Translate

Thursday, December 31, 2020

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 31/12/2020

 تتحول السوشيال ميديا أحياناً من ضرورة تعبير صحى إلى ماسورة صرف صحى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالكلام مع أو عن فنان أو فنانة. شباب صاحب مزاج متعصب ومتطرف وفاشى يدخل على حسابات وصفحات الفنانين؛ شتائم وسفالات وألفاظ وضيعة وعبارات حقيرة وتعليقات سخيفة، لزوجة ونطاعة وغلاسة وثقل ظل لا حدود له، وللأسف كلهم متعلمون بل ومؤهلات عليا.

حدث فى الأيام الماضية حادثان كانت ساحتهما السوشيال ميديا، تنمر على فنانتين جميلتين لم تصدر من إحداهما طوال حياتها الفنية أى تصرف أو سلوك مشين، كلتاهما تهتم بالفن والإبداع والتميز وحسن اختيار الأعمال والعمل على تطوير الموهبة، الأولى الفنانة يسرا اللوزى التى اشتركت فى مبادرة لخدمة الطفولة، فإذا بشخص يدخل على صفحتها معلقاً بكل وضاعة قائلاً «يا أم الطرشة»!، تصرف فى منتهى الخِسة أن تعاير أماً بمرض ابنتها، أن تسخر بكل برود وسماجة وحقارة من مشاعر أم ملهوفة على ابنتها تحاول لملمة جراحها.

وتساءلت كما تساءل شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور «لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد؟»، وأقفز درجة أعلى من سؤال عبدالصبور، وهو سؤال عن «لماذا زادت نسبتهم وحدّتهم وسفالتهم مع الفن والفنانين بالذات؟».

الفنانة الثانية التى حدث على صفحتها نفس التنمر والبذاءة، هى الفنانة سوسن بدر التى قامت بالتعزية فى المخرج السورى الكبير حاتم على، فدخل عليها بعض المستظرفين قائلين «عقبالك»!، ما هذه القسوة؟، ما تلك الجلافة وغلظة الحس وفقدان الإنسانية الذى صار فيه وعليه البعض؟، أليس هؤلاء هم نفس الفنانين الذين نجرى عليهم لنقتنص صورة سيلفى؟.

من وجهة نظرى أن كراهية هؤلاء المتطرفين المتزمتين المتشددين للفن ناتج عن وهم يتلبسهم، وهو وهم أن لمعان الفن ونجاحه هو خَصم من الدين، وأن الفنان يسحب البساط من رجل الدين فى معركة هى من افتعالهم ولا توجد إلا فى خيالهم، الفن والدين يلعبان على مساحة الوجدان والروح، لذلك يخشى ويفزع تجار الدين من أن يقوم الفن باحتلال تلك المساحة وطردهم منها، بذلك سيفقد سماسرة الدين سطوتهم وتأثيرهم وتجارتهم وبيزنسهم وتنويمهم المغناطيسى للبشر، لا يدركون جمال الفن، وعظمة الفن، وتأثير الفن فى الرقى بذوق وعقل الناس، تنمرهم على الفنانات هو خوف منهن، لأن لديهم مرض هشاشة الروح وسقم الوجدان.

تصحر العواطف جعل المتطرفين تماثيل من شمع، وأجساداً من خواء، وأرواحاً من غِل وسواد، قوة مصر الناعمة كنز فن يجب أن نحافظ عليه، وبئر نفط إبداع لا بد ألا ينضب.


السينما الكورية ما زالت تدهشنا - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /30

 يستحق فيلم «المكالمة» لقب أفضل فكرة مجنونة لفيلم إثارة ورعب فى 2020، the call فيلم كورى جنوبى يؤكد أن السينما الكورية ما زالت قادرة على إدهاش العالم وتقديم سينما مختلفة ومنافسة لسينما هوليوود، وابتكار أفكار بكر وطازجة لا تخطر على بال أى مشتغل بالفن السابع، المستوى التقنى لأفلام كوريا ليس مطروحاً للنقاش، جودة عالية فى كل العناصر الفنية من تصوير وإضاءة ومونتاج.. إلخ، لكن ما أبهرنى حقاً هو مستوى التمثيل الأكثر من رائع، فالبطلتان فى هذا الفيلم نموذجان ومثالان تطبيقيان لتأكيد فن التمثيل الأسطورى عند الكوريين، قالت إحدى مجلات السينما عن هذا الأداء ووصفته بـ«أداء يستحق المشاهدة: Jong-seo Jun رائعة مثل Young-sook، تأخذنا فى رحلة ملتوية تبدأ بتعاطف عميق مع وضعها المرعب وتنتهى ببغض ورعب خالصين. إنها مقنعة فى كل من لحظاتها الهادئة وانفجاراتها الأكثر جنوناً، وتخرج ببراعة كل الإثارة والقشعريرة التى يمكن أن تأملها مع فيلم من هذا النوع. يمكن بسهولة لعب دور مثل هذا بطريقة أكثر تميزاً ويفقد قوته، لكن Jong-seo Jun تعرف متى تبقيها محتواة، ومتى تسمح لها بالتمزق، وهى كذلك».

مكالمات بين فتاتين عاشتا فى المنزل نفسه، ولكن الفرق بينهما أن واحدة تتحدث من 2019 والأخرى تتحدث من 1999!!!، فكرة مجنونة لكن كيف غزلها السيناريو بشكل يحبس الأنفاس، هذا هو التحدى العبقرى، فتاة ٢٠١٩ Seo-yeon، التى تجسد دورها واحدة من أشهر الممثلات الكوريات وهى Park Shin-hye تتهم والدتها المصابة بالسرطان بأنها السبب فى موت والدها عندما تركت الغاز يشعل حريقاً يترك آثاره أيضاً على جسدها، تقرّر العودة إلى منزل طفولتها مع صاحب مزرعة الفراولة المجاورة لهذا المنزل، حيث تدور الأحداث التى تقلب حياتها رأساً على عقب، تتلقى مكالمة استغاثة من فتاة تطلب إنقاذها من زوجة أبيها التى تريد قتلها، لن أحرق لكم الأحداث، لكن سأقدم جوهر الفكرة المجنونة التى تخلق الإثارة وتبث الرعب طوال الفيلم، فتاة الماضى الـpsycho (ممثلة من أفضل من قدمن السيكو القاتل المتسلسل ببراعة)، تخيلوا أن تتحكم فتاة الماضى التى استأجرت عائلة فتاة الحاضر منزلهم وهى طفلة فى الأحداث وتنقذ والد البنت الذى مات، فتعود بنت الحاضر إلى حياتها السعيدة مع أسرتها وتهمل مكالماتها مع من أنقذتها، فتنقلب عليها بنت الماضى وتهدّدها، فتُقرر فتاة الحاضر إنقاذها من زوجة أبيها التى تعتنق مذهب الشامان الذى يؤمن بالأرواح الشريرة وطردها من خلال التعذيب، تبدأ فتاة الماضى السيكو فى دائرة القتل المتسلسل، بداية من زوجة أبيها، إلى صاحب المزرعة، إلى أم فتاة الحاضر، إلى محاولة قتل الفتاة نفسها وهى طفلة، كيف يتحكم المستقبل فى الماضى، وكيف يتحكم الماضى فى المستقبل؟، ما تبعات تغيير تلك السيناريوهات؟.. شاهد ولن أحرق لك التفاصيل لكن أعدك بفيلم ستحبس أنفاسك معه وتستمتع بشريط سينمائى مختلف وفن سابع مدهش وطازج وجميل.


Tuesday, December 29, 2020

أفكار حول مشروع تجديد منطقة الأزهر بقلم د. محمد أبوالغار ٢٩/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

فى هذا الأسبوع، أُعلن أنه سوف يتم تطوير منطقة الأزهر القديمة وتعويض السكان، ومما لا شك فيه أن تحديث البنية التحتية وإنشاء طرق حديثة وكبارى تحل أزمة مهمة فى المواصلات ونقل البضائع والسكان.. ولكن فى نفس الوقت إن إنشاء الطرق السريعة خارج المدن يختلف تمامًا عن إنشاء أو تغيير الطرق داخل المدن الكبرى، وخاصة القديمة الضخمة المكتظة بالسكان.

الطرق السريعة تقام فى الصحراء الجرداء، أو تكون إحلال طريق حديث مكان طريق قديم مثلما حدث فى طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى، وهذا لا يؤثر على المدن ولا السكان، وفى الأغلب لا يستلزم نزع أراض أو إزالة مبانٍ ونقل للسكان. أما بناء الطرق الحديثة والكبارى داخل المدن فهو يستلزم إعادة التخطيط داخل المدينة، وقد يستدعى نقل عدد من السكان، ويجب أن يراعى فيه عدم تغيير التخطيط الأساسى للمدينة وعدم الاعتداء على المناطق الخضراء والأشجار القديمة، ويجب أن يراعى بجوار سيولة المرور سهولة الحركة للسائرين على الأقدام، مع الأمان لعبور المشاة. وما حدث فى حى مصر الجديدة لم يراعِ هذه الأمور، فقد تم الاعتداء بقسوة على الأشجار وتحولت بعض الشوارع إلى طرق سريعة داخل المدن، وهو ما أدى إلى ازدياد فى الضوضاء ومخاطر كبيرة بعبور المشاة، وبخاصة مع معرفتنا أن الكثير من سائقى السيارات لا يلتزمون بدقة بالتعليمات بتنظيم السير وإرشادات المرور. وفقدت مصر الجديدة جزءا مهما من التخطيط الجمالى الأصلى، وأصبحت هناك مخاطر ضخمة من السير فى شوارع حى سكنى، وكلنا نعلم أن إنشاء محور الفسطاط قد أدى إلى هدم الكثير من المقابر، منها مقابر أثرية ومقابر شخصيات تاريخية مهمة للمصريين، وسبق أن كتبت فى حينها فى «المصرى اليوم» عما حدث فى مقبرة الكاتب الصحفى الوطنى الكبير إحسان عبدالقدوس، وشرح حفيده أحداث واقعة إنشاء الكوبرى وما حدث للمقبرة.

نحن الآن فى الطريق إلى إجراء تغييرات جذرية فى حى أثرى مهم فى مصر. بالطبع نحن لا نعارض التحديث والتجميل، ولكننا نرى أن هذه الأمور يجب أن تُدرَس دراسة مترويّة تؤخذ فيها عدة جوانب، وهذا الأمر يخص سكان المنطقة، ثم زوارها، وهم بالملايين، وتاريخها ملك جميع المصريين. فالحوار المجتمعى أمر ضرورى فى هذا الأمر، ولابد أن يعرض على الشعب المصرى المالك الأصلى لتاريخه وأحيائه الأثرية الدراسات المختلفة، وتناقش فى التليفزيون وفى الصحف وفى وسائل التواصل الاجتماعى. هذا الأمر ليس لإرضاء الناس وإنما لأن النقاش والآراء المختلفة المتأنية تؤدى فى معظم الأحيان إلى تفادى احتمال أخطاء جسيمة فى أى مشروع، ولابد من عرض فلسفة المشروع على الناس، لماذا نريد أن نغير هذا الحى؟ وما الفوائد التى ستعود على مصر والقاهرة وحى الأزهر من هذا المشروع؟ وما المخاطر وحجم الخسائر المحتملة من هذا المشروع؟. وأعتقد أنه من الحكمة أن يعرض تصميم المشروع قبل البدء على عدة جهات:

أولًا: أقسام العمارة فى كليات الهندسة الموجودة فى مدينة القاهرة

وثانيها: كلية التخطيط العمرانى فى جامعة القاهرة.

وثالثها: نقابة المهندسين شعبة العمارة.

ورابعها: كلية الفنون الجميلة.

وخامسها: وزارة الآثار وهيئة الآثار لتجديد الآثار الموجودة فى هذه المنطقة ومدى تأثيرها بهذا المشروع.

على أن تكون مناقشة هذه الهيئات علنية، وتوصياتها معلنة فى وسائل الإعلام المختلفة لمشاركة الشعب بالآراء المختلفة.

ويجب أن نضع فى اعتبارنا أن الإنشاءات التى تمت فى عصرى الرئيسين السابقين السادات ومبارك لم يتم استغلالها، بالرغم من الزيادة الكبيرة فى السكان. ففى دراسة أعلنها الأستاذ إبراهيم عيسى فى برنامجه فى التليفزيون المصرى، وتم نشرها، أثبتت أن مدينة العاشر من رمضان التى أنشئت عام ١٩٧٧ واستهدفت نصف مليون مواطن، فى عام ٢٠١٨ كان سكانها ٢١٨ ألفا بنسبة إشغال ٤٤%، ومدينة ٦ أكتوبر أنشئت عام ١٩٧٩ وكان المستهدف ٦ ملايين مواطن وسكانها ٣٤٩ ألف نسمة بنسبة ٦% من المستهدف و٧٣% من العقارات بها مغلقة. والقاهرة الجديدة بنيت عام ٢٠٠٠ والهدف كان ٥ ملايين نسمة وسكانها الآن ٢٠٠ ألف نسمة، أى ٦% و٦٠% من الشقق بها مغلقة. والشروق ٧١% من الوحدات مغلقة، منها ٥٩% لم يتم تشطيبه. ومدينة بدر ٨٢% من وحداتها مغلقة، ومدينة دمياط الجديدة ٦٤% من وحداتها مغلقة، ومدينة العاشر من رمضان ٦٣% من الوحدات مغلقة. واضح من هذه الدراسة أن الإنشاءات الجديدة لابد أن يتم التخطيط لها، ولا أحد يعرف بدقة ماذا سوف يحدث فى منطقة الأزهر، وهل سوف تشمل وحدات سكنية جديدة، وما عدد المساكن التى سوف يتم إخلاؤها وكيفية الحفاظ على الأماكن الأثرية!. أعتقد أن إشراك كل الهيئات المصرية المتخصصة سوف يؤدى إلى إنجاز مشروع به أقل قدر ممكن من المشاكل والأخطاء، والقبول الشعبى للمشروع سوف يؤدى إلى نجاحه فى جميع مراحل التنفيذ.

إعادة تخطيط أحياء ومناطق سكنية قديمة وحديثة يتم فى كل أنحاء العالم، وهو خطوة مهمة.. ولكن يجب أن تتم فى هدوء وبعد دراسة كافية، وحتى إذا تأخر البدء فى التنفيذ عامًا أو عامين لاستكمال الدراسات، فسوف يؤدى ذلك إلى مشروع متميز، وفى نفس الوقت يلقى قبولًا شعبيًا يتماشى مع التوجهات بتحول مصر إلى دولة مدنية حديثة.

قوم يا مصرى.. مصر دايمًا بتناديك


قبيلة المطيعين المطوِّعين - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /29

 المتطرف المتزمت المتشدد الحرفى السلفى، المطيع لشيخه المطوِّع لشعبه، خرج من دائرة الجيتو الضيق ليكوّن ويشكل مع رفقائه فى رحلة الفاشية الدينية قبيلة تكاد تبتلع عقل البلد وروحه ووجدانه فى معدتها التى تطحن ولا ترحم، تمدد المزاج السلفى حتى بات التنمر المرتبط بالإرهاب الدينى المنتمى إلى نمط تدين محدد وليس إلى معنى وضمير دين بعينه، بات هذا التنمر وجبة يومية على مائدة المصريين، آخر مظاهر التنمر الدينى، أو بالأصح التدينى، كان مرتبطاً بكرة القدم، التنمر الأول كان على بنات مصر لاعبات منتخب كرة القدم للسيدات بعد نشر صور لاعبات الفريق أثناء مباراة كرة قدم مع منتخب لبنان للسيدات، قامت الدنيا ولم تقعد، والسبب أن البنات كنّ سافرات لم يلتزمن بالزى الشرعى أثناء المباراة!!، كيف تظهر خصلات شعر بناتنا المصريات ليطيرها هواء لبنان، فتثار المدرجات التى فيها شباب ورجال، فيصبح لحم بناتنا مكشوفاً لأحفاد الفينيقيين وراقصى الدبكة!!، ثم صرخ أبناء قبيلة المطيعين المطوعين صرخة المكلومة للمعتصم.. وا إسلاماه!!

هل كان المتنمرون الدينيون يريدون أن تنزل بناتنا إلى الملعب بالنقاب؟!، سؤال برىء وساذج وشرعى، هل نحن نتحدث عن درس فقهى أم نتحدث عن مباراة كرة قدم؟، هل الملابس التى يصفونها بالشرعية تساعد تلك البنات على الفوز أم تجعلهن يتعثرن عند أى ركلة كرة؟، هل عندما تستلم لاعبة الفريق المنافس الكرة وتجرى بها هل تركيز البنت فى ألا «تشنكلها» الجلابية أو حتى لا ينحسر الخمار فتظهر شعيرات من منطقة الجبهة، سيساعدها على اللحاق بالمنافسة وكسبها؟!، كيف ستضرب ضربة الرأس وهى مكبلة بدبابيس ولفائف؟، ببساطة ما يطلبه المزاج السلفى المصرى الذى تنمر على تلك الزهرات حفيدات إيزيس، ليس زياً رياضياً على الإطلاق، أنتم أحرار فى اعتباره من صلب العقيدة ولكن فرضه على الملاعب هو اغتيال لتلك الهواية البريئة الجميلة.

أما حملة التنمر الثانية وللأسف كلها من شباب نراهن عليه أن ينهض بعقل وروح مصر، كانت على محمد صلاح الذى كان حتى ٢٥ ديسمبر فخر العرب، وصار بعد احتفاله بالكريسماس الكافر المارق الزنديق العلمانى الصليبى الماسونى الهمايونى.... إلى آخر الإسطوانة السلفية المحفوظة المشروخة، احتفال برىء لمحمد صلاح مع طفلتيه وزوجته المبتعدة عن الأضواء، يرتدون فيها ملابس الكريسماس المبهجة تصاحبهم إكسسوارات بابا نويل الشهيرة وخلفهم شجرة الكريسماس المضيئة المزينة، حفلة بهجة مصغرة، فرحة «ع الضيق»، متعة فى زمن النكد الكوفيدى، عمل إيه الرجل حتى يتلقى من هؤلاء الضباع كل تلك السفالات والسخامات والسخافات؟، وكل شاب منهم كل إنجازه هو عدم حلاقة ذقنه ينصب نفسه مطوعاً ممسكاً بالخرزانة «يلسوع» بها أى خارج عن المعلوم من الدين بالضرورة، وطبعاً المعلوم معلومه هو، والضرورة ضرورته هو، يكتب ويقول ويهاجم ويسب ويلعن ويشتم وهو ممسك بجواز سفره ينتظر تأشيرة الهجرة لبلاد الكفار الثلجية بعيداً عن صحراء الإيمان والورع والتقوى، مستعد للزواج من عجوز أوروبية فى التسعين حتى يحصل على الجنسية، وقبل دفنها ينطقها الشهادتين ويرضى ضميره ويحجز لها الجنة، ويحجز لنفسه ميراثها، ومافيش مانع يبيع زجاجات الخمر التى كانت فى بيتها لكى يضع حصيلتها فى البنك!!، إنه النفاق الدينى والكذب وانعدام الضمير، وحصر الدين فقط فى الطقوس والملابس واللحية والجلباب، أما الحفاظ على الحقوق وتقديس العمل والإنتاج وأمانة التعامل فتلك صفحات محذوفة لم تكن فى المقرر!!، عيشوا مطيعين لعقولكم وضمائركم وطوّعوا نفوسكم وطبعوها على حب الحياة.


Saturday, December 26, 2020

شكرًا لله بقلم الأنبا موسى ٢٧/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

رغم أن العالم يعانى من جائحة «كورونا»، التى أزهقت أرواح الآلاف فى العالم فى فترة قصيرة، وداهمت بلادنا لولا يقظتها- منذ اليوم الأول- مما أضعف من آثارها علينا، فإن هذا كله يجعلنا نشكر الله، لأنه برغم من تلك الجائحة، عبر ويعبر بنا الوباء، ونحن نصلى دائمًا لله فى القداس الإلهى من القرون الأولى قائلين فى صلاة الشكر: «فلنشكر صانع الخيرات الرحوم الله.. لأنه سترنا وأعاننا وحفظنا وقبلنا إليه وأشفق علينا وعضدنا وأتى بنا إلى هذه الساعة. نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفِى كل حال..».

والقديس بولس الرسول فى عصر الرسل كان لا يكف عن الشكر لله فى كل أحواله، ويدعونا أيضًا بالشكر:

- «كُونُوا شَاكِرِينَ» (كولوسى ١٥:٣).

- «شُكْرًا ِللهِ» (رومية ٦: ١٧، كورنثوس الأولى ١٥: ٥٧، كورنثوس الثانية ٨: ١٦، ٢: ١٤، ٩: ١١، ١٥).

- «نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ» (تسالونيكى الأولى ١٣:٢).

- «اشْكُرُوا فِى كُلِّ شَىْءٍ» (تسالونيكى الأولى ١٨:٥).

- «يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ» (تسالونيكى الثانية ٣:١،١٣).

- «شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ» (أفسس ٢٠:٥)

- «شُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِى لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا» (كورنثوس الثانية ٩: ١٥).

إنها حقًا ثمينة هى كنيستنا، تجعلنا نفتخر بها وبطقوسها، وبصلواتها، والآباء الذين سلموها لنا.

فما هى هذه العطايا؟

إن عطايا الله للإنسان كثيرة ومتميزة، وهى أوسع، وأعلى بكثير مما يتصوره البشر، وهذه بعضها:

١- عطية الوجود. ٢- عطية الرعاية الإلهية.

٣- عطية الحرية .٤- عطية الخلود.

١- عطية الوجود:

أ- فنحن بإلهنا العظيم «نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال ٢٨:١٧). فالحياة هى عطية الله للإنسان «فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ» (يوحنا ٤:١)، والحركة هى عطية الله من خلال الصحة، ونقصد بالحركة مفهومها الشامل: حركة الروح نحو الله، وحركة العقل نحو الاستنارة بنوره الإلهى، والتفكير السديد، وحركة النفس بالحب نحو الآخرين، وحركة الجسد إذ يسعى الإنسان فى الأرض.

ب- أما «الوجود» (Existence)، فمعناه أن الإنسان له خصوصية الاتصال بالإلهيات: وقد قال عنه سليمان الحكيم: «جعل الله الأبدية فى قلب الإنسان، التى بدونها لا يدرك الإنسان العمل الذى يعمله الله، من البداية إلى النهاية» (جامعة ١١:٣).

ج- بمعنى أن الإنسان المؤمن يعرف معنى وجوده، ويدرك عمل الله فى الكون، ويفهم أن «الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ» (عبرانين ٣:١١). وأن الله سلط الإنسان على الأرض وما فيها، وأنه صنيعة يد الله العظيم، ومن هنا يدرك سر وجوده، كتاج لخليقة الله على الأرض، جاء ليصنع مشيئة الله، ويمجد اسمه، وبعد أن تنتهى رحلته بسلام يرجع الإنسان إلى خالقه الخالد، ليقضى الأبدية السعيدة.

د- الإنسان المؤمن يرفض المذاهب الملحدة الوجودية، والتى تقول إن «هذا الوجود لا طائل منه» (سارتر) أو «أن هذه الحياة تستحق الانتحار، ولكنى لا أفضل ذلك» (ألبير كامى). كما يرفض مذهب «العبث» لدى صامويل بيكيت الذى كان يقول: «إن الإنسان يخرج من ظلمة الرحم، ويمضى إلى ظلمة الأرض، لينتهى فى ظلمة القبر»، وذلك لأنه لم يستنر بنور الإيمان، فيعرف أن الله هو النور «سَاكِنًا فِى نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ» (تيموثاوس الأولى ١٦:٦)، وأن مصير الإنسان، بعد أن يترك الجسد وعالم الخطيئة، أن يدخل إلى أنوار الأبدية السعيدة.

٢- عطية الرعاية الإلهية:

يقول إلهنا العظيم للإنسان المحدود البسيط:

- «لاَ تَخَفْ لأَنِّى مَعَكَ» (تكوين ٢٤:٢٦).

- «فِى الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يوحنا ٣٣:١٦).

- «عَيْنَا الرَّبِّ إِلهِكَ عَليْهَا دَائِمًا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ إِلى آخِرِهَا» (تثنية ١٢:١١).

لذلك يهتف الإنسان المؤمن:

- «إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟» (رومية ٣١:٨).

- «إِذَا سِرْتُ فِى وَادِى ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِى» (مزمور ٤:٢٣).

الإنسان المؤمن يعرف أنه فى عالم يسود فيه الظلم والسحق والعدوان والضيقات والآلام، ويوسوس فيه الشيطان للبشر ليرتكبوا المعاصى، ويدوسوا الحقوق، ولكنه يعرف أيضًا أن إلهنا العظيم بار وعادل، يرفض الظلم ويعاقب عليه، فهو الذى قال لليهود قديمًا، ولا شك أنه ما زال يقول لهم حتى الآن: «وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِى الشَّرِّ، أَوْلادِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا به.. كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ.. حِينَمَا تَأْتُونَ لِتَظْهَرُوا أَمَامِى، مَنْ طَلَبَ هَذَا مِنْ أَيْدِيكُمْ أَنْ تَدُوسُوا دِورِى؟.. أَيْدِيكُمْ مَلآنَةٌ دَمًا. اِغْتَسِلُوا. تَنَقُّوا. اعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَىَّ. كُفُّوا عَنْ فِعْلِ الشَّرِّ. وهكذا طلب الرب من شعبه على الدوام.. ثم انتقل للجانب الإيجابى فقال لهم: تَعَلَّمُوا فِعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. أنْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ» (إشعياء ٤:١-١٦).

إن الدين ليس أفيونًا للشعوب، كما ادعى الماركسيون، بل هو إكسير الحياة، وصلابة الإيمان، وهو الدرع الواقية للإنسان، فى مواجهة ظلم أخيه الإنسان. وتعاليم الدين دائمًا فى اتجاه نشر الخير بين البشر، ونشر المحبة والسلام، وإعطاء الحقوق لأصحابها.

وفى النهاية يقول داود النبى عن رعاية الله لنا: «الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ». (مزمور ١٢١: ٧، ٨) (يتبع)

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


سرطان الطلاق فى مصر - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /25

 أكثر الأرقام إزعاجاً الرقم الذى ذكره اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن نسبة الطلاق فى مصر، ذكر أن آخر إحصائية قد رصدت 225 ألف حالة فى 2019 مقابل 201 ألف حالة فى 2018، أى إنه «فى مصر يحدث كل ساعة 106 حالات زواج، وفى الشهر 30900 حالة، أما حالات الطلاق فتحدث حالة طلاق واحدة كل 2 دقيقة و20 ثانية، وفى الساعة 27 حالة، أما فى اليوم فهناك 651 حالة، وأكثر من 7000 حالة طلاق فى الشهر». الرقم الذى يقول إن هناك حالة طلاق تحدث فى مصر كل دقيقتين هو رقم لا بد أن تحتشد لدراسته أجهزة الدولة ووزاراتها ومؤسساتها وجامعاتها، أساتذة علم النفس والاجتماع وأطباء الأمراض العصبية والنفسية... إلخ، لماذا انتشر الطلاق فى مصر بتلك السهولة والبساطة واللامبالاة؟

لم يعد الطلاق فقط طلاق شباب مراهق منفعل عديم التجربة، بل أصبحنا نشاهد فى محيطنا الضيق، بمعدل شبه يومى، زيجات انهارت بالطلاق بعد عشر وعشرين سنة عِشرة وأولاد، ومن الممكن أحفاد كمان! هل السبب هو ضعف قراءة الولد للبنت والعكس قبل الزواج؟ لم تعلمهما الأسرة ولا المجتمع كيفية التعامل مع شخصية البنت والولد، وهما من عالمين مختلفين تماماً، هل الأزمة هى فى ضيق مجال الاختيار بعد مرحلة الدراسة الجامعية، فأصبح مَن لم يرتبط فى الجامعة مجبراً على الرضوخ لزواج الصالونات ووساطة الخاطبة؟ هل هى الأنانية التى لا يريد الطرفان التنازل عنها، وفهم أن شراكة الزواج شرطها الأساسى أن تخصم من أنانيتك؟ هل السبب هو رفع سقف التوقعات بعد الزواج؟ هل دس أنف الأسرة المصرية فى علاقة الزوج والزوجة الشخصية جداً، وعدم السماح لهما بالخروج عن مدار الجاذبية الأمومى والأبوى، هو المخرب لذلك الرباط المقدس، أو ما كان مقدساً؟ هل هو إرهاق الطلبات المصرية السخيفة، بداية من شبكة الألماظ والنيش وصالون لويس السادس عشر والباركيه المسمار والرخام الإيطالى والبيديه البلجيكى... إلخ؟ هل غياب الحب الحقيقى ومعناه الذى يترجم عند البعض إلى مجرد الإعجاب الذى يحول العروسة إلى دمية والعريس إلى ماكينة ATM هو العامل الرئيسى فى فشل الزواج وخراب البيت؟ هل هو عدم التوافق الجنسى نتيجة الجهل بالثقافة الجنسية واتخاذ نماذج وكتالوجات وموديلات النجاح من خزانة النميمة أو من قنوات البورنو؟ هل السبب هو الأحوال الاقتصادية والمعيشية الصعبة وفرض نمط انتحارى من المعيشة التى تجعل الزوج والزوجة يكافحان فى الشارع فى أعمال إضافية حتى منتصف الليل، فيصبح البيت حلبة صراع أو معبد خرس وصمت؟ هل مجتمع المقارنات وعدم الرضا، وشوف فلان مركّب مراته عربية شكلها إيه، وشوفى علانة وارثة شاليه فى مارينا فخم إزاى، هو أول مسمار فى نعش العلاقة؟!

هل الخرس الزوجى والسكتة العاطفية للعلاقة قدر محتوم كالموت، وأن هذا الصمت الذى يشبه صمت القبور فى بيوتنا بعد فقدان الشغف والفضول والوله.. هذه الأشياء التى تتبخر بعد السنة الأولى، هل هذا من لوازم علاقة الزواج الممتدة؟ لماذا زادت نسبة الطلاق بتلك الصورة السرطانية فى مصر المحروسة، سؤال شائك يتم التواطؤ على دفنه «وطناشه»، إنها سياسة «كنس التراب تحت السجادة» التى نمارسها مع كل مشكلاتنا الاجتماعية، السرطان يا سادة لا يؤجَّل علاجه، فالتأجيل معناه مرحلة اللاعودة.

يمكنكم أن تأخذوا الاثنتين! بقلم د. وسيم السيسى ٢٧/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

منذ أكثر من ألفى عام تشير المراجع كالعهد القديم والجديد، وكتب التراث فى الهند والصين وروما القديمة، إلى عملية استئصال الخصيتين لأسباب أبعد ما تكون عن مصلحةالإنسان. كان هؤلاء الضحايا يسمون بالخصيان، وكانوا يقومون بوظيفة حراسة النساء، خصوصاً غرف نومهن. كما كانت تجرى هذه العملية كعقوبة لاعتداءات جنسية كالاغتصاب، أو كعقوبة أثناء الحرب، فبعد معركة AduwA بين إثيوبيا وإيطاليا ١٨٩٦م خصى الإثيوبيون سبعة آلاف إيطالى، حتى إنه عندما اجتاحت إيطاليا إثيوبيا ١٩٣٥م كان الفزع الأكبر لدى جنود إيطاليا هو أن يأسرهم الإثيوبيون.

فى الدنمارك ظلت عقوبة استئصال الخصيتين لمعتادى الإجرام حتى عام ١٩٧٢م!، ظهرت أوبرا فى إيطاليا ١٦٥٠م، وكان الخصيان هم أحلى المغنين وأنقاهم صوتاً، وتاريخ الأوبرا يذكر المغنى Velutti لجمال ونقاء صوته بسبب استئصال الخصيتين!. جدير بالذكر أن شرب الينسون يجعل الصوت جميلاً، ويقال لأن هذا المشروب به هورمون أنثوى اسمه الاستروجين الذى يزيل عن الأحبال الصوتية خشونتها الذكورية.

لو ذهبنا لعالم الحيوان، نجد خصى العجول للتسمين، أو الخراف لزيادة الوزن وحلاوة الطعم، وللقطط والكلاب الذكور، لمنع الإنجاب، وتهذيب السلوك الشرس، كما نجد جمعيات الرفق بالحيوان، تأخذ الكلاب والقطط الضالة وتجرى عليها هذه العملية بدلاً من قتلها أو تسميمها.

نجد فى تاريخ الطب أن استئصال الخصيتين كان عند الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا الشيخوخى، ثم اندثرت هذه العملية وذهبت إلى عالم النسيان، ولكنها مازالت تجرى حتى اليوم فى حالة سرطان البروستاتا، ذلك لأن الهورمون الذكرى بمثابة البنزين للنار للخلايا السرطانية، وفى بعض الحالات نضع كرة من السليكون فى حجم الخصية فى كل ناحية، من أجل الراحة النفسية للمريض، ولحسن الحظ، تقدم الطب بحقنة فى جدار البطن كل ثلاثة أشهر بديلاً عن العملية.

قد نستأصل خصية واحدة إذا كان بها سرطان، وفى التاريخ الطبى العالم البريطانى David Wallace استأصل خصية شاب فى إحدى الدول العربية دون أن يأخذ منه موافقة مكتوبة، فما كان من الشاب العربى إلا أن أقام دعوى ضد ديفيد والاس، فحكمت المحكمة باستئصال خصية من الطبيب المشهور، هرب عن طريق البحر، وبعد سنوات طويلة دعته للزيارة إدارة المستشفى الذى أجرى فيه العملية سابقة الذكر فاعتذر بأن عليه حكماً، قالوا له لقد سقط الحكم بعد ٢٥ سنة ونحن نعرف ذلك، ولا بد أن تحضر احتفالية مرور ٢٥ سنة على المستشفى الذى ساهمت فى تأسيسه، حضر ديفيد والاس، وفى كلمة الافتتاح قال: أنا مدان لكم بخصية نظير خصية سرطانية استأصلتها وأنقذت مريضًا، الآن يمكنكم أن تأخذوا منى الاثنتين فلم أعد فى حاجة لهما!!.


Thursday, December 24, 2020

رسائل إلى روائى شاب - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /24

 الرواية ليست طبخة يعلّمها لك شيف محترف بمجرد كتابة المقادير، وجذوة الإبداع لا تشتعل بنار الفرن، وليس هناك مايكروويف لتسوية وإنضاج الرواية، لكن من الممكن أن تنقل تجربتك كروائى، محطاتك الفنية، طقوسك الكتابية، قراءاتك النقدية، كل هذه الأشياء من الممكن أن تكون إضاءات مفيدة لأى روائى، وإذا كانت تلك التجربة بقلم روائى مثل ماريو بارجاس يوسا فهنا ستكون الفائدة مضاعفة والإضاءة هى بمثابة كهرباء السد العالى أو المفاعل النووى!، فـ«بارجاس يوسا»، أو كما يكتبها الإسبان فارجاس يوسا، هو روائى صار أشهر من وطنه بيرو، حاصل على نوبل ٢٠١٠، رواياته بمذاق سحر أمريكا اللاتينية وواقعيتها الدموية وسياساتها العبثية، من أهم ما كتبه «يوسا» كتاب صغير سماه «رسائل إلى روائى شاب»، كتاب فى غاية الأهمية سواء لمن يكتب الرواية أو يقرأها، وسأعرض لكم بعض الاقتباسات من هذا الكتاب الرائع:

«ارتابت محاكم التفتيش الإسبانية بالروايات التخيلية، وأخضعتها لرقابة صارمة، بلغت حد حظرها فى كل المستعمرات اﻷمريكية طوال ثلاثمائة سنة، وكانت الذريعة هى أنه يمكن لهذه القصص، غير المعقولة، أن تشغل الهنود عن الرب، وهو الشاغل المهم الوحيد لمجتمع ثيوقراطى. ومثل محاكم التفتيش، أبدت جميع الحكومات أو اﻷنظمة التى تتطلع إلى التحكم بحياة المواطنين، ارتياباً مماثلاً تجاه القصص المتخيلة، وأخضعتها لتلك المراقبة، وذلك التدجين الذى يسمى الرقابة، ولم يكن هؤلاء وأولئك مخطئين؛ فاختلاق القصص المتخيلة هو، تحت مظهره المسالم، طريقة لممارسة الحرية، والاحتجاج ضد من يريدون إلغاءها، سواء أكانوا متدينين أو علمانيين. وهذا هو السبب الذى دفع جميع الديكتاتوريات إلى محاولة التحكم باﻷدب، فارضين عليه قميص (الرقابة) الجبرى».

«أظن أن من يدخل اﻷدب بحماسة من يعتنق ديناً، ويكون مستعداً ﻷن يكرس لهذا الميل وقته وطاقته وجهده، هو وحده من سيكون فى وضع يُمَكِّنه من أن يصير كاتباً حقاً، وأن يكتب عملاً يعيش بعده. أما ذلك الشىء اﻵخر الغامض الذى نسميه الموهبة، النبوغ، فلا يولد -على اﻷقل لدى الروائيين- بصورة مربكة وصاعقة (وإن كان ذلك ممكناً أحياناً لدى الشعراء والموسيقيين. والمثالان الكلاسيكيان على ذلك، هما رامبو وموزارت بالطبع). وإنما يظهر عبر سياق طويل، وسنوات من الانضباط والمثابرة. لا وجود لروائيين مبكرين، فجميع الروائيين الكبار والرائعين كانوا فى أول أمرهم (مخربشين) متمرنين، وراحت موهبتهم تتشكل استناداً إلى المثابرة والاقتناع»

«قوة اﻹقناع فى رواية تسعى إلى عكس ذلك بالضبط: تضييق المسافة الفاصلة بين الوهم والواقع، وحمل القارئ، بمحو الحدود بينهما، لأن يعيش تلك الكذبة، كما لو أنها الحقيقة اﻷكثر ثباتاً ورسوخاً، وكما لو أن ذلك الوهم هو الوصف اﻷشد تماسكاً ومتانة للواقع، هذه هى الخدعة الكبرى التى تقترفها الروايات العظيمة؛ إقناعنا بأن العالم هو كما ترويه هى، وكما لو أن التخيلات ليست ما هى عليه».

«ليس مهماً فى شىء أن يكون اﻷسلوب سليماً أو غير سليم؛ وإنما المهم هو أن يكون فعالاً ومناسباً لمهمته، وهى نفخ وهم حياة -بحقيقة- فى القصص التى يرويها، هناك كتّاب كتبوا بأسلوب فائق السلامة، وفق القواعد النحوية واﻷسلوبية السائدة فى عصرهم، مثلما هو ثربانتس، وستاندال، وديكنز، وجارسيا ماركيز.. وهناك آخرون، لا يقلون عنهم أهمية، خرقوا تلك القواعد، مقترفين كل أنواع العثرات النحوية، وكان أسلوبهم يغص باﻷخطاء، من وجهة النظر اﻷكاديمية. ولم يمنعهم ذلك من أن يكونوا روائيين جيدين».

«لا يمكن لأحد أن يعلِّم أحداً الإبداع. وأقصى ما يمكن تعليمه هو القراءة والكتابة. وما تبقى يُعلِّمه المرء لنفسه بنفسه، وهو يتعثر، ويسقط وينهض دون توقف».


كل الشهور يوليو - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /23

 معظمنا يقرأ تاريخ قطع «الميكانو» أو «البازل»، قراءة دليل التليفونات الرتيبة المملة، قطع متناثرة من الأحداث هنا وهناك، ونتف أزمنة قافزة ومتجاوزة وراكبة على بعضها البعض، تاريخ أصم أبكم لا يتفاعل مع قارئه، الذى غالباً هو ساعى بريد لتلك المعلومات المشتتة، مجرد مستهلك أكول ملتهم فقد حاسة التذوق، لكن قراءة التاريخ الحقيقية هى القراءة التحليلية التى تعيد ترتيب وربط الأحداث وقراءة ما خلف السطور وما أخفته عقارب الساعة ونفوس الساسة ودسائس سماسرة الثورات، وهذا ما فعله الكاتب الصحفى الفنان إبراهيم عيسى فى روايته الأخيرة «كل الشهور يوليو»، وهو قد صعد بالقراءة التحليلية درجة أعلى فى سلم رصد التاريخ، وهى القراءة الفنية الروائية للتاريخ، التى يختبئ فيها المؤرخ خلف صياغة الأحداث المثيرة، ولكنه الاختفاء الحاضر بقوة، الذى يعلن عن نفسه من خلال حس ونفس الصحفى المحترف، الذى يقدم لك الوجبة التاريخية بكل توابل مذاقها الذى لا بد أن يحمل وجهة نظره ونكهة طعمه، لعبة «استغماية» ذكية من إبراهيم عيسى، استطاع من خلالها تجنب حمم الاحتقان التى تخرج من بركان مناقشات تلك الفترة ما بين الناصرى والوفدى والشيوعى والإخوانى والملكى والجمهورى.. إلخ، وأظنه برغم ذلك لن يسلم من تلك الحمم والنيران الصديقة، التى دائماً ما تنتهى بالخصام والعداء، كل حياتنا السياسية هى يوليو مزمن، يلتقط إبراهيم بكاميرا دقيقة بل بجهاز رنين مغناطيسى مكمن الداء فى أحشاء ممارساتنا السياسية، التى كانت ثورة يوليو أحد أعراضها وتجلياتها وليست العرض أو التجلى الوحيد، يبدأ عيسى الرواية بمشهد سريالى أقرب إلى مسرح العبث، وهو مشهد خروج يوسف صديق قبل الميعاد بلا خطة مسبقة أو ترتيب دقيق، وينجح الانقلاب الذى يتحول إلى حركة ثم إلى ثورة، تستمر الرواية فى هذا الجو بأطيافه وتنويعاته المختلفة، أحياناً طيف تراجيدى يقترب من الأفلام الهندية، وأحياناً طيف كوميدى يقترب من إسماعيل يس!! تنويعة هى ضربات القدر، وتنويعة هى مونولوجات شكوكو! يستفزك إبراهيم عيسى طوال الرواية بأسئلته وترتيبه المقصود المتعمد الفنى لقطع البازل التاريخية، أسئلة عن علاقة الأمريكان بالثورة، وعن علاقة الإخوان بها، وعن صراعات الأحزاب الصغيرة مع الوفد، عن ترزية القوانين، عن كواليس صحافة الفضائح وحملة المباخر، عن غياب التخطيط وسياسة رد الفعل، عن روح البراءة والحماس فى البعض وعن التهور والخبث فى البعض الآخر، عن سياسة الشيطنة التى تدفن الموضوعية فى مقابر الصدقة وتجعل من كتابة التاريخ «ردح حوارى» أحياناً وشجارات قرن غزال أحياناً أخرى، عن إعدام خميس والبقرى والعفو عن قتلة الخازندار، عن السودان وهل كان التنازل عنها حكمة وطنية أم نقمة وسذاجة سياسية؟! عن تعريف النقاء الثورى وهل من المسموح أن يدهس ويسحق هذا النقاء قيماً أخرى؟ عن «الستريوتيب» ومفاهيم الباشا مصاص الدماء والملك الدونجوان والإخوانى المؤمن والشيوعى المارق.. إلخ، مهما كان رأيك واتجاهك السياسى يكفى أن تخرج من تلك الرواية الجميلة اللاهثة الذكية بأن الحقيقة شىء مختلف تماماً عن رأى الأغلبية.


Tuesday, December 22, 2020

ترامب.. كيف جاء وكيف ذهب ولماذا؟ بقلم د. محمد أبوالغار ٢٢/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

يذكرنى الكثيرون بمقال كتبته قبل الانتخابات الأمريكية بشهرين توقعت فيه هزيمة ترامب خلافاً لتوقعات الكثيرين، وسعدت بسقوط ترامب كما سعد الكثيرون من سكان العالم الثالث وأوروبا الغربية وحزن لهزيمته روسيا وتركيا وبعض حكام العالم الثالث.

كان اختيار ترامب مرشحاً للحزب الجمهورى فى عام ٢٠١٦ مفاجأة كبرى للجميع لأسباب عدة أولها أنه ليس من كوادر الحزب الجمهورى، بل كان عضواً فى الحزب الديمقراطى فى فترة من حياته، وهو لم يخض أى انتخابات محلية على مستوى الولاية أو فى الكونجرس، وهو معروف بسلاطة اللسان التى لم يسبق لها مثيل وأثناء المنافسة ظهر عدد كبير من الفضائح النسائية بعضها مع عاهرات، وأعلن ذلك فى كافة وسائل الإعلام بالإضافة إلى شكوك حول الذمة المالية، وبعض من ذلك كان كفيلاً بالقضاء على المستقبل السياسى لأى مرشح رئاسى فى تاريخ أمريكا، ومع ذلك اكتسح ترامب الانتخابات الأولية وأصبح مرشح الحزب وسط ذهول الجميع.

وفى الانتخابات أمام هيلارى كلينتون توقع الجميع خسارته باكتساح ومع ذلك فاز ترامب وأصبح رئيساً.

تلت المفاجأة محاولة لفهم ما حدث، والأسباب متعددة أولها أن هيلارى كانت شخصية مستفزة متعالية وغير محبوبة شعبياً، وثانيها أن قواعد الحزب الديمقراطى وقياداته اعتبرت أن نجاحها مؤكد، ولم تبذل الجهد الكافى فى تحفيز قواعد الحزب للذهاب لصندوق الانتخابات وخاصة فى الولايات المتأرجحة. وهناك عامل نفسى أن أمريكا أصبح لديها رئيس أسود من أصول إفريقية لمدتين متتاليتين وهو أمر لم يستوعبه الرجل الأبيض، وكانت هناك حالة نفسية عامة تؤيد انتخاب رجل محافظ وأبيض. وعلى الناحية الأخرى كانت شخصية الكاوبوى المحببة الذى يفعل ما يريد ويقول ما يريد ولا يخشى التقاليد أو العيب، واستطاع أن ينال موافقه كثير من الأمريكيين البيض متوسطى التعليم، وأعلن ترامب بصوت عال آراء صادمة كان الأمريكى الأبيض يحب أن يسمعها ولكنه لا يستطيع أن يقولها خجلاً أو خوفاً.

بعد نجاح ترامب استمر بنفس سياسته وطريقة كلامه لم يخش أحداً. وكان يهاجم الجميع بعنف وألفاظ لم يسبق أن استخدمها رئيس سابق وأطلق أسماء حركية لإهانة كل الرموز وأعلن رأيه الصادم بصفاقة فى العديد من زعماء العالم ونال ذلك إعجاباً كبيراً من البيض متوسطى التعليم. واستطاع إرهاب العالم الخارجى وباع أسلحة ضخمة للعديد من دول العالم الثالث، وتناسى تماماً بعض الأفكار الأمريكية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكان الاقتصاد الأمريكى حين تولى الحكم فى صعود فاستمر ذلك وحطمت البورصة كل الأرقام الاقتصادية وأصبح واضحاً أنه لن يستطيع أحد أن يقف أمامه. وبعد عامين استطاع الحزب الديمقراطى أن ينتزع أغلبية مجلس النواب وبقى مجلس الشيوخ فى قبضة الجمهوريين. وانتهى الأمر بمحاولة عزله والتى وافق عليها مجلس النواب ولم يوافق مجلس الشيوخ ولذا فشلت المحاولة. الحكم أثناء ترامب كان شديد المركزية وتم تهميش وزارتى الخارجية والدفاع بل وتفكيك كبير لوزارة الخارجية. كان ترامب ذا مزاج متقلب وشديد النرجسية، والنتيجة أنه فصل جميع مساعديه فى البيت الأبيض مرات كثيرة ولم يتبق تقريباً أحد معه. وجاء وباء الكورونا فى نهاية عام ٢٠١٩ ولكن ترامب تجاهل الأمر خوفاً على تأثيره على الاقتصاد واستمر فى هذا الأداء السيئ تجاه محاربة الوباء حتى أصبح الأمر خارج نطاق السيطرة وحققت أمريكا أعلى نسبة إصابة ووفيات فى العالم من الوباء وظهر بوضوح الضعف الشديد فى النظام الصحى الأمريكى على المستوى العام وعندما جاء موعد الانتخابات استطاع الحزب الديمقراطى وكل وسائل الإعلام إظهار عدم كفاءة ترامب بالإضافة إلى شكوك فى ذمته المالية.

ونجح الحزب الديمقراطى فى اختيار منافس هو الأكثر يمينية فى الحزب لأنه يعلم أن أمريكا بلد محافظ واستطاع تحريك قواعده فى الولايات المتأرجحة بالإضافة إلى عمل آلية تعلن بالأرقام كل كذبة يقولها ترامب والتى كان عددها بالمئات. والنتيجة كانت فوز بايدن وحصوله على ٧ ملايين صوت أكثر من ترامب، بالإضافة إلى نسبة أكبر فى أصوات الولايات التى تحدد الفائز. لم يعترف ترامب بالهزيمة بالرغم من وضوح النتيجة وحاول بكل الطرق القانونية وغير القانونية تغيير النتيجة وفشل فى ذلك ولكنه أثار عددا كبيرا من البيض اليمينيين للتظاهر وحرض على الفوضى.

ترامب يعلم جيداً أنه لا فائدة من كل ذلك ولكنه فعل ذلك حتى ينجح فى جمع تبرعات له لكفاحه السياسى المستقبلى، وفعلاً نجح فى جمع حوالى ٣٠٠ مليون دولار، وربما يفتعل هذه الضجة لأخذ عفو من بايدن على مخالفات قد يكون ارتكبها أو ليعلن استقالته ويصبح نائبه رئيساً ويقوم بإعفائه ولكن القانون الأمريكى يعفى فقط من الجرائم الفيدرالية ولكن أى مخالفات مالية وضرائبية على شركته هى مخالفات على مستوى الولاية ولا تتمتع بالعفو.

وأخيراً هو يريد أن يستمر فى الصورة على أمل الترشح عام ٢٠٢٤ وهذه الضجة المفتعلة والكذب الفاضح قد تساعده على بقاء شعبيته بين الجمهوريين. أنصار الحزب الجمهورى يعلمون جيداً أن تغييراً كبيراً حدث فى ديموجرافيا الشعب الأمريكى وأنه فى انتخابات ٢٠٢٨ لن يكون البيض أغلبية، ولذا فهم يسعون بكل الطرق لعمل ستار من القوانين يحميهم من الأكثرية القادمة. أعتقد أن ترامب سوف يختفى من الصورة فى غضون شهور قليلة فسوف ينساه الناس وسوف يرفض الحزب ترشيحه مرة أخرى وهناك نجوم صاعدة تريد أخذ الفرصة. سمعته سوف تزداد سوءاً بظهور مخالفات مختلفة وفضائح بعد خروجه. أما حكاية أنه حصل على أكثر من ٧٠ مليون صوت فالحقيقة أن هذه الأصوات تذهب لمرشح الحزب الجمهورى بغض النظر عن اسمه. وفى تقديرى أن الحزب الجمهورى قد كسب الانتخابات فى ٢٠٢٠ فى الاحتفاظ بأغلبية مجلس الشيوخ وأعتقد أنه سوف يفوز غالباً بالمقعدين الباقيين أو على الأقل بواحد منهما فى جورجيا وبذلك يبقى على الأغلبية وقد قلص الحزب الفارق كثيراً فى مجلس النواب وكسب معظم المناصب الهامة وخاصة القضائية فى كافة الولايات وبالتالى فإن الوحيد الخاسر فى الانتخابات هو ترامب شخصياً وليس الحزب الجمهورى.

وفى النهاية أقول باى باى ومع السلامة يا سيد ترامب، ولقد أزعجتنا تصرفاتك اللاأخلاقية وكذبك المستمر بلا حدود.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك


«محمد وبسنت» وجريمة شطب الطفولة - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /21

 أكبر متعة أن تظل طفلاً، تتمتع بدهشة الطفولة، وبراءة الطفولة، وعفوية الطفولة، أكبر مكسب أن تجعل الكبار محتفظين بطفولتهم التى لا تشبع من الكشف والبحث حتى آخر لحظة، لكننا فى مصر على عكس الدنيا، نحاول ونجاهد بشتى الطرق أن نكبر أطفالنا قبل الأوان، وأن نجعلهم عواجيز بالبامبرز، نفخر بحرق المراحل، ونجبر أطفالنا على هجر مفردات الطفولة، والسباحة فى محيط المراهقة والشباب الهادر المتلاطم الأمواج منذ الـ«كى جى».

حكاية الطفلين «محمد وبسنت»، التى انتشرت كالنار فى الهشيم بواسطة السوشيال ميديا، لخصت هذا الوضع المزعج والسلوك المعيب، بل والجريمة الكارثية، لم تكن المشكلة فقط فى كلام طفل عن علاقة حب بطفلة ستتعرض للتنمر فيما بعد، وصراعه مع زميله فى الحضانة عليها، بل الجريمة هى فى تفاخر الأب وفرحته بابنه، فهو فرحان لأنه قد «خلف راجل»، يتحدث عن الحب والغرام والهيام، والمهم أنه يتخذ من ابنه مادة للهزار، ثم يتعمد نشر تلك الفضيحة على أوسع نطاق بحيث يشاهدها الملايين!

الجريمة الأكبر هى فى فرحة المشاهدين بالطفل «الأروبة»، الطفل الذى انتزع آهات الإعجاب وقهقات الفرح والانبساط، برغم أن ما شاهدناه يثير الرثاء ويستحق البكاء لا الضحك، نحن أمام ظاهرة خطيرة سببها أننا تركنا الأطفال بدون أى دعم أو اهتمام، لم نخلق لهم عالمهم الطفولى الخاص، فلم يكن عندهم بديل إلا أن يقتحموا عالمنا بكل موبقاته وخداعه وزيفه ومشكلاته وعقده.

تركنا أطفالنا بدون برامج أطفال تتحدث معهم وعنهم، تحاورهم وتستمع إليهم، تجسد أحلامهم وتحلق فى خيالاتهم، فهاجروا بسرعة إلى تمثيلياتنا وجرائمنا وعلاقاتنا غير البريئة ومشاجراتنا بدمائها ونزيفها وتجاوزاتها.. إلخ، افتقدنا حكايات الأطفال على الشاشة، تلك الحكايات التى تخلق عالماً موازياً للطفل يرتمى فى أحضانه، يعلمه ويعالج هواجسه ومخاوفه وينمى خياله وينسج أحلامه، حرمنا الطفل من كتاب وقصص الأطفال المدروسة بعناية والملونة ببهجة، القصص الجذابة والممتعة والمثقفة، ضيقنا على دور النشر فأصبحت لا تطبع كتباً للأطفال، لأنها غير مربحة، ولا تشتريها مكتبات وزارة التربية والتعليم، فتركد فى المخازن.

ألغينا مسابقات وجوائز كتاب الأطفال، كل تخصصات الأدب لها جوائز تقديرية وتشجيعية وجائزة النيل إلا أدب الأطفال، لا توجد أغنية للطفل منذ محاولات عمار الشريعى وسيد حجاب، اذهب لأى حفلة مدرسية سترى المهازل، أطفال فى سن السادسة والسابعة يغنون أغانى مهرجانات وهجر وخيانة ولوعة.. إلخ.

الأطفال تائهون، ونحن المدانون، نحن المتهمون، تركنا الطفل فى صحراء فكبر وشاخ وتجعد قبل الأوان، مجتمع لا طفولة فيه هو مجتمع مريض، مجتمع افتقد حس الدهشة والبراءة والسؤال المؤرق المزمن وشغف وفضول العين الطفولية الباحثة الكاشفة لا العين المتلصصة المتربصة، هو مجتمع ينتحر ويشيخ ويذبل، أنقذوا الأطفال والطفولة ولا تطلبوا منهم خلع طفولتهم عند أعتاب رغباتكم المريضة.


Saturday, December 19, 2020

المفهوم الصحيح للقوة بقلم الأنبا موسى ٢٠/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

تحدثنا فى العدد الماضى عن: القوة وماذا قال الأدباء عنها، وذكرنا مقاييس القوة.. ونتابع موضوعنا بنعمة الله..

أولًا: قال الكتاب المقدس عن القوة:

١- «كُونُوا رِجَالًا. كُونُوا أَقْوِيَاء» (كورنثوس الأولى ١٣:١٦).

٢- «حِينَمَا أَكُونُ ضَعِيفًا، فَحِينَئِذٍ أَكُونُ قَوِيًّا» (كورنثوس الثانية ١٠:١٢)... (إذ تعمل فىّ قوة الله).

٣- «َأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ»

(إشعياء ٣١:٤٠).

٤- «قُوَّتِى فِى الضَّعْفِ تُكْمَلُ» (كورنثوس الثانية ١٩:١٢).

٥- «لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ» (تيموثاوس الثانية ٧:١).

وقد قال أحد الآباء:

١- «طلبت من الله قوة لأعمل أعمالًا باهرة، فأعطانى ضعفًا لأتعلم الاتكال عليه».

٢- ربى.. لا تتركنى أواجه العالم وحدى، أريد قوتك معى لكى أنتصر على أتعاب هذا العالم.

ثانيًا: تفعيل القوة:

١- قوة الإنسان الحقيقية تنبع من قدرته على تغيير ذاته نحو الأفضل ونحو الآخر.

٢- قوة التوبة، والاعتذار والاعتراف بالخطأ، تملأ الإنسان بالفرح... فاحرص دومًا على استبدال الضار بداخلك بما هو مفيد.

٣- للقوة دومًا وجهان: أحدهما إيجابى والآخر سلبى، فابتعد عن السلبى، وتمسك وقم بتنمية الإيجابى.

ثالثًا: المفهوم الصحيح للقوة:

أ- القوة فى مفهوم العالم: هى ذاتية، تعتمد على قدرات الفرد فقط! ولكن هل قدرات الناس غير قابلة للتغيير؟! فالإنسان القوى جسديًا اليوم، يمكن أن يكون ضعيفًا جسديًا غدًا، تحت تأثير أى ظروف أو أى مرض مثلًا.

- كذلك القوة بهذا المفهوم هى نسبية، فكل إنسان قوى، يوجد مَنْ هو أقوى منه.. وفوق الكل هو الله!

«لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِى عَالِيًا» (جامعة ٨:٥).

- فالقوة فى المفهوم الصحيح هى فى الاعتماد على الله، وطلب عونه الدائم، لتنمية ما فينا من قدرات ومواهب.

- قال القديس بولس الرسول: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَىْءٍ فِى الْمَسِيحِ الَّذِى يُقَوِّينِى» (فيلبى ١٣:٤).

- «تَقَوُّوا فِى الرَّبِّ وَفِى شِدَّةِ قُوَّتِهِ» (أفسس ١٠:٦).

- وقديمًا قال إشعياء النبى: «يُعْطِى الْمُعْيىَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً» (إشعياء ٢٩:٤٠).

- كذلك قال حبقوق النبى: «الرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِى» (حبقوق ١٩:٣).

- ويقول سليمان الحكيم فى الأمثال: «مَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (أمثال ٣٢:١٦).

- «الرَّبُّ قُوَّتِى وَنَشِيدِى» (خر وج ٢:١٥).

- أن قوة الإنسان الحقيقية تنبع من قدراته على تغيير ذاته نحو الأفضل والاتجاه نحو الله تعالى وذلك:

١- بالتوبة والاعتراف بالخطأ.

٢- والاعتذار عن الأشياء التى أخطأنا فيها للناس، ففى كل صلاة يطلب الأب الكاهن من الناس أن يصافحوا بعضهم البعض، ربما نكون قد أخطأنا فى حق أحد.. كما يبدأ الكاهن الصلاة طالبًا من الشعب أن يسامحوه، بقوله: «أخطأت سامحونى».

٣- وأن نغفر للناس أيضًا، لذلك نصلى: «اْغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا» (متى ١٢:٦).

- وكما تعلمنا الكنيسة أن القوة فى ضبط الذات بالصوم والصلاة.

- وبالصلاة والإيمان نشعر بوجود الله معنا، الذى هو مصدر قوتنا الحقيقى.

- قوة الإنسان ظهرت فى قصة إبراهيم الجوهرى، الذى رد الإساءة بالخير، عندما شكا له أخوه من مضايقة أحد زملائه له، فرد الإساءة بعمل الخير! قارن بين موقف الاثنين ومَنْ هو الأقوى حقا؟!

رابعًا: كيف نواجه القوة بطريقة إيجابية؟

ببساطة إن وجود الله تعالى فى حياتى ستكون له النتائج الإيجابية، والعكس صحيح.. فمثلًا:

أ- القوة الجسدية: أساعد الآخرين ولا أؤذيهم.

ب- القوة العقلية: تقديم اختراع يفيد البشرية، ولا ندمر به الآخرين «ألفريد نوبل»، (الذى لم يقصد التدمير) فقد اكتشف الديناميت لتفجير الصخور، فبدأ الناس يفجرون به بعضهم بعضًا، مما أشعره بندم شديد!! وكذلك قراصنة الكمبيوتر وزارعو الفيروسات مثلًا.

ج- القوة النفسية: ضبط النفس بدلًا من التهور.

د- المال: أساعد الآخرين ولا أسرق مجهود الآخرين أو أستغلهم.

خامسًا: كيف أمتلك شخصية قوية؟

الشخصية القوية ما هى إلا نتاج كل العوامل السابقة.

وأهم شىء تتضح فيه قوة شخصيتك هو قراراتك مثل: اختيار الأصدقاء- القدرة على تغيير العادات الضارة- تطوير الذات- أسلوب التعامل مع الآخرين- تقول لا للخطأ- وضبط النفس.

للقوة دائمًا وجهان أحدهما إيجابى والآخر سلبى: والإنسان المتدين يحاول دائمًا الابتعاد عن الاتجاه السلبى، ويتمسك بالإيجابى.

ختامًا.. الآن اجلس مع نفسك، وراجعها سائلًا إياها:

هل صححت يا نفسى مفهومك عن القوة؟

ولا تنس أنك إن غيرت مفهومك، بالتالى سيتغير سلوكك أيضًا! ولنظهر معًا للعالم مفهومًا جديدًا للقوة.

فليجلس كل منا مع نفسه ثانية، ولكن لكى نعرفها هذه المرة، ونكتشف ما فيها من مواطن القوة الحقيقية، ولنفكر فى كيفية استغلالها بطريقة إيجابية.

إن عشت القوة بمفهومها الصحيح، لن تكون بمعزل عن العالم، بل سيساعدك ذلك على الحياة الناجحة فى العالم. والرب معك.

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


حزن غير محتمل - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /19

 ما إن حررت الرواية من غلاف السيلوفان وتابعت سطورها الأولى التى تقول:

«فى مدينة «أ»، انتحرت ليلة السبت الماضى ربة منزلٍ تبلغ من العمر واحداً وخمسين عاماً بعد أن تناولت جرعةً زائدةً من الحبوب المنومة»، والآن، مرت ستة أسابيع منذ أن ماتت أمى، وأنا أريد أن أبدأ العمل قبل أن يتحول الاحتياج إلى الكتابة عنها، الذى شعرت به بقوةٍ يوم دفنها، إلى عجزٍ متبلِّدٍ عن الكلام. وقد كان هذا العجز هو ما استقبلت به خبر انتحارها. نعم، البدء فى العمل، لأن الاحتياج لأن أكتب شيئاً عن أمى، حتى ولو كنت أشعر به فى بعض الأحيان مفاجئاً ودون مقدمات، إلا أنه فى الوقت نفسه رغبةٌ غير محددةٍ تحتاج إلى أن أبذل كل طاقتى فى العمل حتى لا أدق على الآلة الكاتبة دائماً، وأكتب الحرف نفسه على الورقة. هذا العلاج الحركى وحده لن يفيدنى، سوف يجعلنى فقط أكثر سلبيةً وأكثر تبلداً. يمكننى أن أسافر أيضاً، ففى السفر، أثناء الرحلة، لن يثير أعصابى شرود ذهنى المضطرب وتكاسلى».

ما إن فعلت هذا حتى ظللت أقرأ الرواية حتى التهمتها فى جلسة واحدة بدون توقف، «حزن غير محتمل» للروائى النمساوى بيتر هاندكه الحاصل على جائزة نوبل ٢٠١٩، عمل فنى تصنيفه صعب، ووضعه فى إطار أدبى سابق التجهيز أمر يكاد يكون مستحيلاً، فهو ليس رواية بالمعنى المفهوم الذى تعودنا عليه، لكنه سيرة أم الروائى نفسه كتبها هاندكه بعد انتحارها بأسابيع، لكنها ليست سيرة تقليدية ببداية ووسط ونهاية وسرد تصاعدى كلاسيكى، لكنها صراع الروائى نفسه مع اللغة التى سيكتب بها ويعبر عن مشاعره تجاه الأم نفسها وتجاه الأدب والفن عموماً، دهشة القارئ ستأتى من أنه سيكتشف أنه فى النمسا كان يوجد فقر فى مناطق الريف هناك، والأم عاشت طفولتها مع جدة فى تلك الظروف قبل الحرب العالمية الثانية، سرد هاندكه لرحلة الأم سرد بديع، والتقاطه للتفاصيل ينم عن عين ذكية وفضولية بامتياز، والده لم تتزوجه، ومن عاشت معه بعد ذلك ليس والده، حكاياته عن زوج الأم السكير وعلاقته المرتبكة بالأم من أقوى مناطق الكتاب، تحولات الأم من الخجل والتشرنق، إلى السخرية والاقتحام، بدايات تدهور الذاكرة وشعور الوحدة فى النصف الثانى من الكتاب من أروع ما قرأت عن خرف الشيخوخة، ثم انتحارها فى النهاية بمائة قرص منوم، ثم وصفه المباغت المدهش الصادم لذلك الانتحار بأنه فخور به، يجعلك كقارئ تصنع المسافة التى كان يريدها الكاتب ونجح فيها، مسافة الحياد بينك وبين العمل برغم شحنة العاطفة الموجودة فى القصة أو السيرة، كتاب لا بد من قراءته على عدة مستويات، نص بديع لكاتب مدهش، الكتاب صادر عن دار العربى للنشر.


أريد طفلاً معكِ لا منكِ! بقلم د. وسيم السيسى ١٩/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

هل الحب ضرورة للإنسان وبدونه تضطرب حياة الإنسان اضطرابًا شديدًا؟. قد يعوض غيابه بالثروة أو الشهرة، أو الجنس الآخر، ولكن دون فائدة.

كان العقاد يقول: الحب ليس بالغريزة وإن كانت الغريزة أحد عناصره، ولكنها غريزة على نطاق التخصيص والتمييز، إنسان بعينه لإنسانة بعينها.

أما الدكتور محمد حسين كامل، فكان يرى أن الحب مثل فيتامين C لا نحس بالحاجة إليه، ولكن بدونه الموت المؤكد جسمانيًا أو معنويًا إذا كان حبًا. ملحوظة: الفيتامين الوحيد الذى لا يصنعه الجسم هو فيتامين C.

بول إلوار «شاعر فرنسى مؤسس الحركة السريالية ١٩١٦» يقول: العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تكون ETRE أى كينونة وليست AVOIR أى ملكية، فأنت لا تمتلك من تحب وإلا فقد شيَّئته أى جعلته شيئًا!.

يقول هيرمان شوارتز فى كتابه سيكولوجية الحب: ممارسة الجنس فى وجود الحب، كأنهما ولدا من جديد، بينما فى غياب الحب يحسان بالإعياء والندم!. بل إن ممارسة الجنس بين زوجين فى غياب الحب إنما هو مدنس للعفة وبالتالى للزواج!. لذا قالوا إن الجنس هو لغة الجسد للتعبير عن الحب. لذا يمكن المرأة فى الخارج أن تطلب الطلاق بدعوى تحت مسمى: HE IS USING ME. كان أحد الفلاسفة يقول: على الزوج أن يقول لزوجته: أريد طفلًا معك ولا يقول لها: أريد طفلًا منك، لأن طفلًا منك معناها: أنتِ وسيلة ولستِ الغاية.

لماذا نقع فى الحب؟.. رأيتها فأصابتنى صدمة كهربائية أو «رصاصة فى القلب»!. حاول العلماء معرفة السبب، لماذا هى بالذات أو هو بالذات؟. مدرسة فرويد تقول إنه شكل الأم، ولكن ثبت خطأ هذه النظرية، أما العالِم ALFRED BINET فقد جاء بنظرية FETISHISM أى التأثر فى الطفولة برائحة عطرها.. قوس حواجبها، موسيقى صوتها، نظرة عينيها، يظل هذا التأثر كامنًا فى اللاوعى أو اللاشعور، حتى يلتقى بها أو تلتقى به، فتحدث الصدمة الكهربائية أو الحب من أول نظرة!.

روبرت YERKES أجرى تجاربه على الشمبانزى، فوجد أن هناك اختيارا جنسيا من الذكور للإناث، وكان هذا الاختيار يعتمد على عوامل منها شكل الوجه!. قال لى أحد الأزواج: زوجتى باردة! هل الفياجرا تنفع معاها؟. تذكرت كلمات سيمون دى بوفوار: ليس هناك نساء باردات! هناك رجال حمقى!. قالت لى زوجة: طرف لسان زوجى إذا قطعته وألقيته فى نهر النيل، يجعل طعم الماء مرًا على ملايين!.

قارن هذا برجل يقول لزوجته: حين رأيتك أول مرة.. رأيت الفردوس لحظة، وعرفت أنى مقصىٌّ عنه ما لم أتحد بك!.. لا أذكر اسم القائل.

كان هارولد ELLIS أحد أساتذتى فى إنجلترا، وكان يحاضر فى إصابات الكلى بالميكروبات المختلفة، وكان هناك خطأ فى الكتابة!، بدلًا من كلمة ORGANISMS أى ميكروبات، كانت مكتوبة: ORGASMS والأورجازم هو قمة النشوة أو عاصفة المخ الكهربائية عند المحبين، فما كان من هارولد إلا أن قال: سكرتيرتى جميلة جدًا كما ترون، ولكنها ضعيفة جدًا فى الكتابة، ولا أدرى لماذا اختارت هذه الكلمة الخطأ؟، ربما لأنها متزوجة حديثًا وكانت تفكر فى الأورجازم!!، ونضحك وتضحك السكرتيرة معنا!!.


هل سينجح التجريس فى إنقاذ المتحرش؟ - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /18

 فى باكستان التى نتهمها بأنها تسير نحو الدولة الدينية صدر قانون بإخصاء مرتكب الجريمة الجنسية، ونحن هنا فى مصر نسمح لأحد المحامين بأن يطلب من الناس علانية إرسال فيديوهات فاضحة لفتاة تم التحرش بها لكى يستخدمها فى الدفاع عن موكليه المتحرشين، بل ويبرر الجريمة بأن ملابسها قد أثارت الشباب الكيوت فضعفوا وفعّصوا فى جسدها نتيجة تلك الملابس!! لا بد أن نفهم مبدئياً أنه لا يوجد أى مبرر للتحرش، عبث وخداع ودجل أن تبرر بأن البنت تسير فى الشارع فى وقت متأخر لذلك حلال التحرش بها، أو تلبس فستاناً قصيراً فمباح التحرش بها، أو تشرب شيشة أو بتحب فلان... إلخ، كل هذا الكلام هو شأنها الخاص ومساحتها الخاصة، وحتى لو حضرتك تراه خطأ من وجهة نظرك فهذا لا يبيح لك تحت أى ظرف أن تقتحمها أو تتطفل على تلك المساحة من الخصوصية، مجرد التطفل مرفوض، فما بالك بسفالة التحرش اللفظى أو الجسدى.

مَن منحك المبرر من رجال الدين من قبل يجب محاسبتهم اجتماعياً حتى ولو رحل بعضهم، من قال لك إن من لم ترتدِ الحجاب فقد تنازلت عن حقها وحلال عليها نظراتنا المقتحمة يجب محاسبته ورفض كلامه، ومن قال إن مشية تلك الفتاة حاسرة الرأس فيها إلحاح على طلب التحرش، يجب محاسبته ورفض كلامه، وأيضاً المحامى الذى يستخدم سياسة التجريس للفتاة التى تم الاعتداء عليها لإنقاذ المتحرشين، يجب محاسبته هو الآخر، فمغازلة المزاج السلفى المتزمت والمتطرف للبعض، واللعب على الوتر الجنسى المكبوت والمحتقن عند بعض المرضى هو لعب بالنار، ونحن لا يجب تقييفنا وتظبيطنا على مقاس وكتالوج وهلاوس هؤلاء المرضى، وحكاية الملابس المحرضة على التحرش هى وهمٌ وخديعة كبرى من قبيل الضلالات، وليست حكاية السيدة المنقبة التى اغتُصبت فى مقابر الإسماعيلية ببعيدة، فبرغم سواد الملابس وكثافتها وإحكامها من شعر الرأس حتى أخمص القدم، تم اغتصابها من بعض المرضى بكل وضاعة ووقاحة وأمام زوجها، لم تكن ترتدى الهوت شورت أو المينى جيب، لكنه الخلل العقلى والمرض الاجتماعى الذى جعل مجتمعاً يتعامل مع الأنثى على أنها كتلة لحم مهيجة، وهبطت بالعقل الذكورى من جدران الجمجمة إلى غلاف غدة البروستاتا!، لا تسمحوا بسياسة التجريس واستخدام السوشيال ميديا والتكنولوجيا الحديثة للضغط على البنات وإفزاعهن وبث الرعب فى قلوبهن حتى يمتنعن عن تقديم البلاغات فى المتحرشين السفلة، يجب تشجيع البنات على أخذ حقوقهن بالقانون، وعدم الاستهانة بمثل هذه البلاغات أو محاولة «لمّ الموضوع» ورفع شعار «إكفى ع الخبر ماجور»، والسؤال: هل توافق نقابة المحامين على هذا الأسلوب فى الدفاع؟ وهل يتوافق التجريس مع العدالة معصوبة العينين؟.


Thursday, December 17, 2020

ملاحظات على لغط اللقاحات - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /17

 اللغط الشديد حول اللقاحات الجديدة لكوفيد ١٩ والذى يصل أحياناً إلى حد الشجار وتبادل الاتهامات بالعمالة والخيانة... إلخ، كل هذا أراه طبيعياً وله أسبابه ومبرراته، وهو ناتج عن غياب فهم آلية البحث العلمى، وكيف أثّرت الكورونا على المستقر والبديهى أو ما كان بديهياً فى تلك الآلية، لكن ما هو الجديد الذى خلق هذا اللغط وتلك العصبية التى وصلت إلى حد الهستيريا؟ هذه هى بعض الملاحظات لتلمُّس المبررات:

• كل الأعراض الجانبية التى ذُكرت فى الأخبار العالمية لكل اللقاحات، بداية من الحساسية وحتى التهاب أعصاب الوجه... إلخ، من الممكن ومن الوارد أن تحدث فى كل الأبحاث العلمية الفارماكولوجية، لكن الفرق أنها تكون أثناء التجارب، ثم من الممكن تفاديها وتلافيها فيما بعد، المشكلة أن كل المراحل فى كل اللقاحات والأدوية السابقة كانت تحدث فى المعامل وفى سكون وصمت وهدوء، إلى أن تخرج النتائج النهائية، لكن المشكلة أننا جميعاً «بنتفرج ع المراحل دى ع الهوا لايف»!! أقرب تشبيه لما يحدث الآن أنك بدلاً من جلوسك فى صالون مركز صيانة وإصلاح سيارتك، تغادره لتدخل مع العمال وهم يفككون سيارتك، فتشاهد معهم على الهواء مباشرة مراحل التجربة والخطأ أثناء الصيانة، تشاهد فشلاً أو عدم توفيق مرة أو مرتين، ينخلع قلبك وهم يبحثون عن جزء ضاع فى زحمة الشغل، إلى أن تطمئن أنهم عثروا عليه... إلخ، لا بد أن تنتظر وتشاهد اللقاح أو الدواء فى النهاية، فلا يجب على المدعوين أن يشاهدوا عروسة أثناء مراحل مكياجها ولكن عليهم رؤية الصورة النهائية فى حفل الزفاف!! الضغط السياسى والهستيريا العالمية والآلة الإعلامية والسوشيال ميديا الرهيبة... إلخ، كل هذه الأشياء مثَّلت عامل ضغط رهيب ومرعب على العلماء وجعلهم «متسربعين» وجعلهم يتنازلون عن جزء من الصرامة والوسوسة والالتزام بعدم حرق المراحل تماشياً مع ظروف سياسية أو مراعاة لعوامل اقتصادية... إلخ، وهذا خطأ بل خطيئة، لا توجد ظروف ملائمة لكى يسمح المجتمع للأبحاث أن تأخذ وقتها، ببساطة لأن العالم لم يعد يتحمل انهياراً اقتصادياً أكثر من ذلك، ومفهوم العالم القرية الصغيرة مات ليحل محله العالم الجيتوهات الصغيرة، السفر صارت عليه ضوابط مرعبة أصابت حركة النقل والترحال بالشلل، فصارت كل دولة تنسج شرنقتها حولها وتسكن فيها.

هذا موقف يقفه العالم لأول أمام وباء لعدة أسباب:

• كل الأوبئة السابقة حدثت فى زمن ما قبل ضغوط السوشيال ميديا وسرعة انتقال المعلومة بالفيمتوثانية، مما ضاعف الهلع مليون مرة، وهذا أيضاً مثّل عامل ضغط وكرباج توتر.

• طال الوباء بلاداً كانت تظن أن اتساع المحيط يعزلها مثل أمريكا التى لم يجتحها الطاعون أو الإنفلونزا أو الكوليرا بدرجة مثل درجة اجتياح أوروبا وآسيا، وهنا حدثت الكارثة حين صارت أقوى بلاد العالم هى أكثر البلاد إصابة، وهذا خلق صدمة الرعب، فأمريكا هى أكثر مجتمع لديه إمكانيات أبحاث طبية فى العالم، وأن يصاب هذا السيستم بالارتباك والحيرة والأهم بالخوف، فهذا أيضاً مثّل عائقاً كبيراً.

• انكشفت ثغرة مرعبة فى علم الطب وهى الاهتمام بالتخصصات المشهورة المعروفة على حساب تخصصات مثل الصحة العامة والأوبئة والفيرولوجى... إلخ، وهى تخصصات فى منتهى الأهمية، بل هى القوة الدافعة للطب، وصار التقدم فى الليزر والمناظير... إلخ على حساب العلوم الأساسية التى تدرس صحة الشعوب ككل وليس كأفراد، وللأسف شركات الأدوية فى النهاية ليست جزراً منعزلة، لكنها ترس فى آلة اقتصادية عالمية، حتى الـFDA من الممكن أن تتعرض لضغوط برغم دقتها الشديدة، لأن الدول تنهار اقتصادياً بسبب الكورونا، وعروش السياسيين والأحزاب تتهاوى نتيجة توقع الشعوب للمعجزات منها، لذلك أمسك السياسيون بالسوط ليجلدوا العلماء ويحرقوا مراحل البحث العلمى ويختصروا وقت التجارب على الحيوانات ثم على البشر فى phase3، فصارت الطبخة العلمية «مش مستوية» على نار التجارب الطبية الهادئة المتروية والتى تحتاج إلى سنوات، خاصة فى مجال الفاكسينات، لأن عيب أو صعوبة أبحاث اللقاحات أو الفاكسينات هى أنها تجرى على أصحاء، لذلك فهامش الأعراض الجانبية لا بد أن يكون فى منتهى الضيق، للأسف العلماء معذورون، وأيضاً الدول معذورة ومذعورة ولهم كل الحق.

كازانوفا الدعاة من غزوة الصناديق إلى غزوة النكاح - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /16

 ما إن نشرت «الوطن» بورتريه حول أحد الدعاة الذى تزوج ثلاثين مرة، حتى هوجمت الجريدة من لجان الإخوان الإلكترونية وذباب السوشيال ميديا الداعشى، وانضم إليهم داعية شاب شهير محسوب على المؤسسة الدينية، واصفاً زوج الثلاثين بأنه قدوة وبأنه حر يفعل ما يشاء طالما فى الحلال!!، حصر القضية فى مجرد الحلال والحرام، واختزالها فى معادلة حسابية أوتوماتيكية، ما دامت صحيحة فهى مباحة، تستيف أوراق الحلال بطريقة «مش الشرع حلل لى أربعة، إيه المشكلة، أرتبها صح وخلاص»!، خلاص سأطلق الرابعة كل سنة لتحل محلها أخرى، صغيرة وبضة وكاعب، وأهو كله فى الحلال، يتصرف وكأنه يغير حذاء أو ملابس داخلية.

منظومة الجوارى والسبايا ما زالت تسكن تلافيف الدماغ وجنبات الروح وتسبح مع كرات الدم، كازانوفا الدعاة ليس شخصاً بل هو منظومة فكرية، تتاجر بالدين وتسوق القطيع بكرباج التراث وفزاعة العقاب الجهنمى الذى يملكون هم فقط شفرته ومفتاحه، المرأة لديهم بضاعة ليس لها إلا غزوة النكاح، كما الشعب بضاعة ليس لها إلا غزوة الصناديق!!

التقية والكذب والخداع هى أدوات تجارتهم الدينية، يخرج كازانوفا ليقول للناس إن «نسوان» الدنيا دول فالصو، ويدلك غدتهم الجنسية بأحلام وأوصاف الحور العين، وكأنه يعرض عليهم فيلم بورنو من القمر الصناعى التركى، لترى الجمهور يتلظى على نار الشهوة، وهو يملأ خزانته من بنكنوت الغلابة المتهيجين.

ولماذا يا شيخنا الجليل لم تبتعد عن الفالصو، واعتزلت الدنيا الفانية الرخيصة انتظاراً للحور العين ذوات السيقان اللاتى تظهر من خلف بياضهن الشرايين؟!

وبغض النظر عن أن وصفك لشرايين تلك الساق النسائية التى أنت مغرم بها، بينما أعتبرها أنا وغيرى من المواطنين الطبيعيين وصفاً جيداً لمرض الدوالى!!، بغض النظر عن مقاييسك الجمالية، إلا أن المدهش هو تعاملك «الكلينيكسى» مع النساء، المرأة منديل كلينيكس يلقى فى سلة القمامة بعد أول استعمال، ثم نبدل بأخرى على الزيرو من أجنس سيدات الفالصو، فنحن ليس لدينا وقت للصيانة وقطع الغيار!!

للأسف ما زال الناس مخدوعين فى هؤلاء السماسرة، ما زال لهم أتباع بالملايين، ما زال هناك من هو مستعد لتفجير نفسه فى عمل انتحارى من أجل إرضاء هؤلاء الدعاة أصحاب البوتيكات الدينية، وتنفيذ فتاوى ملاك بازارات الحقيقة المطلقة، لا حل إلا بتقديم البديل العلمى والتاريخى والفنى، الذى يرتفع بعقول الناس ويهذب أرواحهم، فيصبح التعامل مع المختلف جنساً أو ديناً أو لوناً، تعاملاً راقياً مهذباً وإنسانياً، السؤال: ألم يحِن أوان اليقظة بعد من تأثير ذلك المخدر المغيب؟!


Monday, December 14, 2020

تجديد متحف الفن الحديث.. وتكريم وحيد حامد بقلم د. محمد أبوالغار ١٥/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 الفن والثقافة هى روح مصر وقلبها النابض، والأعمال التى قدمها كتاب مصر وشعراؤها وفنانوها فى السينما والمسرح والموسيقى والفن التشكيلى أعمال خالدة تضع مصر فى الذاكرة دائماً. هذه الأعمال يشاهدها مئات الملايين ويقرأها كل من يعرف العربية والكثير منها ترجم إلى لغات العالم كلها.

متاحف الخليج التى أنشئت حديثاً وصرفت عليها مبالغ طائلة وصممت بطريقة حديثة تعتمد أساساً على الفن التشكيلى المصرى وقاعات المزادات فى لندن ودبى يباع فيها الفن المصرى من جيل الرواد بمبالغ طائلة. فمهما تدهورت أحوال مصر الاقتصادية والتعليمية مازال تاريخها هو الأهم والأعظم بدءاً من الحضارة الفرعونية التى أذهلت ومازالت تذهل العالم كله، ونهضتها الثقافية منذ بداية القرن العشرين.

فى الفترة الأخيرة كانت هناك عدة نشاطات ثقافية مبهجة أسعدتنى وأشعرتنى بأن هناك أملا بأن نعود إلى سابق تفوقنا فى مجالات الثقافة المختلفة.

أعيد افتتاح متحف الفنون الجميلة فى مجمع الأوبرا الأسبوع الماضى، وذهبت لمشاهدة العرض فى صباح اليوم التالى، وسعدت جداً بأن المتحف أصبح فى صورة مختلفة تماماً بعد أن كان مهملاً لفترة طويلة، ثم مغلقاً لفترة أخرى. تم تحديث الإضاءة وهى أمر مهم فى المتاحف الفنية، وتم عرض ما يقرب من ٩٠٠ عمل فنى، جزء كبير منها من أعمال لم يسبق عرضها للجمهور من قبل، وكانت حبيسة المخازن، وجزء منها لفنانين غير معروفين حتى للخبراء، أنتجوا أعمالهم فى النصف الأول من القرن العشرين وبعضهم شديد التميز ولكن لم تكتب له الشهرة. من بعض الأعمال التى كانت حبيسة تمثال كبير للفنان العظيم محمود مختار وتمثالان صغيران للنحات السكندرى إبراهيم جابر الذى زامل محمود مختار وفاز بجائزة معرض باريس فى عشرينيات القرن الماضى ولكن اسمه اختفى من الذاكرة المصرية ولم يسبق عرض أعماله فى المتحف.

الدور الأرضى خصص للرواد المصريين، وهم الجيل الأول، وبعض من الجيل الثانى، مثل أعمال راغب عياد ويوسف كامل وآخرين، وهناك مجموعة متميزة من أعمال النحت المتميزة فى عرض جيد فى وسط القاعة. والدور الثانى خصص لجيل الوسط من فنانى ثلاثة عقود من الأربعينيات حتى الستينيات وبه أعمال الجزار وحامد ندا وسمير رافع وإنجى أفلاطون وغيرهم. والدور العلوى به أعمال الفنانين من جيل السبعينيات وحتى الآن.

مبنى المتحف لم يكن أصلاً مصمماً لإقامة متحف، ولذا فإن هناك بعض المشاكل فى العرض خارجة عن إرادة وقدرة الذين قاموا بالعمل.

أقترح أن يتم وضع خطة دورية لرفع بعض الأعمال واستبدالها بأعمال من المخازن، وذلك حتى تتاح فرصة لمشاهدة الأعمال النادرة الموجودة بالمخازن. وأقترح تخصيص قاعة لعرض جميع أعمال أحد كبار الفنانين الموجودة فى المخازن على أن يترك العرض على الأقل أربعة شهور، وتتم إعادة العرض بفنان آخر، وهكذا. وأقترح أن يتم طبع كتالوج للأعمال الموجودة بالمتحف وبالتأكيد عدد الأعمال أكبر بكثير مما يتيحه كتالوج، ولذا فلنبدأ بعرض أعمال الرواد من مقتنيات المتحف ويضاف إليها الأعمال المعارة إلى جهات حكومية مثل السفارات ومجلس الوزراء وغيرها. ثم بعد ذلك يصدر كتالوج بالجيل الثانى. ومن المهم أن تقوم الهيئة بعمل الدعاية الكافية عن المتحف لدعوة الزوار، ويجب تنظيم زيارات لرحلات المدارس من مختلف الأعمار مع تخصيص مشرف ليشرح للتلاميذ أهمية ما يشاهدونه حتى يتذوقوا هذا الفن الرفيع ويعتادوا عليه.

الشكر خالص للقائمين على الفنون التشكيلية من وزارة الثقافة ومدير المتحف والمشرفين عليه.

وأنا فى طريقى لزيارة المتحف شاهدت الأعمال تجرى على قدم وساق لبناء ديكورات خارج مبنى الأوبرا لإقامة مهرجان القاهرة السينمائى. والحقيقة أن العام الماضى كان المهرجان متميزاً وإسناده إلى السينمائى محمد حفظى كان فكرة موفقة. معظم مهرجانات السينما فى العالم تم إلغاؤها هذا العام بسبب وباء الكورونا باستثناء مهرجان فينيسيا، وحسناً أن مهرجان الجونة تمت إقامته وكان ناجحاً بقدر ما سمحت به ظروف الكورونا العالمية والمحلية وكانت شجاعة من وزارة الثقافة إقامة المهرجان فى هذه الظروف. وكانت لفتة عظيمة أن يتم تكريم الكاتب والفنان الموهوب وحيد حامد الذى أمتعنا كثيراً بكتاباته وأفلامه وفكره المتفتح الرائع، فله التحية والتقدير وألف مبروك.

حضرت فى هذا الشهر حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية وكان أمراً جيداً استمرار المهرجان هذا العام. وقد تم تشييد مسرح كبير مفتوح فى الهواء الطلق وكان تصميمه جيداً وكان التنظيم رائعاً، طبعاً ساعد المسرح المفتوح على تواجد الجماهير بدون خوف كبير من الكورونا وطبعاً اتخذت الإجراءات الوقائية. وأعتقد أنه من الصعوبة الآن المطالبة بتنشيط الحركة المسرحية، فى الظروف الحالية وصعوبة وخطورة العمل فى الأماكن المغلقة لأعداد كبيرة من الناس، حيث إنه يبدو أن الكورونا سوف تستمر معنا لنهاية عام ٢٠٢١، فأعتقد أن وزارة الثقافة عليها أن تعد العدة من الآن لعروض فى مسارح وقاعات مكشوفة بدءاً من شهر مارس حين يبدأ تحسن الجو.

من الأمور التى تستحق التهنئة أيضاً هى انتظام صدور مجلة إبداع، وهى مجلة قديمة توقفت فترة ثم ظهرت فى ثوب متميز، وقدمت طفرة متميزة فى الأدب والثقافة تحت قيادة المبهرين إبراهيم داود وهشام أصلان. العدد الأخير به ملف نادر عن تشيكوف كتبه جرجس شكرى، وملف بديع عن الحراك الاجتماعى والنثر فى مصر، بالإضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة والقصائد الشعرية.

تحية للوزيرة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، والعاملين بالوزارة على هذا النشاط، ومبروك علينا متحف الفن الحديث.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.


Sunday, December 13, 2020

مفهوم القوة.. «لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: «بَطَلٌ أَنَا» (يوئيل ١٠:٣) بقلم الأنبا موسى ١٣/ ١٢/ ٢٠٢٠ - المصري اليوم

 

- هذه الآية وردت فى سفر يوئيل، بالتوراة (العهد القديم): «لِيَقُلِ الضَّعِيفُ بَطَلٌ أَنَا» (يوئيل ١٠:٣). وطبعًا ذلك بنعمة الله خالق الكل، ومدبر الجميع.

- وهى تهدف إلى رفع معنويات أى «ضعيف». والحقيقة أننا «كلنا ضعفاء» إذ تتنوع الضعفات من الجسد إلى النفس، إلى الروح، إلى العلاقات الاجتماعية، إلى التعامل مع من نتصور أنهم أعداء، ولا عدو لهم ولنا إلا إبليس!

ماذا قال الأدباء عن «القوة» و«تفعيلها»، وما مقاييسها؟

أولًا- قالوا عن القوة:

١- مصدر قوتك هبة من الله تعالى، فأحسن استغلالها.

٢- القوة الحقيقية من الله تعالى، وطلب عونه الدائم، لتنمية ما فينا من قدرات.

٣- كم من أناس ظنوا أنهم أقوياء، لكنهم ضعفاء جدًّا؛ لذلك لا تكن منهم!!.

٤- كم من أناس كانوا أقوياء.. فى إيمانهم وأفعالهم؛ لذلك كن واحدًا منهم.

٥- مصادر ومظاهر القوة عديدة، وتختلف من شخص لآخر.

٦- اكتشف مظاهر قوتك المعطاة لك من الله، واعمل على تنميتها.

ثانيًا- مقاييس القوة:

١- يتباهى الفتيان والفتيات دائمًا بقوتهم، ودائمًا يحاول كل فرد أن يثبت للآخرين، ولنفسه، أنه أقوى

من الآخرين.

فالفتيان بعضهم يستعرض إمكانياته الجسدية، لإظهار قوته، فى حين يستخدم البعض الآخر صوته العالى أو إمكانيات والديه المادية أو ذكاءه ونفوذ والديه فى التعامل مع المواقف المختلفة، أو العلاقات الاجتماعية لوالديه.. إلخ.

كذلك الفتيات يستخدمن دائمًا مظهرهن، وصوتهن، وإمكانيات والديهن المادية والاجتماعية والثقافية، لإثبات قدراتهن على الانتصار.

ومن هنا لا بد أن نشعر بأهمية استغلال الإمكانيات والمواهب التى يعطيها لنا الله، فهو تعالى مصدر قوتنا الحقيقى، وهو وحده يستطيع أن يحول مواهبنا، وإمكانياتنا، مهما كانت كثيرة أو قليلة، إلى خير لحياتنا، وللأسرة والمجتمع بل الإنسانية، وبدون الله تعالى يمكن أن تتحول مصادر قوتنا إلى وسائل نهدم بها حياتنا، وقد نهدم حياة الآخرين.

لعلنا نسأل أنفسنا مثلًا من الطبيعة: هل الزلازل أم البراكين أم تسونامى أم الفيضانات- نشعر أنها الأقوى؟!

وما الحيوانات التى نشعر أنها الأقوى؟ هل الديناصورات أم الأسد أم النمر؟!

أقوى الدول من وجهة نظر الناس، ولماذا هذه قوية بالذات؟ هل لأن الاقتصاد قوى أم لامتلاكها أسلحة قوية أو جيشًا قويًّا؟

ثالثًا- اختلاف المقاييس:

مقاييس القوة للأشياء باختلاف الأشياء نفسها، فالطريقة التى نقيس بها قوة الحيوانات تختلف عن الطريقة التى نقيس بها قوة الدول أو الطبيعة وهكذا.

ولكن كيف نحكم على إنسان أنه قوى، وما أهم مقاييس قوة الإنسان حسب رأى الناس من حولنا؟ هذه بعض الأسئلة:

أ- كيف نحكم على رجل أنه قوى؟ يفكر جيدًا- يعرف أن يتحكم فى نفسه- عضلاته قوية- واثق من نفسه- أسلوب كلامه- لديه سلطة- قوة احتماله- قدرة التمييز بين الأشياء- لا يضايق أحدًا... إلخ.

ب- كيف نحكم على مجموعة من البشر أنها قوية؟ كلمتهم واحدة- يعرفون بعضهم البعض جيدًا- محبتهم لبعضهم البعض- لا تجمعهم مصلحة.

ج- كيف نحكم على سيدة أنها قوية؟ واثقة فى نفسها- ترد بطريقة مناسبة- تعتمد على جمالها وذكائها- تعتمد على الله- قوة احتمالها- ناجحة- لديها فضائل- ذكية.

د- متى شعرنا فى موقف أننا أقوياء؟ هل عندما أخذنا مسؤولية وحققناها؟ أم عندما ساعدنا محتاجًا؟

أم عندما قابلنا فشلًا وتغلبنا عليه؟ أم عندما نجحنا فى الدراسة؟ أم عندما لم نرد الشر بالشر، وكنا

نرد الشر بالخير؟

هـ- هل يلزم لنا أن نشعر أننا أقوياء؟ بمعنى آخر: ماذا لو شعرنا أننا ضعفاء؟ الإنسان الضعيف سلبى- لا يقاوم المشاكل- يشعر بالعجز- لا يمتلك ثقة فى نفسه- منقاد وراء غيره- منطوٍ وغير متفاعل مع الآخرين.

عندما أشعر بالقوة والثقة فى نفسى بنعمة الله، أستطيع أن أعرف أن سلوكى كان صحيحًا.

والسؤال: هل كل واحد يظن فى نفسه أنه قوى هو فعلًا قوى؟ أم العكس؟

تختلف رؤية الناس للقوة والضعف.

هناك أشخاص كانوا يظنون فى أنفسهم أنهم أقوياء، ولكنهم فى الحقيقة كانوا ضعفاء! وهل من مثال؟

- مثل: (فرعون مع شعب إسرائيل- جليات الجبار مع داود النبى- يونان عندما فكر أن يهرب من

وجه الله).

وهناك أشخاص ظنهم الناس ضعفاء وهم أقوياء منهم: (داود أمام جليات- نوح وهو يبنى الفلك- الفتية الثلاثة فى أتون النار- دانيال فى جب الأسود). هولاء جميعًا انتصروا على الأعداء، والنار، والأسود.. ولكن بقوة الله، لا بقوتهم الشخصية.

إذن، فالسؤال الآن هو: «ما المفهوم الصحيح للقوة؟»

هذا حديثنا القادم بإذن الله.

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية


الدولة المدنية الحديثة - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 12/2020 /12

 هل يمكن أن تقوم دولة مدنية حديثة وهى ما زالت تحمل فى أحشائها جنين الدولة الدينية؟ هل من الممكن أن يحمل رحم واحد بقايا دولة دينية تقاوم الضمور تجاورها نطفة دولة مدنية تسعى لترسيخ قيم المواطنة واحترام الحريات الشخصية وحرية الاعتقاد؟ هل من الممكن أن يصبحا توأمين يغذيهما نفس الحبل السرى؟! الإجابة لا، وهذا لا يعنى إطلاقاً أن الدولة المدنية الحديثة ضد الأديان، بالعكس هى تحمى كل الأديان بدون تمييز، وتعتبر أن الإيمان علاقة خاصة بين الإنسان وربه، هى فقط تمنع تغول وتوغل المؤسسة الدينية، أى مؤسسة دينية كانت تمنعها من النفاذ إلى الشأن السياسى والاجتماعى والاقتصادى، وحكومة الدولة المدنية لا تشغل بالها إطلاقاً بأن تدخل مواطنيها الجنة، بل تشغل نفسها بأن تدخل مواطنيها المدارس الراقية لتعلمهم، والمستشفيات النظيفة لتعالجهم، ودور السينما ومسارح الفنون لتنمى ثقافاتهم.. إلخ، هناك موانع وفرامل وكوابح تمنع عربة الدولة المدنية الحديثة من الانطلاق، أولها أن تعتبر المؤسسة الدينية نفسها دولة داخل الدولة، ليس للحكومة أى رقابة مالية أو إدارية عليها، وأن تمنحها سلطة الرقابة والتربص بأى عمل أدبى أو فنى، أو أى فكرة تجديد فكر دينى، بحجة الاحتكار، وأن منطقة الدين هى منطقة مصادرة لحساب تلك المؤسسة، ومن تلك الموانع أيضاً ازدواجية التعليم، فالتعليم غرضه صناعة وجدان مشترك، وليس من أساسيات وبديهيات الدولة المدنية أن يكون هناك تعليم دينى يضم ملايين، يدرسون فى المدارس والمعاهد والكليات مواد علمية غير دينية ويختصون ويحتكرون هذا التعليم وينفون الآخرين منه، فقط لأنهم على غير ديانتهم!!، هذا مخالف للعدل ولحقوق الإنسان، أن يجتهد ويكدح شاب مواطن فى نفس البلد وتفوته فرصة كلية ما على نصف درجة ويدخلها الآخر لأنه يعتنق ديناً معيناً!!!، علوم اللاهوت أو علوم الدين فى أى دين لا تحتاج إلى أكثر من كلية أو معهد أو كليتين أو معهدين، لكن أن تكون هناك مئات الكليات وآلاف المدارس تنتمى إلى مؤسسة دينية، يعيش فى كنفها الطالب لا يرى طالبة زميلة أو طالباً زميلاً ديانته مختلفة حتى تاريخ التخرج!! هذا لا يمكن أن يصنع وجداناً وطنياً مشتركاً، من ضمن الموانع أيضاً التى تعوق تشكل أى دولة مدنية حديثة، ملاحقة مفكرى التنوير بتهم مثل الازدراء وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، وانتشار تكفيرهم، والمطالبات بتنفيذ حد الردة عليهم.. إلى آخر تلك التهم والعقوبات التى تجاوزها الزمن، فالدين غير التدين، وما هو فكر بشرى مثل التدين قابل للتجديد بل وواجب علينا تجديده وتثويره ليناسب العصر، والحرفية تقتل أى فكر بما فيه الفكر الدينى، والخوف والفزع والرعب من مناقشة الأفكار الدينية بحجة الوصاية وحماية الشباب من البلبلة، هذا الخوف والتوجس وذلك الفزع والرعب، كلها إهانات للدين وليست تكريماً له، لأن من يفعل ذلك فهو يتعامل مع الدين كفكرة هشة قابلة للكسر عند أول نقاش، وأنه دائماً يحتاج إلى ترسانات قوانين وزنازين سجن لحمايته، يتعاملون مع الدين كطفل فاقد المناعة يمرض مع أول لفحة هواء!! وهذا النوع من التعامل يظهر الدين ضعيفاً، إذن أنت فى الدولة المدنية الحديثة مواطن واثق من نفسك ومن دينك ومن وطنك، تتنفس هواء الحرية معتزاً وفخوراً بعقلك المتسائل ووجدانك المتفائل.