Translate

Friday, June 22, 2018

خالد منتصر - لا تعلقوا إخفاقاتكم على شماعة الفن - جريدة الوطن - 22/6/2018

تخيلت للحظة أن من أحرز هدفاً فى مرماه ليس اللاعب أحمد فتحى ولكنها الفنانة نجلاء فتحى، وتصورت أن الكوتش شريف منير هو الذى وضع الخطة الفاشلة وليس مستر كوبر! هستيريا الهجوم على الفنانين، والتى انتقلت إلى الهجوم على الفن نفسه، هى التى أعطتنى هذا الانطباع الخادع، إنه أسلوب المغالطات المنطقية الذى نعيش فيه لجرّ الحوار إلى مناطق أخرى ومساحات مضللة، وميكانزمات الدفاع النفسى للهروب من مواجهة المشكلة الحقيقية بالإسقاط والإزاحة، والشماعات التى نحن أمهر وأشطر البشر فى تعليق فشلنا وإخفاقاتنا عليها. تيارات الإسلام السياسى، وعلى رأسها الإخوان والسلفيون، لا يكرهون شيئاً فى الكون قدر كراهيتهم للفن لأنهم فقراء الخيال سقيمو الوجدان كسيحو الإبداع، يكرهون الفن لأنه هو الذى ينافسهم على الوجدان، هم يريدون سرقته والفن يريد استعادته، والإخوان هم الذين يسوقون السوشيال ميديا بكرباج أكاذيبهم، وللأسف يسقط فى فخاخهم النخبة والمثقفون، بل وأفراد من الوسط الفنى نفسه، هذه التيارات تتمتع بجلافة إحساس وغلظة قلب وخشونة سلوك وتصحر عواطف، وفوق هذا وذاك بفُجر خصومة بشع، هم كالضباع لا يتورعون عن نشب مخالبهم وأنيابهم فى أى جثة وبأى ثمن، لا يستمتعون إلا برائحة الدم، أساتذة فى التجريس، يكذبون كما يتنفسون، وللأسف يقع معظمكم فى حبائلهم بمنتهى الرضا والنعومة، نشروا صوراً لفنانين مع اللاعبين لترويج أن هؤلاء الفنانين هم السبب فى عدم تركيزهم وتشجيعهم على السهر، منها مثلاً الصورة الشهيرة التى لفت فضاء الفيس بوك بسرعة الضوء وكانت للفنان ماجد المصرى، ولم يسأل أحد من قبيلة الفيس بوكيين هل ماجد سافر أصلاً. وبالطبع، اتضح أن ماجد فى بيته يحتسى القهوة ولم يسافر حتى إلى الحوامدية! وأن كل تلك الصور مع اللاعبين تم التقاطها فى القاهرة لا جروزنى! وكل ما عدا ذلك فنانون فى ريسبشن الفندق يتحدثون، وأظن أن هذا من حقهم وبدون أى مضايقات للاعبين، وعن السهر اسألوا اللاعب نفسه الذى كان يصعد إلى غرفته مبكراً ويسهر على الإنستجرام للرد على المعجبين والهزار مع الأصدقاء! هل الفنان أو الفنانة هو الذى جلس على الكيبورد أو جلست على شاشة الموبايل وأمسكت بسوط لتجلد اللاعب؟! لماذا كان الهجوم والشتائم معظمها منصب على الفنانين وتركت رجال أعمال وشخصيات عامة نزلت إلى أرض الملعب شخصياً وليس إلى ردهات الفندق، وهذا ليس من حقها؟!
أسباب الهزيمة، كما قال صديقى محمود مسلم، «مؤسسية»، وهذا ما يجب أن نركز عليه، نحن كمن يترك السرطان يتوغل ليعالج أظافره بالباديكير! انتقد أداء الفنان كما تريد لكن ما هى علاقتك بحياته الشخصية، هاجم الفن الهابط لكن لا تدمر قيمة الفن نفسه كطاقة روحية ونافذة وجدانية وسلم ارتقاء ومصدر إمتاع وإشعاع بهجة، ابحثوا عن أسباب النكسة الحقيقية بعيداً عن تلاكيك الفن والفنانين وإلصاق التهم بهم، لماذا صرنا وكأننا فى غابة زومبى نلتهم بعضنا البعض بهذه الوحشية والشراسة والسفالة والتدنى، نلتقط السيلفى مع الفنان فى الصباح ونذبحه فى المساء! نعامله كصنم العجوة نضع القربان له كى يمنحنا الدفء النفسى ثم نلتهمه عندما نجوع إلى النميمة ومضغ السمعة ولحم البشر! وفى النهاية تذكروا أن هناك فنانة مطربة لفّت العالم كى تجمع التبرعات للمجهود الحربى بعد الهزيمة، فى نفس الوقت الذى كان فيه رجل دين يصلى لله شكراً على هزيمتنا!

No comments:

Post a Comment