Translate

Sunday, October 30, 2022

مصادر المشاكل الأسرية.. الثنائية - الأنبا موسى - المصري اليوم - 30/10/2022

 ذكرنا فى الأعداد الماضية أن هناك عدة مصادر للمشاكل الأسرية، وذكرنا منها المشاكل الشخصية، ونبدأ فى بعض المصادر الثنائية:

1- عقل وقلب:

إن الوصفة التى رسمها لنا معلمنا بولس الرسول للأسرة تجعل من الزوج عقلًا للأسرة، ومن الزوجة قلبًا لها، وبالطبع هذا لا يعنى غياب الحنان والحب من الزوج، ولا غياب ضرورة الشركة فى التفكير مع الزوجة، ولكن الصفة السائدة للزوج هى العقلانية، والصفة السائدة للزوجة هى العاطفة.

ومع أن هذا الكلام قد يضايق السيدات أحيانًا، ولكن السبب الحقيقى للضيق هو الفهم الخاطئ والإنتقاص من هذا الدور الأساسى للمرأة فى البيت والمجتمع، وهو سكب روح الحب وإضفاء طابع الحنان، هذا دور لا يستطيع الرجل أن يقوم به بقدر ما تعطيه المرأة. ومن الخطر أن يغيب عن حياتنا وبيوتنا ومجتمعاتنا إذا ما أحجمت المرأة عن تقديمه.

اقرأ المزيد ..

لو صار الرجل عقلًا، والمرأة عقلًا آخر، سيتناطحان ويختلفان وتتمزق الأسرة.. ولو صار الرجل قلبًا والمرأة عقلًا، لانعكس التوازن فى الأسرة، وصارت الزوجة مدبرة الأسرة، وتشرّب الأولاد والبنات هذا الوضع الشاذ.

ولو صار كلاهما قلبًا، تسيبت الأسرة وضاع الأولاد، فليكن الرجل عقلًا.. وعليه أن يحب.

ولتكن المرأة قلبًا.. وعليها أن تتفاهم وتفكر مع زوجها.

لا يتجاهل الزوج دور زوجته بحجة أنها قلب.

ولا تتنكر الزوجة لدورها بحجة أنها متعلمة.

فليتكامل الاثنان.. لتسعد الأسرة بالله القادر أن يقدس العقل والقلب معًا.

2- التعلق العاطفى بالأم:

من أخطر المشاكل فى الزواج، خصوصًا فى العصر الحديث، هو ذلك التعلق العاطفى الشديد بالأم، سواء من الزوج أو الزوجة.

اقرأ أيضًا ..

إن محبة الأم أمر مفروغ منه كتابيًا وعلميًا وإنسانيًا، فالأم هى التى أعطتنا كل قطرة دم، وكل نبضة حب. ولكن المشكلة تكمن فى أن يكون الحب تعلقًا عاطفيًا مرضيًا. وذلك حين يرتبط الابن (الزوج) أو الابنة (الزوجة) بالأم بأسلوب اعتماد عاطفى طفولى. ولا شك أن المسؤولية هنا مشتركة بين الأم وابنها أو ابنتها، ذلك لأن تربيتها لهما تكون عاطفية غير روحية وغير عقلانية موضوعية.

وهذا الرباط يعطى إحساسًا بتهديد شديد عند الزواج، إذ تحس الأم بحرمان عاطفى، فتشد ابنها أو ابنتها إليها، وتتضايق - شعوريًا أو لا شعوريًا - من الشريك الآخر، الذى دخل إلى حياة ابنها أو ابنتها.

ولكن الضيق الأخطر يكون عند الشريك الآخر.. إذ يحس بارتباط شريكه بأمه بصورة شديدة ومبالغ فيها، مما يجعله يهمل فى حقوق ومسؤوليات الزوجية، وتبدأ الفجوة تتسع بين الأم والشريك الآخر، ويبدأ دفاع مستميت عن ضرورة (إكرام الوالدين) (إنت عايز تفصلنى عن أهلى) ويبدأ الزوج فى تذكر الآيات الكتابية: «يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ» (مر 7:10).. «انْسَىْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ» (مز 10:45). «الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ» (أف 23:5).. إلخ.

والمشكلة تتفاقم للأسباب التالية:

1- إذا أصرت الأم على تعلقها ولم تتكيف حسنًا مع الوضع الجديد.

2- إذا أصرت الابنة أو الابن على تحدى مشاعر الشريك والارتباط الشاذ والشديد بالأم.

3- إذا تجاهل الزوج ضرورة أن يأخذ زوجته الصغيرة بالرفق، فى حنان يفطمها تدريجيًا عن هذا التعلق.

4- إذا تجاهلت الزوجة مشاعر زوجها، ولم تعط حقه الروحى والعاطفى، وتهتم بالبيت ومسؤولياته.

5- إذا كان أحد الطرفين ماديًا وغير مؤمن، ويرفض أن يساعد الشريك الآخر وأسرته، طالما أن هذه المساعدة مطلوبة ولا تخل بمسؤوليات البيت.

ولكن جوهر المشكلة فى الواقع الروحى يمكن حله، فإذا ما ارتبطت الأم بالله، وسلمت ابنها أو ابنتها إلى الرب، واعتبرت الشريك ابنًا جديدًا، أو ابنة جديدة، ستأخذ من الرب قوة يعالج بها عاطفتها وعاطفة ابنها وابنتها حسنًا، كما أنها ستأخذ قدرة موضوعية على التدخل فى المشاكل بأسلوب منطقى روحى سليم، فلا تنحاز إلى ابنها أو ابنتها دون وعى وتوجيه سليم.

إن الارتباط بالحياة المقدسة الموضوعية هو الدواء الحقيقى الذى يرفع كل الأطراف فوق العاطفة الشديدة، وضرورة الفطام، وفوق الأنانية والمادية والعناد والتحدى والكرامة الشخصية والذات.

وإذا كنا قد ركزنا على الأم، فإن هذا بسبب عاطفتها الطبيعية، ولكن هذا لا يعفى الأب من نفس المسؤولية.. وإن كان تدخل الأب عمومًا يكون إما بتأثير زوجته (الأم)، أو بسبب نوع من الكبرياء.

إذ يعتبر الخلاف نوعًا من الحرب والتحدى لذاته وكرامته، مع أن دخوله إلى الميدان بروح الأب للطرفين سيكون أنجح وسيلة وأنجح سبيل إلى حل كل المشاكل، وإلى بنيان البيت الجديد.

الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Sunday, October 23, 2022

مصادر المشاكل الأسرية.. المظهرية (4) - الأنبا موسى - المصري اليوم - 23/10/2022

 ذكرنا فى الأعداد الماضية أن من مصادر المشاكل الأسرية مصادر شخصية، وتحدثنا منها عن:

1- غياب الله من الحياة

2- اختلاف المشارب

3- الشك

4- عدم التوافق الزوجى

5- الغيرة

6- العناد.. ونكمل موضوعنا..

7- المظهريــة:

وما أتفه شخصية إنسان المظاهر!.. لسبب بسيط أنه لا يحيا أعماق الحياة، بل سطحيتها التافهة. وما أكثر المتاعب التى تنشأ بسبب المظهرية!، لأنها مكلفة ومثيرة للخلاف بين الشريكين أو بين الوالدين والأولاد.

اقرأ المزيد..

المظهرية تتضح من البدايات الأولى لمشروع الزواج، وتجد لها مجالات متعددة مثل:

1- النظرة المادية للمتقدم للزواج: ما نوع وظيفته؟ أين سكنه؟ وما مستوى عائلته؟ هل لديه سيارة؟! وهل يناسب مستوانا الاجتماعى حتى لا نخجل من تقديمه لأسرتنا؟ وهل مظهره نفخر به أمام الناس؟ وهل شكله تفخر به الخطيبة أمام صديقاتها؟

ومع أهمية هذه النقاط بصورة عامة، إلا أن البعد العميق فى الإنسان: الثراء الباطنى، والجمال الداخلى، والمستوى النامى للشخصية.. هى أمور أهم فعلًا، لذلك ينبغى ألا نقف طويلًا أمام المظاهر، بل نفتش عن جوهر الإنسان واتجاهات حياته وسمات شخصيته وحضوره الهادئ المقدس الرزين، وملامح اهتماماته الأساسية فى الحياة.. إلخ.

2- الشبّكة: وهى عائق مهم فى حياة الشباب هذه الأيام، إذ يمكن استبدال شىء نافع فى الحياة الأسرية بها: كالثلاجة أو الغسالة أو خلافه. ومع أن والد الخطيبة يهتم بأن تكون الشبكة مرتفعة الثمن لكى (تربط) الخطيب، فلا يتخذ من الخطوبة فرصة عبث وتسلية دون التزام بالزواج، ففى الغالب تكون اهتمامات والدة الخطيبة أن تتساوى قيمة الشبكة مع نظرتها لإبنتها فى المجتمع، خصوصًا الأصدقاء والأقارب، مقارنة إياها بالشبكة التى قدمها آخر لخطيبة أخرى قريبة أو صديقة.

لذلك، فكم نتمنى اتساع الأفق الروحى فى هذا الموضوع. وبالفعل لو جاءت الشبكة فى صورة شىء نافع، ويُكتب فى المحضر قيمته مثلًا لكان هذا أجدى، إذ يرد هذا المبلغ للطرف المرفوض مثلما يفعل بالشبكة تمامًا.

3- هدايا الخطوبة: وهى عبء جديد على الخطيب هذه الأيام، فهم يهتمون بالهدايا لا من أجل بيت المستقبل، لكن من أجل التفاخر بها أمام الصديق والقريب. والمعروف أن فترة الخطوبة تطول قهرًا حاليًا، وهكذا تتجمع أثمان الهدايا لتشكل عبئًا كبيرًا على الخطيب، خصوصًا إذا كانت أسرة خطيبته تهتم بالمناسبات الاجتماعية: كأعياد الميلاد والزواج بصورة مكلفة لم تعد لائقة بظروف العصر. فالخطيب يجب أن يحضرها مع خطيبته، ومعهما هدية قيّمة تناسب «مستوى» الخطيبين.. أمور.. كم نتمنى أن تزول من مجتمعنا المكافح، أو تنحصر فى شىء رمزى غير مكلف.

4- تأثيث البيت: هذا شىء مؤلم أيضًا حاليًا أمام نظرة الكبار، فهم يريدون من أبنائهم أن يؤسسوا بيوتًا فارهة فخمة، إذ يجب أن يكون «الصالون» على المستوى الفلانى، و(الأنتريه) ومائدة الطعام وكراسيها من النمط المكلف الثقيل غير العملى.. وهكذا من الطلبات التى لا تنتهى ولا تكسب سعادة فى حياة الأسرة.

إنها أمور مظهرية لم تعد تناسب العصر ولا المرأة العاملة، ومازلنا نكرر حاجتنا إلى أثاث متين، بسيط، خفيف، سهل التحريك، قليل العدد، تكلفة مناسبة، مع مفروشات عملية غير مكلفة.

رأيت فى منزل صديق صورة لأبنائه على الحائط وأعجبت بها. ولما جاء وقت الأكل، اكتشفت أنها مائدة الطعام جلسنا حولها، ثم عادت إلى موقعها على الحائط. تكلفة بسيطة، وتوفير مساحة، وسهولة تنظيف، ومنظر جميل، وتفكير عملى.

لكن.. المؤسف أن حديثى الزواج لا يوافقون على ذلك، دائمًا يفعلون ذلك بعد أن تستقر الحياة ولا يعودون يهتمون بنظرة الناس ويكتسبون النظرة الواقعية للأمور.

5- مساحة الشقة: وهى أكبر مشكلة فى الزواج الآن، والسبب أيضًا: المظهرية. وكم من شباب زرتهم فى أماكن إقامتهم كحديثى زواج، فوجدت الشقة صغيرة من حجرتين ومكان استقبال بسيط.. بل وجدت الأثاث من صنع أيديهم، بسيط، وجميل، ومتين، ورخيص.

ولكن الكبار عمومًا يرفضون هذا التفكير، ويصرون على أن يضمنوا لابنتهم شقة من ثلاث حجرات متسعة على الأقل، شقة العمر. مع أن الشىء المناسب الآن للسواد الأعظم من الشباب هى الشقة الصغيرة التى تتسع لهم أكثر من عشر سنوات، يمكنهم بعدها التحرك إلى شقة أوسع من ثلاث حجرات، ويتركون هذا لعروسين جديدين.

6- عين لا تشبع: نعم، فحين ترى الزوجة شيئًا لدى صديقتها، سرعان ما تطالب به زوجها: ملابس من نوع أو مستوى معين، وأثاث حديث، أدوات مطبخ كهربائية حديثة، أجهزة كهربائية كالفيديو والتكييف، والسجاد.. إلخ، وهذا بالقطع شىء مفيد ومريح، ويمكن أن يُقتنى، ولكن فى الوقت المناسب، وبقدر ما تسمح الميزانية، المهم أن تكون أشياء مفيدة ونافعة، أما الأشياء المظهرية التافهة فيمكن رفضها، فالمال ليس ملكنا تمامًا، بل نحن وكلاء عليه، نصرفه بالقدر المفيد البنّاء.

إن القلب الشبعان بالرب لا يجوع إلى المظاهر الكاذبة، ويشيع جوًا من السعادة الكاملة فى الأسرة، فيبدو الكوخ قصرًا، وعش الزوجية البسيط سماء ثانية!.


Friday, October 21, 2022

عن شنودة أو يوسف أتحدث - درية شرف الدين - المصري اليوم - 22/10/2022

 عن طفل صغير فى الرابعة فقط من عمره تم انتزاعه من حضن أمه وأبيه اللذين لا يعرف غيرهما، ومن بيته وحجرته وحضانته وجيرانه وأصدقائه، تم انتزاعه أو اقتلاعه من جذوره وغرسه فى بيئة لم يعرفها، ومع أناس لم يتبين وجوههم من قبل.

بكى الصغير كثيراً فلم يحرك بكاؤه أحدًا، بحث عن وجه أمه وأبيه فلم ير إلا ملامح أخرى لأناس آخرين، أغراب، شعر بالغربة، أنهكه الخوف حتى نام، ظنّ أنه كابوس أو حلم قاتم وأنه سيصحو على فراشه وبيته وأسرته لكن الكابوس لم ينته بعد.

أى قسوة تلك التى نراها ونراقبها ونتتبع تفاصيلها منذ أيام؟، أى قانون هذا الذى لا يتسم بالعدالة أو بالإنسانية؟، قانون يقضى بإمكانية كفالة الأيتام فقط للمسلمين فى بلدنا ولا يسمح بذلك للمسيحيين فى بلدنا أيضا؟.. أليس علينا أن نراجع القوانين وأن نتيقن من تحقيق العدالة لكل المواطنين؟.

طفل رضيع مجهول الهوية وُجد على باب أو بجوار أو داخل كنيسة.. ماذا نتوقع عمّن وضعه فى هذا المكان بالذات؟، مسلم؟ أم مسيحى؟، حتى لو بدأت الحكاية بغلطة عدم الإبلاغ من جانب الأم والأب البديلين، أو بغلطة عدم معرفتهما بقوانين الكفالة أو حتى بنسبة الطفل إليهما، حتى لو حدث ذلك فإن هناك طفلا مسكينا تتنازعه الأيدى لم يعرف فى سنواته الأربع إلا ذلك الأب وتلك الأم فقط.

تلك هى قواعد الرحمة والإنسانية والمواطنة ولنؤجل البحث فى عدالة هذا النص القانونى وعن مواءمته لمجتمعنا المختلط أو عدم مواءمته إلى ما بعد عودته.

ليس عيبا أن نراجع قانوناً ثبت عدم إنسانيته، ليس عيبا أن نعيد إدراك وأن نعيد التذكير بأننا مجتمع مختلط يجمع المسلمين المصريين والمسيحيين المصريين، لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات وتلك هى المواطنة الحقة. الدول تراجع قوانينها، ومع تقدمها وتراكم تجاربها عليها أن تؤكد مبادئ المساواة والعدالة ضمانا لاستقرارها وتقدمها وإنسانيتها.

القوة الناعمة المصرية - د. خالد منتصر - جريدة الوطن - 21/10/2022

 عرفت أمس الأول معنى القوة الناعمة المصرية وأنا بداخل دار الأوبرا أشاهد وأستمتع بعرض الاحتفاء بعلى إسماعيل، لمست عن قرب يعنى إيه تأثير ثقافى وأثر إبداعى على العقول، عرفت أنه ممكن تكون فى ضيق اقتصادى وأزمة مالية لكنك تنتج فناً وما زلت قادراً على الإبداع والتميز، وأن هناك بلاداً لديها المليارات ولكنها غير قادرة على صناعة واحد على ألف من هذا المشهد البديع الذى شاهدته بين جنبات الأوبرا، ماذا شاهدت؟ أولاً مسرح مقام بأجمل ديكورات وأجهزة صوت وكاميرات تصوير على الجانبين، وجمهور متذوق للفنون أكثر من نصفه شباب لم يعاصر الفنان العبقرى على إسماعيل، ولكنه جاء ليتعرف على سر هذه الخلطة السحرية التى صنعها هذا الرجل وجعلت له هذا التأثير الممتد المحفور فى العقل والوجدان، أما الأوركسترا فيفرض عليك هذا السؤال إجباراً، هل هناك فى المنطقة ما يمكن أن يكون ربع هؤلاء؟ فى التمكن والموهبة والزخم الموسيقى الذى نشروه بعطر عزفهم فى المكان؟ ومايسترو قدير يقودهم، وإحساس عال يجمعهم، وثقافة رفيعة يعرفون من خلالها قدر من يعزفون موسيقاه، تم عزف الموسيقى التصويرية لفيلم الأرض بنهايته الأسطورية بسحل أبوسويلم، وفيلم الأيدى الناعمة، تلك الموسيقى التى عبرت لنا عن مخاض ولادة عصر سيطرة الطبقة المتوسطة وأفول عصر البرنسات، وفيلم شفيقة القبطية وإجازة نصف السنة وغرام فى الكرنك، وعزفت الأوركسترا أيضاً قطعاً موسيقية خالصة ألفها على إسماعيل بدون غناء مصاحب، ثم فوجئنا فى الحفل بعنصر قوة ناعمة آخر مكون من أصوات الغناء القوية والرائعة التى أدهشتنا نحن الحضور، برغم أنها غير معروفة إعلامياً، أصوات أراهن بها أمام أى أصوات مسيطرة على المجال وعلى السوشيال ميديا، غنوا يا مراكبى لفرقة رضا ويا مغرمين لعبدالحليم وأم البطل لشريفة فاضل ورايحة فين يا عروسة لشادية وغيرها من الأغانى التى لكل واحد منا ذكرى معها، أما الراقصون والراقصات فقد كانوا هم الشباب الذى بعث البهجة والحركة والمتعة والنشاط فى وجدان وأوصال المتفرجين فى الصالة، منتهى الإبداع والتميز من شباب معهد الباليه وفرق الفنون الشعبية.

وجبة دسمة ممتعة فى دار الأوبرا المصرية تبعث برسالة إلى الجميع، من الممكن أن نمرض لكننا لن نموت ما دام فينا عرق الفن والإبداع ما زال ينبض، سيتحول كل الصعب إلى لقاح خلود ضد الفناء، وسنظل نعلى صوتنا بالغناء ونرقص ونعزف مزيكا ونطرب لها ونشحن كل بطاريات الروح بنغماتها وألحانها، فلنحافظ على تلك القوة الناعمة فهى السر والشفرة والحافز.


Sunday, October 16, 2022

مصادر المشاكل الأسرية ..... عدم التوافق الزوجى والغيرة والعناد (3) - الأنبا موسى - المصري اليوم - 16/10/2022

 تحدثنا فى العددين الماضيين عن أن من مصادر المشاكل الأسرية، مصادر شخصية وذكرنا منها:

1- غياب الله من الحياة

2- اختلاف المشارب

3- الشك.. ونستكمل موضوعنا..

4- عدم التوافق الزوجى:

لا شك أن التوافق الزوجى أمر مهم جدًّا، لدرجة أن الكنيسة تحكم ببطلان الزواج فى حال تعذر قيام علاقة زوجية. وهناك أسباب كثيرة لهذا الأمر، تحتاج إلى وعى ودراسة: علمية ونفسية وروحية من الزوجين. فالثقافة السليمة فى هذا المجال أمر مهم، إذ كثيرًا ما تحدث المشاكل الزوجية لهذا السبب، وهذه بعض النقاط:

اقرأ المزيد ..

أ- العنة الجنسية لأحد الزوجين بحيث يستحيل اللقاء السليم.

ب- العنة النفسية رغم السلامة.

ج- الجهل الجنسى الذى كثيرًا ما تنشأ عنه شكوك فى غير محلها.

د- المتاعب التى قد تنشأ عن ختان الإناث، ويعتبر الختان أمرًا غير وارد فى الدين، إذ كثيرًا ما تحدث عنه مشاكل من التصاقات وأنزفة، ناهيك عن إضعاف قدرة التجاوب لدى الزوجة.

هـ- أسلوب اللقاء حينما يخلو من المحبة والقداسة والعفة.. فالحب أبقى من الحسيات، وأهم بما لا يقاس.

5- الغيــــــرة:

وهى مشكلة مهمة وإن بدت تافهة، حيث يكون صاحب هذه الشخصية إنسانًا متمركزًا حول ذاته، لا يرى سواها، متمسكًا بحقوقه المزعومة، ولا يحس بواجباته نحو الآخر.

إن فهم هذا الإنسان- رجلًا كان أو امرأة- للحب، فهم مريض، فالحب عنده استيلاء على المحبوب، وملكية دائمة. إنه يريد أن يكون شريك الحياة ملكًا خالصًا له، ووقفًا عليه، لهذا فهو يغار من كل شخص أو شىء، يكون له حضور أو أهمية فى حياة المحبوب.

اقرأ أيضا..

أ- يتضايق من شريك حياته لو كان له حب لله، وحب الغير، وللفقير، وللخدمة، ويريد أن يستولى على كل طاقة حب له.

ب- ويتضايق منه إذا أحب أباه أو أمه أو إخوته، واهتم بهم، وقام برعايتهم، وأعطاهم جزءًا من اهتمامه ودخله المادى.

ج- ويغار عليه إذا رآه محبوبًا أو محبًّا لشخص آخر، سواء من جنسه أو من الجنس الآخر.

د- ويغار عليه إذا رآه أكثر نجاحًا ماديًّا، أو عمليًّا.

هـ- ويغار عليه إذا أحس باهتمام من شخص معين به.

و- ويغار ويتضايق إذا رآه مهتمًّا بعلمه أو بعمله بصورة مميزة.

ز- بل حتى يغار عليه إذا رآه مهتمًّا بالطفل الجديد، ومنشغلًا بعض الشىء عنه.

وهذه الغيرة لا تنتمى إلى الروح، ولا إلى العقل فى شىء، بل هى جزء من النفس الطبيعية، التى لم تعمل فيها النعمة، وانحصار فى الذات والأنا، وارتداد إلى الطفولة الأولى، التى يتصور فيها الطفل أنه مركز الكون، وأن الكل ينبغى أن يسير فى فلكه!! بل إن الغيرة خضوع للغريزة العمياء، غير المتسامية، وهى شىء نشترك فيه مع الحيوان.

وقد حدث فى حديقة الحيوانات منذ سنوات، أن أنجبت زوجة القرد مولودًا جديدًا. وأعطته من اهتمامها وحنانها ما أثار غيرة الزوج القرد، فقتله، ليحتفظ باهتمام زوجته. ولما جاء المولود الثانى، حدث نفس الشىء.

فلما شعرت الزوجة أنها على وشك وضع مولودها الثالث قتلت زوجها، لتحتفظ بمولودها. إنها صراعات الغرائز والذات.. ليس إلا!! وكل من عاش فى مرارة الغيرة، عليه أن يدرك أنه بعيد عن الله والروحيات، وبعيد عن العقل والموضوعية.

والعلاج يكمن فى اتساع القلب ونقاوته، وإعطاء الحب لذات المحبوب وليس استيلاء على حبه، وعدم الانحصار فى الذات الخاصة، وفى الخبرات السابقة الخاطئة، التى كثيرًا ما يسقطها المحب على محبوبة، بسبب ما عاشه من أخطاء، وما رآه من انحرافات.

6- العناد:

وعلى نفس المستوى من الخطورة، بل أكثر، يكون العناد. فالغيرة مرتبطة بمواقف أو أشخاص، ولكن العناد حياة يومية لدى الطرف العنيد. كما أن الغيرة تصيب أحد الشريكين فقط، أما العناد فهو مرض معدٍ خطير، لابد أن يصيب الشريك الآخر.

والعناد تعبير عن أمرين:

1- الانحصار فى الذات ومطالبها.

2- الإحساس بالضعف والاحتماء من خلاله.

فالانحصار فى الذات يعمى العين؛ فلا يرى العنيد سوى ذاته، وطلباته، ومزاجه الشخصى، وحقوقه، وتطلعاته، وطموحاته.. إلخ. لهذا فهو يتخذ مواقف متشددة لا تلين، ولا يرضى بالحلول الوسط، إذ يتجاهل ظروف الشريك وحقوقه.

أما الإحساس بالضعف فيجعل من صاحبه نوعًا من الشخصيات العنيدة، إذ يحتمى داخل قوقعة العناد، من الشريك الشديد أو القاسى.

ومرة أخرى لا علاج لدى أطباء الجسد، ولا أطباء النفس لهذا الضعف الخطير المدمر. فالعلاج يحتاج إلى إعادة خلقه للإنسان، واستبدال محاوره، فبدلًا من أن يكون محور حياته هو ذاته، يجب أن يصير محور حياته هو الله. ومن خلاله يحب شريك حياته، ويقدمه على ذاته.

ولا شك أن مجرد اكتشاف كل منا هذا الضعف فى حياته، هو نصف العلاج، إذ إننا سنطلب من الرب أن يساعدنا فى أن نتخلص منه، وسوف نتخلص منه دون شك طالما صدقت النية. وجاهدنا بأمانة!.

الأسقف العام للشباب

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية