Translate

Saturday, March 31, 2018

القوات المسلحة هى الحل! بقلم د. وسيم السيسى ٣١/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

الأرقام خير لغة، نحن أمامنا فرصة ذهبية لتحليل أرقام انتخابات ٢٠١٨، ما أكثر الدوائر تصويتاً، ونسب الرجال، والنساء، والشباب، وهل هو الوعى أم الحالة الاجتماعية؟. أيضاً أقل الدوائر تصويتاً، وهل هو الجهل أم الحالة الاقتصادية أم تقصير الدولة فى الخدمات والبنية التحتية لهذه الدائرة، أم دعايات مضادة من الداخل أو من الخارج؟، ومن هنا يبدأ العلاج لا العقاب.
كانت كثافة التصويت من النساء واضحة خصوصاً من فئات عمرية فوق الثلاثين، كذلك من الرجال، خصوصاً بعد الأربعين، واضح أن خبرات الزمن وتقدير خطورة اللحظة كانت واضحة عند هذا الفريق من الناخبين والناخبات.
فى إحدى القنوات التليفزيونية قالت لى معدة: ذهبت، وأفسدت صوتى، ومعظم زملائى وزميلاتى لم يذهبوا. فلما سألتها لماذا؟ قالت: أليس فى مصر منافس حقيقى أمام الرئيس؟! قلت لها: المسألة ليست منافسة بل تحدى القوى الخارجية المعادية للرئيس، والمقصود من هذه الانتخابات أن نعطى رسالة للخارج أننا حول قواتنا المسلحة وحكومتنا الممثلة فى الرئيس، لم تقتنع أو بدا لى ذلك.
حازم سائق وصاحب السيارة التى تقلنى ذهاباً وإياباً لمدينة الإنتاج، سألته: هل انتخبت؟ قال: لا مش فاضى!.
سألته: ولو كنت فاضى؟!
قال: برضه لأ!.
سألته لماذا: قال: مش عارف أبيَّض الشقة دهان الوش الأخير، ومش عارف أتجوز!.
قلت: أنت صاحب سيارة، وبيت ملك من أبيك، وساخط! وأنا لى زميل طبيب قال لى: بعد الفرح لم يكن لدينا سرير، نمنا على مرتبة على الأرض لغاية ما ربنا فتحها علينا!. هل تعرف شيئاً يا حازم عن المخططات التى تحاك حول مصر؟! هل سمعت عن برنارد لويس أو موشيه شاريت أو سايكس بيكو أو سير هنرى كامبل بانر؟! قال لا! (حازم فى ثالثة تجارة).
قلت: الحق ليس عليكم بل على وزراء التربية والتعليم والثقافة، والإعلام، أنتم ضحايا.
سألنى المذيع النابه أحمد سالم: ظاهرة المرأة المصرية، ودورها الإيجابى، هل هى دائماً هكذا منذ عصر مصر القديمة؟!
قلت: إنها عمود البيت، إذا مات الأب تأثرت الأسرة اقتصادياً، وإذا ماتت الأم تبعثرت الأسرة وانتهت، وعلى المستوى البيولوجى هى بنَّاءة، والرجل هدَّام!. فى تجارب إيريك هولمز: عشر دجاجات تعيش فى سلام، حقن كل دجاجة بالهورمون الذكرى، بدأت المعارك بينها كالديوك، استنتج هولمز أن الهورمون الأنثوى بنَّاء، والهرمون الذكرى هرمون حروب، وبالتالى لن يعم السلام العالم إلا إذا حكمته المرأة.
خلاصة الخلاصة: إقبال الرجال الذين حنكتهم تجارب الأيام على الانتخاب سببه المعرفة.
إقبال النساء سببه الوعى والإدراك لما نحن فيه وما يحيط بنا من مخاطر.
إعراض نسبة من الشباب سببه المساحات المظلمة فى عقلهم الجمعى فيما يختص بالمكائد والمؤامرات التى تحاك ضد مصر.
قال لى أحدهم: المعاناة الاقتصادية! قلت: إذا كنا نتوالد كالأرانب نموت كالأرانب، هذا الذى ينجب خمسة أو سبعة، لا يلوم الدولة، تشرشل فى الحرب العالمية الثانية قال لشعبه: لا أعدكم إلا بالدم والدموع وحين كسبت إنجلترا الحرب قال لهم: أصبحنا على الحديدة!، ونحن نخوض حرباً خماسية! ألسنا فى حرب من قطر، تركيا، أمريكا، إنجلترا، الصهيونية العالمية؟!. القسوة على الأفراد رحمة بالمجموع، لماذا الكثافة الانتخابية عالية فى العريش، سيناء شمالاً وجنوباً، برفح؟، ذلك لأنهم يحسون بخطورة الموقف، أما شباب المقاهى والتطفل على بابى ومامى، يجب أن نفعل معهم ما فعله محمد على باشا: التجنيد.. القوات المسلحة هى الحل.

Wednesday, March 28, 2018

خالد منتصر - لويس جريس.. النبيل - جريدة الوطن - 28/3/2018

فى نهاية سنوات كلية الطب، وفى ظل سطوة الجماعة الإسلامية على قصر العينى واغتيال جميع الأنشطة، كنت قد أُصبت بالإحباط من تكرار تمزيق مجلات الحائط التى كنت أكتبها، فقد ترك عصام العريان، الذى كان قد تخرج منذ عدة سنوات، قاعدة ذهبية بصفته مسئول اللجنة الثقافية فى الكلية، وهى «مزقوا مجلة أى طالب خارج الجماعة واكتموا أى صوت شارد عن أصحاب اللحى»! مشيت شارداً بعد انتهاء المحاضرات فى شارع قصر العينى، لمحت فى منتصفه اسم «روزاليوسف» يتوّج أحد المبانى، «روزا» كانت وقتها هى حائط المبكى للمعارضة وحنجرة الليبرالية المخنوقة وسلاح الناس ضد الفاشية الدينية، وكانت «صباح الخير» هى الخلطة السحرية للبهجة والحرية وقبلة الشباب وقبلة الحياة لهم، وجدت نفسى أدخل المبنى وكأنى منوَّم مغناطيسياً، أيقظنى سؤال رجل الأمن الطيب العجوز على الباب: «رايح فين يا ابنى؟».. «طالع صباح الخير»، الرد الواثق وعدم الارتباك الذى لا أعرف من أين كان مصدره جعل الرجل الطيب يسمح لى بالصعود، ازداد طمعى وطلبت مقابلة رئيس التحرير، كان الرد من أحد رسّامى الكاريكاتير ساخراً: «الأستاذ لويس مرة واحدة»، أخبروه بأن أحد طلاب كلية الطب «المفاعيص اللى لسه ماخرجوش من البيضة» عايز يقابلك، كان بابه مفتوحاً طوال الوقت، ومكتبه كان سوق عكاظ، تحدّث معى بمنتهى الود وأنصت إلىّ وكأننى محمد التابعى زمانه! طلب منى مقالاً حتى يقيّم أسلوب كتابتى قائلاً: «الكتابة مش أفكار حلوة وبس، لازم يبقى لك أسلوب». سلمته المقال بعد تلك المقابلة بأيام قليلة منتظراً مقابلة أخرى أستمع فيها إلى تقييمه. وكانت المفاجأة، فى الأسبوع التالى كان مقالى على غلاف صباح الخير!! كان عنوانه «أنا من جيل آماله مؤجلة»، والمدهش أنه فتح حواراً حول المقال فى أربعة أعداد متتالية، وهكذا جذبتنى ندّاهة الصحافة عن طريق الأستاذ لويس الذى صار فيما بعد الصديق لويس، كان مستوعباً لأى خلاف فى هدوء وحكمة وصبر يستفز البعض أحياناً، كان كالقديسين النبلاء مع كل البشر من أباطرة ونجوم الصحافة والمجتمع وحتى السعاة وعمال المطبعة، ظل شاباً حتى التسعين ومتفهماً لروح وطبيعة الشباب فى كل مراحل حياته، حتى فى أثناء عمله بالجامعة الأمريكية أو قناة «إيه آر تى» كان متحمساً للشباب، وكنت واحداً منهم آنذاك. وفى ظل هذا التشجيع قامت زوجته بركان العبقرية المسرحية سناء جميل ببطولة مسلسل من تأليفى لقناة «إيه آر تى».
بسبب ابتعادى عن القاهرة وظروف عملى هجرت كتابة الدراما وظل عشقى موصولاً للصحافة وظلت صداقتى ممتدة مع أحد رموزها النبيلة لويس جريس، أجمل وأنبل وأصدق وأحكم من رأيت.. باقة ورد على قبرك الجميل يا قصة عشق لصاحبة الجلالة الصحافة ولصاحبة الأداء الساحر سناء جميل التى كنت تروّض وتستوعب جموحها الفنى وبركانها الإبداعى بكل ذكاء وحب وغرام وحكمة، قبلة على جبينك الوضّاء، فقد رحلت فى التوقيت المناسب، فما قرأته أنا على شبكات التواصل النمّامة النهّاشة من خلاف حول الصلاة على جثمانك من بعض الموتورين الذين تحدّثوا عن زواجك الإنجيلى من سناء جميل وكيف سيمنع تلك الصلاة!، ما قرأته يؤكد أنك اخترت الابتعاد عن ضجيج الضباع.

Monday, March 26, 2018

افتتاح متحف د.نجيب محفوظ أسطورة الطب المصرية بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

فى احتفال كبير بقصر العينى تم افتتاح متحف الدكتور نجيب محفوظ باشا أول مصرى يرأس قسم أمراض النساء. المتحف أسطورة علمية طبية فنية متطورة بأحدث التقنيات الحديثة، وقد أذهل المتحف عشرات الأطباء العالميين الذين حضروا لمؤتمر القسم وأجمعوا على أن لا مثيل له فى العالم. المتحف يحوى عينات نادرة جمعها نجيب محفوظ خلال ٤٠ عاماً من العمل انتهت ببلوغ المعاش عام ١٩٤٢ وامتدت ٥ سنوات لاستكمال البحث العلمى.
التقنيات الموجودة فى هذا المتحف النادر بالغة الحداثة جعلته أداة متميزة للتدريب والبحث العلمى. ويضم المتحف أيضاً مؤلفات نجيب محفوط العلمية وأبحاثه، بالإضافة إلى آلات وأجهزة نادرة. شكراً لنجيب باشا الذى ترك لمصر ثروة علمية نادرة الوجود ودفع بقصر العينى إلى المقدمة منذ أوائل القرن العشرين. وقد تم توثيق عينات المتحف فى كتاب ضخم مصور من ٣ أجزاء انتهى محفوظ باشا من طبعه فى إنجلترا عام ١٩٤٧ وترجم إلى ست لغات عالمية ووزع فى جميع كليات الطب فى العالم.
شكراً لرئيس القسم د.محمد ممتاز ومجموعة متميزة من الزملاء بقيادة د.مصطفى الصادق ود.أحمد المناوى ود.أحمد محمود، ونفذ المشروع المهندس كريم الشابورى المتخصص فى إنشاء وتطوير المتاحف. وشارك عم حنفى العامل المتميز الذى حافظ على العينات ورعاها عشرات السنوات. وساهمت عائلة نجيب محفوظ مساهمة مادية ومعنوية ضخمة أعادت المتحف إلى بهائه بما يناسب قصر العينى فى القرن الحادى والعشرين..
وتربطنى علاقة متميزة وصداقة مستمرة مع أحفاد نجيب محفوظ وهم د.سمير سميكة ود.نجيب أبادير ود.أمين مكرم عبيد وهو زميل دراسة وكذلك د.يوسف سميكة من الجيل الرابع. هذه العائلة الوطنية الكريمة بأكملها تكفلت بكل الدعم لإعادة تجهيز المتحف للافتتاح وحضرت بالكامل للاحتفال بجدهم الذى هو رمز مصرى عظيم ومعهم السيدة شهيرة ابنة محفوظ باشا.
ولد نجيب محفوظ فى عام ١٨٨٢ وهو عام الاحتلال البريطانى لمصر ودخل طب قصر العينى وتخرج منها وتم إيقاف الدراسة فترة فى أوائل القرن وإرسال طلبة قصر العينى مع الأطباء لمكفاحة وباء الكوليرا. نجيب محفوظ كان نابهاً وطموحا وأنهى دراسته فى الطب بتفوق وأجاد الإنجليزية والفرنسية وبدأ حياته كطبيب تخدير ثم أنشأ قسم أمراض النساء والتوليد.
كان نجيب محفوظ طبيباً بارعاً فى ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة، فأشرف على آلاف الولادات الصعبة والعمليات المعقدة وخاصة الناسور البولى المهبلى الناتج عن الولادات العسرة فى أنحاء مصر، وكان لنجيب محفوظ السبق فى ابتكار عمليات حديثة لهذه المشكلة العويصة. وقام بتأليف كتب للتدريس للحكيمات والدايات.
كان نجيب محفوظ معلماً كبيراً، فقد ساهم فى تعليم جيل كبير من الأطباء المتخصصين فى هذا المجال وقام بالتدريس فى مدرسة الحكيمات وتأسيس مدرسة للدايات داخل قصر العينى بحيث تخرجت دفعات متتالية انتشروا فى أنحاء مصر وساهم ذلك فى تقليل نسبة المضاعفات أثناء الولادة. وقام بنشر أبحاثه العلمية فى كبرى المجلات البريطانية المفهرسة والتى ساعدت قصر العينى ليصبح مدرسة عالمية للطب فى النصف الأول من القرن العشرين. حصل على زمالة الكلية البريطانية الفخرية وتسلم جوائز عالمية كثيرة، وتم تكريمه من الملك فؤاد والملك فاروق وعبدالناصر والسادات وحصل على جائزة الدولة التقديرية ووسام الاستحقاق.
نجيب محفوظ باشا فخر لكل أطباء مصر وللكلية الأم قصر العينى ولكل مصرى. وافتتاح هذا المتحف سوف يعطى دفعة قوية لتحديث التدريس والتعليم فى قسم النساء. والمجهود الفكرى والعلمى والبحثى والتوثيقى الذى قام به نجيب باشا فى ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة تنم عن انتمائه الشديد لكليته وللوطن وللأجيال القادمة.
عندما تخرجت من قصر العينى فى الستينيات كان خريج القصر عينى يعمل فى أى مكان فى العالم بسهولة وببساطة وفى معظم البلدان بدون امتحان، لأن مستوى الخريج كان عالمياً بالفعل. كل ذلك بأفضال وأعمال نجيب باشا وأمثاله. أملنا أن نعود مرة أخرى إلى هذه المرتبة بالعمل المكثف والبحث المستمر.
وأخيراً أقول إن قصر العينى هو مدينة متكاملة من ثمانية مستشفيات داخل أسواره وخارجها على ضفتى النيل وهو يعالج مئات الآلاف من المرضى ومعظمهم من الحالات المعقدة. أعضاء هيئة تدريس قصر العينى انتشروا فى ربوع مصر لبناء الجامعات الجديدة بدءاً من جامعة الإسكندرية فى الأربعينيات ثم عين شمس فى الخمسينيات ثم توالت الجامعات الإقليمية. كبار أطباء مصر والعالم مثال مجدى يعقوب ومحمد غنيم تخرجا وتدربا فى قصر العينى. ولذلك فالحفاظ على هذه الكلية ودفعها للأمام أمر هام لمستقبل التعليم الطبى فى مصر. وتوجد خطة طموحة لتطوير قصر العينى يقودها العميد د.فتحى خضير وليكملها العميد القادم.
أخيراً، لقد خلد اسم نجيب باشا محفوظ مرتين، الأولى بأعماله وأبحاثه وكتاباته وعلاجه للآلاف، وخدمته للعلم والوطن والثانية عام ١٩١١ حين أشرف على ولادة متعسرة لسيدة مصرية أنجبت ولداً أسمته نجيب محفوظ تيمناً باسم الطبيب، فأصبح هذا المولود أهم أديب مصرى ومن أهم أدباء العالم وحصل على جائزة نوبل.
تحية خاصة لعائلة نجيب باشا محفوظ وتحية لروح المصرى الوطنى العظيم نجيب محفوظ.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

خالد منتصر - نحاربهم لأنهم خارج القانون وليس لأنهم خوارج الدين - جريدة الوطن - 27/3/2018

معركتنا ضد الإرهاب معركة حياة أو موت وهى فى الأصل معركة فكرية قبل أن تكون أمنية، لذلك وضعها فى السياق الصحيح بأنها معركة ضد إرهاب يعتمد على الفكر لا ضد إرهابيين يعتمدون على السلاح هو مطلب مُلح وضرورى، الجيش بالفعل يخوض معركة دامية وطاحنة فى سيناء ضد هؤلاء الضباع، وزيارة الرئيس السيسى الأخيرة للقاعدة الجوية والتحامه مع أبنائه من الضباط والجنود قد منحتهم قوة معنوية كبيرة فى تلك الحرب الشرسة ضد تلك الفاشية الدينية، ولا بد من سحب تلك المعركة من جبهة التراشق الدينى الدينى إلى جبهة وساحة أخرى مختلفة تماماً هى السجال الثقافى الفكرى الاجتماعى والحياتى، ولذلك فاستخدام المصطلحات الدينية فى معركتنا ضد الإرهاب هو اختزال لمعركة كبيرة لها أبعاد متعددة ومتشعبة، نحن لا نحاربهم لأنهم خوارج بالمعنى الدينى ولكننا نحاربهم مثلما تحارب أى دولة مدنية فى العالم الخارجين عن القانون، هم خارجون عن النظام والقانون والاتفاق الاجتماعى وشكل الدولة المدنية الحديثة، هم يعتبروننا خوارج عن الدين أيضاً، يقتلوننا ويفجروننا ويذبحوننا وهم مقتنعون تمام الاقتناع بأننا كفار خارجون عن الدين، انحرفنا عن الصراط الدينى المستقيم، الخوارج عندما ذبحوا صحابياً وبقروا بطن زوجته الحامل وفرحوا بأن الدم غمر شاطئ النهر، كانوا من وجهة نظرهم يطبقون صحيح الدين وكانوا يفصلون فى مدى إيمان هذا الصحابى من درجة حسم وتأكيد تكفيره لكبار الصحابة وأمراء المؤمنين، هؤلاء الأتقياء الأنقياء المصلون الذين صارت جلودهم مثل جلود الإبل من فرط السجود كانوا قبل هذا الذبح يحسون بتأنيب الضمير وبارتكابهم للكبيرة والخطيئة لأنهم أخذوا ثمرة من حديقة لا يملكونها!!، يبحثون عن رد تلك الثمرة ولا يبحثون عن ذنب تلك الجثث النازفة على الشط!، السجال الدينى الدينى من خلال النصوص يضيع ويميع القضية، يجعلها تفقد جوهرها الفكرى وتجعل الميزان هو شدة ونقص الإيمان وتلك أمور غير قابلة للقياس والمقارنة والمعيارية الصارمة، وتلبس هؤلاء الإرهابيين أقنعة تجعل البعض متعاطفاً مع شدة إيمانهم وورعهم أو على الأقل يصفهم بأنهم مجرد ناس فاهمة الدين غلط، الإرهابى ليس عدو دين فقط إنما هو قبل ذلك عدو إنسانية، عدو حياة، عدو تقدم، عدو تحضر، وتلك هى معركتنا الحقيقية، معركة من أجل تلك القيم، قيم الإنسانية والحياة والتحضر، تلك المعانى الشاملة لكل الكرة الأرضية من كل الملل والأديان، لذلك أرجو تخفيض نبرة استخدام المصطلحات ذات الخلفية الدينية فى معركتنا مع من يدعون احتكار الله وتأميم الدين، الله جل جلاله أكبر وأقدس من أن يُستخدم سياسياً، لا نريد أن تهبط السماء لخوض معركة الأرض، الرئيس السيسى لم يبادر بمعركته ضد الإخوان ومعه الشعب المصرى المحب لله العاشق لآل البيت، لم ينزل 30 يونيو ضد الخوارج ولوجه الله، لم تكن تلك المصطلحات فى الذاكرة الجمعية وقتها، ولكنه نزل ضد المرشد والإسلام السياسى والعصابة التى قتلت الروح وصادرت العقل، وكانت خلفيته فى المظاهرات أغنية «يا حبيبتى يا مصر» وليست أدعية الشيخ محمد جبريل!، لذلك نريد الحفاظ على تلك الذاكرة الجمعية المحبة للحياة المتمسكة بالمواطنة ومدنية الدولة والتى هى أهم مكاسب تلك الثورة التى انتصرنا فيها على أعداء الحياة.

«ساندرا».. واللغة المفقودة بقلم وجيه وهبة ٢٥/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

■ فيلم ساندرا نشأت (شعب ورئيس) هو نموذج محترم وفريد من نوعه، فنياً وسياسياً، فى سياق الواقع المؤسف لإعلام المنظومة الحاكمة. فيلم يعبر عن حرفية مميزة ولغة مفتقدة لفن الترويج والدعم والتأييد، وهو حق مشروع. تأييد بلا ابتذال أو تدنٍ. تأييد لا يستفزك، ولا يجلب السخط على المؤيَّد والمؤيِّد.
اتفاقاً أو اختلافاً مع تفاصيل المحتوى، هو درس لكل الطبلجية ومشغليهم وللراقصين على إيقاع طبولهم. ويبقى السؤال:
إذا كانت لديكم كفاءات مثل ساندرا وفريق عملهاـ وبالتأكيد لا نعدم أمثالهم- فلماذا اللجوء لعديمى المواهب، والاستعانة ببعض المعتوهين سياسياً وثقافياً.. أو من الأرزقية من إعلاميى كل الموائد فى كل العصور؟! ترى هل يكون فيلم ساندرا فاتحة خير لذهنية إعلام حكومى جديد، أم أن المسألة لم تكن سوى بيضة الديك؟!
■ اسم ساندرا اختصار لاسم يونانى الأصل هو (ألكسندرا)، ويتكون من مقطعين، يدور معناه فى اليونانية القديمة والحديثة حول وصف التى لا تقهر أو المدافعة عن الإنسان.. مجرد مصادفة لغوية.
■ من مآثر الفيلم تصحيح الرئيس مفهوم الاصطفاف على قلب رجل واحد، وهى العبارة التى طالما رددها منذ توليه، ولم يعرها شارحوه انتباهاً، فهى تحوى ألغاماً فاشيستية، فلم يوضحوا للناس أنها تستخدم فى مواجهة الحرب على الإرهاب فقط، ولا تعنى كبتا وقمعا للاختلاف فى وجهات النظر، فى كافة شؤون البلاد.
■ فى لقائه مع أبطالنا البواسل فى سيناء، أمس الأول، قال الرئيس: «لى الشرف أنى موجود، ولابس زيكم، وأواجه الإرهابيين عشان خاطر ربنا، لأنهم أساءوا إساءة كبيرة لدين ربنا بتصرفاتهم وإرهابهم، إحنا بنواجه أشرار وخوارج العصر».

... حين يتحدث الرئيس- وله كل الاحترام الواجب- كثيراً ما نفتقد مفردات لغة السياسة، وتتخلل مفردات الخطاب الدينى، خطابه الوطنى نحو أسلمة الخطاب السياسى. ونفهم أن يصف أحد رجال الدين الإرهابيين بالتكفيريين أو الخوارج، فهذا شأنه وشأنهم. فمصطلح الخوارج إسلامى صرف. ولكن معركتنا مع القتلة قاطعى الرؤوس وداعميهم فى الداخل والخارج ليست معركة فقهية، وليست معركة بين طائفتين من طوائف الإسلام، وليست معركة بين رافضة ونواصب. هى معركة مصر ضد قتلة إرهابيين وكفى.
وبلغة القانون، توجد جرائم إرهاب وقتل وتحريض عليهما، ولا توجد جرائم تكفير وخوارج.. وإذا تحدث رئيس مصر، فى أمر جلل مثل الإرهاب، فيجب أن يكون ذلك بلغة واضحة غير مربكة لسامعيها فى كل أنحاء العالم، وبلا لبس هو الإرهاب، وهم الإرهابيون.. ولنترك استعمال وصف التكفيريين وخوارج العصر لرئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لا لرئيس الدولة المصرية.
■ الإباضية فرقة من الخوارج (فى رأى الكثيرين). والمذهب الإباضى مذهب الأغلبية فى سلطنة عمان. والمواقف المحمودة للسلطنة مع مصر فى السراء والضراء تبين عمق العلاقات الودية.
■ المصريون اختاروا رئيسهم، فى انتخابات حرة، من أجل الدفاع عن أرواحهم ومعيشتهم الحرة الكريمة. وليس للدفاع عن الدين، فلنتكلم بلغة السياسة والوطن والمواطنة، كيلا نقع فى فخ لغة الحروب الدينية والطائفية. ولتحفيز جنودنا (أبطالنا البواسل) هناك العديد من الأساليب المحفزة التى تعمق، وتجذر لخطاب المواطنة فى ذات الوقت. والأديان لا يدافع عنها بالرصاص. وإنما الأوطان وأرواح البشر هى التى يدافع عنها بالرصاص والقصاص.
■ إقحام الدين واستخدامه فى المجال السياسى، سواء عن اقتناع أو عن توظيف عمدى، هو من أسهل الوسائل لتعبئة وحشد الجماهير والتقرب إليها، ولكنه أيضاً، وعلى مدار التاريخ، من أكثر الأساليب خطورة على من يلجأ إليها، وعلى المجتمع أيضا. وتاريخنا القريب يشهد بذلك.
■ التزيد فى حشر المفردات الدينية فى كل تفاصيل الحياة اليومية على مدار الساعة، ليس دليلاً على حسن إيمان المؤمن، ولا يدل بالضرورة على حسن سلوكه. كما أن التخفف من تلك المفردات، لا يشير إلى نقص فى إيمان ولا يغير من حسن السلوك.
■ لعل من أفضل ما قاله المرشح الرئاسى، موسى مصطفى موسى، وسبق أن نادينا به فى هذا المكان، هو دعوته لعودة الأزهر إلى دوره المنوط به، كهيئة مختصة بالعلوم الإسلامية واللغة العربية وفقط. وهو ما يتفق مع نص الدستور. فما وجه الغرابة فى ذلك؟ ولماذا هذا الهجوم الشرس عليه وعلى اقتراحه؟!
أقول لك يا سيدى، وجه الغرابة هو أن ذلك سوف يتعارض مع أكل عيش وبغاشة، ومصالح الكثيرين من المستفيدين من هذا التوسع الأفقى الكبير للمعاهد والكليات التابعة لمؤسسة الأزهر. والآن، وبعد مضى أكثر من خمسين عاماً على بدء جامعة الأزهر بكافة تخصصاتها من طب وهندسة وغير ذلك العديد من التخصصات، ترى ماذا أفدنا من تلك التحويجة القائمة على خلط لغة العلم بلغة الدين؟ هل أنجزنا علماً متميزاً وعلماء متميزين عن أقرانهم فى الجامعات الأخرى المدنية؟ هل تجذر خطاب دينى وسطى متميز، أم أن الإجابة عن هذه الأسئلة هى أننا أفسدنا اللغتين معاً، مع المزيد من الانحدار العلمى، والتطرف الدينى؟ وهل نسينا ما كان يحدث بالأمس القريب من الفوضى والتخريب من جانب طلاب جامعة الأزهرـ تضامناً مع الإخوان المسلمين- بالإضافة لاعتداء بعضهم على معلميهم؟ ولن نتحدث عن اختراق الجامع والجامعة، عن طريق الدعم المالى من بعض غير المصريين، بتكأة التبرع لتأسيس أقسام ومعاهد، فلذلك قصة أخرى سوف نوردها فى حينها.
■ لقد أصبح الأزهر (الجامع والجامعة) جسداً هائلاً، يصعب سيطرة الرأس التامة عليه.. أى رأس.. أى شيخ أزهر. والوسطية والاعتدال المعروفان عن شيخه الحالى وغالبية من تولوا المشيخة مؤخراً لا يعبران عن كافة أجزاء هذا الجسد المتضخم.
■ فى بلد مثقل بالديون، وشعب ما زال حلم غالبيته (المم).. (اللحمة). (شاهد فيلم شعب ورئيس).. أتوقع وآمل أن يراعى ذلك القائمون على الاحتفالات بفوز الرئيس القادم. فلا يجب أن تنكأ الرئاسة (القدوة) أعين الفقراء، بمظاهر البذخ الاحتفالية. وليعلموا أن هيبة القادة لا تتحقق بالمظاهر والشكليات. وبالطبع لا نطالب بنهج غاندى ولا ببساطة قادة دول أوروبا الغنية، ولكن أيضا يجب أن ننأى عن نهج البذخ الاحتفالى لهتلر وموسولينى وبوكاسا وعيدى أمين. ولنلجأ للغة الصورة، وبدلاً من الكلام عن التبسط والبساطة والتقشف، فلنحول ذلك لسلوك عملى تشهده الأعين، فتقتدى به النفوس.

Sunday, March 25, 2018

خالد منتصر - هل هناك طب أزهرى وهندسة أزهرية؟! - جريدة الوطن - 25/3/2018

أثار تصريح المهندس موسى مصطفى موسى، المرشح فى انتخابات الرئاسة، الزوابع ضده، التصريح كان خاصاً بالأزهر، طالب فيه «موسى» بإلغاء كل الكليات التى لا علاقة لها بالعلوم الدينية، مثل طب وهندسة وعلوم وزراعة.. إلخ، ولا أعرف سر الغضب الذى تملك البعض والهجوم الحاد الذى شُنّ على المرشح بمجرد تلفّظه بهذا التصريح، وكأنه نطق كفراً!!، فالرجل لم يأتِ بجديد، فقد كان الأزهر طوال تاريخه جامعة لها علاقة بتدريس معارف الدين وعلومه، مثل الفقه والحديث والتفسير والقراءات.. إلخ، وقرار الكليات العملية العلمية الأخرى أو الأدبية التى تدرّس علوماً مختلفة عن تلك العلوم الدينية التقليدية كان قراراً صادراً فى عهد الرئيس عبدالناصر، ولو كان متاحاً وقتها رفع قضايا ضد الدولة بحرية، لكان قد كسبها المحامى الانتحارى من أول جولة، لأن هذا القرار غير دستورى تماماً، وأيضاً غير متوافق مع أبجديات الدولة المدنية، وفوق ذلك غير عادل، فما معنى أن أقصر كلية طب أو هندسة على صاحب دين معين؟؟!، هل هناك علم اسمه طب القلب الأزهرى، وهل هناك هندسة الميكانيكا الأزهرية؟!، هل هناك زراعة مسيحية وصيدلة هندوسية؟!، وهل داخل الإسلام نفسه سيختلف الطب السّنى عن الطب الشيعى؟!، هل هناك قسطرة إسلامية ومنظار كاثوليكى؟!، والرد الجاهز الذى يقدّمه البعض تبريراً لقرار «عبدالناصر» هو رغبته فى تخريج طبيب ومهندس بخلفية إسلامية، هو رد غير مقنع، فهل الطبيب خريج طب القاهرة والمهندس خريج عين شمس، والزراعى خريج المنصورة زنادقة؟!، وهذا الرد يحمل مفهوماً مضللاً، وهو أن هذا الطالب طوال عمره منذ الابتدائية حتى الثانوية، لم يكن مسلماً، وفى تلك الشهور التى تسبق دراسة الكلية العملية الأزهرية سيضغط فجأة على زر الإيمان ويصير الطبيب والمهندس المسلم!، هل ستسمح الدولة بإنشاء كيان موازٍ يشمل كلية طب قبطية وكلية هندسة أرثوذكسية؟!!، وما ذنب المواطن مختلف الديانة الحاصل على ٩٧٪ ألا يحقق حلمه فى كلية الطب مثلاً، بينما يحققه الحاصل على أقل منه بكثير، لمجرد أنه يدين بدين الجامعة؟!!، ليست وظيفة الأزهر تخريج زراعى مسلم، لكن وظيفته زرع التنوير فى ربوع مصر والعالم الإسلامى كله، وليتفرّغ لتلك المهمة.

Saturday, March 24, 2018

يا جيش وشرطة بلادى معزتكما فى عينىَّ بقلم د. وسيم السيسى ٢٤/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

إلام الخلف بينكم إلاما
وهذى الضجة الكبرى علاما
وفيم يكيد بعضكم لبعض
وتبدون العداوة والخصاما
وأين الفوز لا مصر استقرت
على حال ولا السودان داما.
ما أشبه اليوم بالبارحة، إنها كلمات أمير الشعراء، ويحذرنا شاعر النيل حافظ إبراهيم:
نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الرأى تردى
ونثير الفوضى على جانبيه فيعيد الجهول فيها ويبدى.
نعم.. الجهول هو من يقعد فى بيته ولا ينزل للإدلاء بصوته.
الجهول هو المغيب الذى لا يعرف حجم المؤامرات على مصر منذ سير هنرى كامبل بانر ١٩٠٧، مروراً بمارك سايكس وجورج بيكو ١٩١٦، حسن البنا الساعاتى ١٩٢٨، إعلان دولة إسرائيل ١٩٤٨ بن جوريون، وموشى شاريت ومخطط تدمير العراق ـ سوريا ـ مصر ١٩٥٤، ناصر ١٩٦٧، برنارد لويس ١٩٨٣، الفوضى الخلاقة، كونداليزا رايس ٢٠٠٦، الشرق الأوسط الجديد ٢٠١١، تقسيم مصر إلى أربع دويلات، منها شرق الدلتا وسيناء دولة فلسطينية تحت الهيمنة الإسرائيلية، وأدوات الصهيونية العالمية:
أمريكا- إنجلترا- تركيا- قطر- إسرائيل!
أما أدوات كل هؤلاء: الإخوان من ناحية، والإرهاب من ناحية أخرى، ولولا المخزون الحضارى عند هذا الشعب العظيم، مستنداً إلى جيش بلاده الذى هو جزء من هذا الشعب حاملاً السلاح مدافعاً عن أعرق دولة منذ سبعة آلاف سنة لم ينفرط عقدها حتى الآن، لضاعت مصر دون رجعة.
جهول وحقير هذا الممول الذى يبيع وطنه بحفنة من تراب اسمها دولارات!
جهول وغبى هذا الذى يحلم بإمارة عثمانية أى أن تعود مصر ولاية فى خلافة تركية أردوغانية، ولا يعلم أنه كان أقذر احتلال، وكان شعبه كله فى كلمتين: فلاح خرسيس.
جهول وقبيح هذا المنافق الجبان الكامن فى ثنايا الأجهزة والمؤسسات، وللمنافقين وجه سميك غليظ، وقفا أشبه بقفا الحمار، وعيون فيها الانكسار والصغار، يخرجون علينا كأنهم أسود، وليس لهم من الأسد إلا جلده، وهم من الداخل قطط صغيرة! يثيرون الفوضى فى مصرنا، فيعيد الجهول المنافق فيها ويبدى! «حافظ إبراهيم»
يتشدقون بأنه كان انقلاباً! كأن لم يكن انقلاب ١٩٥٢، أو لم يكن انقلاب على مبارك، نعم كان انقلاباً على لصوص وعملاء أرادوا بيع الوطن، لإسرائيل!
يتصعبون على قانون حقوق الإنسان وينسون ما قاله ديفيد كاميرون: لا تحدثنى عن حقوق الإنسان حين تتعرض إنجلترا للخطر، وكانت مصر معرضة للفناء مقابل وعد كاذب بخمسمائة سنة من الحكم والإذلال، كما يتناسون إعلان الجيش البريطانى أنه سيقوم بانقلاب عسكرى إذا اعتلى gorbyn زعيم المعارضة الحكم.
يبكون ويتباكون بدموع التماسيح على الفقراء، وارتفاع الأسعار، ويتناسون أننا فى أتون حرب خماسية: سيناء شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً ومن الداخل!! وأن الفرد فى إنجلترا كان نصيبه بيضة واحدة كل أسبوع، وأن القسوة على الأفراد رحمة بالمجموع، ولكنها عين البغض تبدى المساوئ.
الجهول الناكر للجميل.. جميل ضباطنا فى الشرطة والجيش الذين يستشهدون من أجلنا فى سيناء «ماصة الصدمات والكوارث» the shock absorber وبدلا من أن نقول لهم: يا شرطة وجيش بلادى معزتكما فى عيوننا، يخرج منا من يغتالهم عند الإفطار فى رمضان!
نعود إلى بيوتنا الثانية صباحاً حيث الأمن والأمان داخلياً وخارجياً، ثم نمتنع عن النزول للانتخابات، كم نحن أغبياء وجهلاء.

خالد منتصر - إخوتى الأقباط.. ساعدوا المستنيرين بهزيمة الخوف - جريدة الوطن - 24/3/2018

كتبت كثيراً مدافعاً عن حقوق الأقباط فى التعيين، وبعض الاضطهادات التى يتعرضون لها فى بعض الأماكن، وعلى رأسها التعيين فى أقسام النساء والولادة، وركزت بالطبع على دور الأساتذة المسلمين المستنيرين فى تحمُّل عبء رفع هذا الاضطهاد. وعندما حضرت الاحتفال بتكريم اسم د. نجيب ميخائيل محفوظ باشا، رائد طب النساء والتوليد فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، وافتتاح متحفه الرائع، تمنيت أن تكتمل تلك الاحتفالية بثورة حقيقية فى تعيين نائب نساء وولادة مسيحى فى ذلك القسم الذى لم يعين أى طبيب مسيحى منذ د. نجيب محفوظ، بل شهد اضطهاداً ومؤامرات قديمة ضد أكثر من طبيب مسيحى فى ذلك الوقت ومن بعض الأساتذة المتزمتين المعروفين بالاسم والذين كانت لهم السطوة والقوة والصوت العالى آنذاك.
سألت سؤالاً مباشراً لأساتذة هذا القسم الذى يمثل صرحاً علمياً ضخماً الآن لا يقل مستوى عن المستويات العالمية، سألتهم ومعظمهم أصدقائى: هل تقدم مسيحى لهذا المنصب كنائب نساء وولادة ورفضتم؟! كان الرد من الجميع وبالقطع والجزم والحسم: لا طبعاً، كنت أعرف وأنا أسأل هذا السؤال أن تلك فرصة تاريخية وليست طبية فقط، كنت متأكداً أن هذا التعيين له رسائل ودلالات أكبر من بوست أو تعيين، إنه ترسيخ لدولة مدنية حديثة تحاسب الفرد على كفاءته فقط وليس على دينه، الفرصة تاريخية لأن هذا الجيل من الأساتذة، سواء على مستوى إدارة الكلية أو قسم النساء، جيل فى منتهى الاستنارة والتفتح، ومسائل الطائفية العنصرية لا تشغل ملليمتراً واحداً من مساحة اهتماماته، عرفت أن هذا العام شهد أكثر من عشرين قبطياً فى جدول الأوائل، مما يدل على أن إدارة طب القاهرة بعيدة كل البعد عن تهمة الطائفية أو تبنّى الاتجاهات العنصرية، وثلاثى الإدارة فى تلك الكلية منحنا القدر إياهم منسجمين مستنيرين متفتحين: العميد د. فتحى خضير والوكيلان د. خالد مكين ود. طارق أنيس، والثلاثة مصرون على محو وصمة الطائفية ورفع عار العنصرية من ذاكرة قصر العينى، أما قسم طب النساء فى هذا الصرح العريق فيشهد مجموعة نستطيع أن نقول عنها إنها فى منتهى الليبرالية: د. محمد ممتاز ود. عبدالمجيد رمزى ود. إيهاب سليمان وغيرهم، صاروا يمثلون جيل استنارة ثورياً، وكانت البداية افتتاح متحف هذا العملاق وإنصافه، وكانت ستكتمل بتعيين عضو هيئة التدريس فى هذا الفرع من المسيحيين. جاءت الفرصة، ولكن للأسف هذه المرة تقاعس الطالب المسيحى المتفوق أو بالأصح الطالبة المسيحية!! وهذا هو بيت القصيد، جلس معها العميد ورئيس قسم النساء ومن سيليه ومن سيأتى بعدهما، تحاوروا معها لكى تتشجع وتطمئن، ولكنها رفضت وخافت! من الممكن أن تكون لها أسبابها الخاصة، لكن ما يهمنى وما أقصده هو أنه قد حان دوركم أيها الأقباط، ساعدوا المستنيرين من أساتذة الجامعات، لا تكونوا مثل الطائر الذى فُتح له القفص ورفض الطيران، اهزموا الخوف والسلبية، تلك هى الثورة الحقيقية، يد واحدة لا تصفق، من الممكن أن تهدم لكنها لا تصفق.

Friday, March 23, 2018

خالد منتصر - قمة الفن فى البساطة - جريدة الوطن - 23/3/2018

عندما شاهدت فيلم wonder عرفت أن قمة وعمق الفن هما فى البساطة، عندما تقرأ اسم بطلة الفيلم وتجدها جوليا روبرتس فأنت حتماً تنتظر فيلماً قصته أسطورية ملحمية وتكاليفه مهولة وإنتاجه ضخم.. الخ، لكن الفيلم عندما تقرأ فكرته تجدها عن طفل وُلد مشوه الوجه واحتاج ٢٧ عملية جراحية تجميلية لكى يستطيع أن يرى وأن يتنفس، أقصى طموح هو أن تكون تلك القصة خبراً جانبياً فى زاوية صحفية، لكن أن تتحول إلى فيلم جذاب ومؤثر ومربح وجماهيرى أيضاً فتلك هى معجزة وسحر السينما، جوليا روبرتس هى الأم التى تنذر حياتها وتؤجل دراساتها العليا من أجل طفلها «أوغى» الذى وُلد مشوه الوجه، حتى شقيقته الكبرى تعانى من وحدة وعزلة نتاج هذا الاهتمام والتركيز على «أوغى»، والأب يحاول خلق جو مرح للحفاظ على اتزان البيت، الفيلم يعرض قضية فى منتهى الأهمية لم يتعرض لها الفن السابع من قبل، تعامل الأطفال مع المختلف، عدوانيتهم تجاهه، «أوغى» كان فى المرحلة الابتدائية متقوقعاً فى البيت يدرس منزلياً، حان وقت دخوله إلى المرحلة المتوسطة، لا بد من دخول المدرسة، ارتدى خوذة الفضاء كى يخفى تشوه وجهه، الأطفال لم يتعلموا أن ينظروا إلى ملامح الداخل، تجنبوه أولاً ثم مارسوا العدوانية تجاهه، القليل من الأطفال انتبه إلى «أوغى» المرح، «أوغى» الذكى الأول فى العلوم، بدأ الجميع يرى الداخل الثرى ويهجر السطح المخادع، ليس المهم الموضوع فقط لكنه التناول، ذكاء التناول وسحره، ما يهمنى فى هذا المقال رسالة إلى صناع السينما المصرية، الموضوع السينمائى ليس بالضرورة كلكعة وتعقيداً، ليس فرد عضلات، أرجو من نجماتنا الفرجة على جوليا روبرتس فى هذا الفيلم، مشاهد قليلة لكن تعبيرات غنية، هى لا تحزق أو تتشنج لكى تتسول إعجابك، إنما هى تتسلل، اختاروا موضوعات بسيطة تلمس القلب والعقل، القضية ليست فى الإثارة التى فى موضوع الفيلم ولكنها فى مدى النفاذ الإنسانى وعمقه، أتمنى فيلماً إنسانياً عن الحب، عن مشاعر طفل، عن إحساس امرأة مسنة أو رجل عجوز، عن أسرة صامتة فقدت التواصل، عن انكسار قلب محب أو هجران حبيبة، نفسى فى الغوص إلى ما تحت الجلد فى المشاعر الإنسانية.
كن بسيطاً تصبح فناناً.

Wednesday, March 21, 2018

ماما سهير.. ماما آنجيل بقلم فاطمة ناعوت ٢٢/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


 محظوظٌ مَن له أمٌّ عظيمة. ومَرضىّ عليه مَن له أُمّان عظيمتان. أنا محظوظةٌ، وأنا مَرضِىّ علىّ. محظوظةٌ بأمى «سهير» التى أتت بى إلى هذا العالم، فأحسنتْ تعليمى وتطبيبى وتهذيبى. علّمتنى أن الجِدّ والإتقان هما الخيارُ الوحيدُ فى الحياة. غرستْ فى إدراكى أن: ١٠/٩، والصفرَ: سواءٌ. فما عاد خيارٌ إلا الـ١٠/١٠. لم أرها إلا سيدةً حاسمةً، جادّةً، قليلةَ الكلام، غزيرة العمل. وحين كنتُ أغارُ من زميلاتى اللواتى تُدلّلهن أمهاتُهن، وأسألُها: «أين تدليلُك لى؟» كانت تجيبُ باقتضاب أن التدليل هو: التعليمُ الممتاز، الطعامُ الممتاز، والصحة الممتازة، وما دون ذلك إفسادٌ لا حاجة لنا به. رحل أبى مبكرًا عن عالمنا، فتحوّلت أمى إلى أمٍّ وأبٍّ. امرأةٌ فاتنة، وجدت نفسَها وحيدةً بلا زوج، وبين يديها طفلان بلا أب، فطرحت فتنتها وأنوثتَها جانبًا، وتحولت إلى جنرال عسكرى صارم، لا يقبلُ أنصاف الأشياء. نسيَتْ رغدَ نشأتها وتعليمها فى مدارس نوتردام، وخاضت معترك الحياة القاسية لترعى طفلين صارا مع الأيام: طبيبًا ناجحًا، ومهندسةً أديبة، هما ثمرةُ كفاحها الطويل المُضنى. مبكرًا جدًّا فقدت السندَ، فصارت هى السندَ لأطفالها ولكل مُعوزٍ بلا سند. لهذا انقصم ظهرى حين غادرت أمى هذا العالم قبل عشرة أعوام، وانكسر عودى. لأن عودى كان مُتكئًا على عودِها. وحين دخلتُ بيتَها لأول مرة بعد رحيلها، وجدتُ البياضَ يحيطُ بكل شىء كأنه لونُ الحداد. وأطلّتْ قِطتُها البيضاءُ برأسها من وسط البياض، تموءُ وتسألنى عنها. فصرتُ أخافُ اللونَ الأبيض:
«وماذا أعملُ بالثلجِ عشّشَ فى أركان البيت؟/ بقِطّتكِ البيضاء؟/ ماذا أفعلُ بصور العائلة على الحائط الأبيض؟/ بالأبوابِ البيض المغلقةِ أمام قلبى؟/ بستارةٍ بيضاءَ ساكنةٍ؟/ بالسيارة البيضاء العجوز/ بفوطةٍ بيضاءَ تحملُ رائحتَكِ/ بخصلةٍ من شَعرِكِ بيضاءَ عالقةٍ بالمشط/ بشالِ حريرٍ أبيضَ ضمَّ كتفيكِ المُجْهدين/ بقطرةٍ من ماءِ زمزمَ/ عالقةٍ فى كأسِ غُسْلِك/ ماذا أفعل بخوفى؟/ هل أبيعُ كلَّ ذاك البياض وأشترى أقراصًا للنوم؟/ هل أقايضُ بثمنها على أمٍّ تركتنى وطارتْ/ ويدى لم تزل/ معلّقةً فى طرفِ ثوبِها؟».
■ ■ ■
لكنّ السماءَ رحيمةٌ، كما تعلمون. وهبتنى أمًّا جديدة، تمنحنى الحبَّ والتدليل، فاشتدَّ عودى من جديد. أُعانقُها فى كلِّ مرةً، فلا أعانقُها عناقًا واحدًا بل اثنين. أُقبّلُها فى كلّ مرة، فلا أقبّلُها قبلةً بل قبلتين. عناقًا لأمى التى رحلت، وعناقًا لأمى الجديدة. كل ما فاتنى من قُبلاتٍ فاتنى أن أمنحها لأمى التى غادرت، أنهلُ شهدَها الحانى من أمى الجديدة. عادت لى الابتسامةُ وتأكدتُ أن اللهَ يُحبّنى، لأنه أخذ منى أمًّا، ومنحنى أمًّا. أمى الجديدة اسمُها آنجيل. وهى بالفعل الملاكُ الذى لا ملاكَ يشبهه. تلك «الملاكة» الجميلة ترقدُ اليوم على فراش مرض المايلوما. المرض الشرير الذى أخذ منّا العالم «أحمد زويل». ولو أخذ منّى آنجيلى فسوف أخاصمُه وأخاصمُ الحياة. حين رحلت ماما سهير عن الدنيا واسيتُ نفسى بأن كتبت: «أرحمُ ما فى موت الأمهات، أنهنّ لا يمُتن مرتين. الأمُّ تموت مرةً واحدة». وتصوّرتُ أننى تخلّصتُ من رعبى أن تموت أمى، فقد ماتت وانتهى الأمر. عزاءٌ خائب وفلسفةٌ فارغة كما ترون، لكن ما حيلتى؟! وأشفقتِ السماءُ على ضعفى ومنحتنى العزاءَ الحقيقى. وكان العزاءُ أمى الجديدة «آنجيل». فقدانُ الأم مرةً، قاس ومُرٌّ. ولكن مَن بوسعه أن يتحمّل فقدان أمّه مرتين؟! يا رب.. لا تضعنى فى هذه التجربة. فأنا أضعفُ من ورقة شجرة.

خالد منتصر - «ساندرا» كشفت الإعلام المصرى - جريدة الوطن - 22/3/2018

  «ساندرا نشأت» لا تجيد إلا لغة السينما، تتكلم بالضوء والظل والكادر واللقطة، وهى أميرة الإيقاع السينمائى، لذلك نجح حوارها مع الرئيس، لأنها تعرف أن الجاذبية والفن والإبداع هى فى النهاية حصيلة إيقاع، لن أتحدث عن محتوى الحوار، فعند نشر هذا المقال سيكون مائة ألف مقال قد ناقش وحلّل المحتوى السياسى له، لكننى مهتم اليوم بتحليل المحتوى الإعلامى وأيضاً الرسائل التى أرسلتها «ساندرا» من خلال هذا الحوار، ببساطة فضحت «ساندرا» الإعلام المصرى، وكشفت عوراته.
كشف الرئيس فى عجالة مأساة ما يُسمى «التوك شو»، ذلك الديناصور الذى يُوشك على الانقراض ويتشبث مذيعوه المحنّطون فيه بكراسيهم الوثيرة وبكسلهم المزمن، كشفهم فى جملة ونُص «حيقولوا إيه كل يوم فى تلات ساعات!»، «ساندرا» حفرت أكثر وأعمق وكشفت مزيداً من المسكوت عنه، كشفت الكسل الإعلامى والرخاوة والطراوة والدعة والخمول التليفزيونى لفئة إعلاميى الفتة والإثارة الرخيصة والبرامج الصفراء!!، هى حقّقت تليفزيونياً، استخدمت «ساندرا» المونتاج السريع اللاهث فى الدقائق العشر التسجيلية، وضعت يدها على نبض الناس ولغة الشارع البسيطة، تعبت وأجهدت نفسها، وعينها اللاقطة المحبة للناس بجد، التقطت كالمغناطيس عينة مصرية معبّرة، أصحاب ملايين التوك شو صارت ياقاتهم البيضاء لا تحتمل تراب الشارع، دمهم الأزرق لا يختلط بالعوام والحرافيش، فتح الرئيس قلبه لطفلة اسمها «ساندرا» بسيطة اقتحمت خلوته فسمح لها بمساحات شقاوة طفولية وأسئلة تتجاوز السقف الذى وضعه أو تخيّله كسالى الإعلام ومعوقوه بفتح القاف وكسرها، البساطة والتلقائية والحب مفاتيح «ساندرا» وشفرتها.
شكراً «ساندرا» الجميلة، وننتظر إبداعك السينمائى المقبل بلهفة.

خالد منتصر - الأوطان لا تتقدم إلا بالازدراء!! - جريدة الوطن - 21/3/2018

يا من تسجنون بتهمة الازدراء كل من يفكر ضد السائد وكل من يحاول التجديد وكل من يناقش ويفنّد دون أن يحمل سلاحاً أو يشكّل عصابة الازدراء، أنتم تستعيدون زمناً صار فى متاحف التاريخ، وتسترجعون فكراً أصبح من قبيل الروبابيكيا فى سوق كانتو الأفكار البالية، نشكر الله أن منحنا نعمة الازدراء، ما تقولون عنه ازدراء فى أدبياتكم كان يطلق على كل ما فعله الأنبياء والعلماء من قبَل أصحاب المصلحة فى الركود الذى يطلقون عليه، من باب التزييف والتخدير، «استقراراً». ألم يكن كفار قريش يعتبرون ما يدعو إليه النبى محمد ازدراء لآلهتهم وعقائدهم؟ ألم تعتبر الكنيسة «جاليليو» كافراً وما يدعو إليه ازدراء للكتاب المقدس الذى يقول إن المسكونة لا تتزعزع و«جاليليو» يقول إن الأرض المسكونة تتحرك، مما يُعد تجديفاً وهرطقة وازدراء؟! ألم يهاجم رجال الدين إدوارد جينر، مكتشف تطعيم الجدرى، واتهموه بأنه يعطل مشيئة الله بهذا التطعيم ويؤجل عقابه للبشر المخطئين؟ ألم يُقطع رأس الحسين جزاء لما اعتبرته السلطة الأموية وقتها ازدراء وزعزعة للحكم؟! ألم يقتل صلاح الدين الأيوبى «السهروردى»، وقطّع «سفيان»، والى أبى جعفر المنصور، أعضاء ابن المقفع وشواها فى النار، وتم صلب الحلاج بتهمة الزندقة وازدراء الدين؟! ألم يتم مصادرة أموال وإعدام «لافوازييه»، أبو الكيمياء الحديثة، فى ميدان الكونكورد بعد أن اتُهم بتهمة ازدراء الثورة الفرنسية؟ طارت رقبته، وبعد أن وقعت الواقعة وحدثت الكارثة قال الفرنسيون: «إن قطع رقبة لافوازييه لا يستغرق دقيقة واحدة، ولكن مائة سنة لا تكفى لتعوضنا عن واحد مثله»!! ألم يحاصر الحنابلة بيت الفقيه والمفسر العظيم الطبرى ورموه بالإلحاد وازدراء الإسلام حتى مات محاصراً وحيداً؟ وكذلك اتهموا عبقرى الطب «الرازى» بالإلحاد وضربوه بالكتب على رأسه حتى فقد بصره ومات معدماً!! ضربوا الفيلسوف «الكندى» وصادروا كتبه بأمر المتوكل بتهمة الازدراء وأحرقوا كتب ابن رشد بتهمة الازدراء وكفّروا «الفارابى» بتهمة الازدراء وجلدوا الشاعر بشار بن برد حتى الموت بأمر من الخليفة المهدى بنفس التهمة، ألا تعرفون أن الجعد بن درهم مات مذبوحاً، وأن كارهى الازدراء خنقوا «لسان الدين بن الخطيب» وحرقوا جثته، وكفّروا «ابن الفارض» وطاردوه فى كل مكان، وكفّروا ابن سينا الطبيب والعالم والفقيه والفيلسوف، وقال عنه ابن القيم فى كتابه «إغاثة اللهفان»: «إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر»!، وقالوا عن ابن الهيثم: «إنه كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، وكان سفيهاً زنديقاً كأمثاله من الفلاسفة»!
رحم الله كل المزدرين المظلومين الذين أشاعوا النور فى حياتنا وحاكمتهم السلطة وسحلتهم وصلبتهم بتهمة الازدراء، نشكر الله أن أنعم على بعض العباقرة بنعمة ازدراء القديم الراكد المتخلف، ازدراؤهم كان شرارة التقدم.

Monday, March 19, 2018

تشرشل: الحرية لنا وأنتم لا قيمة لكم - 20/3/2018 - المصرى اليوم

شاهدت هذا الأسبوع فيلما روائيا هاما، فاز الممثل الذى قام فيه بدور تشرشل بجائزة الأوسكار عن أحسن ممثل عن استحقاق. الفيلم يحكى عن اللحظة التاريخية التى اجتاح هتلر فيها أوروبا الغربية عام ١٩٤٠ وأصبحت بريطانيا مهددة بالانهيار تحت جحافل الألمان. ولم يلتزم هتلر باتفاقاته السابقة مع تشمبرلين رئيس وزراء بريطانيا بعدم الهجوم على أوروبا. اضطر تشمبرلين إلى التخلى عن منصبه واختار حزب المحافظين الصقر القديم تشرشل ليصبح رئيس الوزراء، واستطاع فى ظروف غاية فى الصعوبة- وبعد أن رفضت أمريكا مساعدته- أن يتخذ قراره بإعلان الحرب على ألمانيا مع عدم وجود جيش مستعد أو أسلحة أو معدات، واستطاع بشجاعة فائقة أن يحمّس الشعب البريطانى ومجلس العموم ليقف معه حتى استطاع إجلاء الجيش البريطانى عبر بحر الشمال بالمراكب المدنية، وتحمل أهوال الغارات الألمانية حتى استطاع بناء الجيش البريطانى، واستطاع أن يجذب أمريكا وروسيا إلى جانبه حتى انتصر الحلفاء ودحرت النازية.
فى الكتب المدرسية البريطانية يلقب تشرشل بأنه أهم وأعظم رؤساء وزراء بريطانيا. تشرشل الجبار لم يكن يستطيع أن يتولى رئاسة الوزراء بدون موافقة الشعب البريطانى ومجلس العموم الممثل الحقيقى للشعب، وحين كسب الحرب العالمية قام الشعب البريطانى بإسقاطه فى الانتخابات، لأنه شعر أنه لا يصلح للمرحلة التالية وهى مرحلة السلام والبناء فى ظروف عالمية جديدة.
هذا الزعيم البريطانى الجبار الذى وقف منحنياً أمام شعبه واحترم كل مواطنيه، قام بإهانة وقتل العديد من شعوب العالم حين كان وزيراً للمستعمرات. لقد منع الطعام عن ٤ ملايين من شعب البنغال فى الهند حتى ماتوا جوعاً، ومنع وصول شحنات القمح من أمريكا وكندا عنهم، وقال بل أتمنى أن تندلع الحرب الأهلية فى الهند. وفى أفغانستان قام بحرق القرى والمزارع وتدمير المنازل وردم الآبار حتى انهارت الدولة.
وفى العراق استخدم الغازات السامة فى شمال العراق وفى كردستان وقال إنه سعيد بذلك لأنه نشر رعباً هائلاً فى هذه القبائل المتوحشة. وقرب نهاية الحرب العالمية الثانية قامت مظاهرة كبيرة من ٢٠٠ ألف مواطن فى اليونان فأمر بفتح النيران عليهم وقتل ٢٨ مواطناً فى أثينا، وكل هؤلاء كانوا من الجيش الشعبى والميليشيات التى حاربت النازية ولكنه كان يكرههم لأنهم من اليسار وكان يريد عودة الملك وتنصيب اليمين.
وفى إيران قام بالسيطرة على آبار البترول، وعندما انتخبت حكومة مدنية وطنية بطريقة ديمقراطية ساعد تشرشل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للقيام بانقلاب عسكرى أطاح بمصدق والحكومة المدنية المنتخبة. وفى كينيا أمر بطرد الأهالى من منطقة مزارع واسعة وقال اتركوها للبيض ليزرعوها. وفى أيرلندا حارب الوطنيين وقال إنهم قوم شديدو الغرابة لأنهم رفضوا أن يكونوا بريطانيين، وكان أول من أرسل مجموعات من البلطجية المسلحين لتأديب الوطنيين فى أيرلندا، وقال إن البلطجية مواطنون وضباط شجعان، وذلك قبل أن تقلده بعض أنظمة العالم الثالث.
وكان تشرشل من أول لحظة مع إنشاء دولة إسرائيل وطرد الفلسطينيين. وأعلن تشرشل صراحة أن ما حدث للهنود الحمر فى أمريكا وللأبوريجين السود فى أستراليا ليس خطأ وإنما هو أمر طبيعى أن يسود ويحكم الجنس المتطور الأذكى والأقوى.
هناك فارق مذهل بين تشرشل البطل الذى أنقذ بريطانيا وهزم النازية وبين تشرشل العنصرى القمىء الذى أباد شعوباً ولم يراع أى بعد إنسانى فى تاريخه يمكن أن تستخلص بضعة أشياء:
١. أن هذا الجبار على كل شعوب العالم الثالث هو إنسان يرضخ أمام رغبات شعبه وينحنى له، وحين أراد الشعب اختاره رئيساً للوزراء ثم أسقطه ببساطة وهو القائد المنتصر. هذه روعة الديمقراطية، لو أن تشرشل كان مواطناً فى دولة من العالم الثالث لاستمر يحكم لخمسين عاماً ببساطة شديدة ولتذهب هذه الدولة ومستقبلها إلى الجحيم.
٢. أن رؤساء الدول الديمقراطية فى الغرب وجزءا كبيرا من شعوبهم على قناعة بأن الديمقراطية هى سر النجاح والتقدم، ولا يمكن التخلى عنها ولكنهم يطبقونها فقط على شعوبهم، والحريات وحقوق الإنسان ضرورية لمواطنيهمظن أما مواطنو العالم الثالث فليس من حقه أن يتمتع بالحرية أو الأمان أو حقوق الإنسان.
٣. أن القوانين التى تنظم العلاقة بين الجيش والشرطة والشعب شديدة الاحترام فى الغرب ولكن جيوش الغرب وشرطتهم هى التى دمرت أجزاء كبيرة من العالم وأبادت الملايين من المدنيين.
٤. إسرائيل مثال واضح على احترام الإسرائيليين اليهود للقانون والتزامهم به واحترام الدولة لهم وسجن اثنين من رؤساء وزراء واتهام الرئيس الحالى بالفساد خير دليل على الديمقراطية بينهم، ولكن تعاملها مع العرب ومع الجيران فيه قمة العنصرية والقهر والقتل والظلم والاضطهاد. الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان حقيقة واقعة يتمتع بها اليهود فقط فى إسرائيل.
٥. فى الكثير من دول العالم الثالث يطبق الحكام المحليون ما كان يطبقه المستعمرون من الغرب على شعوبهم حين كانت بلادهم مستعمرة باعتبار أنها بلاد متخلفة ولا تستحق الحرية ونأمل أن تتقدم شعوب العالم الثالث يوماً ما وتحصل على الديمقراطية ويتحقق الرخاء لأبنائها.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك..

خالد منتصر - محمد منير الكنج والكنز - جريدة الوطن - 20/3/2018

فى ختام مهرجان الأقصر عاصمة الثقافة العربية، هذا المهرجان الناجح الذى تم فيه تسليم الراية إلى مدينة وجدة بالمغرب، غنى الفنان محمد منير أمام نحو ٣٠ ألف متفرج، قمة الإبداع والإحساس والتواصل والفن والجمال، كان حاضراً وزير الثقافة المغربى الذى ألقى كلمة وجّه التحية فيها لمصر وشعبها العظيم، كانت إلى جانبه وزيرة الثقافة المصرية التى أشرفت على كل التفاصيل، فخرج المهرجان وخرجت الاحتفالية بمنتهى النظام والجمال والرقى والشياكة، محمد منير ما زال وسيظل ظاهرة غنائية متفردة، منحاز شخصياً إليه بكل جوارحى، فى كل خطوة أو مرحلة من حياتى أنا وجيلى كان صوت «منير» يظلنا ويحمينا من هجير الحياة الموحشة القاسية، كنت أستريح على ضفاف حنجرته كلما تهت أو أصابنى الإعياء، كنت أحلم معه فى زمن الكوابيس، أنت مع «منير» لا تخاف أن تفضحك بحة صوتك أو حنجرتك المشروخة، فهو أخوك وصديقك وحبيبك، واليد التى تربت على كتفك وتحتضنك بحنان، أنت مع «منير» مصرى حتى ولو كنت تسمعه على جبال الألب أو فى غابات السافانا، أنت معه فى قلب مصر، فأوتار حنجرته مضبوطة على قلب وطين ونوتة مصر الموسيقية وربع تون ناسها البسطاء، عشت مع أغانى وفن «الكنج» ساعتين فى الجنة، أحلم وأغنى وأرقص وأبكى وأفرح فى صوبة نغماته الخصبة التى لا يصيبها العقم ولا الجدب أبداً، «منير» حالة يقاس عليها ولا يقاس بها، نموذج متفرد على جزيرة غنائية وحيدة مكتفية بزادها وزوادها تستقبل النازحين ولا تهاجر، ابن النوبة الجميل أعشق فنك، مغرم بغنائك، منحاز لطريقة تفكيرك ونظام اختيارك لأغانيك كلمات وألحاناً، ولن أخجل أن أدق على أبواب إبداعك كلما بخل علىّ الزمن وضن، ففى حنجرتك الكنز والكرم وبئر نفط الإبداع الذى لا ولن ينضب.

Sunday, March 18, 2018

خالد منتصر - النوم والموبايل والبدانة وألزهايمر - جريدة الوطن - 18/3/2018

احتفالاً باليوم العالمى للنوم، هذا بعض ما كُتب فى المجلات العلمية من دراسات حديثة عن اضطرابات النوم:
شاشات الأجهزة الرقمية تسبب اضطراباً فى النوم بسبب انخفاض مستويات هرمون الميلاتونين المسئول عن تنظيم الإيقاع الحيوى، ويتداخل الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف الذكية، مع الهرمون الطبيعى الذى تنتجه أجسادنا، ويساعدنا على التحكم بدورات النوم، وتبدأ عادة مستويات الميلاتونين فى الارتفاع عند المساء، وتبقى كذلك معظم ساعات الليل، ومن ثم تنخفض عند الصباح الباكر، ولكن معظمنا يستخدم الأجهزة الذكية قبل النوم، حيث يؤدى التحديق فى الشاشات إلى تغيير إيقاع الساعة البيولوجية، أو ساعة الجسم الداخلية، ويرتبط نقص النوم المنتظم بمخاطر الإصابة بالاكتئاب والسمنة والنوبات القلبية والسكتة الدماغية والسكرى، كما يقلل من متوسط العمر المتوقع.
توصلت دراسة حديثة نُشرت فى مجلة طب الأعصاب التى تُصدرها الجمعية الأمريكية للطب إلى أن الشعور بالنعاس فى أثناء النهار قد يؤدى إلى تراكم لويحات ضارة (بروتينات أميلويد - بيتا) فى الدماغ تُنذر بالإصابة بداء ألزهايمر. وبحسب الباحثين، فإن إحدى فوائد النوم هى التخلص من لويحات أميلويد - بيتا، وأن قلة النوم تزيد من تراكمها، تقول باراشاناثى فيمورى، الأستاذة المساعدة بقسم الأشعة بمجمع مايوكلينك بمدينة روشستر بولاية مينيسوتا الأمريكية: «يواجه المسنون الذين يعانون من قلة النوم خطراً أكبر لحدوث تغيرات مفضية للإصابة بداء ألزهايمر، اشترك فى الدراسة نحو 300 شخص يبلغون من العمر 70 عاماً، ولا يعانون من أية أعراض للخرف، أبلغ ما نسبته 22 فى المائة من المشاركين عن شعورهم بالنعاس الشديد فى أثناء النهار مع بدء الدراسة، أكمل المشاركون فى الدراسة الإجابة عن استبيان حول النوم، وخضعوا لتصوير بالرنين المغناطيسى للدماغ مرتين، مرة فى عام 2009 ومرة فى عام 2016، قارن الباحثون نتائج الفحوص الشعاعية للدماغ فى كلتا المرتين، ووجدوا علاقة قوية بين تراكم لويحات الأميلويد - بيتا فى الدماغ وإفادة المسن عن شعور شديد بالنعاس فى أثناء النهار.
أشارت دراسات حديثة إلى ارتباط الحرمان من النوم بفرط الوزن، وذلك لدى الأطفال والكبار على السواء، ففى دراسة نشرت فى مجلة «النوم» الطبية، أجراها فريق طبى من جامعة وارويك البريطانية، وتم تحليل نتائج 45 دراسة علمية أجريت ما بين 1996 - 2007 على الأطفال والبالغين، بغرض تحديد العلاقة ما بين قلة عدد ساعات النوم وزيادة الوزن. وصل عدد الأفراد المشمولين بالدراسة إلى أكثر من 600 ألف ما بين نساء ورجال تراوحت أعمارهم ما بين 2 و102 سنة. وخلصت هذه الدراسة التحليلية إلى أن نسبة الإصابة بالبدانة عند الأطفال فى سن النمو، والذين ينامون أقل من 10 ساعات فى الليلة قد تصل إلى (89 فى المائة)، مقارنة بمن ينامون أكثر من 10 ساعات فى اليوم، وأن البالغين الذين ينامون 5 ساعات أو أقل فى الليلة يزيد احتمال إصابتهم بالبدانة إلى (55 فى المائة)، مقارنة بالبالغين الذين ينامون أكثر من 5 ساعات فى اليوم، ومن الملاحظات المؤدية إلى هذه النتيجة، اختلال عمل هرمونات الشبع والجوع، وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائى.

Saturday, March 17, 2018

دكتورة ريم بهجت ودكتور أحمد المقدم بقلم د. وسيم السيسى ١٧/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

بدعوة كريمة من السفارة المصرية فى لندن لإلقاء محاضرة بعنوان: (الهوية والشخصية المصرية: الآمال، والتحديات)، الجمعة ٩ مارس، استقبلتنا الدكتورة ريم بهجت «زوجتى الدكتورة سوزان وأنا» فى مطار هيثرو، وكانت سيارة كهربائية داخل المطار فى انتظارنا وأخذتنا للجوازات ومنها لتسلم الحقائب، ومنها لسفارنتا المصرية: المركز الثقافى المصرى، دكتورة ريم الأستاذة الجامعية وعميدة كلية الحاسبات بجامعة القاهرة، تأسر قلوب الناس برقتها وتواضعها وثقافتها، يقع فى هواها كل من يراها، دعتنا مساء الخميس إلى مسرح أبوللو ومسرحية اسمها الشريرة The Wicked أعدت لنا الدكتورة ريم زيارة للمتحف البريطانى كما أعدت لنا لقاء مع عالم المصريات البريطانى NeiL Spencer، سار معنا شرح لنا، أهدانا بحوثه وكتبه، قادم إلى مصر.. أسيوط حيث بدأت الكتابة فيها منذ آلاف السنين، قادم حتى يعلم أولادنا كيف يحبون ويحترمون آثار أجدادهم! كان الأطفال يرسمون وينقلون ومعهم المدرسة تشرح لهم، وجدت تماثيلنا كأنها تبتسم فرحة بهذ الحب والتقدير والاحترام.
وفى السابعة مساء كانت محاضرتى وقبلها استقبلت الضيوف مع الدكتورة ريم، كان منهم تونى كاندل الذى أهدانى ريشة العدالة الذهبية لربة العدالة المصرية ماعت، كما أهدتنى السيدة وفاء نور بوكيه ورد فى منتهى الجمال، كان الدكتور أحمد المقدم مستشار مسز تاتشر الاقتصادى سابقاً، والسفير علاء الدين يوسف، والسيدة مها صدقى الملحق الإدارى، الدكتور هشام مدور وزوجته الدكتورة هالة سليط مقررة الندوة ورئيس الجمعية المصرية البريطانية للتعليم فى لندن. بدأت المحاضرة بتقديم الدكتورة ريم لشخصى، وتلتها الدكتورة هالة، وكانت كلماتهما جميلة ولا تنسى.
سارت المحاضرة على ما يرام، ولكم كانت هالة سعيدة حين قلت: شهادة ميلادك هى بدء وجودك ولكن تعليمك هو بدء حياتك. أخذت المحاضرة ساعة أخرى، وكم كانت ليلة جميلة قال لى الدكتور أحمد المقدم: لم نكن نريدك أن تتوقف!
فى صباح السبت صاحبنى الدكتور رأفت جاد الرب استشارى الأنف والأذن والحنجرة فى لندن إلى متحف العلوم Science Museum من هنا نبدأ!... كيف يولد العلماء! ذهبنا إلى هاروذر لمشاهدة قاعة دودى وديانا وخاتم الشبكة! نهاية مأساوية.. اللعب مع الكبار! قالها أبو العلاء: توحد فإن الله ربك واحد، وابعد عن عشرة الرؤساء. فى المساء جاءنى الدكتور هشام، ياله من إنسان رائع، يذوب حباًً ودفاعاً عن مصر، عرفت من أحد زملائه كيف كان كالبحر يهدر فى تسلسل وبلاغة وقوة دفاعاً عن مصر. حين قال أحد الصحفيين من B.B.C إن ٣٠ يونيو كان انقلاباً عسكرياً، قال هشام مفندا لنفرض أنه انقلاب، هل نسيتم أن الجيش البريطانى هدد علناً بانقلاب عسكرى إذا نجح رئيس حزب المعارضة Corbyn والذى كان يعد بالتأميم وتحويل بريطانيا إلى جمهورية! نعم كان انقلاباً من الشعب المصرى مع الجيش على سرقة مصر وتحويلها إلى إمارة عثمانية من جديد! قال محدثی: لقد ألقم هذا الصحفى حجراً.. صمت وبعد قليل انصرف!.. برافو يا هشام. وفى السبت مساء كانت سهرة على العشاء ضمت أطباء دكتور رأفت.. دكتور رجائى.. دكتور وائل.. من العراق ومن لبنان، قامت بها دكتورة هالة سليط.. لا أنسى كلماتها: أخذت من إنجلترا الدكتوراه، وأهم منها تعلمت من إنجلترا معنى الإنسانية! تعجب من وزن هالة الذى يتناسب تناسدياً عكسياً مع جمالها وذكائها.
عدنا إلى لندن يوم الاثنين، وكانت دعوة من الدكتور أحمد المقدم وزوجته البريطانية مسز مارى وفى صحبة ملحقنا الثقافى دكتورة ريم، هذا الرجل أحب مصر للمنتهى، أغلق المتحف البريطانى كل المكتبات إلا المكتبة المصرية التى تعهدها بالصرف والإنفاق حتى الآن، وعدنى بترجمة كتبى للإنجليزية ووعدته بزيارات عديدة فى المستقبل القريب، هذا الرجل أسطورة مصرية مشرقة ومشرفة.
وفى صباح الثلاثاء، بدأت رحلة العودة، صاحبتنا الأستاذة مها صدقى الملحق الإدارى، سهلت علينا الكثير من الإجراءات، شكراً جزيلاً لسفارة بلدى، وملحقها الثقافى دكتورة ريم بهجت وكل من قابلتهم، إنهم نجوم مضيئة حقاً.

خالد منتصر - متى نغنى «المصريات أسعد الكائنات»؟ - جريدة الوطن - 17/3/2018

أترك مساحتى فى يوم المرأة العالمى لصديقى المستنير د. حامد عبدالله، الأستاذ بقصر العينى وأبوالبنات. كتب د. حامد:
يهل علينا مارس من كل عام حاملاً معه الأعياد؛ عيد الربيع وعيد الأم فى العالم العربى، بالإضافة إلى عيد المرأة الذى نشترك فيه مع العالم الغربى تيمناً بذكرى المظاهرات التى قامت بها الأمريكيات فى نيويورك فى مطلع القرن العشرين حاملات «الخبز والورد» مطالبات بحقوقهن فى العمل والانتخابات! فماذا عن المصريات أصل كل الحضارات والتى حكت لنا «إيزيس» و«حتشبسوت» و«نفرتيتى» المكرمات كيف أن المصرى القديم قد جعل منهن الآلهة والملكات! فهل ما زالت المصريات معزّزات ومكرّمات نحمل إليهن فى مارس الزهور والباقات؟!
١- منذ مطلع القرن العشرين شاء القدر للمرأة المصرية أن تتنازعها عواصف تخلف الخلافة العثمانية ممتزجة برياح السموم البدوية الوهابية فى مقابل نسمات التقدم والحرية الأوروبية حتى أوشكت أحياناً أن تقتلع جذورها الحضارية الفرعونية!
٢- شاركت المرأة المصرية لأول مرة فى ثورة ١٩١٩ الخالدة، وأتبعت ذلك الرائدة «هدى شعراوى» ورفيقاتها بثورة فى مجال آخر وهى خلعهن الجماعى لـ«البرقع التركى»، المعروف أيامها بالحجاب، بناء على فتاوى مستنيرة للإمام الأكبر العظيم «محمد عبده» أن الإسلام لم يحدد أبداً زياً موحداً وأن الزى يختلف باختلاف الزمان والمكان طالما لم يخرج عن إطار الحشمة أو أثار فتنة، وأصبحت المصرية على مدى عشرات السنين لا تقل رقياً وجمالاً وحضارة عن نظيرتها الأوروبية.
٣- ومع ذلك فقد بقيت آثار التخلف «العثمانلى» فى حرمان المصرية من التعليم والعمل! ولكن المصرية قاومت وتحملت الكثير حتى انتزعت حقها، بعد سنوات طويلة، فى نور العلم واستقلال العمل! ومع ذلك فإن الكثيرات منهن يعانين وكأن عملهن جريمة كفّارتها الخضوع لاستغلال وابتزاز أزواجهن! فما أتعس المصريات العاملات!
٤- ثم عانت المصرية أعواماً طويلة -ولا تزال- من جريمة بربرية لم تتعرض لها نساء العالمين، وهى جريمة «البتر أو التشوية التناسلى»، واشترك كثير من المشايخ فى تلك الجريمة واخترعوا لها أحاديث ضعيفة وفتاوى مشينة وسموها زوراً بالختان! وما زالت تلك الجريمة تمارَس حتى الآن من الأطباء وغير الأطباء ينتهكون بها الأجساد ويهدرون حياة وكرامة وسعادة المصريات!
٥- ولم تنتهِ بعدُ تعاسة المصريات، إذ بدأ من سبعينات القرن العشرين تحالف خسيس غير مقدس بين نظام الحكم من ناحية وبين الرجعية الدينية من مشايخ وإخوان وسلفيين من ناحية أخرى، فلم تعد المصرية إنسانة، بل عورة ومصدر فتنة، فإن تعطرت فهى زانية، وإن كشفت شعرها فهى متبرجة، وإن كشفت وجهها فهى سافرة، وإن طلت أظافرها فهى غير طاهرة، وإن تم التحرش بها فهى المجرمة، وتم تقنين الانتهاك الجنسى لها باسم زواج القاصرة، أما عن بيتها فتهدمه كلمة تخرج من فم زوجها! وعندما حاول الرئيس توثيق الطلاق كالزواج لحفظ حقها اعترض المشايخ وعايروا مصر بفقرها!
إذاً، أى شىء فى العيد نهديه لها بعد أن ظلمناها وبخسنا حقها!؟
٦ - لا شىء أجمل فى عيدها من أن ننحنى احتراماً لها ولأجدادنا الفراعنة الذين قدّروها حق قدرها وأن نستعيد معها حلمها الذى حلم به مبدعوها وشعراؤها، فهى عند «حافظ» مدرسة الشعب! وعند «نزار» مدرسة الحب! وعند «عبدالوهاب» ست الحبايب! وعند «فوزى» أحنّ قلب! وعند «الأبنودى» فؤادة قاهرة عتريس! أما عند «جاهين» فالبنت زى الولد/ ماهيش كمالة عدد! وما أجمل شعوره ورقّته عندما رأى فى الحبيبة أمه وابنته: «راحوا الصبايا والصبايا جم/ أجمل ما فيهم مين غير (بنتى)/ وأجمل ما فيكى يا (بنتى) إن انتى/ فى عينيكى ننّى فيه حنان (الأم)! فهو الحالم الأكبر والملهم الأعظم مبدع شخصية «زوزو» الفتاة المصرية التى تقهر الظلم وتقاوم نشأة قاسية لا ذنب لها فيها بالحلم والعلم ومساندة الزملاء رغم أنف الزميل الإخوانى «جمعاء»! إلى كل أم وابنة وأخت من المصريات.. تحية لكنّ يا حفيدات الآلهة والملكات! ومهما تكاثر الظلم والظلمات فلا تظنن أن الحلم مات! بل اهتفن معاً: «جاهين» ما مات! صحّى البنات! علّمهم ثورة! منحهم زهرة! أهداهم بشرى: البنات البنات/ أجمل الكائنات! والمصريات عائدات/ أسعد الكائنات!

Friday, March 16, 2018

خالد منتصر - هل التطرف الدينى مرض عقلى؟ - جريدة الوطن - 16/3/2018

هذا العنوان كان موضوع دراسة نشرتها المجلة العلمية لأمراض الأعصاب أو النفسعصبية «Neuropsychologia» التى كتبت عن أنه ثمة علاقة بين التطرف الدينى وخلل وظيفى فى منطقة فى المخ اسمها الـ«prefrontal cortex». الأبحاث المبدئية تفترض أن تدمير بعض المناطق فى هذه القشرة المخية يُضعف مرونة الإدراك والانفتاح وتقبُّل الخلاف ويضمر معها الإبداع والفضول. يقول البحث إن الأفكار الدينية الثابتة المستقرة الراسخة مختلفة عن الأفكار التجريبية التى تتغير بتغير الزمن وتقدُّم البحث، الأفكار الدينية مكتملة منذ البداية مكتفية بذاتها، أما التجريبية فالنظرية الجديدة من الممكن أن تغير نظرية قديمة، وهكذا.
فريق البحث كان بقيادة «Jordan Grafman of Northwestern University»، والدراسة تمت على بعض قدامى المحاربين فى فيتنام الذين اكتشفوا فى أمخاخهم مناطق مصابة توقعوا أن تكون سبب تطرفهم الأصولى فيما بعد، أُجريت أشعات مقطعية على 119 من قدامى المحاربين المصابين بصدمات سابقة فى المخ مقارنة بـ30 محارباً لا يعانون من أى صدمات، معظم العيّنة كانت من المسيحيين، اعتمدت المقارنات على دراسات سابقة حول «prefrontal cortex» التى تلعب دوراً فى نمو التطرف، فهى مركز ما يسمى الـ«cognitive flexibility»، وهى سهولة الانتقال ومرونته من فكرة إلى أخرى وقبول العكس بسهولة والتنازل عنها دون تشنج، وهذا يسمح للشخص بالتطور وتغيير أفكاره طبقاً للمستحدثات والمستجدات واختلاف الزمان والمكان... إلخ، وينعكس على دقة الحكم على الأشياء، وقد وجد فريق البحث، بالإضافة إلى منطقة المخ السابقة، منطقتين إضافيتين هما:
dorsolateral prefrontal cortex (dlPFC
ventromedial prefrontal cortex (vmPFC
إصابات هاتين المنطقتين مرتبطة أيضاً بالتطرف الدينى والسياسى.
بالطبع العلماء فى الغرب معذورون فى محاولاتهم المضنية للبحث عن أساس علمى تشريحى وفسيولوجى للتطرف، لكنى ما زلت مؤمناً بأن هذه نافذة ضيقة جداً للرؤية، هى نافذة مطلوب أن تُفتح، لكنها نقطة فى بحر التفسير، ولا يجب أن تكون شماعة نعلق عليها جرائم هؤلاء المجرمين ونمنحهم مبررات تشريحية وطبية لهذه الشراسة والقسوة وهذا الغباء والجمود والتخلف.. هى ليست زاوية واحدة ولا سبباً واحداً ولا تفسيراً منفرداً، هى مجموعة عوامل نفسية اجتماعية فكرية اقتصادية تعليمية ثقافية شكلت هذا المتطرف الإرهابى الحرفى المنغلق، وعلينا أن نفتح كل تلك الأبواب المغلقة فى كل تلك السراديب حتى نفهم كُنه هذا الانحراف وماهية تلك الكائنات الإجرامية التى تقود العالم إلى هاوية الخراب.

Thursday, March 15, 2018

خالد منتصر - «هوكينج» لا يحتاج تعزية لأنه هو العزاء - جريدة الوطن - 15/3/2018

هل هى مصادفة أن يرحل العبقرى ستيفن هوكينج فى ذكرى ميلاد أينشتاين؟!، مانشيتات الدنيا ونشرات أخبار العالم والكون كله يقف حداداً على أيقونة التحدى «هوكينج»، المحب للحياة، خفيف الدم، سريع البديهة، الذى غيّر العلم وثار وتمرد من على كرسيه المتحرك وهو يكاد يتنفس فقط!، هذا مقال كنت قد كتبته إهداءً إليه فى عيد ميلاده:
تصفه الأوساط العلمية على مستوى العالم بأنه أذكى عالم فيزياء بعد أينشتاين، إنه ستيفن هوكينج الذى، وهو يحتفل بعيد ميلاده، لن يستطيع إطفاء الشمع وغناء «هابى بيرث داى تو يو»، لأنه لا يستطيع تحريك شفتيه ويتنفّس من خلال شق فى القصبة الهوائية، لن يستطيع أن يتحرّك إلى حيث المائدة التى عليها التورتة، إلا على كرسى متحرك، فهو لا يحرّك يديه ولا رجليه، من يريد أن يعرف معنى كلمة «أمل» لا بد أن يقرأ سيرة هذا العبقرى العظيم، من يريد أن يقهر اليأس ويعرف ما هى المعاناة بجد وكيف بالإرادة والتصميم والعزيمة تستطيع بناء صرح نجاحك والتغلب على هذه المعاناة لا بد له أن يقرأ كتاب «موجز تاريخ الزمن» لهذا الفيزيائى الذى جعل هذا العلم المعقّد عند أطراف أصابعنا. أخبره الأطباء 1963 عندما اكتشفوا مرض التصلب العضلى الجانبى الذى يلتهم أعصابه ويشل عضلاته بالتدريج، وكأنه فأر يقرض حبلاً مهترئاً، أنه لن يعيش أكثر من بضعة أشهر وعلى أكثر تقدير متفائل سيعيش سنتين، لكنه بعزيمة حب الحياة المنتجة الفعّالة عاش نصف قرن بعدها، وما زال ينتج ويضيف إلى العلم، وهو على هذه الحالة من الشلل والضمور، ويكتشف ويحلم من على هذا الكرسى المتحرك الضيق الصامت، لم يعش سوى 5 فى المائة ممن أصيبوا بنفس مرض «هوكينج»، لأكثر من عشرة أعوام، حصل «هوكينج» على 12 درجة فخرية، ووسام الفروسية برتبة قائد، وفى 2009 مُنح وسام الحرية الرئاسى، وهو أعلى جائزة تُمنح لمدنى فى الولايات المتحدة، وقد بدأت أعراض المرض تظهر لدى «هوكينج» قبيل بلوغه الحادية والعشرين من عمره، وكانت بسيطة فى بادئ الأمر، لكن تفاقمت حالته بعد ذلك، وقد كان تشخيص إصابته بالمرض صدمة مروّعة، لكنه أصبح حافز نجاحه فى ما بعد، ويقول «هوكينج»: «مع هالة الغموض التى اكتنفت مستقبلى، وجدت نفسى أستمتع بحياتى أكثر من ذى قبل. وكان ذلك شيئاً مفاجئاً لى». ويضيف: «بدأت أحقق تقدماً فى أبحاثى، وارتبطت بفتاة تُدعى جين وايلد بعدما قابلتها فى فترة تشخيص حالتى الصحية. وكان ذلك نقطة تحول فى حياتى، إذ منحتنى سبباً أحيا من أجله»، وحتى عام 1974 تمكن «هوكينج» وزوجته من التعامل مع مرضه دون الحاجة إلى مساعدة خارجية، وأنجب منها ثلاثة أطفال، وكان فى ذلك الوقت قادراً على تناول الطعام بنفسه، والذهاب إلى السرير والقيام منه بمفرده. لكن كان صعباً عليه التحرّك لمسافات كبيرة، ومع زيادة الصعوبات، بدأت عضلاته تخذله، وقرّر الزوجان أن يعيش معهما أحد الباحثين الذين يدرسون مع «هوكينج»، وكان الطلاب يُمنحون سكناً مجانياً ورسوماً شخصية مقابل مساعدة «هوكينج» داخل المنزل، وعلى مدار الأعوام القليلة التالية، كان واضحاً أن العائلة فى حاجة إلى مساعدة ممرضين متخصّصين، وتبيّن أن «هوكينج» سيقضى ما تبقّى من حياته على مقعد متحرك، وفى عام 1985 أصيب «هوكينج» بالتهاب رئوى، مما ضاعف معاناته، وللتغلب على صعوبات التنفس أجريت له عملية جراحية ورُكبت له أنبوبة فى القصبة الهوائية، نجحت العملية، لكنها أثرت على صوته، وأصبح يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة من فريق متخصص، وظل «هوكينج» لبعض الوقت لا يمكنه التواصل مع أحد إلا عن طريق ذكر الكلمات حرفاً تلو الآخر من خلال رفع حاجبيه عندما يشير أحد إلى الحرف الصحيح على بطاقة توجد عليها حروف الهجاء. سمع وولت ولتوسز، خبير كمبيوتر فى كاليفورنيا، عن محنة «هوكينج»، فأرسل إليه برنامج كمبيوتر يطلق عليه «إكواليزر Equalizer». وساعده البرنامج على اختيار الكلمات من قوائم تظهر على شاشة يتحكم فيها من خلال زر فى يده، قامت شركة «إنتل» للمعالجات والنظم الرقمية بتطوير نظام حاسوب خاص متصل بكرسيه يستطيع «هوكينج» به التحكم فى حركة كرسيه والتخاطب باستخدام صوت مولد إلكترونياً وإصدار الأوامر عن طريق حركة عينيه ورأسه، وعن طريق حركة العينين، يقوم بإخراج بيانات مخزّنة مسبقاً فى الجهاز تمثل كلمات وأوامر، من خلال هذه الإشارات واللفتات، ما زال «هوكينج» يبدع ويمنح العالم أملاً فى حياة أكثر بهجة وسعادة وتطوراً.
انتهى مقال التهنئة، وبدأت برقيات العزاء، لكن أمثال «هوكينج» هم عزاؤنا الوحيد فى تلك الحياة المتجهمة.

Tuesday, March 13, 2018

خالد منتصر - أخيراً إنصاف نجيب باشا محفوظ - جريدة الوطن - 14/3/2018

كتبت مراراً وتكراراً فى تلك المساحة عن ضرورة تكريم اسم د.نجيب باشا محفوظ، رائد طب النساء والولادة، طالبت برفع الظلم عنه والرد على كل محاولات تلويث سمعته واتهامه باضطهاد الأطباء المسلمين، وهى أكبر كذبة أدت إلى أكبر جريمة عنصرية وفتنة طائفية فى تاريخ التعليم الجامعى المصرى، فقد تضخمت تلك الكذبة الكريهة ككرة الثلج وانتشرت تلك الشائعة المقيتة بسرعة الضوء، وأدت إلى رد فعل تمثل فى إجراءات انتقامية رخيصة أخذت قوة القانون وتحولت من عرف واتفاق سرى إلى فريضة وواجب، ومنع بسببها تعيين أى أستاذ طب نساء وتوليد مسيحى فى الجامعة، وفشل الكثيرون من الأقباط الأوائل ومنهم حفيده نفسه!! فى الالتحاق بهذا المكان، منهم من ذهب إلى أقسام أكاديمية، مثل الباراسيتولوجى، ومنهم من هاجر خارج الوطن، ومنهم من أحبط وأصر على ترك الجامعة والالتحاق بوزارة الصحة فى نفس التخصص، كان ردى بسيطاً ومنطقياً واستعنت فى بحثى بأستاذى د.أبوالغار، كيف يكون نجيب باشا محفوظ، الذى كرّمه التاج البريطانى كأفضل طبيب، عنصرياً وكل البعثات التى أرسلها إلى الخارج كانت لتلامذته المسلمين؟!، ألا يستدعى هذا التصرف الوقوف لحظة لإعادة التفكير فيما لاكته الألسنة المتطاولة من افتراء وتجاوز، يعاد معها الاعتبار لهذا العبقرى الذى لم ولن يتكرر فى الاجتهاد والحفر فى الصخر والإبداع من ظروف تحت الصفر، أخيراً جاء الرد وتحقق الإنصاف من رئيس قسم النساء د.محمد ممتاز، وهو إنسان مستنير وذكى ومنفتح على العالم، وليست لديه تلك العقد الطائفية الرخيصة التى تسكن البعض وتصيبهم بالوسواس القهرى، قرر د.ممتاز ومجلس القسم إعادة افتتاح أعظم متحف نساء وتوليد فى الشرق الأوسط وأفريقيا وواحد من المتاحف النادرة المعدودة على مستوى العالم، والذى أنشأه نجيب باشا محفوظ منذ تسعين سنة، تكفل بالتجديد أفراد أسرة د.محفوظ، فصار يليق بهذا الاسم العظيم نجيب محفوظ باشا، والصرح الشامخ قصر العينى أقدم مدرسة طب فى الشرق الأوسط، ولمكانة هذا الطبيب العظيم الذى أراد القدر تخليد اسمه الذى كان مطموساً، فأهدى لنا امتداده الروائى العالمى نجيب محفوظ الذى حمل اسمه تكريماً ورداً لجميل إنقاذ أمه أثناء ولادته، من أجل تلك المكانة هناك ميدالية باسم هذا الرائد العظيم ستسلم كل سنة لواحد من رواد هذا العلم فى العالم، وأول من سيحصل عليها هو رائد طب الأجنة فى العالم اليونانى البريطانى كيبروس نيكولايدس، الأستاذ بجامعة كينجز كوليدج، الاحتفالية ستتم يوم 20 مارس المقبل، جزيل الشكر للأستاذ د.محمد ممتاز، ولقسم النساء ولطب قصر العينى وجامعة القاهرة، هكذا سنتغير ونتحضر ونبنى أسس الدولة المدنية الحديثة التى فيها الاحترام للقانون والمواطنة والكفاءة، افتتاح متحف نجيب محفوظ هو فى نفس الوقت إغلاق لمتحف أفكار متخلفة كثيرة تقبع فى أذهان البعض، الذين ما زالوا يعيشون أوهام الكهف.

كيف يرحل الإرهاب اللعين؟ بقلم د. محمد أبوالغار ١٣/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم

الإرهاب موجود منذ قديم الأزل، ولكن التكنولوجيا التى استخدمت القنابل بدلاً من السكين أدت إلى مقتل المئات والآلاف وأظهرت حجم مخاطره. والإعلام الفضائى عرفنا على الحوادث الإرهابية فى العالم كله فور وقوعها، فزاد الرعب. ونجاحات الإرهابيين فى بعض الأحيان، مثل ضرب السياحة فى مصر أو تهجير الفلسطينيين بواسطة عصابات الهاجاناه وشتيرن من فلسطين وضرب مركز التجارة فى نيويورك، شجعت الإرهابيين على التمادى فى أعمالهم.
الإرهاب فى مصر بدأ بالمتطرفين الوطنيين فى الحزب الوطنى، فقاموا باغتيال بطرس غالى، رئيس وزراء مصر، فى عام ١٩١٠، على يد الوردانى بسبب موافقته على مد امتياز قناة السويس أربعين عاماً. ثم اغتيال أحمد ماهر، رئيس الوزراء، عام ١٩٤٥، بواسطة العيسوى من شباب الحزب الوطنى، بعد أن أعلن الحرب على ألمانيا قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بأيام قليلة، وذلك حتى تأخذ مصر مقعداً فى تأسيس النظام العالمى بعد الحرب.
سلسلة الاغتيالات التى تمت بعد ذلك كانت كلها بيد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو المجموعات التى انشقت عنها. كان فى البداية حادث اغتيال القاضى أحمد الخازندار بواسطة اثنين من شباب الإخوان، أحدهما سكرتير حسن البنا، ثم اغتيال النقراشى، رئيس الوزراء، بواسطة الإخوان، واستمر الإرهاب فى محاولات اغتيال عبدالناصر، وبعد أن انتشرت وتعددت الجماعات الإسلامية المتطرفة تم اغتيال السادات وفرج فودة والشيخ الدهبى ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ ومكرم محمد أحمد وآخرين وترهيب لأعداد كبيرة من البشر وحرق الكنائس والاعتداء على الأقباط، فماذا نحن فاعلون فى هذا الإرهاب اللعين؟
أولاً: التعامل مع الإرهابيين المسلحين:
هذه مهمة الشرطة والقوات المسلحة، وهى مهمة صعبة ومعقدة، وقد كتبت فى «المصرى اليوم» مقالاً يلخص كتاباً لقائد أمريكى يشرح لماذا فشل الجيش الأمريكى فى حربه ضد الإرهاب بينما نجح الجيش الإنجليزى، قال إنه فى المناطق الموجود بها سكان يجب أن يتم اكتساب ثقة الأهالى وتفهم درجات الولاء المختلفة وطموحات ورغبات رجال القبائل، لأن الانتصار على الإرهاب لا يمكن أن يتم بدون دعم السكان. وقال إن المال شىء مهم لكسب ولاء السكان، وطالب بمحاولة عمل حكم محلى ناجح للقبائل وتكوين شبكة مخابرات تعتمد على الأفراد، بالإضافة إلى التكنولوجيا، ويجب عدم حرمان الأهالى وعقابهم بمنع المياه أو الكهرباء وهى أمور طبقها الإنجليز وفشل الأمريكان فى تطبيقها.
ثانياً: القضاء على الفكر الإرهابى:
هذا واجب المثقفين المصريين والدولة والشعب بأكمله، وهو أمر صعب وسوف يأخذ وقتاً.
١- يجب أن يصل إلى عقل ومشاعر المصريين أن الإرهاب خطر عليهم وعلى عائلاتهم وأصدقائهم، وهو أمر وصل لقطاع السياحة بعد أن انقطع رزقهم وإلى عائلات الفئات التى يترصدها الإرهاب، ولكنه لم يصل بعد للمواطن العادى.
٢- التعليم: يجب أن تأخذ الدولة مبدأ توحيد التعليم الأساسى بجدية شديدة. ويجب أن تتم تنقية جميع المناهج من أى أفكار تحض على الفكر الإرهابى، وهو أمر صعب إلا بعد تفهم المبادئ الحديثة فى التأويل للخروج من أزمة تفسير بعض النصوص.
٣- الثقافة والإعلام والفنون والقنوات المصرية وبعض الصحف المصرية فيها من المواد والبرامج ما يساعد ويحض على الفكر الانغلاقى والإرهابى. عدم تلبية رغبة الفضائيات المصرية لكل الأذواق والتعبير عن مختلف الأفكار أدى إلى الهروب إلى محطات خارجية خطيرة.
٤- محاربة الفقر: نمو الفكر الإرهابى يكون أسهل وأكثر نجاحاً فى المجتمع الفقير الذى ليس عنده أمل أو فرصة.
٥- فصل الدين عن الدولة والسياسة والعودة إلى شعار الدين لله والوطن للجميع، الذى ساد بعد ثورة ١٩١٩، حتمى للخروج من المأزق.
٦- التطور الديمقراطى: يجب أن نفكر لماذا خسر الإخوان جميع معاركهم الانتخابية أمام حزب الوفد قبل ١٩٥٢ بالرغم من وجود خلايا الإخوان فى كل مكان، وفى نفس الوقت بعد أن عاد الإخوان فى السبعينيات استطاعوا كسب جميع معاركهم الانتخابية بسهولة رغم ضغوط الشرطة والنظام. وبعد ثورة ٢٥ يناير حين اختفت الضغوط والتزوير أخذوا ٤٤% من مقاعد البرلمان يضاف إليهم السلفيون وأحزاب إسلامية أخرى، بحيث تحكموا فى ٧٠% من البرلمان، بالإضافة إلى نجاح رئيس الجمهورية. هذه الحقيقة يجب أن نواجهها بشجاعة. يجب أن يكون المنافس الأساسى للتيارات الإسلامية هو قوى وأحزاب مدنية، وهى ليست عندها فرصة حقيقية بسبب الضغط والهجوم المستمر عليها من جميع النظم المصرية، وبعد أن فشل الإخوان فى حكم مصر، وبعد أن انخفضت شعبيتهم بشدة تقلصوا فى العدد وتركهم الكثيرون من الذين انتخبوهم، ولكن بمرور الوقت وتغير الظروف المحلية والإقليمية والعالمية قد يظهرون على السطح مرة أخرى ويستعيدون شعبيتهم، لابد أن تكون هناك قوى مدنية شعبية تقف فى المواجهة. لقد ثبت أن كل الأحزاب والمنظمات للكبار والشباب، التى أسسها النظام من عبدالناصر إلى نهاية عهد مبارك، كلها ورقية ولا شعبية لها، لأنها نابعة من فوق والكثير من أعضائها ينضمون لمصالح شخصية.
أخيراً: لابد أن يكون المصريون جميعاً على قلب رجل واحد فى حرب الإرهاب، لأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا جميعاً.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

خالد منتصر - هل سيوافق وزير الأوقاف على علاج الدعاة ببول الإبل؟! - جريدة الوطن - 13/3/2018

أجمل نكتة فى 2018 ما حدث أثناء التحقيق مع الشيخ نشأت زارع، خطيب وزارة الأوقاف الذى ارتكب جريمة كبرى من وجهة نظر الوزارة والتقى بشيعة العراق وصافحهم ودعا إلى السلام بينهم وبين السنة والأكراد فى هذا البلد الذى كان جنة وانقلب جهنم، فتحت له الوزارة القديم والجديد لكى يذبحوه، وأهم ملف فتحته الوزارة للشيخ نشأت هو أنه كان قد هاجم التداوى ببول الإبل فى إحدى خطبه وقال «كيف فى زمننا هذا ما زال البعض يعالج ببول الإبل ويربطه بالدين؟»، قالها دفاعاً عن صورة دينه وسمعة عقيدته وصورة المسلمين أمام العالم، لكن جهة التحقيق فى وزارة الأوقاف كان لها رأى آخر، اتهمته اتهاماً خطيراً بإنكار السنة وإنكار حديث فى «البخارى»، نُصبت المشانق وجُهزت المقصلة ولم يعد باقياً إلا وضع رقبة هذا الشيخ المستنير تحتها، قالوا له: كيف عرفت أن بول الإبل لا يعالج الأمراض؟، هل عندك ما يفيد من وزارة الصحة؟، كان رده: لا ليس معى مستند من وزارة الصحة ولكن معى أقوالاً وتصريحات من أساتذة الكبد وأريكم اليوتيوب، الرد الجاهز المعروف الذى يشير إلى المعضلة الكبرى، لا نعترف ومالناش دعوة باليوتيوب، وما يقوله البخارى أصدق من كل أساتذة الكبد ومن اليوتيوب بتاعك!، وبرغم أن الرسول الكريم (عليه أفضل الصلاة والسلام)، الذى استقبل أول ما استقبل «اقرأ»، قال أنتم أعلم بأمور دنياكم فى حادثة تأبير النخل كدلالة على احترام رأى متخصصى علوم الزراعة وقتها حتى ولو كانت تلك العلوم بدائية، ومن يحترم علم الزراعة سيحترم علم الطب أيضاً وبالضرورة، وإذا كان الكى وبول الإبل والحجامة والفصد وأكل التمر وحبة البركة هى وسائل علاج هذا الزمان، فلو تخطاها الزمن وتجاوزها مثلما تخطى قوانين العبودية والرق والتعامل بالمقايضة وتصديق أن الحمل من الممكن أن يستمر أربع سنوات وأن التثاؤب من الشيطان وأن القرود تقيم حد الزنا وأن علاج السم هو أكل التمر وأن الأرض على قرنى ثور وظهر حوت... الخ، لا بد لنا نحن أيضاً أن نتخطاها ونتجاوزها دون أن نرتعش من منطلق النصيحة النبوية بأننا أعلم بأمور دنيانا، وأقترح إذا كان الوزير ولجنته ومسئولو وزارته غير مقتنعين بكلام الشيخ نشأت، فإننى أطلب منه فوراً ودون تأجيل إغلاق مستشفى دعاة الأوقاف واستبداله بأكشاك العلاج ببول الإبل ومراكز الحجامة وغرف الكى بأسياخ الحديد المحمى وجلسات الرقية الشرعية!، إذا كنتم مقتنعين بأن تلك الوسائل هى علاجات وأن انتقادها يعد انتقاداً للبخارى وانتقاصاً منه، فلنضع أيدينا فى أيديكم ونوفر نفقات تلك العلاجات السخيفة الصليبية الكافرة العلمانية من مناظير وقساطر ودعامات وسوفالدى وأنسولين وجراحات ميكروسكوبية وتطعيمات... إلخ، فكلها للأسف غير موجودة فى «البخارى»، وبهذا ندعم الدولة اقتصادياً ونجدد الخطاب دينياً، ولكم جزيل الشكر.

Sunday, March 11, 2018

الإيمان الحقيقى... والإيمان الشو بقلم فاطمة ناعوت ١٢/ ٣/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


سألنى أحدُهم على صفحتى: «هل تعتزين بأنك مسلمة؟» وأجبتُ: «أعتزّ بأننى إنسان ٌمنحنى اللهُ تعالى منحةً جميلة اسمها «العقل». أفكر به وأرفض أن يُقيّم إيمانى بربى إنسانٌ مثلى، خطّاءٌ مليء بالنواقص. إيمانى بالله ليس محل سؤال من أحد. وسؤالك ينمُّ عن عقلية ناقصة تنشد كمالَها من التفتيش عن نواقص الآخرين. فاذهبْ وأكمل نواقصَك ولا تُهن نفسك بسؤال هو خصيمٌ لأمر الله الذى منحنا حرية الإيمان وحرية الكفر. إسلامى فى قلبى وليس (شو) كما لديك وغيرك من ناقصى الإيمان. تحياتى».
كلما طرقتُ ملفَ حقوق الأقباط، ظنّ نفرٌ أننى أهاجم الإسلام! ورغم أن تلك ركاكةٌ لا تستحق الرد، إلا أن التفكير على هذا النحو يحمل ملمحًا خطيرًا، لأن أولئك يرون أن الإسلامَ يحثُّنا على معاداة المسيحيّ!
والحقُّ أن غزارة كتاباتى فى الملف القبطى «المسكوت عنه» منذ عقدٍ، سببها قلّةُ تناول هذا الملف «الشائك» (ولا أدرى لماذا هو شائك مع أنه شأنٌ وطني!) من قِبل الكتّاب الشرفاء، الذين يرفضون مغازلة الأكثرية بالضغط على الأقلية. ورغم وفرة أولئك الكتاب الآن، إلا أن حجم الكتابة، إجمالا، مازال لا يكافئ ما يقع على أقباط مصر من غُبن ثقيل قوامه خمسون عامًا، خاصةً فى الأعوام الأخيرة. لذلك أحاول أن أعدل هذه «الكفة المايلة» بتكثيف كتابتى. فالمسيحى المصرى يحتاجُ أن يشعرَ أن المسلمَ المصرى يشعرُ بهمومه ومشاكله فى وطنه ويحاول حلّها معه. ويلاحظ القارئ أن صوتى يخفُت كلما كتب كُتّابٌ آخرون انتصارًا للأقباط، ويعلو كلما صمتوا. وتزيد المشكلة ثقلاً بصمت المسيحيين أنفسهم عن المطالبة بحقوقهم، ليس خوفًا من الأغلبية كما يظن السطحيون، بل لأن دينهم يحضّهم على الصمت والسماحة وتحمُّّل الأذى الأرضيّ؛ طمعًا فى ملكوت السماء. حيث يقول لهم كتابُهم: «طوبى للحزانى، لأنهم يتعزّون- غير مُجازينَ عن شَرّ بشرٍّ، أو عن شتيمة بشتيمة- أحبُّوا أعداءَكم، باركوا لاعنيكم، أَحسنوا إلى مُبْغضيكم».. إلخ.
أقولُ بكل اطمئنان إن المسلم الذى يظلم مسيحيًّا أو يهدم داره أو يرميه بكلمة نابية، استغلالاً لصمت المسيحيّ، فإنما يُغضبُ اللهَ أولا، وثانيًا يقدّم صورة بشعة للإسلام. وفى المقابل، فإن المسلم الذى ينتصرُ لأخيه القبطيّ، احترامًا لصمته الذى يحضّه عليه دينُه: (يُدافع عنكم وأنتم صامتون)، إنما يُرضى اللهَ ويقدم صورةً طيبة للإسلام، وللمسلمين. وهذا ما أفعله؛ لإيمانى بأن أول سؤال سوف يسأله اللهُ لنا يوم النشور: هل رأيتَ ظلمًا وصمتَّ عن ردّه؟ ولهذا حرّم اللهُ الظلمَ على نفسه، وقد يسامح عبدًا فى حق من حقوقه تعالى، لكنه لا يسامحه إن ظلم عبدًا آخر، حتى يصفح ذاك الآخرُ. وبهذا يكون الانتصار للمغبونين، صلبَ الدين وجوهر الإيمان بالله، كما أفهمه.
أفهم أن الدين هو حسنُ العمل وإتقانه، وقول الصدق، ومحبة الناس واحترامهم، وعدم الفُحش فى الفعل أو القول، والعدلُ وعدمُ الانحياز. هو نُصرة المظلوم بالدفاع عنه، ونُصرة الظالم بردِّه عن ظلمه، وهو النظافةُ فى القول والفعل، كما فى البدن. أفهم أن الدينَ هو الشعورُ بآلام الناس، فنتجنب تزكيتها، وإدراك مكامن فرحهم والسعى لترسيخها. فالله، تبارك اسمُه، لم يخلق آلهةً على الأرض، بل بشرًا ضعافًا، تقفُ القشةُ فى أحداقهم كأنها الجبال الضخمة، كما قال الشافعى. ولم يكلِّف اللهُ أحدًا بحساب أحد فى الأرض، لأنه لا يجوز أن يحاسب خطّاءٌ خطّاءً، وإنما كلُّ إنسان ألزمه اللهُ طائرَه فى عنقه، ولن يُحاسَبُ أحدٌ محلَّ أحد.
الدين لا يُختصَرُ فى إعلان المرء بصوت عال عن دينه. وسبّ مَن لا يدين بهذا الدين؛ ثم يظنُّ أنه بهذا ضمِن الجنة، دون عبء العمل ومجاهدة النفس ومحبة الناس وحسن المعاملة وعفّ اللسان ونظافة اليد.
مُشعلو الفتن هم مفجرو الكنائس والمحرضون، وكذلك الصامتون عن نُصرة الأقباط. أما من يفتحون الجروحَ لتطهيرها، وهذا فرضُ عين على كلّ مسلم، لا فرضَ كفاية، فإنهم مَن يرأبون الصدع حتى يلتئمَ نسيجُ المواطَنة، الذى عاش سبعة آلاف عام متماسكًا متينًا، وسوف يظل.