات – أحب أن أعبر هنا عن معنى عميق الدلالة وراء ذلك كله وهو أن العروبة حقيقة. إن العروبة ليست وهما وليست علاقة عارضة. إنها حقيقة وجود وهوية وكيان. ما الذى يجمع الشامى والمغربى كما يقولون؟ إنها حقيقة العروبة.
إن التكامل الاقتصادى العربى يبدو واضحاً للعيان. نظرة واحدة إلى التكامل بين مصر والسودان والتكامل بين دول الخليج العربى تكفى لكى يصّدق من لا يصّدق أن العروبة حقيقة وأن التكامل الاقتصادى العربى نتيجة لازمة عن هذه الحقيقة.
وكلمات الوفود العربية كلها كانت تؤكد على أن إعمار مصر هو إعمار للأمة العربية بكل أقطارها. وأن أى استثمار فى مصر هو استثمار لكل أقطار العروبة. وأن إزاحة الإرهاب فى مصر هو إبعاد الإرهاب عن المنطقة كلها بل لقد قال البعض إن الإرهاب الذى يهدد مصر يهدد العالم كله.
هكذا أظهر المؤتمر وعبّر تماماً عن أن مصر فى قلب وطنها العربى وبعدها الأفريقى بل والعالمى من خلال ارتباط أمنها بأمن البحر الأبيض المتوسط، كما عبر بحق رئيس وزراء إيطاليا. وقد كان رئيس وزراء الصومال رائعاً عندما قال إن تنمية مصر هى بمثابة تنمية للصومال.
حقاً كان عرسا رائعاً بحق ولم يكن مجرد مؤتمر اقتصادى رائع وناجح بكل المعايير.
كان عرسا عربيا وكان عرسا أفريقيا وكان عرسا متوسطيا.
الآن وقد انفض المؤتمر الرائع الذى أسميه العرس المفرح كيف تقوم مصر باستيعاب هذه الاستثمارات بحيث تؤتى أفضل ما عندها.
أحيانا نقدم للضيف وجبة بالغة الدسامة والأمر يتوقف على كيفية أكلها واستيعابها. قد يأكلها وتقضى عليه والعياذ بالله وقد يأكلها ويفيد منها كل الفائدة.
ونحن جميعا نريد لمصر العافية والسلامة وأن تستوعب هذه الاستثمارات على أحسن ما يكون.
وهنا نعود إلى مشكلة المشاكل المتعلقة بالجهاز الإدارى وكفاءته من ناحية وإلى الفساد الذى يأكل الأخضر واليابس ويبدد كل الجهود من ناحية أخرى. ولم تكن هذه الحقائق غائبة عن بعض الذين تكلموا فى المؤتمر بل إن بعضهم أشار إليها بكل بوضوح.
طالما تكلمت عن أن الجهاز الإدارى يحتاج إلى ثورة تهزه هزا، وطالما قلت إن بلدا مثل اليابان يفتقر إلى كثير من الموارد الطبيعة ولكنها تعوّض ذلك كله بإدارة صارمة ورغبة قوية للعمل واعتبار أن العمل عبادة فعلا لا قولا.
وقد يكون من محاسن الصدف أننا بدأنا فى الفترة الأخيرة الاهتمام بالتعليم الفنى حتى إننا خصصنا فى التعديل الوزارى الأخير وزارة للتعليم الفنى الذى سنحتاج إليه فى الفترة القادمة أشد الاحتياج. ذلك فضلا عن تحسين مستوى التعليم العام والقضاء على ذلك الخليط المتنافر من أنواع التعليم الابتدائى والثانوى بل والجامعى، بين تعليم مدنى وتعليم دينى.
وفى التعليم المدنى بين تعليم مصرى وتعليم أجنبى. والتعليم الأجنبى بين فرنسى وألمانى وغير ذلك من لغات الأرض التى لا يتقنها فضلا عن أن يعرفها سوى عدد قليل من المصريين.
كل ذلك يحتاج إلى إعادة نظر. وتقديرى أنه إذا صحت النوايا وعزمنا بتصميم وإصرار فإننا سنصل إلى ما تريده مصر.
لقد من الله علينا بقيادة مخلصة مؤمنة بهذا الشعب العظيم وتستمد منه قوتها وعزمها، وهذا فى حد ذاته يمهد الباب أمام مجالات الإصلاح المختلفة.
استأذن القارئ الكريم فى أن أعود مرة أخرى إلى كلمة ممثل دولة الإمارات العربية محمد بن راشد عندما قال: مصر تستطيع بث الحياة فى الأمة العربية وتجديد سيرتها.
نعم إن العروبة حقيقة وإن التكامل الاقتصادى العربى هو النتيجة الحتمية لهذا الذى قاله سمو الشيخ محمد بن راشد حفظه الله، ورحم الله حكيم العرب الشيخ محمد بن زايد.
وحمى الله الأمة العربية.
والله المستعان.

Saturday, March 7, 2015

الفيديو الرسمي للمؤتمر الاقتصادي بــ شرم الشيخ

هذا الضوء العجيب بقلم د. وسيم السيسى ٧/ ٣/ ٢٠١٥

فى بنى سويف.. قرية بنى ماضى ١٩٢٧، ذبح فلاح بقرة، وجدها مضيئة فى اليوم الثانى لذبحها!
وفى سنة ١٤٩٢ ظهرت اللحوم المضيئة بشكل وبائى فى إيطاليا، كما ظهرت فى فرنسا، تشاءم منها الفرنسيون وأعدموها.
أما روبرت بويل ١٦٧٢ فقد شاهدها وحاول تفسير هذه الظاهرة بالحرارة واتجاه الريح وشكل القمر، وهذا خطأ، لأن الميكروبات لم تكن معروفة فى ذلك التاريخ.
هذا النوع من البكتيريا المضيئة اسمه Bacterum Phosphoreum، وقد تمكن العالم الألمانى موليش من تحضير هذه البكتيريا بشرائح رقيقة من اللحم مبللة فى محلول ملح ٣٪ «تبتل فقط»، وعليها غطاء زجاجى، تحفظ أربعة أيام فى درجة حرارة عشرة مئوية، وقد نجح موليش فى ٦٨٪ من الحالات.
من الطريف أن سير توماس كافندش عاد دون غزو كوبا حين اعتقد أن الكوبيين يحملون المشاعل للهجوم عليه، واتضح بعد ذلك أنها الآلاف من ذبابات النار Fire Flies واسمها العلمى Photinaspiralis أو فوتون اسبيرالس!!
أما فى الحرب العالمية الثانية فقد توهجت الجروح والأربطة عند بعض الجرحى، وكان شفاء الجروح أسرع من الجروح العادية، ذلك لأن البكتيريا المضيئة غير ضارة، جدير بالذكر أن البكتيريا الضارة ٤٪ فقط، أما ٩٦٪ منها فهى مفيدة للإنسان.
هل سمعتم عن البحار المتوهجة فى تكساس؟ اضرب بمجدافك فى المياه.. تتوهج، خذ من هذه المياه فى زجاجة ورجها، تضىء..! تستطيع أن تقرأ على نورها!
هناك ديدان مضيئة.. كشافان أماميان أبيضان، وكشافان فى مؤخرة الدودة أحمران وكأن أنوار السيارات فكرة حشرية وليست بشرية!
هناك أم الخلول المضيئة.. تشتعل أفواه الصيادين عند أكلها.. اسمها Pholos Dactylus استفادت اليابان من القشريات المضيئة فحولتها إلى بودرة، ووزعتها على الجنود، وبقليل منها فى كف الجندى وحكها بالكف الأخرى، يحصل على مصدر ضوئى ينير له الطريق أو يقرأ عليه!
هناك نوع من عيش الغراب المضىء اسمه Pannus، أخذه أحد الرحالة «دراموند» وعلقه فى غرفته فى أفريقيا، رآه الأهالى، خرجوا من غرفة دراموند يصرخون شينجا.. شينجا! أى عفريت.. عفريت!
إن إشارات الموانئ الضوئية، شجرة عيد الميلاد، كلها أفكار حشرية ضوئية ظهرت للوجود قبل أفكارنا البشرية بملايين السنين!
ما هذا الضوء العجيب؟! لا بترول ولا كهرباء ولا محطة ضبعة نووية؟! إنه أمل المستقبل فى الإضاءة النظيفة التى لا تخلف نفايات!
إنه اللوسفرين العجيب Luciferin الذى يطلق الضوء بإنزيم اسمه Luceferaze مخلفاً ماءً فقط.. لا نار ولا حرارة ولا عوادم!! إن وقوده هو A. T. P أو أدينوزين تراى فوسفات! ألا نستطيع أن نحقن لوسفرين فى خلايا العقول الإرهابية لعلها تضىء وتصبح كائنات مضيئة؟!

Friday, March 6, 2015

سيدى الرئيس: شكراً ونحن نمد أيدينا محمد أبو الغار المصرى اليوم 6/3/2015


شكراً للرئيس على اهتمامه بالرد على المواطنين بلغة حضارية راقية، وهذه إحدى الخطوات المهمة فى طريق الديمقراطية.
سيدى الرئيس، سوف نرسل لمكتبكم بالرئاسة فى أقرب فرصة دراسة مختصرة عن القوانين التى بها شبهة عدم الدستورية، والتى قد تتعارض مع الديمقراطية. أما بالنسبة لمساندة قائمة «حب مصر»، فأنا متأكد- بما لا يدع مجالاً للشك- من حيادك التام، ولكن ما ذكرت هو تدخل الدولة، وما قصدته هو قوى أمنية وسيادية تتصرف وحدها، وقد سبق أن أوضحت لنا حيادك فى لقائكم مع قيادات الأحزاب، وأنا أصدقك فى ذلك تماماً.
أولاً: لقد تسلمتم الرئاسة فى ظروف غاية فى الصعوبة، ولاتزال الأمور معقدة، فالإرهاب فى سيناء مازال يعمل، بالرغم من الجهود الجبارة التى تبذلها القوات المسلحة والشرطة، وتكبد شهداء أعزاء علينا جميعاً، وفى الغرب هناك تهريب لأسلحة ثقيلة ومتقدمة مع بعض العناصر الإرهابية، وفى الجنوب تهريب أسلحة، وفى الداخل مازالت فلول الإرهاب تفجر وتدمر وتحرق.
ثانياً: كما شرحتم لنا بالتفصيل أن الظروف الاقتصادية صعبة، بالرغم من المساعدات الخليجية ورفع جزء من الدعم، ولكن مازال الطريق صعباً.
ثالثاً: فى هذا العالم المتقلب توجد قوى ظلامية لها تحالفاتها ونفاذها إلى قوى غربية كبرى ودول فى الشرق الأوسط، وهذا يتطلب منا الحذر والعمل بكل قوة فى كل العالم.
رابعاً: نحن نريد دولة قوية لها أجهزتها المحترمة المحترفة، ونحن نعارض بكل شدة كل من يدعو أو يحاول إسقاط الدولة، ولكننا نعرف جيداً أن قوة الدولة تكمن فى نظامها الديمقراطى، وفى تطبيق العدالة وحقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين، وتمنع تغول إحدى السلطات على الشعب.
خامساً: نريد حماية المجتمع المدنى، ومساندة النقابات المهنية والعمالية والأحزاب السياسية، فهذا ضمانة لاستمرار الديمقراطية والقضاء على القوة الإرهابية.
سادساً: فى هذا الوقت الحرج، أعتقد أن الكثير من القوى السياسية وغير السياسية تمد يدها تطلب أن تساعدكم، وهى لا تطلب جاهاً ولا وظائف ولا سلطانا ولا أموالا، نحن نريد أن نساعد بكل قوة، وعلى الدولة أن تساند بفتح المجال الديمقراطى، بسرعة الإفراج والعفو عن جميع الشباب المدنى المسالم، بالتأكد من توقف تسلط الداخلية ومعاقبة الذين تسببوا فى القتل، وتدعو كل الشباب إلى أن ينضموا للمسيرة ونتحمل مطالبهم بقلب منفتح.
سابعاً: لقد كان حكم الدستورية سبباً فى تأجيل الانتخابات، ولو تم التأجيل شهراً أو شهرين تتم فيهما صياغة قانون جديد للانتخابات يتفادى الأخطاء الجوهرية، ويؤدى ذلك إلى انتخاب برلمان حقيقى يساندك ويتقبله الجميع فى الداخل والخارج، وهذه فرصة أرجو ألا نتركها تمر. وأخيراً هيا يا شعب مصر، وهيا أيتها القوى المدنية الديمقراطية بنا جميعاً لنساند مصر القوية المدنية الحرة.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.