Translate

Saturday, April 6, 2019

د. وسيم السيسى يكتب: ازرع جميلاً ولو فى غير موضعه! ٦/ ٤/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم

تحية إكبار وإجلال للأستاذة سكينة فؤاد على مقالها فى أهرام الأحد ٣١ مارس الماضى بعنوان: «من يتهاون فى احترام حضارتنا ونصر بورسعيد»، وفيه تطالب بأن يوضع تمثال ديلسبس فى المتحف القومى فى بورسيعد، ولا يعود إلى قاعدته فى مدخل بورسعيد لأنه رمز لأسوأ عقد من عقود الإذعان بين الخديو سعيد وديلسبس، كما تعجب من ولع الفرنسيين بالحضارة المصرية القديمة من جانب، وفى الجانب الآخر تمثال العار فى مدخل الكوليج دى فرانس فى باريس، والذى نحته فردريك أوجست بارتولودى نكاية فى إسماعيل باشا، فجعل شامبليون الذى مات ١٨٣٢ واضعاً قدمه على رأس أحد ملوك مصر القدماء ١٨٧٥.
الأستاذة سكينة فؤاد القلم الحر والقلب الشجاع تعجب من سفير فرنسا فى مصر الذى يرى أن تمثال شامبليون هذا رمز للعلاقة بين فرنسا ومصر، فهل فرنسا هى شامبليون، ومصر تحت أقدامها؟! لا أنسى موقف الأستاذة سكينة وهى تطلب من أحد الوزراء الاعتذار عن تأخره ساعة من الموعد المحدد، وكان ذلك فى الأوبرا أمام جمهور غفير، فى سنة ٢٠٠٨ على ما أذكر أرسل لى الفنان المصرى هشام جاد عنوان الكوليج دى فرانس فى السوربون فى باريس مطالبا صاحب كل قلم حر وغيرة على مصر أن يرسل رسالة رقيقة، يطالب فيها برفع تمثال العار هذا عن أعين الطلاب والزوار، وأكد لى أنهم ينظرون بعين الاعتبار لهذه الرسائل.
طلبت من أحد أصدقائى أن يرسل رسالة للسوربون، قال لى: أنت رجل حالم، مليون رسالة لن تحرك فيهم شعرة!
سألته: وما الذى يحركم؟
قال: لن نشوه التاريخ كما يفعلون، ولكننا نضع تمثالاً يصور فترة حزينة ومؤلمة من تاريخهم! علم النازى فوق برج إيفل وهتلر واقف أمامه، وكان ذلك فى ٢٣ يونيو ١٩٤٠! ثم أنشد:
والشر إن تلقه باللين ضقت به ذرعاً وإن تلقه بالبشر ينحسم!
قلت له: لا يا صاحبى. «شرا» بـ«شر».. تماماً مثل عين بعين، وهذا كما قالها غاندى من قبل: «عين بعين» يخلق عالماً من العميان.
قال صاحبى: وماذا تقترح؟ قلت:
وجادلهم بالتى هى أحسن، فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم، ثم إن علاقتنا بفرنسا جيدة جداً، ولا نريد أن نجعل عداوة بيننا وبينهم.
قال صاحبى: هذا عالم شيمته التجبر، عادت فرنسا بالخمس لوحات المسروقة من الدير البحرى، بعد أن منعنا البعثات الفرنسية من التنقيب، ولن يرفعوا تمثال العار هذا، إلا إذا نحتنا تمثالاً لنابليون بونابرت سجيناً فى جزيرة سانت هيلانة البريطانية، بعد أن سلم نفسه لإنجلترا بعد موقعة واترلو! بلاش هتلر فى باريس!
قلت: أنت رجل عنيد وعنيف يا صاحبى، وأنشدته:
ازرع جميلاً ولو فى غير موضعه
فلن يضيع جميل أينما وضع
إن الجميل وإن طال الزمان به
فلن يحصده إلا الذى زرعا.


No comments:

Post a Comment