فى إطار حديثنا عن «حقوق الإنسان.. هدف مشروع!»... نتحدث عن حقوق الإنسان فى «ميثاق حقوق الإنسان العالمى»، وكيف أنه يتوافق مع الأديان. لاشك أن المسيحية توافق تمامًا على الميثاق العالمى لحقوق الإنسان، بصورته الأصلية. ولكن الاعتراضات نشأت بعد ذلك من محاولات التطوير فى مجالات حساسة مثل: حق الإجهاض، أو الجنسية المثلية. إن دائرتى الإيمان والأسرة لهما حساسية خاصة، وسوف تعلن الأديان رأيها باستمرار فى هذا الشأن.. والمبدأ الأساسى المعمول به فى هذه الأمور هو: - «يَنْبَغِى أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ» (أعمال الرسل ٢٩:٥).. - «لاَ تَشْتَرِكُوا فِى أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِىِّ وَبِّخُوهَا» (أفسس ١١:٥). ولكن الميثاق الحالى مقبول عمومًا، وهذه بعض الأمثلة: ١- الناس أحرار ومتساوون فى الكرامة والحقوق: وهذا يتفق مع قول الكتاب المقدس: «الإِلَهُ الَّذِى خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هَذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ... يُعْطِى الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَىْءٍ. وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ.. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال الرسل ٢٤:١٧-٢٨). إذن.. لا تفرقة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى.. وقد جاء فى الإنجيل: «لَيْسَ يُونَانِىٌّ وَيَهُودِىٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِىٌّ سِكِّيثِىّ عَبْدٌ حُرٌّ» (كولوسى ١١:٣)،«لَيْسَ يَهُودِىٌّ وَلاَ يُونَانِىٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ» (غلاطية ٢٨:٣)، أى لا فرق بين الأعراق والثقافات والأديان من جهة تساوى البشر معًا (الختان هم اليهود، والغرلة- أى عدم الختان- ترمز إلى الأمم الأخرى) التى لا تفرض الختان على الذكور. ٢- حق الحياة والحرية والأمان: ولا خلاف فى ذلك لأن الله هو معطى الحياة، وقد خلقنا أحرارًا، وهو وحده القادر على تأمين حياة الإنسان.. قال الكتاب المقدس: «آمِنُوا.. فَتَأْمَنُوا» (أخبار أيام ثانى ٢٠:٢٠). وإذ يوصى إلهنا العظيم بنشر الخير والمحبة، فهو يدعو إلى الحرية الملتزمة، وإلى أن يتمتع الكل بالأمان، فى ظل نظم حكم خيرة، تلتزم بالقانون والمساواة والمواطنة. ٣- لا يجوز استرقاق أحد: وأديان التوحيد ضد استعباد البشر، ومع أنها لم تدع إلى ذلك من خلال ثورات دموية، إلا أنها شجعت العبيد أن يتحرروا «دُعِيتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَلاَ يَهُمَّكَ! بَلْ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرًّا فَاسْتَعْمِلْهَا بِالْحَرِىِّ» (كورنثوس الأولى ٢١:٧)، كما أنها نادت السادة بأن يعاملوا العبيد كإخوة، وأن يحرروهم، كما طلبت من العبيد أن يسلكوا بأسلوب سليم، منتظرين لحظة الحرية. وقد حرر الكثير من المؤمنين عبيدهم بمجرد دخولهم إلى الإيمان بالله. وتؤمن المسيحية بفكرة «الأعضاء فى جسد واحد»، فمن غير المعقول أن يستعبد عضو عضوًا آخر، بل لابد من تناغم وانسجام ومساواة بين أعضاء الجسد الواحد.. - «نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ..، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ» (رومية ٥:١٢).. - «فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ.. أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ.. لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِى الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ.فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ» (١كورنثوس ١٤:١٢-٢٧). ٤- لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب: يوصينا الإنجيل: «كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ، مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ..» (أفسس ٣٢:٤)، فالتعذيب ضد الكرامة الإنسانية، وكم من اعترافات غير حقيقية انتزعت بواسطة التعذيب! إذ التعذيب غير إنسانى، والكتاب المقدس يقول: «مُبَرِّئُ الْمُذْنِبَ وَمُذَنِّبُ الْبَرِىء كِلاَهُمَا مَكْرَهَةُ الرَّبِّ» (أمثال ١٥:١٧) - ولاشك أن كل إنسان يجب أن يتمتع بشخصيته القانونية. وأن يكون الكل سواء أمام القانون. وأن يكون من حق كل إنسان أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه، ولا يجوز اعتقاله أو حجره أو نفيه تعسفيًا.. فالله عادل، وهو العدل المطلق، يستحيل أن يقبل الظلم أو يرضى عن الظالمين.. وهو يوصى الإنسان قائلاً: «لاَ يَسْكُنُ الظُّلْمُ فِى خَيْمَتِكَ» (أيوب ١٤:١١). - «رَجُلُ الظُّلْمِ يَصِيدُهُ الشَّرُّ إِلَى هَلاَكِهِ» (مزامير ١١:١٤٠). - وكان ينادى الحكام قائلاً: «يَا رُؤَسَاءَ إِسْرَائِيلَ. أَزِيلُوا الْجَوْرَ وَالاِغْتِصَابَ، وَأَجْرُوا الْحَقَّ وَالْعَدْلَ. ارْفَعُوا الظُّلْمَ عَنْ شَعْبِى» (حزقيال ٩:٤٥). - وفى نهاية الأيام سيقول إلهنا العظيم للظالمين: «تَبَاعَدُوا عَنِّى يَا جَمِيعَ فَاعِلِى الظُّلْمِ! هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ» (لوقا ٢٧:١٣)، «اذْهَبُوا عَنِّى يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ» (متى ٤١:٢٥). - يجب- لذلك- أن تكون المحاكم مستقلة، وأن يعتبر المتهم بريئًا إلى أن تثبت إدانته، دون تدخل تعسفى فى شؤون أى إنسان أو أسرته أو مسكنه، أو فى تعريضه لحملات ضد سمعته أو شرفه، وذلك بحماية القانون. ٥- حق التنقل: هو حق طبيعى توافق عليه المسيحية بالطبع، فكل إنسان له حق المغادرة والعودة، ما لم تكن هناك تحفظات قانونية فى حياته، كأن يرتكب جريمة ويهرب! لهذا نشأ نظام «الإنتربول» ليتعامل- بطريقة قانونية عادلة- مع هذه الحالات. وهذا كله يتناسق مع صفة العدل المطلق فى إلهنا المحب، فإذا ما تعرض إنسان للظلم فى بلده لسبب ما، ينص الميثاق على أن من حقه اللجوء إلى بلد آخر خلاصًا من الاضطهاد، متمتعًا بجنسيته الأصلية، التى لا يجوز حرمانه منها لسبب تعسفى. ٦- حق التزوج وتأسيس أسرة: حق آخر طبيعى.. لكن لابد هنا من ضوابط الدين والقانون، فها نحن نرى مفاهيم جديدة للأسرة تزحف علينا مثل: أسرة الزواج المدنى دون شعائر دينية، والأسرة المكونة من اثنين من جنس واحد (الجنسية المثلية)، وأسرة الأم غير المتزوجة، و«الأسرة الجماعية»، مجموعة من الرجال والنساء يعيشون معًا فى علاقات زوجية بلا حدود، وينجبون الأطفال.. هذا كله مرفوض لما له من أثر مدمر على: الأطفال، والأسرة بمفهومها، والمجتمعات، والدولة، ناهيك عن النزول بالعلاقة الزوجية من مستوى الإنسان إلى أقل من مستوى الحيوان. (يتبع بإذن الله) * أسقف الشباب العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية |
وداعاً حسن حسنى الجميل البسيط الطيب خفيف الدم، أسطى التمثيل عاشق الفن، الذى تأخرت نجوميته كثيراً، وعانى حتى اقتحم الصفوف الأولى بالجهد والمثابرة والعزيمة، وقبلها بالموهبة الفياضة، أيقونة الكوميديا الحديثة ومعشوق المضحكين الجُدد، الفنان الجميل حسن حسنى، رحل بعد أن اطمأن إلى أن بئر نفط البهجة ومخزون السعادة الذى تركه لنا يكفينا آلاف السنين، ممثل عبقرى صنّفناه خطأً «كوميديان»، فهو أيضاً غول تراجيديا رهيب من مدرسة المليجى وزكى رستم، قادر على سرقة الكاميرا ممن أمامه دون تعمد، فمغناطيس الجاذبية لديه يجمع فى قطبيه كل الأعمار والطبقات والأجناس والفئات، نجوم الكوميديا الجدد كانوا يعتبرون أفلامهم ناجحة قبل أن تنزل إلى صالات السينما بشرط واحد أن يقبل حسن حسنى مشاركتهم البطولة، حتى لو بمشهد، وكأنهم يأخذون منه البركة كلهم بداية من محمد هنيدى حتى محمد سعد، مروراً بأحمد حلمى ورامز جلال وعلاء ولى الدين.. إلخ، استحق بالفعل لقب الجوكر كما أطلق عليه زملاؤه، فما إن يرشح لأى دور تجد الدور اصطبغ بصبغته، وصار علامة مسجّلة باسمه، الكم كبير بالفعل، نحو خمسمائة عمل فنى، وقد انتقد الكثيرون هذا الكم الكبير، لكن الحقيقة أن حسن حسنى كان مخلصاً فى كل دور، حتى لو استغرق على الشاشة خمس دقائق، صارت إيفيهاته «محفوظة صم» للأطفال قبل الكبار، فمن منا لا يتذكر «يا أم نيازى صحى نيازى وقولى له ضبش حرامى (غبى منه فيه)، يا ناس محدش ياخد ميدو ابنى ويدينى بداله مروحة (فيلم ميدو مشاكل)، عايز تحتفل بالالتصاق (عبود ع الحدود)... إلخ»، وأيضاً لا ننسى أدواره التراجيدية التى أبكتنا وهزتنا من الأعماق مع المخرجين عاطف الطيب (دماء على الأسفلت)، وداوود عبدالسيد (سارق الفرح)، ورضوان الكاشف (ليه يا بنفسج)، وأسامة فوزى (عفاريت الأسفلت)، وغيرهم، فى أحد حواراته يقول «بانام والشخصية فى حضنى!»، دلالة على الإخلاص والتبتل فى محراب الفن.
قبلة على جبين من ترك وشم الفرحة على جدران أرواحنا، حتوحشنا يا عم حسن..