Translate

Saturday, January 31, 2015

حسنى مبارك قال: شعب عايش سفلقة!! بقلم د. وسيم السيسى ٣١/ ١/ ٢٠١٥

طلب السيد الرئيس السيسى من العالم كله، الممثل فى المؤتمر الاقتصادى فى دافوس بسويسرا، أن يصفق للشعب المصرى العظيم صاحب الحضارة التى أنارت العالم كله، وبدونها كان شكل العالم سيكون مختلفاً كما قالت كارين شوبارت عمدة مدينة برلين، تذكرت فوراً حادثاً مؤسفاً للرئيس السابق حسنى مبارك فى حديث صحفى مع صحفيتين كويتيتين، حين قال لهما.. الشعب المصرى عايش سفلقة!! ردت واحدة منهما: لا أحد يتحدث عن شعبه بهذا الشكل يا سيادة الرئيس.
قرأ الأستاذ جمال بدوى هذا الحوار، وكان رئيساً لتحرير جريدة الوفد، فكتب مقالاً بعنوان: أصابت صحفيتان وأخطأ الرئيس!
فى نفس اليوم، تعرض جمال بدوى لحادث مروع كاد أن يقضى على حياته، نقلوه إلى المستشفى، اتصل به الرئيس مبارك قائلاً: ازيك يا أستاذ جمال؟! قال جمال بدوى: حرمت ياريس! ولكنى رئيس تحرير جريدة معارضة! شوف لى مكان آخر! عينه الرئيس مبارك رئيساً لتحرير مجلة الأزهر.
هذا هو الفرق بين رئيس ورئيس، رئيس يحب شعبه ويجعل العالم كله يصفق له، ورئيس يكره شعبه ويدعى عليه أنه عايش سفلقة!
كان الملوك فى مصر القديمة، إذا اضطرت مصر للحروب يكونون فى مقدمة صفوف الجيش، نجد مثلاً فى حرب التحرير من الهكسوس كان سقنن رع «الأسرة ١٧» أول من استشهد فى هذه الحرب، كما استشهد ابنه الأكبر كاموس، وأخيراً تم التحرير على يدى أحمس، يقول المؤرخون كانت حرباً مروعة، براً وبحراً، توقفت النساء عن الإنجاب من هول المعارك، نجد فى المتحف المصرى قاعة المومياوات بها جثمان سقنن رع وجثمان ابنه كاموس.. شاهدين على التاريخ!
كاد رمسيس الثانى أن يفقد حياته لأنه تسرع بجيش واحد «آمون» من أربعة جيوش! نجد تحتمس الثالث، مؤسس الإمبراطورية، يخترق ممر عرونا وهو فى مقدمة جيشه!
وهذا الشعب العظيم قام بثورة ضد الملك بيبى الثانى «الأسرة السادسة»، وثار ضد الهكسوس وطردهم، وثار ضد الآشوريين والإثيوبيين «بسماتيك الأول»، ثم قامت ثورات ضد الفرس حتى طردناهم، ثم قامت ثورات ضد البطالمة ثم الرومان ثم ٧ ثورات ضد العرب كانت أخطرها ثورة البشموريين حتى جاء المأمون وقتل من المصريين حوالى ستمائة ألف!!
وأخيراً فى العصر الحديث كانت ثورة عرابى التى أجهضها الخديو توفيق بمعونة الإنجليز وبعض الخونة مثل على خنفس!
مات عرابى ١٩١١ فقامت ثورة سعد زغلول ١٩١٩، ثورة مصرية ضد إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس فى عز انتصارها فى الحرب العالمية الأولى، وأخيراً كانت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ التى فجرها الأطهار، وتسلق عليها الفجار، فكانت ثورة ٣٠ يونيو، استكمالاً لثورة ٢٥ يناير، أما ما بين ١٩٥٢، ٢٠١١ فقد كان انقلاباً عسكرياً دعمه الشعب بعد ذلك.
هذه الأكاذيب الوقحة التى يرددها الأعداء ومن بعدهم الأغبياء:
١- شعب خانع لا يثور.
٢- شعب فراعنة ظالم.
٣- شعب كان عابداً للأوثان.
قُطعت ألسنتكم وشلت أياديكم أيها الصهاينة وأتباعكم الممولون.. المغيبون.. اللصوص الذين نهبوا مصر، ويكفى مأساة منجم السكرى والخائن الذى وقع على العقد وهو عقد إذعان! ألا يعرف هذا الخائن أن الملك فاروق أمر بعدم الاقتراب من هذا المنجم لأن مصر غنية ودائنة لإنجلترا بالرغم من أنها دولة محتلة، وقال الملك فاروق: احتفظوا بمنجم الذهب هذا للأجيال القادمة. منكم لله!!

Tuesday, January 27, 2015

تحية إلى ذكرى ٢٥ يناير بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ١/ ٢٠١٥

احتفلت مصر أول أمس بذكرى ٢٥ يناير، وهى الثورة الشعبية العظيمة التى شارك فى صنعها ملايين من المصريين الوطنيين من مختلف الاتجاهات والمستويات الاجتماعية والثقافية، وانتهت بإزاحة مبارك وعائلته وقيادات الحزب الوطنى، ومع ذلك لم تحقق الثورة كل أهدافها. ولكنها حققت أشياء مهمة أولها التغيير الكبير والإيجابى فى الشعب المصرى، الذى نفى عن نفسه المقولة بأنه شعب يخاف ولا يدافع عن حقوقه، وأصبح المصرى الآن مختلفاً تماماً عما قبل ٢٥ يناير. أصبح له رأى ولم يعد يخاف استبداد الحاكم أو الوزير أو المدير أو الداخلية. الآن المصرى يطالب بحقوقه بصوت عال ويجهر برأيه فى كل مكان. صحيح أن زبانية مبارك من عشاق الديكتاتورية والقهر للشعب يسعون إلى تقييد الحريات، وحبس الشباب، ومنع النقد للدولة، والعودة إلى أيام مبارك، ولكن ذلك مستحيل.
والمكسب الثانى المهم للثورة وهو القضاء على الفساد الكبير. كلما نذكر أنه كان هناك عدد من الوزراء الحرامية ظلوا فى مقاعدهم سنوات طويلة والعالم كله يعرف عن فسادهم. الآن مستحيل أن يكون هناك وزير واحد حرامى، الجميع يخاف من الشعب.
والمكسب الثالث هو كتابة دستور عظيم لنا ولأولادنا.
أما باقى مطالب الثورة- عيش، حرية، كرامة إنسانية - فلم تتحقق ومازال الطريق طويلاً أمام رفع مستوى معيشة الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية لأسباب أهمها الظروف الاقتصادية الحالية.
وكان استيلاء الإخوان على السلطة كارثة بالنسبة للوطن كادت أن تؤدى إلى أخونة الدولة وإلغاء الهوية المصرية، ومن ناحية أخرى عرف الشعب الإخوان على حقيقتهم، ومن الصعب أن تعود لهم شعبيتهم لسنوات طويلة.
أما الموقف من الحريات فمازال مرتبكاً، فالإرهابيون يقتلون ضباط وجنود الجيش والشرطة، والشرطة الآن تستخدم نفس أساليب ما قبل الثورة من التعدى على المواطنين بأقذع الألفاظ والأذى الجسدى، خاصة الشباب والفقراء. وقد أدى ذلك إلى كراهية شديدة من الشعب تجاه الشرطة. وقد قتلت الشهيدة شيماء ليلة ٢٥ يناير بخرطوش الشرطة وهى تحمل الورود لوضعها بجوار تمثال طلعت حرب وسط مجموعة صغيرة من الشباب المسالم فى مشهد كارثى، مثلما قامت الشرطة باستخدام عنف مبالغ فيه فى الجامعات المدنية، ولم تفرق بين إخوان يحرضون ويدمرون وطلبة وطنيين محتجين. فوحدت مئات الآلاف من الطلاب ضد الداخلية والدولة والرئيس وهو أمر كارثى. تصرفات الشرطة لا تساعد الرئيس بل تسبب له مشاكل وتخفض شعبيته. استشهاد هذه الشابة الرائعة أدى إلى تذمر كبير، وزاد فى حدة غضبنا جميعاً من السلطة، وهو أمر خطير تحدث عنه الرئيس ولكن لم يفعل شيئاً.
الثورة المصرية كانت شيئاً عظيماً وسوف تحقق مطالبها بعد فترة مثل كل الثورات.
وسوف أكمل لقاء الأحزاب مع الرئيس فى الأسبوع القادم.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, January 26, 2015

متى ولماذا تثور الشعوب؟ بقلم د. عماد جاد ٢٦/ ١/ ٢٠١٥

يستسهل قادة وكوادر الجماعات والتنظيمات القريبة منهم فكرياً الحديث عن «ثورة»، يتحدثون وكأنهم يقبضون على أدوات «تفجير» الثورة، يتحدثون دون خبرة ولا دراية، يتعاملون مع الثورة وكأنها وليدة خطة قابلة للتكرار فى أى وقت، وكأن الشعوب تثور كلما طلب منها فصيل ذلك، دون اعتبار للحقائق القائمة وعلاقة مؤسسات الدولة بعضها ببعض. وحتى تتضح هذه القضية نعود لتذكر ما جرى فى أواخر عهد مبارك وماذا كانت طبيعة العلاقة بين مؤسسات الدولة.
تعرض الشعب المصرى فى آخر عشر سنوات من حكم مبارك لضغوط هائلة ولم يتحرك بشكل جماعى للاحتجاج، ناهيك عن الثورة، تعرض لظلم بين من رجال مبارك على كل المستويات، وتحملت الطبقة الوسطى والشرائح الدنيا فى المجتمع المصرى سياسات الإقصاء والتهميش، وكان التدهور المتواصل هو حال هذه الفئات التى ظلت تنتقل من مرتبة دنيا إلى مرتبة أدنى، والنظام مهموم بتسمين قططه المحيطة بالوريث، ولم يتوقف ظلم النظام، وتحديداً مع بروز وتقدم مشروع التوريث، عند حدود، فالأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً، لدرجة أن وزير المالية، يوسف بطرس، عندما قرر فرض ضريبة على العقارات لم يستثنِ الشقق والعقارات التى يستخدمها أصحابها، وعندما تعالت أصوات بعض مالكى الشقق والعقارات فى مناطق مميزة لا تسعفهم قدراتهم المالية على دفع الضريبة لسكن ورثوه، لم يجد حرجاً فى أن يطالبهم ببيعه والبحث عن سكن أقل حتى لا يدفعوا عليه ضريبة عقارية، طلب من مواطنين مصريين أن يبيعوا شققهم وعقاراتهم التى عاشوا فيها عشرات السنين وورثوها عن آبائهم حتى يدفعوا ضريبة عقارية فى وقت كان كبار رجال الأعمال يربحون فيه مئات الملايين بل المليارات عبر شراء أراضٍ ومشروعات وشركات عامة وتشغيلها أو بيعها بعد إعادة تأهيلها. ازداد ظلم نظام مبارك وتضخمت ثروات رجال الوريث، وعانى بسطاء المصريين من ظلم بيّن وبات بعضهم عاجزاً عن توفير مستلزمات علاج الأبناء فى وقت سطا فيه رجال الأعمال على مخصصات العلاج على نفقة الدولة، بل إن مواطنين مصريين أقدموا على الانتحار هرباً من العجز عن الإنفاق على الأسرة والأبناء، كل ذلك ورجال أعمال النظام يراكمون الملايين والمليارات، وهناك من كان لديه أكثر من طائرة خاصة. لم يجد النظام غير عصا الأمن لحفظ النظام وتمرير مشروع التوريث، تمددت قدرات الأمن واتسعت وباتت الشرطة جاهزة للتصدى للقوات المسلحة إذا فكرت الأخيرة فى التحرك لمنع تنفيذ خطة التوريث، وكان الوريث سخياً مع وزير الداخلية، حبيب العادلى، فوفر له كل ما يحتاج من أموال لشراء قنابل الغاز وأحدث منتجات مصانع أدوات القمع والقهر، حول وزارة الداخلية إلى ترسانة سلاح وحرص على أن يكون عدد قوات الأمن التى تتصدى لأى مظاهرة ضد النظام أو مشروع التوريث أضعاف عدد المتظاهرين حتى تصل لهم رسالة الإحباط. حانت اللحظة وقرر شباب مصرى «التنكيد» على الشرطة فى يوم عيدها الوطنى الذى يصادف الخامس والعشرين من يناير وهى كانت مناسبة عزيزة على المصريين، عندما تصدى رجال الشرطة فى مدينة الإسماعيلية فى ٢٥ يناير ١٩٥٢ لقوات الاحتلال البريطانى واستشهد عدد منهم، فاتخذ اليوم عيداً للشرطة. قرر شباب مصرى التعبير عن رفضهم لسياسات جهاز الشرطة عمليات التعذيب والسحل والظلم الذى تجسد فى قتل الشاب خالد سعيد، أيقونة الثورة المصرية، لم تكن القضية قتل خالد سعيد بطريقة بشعة، ولكن المشكلة الكبرى كانت فى غطرسة وغرور النظام، فى فبركة تقرير للشرطة وتواطؤ مصلحة الطب الشرعى على النحو الذى جعلهم يخرجون مسرحية أن الشاب خالد مات مختنقاً، بعد أن ابتلع لفافة بانجو، جرى ذلك بينما كانت آثار التعذيب والضرب المبرح بادية على جسد خالد سعيد. امتلأت الصدور غضباً على نظام يقتل شباباً مصرياً فى عمر الزهور، وتصاعد الغضب بفعل تواطؤ مؤسسات وأجهزة الدولة المصرية التى حولت شابا مات تحت التعذيب وهو فى عمر الزهور إلى مدمن اختنق من ابتلاع لفافة بانجو، حانت اللحظة وخرج الشباب للاحتجاج على ظلم الأمن، فكان الرد العنيف وتبلد رأس النظام، فاتسعت كرة اللهب حتى تهاوت الشرطة فى الثامن والعشرين من يناير وعبثاً حاول الرئيس العجوز إنقاذ الموقف ولكن بعد فوات الأوان، ولم يكن أمامه إلا الرحيل ثم السجن ومعه الوريث فى نهاية مأساوية لعسكرى مصرى نال نياشين عدة، استهان بقوة الشعب وصبره فكانت الثورة التى زجت به إلى السجن. كان موقف القوات المسلحة المصرية هو الفيصل فى نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد كان الجيش المصرى مستعداً لتبنى مطالب الشعب ولم يكن وارداً لديه استخدام القوة ضد الشعب دفاعاً عن نظام قهر المصريين وخطط للتوريث.
لم يستوعب مرسى وجماعته الدرس، ومارس سياسة استهداف مؤسسات الدولة، وواصل العمل من أجل مصلحة الجماعة، الأهل والعشيرة، ومن ثم كانت الثورة من جديد فقد كرر مرسى فى عام واحد أخطاء مبارك التى تراكمت على مدار سنوات طويلة، ويكفى أن نشير هنا إلى تعامل نظام مرسى مع قضية محمد الجندى على نحو لم يختلف عن تعامل نظام مبارك مع قضية خالد سعيد، أيضاً لم يختلف بطء مرسى وتبلده عن مبارك!! كان الإخوان يرددون أن مرسى رئيس منتخب ولا يجوز الخروج عليه!! ويقول لنا جون لوك، الفليسوف الإنجليزى، أحد آباء نظرية العقد الاجتماعى «إن الحكم أمانة شعب عند الحاكم ويمكنه استردادها فى أى وقت عند إساءة التصرف» ويضيف «الحاكم يتعهد بالحفاظ على حقوق الشعب فى الحرية والحياة والتملك، فإذا لم يلتزم الحاكم بأحكام الوديعة وإذا ما سلب المحكومون حقوقهم، من حق المحكوم أن يثور ضد السلطة دفاعاً عن النظام العام وليس بغرض تحقيق الرغبات الفردية، ومن ثم فالثورة هدفها تحقيق النظام والأمن وليس العصيان، هدفها تحفيز السلطة الجديدة على مراجعة أخطاء السلف والتفكير فيها لإصلاحها حتى لا تقع الثورة مجدداً، فالثورات تقع نتيجة ظلم النظام ورغبة الشعوب فى تصحيح الموقف. أما الأب الروحى لنظرية العقد الاجتماعى الفرنسى، جان جاك روسو، فيقول «الشعوب تملك السلطة والسيادة ولها الكلمة الفصل، والمناصب العامة تعين من قبل سلطة الشعب التى تمنح وتحاسب فى نفس الوقت». باختصار تثور الشعوب على الحاكم الذى يصم أذنيه ويغلق عينيه ويصمت كالقرود الصينية الثلاثة، أو الحاكم ذى الجلد «التخين» تثور عليه استرداداً لوديعتها، فمن لا يكون أميناً فى حفظ الوديعة وصيانتها تُنزع منه وتُمنح لغيره. وقد نُزعت الوديعة من مبارك ومن بعده الإخوان، لأن أياً منهما لم يكن أميناً على الوديعة فاستردها الشعب فى يناير ٢٠١١ ثم يونيو ٢٠١٣.

شيماء الصباغ.. فضحتنا جميعاً........ محمد البرغوثي...... الأحد 25-01-2015 .... جريدة الوطم

لن أستبق نتائج التحقيق وأتهم طرفاً بعينه بقتل شيماء الصباغ عصر السبت الماضى فى قلب القاهرة.. ولكنى شأن السواد الأعظم من الناس طالعت وجهها الآسر الجميل بلوعة حارقة، ورأيت كل الصور والمشاهد التى تداولتها المواقع، وقرأت وسمعت ما نشرته الصحف وما بثته الفضائيات، وكأنى أرى وأسمع وأشارك فى محفل مجوسى خسيس، يتسابق فيه بعض ممن فقدوا حاسة الشرف، وبعض من «الحلاليف» الذين فقدوا حاسة الرحمة، فى دهس وقتل أيقونة نبيلة.. وكلما توغلوا فى توحشهم المقزز، طفرت من أناتها المكتومة ومن دمائها الزكية ومن نظراتها الأخاذة، ومن ملامحها المبتسمة دائماً، ملايين الأدلة الدامغة على قبح وانتهازية وانعدام كفاءة قطاع كبير من النخبة المصرية بكل مكوناتها.

نعم، هذا القطاع من النخبة الذى يضم سياسيين وإعلاميين وضباط شرطة هو منبع الخزى والعار فى هذا البلد.. سواء من تقنّع منهم بأنه «وطنى أصيل يدافع عن السيسى وعن الجيش وعن الشرطة».. أو من تقنّع منهم بأنه ثائر أبدى ضد السيسى والجيش والشرطة والإخوان والإرهاب معاً، كلا الطرفين ارتكب جريمة سياسية بشعة، انتهت بـ«استشهاد» سيدة شابة برصاص حى خرج من سلاح رعديد جبان، أو من سلاح متآمر خائن.
هنا.. والآن، وقبل أن تصل التحقيقات إلى نتيجة عادلة أو إلى نتيجة ملفقة، ينبغى أن نفحص جيداً هذا الأداء «منعدم الوعى» لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى نظم هذه المسيرة بهدف وضع أكاليل زهور فى ميدان التحرير ترحماً على شهداء ثورة 25 يناير.. وبعد دقائق من تحركهم راحوا يهتفون: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، دون أدنى إدراك لخطورة الظرف السياسى الرهيب الذى عصف بعدد من الدول الراسخة فى الوطن العربى، تحولت تحت رايات مطالب الحرية والعدالة إلى أنقاض وخرابات، وتفككت إلى ميليشيات وإمارات وقبائل ودويلات فاضت تحت حوافرها الكافرة أنهار الدماء العربية، وغصت خيام اللاجئين فى الصحارى بملايين المواطنين العرب الذين فقدوا الأرض والبيت والعرض.. وتدنت مطالبهم إلى مجرد الحلم بحماية نسائهم وبناتهم من الاغتصاب أو البيع فى أسواق النخاسة.
أى وعى سياسى هذا الذى يقود مثقفاً لديه ذرة من ضمير، إلى الموافقة على تنظيم أى مسيرات فى هذا الظرف العصيب الذى تقف فيه مصر على حافة كارثة، التهمت ليبيا والعراق وسوريا واليمن والسودان، ولم يعد أمامها غير مصر وجيشها حتى يعم الخراب كل أرجاء الوطن العربى دون استثناء واحد؟!
وإذا كان لدى هؤلاء الذين نظموا هذه المسيرة أى تبرير سياسى يمكن قبوله، فكيف لأى شخص لديه إحساس بالشرف، أن يحترم أياً من هؤلاء «المثقفين والسياسيين» وهو يراهم فى عشرات الصور وقد تركوا الشهيدة شيماء الصباغ مرمية على الأرض وتظاهر كل منهم بأنه عابر سبيل «انظروا جيداً إلى الصور سترون الدكتور زهدى الشامى عضو المكتب السياسى للحزب وهو يتظاهر بأنه لا علاقة له بهذه المسيرة، وإمعاناً فى التنصل يشعل سيجارة وهو على مسافة قصيرة من شيماء الغارقة فى دمائها.. وها هو إلهامى الميرغنى المنظّر الاقتصادى للحزب يعطى ظهره للقتيلة ويأخذ طريقه إلى الاختباء.. ثم يظهر طلعت فهمى الأمين العام للحزب فى أكثر من صورة وهو يأخذ طريقه بعيداً عن شيماء وكأن ما يدور لا يعنيه فى أى شىء..».. هل أقول إن إنساناً يترك إنسانة يعرفها غارقة فى دمائها دون أدنى مساهمة فى إنقاذها، لا يمكن أن يؤتمن على مصالح وطن.. ولا يمكن أن أصدقه عندما يدّعى أنه كان فى مسيرة لإحياء ذكرى شهداء لا يعرفهم؟.. نعم أقولها.
هنا.. والآن أيضاً، ينبغى أن نحترس أشد الاحتراس من كل هؤلاء الذين سارعوا إلى تبرئة الشرطة من قتل شيماء.. وقاموا بتلفيق أدلة لإنقاذ الشرطة من التهمة، لأن هؤلاء يلوثون شرف الوقوف مع الدولة ضد الفوضى، ويدفعون الشرفاء غصباً إلى إخلاء مساحة الوقوف مع الدولة لهذا الصنف من الانتهازيين السفلة.. وهو ما سوف يؤدى -إذا استمر- إلى أن يجد الرئيس السيسى نفسه محاطاً فقط بهؤلاء الكذبة الفاسقين.
هنا.. والآن ثالثاً، لا ينبغى نسيان أن الشرطة ما زالت تضم بين صفوفها ضباطاً معدومى الكفاءة، بعضهم لا يجيد غير الضرب بالرصاص الحى والقسوة المنحطة فى التعامل مع البشر كلما وجد نفسه فى مواجهة أزمة.. وبعضهم يتصور أنه لن يستعيد كرامته التى أهانتها ثورة 25 يناير إلا بسحق كل من يرفع شعارات هذه الثورة.. وهؤلاء مع الإعلاميين الفسقة والانتهازيين أخطر على الدولة واستقرارها من «الإخوان» الذين لا يجيدون شيئاً غير الغدر وإحداث الفتنة.. ولا أستبعد -هنا أيضاً- أنهم ربما كانوا وراء قتل هذه الشابة النبيلة التى غادرت الحياة وتركت أكثرنا شرفاً ومروءة ووطنية مثقلاً بإحساس فادح بالخزى والعار.

Saturday, January 24, 2015

رسالة إلى السيد الرئيس من امرأة مصرية فى لندن بقلم د. وسيم السيسى ٢٤/ ١/ ٢٠١٥

إنها الدكتورة هالة سليم سليط بجامعة هرتفورد شاير Hertford Shire Uniy، وهى President Of The Egyptian British Education Society U. K فى زيارتها الأخيرة للقاهرة، شرفتنى بالزيارة لمنزلى، فهى وزوجها أ. د. هشام قدور، أستاذ جراحة الأنف والأذن والحنجرة بإنجلترا، أصدقاء للأسرة منذ وقت طويل.
قالت الدكتورة هالة: تمنيت لقاء الرئيس، ففى عقلى الكثير الذى أحب أن أقوله له، قلت لها: السيد الرئيس يرى أن أعظم كلمة فى قاموس أى لغة إنما هى كلمة نقد، بمعناها العلمى أى: ذكر الإيجابيات، ثم السلبيات، ثم طرق العلاج.
قالت زائرتى: سأرسل لك خطاباً للسيد الرئيس، قلت: سأنشره وأرجو أن يقرأه:
سيدى الرئيس: أزمة مصر الحقيقية ليست فى الفقر ولكن فى الفكر والأخلاق، فالإنسان هو عماد الحضارة، ونحن فى حاجة إلى إعادة بناء الإنسان المصرى الذى انحدرت أخلاقه، وانهارت قيمه، وتحجر عقله، لذا نحن فى أشد الحاجة لثورة فى التعلم والتعليم.
ثورة إعادة بناء الإنسان تساهم فيها كل مؤسسات المجتمع.. تعليمية.. ثقافية.. إعلامية.. دينية.. صحية.. فنية، نحن فى حاجة إلى تغيير سياسات لا تغيير أشخاص أو حكومات.
سيدى الرئيس.. إذا أردت مستقبلاً أفضل لبلدنا المحبوب مصر، عليك بالتعليم فهو قلب وروح هذه الثورة، ويجب أن يكون التعليم هو مشروع مصر الأول والقومى، كما يجب أن يبنى على مناهج حديثة تدعم الهوية المصرية، تعليم يرسخ ثقافة العمل، والسياحة، وفهم الآخر، فالسياحة ثقافة قبل أن تكون صناعة، ومصر حتى الآن دولة آثار وليست دولة سياحة.
نريد تعليماً يا سيادة الرئيس مبنياً على اكتساب مهارات وليس حشو معلومات، تعليماً يتحدى الإرهاب وتحجر العقول، لتكن خطتك يا سيادة الرئيس هى إرجاع الإنسان المصرى إلى هويته التى ضاعت، وضميره الذى مات، لتكن ثورتنا القادمة هى ثورة الثورات، هى ثورة إعادة بناء الإنسان.
انتهى خطاب الدكتورة هالة سليم للسيد الرئيس.
ولى تعليقات سريعة أضمها لهذه الرسالة المخلصة لمصر، أولاً.. الأخلاق والضمير هى نتاج ثقافة، وهذه الثقافة هى نتاج الثواب والعقاب، أى سيادة القانون، جونار ميردال، عالم الاجتماع والاقتصاد السويدى، وجد أن العامل المشترك بين الدول الرخوة Soft States الفاشلة، إنما هو غياب سيادة القانون «الدراما الآسيوية ص٢٧٠».
فى قناة فوكس نيوز.. جاءت المذيعة بالبائس أوباما، والتعيس هولاند وهما يتحدثان عن كارثة «شارلى إبدو»، ثم جاء الرئيس السيسى وهو يطالب بثورة فى الخطاب الدينى، كان تعليق الضيوف: هذا هو الرئيس الذى يحتاجه العالم الآن! إنها الشجاعة فى مواجهة المشاكل وليست دغدغة مشاعر الشعوب.
نريد تعليماً أوصى به زكى نجيب محمود: «مجتمع جديد أو الكارثة»، نريد تعليماً تمناه الشيخ محمد عبده حين ذهب إليه طالب يقول: حفظت البخارى من الجلدة للجلدة، فكان رد الشيخ المستنير: زادت نسخ البخارى نسخة»!
رجل الدين الجاهل يثير احتقارنا ورجل الدين المتعصب يثير اشمئزازنا، أما رجل الدين المثقف الواعى فهو الجدير بحبنا واحترامنا «فولتير».
هذا الإخوانى الذى قال: تنقية المناهج تحتاج إلى ثلاث سنوات!!
أرد عليه: لا تحتاج لأكثر من ثلاثة أسابيع، عيب عليك يا رجل.. شق قناة جديدة سنة، وتنقية بضعة كتب ثلاث سنوات؟!
قال حكيم مصر القديمة بتاح حتب: العلم هو غاية الإيمان بالله، والجهل هو غاية الكفر به!!

Tuesday, January 20, 2015

لقاء ناجح مع الرئيس(١) بقلم د. محمد أبوالغار ٢٠/ ١/ ٢٠١٥

التقى الرئيس، الأسبوع الماضى، مجموعة من الأحزاب المصرية. وسوف أكون صريحاً بأننى كنت متخوفاً من هذا اللقاء، الذى تأخر كثيراً، خشية أن يحدث صدام بين بعض الحاضرين والرئيس، ولكننى فوجئت بالطريقة التى تحدث بها الرئيس، وكانت واضحة فى احترام الجميع والتحدث بوضوح وهدوء، والاعتناء بكل ما قاله الحضور بأدب وذوق شديدين.
وقد أفاض الرئيس فى التحديات التى تواجه الدولة وجزء منها تحديات سياسية تتعلق بالعلاقات مع البلاد العربية والدول الأوروبية وأمريكا وروسيا، وتحدث عن مشكلة سد إثيوبيا ورغبته فى الوصول إلى اتفاق ووثيقة دولية تنص على موافقة مصر على بناء السد (وهو أمر واقع الآن) مع عدم تخفيض حصة مصر من المياه، وأن يتم ملء السد على مراحل لا تؤثر على مخزون المياه خلف السد العالى. وتحدث عن العلاقات الوثيقة مع الإمارات والسعودية وحجم المعونات التى تلقتها مصر بعد ٣٠ يونيو من هذه الدول، وأن المعونات الأوروبية التى تم التعهد بها منذ ٢٠١١ لم تصل حتى الآن.
وتحدث عن ٣٠ يونيو قائلاً إنه ليس رجلاً سياسياً ولكنه تحرك لإنقاذ مصر بعد ثورة الشعب، وإنه بدون الملايين التى نزلت فى الشوارع ضد حكم الإخوان الفاشى فإنه كان مستحيلاً أن يفكر فى أن يتدخل الجيش، وإنه تدخل للحفاظ على الدولة المصرية التى كان الإخوان يخططون لهدمها، وإنه محايد بين كل القوى ويعمل على تماسك الدولة ولا يدعم أحداً إلا الشباب.
وكان الحديث عن الاقتصاد مرعباً، فبالرغم من المعونات الضخمة التى قدمتها الإمارات والسعودية ودول أخرى فإن الوضع الاقتصادى يتطلب استثمارات هائلة وعملا مكثفا وتفهما من الشعب بحقيقة الوضع، وأن يتم تخفيض الإنفاق فى الدولة فى جميع الاتجاهات؛ حتى يتفهم الشعب حجم المشكلة وتخف المطالبات الحالية.
وتحدث الرئيس عن التحديات الدينية وأنه لا بد من مراعاة أن مصر دولة مدنية، ولكن الدين الإسلامى والمسيحى عليهما أن يتعايشا، وأوضح أنه يرفض التشدد فى الدين بما ليس فيه.
وتحدث عن الأمن، وأوضح أنه حدث تقدم كبير فى سيناء، ولكن الطبيعة فى الأرض وفى الناس وحجم الأسلحة وتدريب الإرهابيين تقف عائقاً أمام الانتهاء السريع منهم، مع مراعاة أن الدولة لا تبيد قرى بأكملها بما فيها الإرهابيون كما قامت بعض الدول أثناء مكافحة الإرهاب.
وتحدث عن الطاقة وأننا نحتاج إلى ٤٠ مليار جنيه لإصلاح الطاقة فى الصيف القادم، وأن الصين سوف تمول من ٣٠ إلى ٥٠ مليارا للطاقة بينما صندوق تحيا مصرجمع ٥ مليارات فقط.
وفى النهاية طلب الرئيس مقترحات وشكاوى ولكن مع حلول منطقية وممكنة لها.
وفى الأسبوع القادم سوف أتحدث عما قالته الأحزاب.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, January 19, 2015

الثقافة العربية ونظرية المؤامرة بقلم د. عماد جاد ١٩/ ١/ ٢٠١٥

المؤامرة جزء من التاريخ الإنسانى ولا يمكن إنكار وجودها، ولكن التعامل مع المؤامرة باعتبارها المفسر الوحيد أو الأول للأحداث داخلية وخارجية يدفع بمن يحمل هذا الرأى إلى الوقوع فى أسر هذه النظرية، فلا يرى فى المخالف له داخليا والمغاير له دوليا إلا متآمرا يسعى إلى القضاء عليه أو الحط منه. وللوقوع فى أسر نظرية المؤامرة جذور ثقافية وسياسية، فهناك ثقافات تبنى نظريات كاملة على مؤامرات الآخرين وترى أن كل ما تتعرض له من مشاكل أو عثرات وربما كوارث إنما هو جزء من مؤامرة كبرى تستهدف النيل من المستهدف، فحيثما وقعت مصيبة أو كارثة أو حدثت انتكاسة أو فشل، فالحجة جاهزة هى مؤامرة الآخرين النابعة من الحقد والكراهية. أيضا لعبت النظم السياسية دورا كبيرا فى تغذية نظرية المؤامرة، فقد تلقفت الجذر الثقافى الممهد للوقوع فى أسر نظرية المؤامرة وقامت بتغذيته والنفخ فيه، فنحن لم نحقق التقدم الاقتصادى بسبب مؤامرات الصهيونية العالمية والغرب الحاقد، ولم نطور تعليمنا نتيجة محاربة الغرب الحاقد علينا، ولم نسجل مكانة متقدمة على أى مقياس لترتيب الدول الأكثر رقيا سواء فى الديمقراطية، الحرية، التسامح، احترام حقوق الإنسان نتيجة مؤامرات الغرب الحاقد علينا، واحتلت دولنا صدارة الترتيب العالمى لجميع القوائم الدولية فى الفساد والرشوة والتحرش الجنسى وحوادث الطرق وكوارث القطارات أيضا بسبب الصهيونية العالمية والغرب الحاقد علينا الذى يريد استهدافنا. غذت نظم الحكم هذه النظرية حتى تنسب الفشل والإخفاق إلى مؤامرات الخارج، وحتى تؤجل أى استحقاق فى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان إلى ما بعد إفشال مؤامرات الغرب. لقد باتت نظرية المؤامرة تعشش فى عقول وقلوب غالبية العرب بصرف النظر عن موقعهم الطبقى وما نالوا من تعليم، فكل مرحلة مر بها المواطن العربى وكل أداة من أدوات التنشئة أضافت له بعدا جديدا من أبعاد نظرية المؤامرة. أبدعنا كمصريين فى تخيل أبعاد ومكونات المؤامرة العالمية علينا ووصل الخيال إلى درجة المرض، وكان منطقيا بعد ذلك أن يتحول فائض المؤامرة إلى الداخل فتكون المؤامرة هى المفسر لكل ما نتعرض له من حوادث وأحداث وتطورات سلبية، وتصبح المؤامرة وراء كل إخفاق وفشل. وأدى فوز جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى بغالبية مقاعد البرلمان المنحل، ثم فوز مرشح الجماعة محمد مرسى بمنصب الرئيس، إلى تغذية نظرية المؤامرة وتحقيق قفزة نوعية فى جعل غالبية المصريين أسرى لنظرية المؤامرة، فعجز الجماعة عن تحقيق الأمن جعلها تفرط فى الحديث عن الطرف الثالث وتحمله كامل المسؤولية عن غياب الأمن وتغييبه، والعجز عن تلبية مطالب البسطاء فى العدالة الاجتماعية جعل الجماعة تبالغ فى الحديث عن الدولة العميقة التى تتآمر على الرئيس وتريد إفشاله وجماعته، ثم كان التحول الأكبر والأخطر استخدام الدين فى تمرير مكونات نظرية مؤامرة، وبعد أن جرى الحديث عن الغرب الصليبى والصهيونية اليهودية، جاء زمن الحديث عن مؤامرات المصريين الأقباط، فقادة الجماعة وعدد من رموز التيار السلفى تحدثوا عن أن غالبية متظاهرى ومعتصمى الاتحادية ضد الدكتور مرسى هم من الأقباط، وهناك من ناشد الأقباط العودة إلى الصف الوطنى، وهو قول يحمل اتهاماً بالخروج عن هذا الصف، وهناك من رفع دعوى ضد البابا تواضروس الثانى، متهماً إياه بتحريض المسيحيين على الخروج ضد النظام فى الخامس والعشرين من يناير ٢٠١٣. ووصل الوقوع فى أسر نظرية المؤامرة إلى حافة الجنون خلال مرحلة حكم المرشد والجماعة، وخلال هذه المرحلة صعدت وسائل الإعلام التابعة للجماعة من استخدام مكون التخوين ومفردات نظرية المؤامرة، ومثلما كانت الفتن الدينية والطائفية فى عهدى السادات ومبارك صناعة نظام، فإن تضخيم نظرية المؤامرة والدفع بها كى تكون المفسر الوحيد أو على الأقل الأول للتفاعلات الدولية والمحلية كانت منتج جماعة الإخوان ورفاقها.
وفى تقديرى أن مصر عرفت مع الرئيس عبدالفتاح السيسى عملية منظمة لتفكيك نظرية المؤامرة ومنحها الحجم الحقيقى الذى تستحقه، فالمؤامرة موجودة منذ فجر التاريخ والأمم تتآمر على بعضها البعض، لكن المؤامرة ليست فى اتجاه واحد مقصورة على ثقافة أو حضارة واحدة، فالمؤامرة جزء من تاريخ كل الأمم والحضارات والثقافات، ومشكلتنا الحقيقية أننا أقل شعوب الدنيا قراءة للتاريخ وتذكرا لأحداثه، نحن أصحاب ذاكرة ضعيفة ومصابون بداء «النسيان»، حتى إن موشيه دايان عندما أراد شن عدوان الخامس من يونيو ١٩٦٧ على مصر بنفس الخطة العسكرية التى طبقها فى العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، رد على من تحفظ على ذلك بالقول «عرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يتحركون».
لقد جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى فأوقف توظيف نظرية المؤامرة من قبل النظام السياسى وبدأ فى مصارحة الجميع بنواقص فى الفكر والأداء، وبدأ الرجل يتعرض لحملة ضارية من مروجى نظرية المؤامرة الذين يرون أن أوضاعنا على ما يرام وليس فى الإمكان أبدع مما كان، مستفيدين من نشر هذه النظرية فى الإبقاء على حالة الهوس بنظرية المؤامرة والتردى الشامل فى بلادنا. على النحو الذى شهدناه فى ترويج البعض لفكرة أن الصهيونية العالمية هى التى تقف وراء جريمة باريس. وفى تقديرى أنها معركة صعبة للغاية يخوضها الرئيس بوعى تام ورغبة فى وضع البلاد على أول طريق التقدم الحقيقى. المشكلة أن لأنصار نظرية المؤامرة أرضية كبيرة فى الشارع وفق نسبة الجهل والأمية، ولكننا نثق فى الوقت نفسه فى أن للرئيس شعبية تمكنه من تحقيق إنجازات كبيرة يصعب على غيره تحقيقها.

لويس عوض معاصراً (٢٣) د. مراد وهبة ١٩/ ١/ ٢٠١٥

عنوان هذا المقال هو العنوان الذى اقترحته على اللجنة العلمية المكلفة بقرار من وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة الأستاذ الدكتور جابر عصفور، لتنظيم الاحتفال بالذكرى المئوية للمفكر المناضل والملتزم دكتور لويس عوض، وقد كان. وأنشر هنا كلمتى التى ألقيتها نيابة عن أعضاء اللجنة فى الجلسة الافتتاحية التى عقدت صباح ١٢ يناير من هذا العام، وقد جاءت على النحو الآتى:
عندما يطلق لفظ «معاصر» على مفكر مضى على ميلاده مائة عام، فمعنى ذلك أن القضايا التى أثارها ذلك المفكر تستجيب لإشكاليات كانت مثارة فى زمانه ومازالت مثارة حتى اليوم. وأظن أن ثمة إشكالية تأتى فى مقدمة الإشكاليات التى تناولها لويس عوض بالتحليل والنقد، وهى إشكالية الفن والدين، وهى إشكالية مثارة فى زماننا إلى الحد الذى دعا فيه رئيس الدولة عبدالفتاح السيسى إلى المطالبة بإحداث «ثورة دينية». وقد أثار لويس عوض هذه الإشكالية، إشكالية الفن والدين، فى كتيب عنوانه «المسرح المصرى». وكان هذا الكتيب فى الأصل مقالات نشرها فى جريدة «الجمهورية» من ٣ يناير ١٩٥٤ إلى ٧ مارس من نفس ذلك العام. واللافت للانتباه أن جريدة الجمهورية كانت جريدة ثورة ٢٣ يوليو، وكان لويس عوض أحد كتابها. وفى سبتمبر فُصل من الجامعة بقرار من مجلس قيادة الثورة، أى بعد الانتهاء من نشر آخر مقال له بنصف عام، الأمر الذى من شأنه أن يوحى بأن هذه المقالات كانت من أسباب اتخاذ قرار بفصله.
والسؤال إذن:
ما الفكرة المحورية فى ذلك الكتيب المعنون «المسرح المصرى»؟
اتخذ لويس عوض من المسرح أساساً لبيان إشكالية العلاقة بين الفن والدين. والإشكالية تكمن فى أن المسرح المصرى نشأ فى أحضان الدين أولاً، وترعرع فى أحضان الدين ثانياً، وشاخ فى أحضان الدين ثالثاً، ثم مات أخيراً. ولعله فى بعض مراحله قد خرج من تصور الحياة الدينية إلى تصور الحياة الزمنية، ولكنه رغم ذلك لم يخرج عن دائرة الطقوس التى فرضها الدين عليه.
وبعد ذلك يقارن لويس عوض بين المسرح المصرى والمسرح اليونانى فيقول: «إن اليونان قد أخذوا من مصر مسرحها وتعلموا منه ما لم يتعلمه المصريون. أخرجوه من المعابد إلى الهواء الطلق وحرروا الفن من الدين. ومن هنا كان فيه من الدنيا أكثر مما فيه من الدين».
وأظن أن إشكالية الفن والدين التى أثارها لويس عوض قائمة حتى اليوم. وهى مثارة من قبل الأصولية الدينية التى تنكر إعمال العقل، وبالتالى تنكر الإبداع ليس فقط فى المجال الدينى بل أيضاً فى جميع مجالات هذه الحياة الدنيا.
وإذا كان الإرهاب هو أعلى مراحل الأصولية الدينية، وإذا كان لويس عوض مطارداً من الأصولية الدينية فهو حى معنا، ونحن نواجه مناخ الإرهاب الكوكبى، ويكون من حق المجلس الأعلى للثقافة أن يعلن بلا مواربة أنه مشارك بالفكر فى تحويل مناخ الإرهاب الكوكبى إلى مناخ تنويرى كوكبى يتأسس على العقل والإبداع.
هذا عن كلمتى فى الجلسة الافتتاحية، أما بحثى الذى ألقيته فى المائدة المستديرة التى شرفت بإدارتها فى نهاية اليوم الثانى من الاحتفال فكان عنوانه «محمود شاكر ولويس عوض: الصراع بين الأصولية والعلمانية»، وأنشره فى الأسبوع القادم. وبعد ذلك أستأنف الكتابة عن كتاب موردخاى بار- أون «بحثاً عن السلام.. تاريخ حركة السلام الآن».

Sunday, January 18, 2015

جبران خليل جبران




" العواصف"
الانسانيّة ترى يسوع الناصري
مولوداكالفقراء
عائشا كالمساكين
مهانا كالضعفاء
مصلوبا كالمجرمين
فتبكيه وترثيه وتندبه
وهذا كل ما تفعله لتكريمه
منذ اجيال عديدة
والبشر يعبدون
الضعف بشخص يسوع
ويسوع كان قويّا ولكنّهم
لا يفهمون معنى القوّة الحقيقيّة.
ما عاش يسوع مسكينا خائفا
ولم يمت شاكيا متوجعا
بل عاش ثائرا
وصلب متمردا
ومات جبارا.
لم يكن يسوع طائرا مكسور الجناحين
بل كان عاصفة هوجاء
تكسر بهبوبها جميع الاجنحة المعوجة
لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق
ليجعل الالم رمزا للحياة
بل جاء ليجعل الحياة رمزا للحق والحريّة
لم يخف يسوع مضطهديه
ولم يخش أعداءه
ولم يتوجّع أمام قاتليه
لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلي
ليهدم المنازل
ويبني من حجارتها الاديرة والصوامع،
ويستهوي الرجال الاشداء
ليقودهم قسوسا ورهبانا...
لم يجيء يسوع ليعلّم الناس بناء الكنائس الشاهقة
والمعابد الضخمة في جوار الاكواخ الحقيرة
والمنازل الباردة المظلمة,
بل جاء ليجعل قلب الانسان هيكلا
ونفسه مذبحا
وعقله كاهنا.
هذا ما صنعه يسوع الناصري
وهذه هي المباديء التي صلب لأجلها مختارا،
ولو عَقُل البشر لوقفوا اليوم
فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار
إن إكليل الشوك على رأسك
هو أجلّ وأجمل من تاج بهرام،
والمسمار في كفّك
أسمى وأفخم من صولجان المشتري،
وقطرات الدماء على قدميك
أسنى لمعانا من قلائد عشتروت.
فسامح هؤلاء الضعفاء
الذين ينوحون عليك
لأنّهم لا يدرون
كيف ينوحون على نفوسهم،
واغفر لهم لأنّهم لا يعلمون
أنك صرعت الموت بالموت
ووهبت الحياة لمن في القبور.

Saturday, January 17, 2015

مصر.. هل مازالت تعيش فينا؟! بقلم د. وسيم السيسى ١٧/ ١/ ٢٠١٥

هل صحيح أن مصر وطن يعيش فينا وليست فقط وطناً نعيش فيه؟!
ألقيت على نفسى هذا السؤال، فكانت الإجابة: نعم.. مصر.. وطن يعيش فينا!
انظر إلى الأعياد مثلاً.. هو ذا عيد شم النسيم لايزال معنا منذ آلاف السنين، عيد ميلاد أوزيريس ٢٥ ديسمبر أصبح عيد ميلاد السيد المسيح بشجرة عيد الميلاد، الإوزة البرية التى استبدلها الغرب بالديك الرومى، وإن كانت سويسرا وألمانيا تحتفلان بالإوزة البرية حتى الآن!
عيد عاشوراء هو أصلاً احتفال مصر برمى بذور القمح فى اليوم العاشر من ديسمبر، عيد وفاء النيل، كرنفال الزهور «عيد نفتيس»، عيد ختان الذكور «إيزيس»، عيد قيامة أوزيريس من بين الأموات، هو عيد قيامة السيد المسيح!
فإذا انتقلنا من الأعياد إلى الزينة، سنجد العطور بجميع أنواعها، وكيف كانت تهدى أقماع العطور للسيدات فى الحفلات حتى توضع فى الشعر، سنجد الكحل بأنواعه الثلاثة الأخضر، الأزرق، الأسود، سنجد أحمر الخدود والشفاه، سنجد إزالة الشعر عند السيدات، كما سنجد الأساور، الخلاخيل، والسلاسل سواء كانت ذهبية أو فضية، كذلك التزين بالأحجار الكريمة فى الخواتم والعقود خصوصاً مع النساء.
فإذا تركنا الزينة والأعياد، وانتقلنا إلى الأحزان، سنجد زيارة أحبائنا الذين رحلوا فى أول أيام العيد «عيد أوزيريس»، سنجد أقراص الرحمة، هى ما كنا نقدمه للقرين أو الكا!
سنجد الثالث، الخامس، السبوع، الأربعين، كذلك رش الماء والبقدونس، إنما هى طقوس مصرية قديمة، كذلك الرقص الجنائزى لايزال يمارس فى بعض القرى والبلدان بشكل آخر، ألا وهو القفز حول الندابة! مع اللطم! أما الملابس السوداء فهى من عصر الرومان، لأن الملابس البيضاء كانت هى ملابس الحزن عند أجدادنا القدماء.
أما الإيمان بالحسد، نجد عين حورس، وكف مريم «خمسة وخميسة»، البصل على أبواب البيوت لطرد الأرواح الشريرة، أما الأحجبة، التعاويذ، التمائم فكانت خمسة آلاف فى مصر القديمة، تبقى منها معنا القليل.
أما الدين.. فقد عرفنا من أجدادنا القدماء خلال الأنبياء والحكماء «إدريس، الخضر، لقمان» أن هناك حياة بعد هذه الحياة، وهناك حساب، ثواب، عقاب، وأن هناك صراطاً مستقيماً يفصل بين الجنة والنار، وأن هناك ميزاناً، وأن الأعضاء تشهد على أصحابها «لا تشهد علىَّ يا قلبى»، «يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون» (قرآن كريم)، أما البخور، الوضوء، الصلاة سجدا بالأذقان «الآن بالجباه»، كذلك الصيام، الحج، الزكاة، كان أجدادنا القدماء يعرفونها «ولكل أمة رسول» (قرآن كريم).
أما لغتنا العامية فهى لغتنا المصرية القديمة بالتركيب GRAMMER وعشرات الآلاف من الألفاظ «أحمد كمال باشا»، «بيومى قنديل».
فلان له اسم كبير.. له شنة ورنة «هى شن رن الفرعونية أى الاسم الملكى داخل خرطوشة ملكية»، أما سعاد حسنى حين تغنى لصلاح جاهين: مافيناش كانى ولا مانى إنما هى «السمن والعسل فى مصر القديمة»!
وكلمة كعبة هى كابا المصرية، وهى CUBE الإنجليزية بمعنى مكعب، أما كلمات «دين - حساب - آخرة - حج - ماعو» فهى كلمات مصرية قديمة.. بل إن هناك ١٥ حرفاً هيروغليفى أصبحت حروفاً سينائية نبطية عربية كالباء، الهاء، والنون، والميم، الدال... إلخ وعمار يا مصر.

Wednesday, January 14, 2015

لماذا مسيحيو مصر؟أحمد الخطيبالأربعاء 07-01-2015 جريدة الوطن

لم يحمل «المسيحيون» السلاح فى وجه الدولة أو المجتمع فى أى وقت من الأوقات، كما حملته الجماعات الإسلامية والسياسية فى خلافها واختلافها مع السلطة، لم يقتلوا رجال شرطة أو جيش، ولم يفجروا بنكاً أو مسجداً، كما لم يستحلوا مالاً وتجارة، ولم يُكفِّروا دولة وشعباً بأكمله، أو يسعوا يوماً للسيطرة على السلطة وحكم البلاد بالقوة وبالتفجير والتكفير، ولم يدعُ المسيحيون لتكوين جيش أو ميليشيات للدفاع عن بعض حقوقهم المسلوبة والمنهوبة التى جارت عليها الدولة حيناً، والجماعات الإسلامية الإرهابية أحياناً كثيرة، لم نرَ منهم جماعات مسيحية سرية، أو «نظاماً خاصاً»، سرياً أو علنياً، ينفذ اغتيالات..
سُنت قوانين ودُبِّجت أعراف لتقويض بناء كنائسهم ودورهم، وتجاهل ترقياتهم الوظيفية والمجتمعية داخل الدولة، ورغم ذلك لم يخرقوا قانوناً أو عرفاً للخروج على القانون المألوف، لم تكن لهم سوى صرخات، مثلهم كجموع المصريين، والشعب كله.
تختلف الجماعات الإسلامية مع الدولة، وتحمل فى وجهها السلاح فيذهبون لقتال المسيحيين وتفجير كنائسهم، وتستحل أموالهم وتقتل أبناءهم وتخطف بناتهم، حدث ذلك فى السبعينات والثمانينات والتسعينات، فى عهدى مبارك والسادات، وفعله تنظيم الإخوان بعد ثورة يناير، وعقب عزل «مرسى»، ما العلاقة؟ لا أدرى.
لم تخرج «قيادة» مسيحية واحدة، تتحدث بمنهجية حديثاً يشق صف الوحدة الوطنية، كما فعلت وتفعل الجماعات الإسلامية، وكما فعل «مسئولون» بالدولة حيناً، إلا وعاقبتها إدارة الكنيسة.. الأنبا بيشوى، رجل الكنيسة الحديدى، الذى كان يتجه لخلافة الأنبا شنودة بقوة، عندما تحدث قبل سنوات حديثاً طائفياً، لم يظهر مرة أخرى بعدها، ولا يعرف أحد أين ذهب، واعتذرت بعدها الكنيسة، واعتذر الرجل بعد نفيه، ما قيل منه أو عنه.
هذه مواقف الكنيسة مع كل من شقَّ صف الوحدة الوطنية، رغم ندرتها. وفى المقابل، رأينا ونرى كل يوم قيادات وأعضاء الجماعات الإسلامية فى الداخل والخارج يدعون لقتالهم واستحلال أموالهم وسبى نسائهم وذبح أبنائهم، بل إن هناك مناهج دراسية ببعض المؤسسات الدينية الرسمية تدعو لذلك صراحة!
إصلاح «صنبور» ماء داخل كنيسة كان يحتاج إلى قرار جمهورى، فى الوقت الذى تُبنى فيه مساجد وزوايا بالمخالفة للقانون، وعندما تُبنى كنيسة بنفس المخالفة تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل هدمها. حتى إذا ما جاءت ثورة 25 يناير، فإذا بالذين يدعون لقتالهم يحكمون البلاد.. فأصبحت الدولة راعية الإرهاب ضدهم رسمياً، ووصل الأمر فى الدولة الجديدة إلى تحريم تهنئتهم حتى بأعيادهم، ورأينا لأول مرة الاعتداء على الكاتدرائية، والسماح بالتجمهر ضدها، وضد قياداتها الوطنية وقذفها بالطوب، ورأينا تكفيرهم والدعوة لقتالهم على الهواء مباشرة من تليفزيون الدولة، كل ذلك والمسيحيون لم يخرجوا على القانون، ولم يحملوا سلاحاً، حتى بعد عزل مرسى، على الرغم من كل ما حدث ويحدث ضدهم، إلا أنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك ولو للدفاع حتى عن أنفسهم.
فى السودان، عندما حدث أن صعدت الجماعات الإرهابية إلى سدة الحكم حمل المسيحيون مع الجنوبيين السلاح لتكوين جيش لهم بعد أن صارت الدولة مجرمة وإرهابية «ضدهم»، إلى أن انقسمت السودان نصفين باسم الدين والشريعة.
عدد عناصر الجماعات الإسلامية فى مصر لا يتجاوز المليون، بينما عدد المسيحيين يتجاوز 10 ملايين، كانوا يستطيعون تكوين جيوش وميليشيات، أضعاف أضعاف الجماعات الإسلامية وتكفيرييهم الذين يحاربوننا الآن، لم ولن يفعل المسيحيون مثل هؤلاء؛ لأنهم أهل ذمة و«كتاب»، وأكثر وطنية وحرصاً على الوطن والدماء من «تجار الدين».. لقد كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، للكاتدرائية، «قُبلة» على رأس كل مسيحى، وبراً وقسطاً بهم لأنهم لم يقانلونا فى الدين ولم يخرجونا من ديارنا.. بل كانوا على العكس من كل ما فعلت الجماعات الإرهابية والمتطرفون بين المسلمين.

الصلاة التى هزت قلوب الملايين لابونا بيشوى كامل

Tuesday, January 13, 2015

زيارة الرئيس للكاتدرائية .. كيف تتحول من الرمز إلى الواقع؟ زياد بهاء الدين

شاءت الظروف أن أكون حاضرا لقداس عيد الميلاد مساء الثلاثاء الماضى فى كاتدرائية العباسية وأن أكون شاهدا على الزيارة المفاجئة لرئيس الجمهورية والتى يصح اعتبارها تاريخية، ليس فقط لأنها الأولى من نوعها، وإنما لأنها سوف تكون لسنوات طويلة حدثا يذكره الناس ويتذكرون دلالته.
بالطبع لم أستغرب الترحيب الهائل الذى استقبل به المصلون وضيوفهم السيد الرئيس، بل همست لصديق جالس بجوارى أن كل مسيحى فى مصر، من أوسعهم ثراء حتى أكثرهم تواضعا، سوف يشعر اليوم بفخر واعتزاز كما لو كان الرئيس قد زاره شخصيا فى منزله. والسبب أن الزيارة قد حملت معانى رمزية كثيرة: فقد جاءت لتعبر عن عزم رئيس الجمهورية على أن يكون رئيسا لكل المصريين، وعن تقديره للمساندة التى قدمتها الكنيسة له وللدولة الجديدة وقدمها الأنبا تواضروس برغم نصيحة الكثيرين له بالتروى وعدم إلقاء ثقله بالكامل فى الساحة السياسية، كما أن كلمة الرئيس قد أكدت بوضوح على الوحدة الوطنية ورفض التفرقة بين المسلمين والمسيحيين. ولم يفت الحاضرون والمتابعون على شاشة التليفزيون مقارنة ذلك بسلوك الرئيس السابق الذى لم ينجح فى بناء جسور الثقة والتعاون مع المجتمع المسيحى الذى اعتبره رئيسا لأهله وعشيرته فقط دون باقى المصريين.
لا عجب إذن أن يكون للزيارة هذا الوقع الإيجابى، وأن يعتبرها الكثيرون بداية مرحلة جديدة من التقارب والوئام. ولكن مع تقديرى لقيمة هذه اللفتة وأهميتها فى ظل الظروف الحالية وإدراكى لما تمثله من قيمة رمزية كبيرة، إلا أن الواقع يظل محملا بقضايا شديدة الأهمية والإلحاح مما ينبغى التصدى له إذا كنا نرغب فى تجاوز العمل الرمزى إلى تحقيق نتائج ملموسة.
ونقطة البداية فى تقديرى هى العمل على طى صفحة الماضى وفتح صفحة جديدة من الوحدة والترابط بين المصريين وتضميد جراح لا تزال مفتوحة، الأمر الذى لن يتحقق دون أن تعلن الدولة عن نتائج التحقيقات فى الأحداث الطائفية الكبرى التى شهدتها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية وتحدد المسئولين عنها وتتخذ الإجراءات القانونية المناسبة حيالهم وتفى بوعدها فى إصلاح الخسائر التى ترتبت عليها.
هذا عن الماضى. أما عن المستقبل فإن المشاعر النبيلة التى عبر السيد الرئيس عنها خلال زيارته القصيرة لابد وأن تترجم إلى أفعال تحقق المساواة بين المصريين. ويأتى على رأس ذلك إعداد قانون شامل لمنع التمييز فى كل مناحى الحياة بما فيها تقلد الوظائف العامة والمناصب الرسمية، وفرض المساواة فى ظروف وشروط العمل العام والخاص، وكفالة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإصدار قانون ينظم بناء وتجديد دور العبادة، ومنع كل أشكال التهجير القسرى والصلح العرفى حينما يستهدف الطمس على جرائم طائفية، وتطبيق القانون على الجميع دون تفرقة، وإعادة الحياة للمجلس القومى للعدالة والمساواة الذى يرصد حالات التمييز وينبه للتوتر الطائفى قبل وقوعه ويفعل الآليات المدنية لتحقيق التقارب والمودة بين المسلمين والمسيحيين.
كذلك فإن زيارة الرئيس، بكل ما حملته من معانٍ إيجابية بشأن تحقيق المواطنة، إلا أنها لو لم ترتبط بتحقيق انفراجة فى المناخ السياسى والأهلى فإنها سوف تعنى العودة للأسلوب التقليدى الذى عرفته مصر لسنوات طويلة فى إدارة الملف الطائفى، حيث تلتزم الدولة بحماية المسيحيين وحماية كنائسهم وإعطائهم قدرا من التمثيل السياسى والبرلمانى مقابل ولائهم للنظام وانسحابهم من العمل السياسى واعتبار الكنيسة ممثلا دينيا وسياسيا لهم وقبول التنسيق بينها وبين أجهزة الأمن فى كل ما يخص شئون الطائفة. هذا المنطق لم يعد صالحا اليوم بعد أن خرجت الجماهير ــ مسلمين ومسيحيين ــ إلى الشوارع والميادين وقامت بثورتين وصار من حقها التمتع بالمواطنة الكاملة التى تتجاوز مفهوم الحماية الطائفية إلى التمتع بجميع الحقوق السياسية والشخصية دون تمييز أو تقييد.
وأخيرا، فإن اهتمام السيد الرئيس بتحقيق الوئام والتوافق بين طوائف الشعب المصرى بادرة طيبة، ولكن أتمنى ألا تتوقف عندما يخص المسلمين والمسيحيين فقط، بل تتجاوزها للسعى وراء ذات الوئام والتوافق فى صفوف الشعب المنقسم انقساما عميقا بين فلول وثورة، وشباب وشيوخ، وأغنياء ومهمشين، ونساء ورجال، ومدنيين وإسلاميين. مصر ليست بحاجة لكلمات رقيقة حول المحبة والصداقة بين المسلمين والمسيحيين فقط، بل إلى مصالحة وطنية شاملة تزيل من على كاهلها كابوس الانقسام والاقتتال الذى صار قوة هادمة لكل جهود التقدم والتنمية والوفاق.
تحية لقرار الرئيس بزيارة الكنيسة ليلة العيد، ولكن الأمل ألا تكون نهاية المطاف بل بداية تغيير أكبر.

تهنئة الأقباط بالأفعال مش بالكلام بقلم د. محمد أبوالغار ١٣/ ١/ ٢٠١٥

احتفلت مصر بعيد الميلاد المجيد، وبهذه المناسبة أعتقد أنه قد آن الأوان لأن يبدأ المصريون جميعاً، شعباً وحكومة، بخطوات جدية لإنهاء كل الموروثات التى تسبب ألماً لكل مسيحى مصرى.
ولقد كانت زيارة الرئيس للكاتدرائية أثناء قداس العيد لفتة ممتازة، نرجو أن يتصرف دولاب الدولة المصرية كله بنفس الروح.
لقد كان لفترة حكم الإخوان القصيرة تأثير كبير على توحد الشعب المصرى كله بمسلميه ومسيحييه للتخلص من الحكم الفاشى. هذه الوحدة يجب أن تستمر وتتأصل وعلى الدولة أن تبدأ بإصلاح الكنائس التى تم حرقها بعد ٣٠ يونيو واتخاذ خطوات سريعة فى هذا الاتجاه، وقد تعهدت القوات المسلحة والدولة بذلك وحماية هذه المنشآت هى مسؤولية الشعب والدولة مجتمعين، وقد حدث إصلاح جزئى يجب أن يكتمل.
الدستور واضح وصريح ونص على المساواة الكاملة وحرية العبادة، وكذلك نص على ضرورة وضع هذا القانون فى أول دور انعقاد للمجلس. وحيث إن الرئيس قد أصدر عدداً كبيراً من القوانين قبيل انتخابات مجلس الشعب، فربما كان إصدار قانون بناء الكنائس مناسباً فى هذه الفترة وسوف يحل إشكالية كبيرة، خاصة فى الصعيد.
ويجب أن تصحب هذا القانون حملة إعلامية لتوعية الناس بأن المواطنين المصريين جميعاً لهم نفس الحقوق بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين. ولأول مرة منذ عام ١٩٥٢ يتم اختيار ٣ وزراء من المسيحيين، منهم وزراء فى وزارات مهمة، وأنا أعتقد أنه يجب ألا يكون هناك سقف لعدد الوزراء المسيحيين، والمهم الكفاءة.
ولابد من تنقية عاجلة لجميع الكتب المدرسية وحذف أى عبارات قد يفهم منها أنها تحض على كراهية غير المسلمين. وعلى بعض البرامج الحوارية، خاصة الدينية، أن تكون واضحة تماماً فى المساواة بين المواطنين جميعاً.
والأمر الثالث هو أهمية تطبيق القانون فى جميع الأمور فى مصر، خاصة فى المشاكل التى تخص الأقباط فى الصعيد، بعد حوادث الاعتداء عليهم أو على ممتلكاتهم، لأن هذا هو الحل الحقيقى لهذه المشكلة.
نحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية قريباً والنظام الفردى فى وجود أموال طائلة ومشاكل قبلية وعصبيات مختلفة سوف يكون وقوداً لاحتمالات عنف كبيرة، خاصة فى الصعيد، ودائماً يطول العنف بقسوة أكثر المسيحيين ولسلامة الانتخابات وسلامة أهلنا فى الصعيد هناك مسؤولية كبيرة للدولة.
آن الأوان ألا يكون الدين سبباً فى حرمان مواطن مصرى من الحصول على وظيفة أو أن يكون الاسم سبباً فى الحصول على درجة أقل مما يستحق فى الامتحانات الشفهية. آن الأوان أن يؤمن المسلمون والمسيحيون بأننا جميعاً مصريون، فالدين لله والوطن للجميع، وأن تصفى النفوس وتعود الألفة وتصبح المواطنة وحب الوطن والعمل فى سبيل رفعته هى المعيار الذى يحاسب عليه كل مصرى.
قوم يا مصرى مصر ديماً بتناديك

Monday, January 12, 2015

السيسى فى الكاتدرائية.. ما الجديد؟ بقلم د. عماد جاد ١٢/ ١/ ٢٠١٥

فجأة وبدون مقدمات أو علامات ظاهرة، دخل الرئيس عبدالفتاح السيسى مبنى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مساء الثلاثاء الماضى، إبان صلاة عيد الميلاد المجيد، وقد أسر مشهد دخول الرئيس قاعة الصلاة جميع الحضور من عامة ونخب، مصريين وأجانب، رجال دين وشعب، فقد وقف الجميع مبهوراً بمشهد حضور الرئيس بنفسه إلى الكاتدرائية، وقد تجاوب الجميع بتلقائية شديدة مع مشهد حضور الرئيس، فالذين كانوا يرتلون ويتلون صلوات ما قبل القداس الإلهى أوقفوا الترتيل، ونزل البابا السلالم ليلاقى الرئيس فى القاعة، توقفت مشاهد الصلاة ووجه الرئيس كلمة للحضور كانت أشبه برسالة للعالم كله، قائلًا: «كان ضرورى أحضر لكى أهنئكم بالعيد، مصر علمت الإنسانية وسوف تواصل دورها». قضى الرجل حوالى إحدى عشرة دقيقة فى الكاتدرائية، ولكنه سجل من خلال هذه الفترة القصيرة سطوراً فى كتاب الوطن، حقق ما لم يحققه أى رئيس غيره وفى ظروف غاية فى الصعوية والتعقيد. فقد سطر السيسى فى كتاب الوطن أنه أول رئيس مصرى يشارك الأقباط عيدهم فى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لم يكتف الرجل بطرق من سبقوه من عبدالناصر إلى مرسى والتى كانت تعتمد على توجيه رسالة للبابا وأقباط مصر والخارج أو إيفاد مندوب عنه لحضور الصلاة، بل ذهب بنفسه ليقدم التهنئة للأقباط والمشاركة فى جزء من صلاة العيد. الجديد فيما فعله السيسى ليس الزيارة فى حد ذاتها ولكن فى شجاعة القرار، تلك الشجاعة التى لم تتوفر لدى كل من سبقوه من عبدالناصر إلى مرسى فى التعامل مع قضية علاقة بالأقباط والتهنئة فى الأعياد، فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذى كان يتمتع بكاريزما وشعبية هائلة لم يتخذ قرار الذهاب إلى المقر البابوى أثناء الصلاة لتهنئة صديقه الراحل البابا كيرلس السادس، ولا كانت لديه جرأة الإعلان عن مساهمة الدولة فى بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، فحسب ما كتب محمد حسنين هيكل، الذى نقل له رغبة البابا الراحل فى بناء مقر يليق بالكنيسة المصرية، وافق على ذلك بشرط عدم الإعلان عن ذلك وإضافة تكاليف البناء على عمليات تابعة لشركات ومؤسسات القطاع العام، وأيا كان المبرر فلم تكن لدى عبدالناصر بكل ما كان يتمتع من كاريزما وشعبية، وما هو معروف عنه بالانحياز لقيمة المواطنة والصداقة الشخصية التى جمعته بالبابا كيرلس السادس، لم تكن لديه الشجاعة الكافية لإعلان ذلك ولو كان قد فعلها فى ذلك الوقت لكان قد أرسى مبدأ مهما فى قيمة المواطنة ولاختصر الكثير من مسيرة الوطن نحو تكريس هذه القيمة.
جاء السادات فاقداً كاريزما عبدالناصر فوجد فى تديين المجال العام البديل الذى يمكنه من حصد التأييد المفقود، فأسس الجماعة الإسلامية وأمدها بالسلاح لضرب التيارين الناصرى واليسارى فى الجامعات المصرية، وبدأ فى إعادة الإخوان من الخليج والإفراج عنهم من السجون، شرع فى تطبيق الشريعة الإسلامية بالحدود، لقب نفسه بالرئيس المؤمن والدولة بدولة العلم والإيمان، تخلى عن مسؤوليات الدولة تجاه مواطنيها الأقباط فدفع بهم دفعاً إلى حضن الكنيسة، فتمدد دورها السياسى، وضع البلاد على حافة حرب أهلية لم تتراجع إلا بقتله شخصياً على يد التنظيم الذى أسسه. والمرة الوحيدة التى زار فيها الكاتدرائية، صلى الظهر داخلها فى محاولة «لإغاظة البابا شنودة» حسب ما سجل هيكل فى حوار السادات مع زوجته السيدة جيهان بعد العودة مباشرة.
جاء مبارك وحافظ على معادلة السادات فى تديين المجال العام وتعامل مع المصريين الأقباط ليس من منطلق أنهم مواطنون مصريون بل باعتبارهم طائفة دينية يجرى التعامل معهم من خلال بوابة الكنيسة، فقد اختصر الأقباط فى الكنيسة وتعاون فى تعظيم دورها السياسى والاستجابة لمطالب الكنيسة على حساب قيمة المواطنة، ولم يزر مبارك على مدار ٣٠ سنة الكاتدرائية سوى مرتين للمشاركة فى تشييع رمزين من «النخبة السياسية».
أما محمد مرسى فقد تجاوب مع صوت رموز الجماعة وبعض القيادات السلفية التى حرمت عليه تهنئة الأقباط بالعيد، ومن ثم بعث برئيس ديوانه محمد رفاعة الطهطاوى الذى حضر فى منتصف الصلاة وغادر المقر البابوى مسرعاً بعد أقل من عشر دقائق وكأنه كان يهرب من شىء ما. بذل المستشار الجليل عدلى منصور خلال سنة وجوده فى السلطة جهدا هائلا فى بناء دولة المواطنة وذهب إلى المقر البابوى صبيحة اليوم السابق على العيد وقدم التهنئة بنفسه لقداسة البابا، وهو أمر متطور مقارنة بكل من سبقوه من رؤساء.
قيمة ما أقدم عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه شكل سابقة تاريخية لم يسبقه رئيس مصرى إليها، فقد امتلك شجاعة القرار، وأقدم على ما لم يقدم عليه عبدالناصر، قدم مصالحة تاريخية بين الدولة والأقباط فى علاقة تدهورت منذ عام ١٩٧٠ وتحديداً مع مجىء السادات إلى السلطة. قيمة ما أقدم عليه السيسى أنه سهل على من سيأتى بعده مواصلة البناء على أرضية المواطنة. تحية تقدير واحترام للرئيس عبدالفتاح السيسى على خطواته التاريخية فى بناء وطن لجميع المصريين وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية المصرية.

Sunday, January 11, 2015

حوار مع السيد المسيح ..بقلم ثروت الخرباوى حوار مع السيد المسيح ..بقلم ثروت الخرباوى - الوطن | 11 يناير 2015 |

حوار مع السيد المسيح ..بقلم ثروت الخرباوى
أود أن أحكى لكم سراً على أن يظل بيننا، هذا السر هو أننى أحب السيد المسيح جداً، ولمَ لا، أليس هو الذى قال الله سبحانه وتعالى عنه «وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا» هو رحمة من الله للبشرية، ومن منا لا يحب الرحمة إلا أصحاب القلوب التى ختم عليها إبليس بالشر، هذا هو سيدنا عيسى أيها الناس الذى قال لبنى إسرائيل «قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ»، هذا هو سيدنا عيسى عليه السلام، الذى تعرّض للإيذاء من بنى إسرائيل، فكانوا يلاقونه بالعذاب والشر، فيلاقيهم بالسلام والخير. 

ولكن لماذا يظل حبى للمسيح سراً بيننا؟ لأن بعضهم يعاقبنا فى هذه الأيام على الحب، فحين أحببنا المسيح وفرحنا بيوم مولده وعبّرنا عن مشاعر الفرحة التى اعتملت فى قلوبنا إذا بدهاقنة الشر يتهموننا بالكفر ويرفعون فى وجوهنا رايات التحريم السوداء، وحين قلنا لإخواننا الأقباط كل عام وأنتم بخير ونحن معكم نشارككم الفرحة قدماً بقدم وكتفاً بكتف وقلباً بقلب، قامت القيامة عند مشايخ السلفيين غضباً واستنكاراً وتحريماً، 

وكان مما أدهشنى أننى تقابلت مصادفة مع أحد مشايخ السلفيين الذين يشار إليهم بالاستنارة، فإذا به يستنكر فرحتى بيوم مولد المسيح عليه السلام، فقلت له: «لا أظنك تختلف عن الآخرين، فأنت ومن معك من المتسلفين، تحرّمون أيضاً الاحتفال بمولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، أنت ومن معك تنهون عن كل مظاهر الاحتفال البريئة المسالمة، هل تعرف لماذا؟ لأنكم أعداء الحب، وأبناء الكراهية والحرب». 

وانصرفت من لقاء هذا المتسلف إلى بعض شأنى، وخلوت إلى نفسى، وقلت لها: ماذا لو جاء السيد المسيح إلى زمننا هذا، تراه ماذا يقول لنا؟ ولو قدّر الله لى أن أقابله، فما الذى كنت سأقوله له؟ أغلب الظن أن السيد المسيح عليه السلام، لو جاء إلى دنيانا فإنه سينزل إلى مصر، فمصر هى التى استقبلته، وهو بعد رضيع مع أمه «ستنا» مريم البتول، عندما جاءت إلى مصر هرباً من شرّ الإمبراطور هيرودس، هربت السيدة مريم إلى مصر، أرض الأمان، وسلكت فى سبيل ذلك صحارى وهضاباً وودياناً فى رحلة شاقة مليئة بالآلام، ولذلك رأيتُ أن السيد المسيح إذا ما نزل الآن إلى دنيانا، فإنه حتماً سيختار مصر، وفى أعلى قمة أحد الجبال فى سيناء، أرض الفيروز سيكون هبوطه. 

ورأيتنى بعين قلبى وأنا أسعى إليه، أصعد الجبل بقدمى الكسيرة المتعبة، ولكن طاقة روحية أمدتنى بقوة هائلة لم أعهدها فى نفسى من قبل، فأنا الآن فى طريقى لمقابلة السيد المسيح عليه السلام، الذى قال الله عنه «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ»، فهل لى أن أتلكأ فى الصعود، والله إن روحى من فرط شوقها إليه قد كادت ترفعنى كما «رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ» وعلى قمة الجبل، رأيته ساجداً لله، فقلت له: أتسجد لله وأنت كنت فى معيته. 

قال المسيح وقد أحاطته هالة نورانية عجيبة: لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد. 
قلت وأنا أمد له يدى ببعض الخبز: ألا تأكل يا سيدى؟ أظنك الآن جائع، وكما أرى الآن أنك قد جئت إلى دنيانا من غير زاد. 

قال المسيح: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. 
اقتربت منه قليلاً، ثم انكببت على قدمه أقبّلها، فوضع يده على رأسى، وقال: طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات، طوبى للحزانى لأنهم يتعزّون، طوبى للرحماء لأنهم يرحمون، طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون. 

انتفض قلبى فرحاً بدعاء السيد المسيح، وقلت له: أظنك عرفت أيها السيد العظيم ما يحدث فى دنيانا هذه الأيام من قتل وسفك للدماء باسم الدين؟ 

قال المسيح: قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم، وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم، ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم.
قلت: ولكن الواقع عندنا الآن غير ذلك، إن العالم كله يا سيدى مشتعل بالحروب والخلافات والقتال، والقتل حالياً يكون باسم الدين. 

قال المسيح: سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك، وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. 

قلت: ولكن هذا يا سيدى فوق طاقة الإنسان الحالية، فقد اعتملت النفوس بالشر، وكل الناس فيهم نقص، لم يصل أحدنا إلى هذه الدرجة من الكمال. 

قال المسيح: فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذى فى السماوات هو كامل. 
قلت: إذن يا سيدى نريد أن نعرف الطريق، دلّنا عليه فنحن نعيش فى غابة. 

قال المسيح: لا تجرّب الرب إلهك. 
قلت: نعم أنا أعرف هذا الأمر، فحينما جاء إليك إبليس، وقال لك اطرح نفسك من فوق الجبل والملائكة ستتلقاك، لأنك برعاية الله، قلت له لا تجرّب الرب إلهك، هذه حكمة عظيمة، فالله لا ينبغى أن يخضع لتجارب البشر، أنا أتوجه بدعائى لله عبادة وليس تجربة، أفإن أجابنى عبدته وإن لم أرَ الإجابة تركته؟! ولكن ما الخطوة الثانية فى الطريق إلى الله يا سيدى. 

قال المسيح: من سألك فأعطه، واحترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكى ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذى فى السماوات، فمتى صنعت صدقة فلا تُصَوّت قدامك بالبوق كما يفعل المراءون فى المجامع وفى الأزقة لكى يُمَجّدوا من الناس، الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم، وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. 

قلت: أراك تهتم بالفقراء جداً، هل الصدقة هى إحدى الخطوات إلى الله؟ 
قال المسيح: من يرحم الفقير يُقرض الرب، وعن معروفه يجازيه. 
قلت: ثم ماذا يا سيدى؟ 
قال المسيح: ومتى صلّيت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلّوا قائمين فى المجامع وفى زوايا الشوارع لكى يظهروا للناس، الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم، وأما أنت فمتى صلّيت فادخل إلى مخدعك، وأغلق بابك وصلّ إلى أبيك الذى فى الخفاء، فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية، وحينما تصلّون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم، فلا تتشبّهوا بهم، لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه. 

قلت وأنا أستزيده: ثم ماذا؟ 
قال المسيح: اغفروا للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوى، ولا تدينوا لكى لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التى بها تدينون تدانون، وبالكيل الذى به تكيلون يُكال لكم. 

قلت: ولكننى أرى عدداً كبيراً من الناس يرتكبون أخطاءً جمّة، وطاقتى لا تتحمّل مثل هذه الأخطاء. 
قال المسيح: ولماذا تنظر القذى الذى فى عين أخيك، وأما الخشبة التى فى عينك، فلا تفطن لها، أم كيف تقول لأخيك دعنى أخرج القذى من عينك، وها الخشبة فى عينك. 

قلت: أخبرنى أيها السيد هل الله يحبنا؟ 
قال المسيح: نحن نحبه، لأنه هو أحبنا أولاً، فتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك. 

قلت: ماذا أعد الله لنا؟ 
قال المسيح: ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان، أعده الله للذين يحبونه. 
وقبل أن أوجه إليه سؤالاً آخر، أشار لى أن أصمت، ثم قال: كل من يسمع أقوالى هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل، بنى بيته على الصخر، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبّت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسساً على الصخر، وكل من يسمع أقوالى هذه ولا يعمل بها يُشبّه برجل جاهل بنى بيته على الرمل، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبّت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط، وكان سقوطه عظيماً. 

وفجأة اشتدت برودة الجو وقامت الأعاصير وغيّمت سحابة كثيفة وأخذ البرق يضرب عينى والرعد يضرب أذنى، وكان ذلك كله إيذاناً باختفاء السيد المسيح، ولكن ستظل تعاليمه باقية، فعليه وعلى أخيه سيدنا محمد أفضل الصلاة والسلام.

Tuesday, January 6, 2015

إسكندريلا: الفن والحرية (٣) بقلم د. محمد أبوالغار ٦/ ١/ ٢٠١٥

هذه فرقة موسيقية معجونة بفن فؤاد حداد وصلاح جاهين وسيد درويش والشيخ إمام، مع موسيقى قديمة حديثة تعيد للفن المصرى حيويته وتحفظ له تراثه. والفرقة احتفلت بعيد ميلادها التاسع فى ساقية الصاوى الأسبوع الماضى.
أسس الفرقة ويقودها الملحن والمغنى الفنان المبدع حازم شاهين. والفرقة تتعاون مع شاعر العامية العظيم أمين حداد وهو ابن الفنان الكبير الراحل فؤاد حداد وزوج ابنة فنان الشعب صلاح جاهين، يعنى عائلة معجونة بالفن الجميل الذى يشدو دائماً فى حب مصر.
هذه الفرقة التى يشارك فيها أفراد من عائلة فؤاد حداد وصلاح جاهين بالغناء ومجموعة من العازفين المهرة تتميز بأنها تغنى أغانى الشعب الوطنية وألحانا حديثة لقائدها، وأغانى التراث الشعبية المعجونة بملح الأرض، فهى تغنى لسيد درويش أغانى شعبية نادرة بالإضافة إلى أغانيه الشهيرة، وهى مرتبطة عاطفياً بالشيخ إمام واحمد فؤاد نجم، وتغنى لهما الكثير من الأغانى الحماسية. وهذه الفرقة فى أغانيها بقدر ما تثير الشجن فهى أيضاً تثير المشاعر الوطنية الدفاقة والحماس للوطن، وقد حركت هذه المجموعة من الشبان والشابات مشاعر الجماهير خلال عام الإخوان للدفاع عن هوية مصر وساهمت مع الملايين فى إزالة الغمة. وأعلم أن هذه الفرقة تساهم فى إحياء حفلات للجمعيات الخيرية مساهمة منها فى العمل العام ولإحياء هذا التقليد القديم الذى شارك فيه عبدالحليم وفريد الأطرش وأم كلثوم وغيرهم من الفنانين والذى اختفى فى السبعينيات ويجب أن يعود لإحياء الروح فى الجمعيات الأهلية وهى كلها غير هادفة للربح.
الاهتمام بالفن ضرورة قومية لأنه القوة الناعمة لمصر، ومصر مليئة بالمواهب الشابة، هيا نشجعها وندعمها حتى تتفتح كل هذه البراعم فى أنحاء الوطن وتغنى نشيد الأمل بمستقبل أحسن لمصر.
وأنا أكتب عن هذه المجموعة لأننى تربطنى صلات روحية وفكرية وإنسانية قديمة وعميقة بفن الراحلين العظيمين فؤاد حداد وصلاح جاهين، وعائلتاهما جزء أساسى من بناء هذه الفرقة. لطالما أمتعنى فؤاد حداد بأسلوبه السهل البسيط والعميق فى أشعاره العامية الطويلة والتى تريد أن تقرأها مرات ومرات لتستوعبها وتستقر فى أعماقك، وقد ورث نجله أمين هذه الموهبة الخارقة فكتب الشعر العامى البديع ولطالما تمتع المصريون بقراءته السلسة المعبرة لأشعاره فى كل مكان.
أما صلاح جاهين المعجزة العبقرية المتحركة فى رباعياته التى يعيش وسوف يظل يعيش معها الشعب المصرى أجيالاً بعد أجيال، ونحن نقرؤها ونعيد قراءتها ونحفظها ونتغنى بها دائماً. من منا لم يحفظ الليلة الكبيرة؟ المسرحية العبقرية التى صاغ أشعارها جاهين ولحنها سيد مكاوى وأبدع عرائسها ناجى شاكر وأخرجها صلاح السقا وما زالت محفورة فى أعماق كل مصرى.
تحية لأصحاب الفن الجميل.
قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

Monday, January 5, 2015

دروس من الخبرة البرازيلية بقلم د. عماد جاد ٥/ ١/ ٢٠١٥


فى لحظة مفعمة بالحماس والوطنية خرجت تصريحات تقول إن مصر تسعى إلى الانضمام لمجموعة «البريكس»، وهى مجموعة تضم خمس دول، ثلاثاً منها من آسيا هى روسيا والصين والهند، ودولة لاتينية هى البرازيل وأخرى أفريقية هى جنوب أفريقيا، وهى مجموعة الدول ذات الاقتصادات الأسرع نمواً فى العالم والتى عبرت من العالم الثالث إلى الثانى، ومنها ما بات يقف على مشارف العالم الأول، ومن ثم فلم تعد أى من هذه الدول تحصل على معونات من الخارج.
ومن بين هذه الدول تعد البرازيل الأقرب لنا أو النموذج الذى يمكن السير على خطاه للعبور من حالة التخلف إلى النهضة الشاملة، فهذه الدولة اللاتينية تعد من بين الدول القليلة فى العالم التى حققت قفزات ضخمة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذه الدولة اللاتينية التى كانت حتى عام ٢٠٠٢ دولة مأزومة يرفض صندوق النقد الدولى منحها المزيد من القروض لشكوك فى قدرتها على السداد، أصبحت فى عام ٢٠١٢ دائنة للصندوق بمبلغ ١٤ مليار دولار.
حققت البرازيل قفزتها الكبرى بوصول الرئيس السابق لولا دا سيلفا إلى السلطة، ذلك الرئيس القادم من الطبقة العاملة والذى عمل بيديه فى المصانع وفقد أحد أصابعه، جاء لولا دا سيلفا إلى السلطة والبرازيل فى وضع متوسط، بمعنى أن من سبقه من رؤساء فى حقبة التسعينيات عملوا على تحقيق قدر من التوازن فى ذلك البلد الضخم. تمكن من سبق لولا من الرؤساء من إرساء أسس الاستقرار، ثم جاء لولا دا سيلفا وبدأ فى تطبيق رؤيته المستندة إلى مبادئ الديمقراطية الاجتماعية، حافظ على اقتصاد السوق الحرة، دعم التوجهات الرأسمالية، لكنه تمسك بتطبيق العدالة الاجتماعية والتى تمثلت بالنسبة له فى التزام الدولة بمساعدة الفئات غير القادرة وضمان حصولها على أربعة حقوق أساسية هى: المسكن الصحى، التعليم المجانى الجيد، الرعاية الصحية الجيدة، وأخيرا حد أدنى للأجور يلبى احتياجات المواطن الأساسية. تمكن الرئيس البرازيلى السابق لولا دا سيلفا من تحقيق معدلات تنمية عالية مكنته من معالجة قضايا الفقر فى المجتمع البرازيلى: نجح فى محاصرة ظاهرة مدن الصفيح والعشوائيات، تمكن من إدخال الأطفال فى العملية التعليمية، نجح فى تحقيق قفزات هائلة فى الرعاية الصحية على النحو الذى جعل البرازيل فى عهده الدولة الوحيدة فى نصف الكرة الغربية التى تدرج علاج الأسنان ضمن الرعاية الصحية المجانية.
جاء دا سيلفا برؤية وطنية تنطلق من العمل مع جميع القوى السياسية فى البرازيل: بدأ بمصالحة وطنية شاملة مع الماضى، ومع تجاوزات النظم السابقة دون تفريط فى حقوق المواطنين، ودون تراجع أمام أى قوة سياسية، ومواجهة حاسمة مع الخروج على القانون ولم يكن هناك مجال للبحث عن مصالحة مع كل من خرج على القانون، أقر بدور الدين فى حياة المواطن البرازيلى دون تزيّد ودون مبالغة، أى دون أن يخلط بين الدين والسياسة، فالدين صلة بين المواطن وخالقه وما يؤمن به ويعتقد فيه، أطلق طاقات مواطنى البرازيل فى العمل، لم يكن أسيرا للماضى، لم يندفع وراء رغبة فى الانتقام ممن كانوا خصوماً له ولتياره السياسى، وعندما أنهى دورتيه فى مواقع السلطة لم يتحايل على الدستور ولم يبحث عن سبل تبرر له الاستمرار فى السلطة، فقد أرست بلاده، مع غيرها من دول أمريكا اللاتينية، صيغاً للديمقراطية يقضى من خلالها الرئيس ما بين دورة واحدة (المكسيك وتشيلى) ودورتين (مثل البرازيل والأرجنتين)، ومن أراد الحفاظ على خط الرئيس فى الإنجاز والتنمية حقق ذلك بطرق مختلفة دون المساس بالدستور، فأهل الأرجنتين قدروا إنجازات الرئيس السابق كريشنر، الذى أمضى مدتين فى الرئاسة، ومن ثم وجب عليه الرحيل، وكان الحل هو ترشيح زوجته كريستينا كريشنر لمنصب الرئيس حتى يبقى الرجل فى القصر الجمهورى، وهو ما تحقق بالفعل حيث تتولى السيدة كريشنر رئاسة الأرجنتين وتعمل بمفردها بعد رحيل زوجها الرئيس السابق. الأمر نفسه تكرر فى البرازيل بعد أن أنهى الرئيس لولا دا سيلفا فترتى الرئاسة، محققاً أعلى معدلات تنمية فى تاريخ البلاد، واضعاً بلاده على أبواب العالم الأول. تسلم دا سيلفا السلطة فى يناير ٢٠٠٣ وصندوق النقد الدولى يرفض منح البرازيل قرضاً لعدم ثقته فى قدرة البرازيل على السداد، وترك موقعه والبرازيل دائنة للصندوق بـ١٤ مليار دولار. تمكن هذا العامل والنقابى فى نقابة عمال الحديد من تحسين أوضاع الفقراء فى بلاده عبر الضرائب التصاعدية التى وفرت له نحو ٦٠ مليار دولار خصصها للفئات الأكثر فقراً مقابل التزام هذه الأسر بانتظام الأبناء فى الدراسة. نجح هذا الرئيس، العامل والنقابى، فى تحقيق إنجازات غير مسبوقة فى جميع المجالات على النحو الذى جعله الشخصية الأكثر تأثيراً فى العالم حسب مجلة «تايم» الأمريكية فى عام ٢٠١٠. وعندما حانت لحظة الرحيل بعد انتهاء فترة الولاية الثانية فى نهاية ٢٠١٠، رشح دا سيلفا وزيرة شؤون الرئاسة ديلما روسيف فانتخبها البرازيليون لتكون أول امرأة تتولى رئاسة البلاد.
من هنا نرى أنه من المفيد جداً الانفتاح على هذه التجربة ودراستها جيدا من أجل استخلاص الدروس منها، ولابد أن يكون الاستخلاص شاملاً، بمعنى أنه يكون فى شتى المجالات، فتجربة النهوض حالة شاملة لا يمكن الأخذ ببعض جوانبها وترك جوانب أخرى لاعتبارات مختلفة، واستخدام مبررات من قبيل الخصوصية الثقافية أو الحضارية، فالتكوينة البرازيلية هى تجربة لدولة كانت تقع فى قلب العالم الثالث، شعبها كاثوليكى متدين، صحيح أنه جزء من العالم الغربى إلا أنه أكثر تديناً من الشعوب الأوروبية، وقام ببناء تجربة تنموية شاملة فى الاقتصاد، والاجتماع، السياسة والثقافة أيضاً. من المفيد أن يكلف الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأيضاً تبادر أحزاب سياسية مدنية، بتشكيل وفود متنوعة لزيارة البرازيل ودراسة التجربة فى مجالاتها المختلفة ووضع خطط زمنية لتطبيق برامج تنموية مستفيدة من الخبرة البرازيلية.

Sunday, January 4, 2015

إلى متى نستمر فى تصبيع الكفتة؟ بقلم حمدى رزق ٤/ ١/ ٢٠١٥ المصرى اليوم



الغمز واللمز فى جنب القوات المسلحة بسيخ الكفتة بتاع عبعاطى يورثنا مرارة فى الحلوق، القوات المسلحة صارت هدفا، لوحة نيشان، معلوم عبعاطى ليس هو الهدف والمستهدف من موجة السخرية التى تترى صاخبة على الفيس وتويتر، الهدف القوات المسلحة التى تخوض معركة الشرف فى سيناء، وعلى القوات المسلحة أن تتحلى بالشجاعة التى هى عنوانها بالأساس، وتعلن على الملأ فشل جهاز عبعاطى، وأن تحيله وجهازه إلى التقاعد، وكفى القوات المسلحة شر السخرية وقلة القيمة.
لا يفت فى عضد القوات المسلحة فشل عبعاطى، ولا يشينها فشل جهاز الكفتة، ولا يقوض مصداقيتها إنهاء التجربة عند هذا الحد، ولتتفرغ أجهزتها الطبية للواجب الوطنى فى مستشفياتها المحترمة، لكن يحزننا استمراء البعض طعم الكفتة، وإنفاق الوقت الثمين فى التجارب الفاشلة، وبقاء اسم عبعاطى مقرونا بصفوفها، ليس من الشرف بقاء عبعاطى على رتبة اللواء (شرف)، الشرف العسكرى يرفض هذا النصب باسم القوات المسلحة، أو يقترن اسم هيئتها الهندسية المنجزة بجهاز فاشل بالثلاثة، حتى فشل فى تصبيع الكفتة، وتصبيع من صباع، وبالفصحى أصبع، ومنه صباع الكفتة بتاع عبعاطى الكبابجى.
لو كان عبعاطى أمينا مع نفسه، ومرضاه المحتملين، لخرج من فوره معلنا فشله وشرب سم هارى على الهواء مباشرة، فى اليابان تقرأ اسم عبعاطى اليابانى فى صفحة الحوادث، متهما بالنصب الطبى، أو منتحرا من الخجل العلمى، لكن أن يظل عبعاطى الكبابجى بيننا يصبع كفتة من اللحم الجملى، حتما يحتاج وقتا أطول لتمام النضج، ويسيل لعاب المرضى، يتضورون جوعا إلى الحقيقة.
من ينجز مشروعا كونيا مثل قناة السويس الجديدة بهذه المعدلات القياسية لا يصح أن تبقى فى حلته العسكرية الزاهية بقعة من أثر الكفتة، عبعاطى بقعة دهنية لابد من إزالتها بالبنزين، وقبلها حتما إجراء تحقيق شفاف مع كل المتورطين فى هذه الفضيحة الطبية، عسكريين ومدنيين وأولهم عبعاطى، ولا يضير القيادة العامة شىء، بالعكس تستفيد وتستعيد ما فقدته من سمعة أجهزتها الطبية، وتقطع الطريق على الصائدين فى الماء العكر، والساخرين فى الفضاء الإلكترونى.
كل من فى قلبه مرض من «السيسى» يعيره خفية ومن وراء حساب فيسبوكى بجهاز الكفتة، عبعاطى أقل من أن يكون هدفا للإخوان والتابعين، وللساخرين، وللمتنطعين، كثرة منهم يتنططون على كتافات الشرف، استهداف القوات المسلحة طريق مرصوف لاستهداف السيسى.. كده على بلاطة، الجهاز أعلن عنه تحت رعاية السيسى، وثبت فشله أيام السيسى، وحكومة السيسى هى التى تستورد «السوفالدى» لعلاج مرضى عبعاطى.. أليس هذا إعلانا صريحا أن عبعاطى الكبابجى حرق الكفتة؟!