Translate

Saturday, October 27, 2018

الأب رفيق جريش يكتب: سقطات مهرجان القاهرة السينمائى ٢٦/ ١٠/ ٢٠١٨ - المصرى اليوم


خطآن وقع فيهما مهرجان القاهرة السينمائى، الأول هو دعوة المخرج الفرنسى المعروف، كلود ليلوش لحضور المهرجان دون دراسة كافية رغم أننى لا أعتبر دعوته خطأ بتاتاً.
أما الخطأ الثانى والأخطر فهو سحب الدعوة بدعوى أن المخرج الفرنسى يهودى الديانة (وهو من أب يهودى جزائرى) وزار إسرائيل عدة مرات، هذه الحجج لم تعد تناسب عصرنا، فمنذ متى ندعو الناس إلى مصر على أساس دياناتهم؟ ماذا عن آلاف اليهود السياح الذين يأتون إلى مصر؟ وماذا عن الإسرائيليين أنفسهم الذين يزورون مصر ويذهبون إلى سيناء بدون تأشيرة؟ وماذا عن رجال الأعمال المصريين الذين يذهبون إلى إسرائيل لغرض صناعى أو تجارى؟ لماذا نضع رأسنا فى الرمال؟.
ثانياً: فرنسا من أكبر المتعاملين مع مصر اقتصادياً وصناعياً وهى مورد أساسى للجيش المصرى وتعضد مصر فى المحافل الدولية، ولكن فى نفس الوقت هى بلد يقدس الحريات ويفصل بين الدين والدولة وهذا العمل بالنسبة لها هو اعتداء على حريته الشخصية وتمييز دينى بامتياز كما أن فى فرنسا قانونا ضد السامية، فهل تعرفون أى عقلية تخاطبون؟ كلود ليلوش مخرج فرنسى كبير وله أفلام كثيرة كانت تُعرض فى القاهرة فى الستينيات والسبعينيات ولم تُمنع بتاتاً، كما أن الرجل لم يصرح تصريحاً واحداً ضد مصر أو العرب أو الإسلام.. هل نحن معقدون؟ أم تخوننا ثقتنا فى أنفسنا؟.
عندما نرفع شعار أن مصر «أم الحضارة» فهذا ليس للتباهى الإعلامى أو السطحى ولكنه حقيقة وعلينا أن نتعلم أن نتعامل بندية مع الجميع فحضارتنا فيها كل المقومات للتعامل مع جميع الديانات والثقافات والحضارات دون خوف أو انغلاق على الذات أو عُقد. لماذا لم نأت به ليرى ما هى مصر ومن هم المصريون؟ لماذا لم ننظم له لقاء مع كبار الكتاب والصحفيين ليتعرف عليهم؟ لماذا لم ننظم له زيارات للمؤسسات الثقافية والفنية الكبرى؟ هكذا كان يجب أن يكون التعامل الحضارى مع كبار الشخصيات العالمية ولكن التصرفات العشوائية التى أحياناً نمتاز بها هى التى تسىء لسمعة مصر. ألا يعلم منظمو المهرجان أن كبار الفنانين والمنتجين فى العالم من اليهود، وأيضاً وسائل الإعلام الكبرى أغلب مالكيها يهود وهم يهوديو الديانة ولكنهم ليسوا صهاينة ألا نعرف كيف نفرق بين هذا وذاك ونخاطب من هم مع السلام والحق وضد الظلم؟ لماذا نضع الدبلوماسية المصرية فى حالة حرج وهى الوسيط بين حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية لصالح الفلسطينيين؟
ماذا سيكون جواب رئيس المهرجان عندما يُسأل وينشر أن كلود ليلوش مُنع فى مصر بسبب ديانته؟ كيف سيواجه العالم فى عالم أصبحت فيه الثقافة والفن والسينما والأدب وغيرها عابرة للقارات؟، كيف سنصل نحن أيضاً إلى العالمية ونحن نرتكب أخطاء تهز صورة مصر وتقزمها أمام العالم بأيدينا؟.

No comments:

Post a Comment