Translate

Tuesday, January 29, 2019

٢٥ يناير فى عيون المصريين وعيون الإعلام بقلم د. محمد أبوالغار ٢٩/ ١/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


احتفلت الأغلبية العظمى من الشعب المصرى بذكرى ثورة ٢٥ يناير واحتفل الإعلام المملوك للدولة ومختلف الأجهزة بعيد الشرطة. إنه أمر محزن أن ينفصل الشعب عن إعلامه الذى أصبح يغرد وحده بدون مشاهدين أو مستمعين إلا قلة. الناس تعرف لقطات مما يقوله الإعلام المصرى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت الوسيلة الأكبر انتشاراً بمراحل والأكثر تأثيراً بدون أى منافس ويضاف إليها الأعداد الهائلة من المصريين التى تشاهد قنوات تركيا وقطر الموجهة إلى مصر.
لا يعرف الكثيرون أن المقصود بعيد الشرطة هو الاحتفال بشهداء الشرطة يوم ٢٥ يناير عام ١٩٥٢ بسبب صدام عسكرى مع قوات الاحتلال الإنجليزى المدججة بالدبابات والأسلحة الثقيلة مقابل جنود بسطاء فى الإسماعيلية يحملون بنادق قديمة محدودة الكفاءة والذين دفعوا إلى معركة غير متكافئة بعد قرار وزير الداخلية الذى لم يتوقع من الإنجليز أن يستخدموا القوة المفرطة التى أدت إلى استشهاد عدد كبير من الشرطة المصرية. الحدث كارثى والشهداء يستحقون كل التحية والتقدير فى ضمير مصر والمصريين ودماؤهم لم تذهب هباء فاندلعت المظاهرات واشتدت الحركات الفدائية وانتهى الأمر بتولى الضباط الأحرار السلطة بعدها بستة أشهر ثم وقعت اتفاقية الجلاء وخرج الإنجليز بعد عامين من هذا الحدث الرهيب.
عيد الشرطة الذى أعلن عنه حبيب العادلى كان المقصود به تكريم العادلى وشركاه واتخذوا من الحادث الرهيب الذى حدث عام ١٩٥٢ سبوبة ليكرموا أنفسهم. وكان التصفيق الحاد لمدة خمس دقائق لثورة ٢٥ يناير فى القاعة الكبرى للأوبرا مقارنة بتصفيق هافت لثوان معدودة لعيد الشرطة دليلاً على المشاعر الحقيقية للمصريين.
تحية للشهداء المصريين الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم فى ٢٥ يناير ١٩٥٢ والتى أدت تضحياتهم بأرواحهم الغالية إلى استقلال مصر وخروج الإنجليز.
٢٥ يناير ٢٠١١ كانت حدثاً هائلاً أحدث زلزالاً حقيقياً فى مصر وما زال مستمراً إلى الآن، وكذلك أحدث زلزالاً فى المنطقة كلها أدى إلى هجوم كثيف من كل المسؤولين فى المنطقة خوفاً على مناصبهم وخوفاً من شعوبهم التى قد تقلد الشعب المصرى والشعب التونسى.
خرج ملايين المصريين من جميع الطبقات الاجتماعية ومن جميع المهن، اشترك العمال والطلبة والموظفون وأساتذة الجامعات والمهنيون بكافة فئاتهم ورجال الأعمال والجميع أقباطاً ومسلمين فى ثورة عارمة سلمية وقد كانت الأوامر يوم ٢٥ يناير بعدم استخدام العنف أو إطلاق الرصاص على المتظاهرين ومر اليوم كله بدون ضحايا فى القاهرة بينما حدث عنف فى السويس، وحتى حين فرقت الشرطة المعتصمين فى ميدان التحرير مساء ٢٥ يناير حدث ذلك بدون خسائر فى الأرواح واستمرت السلمية إلى حد كبير حتى يوم ٢٨ يناير.
الشعب المصرى كان مسالماً. لم يدمر شيئاً ولم يسرق شيئاً. الأمور تطورت بعد ذلك بمعارك حقيقية مسلحة بين الشرطة والإخوان وكان انسحاب الشرطة بقصد تخويف المصريين هو الذى أحدث الفوضى والسرقات وفتح السجون وكل ما حدث بعد ذلك.
قامت ٢٥ يناير لأن الشعب رفض أن يستمر رئيسه حاكماً إلى الأبد ورفض توريث الحكم وتعديلا مشينا للدستور، ورفض الفساد ورفض التزوير المريع فى آخر انتخابات برلمانية. الثورة كانت تلقائية، وكل ما يقال عن مؤامرة خارجية يهين الشعب المصرى. والثورة بالتأكيد لم تحقق أهدافها وذلك راجع إلى أنها لم يكن لها قيادة واعية قادرة على أن تلم الشمل ولم يكن هناك قوى أو أحزاب مدنية منظمة. وكان الثوار من مختلف الاتجاهات يريدون التغيير السلمى ولكن بدون هدف أو نظام محدد. النتيجة هى أن الإخوان كانوا الجماعة الوحيدة المنظمة وبالرغم من أنها كانت عددياً نسبة بسيطة من الثوار إلا أنها بالتنظيم الحديدى وباستخدام سلاح الدين وقدرتهم على احتواء السلفيين إلى صفهم استطاعوا الاستيلاء على ثورة أعلنوا يوم قيامها أنهم ليسوا معها بل ضدها.
الثورة انتهت فعلياً ولكنها لم تمت فى قلوب المصريين، وخاصة الشباب، وتركت أثراً كبيراً فى زيادة الوعى والمعرفة والتى ساعد عليها وسائل التواصل الاجتماعى. المصريون أصبحوا أكثر شجاعة وقدرة على التعبير والمطالبة بالحقوق.
الثورات فى التاريخ لا تموت وإنما تحدث تغييراً نادراً ما يكون فورياً. الانقلابات هى التى تحدث تغييرات فورية مثلما حدث فى أفريقيا وأمريكا الجنوبية. أما الثورات فتحدث تغييرات تأتى نتائجها بعد حين، والثورة الفرنسية أم الثورات تحققت مطالبها بعد سنوات.
مصر يجب أن تتقدم إلى الأمام بعمل ديمقراطى يحقق الحريات وبدون فوضى لأن ظروفنا الاقتصادية والظروف العامة فى المنطقة تشير إلى مخاطر حقيقية على الدولة المصرية التى يجب أن نحافظ عليها بينما نحقق الديمقراطية والحرية القادمة بدون شك ولو بعد حين..
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

No comments:

Post a Comment