Translate

Sunday, April 17, 2022

حلم الخلود - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 16/4/2022

يفاجئنا إيلون ماسك كل يوم بصدمة جديدة، فهو كما يحرّك بورصات العالم بتويتة أو بوست، يحرك أمخاخ العالم بخبر أو اختراع أو حلم، وليس أهم من حلم الخلود بالنسبة للبشرية، ولأنه ليس طبيباً ولا يهتم باللعب فى الجينات لتحقيق الخلود، فهو قد فكر خارج الصندوق كعادته، وقال إذا كنا لم نصل لخلود الجسم بعد فلنصل إلى خلود الذكريات، فلنزرع ذكرياتك وتاريخك وماضيك كله قبل أن تموت فى روبوت!!، ستعيش هويتك إلى الأبد!! تعالوا لنستمع إلى تصريحات «ماسك» فى الصحافة الأمريكية لنحكم بأنفسنا:

يقول إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة Tesla، إن الروبوت الجديد سيكون قادراً فى يوم من الأيام على الحفاظ على شخصية الشخص وذكرياته، رغم أن العلماء لم يكتشفوا الخلود بعد، إلا أن هناك مشروعاً قيد التنفيذ لمساعدة البشر على الأقل فى الحفاظ على ذكرياتهم وشخصيتهم، وفقاً لمؤسس Tesla والرئيس التنفيذى Elon Musk، كشف الملياردير المولود فى جنوب أفريقيا النقاب عن «Optimus»، وهو روبوت من طراز Tesla يدعى أنه سيكون يوماً ما قادراً على تخزين ذكريات وشخصية البشر، وربما جعل الحياة إلى الأبد حقيقة واقعة.

يقول: «يمكننا تنزيل الأشياء التى نعتقد أنها تجعل أنفسنا متميزين جداً». «بالطبع، إذا لم تكن فى هذا الجسد بعد الآن، فسيكون هذا فرقاً بالتأكيد، ولكن فى ما يتعلق بالحفاظ على ذكرياتنا وشخصيتنا، أعتقد أنه يمكننا فعل ذلك».

تم الكشف عن الروبوت الذى يبلغ طوله 1.72 متر فى أغسطس من العام الماضى ويستخدم نوعاً من الذكاء الاصطناعى (AI) شبيهاً بمركبات Tesla ذاتية القيادة. يقول «ماسك» إن الهدف من الروبوت فى البداية هو إراحة البشر من المهام «المتكرّرة والمملة»، مثل شراء البقالة أو تقديم وجبات الطعام.

«بشكل أساسى، فى المستقبل، سيكون العمل البدنى خياراً. إذا كنت تريد أن تفعل ذلك، يمكنك ذلك، لكنك لن تحتاج إلى ذلك».

رغم أن المخاوف بشأن دور وقيود الذكاء الاصطناعى لا تزال عالية، إلا أن الملياردير التكنولوجى يؤكد أن عمله لا يمثل تهديداً للبشر.

«فى ما يتعلق بالذكاء الاصطناعى والروبوتات، بالطبع، أرى الأشياء ببعض الخوف. لأننى بالتأكيد لا أرغب فى الحصول على أى شىء يمكن أن يكون ضاراً للإنسانية».

يزن الروبوت 56كجم، إنه مصنوع من مادة خفيفة الوزن وصُنع ليبدو كإنسان بملامح، مثل الذراعين والساقين.

«لقد صمّمت البشرية العالم ليتفاعل مع إنسان ذى قدمين [كائن يشبه الإنسان بقدمين] بذراعين وعشرة أصابع. لذا، إذا كنت تريد أن يكون لديك روبوت ملائم، وأن يكون قادراً على القيام بأشياء يمكن للبشر القيام بها، فيجب أن يكون بنفس الحجم والشكل والقدرة تقريباً».

ويضيف أن نسخة أولية من الروبوت ستكون متاحة هذا العام. «أعتقد أنه سيكون لدينا شىء جيد جداً على مستوى النموذج الأولى هذا العام، وقد يكون جاهزاً على الأقل لإنتاج حجم معتدل بحلول نهاية العام المقبل».


Thursday, April 14, 2022

جرح المشاعر الحقيقى - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 13/4/2022

 «من أجل عدم جرح مشاعر الصائم، ممنوع الأكل فى نهار رمضان» هذا ما قاله البعض تعليقاً على حادث محل الكشرى وفتوى إحدى الجرائد، وتبريراً لمنع المرضى وأصحاب الديانات المختلفة والمسافر المسموح له بالإفطار وليس له بيت فى المدينة التى سافر إليها ويريد تناول طعام يعينه على استكمال مشاويره.. إلخ.

أتمنى أن نعيد تعريف وتوصيف جرح المشاعر مرة أخرى، فالصائم قد طبّق تلك الفريضة عن اقتناع شخصى ويعرف أن حسابها عند الله شخصى أيضاً وسيجازيه بها، ولم يطلب منه أبداً أن يقهر أحداً على مشاركته القناعة نفسها، أو يجبره على أن ينافق ويتخفى حتى لا يستفز حضرته!

هل أنت بهذه الهشاشة؟ وهل قناعاتك وإيمانك مهتز ومرتعش إلى هذه الدرجة ومن الممكن أن ينهار لرؤية شخص يأكل حتى ولو كان الله عز وجل قد سمح له بذلك؟!!

جرح المشاعر الحقيقى يا عزيزى هو أن ترتشى فى نهار رمضان وتفتح درج مكتبك لتتلقى الرشوة وتضعها بجانب المسبحة، جرح المشاعر الحقيقى هو أن تتحرش ببنت فى الشارع وتخترع لذلك مبرراً دينياً وتدّعى أنك تحمى الدين، جرح المشاعر الحقيقى هو أن تسرق جهد غيرك وتنسبه لنفسك، جرح المشاعر الحقيقى هو أن تكذب وتغش وتعطل أعمال الناس وأنت مقتنع بأنك ستغسل هذه الجرائم بمجرد فرد سجادة الصلاة!

جرح المشاعر الحقيقى هو أن تتعدى على الأرض الزراعية التى نأكل منها وتحولها لأرض مبانٍ بعد تجريفها من كنوز الطمى التى تكوّنت عبر آلاف السنين ولن تعوض، جرح المشاعر الحقيقى أن تشمت فى موت شخص مختلف معك فى الفكر، أو تتشفى فى مفكر أو كاتب أثار السؤال وعلامة الاستفهام فى مخك.

جرح المشاعر الحقيقى هو أن تتخيل أن الله قد كلفك بالدفاع عنه بالقتل أو الذبح أو الشتائم الوضيعة، جرح المشاعر الحقيقى هو أن تعلق ميكروفوناً لتصرخ فيه اللهم شتّت شملهم ويتّم أطفالهم ورمّل نساءهم واشف مرضانا فقط!!

جرح المشاعر الحقيقى هو أن تهين زوجتك وتتهمها بأنها نصف عاقلة وتضربها بدعوى التأديب وتصدق نفسك أنك قد فعلت الصواب، لأنك لم تكسر ضلعاً أو تحطم جمجمة! جرح المشاعر الحقيقى هو أن تعلم طفلك الرماية بالبندقية ولا تعلمه رماية القمامة فى صندوق الزبالة، جرح المشاعر الحقيقى هو الاستباحة، استباحة الشارع والفضاء الخاص والمساحة الخاصة.

جرح المشاعر الحقيقى هو «الحشرية» اللزجة، جرح المشاعر الحقيقى هو غلظة الحس، جرح المشاعر الحقيقى هو قمع الطفل عن فضيلة السؤال، جرح المشاعر الحقيقى هو الأنانية واعتبار نفسك الناجى الوحيد لأنك ولدت بصدفة جغرافية فى مكان معين وبعقيدة معينة، جرح المشاعر الحقيقى هو فقدانك لإنسانيتك.


Sunday, April 10, 2022

الشباب.. ومجالات التطوع - الأنبا موسى - المصري اليوم - 10/4/2022

 الشباب طاقة مبدعة!! والطاقة قوة دافقة وحركة حياة!!.

وكلمة «قوة» في الأصل اليونانى «ذيناميس» من كلمة «ديناميت»، و«ديناميكية».. «الديناميت» طاقة تفجر صخور الخطأ والخطية والعوائق في الداخل، والديناميكية تدفع الإنسان للتحرك للأفضل إلى الأمام.

يحتاج الشباب فقط إلى «دريكسيون»، أي «Direction»، أو توجه وضبط مسار.. فالطاقة المتدفقة في الشباب يمكن إذا ما انحرفت أن تدمر كل شىء.. الإنسان، والآخر، والهدف، والمعنى من الحياة والوجود.

نحتاج- إذن- إلى طاقة حية وقدرة توجيهية حتى يسير الإنسان في مسالك إيجابية بنّاءة: تبنى نفسه وتبنى أسرته، ودور العبادة، ووطنه!.

ويستحيل كبت الطاقة، لأنها ستتحول إلى قوة تدميرية هائلة، تهدم كيان الإنسان وما حوله من بشر ومبادئ وأهداف!.

والممكن والمطلوب هو ضبط هذه الطاقة ليتم تفريغها في أمور بنّاءة: دراسية- عمل- مشروع- ابتكار- فن- خدمة- نشاط ما...

الخلاصة إذن:

■ الشباب طاقة.

■ ولابد من ضبط المسار.

■ لابد من تفريغ هذه الطاقة بأسلوب بنّاء.

أولًا: التسامى بالطاقة هو الحل:

فالتسامى «Sublimation» معناه تحويل المادة من صورة مادية إلى صورة غازية، دون المرور بمرحلة السيولة...

ويسمون التسامى بكلمة أخرى هي «الإعلاء».. أي أن يتسامى الإنسان بنفسه من الشهوات الجسدية إلى الرغبات الروحانية السامية.. وبهذا لا تذهب به غرائزه وعواطفه وعاداته إلى مسالك الهلاك.

الغرائز كالطاقة الجنسية التي تحتاج إلى ضبط وتسامٍ وإعلاء.. وليس إلى كبت يدمر الإنسان، أو إلى إباحية تدمره ومعه من حوله!.

والعواطف.. يمكن أن تتجه إلى منحنى خطر، أو تنحرف إلى آخر، أو شىء، أو قيمة سلبية تهلك الإنسان، وربما تخرج به خارج حظيرة الإيمان بالله، بل ربما خارج حظيرة الإنسانية.

والعادات.. هي الشخصية تمشى على قدمين، وهى في مجموعها تشكل الخُلق، وبالتالى المصير الإنسانى.. فالعادات السلبية: كالتدخين والمخدرات والخمور والنجاسة.. إلخ: نهايتها الهلاك، والعادات الإيجابية: نهايتها النجاح الأرضى والسمائى.

ثانيًا: التطوع يبنى الجميع:

من هنا يأتى «التطوع» كمفتاح جوهرى في حياة الشباب من أجل تفريغ الطاقات والشحنات الشبابية في مسالك بناءة.. وأنشطة التطوع لا حصر لها، وهذه مجرد أمثلة:

1- مجالات التطوع الروحى: في خدمة الآخرين، ونشر كلمة الإيمان بالله، والمشاركة في تسبيح الله، والدراسة، والبحث الروحى، أو الدينى أو الإنسانى والخدمات المتنوعة ومنها:

أ- الخدمة بالنموذج: كما أوصى القديس بولس تلميذه قائلًا: «لاَ يَسْتَهِنْ أحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ: فِى الْكَلاَمِ، فِى التَّصَرُّفِ، فِى الْمَحَبَّةِ، فِى الرُّوحِ، فِى الإِيمَانِ، فِى الطَّهَارَةِ» (تيموثاوس الأولى 12:4).

ب- أو الخدمة بالصلاة: من أجل احتياجات وظروف الآخرين، كما أوصانا الكتاب المقدس: «َصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ» (يعقوب 16:5).

ج- أو الخدمة بالكلمة الروحية المشبعة النافعة: العامة في اجتماع، أو الخاصة: كالمواساة في ظروف الضيق، أو المرض، أو الوفاة، أو الفشل، أو التجارب..

د- أو الخدمة بأعمال المحبة: كتقديم يد العون بابتسامة حب، أو مجهود روحى، أو دراسى، أو سد احتياجات إنسانية أو معيشية مادية... إلخ «الْمُعْطِىَ الْمَسْرُورَ يُحِبهُ اللهُ» (كورنثوس الثانية 7:9).

2- مجالات التطوع الفكرى: في القراءة والدراسة وفى العلوم الإنسانية أو الفلسفية، في علم الاجتماع، أو علم النفس أو التاريخ أو التربية.. إلخ.. وتقديم هذه الدراسات في الاجتماعات العامة للشباب واتحاد الطلبة، وأى تجمعات شباب والخدام والأساتذة. وحبذا لو كنت محبًا لإجراء بحوث دراسية أو ميدانية سواء في موضوعات كتابية، أو شبابية، أو دينية، أو علمية.. أو في دراسة ظواهر إنسانية معاصرة: كالإدمان بأنواعه، أو التدخين، أو الانحرافات بأنواعها، ومنها الإلحاد وعبادة الشيطان، أو غير ذلك.

3- مجالات التطوع الوجدانى: أي المشاركة الوجدانية «فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ» (رومية 15:12). ومعروف أن المشاركة في آلام الغير تجعلها «تقسم» على اثنين، والمشاركة في الفرح تجعله «يضرب» في اثنين. الألم يتناقص والفرح يتزايد.. والمناسبات كثيرة: كالنجاح والرسوب، والأفراح والخطوبات وأعياد الميلاد، والأحزان، المرض، والشفاء، والوفاة، والأعياد، ونوال جائزة وتقدير أو مواساة في ظرف ما... إلخ.

4- مجالات التطوع الاجتماعى: ما أحوجنا إليه في وطن تعرّض في بعض الأحيان إلى شروخ طائفية خطيرة، ففى كل يوم نسمع عن مشكلة في مكان ما.. ولأتفه الأسباب!!. لابد من وجود قاعدة صلبة من المحبة الاجتماعية والمشاركة الوطنية، وذلك بالتواصل اليومى بيننا وبين شركائنا في الوطن، لعمل علاقات محبة، وأعمال محبة، وتفاعل، وتواصل، ليس فقط في الأعياد والمناسبات، ولا في الظروف الطارئة: كالفرح والحزن فحسب، ولكن في التواصل اليومى المستمر في المنازل والحارات والشوارع وأماكن العمل، وكما قال الكتاب المقدس: «بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا» (غلاطية 13:5).

ولاشك أن مسؤولية الأغلبية أن تفتح ذراعيها.. ولكن مسؤولية الأقلية أن تعبر إليها.. فالتقوقع أمر خطير على مستقبل التعايش والوحدة.. والمجهودات المشتركة في التواصل والمحبة هي طريقنا إلى السلام الاجتماعى وبناء الوطن... ليت شبابنا المبارك يسهم بدوره في مجالات التطوع التي ذكرناها.. والرب يسند مجهودات الجميع.

أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

Tuesday, April 5, 2022

الداعشية وقتل الأب - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 4/4/2022

 اندهش المشاهدون المتابعون لمسلسل «العائدون» من مشهد قتل الابن نزار المنتمى إلى تنظيم داعش لأبيه وإعدامه بالرصاص فى وسط الساحة أمام الملأ الذين ظلوا يهتفون «الله أكبر»، وكأنهم فى غزوة! الابن نفّذ بضمير مستريح، لأن أمير الجماعة أصدر حكم الردة على أبيه، وكانت المفاجأة أن من أبلغ عن الأب وسجل له انتقاده لداعش كان ابنه الأصغر شقيق نزار! إلى هذا الحد وصل غسيل الدماغ وتزييف الوعى، إلى كل المشاهدين الذين لم يصدقوا، واتهموا المسلسل بأنه «أوفر»، وأن مثل هذه الجرائم هى من خيال صناع العمل، إليكم ما حدث على أرض الواقع والذى هو أخطر وأكثر رعباً من تجسيد الدراما، أنقل إليكم بعض ما رصده الكاتب صلاح الدين حسن المهتم بشئون تلك الجماعات فى بحث منشور له، منقولة من الأخبار والصحف.

دخل «حسان» البالغ من العمر 16 عاماً على والده، فاروق الجبورى، أحد أبرز المرشحين فى الانتخابات التشريعية العراقية، وأحد مرشحى «ائتلاف الوطنية»، جنوبى الموصل، حال نومه فى غرفته فجراً فأطلق النار على وجهه وأرداه قتيلاً.

فى بداية عام 2016، أعلن «داعش» عن قيام أحد عناصره فى سوريا بقتل والده فى ساحة الإعدام بتهمة الردة، قبل أن يفجّر نفسه فى عملية انتحارية استهدفت قادة من تنظيم «جبهة النصرة»، فيما بث عدد من عناصر التنظيم، حينها، تغريدات تؤيد فعله، مبرّرين ذلك بما سمّوه بـ«عقيدة الولاء والبراء»، وكتب منذر الزعبى، المكنى بـ«أبوغادة المهاجر»، على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، مبرراً قتل زميله جراح الأنصارى والده: «عندما عرف حقيقة التوحيد، وأدرك أنّ فعل الساحر ردة عن دين الله؛ بدأ بالأقربين إليه (والده) فقتله قُربةً لله ولاء وبراء».

أقدم داعشى فى العشرين من عمره يُدعى «على صقر» على إعدام والدته لينا القاسم على الملأ، بعدما طلبت منه ترك التنظيم، وفقاً للمرصد السورى لحقوق الإنسان؛ حيث قام بإبلاغ قادته أنّها «حرضته على ترك تنظيم الدولة الإسلامية والهروب معها خارج الرقة»، وحذّرته من أنّ غارات التحالف الدولى ستقتل جميع عناصر «التنظيم»، فاعتقل «التنظيم» السيدة على الفور واتهمها بالردة، ليقوم ابنها بإعدامها رمياً بالرصاص أمام مئات المواطنين.

فى عام 2015 أبلغ مواطن سعودى عن اعتناق ابنه محمد الغامدى للفكر التكفيرى وانتمائه للتنظيم، ورافق القوة الأمنية التى ستلقى القبض عليه، ليقتله ابنه صائحاً «الله أكبر» أثناء المواجهات مع الأمن فى محافظة خميس مشيط السعودية، كما قام أخوان سعوديان ينتميان إلى «داعش»، هما سعد وعبدالعزيز راضى عياش العنزى، بقتل ابن عمهما، حيث قام الأول بذبحه لكونه عسكرياً بالجيش السعودى، فيما قام الثانى بتصوير الجريمة، وأكدت عائلتهما التى مثلت لها الجريمة صدمة كبرى أن الأخوين وابن عمهما تربوا معاً فى منزل واحد! وفى العام نفسه أقدم توأمان، على طعن والديهما وشقيقهما الأصغر بالسكاكين والساطور فى العاصمة السعودية الرياض بعد مبايعتهما زعيم تنظيم «داعش».

فى أبريل 2014 قتل قيادى فى «داعش» بكركوك شمال العراق والده رمياً بالرصاص، وأكد مصدر أمنى عراقى أن «الابن أطلق قرابة 30 رصاصة على والده، وأنّ التحقيقات من خلال المعلومات المتوافرة تشير إلى أن القتل جاء نتيجة الصراع بين تنظيمى «أنصار السنة» «وداعش»، حيث رفض الوالد القتيل مبايعة أمير تنظيم داعش».

هل ما زال عندكم شك أن غسيل الدماغ من خلال التنظيمات الدينية أخطر أنواع الانسحاق والتشويه وموت الضمير وانتحار العقل؟


Saturday, April 2, 2022

هل النظام.. قيود؟! - الأنبا موسى - المصري اليوم - 3/4/2022

 تقديم: الإنسان دائمًا يحب الحرية، فالحرية هى طريق الإبداع!، وهى أم الإبداع، ولا إبداع بدون حرية، والانطلاق ظاهرة إنسانية قديمة، منذ بدء الخليقة.

الحرية تعنى حق الاختلاف مع الآخر فى فكره ورأيه، فبالانطلاق تحققت أفكار كثيرة مبدعة وخلاقة، غيرت وجه التاريخ.

أولاً: ما بين الحرية والقمع:

1- الحرية الفكرية أبدعت العلوم، وإنجازاتها، فهى التى اكتشفت أدق مكونات الذرة، وأعقد تكوينات الخلية، والكروموزومات، والجينوم الوراثى، وها نحن أمام إبداعات الليزر والطاقات الجديدة: الرياح، والشمس، والذرة، وليس فقط النفط!.

2- والحرية أبدعت الفكر والفلسفة، وهكذا غاص الإنسان فى أعماقه، وأعماق الكون والتاريخ، والتراث، وخرج لنا بأفكار جديدة عملاقة، لها تأثيرها فى حياة الإنسان، فى: السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا!.

3- الحرية أبدعت لنا الفنون المختلفة: كالمسرح والموسيقى والسينما والتليفزيون والفضائيات، والإنترنت وما سيستجد.

4- بل إن الحرية أبدعت لنا الخيال العلمى، الذى وصل بنا إلى الأقمار الصناعية، والتواصل المعلوماتى، وسفن الفضاء والروبوت.. إلخ. وحاليًا «النانوكوبتر»، وهى طائرة استخباراتية صغيرة بحجم علبة السجائر، وزنها حوالى بضعة جرامات، يمكن إرسالها إلى أى مكان لتُحضر لنا معلومات بكاميراتها المتميزة.

5- أما القمع.. فلا ينتج عنه سوى الركود، والإحباط والتخلف.. ولعل أكبر مثال على ذلك انهيار الستار الحديدى، فى الاتحاد السوفيتى، وما تلاه من نتائج خطيرة!.

6- لكن هناك خيط فاصل بين الأمرين: الحرية والقمع، أو الحرية والإحباط!، هذا الخط الفاصل هو «النظام».. تخيل أن هناك مدينة بدون نظام للمرور!، ماذا يكون شكل هذه المدينة؟.. الإجابات المتوقعة: حوادث، عدم احترام، فوضى.. هل تتمنى أن تعيش فى تلك المدينة التى فيها تتمتع بحرية زائفة؟.

7- إذًا لا بد من وجود النظام لكل شىء، حتى يصبح العالم منظمًا ومرتبًا، فالنظام يجعل الحرية لا تجنح إلى الفوضى المدمرة، والإحباط لا ينتهى إلى الدمار والتلاشى!.

8- وكل الفرق بيننا وبين الغرب هو فى أمرين هامين:

الشرق: زعامة، والغرب: نظام (System)، الشرق: قيود، والغرب: حريات.

9- من هنا نحتاج إلى الحرية والنظام معًا، والانطلاق والضوابط معًا.. والكون كله مبنى على هذه القاعدة.

ثانيًا: الحرية والضوابط معًا:

1- الكواكب تتحرك جميعها، ولكن فى نظام وفقًا لقواعد وضوابط غاية فى الدقة.

2- محور الأرض يميل نحو الشرق بدرجة معينة هى التى تخلق الفصول: الشتاء، والصيف، والربيع، والخريف. ولو ازداد هذا الميل قليلاً، تنتهى الأرض وننتهى معها.

3- جاذبية الأرض تجذب الغلاف الجوى، والأوكسجين، والحياة وجاذببة القمر ضعيفة جدًا، لذلك يخرج رواد الفضاء ويسبحون فيه فى حالة «انعدام وزن».

4- المريخ مشكلته أنه لا يكوّن غلافًا ولا أوكسجينا، مما يجعل رواد الفضاء يفكرون مع العلماء كيف يكون معهم مخزون أوكسجين، وهذا مستحيل غالبًا، أو أن يقوموا باستخراجه من صخور المريخ!!.

5- لا بد إذًا من حرية تعطينا إمكانية التفكير والإبداع، وضوابط تحفظنا من الضياع!، الحرية كالماء بالنسبة للسمكة الحية تسبح كيفما تشاء حتى ولو ضد التيار، لكن المهم أن لا تخرج من الماء وإلا تتعرض للموت.

6- والحرية أيضًا كالقضبان بالنسبة لقطار السكة الحديد، فالقطار لا يتحرك إلا فى حدود القضبان.

إن حدود الحرية هى بمثابة النور الذى يكشف للإنسان مواقع الخطر ليتجنبها، ومواطن الخير ليسلك فيها.

ثالثًا: تنظيم الحياة:

1- للحياة أولويات «Priorities» يجب أن تحظى بالاهتمام الأكبر، ولعل أولها «المَلَكُوت أو الأبدية»، كما قال السيد المسيح: «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى 33:6)

2- ثم تأتى خطوط الحياة اليومية الرئيسية مثل: العشرة مع الله- العبادة- الدراسة- العمل- الأسرة- الصداقة- الهوايات.

3- ثم يأتى البرنامج اليومى والأسبوعى والشهرى والسنوى.. وذلك لوضع الخطط المناسبة لتحقيق هذه الأهداف.

4- ولكن «الالتزام» يبقى جوهريًا، فما قيمة برنامج بدون تنفيذ!.

5- والتنفيذ يحتاج إلى متابعة- ثم تقييم- ثم تعديل من آن لآخر.

هكذا يقول واضعو السياسات «Policy making»:

Define the problem& Needs) -1): تعرف على المشكلة واحتياجاتها.

Then the Goal) -2): حدد الهدف.

Then the strategy) -3): ضع الاستراتيجية.

Then the plan) -4): ارسم الخطة.

The projects of this plan) -5): تحديد مشروع الخطة.

The implementation) -6): التنفيذ.

The follow - Up and evaluation) -7): المتابعة والتقييم.

The modification when needed) -8): التعديل عند الحاجة إليه.

رابعًا: الكتاب المقدس والنظام:

1- مشورة يثرون لموسى النبى (خروج 18): عندما جلس موسى من الصباح حتى المساء يقضى للشعب، قال له يثرون حميّه: ما هذا الأمر الذى إنت صانع للشعب!، ما بالك جالسًا وحدك وجميع الشعب واقف من الصباح إلى المساء، سوف تكل والشعب أيضا، لأن هذا العمل أعظم منك، فإنك لا تستطيع أن تفعله وحدك، بل تقيم رؤساء ألوف، ورؤساء مئات، ورؤساء خماسين، ورؤساء عشرات، فيقضوا لهذا الشعب. ويكون أن الدعاوى الكبيرة يجيئون بها إليك، أما الصغيرة يقضون هم فيها، وخفف عن نفسك، فهم يحملون معك.. إن فعلت هذا الأمر تشعر أنت والشعب بالسلام.. فسمع موسى لكلام يثرون، وفعل كما قال.

2- كذلك فى معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات وسمكتين (متى 14)، أمر السيد المسيح تلاميذه بأن يتكئوهم خمسين خمسين، وبعد أن أكلوا وشبعوا، طلب أن تُجمع الكسر الفاضلة.

ليت حياتنا تكون هادفة، ومتسمة بالنظام، والهدوء، والسلوك الحضارى، وتمزج بين الحرية المبدعة، والضوابط البناءة.. لربنا كل المجد إلى الأبد آمين.

الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.